0% found this document useful (0 votes)
184 views168 pages

Klasik Tasavvuf Metinleri

Uploaded by

mha
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
184 views168 pages

Klasik Tasavvuf Metinleri

Uploaded by

mha
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 168

‫صفوة مصطلحات الصوفية‬

‫تأليف‪ :‬الدكتور يوسف خطار محمد‬


‫الطبعة األولى‪1442 :‬هـ ـ ‪2020‬م‬
‫الرقم التسلسلي‪ISBN: 978-605-06532-2-9 :‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة‪ ،‬اليسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق‬
‫بأي شكل من األشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف‪.‬‬ ‫استعادة المعلومات أو نقله ّ‬
‫‪All rights reserved. No part of this book may be reproduced, or transmitted in any form‬‬
‫‪or by any means without prior permission in writing from the Auther.‬‬

‫دار سنابل للتحقيق والطباعة والنشر‬


‫تركيا ـ اسطنبول ـ الفاتح ـ شارع فوزي باشا‬
‫جانب البريد التركي ـ الشارع العام ـ بناء (‪ )11‬مكتب (‪.)8‬‬
‫‪Akşemsettin Mahallesi, Fevzi Paşa Cd.‬‬
‫‪No: 11,8 - 34080 Fatih/İstanbul‬‬
‫هاتف‪(009021) 25235654 :‬‬
‫جوال‪(009055) 35053165 :‬‬
‫البريد اإللكتروني‪[email protected]:‬‬

‫‪BASKI‬‬
‫‪Step Ajans Matbaacılık Ltd Şti.‬‬
‫‪Göztepe Mah. Bosna Cad. No. 11‬‬
‫‪ İSTANBUL‬ـ ‪Bağcılar‬‬
‫‪Tel: 0212. 446 88 46‬‬
‫‪Matbaa Sertifika No: 12266‬‬
‫﴿‪﴾5‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الحمد هلل‪ ،‬وسالم على عباده الذين اصطفى‪ ،‬ممن سبقت لهم من اهلل الحسنى‬
‫فاستقاموا على نهج الشريعة مستجيبين لدواعي الطريقة‪ ،‬موفين بعهد الحقيقة‪،‬‬
‫ً‬
‫قلوبهم محل لتعريفه‪ ،‬ورقاهم إلى‬ ‫أولئك الذين أنعم اهلل عليهم بتشريفه‪ ،‬فجعل‬
‫حضرة الصفا من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفي ًقا‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فإن لكل علم مصطلحاته التي تعتبر مفاتيح دراسته وفهمه واستيعابه‪ ،‬درج‬
‫ً‬
‫واألصول مثل يتعذر فهمه على دارسه‬ ‫على وضعها المختصون فيه‪ ،‬فعلم الفقه‬
‫قبل معرفة مصطلحاته الفنية التي تواطأ علماء الفقه واألصول على وضعها‪،‬‬
‫وهكذا الشأن في التوحيد والمنطق ومصطلح الحديث وعلوم القرآن وسائر‬
‫العلوم بقسميها اإلنساني والعلمي‪.‬‬

‫وكذلك السادة الصوفية لهم مصطلحات خاصة ال يفهمها إال من كان‬


‫متعم ًقا في هذا العلم‪.‬‬

‫قال اإلمام القشيري رحمه اهلل تعالى في رسالته‪:‬‬

‫اعلم أن لكل طائفة من العلماء ألفا ًظا يستعملونها‪ ،‬وقد انفردوا بها عمن‬
‫سواهم ألغراض لهم فيها من تقريب الفهم على المتخاطبين بها‪ ،‬أو للوقوف‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿‪﴾6‬‬
‫على معانيها بإطالقها‪ ،‬ويستعملون ألفا ًظا فيما بينهم‪ ،‬قصدوا بها الكشف عن‬
‫معانيها‪.‬‬

‫وقد قصدت في هذا الكتاب تبيين معاني هذه المصطلحات‪ ،‬وتقريب‬


‫فهمها لقارئ كتب التصوف‪ ،‬مرتبة حسب أحرف الهجاء‪.‬‬
‫ً‬
‫سائل اهلل عز وجل القبول واإلخالص‬

‫والحمد هلل رب العالمين‬


‫﴿‪﴾7‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • االحتاد واحللول‪:  ‬‬

‫االتحاد‪ :‬المعنى الظاهر‪ :‬اتحاد الذات اإللهية بالذات البشرية‪ ،‬والحلول‪:‬‬


‫أن تحل الذات اإللهية بالذات البشرية أي يحل الالهوت بالناسوت وهذا كله‬
‫كفر‪ ،‬وهي عقيدة النصارى‪.‬‬

‫قال اإلمام الشعراني رضي اهلل عنه‪:‬‬

‫لعمري إذا كان عباد األوثان لم يتجرؤوا أن يجعلوا آلهتهم عين اهلل‪ ،‬بل‬
‫قالوا‪﴿ :‬ﮐﮑﮒﮓ ﮔ ﮕﮖ﴾(((‪.‬‬

‫فكيف يُظن بأولياء اهلل تعالى أنهم يدعون االتحاد بالحق على حد ما تتعقله‬
‫العقول الضعيفة؟!‬

‫هذا كالمحال في حقهم رضي اهلل عنهم‪ ،‬إذ ما من ولي إال وهو يعلم‬
‫أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق‪ ،‬وأنها الخارجة عن جميع معلومات ‬
‫الخالئق‪ ،‬ألن اهلل بكل شيء محيط(((‪.‬‬

‫وقال الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه اهلل تعالى في عقيدته الصغرى‪:‬‬
‫تعالى الحق أن تحله الحوادث أو يحلها‪.‬‬
‫وقال ً‬
‫أيضا‪ :‬اعلم أن اهلل تعالى واحد باإلجماع‪ ،‬ومقام الواحد يتعالى أن‬
‫يحل فيه شيء أو يحل في شيء أو يتحد في شيء‪.‬‬

‫((( [سورة الزمر‪ ،‬اآلية‪.]3 :‬‬


‫((( اليواقيت والجواهر (‪.)83/1‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿‪﴾8‬‬
‫ً‬
‫قط محل‬ ‫وقال في الباب التاسع والستين بعد المئة‪ :‬القديم ال يكون‬
‫للحوادث وال يكون ً‬
‫حال في الحوادث(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه اهلل تعالى ً‬
‫أيضا‪:‬‬
‫ال يجوز لعارف أن يقول‪ :‬أنا اهلل‪ ،‬ولو بلغ أقصى درجات القرب‪ ،‬وحاشا ‬
‫العارف من هذا القول حاشاه‪ ،‬إنما يقول‪ :‬أنا العبد الذليل في المسير والمقيل(((‪.‬‬
‫وقال العالمة جالل الدين السيوطي رحمه اهلل تعالى في كتابه (الحاوي‬
‫للفتاوى)‪:‬‬
‫واعلم أنه وقع في عبارة بعض المحققين لفظ االتحاد‪ ،‬إشارة منهم إلى‬
‫حقيقة التوحيد‪ ،‬فإن االتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد‪ ،‬والتوحيد معرفة ‬
‫الواحد واألحد‪ ،‬فاشتبه ذلك على من ال يفهم إشارتهم فحملوه على غير‬
‫محمله‪ ،‬فغلطوا وهلكوا بذلك‪.‬‬
‫وقال الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه اهلل تعالى ً‬
‫أيضا في باب األسرار‪:‬‬
‫الحادث ال يخلو عن الحوادث‪ ،‬ولو حل بالحادث القديم لصح قول أهل‬
‫ً‬
‫يكون محل‪.‬‬ ‫التجسيم فالقديم ال يحل وال‬
‫وجاء في شعر الشيخ محيي الدين بن عربي ما ينفي االتحاد والحلول‬
‫كقوله‪:‬‬
‫بأنـــه باإللـــه الواحـــد اتحـــدا‬ ‫ودع مقالـــة قـــوم قـــال عالمهـــم‬

‫((( الفتوحات المكية كما هو في اليواقيت والجواهر (‪.)81 -80/1‬‬


‫((( المرجع السابق‪.‬‬
‫﴿‪﴾9‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫إال جهــول به عــن عقله شــردا‬ ‫االتحــاد محــال ال يقــول بــه‬

‫فاعبــد إلهك ال تشــرك بــه أحدا‬ ‫وعــن حقيقتــه وعــن شــريعته‬

‫وقال ً‬
‫أيضا في باب األسرار‪:‬‬

‫من قال بالحلول فهو معلول‪ ،‬فإن القول بالحلول مرض ال يزول‪،‬‬
‫وما قال باالتحاد إال أهل اإللحاد‪ ،‬كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل‬
‫والفضول‪.‬‬

‫وقال صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول‬
‫واإللحاد‪:‬‬

‫حدثني الشيخ كمال الدين المراغي قال‪ :‬اجتمعت بالشيخ أبي العباس‬
‫المرسي تلميذ العارف باهلل أبي الحسن الشاذلي وفاوضته في هؤالء االتحادية ‬
‫فوجدته شديد اإلنكار عليهم والنهي عن طريقهم‪ ،‬وقال‪ :‬أتكون الصنعة هي‬
‫عين الصانع؟!(((‪.‬‬

‫وأما ما ورد من كالم السادة الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول‬
‫واالتحاد‪ ،‬فهو إما مدسوس عليهم بدليل ما سبق من صريح كالمهم في نفي هذه‬
‫العقيدة الضالة‪ ،‬وإما لم يقصدوا به القول بهذه العقيدة الضالة‪ ،‬ولكن المغرضين‬
‫حملوا المتشابه من كالمهم على هذا الفهم الخاطئ‪ ،‬ورموهم بالكفر والضالل‪،‬‬
‫وأما العلماء المنصفون فقد فهموا كالمهم على معناه الصحيح الموافق لعقيدة ‬

‫((( الحاوي للفتاوى (‪.)134/2‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 10‬‬
‫أهل السنة والجماعة وأولوه بما يالئم ما ورد عنهم من نصوص صريحة موافقة ‬
‫لعقيدة أهل السنة والجماعة(((‪.‬‬
‫ورحم اهلل السيد علي بن وفا إذ قال‪:‬‬
‫وقلبــي مــن ســوى التوحيــد خـ ٍ‬
‫ـال‬ ‫ً‬
‫حلـــول واتحـــادًا‬ ‫وظنـــوا بـــي‬

‫ • اإلجازة‪: ‬‬

‫هي مصدر أجا َز‪ ،‬وهي لغة بمعنى‪ّ :‬‬


‫طي المسافة‪ ،‬وترك المكان‪ ،‬واالنقضاء‪،‬‬
‫وإعطاء اإلذن لشخص‪ ،‬وهو عند الصوفية تفويض الشيخ لبعض مريديه بتلقين‬
‫ِورد أو أكثر لغيره كتابة أو مشافهة‪ ،‬وقد يكون التفويض مطل ًقا فيشمل جميع‬
‫األوراد في مختلف األوقات واألزمان‪ ،‬وقد تكون اإلجازة بزمن أو بفئة من‬
‫الناس‪ ،‬وهي ال تكون بقرار شخصي‪.‬‬

‫ • اإلحسان‪: ‬‬
‫هو التح ّقق بالعبودية على مشاهدة حضرة الربوبية بنور البصيرة‪ ،‬أي رؤية ‬
‫الحق موصوفًا بصفاته بعين صفته فهو يراه يقينًا وال يراه حقيقة‪.‬‬
‫ولهذا قال عليه الصالة والسالم‪« :‬كأنّك تراه»‪.‬‬
‫ألنه يراه وراء حجب صفاته بعين صفاته ألنه في عين اليقين فال يرى‬
‫الحقيقة بالحقيقة‪ ،‬ألنه تعالى هو الرائي وصفه بوصفه‪ ،‬وهو دون مقام المشاهدة ‬
‫في مقام الروح‪.‬‬

‫((( للتوسع انظر‪ :‬الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية (‪.)440 -437‬‬
‫﴿ ‪﴾ 11‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • األحوال‪: ‬‬
‫هي المواهب الفيّاضة على العبد من ربّه‪.‬‬
‫إما واردة عليه ميراثًا للعمل الصالح المزكي للنفس الم ّ‬
‫صفي للقلب‪ ،‬وإما ‬
‫ً‬
‫ا محضا‪.‬‬ ‫نازلة من الحق امتنان ً‬

‫خلُقية ودرجات القرب‪،‬‬


‫حول العبد بها من الرسوم ال ُ‬ ‫ً‬
‫أحوال لت ّ‬ ‫وإنما س ّميت‬
‫وذلك هو معنى الترقي‪.‬‬

‫ • أخذ العهد (املبايعة)‪: ‬‬

‫المبايعة عند أخذ الطريق مصافحة ومعاهدة‪ ،‬وهي‪« :‬أن يجلس المريد بين‬
‫يدي الشيخ يتلقى عنه ما تفرضه الطريق من واجبات‪ ،‬ولذلك يقال‪ :‬فالن أخ َذ‬
‫العهد‪ :‬أي قطع على نفسه عهدًا أن يعمل فيها وأن يطيع أوامر الشيخ» ذلك ألن‬
‫النفس فيها عيوب‪ ،‬ومن أراد أن يعرف عيوب نفسه فعليه أن يجلس بين يدي‬
‫شيخ بصير بعيوب النفس‪ّ ،‬‬
‫ مطلع على خفايا اآلفات‪.‬‬

‫كما قال اإلمام الغزالي‪ :‬ويحكمه في نفسه ويتبع إشارته في مجاهداته وهذا ‬
‫شأن المريد مع شيخه‪ ،‬والتلميذ مع أستاذه‪ ،‬فيعرفه طرق عالجه‪ ،‬فيأخذ المريد‬
‫العهد أن يعمل بنصائح شيخه‪ ،‬فيطيعه في كل ما أمر به‪ ،‬وينتهي عما نهاه عنه‪.‬‬

‫فإذا أخ َّل المريد أو السالك بذلك العهد‪ ،‬بقي على عيوبه ولم يرتق في سلّم‬
‫الكماالت‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 12‬‬
‫ • اإلخالص‪: ‬‬

‫هو ما أريد به اهلل من أي عمل كان‪.‬‬

‫وقال رويم‪ :‬اإلخالص‪ :‬ارتفاع رؤيتك من الفعل‪.‬‬

‫وقال الجرجاني‪ :‬أن ال تطلب لعملك شاهدًا غير اهلل‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬اإلخالص‪ :‬تصفية األعمال من الكدورات‪.‬‬

‫سر بين العبد وبين اهلل‪ ،‬ال يعلمه ملَك فيكتبه‪ ،‬وال شيطان‬
‫وقيل‪ :‬اإلخالص‪ّ :‬‬
‫فيفسده‪ ،‬وال هوى فيميله‪.‬‬

‫و الفرق بين اإلخالص والصدق‪ :‬أن الصدق أصل وهو األول‪ ،‬واإلخالص‬
‫فرع وهو تابع‪.‬‬

‫وفرق آخر‪ :‬أ ّن اإلخالص ال يكون إال بعد الدخول في العمل‪.‬‬

‫ • األدب‪: ‬‬

‫كل رياضة محمودة يتخرج بها اإلنسان في فضيلة من الفضائل فإنها يقع‬
‫عليها اسم األدب‪ ،‬وما وصف به من أخالق حميدة يسمى أدبًا‪.‬‬

‫وصار األدب عند العرب يستخدم في مكارم األخالق‪.‬‬

‫قال السري السقطي‪ :‬األدب ترجمان العقل‪.‬‬

‫وقال أبو حفص‪ :‬حسن األدب في الظاهر عنوان األدب في الباطن‪.‬‬


‫﴿ ‪﴾ 13‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال أبو علي الدقاق‪ :‬العبد يصل بطاعته إلى الجنة‪ ،‬وبأدبه في طاعته إلى‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري‪ :‬ال يتعلم أحد العلم حتى يتعلم األدب‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬من أساء األدب في الظاهر عوقب في الظاهر‪ ،‬ومن أساء األدب في‬
‫الباطن عوقب في الباطن‪.‬‬
‫وقال أبو عثمان‪ :‬إذا صحت المحبة تأكد على المحب مالزمة األدب(((‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه»(((‪.‬‬
‫وقال السيد أحمد الرفاعي رضي اهلل عنه‪ :‬كل اآلداب منحصرة في متابعة ‬
‫وحال‪ ،‬و ُخلُ ًقا‪ ،‬بميزان الشريعة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفعل‪،‬‬ ‫النبي ﷺ ً‬
‫قول‪،‬‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬ﮀﮁﮂﮃﮄﮅ﴾(((‪.‬‬
‫من التزم اآلداب الظاهرة دخل جنسية القوم‪ ،‬وحسب في عدادهم‪ ،‬ومن‬
‫لم يلتزم اآلداب الظاهرة فهو فيهم غير‪ ،‬ال يلتبس حاله عليهم‪ ،‬ألن استعمال‬
‫اآلداب دليل الجنسية‪ ،‬بل تكون علة الضم‪ ،‬قال رويم رحمه اهلل تعالى‪ :‬التصوف‬
‫كله أدب‪.‬‬
‫وهذا األدب الذي أشارت إليه الطائفة‪ ،‬أدب الشرع(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬الكليات (‪ ،)65‬أبواب التصوف‪ ،‬باب (األدب)‪.‬‬


‫((( أخرجه أحمد في مسنده (‪ ،)185/2‬والترمذي في سننه (‪.)1920‬‬
‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]38 :‬‬
‫((( البرهان المؤيد (‪.)65 -64‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 14‬‬
‫وقال اإلمام القشيري رضي اهلل عنه‪ :‬لو لم يكن للمريد من معرفة مقام‬
‫األدب مع الشيخ إال قول سيدنا موسى عليه الصالة والسالم للخضر‪﴿ :‬ﮏ‬
‫ﮐ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﴾((( لكان في ذلك كفاية‪.‬‬
‫وقال اإلمام بهاء الدين الرواس رضي اهلل عنه‪ :‬ومن األدب احترام األولياء‬
‫والصالحين العلماء‪ ،‬ألنهم ورثة األنبياء على الحقيقة‪ ،‬وإجالل شأنهم أحياء‬
‫كانوا أو أمواتًا‪.‬‬
‫وكفاك نص الكتاب المكنون‪﴿ :‬ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬
‫ﭚ﴾(((‪.‬‬
‫والوالية اختصاص بالرحمة من الرحيم المنعم الكريم‪ ،‬ليست مقيدة بحياة ‬
‫أو موت بل لما كانت من الرحمة ففي حالة الموت هي أعم وأليق(((‪.‬‬
‫وقال عبد اهلل بن المبارك رضي اهلل عنه‪ :‬نحن إلى قليل من األدب أحوج‬
‫منا إلى كثير من العلم‪.‬‬
‫وقال اإلمام النوري رضي اهلل عنه‪ :‬من لم يتأدب للوقت فوقته مقت‪.‬‬
‫وقال سيدنا ذو النون رضي اهلل عنه‪ :‬إذا خرج المريد عن حد استعمال‬
‫األدب فإنه يرجع من حيث جاء‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ما انقطع من انقطع عن طريق القوم إال بسبب قلة األدب‪.‬‬

‫((( [سورة الكهف‪ ،‬اآلية‪.]66 :‬‬


‫((( [سورة يونس‪ ،‬اآلية‪.]62 :‬‬
‫((( المجموعة النادرة ألبناء اآلخرة (‪.)142 -141‬‬
‫﴿ ‪﴾ 15‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال سيدنا سهل التستري رضي اهلل عنه‪ :‬من تأدب بأدب اهلل تعالى صار‬
‫من أهل محبة اهلل تعالى‪.‬‬
‫وقال ً‬
‫أيضا‪ :‬من قهر نفسه باألدب فهو يعبد اهلل باإلخالص‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬كمال األدب ال يصفو إال لألنبياء والصديقين(((‪.‬‬
‫وقال أبو علــي رحمه اهلل تعالى‪ :‬ترك األدب يوجب الطرد‪ ،‬فمن أســاء‬
‫األدب على البساط ُردَّ إلى الباب‪ ،‬ومن أساء األدب على الباب ُردَّ إلى سياسة ‬
‫الدواب‪.‬‬
‫وقال أبو نصر السراج رحمه اهلل تعالى‪ :‬إن أهل الخصوصية‪ ،‬أكثر آدابهم‬
‫في طهارة القلوب‪ ،‬ومراعاة األسرار‪ ،‬والوفاء بالعهود‪ ،‬وحفظ الوقت‪ ،‬وقلة ‬
‫االلتفات إلى الخواطر‪ ،‬وحسن األدب في مواقف الطلب وأوقات الحضور‬
‫ومقامات القرب(((‪.‬‬
‫إذا مر بذكر‪ ‬اهلل‬
‫َّ‬ ‫وقال اإلمام النووي رضي اهلل عنه‪ :‬يستحب لكاتب الحديث‬
‫عز وجل أن يكتب‪( :‬عز وجل) أو (تعالى) أو (سبحانه وتعالى) أو (تبارك‬
‫وتعالى) أو (ج َّل ذكره) أو (تبارك اسمه) أو (جلَّت عظمته) أو ما شابه ذلك(((‪.‬‬
‫ًا إليهما وال مقتصرا على‬
‫ً‬ ‫وكذلك يكتب عند ذكر النبي ﷺ بكمالها‪ ،‬ال رامز‬
‫أحدهما‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية‪ ،‬باب األدب (‪.)438 -434‬‬


‫((( مدارج السالكين (‪.)568‬‬
‫((( مقدمة شرح مسلم (‪.)39‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 16‬‬
‫وكذلك يقول عند ذكر الصحابي‪( :‬رضي اهلل عنه)‪.‬‬
‫فإن كان صحابيًا ابن صحابي قال‪( :‬رضي اهلل عنهما)‪.‬‬
‫كذلك يترضى ويترحم على سائر العلماء واألخيار ـ أي يستحب ذلك‬
‫أيضا ـ ويكتب كل هذا وإن لم يكن مكتوبًا في األصل الذي يَن ُقل منه فإن هذا ‬
‫ً‬
‫ليس رواية وإنما هو دعاء‪.‬‬
‫وقال اإلمام النووي رحمه اهلل تعالى‪ :‬يستحب الترضي والترحم على‬
‫الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء وال ُعبَّاد وسائر األخيار‪ ،‬فيقال‪:‬‬
‫(رضي اهلل عنه) أو (رحمه اهلل) ونحو ذلك(((‪.‬‬
‫وأما ما قاله بعض أهل العلم إن قوله‪( :‬رضي اهلل عنه) مخصوص‬
‫بالصحابة‪ ،‬ويقال في غيرهم‪( :‬رحمه اهلل) فقط‪ ،‬فليس كما قال‪ ،‬وال يوافق عليه‪،‬‬
‫بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه ودالئله أكثر من أن تحصر‪ ،‬قال‬
‫الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه اهلل تعالى ومنها قوله تعالى‪﴿ :‬ﯝ ﯞﯟ‬
‫ﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥ* ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬
‫ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦﭧ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه اهلل تعالى‪ :‬ثم إن ذكر العلماء‬
‫هو من صلْب العمل‬
‫ُ‬ ‫المعتبرين وال ُعبَّاد الصالحين بوصف التعظيم واإلجالل‪،‬‬
‫أيضا وليس من التطويل أو الفضول في شيء(((‪.‬‬
‫بالعلم‪ ،‬ومن متطلبات العلم ً‬

‫((( األذكار (‪.)100‬‬


‫((( [سورة البينة‪ ،‬اآلية‪.]8 -7 :‬‬
‫((( رسالة المسترشدين (‪.)15‬‬
‫﴿ ‪﴾ 17‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ومن األدب أن نذكر لفظ السيادة قبل اسم الحبيب محمد ﷺ وذلك لقوله‬
‫عليه الصالة والسالم‪« :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة»((( وفي رواية‪« :‬أنا سيد ولد‬
‫آدم يوم القيامة وال فخر»(((‪.‬‬
‫وقوله عليه الصالة والسالم‪« :‬أنا سيد الناس يوم القيامة»(((‪.‬‬
‫وفي رواية للبيهقي‪« :‬أنا سيد العالمين»‪.‬‬
‫ومن األدب ً‬
‫أيضا أن نذكر لفظ السيادة قبل ذكر أسماء الصحابة والتابعين‬
‫ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين من العلماء واألولياء الصالحين واألدلة في‬
‫هذا الباب كثيرة منها‪:‬‬
‫قال ﷺ لسيدنا الحسن بن علي رضي اهلل عنهما‪« :‬إن ابني هذا سيد ولعل‪ ‬اهلل‬
‫(((‬
‫يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»‬
‫وقال ﷺ للسيدة فاطمة رضي اهلل عنها‪« :‬أما ترضين أن تكوني سيدة نساء‬
‫الجنة»(((‪.‬‬
‫وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪( :‬أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا‪،‬‬
‫يعني ً‬
‫بالل)(((‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)5899‬‬


‫((( رواه الترمذي في سننه (‪.)3148‬‬
‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪ )3340‬ومسلم (‪.)479‬‬
‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪..)31/3‬‬
‫((( أخرجه الترمذي في سننه (‪.)3781‬‬
‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪.)32/3‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 18‬‬
‫وقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»(((‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من األولين واآلخرين إال‬
‫النبيين والمرسلين»(((‪.‬‬

‫ • اإلرادة‪ : ‬جمر من نار المحبة في القلب مقتضية إلجابة دواعي الحقيقة‪.‬‬

‫ • االستدراج‪: ‬‬

‫هو األمر الخارق الذي يظهر من الكفار وأهل الفسق واألهواء‪ ،‬أي‪ :‬من‬
‫كان مردودًا عن طاعة اهلل‪.‬‬
‫وهو أنواع‪ :‬فمنه المكر‪ ،‬والكيد‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬واإلهالك‪.‬‬
‫والفرق بين الكرامات واالستدراجات‪:‬‬
‫أن صاحب الكرامة ال يستأنس بتلك الكرامة‪ ،‬بل عند ظهور الكرامة يصير‬
‫خوفه من اهلل أشدّ‪ ،‬وحذره من قهره أقوى‪ ،‬فإنه يخاف أن يكون ذلك من باب‬
‫االستدراج‪.‬‬
‫وأما صاحب االستدراج فإنه يستأنس بذلك الذي يظهر عليه ويظن أنه إنما ‬
‫عليه‪ ،‬فيحصل‬
‫ّ‬ ‫وجد تلك الكرامة ألنه يستحقها‪ ،‬وحينئذ يستحقر غيره ويتكبّر‬
‫مكر اهلل وعقابه‪.‬‬

‫((( رواه الترمذي في سننه (‪ )3768‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح ورمز السيوطي‬
‫لصحته‪.‬‬
‫((( رواه الترمذي في سننه (‪.)3664‬‬
‫﴿ ‪﴾ 19‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • االسم‪ : ‬هو الحاكم على العبد في الوقت الحاضر‪ .‬فإ ّن طرق تجلي الحق‬
‫دائ ًما من األسماء اإللهية‪.‬‬

‫ • االسم األعظم‪: ‬‬

‫هو االسم الجامع لجميع األسماء‪ ،‬وقيل‪ :‬هو اهلل‪ :‬ألنه اسم الذات الموصوفة ‬
‫بجميع الصفات أي المسماة بجميع األسماء‪.‬‬

‫ولهذا يطلقون الحضرة اإللهية على حضرة الذات مع جميع األسماء‪.‬‬

‫ • اإلشارة‪: ‬‬

‫خفي يدركه المخلص بقلبه وروحه‪،‬‬


‫ٌّ‬ ‫هي أبلغ من العبارة‪ ،‬فاإلشارة علم‬
‫ويدركها األكابر من أهل العلم‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬إن اللبيب من اإلشارة يفهم‪.‬‬

‫وقالوا‪ :‬اإلشارة هي اإلبانة عما يتضمنه الوجد من المشار إليه‪.‬‬

‫وقالوا‪ :‬اإلشارة إلى العمل طريق الورع‪.‬‬

‫واإلشارة إلى العلم طريق العبادة‪.‬‬

‫واإلشارة إلى األمن في الرزق طريق الزهد‪.‬‬

‫واإلشارة إلى اآليات طريق األبدال‪.‬‬

‫واإلشارة إلى اآلالء طريق العارفين‪.‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 20‬‬
‫ • االصطالم‪ : ‬هو الوله الغالب‪ ،‬وهو قريب من الهيمان‪.‬‬

‫واالصطالم‪ :‬نعت َول ٍه يرد على القلب‪ ،‬فيسكن تحت سلطانه‪.‬‬

‫ • األفراد‪ : ‬هم الرجال الخارجون عن نظر القطب‪.‬‬

‫ • األفق األعلى‪ : ‬هو نهاية مقام الروح‪ ،‬وهي الحضرة الواحدية والحضرة ‬
‫األلوهية‪.‬‬

‫ • األفق املبني‪ : ‬هو نهاية مقام القلب‪.‬‬

‫ • األقطاب واألبدال والنجباء والنقباء واألخيار‪: ‬‬

‫القطب‪ :‬قطب القوم سيدهم الذي يدور عليه أمرهم(((‪.‬‬


‫ج َمل‪ ،‬وقال ابن‬ ‫األبدال‪ :‬هم األولياء وال ُعبَّاد‪ ،‬واحده بِدْل ِ‬
‫كح ْمل‪ ،‬أو بَدَل ك َ‬
‫دريد‪ :‬الواحد بديل‪.‬‬
‫سموا بذلك؛ ألنهم كلما مات واحد منهم أبدل اهلل تعالى مكانه آخر(((‪.‬‬
‫ويصير البدل ً‬
‫بدل بأربعة‪ ،‬ذكرها أبو طالب المكي في كتابه (قوت القلوب)‬
‫وهي‪:‬‬
‫ العزلة‪.‬‬
‫الصمت‪.‬‬
‫ السهر‪.‬‬
‫الجوع‪.‬‬

‫((( مختار الصحاح (‪.)344‬‬


‫((( المرجع السابق (‪.)31‬‬
‫﴿ ‪﴾ 21‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ونظم بعضهم هذه األربعة بهذه األبيات من الشعر‪:‬‬


‫ســاداتنا فيــه مــن األبــدال‬ ‫بيــت الواليــة قســمت أركانــه‬

‫والجوع والســهر النزيــه الغالي‬ ‫مــا بيــن صمــت واعتــزال دائم‬


‫وقال محمد بن أبي بكر الرازي‪:‬‬
‫األبدال‪ :‬قوم من الصالحين ال تخلو الدنيا منهم إذا مات واحد منهم أبدل‪ ‬اهلل‬
‫تعالى مكانه آخر(((‪.‬‬
‫النقيب‪ :‬العريف وهو شاهد القوم وضمينهم وجمعه نقباء(((‪.‬‬
‫واألبدال على قلب سيدنا إبراهيم عليه الصالة والسالم‪.‬‬
‫قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬األبدال بالشام وهم أربعون ً‬
‫رجل كلما مات رجل‬
‫أبدل اهلل مكانه ً‬
‫رجل‪ ،‬يُسقى بهم الغيث‪ ،‬ويُنتصر بهم على األعداء‪ ،‬ويُصرف‬
‫عن أهل الشام بهم العذاب»(((‪.‬‬
‫ً‬
‫رجل مثل خليل‬ ‫وقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬لن تخلو األرض من أربعين‬
‫الرحمن‪ ،‬فبهم يُسقون‪ ،‬وبهم ينصرون‪ ،‬ما مات منهم أحد إال أبدل‪ ‬اهلل مكانه‬
‫آخر»(((‪.‬‬

‫((( مختار الصحاح (‪.)31‬‬


‫((( المرجع السابق (‪.)425‬‬
‫((( أخرجه أحمد في مسنده (‪ ،)112/1‬وأورده السيوطي في الجامع الصغير (‪)3035‬‬
‫ورمز لحسنه‪ ،‬وقال الهندي في كنز العمال (‪ :)34607‬سنده صحيح‪.‬‬
‫((( ذكره السيوطي في الجامع الصغير (‪ )7380‬وعزاه للطبراني وحسنه‪ ،‬وأورده‬
‫الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )63/10‬وقال‪ :‬إسناده حسن‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 22‬‬
‫وقال سيدنا علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ :‬األبدال بالشام‪ ،‬والنجباء‬
‫بالكوفة(((‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬أال إن األوتاد من أبناء الكوفة‪ ،‬ومن أهل الشام أبدال(((‪.‬‬
‫وقال ً‬
‫وقال ً‬
‫أيضا‪ :‬األبــدال بالشام‪ ،‬والنجباء من أهل مصر‪ ،‬واألخيار من أهل‬
‫العراق(((‪.‬‬
‫وقال أبو سليمان الداراني رضي اهلل عنه‪ :‬األبدال بالشام‪ ،‬والنجباء بمصر‪،‬‬
‫والعصب باليمن‪ ،‬واألخيار بالعراق(((‪.‬‬
‫وقال الكتاني‪ :‬النقباء ثالث مئة‪ ،‬والنجباء سبعون‪ ،‬والبدالء أربعون‪ ،‬واألخيار‬
‫سبعة‪ ،‬والعمد أربعة‪ ،‬والغوث واحد‪ ،‬فمسكن النقباء المغرب‪ ،‬ومسكن النجباء‬
‫مصر‪ ،‬ومسكن األبدال الشام‪ ،‬واألخيار سيَّاحون في األرض‪ ،‬والعمد في زوايا ‬
‫األرض‪ ،‬ومسكن الغوث مكة‪ ،‬فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها ‬
‫النقباء‪ ،‬ثم النجباء‪ ،‬ثم األبدال‪ ،‬ثم األخيار‪ ،‬ثم العمد‪ ،‬فإن أجيبوا وإال ابتهل‬
‫الغوث‪ ،‬فال تتم مسألته حتى تجاب دعوته(((‪.‬‬
‫وقال بعض العارفين‪ :‬القطب هو الواحد الذي على قلب إسرافيل‪ ،‬ومكانه‬
‫من األولياء كالنقطة في الدنيا هي مركزها‪ ،‬وبه يقع صالح العالم(((‪.‬‬

‫((( أخرجه ابن عساكر في تاريخه (‪ 114/1‬مختصر)‪.‬‬


‫((( المرجع السابق (‪ 115/1‬مختصر)‪.‬‬
‫((( المرجع السابق (‪ 114/1‬مختصر)‪.‬‬
‫((( ذكره السيوطي في الحاوي (‪.)467/2‬‬
‫((( أخرجه ابن عساكر في تاريخه (‪ 116/1‬مختصر)‪.‬‬
‫((( ذكره السيوطي في الخبر الدال (‪.)62‬‬
‫﴿ ‪﴾ 23‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ً‬
‫أبدال بأربعة‪ :‬قلة ‬ ‫وقال سهل التستري رضي اهلل عنه‪ :‬صارت األبدال‬
‫الكالم‪ ،‬وقلة الطعام‪ ،‬وقلة المنام‪ ،‬واعتزال األنام(((‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬يعرف األولياء في الخلق‪ :‬بلطف لسانهم‪ ،‬وحسن أخالقهم‪ ،‬وسخاوة ‬


‫أنفسهم‪ ،‬وبشاشة وجوههم‪ ،‬وقلة اعتراضهم‪ ،‬وقبول عذر من اعتذر إليهم‪ ،‬وتمام‬
‫الشفقة على جميع الخلق برهم وفاجرهم(((‪.‬‬

‫ى في الر ْوع بطريق الفيض‪.‬‬


‫َّ‬ ‫ • اإلهلام‪ : ‬هو ما يُلْ َق‬

‫وقيل‪ :‬اإللهام‪ :‬هو ما وقع في القلب من علم وهو يدعو إلى العمل من‬
‫جة‪ ،‬وهو ليس بحجة عند العلماء إال عند‬
‫غير استدالل بآية وال نظر في ح ّ‬
‫الصوفيين(((‪.‬‬
‫وأقول حجة عند الصوفيين بشروط‪:‬‬
‫أن تكون أنوار اإللهام موافقة للكتاب والسنة‪.‬‬
‫أن يحتفظ بها لنفسه وال يجوز له فرضها على أحد‪.‬‬
‫وهناك فرق بين اإللهام والوسوسة‪:‬‬
‫فاإللهام‪ :‬ما يلقى في الروع بطريق الفيض‪.‬‬
‫َّ‬
‫والوسوسة‪ :‬ما يلقى في الروع بطريق غير الفيض‪.‬‬
‫َّ‬

‫((( ذكره السيوطي في الخبر الدال (‪.)68‬‬


‫((( تنوير السائل (‪.)227‬‬
‫((( التعريفات (‪.)91‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 24‬‬
‫ويكون اإللهام من قبل اهلل مباشرة أو بواسطة ملك من المالئكة‪ ،‬واإللهام‬
‫يدعو إلى العمل الصالح‪ ،‬ويعمل الملهم به ما لم يخالف حجة شرعية ثابتة ‬
‫قياسا‪ ،‬واستدلوا على اإللهام بأدلة منها‪:‬‬
‫سواء كانت إجماعًا أو ً‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫﭬ﴾(((‪.‬‬

‫قال األلوسي في تفسيره عند هذه اآلية‪ :‬المراد باإليحاء عند الجمهور ما ‬
‫كان بإلهام كما في قوله تعالى‪﴿ :‬ﮇﮈﮉ ﮊ﴾(((‪.((( ‬‬

‫وقوله تعالى‪ ﴿ :‬ﮩﮪﮫ ﮬ ﴾(((‪.‬‬

‫ويختلف اإللهام الذي هو من اهلل‪ ،‬عن الهاجس الذي هو حديث النفس‬


‫وعن الوسواس الذي هو من الشيطان وإذا كان الخطاب من اهلل تعالى فمكانه‬
‫القلب‪ ،‬وهذا ما يدعى بالخاطر‪ ،‬وإذا كان بواسطة الملك فيعلم صدقه بموافقة ‬
‫الشرع‪.‬‬

‫أهم الطرق المؤدية لإللهام‪:‬‬

‫هي التزام الشرع في األمر والنهي‪ ،‬والبعد عن الشهوات‪ ،‬والتقرب إلى اهلل‬
‫بمزيد الطاعات والعبادات والمجاهدات‪.‬‬

‫((( [سورة القصص‪ ،‬اآلية‪.]7 :‬‬


‫((( [سورة النحل‪ ،‬اآلية‪.]68 :‬‬
‫((( تفسير األلوسي (‪.)170/16‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]111 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 25‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯸ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ﴾(((‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭿﮀﮁﮂ ﮃﮄﮅ ﮆﮇﮈﮉﮊ﴾(((‪.‬‬


‫والمراد بالعلم اللدني‪ :‬هو ما حصل عن طريق اإللهام بدون تكلف أو‬
‫طلب‪ ،‬وهو ما مَ َّن اهلل به على قلوب أوليائه من المعارف التي يتحقق بها ‬
‫اإلصالح للخلق‪.‬‬

‫ويرى الغزالي رحمه اهلل أن مجاهدة النفس طريق اإللهام‪.‬‬

‫وال بد قبل كل شي‪ :‬من التفقه بالدين وتحصيل العلوم الشرعية ثم التجمل‬
‫بأخالق الشرع واالبتعاد عن الشهوات والشبهات‪.‬‬

‫ • األنانة‪ : ‬قولك أنا‪.‬‬

‫ • األنانية‪ : ‬هي الحقيقة التي يضاف إليها كل شيء من العبد‪ ،‬كقوله‪ :‬نفسي‪،‬‬
‫قلبي‪ ،‬يدي‪...‬‬

‫ • االنتباه‪ : ‬زجر الحق للعبيد على طريق العناية‪.‬‬

‫ • االنزعاج‪ : ‬هو أثر الواعظ الذي في قلب المؤمن‪ ،‬وقد يطلق ويراد به‪ :‬التحرك‬
‫للوجد واألنس‪.‬‬

‫ • األنس‪ : ‬هو فرح القلب بالمحبوب وانبساطه به‪.‬‬

‫((( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]282 :‬‬


‫((( [سورة الكهف‪ ،‬اآلية‪.]65 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 26‬‬
‫وقالوا‪ :‬إذا كثر اإلحسان ق َّل التأديب‪.‬‬

‫وترتفع الحشمة مع وجود الهيبة‪ ،‬فمع الحشمة يكون الرجاء أغلب عليه‬
‫من الخوف((( كقول سيدنا إبراهيم عليه الصالة والسالم‪﴿ :‬ﭔﭕﭖﭗ‬
‫ﭘ﴾((( و﴿ﯗﯘﯙﯚ﴾(((‪.‬‬

‫وبعضهم يعبر عن األنس تارة بروح القرب‪ ،‬وتارة بأثر مشاهدة جمال‬
‫الحضرة اإللهية في القلب‪ ،‬وهو جمال الجالل‪.‬‬
‫ويشيرون ً‬
‫أيضا باألنس إلى حصول الصحو بالحق‪.‬‬

‫كل مستأنس صاح‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫ولهذا قالوا‪:‬‬

‫وقال الجنيد‪ :‬كنت أسمع السري يقول‪ :‬يبلغ العبد في أنسه إلى حين‪:‬‬
‫الرضا بربه‪ ،‬واألنس بقربه‪.‬‬

‫واآلنس‪ :‬هو الراضي بالحق‪ ،‬فهو ال يسخط لشيء‪ ،‬وال يستوحش من شيء‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هو من تحقق برؤية بطون النعمة في كل نقمة(((‪.‬‬

‫ • الباطل‪: ‬‬

‫ما سوى الحق‪ ،‬وهو العدم إذ ال وجود في الحقيقة إال للحق‪ ،‬لقوله عليه‬

‫((( نظرات في التصوف اإلسالمي (‪.)105‬‬


‫((( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]260 :‬‬
‫((( [سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪.]143 :‬‬
‫((( لطائف اإلعالم في إشارت أهل اإللهام (‪.)91 -90‬‬
‫﴿ ‪﴾ 27‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الصالة والسالم‪« :‬أصدق كلمة قالها لبيد بن ربيعة‪ :‬أال ك ّل شيء ما خال‪ ‬اهلل‬
‫باطل»‪.‬‬

‫ • البدنة‪ : ‬كناية عن النفس اآلخذة في السير القاطعة لمنازل السائرين ومراحل‬


‫السالكين‪.‬‬

‫ • الربزخ‪ : ‬العالم المشهود بين عالم المعاني واألجسام‪.‬‬

‫والبرزخ‪ :‬هو الحائل بين الشيئين‪ ،‬ويعبّر به عن العالم المثال‪ .‬ويأتي بمعنى‬
‫الحاجز بين األجساد الكثيفة وعالم األرواح المجردة‪ ،‬أعني الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ • الربق‪ : ‬أول ما يبدو للعبد من الالمع النوري‪ ،‬فيدعوه إلى الدخول في حضرة ‬
‫القرب من الرب للسير في طريق اهلل‪.‬‬

‫ • البصرية‪: ‬‬

‫هي قوة للقلب الـ ُمن َ َّور بنور القدس‪ ،‬ت ُ َرى بها حقائق األشياء وبواطنها‪،‬‬
‫بمثابة البصر للنفس ت ُ َرى به صور األشياء وظواهرها‪ ،‬وهي التي يسميها ‬
‫الحكماء‪ :‬العاقلة النظرية والقوة القدسية(((‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬البصيرة قوة باطنة هي للقلب كعين الرأس‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬هي عين القلب عندما ينكشف حجابه‪ ،‬فيشاهد بها بواطن األمور‪،‬‬
‫كما تشاهد عين الرأس ظواهرها‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)105‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 28‬‬
‫خلِّص من الحيرة(((‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬البصيرة ما يُ َ‬
‫قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮀﮁ ﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ﴾(((‪.‬‬
‫أي أنا وأتباعي على بصيرة (((‪.‬‬
‫ • البقرة‪ : ‬كناية عن النفس إذا استعدت للرياضة وبدت فيها صالحية قمع‬
‫الهوى الذي هو حياتها كما يكنى عنها بالكبش قبل ذلك وبالبدنة بعد األخذ‬
‫في السلوك‪.‬‬

‫ • البكاء‪: ‬‬

‫هو قطارة نار الشوق‪ ،‬وقطر سحاب الزفير‪ ،‬وعنوان كتاب الوجد‪.‬‬

‫قال أبو سليمان الداراني‪ :‬لكل شيء عالمة‪ ،‬وعالمة الخذالن ترك البكاء‪.‬‬

‫وقال أحمد بن أبي الحواري‪ :‬أفضل البكاء بكاء العبد على ما فاته من أوقاته‬
‫على غير الموافقة‪ ،‬أو بكاء على ما سبق له من المخالفة‪.‬‬

‫جب فرح أو‬ ‫ • البوادة‪ : ‬هي ما يَ ْفجأ القلب من الغيب على سبيل َ‬
‫ الوهْلة‪ ،‬إما مُ ْو ُ‬
‫موجب ت َ َرح(((‪.‬‬

‫ • بيت اإلخالص‪ : ‬هو القلب الغالب عليه باإلخالص‪.‬‬

‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)110‬‬


‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]108 :‬‬
‫((( مدارج السالكين (‪.)632‬‬
‫((( التعريفات (‪.)107‬‬
‫﴿ ‪﴾ 29‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • بيت العزة‪ : ‬هو القلب الواصل إلى مقام الجمع حال الفناء في الحق‪.‬‬

‫ • البيت احملرم‪ : ‬وهو قلب اإلنسان الكامل الذي حرم على غير الحق‪.‬‬

‫ • البيت املقدس‪ : ‬هو القلب الطاهر من التعلق بالغير‪.‬‬

‫هو التجلي في المظاهر الحسية تأنيسا للمريد المبتدئ بالتزكية ‬


‫ً‬ ‫ • التأنيس‪: ‬‬
‫والتصفية‪.‬‬

‫ويسمى‪ :‬التجلي الفعلي‪ ،‬لظهوره في صور األسباب‪.‬‬

‫ • التب ّتل‪: ‬‬

‫هو االنقطاع إلى اهلل بالكلية‪ ،‬واإلشارة إليه بقول اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ‪ (((﴾ ‬فقوله [إليه] دعوة إلى التجريد المحض‪.‬‬

‫والتبتل على ثالثة أقسام‪:‬‬

‫‪ .1‬تبتّل العامة‪ :‬هو التجريد عن اللواحظ للناس‪.‬‬

‫‪ .2‬تبتّل المريد‪ :‬هو التجريد عن اللواحظ إلى ما تدعو النفس إليه‪.‬‬

‫‪ .3‬تبتّل الواصل‪ :‬هو انقطاعه عما سوى الحق‪.‬‬

‫ • التجريد‪: ‬‬

‫هو إماطة السوى والكون عن السر والقلب‪ ،‬إذ ال حجاب سوى الصور‬

‫((( [سورة المزمل‪ ،‬اآلية‪.]8 :‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 30‬‬
‫الكونية واألغيار المنطبقة في ذات القلب‪ ،‬والسر فيهما كالنُّـتُوء والتشعيرات في‬
‫سطح المرآة القادحة في استوائه المزايلة لصفائه(((‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬التجريد أن يتجرد بظاهره عن األغراض‪ ،‬وبباطنه عن األعواض‪،‬‬


‫ً‬
‫يطلب ما ترك منها عوضا عن عاجل‬ ‫وهو أال يأخذ من عرض الدنيا شيئًا‪ ،‬وال‬
‫وال آجل‪ ،‬بل يفعل ذلك لوجوب حق اهلل تعالى ال لعلة من العلل‪ ،‬وال لسبب‬
‫سواه‪ ،‬ويتجرد بسره عن مالحظة المقامات التي يَ ْ‬
‫خلها‪ ،‬واألحوال التي ينازلها‪،‬‬
‫بمعنى السكون إليها واالعتناق لها(((‪.‬‬

‫ • التجلي‪: ‬‬

‫هو ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب(((‪.‬‬


‫أنواع التجلي‪:‬‬
‫التجلي الذاتي‪ :‬ما يكون مبدؤه الذات‪ ،‬من غير اعتبار صفة من الصفات ‬
‫معها‪ ،‬وإن كان ال يصلح ذلك إال بواسطة األسماء والصفات‪ ،‬إذ ال يتجلى الحق‬
‫من حيث ذاته على الموجودات إال من وراء حجاب من الحجب األسمائية‪.‬‬
‫التجلي الصفاتي‪ :‬ما يكون مبدؤه من الصفات من حيث تعيينها وامتيازها ‬
‫عن الذات(((‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)114‬‬


‫((( نظرات في التصوف اإلسالمي (‪.)106‬‬
‫((( التعريفات (‪.)113‬‬
‫((( التعريفات (‪.)114‬‬
‫﴿ ‪﴾ 31‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • التحلي‪: ‬‬

‫هو االتصاف باألخالق اإللهية (((‪ ،‬وقيل‪ :‬هو االتصاف بأخالق العبودية‪،‬‬
‫وهو الصحيح فإنه أتم وأزكى(((‪.‬‬

‫ • التخلي‪ : ‬هو اختيار الخلوة واإلعراض عن كل ما يشغل عن الحق(((‪.‬‬

‫ • التداني‪ : ‬معراج المقربين‪.‬‬

‫ • الرتقي‪ : ‬التنقل في األحوال والمقامات والمعارف‪.‬‬

‫ • التزكية‪: ‬‬

‫هي تطهير النفس والعروج بها علويًا مع تحريرها من الغرائز والشهوات من كل‬
‫ما يشين أو ينحط بها‪ ،‬فالنفس الزاكية هي نفس متطهرة من األدران‪ ،‬منارة ‬
‫بأنوار الرحمن عز وجل‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭰ ﭱﭲﭳ﴾(((‪.‬‬

‫وفي تفسير القرطبي‪ :‬أفلح من ز َّكى نفسه بطاعة اهلل تعالى‪ ،‬وصالح األعمال‪.‬‬
‫وأصل الزكاة‪ :‬النمو والزيادة‪.‬‬

‫وفي محرر الوجيز‪ :‬ز َّكاها‪ :‬معناها ط ّهرها ون َّماها بالخيرات‪.‬‬

‫((( المرجع السابق (‪.)116‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)124‬‬
‫((( التعريفات (‪.)116‬‬
‫((( [سورة الشمس‪ ،‬اآلية‪.]9 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 32‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬التصوف هو علم تزكية النفوس‪ ،‬لذلك كان أمر معالجة ‬
‫النفوس من أولى محطات السفر الصوفي في الطريق‪.‬‬

‫ • التصوف‪: ‬‬

‫مذهب كلُّه جِ دٌّ‪ ،‬فال يخلطونه بشيء من الهزل‪ ،‬وقيل‪ :‬هو تصفية القلب عن‬
‫موافقة البرية ومفارقة األخالق الطبعية وإخماد صفات البشرية‪ ،‬ومجانبة الدعاوى‬
‫النفسية‪ ،‬ومنازلة الصفات الروحانية‪ ،‬والتعلق بعلوم الحقيقة‪ ،‬واستعمال ما هو ‬
‫أولى على السرمدية‪ ،‬والنصح لجميع األمة‪ ،‬والوفاق هلل تعالى على الحقيقة‪،‬‬
‫واتباع رسوله ﷺ في الشريعة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ترك االختيار‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬بذل المجهود واألنس بالمعبود‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬اإلعراض عن االعتراض‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو صفاء المعاملة مع اهلل تعالى‪ ،‬وأصله التفرغ عن الدنيا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬الصبر تحت األمر والنهي‪.‬‬
‫هو الوقوف مع اآلداب الشرعية ظاهرا وباطنًا وهي األخال ُ‬
‫ق اإللهية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقيل‪:‬‬
‫وقد يُقال بإزاء إتيان مكارم األخالق وتجنب َس ْف َسافها(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ محيي الدين بن عربي‪ :‬التصوف كله أخالق فمن زاد عليك‬
‫في األخالق زاد عليك في التصوف‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)123‬‬


‫﴿ ‪﴾ 33‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال الشيخ عبد القادر الجيالني‪ :‬التصوف هو الصدق مع الحق‪ ،‬وحسن‬


‫خلْق(((‪.‬‬
‫خلُق مع ال َ‬
‫ال ُ‬

‫وقال الشيخ ابن عجيبة‪ :‬التصوف هو لب اإلسالم(((‪.‬‬


‫وقال الشيخ معروف الكرخي‪ :‬التصوف هو‪ :‬األخذ بالحقائق واليأس مما ‬
‫في أيدي الخالئق(((‪.‬‬

‫ • التفرقة‪ : ‬هي توزيع الخاطر لالشتغال بال َ‬


‫خلْق‪.‬‬

‫ • التفريد‪: ‬‬

‫أن ينفرد عن األشكال‪ ،‬وينفرد في األحوال‪ ،‬ويتوحد في األفعال‪ ،‬بأن تكون‬


‫أفعاله هلل تعالى وحده‪ ،‬فال يكون فيها رؤية نفس‪ ،‬وال مراعاة خلق‪ ،‬وال مطالعة ‬
‫عوض‪ ،‬وال يرى لنفسه ً‬
‫حال‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬التجريد أن ال يَ ْم ِلك‪ ،‬والتفريد‪ :‬أن ال يُ ْملَك(((‪.‬‬

‫ • التفسري اإلشاري‪: ‬‬

‫هو تأويل القرآن على غير ما يظهر منه بمقتضى إشارات خفية ونكات ‬
‫لطيفة تظهر ألهل السلوك واألحوال‪.‬‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)290‬‬


‫((( معراج التشوف إلى حقائق التصوف (‪.)4‬‬
‫((( تاريخ التصوف اإلسالمي (‪.)17‬‬
‫((( التعرف لمذهب أهل التصوف (‪.)111 -110‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 34‬‬
‫مثالــه‪ :‬تأويــل ابن عبــاس وعمر قــول اهلل تعالــى‪﴿ :‬ﭱﭲﭳﭴ‬
‫ﭵ﴾(((‪.‬‬‫‪ ‬‬

‫على أنه أجل رسول اهلل ﷺ‪ ،‬أعلمه اهلل له‪.‬‬


‫وللتفسير اإلشاري شروط‪ ،‬منها‪:‬‬

‫عدم مناقضته لظاهر النص القرآني‪.‬‬

‫عدم دعوى أن التفسير اإلشاري هو وحده المراد دون أوجه التفسير األخرى‪.‬‬

‫عدم معارضة التفسير اإلشاري لدليل شرعي أو عقلي‪.‬‬

‫ومن أهم التفاسير اإلشارية‪ :‬تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن‬
‫ابن محمد النيسابوري(((‪.‬‬

‫ • التكية‪: ‬‬

‫هي عبارة عن بناء خاص تجتمع فيه الصوفية والدراويش‪ ،‬ويقيمون فيه‬
‫حلقات الذكر في ليال معينة من األسبوع‪ ،‬كما أنه يؤوي غالبًا المسافرين ومن‬
‫انقطعت بهم السبل‪ ،‬فيقدم إليهم الطعام والشراب والفراش للنوم‪.‬‬

‫(التكية) كلمة تركية‪ ،‬تقابلها (الخانقاه) في الفارسية‪ ،‬و(الزاوية) في اللغة ‬


‫العربية‪.‬‬

‫((( [سورة النصر‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬


‫((( التعريفات (‪.)126‬‬
‫﴿ ‪﴾ 35‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • التلوين‪: ‬‬

‫هو تنقل العبد في أحواله‪ ،‬وهو عند األكثرين‪ :‬مقام ناقص‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أكمل‬
‫المقامات‪ ،‬وحال العبد فيه قوله تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗ ﮘﮙﮚ ﴾(((‪.‬‬
‫والتلوين‪ :‬صفة أرباب األحوال‪.‬‬
‫صاحب التلوين ما دام في الطريق فهو يرتقي من حال إلى حال‪ ،‬وينتقل من‬
‫وصف إلى وصف فإذا وصل تمكن‪.‬‬
‫وصاحب التلوين دائ ًما في الزيادة(((‪.‬‬
‫وأول مراتب التلوين هي التلوين الحاصل في مرتبة التجلي الظاهري الذي‬
‫هو عبارة عن ظهور آثار األسماء اإللهية(((‪.‬‬

‫ • التمكني‪: ‬‬

‫وهو مقام الرسوخ واالستقرار على االستقامة‪ ،‬وما دام العبد في الطريق فهو ‬
‫ُّ‬
‫صاحب تلوين‪ ،‬ألنه يرتقي من حال إلى حال‪ ،‬وينتقل من وصف إلى وصف‪،‬‬
‫فإذا وصل واتصل فقد حصل التمكين(((‪.‬‬
‫والتمكين‪ :‬صفة أهل الحقائق وصاحب التمكين وصل ثم اتصل(((‪.‬‬

‫((( [سورة الرحمن‪ ،‬اآلية‪.]29 :‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)155‬‬
‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)145‬‬
‫((( التعريفات (‪.)131‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)155‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 36‬‬
‫والتمكن عبارة عن غاية االستقرار في كل مقام‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬التمكين عبارة عن التمكين في التلوين(((‪.‬‬

‫ • اجلربوت‪: ‬‬

‫عالم العظمة‪ ،‬وعند األكثرين هو العالم الوسط‪ ،‬وقيل‪ :‬هو عالم األسماء‬
‫والصفات اإللهية‪.‬‬

‫ • اجلذب‪: ‬‬

‫هو حال يصل إليها من داوم على الذكر والتقرب إلى اهلل ع َّز وجل‪ ،‬حتى‬
‫وكل ما هو حسي‪ ،‬وما هو ‬
‫ّ‬ ‫إذا تحقق األنس به سبحانه نجده قد تخلى عن بدنه‬
‫طيني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دنيوي‬
‫ّ‬
‫والشخص الواصل يسمونه‪ :‬المجذوب والجمع‪ :‬مجاذيب‪.‬‬
‫والجذب يكون بعد معاينة الكشف‪ ،‬ويكون بعد االمتالء من الوجد‪.‬‬
‫ • اجلذبة‪: ‬‬
‫هي تقريب العبد بمقتضى العناية اإللهية المهيئة له كل ما يحتاج إليه في‬
‫طي المنازل إلى الحق بال كلفة وسعي منه‪.‬‬
‫ • اجلرس‪ : ‬إجمال الخطاب بضرب من القهر‪.‬‬
‫ • اجلالل‪ : ‬نعوت القهر من الحضرة اإللهية‪.‬‬

‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)146‬‬


‫﴿ ‪﴾ 37‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • ا َجل ْلوة‪ : ‬خروج العبد من الخلوة بالنعوت اإللهية‪.‬‬

‫ • اجلمال‪ : ‬نعوت الرحمة واأللطاف من الحضرة اإللهية‪.‬‬

‫ • مجع اجلمع‪: ‬‬
‫التفرقة‪ :‬شهود األغيار هلل عز وجل‪.‬‬
‫والجمع‪ :‬شهود األغيار باهلل عز وجل‪.‬‬
‫وجمع الجمع‪ :‬هو االستهالك بالكلية‪ ،‬وفناء اإلحساس بما سوى اهلل عز‬
‫وجل عند َغلَبات الحقيقة(((‪.‬‬
‫(((‬
‫وجمع التفرقة‪ :‬هو صفة من تفرقته إلى جمعيته‪ ،‬المشار إلى هذا الرجوع‬
‫بقوله تعالى‪﴿ :‬ﭡﭢﭣ*ﭥ ﭦ ﭧﭨﭩ ﴾(((‪.‬‬
‫إذ كانت حقيقة الجمع هي غاية مقامات السالكين‪ ،‬وهو طرف بحر‬
‫التوحيد(((‪.‬‬
‫وأنا أقول‪ :‬وحقيقة جمع الجمع هي الذوبان في بحر التوحيد‪.‬‬

‫ • اجلمع والفرق‪: ‬‬

‫الجمع‪ :‬ما س ِل َ‬
‫ب عنك‪.‬‬ ‫ُ‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)142‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)175‬‬
‫((( [سورة الفجر‪ ،‬اآلية‪.]28 -27 :‬‬
‫((( مدارج السالكين (‪.)934‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 38‬‬
‫الفرق‪ :‬ما ن ُ ِس َ‬
‫ب إليك‪.‬‬

‫ومعناه‪ :‬أن ما يكون كسبًا للعبد من إقامة العبودية‪ ،‬وما يلي بأحوال البشرية‪،‬‬
‫فهو‪ :‬فرق‪.‬‬
‫وما يكون من قبل الحق‪ ،‬من إبداء معان‪ ،‬وإسداء لطف وإحسان فهو‪ :‬جمع‪.‬‬

‫والفرق‪ :‬هو من شهود األفعال‪ ،‬فمن أشهده الحق أفعاله من طاعاته‬


‫ومخالفاته فهو عبد بوصف التفرقة‪.‬‬
‫ومن أشهده الحق ما يوليه من أفعال نفسه سبحانه فهو عبد بشاهد الجمع‪.‬‬
‫ووجه التفرقة والجمع‪:‬‬
‫في قوله‪ :‬نعبد‪ :‬استقالل‪ ،‬اعتبا ًرا بظاهر الحال‪.‬‬
‫وفي قوله‪ :‬نستعين‪ :‬الرجوع إلى قوة الكبير المتعال‪.‬‬
‫فإثبات الخلق من باب التفرقة‪ ،‬وإثبات الحق من باب الجمع‪ ،‬وال بد للعبد‬
‫من باب الجمع والفرق‪.‬‬
‫فإنه من ال تفرقة له ال عبودية له‪ ،‬ومن ال جمع له ال معرفة له‪.‬‬
‫فقوله‪﴿ :‬ﭢﭣ﴾ إشارة إلى الفرق‪.‬‬
‫وقوله‪﴿ :‬ﭤﭥ﴾ إشارة إلى الجمع‪.‬‬
‫ً‬
‫إما سائل أو داعيًا ‬ ‫وإذا ما خاطب العبد الحق سبحانه وتعالى بلسان نجواه‪:‬‬
‫ً‬
‫أو مبتهل قام في محل التفرقة‪.‬‬ ‫ً‬
‫ا أو متنصل‬‫شاكر‬
‫ً‬ ‫أو مثنيًا أو‬
‫﴿ ‪﴾ 39‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وإذا أصغى بسره إلى ما يناجيه به مواله‪ ،‬واستمع بقلبه ما يخاطب به‪ ،‬فيما ‬
‫ لوح لقلبه وأراده فهو بشاهد الجمع‪.‬‬
‫عرفه أو َّ‬
‫ناداه أو ناجاه أو َ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝ﴾(((‪.‬‬
‫هذه اآلية تدل على الجمع‪ ،‬فهذه اآلية نزلت في شأن رميه ﷺ المشركين‬
‫يوم بدر بقبضة من الحصباء‪ ،‬فلم تدع وجه أحد منهم إال أصابته‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫تلك الرمية من البشر ال تبلغ هذا المبلغ‪ ،‬فكان منه صلى‪ ‬اهلل عليه وسلم مبدأ‬
‫الرمي وهو الحذف‪ ،‬ومن اهلل سبحانه وتعالى نهايته وهو اإليصال‪.‬‬
‫فأضاف إليه رمي الحذف الذي هو مبدؤه‪ ،‬ونفى عنه رمي اإليصال الذي‬
‫هو نهايته‪.‬‬

‫ونظير هذا‪ ،‬قوله في اآلية نفسها‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﴾ ثم قال‪:‬‬


‫﴿ﭗﭘﭙﭚ ﭛﭜﭝٰ﴾ فأخبره‪ :‬أنه هو وحده الذي تفرد بقتلهم(((‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫فالجمع إذن هو االشتغال بشهود اهلل عما سواه‪ ،‬والتفرقة هي االشتغال‬


‫عن‪ ‬اهلل بما سواه(((‪.‬‬
‫وقد ذكر اإلمام القشيري رحمه اهلل أن ً‬
‫قوال أنشد بين يدي األستاذ أبي‬
‫سهل الصعلوكي رحمه اهلل‪( :‬جعلت تنزهي نظري إليك) وكان أبو القاسم‬
‫جعلت بنصب التاء‪ ،‬وقال النصر‬
‫َ‬ ‫حاضرا فقال األستاذ أبو سهل‪:‬‬
‫ً‬ ‫النصر أباذي‬

‫((( [سورة األنفال‪ ،‬اآلية‪.]17 :‬‬


‫((( مدارج السالكين (‪.)930‬‬
‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)174‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 40‬‬
‫جعلت بضم التاء‪ ،‬فقال األستاذ أبو سهل‪ :‬أليس عين الجمع أتم؟!‬
‫ُ‬ ‫أباذي‪ :‬بل‬
‫فسكت النصر أباذي‪.‬‬
‫جعلت يتبرأ من عمله‪،‬‬
‫َ‬ ‫جعلت إخبا ًرا عن حال نفسه‪ ،‬وبالفتح‬
‫ُ‬ ‫ومعنى‪:‬‬
‫(جعلت)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فاألول‪ :‬على خطر الدعوى‬
‫(جعلت)(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫والثاني‪ :‬بوصف التبري من الحول‬
‫ • اجلمعية‪ : ‬هي اجتماع الهم في التوجه إلى اهلل واالشتغال به عما سواه‪.‬‬
‫ • جنة الذات‪ : ‬هي من مشاهدة الجمال األحدي‪ ،‬وهي جنة الروح‪.‬‬
‫ • جنة الصفات‪ : ‬هي الجنة المعنوية من تجليات الصفات واألسماء اإللهية‪،‬‬
‫وهي جنة القلب‪.‬‬
‫ • جنة الوراثة‪ : ‬هي جنة األخالق الحاصلة بحسن متابعة النبي عليه السالم‪.‬‬

‫ • جهاد النفس‪ : ‬إن مجاهدة النفس التي هي بين جنبي اإلنسان أولى المهام‬
‫ً‬
‫يكن مؤهل لالنتصار على فتن‬ ‫في تكوين الشخصية‪ ،‬ومن ينتصر على نفسه‬
‫الشيطان ولالنتصار على كل عدو له‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ﴾((( ‪.‬‬


‫ • اجلوع‪: ‬‬

‫هو الذي يطهر النفس من سلطان الشهوات‪ ،‬ويهتك الحجب المادية‪،‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)142‬‬


‫((( [سورة العنكبوت‪ ،‬اآلية‪.]69 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 41‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ويجعل القلوب صالحة لتل ّقي األنوار القدسية اإللهية التي ال نور سواها ‬
‫يُستضاء به‪.‬‬

‫قال أبو سليمان الداراني‪ :‬مفتاح اآلخرة الجوع‪ ،‬ومفتاح الدنيا الشبع‪،‬‬
‫وأصل كل خير في الدنيا واآلخرة الخوف من اهلل ع َّز وجل‪.‬‬

‫ • احلال‪: ‬‬

‫معنى يرد على القلب من غير تعمد‪ ،‬وال اجتالب‪ ،‬وال اكتساب‪ ،‬من‪:‬‬
‫طرب‪ ،‬أو حزن‪ ،‬أو بسط‪ ،‬أو قبض‪ ،‬أو شوق‪ ،‬أو هيبة‪ ،‬أو احتياج‪ ،‬أو انزعاج‪.‬‬

‫األحوال كالبروق‪ ،‬فإن بقي الحال فحديث نفس‪.‬‬

‫األحوال كاسمها‪ ،‬يعني أنها‪ :‬كما تحل بالقلب تزول في الوقت‪.‬‬

‫واألحوال‪ :‬مواهب‪ ،‬بينما المقامات‪ :‬مكاسب‪.‬‬

‫واألحوال تأتي من غير جهد‪ ،‬والمقامات تأتي ببذل المجهود‪.‬‬

‫وصاحب الحال مترق عن حاله‪ ،‬فتتغير حاله‪.‬‬

‫وصاحب المقام ممكن في مقامه(((‪.‬‬

‫قال القشيري‪ :‬سمعت األستاذ أبا علي الدقاق رحمهما اهلل يقول في معنى‬
‫قوله ﷺ‪« :‬إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر اهلل تعالى في اليوم سبعين مرة»(((‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)132‬‬


‫((( رواه مسلم (‪.)2702‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 42‬‬
‫أن رسول اهلل ﷺ كان أبدًا في الترقي من أحواله‪ ،‬فإذا ارتقى من حالة إلى‬
‫حالة هي أعلى مما كانت قبلها‪ ،‬فربما حصل له مالحظة إلى ما ارتقى عنها‪،‬‬
‫فكان يعدها (غينًا) فأحواله كانت في التزايد‪ ،‬وعلى هذا قيل‪( :‬حسنات األبرار‬
‫سيئات المقربين)‪.‬‬
‫وقال الجرجاني‪ :‬الحال‪ :‬هو تغير األوصاف على العبد(((‪.‬‬
‫وقال أبو عثمان الحيري‪ :‬منذ أربعين سنة ما أقامني اهلل في حال فكرهته‪،‬‬
‫فأشار إلى دوام الرضا(((‪.‬‬

‫ • احلجاب‪: ‬‬

‫قال الجرجاني في «التعريفات»‪:‬‬


‫الحجاب كل ما يستر مطلوبك‪ ،‬وهو عند أهل الحق‪ :‬انطباع الصور الكونية ‬
‫في القلب المانعة لقبول تجلي الحق‪.‬‬
‫و قال ابن عربي‪ :‬الحجاب كل ما ستر مطلوبك عن عينك‪.‬‬
‫ • احلرف‪ : ‬اللغة‪ ،‬وهو ما يخاطبك الحق به من العبارات‪.‬‬
‫ • احلرية‪: ‬‬
‫هي االنطالق عن رق األغيار‪ ،‬وهي على مراتب‪:‬‬
‫حرية العامة‪ :‬عن رق الشهوات‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)144‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)133‬‬
‫﴿ ‪﴾ 43‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫حرية الخاصة‪ :‬عن رق إرادتهم‪ ،‬لفناء إرادتهم في إرادة الحق‪.‬‬

‫حرية خاصة الخاصة‪ :‬عن رق الرسوم واآلثار‪ ،‬النمحاقهم في تجلي نور‬


‫األنوار‪.‬‬
‫تعالى‪ ،‬فهو حر عن سوى اهلل‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫الحرية‪ :‬إقامة حقوق العبودية هلل‬

‫ • احلضرة‪: ‬‬

‫هي حضور القلب مع اهلل‪ ،‬وهي الركن الهام في طريق القوم‪ ،‬وهذا الركن هو ‬
‫االجتماع على ذكر اهلل عز وجل تحت إمارة الشيخ أو وكيله المسمى بالمقدم‪،‬‬
‫يبدأ بتالوة من القرآن الكريم‪ ،‬ثم تنشد أناشيد من أقوال العارفين باهلل مأخوذة ‬
‫بما فيها من القرآن والسنة وأفهام العلماء باهلل مثل‪ :‬الشيخ محمد بهاء‪ ‬الدين‬
‫الرواس‪ ،‬والشيخ عبد الغني النابلسي‪ ،‬وابن الفارض وغيرهم‪.‬‬
‫ثم تقوم الجماعة للذكر‪ ،‬ويبقون على حالة الذكر حتى يأذن الشيخ أو‬
‫المقدم بختامها‪ ،‬وبعد ذلك يقرأ أحد اإلخوة بعض اآليات من القرآن الحكيم‬
‫ويتم تفسيرها من قبل الشيخ أو وكيله‪.‬‬
‫وإن الحضرة منقولة ومتوارثة عن كبار األشياخ من العارفين‪ ،‬فهي مقررة ‬
‫في كتبهم ومظهر من مظاهر التصوف في سلوك طريقهم عند سيدي أحمد‬
‫الرفاعي والجنيد والجيالني والشاذلي والشعراني والحاتمي والنقشبندي والبدوي‬
‫والدسوقي والقشيري وغيرهم رضي اهلل عنهم جميعًا‪.‬‬

‫واالصطالح على كيفيتها هو من باب البدعة الحسنة‪.‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 44‬‬
‫والحضرة تسمى حلقة الذكر‪.‬‬
‫جهرا وقيامًا مأخوذ من قوله‬
‫ً‬ ‫وجواز حلق الذكر شرعًا بشكل جماعي‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛ ﴾(((‪.‬‬
‫فـ‪( :‬الذين) تدل على الجماعة‪ ،‬و(قيامًا) تدل على جواز الذكر واق ًفا‪.‬‬
‫وقال تعالى في الذكر الجماعي‪﴿ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‪* ‬‬
‫ﰂﰃ ﰄ﴾(((‪ .‬وقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا»‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا رسول اهلل! وما رياض الجنة؟ قال‪« :‬حلق الذكر»(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ مصطفى المدني‪:‬‬
‫إن القوم لما كان ج ُّل قصدهم ذكر اهلل في سائر أوقاتهم أوجب لهم اشتغال‬
‫أنواره في بواطنهم وأجسادهم‪ ،‬فجعلوا حلقة الذكر والجهر به دواء لحالهم‬
‫وسببًا لنشاطهم‪ ،‬واستروا ًحا لقلوبهم‪ ،‬وزيادة على السير إلى مقصودهم‪،‬‬
‫ولسريان المدد بينهم وجمع الهمة على محبوبهم‪ ،‬وطردًا لداء الكسل والفتور‬
‫والنوم وسدًا لباب الغفلة الموجب للمعاصي‪ ،‬وجعلوا لحلقة الذكر الجهري‬
‫كيفية وشرو ًطا وآدابًا(((‪.‬‬
‫وسئل اإلمام السيوطي عن حلق الذكر والجهر في المساجد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ال‪ ‬كراهة فيه‪ ،‬وجوز ذلك العز بن عبد السالم والبلقيني وغيرهم كثير‪.‬‬

‫((( [سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.]191 :‬‬


‫((( [سورة األحزاب‪ ،‬اآلية‪.]42 -41 :‬‬
‫((( رواه الترمذي في سننه (‪.)3510‬‬
‫((( النصرة النبوية (‪.)173‬‬
‫﴿ ‪﴾ 45‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وربنا عز وجل قال‪﴿ :‬ﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛ﴾(((‪.‬‬


‫فهذا عموم بيّن ال يخرج عن نطاقه إال إذا أخرجه نص آخر من طريق‬
‫االستثناء والتخصيص‪ ،‬وكما أنه لم يرد نص بتحديد حالة أو وقت معين له‪،‬‬
‫كذلك لم يرد نص يأمر بتجنب حالة مخصوصة أو وقت محدد له(((‪.‬‬
‫والخالصة‪ :‬أن غالب طرق التربية واإلرشاد ال تخلو من الحضرة كمظهر‬
‫من مظاهرها وذلك للنفع الحاصل فيها‪ ،‬من ذكر اهلل عز وجل ومراقبته ونزول‬
‫الرحمات بذكر الصالحين فيها واإلرشاد الحاصل بالسماع واإلنشاد‪ ،‬والبركة ‬
‫الحاصلة بالحركة‪ ،‬فهي مما سنه السادات العارفون‪ ،‬وال دليل لمنكرها‪ ،‬ألن‬
‫أصل‪ ،‬بل هي سبيل لتحريك‬ ‫ً‬ ‫األصل في األشياء اإلباحة حيث ال تعارض‬
‫القلب والتوجه به نحو ربه سبحانه(((‪.‬‬

‫ • احلضور‪ : ‬حضور القلب بالحق عند الغيبة عن الخلق‪.‬‬

‫ • احلق‪ : ‬ما وجب على العبد من جانب اهلل‪.‬‬

‫ • احلكمة‪: ‬‬

‫هي العلم بحقائق األشياء‪ ،‬وأوصافها‪ ،‬وخواصها‪ ،‬وأحكامها‪ ،‬على ما هي‬


‫عليه‪ ،‬وارتباط األسباب بالمسببات وأسرار انضباط نظام الموجودات والعمل‬

‫((( [سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.]191 :‬‬


‫((( السلفية (‪.)92‬‬
‫((( اإلبريز (‪.)180/2‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 46‬‬
‫بمقتضاه ﴿ﯩﯪﯫﯬ ﯭ ﯮﯯ﴾(((‪.‬‬

‫ • اخلامت‪ : ‬هو الذي قطع المقامات بأسرها‪ ،‬وبلغ نهاية الكمال‪ ،‬وبهذا المعنى‬
‫يتعدد ويتكثر‪.‬‬

‫ • خرقة التصوف‪: ‬‬

‫هي ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته ويتوب على يده‬
‫ألمور‪:‬‬
‫منها التزيي بزي المراد أن يلتبس بصفاته كما يلبس ظاهره بلباسه وهو ‬
‫ظاهرا وباطنًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫لباس التقوى‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ﴾(((‪.‬‬
‫ومنها وصول بركة الشيخ الذي لبسه من يده المباركة إليه‪.‬‬
‫ومنها المواصلة بينه وبين الشيخ فيبقى بينهما االتصال القلبي والمحبة دائ ًما‪.‬‬
‫ويذكره االتباع على األوقات في طريقته وسيرته وأخالقه وأحواله حتى‬
‫يبلغ مبلغ الرجال‪.‬‬

‫ • خلع العادات‪ : ‬وهو التحقق بالعبودية موافقة ألمر الحق بحيث ال يدعوه‬
‫داعية إلى مقتضى طبعه وعادته‪.‬‬

‫(( ( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]269 :‬‬


‫((( [سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪.]26 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 47‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • اخللوة‪ : ‬هي العزلة عن الناس‪ ،‬وعن األسباب الداعية للكدر والهم والضيق‬
‫لتصفو هذه النفس‪ ،‬ومن ثم من أراد أن تترقى نفسه‪ ،‬وتشرق روحه‪ ،‬فعليه‬
‫بالخلوة‪.‬‬

‫وهي انقطاع عن البشر لفترة محدودة‪ ،‬وترك لألعمال الدنيوية لمدة يسيرة‪،‬‬
‫كي يتفرغ القلب من الدنيا ومشاغلها‪ ،‬ثم إشغاله بذكر اهلل تعالى والتفكر في‬
‫آالئه آناء الليل وأطراف النهار؛ بإرشاد مرشد يعلمه إذا جهل ويذكره إذا غفل‬
‫وينشطه إذا فتر والدليل على مشروعيتها‪:‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽﭾﭿﮀ ﮁ﴾(((‪.‬‬
‫والتبتل هو االنقطاع للعبادة وترك للعوائق التي تحول دون مراقبة اهلل تعالى‪.‬‬
‫وقالت السيدة عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬أول ما بدئ به رسول اهلل ﷺ من‬
‫الوحي الرؤيا الصالحة في النوم‪ ،‬ثم حبب إليه الخالء‪ ،‬وكان يخلو بغار حراء‪،‬‬
‫فيتحنث (يتعبد) فيه الليالي ذوات العدد(((‪.‬‬
‫قال اإلمام النووي في شرح قولها (ثم حبب إليه الخالء)‪ :‬أما الخالء فهو ‬
‫الخلوة وهي شأن الصالحين وعباد اهلل العارفين‪.‬‬
‫وقال اإلمام الخطابي‪ :‬حببت إليه العزلة ﷺ ألن معها فراغ القلب‪ ،‬وهي‬
‫معينة على التفكر وبها ينقطع عن مألوفات البشر ويتخشع قلبه(((‪.‬‬

‫((( [سورة المزمل‪ ،‬اآلية‪.]8 :‬‬


‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪ )4953‬ومسلم (‪.)160‬‬
‫((( شرح النووي لصحيح مسلم (‪.)198/2‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 48‬‬
‫ولقد ثبت أن سيدنا محمدًا ﷺ كان يعتكف العشر األواخر من شهر‬
‫رمضان‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه‪ :‬من أحب أن يفتح اهلل قلبه ويرزقه‬
‫العلم فعليه بالخلوة وقلة األكل وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذين‬
‫ليس معهم إنصاف وال أدب(((‪.‬‬

‫والخلوة هي من صفات أهل الص َّفة‪.‬‬


‫ُّ‬
‫وقالوا‪ :‬ال بد للمريد في ابتداء حاله من العزلة عن أبناء جنسه‪ ،‬ثم في نهايته‬
‫من الخلوة لتحققه بأنسه(((‪.‬‬

‫والعزلة في الحقيقة هي اعتزال الخصال الذميمة‪.‬‬

‫وقال أبو بكر الوراق‪ :‬وجدت خير الدنيا واآلخرة في الخلوة والقلة‪،‬‬
‫وشرهما في الكثرة واالختالط(((‪.‬‬

‫وقال ذو النون المصري‪ :‬لم أ َر شيئًا أبعث على اإلخالص من الخلوة‪.‬‬

‫وقال مكحول الشامي‪ :‬إن كان في مخالطة الناس خير فإن العزلة السالمة‪.‬‬

‫وقال يحيى بن معاذ الرازي‪ :‬الوحدة جليس الصديقين‪.‬‬

‫وقال الشبلي‪ :‬من عالمة اإلفالس االستئناس بالناس‪.‬‬

‫((( بستان العارفين (‪.)47‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)182‬‬
‫((( المرجع السابق (‪.)183‬‬
‫﴿ ‪﴾ 49‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال يحيى بن أبي كثير‪ :‬من خالط الناس داراهم‪ ،‬ومن داراهم راءاهم‪.‬‬

‫وقال اإلمام الجنيد‪ :‬من أراد أن يسلم له دينه ويستريح بدنه وقلبه فليعتزل‬
‫الناس فإن هذا الزمان زمان وحشة‪ ،‬والعاقل من اختار فيه الوحدة‪.‬‬
‫وقيل البن المبارك‪ :‬ما دواء القلب؟ فقال‪ :‬قلة مالقاة الناس(((‪.‬‬

‫وأقول‪ :‬فوائد العزلة والخلوة كثيرة جدًا منها‪:‬‬

‫صفاء القلب‪ ،‬االنقطاع عن مألوفات البشر‪ ،‬التفكر‪ ،‬اإلكثار من ذكر اهلل‪،‬‬


‫تهذيب النفس وتزكيتها‪ ،‬راحة القلب من الشواغل الدنيوية‪ ،‬السالمة من آفات ‬
‫اللسان‪ ،‬السالمة من آفات النظر‪ ،‬حفظ القلب من آفات الرياء والنفاق‪ ،‬الزهد‬
‫في الدنيا وزينتها‪ ،‬البعد عن مخالطة من ال نحب‪ ،‬التفرغ للعبادة‪.‬‬

‫ • اخلواطر‪: ‬‬

‫هي خطاب يرد على الضمائر‪ ،‬وهو قد يكون بإلقاء ملك‪ ،‬وقد يكون بإلقاء‬
‫شيطان‪ ،‬ويكون أحاديث النفس‪ ،‬ويكون من قبل الحق سبحانه‪.‬‬

‫فإذا كان من الملك فهو‪ :‬اإللهام‪.‬‬

‫وإذا كان من قبل النفس قيل له‪ :‬الهواجس‪.‬‬


‫وإذا كان من قبل الشيطان فهو‪ :‬الوسواس‪.‬‬
‫وإذا كان من قبل اهلل سبحانه وإلقائه في القلب‪ ،‬فهو‪ :‬خاطر حق‪ ،‬وجملة ‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)185 -184‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 50‬‬
‫ذلك من قبيل الكالم‪ ،‬أي‪ :‬الكالم النفسي الملقى في الضمائر‪.‬‬
‫واتفق المشايخ على أنه من كان أكله من الحرام لم يفرق بين اإللهام‬
‫والوسواس‪.‬‬
‫وفرق الجنيد بين هواجس النفس ووساوس الشيطان‪ :‬بأن النفس إذا ‬ ‫َّ‬
‫طالبتك بشيء ألحت‪ ،‬فال تزال تعاودك ولو بعد حين حتى تصل إلى مرادها‪،‬‬
‫ويحصل مقصودها‪.‬‬
‫وأما الشيطان إذا دعاك إلى زلة فخالفته بترك ذلك‪ ،‬فإنه يوسوس بزلة أخرى‬
‫ألن جميع المخالفات له سواء‪ ،‬وإنما يريد أن يكون داعيًا أبدًا إلى زلة ما‪ ،‬وال‬
‫غرض له في تخصيص واحد دون واحد(((‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬كل خاطر ال يشهد له العالم الشرعي بصحته فهو شيطاني(((‪.‬‬
‫ • الدُّرَّة البيضاء‪ : ‬العقل األول‪.‬‬

‫• الدرويش‪ : ‬يُرجع معظم اللغويين أصل الكلمة إلى اللغة الفارسية وأما من‬
‫حيث الداللة فتعني‪ :‬الفقير‪.‬‬

‫والعالمة المميزة لهذه الطائفة التقشف‪ .‬والدروشة ال تكون إال في صفوف‬


‫العامة وليست في صفوف العلماء‪.‬‬

‫ • ذخائر اهلل‪ : ‬هم قوم من أوليائه تعالى يدفع بهم البالء عن عباده كما يدفع‬
‫بالذخيرة بالء الفاقة‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)161 -160‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)203‬‬
‫﴿ ‪﴾ 51‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • الذهاب‪ : ‬غيبة القلب عن حس كل محسوس بمشاهدة محبوبه‪ ،‬كان المحبوب‬


‫ما كان‪.‬‬

‫ • الذوق والشرب‪: ‬‬

‫من ثمرات التجلي ونتائج الكشوفات وبوادر الواردات‪.‬‬


‫فأوله‪ :‬الذوق‪ ،‬ثم الشرب‪ ،‬ثم الري‪.‬‬
‫رحم اهلل القائل‪ :‬من ذاق عرف ومن عرف اغترف‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ذاق طعم اإليمان من رضي باهلل ربًا‪ ،‬وباإلسالم دينًا‪ ،‬وبمحمد‬
‫ً‬
‫ا ورسول»(((‪.‬‬‫نبيً‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ثالثة من كن فيه وجد حالوة اإليمان‪ :‬أن يكون اهلل ورسوله‬
‫أحب إليه مما سواهما‪ ،‬وأن يحب المرء ال يحبه إال هلل‪ ،‬وأن يكره أن يعود إلى‬
‫الكفر‪ ،‬بعد أن أنقذه اهلل‪ ،‬كما يكره أن يقذف في النار»(((‪.‬‬
‫ورحم اهلل القائل‪:‬‬
‫فهل أنســى فأذكــر ما نســيت؟‬ ‫عجبت لمــن يقول ذكــرت ربي‬
‫رويــت‬
‫ُ‬ ‫فمــا نفــد الشــراب وال‬ ‫كأســا بعد كأس‬
‫شــربت الحب ً‬
‫ويقال‪ :‬كتب يحيى بن معاذ إلى أبي يزيد البسطامي‪:‬‬
‫هاهنا من شرب من كأس المحبة لم يظمأ بعده‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)151‬‬


‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪ ،)16‬ومسلم (‪.)43‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 52‬‬
‫فكتب إليه أبو يزيد‪ :‬عجبت من ضعف حالك!! هاهنا من يحتسي بحار الكون‬
‫وهو فاغر فاه يستزيد‪ ،‬إال على أسرار معتقة‪ ،‬وأرواح عن رق األشياء محررة(((‪.‬‬

‫ • الرابطة الشريفة‪: ‬‬

‫وتسمى (الحب في اهلل)‪.‬‬


‫فالسالك إذا جعل ارتباطه بشيخه قويًا يجد حبه أشد‪ ،‬والمرء يحشر مع من‬
‫أحب‪.‬‬

‫فالرابطة بالشيخ هي ملخص األوراد وعطرها وهو تفسير‪﴿ :‬ﭫ ﭬ‬


‫ﭭ ﭮ ﴾‪.‬‬

‫فالذي يحب النبي ﷺ يحشر معه والذين أنعم اهلل عليهم هم النبيون‬
‫والصديقون والشهداء والصالحون‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬


‫ﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋ ﴾(((‪.‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮛﮜﮝﮞﮟ﴾(((‪.‬‬

‫فاتباع الشيخ اتباع أمر اهلل تعالى‪ ،‬ألن الشيخ مليء باإلنابة إلى اهلل تعالى‪،‬‬
‫وال بد لالتباع من االطالع‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)149 -148‬‬


‫((( [سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.]69‬‬
‫((( [سورة لقمان‪ ،‬اآلية‪.]15 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 53‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال الشيخ خالد النقشبندي‪ :‬الرابطة هي من أعظم أسباب الوصول بعد‬


‫التمسك التام بالكتاب العزيز وسنة الرسول ﷺ(((‪.‬‬

‫وقال الشيخ محمد أمين الكردي النقشبندي‪:‬‬


‫رابطة الشيخ‪ :‬هي مقابلة قلب المريد بقلب شيخه‪ ،‬وحفظ صورته في‬
‫الخيال‪ ،‬ولو في غيبته‪ ،‬ومالحظة أن قلب الشيخ كالميزان‪ ،‬ينزل الفيض من‬
‫بحره المحيط إلى قلب المريد المرابط‪ ،‬واستمداد البركة منه‪ ،‬ألنه الواسطة إلى‬
‫التوسل‪ ،‬وال يخفى ما في ذلك من اآليات واألحاديث‪.‬‬

‫قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖ ﯗ ﴾(((‪.‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹ ﴾(((‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪« :‬المرء مع من أحب»(((‪.‬‬

‫وقال العارفون‪ :‬كن مع اهلل‪ ،‬فإن لم تستطع فكن مع من كان مع اهلل‪.‬‬

‫وقال الشيخ عبد اهلل األحرار‪ :‬إن الكينونة مع الصادقين المأمور بها في‬
‫كالم رب العالمين على قسمين‪ :‬كون بحسب الصورة وهي مجالستهم حتى‬
‫تنطبع فيه صفاتهم‪ ،‬وكون بحسب المعنى‪ .‬ثم فسر الكينونة بمعنى الرابطة(((‪.‬‬

‫((( الرسالة الخالدة في الطريقة النقشبندية (‪.)25‬‬


‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]35 :‬‬
‫((( [سورة التوبة‪ ،‬اآلية‪.]119 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪ )5817‬ومسلم (‪.)2640‬‬
‫((( تنوير القلوب (‪.)517‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 54‬‬
‫وروي أن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما خدرت رجله‪ ،‬فقيل له‪ :‬اذكر‬
‫أحب الناس إليك يزل منك‪ ،‬فصاح‪( :‬يا محمداه) فانتشرت(((‪.‬‬
‫ومن الصور الواضحة لمصداقية الرابطة الشريفة الطاهرة‪ ،‬ما حصل مع‬
‫سيدنا بالل الحبشي عند سكرات الموت‪ ،‬عندما كانت تقول له امرأته‪ :‬واكرباه‪،‬‬
‫واحزناه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬وافرحتاه‪ ،‬واطرباه‪ ،‬غدًا ألقى األحبة محمدًا وصحبه‪.‬‬
‫ً‬
‫سيدنا بالل أشرك ألنه نسي اهلل في هذا المقام؟ إنه لشيء‬ ‫فهل نقول أن‬
‫عجاب!!‬
‫وهل إذا تذكر اإلنسان في صالته أمور الدنيا أشرك ً‬
‫أيضا؟ فلماذا بعد هذا ‬
‫كله تقولون إذا تذكر الشيخ وهو يذكر اهلل فقد أشرك؟ لذلك ال بد أن نميز بين‬
‫الشرك والحب (الرابطة الشريفة)‪.‬‬
‫ورحم اهلل القائل‪ :‬من قل علمه كثر اعتراضه‪ ،‬ومن كثر علمه قل اعتراضه‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن المريد عندما تهجم عليه الوساوس النفسية والشيطانية والدنيوية ‬
‫يتذكر وعظ الشيخ وإرشاداته حتى يطرد تلك الوساوس بنور أسرار شيخه فإذا ‬
‫ذهبت عنه الوساوس رجع يذكر اهلل وهو مع اهلل ال غير‪.‬‬

‫ • الرِّداء‪ : ‬بكسر الراء‪ ،‬هو ظهور صفات الحق على العبد‪.‬‬

‫ • الرعاية‪: ‬‬

‫في اللغة من رعي‪ :‬وهي المراقبة والحفظ‪.‬‬

‫((( رواه البخاري في األدب المفرد (‪.)964‬‬


‫﴿ ‪﴾ 55‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﮜ ﮝﮞﮟ﴾(((‪.‬‬


‫الرعاية على ثالثة مقامات‪:‬‬
‫رعاية الظاهر بالعلم‪ ،‬ورعاية الباطن بالمشاهدة‪ ،‬ورعاية الحق بالمراقبة‪.‬‬
‫فرعاية الظاهر بالعلم تحقيق صدق اإلرادة‪.‬‬
‫ورعاية الباطن بالمشاهدة تحقيق صفاء التوحيد‪.‬‬
‫ورعاية الحق بالمراقبة كيفية المعرفة بالحق‪.‬‬
‫فآفة رعاية الظاهر بالعلم القصد إلى الحق مع عدم قطع عالئق الدنيا‪.‬‬
‫وآفة رعاية الباطن بالمشاهدة القصد إلى الحق برؤية النفس‪.‬‬
‫وآفة رعاية الحق بالمراقبة الغفلة عن أمر الحق وزجره‪ ،‬ومطالبته بإلهام‪.‬‬
‫قال سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫من أقبل على الخلق قبل خمود نار بشريته سقط من عين رعاية اهلل‪.‬‬
‫وقال سيدي أحمد الرفاعي رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫من لم يحسن رعاية نفسه أسرع به هواه إلى الهالك(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ أحمد بن خضرويه رحمه اهلل تعالى‪ :‬أفضل األعمال رعاية ‬
‫السر عن االلتفات إلى شيء غير اهلل‪ .‬ويقصد عدم الغفلة وعدم االلتفات لغير‬
‫اهلل عز وجل‪.‬‬

‫((( [سورة الحديد‪ ،‬اآلية‪.]27 :‬‬


‫((( الطبقات الكبرى (‪.)222/2‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 56‬‬
‫ • الرعونة‪ : ‬الوقوف مع حظوظ النفس ومقتضى طباعها‪.‬‬

‫والرعونة‪ :‬الوقوف مع الطبع‪.‬‬


‫ُّ‬

‫ • الرغبة‪ : ‬رغبة النفس في الثواب‪ ،‬ورغبة القلب في الحقيقة‪ ،‬ورغبة السر في‬
‫الحق‪.‬‬

‫ • الرهبة‪ : ‬رهبة الظاهر لتحقيق الوعيد‪ ،‬ورهبة الباطن لتقلب العلم‪ ،‬ورهبة ‬
‫التحقيق أمر السبق‪.‬‬

‫ • الروح‪ : ‬هي لطيفة مودعة في هذا القلب وهي محل األخالق المحمودة‪.‬‬

‫• الرؤية‪ : ‬المشاهدة بالبصر ال بالبصيرة‪.‬‬

‫ • الرياضة‪: ‬‬

‫عبارة عن تهذيب األخالق النفسية‪ ،‬وقيل‪ :‬منع النفس من االلتفات إلى ما ‬


‫سوى الحق‪.‬‬

‫وقال ابن عربي‪ :‬عليك بالرياضة قبل الخلوة‪ ،‬والرياضة‪ :‬عبارة عن تهذيب‬
‫األخالق وترك الرعونة وتحمل األذى‪.‬‬
‫رياضة األدب‪ :‬هي الخروج عن طبع الن َّ ْفس(((‪.‬‬
‫وآفة رياضة األدب حب النفس والشهوة‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)183‬‬


‫﴿ ‪﴾ 57‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال الشــيخ عبد القادر الجيالني‪ :‬المقصود من التصوف تصفية القلب‬


‫وخلع هوى النفس من أصلها بالخلوة والرياضة والصمت ومالزمة الذكر(((‪.‬‬
‫وقال القاشاني‪ :‬الرياضة هي إجبار النفس على التوجه إلى اهلل تعالى‪،‬‬
‫ليصير االنقطاع عما دونه ـ أي الدنيا والخلق ـ(((‪.‬‬

‫ • الزاجر‪ : ‬واعظ الحق في قلب المؤمن‪ ،‬يزجره عن االشتغال بالغير‪ ،‬وهو ‬


‫الداعي إلى الحق ويذكره بأحكام المواثيق‪.‬‬

‫الزاجر‪ :‬واعظ اهلل في قلب المؤمن‪ ،‬وهو النور المقذوف فيه الداعي له إلى‬
‫الحق‪.‬‬

‫• الزُّمُرُّدَة‪ : ‬النفس الكلية‪.‬‬

‫ • الزهد‪: ‬‬

‫في اللغة‪ :‬ترك الميل إلى الشيء‪ ،‬والزهد‪ :‬ضد الرغبة‪.‬‬


‫وفي اصطالح أهل الحقيقة‪ :‬هو بغض الدنيا واإلعراض عنها‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو ترك راحة الدنيا طلبًا لراحة اآلخرة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هو أن يخلو قلبك مما خلت منه يدك(((‪.‬‬

‫((( سر األسرار (‪.)102‬‬


‫((( لطائف اإلعالم (‪.)237‬‬
‫((( التعريفات (‪.)184‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 58‬‬
‫الزاهد‪ :‬هو المعرض عن متاع الدنيا ولذاتها‪.‬‬
‫والزهد في الدنيا سبب الهجوم على الحقيقة‪ ،‬وآفة الزهد في الدنيا محبتها‪.‬‬
‫قال علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ :‬من زهد في الدنيا هانت عليه‬
‫المصائب‪.‬‬
‫وقال الفضيل‪ :‬أصل الزهد الرضا عن اهلل عز وجل‪.‬‬
‫وقال السري السقطي‪ :‬الزهد ترك حظوظ النفس من جميع ما في الدنيا‪،‬‬
‫أي ال يفرح بشيء منها وال يحزن على فقده(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد القادر الجيالني‪ :‬من أراد اآلخرة فعليه بالزهد في الدنيا‪،‬‬
‫ومن أراد اهلل فعليه بالزهد في اآلخرة‪ ،‬فيترك دنياه آلخرته وآخرته لربه(((‪.‬‬
‫وقال الحارث المحاسبي‪ :‬الزهد في ثالثة أشياء‪ ،‬ال يسمى زاهدًا إال بها‪:‬‬
‫خلع األيدي من األمالك‪ ،‬ونزاهة النفس عن الحالل‪ ،‬والسهو عن الدنيا بكثرة ‬
‫األوقات(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام الغزالي‪ :‬حقيقة الدنيا هي عزوف النفس عنها مع القدرة ‬
‫عليها(((‪.‬‬

‫ • الزوائد‪ : ‬زيادة اإليمان بالغيب واليقين‪.‬‬

‫((( كشاف اصطالحات الفنون (‪.)292/2‬‬


‫((( فتوح الغيب‪ ،‬المقالة (‪.)54‬‬
‫((( رسالة المسترشدين (‪.)90‬‬
‫((( األربعون في أصول الدين (‪.)154‬‬
‫﴿ ‪﴾ 59‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • السابقة‪ : ‬هي العناية األزليّة المشار إليها في التنزيل بقوله‪ ﴿ :‬ﭣ ﭤ‬


‫ﭥ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫ﴾(((‪.‬‬

‫ • السالك‪ : ‬هو من ترقى في إرادته بالسلوك عن المقامات‪ ،‬ولم يصل بعد إلى مقام‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫فمرتبته المريد‪ ،‬ودون العارف‪ ،‬وال يطلق السالك عند الطائفة إال على من‬
‫مشى على المقامات بحاله ال بعلمه‪ ،‬فكان العلم له عينًا(((‪.‬‬

‫إلى اهلل‪ ،‬المتوسط بين المريد والمنتهي ما دام في السير‪.‬‬


‫ّ‬ ‫والسالك‪ :‬هو السائر‬

‫ • السِّبْحَة‪ : ‬الهباء‪ ،‬المسمى بالهيلوى‪.‬‬

‫ • السرت‪ : ‬يكون الوقوف مع العادة‪ ،‬وقد يكون الوقوف مع نتائج األعمال‪.‬‬


‫وقيل‪ :‬كل ما يسترك عما يفنيك‪.‬‬

‫ • السرت والتجلي‪: ‬‬
‫العوام في غطاء الستر والخواص في دوام التجلي‪ ،‬قال ﷺ‪« :‬إن اهلل إذا ‬
‫تجلى لشيء خشع له»‪( .‬رواه أحمد في مسنده [‪ ،]267/4‬والنسائي في السنن‬
‫الكبرى [‪.)]576/1‬‬

‫فصاحب الستر بوصف شهوده‪ ،‬وصاحب التجلي أبدًا بنعت خشوعه‪،‬‬

‫((( [سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪]2‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)242‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 60‬‬
‫والستر للعوام عقوبة وللخواص رحمة إذ لوال أنه يستر عليهم ما يكاشفهم به‬
‫لتالشوا عند سلطان الحقيقة ولكنه كما يظهر لهم يستر عليهم‪.‬‬

‫ • سجود القلب‪ : ‬هو فناؤه في الحق عند شهوده إياه بحيث ال يشغله وال‬
‫يصرفه عنه استعمال الجوارح‪.‬‬

‫ • السحق‪ : ‬ذهاب تركيب العبد تحت القهر عند عظمة سلطان الحقيقة‪.‬‬

‫ • السر‪ : ‬لغة‪ :‬ما يُكتم‪ ،‬وجوف كل شيء ولبه‪.‬‬

‫والجمع أسرار وسرار‪.‬‬


‫والسر‪ :‬ما يسره المرء في نفسه من األمور التي عزم عليها‪ ،‬وأما اإلخفاء‬
‫فهو الذي لم يبلغ حد العزيمة‪.‬‬
‫والسر خالص الشيء(((‪.‬‬
‫والسر في اصطالح الصوفية‪ :‬ما أخفي عن الخلق ولم يعلم به إال الحق‪،‬‬
‫فلم يطلعهم عليه‪.‬‬
‫وسر السر ما ال يحس به السر(((‪.‬‬
‫والسر على ثالثة مقامات‪:‬‬

‫سر العلم وسر الحال وسر الحقيقة‪.‬‬

‫((( الكليات (‪.)514‬‬


‫((( عبارات الصوفية (‪.)50‬‬
‫﴿ ‪﴾ 61‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫سر العلم هو سر الخصوصية باهلل تعالى‪.‬‬


‫وسر الحال هو معرفة اهلل تعالى في الحال من اهلل تعالى‪ ،‬أي الفهم عن اهلل‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫وسر الحقيقة وهو ما وقعت به اإلشارة(((‪.‬‬
‫ولذلك يقولون عن األولياء والصالحين‪ :‬قدَّس اهلل أسرارهم‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬قدس اهلل أسرارهم‪ :‬أي ط َّهر ونزَّه اهلل أنوار اإلخالص واألعمال‬
‫الصالحة التي بينهم وبين اهلل تعالى‪ ،‬وهذا كله من باب (لنا الظاهر واهلل يتولى‬
‫السرائر) أي نحسن الظن بهم‪ ،‬نحسبهم كذلك واهلل حسيبهم‪ ،‬وال نزكي على‪ ‬اهلل‬
‫أحدًا‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬السر هو لطيفة مودعة في القالب‪ ،‬كاألرواح وأصولها تقتضي أنها ‬
‫محل المشاهدة‪ ،‬كما أن األرواح محل للمحبة‪ ،‬والقلوب محل للمعارف‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬السر مالك عليه إشراف‪.‬‬
‫وسر السر‪ :‬ما ال اطالع عليه لغير الحق(((‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬السر ألطف من الروح‪ ،‬والروح أشرف من القلب‪.‬‬
‫ويطلق لفظ السر على ما يكون مصونًا مكتومًا بين العبد والحق سبحانه في‬
‫األحوال(((‪ ،‬ومن هنا يقولون‪ :‬قدس اهلل سره‪.‬‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)271‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)245‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)165‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 62‬‬
‫ويقولون‪ :‬صدور األحرار قبور األسرار‪.‬‬

‫والسر‪ :‬لطيفة مودعة في القالب كاألرواح وأصولها تقتضي أنها محل‬


‫المشاهدة‪ ،‬كما أن األرواح محل المحبة‪ ،‬والقلوب محل للمعارف‪.‬‬

‫ • السفر‪: ‬‬

‫هو تو ّجه القلب إلى الحق‪.‬‬

‫السفر‪ :‬هو عبارة عن القلب إذا أخذ في التوجه إلى الحق تعالى بالذكر‪.‬‬

‫ • السكون‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬المقابل للحركة وعكس االضطراب‪ ،‬وسكن وسكنت إليه من‬


‫محبوب‪ ،‬والسكون أع ُّم من الثبات(((‪.‬‬

‫السكون على ثالثة مقامات‪:‬‬

‫سكون الطبع ألهل العقل والتمييز‪ ،‬وسكون العافية ألهل السالمة من‬
‫اإلشارات الغيبية‪ ،‬وسكون الحقيقة ألهل المعرفة من البالغين‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬سكون الواصلين بسبب التجلي وكونهم أصحاب تمكين ال‬


‫أصحاب تلوين‪ ،‬ووجودهم في الحضرة يتطلب منهم أدب الحضرة الذي هو ‬
‫السكون والذبول تحت الواردات(((‪.‬‬

‫((( الكليات (‪.)377‬‬


‫((( أبواب التصوف (‪.)239‬‬
‫﴿ ‪﴾ 63‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال عمر السهروردي‪ :‬صفات الظاهر الحركة والسكون‪ ،‬وصفات الباطن‬


‫األحوال واألخالق(((‪.‬‬

‫ • السكينة‪ : ‬ما تجده في الطمأنينة عند نزول الغيب‪.‬‬

‫ • السكينة والوقار‪: ‬‬
‫السكينة‪ :‬ما يجده القلب من الطمأنينة عند تنزل الغيب‪ ،‬وهي نور في القلب‬
‫يسكن إلى شاهده ويطمئن وهو مبادئ عين اليقين‪.‬‬
‫وال َوقَار‪ :‬التأني في التوجه نحو المطلوب‪.‬‬
‫قال الجرجاني‪ :‬الوقار هو التأني في الهيئة وغض البصر‪.‬‬

‫ • السماع‪: ‬‬
‫قال الصوفية‪ :‬السماع‪ :‬هو اإلصغاء واالستماع بحضور القلب وإدراك‬
‫الفهم وإزالة الوهم‪.‬‬
‫وقالوا بجواز إنشاد الشعر كما أنشد كعب بن زهير بين يدي الرسول ﷺ‪:‬‬
‫متيــم إثرهــا لــم يفــد مكبــول‬ ‫بانت ســعاد فقلبي اليــوم متبول‬

‫وقال الكالباذي‪:‬‬
‫استجمام من تعب الوقت وتنفس ألرباب األحوال واستحضار األسرار‬
‫لذوي األشغال(((‪.‬‬

‫((( عوارف المعارف (‪.)184‬‬


‫((( التعرف لمذهب أهل التصوف (‪.)120‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 64‬‬
‫وقال أبو عثمان الحيري‪ :‬السماع للمريدين الستدعاء األحوال الشريفة‪،‬‬
‫وللصادقين لطلب الزيادة في أحوالهم(((‪.‬‬
‫حسب ما يقر في القلوب‪ ،‬والقلوب على قدر‬
‫ُّ‬ ‫وأصل السماع لديهم على‬
‫أحوالهم(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام الغزالي‪ :‬النصوص التي وردت في السماع والدف تدل على‬
‫إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالدرق والحراب‪ ،‬والنظر إلى‬
‫قياسا على يوم العيد فإنه وقت‬
‫رقص الحبشة والزنوج في أوقات السرور‪ ،‬كان ً‬
‫سرور(((‪.‬‬
‫وقال العز بن عبد السالم‪ :‬وأما سماع اإلنشاد المحرك لألحوال السنية ‬
‫المذكر لألمور األخروية فال بأس به‪ ،‬بل يندب عند الفتور وسآمة القلب وال‬
‫يحظر إال على من في قلبه هوى خبيث‪ ،‬فإنه يحرك ما في القلب(((‪.‬‬
‫وثبت عن العز بن عبد السالم أنه كان يتحرك في السماع(((‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ما بعث اهلل نبيًا إال حسن الصوت»(((‪.‬‬
‫وزاد الترمذي‪ :‬وكان نبيكم حسن الوجه حسن الصوت‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)508‬‬


‫((( أبواب التصوف (‪.)229‬‬
‫((( إحياء علوم الدين (‪.)388/2‬‬
‫((( الزواجر (‪.)273/2‬‬
‫((( الزواجر (‪.)282/2‬‬
‫((( أخرجه الترمذي في الشمائل (‪.)3383‬‬
‫﴿ ‪﴾ 65‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقالت السيدة عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬كان أصحاب رسول اهلل ﷺ يتناشدون‬
‫عنده الشعر وهو يبتسم(((‪.‬‬
‫قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮭﮮﮯﮰﮱ﴾‬
‫(((‬

‫قال ابن كثير ً‬


‫نقل عن اإلمام الزهري وابن جريج يعني حسن الصوت(((‪.‬‬
‫وقال القرطبي في تفسير اآلية‪ :‬إنه حسن الصوت(((‪.‬‬
‫وعن عمرو بن الشريد عن أبيه قال‪ :‬أنشدت رسول اهلل ﷺ مئة قافية من‬
‫قول أمية بن أبي الصلت‪ ،‬كل ذلك يقول‪( :‬هيه هيه) ثم قال‪« :‬إن كاد في شعره‬
‫ليسلم»(((‪.‬‬
‫ • السِّمْسِمة‪ : ‬معرفة تدق عن العبارة‪.‬‬
‫ • الشائبة‪ : ‬هي عبارة عن بقاء حظ العبد في أي عمل ينسبه لنفسه‪.‬‬
‫ • الشاهد‪ : ‬هو حقيقة ما يضبط القلب من صورة المشهود‪.‬‬
‫ • الشجرة‪ : ‬اإلنسان الكامل‪.‬‬
‫ • الشريعة والطريقة واحلقيقة‪: ‬‬

‫الشريعة‪ :‬هي األمر بالتزام العبودية‪.‬‬

‫((( أخرجه الترمذي في سننه (‪ )2850‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬


‫((( [سورة فاطر‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬
‫((( تفسير ابن كثير (‪.)567/5‬‬
‫((( الجامع ألحكام القرآن (‪.)320/14‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2255‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 66‬‬
‫والحقيقة‪ :‬هي مشاهدة أسرار الربوبية‪.‬‬
‫فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فهي غير مقبولة‪ ،‬وكل حقيقة غير مقيدة ‬
‫ً‬
‫غير مقبولة أيضا‪.‬‬ ‫بالشريعة فهي‬
‫خلْق‪ ،‬والحقيقة إنباء عن تصريف الحق‪.‬‬
‫فالشريعة جاءت بتكاليف ال َ‬

‫وقال أبو علي الدقاق‪:‬‬


‫قوله تعالى‪﴿ :‬ﭢ ﭣ ﴾‪ :‬حفظ للشريعة‪.‬‬
‫﴿ﭤ ﭥ﴾‪ :‬إقرار بالحقيقة‪.‬‬
‫واعلم أن الشريعة حقيقة من حيث إنها وجبت بأمره‪ ،‬والحقيقة شريعة من‬
‫أيضا وجبت بأمره(((‪.‬‬
‫حيث إن المعارف به سبحانه ً‬

‫الشريعة‪ :‬اسم لمجموع األحكام التكليفية وهي تحيط باألعمال الظاهرة ‬


‫والباطنة جميعًا‪.‬‬
‫قال اإلمام أحمد الرفاعي رضي اهلل عنه‪ :‬الشريعة هي الطريقة والطريقة هي‬
‫الشريعة واالختالف بينهما لفظي‪.‬‬
‫وقال الفقيه ابن عابدين رضي اهلل عنه‪ :‬الطريقة‪ :‬هي السيرة المختصة بالسالكين‬
‫من قطع المنازل‪ ،‬والترقي في المقامات‪ ،‬والحقيقة هي مشاهدة الربوبية في القلب‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬هي سر معنوي ال حد له وال جهة(((‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)159‬‬


‫((( حاشية ابن عابدين (‪.)303‬‬
‫﴿ ‪﴾ 67‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال الشيخ عبد القادر الجيالني رضي اهلل عنه‪ :‬كل حقيقة ال تشهد لها ‬
‫الشريعة فهي زندقة‪ ،‬طر إلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة‪ ،‬ادخل‬
‫عليه ويدك في يد الرسول ﷺ(((‪.‬‬
‫ما الفرق بين العمل في الشريعة والطريقة والحقيقة؟ وما هي مواضيعها؟‬
‫وكيف إصالحها؟‬
‫العمل في الشريعة‪ :‬هي أن تعبد اهلل عز وجل‪ ،‬وموضوعها‪ :‬إصالح الظواهر‬
‫(الجوارح) ويكون إصالح الجوارح بثالثة أمور‪ :‬بالتوبة‪ ،‬والتقوى‪ ،‬واالستقامة‪.‬‬
‫والعمل في الطريقة‪ :‬أن يقصد في عبادته اهلل عز وجل‪ ،‬وموضوعها‪:‬‬
‫إصالح الضمائر (القلوب) ويكون إصالح القلوب بثالثة أمور‪ :‬باإلخالص‪،‬‬
‫والصدق‪ ،‬والطمأنينة‪.‬‬
‫والعمل في الحقيقة‪ :‬أن تشهد اهلل عز وجل دائ ًما‪ ،‬وموضوعها‪ :‬إصالح‬
‫السرائر (الروح)‪ ،‬وإصالح السرائر يكون بثالثة أمور‪ :‬بالمراقبة‪ ،‬والمشاهدة‪،‬‬
‫والمعرفة‪.‬‬

‫أمرا ونهيًا (بالجوارح)‪ ،‬ثم يهتمون بتصفية ‬


‫فالصوفية يهتمون بتطبيق الشريعة‪ً ،‬‬
‫القلوب واألرواح‪.‬‬

‫ • الشطح‪: ‬‬

‫هو عبارة عن كلمات تصدر من بعض الصوفية غير ال ُك َّمل في حالة ‬

‫((( للتوسع‪ :‬انظر‪ :‬الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية‪ ،‬باب الطريقة والحقيقة‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 68‬‬
‫الغيبوبة وغلبة شهود اهلل تعالى عليهم بحيث ال يشعرون حينئذ بغير الحق‪،‬‬
‫وهذه الكلمات لو صدرت عنه وعقله معه ألنكرها‪ ،‬وهذه الحالة غير محمودة ‬
‫عند الصوفيين ولكن صاحبها معذور في ذلك لذهوله وعدم انضباط فكره‬
‫حينئذ‪ ،‬ولكن كما أنه ال جناح عليه بسبب هذا العذر فال يجوز االقتداء به لمن‬
‫كان في حالة صحو‪ ،‬وال حمل كالمه وأفعاله على الصحة‪ ،‬بل ينظر إلى ذلك‬
‫على أنه شطحات يعفى عنها ألهل األحوال والمواجيد الصحيحة كما حصل‬
‫مع الرجل الذي أضل راحلته في الصحراء‪ ،‬وعليها طعامه وشرابه ومتاعه‬
‫وعندما وجدها أصابه حال سرور فأخطأ من شدة فرحه فقال‪« :‬اللهم أنت‬
‫عبدي وأنا ربك»(((‪.‬‬

‫فهذا قد فرح براحلته فكيف بالذي يفرح باهلل‪ ،‬وهذه العبارة وغيرها مما ‬
‫يصدر عن الذي خرجت عنه بغير صحو‪ ،‬ويؤاخذ بها كل من رددها أو أيدها ‬
‫ً‬
‫عقل ممن لم يكن في مثل ذلك الحال‪ ،‬وإلى هذا يشير الشيخ أحمد الرفاعي‬
‫رضي اهلل عنه إذ يقول‪ :‬وهذه الكلمات ومثلها من الشطحات التي تتجاوز حد‬
‫التحدث بالنعمة مَثَل صاحبها‪ :‬كمثل رجل نام في بيت الخالء فرأى في منامه‬
‫أن جلس على سرير سلطنة فلما استيقظ خجل وعرف مكانه‪ :‬اهلل اهلل بالوقوف‬
‫عند الحدود‪ ،‬عضوا على سنة السيد العظيم ﷺ بالنواجذ‪.‬‬
‫ووهــم عمــ ٍر وبكــر‬ ‫مالــي وألفــاظ زيــد‬
‫مــن ســر ذاك وســر‬ ‫وجــه الشــريعة أهدى‬

‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪ )92/11‬ومسلم (‪.)2748‬‬


‫﴿ ‪﴾ 69‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • شواهد احلق‪ : ‬هي حقائق األكوان‪ ،‬فإنها تشهد بالمك ّون‪.‬‬

‫ • الشوق‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬تعلق الشيء بالشيء وهو نزاع النفس إلى الشيء(((‪.‬‬

‫واصطال ًحا‪ :‬نزاع القلب إلى لقاء المحبوب(((‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬تعطش القلوب إلى لقاء المحبوب‪.‬‬

‫وقال القشيري‪ :‬الشوق‪ :‬هو توهج القلب إلى لقاء الرب(((‪.‬‬

‫وقال أبو علي الدقاق‪ :‬الشوق واالشتياق‪:‬‬

‫الشوق‪ :‬يسكن باللقاء‪ ،‬والرؤية‪ ،‬واالشتياق‪ :‬ال يزول باللقاء‪.‬‬

‫وقال الخراز‪ :‬من اشتاق إلى الملك الخالق جل جالله عن ولوع االحتراق‬
‫من خوف الفراق رجاء التالق على بساط السباق فهو المشتاق(((‪.‬‬

‫أي‪ :‬من زاد شوقه إلى لقاء ربه سبحانه وتعالى من نيران الشوق في‬
‫قلبه وخوفه من الفراق عليه أن يتسابق في مجاهداته وسلوكه ليصل إلى‬
‫التالق(((‪.‬‬

‫((( معجم مقاييس اللغة (‪.)521‬‬


‫((( التعريفات (‪.)74‬‬
‫((( منثور الخطاب (‪.)68‬‬
‫((( الحقائق (‪.)48‬‬
‫((( أبواب التصوف (‪.)224‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 70‬‬
‫ • الشيخ‪: ‬‬

‫هو اإلنسان الكامل في العلوم الشرعية والطريقة والحقيقة‪ ،‬البالغ إلى حد‬
‫التكميل فيها‪ ،‬لعلمه بآفات النفوس وأمراضها وأدوائها ومعرفة بذواتها‪ ،‬وهو ‬
‫الذي سلك طريق الحق وعرف المخاوف والمهالك‪ ،‬فيرشد المريد ويشير إلى‬
‫ما ينفعه وما يضره‪.‬‬

‫وهو الذي يقرر الدين والشريعة في قلوب المريدين والطالبين‪ ،‬وهو الذي‬
‫يحبب عباد اهلل إلى اهلل‪ ،‬ويحبب اهلل إلى عباده‪.‬‬

‫ • الصحو والسُّكر‪: ‬‬

‫الصحو‪ :‬رجوع إلى اإلحساس بعد الغيبة‪.‬‬

‫والسكر‪ :‬غيبة بوارد قوي‪.‬‬

‫والسكر زيادة على الغيبة من وجه‪ ،‬وذلك أن صاحب السكر قد يكون‬


‫مبسو ًطا في حالة سكره‪ ،‬فصاحب الغيبة أتم من صاحب السكر‪ ،‬وصاحب‬
‫السكر أشد غيبة من صاحب الغيبة إذا قوي سكره(((‪.‬‬

‫والغيبة قد تكون للعباد بما يغلب على قلوبهم من موجب الرغبة والرهبة‪،‬‬
‫ومقتضيات الخوف والرجاء‪ ،‬والسكر‪ :‬ال يكون إال ألصحاب المواجيد‪.‬‬

‫فإذا كوشف العبد بنعمة الجمال حصل السكر‪ ،‬وطربت الروح‪ ،‬وهام القلب‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)147‬‬


‫﴿ ‪﴾ 71‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫واعلم أن الصحو على حسب السكر فمن سكره بحق‪ ،‬كان صحوه بحق‪.‬‬
‫والعبد في حال سكره بشاهد الحال‪ ،‬وفي حال صحوه بشاهد العلم‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯩﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱ﴾(((‪.‬‬
‫خر صع ًقا‪،‬‬
‫سيدنا موسى عليه الصالة والسالم مع رسالته وجاللة قدره َّ‬
‫ا متكسرا(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫والجبل مع صالبته‪ ،‬وقوته‪ ،‬صار د ًك‬

‫• الصدّيق‪: ‬‬

‫هو المبالغ في الصدق‪ ،‬وهو الذي كمل في تصديق كل ما جاءت به رسل‪ ‬اهلل عل ًما ‬
‫وقربه لباطن النبي عليه السالم لشدّة مناسبته‪ ،‬ولهذا لم‬
‫ّ‬ ‫وفعل‪ ،‬لصفاء باطنه‪،‬‬ ‫ً‬
‫وقول ً‬
‫يتخلّل في كتاب اهلل تعالى مرتبة بينهما في قوله تعالى‪﴿ :‬ﭽﭾﭿﮀﮁ‬
‫‪ ‬‬

‫ﮂ ﮃﮄﮅﮆﮇ﴾(((‪.‬‬
‫ • الصعق‪ : ‬هو الفناء في الحق بالتجلي الذاتي‪.‬‬

‫الصعْق‪ :‬الفناء عند التجلي الرباني‪.‬‬


‫َّ‬
‫ • الصفوة‪ : ‬هم المتحققون بالصفاء عن كدر الغيرية‪.‬‬

‫ • الصويف‪: ‬‬
‫قال اإلمام أحمد الرفاعي رضي اهلل عنه‪:‬‬

‫((( [سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪.]143 :‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)148‬‬
‫((( [سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.]69 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 72‬‬
‫الصوفي من صفا سره من كدورات األكوان‪ ،‬وما رأى لنفسه على غيره‬
‫ُّ‬
‫مزية(((‪.‬‬
‫وقال ً‬
‫أيضا‪ :‬الصوفي ال يسلك غير طريق الرسول المكرم ﷺ‪ ،‬فال يجعل‬
‫حركاته وسكناته إال مبنية عليه‪.‬‬
‫وقال اإلمام بهاء الدين الرواس رضي اهلل عنه‪ :‬الصوفي التقي‪ :‬الذي ال‬
‫لوا من رؤية أبيه وجده وطوره ومقامه‪.‬‬
‫يريد فسادًا في األرض وال ع ً‬
‫وقال‪ :‬الصُّوفي يدور مع الحق أين كان وال ينحرف عنه(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ بشر بن الحارث رضي اهلل عنه‪ :‬الصوفي‪ :‬من صفا قلبه هلل‪.‬‬
‫وقال الشيخ سهل التستري رضي اهلل عنه‪ :‬الصوفي‪ :‬من صفا من الكدر‪،‬‬
‫وامتأل من الفكر‪ ،‬وانقطع إلى اهلل من البشر‪ ،‬واستوى عنده الذهب والمدر(((‪.‬‬
‫الصوفي‪ :‬من كان صافيًا من آفات النفس خاليًا من مذموماتها(((‪.‬‬
‫وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه اهلل تعالى‪ :‬الصوفي هو الذي‬
‫يتقرب إلى اهلل‪ ،‬بفروض اهلل‪ ،‬ثم يزيدها بسنة الرسول ﷺ‪ ،‬وأن يكون عنده‬
‫صفاء‪ ،‬فيكون صافيًا هلل(((‪.‬‬

‫((( البرهان المؤيد (‪.)69‬‬


‫((( بوارق الحقائق (‪.)315‬‬
‫((( ال َمدَر‪ :‬قطع الطين اليابس‪ ،‬وقيل‪ :‬الطين العلك الذي ال رمل فيه (لسان العرب ـ‬
‫مادة مدر)‪.‬‬
‫((( التصوف منشؤه ومصطلحاته (‪.)32‬‬
‫((( أصول الوصول (‪ )327‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 73‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • الضياء‪ : ‬رؤية األشياء بعين الحق عين الحق‪.‬‬


‫ • الطالع‪ : ‬أول ما يبدو من تجليات األسماء اإللهية على باطن العبد‪ :‬فيحسن‬
‫أخالقه وصفاته بتنوير باطنه‪.‬‬
‫ • الطاهر‪ : ‬من عصمه اهلل عن المخالفات‪.‬‬
‫ • طاهر الظاهر‪ : ‬من عصمه اهلل عن المعاصي‪.‬‬
‫ • طاهر الباطن‪ :‬من عصمه اهلل عن الوساوس والهواجس والتعلق باألغيار‪.‬‬
‫ • طاهر السرّ‪ : ‬من ال يذهل عن اهلل طرفة عين‪.‬‬
‫ • طاهر السرّ والعالنية‪ : ‬من قام بتوفية حقوق الخلق والحق جميعًا لسعته‬
‫برعاية الجانبين‪.‬‬
‫ • الطريقة‪ : ‬هي السيرة المختصة بالسالكين إلى اهلل من قطع المنازل والترقي‬
‫في المقامات‪.‬‬

‫ • الطمأنينة‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬السكينة والسكون(((‪.‬‬


‫وفي الشرع‪ :‬الطمأنينة‪ :‬مقدار التسبيحة في أركان الصالة(((‪.‬‬
‫والطمأنينة على ثالثة مقامات‪:‬‬
‫طمأنينة النفس في رؤية الثواب‪.‬‬

‫((( معجم مقاييس اللغة (‪.)599‬‬


‫((( الكليات (‪.)585‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 74‬‬
‫وطمأنينة القلب في وجود التذكار‪.‬‬

‫وطمأنينة السر في تحقيق اإلشارات(((‪.‬‬


‫وفي القرآن الكريم‪ :‬الطمأنينة‪ :‬السكون‪ ،‬اليقين والزيادة فيه‪ ،‬المعرفة باهلل‪،‬‬
‫ذكر اهلل‪ ،‬االطمئنان باهلل‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﰏﰐ ﰑﰒﰓ﴾(((‪.‬‬


‫(((‬‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭡﭢﭣ*ﭥ ﭦ ﭧﭨﭩ ﴾‬

‫قال السلمي في تفسيره لهذه اآلية‪ :‬قال ابن عطاء‪ :‬المطمئنة هي العارفة باهلل‬
‫التي ال تصبر عن اهلل طرفة عين(((‪.‬‬

‫ • الطوالع‪ : ‬هي أنوار التوحيد تطلع على قلوب أهل المعرفة فتطمس سائر‬
‫األنوار‪ .‬تبقى لمدة طويلة‪ ،‬تذهب الظلمة وتنفي الشك والشبهة‪.‬‬

‫أو هي المواجيد التي تهجم على القلب‪ ،‬وكذلك تبقى لوقت طويل‪،‬‬
‫تذهب الظلمة وتنفي التهمة‪.‬‬
‫ • ِّ‬
‫الظل‪ : ‬وجود الراحة خلف الحجاب‪.‬‬

‫ • ُ ّ‬
‫الظلمة‪ : ‬العلم بالذات‪.‬‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)243‬‬


‫((( [سورة الرعد‪ ،‬اآلية‪.]28 :‬‬
‫((( [سورة الفجر‪ ،‬اآليتان‪.]28 -27 :‬‬
‫((( تفسير القرآن للقشيري (‪.)121/1‬‬
‫﴿ ‪﴾ 75‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • العارف‪ : ‬من أشهده اهلل ذاته وصفاته وأسماءه وأفعاله فالمعرفة حال تحدث‬
‫عن شهوده‪.‬‬

‫ • عامل األمر‪ : ‬عالم الملكوت وهو عالم الغيب‪.‬‬

‫ • عامل ا َخل ْلق‪ : ‬عالم الشهادة وهو عالم ال ُملك‪.‬‬

‫الحلُم‪ :‬الرؤيا‪ ،‬والجمع أحالم‪.‬‬ ‫ • عامل الرؤيا‪ : ‬لغة‪ُ :‬‬


‫ الحلْم و ُ‬

‫قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬من تحلَّم ما لم يحلم كلف أن يعقد بين شعيرتين»(((‪.‬‬

‫أي‪ :‬قال‪ :‬إنه رأى في النوم ما لم يره‪ ،‬وتكلف إذا ادعى الرؤيا كذبًا‪.‬‬
‫الحلُم‪ :‬االحتالم ً‬
‫أيضا‪ ،‬يجمع على أحالم‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫الرؤيا في االصطالح‪ :‬ما يراه النائم في منامه من الخير والشيء الحسن‪،‬‬
‫الحلُم‪ :‬ما يراه من الشر والقبيح‪.‬‬
‫و ُ‬
‫قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬الرؤيا الصادقة من اهلل‪ ،‬والحلم من الشيطان»(((‪.‬‬

‫وإضافة الرؤيا إلى اهلل للتشريف‪ ،‬فالتي تضاف إلى اهلل ال يقال لها حلم‪،‬‬
‫والتي تضاف للشيطان ال يقال لها رؤيا‪ ،‬وهو تصرف شرعي‪ ،‬وإال فالكل يسمى‬
‫رؤيا(((‪.‬‬

‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪.)7043‬‬


‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪ )6984‬ومسلم (‪.)2261‬‬
‫((( شرح السنة (‪ ،)207/12‬وفتح الباري (‪.)369/12‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 76‬‬
‫أقسام الرؤيا من حيث المصدر‪:‬‬

‫تنقسم الرؤيا من حيث المصدر إلى ثالثة أقسام‪:‬‬


‫رؤيا من اهلل عز وجل‪.‬‬

‫رؤيا من الشيطان‪.‬‬

‫رؤيا مما يُحدِّث به المرء نفسه‪.‬‬

‫قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬الرؤيا ثالثة‪ :‬فرؤيا صالحة بشرى من‪ ‬اهلل‪ ،‬ورؤيا تحزن‬
‫من الشيطان‪ ،‬ورؤيا مما يحدث المرء نفسه»(((‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪« :‬أصدق الرؤيا باألسحار»(((‪.‬‬

‫وقال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧ﴾(((‪.‬‬

‫قيل‪ :‬هي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن‪.‬‬

‫ورد مرفوعًا عن أبي الدرداء قال‪ :‬سألت النبي ﷺ عن هذه اآلية ﴿ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﴾ قال‪« :‬ما سألني عنها أحد قبلك‪ ،‬هي‬
‫الرؤيا الحسنة‪ ،‬يراها المرء أو ترى له»(((‪.‬‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2263‬‬


‫((( أخرجه الترمذي في سننه (‪ ،)2274‬والحاكم في المستدرك (‪ )392/4‬وصححه‬
‫ووافقه الذهبي‪ ،‬وابن حبان في صحيحه (‪.)6009‬‬
‫((( [سورة يونس‪ ،‬اآلية‪.]64 :‬‬
‫((( رواه الترمذي (‪.)2274‬‬
‫﴿ ‪﴾ 77‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقالت عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬أول ما بدئ به رسول اهلل ﷺ من الوحي الرؤيا ‬
‫الصالحة في النوم‪ ،‬فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل فلق الصبح‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨ﴾(((‪.‬‬
‫أي علم الرؤيا‪.‬‬
‫فلقد رأى سيدنا يوسف عليه الصالة والسالم وهو فتى رؤيا‪ ،‬أن أحد عشر‬
‫كوكبًا رآهم قد سجدوا له مع الشمس والقمر‪ ،‬ورأى ملك مصر رؤيا لم يعبرها ‬
‫إال (يوسف عليه الصالة والسالم) وقد تحقق كل ذلك وجاء مطاب ًقا للتعبير‪.‬‬
‫﴿ﯦﯧﯨ ﯩﯪﯫﯬﯭ ﯮﯯ﴾(((‪.‬‬
‫والرؤيا نوع من الكرامات فلقد رأت السيدة صفية رضي اهلل عنها عمة رسول‬
‫اهلل ﷺ قبيل معركة بدر رؤيا‪ ،‬وفيها أن صار ًخا على جبل أبي قبيس صرخ ثالث‬
‫مرات‪ ،‬ثم أرسل صخرة عظيمة‪ ،‬فتفتّتت‪ ،‬ودخلت هذه األجزاء بيوتات قريش‪.‬‬
‫وذلك كان في معركة بدر فما من بيت في مكة إال وكان به صارخ من قتيل‬
‫أو مصاب‪.‬‬
‫ومن الكرامات رؤيا النبي ﷺ‪:‬‬
‫قال عليه الصالة والسالم‪« :‬من رآني في النوم فقد رآني‪ ،‬فإنه ال ينبغي‬
‫للشيطان أن يتشبه بي»(((‪.‬‬

‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]6 :‬‬


‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]43 :‬‬
‫((( رواه مسلم (‪ ،)1776‬وابن ماجه في سننه (‪.)3902‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 78‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬من رآني في المنام فسيراني في اليقظة وال يتمثل الشيطان بي»(((‪.‬‬
‫قال ابن بطال‪ :‬قوله «فسيراني في اليقظة» يريد تصديق تلك الرؤيا في‬
‫اليقظة‪ ،‬وصحتها وخروجها على الحق‪ ،‬وليس المراد أنه يراه في اآلخرة ألنه‬
‫سيراه يوم القيامة ويراه جميع أمته من رآه في النوم‪ ،‬ومن لم يره منهم‪.‬‬
‫وقال ابن حجر‪ :‬والحاصل من األجوبة ستة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه على التشبيه والتمثيل ودل عليه قوله في الرواية األخرى‪:‬‬
‫«فكأنما في اليقظة»‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬أن يراه في المرآة التي كانت له إن أمكنه ذلك‪ ،‬وهذا من أبعد المحامل‪.‬‬
‫خامسها‪ :‬أن يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية ال مطلق من يراه حينئذ ممن‬
‫لم يره في المنام‪.‬‬
‫سادسها‪ :‬أنه يراه في الدنيا حقيقة ويخاطبه(((‪.‬‬
‫وقال النووي‪ :‬الصحيح أن يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو‬
‫غيرها(((‪.‬‬

‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪ )6993‬ومسلم (‪.)1775‬‬


‫((( فتح الباري (‪.)385/12‬‬
‫((( شرح النووي على مسلم (‪.)25 -24/15‬‬
‫﴿ ‪﴾ 79‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وأما رؤية الباري عز وجل في المنام‪:‬‬

‫فقال الحافظ ابن حجر العسقالني رحمه اهلل تعالى‪ :‬ج َّوز أهل التعبير رؤية ‬
‫الباري عز وجل في المنام مطل ًقا‪.‬‬

‫وقال أبو القاسم القشيري ما حاصله‪ :‬إن رؤياه على غير صفته ال تستلزم إال أن‬
‫يكون هو‪ ،‬فإنه لو رأى اهلل على وصف يتعالى عنه‪ ،‬وهو يعتقد أنه منزه عن ذلك‪ ،‬ال‬
‫يقدح في رؤيته‪ ،‬بل يكون لتلك الرؤيا ضرب من التأويل‪ ،‬كما قال الواسطي‪ :‬من‬
‫رأى ربه على صورة شيخ كان إشارة إلى وقار الرائي‪ ،‬وغير ذلك(((‪.‬‬

‫وقال اإلمام البغوي رحمه اهلل تعالى‪ :‬رؤية اهلل في المنام جائزة‪ ،‬وتكون‬
‫الف َرج‪ ،‬والخصب‪ ،‬والخير ألهل ذلك‬ ‫رؤيته جلت قدرته ظهور العدل‪ ،‬و َ‬
‫الموضع‪ ،‬فإن رآه فوعد له جنة أو مغفرة‪ ،‬أو نجاة من النار‪ ،‬فقوله حق‪ ،‬ووعده‬
‫صدق(((‪.‬‬

‫ورحم اهلل القائل‪ :‬خذ المعنى واترك المبنى‪.‬‬

‫ • عامل امللك وامللكوت‪: ‬‬

‫عالم الملك‪ :‬هو عالم الشهادة‪.‬‬

‫عالم الملكوت‪ :‬هو عالم الغيب المختص باألرواح والنفوس(((‪.‬‬

‫((( الرؤى واألحالم البن حجر العسقالني (‪.)91 -89‬‬


‫((( شرح السنة (‪.)228 -227/12‬‬
‫((( التعريفات (‪.)317 -316‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 80‬‬
‫ • العبادة‪ : ‬للعوام من المؤمنين‪ ،‬لمن له علم اليقين‪ ،‬ألصحاب المجاهدات‪،‬‬
‫وهي للجسد‪.‬‬
‫ • العبودة‪: ‬‬
‫لمن له حق اليقين‪ ،‬وهي لخواص الخواص‪ ،‬ألهل المشاهدات‪ ،‬وهي‬
‫للروح‪.‬‬
‫ • العبودية‪ : ‬ألرباب المكابدات‪ ،‬وهي للخواص‪ ،‬لمن له عين اليقين‪ ،‬وهي‬
‫للقلب‪.‬‬
‫ • العُقاب‪ : ‬القلم‪ ،‬وهو العقل األول‪.‬‬
‫ • العِ ّلة‪: ‬‬
‫هي تنبيه الحق عبده بسبب‪ ،‬كسماع إبراهيم بن أدهم النداء من قربوس سرجه‪،‬‬
‫أو بغير سبب ظاهر كتجلي الحق له فجأة من غير اجتالب منه‪.‬‬

‫وإنما سميت التنبيهات اإللهية علة ألنها تورث األلم على فوات ما تعين له‬
‫من الحق من المواهب الجزيلة قبل تنبهه‪.‬‬

‫• العيد‪: ‬‬

‫ما يعود على القلب من التجليات بإعادة األعمال المزكية للنفس المصفية ‬
‫للقلب إذا كانت التجليات موقوفة على العمل‪ ،‬وإن كانت من باب االمتنان‬
‫فعودها كأصلها ال يتوقف عليه‪.‬‬
‫ُالغراب‪ : ‬الجسم الكلي‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 81‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • الغربة‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬البعد عن األوطان(((‪ ،‬وفي الكليات‪ :‬الغريب‪ :‬كل شيء فيما بين‬
‫جنسه عديم النظر فهو غريب(((‪.‬‬

‫واصطال ًحا عند الصوفية‪ :‬هي ترك المألوفات ومغادرة العادات واالنقطاع‬
‫والعزلة‪.‬‬

‫والغربة على ثالثة مقامات‪:‬‬

‫غربة عن األوطان من أول حقيقة القصد‪.‬‬

‫وغربة عن األحوال من حقيقة االنفراد باألحوال‪.‬‬

‫وغربة عن الحق من حقيقة الدهشة في المعرفة(((‪.‬‬

‫وقال الكالباذي عن سبب تسمية الصوفية بالغرباء‪:‬‬

‫فلخروجهم عن األوطان سموا غرباء(((‪ ،‬أي ألنهم تركوا أوطانهم‪.‬‬

‫وأسباب غربة الصوفي عن وطنه كثيرة منها‪:‬‬

‫الرياضة والسياحة‪ ،‬ومنها سكن مناطق العزلة مثل البراري‪ ،‬ومنها البحث‬
‫عن الشيخ المرشد النقي الذي يأخذ بيده‪.‬‬

‫((( معجم مقاييس اللغة (‪.)786‬‬


‫((( الكليات (‪.)663‬‬
‫((( أبواب التصوف (‪.)302‬‬
‫((( التعرف لمذهب أهل التصوف (‪.)13‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 82‬‬
‫وفي الوطن الثاني الذي استقر فيه يدعى غريبًا(((‪.‬‬

‫ • الغِشاوة‪ : ‬ما يكون على عين البصيرة من الصدأ‪.‬‬

‫ • الغوث‪ : ‬هو القطب حين يُلتجأ إليه‪ ،‬وال يسمى في غير الوقت غوثًا‪ ،‬وسمي‬
‫غوثًا ألنه يستغيث باهلل ويدعو لألمة‪.‬‬

‫ • الغيب‪ : ‬كل ما ستره الحق عنك‪.‬‬

‫ • الغيبة واحلضور‪: ‬‬

‫خلْق‪ ،‬الشتغال الحس‬


‫ال َغيبة‪ :‬غيبة القلب عن علم ما يجري من أحوال ال َ‬
‫بما ورد عليه‪ ،‬ثم قد يغيب عن إحساسه بنفسه وغيره‪ ،‬بوارد من تذكر ثواب‪ ،‬أو‬
‫تفكر في عقاب‪.‬‬
‫وروي عن سيدنا علي بن الحسين رضي اهلل عنهما أنه كان في سجوده‬
‫فوقع حريق في داره‪ ،‬فلم ينصرف عن صالته فسئل عن حاله‪ ،‬فقال‪ :‬ألهتني النار‬
‫الكبرى عن هذه النار‪.‬‬
‫خلْق حضر‬
‫حاضرا بالحق‪ ،‬ألنه إذا غاب عن ال َ‬
‫ً‬ ‫وأما الحضور‪ :‬فقد يكون‬
‫الحق‪ ،‬وذلك الستيالء ذكر الحق على قلبه‪ ،‬فهو حاضر بقلبه بين يدي ربه عز‬
‫وجل‪ ،‬فعلى حسب َغيْبته عن الخلق يكون حضوره بالحق‪ ،‬فإن غاب بالكلية ‬
‫كان الحضور على حسب ال َغيبة‪.‬‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)303‬‬


‫﴿ ‪﴾ 83‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫فإن قيل‪ :‬فالن حاضر فمعناه أنه حاضر بقلبه لربه‪ ،‬غير غافل عنه‪ ،‬وال ساه‪،‬‬
‫مستديم لذكره(((‪.‬‬
‫ومن أمثلة ال َغيبة‪:‬‬
‫وقعت سارية جامع الكوفة حتى انهدت لها جوانب السوق‪ ،‬وأقبل الناس‬
‫يهرعون إلى الجامع‪.‬‬
‫وكان أبو حنيفة رضي اهلل عنه قائ ًما يصلي إلى جانبها ولم يشعر بذلك(((‪.‬‬
‫ • الغني‪ : ‬هو الحجاب الكثيف بين القلب واإليمان بالحق‪ .‬وهو ذهول عن‬
‫الشهود‪ ،‬واحتجاب عنه مع صحة االعتقاد‪.‬‬
‫ • الفتح القريب‪ : ‬هو ما انفتح على العبد من مقام القلب وظهور صفاته وكماالته‬
‫عند قطع منازل النفس‪ ،‬وهو المشار إليه بقوله تعالى‪﴿ :‬ﯳ ﯴﯵﯶﯷ﴾(((‪.‬‬
‫ • الفتح املبني‪ : ‬هو ما انفتح على العبد من مقام الوالية وتجليات أنوار األسماء‬
‫اإللهية المعينة لصفات القلب وكماالته المشار إليه بقوله تعالى‪﴿ :‬ﭑ ﭒﭓ‬
‫ﭔﭕ﴾((( [الفتح‪ ]1 :‬يعني من الصفات النفسية والقلبية‪.‬‬

‫• الفتح املطلق‪: ‬‬

‫هو تجلّي الذات األحديّة واالستغراق في عين الجمع بفناء الرسوم الخلقية ‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)147 -146‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)340‬‬
‫((( [سورة الصف‪ ،‬اآلية‪]13 :‬‬
‫(( ( [سورة الفتح‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 84‬‬
‫كلّها‪ ،‬وهو المشار إليه بقوله تعالى‪﴿ :‬ﭱﭲﭳﭴﭵ﴾(((‪.‬‬
‫ • الفرتة‪ : ‬خمود حرارة الطلب الالزمة للبداية‪.‬‬
‫والفترة‪ :‬جمود نار البداية المحرقة‪.‬‬

‫• الفتوّة‪: ‬‬

‫عبارة عن مجموعة الفضائل يتحلى بها الصوفي‪ ،‬مثل العفو‪ ،‬والمروءة‪،‬‬


‫برهم وفاجرهم‪.‬‬
‫والكرم‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬واإليثار‪ ،‬والشفقة على الخلق ّ‬
‫وغيرها من الفضائل التي تجعله إنسانًا ال خصم له‪ ،‬وهو ال يبغض أحدًا بل‬
‫يسعى دائ ًما وأبدًا لقضاء حاجات اآلخرين وإيجاد أعذار للمقصرين‪.‬‬

‫ • الفتوح‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬خالف اإلغالق‪.‬‬


‫قال الشريف الجرجاني‪ :‬الفتوح‪ :‬عبارة عن حصول شيء مما لم يتوقع‬
‫ذلك منه(((‪.‬‬
‫وقال القاشاني‪ :‬عبد الفتاح هو الذي أعطاه اهلل علم أسرار المفاتيح على‬
‫اختالف أنواعها‪ ،‬ففتح به الخصومات والمغالق والمعضالت والمضايق‪،‬‬
‫وأرسل به فتوحات الرحمة وما أُمسك من النعمة(((‪.‬‬

‫(( ( [سورة النصر‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬


‫((( التعريفات (‪.)94‬‬
‫((( اصطالحات الصوفية (‪.)112‬‬
‫﴿ ‪﴾ 85‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫أنواع الفتوح عند القاشاني الذي هو من مدرسة ابن عربي قال‪:‬‬

‫فتوح العبارة‪ :‬أي اللسان وهو في الظاهر ويسمى فتوح العبادة‪.‬‬

‫فتوح الحالوة‪ :‬هو ما يفتح على العبد في باطنه من أنواع العلوم والمعارف‬
‫وتقريب الحق له‪ ،‬وإن لم يظهر عليه شيء من ذلك‪.‬‬

‫فتوح المكاشفة‪ :‬هو ما يفتح على العبد من المكاشفات‪ ،‬والمشاهدة التي‬


‫ال مدخل لكسبه فيها‪.‬‬

‫الفتوح المبين‪ :‬هو ما انفتح على العبد من مقام الوالية وتجليات أنوار‬
‫األسماء اإللهية ﴿ ﭑ ﭒﭓﭔﭕ﴾(((‪.‬‬

‫الفتوح المطلق‪ :‬هو أعلى الفتوحات وأكملها‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭱﭲﭳ‬


‫ﭴﭵ﴾(((‪.‬‬

‫الفتوح القريب‪ :‬هو ما انفتح على العبد من مقام القلب وظهور صفاته‬
‫وكماالته عند قطع منازل النفس وهو المشار إليه ﴿ﯳ ﯴﯵﯶﯷ﴾((((((‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫فالفتوح بمعناه العام‪:‬‬

‫كل ما يفتح على العبد من اهلل تعالى بعد ما كان مغل ًقا عليه من النِّعم الظاهرة ‬

‫((( [سورة الفتح‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬


‫((( [سورة النصر‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬
‫((( [سورة الصف‪ ،‬اآلية‪.]13 :‬‬
‫((( أبواب التصوف (‪.)170 -169‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 86‬‬
‫والباطنة‪ ،‬كاألرزاق والعبادة والعلوم والمعارف والمكاشفات وغير ذلك‪.‬‬

‫ • الفراسة‪: ‬‬
‫في اللغة‪ :‬التثبت والنظر‪.‬‬
‫وفي اصطالح القوم (أهل الحقيقة)‪ :‬هي مكاشفة اليقين ومعاينة الغيب(((‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬الفراسة‪ :‬خاطر يهجم على القلب يثب عليه كوثوب األسد على‬
‫الفريسة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬الفراســة‪ :‬استئناس حكم وبصيرة قلبية ســرية ال عقلية فكرية‪،‬‬
‫فيفتــرس صاحبها بســره المغيبات الشــاردة عن األفهام بديهــة ال بالنظر‬
‫واالستدالل(((‪.‬‬
‫قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭫﭬﭭ ﭮﭯ ﴾((( قال مجاهد‪ :‬للمتفرسين‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ وهو تعريض الخطاب وفحوى‬
‫الكالم ومغزاه(((‪.‬‬

‫وقال ﷺ‪« :‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اهلل»(((‪.‬‬

‫والفراسة‪ :‬هي نور يقذفه اهلل في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)244‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)349‬‬
‫((( [سورة الحجر‪ ،‬اآلية‪.]75 :‬‬
‫((( مدارج السالكين (‪.)633‬‬
‫((( أخرجه الترمذي في سننه (‪.)3392‬‬
‫﴿ ‪﴾ 87‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭼﭽﭾﭿ ﮀ ﮁﮂﮃﮄ﴾(((‪.‬‬

‫والفراسة تكون حسب قوة اإليمان‪ ،‬فمن كان أقوى إيمانًا فهو أحدّ فراسة‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق‪.‬‬

‫وقال الواسطي‪ :‬الفراسة سواطع أنوار لمعت في القلوب‪.‬‬

‫وقال الداراني‪ :‬الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب‪ ،‬وهي من مقامات ‬


‫اإليمان‪.‬‬
‫وما يتكلم على الناس‪ ،‬فوقف عليه شاب نصراني‬
‫وكان الجنيد رحمه اهلل ي ً‬
‫متنكرا‪ ،‬فقال‪ :‬أيها الشيخ ما معنى قول رسول اهلل ﷺ‪« :‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه‬
‫ً‬
‫ينظر بنور اهلل»؟‪.‬‬
‫فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه وقال‪ :‬أسلم‪ ،‬فقد حان وقت إسالمك‪ ،‬فأسلم‬
‫الغالم(((‪.‬‬
‫ويقال في بعض الكتب القديمة‪ :‬إن الصديق ال تخطئ فراسته‪.‬‬
‫وكان سيدنا الصديق رضي اهلل عنه أعظم األمة فراسة‪ ،‬وبعده سيدنا عمر بن‬
‫الخطاب رضي اهلل عنه ووقائع فراسته مشهورة‪ ،‬فإنه ما قال لشيء (أظنه كذا) إال‬
‫كان كما قال‪ ،‬ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة‪.‬‬
‫وكذلك سيدنا عثمان بن عفان رضي اهلل عنه كان صادق الفراسة‪.‬‬

‫((( [سورة األنفال‪ ،‬اآلية‪.]29 :‬‬


‫((( مدارج السالكين (‪.)635‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 88‬‬
‫وروي أن ً‬
‫رجل دخل على عثمان رضي اهلل عنه وكان قد رأى في الطريق‬
‫علي أحدكم وأثر‬
‫امرأة وتأمَّل محاسنها‪ ،‬فقال عثمان رضي اهلل عنه‪ :‬يدخل َّ‬
‫الزنى ظاهر في عينيه؟! فقال الرجل‪ :‬أوحي بعد رسول اهلل ﷺ؟ فقال‪ :‬ال‪،‬‬
‫ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة(((‪.‬‬

‫ • الفصل‪ : ‬فوت ما ترجوه من محبوبك‪.‬‬

‫ • الفقري‪ : ‬يطلق على أفراد الصوفية لفظ فقير‪ ،‬وجمعه فقراء‪ ،‬كقول أحدهم‪:‬‬
‫إذا صح االفتقار إلى اهلل صح الغنى باهلل‪ ،‬ألنهما حاالن ال يتم أحدهما إال‬
‫باآلخر‪.‬‬

‫وغالب أفراد هذه الطائفة يظهر عليهم الفقر‪ ،‬وال يسألون أحدًا شيئًا‪.‬‬

‫قال ﷺ‪« :‬لو أقسم على اهلل ألبره»(((‪.‬‬

‫ • الفناء والبقاء‪ : ‬الفناء‪ :‬هو سقوط األوصاف الذميمة‪ ،‬كما أن البقاء هو وجود‬
‫األوصاف المحمودة‪ ،‬وقيل‪ :‬البقاء‪ :‬هو رؤية العبد قيام اهلل على كل شيء‪.‬‬

‫والفناء‪ :‬فناءان‪ ،‬أحدهما‪ :‬ما ذكرنا وهو بُكرة الرياضة‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬عدم اإلحساس بعالم الملكوت والملك وهو باالستغراق في‬


‫عظمة الباري ومشاهدة الحق(((‪.‬‬

‫((( مدارج السالكين (‪.)635‬‬


‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪ )2703‬ومسلم (‪.)1675‬‬
‫((( التعريفات (‪.)247‬‬
‫﴿ ‪﴾ 89‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫فمن ترك مذموم أفعاله بلسان الشريعة يقال‪ :‬إنه فني عن شهواته‪ ،‬فإذا فني‬
‫عن شهواته بقي بنيته وإخالصه في عبوديته‪.‬‬
‫ومن زهد في دنياه بقلبه‪ ،‬يقال‪ :‬فني عن رغبته‪.‬‬
‫فإذا فني عن رغبته فيها بقي بصدق إنابته‪.‬‬
‫ومن عالج أخالقه فني عن قلبه الحسد‪ ،‬والحقد‪ ،‬والبخل‪ ،‬والشح‪،‬‬
‫خلُق‪،‬‬ ‫والغضب‪ِ ،‬‬
‫والكبْر‪ ،‬وأمثال هذا من رعونات النفس‪ ،‬يقال‪ :‬فني عن سوء ال ُ‬
‫خلُق بقي بالفتوة والصدق‪.‬‬‫فإذا فني عن سوء ال ُ‬

‫خلْق موجودون‪ ،‬ولكنه‬‫خلْق‪ ،‬فنفسه موجودة‪ ،‬وال َ‬


‫فإذا فني عن نفسه وعن ال َ‬
‫ م ِحس بنفسه وبالخلق(((‪.‬‬
‫غافل عن نفسه وعن الخلق أجمعين‪ ،‬غير ُ‬
‫قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭢﭣﭤ ﭥﭦ ﴾(((وهذا هو فناء الوجد(((‪.‬‬

‫ • القَ بض والبسط‪: ‬‬

‫وهما حالتان‪ ،‬بعد ترقي العبد عن حالة الخوف والرجاء‪.‬‬


‫والقبض‪ :‬يكون لمعنى حاصل في الوقت‪ ،‬وكذلك البسط‪.‬‬
‫وصاحب القبض والبسط أسير وقته بوارد غلب عليه في عاجله‪ ،‬ثم تتفاوت ‬
‫نعوتهم في القبض والبسط على حسب تفاوتهم في أحوالهم‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)144‬‬


‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]31 :‬‬
‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)358‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 90‬‬
‫وكذلك المبسوط قد يكون فيه بسط يسع الخلق‪ ،‬فال يستوحش من أكثر‬
‫األشياء‪ ،‬ويكون مبسو ًطا ال يؤثر فيه شيء بحال من األحوال‪.‬‬

‫ومن أدنى موجبات القبض‪ :‬أن يرد على قلبه وارد موجبه إشارة إلى عتاب‬
‫ورمز باستحقاق تأديب‪ ،‬فيحصل في القلب ال محالة قبض‪.‬‬
‫وقد يكون موجب بعض الواردات إشارة إلى تقريب‪ ،‬أو ً‬
‫إقبال بنوع لطف‬
‫وترحيب‪ ،‬فيحصل للقلب بسط‪.‬‬

‫وفي الجملة‪ :‬قبض كل أحد على حسب بسطه‪ ،‬وبسطه على حسب قبضه‪.‬‬
‫وقد يكون قبض يُ ْش ِكل على صاحبه سببه‪ ،‬يجد في قلبه ً‬
‫قبضا ال يدري‬
‫موجبه وال سببه‪ ،‬فسبيل صاحب هذا القبض التسليم‪ ،‬حتى يمضي ذلك الوقت‪،‬‬
‫ألنه لو تكلف نفيه‪ ،‬أو استقبل الوقت قبل هجومه عليه باختياره زاد في قبضه‪،‬‬
‫ولعله يُعَد ذلك منه‪ :‬سوء أدب‪.‬‬
‫وإذا استسلم لحكم الوقت‪ ،‬فعن قريب يزول القبض‪ ،‬فإن الحق سبحانه‬
‫قال‪﴿ :‬ﯯﯰﯱ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪:‬‬
‫علي باب من البسط‪ ،‬فزللت زلة‪ ،‬ف َ ُ‬
‫حجِ بت عن مقامي‪.‬‬ ‫فُتِح َّ‬
‫ولهذا قالوا‪ :‬قف على البساط وإياك واالنبساط‪.‬‬
‫وقد َع َّد أهل التحقيق حالتي القبض والبسط من جملة ما استعاذوا منه‪،‬‬

‫((( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]245 :‬‬


‫﴿ ‪﴾ 91‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫واندراجه في الحقيقة‪ :‬فقر‬


‫ٌ‬ ‫ألنهما باإلضافة إلى ما فوقهما من استهالك العبد‬
‫ُ‬
‫وض ٌّر‪.‬‬
‫وقال اإلمام الجنيد رحمه اهلل تعالى‪:‬‬
‫الخوف من اهلل يقبضني‪ ،‬والرجاء منه يبسطني‪ ،‬والحقيقة تجمعني(((‪.‬‬
‫وصاحب القبض والبسط‪ :‬أخذ وقته بوارد غلب عليه في عاجله‪.‬‬
‫والقبض والبسط منزالن من منازل السائرين إلى اهلل عز وجل‪.‬‬
‫وذلك أن السائر ما دامت مكاشفاته ومشاهداته ومعايناته مقصورة عليه‬
‫فهو في قبض‪.‬‬

‫وإذا انبسطت منه حتى تخطى بها غيره بواسطته فهو في بسط(((‪.‬‬
‫ • القدم‪ :‬هي السابقة التي حكم بها للعبد ً‬
‫أزل‪.‬‬

‫• قدم الصدق‪ : ‬هي السابقة الجميلة والموهبة الجزيلة التي حكم بها الحق‬
‫تعالى لعباده الصالحين المخلصين في قوله تعالى‪﴿ :‬ﭣ ﭤﭥ ﭦﭧ‬
‫ﭨﭩﭪﭫ﴾ [يونس‪.]2 :‬‬

‫• القرب القدسي‪: ‬‬

‫عبارة عن الفناء بما سبق في األزل من العهد الذي بين الحق والعبد في قوله‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)136 -135‬‬


‫((( لطائف اإلعالم (‪.)361 -360‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 92‬‬
‫تعالى‪﴿ :‬ﭲﭳﭴﭵﭶ﴾ [األعراف‪ ]172 :‬وقد يخص بمقام‪« :‬قاب قوسين»‪.‬‬

‫ • القرب والبعد‪: ‬‬

‫أول رتبة في القرب‪ :‬القرب من طاعته‪ ،‬واالتصاف في دوام األوقات ‬


‫بعبادته‪.‬‬

‫وأما البعد فهو التدنس بمخالفته‪ ،‬والتجافي عن طاعته‪.‬‬

‫فأول البعد بُعد التوفيق‪ ،‬ثم بُعد عن التحقيق(((‪.‬‬


‫ﷺ مخبرا عن الحق سبحانه‪« :‬من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب‪،‬‬
‫ً‬ ‫قال‬
‫إلي مما افترضته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب‬
‫إلي عبدي بشيء أحب َّ‬
‫وما تقرب َّ‬
‫إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي‬
‫َّ‬
‫يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها‪ ،‬وإن سألني ألعطينه‪،‬‬
‫ولئن استعاذني ألعيذنه‪ ،‬وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن‬
‫يكره الموت وأنا أكره مساءته»(((‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬القرب عبارة عن اإلقامة على الموافقة ألوامر اهلل والطاعة‪،‬‬
‫واالتصاف في دوام األوقات بعبادته(((‪.‬‬
‫قرب بإحسانه وتحقيقه‪ ،‬وقرب‬ ‫فقرب العبد ً‬
‫أول قرب بإيمانه وتصديقه‪ ،‬ثم ٌ‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)157‬‬


‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪.)6502‬‬
‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)363‬‬
‫﴿ ‪﴾ 93‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الحق سبحانه ما يخصه اليوم به من العرفان‪ ،‬وفي اآلخرة ما يكرمه به من الشهود‬


‫والعيان‪ ،‬وفيما بين ذلك من وجوه اللطف واالمتنان‪ ،‬وال يكون قرب العبد من‬
‫الحق إال ببعده عن الخلق‪ ،‬وهذه من صفات القلوب‪ ،‬دون أحكام الظواهر‬
‫والكون‪.‬‬
‫وقرب الحق سبحانه بالعلم والقدرة عام للكافة‪ ،‬وباللطف والنصرة خاص‬
‫بالمؤمنين‪ ،‬ثم بخصائص األنس باهلل مختص باألولياء‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭚﭛﭜ ﭝﭞﭟ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭶﭷ ﭸ ﭹ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭮﭯﭰﭱﭲ﴾(((‪.‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢ ﭣ ﭤ﴾(((‪.‬‬

‫ورؤية القرب حجاب عن القرب‪ ،‬فهو ممكور به أي مغرور به‪.‬‬

‫وأما القرب بالذات‪ ،‬فتعالى اهلل الملك الحق عنه‪ ،‬فإنه متقدس عن الحدود‬
‫واألقطار والنهاية والمقدار وما اتصل به المخلوق‪ ،‬جلَّت صمديته عن قبول‬
‫الوصل والفصل(((‪.‬‬

‫((( [سورة ق‪ ،‬اآلية‪.]16 :‬‬


‫((( [سورة الواقعة‪ ،‬اآلية‪.]85 :‬‬
‫((( [سورة الحديد‪ ،‬اآلية‪.]4 :‬‬
‫((( [سورة المجادلة‪ ،‬اآلية‪.]7 :‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)158‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 94‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭡﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦﭧ﴾(((‪.‬‬

‫ • القشر‪: ‬‬

‫كل علم ظاهر يصون العلم الباطن ـ الذي هو لبّه ـ عن الفساد كالشريعة للطريقة‪،‬‬
‫والطريقة للحقيقة‪ ،‬فإن لم يصن حاله وطريقته بالشريعة فسد حاله وآلت طريقته‬
‫هوسا وه ًوى ووسوسة‪ ،‬ومن لم يتوصل بالطريقة إلى الحقيقة ولم يحفظها بها ‬
‫ً‬
‫فسدت حقيقته‪ ،‬وآلت إلى الزندقة واإللحاد‪.‬‬

‫ • القطبية الكربى‪: ‬‬

‫هي مرتبة قطب األقطاب‪ ،‬وهو باطن نبوة سيدنا محمد ﷺ فال يكون‬
‫إال لورثته‪ ،‬الختصاصه عليه السالم باألكملية‪ ،‬فال يكون خاتم الوالية قطب‬
‫األقطاب إال على باطن خاتم النبوة‪.‬‬

‫• القلب‪: ‬‬

‫جوهر نوراني مجرد‪ ،‬يتوسط بين الروح والنفس‪ ،‬وهو الذي تتحقق به‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويسميه الحكيم‪ :‬النفس الناطقة‪ ،‬والروح باطنه‪.‬‬

‫• القلم‪ : ‬علم التفصيل‪.‬‬

‫• القوامع‪: ‬‬

‫كل ما يقمع اإلنسان عن مقتضيات الطمع والنفس والهوى‪ ،‬وينزعه عنها‪ ،‬وهي‬

‫((( [سورة الشورى‪ ،‬اآلية‪.]11 :‬‬


‫﴿ ‪﴾ 95‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫األمداد األسمائية‪ ،‬والتأييدات اإللهية ألهل العناية في السير إلى‪ ‬اهلل والتوجه‬


‫نحوه‪.‬‬

‫• القيام باهلل‪: ‬‬

‫هو االستقامة عند البقاء بعد الفناء‪ ،‬والعبور على المنازل كلّها والسير عن اهلل‬
‫باهلل باالنخالع عن الرسوم بالكليّة‪.‬‬

‫ • القيام هلل‪ :‬هو االستيقاظ من نوم الغفلة‪.‬‬

‫ • القيامة‪: ‬‬

‫االنبعاث بعد الموت إلى حياة أبدية‪ ،‬وذلك على ثالثة أقسام‪:‬‬

‫أولها‪ :‬االنبعاث بعد الموت الطبيعي إلى حياة في أحد البرازخ العلوية ‬
‫والسفلية بحسب حال الميت في الحياة الدنيوية‪ .‬وهي القيامة الصغرى كما ‬
‫ورد في األثر‪( :‬من مات فقد قامت قيامته)‪.‬‬

‫وثانيها‪ :‬االنبعاث بعد الموت اإلرادي إلى الحياة القلبية األبدية في عالم‬
‫القدس‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ﴾(((‪.‬‬

‫وثالثها‪ :‬االنبعاث بعد الفناء في اهلل في الحياة الحقيقية عند البقاء بالحق‬
‫وهي القيامة الكبرى‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾(((‪.‬‬

‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]122 :‬‬


‫((( [سورة النازعات‪ ،‬اآلية‪.]34 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 96‬‬
‫ • الكتاب املبني‪ : ‬هو اللوح المحفوظ المراد بقوله تعالى‪﴿ :‬ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﴾(((‪.‬‬

‫ • الكرامة‪: ‬‬
‫هي أمر خارق للعادة تظهر على موصوف بالوالية والتقى والصالح‪ ،‬فتظهر‬
‫هذه الكرامة على يده‪ ،‬وقد تحصل بدعائه أو اختيار لعمل ما‪ ،‬كالرجل المؤمن‬
‫الذي كان في مجلس نبي اهلل سليمان عليه السالم (آصف بن برخيا) حيث قال‪:‬‬
‫﴿ﮓﮔ ﮕ ﮖﮗﮘﮙ ﮚ﴾(((‪.‬‬
‫وقد ثبت أن سيدنا خالد بن الوليد رضي اهلل عنه نزل الحيرة فطلبوا منه أن‬
‫يشرب السم فأخذه بيده وقال‪ :‬باسم اهلل‪ .‬وشربه فلم يضره(((‪.‬‬
‫والولي‪ :‬هو المؤمن الذي يداوم على طاعة اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ويتقي‬
‫المعاصي والشبهات ﴿ﭜﭝﭞﭟ ﴾(((‪.‬‬
‫والولي‪ :‬ليس معصومًا بل محفوظ‪ ،‬ال يصر على ذنب أو لمم وإذا ظهرت ‬
‫الخوارق على يد رجل مخالف للشرع فهو استدراج شيطاني‪.‬‬
‫ويجب التنبيه إلى أن الكرامة ال تكون إال من رجل تقي مؤمن‪ ،‬يأتمر بما ‬
‫ً‬
‫والذنوب‪ ،‬ممتثل بأمور الشريعة‪ ،‬وإن‬ ‫أمر اهلل ورسوله ﷺ‪ ،‬ويجتنب المعاصي‬
‫ظهرت كرامة على يديه يشترط أن ال تخالف الشريعة‪.‬‬

‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]59 :‬‬


‫((( [سورة النمل‪ ،‬اآلية‪.]40 :‬‬
‫((( تهذيب التهذيب (‪.)125/3‬‬
‫((( [سورة يونس‪ ،‬اآلية‪.]63 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 97‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫قال اإلمام الجنيد رضي اهلل عنه‪ :‬لو رأيتم الرجل يمشي على الماء أو يطير‬
‫في الهواء فال تغتروا به حتى تنظروا حاله عند األمر والنهي(((‪.‬‬

‫وأقول‪ :‬إن إظهار الكرامة بدون سبب مشروع هو مذموم لما فيه من خطر‬
‫النفس والمفاخرة والعجب‪.‬‬

‫وقال السيد أحمد الرفاعي رضي اهلل عنه‪ :‬ال ترغب للكرامات وخوارق‬
‫العادات‪ ،‬فإن األولياء يستترون من الكرامات كما تستتر المرأة من الحيض(((‪.‬‬

‫وقال العالمة فخر الدين الرازي رحمه اهلل تعالى‪ :‬إن صاحب الكرامة ال‬
‫يستأنس بتلك الكرامة‪ ،‬بل عند ظهور الكرامة يصير خوفه من اهلل أشد‪ ،‬وحذره‬
‫من قهر اهلل أقوى‪ ،‬فإنه يخاف أن يكون ذلك من باب االستدراج(((‪.‬‬

‫وقال اإلمام القشيري رضي اهلل عنه‪ :‬من أج ّل الكرامات التي تكون لألولياء‬
‫دوام التوفيق للطاعات‪ ،‬والحفظ من المعاصي والمخالفات(((‪.‬‬

‫وقال سيدنا سهل التستري رضي اهلل عنه‪ :‬من أكبر الكرامات أن تبدل ُخلُ ًقا ‬
‫مذمومًا من أخالق نفسك بخلق محمود(((‪.‬‬

‫وقال الشيخ أحمد الحارون رحمه اهلل تعالى‪ :‬كرامتان ليس بعدهما كرامة‪:‬‬

‫((( الزواجر (‪.)285/2‬‬


‫((( البرهان المؤيد (‪.)161‬‬
‫((( التفسير الكبير (‪.)692/5‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)160‬‬
‫((( اللمع للطوسي (‪.)400‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 98‬‬
‫اإليمان واالستقامة‪ ،‬فإذا وجدتم ً‬
‫رجل مستقي ًما فال تطلبوا منه كرامة(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام القشيري رضي اهلل عنه‪ :‬لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه‬
‫في الدنيا لم يقدح عدمها في كونه وليًا(((‪.‬‬
‫ • الكرسي‪ : ‬موضع األمر والنهي‪.‬‬

‫ • الكشف‪: ‬‬

‫هو نور يحصل للسالكين ينكشف معه الحجاب المادي والحسي‪ ،‬فيرون‬
‫األمور على حقيقتها‪.‬‬

‫إن القلوب تتولى هذا الكشف فتنعكس األبصار في البصائر‪ ،‬فت ّمحي األزمنة ‬
‫واألمكنة والمسافات وال يكون هذا الكشف إال للمتقين‪ ،‬الذين غضوا أبصارهم‬
‫عن المحرمات‪ ،‬وكفوا أنفسهم عن الشهوات‪ ،‬وعمروا باطنهم بمراقبة‪ ‬اهلل‪،‬‬
‫وأكلوا الحالل‪ ،‬فزكت أنفسهم‪.‬‬

‫قال اإلمام الغزالي رحمه اهلل تعالى‪ :‬إن جالء القلب وإبصاره يحصل‬
‫بالذكر‪ ،‬وال يتمكن منه إال الذين اتقوا‪ ،‬فالتقوى باب الذكر‪ ،‬والذكر باب‬
‫الكشف‪ ،‬والكشف باب الفوز بلقاء اهلل(((‪.‬‬

‫وأصـل الكشـف ثابـت فـي القرآن والسـنة وعنـد الصحابـة‪ :‬قـال تعالى‪:‬‬

‫((( كرامات األولياء ألبي محمد الخالل (‪.)15‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)159‬‬
‫((( نظرات في التصوف اإلسالمي (‪.)178 -177‬‬
‫﴿ ‪﴾ 99‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫﴿ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧﭨﭩ ﭪ﴾(((‪ .‬ال شـك أن‬ ‫‪ ‬‬

‫(نـري) بمعنى الكشـف‪.‬‬


‫وفي قصة سيدنا موسى عليه الصالة والسالم والرجل الصالح ما يدل على‬
‫الكشف بشكل صريح وواضح‪.‬‬
‫فقد انكشف للرجل الصالح ما لم ينكشف ألصحاب السفينة بأنه سيعمد‬
‫ملك ظالم إلى غصبها بدون مقابل‪ ،‬وأفضل طريقة لخالصها لهم أن يعيبها‪،‬‬
‫وكذلك الغالم‪ ...‬فقتله رحمة بأبويه المؤمنين استجابة إلرادة اهلل‪ ،‬وكذا الجدار‬
‫الذي تحته كنز مخبأ لغالمين يتيمين‪.‬‬
‫وأما في السنة‪:‬‬
‫فعن سيدنا أنس بن مالك رضي اهلل عنه قال‪ :‬أقيمت الصالة فأقبل علينا رسول‪ ‬اهلل‬
‫ﷺ بوجهه فقال‪« :‬أقيموا صفوفكم‪ ،‬وتراصوا‪ ،‬فإني أراكم من وراء ظهري»(((‪.‬‬
‫وأثناء معركة مؤتة في بالد الشام والنبي ﷺ في المدينة‪ ،‬نعاهم رسول اهلل‬
‫ﷺ إلى الناس قبل أن يأتيهم الخبر‪ ،‬فقال‪« :‬أخذ الراية زيدٌ فأصيب‪ ،‬ثم أخذها ‬
‫جعفر فأصيب‪ ،‬ثم أخذها عبد اهلل بن رواحة فأصيب‪ ،‬ثم أخذها خالد بن الوليد‬
‫من غير إمرة ففتح عليه»(((‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اهلل»(((‪.‬‬

‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]75 :‬‬


‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪.)719‬‬
‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪.)4261‬‬
‫((( رواه الترمذي في سننه (‪.)3392‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 100‬‬
‫ولقد ثبت أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه في عهده‪ ،‬كان سارية بن‬
‫أميرا على جيش من جيوش المسلمين في بالد فارس قرب نهاوند‪،‬‬
‫زنيم الخلجي ً‬
‫وعمد الفرس إلى محاصرتهم ولو لم يحموا أنفسهم بجبل قريب لهلكوا‪.‬‬

‫صعد أمير المؤمنين المنبر في المدينة‪ ،‬وهتف‪( :‬يا سارية الجبل الجبل)‬
‫فكشف اهلل له الحجاب عن وضع المسلمين وعن النجاة‪ ،‬وأوصل اهلل تعالى‬
‫الصوت للجيش كرامة لعمر رضي اهلل عنه(((‪.‬‬

‫وسبب الكشف‪:‬‬

‫هو أن الروح إذا رجعت عن الحس الظاهر إلى الباطن‪ ،‬ضعفت أحوال‬
‫الحس‪ ،‬وقويت أحوال الروح‪ ،‬وغلب سلطانه‪ ،‬وأعان عليه الذكر فإنه كالغذاء‬
‫لتنمية الروح‪ ،‬وال يزال في نمو وتزايد إلى أن يصير شهودًا‪ ،‬ويكشف حجاب‬
‫الحس ويتم صفاء النفس‪.‬‬

‫ويساعد في قوة الكشف‪ :‬صفاء القلب‪ ،‬والتسامح‪ ،‬واإلكثار من ذكر‪ ‬اهلل‪،‬‬


‫واالرتباط بالشيخ الذي له سند إلى النبي ﷺ من أهل الصالح والتقوى‪،‬‬
‫واإلكثار من الصوم‪ ،‬والخلوة‪.‬‬

‫وأقول‪ :‬إذا رأى أحد المسلمين رسول اهلل ﷺ في المنام وأخبره بشيء كأن‬
‫قال له هذا الحديث صحيح وعندما استيقظ سأل أحد المحدثين‪ ،‬فقال له‪ :‬هذا ‬
‫الحديث موضوع ال أصل له‪ ،‬ورؤيا النبي ﷺ حق فماذا يجب عليه؟‬

‫((( كشف الخفا (‪ )381‬وقال الحافظ ابن حجر العسقالني‪ :‬حديث حسن‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 101‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫هذه الرؤيا خاصة له يحتفظ بها لنفسه ويعمل بها ما دامت ال تخالف الكتاب‬
‫والسنة ولكن ال يجوز له أن يفرضها على المسلمين ولو فعل ذلك لجاء الكثير من‬
‫أعداء اإلسالم وادَّعوا أنهم رأوا رسول اهلل عليه السالم وبذلك تنتشر األحاديث‬
‫الموضوعة وإلغالق هذا الباب أقول‪ :‬هذه الرؤيا خاصة فقط لصاحبها‪.‬‬

‫• كلمة احلضرة‪ : ‬كن‪.‬‬

‫• الكمال‪ : ‬التنزيه عن الصفات وآثارها‪.‬‬

‫• الكنود‪ : ‬في الشريعة تارك الفرائض‪ ،‬وفي الطريقة تارك الفضائل‪ ،‬وفي‬
‫الحقيقة من أراد شيئًا لم يرده اهلل تعالى ألنه ينازع اهلل في مشيئته فلم يعرف‬
‫ح َّق نعمته‪.‬‬

‫• كوكب الصبح‪ : ‬أول ما يبدو من التجليات‪ ،‬وقد يطلق على المتحقق بمظهورية ‬
‫النفس الكلية من قوله تعالى ﴿ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾(((‪.‬‬

‫ • الكون‪ : ‬كل أمر وجودي‪.‬‬

‫ • الكيمياء‪ : ‬القناعة بالموجود‪ ،‬وترك التشوق إلى المفقود‪ .‬ورد في األثر‪:‬‬


‫(القناعة كنز ال يفنى)‪.‬‬

‫ • كيمياء السعادة‪ : ‬تهذيب النفس باجتناب الرذائل والتخلي عنها‪ ،‬واكتساب‬


‫الفضائل والتحلي بها‪.‬‬

‫(( ( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪]76 :‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 102‬‬
‫ • اللبّ‪ : ‬هو العقل المنور بنور القدس عن قشور األوهام والتخيالت‪.‬‬

‫• اللطيفة‪ : ‬هي كل إشارة دقيقة المعنى تلوح للفهم ال تسعها العبارة‪ ،‬كعلوم‬
‫األذواق(((‪ ،‬وقد تطلق بإزاء النفس الناطقة(((‪.‬‬

‫ • اللوامع‪: ‬‬

‫أنوار ساطعة تلمع ألهل البدايات من أرباب النفوس الضعيفة الظاهرة‪،‬‬


‫فتنعكس من الخيال إلى الحس المشترك‪ ،‬فتصير مشاهدة بالحواس الظاهرة‪،‬‬
‫فيرى أن لهم أنوا ًرا كأنوار الشهب والقمر والشمس فيضيء ما حولهم‪.‬‬
‫فهي إما عن غلبة أنوار القهر والوعيد على النفس فيضرب إلى الحمرة‪،‬‬
‫وإما من غلبة أنوار اللطف والوعد فيضرب إلى الخضرة والنقوع(((‪.‬‬

‫ • اللوائح‪: ‬‬

‫هي ما يلوح من األسرار الظاهرة عند السمو من حال إلى حال‪ ،‬وقيل‪ :‬ما ‬
‫يلوح للبصر إذا لم يتقيد بالجارحة من األنوار الذاتية ال من جهة القلب(((‪.‬‬

‫فاللوائح كالبروق(((‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪.)271‬‬


‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)380‬‬
‫((( التعريفات (‪.)273‬‬
‫((( المرجع السابق‪.‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)153‬‬
‫﴿ ‪﴾ 103‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • ا َمل َثل ‪ : ‬هو اإلنسان‪ ،‬وهي الصورة التي ف ُ ِطر عليها‪.‬‬

‫ • اجملاهدة‪: ‬‬
‫هي استفراغ الوسع في مدافعة العدو‪.‬‬
‫الجهاد ثالثة أضرب‪:‬‬
‫مجاهدة العدو ومجاهدة الشيطان‪ ،‬ومجاهدة النفس‪.‬‬
‫وتدخل ثالثتها في قوله تعالى‪﴿ :‬ﮢﮣﮤﮥﮦﮥ ﴾(((‪.‬‬
‫وليس المراد من مجاهدة النفس استئصال صفاتها‪ ،‬بل المراد تصعيدها من‬
‫سيئ إلى حسن‪ ،‬وتسييرها على مراد اهلل تعالى‪ ،‬وابتغاء مرضاته‪.‬‬
‫قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﮠ ﮡﮢﮣﮤ﴾(((‪.‬‬
‫وقال العالمة المفسر القرطبي في تفسير هذه اآلية‪:‬‬
‫(قال السدي وغيره‪ :‬إن هذه اآلية نزلت قبل فرض القتال)‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن المراد بالجهاد هنا هو جهاد النفس كما قال المفسر ابن‬
‫جزيء في تفسيرها‪ :‬يعني جهاد النفس‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬المجاهد من جاهد نفسه في اهلل»(((‪ .‬وفي رواية‪« :‬في طاعة اهلل»(((‪.‬‬

‫((( [سورة الحج‪ ،‬اآلية‪.]78 :‬‬


‫((( [سورة العنكبوت‪ ،‬اآلية‪.]69 :‬‬
‫((( أخرجه الترمذي في سننه (‪ )1621‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)21/6‬والحاكم في المستدرك (‪ )11 -10/1‬وصححه ووافقه‬
‫الذهبي‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 104‬‬
‫حكم المجاهدة‪:‬‬

‫تزكية النفس فرض عين وال تتم إال بالمجاهدة ومن هنا كانت المجاهدة ‬
‫فرض عين ً‬
‫أيضا من باب‪( :‬ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب)‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه اهلل تعالى‪ :‬المجاهدة في النفس‬
‫عبادة‪ ،‬وال تحصل ألحد إال بالعلم‪ ،‬وهي فرض عين على كل مكلف(((‪.‬‬
‫وأول مرحلة في المجاهدة عدم رضا المرء عن نفسه‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﭖ‬
‫ﭗﭘﭙ ﴾(((‪.‬‬
‫وإذا اكتشف المسلم عيوب نفسه وصدق في تهذيبها لم يعد عنده متسع في‬
‫الوقت لالنشغال بعيوب الناس وإضاعة العمر في تعداد أخطائهم‪.‬‬
‫وال بد من صحبة طبيب القلوب والمرشد الرباني‪:‬‬
‫فالذي يحقق النفع للمريد هو استقامته على صحبة مرشده واستسالمه‬
‫كاستسالم المريض للطبيب‪ ،‬فإذا ما أدخل الشيطان على قلب المريد داء الغرور‬
‫واالكتفاء الذاتي فأعجب بنفسه واستغنى عن مالزمة شيخه باء بالفشل ووقف‬
‫وهو يظن أنه سائر‪ ،‬وقطع وهو يظن أنه موصول(((‪.‬‬
‫فلقد كان سيدنا محمد ﷺ المرشد األول والمزكي األعظم الذي ربى‬
‫أصحابه الكرام رضي اهلل عنهم وزكى نفوسهم بقاله وحاله‪ ،‬كما وصفه اهلل‬

‫((( شرح الطريقة المحمدية (‪.)323/1‬‬


‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]53 :‬‬
‫((( حقائق عن التصوف (‪.)119‬‬
‫﴿ ‪﴾ 105‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫تعالى بقوله‪﴿ :‬ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦﭧﭨﭩ‬


‫ﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام البركوي رحمه اهلل تعالى‪:‬‬
‫المجاهدة‪ :‬هي فطم النفس وحملها على خالف هواها في عموم األوقات‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯶ ﯷﯸﯹﯺ﴾(((‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم زكريا األنصاري رحمه اهلل تعالى‪:‬‬
‫إن نجاة النفس أن يخالف العبد هواها‪ ،‬ويحملها على ما طلب منها ربها‪.‬‬
‫بالمجاهدة حسن اهلل‬
‫َّ‬ ‫وقال أبو علي الدقاق رضي اهلل عنه‪ :‬من زين ظاهره‬
‫سرائره بالمشاهدة‪.‬‬
‫وقال ً‬
‫أيضا‪ :‬من لم يكن في بدايته صاحب مجاهدة لم يجد في هذه الطريقة ‬
‫شمة(((‪.‬‬
‫إذن فالمجاهدة أصل من أصول الطرق الصوفية‪ ،‬وقد قالوا‪ :‬من حقق‬
‫األصول نال الوصول ومن ترك األصول حرم الوصول‪.‬‬

‫• اجملذوب‪: ‬‬

‫من اصطنعه الحق تعالى لنفسه‪ ،‬واصطفاه لحضرة أنسه‪ ،‬وطهره بماء‬

‫((( [سورة الجمعة‪ ،‬اآلية‪.]2 :‬‬


‫((( [سورة العنكبوت‪ ،‬اآلية‪.]6 :‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)50 -48‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 106‬‬
‫قدسه فحاز من المنح والمواهب ما فاز به بجميع المقامات والمراتب بال كلفة ‬
‫المكاسب والمتاعب‪.‬‬

‫والمجذوب يعيش نشوة روحيّة عارمة يتفرد بها عمن يحيطون به‪ ،‬ويعجز‬
‫القول عن تحديدها واإلبالغ عنها‪.‬‬

‫والمجذوب يكون سلوكه محل استغراب عند من ال يعرف حقيقة حاله‪،‬‬


‫ويغلبه الوجد فتكون حركاته عفوية غير قصدية‪.‬‬

‫ • جممع البحرين‪ : ‬هو حضرة جمع الوجود باعتبار اجتماع األسماء اإللهية ‬
‫والحقائق الكونية فيها‪.‬‬

‫ • احملادثة‪ : ‬هي خطاب الحق للعارفين من عالم الملك والشهادة كالنداء من‬
‫الشجرة لسيدنا موسى عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫ • احملاضرة‪ : ‬حضور القلب بتواتر البرهان‪.‬‬

‫المحاضرة‪ :‬هي حضور القلب وقد يكون بتواتر البرهان‪ ،‬وهو وراء الستر‬
‫حاضرا باستيالء سلطان الذكر‪.‬‬
‫ً‬ ‫إن كان‬

‫صاحب المحاضرة‪ :‬مربوط بآياته‪ ،‬وصاحب المكاشفة‪ :‬مبسوط بصفاته‪ ،‬‬


‫وصاحب المشاهدة‪ :‬ملقى بذاته‪.‬‬
‫ً‬
‫صاحب المحاضرة يهديه عقله‪ ،‬وصاحب المكاشفة يدنيه علمه‪ ،‬وصاحب‬
‫المشاهدة‪ :‬تمحوه معرفته‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 107‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • احملبة‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬اللزوم والثبات‪.‬‬


‫اصطال ًحا‪ :‬الميل والهوى‪ ،‬والعالقة من تعلق القلب بالمحبوب‪.‬‬

‫قال الصوفية‪ :‬المحبة من شروط اإليمان‪.‬‬

‫وجاء في القرآن الكريم‪﴿ :‬ﭮﭯﭰ ﭱﭲ ﭳ﴾(((‪.‬‬


‫قال سهل التستري‪ :‬محب اهلل على الحقيقة من يكون اقتداؤه في أحواله‬
‫وأفعاله وأقواله بالنبي ﷺ‪.‬‬
‫وقال أبو الحسين العراقي‪ :‬عالمة حب اهلل متابعة حبيبه ﷺ(((‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬المحبة هي قطب المقامات‪ ،‬وهي أصل العبادة(((‪.‬‬

‫وقال عبد اهلل القرشي‪ :‬حقيقة المحبة أن تهب لمن أحببت كلك‪ ،‬وال يبقى‬
‫لك منك شيء(((‪.‬‬

‫وقال ابن الجوزية‪ :‬المحبة أول أدوية الفناء‪.‬‬

‫المحبة تغني خواطر المحب عن التعلق بالغير‪ ،‬وأول ما يفنى من المحب‬


‫خواطره المتعلقة بما سوى محبوبه‪.‬‬

‫((( [سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.]31 :‬‬


‫((( حبة المحبة (‪.)46‬‬
‫((( مدارج السالكين (‪.)246‬‬
‫((( عوارف المعارف (‪.)507‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 108‬‬
‫وقيل‪ :‬المحبة هي استيالء المحبوب على السر‪ ،‬واستهتار القلب بدائم‬
‫الذكر(((‪.‬‬

‫• احملفوظ‪: ‬‬

‫هو الذي حفظه اهلل تعالى عن المخالفات في القول والفعل واإلرادة فال‬
‫يقول وال يفعل إال ما يرضي به اهلل‪ ،‬وال يريد إال ما يريده اهلل‪ ،‬وال يقصد إال ما ‬
‫أمر اهلل به‪.‬‬
‫ • احملق‪ : ‬فناؤك في عينه‪.‬‬

‫• حمو أرباب السرائر‪: ‬‬

‫هو إزالة العلل واآلفات‪ ،‬ومقابله إثبات المواصالت‪ :‬وذلك برفع أوصاف‬
‫العبد ورسوم أخالقه وأفعاله بتجليات صفات الحق وأخالقه وأفعاله كما قال‬
‫اهلل تعالى في الحديث القدسي‪« :‬وكنت سمعه الذي يسمع به»‪.‬‬

‫ • حمو أرباب الظاهر‪: ‬‬

‫رفع أوصاف العادة والخصال الذميمة ويقابله اإلثبات‪ :‬الذي هو إقامة ‬


‫أحكام العبادة واكتساب األخالق الحميدة‪.‬‬

‫ • احملو واإلثبات‪: ‬‬

‫المحو‪ :‬رفع أوصاف العادة‪.‬‬

‫((( منثور الخطاب (‪.)68‬‬


‫﴿ ‪﴾ 109‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫واإلثبات‪ :‬إقامة أحكام العبادة‪.‬‬


‫فمن نفى عن أحواله الخصال الذميمة‪ ،‬وأتى بدلها باألفعال واألحوال‬
‫الحميدة‪ ،‬فهو صاحب محو وإثبات‪.‬‬
‫وأما حقيقة المحو واإلثبات فصادران عن القدرة‪:‬‬
‫فالمحو‪ :‬ما ستره الحق ونفاه‪.‬‬
‫واإلثبات‪ :‬ما أظهره الحق وأبداه‪.‬‬
‫والمحو واإلثبات مقصوران على المشيئة‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬ﯕﯖﯗﯘﯙ﴾(((‪.‬‬
‫قيل‪ :‬يمحو عن قلوب العارفين ذكر غير اهلل تعالى‪ ،‬ويثبت على ألسنة المريدين‬
‫ذكر اهلل‪ ،‬ومحو الحق لكل أحد وإثباته على ما يليق بحاله(((‪.‬‬
‫وقال ابن عطاء‪ :‬يمحو أوصافهم‪ ،‬ويثبت أسرارهم(((‪.‬‬

‫ • املدد‪: ‬‬

‫يختلف معنى كلمة (مدد) باختالف نية قائلها‪.‬‬


‫وورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد‪ :‬مددنا القوم‪ ،‬أي صرنا لهم‬
‫أنصا ًرا ومددًا‪.‬‬

‫((( [سورة الرعد‪ ،‬اآلية‪.]39 :‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)150‬‬
‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)393‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 110‬‬
‫وأمدَّ األمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم‪ ،‬وأمدهم بمال كثير وأغناهم‪.‬‬
‫والمدد‪ :‬العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل اهلل‪ ،‬واإلمداد أن يرسل‬
‫الرجل مددًا(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام الفيومي رحمه اهلل تعالى‪ :‬أمددته بمدد‪ :‬أعنته وقويته به(((‪.‬‬
‫فإذا قال المسلم‪ :‬مدد يا اهلل‪ ،‬أي أعني وأمدني بقوتك‪ ،‬وانصرني على‬
‫عدوك‪ ،‬وزدني بالرحمات والبركات‪ ،‬وأمدني بالمقدرة على طاعتك ومحاربة ‬
‫نفسي وشيطاني‪.‬‬
‫وأما إذا قال‪ :‬مدد يا أولياء اهلل‪ ،‬فمعناه‪ :‬علمونا مما علمكم اهلل‪ ،‬وأمدونا ‬
‫مما أمدكم اهلل سبحانه به من العلوم والعرفان‪ ،‬وساعدونا بما ينفعنا لسيرنا‪،‬‬
‫وأرشدونا في سلوكنا إلى محبة اهلل بإذن اهلل‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯴﯵ ﯶ﴾(((‪.‬‬
‫إن التعاون بين الخالئق هو المدد‪ ،‬أي المساعدة ونصرة بعضهم لبعض‪،‬‬
‫فلو طلب اإلنسان من جنسه اإلمداد فليس بمعنى أن يطلب منه كما يطلب من‬
‫ربه‪ ،‬ولكن بالمدد والقدرة التي أمده اهلل بها‪ ،‬واإلمداد بالمعنى المذكور على‬
‫قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬هو مدد صرف من اهلل سبحانه وهو ما ال يتم على الحقيقة إال‬

‫((( لسان العرب‪ ،‬مادة (م د د)‪.‬‬


‫((( المصباح المنير‪ ،‬مادة (م د د)‪.‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]2 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 111‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫منه‪ ،‬وال تكون اإلغاثة للخلق إال به سبحانه‪ ،‬قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭱﭲﭳ‬
‫ﭴﭵﭶ ﭷﭸﭹﭺ ﭻﭼﭽ ﴾(((‪.‬‬
‫والمعنى كما قال اإلمام الشوكاني رحمه اهلل تعالى‪ :‬نزيده من عطائنا على‬
‫تالحق من غير انقطاع‪ ،‬نرزق المؤمنين والكفار وأهل الطاعة وأهل المعصية‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬وهو ما يجريه اهلل سبحانه وتعالى على يد مالئكته الكرام بما ‬
‫آتاهم اهلل من القوة واألسرار‪ ،‬وعلى يد أنبيائه عليهم الصالة والسالم بواسطة ‬
‫المعجزات‪ ،‬وعلى يد أوليائه بطريق الكرامات‪.‬‬
‫وطلب المدد من األنبياء واألولياء أي التوسل بهم‪ ،‬وأدلة التوسل كثيرة ‬
‫جدًا منها‪:‬‬
‫ثبت عن سيدنا عثمان بن حنيف رضي اهلل عنه‪ :‬أن ً‬
‫رجل كان يختلف إلى‬
‫سيدنا عثمان بن عفان رضي اهلل عنه في حاجة له‪ ،‬وكان عثمان رضي اهلل عنه‬
‫ال يلتفت إليه وال ينظر في حاجته‪ ،‬فلقيه الرجل فشكا ذلك إليه‪ ،‬فقال له عثمان‬
‫ابن حنيف‪ :‬ائت الميضأة ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل‪ :‬اللهم إني‬
‫أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد ﷺ نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى‬
‫ربي فيقضي حاجتي‪ .‬وتذكر حاجتك‪ ،‬فانطلق الرجل فصنع ما قال له‪ ،‬ثم أتى‬
‫باب عثمان فجاء البواب حتى أخذه بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على‬
‫الطنفسة وقال‪ :‬وما حاجتك؟‬
‫ذكرت حاجتك حتى كانت هذه‬
‫ُ‬ ‫فذكر حاجته فقضاها له‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما ‬

‫((( [سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية‪.]20 :‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 112‬‬
‫الساعة‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما كانت لك حاجة فائتنا‪ ،‬ثم إن الرجل لما خرج من عنده لقي‬
‫خيرا‪ ،‬ما كان ينظر في حاجتي وال يلتفت‬
‫عثمان بن حنيف وقال له‪ :‬جزاك اهلل ً‬
‫كلمته في‪ ،‬فقال عثمان بن حنيف‪ :‬واهلل ما كلمته‪ ،‬ولكن شهدت ‬
‫َّ‬ ‫إلي حتى‬
‫َّ‬
‫رسول اهلل ﷺ وأتاه رجل ضرير‪ ،‬فشكا إليه ذهاب بصره‪ ،‬فقال له النبي ﷺ‪:‬‬
‫علي فقال له النبي عليه‬
‫«أو تصبر؟» قال‪ :‬يا رسول اهلل ليس لي قائد‪ ،‬وقد شق َّ‬
‫السالم‪« :‬ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات»‪ ،‬فقال‬
‫عثمان بن حنيف‪ :‬فواهلل ما تفرقنا وال طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل‬
‫ضر ُّ‬
‫قط(((‪.‬‬ ‫كأنه لم يكن به ٌّ‬
‫وعن مالك الدار وكان خازن عمر قال‪ :‬أصاب الناس قحط في زمن عمر‬
‫فجاء رجل إلى قبر النبي عليه الصالة والسالم فقال‪ :‬يا رسول اهلل (وفي رواية يا ‬
‫محمداه) استسق ألمتك فإنهم قد هلكوا‪ ،‬فأتي الرجل في المنام فقيل له‪ :‬ائت‬
‫عمر فأقرئه السالم وأخبره بأنكم مُ ْستَقيون‪ ،‬وقل له‪ :‬عليك ال َكيْس فأتى عمر‬
‫فأخبره فبكى عمر‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا رب ال آلو ما عجزت عنه(((‪.‬‬

‫((( أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (‪ )83110‬وقال بعد ذكر طرقه‪ :‬والحديث‬
‫صحيح‪ ،‬وابن السني في عمل اليوم والليلة (‪ ،)628‬وصححه الحاكم (‪)526/1‬‬
‫ووافقه الذهبي‪ ،‬وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )3668‬والمنذري في الترغيب‬
‫والترهيب (‪ )476/1‬ونقال تصحيح الطبراني له‪ ،‬وابن تيمية في كتاب التوسل‬
‫والوسيلة (‪.)101‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)32 -31/12‬والبخاري في تاريخه (‪،)304/7‬‬
‫والحافظ أبو يعلى الخليلي في اإلرشاد (‪ ،)63‬والبيهقي في دالئل النبوة (‪،)47/7‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (‪ :)495/2‬إسناده صحيح‪ ،‬وقال الحافظ ابن‬
‫كثير في البداية والنهاية (‪ )105/7‬وفي التفسير (‪ :)91/1‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 113‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وعن الهيثم بن خنيس قال‪ :‬كنا عند عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما ‬
‫فخدرت رجله‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬اذكر أحب الناس إليك‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬فكأنما ‬
‫نشط من عقال(((‪.‬‬
‫وذكر الحافظ ابن كثير أن شعار المسلمين في وقعة اليمامة‪[ ،‬يا محمد](((‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية في فتاويه في الجزء األول منها بعد تعريفه االستغاثة وكالمه‬
‫عنها‪ :‬إن جعل اهلل ذلك ـ أي الغوث ـ على يدي غيره‪ ،‬فالحقيقة له سبحانه‬
‫وتعالى ولغيره مجاز‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬أدلة المجاز كثيرة منها‪:‬‬
‫قالت أم سيدنا إسماعيل مخاطبة سيدنا جبريل عليه الصالة والسالم‪ :‬أغث‬
‫إن كان عندك غوث(((‪.‬‬
‫والفرق جلي واضح جدًا‪:‬‬
‫وهو أن اهلل سبحانه يمد من يشاء من عباده‪ ،‬من خزائن فضله ورحمته‬
‫بالمعونة واإلغاثة والنصرة على الكفار والمشركين‪ ،‬متى شاء وكيفما شاء‪ ،‬وال‬
‫يتوقف عطاؤه تعالى على إذن أحد أو رضاه‪.‬‬
‫وقد جعل اهلل تعالى في هذه الدنيا مالئكة لهم وظائف وأعمال ظاهرية ‬

‫((( أخرجه البخاري في األدب المفرد (‪ )964‬وذكره ابن تيمية في الكلم الطيب في‬
‫الفصل السابع واألربعين (‪.)165‬‬
‫((( البداية والنهاية (‪.)324/6‬‬
‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪.)3365‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 114‬‬
‫وباطنية يأتمرون بما أمرهم اهلل به‪ ،‬وهو بالحقيقة مستمد من إمداد اهلل تعالى‪.‬‬
‫قال تعالى في حق المالئكة‪﴿ :‬ﭪﭫﭬﭭﭮ ﭯﭰﭱ﴾(((‪.‬‬

‫أيضا في حق المالئكة‪ ﴿ :‬ﮠﮡﮢﮣﮤﮥ‬


‫وقال سبحانه وتعالى ً‬
‫ﮦﮧ ﮨﮩ ﮪ﴾(((‪.‬‬

‫وقال عز وجل في حق المالئكة‪﴿ :‬ﯼﯽ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ‬


‫ﰅﰆ﴾(((‪.‬‬

‫فالفعل في هذه اآلية راجع لملك الموت بأمر اهلل وإذنه سبحانه‪.‬‬

‫وقال تعالى في حق سيدنا عيسى عليه الصالة والسالم‪ ﴿ :‬ﮒﮓ ﮔ‬


‫ﮕ﴾(((‪.‬‬

‫أيضا في حقه عليه الصالة والسالم‪﴿ :‬ﮍﮎﮏ‬


‫وقال تعالى ً‬
‫ﮐ﴾(((‪.‬‬

‫أيضا‪﴿ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫وقال ً‬
‫ﮋ﴾(((‪.‬‬

‫((( [سورة ق‪ ،‬اآلية‪.]18 :‬‬


‫((( [سورة الرعد‪ ،‬اآلية‪.]11 :‬‬
‫((( [سورة السجدة‪ ،‬اآلية‪.]11 :‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]110 :‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]110 :‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]110 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 115‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫إن اإلمداد الذي يفيضه اهلل على أنبيائه كاألمانة المستعارة عندهم ليعلموا ‬
‫بواسطتها هداية الخلق إلى طاعة ربهم‪.‬‬

‫ألم يقل اهلل في حق نبيه ﷺ‪﴿ :‬ﭩﭪﭫ ﭬﭭ﴾(((‪.‬‬

‫وقال تعالى في حقه ﷺ‪ ﴿ :‬ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦﭧ‬


‫ﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭮ ﭯﭰﭱﭲ ﴾(((‪.‬‬

‫ونقل عن اإلمام مالك رحمه اهلل تعالى أن الخليفة المنصور سأله‪:‬‬


‫إذا زرت النبي ﷺ فهل أتوجه إليه‪ ،‬أم إلى القبلة؟ فأجابه اإلمام مالك‪ :‬ولم‬
‫تصرف وجهك عنه‪ ،‬وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى اهلل تعالى؟ بل استقبله‬
‫واستشفع به فيشفعه اهلل(((‪.‬‬

‫وسئل اإلمام شمس الدين محمد بن العالمة شهاب الدين أحمد الرملي‪:‬‬
‫عن قول العوام يا رسول اهلل! يا شيخ فالن! ونحو ذلك من االستغاثة باألنبياء‬
‫والمرسلين واألولياء والعلماء والصالحين فهل ذلك جائز أم ال؟ وهل للرسل‬
‫واألنبياء واألولياء والصالحين والمشايخ إغاثة بعد موتهم؟ فأجاب‪:‬‬

‫بأن االستغاثة باألنبياء والمرسلين عليهم الصالة والسالم واألولياء والعلماء‬


‫والصالحين جائزة‪ ،‬وللرسل واألنبياء واألولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم‪.‬‬

‫((( [سورى الشورى‪ ،‬اآلية‪.]52 :‬‬


‫((( [سورة الجمعة‪ ،‬اآلية‪.]2 :‬‬
‫((( الشفا للقاضي عياض (‪.)41 -40/2‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 116‬‬
‫وأما األنبياء فألنهم أحياء في قبورهم يصلون كما وردت به األخبار‪،‬‬
‫وتكون اإلغاثة منهم معجزة لهم‪.‬‬
‫والشهداء ً‬
‫أيضا أحياء في قبورهم‪ ،‬وأما األولياء فهي كرامة لهم‪ ،‬فإن أهل‬
‫الحق مجمعون على أنه يقع من األولياء بقصد وبغير قصد أمور خارقة يُجريها‪ ‬اهلل‬
‫تعالى بسببهم‪ ،‬والدليل على جوازها أمور ممكنة‪ ،‬ال يلزم من وقوعها محال‪،‬‬
‫وكل ما هذا شأنه فهو جائز الوقوع(((‪.‬‬
‫ً‬
‫حامل الرحمة والرأفة اإللهية للعالمين وأسرار‬ ‫فما دام سيدنا محمد ﷺ‬
‫التزكية للعالم بأجمعه فهذا يعني أنه يمد الخلق بإذن اهلل بالرحمة والرأفة‪ ،‬واآلية ‬
‫الكريمة واضحة في كلمة (ويزكيهم) واستطاع بفضل اهلل وبواسطة عطاء اهلل له‬
‫تزكية من اتبعه وأطاعه‪ ،‬فأصلح من كانوا أشر الناس في الجاهلية وأفظهم ً‬
‫قتل‬
‫وكفرا‪ ،‬فأصبحوا بعدها ألطف الناس وأحسنهم أخالقًا ودينًا وإيمانًا‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن اهلل أعطى سيدنا محمدًا ﷺ المقدرة واإلمداد ليرشد الخلق‪.‬‬
‫إذا قال السائل‪ :‬مدد يا رسول اهلل أي استغفر لي وعلمني مما علمك اهلل‬
‫بإذن اهلل‪ ،‬وكذلك إذا قال‪ :‬مدد يا أولياء اهلل أي يطلب منهم التوسط له عند سيدنا ‬
‫محمد ﷺ بطلب الشفاعة والمغفرة واإلحسان فكل إنسان مبتدئ في أمور‬
‫الدين والتزكية يحتاج إلى علم من سبقه في هذا المجال‪.‬‬
‫والذي يذهب إلى الطبيب ويستغيث به بقوله‪ :‬يا طبيب خلصني من آالمي‬
‫هل يكون مخطئًا ألنه يستغيث بإنسان ليمده بالشفاء بواسطة العقاقير؟! بالطبع‬

‫((( حاشية الفتاوى الكبرى (‪ )382/4‬لإلمام الرملي‪.‬‬


‫﴿ ‪﴾ 117‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ال‪ ،‬ألن اهلل جعل الوسائط واألسباب بين خلقه‪ ،‬وسعي العباد لكسب األرزاق‪،‬‬
‫وكذلك معالجة المرأة العاقر بالعقاقير واألدوية‪ ،‬مع العلم يقينًا أن اهلل سبحانه‬
‫هو رزاق العباد باألموال والبنين ال ينافي قول اهلل‪ ﴿ :‬ﭖﭗﭘ ﴾(((‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه أن اهلل سبحانه وتعالى بحكمته قد سخر الخالئق بعضها ‬
‫ً‬
‫بعضها بعضا بإذنه تعالى‪ ،‬فكل نوع يفيد نوعه‪.‬‬ ‫لبعض‪ ،‬وليفيد‬

‫فالشمس تعكس نورها على القمر في الليل‪ ،‬والقمر يعكس ضوءه على‬
‫األرض ويقال لهذه الظاهرة‪ :‬مدد انعكاس‪.‬‬

‫فمن هنا نرى أن اإلنسان يستفيد من هذه األنوار المخلوقة بوسائط ووسائل‪،‬‬
‫فاهلل عز وجل قادر أن ينير األرض بدون شمس وال قمر وهو ليس بحاجة لهما ‬
‫وال لغيرهما من مخلوقاته‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﯗﯘﯙﯚ ﯛﯜﯝ﴾(((‪.‬‬

‫فالشمس والقمر ليسا أعظم من رسول اهلل ﷺ الذي وهبه قوة أعظم من الشمس‬
‫والقمر‪ ،‬تضيء بنور سراج قلبه عالم القلوب بإذن ربه‪ ،‬لقوله تعالى‪ ﴿ :‬ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞﭟﭠﭡ*ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧﭨ﴾(((‪.‬‬

‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯘ ﯙ﴾(((‪.‬‬

‫((( [سورة نوح‪ ،‬اآلية‪.]12 :‬‬


‫((( [سورة يونس‪ ،‬اآلية‪.]5 :‬‬
‫((( [سورة األحزاب‪ ،‬اآليتان‪.]46 -45 :‬‬
‫((( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]45 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 118‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﭚﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟﭠ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال رسول اهلل ﷺ لحسان بن ثابت رضي اهلل عنه‪« :‬قل وروح القدس‬
‫يؤيدك»(((‪ ،‬وفي رواية‪« :‬قل وروح القدس معك»(((‪.‬‬
‫فنسب التأييد والمعية التي فيها الغوث والعون إلى سيدنا جبريل عليه السالم‪.‬‬
‫وعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫«من خرج من بيته إلى الصالة فقال‪ :‬اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك‬
‫بطرا وال رياء وال سمعة ‬
‫أشرا وال ً‬
‫وأسألك بحق ممشاي هذا‪ ،‬فإني لم أخرج ً‬
‫وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك‪ ،‬فأسألك أن تعيذني من النار وأن‬
‫تغفر لي ذنوبي إنه ال يغفر الذنوب إال أنت‪ ،‬أقبل اهلل عليه بوجهه واستغفر له‬
‫سبعون ألف ملك»(((‪.‬‬
‫وعن سيدنا أنس بن مالك رضي اهلل عنه أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي‪ ‬اهلل‬

‫((( [سورة النحل‪ ،‬اآلية‪.]43 :‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)6345‬‬
‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪ ،)6153‬ومسلم (‪.)6337‬‬
‫((( أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)21/3‬وابن ماجه (‪ ،)778‬وابن السني في عمل اليوم‬
‫والليلة (‪ ،)40‬والبيهقي في الدعوات الكبير (‪ ،)47‬وأخرجه ابن أبي شيبة (‪،)212/10‬‬
‫وقد حسنه جمع من الحفاظ منهم ابن حجر كما في أمالي األذكار (‪ ،)72/1‬والحافظ‬
‫العراقي كما في تخريج اإلحياء (‪ ،)291/1‬والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ‬
‫الحافظ المنذري كما في الترغيب والترهيب (‪ ،)273/3‬والحافظ الدمياطي في‬
‫المتجر الرابح (‪ )471‬وقال الحافظ البوصيري في مصباح الزجاجة (‪ )99/1‬رواه‬
‫ابن خزيمة في صحيحه في طريق فضيل بن مرزوق فهو صحيح عنده‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 119‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال‪( :‬اللهم إنا كنا نتوسل‬
‫إليك بنبينا فتسقينا‪ ،‬وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)‪ ،‬قال‪ :‬فيسقون‪.‬‬
‫وفي الحديث إثبات التوسل به ﷺ وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين‬
‫من آل بيت النبي ﷺ وغيرهم كما قال الحافظ أمير المؤمنين في الحديث ابن‬
‫حجر العسقالني في فتح الباري(((‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬إذا كنت ال بد ً‬
‫سائل فاسأل الصالحين»(((‪.‬‬
‫وهذا مجاز ومن باب األسباب‪ ،‬وأما في الحقيقة فال نسأل إال اهلل لقوله‪ ‬ﷺ‪:‬‬
‫«إذا سألت فاسأل اهلل‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن باهلل»(((‪.‬‬
‫كذلك التوسل باألعمال الصالحة هذا من باب المجاز‪ ،‬وأما من باب‬
‫الحقيقة فال نسأل إال اهلل‪.‬‬
‫وكذلك االستعانة على الحقيقة ال نستعين إال باهلل‪ ،‬وأما من باب المجاز‬
‫فقد قال تعالى‪﴿ :‬ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯘ ﯙ﴾(((‪ .‬وقال‬
‫ﷺ‪« :‬واهلل في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»(((‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ :‬وأما التوسل بالنبي ﷺ ففيه حديث في السنن‪ :‬أن أعرابيًا ‬

‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪.)1010‬‬


‫((( أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)334/4‬وأبو داود في سننه (‪ )1646‬والنسائي في‬
‫سننه (‪.)2586‬‬
‫((( رواه الترمذي في سننه (‪ ،)2516‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫((( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]45 :‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)6793‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 120‬‬
‫أتى النبي ﷺ فقال‪ :‬يا رسول اهلل إني أصبت في بصري فادع اهلل لي‪ ،‬فقال له‬
‫النبي ﷺ‪« :‬توضأ وص ِّل ركعتين ثم قل‪ :‬اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك‬
‫نبيك في‪ ،‬ـ‪ ‬وقال‪:‬‬
‫َّ‬ ‫محمد‪ ،‬يا محمد إني أتشفع بك في رد بصري‪ ،‬اللهم شفع‬
‫فإن كانت لك حاجة فمثل ذلك»‪ ،‬فرد اهلل بصره(((‪.((( ‬‬
‫وقال محمد ناصر الدين األلباني في كتاب شرح العقيدة الطحاوية‪ :‬فأجاز‬
‫اإلمام أحمد التوسل بالرسول ﷺ وحده‪ ،‬وأجاز غيره كاإلمام الشوكاني التوسل‬
‫به وبغيره من األنبياء والصالحين(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام النووي عند زيارة قبر النبي ﷺ يقول الزائر‪ :‬السالم عليك يا ‬
‫رسول اهلل‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه‬
‫وتعالى(((‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشوكاني‪ :‬ويتوسل إلى اهلل بأنبيائه والصالحين ثم قال‪ :‬ومن‬
‫التوسل باألنبياء‪ :‬وذكر قصة األعمى‪ ،‬وأما التوسل بالصالحين‪ :‬فحديث‬
‫استسقاء سيدنا عمر بن الخطاب بسيدنا العباس رضي اهلل عنهما(((‪.‬‬
‫ونقل الخطيب البغدادي في أوائل تاريخه بسند صحيح أن الشافعي توسل‬
‫بأبي حنيفة رضي اهلل عنهما(((‪.‬‬

‫ مر تخريجه ص‪.112‬‬ ‫((( َّ‬


‫((( الفتاوى الكبرى (‪.)105/1‬‬
‫((( شرح العقيدة الطحاوية لمحمد ناصر األلباني (‪.)46‬‬
‫((( المجموع (‪.)272/8‬‬
‫((( تحفة الذاكرين (‪.)37‬‬
‫((( الرد المحكم المتين (‪.)81‬‬
‫﴿ ‪﴾ 121‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫فإن طلب المريد المدد من شيخه ما هو إال انعكاس قلب الولي الكامل‬
‫الذي هو أفضل عند اهلل من الشمس والقمر على قلب المريد وال شك أن الشيخ‬
‫هو أحد و ّراث النبي ﷺ حيث قال‪« :‬إن العلماء ورثة األنبياء» وقال في الحديث‬
‫نفسه‪« :‬وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب»(((‪.‬‬

‫قال‪ :‬كفضل القمر ألنه ﷺ هو الشمس المضيئة كما أن الشمس تعكس‬


‫نورها على القمر والقمر يعكس نوره على األرض كذلك فإن رسول اهلل ﷺ‬
‫يعكس نوره على قلوب األولياء وهم يعكسون ذلك النور على المريدين‪.‬‬

‫وإذا ثبت االستمداد بين الجمادات فيما بينها‪ ،‬فكيف ينتفي بين المخلوقات ‬
‫وكرم بني آدم؟!‬
‫البشرية واهلل خلق اإلنسان في أحسن تقويم ّ‬
‫إن الولي إذا أمدَّ الطالبين فإنما يمدهم مما أمده اهلل به‪ ،‬فهو ال يفيد الناس‬
‫بشيء من دون اهلل‪ ،‬إنما الضار النافع هو اهلل في الحقيقة‪.‬‬

‫فجميع الفوائد التي ظهرت على أيدي األنبياء عليهم الصالة والسالم‬
‫واألولياء رضي اهلل عنهم من عجائب المعجزات وغرائب الكرامات‪ ،‬ما هي‬
‫إال إشارات على نعم المنعم العظيم سبحانه التي أظهرت على يد من أنعم‬
‫عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪ ،‬وإن إمداد اهلل لرسله وأوليائه‬
‫يكون حسب ما يريد اهلل ويشاء‪ ،‬وإمداد الرسل واألولياء لباقي العباد يكون ً‬
‫أيضا ‬
‫حسب ما يريد ويشاء‪.‬‬

‫((( رواه الترمذي في «سننه» (‪.)2682‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 122‬‬
‫هذا ولم ترد آية أو حديث بتكفير من يستمد من األنبياء والصالحين‬
‫االستمداد الشرعي الصحيح‪ ،‬ومن ادَّعى يلزمه الدليل(((‪.‬‬
‫﴿ﯵﯶﯷﯸﯹ ﯺ﴾(((‪.‬‬

‫ • املذاكرة‪: ‬‬

‫هي استفادة المريد من خبرة مرشده بسؤاله عن أحكام شرعية تتعلق‬


‫بتصحيح العقائد أو العبادات أو المعامالت‪.‬‬

‫أو بأن يعرض له ما يحدث معه من أحوال قلبية وخواطر نفسية وشيطانية ‬
‫قد تلتبس عليه فتوقعه في شكوك وأوهام‪ ،‬كالشكوك في العقائد اإليمانية‪،‬‬
‫حيالها حائرا مضطربًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وكالتعلقات الدنيوية التي يقف‬

‫أو بأن يكشف له عن أمراضه القلبية كالكبر والحسد والنفاق وحب الرياسة‪،‬‬
‫وعن رعوناته النفسية كالتحدث عن كراماته ومرائيه بغية الثناء والشهرة‪ ...‬وغير‬
‫ذلك من الصفات الناقصة بغية معرفة طريق الخالص منها‪.‬‬

‫وهكذا يرجع المريد لمرشده في جميع أحوال سيره الجتياز العقبات التي‬
‫تعترض طريقه‪.‬‬

‫وقد يذاكر المريد شيخه في أحواله الطيبة ومقامات سيره‪ ،‬واستشراف‬


‫روحه للحضرة اإللهية‪ ،‬وما يرد على قلبه من واردات رحمانية أو ملكية ومفاهيم‬

‫((( للتوسع انظر‪ :‬الموسوعة اليوسفية‪ ،‬باب (المدد)‪.‬‬


‫((( [سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.]111‬‬
‫﴿ ‪﴾ 123‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫قرآنية وعلوم وهبية‪ ،‬والقصد من ذلك االستيثاق من صحتها حتى يكون المريد‬
‫على بصيرة من مراحل سيره‪.‬‬

‫فالمذاكرة لها أهمية كبرى في سير المريد إلى اهلل تعالى‪ ،‬وهي ركن عظيم‬
‫من أركان الطريق الخمسة‪:‬‬

‫الذكر‪ ،‬والمذاكرة‪ ،‬ومجاهدة النفس‪ ،‬والعلم‪ ،‬والمحبة‪.‬‬

‫ومثل المريد مع مرشده كمثل المريض الذي يكشف لطبيبه كل ما يلقاه من‬
‫أعراض مرضية‪ ،‬كما يخبره عن جميع مراحل تحسن جسمه وصحته‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن المذاكرة تقوي الصلة بين المريد والمرشد‪ ،‬فتزداد‬
‫المحبة ويقوى التجاوب‪ ،‬كما أن المريد يستفيد بالمذاكرة من شيخه عل ًما ‬
‫ً‬
‫وحال ومعرفة‪ ،‬ألن العلم روح تنفخ ال مسائل تنسخ‪.‬‬

‫فالمذاكرة إذن تطبيق عملي ألدب من آداب الشرع‪ ،‬وخلق أساسي من أخالق‬
‫اإلسالم‪ ،‬وهو الشورى التي مدح اهلل بها المؤمنين بقوله‪﴿ :‬ﮞﮟﮠ ﴾(((‪.‬‬

‫والتي دعا إليها الرسول الكريم عليه الصالة والسالم بقوله‪« :‬المستشار‬
‫مؤتمن»(((‪.‬‬

‫وإذا كانت الشورى هي لالستفادة من خبرة أهل االختصاص في أي جانب‬


‫من جوانب الحياة‪ ،‬كالمريض الذي يستفيد من خبرة الطبيب‪ ،‬والبَنَّاء الذي‬

‫((( [سورة الشورى‪ ،‬اآلية‪.]38 :‬‬


‫((( رواه الترمذي في سننه (‪.)2822‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 124‬‬
‫يستفيد من خبرة المهندس‪ ،‬والمظلوم الذي يستفيد من خبرة المحامي‪ ،‬فإن‬
‫المذاكرة هي لالستفادة من خبرة المرشد في ميدان التطبيق العلمي والعملي‬
‫لدين اهلل تعالى‪ ،‬وقد ن َّوه اهلل تعالى لهذه االستفادة بقوله‪﴿ :‬ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞﭟﭠ ﴾(((‪ ،‬وبقوله تعالى‪﴿ :‬ﮃﮄﮅ ﮆ﴾(((‪.‬‬

‫الفرق بين المذاكرة وبين االعتراف عند النصارى‪:‬‬

‫قد يتوهم بعض الناس بأن هناك تشاب ًها بين مذاكرة المريد لشيخه وبين‬
‫االعتراف عند النصارى‪.‬‬

‫ولكن العاقل المنصف ال يتسرع في الحكم‪ ،‬وال يلقي الكالم جزافًا دون‬
‫تفكير أو تدبر‪ ،‬بل يفرق بين من يأتي اإلنسان مثله فيكشف له عن آثامه وجرائمه‬
‫بغية أن يغفر له كما هو األمر عند النصارى‪.‬‬

‫وبين من يأتي لخبير عالم فيكشف له عن أمراضه وأحواله بغية أن يدله على‬
‫الطريق العلمي للتخلص منها‪ ،‬كما يكشف المريض عن أمراضه ولو كانت مما ‬
‫يستحى منها من أجل تشخيص الداء ووصف الدواء الناجع‪.‬‬

‫هذا إذا كان الشيخ من أهل الكمال‪ ،‬واألفضل أن يعترف لشيخه بطريقة ‬
‫غير مباشرة كقوله‪ :‬إنسان حصل معه كذا‪ ،‬ما هو العالج؟‬

‫((( [سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.]43‬‬


‫((( [سورة الفرقان‪ ،‬اآلية ‪.]59‬‬
‫﴿ ‪﴾ 125‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الفرق بين المذاكرة وبين المجاهرة بالمعصية‪:‬‬

‫قد يشتبه األمر على بعض الناس فيظنون أن مذاكرة المريد لمرشده في‬
‫وأحواله النفسية من معاص ومخالفات نوع من المجاهرة ‬
‫ٍ‬ ‫أمراضه القلبية ‬
‫بالمعصية‪.‬‬

‫لك ْن هناك فرق كبير بين من يرتكب اإلثم‪ ،‬ثم يأتي للناس يحدث عنه من‬
‫باب المباهاة والتلذذ بذكره والدعوة إليه‪ ،‬وبين من يندم على ذنبه ويتحير في‬
‫معرفة العالج الجذري الذي ينقذه من وضعه المذموم‪ ،‬فيأتي ليستفيد من خبرة ‬
‫مرشده‪.‬‬

‫ونقل اإلمام المناوي في معرض شرحه لحديث المجاهرة‪« :‬كل أمتي‬


‫معافى إال المجاهرين‪ ،‬وإن من اإلجهار أن يعمل الرجل بالليل ً‬
‫عمل‪ ،‬ثم يصبح‬
‫وقد ستره اهلل عليه فيقول‪ :‬يا فالن عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه‬
‫ويصبح يكشف ستر اهلل عنه»(((‪.‬قول اإلمام الغزالي‪( :‬الكشف المذموم إذا وقع‬
‫على وجه المجاهرة واالستهزاء‪ ،‬ال على وجه السؤال واالستفتاء‪ ،‬بدليل خبر‬
‫من واقع امرأته في رمضان(((‪ .‬فجاء فأخبر المصطفى عليه الصالة والسالم فلم‬
‫ينكر عليه)(((‪.((( ‬‬

‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪ )6069‬ومسلم (‪.)7485‬‬


‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪ )1936‬ومسلم (‪.)2596‬‬
‫((( فيض القدير شرح الجامع الصغير (‪.)12/5‬‬
‫((( انظر‪ :‬حقائق عن التصوف‪ ،‬الميزان العادل‪ ،‬باب (المذاكرة)‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 126‬‬
‫ • املراد‪: ‬‬

‫هو المجذوب عن إرادته مع تهيؤ األمور له‪ ،‬فجاوز الرسوم كلها والمقامات ‬
‫من غير مكابدة‪.‬‬

‫وقال الشيخ أبو إسماعيل األنصاري‪ :‬إن المراد هو المختطف من وادي‬


‫التفرق إلى ربوة الجمع‪.‬‬

‫وهذا هو اإلنسان الذي اجتباه الحق‪ ،‬واستخلصه بخالصة االجتباء‪.‬‬

‫سيدنا موسى عليه الصالة والسالم خرج ليقتبس نا ًرا فاصطنعه اهلل لنفسه‬
‫واجتباه واختاره(((‪.‬‬

‫ • املراقبة‪: ‬‬

‫قب‪ ،‬ويدل على انتظا ٍر لمراعاة شيء‪ ،‬ومن المراقبة الرقيب وهو ‬
‫لغة‪ :‬من َر َ‬
‫المنتظر والشهيد والحارس‪.‬‬

‫واصطال ًحا‪ :‬علم العبد ويقينه أن اهلل عز وجل مطلع على ما في قلبه‬
‫وضميره‪ ،‬وهو يراقب الخواطر المذمومة المشغلة للقلب عن ذكر سيده(((‪.‬‬

‫والمراقبة على ثالثة مقامات‪:‬‬

‫مراقبة النفس وتكون بالمحاسبة‪.‬‬

‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪ )399‬مع تصرف يسير‪.‬‬


‫((( اللمع (‪.)51‬‬
‫﴿ ‪﴾ 127‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ومراقبة القلب وتكون بجمع الهم‪.‬‬


‫ومراقبة الحق وتكون بالمشاهدة(((‪.‬‬
‫وقال المحاسبي‪ :‬المراقبة في ثالثة أشياء‪ :‬مراقبة اهلل في طاعته بالعمل‪،‬‬
‫ومراقبة اهلل في معصيته بالترك‪ ،‬ومراقبة اهلل في الهم والخواطر‪.‬‬
‫وقال‪ :‬المراقبة‪ :‬هي علم القلب بقرب الرب عز وجل‪ ،‬ودوام علم القلب‬
‫بعلم اهلل عز وجل‪ ،‬عل ًما الزمًا للقلب بصفاء اليقين(((‪.‬‬
‫وقال الشريف الجرجاني‪:‬‬
‫المراقبة‪ :‬استدامة علم العبد باطالع الرب عليه في جميع أحواله(((‪.‬‬
‫وقال السراج في اللمع‪ :‬المراقبة‪ :‬هي مراقبة الخواطر المشغلة للقلب(((‪.‬‬
‫والخالصة‪:‬‬
‫إن المراقبة علم ويقين بمراقبة اهلل له‪ ،‬وهذا يتطلب معرفة باهلل بأسمائه‬
‫وصفاته‪ ،‬فمن لم يتحقق باألسماء والصفات ال يتحقق بالمراقبة‪ ،‬وأن اهلل‬
‫سبحانه قريب منه مطلع على ظاهره وباطنه وهو الرقيب(((‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭪﭫﭬ ﭭﭮ ﴾(((‪.‬‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)257‬‬


‫((( رسالة المسترشدين (‪.)95‬‬
‫((( القصد (‪.)313‬‬
‫((( التعريفات (‪.)117‬‬
‫((( أبواب التصوف (‪.)258‬‬
‫((( [سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.]1 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 128‬‬
‫وأول مراحل المراقبة في اصطالح التصوف هي‪ :‬الجلوس في محبة اهلل‬
‫ً‬
‫ا منعزل عن الدنيا راغبًا عنها متوضئًا مستقبل القبلة ‬‫تعالى‪ ،‬فالسالك يجلس مراقبً‬
‫ناكسا رأسه‪ ،‬ويفكر ً‬
‫قليل أن ال أرض وال سماء وال إنسان وال‬ ‫ً‬
‫مغمضا عينيه ً‬
‫حيوان وال شيطان وال شيء موجود‪ ،‬ويفكر‪ :‬أن تأتيني رحمة من اهلل وتشغل‬
‫قلبي فيزول بها ظالم قلبي و ُظلمته ويقول قلبي‪ :‬اهلل اهلل اهلل(((‪.‬‬

‫ • املرشد‪: ‬‬

‫يقول الحق تبارك وتعالى‪﴿ :‬ﭶﭷﭸ ﴾(((‪.‬‬


‫فدل على أن قضية المعلم الهادي والدليل المرشد ضرورة لزومية طبعًا ‬
‫وشرعًا‪.‬‬
‫وفي قضية جبريل وسيدنا محمد ﷺ معنى اتخاذ المرشد الهادي والدليل‬
‫المعلم‪ ،‬وإال فربما يكفي النور اإللهي المنقدح في القلب المحمدي عن‬
‫مصاحبة جبريل واألخذ عنه‪.‬‬
‫وقد طلب سيدنا موسى عليه الصالة والسالم الشيخ المرشد الهادي الدليل‪،‬‬
‫وسعى إليه حتى وجده في العبد الصالح وتتلمذ عليه ولم يكتف بأنه كليم اهلل‪.‬‬
‫وهل يمكن ألي إنسان أن يقرأ القرآن قراءة صحيحة بغير موفق خبير؟!‬
‫وكذلك شأن جميع الصناعات والفنون‪.‬‬

‫((( التصوف والسالك (‪.)121 -120‬‬


‫((( [سورة الرعد‪ ،‬اآلية‪.]7 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 129‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫إن اتخاذ الشيخ مما ال يتم الواجب إال به‪ ،‬فهو واجب طبعًا وشرعًا‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭚﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟﭠ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮟﮠﮡ ﮢ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮛﮜﮝﮞﮟ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮃﮄﮅ ﮆ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬ﮄ ﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊ﴾(((‪.‬‬
‫وقد أمر اهلل عز وجل المسلمين أن يعيشوا مع الصادقين‪ ،‬قال اهلل عز وجل‪:‬‬
‫﴿ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹ ﴾(((‪.‬‬
‫ولذا نجد أن وجود المربي في العملية التربوية الروحية‪ ،‬والسلوك اإليماني‬
‫ً‬
‫وعمل‪.‬‬ ‫ً‬
‫ًا وعقل‬ ‫والتزكية النفسية حتم مطلوب شرع‬
‫والمرشد الشيخ العارف باهلل تعالى يختصر لك طريق السلوك فيعطيك‬
‫خالصة ما وصل إليه ويعينك على كشف خفايا نفسك وأمراضها لتتخلص‬

‫((( [سورة األنبياء‪ ،‬اآلية‪.]7 :‬‬


‫((( [سورة فاطر‪ ،‬اآلية‪.]14 :‬‬
‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]90 :‬‬
‫((( [سورة لقمان‪ ،‬اآلية‪.]15 :‬‬
‫((( [سورة الفرقان‪ ،‬اآلية‪.]59 :‬‬
‫((( [سورة الكهف‪ ،‬اآلية‪.]17 :‬‬
‫((( [سورة التوبة‪ ،‬اآلية‪.]119 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 130‬‬
‫منها‪ ،‬وال ريب في أنك بصحبة الشيخ تأخذ منه ً‬
‫حال ترتقي به‪ ،‬قال ابن عطاء‪ ‬اهلل‬
‫السكندري‪ :‬ال تصاحب من ال ينهضك حاله‪ ،‬وال يدلك على اهلل مقاله‪.‬‬

‫وإن االرتباط الروحي بين الشيخ والمريد يولد الطاقة التربوية للعروج‬
‫بالمريد السالك في مقامات وأحوال السلوك الروحي الرفيع‪.‬‬

‫شروط المرشد وصفاته‪:‬‬

‫أن يكون عال ًما بكتاب اهلل وسنة رسوله ﷺ‪ ،‬وينبغي أن يكون موصوفًا ‬
‫ً‬
‫ويكون معرضا عن حب الجاه والدنيا وما أشبه ذلك‪،‬‬ ‫بصفات أهل الكمال‪،‬‬
‫ويكون قد أخذ الطريق عن شيخ محقق تسلسلت متابعته إلى رسول‪ ‬اهلل ﷺ‬
‫وارتاض بأمره رياضة بالغة من قلة الطعام والشراب والكالم والنوم وقلة ‬
‫االختالط مع األنام وكثرة الصالة والصيام والصدقة ونحو ذلك وبالجملة ‬
‫يكون متخل ًقا بأخالق النبي ﷺ‪.‬‬
‫وال يصلح للتربية والمشيخة المجذوب‪ ،‬فإنه وإن ذاق المقصود لكنه لم‬
‫يذق الطريق إلى اهلل‪ ،‬وكذا ال يصلح للمشيخة السالك فقط‪.‬‬
‫وكان أبو القاسم القشيري رحمه اهلل يقول‪:‬‬
‫قد درج أشياخ الطريق كلهم على أن أحدًا منهم لم يتصدر للطريق إال بعد‬
‫تبحره في علوم الشريعة‪ ،‬ولم يكن أحد في عصر من العصور إال وعلماء ذلك‬
‫الزمان يتواضعون له ويعملون بإشارته(((‪.‬‬

‫((( األنوار القدسية (‪.)63‬‬


‫﴿ ‪﴾ 131‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وقال اإلمام أبو العباس المرسي رحمه اهلل تعالى‪:‬‬


‫من كان فيه خمس خصال ال تصح مشيخته‪:‬‬
‫الجهل بالدين‪.‬‬
‫إسقاط حرمة المسلمين‪.‬‬
‫الدخول فيما ال يعني‪.‬‬
‫اتباع الهوى في كل شيء‪.‬‬
‫سوء الخلق من غير مباالة‪.‬‬
‫وذكر شيخنا السيد محمد أبو الهدى الصيادي رحمه اهلل تعالى في كتابه‬
‫(العقد النضيد في آداب الشيخ والمريد) فقال‪:‬‬
‫ينبغي أن يتصف الشيخ المسلك باثنتي عشرة صفة‪:‬‬
‫صفتان من حضرة اهلل عز وجل وهما‪ :‬الحلم والستر‪.‬‬
‫وصفتان من حضرة النبي ﷺ وهما‪ :‬الرأفة والرحمة‪.‬‬
‫وصفتان من حضرة الصديق األكبر رضي اهلل عنه وهما‪ :‬الصدق والتصديق‪.‬‬
‫وصفتان من حضرة الفاروق األعظم رضي اهلل عنه وهما‪ :‬األمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫وصفتان من حضرة عثمان ذي النورين رضي اهلل عنه وهما‪ :‬الحياء والتسليم‪.‬‬
‫وصفتان من حضرة علي الكرار رضي اهلل عنه وهما‪ :‬الزهد األتم والشجاعة‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 132‬‬
‫ومتى اتصف الشيخ بهذه األوصاف وتمكنت قدمه وزكت شيمه صح أن‬
‫يكون قدوة في الطريق‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد العزيز الدباغ قدس اهلل سره‪:‬‬
‫ولشيخ التربية عالمات ظاهرة وهي‪:‬‬
‫أن يكون سليم الصدر على الناس‪.‬‬
‫وأن يكون كري ًما إذا طلبته‪.‬‬
‫وأن يحب من أساء إليه‪.‬‬
‫وأن يغفل عن خطايا المريدين‪.‬‬
‫وأن يكون خاليًا من األهواء‪.‬‬
‫وأن يكون ذا بصيرة‪.‬‬
‫يكون مغترا(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأن ال‬
‫وللمرشد شروط ال بد منها حتى يتأهل إلرشاد الناس وهي أربعة‪:‬‬
‫أن يكون عال ًما بالفرائض العينية‪.‬‬
‫أن يكون عارفًا باهلل تعالى‪.‬‬
‫خبيرا بطرائق تزكية النفوس ووسائل تربيتها‪.‬‬
‫أن يكون ً‬
‫أن يكون مأذونًا من شيخه‪.‬‬

‫((( اإلبريز (‪.)121 -119‬‬


‫﴿ ‪﴾ 133‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وإذا لم تجد شي ً‬
‫خا بهذه الشروط فعليك باإلكثار من الصالة والسالم على‬
‫سيدنا محمد فهي نعم المرشد(((‪.‬‬

‫ • املريد‪: ‬‬

‫هو من أراد الوصول إلى القرب من اهلل عز وجل‪.‬‬


‫وهو المراد حقيقة‪ ،‬أراده اهلل سبحانه وتعالى أن يكون من الفالحين فكان‪.‬‬
‫مصداق قوله تعالى‪﴿ :‬ﮨ ﮩ﴾(((‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪﴿ :‬ﰎﰏﰐﰑﰒ﴾(((‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪ ﴿ :‬ﭧﭨﭩﭪ﴾(((‪.‬‬
‫فإرادته لهم سبب إرادتهم له‪ ،‬فمن أراده الحق سبحانه فمحال أن ال يريده العبد‪.‬‬

‫قال سيدنا حارثة رضي اهلل عنه‪ :‬عزفت نفسي عن الدنيا‪ ،‬فأظمأت نهاري‬
‫وأسهرت ليلي‪ ،‬كأني أنظر إلى عرش ربي بار ًزا‪.‬‬

‫وسيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه أقبل يريد قتل رسول اهلل ﷺ فأسره‬
‫الحق وأصبح من المؤمنين الصادقين(((‪.‬‬

‫((( للتوسع‪ :‬انظر‪ :‬الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية‪ ،‬باب‪ :‬المرشد‪.‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]54 :‬‬
‫((( [سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]119 :‬‬
‫((( [سورة التوبة‪ ،‬اآلية‪.]118 :‬‬
‫((( التعرف لمذهب أهل التصوف (‪.)138‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 134‬‬
‫وكسحرة فرعون‪ :‬لما كوشفوا بالحال الذي هم فيه‪ ،‬سهل عليهم تحمل ما ‬
‫توعدهم به فرعون من القتل والصلب والتعذيب‪ ،‬فقالوا‪﴿ :‬ﯓﯔﯕﯖﯗ‬
‫ﯘ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ﴾(((‪.‬‬

‫ • املسامرة‪ : ‬هي محادثة الحق للعبد في ّ‬


‫سره‪ ،‬ألنها في العرف هي المحادثة ‬
‫ً‬
‫ليل‪.‬‬

‫المسامرة‪ :‬هي خطاب الحق للعارفين من عالم األسرار والغيوب‪ ،‬قال‬


‫تعالى‪﴿ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ * ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾(((‪.‬‬
‫ • املستهلك‪ : ‬هو الفاني في الذات األحدية بحيث ال يبقى منه رسم‪.‬‬
‫ • مشارق الفتح‪ : ‬هي التجليات األسمائية‪ ،‬ألنها مفاتيح أسرار الغيب‪ ،‬وتجلي‬
‫الذات‪.‬‬
‫ • مشارق مشس احلقيقة‪ : ‬تجليات الذات قبل الفناء التام في عين أحدية الجمع‪.‬‬

‫ • املشاهدة‪ : ‬لغة‪ :‬من َش ِه َد ـ الشهادة‪ :‬حضور وعلم وإعالم‪.‬‬

‫وشهد بمعنى بَيَّ َن‪ ،‬والشهادة‪ :‬بيان الحق‪ ،‬وفصل الحق عن الباطل‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إقرار مع العلم وثبات اليقين‪.‬‬
‫والمشاهدة‪ :‬اصطال ًحا‪ :‬وجود الحق مع فقدانك‪ ،‬يعني بها حضورك مع‬
‫الحق مع فنائك(((‪.‬‬

‫((( [سورة طه‪ ،‬اآلية‪.]72 :‬‬


‫((( [سورة الشعراء‪ ،‬اآليات‪.]194 –193 :‬‬
‫((( معجم مقاييس اللغة (‪.)517‬‬
‫﴿ ‪﴾ 135‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫والمشاهدة‪ :‬هي حضور الحق من غير بقاء تهمة (شبهة)‪.‬‬


‫قال عمرو بن عثمان المكي‪ :‬المشاهدة‪ :‬أن تتوالى أنوار التجلي على قلبه‬
‫من غير أن يتخللها انقطاع كما لو قدر اتصال البروق(((‪.‬‬
‫والمشاهدة على ثالثة مقامات‪:‬‬
‫مشاهدة بالحق وهي‪ :‬رؤية األشياء بدالئل التوحيد‪.‬‬
‫ومشاهدة للحق وهي‪ :‬رؤية الحق في األشياء‪.‬‬
‫ومشاهدة الحق وهي‪ :‬رؤية الحق قبل األشياء(((‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المشاهدة‪ :‬هي إدراك الغيوب بأنوار األسرار‪ ،‬عند صفاء القلوب من‬
‫األدناس واألقذار‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المشاهدة‪ :‬هي أن يشهد اهلل بإيمانه كأنه يراه‪ ،‬ورؤية من سواه بعين‬
‫العدم(((‪.‬‬
‫ • املطالعة‪ : ‬توفيقات الحق للعارفين ابتداء عن سؤال منهم فيما يرجع إلى‬
‫حوادث الكون‪.‬‬

‫ • املعرفة‪ : ‬هي من السكون والطمأنينة‪ ،‬ألن من أنكر شيئًا توحش منه ونبا عنه‪،‬‬
‫وسمي المعروف ألن النفوس تسكن إليه(((‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)158‬‬


‫((( أبواب التصوف (‪.)249‬‬
‫((( قطب العارفين (‪.)136‬‬
‫((( معجم مقاييس اللغة (‪.)732‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 136‬‬
‫واصطال ًحا‪ :‬هي نور ومكاشفة باطنية بقلبك على الحقيقة فال تحتاج معها ‬
‫إلى وصف لألشياء‪ ،‬لذلك قيل‪ :‬المعرفة هجوم األنوار على األسرار(((‪.‬‬

‫سئل ذو النون المصري‪ :‬بِ َم عرفت ربك؟ قال‪ :‬عرفت ربي بربي ولوال ربي‬
‫ما عرفت ربي‪.‬‬

‫فهي معرفة من اهلل وبواسطته‪ ،‬ألنها من الفطرة‪ ،‬واهلل فاطر الخلق‪.‬‬

‫وقال ابن عطاء اهلل السكندري‪ :‬العارف ال دنيا له ألن دنياه آلخرته وآخرته‬
‫لربه(((‪.‬‬

‫وأما المعرفة والفناء فهما متالزمان متى تحقق الفناء تحقق صاحبها في‬
‫المعرفة‪ ،‬وصار من أهل المعرفة(((‪.‬‬

‫وقال الشبلي‪ :‬ال حال للعارف ألنه مُحيت رسومه وفُنيت هويته‪ ،‬وغيبت‬
‫آثاره بآثار غيره(((‪.‬‬

‫ • املفتاح األول‪ : ‬هو اندراج األشياء كلها على ما هي عليها في غيب الغيوب‬
‫الذي هو أحدية الذات‪.‬‬

‫ • مفرح األحزان ومفرج الكروب‪ : ‬هو اإليمان بالقدر‪.‬‬

‫((( منثور الخطاب (‪.)67‬‬


‫((( لطائف المنن (‪.)209‬‬
‫((( أبواب التصوف (‪.)286‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)471‬‬
‫﴿ ‪﴾ 137‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • املقام‪: ‬‬

‫ما يتحقق به العبد بمنازلته من اآلداب‪ ،‬وبما اكتسبه مما يتوصل إليه بنوع‬
‫من تصرف‪ ،‬ومقاساة تكلف‪.‬‬
‫والمقامات‪ :‬مكاسب‪ ،‬أما األحوال فهي مواهب‪.‬‬
‫ومن شروطه‪ :‬أن ال يرتقي من مقام إلى مقام آخر ما لم يستوف أحكام ذلك‬
‫المقام‪ ،‬فمن لم يستوف أحكام التوبة‪ ،‬ال يصح له أن يرتقي إلى مقام اإلنابة‪،‬‬
‫ومن لم يستوف مقام الورع‪ ،‬ال يصح له االرتقاء إلى مقام الزهد‪ ،‬ومن ال قناعة ‬
‫له‪ ،‬ال يصح له أن يرتقي إلى مقام التوكل‪ ،‬ومن ال توكل له ال يصح له التسليم‪.‬‬
‫ومن المقامات‪ :‬التوبة‪ ،‬التقوى‪ ،‬الورع‪ ،‬الزهد‪ ،‬المراقبة‪ ،‬الصبر‪ ،‬اإلخالص‪،‬‬
‫االستقامة((( (((‪.‬‬
‫والمقام هو اإلقامة كالمدخل بمعنى اإلدخال‪ ،‬والمخرج بمعنى اإلخراج‪،‬‬
‫وال يصح ألحد منازلة مقام إال بشهود (أي عند اكتسابه) إقامة اهلل تعالى إياه‬
‫بذلك المقام ليصح بناء أمره على قاعدة صحيحة(((‪.‬‬

‫ • املكاشفة‪: ‬‬
‫ٍ‬
‫أي المكاشفة ـ معان‬ ‫هي أعلى في العلم من المشاهدة‪ ،‬وتحصل فيها ـ‬
‫ورفع حجب‪.‬‬

‫((( نظرات في التصوف اإلسالمي (‪.)105‬‬


‫((( للتوسع انظر‪( :‬صفوة المقامات الصوفية) ليوسف خطار محمد‪.‬‬
‫((( الرسالة القشيرية (‪.)132‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 138‬‬
‫والمكاشفة‪ :‬حضور القلب بنعت البيان غير مفتقر في هذه الحالة إلى تأمل‬
‫الدليل‪.‬‬
‫والمكاشفة هي أتم من المشاهدة(((‪.‬‬
‫وصاحب المكاشفة مبسوط بصفاته‪ ،‬يدنيه علمه(((‪.‬‬
‫والمكاشفة على ثالثة مقامات‪:‬‬
‫مكاشفة بالعلم وهي‪ :‬تحقيق اإلصابة بالفهم‪.‬‬
‫ومكاشفة بالحال وهي‪ :‬تحقيق رؤية زيادة الحال‪.‬‬
‫ومكاشفة بالوجد وهي‪ :‬تحقيق صحة اإلشارة(((‪.‬‬
‫ • املكانة‪ : ‬هي المنزلة التي هي أرفع المنازل عند اهلل تعالى‪ ،‬وقد يطلق عليها ‬
‫المكان وهو المشار إليه بقوله‪﴿ :‬ﭰﭱ ﭲﭳﭴﭵ﴾(((‪.‬‬
‫ • املكر‪ : ‬هو إرداف النعم مع المخالفة وإبقاء الحال مع سوء األدب‪.‬‬

‫المكر‪ :‬أداء النعم مع المخالفة‪ ،‬وإبقاء الحال مع سوء األدب‪ ،‬وإظهار‬


‫اآليات والكرامات من غير أمد وال حد‪.‬‬
‫ • املناصفة‪ : ‬حسن المعاملة مع الحق وال َ‬
‫خلْق‪.‬‬
‫ • املِنَصة‪ : ‬هي تجليات روحانية‪.‬‬

‫((( عبارات الصوفية (‪.)54‬‬


‫((( الرسالة القشيرية (‪.)158‬‬
‫((( أبواب التصوف (‪.)267‬‬
‫((( [سورة القمر‪ ،‬اآلية‪.]55 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 139‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • املوت‪ : ‬هو قمع هوى النفس‪ .‬قال تعالى ﴿ﮗﮘ ﮙﮚ﴾((( يعني‪:‬‬
‫ميتًا بالجهل فأحييناه بالعلم وهذا الموت موت لجميع أنواع الموتات‪.‬‬
‫ • املوت األبيض‪ : ‬الجوع‪ ،‬سمي األبيض‪ :‬ألنه ين ّور الباطن ويبيّض وجه القلب‪.‬‬
‫قيل‪ :‬من ماتت بطنته حييت فطنته‪.‬‬
‫ • املوت األخضر‪ : ‬لبس المرقع من الخرق الملقاة التي ال قيمة لها‪ ،‬فإذا قنع من‬
‫اللباس الجميل بذلك‪ ،‬واقتصر على ما يستر العورة ويصح فيه الصالة فقد‬
‫مات الموت األخضر‪ ،‬الخضرار عيشه بالقناعة‪.‬‬
‫فـــكل رداء يرتديـــه جميـــل‬ ‫إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه‬

‫ • املوت األسود‪ : ‬هو احتمال أذى الخلق‪ ،‬ألنه إذا لم يجد في نفسه حر ًجا من‬
‫أذاهم ولم تتألم نفسه بل يتلذذ به لكونه يراه من محبوبه فقد مات الموت ‬
‫األسود‪ ،‬وهو الفناء في اهلل لشهوده األذى منه برؤية فناء األفعال في فعل‬
‫محبوبه‪.‬‬

‫• امليزان‪: ‬‬

‫ما به يتوصل اإلنسان إلى معرفة اآلراء الصائبة واألقوال السديدة واألفعال‬
‫الجميلة‪ ،‬وتميزها من أضداها‪.‬‬

‫وهو العدالة التي هي ظل الوحدة الحقيقية‪ ،‬ألنها لم يتحقق بها صاحبها ‬


‫إال عند تحققه بمقام أحدية الجمع والفرق‪ ،‬فإن ميزان أهل الظاهر هو الشرع‪،‬‬

‫(( ( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]122 :‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 140‬‬
‫وميزان أهل الباطن هو العقل المنور بنور القدس‪ ،‬وميزان الخصوص هو علم‬
‫الطريقة‪ ،‬وميزان خاصة الخاصة‪ :‬وهو العدل اإللهي الذي ال يتحقق به إال‬
‫اإلنسان الكامل‪.‬‬

‫ • الن َّْفس‪ : ‬هي لطيفة مودعة في هذا القالب وهي محل األخالق المذمومة‪.‬‬

‫ • النفس األمارة‪ : ‬هي التي تميل إلى الطبيعة البدنية‪ ،‬وتأمر باللذات والشهوات ‬
‫ة‪ ،‬فهي مأوى الشر‪ ،‬ومنبع األخالق‬
‫ّ‬ ‫الحسية‪ ،‬وتجذب القلب إلى الجهة السفليّ‬
‫الذميمة واألفعال السيّئة‪.‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾(((‪.‬‬


‫ • النفس اللوامة‪ : ‬هي التي تنورت بنور القلب تنو ًرا أبعدها عن الغفلة فتي ّقظت‪،‬‬
‫خلْقية‪ ،‬فكلما صدرت ‬ ‫وبدأت بإصالح حالها مترددة بين جهتي الربوبية وال َ‬
‫منها سيئة بحكم جبلتها الظلمانية وسجيّتها تداركها نور التنبيه اإللهي‪،‬‬
‫فأخذت تلوم نفسها وتتوب عنها مستغفرة راجعة إلى باب الغفار الرحيم‪.‬‬

‫قال تعالى ﴿ﮏﮐﮑﮒ﴾(((‪.‬‬


‫ • النفس املطمئنة‪ : ‬هي التي ت َّم تنورها بنور القلب حتى انخلعت عن صفاتها ‬
‫الذميمة وتخلقت باألخالق الحميدة‪ ،‬وتوجهت إلى جهة القلب بالكلية مشابهة ‬
‫له في الترقي إلى جناب عالم القدس‪ ،‬متنزهة عن جانب الرجس مواظبة على‬

‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]53 :‬‬


‫((( [سورة القيامة‪ ،‬اآلية‪.]2 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 141‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الطاعات مساكنة إلى حضرة رفيع الدرجات حتى خاطبها ربها بقوله ﴿ﭡ‬
‫ﭢﭣ*ﭥ ﭦ ﭧﭨﭩ*ﭫﭬ ﭭ *ﭯ ﭰ ‪.(((﴾ ‬‬

‫ • النور‪ : ‬كل وارد إلهي يطرد الكون عن القلب‪.‬‬

‫ • النون‪ : ‬علم اإلجمال‪.‬‬

‫ • اهلجوم‪ : ‬ما يرد على القلب بقوة الوقت بغير تصنع منه‪.‬‬

‫ • اهلمة‪ : ‬تطلق بإزاء تجريد القلب للمنى‪ ،‬وتطلق بإزاء أول صدق المريد‪،‬‬
‫وتطلق بإزاء جمع الهمم بصفاء اإللهام‪.‬‬

‫ • مهة أرباب اهلمم العالية‪ : ‬هي التي ال تتعلق إال بالحق‪ ،‬وال تلتفت إلى غيره‬
‫فهي أعلى الهمم حيث ال ترضى باألحوال والمقامات وال بالوقوف مع‬
‫األسماء والصفات وال تقصد إال عين الذات‪.‬‬
‫ • اهلواجس‪ : ‬الخواطر النفسية ‬
‫فخاطر فحديث النفس فاســتمعا ‬ ‫مراتب القصد خمس هاجس ذكر‬
‫سوى األخير ففيه األخذ قد وقعا‬ ‫يليــه هــ ّم فعــزم كلهــا رفعــت‬

‫ • اهلوى‪ : ‬هو ميل النفس إلى مقتضيات الطبع واإلعراض عن الجهة العلوية ‬
‫بالتوجه إلى الجهة السفلية‪.‬‬

‫ • ُاهلوية‪ : ‬الحقيقة في عالم الغيب‪.‬‬

‫(( ( [سورة الفجر‪ ،‬اآليات‪.]30 -27 :‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 142‬‬
‫ • اهليبة‪: ‬‬

‫هي أعلى من القبض‪ ،‬وحق الهيبة ال َغيبة‪ ،‬فكل هائب غائب‪ ،‬ثم الهائبون‬
‫يتفاوتون في الهيبة على حسب تباينهم في الغيبة(((‪.‬‬
‫فمنهم من تطول غيبته ومنهم من تقتصر على حسب هيبته‪.‬‬
‫نقصا‪ ،‬ألنهما يتضمنان تغير‬
‫وأهل الحقيقة يعدون حال الهيبة واألنس ً‬
‫أحوال العبد‪.‬‬
‫وأهل التمكين سمت أحوالهم عن التغيير‪ ،‬وهم محو في وجود العين‪ ،‬أي‬
‫ً‬
‫يرون فاعل إال اهلل‪ ،‬وعندهم تسليم مطلق‪.‬‬ ‫ال‬
‫فال هيبة وال أنس وال علم وال حس يعني على الحقيقة‪ ،‬فوجودهم بإمداد‬
‫اهلل لهم‪.‬‬
‫ويرتقي العبد عن حالة الهيبة واألنس بالوجود‪.‬‬

‫ • الوارد‪: ‬‬

‫هو كل ما يرد على القلب من المعاني الغيبية من غير تعمد من العبد(((‪.‬‬


‫وقيل‪ :‬هو ما يرد على القلب من الخواطر‪ ،‬والوارد من الحق وهو أعم من‬
‫الخواطر(((‪.‬‬

‫((( الرسالة القشيرية (‪.)137 -136‬‬


‫((( التعريفات (‪.)244‬‬
‫((( تقسيم الخواطر (‪.)18‬‬
‫﴿ ‪﴾ 143‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫والوارد له ثالثة مقامات‪:‬‬

‫وارد باإلشارة وهي حظ السر‪.‬‬


‫ووارد بالخطر وهو حظ القلب‪.‬‬

‫ووارد باللحظة وهي حظ المشاهدة(((‪.‬‬

‫ • الواقعة‪ : ‬ما يرد على القلب من ذلك العالم بأي طريق كان‪ ،‬من خطاب أو‬
‫مثال‪.‬‬

‫ • الوجد والتواجد والوجود والوجدانيات‪: ‬‬

‫الوجد‪ :‬هو ما يصادف القلب ويرد عليه بال تكلف وتصنع‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هو بروق تلمع ثم تخمد سريعًا‪.‬‬

‫التواجد‪ :‬هو استدعاء الوجد‪ ،‬وإظهار حالة الوجد من غير وجد‪.‬‬

‫الوجود‪ :‬هو فقدان العبد بمحق أوصاف البشرية ووجود الحق‪ ،‬ألنه ال بقاء‬
‫للبشرية عند ظهور سلطان الحق‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬وجدان الحق في الوجد‪.‬‬

‫وهذا معنى قول أبي الحسين النوري‪:‬‬

‫أنا منذ عشرين سنة بين الوجد والفقد‪ ،‬إذا وجدت ربي فقدت قلبي‪.‬‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)306‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 144‬‬
‫وهذا معنى قول الجنيد‪:‬‬

‫علم التوحيد مباين لوجوده‪ ،‬ووجود التوحيد مباين لعلمه‪ ،‬فالتواجد بداية ‬
‫والوجود نهاية‪ ،‬والوجد واسطة بينهما(((‪.‬‬
‫الوجدانيات‪ :‬ما يكون مدركه بالحواس الباطنة‪.‬‬
‫وحقيقة الوجد نار تتوقد في األسرار تنحرف به األغيار‪.‬‬

‫فالوجد على ثالثة أقسام‪ :‬وجد العام‪ ،‬ووجد الخاص‪ ،‬ووجد أخص الخاص‪.‬‬

‫الوجد العام‪ :‬هو اغتباط الروح من استلذاذ الذكر‪.‬‬

‫الوجد الخاص‪ :‬عجز الروح عن احتمال غلبة الشوق عند وجود حالوة الذكر‪.‬‬

‫وجد أخص الخاص‪ :‬عجز ضوء الروح عند مطالع الحق عن السر‪.‬‬

‫ • وجه احلــق‪ : ‬هو ما به الشيء ح ًّقا‪ ،‬إذ ال حقيقة لشيء إال به تعالى‪ ،‬وهو ‬
‫المشار إليه بقوله تعالى‪﴿ :‬ﮘﮙﮚﮛﮜ﴾ [البقرة‪.]115 :‬‬
‫فهو عين الحق المقيم لجميع األشياء فمن رأى قيومية الحق لألشياء فهو ‬
‫الذي يرى وجه الحق في كل شيء‪.‬‬

‫ • وجها العناية‪ : ‬هما الجذبة والسلوك اللذان هما جهتا الهداية‪.‬‬

‫ • الوجود‪ : ‬وجدان الحق ذاته‪ ،‬ولهذا تسمى حضرة الجمع حضرة الوجود‪.‬‬

‫((( التعريفات (‪ ،)345 -344‬وكشاف المصطلحات (‪.)145‬‬


‫﴿ ‪﴾ 145‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • وحدة الوجود‪: ‬‬

‫إن وجود اهلل ذاتي‪ ،‬أي ال تأثير لغيره به‪ ،‬إذ أن اهلل تعالى هو األول فليس‬
‫قبله شيء‪ .‬قال ﷺ‪« :‬كان اهلل ولم يكن شيء غيره»(((‪.‬‬
‫أما وجود الموجودات فهو حاصل من إيجاد اهلل عز وجل لها‪ ،‬ومستمر‬
‫بإمداد اهلل تعالى لها بالوجود‪ ،‬ولو انقطع اإلمداد لعادت عدمًا‪.‬‬
‫وعليه فمن نظر إلى الموجد الممد سبحانه وتعالى رآه هو الموجود حقيقة‪،‬‬
‫ومن الحظ اإلمداد رأى األشياء عدمًا لواله سبحانه‪ ،‬فوجودها ليس ذاتيًا‪،‬‬
‫كوجود اهلل عز وجل‪ ،‬لذلك قالوا‪ :‬الوجود الحقيقي واحد وهو اهلل سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬ووجود غيره ال يشابه وجوده‪.‬‬
‫قال ﷺ‪« :‬أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد‪ :‬أال كل شيء ما خال اهلل‬
‫باطل»(((‪.‬‬
‫وقال أحدهم‪:‬‬
‫عدم علـى التفصيل واإلجمال‬ ‫فالكـــل دون اهلل إن حققتــــه‬

‫أي عدم في حقيقة أصله‪ ،‬موجود بمدد اهلل تعالى له‪ ،‬وهذه هي وحدة ‬
‫الوجود‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد القادر عيسى رحمه اهلل تعالى‪:‬‬

‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪.)3019‬‬


‫((( رواه البخاري في صحيحه (‪.)3628‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 146‬‬
‫إن الوجود نوعان‪ :‬وجود قديم أزلي وهو واجب وهو الحق سبحانه‬
‫وتعالى ﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ﴾((( أي الثابت الوجود المحقق‪ ،‬ووجود جائز‬
‫عرضي ممكن‪ ،‬وهو وجود ما عداه من المحدثات‪.‬‬
‫وإن القول بوحدة الوجود‪ ،‬وأن الوجود واحد هو الحق تعالى يحتمل‬
‫معنيين‪:‬‬
‫أحدهما حق‪ ،‬والثاني كفر‪ ،‬ولهذا فالقائلون بوحدة الوجود فريقان‪:‬‬
‫الفريق األول‪ :‬أرادوا بها اتحاد الحق بالخلق‪ ،‬وأنه ال شيء في هذا الوجود‬
‫سوى الحق‪ ،‬وأن الكل هو وأنه هو الكل‪ ،‬وأنه عين األشياء‪ ،‬وفي كل شيء له‬
‫آية تدل على أنه عينه‪...‬‬
‫فقوله هذا كفر وزندقة وأشد ضاللة من أباطيل اليهود والنصارى وعبدة ‬
‫األوثان وقد شدد الصوفية النكير على قائله‪ ،‬وأفتوا بكفره‪ ،‬وحذروا الناس من‬
‫مجالسته‪.‬‬
‫الفريق الثاني‪ :‬قالوا ببطالن وكفر ما ذكر من أن الخالق عين المخلوق‪ ،‬وإنما ‬
‫أرادوا بوحدة الوجود القديم األزلي وهو الحق سبحانه فهو ال شك واحد منزه‬
‫عن التعدد‪ ،‬ولم يقصدوا بكالمهم الوجود العرضي المتعدد وهو الكون الحادث‬
‫نظرا ألن وجوده مجازي‪ ،‬وفي أصله عدمي ال يضر وال ينفع فالكون معدوم في‬
‫ً‬
‫نفسه‪ ،‬هالك فان في كل لحظة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬ﮖ ﮗﮘﮙﮚ‪.(((﴾ ‬‬

‫((( [سورة الحج‪ ،‬اآلية‪.]62 :‬‬


‫((( [سورة القصص‪ ،‬اآلية‪.]88 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 147‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وإنما يظهره اإليجاد ويثبته اإلمداد‪ ،‬والكائنات ثابتة بإثباته‪ ،‬وممحوة بأحدية ‬
‫ذاته‪ ،‬وإنما يمسكه سر القيومية فيه‪.‬‬

‫وهؤالء قسمان‪:‬‬
‫قسم أخذ هذا الفهم باالعتقاد والبرهان والذوق والعيان‪ ،‬وغلب عليه‬
‫ً‬
‫نفسه فضل عن شهود غيره‪،‬‬ ‫الشهود فاستغرق في لجج بحار التوحيد ففني عن‬
‫مع استقامته على شرع اهلل تعالى وهذا قوله حق‪.‬‬

‫وقسم ظن أن ذلك علم لفظي‪ ،‬فتوغل في تالوة عبارته‪ ،‬وتمسك بظواهر‬


‫إشاراته‪ ،‬وغاب في شهودها عن شهود الحق‪ ،‬فربما هانت الشريعة في عينيه لما ‬
‫يلتذ به من حالوة تلك األلفاظ‪ ،‬فيقع على أم رأسه‪ ،‬ويتكلم بما ظاهره أن الشريعة ‬
‫في جهته يختص بها أهل الغفلة‪ ،‬والحقيقة في جهة أخرى يختص بها أهل العرفان‪،‬‬
‫ولعمري إن هذا لهو عين الزور والبهتان‪ ،‬وما ث َّم إال شريعة ومقام إحسان(((‪.‬‬

‫ • الورد‪: ‬‬

‫الورد بالكسر‪ ،‬كما في المصباح‪ :‬الوظيفة من قراءة ونحو ذلك‪ ،‬والجمع‬


‫أوراد يطلقه الصوفي على أذكار‪.‬‬
‫يأمر الشيخ تلميذه بذكرها صبا ًحا بعد صالة الصبح‪ ،‬ومساءً بعد صالة ‬
‫المغرب‪ ،‬والوارد في اللغة‪ :‬هو الطارق القادم‪.‬‬
‫يقال‪ :‬ورد علينا فالن أي قدم‪ ،‬وفي االصطالح‪ :‬ما يتحفه الحق تعالى في‬

‫((( حقائق عن التصوف (‪.)556 -553‬‬


‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 148‬‬
‫قلوب أوليائه من النفحات اإللهية فيكسبه قوة محركة وربما يدهشه أو يغيبه عن‬
‫حسه وال يكون إال بغتة وال يدوم على صاحبه‪.‬‬

‫ومن األوراد‪:‬‬

‫كلمة التوحيد بصيغة‪ :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‬
‫وهو على كل شيء قدير‪.‬‬

‫ولهذا دعانا اهلل عز وجل إلى هذا التوحيد الخالص فقال‪﴿ :‬ﰊﰋ ﰌ ﰍ‬
‫ﰎ ﰏ﴾(((‪.‬‬

‫وكذلك رغبنا رسول اهلل ﷺ في اإلكثار من ترداد كلمة التوحيد وبين أفضليتها ‬
‫ومثوبتها فقال‪ :‬أفضل الذكر ال إله إال اهلل(((‪.‬‬

‫واالستغفار‪ :‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯼﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ* ﭑ ﭒ‬


‫ﭓﭔ*ﭖﭗﭘﭙ ﭚ ﭛﭜﭝ ﭞ ﴾(((‪.‬‬

‫وقد كان رسول اهلل ﷺ يكثر من االستغفار تعلي ًما ألمته وتوجي ًها‪.‬‬

‫قال ﷺ‪« :‬واهلل إني ألستغفر اهلل وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»(((‪.‬‬

‫والصالة على النبي بأي صيغة كانت جائزة وأفضلها الصالة اإلبراهيمية ‬

‫((( [سورة محمد‪ ،‬اآلية‪.]19 :‬‬


‫((( أخرجه الترمذي (‪ )3383‬والحاكم (‪ )503/1‬وصححه ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫((( [سورة نوح‪ ،‬اآليات‪.]12 -11 -10 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري في صحيحه (‪.)5948‬‬
‫﴿ ‪﴾ 149‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫وكذلك ثبتت بهذه الصيغة‪« :‬اللهم ص ِّل على سيدنا محمد النبي األمي وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم»(((‪.‬‬

‫نصلي على رسول اهلل ﷺ مع استحضار عظمته ﷺ وتذكر صفاته وشمائله‬


‫والتعلق بجنابه الرفيع محبة وتشوقًا‪ ،‬وال مانع أن نصلي عليه بأي صيغة كانت‪.‬‬

‫وقد أمرنا اهلل تعالى بذلك بقوله‪﴿ :‬ﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹ‬


‫ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿ ﴾(((‪.‬‬

‫وكذلك رغب رسول اهلل ﷺ بكثرة الصالة والسالم عليه فقال‪« :‬من صلى‬
‫عشرا»(((‪.‬‬
‫علي واحدة صلى اهلل عليه ً‬
‫َّ‬
‫أيضا‪« :‬أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صالة»(((‪.‬‬
‫وقال ﷺ ً‬

‫ذكر اهلل عز وجل‪:‬‬

‫ورد في الذكر باالسم المفرد (اهلل) آيات كثيرة منها‪:‬‬

‫قال تعالى‪﴿ :‬ﭼ ﭽﭾﭿﮀ ﮁ﴾(((‪.‬‬

‫وقوله لسيدنا محمد ﷺ‪﴿ :‬ﭺﭻﭼﭽﭾ﴾(((‪.‬‬

‫((( رواه أبو داود (‪.)981‬‬


‫((( [سورة األحزاب‪ ،‬اآلية‪.]56 :‬‬
‫((( أخرجه النسائي في سننه (‪.)1296‬‬
‫((( أخرجه ابن حبان في صحيحه (‪.)911‬‬
‫((( [سورة المزمل‪ ،‬اآلية‪.]8 :‬‬
‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]91 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 150‬‬
‫وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﰖﰗﰘﰙﰚ ﴾(((‪.‬‬
‫وقال رسول اهلل ﷺ‪« :‬ال تقوم الساعة على أحد يقول‪ :‬اهلل‪ ،‬اهلل»(((‪.‬‬
‫فها هو اسم اهلل المفرد يرد ذكره مكر ًرا في هذا الحديث‪.‬‬
‫ومن األدلة التي يستأنس بها‪ :‬سيدنا بالل الحبشي رضي اهلل عنه كان يعذبه‬
‫أمية بن خلف أشد العذاب تحت حر شمس مكة‪ :‬وهو يقول‪ :‬أحد أحد‪.‬‬
‫وسيدنا محمد ﷺ يسمع قوله وال ينكر عليه وسكوته ﷺ إقرار‪.‬‬

‫ومما يعترض على الذكر باسم اهلل المفرد أنه ال يؤلف جملة مفيدة تامة ‬
‫يحسن السكوت عليها كقولنا‪ :‬اهلل غفور‪ .‬والجواب‪:‬‬

‫أن الذاكر باسم اهلل المفرد إنما يخاطب اهلل وحده وهو جل جالله عالم بما ‬
‫في نفسه مطلع على سريرته فال يشترط في الخطاب معه ما يشترط في الخطاب‬
‫مع البشر من جعل الكالم تامًا مفيدًا يحسن السكوت عليه‪.‬‬

‫وقوله (اهلل‪ ،‬اهلل) إنما هو نداء بحذف أداة النداء وأصله‪:‬‬

‫(يا اهلل‪ ،‬يا اهلل) كقوله تعالى‪﴿ :‬ﯬﯭ ﯮ ﯯ﴾(((‪.‬‬

‫وأصله يا يوسف ثم إن المنادى عند النحويين مفعول به لفعل محذوف‬


‫وأصل الكالم (أدعو اهللَ) وقد يكون المبتدأ اهلل‪ ،‬والخبر اهلل أو أي اسم من‬

‫((( [سورة اإلنسان‪ ،‬اآلية‪.]25 :‬‬


‫((( أخرجه مسلم في صحيحه (‪.)374‬‬
‫((( [سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.]29 :‬‬
‫﴿ ‪﴾ 151‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫أسماء‪ ‬اهلل عز وجل‪ ،‬ويكون هناك في القلب (العفو‪ ،‬الرحيم‪ )...‬وذلك كما أراد‬
‫أحدهم أن يشبه شجاعة زيد بشيء آخر فلم يستطع فقال‪ :‬زي ٌد زيدٌ‪.‬‬

‫وكذلك من حاول تشبيه اإلمام شعبة بشخصية عظيمة تقربه لذهن‬


‫المخاطب فلم يجد إال أن يقول‪ :‬شعبةُ شعبةُ‪.‬‬

‫وقال العالمة الخادمي رحمه اهلل تعالى‪:‬‬

‫واعلم أن اسم الجاللة (اهلل) هو االسم األعظم عند أبي حنيفة والكسائي‬
‫والشعبي وإسماعيل بن إسحاق وأبي حفص وسائر جمهور العلماء‪ ،‬وهو ‬
‫اعتقاد جماهير مشايخ الصوفية ومحققي العارفين فإنه ال ذكر عندهم لصاحب‬
‫مقام فوق مقام الذكر باسم (اهلل) مجردًا‪ ،‬قال اهلل لنبيه ﷺ‪﴿ :‬ﭺﭻﭼﭽﭾﭿ‬
‫‪ ‬‬

‫ﮀﮁ﴾(((‪.‬‬

‫وقال ابن عابدين في حاشيته المشهورة عند شرح البسملة وبحثه عن اسم (اهلل)‪:‬‬

‫روى هشام عن محمد عن أبي حنيفة أنه (أي اهلل) اسم اهلل األعظم وبه قال‬
‫الطحاوي‪ :‬وكثير من العلماء وأكثر العارفين حتى أنه ال ذكر عندهم لصاحب‬
‫مقام فوق الذكر به كما في شرح التحرير البن أمير حاج(((‪.‬‬

‫وقال اإلمام ابن عجيبة رضي اهلل عنه‪:‬‬

‫«فاالسم المفرد (اهلل) هو سلطان األسماء‪ ،‬وهو اسم اهلل األعظم‪ ،‬وال يزال‬

‫((( [سورة األنعام‪ ،‬اآلية‪.]91 :‬‬


‫((( حاشية ابن عابدين (‪.)7 -5/1‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 152‬‬
‫المريد يذكره بلسانه ويهتز به حتى يمتزج بلحمه ودمه‪ ،‬وتسري أنواره في كلياته‬
‫وجزئياته‪.(((»...‬‬

‫وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي اهلل عنه‪:‬‬


‫ليكن ذكرك (اهلل‪ ،‬اهلل) فإن هذا االسم سلطان األسماء‪ ،‬وله بساط وثمرة‪،‬‬
‫فبساطه العلم وثمرته النور وليس النور مقصودًا لذاته‪ ،‬بل لما يقع به من الكشف‬
‫والعيان‪ ،‬فينبغي اإلكثار من ذكره واختياره على سائر األذكار لتضمنه جميع ما ‬
‫في (ال إله إال اهلل) من العقائد والعلوم واآلداب والحقائق(((‪.‬‬

‫وقال العالمة علي القاري في شرحه لحديث «ال تقوم الساعة على أحد‬
‫يقول‪ :‬اهلل‪ ،‬اهلل»(((‪:‬‬

‫أي ال يُ ْذ َك ُر اهلل فال يبقى حكمة في بقاء الناس‪ ،‬ومن هنا يعرف أن بقاء‬
‫العالم ببركة العلماء العاملين‪ ،‬والعباد الصالحين‪ ،‬وعموم المؤمنين(((‪.‬‬

‫وال ينبغي للسالك في طريق أهل اهلل أن يكون ورده مقصو ًرا على العدد‬
‫المذكور بل ينبغي له أن يزيد ذكره هلل تعالى‪ ،‬ألن قلب السالك في ابتداء سيره‬
‫كالطفل الصغير‪ ،‬فكما أن الطفل كلما كبر زيدت له كمية الغذاء‪ ،‬كذلك كلما ‬
‫كبر المريد في سيره إلى اهلل تعالى زاد ذكره هلل‪ ،‬ألن الذكر غذاء لقلبه وحياة له‪،‬‬

‫((( تجريد ابن عجيبة على شرح متن األجرومية (‪.)15‬‬


‫((( نور التحقيق (‪.)174‬‬
‫((( أخرجه مسلم في صحيحه (‪.)374‬‬
‫((( مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (‪.)226/5‬‬
‫﴿ ‪﴾ 153‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫مع مراعاة استشارة شيخه‪ ،‬حتى يبقى دائ ًما في حالة اطمئنان وسكينة وثبات‪.‬‬

‫والورد كله بأمر من اهلل عز وجل وبأمر من سيدنا محمد ﷺ من االستغفار‪،‬‬


‫ومن الصالة على سيدنا محمد ﷺ‪ ،‬ومن قول ال إله إال اهلل‪ ،‬فليس ألحد أن‬
‫ينكره أو يتركه‪ ،‬فمن أنكر فلجهله‪ ،‬ومن حرم األوراد في بدايته حرم الواردات في‬
‫نهايته‪ ،‬فعليك باألوراد ولو بلغت المراد(((‪.‬‬
‫ • الوفاء بالعهد‪ :‬هو اإلقرار بالربوبية بقول‪ :‬بلى‪ ،‬حيث قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭲ‬
‫‪ ‬‬

‫ﭳﭴﭵﭶ﴾(((‪.‬‬

‫وهو للعامة‪ :‬العبادة رغبة في الوعد‪ ،‬ورهبة من الوعيد‪.‬‬

‫وللخاصة‪ :‬العبودية على الوقوف مع األمر لنفس األمر وقوفًا عند ما حدَّ‪،‬‬
‫ووفاء بما أخذ على العبد ال رغبة وال رهبة وال ً‬
‫غرضا‪.‬‬

‫ولخاصة الخاصة‪ :‬العبودية على التبرؤ من الحول والقوة‪.‬‬


‫ّ‬
‫وللمحب‪ :‬صون قلبه عن االتساع لغير المحبوب‪.‬‬

‫ومن لوازم الوفاء بعهد العبودية أن ترى كل نقص يبدو منك راجعًا إليك‬
‫وال ترى ً‬
‫كمال لغير ربك‪.‬‬

‫ • الوفاء حبفظ عهد التصرف‪ : ‬أن ال تذهل عن عبوديتك وعجزك في أوقات ‬


‫منحك التصرفات وخرق العادات‪.‬‬

‫((( للتوسع‪ ،‬انظر‪ :‬الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية (باب الورد)‪.‬‬
‫(( ( [سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪.]172 :‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 154‬‬
‫ • الوقت‪: ‬‬

‫حقيقة الوقت عند أهل التحقيق‪:‬‬

‫حادث متوهم علق حصوله على حادث متحقق فالحادث المتحقق وقت‬
‫للحادث المتوهم‪.‬‬

‫تقول‪ :‬آتيك رأس الشهر‪ ،‬فاإلتيان متوهم‪ ،‬ورأس الشهر حادث متحقق‪،‬‬
‫فرأس الشهر وقت اإلتيان‪.‬‬

‫ويقولون‪ :‬الصوفي ابن وقته‪.‬‬

‫يريدون بذلك‪ :‬أنه مشتغل بما هو أولى من العبادات في الحال‪ ،‬قائم بما ‬
‫هو مطلوب به في الحين‪.‬‬
‫بفوات وقت ماض‪ ،‬تضييع وقت ٍ‬
‫ثان‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقيل‪ :‬االشتغال‬

‫وقيل‪ :‬الوقت سيف‪ ،‬كما أن السيف قاطع فالوقت بما يمضيه الحق ويجريه‬
‫غالب‪.‬‬

‫والوقت‪ :‬من استسلم لحكمه نجا‪ ،‬ومن عارضه انتكس وتردَّى‪.‬‬

‫صاحب الوقت‪ :‬هو من استسلم لما يقضيه وقته‪.‬‬

‫صاحب المقت‪ :‬أي من عارض وقته بترك الرضا(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬الرسالة القشيرية (‪ ،)131 -130‬لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام‬
‫(‪.)471 -470‬‬
‫﴿ ‪﴾ 155‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ • الو َْقفَة‪ : ‬هي الحبس بين مقامين‪.‬‬

‫وذلك لعدم استيفاء حقوق المقام الذي خرج عنه وعدم استحقاق دخوله‬
‫في المقام األعلى‪ ،‬وكأنه في التجارب بينهما‪.‬‬
‫ • الوقوف الصادق‪ : ‬هو الوقوف مع مراد الحق‪.‬‬

‫ • الوالية‪ : ‬هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه وذلك بتولي الحق إياه‬
‫حتى يبلغه غاية مقام القرب والتمكين‪.‬‬

‫ • الوله‪ : ‬إفراط الوجد‪.‬‬

‫ • الويل‪ : ‬من تولى الحق أمره‪ ،‬وحفظه من العصيان ولم يخله ونفسه بالخذالن‬
‫حتى يبلغه في الكمال مبلغ الرجال‪ .‬قال اهلل تعالى‪﴿ :‬ﭘﭙﭚ﴾(((‪.‬‬

‫اليقظة‪: ‬‬

‫الفهم عن اهلل في زجره(((‪.‬‬

‫وهي أول منازل السائرين التي يشتمل عليها قسم البدايات الذي هو أول‬
‫المنازل‪.‬‬

‫وقال الشيخ محيي الدين بن عربي‪:‬‬

‫اليقظة هي القومة هلل تعالى من ِسن َ ِة الغفلة‪ ،‬وهي أول منازل السائرين ألن‬

‫(( ( [سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪.]196 :‬‬


‫((( التعريفات (‪.)263‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 156‬‬
‫العبد إذا استيقظ قام وإذا قام سار‪ ،‬فاليقظة هي أول العزم على السير ثم يتلوها ‬
‫القومة إلى المسير لمن أراد ذلك‪ ،‬وبداية اليقظة التفهيم لعلم ما يحتاج العبد إلى‬
‫معرفته(((‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬ﯢﯣﯤﯥ﴾(((‪.‬‬

‫ • اليقني‪: ‬‬

‫لغة‪ :‬العلم الذي ال شك فيه‪.‬‬


‫واليقين هو االعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع‪ ،‬والعلم المستقر في‬
‫القلب لثبوته من سبب متعين له بحيث ال يقبل االتهام(((‪.‬‬
‫واصطال ًحا‪ :‬اليقين‪ :‬هو العلم الذي ال شك فيه وال يوصف به الحق سبحانه‬
‫وتعالى لعدم التوقيف‪ ،‬وقيل‪ :‬هو اعتقاد الشيء مطاب ًقا للواقع غير ممكن الزوال‪.‬‬
‫واليقين‪ :‬هو الوقوف على الحقائق بالكشف(((‪ ،‬وقيل‪ :‬هو رؤية العيان بنور‬
‫اإليمان(((‪.‬‬

‫واليقين‪ :‬هو السكون واالطمئنان لما غاب‪ ،‬بناء على ما حصل اإليمان به‪،‬‬
‫وارتفع الريب عنه‪.‬‬

‫واليقين على ثالثة مقامات‪:‬‬

‫((( لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام (‪.)475‬‬


‫((( [سورة سبأ‪ ،‬اآلية‪.]46 :‬‬
‫((( معجم مقاييس اللغة (‪.)1071‬‬
‫((( جامع األصول (‪.)320‬‬
‫((( لطائف اإلعالم (‪.)476‬‬
‫﴿ ‪﴾ 157‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين‪:‬‬

‫فعلم اليقين‪ :‬ما تعلق به الغيبوبة‪.‬‬


‫وعين اليقين‪ :‬هو ما تعلق به المشاهدة‪.‬‬

‫وحق اليقين‪ :‬هو ما تعلقت به السرية بسر القلب وبقي الوصف(((‪.‬‬

‫وقال أبو سعيد الخراز‪ :‬ذاتية اليقين‪ :‬هي االطمئنان بالحق المبين مع‬
‫االستقامة على الدين(((‪.‬‬

‫وعنــد أهل الحقيقــة‪ :‬اليقين هو رؤيــة العيان بقوة اإليمــان ال بالحجة ‬


‫والبرهان‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬مشــاهدة الغيوب بصفــاء القلوب‪ ،‬ومالحظة األســرار بمحافظة ‬


‫األفكار‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬ارتفاع الريب في مشهد الغيب(((‪.‬‬

‫ • يوم اجلمعة‪ : ‬وقت اللقاء والوصول إلى عين الجمع‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫((( أبواب التصوف (‪.)277‬‬


‫((( الحقائق (‪.)48‬‬
‫((( التعريفات (‪.)364 -363‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 158‬‬

‫الخاتمة‬

‫أسأل اهلل عز وجل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه‪.‬‬


‫قال اهلل عز وجل‪﴿ :‬ﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯ*ﭱﭲﭳ ﭴﭵ ﭶ﴾(((‪.‬‬
‫وإني أسأله جل وعز‪ ،‬وهو خير مسؤول‪ ،‬أن ينفعني والمسلمين بكتابي هذا ‬
‫وجميع كتبي‪.‬‬
‫إنه أرحم الراحمين وأكرم األكرمين‪.‬‬
‫ا وظاهرا وباطنًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وآخر‬
‫ً‬ ‫والحمد هلل ً‬
‫أول‬
‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫لقد كان الفراغ من تأليفه ظهر يوم الخميس ‪/‬يوم عرفة المبارك‪ /‬تاريخ‬
‫تسع من ذي الحجة سنة ألف وأربع مئة وثمان وثالثين من الهجرة النبوية على‬
‫صاحبها أفضل الصالة وأكمل التسليم‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‬
‫وكتبه‬
‫الدكتور يوسف خطار حممد‬
‫عضـو اهليــئـة التدريـسـية يف‬
‫جامعة السلطان حممد الفاتح الوقفية‬

‫((( [سورة الشعراء‪ ،‬اآلية‪.]89 -88 :‬‬


‫﴿ ‪﴾ 159‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫المصادر والمراجع‬
‫ ـ أبواب التصوف ومقاماته وآفاته‪ ،‬العارف باهلل السيد محمد ابن سيدنا الشيخ عبد القادر‬
‫الكيالني‪ ،‬شرحه السيد ميعاد شرف الدين الكيالني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪2010 ،1‬م‪.‬‬
‫ ـ اصطالحات الشيخ محيي الدين بن عربي (معجم اصطالحات الصوفية)‪ ،‬حققه بسام‬
‫عبد الوهاب الجابي‪ ،‬دار اإلمام مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬طـ ‪1411 ،1‬هــ‪1990 /‬م‪.‬‬
‫ ـ اصطالحات الصوفية‪ ،‬الشيخ عبد الرزاق القاشاني‪ ،‬دار الكتب العلمية =‪ ،‬بيروت‪ ،‬طـ‬
‫‪1433 ،2‬هــ‪2012 /‬م‪.‬‬
‫ ـ األدب المفرد‪ ،‬اإلمام البخاري‪ ،‬ت محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪1414 ،‬هـ ‪1993 /‬م‪.‬‬
‫ ـ األربعون في أصول الدين‪ ،‬اإلمام الغزالي‪ ،‬دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪1978 ،‬م‪.‬‬
‫ ـ التصوف والسلوك‪ ،‬أحمد النقشبندي‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1432 ،1‬هـ‪/‬‬
‫‪2011‬م‪.‬‬
‫ ـ التعرف لمذهب أهل التصوف‪ ،‬أبو بكر محمد الكالباذي‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1422 ،‬هـ‬
‫‪2001 /‬م‪.‬‬
‫ ـ الحاوي للفتاوى‪ ،‬اإلمام جالل الدين السيوطي‪ ،‬ت محمد عبد الحميد‪ ،‬المكتبة ‬
‫العصرية‪1411 ،‬هـ‪1990 /‬م‪.‬‬
‫ ـ الخبر الدال على وجود القطب واألوتاد والنجباء واألبدال‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬ت ‬
‫عبد الرحيم أحمد قمحية‪ ،‬مكتبة حسان‪ ،‬ط‪ ،1‬حلب‪1992 ،‬م‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 160‬‬
‫ ـ الرد المحكم المتين‪ ،‬العالمة الشريف عبد اهلل بن الصديق الغماري الحسني‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪1406‬هـ ‪1986 /‬م‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة القاهرة‪.‬‬
‫ ـ الرسالة القشيرية‪ ،‬أبو القاسم القشيري‪ ،‬علق عليه الدكتور عبد الحليم محمود‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫مكتبة أبي حنيفة‪ ،‬سنة ‪2000‬م‪.‬‬
‫ ـ الرؤى واألحالم‪ ،‬ابن حجر العسقالني‪ ،‬دار ابن خلدون‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫ ـ الكليات‪ ،‬أيوب الكفوي أبو البقاء‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1998 ،2‬م‪.‬‬
‫ ـ اللمع‪ ،‬عبد اهلل السراج‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫ ـ الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية‪ ،‬الدكتور يوسف خطار محمد‪ ،‬دار التقوى‪،‬‬
‫سوريا‪ ،‬دمشق‪1433 ،‬هـ ‪2012 /‬م‪.‬‬
‫ ـ الميزان العادل لتمييز الحق من الباطل‪ ،‬عبد القادر عيسى دياب‪ ،‬دار التقوى‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫مكتبة دار العلوم‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1437 ،1‬هـ ‪2016 /‬م‪.‬‬
‫ ـ تاريخ دمشق‪ ،‬ابن عساكر‪ ،‬القسم المطبوع‪.‬‬
‫ ـ تقسيم الخواطر‪ ،‬روزبهان الفسوي‪ ،‬ت أحمد فريد المزيدي‪ ،‬دار اآلفاق العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫ ـ تنوير السائل في حل أسرار المسائل‪ ،‬الدكتور يوسف خطار محمد‪ ،‬دار التقوى‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط‪1431 ،1‬هـ ‪2010 /‬م‪.‬‬
‫ ـ جامع األصول في األولياء‪ ،‬ضياء الدين الكمسخاوي‪ ،‬ت أحمد فريد المزيدي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫ ـ حبة المحبة‪ ،‬محمود بن فضل اهلل اإلسكداري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫ ـ رسالة المسترشدين‪ ،‬الحارث المحاسبي‪ ،‬ت عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬مكتب المطبوعات ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1431 ،12‬هـ ‪2010 /‬م‪.‬‬
‫ ـ سر األسرار‪ ،‬الشيخ عبد القادر الجيالني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫﴿ ‪﴾ 161‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫ ـ سنن ابن ماجه‪ ،‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ ـ سنن الترمذي‪ ،‬ت وشرح أحمد شاكر القاضي‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ ـ شرح السنة‪ ،‬اإلمام الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي‪ ،‬ت شعيب األرناؤوط‬
‫ومحمد زهير الشاويش‪ ،‬ط‪1394 ،1‬هـ‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫ ـ شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬ت خليل مأمون شيحا‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1414‬هـ ‪1994/‬م‪.‬‬
‫ ـ صحيح البخاري‪ ،‬ت محب الدين الخطيب‪ ،‬ومحمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪1414 ،1‬هـ‪/‬‬
‫‪1994‬م‪.‬‬
‫ ـ عوارف المعارف‪ ،‬الشيخ عمر السهروردي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪1966 ،‬م‪.‬‬
‫ ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر العسقالني‪ ،‬طبعة البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1385‬هــ‪.‬‬
‫ ـ كتاب التعريفات‪ ،‬العالمة علي بن محمد الشريف الجرجاني‪ ،‬ت‪ :‬الدكتور محمد عبد‬
‫الرحمن المرعشلي‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1433 ،3‬هـ ‪2012 /‬م‪.‬‬
‫ ـ لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام‪ ،‬الشيخ عبد الرزاق القاشاني‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1424 ،1‬هـ ‪2004 /‬م‪.‬‬
‫ ـ مدارج السالكين‪ ،‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1434 ،1‬هـ ‪2013 /‬م‪.‬‬
‫ ـ معجم مصطلحات الصوفية‪ ،‬الدكتور عبد المنعم الحنفي‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1890‬م‪.‬‬
‫ ـ معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أحمد بن فارس‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت ‪2001‬م‪.‬‬
‫ ـ موسوعة التصوف الميسرة‪ ،‬تأليف جماعة من المختصين‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪1436‬هـ‪2015 /‬م‪.‬‬
‫ ـ نظرات في التصوف اإلسالمي‪ ،‬الدكتور محمد رضا بشير القهوجي‪ ،‬دار الكلم الطيب‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1424 ،1‬هـ ‪2004 /‬م‪.‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 162‬‬

‫الفهرس‬

‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫األقطاب واألبدال والنجباء والنقباء‬ ‫المقدمة ‪5 ..............................‬‬
‫واألخيار‪20 ..............................‬‬ ‫االتحاد والحلول ‪7 .....................‬‬
‫اإللهام‪23 ................................‬‬ ‫اإلجازة‪10 ...............................‬‬
‫األنانة‪25 .................................‬‬ ‫اإلحسان ‪10 .............................‬‬
‫األنانية‪25 ................................‬‬ ‫األحوال ‪11 ..............................‬‬
‫االنتباه‪25 ................................‬‬ ‫أخذ العهد (المبايعة) ‪11 .................‬‬
‫االنزعاج‪25 ..............................‬‬ ‫اإلخالص‪12 ............................‬‬
‫األنس ‪25 ................................‬‬ ‫األدب‪12 ................................‬‬
‫الباطل‪26 ................................‬‬ ‫اإلرادة‪18 ................................‬‬
‫البدنة ‪27 .................................‬‬ ‫االستدراج‪18 ............................‬‬
‫البرزخ‪27 ................................‬‬ ‫االسم ‪19 ................................‬‬
‫البرق ‪27 .................................‬‬ ‫االسم األعظم‪19 ........................‬‬
‫البصيرة‪27 ...............................‬‬ ‫اإلشارة‪19 ...............................‬‬
‫البقرة ‪28 .................................‬‬ ‫االصطالم ‪20 ............................‬‬
‫البكاء‪28 .................................‬‬ ‫األفراد‪20 ................................‬‬
‫البوادة ‪28 ................................‬‬ ‫األفق األعلى ‪20 .........................‬‬
‫بيت اإلخالص ‪28 .......................‬‬ ‫األفق المبين‪20 ..........................‬‬
‫﴿ ‪﴾ 163‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫الجرس‪36 ...............................‬‬ ‫بيت العزة‪29 .............................‬‬
‫الجالل ‪36 ...............................‬‬ ‫البيت المحرم ‪29 ........................‬‬
‫جلْوة‪37 ................................‬‬
‫ال َ‬ ‫البيت المقدس ‪29 .......................‬‬
‫الجمال‪37 ...............................‬‬ ‫التأنيس ‪29 ...............................‬‬
‫جمع الجمع‪37 ..........................‬‬ ‫التبتّل‪29 .................................‬‬
‫الجمع والفرق‪37 ........................‬‬ ‫التجريد‪29 ...............................‬‬
‫الجمعية ‪40 ..............................‬‬ ‫التجلي ‪30 ...............................‬‬
‫جنة الذات‪40 ............................‬‬ ‫التحلي ‪31 ...............................‬‬
‫جنة الصفات ‪40 .........................‬‬ ‫التخلي ‪31 ...............................‬‬
‫جنة الوراثة ‪40 ...........................‬‬ ‫التداني‪31 ................................‬‬
‫جهاد النفس ‪40 ..........................‬‬ ‫الترقي ‪31 ................................‬‬
‫الجوع ‪40 ................................‬‬ ‫التزكية‪31 ................................‬‬
‫الحال ‪41 ................................‬‬ ‫التصوف‪32 ..............................‬‬
‫الحجاب ‪42 .............................‬‬ ‫التفرقة‪33 ................................‬‬
‫الحرف ‪42 ...............................‬‬ ‫التفريد‪33 ................................‬‬
‫الحرية‪42 ................................‬‬ ‫التفسير اإلشاري‪33 ......................‬‬
‫حرية العامة‪42 ...........................‬‬ ‫التكية‪34 .................................‬‬
‫حرية الخاصة‪43 .........................‬‬ ‫التلوين ‪35 ...............................‬‬
‫حرية خاصة الخاصة ‪43 .................‬‬ ‫التمكين ‪35 ..............................‬‬
‫الحضرة ‪43 ..............................‬‬ ‫الجبروت‪36 .............................‬‬
‫الحضور‪45 ..............................‬‬ ‫الجذب‪36 ...............................‬‬
‫الحق ‪45 .................................‬‬ ‫الجذبة‪36 ................................‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 164‬‬
‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫الزهد‪57 .................................‬‬ ‫الحكمة‪45 ...............................‬‬
‫الزوائد‪58 ................................‬‬ ‫الخاتم‪46 ................................‬‬
‫السابقة ‪59 ...............................‬‬ ‫خرقة التصوف‪46 ........................‬‬
‫السالك‪59 ...............................‬‬ ‫خلع العادات ‪46 .........................‬‬
‫حة ‪59 ...............................‬‬
‫السبْ َ‬
‫ِّ‬ ‫الخلوة‪47 ................................‬‬
‫الستر ‪59 .................................‬‬ ‫الخواطر‪49 ..............................‬‬
‫الستر والتجلي‪59 ........................‬‬ ‫ال ُّد َّرة البيضاء ‪50 .........................‬‬
‫سجود القلب‪60 .........................‬‬ ‫الدرويش‪50 .............................‬‬
‫السحق ‪60 ...............................‬‬ ‫ذخائر اهلل ‪50 .............................‬‬
‫السر‪60 ..................................‬‬ ‫الذهاب‪51 ...............................‬‬
‫السفر‪62 .................................‬‬ ‫الذوق والشرب ‪51 ......................‬‬
‫السكون ‪62 ..............................‬‬ ‫الرابطة الشريفة ‪52 .......................‬‬
‫السكينة‪63 ...............................‬‬ ‫الرداء‪54 .................................‬‬
‫ِّ‬
‫السكينة والوقار‪63 .......................‬‬ ‫الرعاية‪54 ................................‬‬
‫السماع ‪63 ...............................‬‬ ‫الرعونة ‪56 ...............................‬‬
‫الس ْم ِسمة ‪65 .............................‬‬
‫ِّ‬ ‫الرغبة ‪56 ................................‬‬
‫الشائبة‪65 ................................‬‬ ‫الرهبة ‪56 ................................‬‬
‫الشاهد ‪65 ...............................‬‬ ‫الروح ‪56 ................................‬‬
‫الشجرة‪65 ...............................‬‬ ‫الرؤية‪56 .................................‬‬
‫الشريعة والطريقة والحقيقة ‪65 ...........‬‬ ‫الرياضة‪56 ...............................‬‬
‫الشطح ‪67 ...............................‬‬ ‫الزاجر‪57 ................................‬‬
‫شواهد الحق ‪69 .........................‬‬ ‫ال ُّز ُم ُّردَة ‪57 ...............................‬‬
‫﴿ ‪﴾ 165‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫عالم الرؤيا ‪75 ...........................‬‬ ‫الشوق‪69 ................................‬‬
‫عالم الملك والملكوت ‪79 ..............‬‬ ‫الشيخ ‪70 ................................‬‬
‫العبادة ‪80 ................................‬‬ ‫الصحو والسكر ‪70 ......................‬‬
‫ُّ‬
‫العبودة ‪80 ...............................‬‬ ‫الصدّيق ‪71 ..............................‬‬
‫العبودية‪80 ...............................‬‬ ‫الصعْق ‪71 ...............................‬‬
‫َّ‬
‫العُقاب ‪80 ...............................‬‬ ‫الصفوة ‪71 ...............................‬‬
‫ال ِعلّة‪80 ..................................‬‬ ‫الصوفي ‪71 ..............................‬‬
‫العيد‪80 ..................................‬‬ ‫الضياء‪73 ................................‬‬
‫ال ُغراب ‪80 ...............................‬‬ ‫الطالع ‪73 ................................‬‬
‫الغربة‪81 .................................‬‬ ‫الطاهر‪73 ................................‬‬
‫ال ِغشاوة‪82 ...............................‬‬ ‫طاهر الظاهر‪73 ..........................‬‬
‫الغوث‪82 ................................‬‬ ‫طاهر الباطن‪73 ..........................‬‬
‫الغيب ‪82 ................................‬‬ ‫طاهر السر ‪73 ............................‬‬
‫ّ‬
‫الغيبة والحضور ‪82 ......................‬‬ ‫طاهر السر والعالنية ‪73 ..................‬‬
‫ّ‬
‫الغين ‪83 .................................‬‬ ‫الطريقة ‪73 ...............................‬‬
‫الفتح القريب ‪83 .........................‬‬ ‫الطمأنينة‪73 ..............................‬‬
‫الفتح المبين ‪83 ..........................‬‬ ‫الطوالع‪74 ...............................‬‬
‫الفتح المطلق‪83 .........................‬‬ ‫ال ِّظل‪74 ..................................‬‬
‫الفترة ‪84 .................................‬‬ ‫الظُّلمة‪74 ................................‬‬
‫الفت ّوة‪84 .................................‬‬ ‫العارف‪75 ...............................‬‬
‫الفتوح‪84 ................................‬‬ ‫عالم األمر‪75 ............................‬‬
‫الفراسة‪86 ...............................‬‬ ‫خلْق‪75 ...........................‬‬
‫عالم ال َ‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 166‬‬
‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫الكنود ‪101 ................................‬‬ ‫الفصل‪88 ................................‬‬
‫كوكب الصبح ‪101 ........................‬‬ ‫الفقير‪88 .................................‬‬
‫الكون ‪101 ................................‬‬ ‫الفناء والبقاء‪88 ..........................‬‬
‫الكيمياء ‪101 ..............................‬‬ ‫القبض والبسط ‪89 .......................‬‬
‫كيمياء السعادة‪101 ........................‬‬ ‫القدم ‪91 .................................‬‬
‫اللب ‪102 .................................‬‬
‫ّ‬ ‫قدم الصدق‪91 ...........................‬‬
‫اللطيفة ‪102 ...............................‬‬ ‫القرب القدسي ‪91 .......................‬‬
‫اللوامع ‪102 ...............................‬‬ ‫القرب والبعد‪92 .........................‬‬
‫اللوائح ‪102 ...............................‬‬ ‫القشر‪94 .................................‬‬
‫ال َمثَل‪103 .................................‬‬ ‫القطبية الكبرى ‪94 .......................‬‬
‫المجاهدة‪103 .............................‬‬ ‫القلب ‪94 ................................‬‬
‫المجذوب‪105 ............................‬‬ ‫القلم ‪94 .................................‬‬
‫مجمع البحرين ‪106 .......................‬‬ ‫القوامع ‪94 ...............................‬‬
‫المحادثة‪106 ..............................‬‬ ‫القيام باهلل‪95 .............................‬‬
‫المحاضرة‪106 ............................‬‬ ‫القيام هلل ‪95 ..............................‬‬
‫المحبة‪107 ................................‬‬ ‫القيامة ‪95 ................................‬‬
‫المحفوظ‪108 .............................‬‬ ‫الكتاب المبين‪96 ........................‬‬
‫المحق‪108 ................................‬‬ ‫الكرامة ‪96 ...............................‬‬
‫محو أرباب السرائر‪108 ...................‬‬ ‫الكرسي ‪98 ..............................‬‬
‫محو أرباب الظاهر ‪108 ...................‬‬ ‫الكشف ‪98 ..............................‬‬
‫المحو واإلثبات ‪108 ......................‬‬ ‫كلمة الحضرة‪101 .........................‬‬
‫المدد‪109 .................................‬‬ ‫الكمال ‪101 ...............................‬‬
‫﴿ ‪﴾ 167‬‬ ‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص‬

‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫الموت األخضر ‪139 ......................‬‬ ‫المذاكرة‪122 ..............................‬‬
‫الموت األسود ‪139 .......................‬‬ ‫المراد ‪126 ................................‬‬
‫الميزان ‪139 ...............................‬‬ ‫المراقبة‪126 ...............................‬‬
‫الن َّ ْفس ‪140 ................................‬‬ ‫المرشد‪128 ...............................‬‬
‫النفس اللوامة‪140 .........................‬‬ ‫المريد ‪133 ................................‬‬
‫النفس المطمئنة‪140 .......................‬‬ ‫المسامرة ‪134 .............................‬‬
‫النور‪141 ..................................‬‬ ‫المستهلك‪134 ............................‬‬
‫النون ‪141 .................................‬‬ ‫مشارق الفتح ‪134 .........................‬‬
‫الهجوم‪141 ...............................‬‬ ‫مشارق شمس الحقيقة ‪134 ...............‬‬
‫الهمة ‪141 .................................‬‬ ‫المشاهدة‪134 .............................‬‬
‫همة أرباب الهمم العالية‪141 ..............‬‬ ‫المطالعة‪135 ..............................‬‬
‫الهواجس‪141 .............................‬‬ ‫المعرفة‪135 ...............................‬‬
‫الهوى ‪141 ................................‬‬ ‫المفتاح األول ‪136 ........................‬‬
‫ال ُهوية ‪141 ................................‬‬ ‫مفرح األحزان ومفرج الكروب‪136 .......‬‬
‫الهيبة ‪142 .................................‬‬ ‫المقام ‪137 ................................‬‬
‫الوارد‪142 .................................‬‬ ‫المكاشفة‪137 .............................‬‬
‫الواقعة‪143 ................................‬‬ ‫المكانة ‪138 ...............................‬‬
‫الوجد والتواجد والوجود والوجدانيات ‪143 .‬‬ ‫المكر‪138 .................................‬‬
‫وجه الحق‪144 ............................‬‬ ‫المناصفة ‪138 .............................‬‬
‫وجها العناية ‪144 ..........................‬‬ ‫ال ِمنَصة ‪138 ...............................‬‬
‫الوجود ‪144 ...............................‬‬ ‫الموت ‪139 ...............................‬‬
‫وحدة الوجود ‪145 ........................‬‬ ‫الموت األبيض‪139 .......................‬‬
‫ةيفوصلا تاحلطصم ةوفص ‬ ‫﴿ ‪﴾ 168‬‬
‫الموضوعالصفحة‬ ‫الموضوعالصفحة‬
‫الولي‪155 .................................‬‬ ‫الورد ‪147 .................................‬‬
‫اليقظة ‪155 ................................‬‬ ‫الوفاء بالعهد‪153 ..........................‬‬
‫اليقين‪156 .................................‬‬ ‫الوفاء بحفظ عهد التصرف ‪153 ...........‬‬
‫يوم الجمعة‪157 ...........................‬‬ ‫الوقت‪154 ................................‬‬
‫الخاتمة‪158 ...............................‬‬ ‫الوق ْ َفة ‪155 ................................‬‬
‫َ‬
‫المصادر والمراجع‪159 ...................‬‬ ‫الوقوف الصادق‪155 ......................‬‬
‫الفهرس ‪163 ..............................‬‬ ‫الوالية‪155 ................................‬‬
‫الوله‪155 ..................................‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

You might also like