100% found this document useful (1 vote)
1K views13 pages

أهمية المعرفة اللغوية في سلامة تحقيق النصوص التراثية

يعالج هذا المقال تحقيق النصوص وأهمية اللغة العربية في إخراج المخطوطات وكتب التراث، وفي ضبطها وفهم مقاصد المؤلفين منها، كما يبرز الأسس العلمية للتحقيق ودوره في خدمة الأمة وتراثها.

Uploaded by

elmahdi
Copyright
© Attribution Non-Commercial (BY-NC)
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as DOC, PDF, TXT or read online on Scribd
100% found this document useful (1 vote)
1K views13 pages

أهمية المعرفة اللغوية في سلامة تحقيق النصوص التراثية

يعالج هذا المقال تحقيق النصوص وأهمية اللغة العربية في إخراج المخطوطات وكتب التراث، وفي ضبطها وفهم مقاصد المؤلفين منها، كما يبرز الأسس العلمية للتحقيق ودوره في خدمة الأمة وتراثها.

Uploaded by

elmahdi
Copyright
© Attribution Non-Commercial (BY-NC)
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as DOC, PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 13

‫‪1‬‬

‫أهمية المعرفة اللغوية‬


‫في سلمة تحقيق النص التراثي‬
‫د‪ .‬الهدي بن ممد السعيدي‬
‫كلية الداب والعلوم النسانية ‪ -‬أكادير‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫درج كث ي من الناس ف العهود الأخية على عد التحق يق عمل تقن يا يتل خص ف ج ع‬
‫الخطوطات والقابلة بينهصا‪ ،‬وتريصج اليات القرآنيصة والحاديصث النبويصة‪ ،‬وتشيصة الصصفحات‬
‫(‪)1‬‬
‫بالفروق بي النسخ والبحث ف العاجم عن معان الغريب وتراجم العلم ومعان الصطلحات‪،‬‬
‫وقد فات هؤلء أن التحقيق عمل مضن ومعاناة وتفكي دائم وتفكر‪ ،‬وقبل ذلك كله زاد علمي‬
‫كبي ج عه المارس من سنوات درا سته ومطالعا ته و سياحته العري ضة ف مالت التراث الكثية‬
‫والتنوعة وسب أغوارها واطلع على أعماق فكر المة وقيمها الثاب تة وشخصيتها الشامة‪ -‬كما‬
‫‪2‬‬
‫كان يردد الستاذ أحد ممود شاكر رحه ال‪.‬‬
‫إن التحقيق من هذه الزاوية موقف وتصور‪ ،‬وصاحبه بعمله هذا – وإن كان يشتغل بكتب‬
‫التراث القدي ة – وعلى ع كس ما يعت قد الغرار لول وهلة من بعده عن الع صر وقضاياه ومشا كل‬
‫النسان الاضرة وهومه – مرتبط أشد الرتباط بذا العصر وتلك القضايا‪ ،‬وعمله ما هو إل موقف‬
‫من قضايا المة ومن ماضيها وحاضرها وتصور واضح لستقبلها‪ ،‬وقد انتفع الناس بهود الحققي ف‬
‫الجالت العرف ية الختل فة وبنوا علي ها أفكار هم وآراء هم‪ ،‬فلم تظ هر صورة الدب العر ب الشر قة‬
‫الوضاءة إل عند ما أخر جت إل الناس مام يع الدب ودواو ين الشعراء مضبو طة مق قة‪ ،‬ول يؤ سس‬
‫النقد إل بفضل إخراج نصوص النقد العرب القدي مثل كتب الاحظ وابن سلم المحي وقدامة ابن‬
‫جعفر وابن طباطبا العلوي وغيهم‪ ،‬ول تتدعم حركة العناية باللغة العربية والدفاع عنها إل بظهور‬
‫كتب اللغة ومعاجها‪ ،‬كما ل تزدهر الدراسات القرآنية والديثية إل بعد نشر أمهات كتب الفني‬
‫مصححة‪ ،‬وقس على ذلك مالت العرفة العربية السلمية الخرى‪..‬‬
‫هكذا نرى أن العناية بالتراث العرب السلمي كانت مواكبة لقضايا العصر وتدياته‪ ،‬ولقد‬
‫كان هذا التصور هو السائد عند طائفة الحققي الرواد من أمثال أحد ممد شاكر والسيد أحد صقر‬
‫‪ - 1 1‬كما أشار إل ذلك د‪ .‬ممود ممود الطناحي ف كتابه مدخل إل تاريخ نشر التراث العرب‪ ،‬ص‪ ،281:‬ط ‪.1984 – 1‬‬
‫‪ -‬أنظر ذكريات مع مب الخطوطات‪ ،‬ضمن جهرة مقالت الستاذ ممود ممد شاكر‪ ،‬ص‪ 1227 :‬جع الدكتور عادل‬ ‫‪2‬‬

‫سليمان جال‪ ،‬مكتبة الاني القاهرة ‪.2003‬‬


‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪2‬‬

‫وع بد ال سلم هارون وممود م مد شا كر وم مد ب جت الثري وم مد كرد علي ‪ ..‬وغي هم من‬


‫العلماء الجلء من متلف الجيال‪.‬‬
‫‪ -1‬التحقيق واللغة‪:‬‬
‫ل قد كان التحق يق ع ند علماء التحق يق التأخر ين الذين سبق ذكر هم مبدءا وعلما له أصول‬
‫صصحيحة متينصة‪ ،‬ل مهارات ضحلة وتقنيات بسصيطة‪ ،‬وقصد أوضصح الباحثون أن هذه العارف كانصت‬
‫أصل بن عليه القدمون تصحيحاتم للكتب بناهج ف غاية الدقة ما جاء به الستشرقون حت ظن من‬
‫افت ت بهود هم – الشكورة على كل حال – أن م أ صحاب هذا الن هج ومترعوه‪ .‬ويك في أن نش ي‬
‫ه نا إل أعمال الا فظ اليوني ن ف إخراج صحيح المام البخاري وأ ب عب يد البكري الندل سي ف‬
‫شر حه الو سوم‪ « :‬اللل ف شرح أمال القال » وع بد القادر البغدادي ف كتا به‪ « :‬خزا نة الدب‬
‫ولب لباب لسصان العرب » والقاضصي عياض فص كتابصه‪ « :‬اللاع إل معرفصة أصصول الروايصة وتقييصد‬
‫(‪)3‬‬
‫السماع‪» .‬‬
‫و قد نص القدمون على أه ية الل غة ف ت صحيح الن صوص وضبط ها من خلل اللاح على‬
‫القابلة بي النسخ والرص على الضبط‪ )4(،‬ولقد كتب التأخرون كتبا عديدة عن التحقيق ومناهجه‬
‫وخطواتصه ومصصادره‪ ،‬واتفقوا كلهصم على كون التحقيصق عمل مسصتندا على اللغصة تصصحيحا للمتص‬
‫وتدقيقا لعانيه‪ ،‬وإخراجا له على الصورة الت وضعه عليها مؤلفه أو أقرب ما يكون إل تلك الصورة‪،‬‬
‫قال الستاذ عبد السلم هارون عن الطلوب من الحقق‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫" أن يؤدي الكتاب أداء صادقا كما وضعه مؤلفه كمّا وكيفا بقدر المكان‪".‬‬
‫وقال الستاذ رمضان عبد التواب أن التحقيق للكتاب‪:‬‬
‫" قراءته على الوجه الذي أراده عليه مؤلفه‪ ،‬أو على وجه يقرب من أصله الذي كتبه به هذا‬
‫(‪)6‬‬
‫الؤلف‪"..‬‬
‫وانطلقا من هذه التعريفات فإن تقيق النصوص التراثية يستند على أمرين أساسيي اثني‪:‬‬
‫‪-‬تأصيل الت‪ :‬أي البحث عن أصوله الطية والقابلة بينها والتنبيه على ما‬
‫بينها من اختلفات والزيادات والنقصان‪..‬‬

‫‪ -‬تنظر تفاصيل مناهج الضبط والتوثيق عند الحدثي‪ ،‬ف كتاب‪ :‬جهود الحدثي ف مكافحة التصحيف‪ ،‬جال أسطيي‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 309‬وما بعدها دار طيبة للنشر والتوزيع ‪.1997‬‬


‫‪ - 4‬يراجع‪ :‬تقيق نصوص التراث ف القدي والديث‪ ،‬ص‪ 15 :‬منشورات ممع الفاتح للجامعات ‪.1989‬‬
‫‪ -5‬تقيق النصوص ونشرها‪ ،‬ص‪ 46 :‬مكتبة السنة‪ ،‬مصر ‪.1994‬‬
‫‪ -‬تق يق التراث العر ب‪ ،‬نشأ ته ومناه جه‪ ،‬م بل لزم م سلم الال كي ‪ ،‬ملة جذور التراث‪ ،‬ص ‪ ،125:‬عدد‪ – 10 :‬ر جب‬ ‫‪6‬‬

‫‪/1423‬شتنب ‪.2002‬‬
‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪3‬‬

‫‪-‬قراءة النص قراءة صحيحة سليمة‪ ،‬وتصحيحه بناء على الضوابط اللغوية‬
‫التعارف عليها خطا ونو ولغة‪.‬‬
‫غي أن تطبيق هذين المرين وما يتفرع عنهما من خطوات منهجية ليس أمرا سهل ميسرا‬
‫لميع الذين تصدوا له‪ ،‬بل إن كثيا من ركبوا مت التحقيق ل تستو أرجلهم على ركابه بل حرن‬
‫بم وألقاهم من على ظهره‪ ،‬ومرد ذلك إل أمور عدة أبرزها أن النص الحقق نص ينتمي إل مرحلة‬
‫من الاضي وبينه وبي التصدين لتحقيقه مسافات زمنية قد تؤدي إل عدم الفهم وغلط التصحيح‪،‬‬
‫وذلك أن‪:‬‬
‫* ل كل من ال نص ومق قه أ طر مرجع ية متل فة‪ ،‬إذ إن ن صوص التراث أنت جت لت ستجيب‬
‫لواقعها وللشكالت الت طرحت فيه‪ ،‬بينما يعيش التصدي للتحقيق واقعا آخر وقضايا أخرى‪ ،‬وهذا‬
‫قد يؤدي ‪ -‬إذا ل ينتبه الحقق ‪ -‬إل تميل النص ما ل يتمل ول عنقه ليقول ما ل يقصد‪.‬‬
‫* للنص لغته الرائجة ف عصره ومصطلحاته التعلقة بجاله العرف‪ ،‬ول يكن للمحقق أن‬
‫يف هم ال نص دون أن ينت به إل التحولت التاري ية لل غة ودون أن يعت كف على اكتشاف ل غة كا تب‬
‫النص وعصره حت يستطيع التعامل مع النص بسلسة ويسر‪.‬‬
‫إن الأسصاس الذي يقوم عليصه تقيصق النصص التراثصي أول هصو الانصب اللغوي‪ ،‬وهذا مصا عده‬
‫الدكتور الشا هد البوشي خي أ حد الركان الثلث ال ت يقوم علي ها الب حث ف التراث فجعله الر كن‬
‫الثان‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫« نصوص موثقة الت‪ ،‬أي موثقة العبارة الت صدرت عن أصحابا‪ ،‬أي مققة‪ ،‬وذلك لضبط‬
‫الحكام عليها والستفادة منها انطلقا من حدود عبارتا‪ ،‬لئل يقوّل قائل ما ل يقل‪ ،‬فيقّول بتقويله‬
‫ع صر‪ ،‬أو م صر‪ ،‬أو اتاه‪ ،‬أو غ ي ذلك‪ ،‬وليل يب ن بان بناءه على ما ل ي صح‪ ،‬ب سبب ت صحيف أو‬
‫(‪)7‬‬
‫تريف أو بتر‪ ،‬أو غي ذلك فيفسد التاريخ والواقع معا‪.‬‬
‫كمصا جعصل الدكتور البوشيخصي الانصب اللغوي لتحقيصق النصصوص التراثيصة أحصد الوانصب‬
‫ال ساسية لعضلة التعا مل مع التراث من خلل وجه ي من الو جه ال سبعة لتلك العضلة ف نظره‪،‬‬
‫وها‪:‬‬
‫"‪ -‬و جه فهم ألفا ظه اللغو ية والصطلحية‪ ،‬إذ هو تراث قرون وقرون‪ ،‬والعا جم اللغوية –‬
‫على كثرتاص‪ -‬اهتمصت‪ ،‬أو كادت ل تتصم‪ ،‬إل بلغصة بعصض القرون‪ ،‬وهصو تراث أعلم ومدارس‬
‫واتاهات‪ ،‬وعلوم وفنون و صناعات‪ ،‬ول كل صناعة ألفاظ ول كل قوم ألفاظ‪ ..‬والعا جم ال صطلحية‬

‫‪ -‬البحث العلمي ف التراث العرب ومعضلة النص‪ ،‬ص‪ 6:‬تقيق التراث الغرب الندلسي ‪ ،‬منشورات كلية الداب والعلوم‬ ‫‪7‬‬

‫النسانية بوجدة‪ ،‬إعداد مصطفى الغديري‪.1998 ،‬‬


‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -‬على قلت ها ‪ -‬ل ت عن أو كادت ل تع ن إل برأي المهور ف ا صطلحات العلوم والفنون‪ ،‬وح ت‬
‫الن لّا ينجز العجم التاريي للغة العربية‪..‬‬
‫‪ -‬وجه فهم مقاله ف إطار مقامه زمانا ومكانا‪ ،‬وماطَبا وماطبا؛ فكما أنه عند البيان لكل‬
‫مقال مقام؛ فكذلك عند التبيي لكل مقال مقام‪ ،‬وقياسا على بلغة البيان يوز القول ببلعة التبيي‪،‬‬
‫ول حظ ف الفهم والوصل لن أقام منهج تبيينه أو قراءته – بلغة بعض أهل العصر‪ -‬على القطع أو‬
‫(‪)8‬‬
‫العزل‪".‬‬
‫من خلل كل ما مر نرى أن عمل التحقيق اشتغال لغوي أساسا‪ ،‬ينبغي لن يتصدى له أن‬
‫يتوفر على جلة شروط ف إلامه باللغة وف تعامله مع لغة الخطوط قراءة وتصحيحا وتعليقا‪.‬‬
‫‪ – 2‬المحقق والمعرفة اللغوية‪:‬‬
‫إذا رجع نا الك تب والدرا سات العال ة لتحق يق الن صوص التراث ية وجدنا ها تذ كر الطوات‬
‫النهج ية اللز مة لخراج الن صوص وت صحيحها بدءا ب مع ال صول الط ية للكتاب وانتهاء بو ضع‬
‫الفهارس‪ ،‬و قل أن تد كتا با منها يرشد إل ما ينبغي توفره ف الحقق من شروط العر فة والطلع‬
‫العلمصي حتص يكون إقدامصه على معالةص التراث مقبول ومؤديصا إل أفضصل النتائج‪ ،‬ومصن أبرز هذه‬
‫الشروط العرفة اللغوية الكافية الؤهلة للتعامل مع النصوص التراثية‪ ،‬ولعل سبب إغفال الدارسي ذكر‬
‫هذه الشروط – وغالبهم من التمرسي ف التحقيق‪ -‬هو كونا من السلمات‪ ،‬ول تذكر إل ف سياق‬
‫نقد أعمال التحقيق والتعليق على الزلت والخطاء الت ترد فيها ومن أبرزها الخطاء اللغوية‪ .‬غي أنه‬
‫ف السنوات الخية كثر اشتغال غي الكفاء بالتحقيق ونشر النصوص التراثية‪ ،‬وظهرت ف الكتبات‬
‫كتب ل علقة لا بالتحقيق إل ما كان من إلصاق أصحابا أنفسهم بالحققي قسرا‪ ،‬ما أوجب النظر‬
‫ف المور البدهية والتوقف عند ما اعتبه العلماء الحققون من السلمات‪ ،‬فما هي العرفة اللغوية الت‬
‫ل بد من توفر ها ع ند الت صدي للتحق يق ل كي ي ستطيع النجاح ف مهم ته ويرج إل الناس بن صوص‬
‫تراثية أجاد ف تصحيحها وتوثيقها والتعليق عليها ؟‬
‫أ – المعرفة بالخط‪:‬‬
‫الط لسان اللغة الناطق بأسرارها الرامز لغراضها العب عن معان ألفاظها‪ ،‬وكل ما كان‬
‫الط واضحا بينا كان أسهل تبليغا للمعان وأيسر تقديا للمضامي‪ ،‬وقد نوّه القدمون بودة الط‪،‬‬
‫وامتدحوا الط الميل البي‪ ،‬حيث "إن تقيق الط وتويده ليزيدان الط والكتابة وضوحا وبيانا‪،‬‬
‫ويبعدان بوادر الوهم والتصحيف‪ ،‬ولذلك كره الحدثون الشق ف الكتابة لا يترتب عليه من تضييع‬

‫‪ - 8‬الرجع نفسه‪.‬‬
‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪5‬‬

‫معال الط وتوسيع دائرة احتمال الكلمة لعدة قراءات‪ )9( ".‬قال أبو بكر الصول‪:‬‬
‫"و من ف ضل ح سن ال ط أ نه يد عو النا ظر إل يه إل أن يقرأه‪ ،‬وإن اشت مل على ل فظ مرذول‬
‫ومعن مهول‪ ،‬وربا اشتمل الط القبيح على بلغة وبيان فوائد مستظرفة‪ ،‬فيغب الناظر عن الفائدة‬
‫(‪)10‬‬
‫الت هو متاج إليها لوحشة الط وقبحه"‬
‫وقد نص الحققون أن من أبرز الشروط الواجب توفرها ف التصدي لتحقيق معرفة أنواع‬
‫الطوط كالشرقي والغرب من جهة ومعرفة تطور الط من جهة ثانية ف كل صقع وناحية‪ ،‬إذ ليس‬
‫الطص الغربص جنسصا واحدا موحدا بصل هصو أناط متعددة وأنواع متلفصة منهصا البدوي والضري‬
‫والجوهر والبسوط‪ ..‬وغ ي ذلك‪ ،‬وف كل صنف من هذه الصناف تفريعات وأصناف وكيف ل‬
‫وقد يتلف خط الكاتب الواحد من شبابه إل كهولته‪.‬وتبعا لذلك ل يكفي التصدي للتحقيق بعرفة‬
‫تاريخ الط العرب وأنواعه بل لبد له من التمرس بط الناسخ أو النساخ الذين يتعامل معهم بالتأمل‬
‫ف الط ودراسته وماولة تكوين معجم لسلوبه ف الكتابة‪ ،‬حت يستطيع فك الكلمات أو العبارات‬
‫ال ستغلقة ال ت قد يد ها ف ال نص‪ ،‬وذلك بناء على أ سلوب القار نة والواز نة‪ ،‬قال الدكتور ال صادق‬
‫عبد الرحان الغريان‪:‬‬
‫" ل بد من الران على الطوط ف الن سخ الراد تقيق ها‪ ،‬فإن ل كل كا تب طريق ته ف ر سم‬
‫الروف من حيث إعجامها وهيآتا‪ ،‬وتييز التشابه منها‪ ،‬ول يكتسب العلم بتمييزها إل بكثرة النظر‬
‫وترداده ف النص الكتوب‪ ،‬ومقارنة ما يشكل منه بأصل آخر‪ ،‬حت تصل اللفة بالط‪ ،‬والتعود على‬
‫شكل الروف وتراكيبها‪ ،‬وبذلك يتم التغلب على كثي من قراءة الكلمات الت تبدو صعبة ف أول‬
‫(‪)11‬‬
‫النظر"‬
‫إضافة إل ذلك وجب النتباه إل اختلف رسم الط عب العصور فإن النساخ ل يترمون‬
‫قواعصد الملء القررة عنصد اللغوييص فعنصد الغاربصة مثل يهمصل عادة إثبات المزة فص الكلم اقتفاء‬
‫للحجازيي‪ ،‬وعمل با ف تلوتم للقرآن على قراءة ورش‪ )12( ،‬أو يهمل رسم المزة ف آخر الكلمة‬
‫ما يعلها تلتبس بكلمة أخرى مثل كلمت ساء وسا‪ .‬وقد يكون ذلك لضعف معرفة الناسخ بقواعد‬
‫الملء فيخلط ف الكتابة‪.‬‬
‫زيادة على ذلك و ضع علماء الد يث ألفا ظا مت صرة للدللة على كلمات يك ثر ورود ها ف‬
‫‪ - 9‬جهود الحدثي ف مكافحة التصحيف‪ ،‬جال أسطيي‪ ،‬ص‪ ،410-409 :‬والشق سرعة الكتابة‪.‬‬
‫‪ - 10‬أدب الكتاب‪ ،‬أبو بكر الصول‪ ،‬ص‪ 42:‬تصحيح ممد بجة الثري‪ ،‬الكتبة السلفية‪.‬‬
‫‪ - 11‬تقيق نصوص التراث ف القدي والديث‪ ،‬ص‪ 134:‬ليبيا ‪.1989‬‬
‫‪ - 12‬منا هج تق يق التراث ب ي القدا مى والحدث ي‪ ،‬د‪ .‬رمضان ع بد التواب‪ ،‬ص‪ 190:‬و ما ب عد‪ ،‬مكت بة الان ي القاهرة‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫‪.1422/2002‬‬
‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪6‬‬

‫كتبهم واتبعهم الؤلفون‪ ،‬فكثر تداول تلك الختصرات ما يعل الحقق حريا بعرفتها والرجوع إل‬
‫الكتب الفصلة لا‪ ،‬إل ذلك نذكر الرموز الت درج العلماء على إيرادها ف الكتب إشارة لتصحيح أو‬
‫لزيادة أو للاق أو تضبيب‪ ،‬وهي ما ينبغي كذلك التفقه فيه حت تسلم القراءة وصحة الفهم‪.‬‬
‫وم ا تنب غي الشارة إل يه أن أك ثر ما ذكرناه ه نا ل يكت سب إل بالمار سة الدائبة‪ ،‬فل يو جد‬
‫ممو عا ف كتاب‪ ،‬بل هو متفرق ف ك تب كثية وأغل به ف صدور الحققي الهرة‪ ،‬وما أجدر هذا‬
‫الا نب أن يؤلف ف يه مع جم ي مع متفر قه ويلم شع ته‪ ،‬ول ي تم النتباه إل هذا الا نب خا صة التعلق‬
‫بأنواع الطص وأشكال الملء لن غرض الحقصق اسصتخراج النصص فإذا فعصل وطبصع الكتاب أهلص‬
‫الخطوط وترك ول يستفد ما فيه من أنواع الطوط وأصناف الشكال‪.‬‬
‫ومن الوانب التعلقة بالط ظاهرة التصحيف والتحريف الت أولها الحدثون عناية خاصة‬
‫وقرروا ضوابط وخطوات لكافحتها ونحوا ف ذلك إل حد بعيد‪ ،‬وألفوا كتبا كثية ف بيانا وقد‬
‫أورد ال ستاذ جال أ سطيي ثلث ي عنوا نا من ها بدءا بكتاب الرد على أ ب عبيدة ف غر يب الد يث‬
‫ل ب سعيد الكفوف (ت ‪282‬ه) وانتهاء با بن كمال با شا (ت‪940‬ه) ف كتا به الت نبيه على غلط‬
‫(‪)13‬‬
‫الاهل والنبيه‪.‬‬
‫الت ل يلو منها كتاب مطوط لسباب عديدة‪ ،‬ذكر منها الستاذ ممود ممود الطناحي‬
‫عشرة أسباب من واقع تربته الشخصية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪−‬تشابه رسم الروف وتساويها عددا مع إهال الروف‪.‬‬
‫‪−‬اختلف الط العرب بي مشرقي ومغرب‪.‬‬
‫‪−‬عدم العرفة بلغات القبائل‪.‬‬
‫‪−‬قرب الروف وبعدها ف الكلمة الواحدة أو الكلمتي‪.‬‬
‫‪−‬خداع السمع‪ ،‬وهو التصحيف السمعي‬
‫‪−‬خفاء معنص الكلمصة عنصد الناسصخ‪ ،‬أو القارئ‪ ،‬فيعدل باص إل كلمصة‬
‫مأنوسة‪.‬‬
‫‪−‬الهصل بغريصب كلم العرب‪ ،‬ويتصصل بصه الهصل بأناط التعصبي عنصد‬
‫القدماء‪ ،‬والهل بسياق الكلم‪.‬‬
‫‪−‬الهل بصطلحات العلوم‪.‬‬
‫‪−‬الهل بأساء البلدان‪.‬‬
‫‪−‬اللف وهو باب للتصحيف واسع‪ ،‬وقد قصد به الستاذ الطناحي ما‬
‫‪ - 13‬جهود الحدثي ف مكافحة التصحيف‪ ،‬جال أسطيي‪ ،‬ص‪ 453:‬إل ص‪.474 :‬‬
‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪7‬‬

‫ألف الناس قراءته بصيغة خاطئة منعهم اللف عن النتباه إل ما قيه من‬
‫تصحيف‪.‬‬
‫وقد اقترح الستاذ الطناحي لعالة ظاهرة التصحيف بعض الطوات نذكر منها‪:‬‬
‫‪−‬ضرورة التلقي والشافهة‪ ،‬وعدم التعويل على الصحف‪.‬‬
‫‪−‬الضبط بالقلم‪ ،‬والضبط بالعبارة‬
‫‪−‬شرح الكلمة الواضحة الظاهرة لنا مظنة التصحيف‬
‫غيص أن العلج السصاس فص نظره ل يكون إل " بعرفصة دقيقصة بأسصرار اللغصة العربيصة‬
‫وخ صائص مفردات ا وتراكيب ها‪ ،‬وت صرف هذه الفردات والتراك يب ف كلم العرب‪ ،‬ث‬
‫إلام كا شف بتار يخ هذه ال مة العرب ية‪ ،‬وأحوال رجال ا وكتب ها وم صطلحات علوم ها‪،‬‬
‫وكل ما يت إليها بسبب‪ ،‬وهذا لزم لكل من يشتغل بتراث المة‪ ،‬ويستوي فيه من‬
‫(‪)14‬‬
‫ينشر نصا‪ ،‬أو يقيم درسا‪".‬‬
‫ب – النحو‪:‬‬
‫وهو قواعد اللغة وضوابطها الت استخرجها العلماء من العربية ونسقوها ليمكنوا العرب من‬
‫مراج عة ل سانه وت صحيح ل نه والعج مي من تعلم الل غة العرب ية‪ ،‬خا صة ب عد ف شو الل حن وض عف‬
‫اللكصة‪ ،‬ويعصد علم النحصو مصن العلوم التص كثصر فيهصا التصصنيف وتوسصع وتاوز الصصول إل الفروع‬
‫وال سس إل اللفيات الدقي قة‪ ،‬وحفلت كت به بالناقشات والناظرات‪" ،‬وب ث ال طأ النحوي يتاج‬
‫إل ملحظة دقيقة‪ ،‬فقد يكون هذا الطأ من الناسخ‪ ،‬كما أنه قد يكون من الؤلف‪ ،‬والوصول إل‬
‫القي قة ل يس سهل‪ ،‬في جب أن يتعرف الح قق على شخ صية الؤلف‪ ،‬ليى هل من الحت مل وقوع‬
‫(‪)15‬‬
‫الخطاء النحوية منه أم ل ؟ "‪.‬‬
‫وقد كان علم النحو من علوم اللة الت استند إليها علماء السلف ف عهد التدوين للحديث‬
‫والشعر‪..‬وغيها‪ ،‬وقد طرح منذ ذلك العهد إشكال اعتماد العرفة النحوية ف تصحيح الت‪ ،‬وناقش‬
‫العلماء هذه السصألة واختلفوا فص الفصصل فيهصا‪ ،‬فمنهصم مصن نصص على ضرورة التصصحيح بناء على‬
‫الجتهاد ف الفهم ومنهم من منع ذلك‪ ،‬وقد استند القائلون بالتصحيح إل أن اللحن ف الديث قد‬
‫يغي الحكام ويل الرام ويرم اللل‪ ،‬قال الطيب البغدادي‪:‬‬
‫"إذا كان الل حن ي يل الع ن فل بد من تغييه‪ ،‬وكث ي من الرواة يرفون الكلم عن وج هه‪،‬‬
‫ويزيلون الطاب عن موضعه‪ ،‬وليس يلزم من أخذ عمن هذا سبيله أن يكي لفظه‪ ،‬إذا عرف وجه‬

‫‪ - 14‬ص‪.314 :‬‬
‫‪ - 15‬تقيق التراث العرب منهجه وتطوره‪ ،‬عبد الجيد دياب‪ ،‬ص‪ 174 :‬دار العارف مصر ‪.1993‬‬
‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪8‬‬

‫الصواب بلفه‪ ،‬إذا كان الديث معروفا‪ ،‬ولفظ العرب ظاهرا معلوما‪ .‬أل ترى أن الحدث لو قال‪:‬‬
‫(‪)16‬‬
‫ل يؤم السافرَ القيمُ‪ ،‬فنصب السافر‪ ،‬ورفع القيم‪ ،‬كان قد أحال العن‪ ،‬فل يلزم إتباع لفظه‪".‬‬
‫ومن العلوم أن معرفة القواعد النحوية من أوليات الشتغال بدراسة اللغة العربية وآدابا حت‬
‫يستطيع أن يأمن اللط ف القراءة واللحن ف الكلم‪ ،‬كما أن علم النحو عدة الحقق الول وسلحه‬
‫الفعال ف مواجهة النص الخطوط‪ ،‬فإن كان ضعيف العرفة اللغوية ساقطة اللكة ل يستطع فهما و ل‬
‫ضبطا‪ .‬وقد يقف على استعمالت لغوية قد ترد ف الخطوط عن عال نابه أو أديب نابغ فيظن به‬
‫الي ويصح عنده قوله مع خطئه‪ ،‬غي أن الحقق الحنك يقف على هذه الخطاء وينبه عليها‪ ،‬كما‬
‫ف ديوان الشتيمي ي الذي ن به ف يه الدكتور اليز يد الرا ضي على ب عض ما و قع للشا عر أ ب العباس‬
‫الشتيمي من أوهام لغوية مع علمه وتثبته‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫* استعمال ذكاء للشمس معرفة باللف واللم‪ ،‬مع العلم أن الستعمال الصحيح أن تكون‬
‫الكلمة مردة منهما‪ ،‬قال أبو العباس الشتيمي‪:‬‬
‫يعصاص الوى ل يتفصي معه لصب‬ ‫‪ -‬ونور الذكاء فوق نصور الذكصاء إن‬
‫صتدبي يلصو كصل ظلمصة البصاس‬ ‫‪ -‬ذكاؤه يزري بالذكاء ف العلوم والص‬
‫* استعمال فعل تعاور لزما وهو متعد‪ ،‬ف قوله‪:‬‬
‫مصع الصصلة ما تعصصاور الكصلم‬ ‫على النب والل والصحصب والسصلم‬
‫غ ي أن معر فة الن حو ينب غي أن ل تد فع ن و العتداد وال سراع إل ت صحيح الن صوص دون‬
‫مراج عة وتب صر‪ ،‬ف قد يكون ما ف ال نص صحيحا وي صبح ت صويبه خطئا‪ ،‬ك ما اشت هر عن ب عض‬
‫الحدثي‪ ،‬كما أ نه قد يكون ما ف ال نص ل نا ول ينب غي تصحيحه إل ف الا مش لكو نه صدر عن‬
‫الؤلف ل عن نا سخ ضع يف العر فة‪ ،‬ولن مضمون ال نص ي تل بإ صلحه‪ ،‬خا صة إذا كان ف مال‬
‫الناظرة‪ ،‬وكان ذلك اللحن مادة لرد مناظر على مناظره‪ ،‬كما ند ف كتاب رسالة الذار لب زيد‬
‫عبد الرحان التمنارت ف مناقشة خصمه ممد بن عبد القادر التاهرت‪ ،‬حيث ورد قول التاهرت ف‬
‫رسالته إل التمنارت‪:‬‬
‫" وحفاظ مذا هب ال سلف من علماء اللف أو سع باع وأع ظم ه ة وأك ثر اطلع م نا و من‬
‫‪17‬‬
‫أشكالنا وأضرابنا بكثي‪".‬‬
‫وقد رد التمنارت هذا اللحن وعابه على صاحبه فقال‪:‬‬

‫‪ - 16‬الكفاية ف علم الرواية‪ ،‬الطيب البغدادي‪ ،‬ص‪ 105 :‬الكتبة العلمية‪ ،‬الدينة النورة‪.‬‬
‫‪ - 17‬رسخالة الذار مخن مكائد الغريخب إذا دخخل الدار‪ ،‬ص‪ ،157 :‬تقيخق آمنخة الراضخي فخ بثخ للدراسخات العمقخة بإشراف‬
‫الدكتور ممد الاتي‪ ،‬كلية الداب والعلوم النسانية بأكادير السنة الامعية ‪.2004-2003‬‬
‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪9‬‬

‫"وأوت هذا الرجل من عدم إدراكه لقاصد الكلم وعدم ارتياضه بدلولت تراكيبه الت تطلع‬
‫على حقائق العا ن‪ ،‬ل ا فرط له ف كث ي من م ثل ذلك و من ل ن العرب ية والجاء الذي ل يغلط ف يه‬
‫(‪)18‬‬
‫صبيان الكتب‪".‬‬
‫ك ما أن الح قق ي ب أن ينت به إل ب عض ال ستعمالت غ ي الشهورة ف الل غة العرب ية‪ ،‬و قد‬
‫تكون ما ل يزه بعض النحويي ومن ناذج ذلك ما ساقه الدكتور اليزيد الراضي ف دراسته العميقة‬
‫لشعر الشتيميي‪ ،‬من أشعار أحد الشتيمي‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬استعمال "سال" مكان سأل الهموز‪ ،‬وقد أجاز النحويون استعماله للضرورة‪ ،‬وقد أكثر‬
‫الشاعر استعماله‪ ،‬كما ف قوله‪:‬‬
‫تلقصصى بكصل توجصه إفضالصه‬ ‫وأسالصصه تزويصدك بالتقصوى وأن‬
‫للعبصد أوجصب ذنبصه أهوالصصه‬ ‫وأسصال منك دعصاء صصدق دائما‬
‫‪ -‬استعمال اللم ف جواب القسم دون "قد"‪ ،‬ف مثل قوله‪:‬‬
‫وذكرتصصن بنصصداء الفصصلح‬ ‫‪ -‬لنبهتصن لسبيصصل النجصصصاح‬
‫بالصرأي منصك مشايصخ القليصم‬ ‫‪ -‬ولكنت فيصه إمصام حصق يهتدي‬
‫فهذه الستعمالت غي مشهورة ف العربية لكنها مع ذلك جائزة والرجوع إل الشعر العرب‬
‫القدي والديث النبوي ث إل الكتب النحوية تبز سلمة لغة الشاعر‪.‬‬
‫إن هذه المثلة البسيطة الت سقناها هنا تبز أن الحاطة بأصول علم النحو والراجعة الدائمة‬
‫لكتب النحو ما ينبغي أن يافظ عليه التصدي للتحقيق حت يصون عمله ف التحقيق من الطعن على‬
‫الفصحاء أو السهو عن اللحني‪.‬‬
‫ج – المعجم‪:‬‬
‫نص العلماء أن التعمق ف معرفة الكلم العرب ومعانيه ما ييسر مهمة الحقق ويسهل إخراج‬
‫النصوص الخطوطة وفهم معانيها‪ ،‬وللكلمة ف اللغة العربية العان التعدد وعلى الحقق أن يبحث عن‬
‫الع ن النا سب لل سياق الوارد ف الكلم‪ ،‬ومه ما بلغ علم الن سان فل تك نه الحا طة بدللة كلمات‬
‫اللغة كلها‪ ،‬فلبد له من الستعانة بالعاجم وكتب اللغة‪ ،‬حسب أنواعها‪:‬‬
‫‪ -‬معا جم الل غة‪ :‬هناك معا جم اللفاظ كل سان العرب ل بن منظور ال صري وتاج العروس‬
‫للزبيدي‪ ،‬ومعاجم العان كالخصص لبن سيده وفقه اللغة للثعالب ومعاجم الساليب مثل جواهر‬
‫اللفاظ لقدامة بن جعفر واللفاظ الكتابية للهمذان‪.‬‬
‫‪ -‬معاجم الصطلحات‪ :‬وقد ل تسعف العاجم الباحث الحقق لنيل بغيته فيقف أحيانا على‬

‫‪ - 18‬الصدر نفسه‪ ،‬ص‪.172 :‬‬


‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪10‬‬

‫كلمات ل ترد ف أي منها أو ل يرد با العن الذكور ف نص من النصوص‪ ،‬ما يدعو إل مزيد من‬
‫الب حث ف العا جم التخ صصة ح سب موضوع الخطوط‪ ،‬فترا جع معا جم غر يب القرآن والد يث‬
‫ومعاجم الصطلحات القدية والديثة‪.‬‬
‫ولعاجم الصطلحات أهيتها فإذا كان العن العجمي هو القاسم الشترك بي عدة معان فإن‬
‫العن الصطلحي يتصف بالصوصية‪ ،‬إذ هو معن دقيق متفق على معناه ف مال معرف معي‪ ،‬وهو‬
‫ما عب عنه القدمون وخاصة الاحظ بقوله أن لكل قوم ألفاظا ولكل صناعة ألفاظ‪ ،‬فيعن اللفظ عند‬
‫جاعة ما ل يعنيه عند آخرين‪ ،‬ومن معاجم الصطلح عند القدمي معجم مفاتيح العلوم للخوارزمي‪،‬‬
‫وكشاف اصطلحات الفنون للتهانوي‪ ..‬وغيها‪ .‬ويدخل ضمن الصطلحات تلك الختصرات الت‬
‫درج العلماء على اسصتخدامها للدللة على عبارات أو مصصطلحات أو أسصاء أعلم أو كتصب سصواء‬
‫(‪)19‬‬
‫كا نت كلمات كا ستعمال فقهاء النف ية "الشا يخ" للدللة على من ل يدرك المام أ با حني فة‪،‬‬
‫وا ستعمال الالك ية عبارة "القضاة الثل ثة" للشارة إل علي بن أح د الق صار وع بد الوهاب بن ن صر‬
‫وسصليمان بصن خلف الباجصي‪ )20( ،‬أو كانصت حروفصا أو حرفصا مفردا‪- ،‬كاسصتعمال النابلة " لو"‬
‫للخلف الضعيف ‪ ،‬و"حت" للخلف القوي ف الذهب‪ )21(،‬وتتلف من مال إل مال ومن علم إل‬
‫(‪)22‬‬
‫علم بل من مؤلف إل آخر‪.‬‬
‫على أن البحث ف العاجم ينبغي أن ل يغفل الرحلة التاريية الت تنتمي إليها‪ ،‬وتطور الكتابة‬
‫العجم ية ون قل أ صحاب الع جم بعض هم عن ب عض‪ ،‬و قد ي قع اللط للدار سي ف ذلك ك ما ذ كر‬
‫الستاذ رمضان عبد التواب ف مراجعته تقيق الدكتور عبد ال درويش معجمَ العي للخليل بن أحد‬
‫الفراهيدي‪ ،‬و قد أشار إل ما و قع ف يه الح قق من خلط حين ما ذ كر ف الا مش ع ند شرح ب عض‬
‫الغريب‪":‬وأما اللسان فقد نقل ما ف الحكم وما ف القاموس" وعلق الستاذ عبد التواب على ذاك‬
‫بقوله‪ " :‬سهو ل يوز م ن ألف ف العا جم العرب ية‪ ،‬و هو يعلم أن القاموس متأ خر عن الل سان ف‬
‫الظهور‪ ،‬فمؤل فه الفيوزابادي ولد عام ‪729‬ه ف ح ي تو ف ا بن منظور صاحب الل سان عام ‪711‬ه‪".‬‬
‫(‪)23‬‬

‫إن اللغة تتطور وتتبدل وتدث ف عصر معان جديدة ل تكن ف العصور السابقة‪ ،‬فإذا روجع‬

‫‪ - 19‬الفتح البي ف حل رموز و مصطلحات الفقهاء و الصوليي ‪ ،‬د‪ .‬ممد إبراهيم الفناوي( د‪.‬ط )‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪ - 20‬الرجع نفسه‪ ،‬ص‪.72-71 :‬‬
‫‪ - 21‬نفسه‪ ،‬ص‪.167 :‬‬
‫‪ - 22‬من الكتب الهمة الت عنيت بذه الرموز‪ :‬الفتح البي ف حل رموز و مصطلحات الفقهاء و الصوليي ‪ ،‬د‪ .‬ممد إبراهيم‬
‫الفناوي( د‪.‬ط )‪.‬‬
‫‪311 -‬‬ ‫‪23‬‬

‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪11‬‬

‫العجم من أجلها ل تصل الفائدة الرجوة كمثل من يبحث ف العاجم القدية عن معن الصعلوك أو‬
‫السلمي ومعانيها ف عصرنا غي ما نده فيها‪.‬‬
‫وأكثر الخطاء الت يقع فيها الحققون هي عدم ضبط العن الدقيق للكلمة إما عن جهل أو‬
‫لقلة صب أو لغفلة وسهو‪ ،‬ومن ناذج ذلك ما ورد ف بعض الدراسات من شرح الكلمة بغي معناها‬
‫الدقيق‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬اعتبار العضب القطع‪ ،‬مع أن القصود أداة القطع وهو السيف ‪ ،‬وذلك ف قوله‪:‬‬
‫عضصبُ فتكصت نفصور القصراب‬ ‫أرخصي لصه يمصح كيمصا يشصاء‬
‫‪ -‬شرح الغرار بان مفردها غرار وهو نقصان لب الناقة‪ ،‬بينما الصحيح مفرده غر وهو قليل‬
‫التجرية‪ ،‬وذلك ف قوله‪:‬‬
‫فإنصصن مصلت منهصا الوطصاب‬ ‫إن أعصصوز الغصرارَ أعلقُصصه‬
‫‪ -‬شرح كلمة أذرع بالكثار من الكلم‪ ،‬ف قول الشاعر‪:‬‬
‫وبيصن مساعيصصه وسؤلصصه أذرع‬ ‫تصصراه يعايصن ف العلصى ث ينثصن‬
‫(‪)24‬‬
‫بينما القصود جع ذراع وهو وحدة القياس العروفة‪..‬‬
‫وإذا كانت معرفة اللغة العربية ضرورية لتقوي النصوص الخطوطة وإخراجها ف أحسن حال‬
‫فإنه – ف نظري ‪ -‬من اللزم معرفة اللغات الخرى السائدة ف بلد السلمي والت ترد ألفاظها ف‬
‫الك تب العرب ية بطري قة أو بأخرى كالفار سية والكرد ية والمازيغ ية والترك ية والرد ية‪ ..‬وغي ها وأن‬
‫يوطن الحقق نفسه على الرجوع إل العاجم الختصة أو إل العلماء العارفي بذه اللغات حت يأمن‬
‫الزلل‪ ،‬و من ناذج الخطاء ف هذا الجال‪ ،‬ما ورد ف كتاب منا هل ال صفا للفشتال ف قد حق قه كل‬
‫من ال ستاذين ع بد ال كنون وع بد الكر ي كر ي‪ ،‬و قد و قف كل الباحث ي ع ند لف ظة "ر جل الاء"‬
‫الواردة ف الكتاب‪ ،‬وقد ترك الستاذ عبد ال كنون اللفظة كما هي ف النص وعلق عليها ف الامش‬
‫بقوله‪" :‬لعلها وجل الاء" أما الستاذ كري فقد بدل ما ف النص ووضع وجل الاء بدل من رجل الاء‪،‬‬
‫ولو درى ال ستاذان أن الكل مة "ر جل الاء" هي تعر يب لكل مة " َأضَا ْر ّومَا نْ" ل ا أتع با نف سيهما ف‬
‫التصويبات‪ ،‬وهو اسم مكان ف الطلس الكبي وقعت به بعض الحداث ف العهد السعدي ويكن أن‬
‫نض يف إل ذلك مثال آ خر ‪ -‬وإن كان ف مال الترج ة ‪ -‬و هو ما قام به ال ستاذان م مد ح جي‬
‫وم مد الخ ضر ف ترجته ما كتاب إفريق يا لارمول كربال عند ما وق فا على كل مة ترجا ها ب ص‪:‬‬
‫هخنيفة‪ ،‬ووضعاها ف الامش بالروف اللتينية وهي (‪ ) HAKHNIFA‬ول يعلما لا معن‪ ،‬والصواب‬
‫أنا كلمة أمازيغية من أصل عرب تنطق تنيفت وأخنيف‪ ،‬وأصلها النيف وهو رداء أو سلهام من‬

‫‪ -‬ديوان السن البونعمان‪ ،‬هوامش وتشيات‪ ،‬سعيد الفاضلي‪ ،‬ص‪ ، 470 :‬ملة الناهل العدد ‪ 54‬مارس ‪.1997‬‬ ‫‪24‬‬

‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪12‬‬

‫صوف غليظ أسود‪.‬‬


‫د – السلوب‪:‬‬
‫والسلوب طريقة الكاتب وبصمته الاصة ف التعبي وعباراته الت يكثر من تردادها‪ ،‬فهو لغته‬
‫الا صة وكل مه الشخ صي‪ ،‬وم ا ي ساعد على تق يق ال نص الخطوط التف قه ف أ سلوب صاحبه‪ ،‬ول‬
‫يتأتصى ذلك إل بكثرة مراج عة مؤلفاتصه إن وجدت أو الؤلف نفسصه إن كان كثيص الصصفحات‪ ،‬ف من‬
‫خلل ذلك ي ستطيع الح قق معر فة أ سلوبه وف هم ت عبيه‪ ،‬م ا ي سهل التعا مل مع كتا به الخطوط‪،‬‬
‫وإخراجه ف أفضل حال‪ ،‬ومن الذين ترسوا ف هذا المر نذكر الستاذ عبد السلم هارون ف تعامله‬
‫مع ك تب الا حظ‪ ،‬ف قد صاحب هذا الؤلف ال فذ ف كت به ح ت عر فه معر فة عمي قة‪ ،‬و قد قال هو‬
‫نف سه‪" :‬التمرس بأ سلوب الؤلف‪ ،‬وأد ن صوره أن يقرأ الح قق الخطو طة الرة تلو الرة‪ ،‬ح ت يبُر‬
‫التاه السلوب للمؤلف‪ ،‬ويتعرف خصائصه ولوازمه‪ ،‬فإن لكل مؤلف خصيصة ف أسلوبه‪ ،‬ولزمة‬
‫من اللوازم اللفظية أو العبارية‪ ،‬كما أن لكل مؤلف أعلما خاصة تدور ف كتاباته‪ ،‬وحوادث يديرها‬
‫ف أثنائها‪ ،‬وأعلى صورة التمرس بأسلوب الؤلف أن يرجع الحقق إل أكب قدر مستطاع من كتب‬
‫الؤلف‪ ،‬ليزداد خبة بأ سلوبه وي ستطيع أن يو جد تراب طا ب ي عبارا ته ف هذا الكتاب وذاك‪ ،‬ومعر فة‬
‫(‪)25‬‬
‫ذلك ما يتعي ف تقيق الت‪".‬‬
‫‪ -‬خاتمة‪:‬‬
‫من خلل هذه النظرة الوجزة نستخلص أن العلم بالل غة العرب ية والتع مق ف معرفت ها وإدراك‬
‫أسرارها من أهم ما يؤهل القدم على إخراج النصوص التراثية للنجاح ف مهمته ولو استعرضنا كبار‬
‫الحقق ي ف ع صرنا لوجدنا هم علماء بالل غة العرب ية عارف ي بأ سرارها ملم ي بظان علوم ها من ن و‬
‫وصرف ومعجم‪ ..‬ماهرين ف تيز ما يقع من تصحيف أوتريف ف نصوصها‪ ،‬ولو نظرنا إل غيهم‬
‫من تصدوا لقراءة النصوص من سقطوا دون الدى – خاصة من الغرباء على اللغة القليلي الظ من‬
‫معارفها خاصة طوائف الستشرقي أو من سار على نجهم‪ -‬لوجدنا سبب قصورهم كونم ل يتقنوا‬
‫الل غة ول يتشربوا روح ها الناب عة من صميم البيئة البدو ية الاهل ية قبل أن يغنيها القرآن الكر ي ببيانه‬
‫وي سقيها الد يث النبوي الشر يف ببلغ ته‪ ،‬وتو سعها أل سن الشعراء وأقلم الكتاب صقل وتشذي با‪.‬‬
‫ولذا يصدق عليهم وعلى كل من كان ضعيف اللكة كليل الذهن ف علم اللسان ما ذكره الستاذ‬
‫ممود شاكر رحه ال عن أعمالم مقارنة بإتقان العلماء الصادقي‪ ،‬عندما قال ف التعليق على تقيق‬
‫الستاذ أحد ممد شاكر لرسالة الشافعي‪:‬‬
‫"فإذا أنت قرأت الصل دون التعليق رأيته قد سلم من كل عيب‪ ،‬وصار بيانا كله‪ ،‬بعد أن‬

‫‪ - 25‬تقيق النصوص ونشرها‪ ،‬ص‪.59 :‬‬


‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬
‫‪13‬‬

‫كان ف الطبعة الول من الرسالة شيئا متخالفا يتوقف عليه البصي‪ ،‬فما ظنك بسائر الناس من يقرأ‬
‫وليس له ف العلم قدي معرفة أو مشاركة؟ وأنت إذا قارنت هذه الرسالة بأي كتاب من الكتب الت‬
‫أتقنها أصحابا من ثقات الستشرقي‪ ،‬وجدت الفرق الواضح‪ ،‬وعرفت فضل العرب على العجمي‬
‫‪26‬‬
‫ف نشر الكتب العربية‪" .‬‬

‫‪ - 26‬ضمن جهرة مقالت الستاذ ممود ممد شاكر‪ ،‬ص‪.125-124:‬‬


‫نشر هذا الوضوع ضمن أعمال "تقيق النصوص التراثية‪ ،‬التصور والواقع"منشورات كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬جامعة ممد الامس الرباط سلسلة ندوات ومناظرات ‪.2006‬‬

You might also like