100% found this document useful (1 vote)
4K views93 pages

الصراع القرطاجي الاغريقي

تناول البحث الصراع القرطاجي الإغريقي من القرن السادس حتى الربع الأول من القرن الثالث قبل الميلاد. تكون الصراع من ثلاث مراحل ارتبطت بظهور طغاة إغريق حكموا صقلية وحاولوا فرض سيادتهم على الجزيرة. كان للصراع آثار سياسية واقتصادية واجتماعية على قرطاجة.

Uploaded by

Monir Djillali
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
100% found this document useful (1 vote)
4K views93 pages

الصراع القرطاجي الاغريقي

تناول البحث الصراع القرطاجي الإغريقي من القرن السادس حتى الربع الأول من القرن الثالث قبل الميلاد. تكون الصراع من ثلاث مراحل ارتبطت بظهور طغاة إغريق حكموا صقلية وحاولوا فرض سيادتهم على الجزيرة. كان للصراع آثار سياسية واقتصادية واجتماعية على قرطاجة.

Uploaded by

Monir Djillali
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 93

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة ‪80‬ماي ‪5491‬‬


‫‪ -‬قالمة –‬
‫قسم‪ :‬التاريخ‬ ‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫التخصص‪ :‬تاريخ عام‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في التاريخ العام بعنوان‪:‬‬

‫الصراع القرطاجي االغريقي‬


‫من منتصف القرن ‪ 6‬ق م حتى منتصف القرن ‪ 3‬ق م‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫*سعيدي سليم‬ ‫*لعويسي سميحة‬

‫لجنة المناقشة‬
‫الجامعة‬ ‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫األستاذ‬
‫جامعة ‪ 0‬ماي ‪-5491‬قالمة‪-‬‬ ‫عضو مناقش‬ ‫مساعد "أ"‬ ‫ا‪.‬خياط يوسف‬
‫جامعة ‪ 0‬ماي ‪-5491‬قالمة‪-‬‬ ‫مشرفا ومقر ار‬ ‫مساعد "أ"‬ ‫أ‪.‬سعيدي سليم‬
‫جامعة ‪ 0‬ماي ‪-5491‬قالمة‪-‬‬ ‫رئيس‬ ‫مساعد "أ"‬ ‫أ‪.‬سلوى بوشارب‬

‫السنة الجامعية‪2051-2051 :‬‬


‫إهداء‬
‫الحمد هلل اشكره شك ار يليق بجالله سهل لي الصعاب ووفقني وألهمني‬
‫القدرة إلنجاز هذا العمل الذي اهديه‪:‬‬

‫‪ ‬لمنارة العلم واالمام المصطفى الى االمي الذي علم العالمين الى‬
‫سيد الخلق الى رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ ‬الى الينبوع الذي اليمل من العطاء الى ما من حاكت سعادتي‬
‫بخيوط منسوجة من قلبها الى والدتي العزيزة‪.‬‬
‫‪ ‬الى من سعى وشقى لدفعي في طريق النجاح الى اخي العزيز‪.‬‬
‫‪ ‬الى كل العائلة واالقارب واصدقائي وزمالئي الكرام‪.‬‬
‫‪ ‬الى من علمونا حروفا من ذهب وكلمات من درر ‪ ،‬الى من صاغوا‬
‫لنا من علمهم وفكرهم منارة تنير لنا سيرة العلم والنجاح الى‬
‫اساتذتنا الكرام‪.‬‬

‫‪-‬سميحة‪-‬‬
‫‪-‬‬

‫مقدمة‬
‫الفهارس‬
‫ملخص‬

:‫العربية‬

‫ ق م و لم ينته حتى نهاية‬6 ‫جاء الصراع القرطاجي اإلغريقي المباشر مع بداية القرن‬
‫مر بثالث مراحل رئيسية إعتبرت الخطوط الفاصلة في هذا‬, ‫ ق م‬3 ‫الربع األول من القرن‬
‫ فكروا في نشر‬،‫الصراع حيث إرتبطت بظهور الطغاة اإلغريق الذين حكموا سيراكوزا‬
‫سيادتهم على الجزيرة الكبيرة و القضاء على القرطاجيين و كان اإلستيالء على سيراكو از‬
‫مقدمة للحرب ضد قرطاجة و كان الصراع القرطاجي اإلغريقي عامال مؤث ار ترك بصماته‬
.‫على الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والدينية في قرطاجة‬

:‫الفرنسية‬

Entré le Carthaginois conflit direct grec avec le début du 6ème


siècle avant JC et n'a pas pris fin jusqu'à la fin du premier trimestre
de 3 siècle avant JC, à travers trois étapes principales ont été
considérés comme les lignes de démarcation dans ce conflit en
termes associés à l'émergence des tyrans Grecs qui ont régné
Siracusa, pensez à la mise en place de leur souveraineté sur la
grande île et l'élimination des Carthaginois et a été saisie de
Syracuse prélude à la guerre contre Carthage était un conflit grec
carthaginoise un facteur a laissé sa marque sur la vie politique,
économique, social et religieux à Carthage.
‫ق ائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫المقدمة‬

‫التعريف بالموضوع‪:‬‬

‫يعتبر تاريخ قرطاجة وحروبها مع اإلغريق من بين المواضيع التي لم تتضح معالم دراستها‬
‫بعد بصورة دقيقة وذلك استوجب على الدارسين بذل جهود لكشف النقاب عن هذه المرحلة من‬
‫تاريخ قرطاجة‪ ،‬حيث تعتبر هذه المرحلة هامة غيرت مجرى األحداث بالمنطقة و كذا‬
‫المؤسسات السياسية و العسكرية بها حيث عرفت في صراعها مع اإلغريق ثالث مراحل‬
‫حاولت فيها بسط سيطرتها على الحوض الغربي للبحر المتوسط وعرف الطرفان تبادال في‬
‫االنتصارات والهزائم خلفت أثا ار انعكست على المجتمع القرطاجي برمته وأذنت بظهور مجتمع‬
‫جديد وحضارة جديدة مختلفة عن الحضارة األم في الشرق‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫تعود أسباب اختياري لهذا الموضوع إلى رغبتي في دراسة تاريخ المغرب القديم عموما‬
‫والقرطاجي على وجه الخصوص وكذا الرغبة في كشف مالبسات الصراع القرطاجي اإلغريقي‬
‫خاصة وان تاريخ هذه الحضارة بقي حك ار على أقالم األعداء الذين قدموها وفق منظورتهم‬
‫الخاص ‪,‬هذا إضافة إلى ان المصادر والمراجع بصفة عامة لم تتطرق لموضوع بحثي بصفة‬
‫متخصصة واغلبها كتابات كتبت بأقالم اجنبية لم تراع في كتاباتها الموضوعية‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫تكمن أهمية البحث في هذا الموضوع في محاولة دراسة مصادر تاريخ قرطاجة واإلغريق‬
‫واحتواء الموضوع لقيمة تاريخية أثرية وكذا كشف مالبسات الصراع وأثاره على قرطاجة‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬

‫للوصول الى اهداف هذه الدراسة و معالجة اهم جوانبها توجب علينا طرح مجموعة من‬
‫التساؤالت وفقا للمنهج العلمي المتبع في الدراسات االكاديمية ‪:‬‬

‫أ‬
‫المقدمة‬

‫‪ .1‬فيما تتمثل اهم مصادر دراسة تاريخ كل من االغريق و القرطاجيين ؟‬

‫‪ .2‬فيما تتمثل تجليات الصراع العسكري بين الدولتين و لماذا شكلت صقلية بؤرة الصدام ؟‬

‫‪ .3‬ما هي نتائج هذا الصراع و اهم اثاره على قرطاجة ؟‬

‫الخطة نقدها‪:‬‬

‫لإلجابة على اإلشكالية قسمت البحث الى ثالث فصول‪ ،‬جعلت الفصل األول بعنوان مصادر‬
‫دراسة تاريخ قرطاج واإلغريق وقسمته الى مبحثين‪:‬‬

‫‪ ‬المبحث االول‪ :‬بعنوان المصادر المادية ويركز على إعطاء صورة واضحة مفصلة‬
‫للمادة االثرية عند كل من القرطاجيين واالغريق حيث تركت هذه الشعوب بصمتها على‬
‫مختلف األ صعده المادية ما شكل خزانا للبحث في التاريخ القديم واالثار وباقي العلوم‬
‫االنسانية‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬بعنوان المصادر الكالسيكية وهي على العموم تتشابه عند الطرفين‬
‫وفصلت المبحث الى مطلبين االول تناول المؤرخين اإلغريق (هيرودوت‪ ،‬ديودور‬
‫الصقلي‪ ،‬بوليبيوس) والمطلب الثاني تناول المؤرخين الرومان (تيتيوس ليويوس‪،‬‬
‫جوسيتينوس‪ ،‬شيشرون) وهذه الكتابات في مجملها تتأثر بميول كاتبيها انحصرت في‬
‫ابراز الحروب ومالبساتها ووفرت معلومات شديدة التنوع‪.‬‬

‫اما الفصل الثاني فكان بعنوان الصراع العسكري القرطاجي االغريقي ويرتكز هذا الفصل في‬
‫الحديث عن الصراع العسكري احداثه واهم اسبابه وكيف حاول كل طرف دعم نفوذه وقسمت‬
‫الفصل الى مبحثين‪:‬‬

‫‪ ‬المبحث االول‪ :‬بعنوان بداية التصادم القرطاجي االغريقي تناولت فيه الوجود القرطاجي‬
‫االغريقي بصقلية بؤرة هذا الصراع كذا مستوطنات الطرفين حولها والمنافسة التجارية‬
‫لها ومن ثم تضارب المصالح وبداية التصادم بالمنطقة‪.‬‬
‫ب‬
‫المقدمة‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬بعنوان مراحل الصراع وجاء على ثالث مراحل حاولت فيهم إعطاء‬
‫صورة لكل مرحلة من هذا الصراع وكذا أسبابها‪ ،‬وسير أحداثها وكذا نتائجها‪.‬‬

‫في ما جاء الفصل الثالث فكان بعنوان نهاية الصراع العسكري وأثاره على قرطاجة تركز على‬
‫إبراز أثار هذا الصراع وقسمته الى مبحثين‪:‬‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬بعنوان نهاية الصراع ونتائجه وأعطى صورة عامة لكيفية نهاية الصراع‬
‫ونتائجه بصفة عامة موجزة‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬ابرز أهم أثار الصراع العسكري على قرطاجة واهم التبدالت التي حدثت‬
‫فيها على مختلف األصعدة‪ :‬العسكرية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية وكذا الدينية‪.‬‬

‫المنهج المتبع في دراسة الموضوع‪:‬‬

‫اعتمدت على المنهج الوصفي السردي والذي يتناسب والسرد التاريخي للحقائق حيث رصدت‬
‫االحداث التاريخية وعرضتها حسب التسلسل الزمني‪.‬‬

‫المصادر والمراجع المتبعة ونقدها‪:‬‬

‫لقد جمعت المادة العلمية الخاصة بهذا البحث من عدة مصادر ومراجع أهمها كتاب الصراع‬
‫القرطاجي اإلغريقي لصاحبه مفتاح محمد سعد البركي ويعتبر هذا الكتاب أول مجهود مفصل‬
‫تناول موضوع بحثي أعطى فيها صورة واضحة ميسرة ألهم احداث ونتائج الصراع القرطاجي‬
‫اإلغريقي‪ ،‬كما اعتمدت بشكل كبير على كتاب األستاذ الدكتور سالطنية عبد المالك وكتابه‬
‫المصادر التاريخية واألثرية وأهميتها في البحث التاريخي واألثري ويتحدث فيه عن أهم‬
‫المصادر األثرية القرطاجية وكذا المصادر الكالسيكية إضافة إلى كتاب تاريخ العالم االغريقي‬
‫وحضارته منذ أقدم العصور حتى ‪ 233‬ق م لمكاوي فوزي واستعرض فيه بعضا من جوانب‬
‫الصراع وكذلك شارل اندريه وكتابه تاريخ شمال افريقيا ثم كتاب محمد الهادي حارش‪ ،‬التاريخ‬
‫المغاربي القديم السياسي والحضاري واصطيفان اكصيل‪ ،‬تاريخ شمال افريقيا القديم وسالوست‬
‫ج‬
‫المقدمة‬

‫حرب يوغرطة اضافة الى بعض المصادر و المراجع األجنبية أهمها ل‪ Gsell‬كتابه ‪Histoire‬‬
‫‪Ancienne de L’Afrique du nord‬‬

‫صعوبات البحث‪:‬‬

‫ان انجاز البحوث العلمية ليس باالمر السهل خاصة مع شرح المعلومات فيصبح البحث شاقا‬
‫ومتعبا في كثير من األحيان ومن هنا فقد واجهتني صعوبات شتى في جمع المادة الخبرية‬
‫وترتيبها وتنظيمها حسب أهميتها وذلك بسبب قلة المصادر المكتوبة في هذا الموضوع وكذا‬
‫غموض المادة العلمية ان وجدت وقلتها ما يجعل المتبع لهذا الموضوع يعتمد على ما كتبه‬
‫اإلغريق والرومان في كتاباتهم المتحيزة لشعوبها وكذا التقصير الكبير وقلة االهتمام بدراسة‬
‫هذا الجانب وهذه المرحلة من تاريخ قرطاج حيث صب جل االهتمام بدراسة حروبها مع روما‬
‫واهمال الجانب اإلغريقي وهذا باإلضافة إلى أن اغلب المصادر والمراجع التي تناولت هذا‬
‫الموضوع بالتفصيل أجنبية تزيد من مشقة البحث وهذه الصعوبات في الحقيقة مشاكل روتينية‬
‫تصادف أي باحث في ميدان التاريخ والبحث العلمي والباحث التاريخي إن لم تواجهه صعوبات‬
‫ووجد األمر سهال فلن يحس بقيمة العمل الذي بين يديه‪.‬‬

‫وفي األخير فهذا جهدي فان أصبت فلي أجران وان أخطأت فلي اجر المحاولة واالجتهاد‬
‫ونسال اهلل تعالى أن يجعل جهدي المتواضع هذا لنية صالحة مفيدة وتكون منه الفائدة المرجوة‬
‫والنفع والمتعة المنشودة والحمد هلل فاتحة كل خير وتمام كل نعمة‪.‬‬

‫د‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫إن الباحث في تاريخ الشعوب يصادف نوعين من المصادر وال يمكن تجاهل هذين‬
‫النوعين حيث يكمل أحدهما اآلخر فالمصادر الوثائقية تقدم معلومات وجيزة عن‬
‫األحوال اإلقتصادية واإلجتماعية والعقائدية واألدبية و تقدم االحوال السياسية‬
‫والصراعات و الحروب و اإلنتصارات و الهزائم‪ ,‬و يعتمد المؤرخون و الباحثون في‬
‫كتابة التاريخ اإلغريقي و القرطاجي كال المصدرين بدراسة ما تركه المؤرخون أمثال‬
‫هيرودوت و غيرهم و الشعراء أمثال هوميروس‪ ,‬و ال تكتمل الصورة إال من خالل‬
‫دراسة ما تقدمه الحفريات من أسلوب العمارة وتطوره و مدى إنتشار العملة و أحجامها‬
‫و العبارات التي كتبت عليها باإلضافة إلى دراسة أنواع األسلحة و المعابد و المقابر‬
‫‪1‬‬
‫فيستخرج بذلك الباحثون من المصدرين الحقائق التاريخية ‪.‬‬
‫و تكتسي المصادر األثرية أهمية خاصة في دراسة تاريخ الحضارات القديمة بإعتبارها‬
‫المعين األغنى في المعلومات للدارس‪ ، 2‬و كما سبق و قلنا فهذه المصادر نوعين ‪:‬‬
‫المصادر المادية ‪documentry sources :‬‬
‫أو غير األدبية و تشمل دراسة الوثائق البردية و النقوش و الرسوم و العمالت‬
‫واألطالل األثرية‪3،‬و المعالم األثرية بجذورها الحضارية تشكل مادة هامة للباحث في‬
‫ميدان التاريخ و اآلثار فمواقع ما قبل التاريخ في شتى أنحاء العالم تشكل مادة ثرية‬
‫للباحث عن تاريخ األجناس و تطور البشر عبر المسالك الحضارية‪ ,‬حيث تركت هذه‬

‫فوزي مكاوي‪ ،‬تاريخ العالم اإلغريقي من أقدم عصوره حتى عام ‪ 233‬ق م‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1891‬ص ص‪.11،13‬‬
‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬محمد الطاهر‪ ،‬قرطاج البونية تاريخ حضارة‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬تونس‪ ،1888 ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪3‬فوزي مكاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 11‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشعوب بصمتها على مختلف األصعدة المادية ما شكل خزانا للبحث في التاريخ القديم‬
‫‪1‬‬
‫و اآلثار و باقي العلوم اإلنسانية ‪.‬‬
‫المصادر األدبية‪lifenary sources :‬‬
‫ينطبق إصطالح المصادر األدبية التاريخية على الوثائق المكتوبة أي المدونة‬
‫بإختالف محاورها و صيغها‪ ،2‬و تضم المؤلفات القديمة التي كتبت في فترة معاصرة‬
‫أو بعدها بمدة قصيرة أو طويلة‪ ،‬كما تشمل ما كتبه الشعراء و الفالسفة و الخطباء‬
‫وكتاب السير و الجغرافيين ذلك ان دراسة التاريخ ال تعنى فقط باألمور السياسية‬
‫والحكم والحرب و إنما تهتم أيضا بأحوال الشعب االقتصادية و اإلجتماعية والعقائدية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫والفكرية و غيرها ‪.‬‬
‫وعموما فإن اإلستنتاجات المتكاملة هي تلك التي تعتمد في اآلن نفسه على المادة‬
‫‪4‬‬
‫األدبية التاريخية و النقاش و خالصة البحث األثري ‪.‬‬
‫و رغم إختالف المصادر المادية عند القرطاجيين و اإلغريق و هو ما سنحاول‬
‫عرضه و التفصيل عند الطرفين على إختالف اللقى األثرية و المالمح الحضارية عند‬
‫الشعبين إال أن المصادر األدبية يتفق المؤرخون على أنها نفسها و يرجع ذلك إلى أن‬
‫محدودية المصادر المباشرة في كتابة تاريخ قرطاج تحتم إعتماد المصادر اإلغريقية‬
‫والالتينية ‪.5‬‬

‫‪1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المصادر التاريخية و األثرية و أهميتها في البحث التاريخي و األدبي‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار اإلرشاد للطباعة‬
‫و النشر و التوزيع‪ ،3112 ،‬ص ‪. 11‬‬
‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ,‬المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.11‬‬
‫فوزي مكاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬بورينةالشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫المبحث األول‪ :‬المصادر المادية‪:‬‬


‫المطلب االول‪ :‬عند القرطاجيين‬
‫إن المعطيات األدبية سواء منها المعالم الحضارية أو المقابر و محتوياتها أو‬
‫الخزف أو المنتجات الفنية ذات األغراض المختلفة و هي تمثل مصد ار رئيسيا لصياغة‬
‫تصور متكامل عن تاريخ قرطاج فهي أساسية لملء الف ارغ الناتج عن نقص المصادر‬
‫المكتوبة المباشرة أو محدوديتها أو غيابها كليا‪ ،‬لذا فإن الحفريات األثرية في المجاالت‬
‫الحضرية و المسح األثري للمجال الريفي يمثالن السبيل األمثل لتعميم المعرفة‬
‫بخصائص هذه الحضارة و تاريخها‪ 1،‬و إستهوى موقع قرطاج منذ القرن الماضي‬
‫المولعين بتاريخ الحضارات القديمة‪ ،2‬حيث أثارت قرطاج إهتمام المؤرخين و علماء‬
‫اآلثار في بداية القرن ‪ 18‬م عندما أخذ يزداد إهتمام المؤرخين و علماء األثار بتاريخ‬
‫و حضارات الشعوب القديمة‪ ،‬حيث تأسست شركة بباريس سنة ‪ 1921‬تهدف إلى‬
‫إكتشاف قرطاج‪ 3‬و إن كان الحضور البوني يبدو قويا على مستوى الساحل فإنه ال يقل‬
‫أهمية في الداخل‪ ،‬و تعد اللقى األثرية سواء كانت محلية الصنع أو مستوردة هي‬
‫رصيد من المعلومات التاريخية‪ ،‬التي يقوم الباحث األثري بفرزها و تقديم المعطيات‬
‫‪4‬‬
‫الخاصة بها ‪.‬‬
‫حيث عثر حوالي سنة ‪ 1831‬م على لقى قديمة بقرطاجة ‪ ،‬أصبحت فيما بعد المستند‬
‫األساسي ‪ ،‬لتاريخ أحداثها و ترجع إلى القرن ‪ 9‬ق م ‪ ،‬تتكون من جرة شرقية االصل‬

‫‪1‬بوروينةالشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.11،29‬‬
‫مادلين هورس ميادين‪ ،‬تاريخ قرطاج‪ ،‬ت ‪ :‬إبراهيم بالش ‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ,1891 ،‬ص‪. 11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫و أواني فخارية وجدت بمعبد توفاة‪ ،‬وهي كلمة عبرية منقولة من التوراة لم يدقق معناها‬
‫‪1‬‬
‫بعد‪.‬‬
‫و معبد توفاة خاص بتقديم أضحيات األطفال بقرطاجة و كان عبارة عن بناء مكشوف‬
‫تحرق فيه األضحية بعد أن يتم إزهاق روح الضحية‪ ،‬وفق طقوس معينة يقوم بها‬
‫‪2‬‬
‫الكهنة ‪.‬‬

‫الشكل ‪ : 1‬معبد توفاة‬


‫المرجع ‪www.google-images.com :‬‬

‫أحمد الفرجاوي‪ ،‬بحوث حول العالقات بين الشرق الفينيقي و قرطاجة‪ ،‬تونس‪ ،1882 ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.393‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫و تواصلت الحفريات بتوسع اإلهتمام بموقع قرطاج فبعد سنة ‪1931‬م‪ ،‬كلف الكاردينال‬
‫الفيجري ‪lavigerie1‬الب دوالتر ‪ delattre‬بمهمة التنقيب األثري في قرطاج و يعود‬
‫له الفضل في إكتشاف المقابر البونية التي ظلت لفترة طويلة المصدر األثري الوحيد‬
‫تقريبا لكتابة تاريخ قرطاج‪ ،‬و بعد سنة ‪1831‬م أصبح متحف قرطاج يضم ‪1233‬‬
‫قطعة أثرية ‪ ،‬و حملت سنة ‪ 1831‬م أحد أبرز اإلكتشافات األثرية في تاريخ موقع‬
‫قرطاج ثم تواصلت الحفريات و تعددت الدراسات وغطت مختلف أوجه الحضارة‬
‫‪2‬‬
‫المادية لقرطاجة‪.‬‬
‫وعثر سنة ‪ 1893‬م بقرطاجة على بعض الشقفات الفخارية البونية مع الشقفات‬
‫‪3‬‬
‫اإلغريقية ذات النمط الهندسي الحديث‪.‬‬
‫تعد دراسة هذه الشقفات من العلوم الوثائقية الحديثة ظهرت ألول مرة في مصر‬
‫البلطمية منذ أوائل القرن ‪ 2‬ق م‪ ،‬إستخدمت لتحرير إيصاالت سداد الضرائب وتسجيل‬
‫القوانيين أما عند اإلغريق فإستخدمت أيضا لألدالء باألصوات في الجمعية الشعبية ‪،4‬‬
‫وهذه المعطيات األثرية الحالية تفيد وجود عالقات تجارية كانت تربط قرطاجة بالشرق‬
‫الفينقي من ناحية و العالم اإلغريقي من ناحية أخرى في الربع الثاني من القرن ‪ 9‬ق‬
‫‪5‬‬
‫م‪.‬‬
‫ومن بين أوجه الحضارة المادية القرطاجية نذكر ‪:‬‬
‫‪ ‬الفخار‪:‬‬

‫‪1‬هو كاردينال فرنسي ولد ببايون ‪ ,‬عمل استاذ تاريخ بجامعة السريون بباريس بين ‪ 1913‬و ‪ 1911‬ثم اتجه الى سوريا‬
‫لمساندة الحركة التبشيرية عن طريق التعليم ‪ ,‬ثم احتل خطة اسقف بمدينة نانسي الفرنسية سنة ‪.1912‬‬
‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪. 31 ,28‬‬
‫أحمد الفرجاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬عاصم احمد حسين‪ ,‬المدخل الى تاريخ و حضارة االغريق‪ ,‬مؤسسة االهرام للنشر و التوزيع‪ ,‬القاهرة ‪ ,1889,‬ص ‪.33‬‬
‫أحمد الفرجاوي‪ ,‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫تساعدنا األصناف الفخارية في تحديد الفترات الزمنية كما تكشف لنا العالقات‬
‫السائدة بين الشعوب و الحضارات لذلك فإن األصناف الفخارية بقدر تنوعها من حيث‬
‫‪1‬‬
‫اإلستعمال بقدر اإلستفادة منها فيما يلزم من معلومات تاريخية ‪.‬‬
‫التي عثر عليها ترجع إلى القرن ‪ 9‬ق م‪ ،‬وهي متنوعة منها الفخار الشرقي واإلغريقي ومنها‬
‫البوني األحمر اللون‪ ،2‬و عرف القرطاجيون صناعة الدمى من الفخار حيث عثر على دمى‬
‫بشرية فكان يقدم األهالي األطفال تماثيل أبناءهم هدية لأللهة وتواجدت األقنعة الفخارية‬
‫بكثرة في المقابر و ذلك الرتباط االنسان بعالم ما بعد الموت‪.‬‬
‫و تكشف لنا اللقى االثرية عن نوع و حجم العالقات اإلجتماعية و اإلقتصادية ثم‬
‫الدينية سواء داخل العالم البوني القرطاجي أو بين العالم الفينيقي و حوض المتوسط بتأثيراته‬
‫الحضارية المتنوعة على الساحة الثقافية و الروحية أحيانا إلبداع اإلنسان البوني القرطاجي‬
‫‪3‬‬
‫الذي بدون شك له بصماته الدينية و لمساته المحلية‪.‬‬

‫‪ 1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬


‫‪2‬أحمد الفرجاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.81،81‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪: 2‬فخار من متحف قرطاج‬


‫سالطنية عبد المالك‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص ‪.31‬‬ ‫المرجع ‪:‬‬

‫‪ ‬العظم و العاج ‪:‬‬


‫إلى جانب الفخار نجد مصادر أخرى ال تقل أهمية من حيث وظيفتها ودورها‬
‫في الكشف عن الكثير من المعطيات التاريخية كالمنتجات العاجية التي إعتبرت من‬
‫أهم عناصر الحرف البونية فكانت إفريقيا إحدى المناطق الهامة لتجارة العاج وستعملت‬
‫ألغراض شتى كالتزيين و االثاث و صنع التماثيل الصغيرة و األدوات ذات األمشاط‬
‫و مشابك الشعر و أدوات الزينة‪1،‬حيث كشف التنقيب األثري عن لقى كثيرة أولت‬

‫‪1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 13‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫أهمية باألمشاط العاجية التي إستخرجت من القبور القرطاجية ومن بين األعمال‬
‫‪1‬‬
‫المهمة تلك التي قامت بها الباحثة اإليطالية أم بيزي في مجلة أفريكا ‪.‬‬
‫واستجابت صناعة القرطاجيين للعظم و العاج إلحتياجاتهم و قضاء مآربهم‬
‫الدينية و الدنيوية فكانوا يريدونها كفيلة بالحاجة تشد النظر واالعجاب فتتجلى هذه‬
‫المصنوعات بنحوت و نقوش ينجزها حرفيون لهم من المهارة و الحس المرهف وسخاء‬
‫‪2‬‬
‫الخيال ما يجعلهم يبدعون الجمال‪.‬‬
‫من بين القطع التي استهوت االثريين التي عثر عليها االب دوالتر ‪Delattre‬‬
‫‪3‬‬
‫سنة ‪ 1981‬م والتي تصور امراة صففت شعرها مرتدية فستانا طويال ‪.‬‬
‫و عليه فإن األدوات العاجية تعكس نمط و أسلوب معيشة الفرد البوني‪ ،‬خاصة المرأة‬
‫التي كانت تستعمل أدوات كثيرة للزينة و تعكس النمط و أسلوب و قدرة النحات البوني‬
‫‪4‬‬
‫القرطاجي ومدى إتقانه لفن الزخرفة ‪.‬‬
‫‪ ‬الحلي و المجوهرات ‪:‬‬
‫إن الحلي بصفة عامة و على إختالف أنواعها و لمساتها الحضارية و تواجدها‬
‫من مدينة إلى أخرى ومن موقع ألخر تعد واحدة من المصادر التي يعتمد عليها في‬
‫تفسير المعطيات التارخية المتعلقة بالحياة اإلجتماعية وطبيعة المعادن المستعملة‬
‫ومناطق تجارتها وتطور صناعتها‪ ،‬سواء كانت محلية أو مستوردة وما يرافق ذلك من‬
‫‪5‬‬
‫تطور في العالقات التجارية ‪.‬‬

‫بوروينة الشاذلي‪ ,‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫فنطر محمد حسين ‪ ،‬الحرف و الصورة في عالم قرطاج‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬تونس ‪ ،1888‬ص ‪.311‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬المرجع نفسه‪ ,‬ص‪. 319‬‬


‫‪4‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫و ينطلق دارس المجوهرات البونية من مجموعات ثرية متوفرة في المتاحف‪ ,1‬فرصيد‬


‫العاصمة البونية قرطاجة غني بالمجوهرات و يرجع ذلك إلى ثروتها من المعادن الثمينة‬
‫خاصة الذهب ‪2‬فإستخدم القرطاجيون لصنع مجوهراتهم مواد شتى كالمعادن والحجارة الكريمة‬
‫و ش بة الكريمة فإستخدموا من المعادن الذهب و الفضة و الرصاص و الحديد و النحاس و‬
‫‪3‬‬
‫البرونز ‪.‬‬

‫هذا األخير من بين اللقى المكتشفة منه نذكر المرايا المحفوظة في المتاحف وشفرات‬
‫البرونز التي حظيت بعناية فائقة من الدارسين و خصوها بدراسات كثيرة ركزت بالدرجة‬
‫األولى على الرسوم التي تحملها و هي رسوم ذات قيمة رمزية ساعدت المحاوالت المبذولة‬
‫‪4‬‬
‫لفكها على فهم جوانب خفية من الحياة الدينية و المعتقدات ‪.‬‬

‫أما شبه الكريمة فنخص بالذكر الصفير و الفيروز و الحجر اليماني و العقيق‪ ،‬وغيرها‬
‫فبقي متها الذاتية و ألوانها الزاهية إستجابت لها رغبات القرطاجيين و ميول الحرفيين و تماشت‬
‫‪5‬‬
‫مع القدرات الشرائية لعامة الشعب ‪.‬‬

‫تواجد المعادن الثمينة بوفرة بقرطاجة شجع على حرفة الصياغة مما أدى الى تكوين‬
‫حرفيين قرطاجيين وصلوا إلى مستوى عال في إتقان الحرفة‪ ،‬هذا و رافقت المجوهرات‬
‫القرطاجية أصحابها في قبورهم الى العالم اآلخر ‪6‬إلهتمام القرطاجيين بالزينة باعتبارها احد‬
‫مناهج الحياة و تعطي صورة واضحة عن رخاء و إزدهار العالم القرطاجي والبوني من حيث‬

‫فنطر محمد حسين ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.313‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬فرانسوا دوكريه ‪ ،‬قرطاجة الحضارة و التاريخ‪ ،‬ت ‪ :‬يوسف شلب الشام ‪ ،‬ط ‪ ،1‬دمشق ‪ ،1883‬ص‪. 93‬‬
‫محمد حسين فنطر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.318‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪5‬محمد حسين فنطر‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫‪6‬فرانسوا دوكريه ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 93،91‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الكم الكبير من الحلي التي عثر عليها في معظم المواقع البونية و إنتشارها في كافة مناطق‬
‫الحضور الفينيقي البوني ‪.1‬‬

‫‪ ‬النقائش و اإلنصاب ‪:‬‬


‫نظ ار لضياع الكتب القرطاجية إعتبرت النقوش واإلنصاب البونية واحدة من أهم‬
‫المصادر التي ينبغي الرجوع إليها خاصة و أنها المادة التاريخية التي تكون خالية من‬
‫‪2‬‬
‫اإلفتراضات التاريخية و التأويالت الشخصية التي إعتمدها الكثير من المؤرخين القدامى‪.‬‬
‫و على إمتداد السنوات األخيرة إكتسبت النقائش البونية أهمية ال يمكن تجاهلها بحكم‬
‫إثرائها المعرفة التاريخية لهذه الحضارة‪ ،3‬و لقد عثر على نقاش بونية في كامل ربوع البالد‬
‫التونسية فلم تكن قص ار على المناطق الساحلية و حظيت قرطاج بنصيب األسد و لها‬
‫حضور في مدن و مواقع عديدة منها أوتيكا و سوسة و جرجيس وكركوان وقربة وكثر و‬
‫أالس ‪ ...‬و غيرها‪ ،‬و تصنف حسب مضامينها فيما يتعلق بالنذر والهدايا التي توجه لآللهة‬
‫و أخرى نقوش تذكارية تكتب على شواهد القبور و األضرحة وواجهات الغرف الجنائزية أو‬
‫داخلها بهدف التذكير بالميت و نقاش أخرى ذات طابع ديني سحري و أخرى ذات طابع‬
‫‪4‬‬
‫مدني تتناول بعض المعالم‪.‬‬
‫أما األنصاب فأثارت هذه النوعية من المعثورات انتباه علماء اآلثار منذ انطالق‬
‫عمليات التنقيب بحكم درجة اإلتقان و الجودة التي بلغها الحرفيون القرطاجيون فخصوها‬

‫سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 113‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫‪4‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.38،91‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫في تقاريرهم بوصف دقيق تدعمه في معظم الحاالت وثائق إضافية مجسدة كالرسوم‬
‫‪1‬‬
‫والصور وتظل أعمال ب ـت كيالر ‪ quillard ،‬أبرز الدراسات األثرية في هذا المجال‪.‬‬

‫الشكل ‪ : 3‬نقيشة بونية‬

‫‪ :‬سالطنية عبد المالك‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪.93‬‬ ‫المرجع‬

‫‪1‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫‪ ‬النقود‪:‬‬
‫تعد النقود واحدة من ابرز المظاهر الحضارية عبر التاريخ لما تحمله على وجهها‬
‫‪1‬‬
‫على من معطيات تاريخية و كذا معالم الحياة السياسية و االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫و الحضارة البونية كانت قد بدأت معامالتها التجارية بأسلوب المقايضة و يعتقد‬


‫‪3‬ق‬ ‫المؤرخون أن العالم البوني و قرطاجة بالذات قررت ضرب العملة في نهاية القرن‬
‫م و توضح الدراسة التي قام بها ج ك جنكيز ‪ Jenkins‬أن النقود األولى لقرطاجة قد‬
‫ضربت سنة ‪ 311‬ق م في مستوطناتها بصقلية و التي تحمل صورتي الحصان و النخلة و‬
‫‪2‬‬
‫بقيت مستعملة إلى سنة ‪ 282‬ق م ‪.‬‬

‫كما تعتبر النقود رم از من رموز السياسة فضال عن دورها التجاري و االقتصادي عنصر‬
‫هام ينبغي العودة إليه في استخراج الخصائص التاريخية و توظيفها في مجالها المفيد البحث‬
‫‪3‬‬
‫التاريخي و األثري‪.‬‬

‫‪1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫أحمد الفرجاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل‪ : 4‬نقود قرطاجية‬


‫سالطنية عبد المالك‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪.33‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المرجع‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عند اإلغريق ‪:‬‬


‫إن التاريخ اليوناني تكثر مصادره سواء الكتابية أو األثرية وعند دراسته فإننا‬
‫نتعرف على مبادئ نشأتهم وكيف تطوروا و نرى من خالل ذلك العهد الذي ازدهروا‬
‫فيه والقيم التي أبدعوا فيها كما نكشف العيوب التي وقعوا بها و نقاط الضعف التي‬
‫أدت إلى سقوطهم‪ ,‬و تشمل المصادر الوثائقية عند اإلغريق عدة فروع أهمها النقوش‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ورق البردي و المسكوكات و قطع الشقف ‪.‬‬

‫‪1‬فوزي مكاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫‪ ‬علم دراسة النقوش ‪:‬‬


‫ثان المصادر تقسم إلى‪:‬‬

‫‪ :1‬نقوش بارزة‪.‬‬

‫‪ :2‬نقوش غائرة‪.‬‬

‫ذات مضامين عديدة و موزعة على ما هو ذو طابع ديني أو مدني متعلق‬


‫بمختلف شؤون الحياة العامة‪1،‬و تمثل كل الرسوم و الكتابات المدونة على مواد صلبة‬
‫كالحجر أو الرخام أو المعادن خاصة البرونز أو الخشب و ينقسم انتشار هذه النقوش‬
‫عبر أزمنة ‪.‬‬
‫‪ ( -‬عند صدر القرن ‪ 1‬ق م )فترة ما قبل وقوع الحرب الفارسية مع اإلغريق قليلة‪.‬‬
‫‪ -‬النصف الثاني من ق ‪ 1‬ق م كانت النقوش قليلة‪.‬‬

‫ومن بين النقوش التي وضعت الكثير من مالمح التاريخ اإلغريقي نقش سجل‬
‫بالروس‪ ،2‬ويالحظ أن النقوش اإلغريقية مبعثرة بين عدة متاحف في برلين و باريس‬
‫ومكتبة المتحف البريطانية ومتحف األكروبول في أثينا و في المتحف اليوناني‬
‫والروماني باإلسكندرية و دار اآلثار المصرية بالقاهرة إلى جانب مجموعات أحتفظ بها‬

‫‪1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬


‫عثر عليه في جزيرة باروس احدى جزر مجموعة الكيكيالديس في بحر إيجة و النقش عبارة عن تسجيل ألحداث التاريخ‬ ‫‪2‬‬

‫اإلغريقي مرتب منذ عهد ملك أتينا األسطوري ‪ ceenops‬حتى عهد حاكمها ‪ diogenes‬أي حتى عام ‪ 813،813‬ق م‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫في األماكن التي عثر عليها كمجموعات اليوس‪ Eleusis‬و دلفي‪ phi Del‬و أولمبيا‬
‫‪.Olympia1‬‬
‫‪ ‬علم دراسة النقود و المسكوكات ‪:‬‬
‫عرف العالم نظام النقود ألول مرة في القرن ‪ 9‬ق م‪ 2،‬و بدأت المدن اإلغريقية‬
‫في إصدار العملة منذ القرن ‪ 3‬ق م و كانت جزيرة إيجينا‪3،‬السباقة و تتبعها مدينة‬
‫‪ 131‬ق م‬ ‫‪5‬‬
‫كورنثة ‪ korinthia4‬بعد عام ‪ ،111‬ق م ثم مدينة خاليكس ‪Chalcis‬‬

‫و حتى نهاية القرن ‪ 3‬ق م كانت أكثر العمالت المتداولة في التبادل التجاري في‬
‫بالد اإلغريق ذات أهمية كبرى من حيث الضوء الذي تلقيه على الديانة واألساطير‪،‬‬
‫كما أن الصور المضروبة على النقود مهمة في دراسة نوع العملة يفيد في تقدير مدى‬
‫الرخاء اإلقتصادي أو التدهور في مكان ما و كثي ار ما تكون للرسوم و الكتابات‬
‫‪6‬‬
‫المضروبة على النقود دالالت سياسية‪.‬‬

‫‪1‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫ويذكر المؤرخون القدامى أن أهل ليديا في آسيا الصغرى كانوا أول من صك عملة و ضربت ألول مرة اإللكتروم صكها‬ ‫‪2‬‬

‫ملك كرويسوس‪ )131،111( croesus‬ق م متماثلة الحجم متحدة في الخاتم المضروب عليها عبارة عن صورة رأس أسد‬
‫و ثور متقابلين على وجه العملة و على ظهرها عالمة غير محددة ناتجة عن طرق قطعة العملة على السندات‬
‫‪ 3‬تقع هذه الجزيرة في الوسط إزدهرت في العصر الحجري الحديث الى عصور الهلنستية الحضارة اليونانية‪،‬‬
‫‪4‬إحدى مقاطعات اليونان تقع في الجزء الشمالي الشرقي من شبه جزيرة بلوبونيز ‪.‬‬
‫مدينة يونانية‪ ،‬تقع في وسط البالد ضمن منطقة سيرتا‪ ،‬اإلدارية تقع على الساحل الغربي لجزيرة إيفيا أشتق إسم المدينة‬ ‫‪5‬‬

‫من لفظه " خاكوس " وتعني النحاس لشهرة المدينة بإنتاج القطع البرونزية و المعدنية ‪.‬‬
‫‪6‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.31،31‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪ : 5‬عمالت اغريقية‬


‫المرجع ‪www.google-images.com :‬‬

‫‪ ‬علم دراسة البردي ‪:‬‬


‫البردي نبات كان ينمو وسط أحراس الدلتا و بعض جهات الفيوم‪ ،‬صنعت مصر‬
‫الفرعونية الورق من اللباب اللزج من ساق هذا النبات‪ ،1‬إستعمل منذ األزمنة البائدة‬
‫على شكل لفافات قد تفوق عشرة أمتار و افاضت الكثير من األدبيات الحديثة في‬
‫صنع هذه المادة الجوهرية من لحظة جنيها ثم صقلها الى أن تصبح قابلة للكتابة ‪،2‬‬
‫حيث إستحوذ ت على جل إهتمام العلماء و الباحثين في مجال الدراسات الكالسيكية‬
‫وذلك بفضل سهولة تداول أوراقه و قصاصاته و إمكانية اقتنائها و المحافظة عليها‬
‫‪3‬‬
‫واتساع المجال الذي كانت تجول فيه ‪.‬‬

‫‪1‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪2‬علم المخطوط العربي‪ ،‬بحوث ودراسات‪ ،‬مجلة الوعي االسالمي‪ ،‬ط ‪ ،‬اإلصدار‪ ،38 ،‬الكويت ‪ ،1113،‬ص ‪.33، 31‬‬
‫‪3‬زكي علي‪ ،‬علم البردي‪ ،‬ثراث مصري أصيل‪ ،‬القاهرة ‪ ،1891،‬ص ‪.3‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫فشكل بذلك البردي مصد ار هاما من المصادر الوثائقية ومن أهم الوثائق التي‬
‫تصور الحياة اإلجتماعية و االقتصادية‪ ،‬و أبرز البرديات اليونانية نذكر كتاب دستور‬
‫االثينيين للفيلسوف "أرسطو" ‪ Aristote‬حيث درس النظم الدستورية لعدد من المدن‬
‫اإلغريقية ‪ ،‬لكن لسوء الحظ ضاعت كل بحوثه و لم يصلنا سوى هذه األخيرة ‪،1‬‬
‫ووجدت مكتوبة عبر لفائف بردية مطولة عثر عليها في قرية فيالديفيا بإقليم الفيوم ‪،‬‬
‫(أرسينوى ) سنة ‪ ،1981‬و تزامنت فترة حياته مع قرطاجة فاهتم بنظمها السياسية‬
‫‪2‬‬
‫ومتأث ار بشدة بدستورها ‪.‬‬
‫و عليه فالمادة الغزيرة التي كانت تدون على لفائف البردي وافرة الغ ازرة في مادتها‬
‫العلمية مقارنة بباقي المصادر فأعطت الصورة الواضحة للحضارة من خالل عدة‬
‫مجاالت منها ‪ ،‬اآلثار ‪ ،‬الدين ‪ ،‬الطب‪ ،‬التاريخ ‪ ... ،‬حيث يعتبر البردي حجر الزاوية‬
‫‪3‬‬
‫لمادة التاريخ عبر العصور المختلفة‪.‬‬

‫‪1‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪2‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪ : 6‬بردية اغريقية‬


‫خطاب خاص على اوراق البردي من اوكسيرينخوس في القرن ‪ 2‬م‬

‫المرجع ‪www.google-images.com :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المصادر الكتابية الكالسيكية‪:‬‬


‫تجمع المصادر التاريخية على أن المصادر األدبية أو الكتابية عند القرطاجيين‬
‫و اإلغريق نفسها حيث ان دراسة تاريخ قرطاج من خالل المصادر األدبية تقتصر أو‬
‫‪1‬‬
‫تكاد تنحصر على المصادر غير المباشرة و تحديدا اإلغريقية و الالتينية ‪.‬‬

‫‪1‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫و تشمل كتابات المؤرخ ين و الخطباء و الشعراء و الفالسفة ‪،‬و تتميز بتأثرها بميول‬
‫كاتبيها و ظهور النزعة الشخصية و المؤثرات النفسية ‪ ،1‬إنحصرت في إبرز الحروب‬
‫‪2‬‬
‫و مالبساتها و نتائجها و وفرت معلومات شديدة التنوع و الثراء و التناسق ‪.‬‬
‫وأبرز من أهم بهذا المجال نذكر‪:‬‬
‫المطلب االول‪ :‬المؤرخون اإلغريق ‪:‬‬
‫‪ ‬هيرودوت ‪Hérodote:‬‬
‫مؤرخ يوناني عاش في الفترة الممتدة من ‪ 391،333‬ق م بمدينة هاليكارناسوس‬
‫‪Halicannassus‬إحدى مدن جنوب غرب آسيا الصغرى التي يقال عنها أسست على‬
‫أيدي الطراوديين عام ‪ 811‬ق م و ضمت سكان من أصول كارية و يونانية ‪ ،3‬إسمه‬
‫مركب من لفظين هما ‪":‬هي ار " معبودة اليونانيين و" دوتا "‪ ،‬بمعنى أعطى فاإلسم‬
‫يعني هدية هي ار ‪،‬أو عطاء "هيرا" أبوه يدعى "ليكيس " ‪ LYXES‬و أمه ريو ‪RHEO‬‬
‫لقب بابي التاريخ بإعتباره أول من عالج التاريخ على أنه موضوع بحث علمي بالرغم‬
‫من فلسفته التاريخية الساذجة التي بها الكثير من األخطاء و التي كشف عنها البحث‬
‫العلمي الحديث ‪ ،4‬غير أن لقب أبي التاريخ هذا ال يعني هذا المؤرخ كان أول من‬
‫كتب تاريخيا حتى من بين اإلغريق فقط ‪ ،5‬لكن الحقيقة المتعارف عليها أن فن‬
‫الكتابة التاريخية عند اإلغريق قد ولد ايضا على يد الكاتب ثوكوديدس من بعده والذي‬
‫‪6‬‬
‫لقب بابي النقد التاريخي قياس على لقب هيرودوت ‪.‬‬

‫‪1‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪3‬هيرودوت‪ ،‬تاريخ هيرودوت‪ ،‬مراجعة د‪،‬أحمد السقاف و د‪ :‬حمد بن صراي‪ ،‬المجمع الثقافي‪ ،‬أبوظبي‪ ،3111،‬ص‪.31‬‬
‫‪4‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 21،23‬‬
‫‪5‬هيرودوت‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪6‬عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.21،23‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪ : 8‬ثوكوديدس‬ ‫الشكل ‪: 7‬هيرودوت‬


‫سالطنية عبد المالك ‪,‬المرجع السابق ‪,‬ص ص ‪.21, 39‬‬ ‫المرجع ‪:‬‬

‫كان هيرودوت أول كاتب إستخدم أسلوب النثر في الكتابة األدبية و الفنية متبعا‬
‫أسلوبا تلقائيا سهل القراءة فالتاريخ عند هيرودوت دراسة إجتماعية تختلف عن دراسة‬
‫األساطير أو حكومات تستند على سلطات اآللهة ‪ ،‬كان يروي التاريخ كما يروي الراوي‬
‫حكاياته لجمهور يجهل القراءة وال وسيلة لديه للمعرفة سوى سماع الروايات أو‬
‫مشاهدتها تمثل أمامه في المناسبات واإلحتفاالت الدينية أو يقرأها على جماعة صغيرة‬
‫من المتعلمين المثقفين و هناك من يفسر عدم توسع هيرودوت الى السهو و النسيان‬
‫في خضم عمل كبير و وسط مشقة أو كتابة على لفائف بالغة الطول و ما في ذلك‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫من صعوبة إستعادة ماكان قد كتبه المؤرخ لمراجعته‪ ،‬و إستئناف الرواية بعد إسترداد‬
‫طويل ‪ 1،‬و قدم هيرودوت أعماال متكونة من تسع كتب‪ 2‬و هي كالتالي‪:‬‬

‫الجزء األول ‪ :‬يحمل إسم كليو ‪ ،‬ربة التاريخ ‪.‬‬


‫الجزاء الثاني ‪:‬يحمل إسم يوتربي ‪ ،‬ربة الموسيقي أو العزف على الناي ‪.‬‬
‫الجزء الثالث ‪ :‬يحمل إسم ثاليا ‪ ،‬ربة التراجيد أو المأساة ‪,‬‬
‫الجزء الرابع ‪ :‬يحمل إسم ‪ :‬ميلو ميني ‪ ،‬ربة الكوميديا أو الملهاة ‪.‬‬
‫الجزء الخامس ‪ :‬يحمل إسم ترسبيخوري ‪ ،‬ربة الرقص الغنائي ‪.‬‬
‫الجزء السادس ‪ :‬يحمل إسم " أراثو" ‪ ،‬ربة الشعر أو األناشيد ‪.‬‬
‫الجزء السابع ‪ :‬يحمل إسم ‪ " :‬يحمل إسم " بوليهيمنا " ‪ ،‬ربة فن التمثيل ‪.‬‬
‫الجزء الثامن ‪ :‬يحمل إسم ‪ :‬أورانيا ‪ ،‬ربة الفلك ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الجزء التاسع ‪ :‬يحمل إسم " كالليوبي "‪ ،‬ربة شعر المالحم ‪.‬‬

‫تحدث هيروديت في كتبه عن الحروب الفارسية اإلغريقية ‪ ،‬و مصر و بابل‬


‫معتمدا في ذلك على المشاهدة و الرواية أحيانا‪ ،‬حيث أطلق على كل كتاب من كتبه‬
‫التسعة أسم ربة من ربات الفنون التسع‪.‬‬
‫لذا عد هيرودوت أول مؤرخ جمع المادة العلمية و نقحها مما جعله يعرف باب‬
‫التاريخ في الوقت الذي إنتقده بعض المؤرخين و إتهموه بعدم تقصي الحقائق كما هو‬

‫هيرودوت‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫هيرودوت‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.32 ،33‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشأن عند "ثوكوديدس"‪ 1،‬فيعاب على هيروديت إعتماده على المخبرين و التقاليد‬
‫وتقبله للخوارق و إيمانه بأن األرباب تتدخل دائما في صناعة و توجيه األحداث و كان‬
‫يؤمن بالوحي واألحالم مع كثرة التكرار و عدم الثبات و إيراده أحيانا بعض المعلومات‬
‫الجغرافية الخاطئة‪ ،2‬كما مجد الحرية و أكد في رواياته أن اليونانيين إنتصروا ألنهم‬
‫كانوا يتمتعون بالحرية بينما إنحدر الفرس ألنهم بعيدون عن النظام الديمق ارطي الحر‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫و توفي هيروديت عام ‪ 331‬ق م بعد أن قضى حياته في التنقل و الترحال ‪.‬‬

‫‪ ‬ديودور الصقلي ‪Diodorus :‬‬


‫مؤرخ إغريقي عاش في القرن ‪ 1‬ق م ( ‪ )81،31‬ق م بمدينة أجريوم‪agyrium‬‬
‫احدى المدن القديمة داخل جزيرة صقلية‪ ،‬تناول تاريخ العالم في مؤلف بإسم المكتبة‬
‫التاريخية في ‪ 31‬جزء لم يصلنا منه سوى الخمسة األولى ثم الجزء ‪ 11‬حتى ‪ 31‬أما‬
‫باقي األجزاء فوصل منها مقتطف أورده مؤرخون آخرون ‪ ,4‬أحد مواطني صقلية‬
‫وعاصر يوليوس قيصر و زار مصر ليصف آثارها و يجمع مادة علمية لكتابه ‪ ،‬حيث‬
‫خصص الكتاب األول منها عن مصر‪ ، 5‬و إستمد مادة كتابه من مؤلفات اآلخرين‬
‫الذين سبقوه و إزاء تعدد هذه المصادر و تباينها من حيث رواية األحداث و تواريخها‬
‫و قبول ديودور ذلك كله دون تمحيص فإن كتابه زاخر باإلضطرابات و ال تزيد قيمته‬
‫عن قيمة مصادره ‪.6‬‬

‫‪1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.11،11‬‬


‫هيرودوت‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬

‫عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬وهيب كامل‪ ،‬ديودور الصقلي في مصر‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬القاهرة‪ ،1833 ،‬ص‪.2‬‬
‫عاصم أحمد حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫قال إن دراسة التاريخ تفوق التجربة الفردية ألنها تمتاز بالشواهد الكثيرة و قد رأى‬
‫أن تحصيل المعلومات التاريخية أفيد شيء في الحياة ألنه من التاريخ يتعلم الشباب‬
‫حكمة الشيوخ و يجعل التاريخ المواطن العادي قاد ار على القيادة‪ ،‬و يدفع القادة بأمل‬
‫الشهرة الخالدة إلى تحقيق أنبل الغايات و يجعل الجند أكثر استعداد لمواجهة األخطار‬
‫في سبيل بالدهم ألنه عندما يق أر التاريخ يعلم تاريخ بالده القديم فيدافع عنها بحماس‬
‫أكبر حتى ال يضيع تاريخها ‪.‬‬

‫كما تحدث ديودور عن وظيفة المؤرخ وما يقع عليه من مسؤولية فيقول على‬
‫المؤرخ أن يسرد حوادث الماضي في العالم كله كما لو كان العالم بلدا واحدا فيقدم في‬
‫بحثه ثوابت تاريخية لحوادث الماضي في متناول الجميع ال تفرقة بين البشر‪ ،‬حيث‬
‫ألف ديودور كتابه للعالم أجمع دون تفرقة‪. 1‬‬

‫كان منهج ديودور في كتابه التاريخ يميل إلى التقاط الجوانب الطريقة المثيرة برداء‬
‫أسطوري تختلط فيه الحقائق التاريخية بالخيال فيصعب التمييز بين الحق و الباطل‬
‫لكن هذا ال يمنع من اعتباره كاتب و مؤرخ عظيم كثي ار ما أعتمد عليه من جاء من‬
‫بعده من الكتاب و المؤرخين ‪.2‬‬

‫‪1‬وهيب كامل‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.18 ،19‬‬


‫على فهمي خشيم‪ ،‬نصوص ليبية من هيرودوتس وبليني األكبر وديودورس الصقلي و بروكوبيوس القيصري‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪2‬‬

‫منشورات دار مكتبة الفكر‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،1813 ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫و أمدتنا كتابات ديودور بمعلومات هامة عن الحضور القرطاجي بصقلية و عالقة‬


‫ذلك باإلغريق خاصة سي اركو از في فترة حكم الطاغية اجاثوكليس و حملته الشهيرة على‬
‫‪1‬‬
‫المجال اإلفريقي لقرطاج ‪ 211‬ق م ‪.‬‬

‫كما تحدث عن نشاط قرطاجة في إنشاء المستعمرات فيذكر تأسيسها ‪ IBIZA‬في‬


‫شرقي إسبانيا في القرن ‪ 3‬ق م و تطرق إلى تقديم القرطاجيين ألطفالهم لبعل حامون‬
‫و أشتهر بتشيعه لإلغريق على حساب القرطاجيين فال يتردد في تلفيق الروايات تنديدا‬
‫‪2‬‬
‫لهم و بحضاراتهم ‪.‬‬

‫توفي ديودور الصقلي عام ‪ ، 21‬ق م تقريبا و الدليل على ذلك أنه لم يشير إلى‬
‫الصراع بين أنطونيو و أغسطس و ال إلى بوادر قيام الحرب األهلية بينهما ألنه كان‬
‫شديد اإلعجاب باإلمبراطورية الرومانية ومن المرجع أنه توفي في الفترة بين ‪21،21‬‬
‫ق م و الدليل على ذلك قوله أن المقدونيين آخر من حكموا مصر‪. 3‬‬

‫‪1‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪2‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪3‬وهيب كامل‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪ : 9‬ديودور الصقلي‬


‫المرجع ‪www.google-images.com :‬‬

‫‪ ‬بوليبيوس ‪POLYBUIS:‬‬
‫مؤرخ يوناني عاش في الفترة الممتدة ما بين ‪ 133 – 313‬ق م ‪ ،‬ينتمي إلى‬
‫وسط أرستقراطي من أركاديا ‪ARCADIA‬التي نظمت للكون فيدرالية اآلخية‪ ،‬و التي‬
‫تمثل آخر أشكال التحالف اإلغريقي ضد التوسع الروماني‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫وحظيت عائلته بمهام سياسية وعسكرية وتولى منصب قائد الخيالة إثر الحرب‬
‫المقدونية الثالثة‪ ، 1‬حيث سقطت بها مقدونيا و نقل ألف أسير إغريقي إلى روما وكان‬
‫من بينهم بوليبوس‪. 2‬‬
‫وطد عالقاته مع القادة الرومان و إطلع أكثر على السياسة الرومانية وخباياها‪،‬‬
‫‪3‬وكان مطلع على االتفاقيات التي جرت بين روما و قرطاجة‪ ،‬و التي من بينها‬
‫المعاهدة األولى سنة ‪ 118‬ق م و التي نقشت على صفائح نحاسية و قال أنه رأى‬
‫تلك الصفائح و ق أر محتواها‪ ،‬كما تطرق إلى المراحل األولى من تاريخ الجمهورية‬
‫الرومانية و استعراضه لعالقاتها مع قرطاج و المعاهدات و أهتم بالحرب الثالثة‪،‬‬
‫وسقوط قرطاجة خاصة حيث عاين حصارها في سنته األخيرة برفقة القنصل سقييو‬
‫األميلي قائد القوات الرومانية و نقل الشهادات الشفوية‪.‬‬
‫جاء في حديثه عن دستور قرطاج" ‪ ...‬واحد من أفضل الدساتير في العالم و األفضل‬
‫‪4‬‬
‫خارج اليونان‪ "...‬حيث جعل اليونان معيا ار في الحكم‪.‬‬
‫جاء بوليبيوس بتبرير التاريخ و ذلك حين جيء به إلى روما كرهينة في سنة‬
‫‪ 119‬ق م فعوض كصديق و أطلق صراحة سنة ‪ 131‬ق م و عاش صديق ألدباء‬
‫ومفكرين رومان و جعل من نفسه أول منظر للدستور الروماني في كتابه " التواريخ "‬
‫‪5‬‬
‫و فيه حلل الدولة الرومانية ‪.‬‬
‫يعتبر أن كل نظام يتضمن في داخله عوامل فساده و انحالله و كل واحد منها‬
‫ال يصلح في حد ذاته ليكون نظاما للدولة الصالحة لذلك البد من المزج بين هذه‬

‫‪1‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.21،21‬‬ ‫‪4‬‬

‫جان توشار‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي‪ ،‬ت ‪ :‬على مقلد‪ ،‬ط ‪ ،3‬الدار العالمية للطباعة ‪ ،1892،‬ص‪.18‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫األنظمة و الحفاظ على التوازن بينهما بواسطة القوى المضادة وهنا يظهر أثر أرسطو‬
‫و أفالطون فيه ‪.‬‬
‫ألف بوليبيوس ‪ 31‬كتاب و لم يبقى منه كتبه التي يتناول فيها التاريخ العالمي‬
‫سوى ‪ 11‬كتب و بقيت مقاطع هامة في الكتاب السادس‪ 1‬درس من خاللها الفترة‬
‫الواقعة بين ‪ 331،131‬ق م إذ يعتبر مؤرخ الحروب البونية بحكم الظروف التاريخية‬
‫التي عاشها ضمن الصراع الروماني القرطاجي‪ ، 2‬ما يؤخذ على بوليبوس هو إعتماده‬
‫على تاريخ تيمايوس المؤرخ اليوناني الذي عاش في أواخر القرن ‪ 3‬ق م في صقلية‬
‫حيث كان معاص ار لألحداث التي رواها و على دراية بقرطاجة ‪ ،3‬ذاك ار أن تأسيس‬
‫روما في السنة ‪ 29‬قبل األولمبياد و قد إعتمد المؤرخون على ذلك في التقدير في‬
‫تواريخهم ألحداث العاصمة البونية و أن تأسيس قرطاج سبق مدينة كوماي اإلغريقية‬
‫بحوالي ‪ 11‬سنة ‪ ،4‬وبذلك عد بوليبيوس مصد ار هاما في دراسة جوانب كثيرة من تاريخ‬
‫‪5‬‬
‫قرطاج ومؤسساتها ونظامها السياسي مكمال ألرسطو ‪.‬‬

‫‪1‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 21‬‬


‫سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬أحمد الفرجاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪4‬‬
‫‪Warnington (B.H) ,carthage ,peliconbooks london , 1964,p74.‬‬
‫‪5‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪ : 10‬بوليبيوس‬

‫المرجع ‪www.google-images.com :‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المؤرخون الرومان‬


‫‪ ‬تيتيوس ليويوس ‪titiuslivius:‬‬
‫مؤرخ روماني عاش في الفترة الممتدة مابين ‪ 18‬ق م و ‪ ،13‬م وضع كتابه‬
‫التاريخ الروماني الذي يتكون من ‪ 133‬جزء و لم يصلنا منها غير ‪21‬جزء فقط قدم لنا‬
‫من خالله األحداث التاريخية منذ األزمنة الغابرة ‪ ،‬كما قدم جزءا هاما من تاريخ‬
‫قرطاجة السيما حدودها مع روما معتمدا في ذلك على بوليبيوس كمصدر‪ ،1‬إهتم في‬
‫البداية باألدب والخطابة والفلسفة وتحديدا المدرسة الرواقية‪l’école stoicienne‬‬
‫وكتب محاوالت في االخالق قبل أن يتفرغ إبتداءا من سنة ‪ 31‬ق م لكتابة تاريخ جامع‬
‫لروما منذ نشأتها حتى السنة ‪ 88‬ق م ‪ aburbeconditalibri‬في ‪ 133‬كتاب بقي‬

‫‪1‬أحمد الفرجاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫منها ‪ ،21‬ومقتطفات من بقية الكتب واحتفظ بالبعض منها في صيغة مختصرات‬


‫‪ perochae‬و إتصف بعدم الموضوعية في ذكره ألخبار األفارقة حيث وصفهم بجنس‬
‫فطر على النفاق و الخداع ‪ ،‬وهو ماجعل بعض المؤرخين يرون ضرورة التعامل معه‬
‫بحذر حيث أنه من الم آخذ التي أخذت عليه أنه كلما تعلق األمر بمواطن مبالغة أو‬
‫تحيز معلن و يالحظ عليه غياب الفضول الجغرافي معتمدا األسلوب الخطابي في‬
‫كتابه التاريخ و هو إختيار منسجم مع ثقافة الرومان وتحديدا الفئات التي تعتمد المعرفة‬
‫‪1‬‬
‫الشفوية فهو يولون أهمية قصوى للشكل األدبي ‪.‬‬

‫عرف بإستقالليته و ميوله للنظام الجمهوي‪ ،‬و يشترك مع المفكرين اإلغريق في‬
‫الربط بين العقل و الفضيلة و يرى في القيم التقليدية الرومانية سبب نجاح روما‬
‫وتفوقها ‪2‬و يعبر بوضوح إعت اززه بتدوين منجزات شعب هو سيد العالم‪ ،‬وكان أحيانا‬
‫يمجد شخصية حنبعل و يصفه بالرجل المتطلع الذي يحث جنوده على المضي قدما‬
‫لإلستيالء على روما بعد معارك قليلة و يصف حنبعل بأنه أول من يدخل المعركة‬
‫وآخر من يخرج من الميدان كما أنه في الوقت الذي يتحدث عن حنبعل يورد كثي ار من‬
‫المعلومات عن العالقات التجارية بين صور و قرطاجة ‪ ،3‬ومهما تكن المعطيات‬
‫التاريخية التي أوردها فإنه يمكن اإلستفادة منها في العديد من الجوانب التاريخية من‬
‫أخبار وأحداث ‪.‬‬

‫‪1‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬سالطنية عبد المالك ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.38،11‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الشكل ‪ : 11‬تيتيوس ليفيوس‬

‫سالطنية عبد المالك‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص ‪.11‬‬ ‫المرجع ‪:‬‬

‫‪ ‬بوستينوس ‪Marrcusjuniusgustins:‬‬
‫مؤرخ روماني عاش خالل القرن ‪ 3‬م ‪ ،‬كتب ما يقارب ‪ 33‬مقالة بعنوان‬
‫التواريخ الفيليبية‪ ،‬و هو كتاب ينتهي بغزو الرومان للمشرق ‪ ،‬قام بتلخيص التاريخ‬
‫العالمي المعروف بالتاريخ الفليبي‪historiaephilippice‬لتروقوس بومبيوس ‪trague‬‬
‫‪pompée‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫و هو أصيل فازيو‪ vasio‬بمقاطعة جاليا الناربونية ‪ gallianarbonensis ،‬ومعاصر‬


‫لإلمبراطور أغسطس ( ‪ 33‬ق م ‪ 13،‬م ) و يمدنا تلخيصه بالرواية األكثر إكتماال‬
‫لتأسيس قرطاج و بداية التوسع القرطاجي‪ ،‬في فترة القادة الماجونيين و متناوال بالتحديد‬
‫‪1‬‬
‫حمالت اإلسكندر المقدوني على فينيقيا و مدينة صور ‪.‬‬
‫تحدث عن األميرة عليسة التي فرت من صور بعد صراع مع السلطة أخيها‬
‫بيقماليون مؤسسة ألعظم مستوطنة ( قرطاجة ) و التي وصلت من السكان المحليين‬
‫على أرض كبيرة بعد حيلة جلد الثور الذي قطعته الى شرائح رقيقة تستعمل في قياس‬
‫المساحة ‪ ،2‬حيث أقنعت السكان بأن األرض التي تريدها ال تزيد عن مساحته ثم‬
‫قطعته إلى شرائح رفيعة أحاطت بها االرض التي أ اردتها و التي اصبحت فيما بعد‬
‫‪3‬‬
‫أرض يدفع الفينيقيون ضريبتها السنوية إلى أصحابها المغاربة القدماء ‪.‬‬
‫قدم لنا المعلومات حول عالقة قرطاجة بالفرس من خالل العاهل الفارسي‬
‫داريوس‪ darius‬الذي كان أشار اليه بوستينوس طالبا من قرطاجة مساندته ضد‬
‫اليونان وطالبا منها في نفس الوقت أيضا االمتناع عن تقديم الذبائح البشرية لآللهة‬
‫‪4‬‬
‫ومن أكل لحم الكالب و ذفن الموتى بل حرقهم ‪.‬‬

‫‪ ‬شيشرون ‪ 106643 ( cicéron:‬ق م )‬


‫ماركوس توليوس شيشرون‪marcustulliuscicéron‬الكاتب الروماني و خطيب‬
‫روما المميز ولد سنة ‪ 111‬ق م ‪,‬صاحب انتاج ضخم يعد نموذجا مرجعيا للتعبير‬

‫سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪3‬هنري‪ ،‬س‪ ،‬عبود‪ ،‬معجم الحضارات السامية‪ ،‬بيروت‪ ،1899 ،‬ص ص ‪.133،132‬‬
‫‪4‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11،13‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و اإلغريق‬

‫الالتيني الكالسيكي ألف حوالي ‪ 911‬خطبة و ‪ 3‬مؤلفات و حوالي ‪ 31‬كتاب في‬


‫الفلسفة كما أطلع على أعمال هيروديت‪، 1‬كما أشار كثي ار في كتاباته الى يوغرطة ‪,‬‬
‫إنتقد اليادة هوميروس معتب ار ما أورده هوميروس لم يكن نتيجة سفر أو ترحال وانما‬
‫كان يروي ما رواه الفينيقيون الذين كانوا قد سيطروا على ليبيا‪ 2‬و شبه جزيرة ايبيريا‬
‫(إسبانيا و إفريقيا الشمالية ) ‪.‬‬
‫وتكمن أهمية شيشرون و مكانته في المجال السياسي وكذاعلى صعيد اللغة‬
‫واألدب إذ أنه صار بخطبه و كتاباته البالغية و السياسية مبدع النثر الفني الالتيني‬
‫‪3‬‬
‫ومثله األعلى ‪.‬‬

‫الشكل ‪ : 12‬شيشرون‬

‫سالطنية عبد المالك‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪31‬‬ ‫المرجع ‪:‬‬

‫‪1‬ليلى الصباغ‪ ،‬دراسة في منهجية البحث التاريخي‪ ,‬ط‪ ،3‬دمشق‪ ،1882 ،‬ص‪. 19‬‬
‫‪ 2‬اطلق هيرودوت مصطلح ليبيا على كل القارة الثالثة للعالم القديم و هي تضم المنطقة الممتدة بين حدود مصر الغربية الى‬
‫راس سولويس ‪ .‬للمزيد انظر ‪herodote . histoire . traduit par PH .E.legrand . 5em edition , les‬‬
‫‪belles letters ,paris,1972,p197.‬‬
‫سالطنية عبد المالك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫بدأ الصراع القرطاجي اإلغريقي المباشر مع بداية القرن ‪ 6‬ق م و لم ينته حتى نهاية‬
‫الربع األول من القرن ‪ 3‬ق م ‪ ،‬مر بثالث مراحل رئيسية إعتبرت الخطوط الفاصلة في هذا‬
‫الصراع حيث إرتبطت بظهور الطغاة اإلغريق الذين حكموا سيراكو از‪ 1،‬حيث فكروا في نشر‬
‫سيادتهم على الجزيرة الكبيرة و القضاء على القرطاجيين و كان اإلستيالء على سيراكو از‬
‫مقدمة للحرب ضد قرطاجة‪.2‬‬
‫بدأت المرحلة األولى من هذا الصراع مع تولى الطاغية جيلون حكم سيراكو از و ميزتها‬
‫معركة هيمي ار سنة ‪ 084‬ق م‪ ،‬بينما بدأت المرحلة الثانية مع نهاية القرن ‪ 5‬ق م و إستمرت‬
‫حيث ساد الهدوء‬ ‫و تميزت بظهور الطاغية ديونيسيوس الكبير الذي عام ‪ 368‬ق م‬
‫العالقات القرطاجية اإلغريقية فترة من الزمن‪ ,‬بينما المرحلة الثالثة مع نهاية القرن ‪ 0‬ق م‬
‫بتولي أجاتوكليس عرش سيراكو از و إستمرت حتى وفاته في الربع االول من القرن ‪ 3‬ق م‪,‬‬
‫حيث حاول هيرون أحد الملوك اإلغريق مواصلة الصراع ضد قرطاجة إال أنه فشل في القيام‬
‫بالمهمة و فر تاركا الساحة لصراع جديد بدأ على المنطقة‪ ،‬و هو الصراع القرطاجي‬
‫الروماني الذي عرف فيما بعد بالحروب البونية الثالث‪3 ،‬و خالل الحروب القرطاجية‬
‫‪4‬‬
‫اإلغريقية نشطت بينهم تجارة قوية على أرض صقلية ‪.‬‬

‫‪1‬مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬الصراع القرطاجي اإلغريقي‪ ،‬مجلس ثقافة العامة ‪ ،‬طرابلس‪ ،8448،‬ص ‪.430‬‬
‫‪2‬أصطيفان اكصيل ‪ ،‬تاريخ شمال افريقيا القديم‪ ،‬ت محمد التاري سعود‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.8‬‬
‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.435‬‬ ‫‪3‬‬

‫فرانسوا ديكريه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ت ‪ :‬عز الدين أحمد عزو‪ ،‬األهالي للطباعة و النشر و التوزيع‪،4996 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫ص ‪.446‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫المبحث االول ‪ :‬بداية التصادم القرطاجي االغريقي‬


‫المطلب األول ‪:‬الوجود القرطاجي اإلغريقي بصقلية‬
‫شكلت صقلية بؤرة التصادم بين قرطاجة و اإلغريق نتيجة لطبيعة المنافسة البحرية‬
‫في غربي المتوسط ‪,‬و إمتد عبر القرن ‪ 5‬و ‪ 0‬ق م فكان إمتالك هذه الجزيرة يجعل من‬
‫مالكها سيدا على البحر األبيض المتوسط‪ ،1‬و قد تركز بالمنطقة سابقا اإلستيطان الفينيقي‬
‫ومنه تغلغل القرطاجيون بالمنطقة‪ ،2‬حيث مثلت لهم ضرورة إستراتيجية إلستمرار التجارة بين‬
‫الشرق و الغرب كما مثلت لها سوقا جامعة مشتركة يلتقي فيها التجار اإلغريق و الفينيقيون‬
‫و االتروسك و الرومان فيما بعد فكانت المركز التجاري المهم و السوق الرائجة لتصريف‬
‫البضائع الرقطاجية كماأن جغرافيتها تعتبر نقطة مهمة على الطريق الواصلة بين قرطاجة‬
‫‪3‬‬
‫وسردينيا فعملت بقوة على حضورها بالجزيرة ‪.‬‬

‫الشكل ‪ : 13‬جزيرة صقلية‬


‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫‪1‬أصطيفان اكصيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 7‬‬


‫فرانسوا ديكرايه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ص ‪.445‬‬ ‫‪2‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫و نستطيع القول أن الدافع نفسه عند اإلغريق و هو التجارة إضافة إلى التوسع حيث‬
‫جاء هذا التوسع اليوناني نتيجة السباق المحموم بين المدن اإلغريقية في بحر إيجه من أجل‬
‫السيطرة‪ ،1‬و تعتبر بذلك التجارة أهم دافع وراء توسع االغريق وراء البحار‪2,‬كما أن الدارس‬
‫لجغرافية بالد االغريق يجد أن معظمها جزر صغيرة متناثرة في البحر ال تكفي إلستعاب‬
‫الجماعات البشرية‪ ,‬كما أن مستوطناتها في الغالب دائمة تحتاج الى أرض لإلستقرار وليست‬
‫كالمراكز الفينيقية و القرطاجية التجارية التي تحتاج الى بقاء المواطنين األصليين لترويج‬
‫‪3‬‬
‫بضاعتها ‪.‬‬

‫الشكل‪ : 14‬الطرق التجارية القرطاجية‬


‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫حسين عاصم أحمد‪ ،,‬تاريخ وحضارة اإلغريق‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪1‬‬

‫بكري‪ ،‬حسن صبحي‪ ،‬اإلغريق و الرومان و الشرق اإلغريقي الروماني‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،4980،‬ص ‪.85‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.48‬‬ ‫مكاوي فوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫حاول الطرفان التوسع على حساب المنطقة بإنشاء المستوطنات و التنافس في ذلك‪,‬‬
‫فأسس القرطاجيون عديد المستوطنات ومنها موتينا التي شهدت بعض اإلستقالل اإلقتصادي‬
‫و السياسي عن قرطاجة نفسها في بعض األحيان ‪,‬ومثلت نقطة االرتكاز اإلقتصادي في‬
‫الجزيرة فعرفت بها صناعة مزدهرة أبرزها صناعة النسيج و منشآت اقتصادية و كانت موتينا‬
‫‪1‬‬
‫عبارة عن سوق أو محطة لترويج البضائع القرطاجية ‪.‬‬
‫فكان على اإلغريق أن يواجهوا جيرانهم األهالي قبل أن يلتفتوا لخصومهم المبعدين‬
‫‪2,‬وفي إطار توسعهم غرب البحر االبيض المتوسط مع بداية القرن ‪ 8‬ق م أسسوا مستوطنة‬
‫ناكسوس عام ‪ 730‬ق م على الساحل الشرقي للجزيرة ثم مستوطنة زراعية ‪.‬‬

‫الشكل‪ : 15‬ناكسوس اليونانية‬


‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬ ‫‪1‬‬

‫أصطيفان اكصيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫حيث كانت مسرحا ألعنف معركة بين اإلغريق و القرطاجيين في بداية القرن ‪ 5‬ق م‬
‫و تعتبر آخر مستوطنة أغريقية على الساحل الشمالي للجزيرة‪ ,‬كما مثلت حلقة الوصل في‬
‫فأثناء الصراع‬ ‫‪1‬‬
‫المبادالت التجارية بين الطرفين إضافة الى أشهر مستوطنة وهي سيراكو از‬
‫‪2‬‬
‫القرطاجي مع االغريق كانت لهم القاعدة السياسية ‪.‬‬

‫الشكل‪ : 16‬وسط سيراكو از التاريخي‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫فاسست العديد من المستعمرات و شملت جنوب ايطاليا و معظم جزيرة صقلية‪ ،‬وساعدها‬
‫في ذ لك قرب المساحة و عدم وجود عوائق جبلية و مواجهتها للبالد االغريقية بينما شكلت‬

‫مفتاح محمد سعد البركي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪443‬ـ‪. 447 ,‬‬ ‫‪1‬‬

‫فرانسوا ديكرايه ‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر ‪ ،‬ص‪. 445‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫المراكز الفينيقية بالمنطقة أهم المراكز التي استندت اليها اإلمبراطورية القرطاجية في فرض‬
‫سيطرتها ومواجهة أعداءها في الخارج ‪,‬حيث شملت زعامة النفوذ الفينيقي و لعبت هذه‬
‫المستوطنات دو ار هاما في الصراع حيث كانت صقلية المسرح الرئيسي فقدمت العون‬
‫لقرطاجة و تلقت الضربات العسكرية اليونانية و دافعت عنها أمام الغزو الروماني فيما بعد‬
‫‪1‬‬
‫عقب الحرب البونية األولى خالل القرن ‪ 3‬ق م ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تضارب المصالح و بداية التصادم‬

‫مع بداية القرن ‪ 8‬ق م تسرب الوجود اإلغريقي غربا الى جزيرة صقلية حيث المراكز‬
‫التجارية الفينيقية على الساحل الجنوبي الشرقي للجزيرة ‪ ،2‬فتوجه اإلغريق في البداية الى‬
‫المناطق التي لم يكن بها مستوطنات فينقية مثل جنوب إيطاليا و كورسيكا و بالد غالة وكذا‬
‫برقة‪3 ،‬و جاء الوجود اإلغريقي بكثافة على هيئة مجموعات إستيطانية يستولون على أفضل‬
‫الموانىء و سرعان ما إنتشروا الى الداخل مسيطرين على أخصب السهول و أفضل‬
‫األراضي الزراعية بعد طرد سكانها المحليين فكان إستعمار استيطاني بمعنى الكلمة و لذلك‬
‫لم يقاوم الفينيقيون هذه الموجات في بادىء األمر و انسحبوا أمامهم مفسحين المجال لهم‬
‫‪4‬‬
‫لتأسيس مستوطانهم و يعود ذلك إلى طبيعة الفينيقيين المسالمة وكذا قلة عددهم ‪.‬‬
‫و بالمقابل كان إمتالك صقلية سيجعل الفينيقيين تحت زعامة قرطاجة سادة على البحر‬
‫المتوسط حيث أنشأوا مستوطنات بغرب الجزيرة كانت تابعة لقرطاجة ‪ 5،‬فكان اإلستيطان‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.09،97‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد الهادي حارش‪ ،‬التاريخ المغاربي القديم السياسي و الحضاري ‪ :‬منذ فجر التاريخ الى الفتح االسالمي‪ ،‬المؤسسة‬ ‫‪3‬‬

‫الجزائرية‪ ،4998،‬ص‪.54‬‬
‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.483‬‬ ‫‪4‬‬

‫أصطيفان اكصيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫الفينيقي قد تركز قبل زمن في صقلية لكن القرطاجيين لم يتمكنوا من اإلستق ارر إال في جزء‬
‫صغير من شبه الجزيرة حيث كشف عن عدد كبير من القطع األثرية في مواقع أخرى تدل‬
‫على وجود القرطاجيين مثل جبل إيريكس ‪ Eryx.‬على الطرف الغربي للجزيرة‪. 1‬‬

‫الشكل‪ : 17‬جبل اريكس ‪Eryx‬‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫إستمرت العالقة بين الطرفين بالود و السالم فترة من الزمن في بادىء األمر على‬
‫الرغم من كثافة الهجرات اإلغريقية‪ ،2‬الى حين تحول أطماع الطرفين الى صقلية هذه الجزيرة‬
‫اإلستراتيجية و التي إستولى على شواطئها العديد من المستوطنات و أسس القرطاجيون‬
‫مستوطنة ماساليا في بالد غالة على مدخل الرون و هو ما أدى إلى حدوث تقارب بين‬

‫فرانسوا ديكرايه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ص ‪.445‬‬ ‫‪1‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪123‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫القرطاجيين و األتروريين للوقوف في وجه اإلغريق‪ ،‬فكان رد الفعل القرطاجي هو االخر‬


‫بتأسيس مستوطنات ومحاولة الحد من النفود االغريقي‪ ،1‬حيث أن اإلغريق ما أن ثبتوا‬
‫اقدامهم حتى أصبحوا يتوقون الى بسط سيطرتهم على طريق سردينيا على غرب البحر‬
‫المتوسط من خالل السيطرة على الطرق التجارية و الوصول الى شبه جزيرة إيبيريا عن‬
‫طريق سردينيا مصدر الثراء في العالم الشرقي وهذا ما لم يسمح به الفينيقيون تحت راية‬
‫عاصمتهم قرطاجة ومن هنا بدأت بوادر الصراع تلوح في األفق و بدأت العالقات تتجه‬
‫‪2‬‬
‫نحو الحرب مع بداية القرن ‪ 6‬ق م ‪.‬‬

‫الشكل‪sardinia : 18‬‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫‪.54‬‬ ‫‪ 1‬محمد الهادي حارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬


‫‪.‬‬ ‫عبد العليم‪ ,‬رجب محمد ‪,‬الموسوعة االفريقية‪ ,،‬لمحات تاريخ القارة االفريقية‪ ،‬مج ‪،4977 ،8‬ـ ص‪48‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫خالل هذه الفترة نشط القرطاجيون بتوسيع تجارة قوية مع صقلية اإلغريقية‪1 ,‬حيث كان‬
‫اال تفاق العام بين اليونان و الرومان أن قرطاجة إعتمدت على التجارة أكثر من أي مدينة‬
‫أخرى وكانت الصورة المنطبعة في إذهانهم عن القرطاجي األصيل هي أنه تاجر بطبيعته‬
‫وأن قرطاجة كانت أغنى مدينة في عالم البحر األبيض المتوسط‪ 2،‬فكان بإستطاعة قرطاجة‬
‫أن تمد في كافة أرجاء الجزيرة شبكة من المراكز التجارية ‪ emparia‬و خصوصا على طول‬
‫الساحل الجنوبي الغربي برغبة السيطرة التامة على مجمل اراضي هذه الجزيرة التي كانت‬
‫‪3‬‬
‫تتمتع بأهمية عظيمة من اجل إستمرار سيطرتهم على البحر المتوسط‪.‬‬
‫و للحفاظ على إحتكار الموارد الطبيعية في مناطق البحر المتوسط أنشاوا العديد من‬
‫المستوطنات و كان الخام المطلوب هو الفضة و القصدير والنحاس‪ ,‬و إحتكرت التجارة‬
‫داخل إمبراطوريتها سواء بإغراق أي سفينة تخرق هذا االحتكار أو بعقد معاهدات تجارية مع‬
‫المنافسين المحتملين‪ ،‬و لم يكن يمكن التمييز في منتجات قرطاج التي لم تجعل لها طابع أو‬
‫ميزة خاصة و هذا ما كان لها مصدر قوة و في المقابل كان على االغريق أن يواجهوا‬
‫جيرانهم األهالي قبل ان يلتفوا لخصومهم المبعدين الى القاصية الغربية لصقلية و فكروا في‬
‫نشر سيادتهم على الجزيرة الكبيرة و القضاء على القرطاجيين و كان االستيالء على سيراكو از‬
‫مقدمة للحرب ضد قرطاجة التي مثلت قاعدة سياسية للقرطاجيين أثناء صراعهم مع‬
‫االغريق‪ .‬و ش اررة الصراع األولى كانت بين السكان المحليين و االغريق اشعلت فتيل األزمة‬
‫و إستغلها الطرفان‪ ،‬فسعى اإلغريق الى إيجاد مستوطنات دائمة في الجزيرة و طرد السكان‬
‫المحليين لتصبح بذلك جزيرة صقلية إغريقية‪ ، 4‬فحاول أحد المغامرين إنشاء مستعمرة‬

‫فرانسوا ديكرايه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ص ‪.447‬‬ ‫‪1‬‬

‫جمال مختار‪ ،‬تاريخ إفريقيا العام‪ ،‬ت ‪ :‬السيد أحمد عبد الرحيم‪ ،‬مصطفى و أخرون‪ ،‬مج ‪ , 3‬جن أفريك‪ ،‬اليونسكو‪ ،‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.068‬‬
‫فرانسوا دوكريه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ص ‪.445‬‬ ‫‪3‬‬

‫بكري‪ ،‬حسن صبحي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫جديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة له في غرب جزيرة صقلية و كان يدعى فستاتالوس و هزم من قبل الفينيقيين‬
‫‪1‬‬
‫في الجزيرة بدعم من القرطاجيين سنة ‪ 584‬ق م ‪.‬‬
‫و بالرغم من تأسيس القرطاجيين للعديد من المستوطنات داخل الجزيرة إال أنهم لم‬
‫يتمكنوا من إخضاع جميع السكان األصليين فيقول ديودور الصقلي "‪....‬رغم أن القرطاجيين‬
‫كانوا في أوج قوتهم و أصبحوا سادة هذه الجزيرة إال أنهم لم يتمكنوا من إخضاع سادتها‬
‫السابقين" ‪2‬فإستطاع االغريق االمساك بزمام األمور في جزيرة صقلية و بسط سيطرتهم على‬
‫معظم أرجاءها مع بداية القرن ‪ 5‬ق م وهنا شعر القرطاجيون أن الوجود االغريقي يهدف‬
‫إلى أبعد من اإلستيطان و أن طرقهم التجارية في خطر نتيجة أعمال القرصنة باالضافة الى‬
‫الخطر المحدق على مصادر ثروتهم و لم يبقى أمامهم سوى الدفاع عن انفسهم و تحطيم‬
‫خصومهم بشتى الطرق و الوسائل فقرروا وقف الزحف االغريقي و زادوا من وجودهم في‬
‫غرب صقلية و إزدادت مراكزهم في جزيرة سردينيا و سارع القرطاجيون إلى تاسيس مستعمرة‬
‫‪3‬‬
‫ايب از لحماية مصالحهم‪.‬‬
‫و يذكر سالوست أن الصراع قد إمتد حتى أصبح بين قورينا و قرطاجة و كان محوره‬
‫‪4‬‬
‫مناطق نفوذ في منطقة خليج السرت الكبير‪.‬‬
‫و مع بداية القرن ‪ 6‬ق م كان أول صدام عسكري مباشر في حملة ارسلتها الدولة‬
‫القرطاجية الى صقلية هزموا فيها االغريق ثم تحولت الحملة الى جزيرة سردينيا لبسط سيطرة‬
‫قرطاجة المباشرة هناك ‪ ،‬ثم أعقبتها صدمات أخرى أهمها‪:‬‬

‫‪ 1‬فنطر محمد حسين‪ ،‬الفينيقيون بناة المتوسط‪ ،‬اليف‪ ،‬منشورات البحر االبيض المتوسط‪ ،‬منشورات توبقال‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪ ،4998‬ص ‪.00‬‬
‫فرانسوا دوكريه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ص‪. 446‬‬ ‫‪2‬‬

‫فنطر محمد حسين‪ ،‬الفينيقيون بناة المتوسط‪ ،‬ص ‪.448‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالوست‪ ،‬حرب يوغرطة‪ ،‬صفحات من تاريخ شمال إفريقيا القديم‪ ،‬ت ‪ :‬محمد النازي سعود‪ ،‬مطبعة محمد الخامس‬ ‫‪4‬‬

‫الجامعية الثقافية‪ ،‬فاس‪ ،4979 ،‬ص ‪468‬‬


‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫معركة االليا ‪ 535‬ق م و التي تحالف فيها القرطاجيون مع االتروسك و هم شعب جاؤوا من‬
‫ضفاف مدخل الدردنيل ‪ ,‬استطاع هاذا الشعب ان ينشا حضارة زاهرة لها خصائصها في‬
‫الوسط االيطالي و بتحالفهم مع القرطاجيين استطاعوا ان يهزموا االغريق‪ ،‬ثم معركة هيمي ار‬
‫‪ 084‬ق م و في واقع األمر ان الصراع االغريقي على الرغم من تركزه في صقلية إلى أنه‬
‫‪1‬‬
‫كان أكثر شمولية فشمل شمال إفريقيا ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬مراحل الصراع‬


‫‪ 536،336‬ق م‬
‫وقعت هذه الحروب بين اليونان و قرطاجة و دامت عدة سنوات تتخللها هدنات قصيرة‬
‫األجل‪ ,‬في سنة ‪ 536‬ق م وضعت قرطاجة قدمها بصقلية بقصد فتحها و أرسلت إليها‬
‫جنودا كثيرة و لكنهم انهزموا ‪ ,‬ولكن مع ذلك توالت حروبها و في أواخر القرن ‪ 5‬ق م فتحت‬
‫نحو ثلث صقلية بقيادة حنبعل و حملكون من أسرة حنون و ختمت المعارك بعقد هدنة بين‬
‫‪2‬‬
‫قرطاج وديونسيوس أمير سيراكو از سنة ‪ 040‬ق م‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم هذا الصراع إلى ثالثة مراحل‪:‬‬

‫المطلب االول‪:‬المرحلة األولـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى‪:‬‬


‫لم يكد ينتهي النصف الثاني من القرن ‪ 6‬ق م حتى أصبحت قرطاجة معنية تماما‬
‫باألوضاع السياسية في جزيرة صقلية بعد أن ظهر جليا أن اإلغريق كانوا يسعون إلى فرض‬
‫سيطرتهم التامة عليها و أصبح لزاما عليها التدخل مباشرة في شؤون الجزيرة الداخلية من‬
‫‪3‬‬
‫أجل حمايتها ‪.‬‬

‫‪1‬مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.487،848‬‬


‫‪2‬الميلي مبارك بن محمد‪ ،‬تاريخ الجزائر في القديم و الحديث‪،‬ج ‪ ،4‬المؤسسة‪ ,‬ص‪. 407‬‬
‫‪3‬مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.435‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫بدأت قرطاجة بإرسال حمالتها العسكرية منذ بداية القرن ‪ 6‬ق م بداية بحملة مالخوس‬
‫حيث تمكن هذا األخير من االنتصار على اإلغريق في صقلية حوالي سنة ‪ 554‬ق م لكن‬
‫وصول العائلة الماقونية إلى الحكم بعده و التحالف مع األتروريين أسفر عن هزيمة اإلغريق‬
‫في معركة األليا سنة ‪ 535‬ق م بكورسيكا و هو ما أوقف التوسع اإلغريقي بها‪ ،‬و احتفظوا‬
‫‪1‬‬
‫بسرد ينيا و أسسوا بها مستوطنات كراليس ‪ ،‬سولكى ‪ ،‬تاروس ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫ورغم توالي حمالت القرطاجيين إال أن حضورها لم يكن بشكل دائم حيث لم تكن لها‬
‫حاميات عسكرية ثابتة في المنطقة لعدم نظامية تكوين الجيوش القرطاجية حتى القرن ‪5‬‬
‫ق م‪.2‬‬
‫ظلت صقلية تشكل نقطة الصراع الحقيقة بين القرطاجيين و اإلغريق‪ ،3‬ومع بداية القرن‬
‫‪ 5‬ق م وصل الطاغية جيلون إلى حكم مستعمرة سيراكو از بعد وفاة طاغيتها هيبوكراتيس‬
‫ودعم نفوذه بعقد تحالفات مع طغاة آخرين ‪4‬و بسط سيطرته على الجزيرة بحنكة جاعال‬
‫‪5‬‬
‫سيراكو از مركز الثقل اإلغريقي بالمنطقة بالتحالف مع الطاغية أك ار جاس ‪.‬‬
‫عمل على تحصين المستعمرة بقوة عسكرية لمواجهة عدوين قرطاجة في الغرب و أثينا‬
‫كوز في الشرق ‪ ,‬و في ‪ 084‬ق م ثم نشب صراع بين ثيرون‪Théron‬‬
‫العدو اليوناني لسي ار ا‬
‫طاغية أك ار جاس و بين تريلوس‪ térillus‬طاغية هيمي ار حيث حاول ثيرون بسط سيطرته‬
‫على هيمي ار بعد أن ضمن مساعدته لسيراكو از‪6 ،‬حيث تحالف مع ثيرون الذي استولى على‬
‫هيمي ار و طرد تريلوس حليف قرطاجة منها وهو ما كان وراء تدخل هذه األخيرة بعد أن‬

‫محمد الهادي حارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 58‬‬ ‫‪1‬‬

‫لطفي عبد الوهاب‪ ،‬مقدمة في التاريخ الحضاري‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،4994 ،‬ص ‪.453‬‬ ‫يحي‬ ‫‪2‬‬

‫محمد الهادي حارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪3‬‬

‫مكاوي فوزي‪ ،‬تاريخ العالم االغريقي و حضارته منذ اقدم العصور حتى ‪ ،388‬ق م ‪ ،‬المكتب المصري لتوزيع‬ ‫‪4‬‬

‫المطبوعات‪ ،‬القاهرة ‪4999‬م‪ ،‬ص ‪.407‬‬


‫جوليان‪ ،‬شارل أندريه‪ ،‬تاريخ إفريقيا الشمالية‪ ،‬دار نهضة مصر للطباعة و النشر‪ ،4986 ،‬ص ‪.89‬‬ ‫‪5‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫استنجد بها‪ 1،‬حيث كانت تبحث عن ذريعة للحد من تحركات جيليون فأرسلت حملة بقيادة‬
‫حاميلكار و ضمت الحملة أجناسا مختلفة من الرعايا القرطاجيين منهم الفينيقيون و اللوبيون‬
‫‪2‬‬
‫و السردينيون و األيبيريون و الكوسيكيون ‪..‬الخ ‪.‬‬
‫فكان إعالن قرطاج الحرب على اإلغريق عن طريق إرسال قواتها تحت قيادة حاميلكار‬
‫‪ Hamilcar‬مدعما ب ‪ 344‬ألف رجل و تكبد خسائر بسبب سوء األحوال الجوية‪ ،‬فزحف‬
‫ب ار و بح ار على هيمي ار و بدأ بحصار المدينة من الغرب و أنشا خطا دفاعيا للسفن ثم‬
‫التحق جيليون بجيش حليفه ثيرون لمباغتة قوات حاميلكار قبل وصول اإلمدادات وهنا‬
‫استطاع إلحاق الهزيمة بحاميلكار الذي قتل بالمعركة‪ ,3‬و بهذه المعركة انكسرت قوة قرطاجة‬
‫و أدت إلى تغييرات كبرى في سياستها وهي ‪:‬‬
‫‪ :4‬االنفصال النهائي عن الوطن األم‪.‬‬
‫‪ :8‬التنكر مابين (‪ )054 ،075‬ق م للضريبة التي كانت تدفعها لألهالي و شرعت في‬
‫احتالل أراضي المغاربة بعد أن حدت المعركة من نفوذها البحري‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :3‬القيام بالرحالت البحرية الكبرى بحثا عن أراضي و أسواق جديدة‪.‬‬
‫‪ :0‬التوسع في اإلقليم اإلفريقي على حساب اللوبيين‪.‬‬
‫‪ :5‬القيام برحالت استكشافية كرحلة حنون‪.‬‬
‫كانت نتائج المعركة على الصعي دين العسكري و السياسي حيث كسرت شوكة قرطاجة‬
‫العسكرية وزرعت الثقة في نفوس أغريق صقلية خاصة سيراكو از التي أصبحت رأس حربة‬
‫الصراع اإلغريقي القرطاجي‪ ،‬نبهت هذه المعركة القرطاجيين إلى الفضاء اإلفريقي لدعم‬
‫قوتهم االقتصادية و بذلك تقلص النفوذ القرطاجي بصقلية طيلة ‪ 74‬سنة كما ساعدت على‬

‫محمد الهادي حارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪53‬‬ ‫‪1‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.439‬‬ ‫‪3‬‬

‫محمد الهادي حارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 53‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫إنهاء التحالف القرطاجي االتروسكي في معركة االليا ‪ 535‬ق م و أكد توقف القتال حوالي‬
‫‪ 74‬سنة بصفة مؤقتة أن الحرب كانت قاسية على الطرفين فشكلت منعرجا هاما في تاريخ‬
‫الحوض العربي للبحر المتوسط بشكل عام و تاريخ قرطاجة بشكل خاص‪ ،1‬حيث تعتبر ذات‬
‫أهمية بالغة على كافة األصعدة خاصة الصراع المسلح بين القرطاجيين و اإلغريق في‬
‫صقلية ‪.2‬‬

‫الشكل‪battle of himera : 19‬‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.408،403‬‬ ‫‪1‬‬

‫مهران محمد بيومي‪ ،‬المغرب القديم‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكنرية‪ ،4994 ،‬ص ‪.803‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المرحلة الثالثة‬

‫بعد موقعة هيمي ار أصبح الصراع مفتوحا بشكل كامل‪ ،1‬حيث انقضت ‪ 74‬سنة‬
‫قبل أن يتجدد الصراع بين قرطاجة و اإلغريق بسبب استنجاد مدينة سيجيستة‪Ségeste‬‬
‫بقرطاجة التي أرسلت جيشا إلى صقلية‬

‫تمكن الجيش من اقتحام ‪ Sélinonta‬بعد حصار دام ‪ 6‬أيام ‪2‬بجيش حوالي ‪54‬‬
‫ألف رجل و اخترقت الجيوش البونيقية الجزيرة يصحبها جمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهور األهالي حتى‬
‫وصلوا أمام هيمي ار التي قاومت قليال ثم أخذت قه ار و هدمت و أمر حنبعل بذبح‬
‫‪ 3444‬أسير كما إهتم بإنقاذ بعض التحف الفينيقية التي بعث بها إلى إفريقيا ثم سرح‬
‫‪4‬‬
‫جيوشه ‪3‬و هو ما يدعو لالعتقاد أن قرطاجة لم تكن تفكر في توسيع أراضيها‬

‫ثم تجدد الصراع بين الطرفين فأرسلت قرطاجة حملة جديدة سنة ‪ 046‬ق م بقيادة‬
‫قائدين عسكريين هما جنب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعل الذي قاد الحملة األولى و نائب له هو حميلكون ابن‬
‫حنون و قسمت مهام الجيش فأوكلت قيادة القوات البرية إلى جانب القيادة العامة للحملة‬
‫إلى حنبعل و أوكلت مهمة قيادة األسطول إلى حميلكون‪ ،5‬فهاجمت هذه الحملة مدينة‬
‫إقريقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــينية التي سقطت في ‪ 046‬ق م بعد مقاومة دامت ‪ 8‬أشهر و دمرت كثير من‬
‫المدن اإلغريقية في جنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب الجزيرة ‪6 ,‬و فر الكثير من سكان المدينة إلى‬
‫‪7‬‬
‫مدينة جيال ‪.‬‬

‫مهران محمد بيومي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.803‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Gsell histoire ancienne de l’afriquede n ord .tom .1.paris . 1972. p3.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪.9‬‬ ‫‪ 3‬أصطيفان أكصيل‪ ،‬تاريخ شمال افريقيا القديم ‪ ،‬ص‬


‫جمال مختار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.066‬‬ ‫‪4‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.405،406‬‬ ‫‪5‬‬

‫محمد الهادي حارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪6‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.406‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫الشكل‪ : 23‬القائد حنبعل‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫و يشير الكتاب إلى أن القوات القرطاجية دمرت بسبب تفشي وباء الطاعون وكان‬
‫جنبعل إحدى ضحاياه‪ ,‬و اعتبرها القرطاجيون نقمة االهية عليهم فقدموا الضحايا كقرابين‬
‫ألله البحر‪ ،1‬ثم دبر حميلكون لكسر الحصار من خالل االستيالء على مدينة جيال‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.406‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫وهزيمة جيش ديونيسيوس فإتجه شرقا نحو مدينة جيال المعقل التالي لفلول االغريق‬
‫المنهزمة و ألنها تعتبر الخط الدفاعي األخير أمام سيراكو از فقد كانت ترسل لها‬
‫اإلمدادات و التعزيزات بشكل متواصل ومع ذلك إستطاع القرطاجيون فتحها واإلستيالء‬
‫عليها و هنا ظهرت شخصية جديدة هي ديونيسيوس القائد الذي أمتهن حرفة القرصنة‬
‫ضد السفن القرطاجية و األتروسكية بالمنطقة ‪.‬‬

‫رأى ديونيسيوس أن األمور تسير في غير صالح سيراكو از فبادر بالصلح مع‬
‫القرطاجيين وفق شروط‪:‬‬

‫ـ فرض السيادة القرطاجية على مدن ‪:‬سيلينونتم هيميرا‪ ،‬أجريختوم‪ ،‬جيال‪ ،‬فضال عن‬
‫ممتلكاتهم السابقة كما تبقى مفتوحة في وجه السفن القرطاجية ‪.‬‬

‫ـ استقالل مدينة ليوننتي و مدن مسينا و باقي صقلية و لها الخيار في التحالف مع‬
‫قرطاجة بارادتها ‪.‬‬

‫ـ تبقى سيراكو از تحت سيادة ديونسنيوس و يحق لقرطاجة ممارسة التجارة في المدن‬
‫االغريقية واقامة الوكاالت التجارية ‪.1‬‬

‫و ختمت المعارك األولى بعقد الهدنة بين قرطاجة ودونسيوس أمير سيراكو از سنة‬
‫‪2‬‬
‫‪ 040‬ق م‪.‬‬

‫و بإنقاذ سيراكو از من مصير المدن السابقة لها إزدادت شعبية ديونيسيوس ف أروا فيه‬
‫المخلص لهم من السيطرة القرطاجية فوطد نفوذه و إستفاد من الدعم و االمدادات من‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.408،407‬‬ ‫‪1‬‬

‫الميلي‪ ،‬مبارك بن محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.407‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫البالد اإلغريقية‪ ،‬مستغال وقت السلم لبناء قوته العسكرية و كسب أنصاره في صقلية‬
‫فكانت المعاهدة إال محاولة لكسب الوقت من أجل اإلستعداد للحرب حيث إزدادت‬
‫أطماعه بغرض سيطرته على كامل صقلية وتكوين إمبراطورية إغريقية فيها بعد طرد‬
‫القرطاجيين منها‪ ،1‬ففي عام ‪ 398‬ق م إنتهك ديويسيوس المعاهدة من خالل مهاجمة‬
‫معقل القرطاجيين‪ ،‬حيث حاصر مدينة موتيا التي تمثل القاعدة القرطاجية الرئيسية على‬
‫الساحل الصقلي و إستطاع تدميرها بالكامل بعد مقاومة عنيفة و عاث فيها جنوده سلبا‬
‫و نهبا ثم غادرها بعد أن ترك فيها حامية قوية ‪.2‬‬

‫في ‪ 399‬ق م عاد حملكون الى صقلية بجنود كثيرة و إستولى على أكثر جزرها‬
‫وحاصر سيراكو از لكن القدر لم يحالفه حيث أصيب جنوده بالمرض و هزمهم‬
‫ديونيسيوس ب ار و بح ار إنتهى بإتفاق الطرفين على خروج قرطاجة من جميع جزر صقلية‬
‫‪3‬‬
‫و هذا بعد ضعف موقف قرطاجة بسبب ثورات البربر معها ‪.‬‬

‫بعد تجلي الثورات بدا القرطاجيون بإعداد حملة عسكرية كبيرة للرد بقيادة ماغون‬
‫الذي استطاع إستعادة موتيا المدمرة وطرد اإلغريق منها متوجها إلى معاقبة سيراكو از‬
‫عبر مضيق مسينا لمحاصرتها ومنع اإلمدادات عنها وتوالت اإلنتصارات االغريقية بث‬
‫الرعب في ديونسيوس‪.‬‬

‫حيث سيطر القرطاجيون على صقلية بأكملها سنة ‪ 344‬ق م‪ ،‬ثم أعاد التاريخ نفسه‬
‫حيث حل الوباء و الطاعون مرة أخرى بالجيش القرطاجي و استغل ديونيسيوس الكارثة‬
‫و هاجم القوات القرطاجية و ألحق بها الهزيمة و فك الحصار عن سيراكو از واالتفاق‬
‫على ترك بقايا القوات القرطاجية ترحل بسالم مقابل ‪ 344‬تالنت من الفضة وتعويضات‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪409،408‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.409‬‬ ‫‪2‬‬

‫الميلي مبارك بن محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.408‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫حربية أخرى تدفع لديونيسيوس لكن هذا لم يوقف رغبة القرطاجيين في عدم التنازل عن‬
‫مكتسباتهم في صقلية‪ ،‬ثم تجدد الصراع الصراع عام ‪ 398،393‬ق م بدون نتائج‬
‫حاسمة ثم توالت الحمالت و استمرت الحرب بين مد و جزر‪1‬و توفي ماغون وخلفه إبنه‬
‫ماغون الثاني ثم توفي ديونيسيوس سنة ‪ 367‬ق م و خلفه إبنه‪ ،2‬و هذا االخير لم يكن‬
‫م حبا للحرب و حاول كسب ود قرطاجة وحلت فترة سالم إستغلها القرطاجيون لتدعيم‬
‫النفوذ القرطاجي‪ ,‬و بدات حملة جديدة سنة ‪ 338‬ق م عرفت بمعركة كريمسوس إنتصر‬
‫فيها اإلغريق‪ 3‬و هنا ظن ماغون الثاني أنه مغلوب ففر إلى قرطاجة و قتل نفسه إتقاء‬
‫من تعذيب دولته له و بموته وجهت قرطاجة جنودا أخرى لصقلية بقيادة جنبعل و‬
‫حملكار‪ ،‬فإنهزموا أيضا وتم الدور الثالث باتفاق المتضاربين لفائدة صقلية وذلك سنة‬
‫‪4‬‬
‫‪ 338‬ق م‪.‬‬

‫غيرت معركة كريمسوس سياسة قرطاجة تجاه اغريق صقلية فتعمدت الطرق‬
‫السلمية بتنصيب زعماء اغريق على المدن اإلغريقية بما في ذلك سيراكو از و يكونون‬
‫‪5‬‬
‫موالين لها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‬

‫بعد وفاة ثيمولين دخلت سيراكو از في حرب أهلية أشعلها القرطاجيون مستغلة‬
‫أجاثوكليس حيث ولد هذا اإلخير في مدينة ثيرمو في شمال صقلية تحت النفود‬
‫القرطاجي ثم لم يلبث أن إنتقل والده إلى سيراكو از و إتهم بتزعم الحزب الديمقراطي‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 453،458‬‬ ‫‪1‬‬

‫الميلي مبارك بن محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.408‬‬ ‫‪2‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.455‬‬ ‫‪3‬‬

‫الميلي مبارك بن محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.408‬‬ ‫‪4‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.456‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫والسعي الى قلب نظام الحكم فيها فتم طرده من سيراكو از و امتهن الجندية و كون اتباعا‬
‫خاصيين به‪ ،1‬و اوصلته قرطاجة إلى الحكم لتضمن به عدم عداء سيراكو از لها ‪.‬‬

‫ما إن بدأ التنافس بين هيرالكيدس و سوسيتراتوس استولى أجاثوكليس على المدينة‬
‫بدعم بوني و تفوق على خصوصه وعقد إتفاقية مع حاميلكار‪ 2‬تعهد فيها بالوالء‬
‫لحاميلكار و ابرام معاهدات سالم مع بعض المدن االغريقية و بذلك أصبحت له عدة‬
‫إمتيازات في ظل حماية القائد القرطاجي حامليكار‪ ،‬و بعد وفاته انتهج سياسة لبعض‬
‫المدن اإلغريقية المستقلة وأصبح له جيش من المرتزقة و أخذ يعد يشن حرب ضد‬
‫قرطاجة نفسها‪ ،3‬وبإنقالبه على قرطاجه عقب وفاة حامليكار ‪ 343‬ق م بدأ في اإلغارة‬
‫‪4‬‬
‫على مناطق نفوذها و أصبح في حرب مفتوحة ضدها بداية من ‪ 344‬ق م ‪.‬‬

‫بعد أن حاول االستيالء وغزو المدن الخاضعة للقرطاجيين في صقلية أحست‬


‫قرطاجية بالخطر و أرسلت حملة بقيادة حاميلكار ابن جيسكون سنة ‪ 348‬ق م ‪،‬‬
‫وحاصر سيراكو از فأحس أجاثوكليس بالخطر و عاد إلى سيراكو از و نظم المقاومة بها‬
‫لكن قوته لم تكن كافية لمقاولة القرطاجيين و الصمود أمام هذه القوات الزاحفة فكانت‬
‫‪5‬‬
‫خطته البديلة هي غزو قرطاجة نفسها ‪.‬‬

‫في عام ‪ 344‬ق م تحول اجاثوكليس الى الشواطىء االفريقية على رأس أسطول‬
‫صغير مخادعا للقرطاجيين لكن سرعان ما تتبعه القرطاجيون و طاردوه حتى نزل في‬
‫البر بإفريقيا‪ ،6‬فعندما كانت مدينته تحت الحصار قام بمخاطرة ميؤوس منها فأفلت من‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.456‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Gsell , s , ,OP. CIT p ,17.‬‬
‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 457،458‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪The combridge ancient history ,OP. CIT,p ,282/‬‬


‫‪4‬‬

‫الميلي مبارك بن محمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪408‬‬ ‫‪5‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.459‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي اإلغريقي‬

‫االسطول القرطاجي و أنزل ‪ 40‬ألف رجل في رأس اذار و أشعل النار في سفنه وتقدم‬
‫الى قرطاجة و لم تكن بها أي مراكز دفاع قوية أو حاميات و تم تخريب مساحة واسعة‬
‫‪1‬‬
‫في االراضي القرطاجية فاألعوام الثالثة السابقة على إرغامه على الرحيل من إفريقيا ‪،‬‬
‫وكان هدف القائد اإلغريقي أجاثوكليس قطع أمل الفرار على جنوده و بنزوله بإفريقيا‬
‫رأوه مخلصا لهم من السيطرة االغريقية فرحبوا به و إستطاع السيطرة على األراضي‬
‫القرطاجية و هنا إحتاج تمويال ففرض الضرائب على األهالي و سخر كافة مواردهم في‬
‫بقيادة‬ ‫خدمته في حربه ضد قرطاجة فحدث عليه إنقالب‪ ،2‬و تغلب عليه بدعم‬
‫أوفيالس‪ 3‬الذي تمكن أجاثوكليس من قتله فيما بعد و نظم لهجوم آخر منظم ضد‬
‫قرطاجة نفسها و ضيق عليها الخناق سنة ‪ 348‬ق م‪ ،‬ثم عاد الى إفريقيا فوجدها‬
‫مهزومة على يد القرطاجيين ما أضعف عزيمته ثم عاد الى صقلية و عرض إبنه السالم‬
‫على قرطاجة في سنة ‪349‬ق م و تم اإلتفاق على عودة الحدود إلى سابق عهدها‬
‫ورحيل قوات أجاثوكليس عن إفريقيا مقابل تعويضات حربية‪ ،‬و بصقلية تولى دينوكراتس‬
‫قيادة المقاومة و إنشاء إسطول قوي لهزيمة القرطاجيين و عمل على إيجاد تحالفات‬
‫جديدة و إخضاع المدن االغريقية ثم أعلن نفسه ملكا عام ‪ 340‬ق م و ساد السالم‪ ،‬و‬
‫بوفاته إنتهت المرحلة الثالثة واالخيرة من الصراع القرطاجي االغريقي و بدات المنطقة‬
‫تتجه نحو صراع جديد مع روما الذي بدأت أرهاصاته مع ظهور الملك اليوناني‬
‫‪4‬‬
‫بيرهوس في صقلية ‪.‬‬

‫جمال مختار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.067‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Gsell ,s , ,OP. CIT p 35‬‬


‫‪2‬‬

‫‪.93‬‬ ‫جوليان‪ ،‬شارل إندريه‪ ،‬تاريخ افريقيا الشمالية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 468،464‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫المبحث األول‪ :‬نهاية الصراع و نتائجه‬

‫المطلب األول‪ :‬نهاية الصراع‬

‫إنتهى الصراع القرطاجي االغريقي بشكل فعلي برحيل أجاثوكليس عن الساحة‬


‫السياسية في صقلية حيث دخلت صقلية من جديد في نزاعات بين مدنها االغريقية‬
‫وأصبح الف ارغ السياسي يمأل سيراكو از و محط أطماع الطغاة الذين تنافسوا عليها‬
‫وتداولوا على حكمها بداية بهيكتاس ثم سوسيتراتوس الذي واجه منافس هو ثينون‪،‬‬
‫فحاولت قرطاجة التخلص من اإلثنين وحاصرت ثينون باألسطول البحر و حاصرت‬
‫سوسيتراتوس بالجيش البري‪.‬‬

‫إستنجد هذا األخير بالملك اليوناني بيرهوس حاكم إبيروس في الجنوب‬


‫اإليطالي‪ 1،‬الذي كان قد إنتصر على الرومان مرتين وكان يتخذ من اإلسكندر‬
‫المقدوني قدوة له‪ ،‬و يحلم بالسيطرة على الغرب و أن يقهر روما و قرطاجة وبتنحيه‬
‫عن الجزيرة هذا سيمنعه من العبور الى إفريقيا‪ ،2‬و لبى النداء و عبر الجزيرة‬
‫بحوالي ‪ 01‬آالف مقاتل و إنضم إليه جيش سوسيتراتوس و أستطاع بهذه القوة فك‬
‫الحصار عن سيراكو از‪3،‬وجاءت بعدها محاولة قرطاجة الدخول معه في مفاوضات‬
‫حيث عرضت عليه التنازل عن صقلية بإستثناء ليلبي و إعادة سفنها له و تقديم‬
‫األموال له قاصدة بذلك دفعة للعودة الى إيطاليا و إحتفاظها بمدخل للجزيرة لكنه‬
‫رفض وقرر تقل الحرب الى إفريقيا‪ 4‬لكنه هزم أمام القرطاجيين و فقد نصف‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.061‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬جوليان‪ ،‬شارل إندريه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫أصطيفان أكصيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪3‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.069‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫إسطوله و هذ ا خلق تمرد و تخلى عنه حلفاؤه و عاد بعدها الى إيطاليا و بذلك‬
‫‪1‬‬
‫إستطاع أن يسترجع القرطاجيون نفوذهم في صقلية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نتائج الصراع‬

‫امتد الصراع القرطاجي اإلغريقي طيلة قرنين و نصف من الزمان تقريبيا أي‬
‫من منتصف القرن ‪ 6‬ق م إلى بداية القرن ‪ 1‬ق م وكانت الحرب مفتوحة من‬
‫الجانبي ن طيلة هذه الفترة و أن تخللتها بعض فترات سالم إال أنها في واقع األمر لم‬
‫تكن إال إستعدادا لجوالت أخرى من الحرب ويلخص محمد سعد البركي نتائج هذا‬
‫الصراع في نقاط هي‪:‬‬

‫‪ : 0‬ادى الى بروز سيراكو از كرأس حرة في الصراع ما أعطى لها الحجة في فرض‬
‫سيطرتها على باقي المدن اإلغريقية ‪.‬‬

‫‪ :6‬دخول دول االغريق الكبرى كإسبرطة و كورنثا كطرف في الصراع حيث كانت‬
‫االمدادات ترد بإستمرار لسيراكو از ‪.‬‬

‫الشكل‪: 21‬اسبرطة و حلفائها‬


‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫‪1‬أصطيفان أكصيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.60،66‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫‪: 1‬بروز التحالفات الدولية ألول مرة في منطقة غرب البحر المتوسط فظهر التحالف‬
‫القرطاجي األتروسكي ‪.‬‬

‫‪:9‬تنبه روما لصقلية و بدأ صراع جديد مع قرطاجة ترتب عنه إحتالل روما لصقلية‬
‫وانهاك القوة العسكرية القرطاجية و تعاظم قوة روما بالمقابل و االستيالء على‬
‫الجزيرة‪.‬‬

‫‪ :6‬أظهر الصراع تذمر السكان المحليين من الحكم القرطاجي في تحالفهم مع‬


‫اإلغريق‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثاره على قرطاجة‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫يعتبر أغلب المؤرخين أن معركة هيمي ار ‪ 981‬ق م التي هزم فيها الجيش‬
‫القرطاجي أمام اإلغريق في صقلية تمثل منعطفا حقيقيا في سياسة قرطاجة في‬
‫الحوض الغربي للبحر المتوسط بشكل عام فتحولت من إمبراطورية بحرية إلى برية‬
‫و تحول سكانها من فينيقيين خالصين الى خليط من األفارقة و الفينيقيين و سيطرت‬
‫على طرق المالحة في البحر المتوسط و فرضت هيمنتها التجارية ‪2‬فضال عن‬
‫تحولها إلى دولة عسكرية باتم معنى الكلمة‪ ،3‬و إن دلت هذه المعركة فهي تدل على‬
‫مدى قلة الخبرة العسكرية للقرطاجيين حيث كانوا بحارة و تجا ار مسالمين ‪4‬فأحدث‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.069،061‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬برايس‪ ،‬ف‪ ،‬القرطاجيون و امبراطوريهم البحرية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬مطبعة مصر‪ ،‬ص ‪.666‬‬
‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.612‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Picard , G, le monde de carthage , éditions carrio , paris , 1956 , p 32‬‬


‫‪4‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫الصراع القرطاجي االغريقي تبدالت مهمة في قرطاجة على مختلف األصعدة تجلت‬
‫في مايلي ‪:‬‬

‫المطلباألول ‪:‬عسكريا و إقتصاديا ‪:‬‬

‫‪ :1‬عسكريا ‪:‬‬

‫لم يدافع عن قرطاج طيلة القرون األولى من تاريخها إال أبناؤها و أحيانا‬
‫حلفاؤها و الواقع أنه لم تخض أية حرب بعيدة في هذه الفترة‪ ،1‬حيث لم يكن لهم‬
‫جيش منظم يدافع عن مصالحهم و يرد األخطار التي لم تكن موجودة و ال تتجاوز‬
‫أسوار المدن القرطاجية فضال عن التـ ـ ـ ـ ـ ــفاهم الذي ساد في عالقاتهم مع السكان‬
‫المحليين الذين جاؤوا للعمل في الموانىء القرطاجية و تبادلوا معهم السلع المحلية ‪.‬‬

‫أحس القرطاجيون بالخطر يلتف حولهم مع بداية االستيطان االغريقي في‬


‫صقلية خاصة مع محاولة االغريق إخراجهم منها و أدركوا أنه ال بد لهم من مواجهة‬
‫هذا الخطر و هذا ال يأتي إال بإيجاد قوة عسكرية ضاربة‪ ،2‬إستطاعت فيما بعد‬
‫تكوين جيش قوي لالستيالء على إسبانية و تحقيق نجاح كبير في محاربة اإلغريق‬
‫وجاء الجيش القرطاجي مقسما الى النحو التالي ‪:‬‬

‫المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــشاة‪:‬‬

‫من مواطنيين و مرتزقة يحملون السالح الثقيل ممسكين بسيف أو رمح‬


‫قصير ‪.‬‬

‫مادلين‪ ،‬هورس ميادين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪1‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.616‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــخيالة ‪:‬‬

‫ويضم قسم صغير منها شباب االشراف أما القسم األكبر تكون منذ القرن‬
‫‪ 9‬ق م من الفرسان النوميدين الذين يمتطون أحصنتهم الصغير السريعة‪ ،‬وحنبعل‬
‫هو الذي جعل من هذه الفرقة لها دور حاسم في المعارك حيث عززها باألعداد‬
‫الكبيرة‪.‬‬

‫العربـــــــــــــــــــــــــات ‪:‬‬

‫إستعملت العربات حتى القرن ‪ 1‬ق م ثم حلت محلها الفيلة التي بلغ عددها‬
‫في المعركة الواحدة ‪ 011‬في كل صف تزرع الرعب ‪1‬و تدوس على الجند ‪.‬‬

‫الشكل ‪ :22‬بروز الفيلة في حروب القرطاجيين‬


‫المرجع ‪www.google-image.com :‬‬

‫مادلين‪ ،‬هورس ميادين ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.81،80‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫المــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدفعية‪:‬‬

‫أبرجا من عدة طبقات و مجانيق و‬


‫تتألف من معدات الحصار التي تضم ا‬
‫قذافات تقذف كرات من الحجر أو من الحديد‪.‬‬

‫الشكل‪ : 23‬صورة لمنجنيق‬

‫‪,‬‬ ‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫و عليه نقول أن القرطاجيين كانوا مجرد تجار مسالمين و لم يكونوا قراصنة أو‬
‫جنودا محاربين و لم يعرفوا الجيوش العسكرية و ال األساطيل الحربية إال مجبرين‬
‫في ظل المنافسة اإلغريقية التي فرضت عليهم هذا األسلوب من الحياة للدفاع عن‬
‫أنفسهم فكانوا بعدها خير من امتلك األساطيل و نظم الجيوش حيث أدركوا أنه ال بد‬
‫من مواجهة الخطر و ذلك إليجاد قوة عسكرية فاعلة مشكلة جيش قوي احتل فيه‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫الليبيون مركز المشاة و النوميديون الفرسان بينما الرماة من جزر البليار و جاء‬
‫الجنود من اسبانيا و ضباط محترفين من اليونان نفسها فشكلت بذلك خليطا عسكريا‬
‫‪1‬‬
‫للدفاع عن مصالحها و رد األخطار عنها‪.‬‬

‫‪ :2‬إقتصاديا ‪:‬‬

‫ساهمت المنافسة اإلغريقية في تحول القرطاجيين الى البر اإلفريقي حين نتج‬
‫عن ذلك تحول الدولة إلى دولة برية معتمدة على الزراعة و الصناعة كدعامات‬
‫رئيسية لإلقتصاد القرطاجي و تراجع اإلعتماد على التجارة البحرية التي كانت تمثل‬
‫المرتبة األولى و ساعد هذا على نشوء نهضة زراعية شاملة ساعدت على تطور‬
‫الصناعة و إزد هارها فضال عن المنافسة التي حولت أنظار القرطاجيين إلى أهمية‬
‫التجارة البرية و موارد إفريقيا و إنشاء مراكز لهم فيها في حين كانت الضرائب‬
‫مصدر تمويل للحمالت العسكرية‪ 2‬و إعتمد اإلقتصاد القرطاجي على ثالث عناصر‬
‫أساسية هي ‪ :‬التجارة ‪ ,‬الصناعة ‪ ،‬الزراعية ‪.‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.611،616‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.692،696‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫الشكل‪ : 24‬مجال نفوذ االمبراطورية القرطاجية‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫الشكل ‪ : 25‬بالد اليونان و منطقة بحر ايجه‬

‫يحي لطفي عبد الوهاب ‪ ،‬اليونان ( مقدمة في التاريخ الحضاري ) ‪،‬دار المعرفة الجامعية ‪,‬‬ ‫المرجع ‪:‬‬
‫االسكندرية ‪ ,0448,‬ص‪. 305 .‬‬

‫التـــــــــــــــــــــــــــــــــــجارة ‪:‬‬

‫كانت قرطاجة منذ نشأتها األولى تمثل مستوطنة فينيقية هامة في الحوض‬
‫العربي للبحر األبيض المتوسط مع جارتها أوتيكا و المستوطنات المقابلة لها في‬
‫الطرف الجنوبي الغربي من صقلية مفاتيح األتصال بين شرقي البحر األبيض‬
‫المتوسط و غربه‪ ،‬ولم يكن القرطاجيون في أول األمر يهتمون بالصناعة و الزراعة‬
‫بقدر ما كانوا يعتنون بالتجارة التي كانت تدر عليهم أرباحا هائلة و تمثل دورهم‬
‫التجاري في إيصال خامات معادن الفضة و القصدير و الرصاص إلى الدول‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫المصنعة في شرقي المتوسط ثم نقل البضائع المصنعة و توزيعها على محتاجيها‬


‫‪1‬‬
‫من الشعوب المتأخرة صناعيا ‪.‬‬

‫الشكل‪: 26‬خليج اوتيكا‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫فمثلت بذلك التجارة لقرطاج مورد رزق رئيسي تنهل منه القوة التى أتاحت لها‬
‫إنشاء إمبراطوريتها كما تعتبر وسيلة و غاية تمكنت بها المدينة من نشر الحضارة‬
‫في المغرب و اإلستيطان في إسبانية و النهوض و المقاومة و بث مرفأيها‬
‫وأسطولها و لجأت الى نظام سياسي و إقتصادي يوافق تنظيمها التجاري الذي‬
‫أصبح المفتاح السحري للحضارة القرطاجية و ال ريب أن هذا التنظيم المرتكز على‬
‫مبدأ اإلنتاج و التبادل حقق لقرطاج نجاحا ماديا و معنويا حيث راحت تنتج و تبيع‬
‫ولم تبلغ حاجياتها يوما مقدار ما بلغته صادراتها و لم يعرف ميزانها التجاري العجز‬

‫محمد الصغير غانم‪ ،‬التوسع الفينيقي في غربي البحر المتوسط‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.006،001‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫أبدا‪1‬يرجع ذلك بالدرجة األولى إلى إعتمادها أسلوب المقايضة في التبادل التجاري‪،2‬‬
‫فمقابل المعادن النفيسة كان التجار القرطاجيون يعرضون سلعهم و يتقاضون مقابلها‬
‫عمالت كبيرة فبإتباع القرطاجيين هذا التقدم التقني إستحوذوا على األسواق مصدر‬
‫ثروتهم‪ ،3‬وعلى هذا األساس جاء اإلتفاق العام بين اليونان و الرومان على أن‬
‫قرطاجة إعتمدت على التجارة أكثر من أي مدينة أخرى و كانت الصورة المنطبعة‬
‫في أذهانهم عن القرطاجي األصيل أنه تاجر بطبيعته و أن قرطاجة كانت أغنى‬
‫مدينة في عالم البحر األبيض المتوسط‪ ،4‬وعوضت التجارة البرية القرطاجيين عن‬
‫فقدانهم لجزء من تجارتهم البحرية بعد منافسة اإلغريق وشكلت ركيزة إلى حين‬
‫‪5‬‬
‫سقوط قرطاجة عام ‪ 096‬ق م‪.‬‬

‫الصــــــــــــــــــــــــــــــــناعة ‪:‬‬

‫يعتبر القرن ‪ 2‬ق م نقطة تحول بارزة في تاريخ الصناعة القرطاجية ودورها‬
‫في اإلقتصاد القرطاجي حيث تم تطوير السفن و تبوات الصناعات الحربية الصدارة‬
‫و تراجعت صناعة الحلي و الجواهر و ظهرت الصناعات البرونزية و الحديدية‬
‫وتناقصت صناعة المعادن الثمينة كما ظهرت صناعة العملة ألول مرة في نهاية‬
‫القرن ‪ 2‬ق م و ظهرت صناعة المواد الغذائية و تم تصديرها إلى الخارج كما أن‬
‫الصناعة القرطاجية ساهمت بدور فعال في اإلقتصاد القرطاجي حيث سدت‬

‫مادلين هورس ميادين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪1‬‬

‫مهران محمد بيومي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.612‬‬ ‫‪2‬‬

‫فرانسوا دوكريه‪ ،‬قرطاجة أومبراطورية البحر‪ ،‬ص ‪.066‬‬ ‫‪3‬‬

‫جمال مختار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.969‬‬ ‫‪4‬‬

‫محمد الصغير غانم‪ ،‬التوسع الفينيقي في غربي البحر المتوسط‪ ،‬ص ‪.618‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫حاجيات السكان و الجيش و توفر للخزينة القرطاجية ثمن إستيراد هذه المصنوعات‬
‫‪1‬‬
‫التي ال بد منها للتجارة البرية ‪.‬‬

‫كما برع القرطاجيون في صناعة المعادن و النسيج و الثياب األرجوانية‬


‫وصناعة السفن و إصالحها واستخراج صباغة األرجوان من محار الميوريكس الذي‬
‫يصطادونه من شواطىء بالد المغرب إضافة إلى صناعة الفخار التي تنقصها‬
‫الجودة و اإلتقان و لم تزدهر الصناعة القرطاجية اال إعتبا ار من القرن ‪ 2‬ق م‬
‫عندما أصطدمت قرطاجة باتحاد المدن االغريقية في معركة هيمي ار ‪ 981‬ق م حيث‬
‫إتضح من هذا اإلصطدام أنها ال تسطتيع أن تصمد إال بإمتالك صناعة قوية ومنها‬
‫‪2‬‬
‫اضطرت الى تصنيع المواد الخام‪.‬‬

‫الزراعــــــــــــة ‪:‬‬

‫ظل اإلقتصاد القرطاجي يعتمد عل التجارة خاصة البحرية ومع نهاية القرن‬
‫‪ 4‬ق م و حتى منتصف القرن ‪ 2‬ق م كان النشاط التجاري عصب الحياة‬
‫اإلقتصادية لقرطاجة فكانت تمتلك أسطوال تجاريا ليس له مثيل في العالم القديم‬
‫واقتصر نشاطها الزراعي على الظهير الزراعي للمدينة ال يتعدى المنطقة المحيطة‬
‫بها‪ ،‬و بالتالي ال يكفي حاجة السكان فكان القرطاجييون يحصلون على حاجاتهم‬
‫من المواد الغذائية من المستعمرات االخرى خاصة سرديينا و صقلية‪ ،‬و إستمر‬
‫الحال إلى منتصف القرن ‪ 2‬ق‪3‬م بدخول اإلستعمار االغريقي ومنافسته للقرطاجيين‬
‫في صقلية و مشاركتهم في النشاط التجاري في المنطقة و هذا كان له أثر كبير في‬
‫توجيه السياسات اإلقتصادية لقرطاجية بعد القرن ‪ 2‬ق م و شجع القرطاجيون‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.611‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الصغير غانم‪ ،‬التوسع الفينيقي في غربي البحر المتوسط‪ ،‬ص ‪.009‬‬ ‫‪2‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 602‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫الزراعة و عنوا بها فنمت المزروعات على السواحل و أثارت إعجاب الرومان في‬
‫فترة الحقة و غالبا ما رسمت على األلواح النقوشية البونية المحاريث و السنابل‬
‫وغيرها‪1،‬ومن أهم المزروعات الشائعة في عهد القرطاجيين أشجار الزيتون و الكروم‬
‫ثم التين و الرومان إضافة إلى القمح و الشعير و كانت ملكية المزارع من حق‬
‫األغنياء االرستقراطيين يوجهون السلطة السياسية و اإلقتصادية في مدينة قرطاجة‬
‫ونظم النشاط الزراعي ماغون‪magan‬الذي عاش حوالي القرن ‪ 1‬فألف معارف من‬
‫‪ 61‬كتاب علمي أسماها دراسة في علم الز ارعة تضمنت خبرته في فن الزراعة‬
‫وقدم ن صائحه لمن يشتغل بالزراعة خاصة فيما يتعلق بغرس االشجار و نظام سقيها‬
‫ثم األماكن الصالحة للزراعة كل نوع منها و شرح الطرق الكفيلة لتربية الحيوانات‬
‫وصناعة الخمور ‪.2‬‬

‫وعليه فإن الزراعة بقرطاجة إزدهرت محتلة الركيزة األولى في إقتصادها بعد‬
‫تراجع التجارة البحرية بفعل المنافسة االغريقية فاستطاعوا تحرير إقتصادهم من‬
‫سيطرة التجارة داخليا و كذا تنويع مصادر دخلهم ما أتاح لهم مكاسب إقتصادية‬
‫وارساء دعائم إقتصاد متنوع قوي ال تؤثر فيه الضغوط الخارجية و إستطاعوا إيجاد‬
‫‪3‬‬
‫مصادر تمويل لحمالتهم العسكرية في ص ارعهم مع اإلغريق ‪.‬‬

‫و يمكن القول ان إعتماد النشاط االقتصادي القرطاجي الى حد كبير على هذه‬
‫الثالث الموارد الرئيسية ‪ ،‬التجارة و الصناعة و الزراعة ‪ ،‬شكلت في االخير نقمة‬

‫محمد الصغير غانم‪ ،‬التوسع الفينيقي في غربي البحر المتوسط‪ ،‬ص ص ‪.24،81‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 006‬‬ ‫‪2‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.661‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫على المدينة حيث كانت من األسباب الرئيسية التي جعلت من الرومان ينقمون على‬
‫‪1‬‬
‫القرطاجيين و يقيمون على تهديمها فيما بعد عام ‪ 096‬ق م لتصبح أرضا ملعونة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬إجتماعيا و دينيا‬

‫‪ ‬إجتماعيا ‪:‬‬

‫ترتب على التوغل القرطاجي في القضاء اإلفريقي إختالطهم بالسكان‬


‫المحليين وصل الى حد التزواج معهم و ترتب عنه ظهور عنصر جديد في المجتمع‬
‫القرطاجي‪ :‬الليبوفينيقي‪ ,‬كما ساهم الصراع في ابراز طبقة العبيد داخل المجتمع‬
‫القرطاجي فضال عن تجارة الزنوج في إفريقيا ‪ africa‬كما ساعد على تكوين جاليات‬
‫أجنبية أهمها الجالية االتروسكية و اليونانية‪ ،‬و أدى اإلمتزاج إلى تطور اللغة‬
‫الفينيقية نتيجة تأثرها باللغات األخرى فأصبحت تعرف باللغة البونية الجديدة ‪.2‬‬

‫عنصر الليبوفينيقي‪:‬‬

‫إختلفت اآلراء حول تحديد مفهوم عنصر الليبوفينيقي الذي ظهر في شمال‬
‫افريقيا و كان من العناصر المؤثرة في منطقة المغرب القديم خاصة العصر‬
‫القرطاجي فيرى الكتاب القدامى أنها تطلق على األبناء الذين أنجبوا من آباء فنيقيين‬
‫و أمهات ليبيات أو العكس‪ ،3‬و تمتع هذا العنصر بنفس الحقوق من زواج و تولي‬
‫المناصب وكذا الخدمة العسكرية و اإلعفاء من الضرائب‪ 4،‬و كان لهم تأثير من‬
‫الناحية اإلجتماعية كثي ار حيث يشير سالوست الى أن سكان قرطاجة حافظوا على‬

‫محمد الصغير غانم‪ ،‬التوسع الفينيقي في غربي البحر المتوسط‪ ،‬ص ‪. 006‬‬ ‫‪1‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 610،616‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.626‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.‬‬ ‫فرانسوا دوكريه‪ ،‬قرطاجة الحضارة و االتاريخ‪ ،‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫أخالقهم و قوانينهم إلى حين زواجهم مع النومديين ما أدى إلى تغيير واضح في‬
‫لغتهم‪. 1‬‬

‫الشكل‪ :27‬سالوست‬

‫المرجع ‪www.google-image.com :‬‬

‫هذه المصاهرات التي حملت مصالح سياسية أكثر منها إجتماعية تبرز‬
‫مدى اإلندماج الذي حدث بين الشعبين عقب القرن ‪ 2‬ق م الذي أملته ظروف‬

‫سالوست‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.060‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫قرطاجة آنذاك و الضعف الراهن بسبب الصدام مع اإلغريق حيث جعلها تتجه نحو‬
‫‪1‬‬
‫إفريقيا حتى أصبح التمازج جليا ‪.‬‬

‫‪ ‬دينيا‪:‬‬

‫إن الدارس للحياة الدينية القرطاجية يجد صعوبة في إبراز الحقائق ويعود ذلك إلى‬
‫قلة األدلة األثرية وكذا ضمن المصادر الكالسيكية إضافة إلى حرق قرطاجة من قبل‬
‫الرومان عند تدميرها في ‪ 096‬ق م ما أدى إلى طمس الكثير من الوثائق القرطاجية‪ ،‬بانتقال‬
‫الفينيقيين إلى غرب البحر المتوسط حملوا معهم معتقداتهم وآلهتهم وطقوسهم وشعائرهم‬
‫الدينية فارتبطت قرطاجة في بداية تأسيسها ارتباطا وثيقا بالشرق الفينيقي خاصة في الحياة‬
‫الدينية فشيدت المعابد وقدمت القرابين لآللهة‪ 2‬فكان للدين دور بارز في حياة القرطاجيين‬
‫والفينيقيين ودل على ذلك أسماء القادة التي ارتبطت بااللهة كحنبعل و حاميلكار‪ .....‬وغيرها‬
‫وأصبح االله بعل حمون االله الرسمي في االمبراطورية القرطاجية تقدم له االضحيات‬
‫والقرابين وأهم الطقوس الفينيقية بين اللوبيين كانت دفن الموتى‪ 3‬فضال عن التأثيرات اللوبية‬
‫على الفينيقين في عادات دفن الموتى خاصة في الطقوس الجنائزية وصبغ جسد الميت‬
‫باللون األحمر فأثرت بذلك المناسبة االغريقية على قرطاجة في توجه هذه األخيرة الى‬
‫الفضاء االفريقي والتأثر ببعض العادات المحلية ما أحدث تمازجا بين الديانات وهذا التمازج‬
‫ولد ما يسمى فيما بعد بالحضارة البونية‪.4‬‬

‫كما يظهر في ظل الصالت المتنوعة لقرطاجة مع العالم االغريقي أنها نافذة لتسرب‬
‫تأثيرات دينية إغريقية فانتشرت بها عبادة اآللهة مثل ديونيسيوس لكن مع مزجه مع اله ليبي‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.626‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ,‬ص‪.684‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد الصغير غانم‪ ،‬المملكة النوميدية والحضارة البونية‪ ،‬ص‪.18‬‬ ‫‪3‬‬

‫مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.168‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و آثاره على قرطاجة‬

‫قديم هو شدرابا ‪ chadrapa‬الذي هو في األصل اله فينيقي يعني اسمه "شاد المشفى"‬
‫وهو اله طفل وظيفته الحماية من العقارب والثعابين والحشرات السامة وشفاء الناس من‬
‫لسعها‪ ،‬كما دخلت عبادة االله باخوس‪ bacchus‬الى قرطاجة وهو اله روماني يقابل‬
‫ديونيسيوس عند االغريق وهو اله الخمر كانت تقام له حفالت ماجنة وقورن ببعل حامون‬
‫وثاني ت حيث تتوفر رموز عديدة تدل عليه مثل آنية مزج الخمر وورقة العشقة في قبور‬
‫الطوفان‪.1‬‬

‫الشكل ‪ : 22‬االله باخوس‬

‫المرجع ‪www.bing.com/image :‬‬

‫عبد الرحمان‪ ,‬خلفة مذكرة الديانة الوثنية المغاربية القديمة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجستير في التاريخ القديم ‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة منتوري ‪ ,‬قسنطينة‪ ,8002,‬ص ص ‪.662-666‬‬

‫‪78‬‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‬

‫استوطن الفينيقيون الحوض الغربي للبحر المتوسط وأسسوا مراكزهم التجارية فيه ونمت‬
‫مستوطنة قرطاجة فجعلوها زعيمة للعالم الفينيقي وهذا تترتب عليه عديد المسؤوليات أهمها‬
‫الدفاع عن المنطقة وكذا تثبيت الوجود الفينيقي في كل من جزيرتي صقلية وسردينيا و‬
‫اصطدمت بالوجود اإلغريقي وسعى الطرفان لفرض سيطرتهما على المنطقة ما حتم الصدام‬
‫المسلح الذي دام طيلة ثالثة قرون‪ ،‬من منتصف القرن ‪ 6‬ق م حتى منتصف القرن ‪ 3‬ق م‬
‫ومرت بثالث مراحل ارتبطت بتولي بعض الطغاة حكم سيراكو از أقوى مدينة إغريقية في صقلية‬
‫وأصبح ذلك الصراع مفتوحا منذ بداية القرن ‪ 5‬ق م عقب معركة هيمي ار ‪ 084‬ق م واستمر‬
‫بين مد وجزر حتى منتصف ‪ 3‬ق م وانتهى بموت أخر طاغية على سيراكو از المدعو اجاثوكليس‬
‫وترتب على هذا الصراع عدة نتائج على عديد األصعدة فكان الصراع القرطاجي اإلغريقي‬
‫عامال مؤث ار ترك بصماته على الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والدينية في قرطاجة‬
‫فتحول القرطاجيون من دولة بحرية تعتمد على التجارة البحرية إلى دولة برية اختلطت فيها‬
‫األعراق واألجناس فافرزت ما يسمى بالعنصر الليبوفينيقي وصوال الى تكوين ما يعرف‬
‫بالحضارة البونية‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫اوال ‪:‬المصادر‬

‫‪-1‬سالوست‪ ،‬حرب يوغرطة‪ ،‬صفحات من تاريخ شمال إفريقيا القديم‪ ،‬ت ‪ :‬محمد النازي‬
‫سعود‪ ،‬مطبعة محمد الخامس الجامعية الثقافية‪ ،‬فاس‪.1191 ،‬‬

‫‪ -2‬هيرودوت‪ ،‬تاريخ هيرودوت‪ ،‬مراجعة د‪،‬أحمد السقاف و د‪ :‬حمد بن صراي‪ ،‬المجمع‬


‫الثقافي‪ ،‬أبوظبي‪.2001،‬‬

‫‪-3‬وهيب كامل‪ ،‬ديودور الصقلي في مصر‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬القاهرة‪. 1191،‬‬

‫ثانيا‪:‬المراجع العربية‬

‫‪ -1‬أحمد الفرجاوي‪ ،‬بحوث حول العالقات بين الشرق الفينيقي و قرطاجة‪ ،‬تونس‪. 1113،‬‬

‫‪-2‬أصطيفان اكصيل ‪ ،‬تاريخ شمال افريقيا القديم‪ ،‬ت محمد الناري سعود‪ ،‬ج‪3‬‬

‫‪ -3‬برايس‪ ،‬ف‪ ،‬القرطاجيون و امبراطوريهم البحرية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬مطبعة‬


‫مصر‪.‬‬

‫‪ -1‬بكري‪ ،‬حسن صبحي‪ ،‬اإلغريق و الرومان و الشرق اإلغريقي الروماني‪ ،‬عالم الكتب‪،‬‬
‫الرياض‪. 1191،‬‬

‫‪ -5‬بوروينة الشاذلي‪ ،‬محمد الطاهر‪ ،‬قرطاج البونية تاريخ حضارة‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪،‬‬
‫تونس‪. 1110،‬‬

‫‪ -6‬جان توشار‪ ،‬تاريخ الفكر السياسي‪ ،‬ت ‪ :‬على مقلد‪ ،‬ط ‪ ،2‬الدار العالمية للطباعة‬
‫‪1193،‬‬

‫‪-9‬جمال مختار‪ ،‬تاريخ إفريقيا العام‪ ،‬ت‪ :‬السيد أحمد عبد الرحيم‪ ،‬مصطفى وآخرون‪ ،‬مج‪،3‬‬
‫جن أفريك‪ ،‬اليونسكو‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -9‬جوليان‪ ،‬شارل أندريه‪ ،‬تاريخ إفريقيا الشمالية‪ ،‬دار نهضة مصر للطباعة و‬
‫النشر‪. 1196،‬‬

‫‪-1‬حسين عاصم أحمد‪ ،‬تاريخ وحضارة اإلغريق‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -10‬زكي علي‪ ،‬علم البردي‪ ،‬ثراث مصري أصيل‪ ،‬القاهرة ‪.1196،‬‬

‫‪ -11‬سالطنية عبد المالك‪ ،‬المصادر التاريخية و األثرية و أهميتها في البحث التاريخي و‬


‫األدبي‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار اإلرشاد للطباعة و النشر و التوزيع‪.2013 ،‬‬

‫‪ -12‬عاصم احمد حسين‪ ،‬المدخل الى تاريخ و حضارة االغريق‪ ،‬مؤسسة االهرام للنشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬القاهرة ‪.1119 ،‬‬

‫‪ -13‬علم المخطوط العربي‪ ،‬بحوث ودراسات‪ ،‬مجلة الوعي االسالمي‪ ،‬ط ‪ ،‬اإلصدار‪،91 ،‬‬
‫الكويت ‪.‬‬

‫‪-11‬على فهمي خشيم ‪،‬نصوص ليبية من هيرودوتس و بليني األكبر وديودورس الصقلي و‬
‫بروكوبيوس القيصري‪ ،‬ط ‪ ،1‬منشورات دار مكتبة الفكر‪ ،‬طرابلس ‪،‬ليبيا‪. 1169‬‬

‫‪-11‬فرانسوا دوكريه ‪ ،‬قرطاجة الحضارة و التاريخ‪ ،‬ت ‪ :‬يوسف شلب الشام ‪ ،‬ط ‪ ،1‬دمشق ‪,‬‬
‫‪.1111‬‬

‫‪ -16‬فرانسوا ديكرايه‪ ،‬قرطاجة أو امبراطورية البحر‪ ،‬ت ‪ :‬عز الدين أحمد عزو‪ ،‬األهالي‬
‫للطباعة و النشر و التوزيع‪. 1116،‬‬

‫‪ -19‬فنطر محمد حسين‪ ،‬الفينيقيون بناة المتوسط‪ ،‬اليف‪ ،‬منشورات البحر االبيض‬
‫‪.1119،‬‬ ‫المتوسط‪ ،‬منشورات توبقال‪ ،‬المغرب‬

‫‪ -19‬فنطر محمد حسين ‪ ،‬الحرف و الصورة في عالم قرطاج‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬تونس‬
‫‪.201‬‬ ‫‪ ،1111‬ص‬
‫‪83‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -11‬فوزي مكاوي‪ ،‬تاريخ العالم اإلغريقي من أقدم عصوره حتى عام ‪ 322‬ق م‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1190،‬‬

‫‪ -20‬ليلى الصباغ ‪ ,‬دراسة في منهجية البحث التاريخي‪ ,‬ط‪ ,1‬دمشق‪. 1113,‬‬

‫إبرهيم بالش ‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات عويدات‪،‬‬


‫‪-21‬مادلين هورس ميادين‪ ،‬تاريخ قرطاج‪ ،‬ت ‪ :‬ا‬
‫بيروت‪. 1191،‬‬

‫‪-22‬محمد الصغير غانم‪ ،‬التوسع الفينيقي في غربي البحر المتوسط‪ ،‬المؤسسة الجامعية‬
‫للدراسات و النشر‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪-23‬محمد الهادي حارش‪ ،‬التاريخ المغاربي القديم السياسي و الحضاري ‪ :‬منذ فجر التاريخ‬
‫الى الفتح االسالمي‪ ،‬المؤسسة الجزائرية‪.1112،‬‬

‫‪ -21‬مفتاح محمد سعد البركي‪ ،‬الصراع القرطاجي اإلغريقي‪ ,‬مجلس ثقافة العامة ‪،‬‬
‫طرابلس‪.2009،‬‬

‫‪-21‬مكاوي فوزي‪ ،‬تاريخ العالم االغريقي و حضارته منذ اقدم العصور حتى ‪ ،322‬ق م ‪،‬‬
‫المكتب المصري لتوزيع المطبوعات‪ ،‬القاهرة‪.1111 ,‬‬

‫‪ -26‬مهران محمد بيومي‪ ،‬المغرب القديم‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكنرية‪.1110 ،‬‬

‫‪ -29‬الميلي مبارك بن محمد‪ ،‬تاريخ الجزائر في القديم و الحديث‪،‬ج ‪.1‬‬

‫‪ -29‬هنري‪ ،‬س‪ ،‬عبود‪ ،‬معجم الحضارات السامية‪ ،‬بيروت‪.1199 ،‬‬

‫‪-21‬يحي لطفي عبد الوهاب‪ ,‬اليونان ‪:‬مقدمة في التاريخ الحضاري ‪ ,‬دار المعرفة الجامعية ‪,‬‬
‫‪.1119,‬‬ ‫االسكندرية‬

‫‪84‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ثالثا ‪ :‬المراجع االجنبية‬

‫‪1-Gsell histoire ancienne de l’afriquede n ord .tom .1.paris.‬‬

‫‪2-hédi dridi , carthage et le monde punique‬‬

‫‪3-herodote , histoire , traduit par PH .E.legrand . 5em edition ,‬‬


‫‪les belles letters ,paris,1972.‬‬

‫‪1-Picard , G, le monde de carthage , éditions carrio , paris.‬‬

‫‪5-Warnington (B.H) ,carthage ,peliconbooks london , 1964.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الموسوعات‬

‫‪ .1‬الموسوعة االفريقية‪ ،‬عبد العليم‪ ،‬رجب محمد‪ ,‬لمحات تاريخ القارة االفريقية‪ ،‬مج ‪،2‬‬
‫‪.1199‬‬

‫خامسا‪ :‬الرسائل الجامعية‬

‫‪.1‬عبد الرحمان‪ ,‬خلفة‪ ,‬الديانة الوثنية المغاربية القديمة‪ ،‬مذكرة لنيل الماجستر في التاريخ‬
‫‪.2009‬‬ ‫القديم‪ ،‬جامعة منتوري ‪ ,‬قسنطينة ‪,‬‬

‫‪85‬‬
‫الفهارس‬

‫‪.1‬فهرس االشخاص‬

‫الصفحة‬ ‫اسماء االشخاص‬


‫‪52-52‬‬ ‫هيرودوت‬
‫‪83-70‬‬ ‫هوميروس‬
‫‪11‬‬ ‫الكاردينال الفيجري‬
‫‪11‬‬ ‫االب دوالتر‬
‫‪53-52-52‬‬ ‫ثوكوديدس‬
‫‪81-87-53‬‬ ‫ديودور الصقلي‬
‫‪53‬‬ ‫يوليوس قيصر‬
‫‪87‬‬ ‫اجاثوكليس‬
‫‪87‬‬ ‫انطونيو‬
‫‪80‬‬ ‫اغسطس‬
‫‪81-88-85-81‬‬ ‫بوليبيوس‬
‫‪88‬‬ ‫افالطون‬
‫‪88‬‬ ‫تيمايوس‬
‫‪81‬‬ ‫تيتيوس ليويوس‬
‫‪82‬‬ ‫حنبعل‬
‫‪80-82‬‬ ‫بوستينوس‬
‫‪80‬‬ ‫االميرة عليسة‬
‫‪80‬‬ ‫داريوس‬
‫‪83-80‬‬ ‫شيشرون‬
‫‪83‬‬ ‫يوغرطة‬
‫‪83-70‬‬ ‫هوميروس‬
‫‪21-17‬‬ ‫جيلون‬
‫‪23-20-22-17‬‬ ‫ديونيسيوس‬
‫‪87‬‬
‫الفهارس‬

‫‪17‬‬ ‫هيرون‬
‫‪14‬‬ ‫فستاتالوس‬
‫‪20-27‬‬ ‫حملكون‬
‫‪21‬‬ ‫مالخوس‬
‫‪21‬‬ ‫هيبوكراتيس‬
‫‪25-21‬‬ ‫ثيرون‬
‫‪21‬‬ ‫تريلوس‬
‫‪00-24-25‬‬ ‫حاميلكار‬
‫‪01-23-20‬‬ ‫ماغون‬
‫‪23‬‬ ‫ماغون الثاني‬
‫‪23‬‬ ‫ثيمولين‬
‫‪24‬‬ ‫هيرالكيدس‬
‫‪24‬‬ ‫جيسكون‬
‫‪27‬‬ ‫اوفيالس‬
‫‪27‬‬ ‫دينوكراتس‬
‫‪25-27‬‬ ‫بيرهوس‬
‫‪25‬‬ ‫االسكندر المقدوني‬
‫‪25‬‬ ‫ثينون‬
‫‪.2‬فهرس المدن و البلدان و االماكن‬

‫‪ 1‬الى‬ ‫قرطاج (قرطاجة)‬


‫‪57‬‬ ‫باريس‬
‫‪17‬‬ ‫معبد توفاة‬
‫‪27-55-57-11‬‬ ‫مصر‬
‫‪27-24-21-27-83-18‬‬ ‫افريقيا‬
‫‪01-07-12‬‬ ‫اوتيكا‬
‫‪88‬‬
‫الفهارس‬

‫‪57‬‬ ‫متحف االكروبول‬


‫‪21-57‬‬ ‫اثينا‬
‫‪57‬‬ ‫القاهرة‬
‫‪51‬‬ ‫جزيرة ايجينا‬
‫‪51‬‬ ‫مدينة كورنثا‬
‫‪52‬‬ ‫هاليكارناسوس‬
‫‪08-........-25-88-87-53‬‬ ‫صقلية‬
‫‪28-25-24-23-20-22-87‬‬ ‫سيراكو از‬
‫‪81‬‬ ‫اركاديا‬
‫‪85‬‬ ‫مقدونيا‬
‫‪80‬‬ ‫فينيقيا‬
‫‪14‬‬ ‫سردينيا‬
‫‪83‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪10‬‬ ‫شبه جزيرة ايبيريا‬
‫‪18‬‬ ‫موتينا‬
‫‪18‬‬ ‫ناكسوس‬
‫‪08-21-22-21-25-21-27‬‬ ‫هيمي ار‬
‫‪21‬‬ ‫كورسيكا‬
‫‪12-12‬‬ ‫بالد غالة‬
‫‪12‬‬ ‫برقة‬
‫‪12‬‬ ‫ماساليا‬
‫‪22-22-21‬‬ ‫جيال‬
‫‪22‬‬ ‫ليوننتي‬
‫‪20‬‬ ‫موتيا‬
‫‪22-21‬‬ ‫ايطاليا‬

‫‪89‬‬
‫الفهارس‬

‫‪12‬‬ ‫روما‬
‫‪23‬‬ ‫اسبانيا‬
‫‪01-07‬‬ ‫اوتيكا‬
‫‪.3‬فهرس االلهة‬

‫‪03‬‬ ‫بعل حامون‬


‫‪03‬‬ ‫ديونيسيوس‬
‫‪03‬‬ ‫شدرابا‬
‫‪03‬‬ ‫االله باخوس‬
‫‪.4‬فهرس االشكال و الخرائط‬

‫رقم الصفحة‬ ‫االشكال و الخرائط‬


‫‪17‬‬ ‫الشكل‪:1‬معبد توفاة‬
‫‪18‬‬ ‫الشكل‪:2‬فخار من متحف قرطاج‬
‫‪10‬‬ ‫الشكل‪:3‬نقيشة بونية‬
‫‪14‬‬ ‫الشكل‪:4‬نقود قرطاجية‬
‫‪55‬‬ ‫الشكل‪:5‬عمالت اغريقية‬
‫‪51‬‬ ‫الشكل‪:6‬بردية‬
‫‪52‬‬ ‫الشكل‪:7‬هيرودوت‬
‫‪52‬‬ ‫الشكل‪:8‬ثوكوديدس‬
‫‪81‬‬ ‫الشكل‪:9‬ديودور الصقلي‬
‫‪81‬‬ ‫الشكل‪:11‬بوليبيوس‬
‫‪82‬‬ ‫الشكل‪:11‬تيتيوس ليويوس‬
‫‪83‬‬ ‫الشكل‪:12‬شيشرون‬
‫‪11‬‬ ‫الشكل‪:13‬جزيرة صقلية‬
‫‪15‬‬ ‫الشكل‪:14‬الطرق القرطاجية القرطاجية‬

‫‪90‬‬
‫الفهارس‬

‫‪18‬‬ ‫الشكل‪:15‬ناكسوس االيطالية‬


‫‪11‬‬ ‫الشكل‪:16‬وسط سيراكو از التاريخي‬
‫‪12‬‬ ‫الشكل‪:17‬جبل ايريكس‬
‫‪47‬‬ ‫الشكل‪:18‬جزيرة ‪sardinia‬‬
‫‪53‬‬ ‫الشكل‪battle of himera :19‬‬
‫‪55‬‬ ‫الشكل‪:21‬القائد حنبعل‬
‫‪63‬‬ ‫الشكل‪:21‬اسبرطة و حلفائها‬
‫‪66‬‬ ‫الشكل‪:22‬بروز الفيلة في حروب القرطاجيين‬
‫‪67‬‬ ‫الشكل‪:23‬صورة لمنجنيق‬
‫‪69‬‬ ‫الشكل‪:24‬مجال نفوذ االمبراطورية القرطاجية‬
‫‪70‬‬ ‫الشكل‪:25‬بالد اليونان و منطقة بحر ايجه‬
‫‪71‬‬ ‫الشكل‪:26‬خليج اوتيكا‬
‫‪76‬‬ ‫الشكل‪:27‬سالوست‬
‫‪78‬‬ ‫الشكل‪:28‬االله باخوس‬

‫‪91‬‬
‫الفهارس‬

‫‪.5‬فهرس الموضوعات‬

‫مقدمة‪.......................................................... ........‬أ‬

‫الفصل االول‪ :‬مصادر دراسة تاريخ قرطاج و االغريق‬

‫تمهيد‪17..............................................................................‬‬

‫المبحث االول‪:‬المصادر المادية‪19......................................................‬‬

‫المطلب االول‪:‬عند القرطاجيين‪19...................................................‬‬

‫*الفخار‪11.........................................................‬‬

‫*العظم و العاج‪13................................................‬‬

‫*الحلي و المجوهرات‪14...........................................‬‬

‫*النقائش و االنصاب‪16...........................................‬‬

‫*النقود‪18.........................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬عند االغريق‪19.......................................................‬‬

‫*علم دراسة النقوش‪21............................................‬‬

‫*علم دراسة النقود و المسكوكات‪21...............................‬‬

‫*علم دراسة البردي‪22.............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬المصادر الكالسيكية‪24.................................................‬‬

‫المطلب االول‪:‬المؤرخين االغريق‪25..................................................‬‬

‫‪92‬‬
‫الفهارس‬

‫*هيرودوت‪25.....................................................‬‬

‫*ديودور الصقلي‪28...............................................‬‬

‫*بوليبيوس‪31.....................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المؤرخين الرومان‪34..............................................‬‬

‫*تيتيوس ليويوس‪34..............................................‬‬

‫*بوستينوس‪36....................................................‬‬

‫*شيشرون‪37.....................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الصراع العسكري القرطاجي االغريقي‬

‫تمهيد‪41...............................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬بداية التصادم القرطاجي االغريقي‪41...................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬الوجود القرطاجي االغريقي بصقلية‪41..............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تضارب المصالح و بداية التصادم‪45...............................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مراحل الصراع‪51......................................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬المرحلة االولى‪51..................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المرحلة الثانية‪54.................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المرحلة الثالثة‪58.................................................‬‬

‫‪93‬‬
‫الفهارس‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نهاية الصراع العسكري و اثاره على قرطاجة‬

‫المبحث االول‪ :‬نهاية الصراع و نتائجه‪62.............................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬نهاية الصراع‪62....................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نتائجه‪63..........................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اثاره على قرطاجة‪64..................................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬عسكريا و اقتصاديا‪65...............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اجتماعيا و دينيا‪75.................................................‬‬

‫خاتمة‪81...............................................................................‬‬

‫قائمة المصادر و المراجع‪82............................................................‬‬

‫الفهارس‬

‫فهرس االشخاص ‪87...................................................................‬‬

‫فهرس المدن و البلدان و االماكن‪88....................................................‬‬

‫فهرس االلهة‪91........................................................................‬‬

‫فهرس االشكال و الخرائط‪91............................................................‬‬

‫فهرس الموضوعات‪92..................................................................‬‬

‫‪94‬‬

You might also like