بعض صعوبات تعلم النحو عند الطلاب - الأسباب والحلول
بعض صعوبات تعلم النحو عند الطلاب - الأسباب والحلول
                                                            106
 تشرين األول 2019               مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                   العدد 45
والمنهج المتبع في الدراسة هو المنهج الوصفي التحليلي ،وقد خلصت الدراسة إلى العديد من النتائج ،التي من
                                                                                                                            أهمها:
                           .1يواجه الطلب صعوبات ومشكلت جمة في تعلم مادة النحو العربي؛ وذلك ي ِ
صعب عليهم فهم اللغة العربية؛ ُ
                                    فتظهر الشكوى من العربية ،ويكثر النفور منها وعدم الرغبة في تعلمها.
    .2هنالك مساحة واسعة بين ما يدرسه طلب الجامعات غير المختصين في اللغة العربية وما يحتاجونه فعليًّا
   عند ممارسة حياتهم المهنية في تخصصاتهم المختلفة ،فهم يحتاجون إلى مقررات تنمي مهاراتهم في تلوة
                    القرآن الكريم ،وتوظيف علمات الترقيم وقواعد اإلملء ،وإلقاء الخطب ودراسة األحاديث.
   .3نظرية النحو الوظيفي من أنجع النظريات ،فهي ملئمة لتعليم وتدريس النحو العربي ،ومهمة لتجديد طريقة
                                                                                        تدريسه؛ َّ
                            ألن النحو الوظيفي يسعى لتمكين المهارات وأدائها بالصورة الصحيحة.
                                                                                                             الكلمات المفتاحية
                               *صعوبات :نقصد بها المشاكل التي تعوق فهم واستيعاب الطلب للنحو العربي.
                        *تعلم :ممارسة وتكرار مهارات اللغة المختلفة وقواعد النحو وإتقانهما بعيدا عن األخطاء.
*الطلب :نقصد بهم طلب مرحلة التعليم العام(أساس – ثانوي) وطلب الجامعات غير المختصين في اللغة
                                                                                                                          العربية.
                                                               *األسباب :العوامل التي وقفت عائقا أمام تعلم الطلب.
                                                *الحلول :المقترحات التي تسهم في تذليل صعوبات تعلم الطلب.
                                                         بعض صعوبات تعلم النحو عند الطالب  -األسباب والحلول
أن قضية تعليم النحو العربي ألبنائنا الطلب من القضايا المهمة التي تشغل البال والفكر ،وتؤرق كل
                                                                                          ال شك َّ
                                                                   المعنيين باللغة العربية ،السيما و َّ
أن فكرة صعوبة النحو العربي من األفكار التي شاعت بين الناس ،وكانت سببا
صعب لذاته أم طريقة تدريسه؟ٌ    مباشر في نفور الطلب من دراسة النحو العربي ،والسؤال عن النحو العربي :أهو
                                                                                                 ا
أن طريقة تقديمه لم تكن تسهل تعلمه ،فالنحو ليس صعبا لذاته ،فموضوعاته سهلة اإلدراك ،وقواعده قريبةأعتقد َّ
                                                                                                   ُ
           المنال ،ولكن المشكلة التي ما زالت قائمة هي عجز الطلب عن استعمال القواعد ،فهم يعرفون َّ
أن الفاعل اسم
                                                        مرفوع ،ولكن حين يكتبون أو حين يتحدثون ال يطبقون ذلك(.)1
أن تتناول أقلم المختصين على اختلف آرائهم هذه القضية بالتشخيص والتعليل ،مما يساعد على تحسين
                                                                                        وجمي ٌل ْ
صورة العربية والنحو العربي في أذهان الناس ،ويسهم في تذليل بعض صعوبات تعلم النحو عند الطلب ،الشيء
                                                                          الذي يصب في مصلحة العربية والطلب معا.
فمن خلل عملي مدرسا للغة العربية عبر مراحل التعليم المختلفة لعدد من السنوات وتخصصي في تدريس مادة
الحظت-كما الحظ غيري من العاملين في التعليم والتدريس-المعاناة التي يعانيها
                                                                    ُ     النحو العربي لطلب الجامعات،
                                                           107
 تشرين األول 2019              مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                   العدد 45
الطلب من فهم مادة النحو العربي واستيعابها-خاصة طلب مرحلة التعليم العام(أساس – ثانوي) وطلب الجامعات
مباشر
ا     غير المختصين في اللغة العربية -والصعوبات والمشكلت التي تواجههم ،هذه الصعوبات التي كانت سببا
في ضعف لغتهم العربية من حيث األداء المنطوق والمكتوب ،وكثرة األخطاء النحوية واإلملئية وشيوعها في
                                                                                                       كتاباتهم.
هذا الواقع كان دافعا لهذه الدراسة؛ لتناقش بعضا من صعوبات تعلم النحو عند الطلب ،وتذلل هذه الصعوبات
                                   وتقترح حلوال للمشكلت؛ حتى يسهل فهم الطلب واستيعابهم للنحو العربي.
                ليست دراسة ميدانية و َّإنما هي دراسة نظرية اعتمدت على معلومات وتقارير ،ولم ْ
تقم على تحديد مجتمع                                                                     ْ    والدراسة
                                                                          أو اختيار عينة من الطلب.
                                                                                                مشكلة الدراسة:
تتلخص في السؤال :ما الصعوبات والمشكالت التي يواجهها طالب التعليم العام وطالب الجامعات غير المختصين
                                                                          في اللغة العربية في تعلم النحو العربي؟
وفي الدراسة إجابات عن بعض التساؤالت المتعلقة بالمشكلة :ما هي أسباب تلك الصعوبات وعواملها؟ وكيف يمكن
التغلب عليها؟ وما هي المقترحات لتذليل تلك الصعوبات؟ وما هي الحلول لتلك المشكلت؟ وهل طلب الجامعات
غير المختصين في اللغة العربية في حاجة إلى دراسة كل هذا الكم من مادة النحو العربي؟ وما هي احتياجاتهم
    منه حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم حسب تخصصاتهم المختلفة؟ وأي طرق التدريس التي تناسب تعلمهم؟.
                                                                                                 أهمية الدراسة:
تنبع من أهمية اللغة العربية ومكانتها فهي مفتاح كتاب هللا تعالى ،حيث نزل بها؛ وهذا أعظم فخر وتشريف لها؛
مهما وحيويًّا ال يمكن االستغناء عنه في معظم
                                        علوة على ذلك فالدراسة مرتبطة بمكانة النحو العربي بوصفه علما ًّ
                                         التخصصات النظرية والعلمية في ظل سياسة تعريب التعليم الجامعي.
                                                                                                 أهداف الدراسة:
   -1بيان بعض صعوبات تعلم النحو العربي وعواملها لدى طلب مدارس التعليم العام(أساس -ثانوي) وطلب
                                          الجامعات غير المختصين في اللغة العربية ،وتشخيص أسبابها.
      -2تذليل صعوبات تعلم النحو واقتراح حلول للمشكلت التي تواجه الطلب ،حتى يسهل فهمهم واستيعابهم
  للنحو العربي ،وتقوى لغتهم الوطنية من حيث األداء المنطوق والمكتوب ،وتصح عندهم األخطاء اإلملئية
                                                                                                  والنحوية.
     -3تنمية المهارات اللغوية لطلب الجامعات غير المختصين في اللغة العربية ،ورفع قدراتهم للقيام بواجباتهم
                                       على الوجه األمثل في حياتهم المهنية حسب تخصصاتهم المختلفة.
                                                                                                  منهج الدراسة:
                                                    المنهج المتبع في هذه الدراسة هو المنهج الوصفي التحليلي.
                                                      108
 تشرين األول 2019                 مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                              العدد 45
                                                                                                          محتويات الدراسة:
                                                        قامت الدراسة على مقدمة وتمهيد وأربعة محاور ،ثم الخاتمة.
أما المحور األول فكان                                                                      في التمهيد َّ
                   وضح الباحث أهمية علم النحو ومكانته بوصفه عماد اللغة والعلوم اللسانية ،و َّ
الحديث فيه عن مناقشة صعوبات تعلم النحو عند الطلب ،أسبابها وعواملها ،وفي المحور الثاني وقف الباحث
على طبيعة المقررات التي يحتاجها طلب الجامعات غير المختصين في اللغة العربية وطرق التدريس التي تناسب
أن تسهم تعلمهم ،وأما والمحور الثالث فكان الحديث فيه عن النحو الوظيفي بوصفه واحدا من الحلول التي يمكن ْ
حيث مفهومه ومبادئه ،أهميته وأهدافه ،مميزاته والفائدة
                                                   في تذليل صعوبات تعلم النحو عند الطلب؛ وذلك من ُ
لعلها تساعد في حل مشكلة تعلم النحو عند   المرجوة منه ،وفي المحور الرابع قدم الباحث بعض المقترحات والحلول َّ
                                                                                                                     الطلب.
                               وفي الخاتمة عرض الباحث أهم النتائج التي توصل إليها ،ورفع بعض التوصيات.
                                                                                                                         تمهيد
                                                                                        أهمية علم النحو العربي ومكانته
علم النحو هو عماد اللغة والعلوم اللسانية ،وال يمكن ألي علم من هذه العلوم االستغناء عنه؛ ألن النحو فيها بمثابة
الملح في الطعام ،ومعالم النحو العربي اتضحت ،وقواعده أُرسيت ،وأهدافه نضجت ،وعناصره تكاملت بعد النصف
الثاني من القرن الثاني من الهجرة ،القرن الثامن للميلد وتمثل بكتاب سيبويه ،الذي ُيعد بحق أول كتاب متكامل
                                                               نعثر عليه في النحو والصرف العربيين(.)6
وابن جني يشير إلى أهمية علم النحو العربي ومكانته ،حيث يقول":النحو هو انتحاء سمت كلم العرب في تصرفه
من إعراب وغيره ،كالتثنية ،والجمع ،والتحقير ،والتكسير ،واإلضافة والنسب وغير ذلك؛ ليلحق من ليس من أهل
                                              اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها ،وإن لم يكن منهم وإن َّ
              شذ بعضهم عنها ُرَّد به إليها"(.)7
فابن جني يؤكد أنه ال سبيل إلى امتلك اللغة والفصاحة اللسانية َّإال بمعرفة النحو ،فهو يعمل على عصمة اللسان
                  ويجنب الوقوع في األخطاء.                                         ِ
                                             من الخطأ ،وهو القياس الذي ُيعل ُم استعمال اللغة استعماال صحيحاُ ،
                                         َّ
بية":إن منزلة النحو من العلوم اللسانية منزلة   ويقول الدكتور عباس حسن في أهمية هذا العلم ومكانته من اللغة العر
الدستور من القوانين الحديثة ،وهو أصلها الذي تستمد عونهن وتستلهم روحه ،وترجع إليه في جليل مسائلها ،وفروع
تشريعها ،ولن تجد علما من تلك العلوم يستقل بنفسه عن النحو أو يستغني عن معونته أو يسترشد بغير نوره
                                                                                                                     وهداه"(.)8
  ولعلم النحو هدفان رئيسان هما:الهدف النظري الذي يسعى إلى تزويد القارئ بمعلومات عامة وشاملة عن اللغة.
عون ،حسن عون ،دراسات في اللغة والنحو ،ط1952 ،1م.51/2 ، )( 6
                           )(7جني،أبو الفتح عثمان ابن جني ،الخصائص ،تحقيق/محمد علي النجار ،دار الكتاب العربي ،بيروت (د.ت).33/1 ،
                                       حسن ،عباس حسن ،اللغة والنحو بين القديم والحديث ،دار المعارف ،القاهرة ،ط1971 2م ،ص.66   )( 8
                                                          109
 تشرين األول 2019                      مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                               العدد 45
والهدف الوظيفي الذي يرمي إلى مساعدة المتعلم على تطبيق تلك المعارف التي اكتسبها من قبل ،ويتم له ذلك عن
                                                                               ِ
ويكسب الثقة للمتعلم والمعلم معا ،وهو
                                  ممتع ُيعمل الذهن والعقل ُ
                                                       ٌ    طريق الممارسة والتدرب المستم َّرْي ِن ،فالنحو ٌ
                                                            علم
َّ
بقوله":إن وسيلة وليس غاية ،يعتمد عليه المتكلم في إتقان لغته وتقويمها؛ وذلك ما أمن عليه علي أحمد مدكور،
                                                 النحو من علوم المقاصد ،مرماه سلمة االتصال اللغوي نطقا وكتابة(.)9
قدر وأنفعها أثرا ،به ننطق فصيحا ،ونكتب صحيحا ،وقد صدق إسحاق بن خلف
                                                               فعلم النحو من أسمى العلوم ا
                                                                                                            البرهاني في قوله(:)10
                                  والمرُء تكرمه إذا لم يلحن             لسان األلكن          من     يبسط       النحو
                                                       ُّ
                                          فأجلها منها م ِّّ
                                  قيم األلسن                                        وإذا طلبت من العلوم َّ
                                                                                  أجلها
                                              ُ
                                                                                                                     المحور األول
                                                      املها
                                                         أسبابها وعو ُ
                                                                 صعوبات تعلم النحو عند الطالبُ -
هناك صعوبات ومشكلت متعددة يواجهها طلب مرحلة التعليم العام وطلب الجامعات غير المختصين في اللغة
                                       العربية في تعلم النحو العربي ،سنناقش بعضا منها موضحين أسبابها وعواملها.
                                                                  -1المادة النحوية غير المناسبة في المناهج التعليمية:
                                                                                             الملحظ َّ
أن المادة النحوية بقيت في الكتب المقررة على تنظيمها وفق منطق الكبار ،فهي مرتبة طبقا لوجهة نظرهم
كثير من
    في أهميتها وصعوبتها وسهولتها ،وهي في معظم الكتب والمقررات نوع من التحليل الفلسفي ،فيها ٌ
                                                              المصطلحات والحدود والتعريفات( ،)11كما َّ
أن تأليف كتب النحو وتطويرها يولي اهتماما أساسيًّا للتحديد المسبق
لحجم المعارف المعطاة ،دون التطرق إلى أساسيات العلم ،وبعض المناهج تفتقد إلى فكرة الترابط بين المفاهيم
                                                                                                                            النحوية.
                                                                                  والواضح َّ
أن صورة تعلم النحو في المؤسسات التعليمية تبدو فيها صعوبات في الفهم ،وضعف في التطبيق،
درس في المناهج اضع غير قليلة في المناهج؛ وعليه ننبه إلى أهمية مراجعة المادة النحوية التي تُ َّ
                                                                                            واضطراب مو َ
التعليمية ،فهذه المناهج تحتاج إلى مادة نحوية تعليمية مناسبة تُعد للمتعلمين والدارسين وفق المقاييس العلمية،
                     كل مرحلة من مراحل التعليم؟والتربوية ،والنفسية ،والسؤال:ماذا نريد أن نعلِم هؤالء الطلب في ِ
فقواعد النحو يجب أن تكون وسيلة لتحقيق غاية ،إ ْذ البد من وضوح أهداف تعليم العربية والنحو العربي في ِ
كل
                                            مرحلة من مراحل التعليم ،واختيار القواعد النحوية التي تحقق تلك األهداف.
                                           )(9مدكور ،علي أحمد مدكور ،تدريس فنون اللغة العربية ،مكتبة الفالح ،الكويت ،ط1984 1م ،ص.249
                                                   )(10الطنطاوي ،محمد الطنطاوي ،نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة ،دار المعارف 1995م ،ص.4
 نقال عن :صاري ،محمد صاري تيسير النحو موضة أم
                                          )(11من مالحظات لجنة تيسير اللغة العربية التي أُلفت عام 1983م بقرار وزارة المعارف المصرية – ً
                                             ضرورة ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،جامعة عنابة ،بحث منشور ،منتديات تخاطب 2012م ،ص.3
                                                               110
 تشرين األول 2019                       مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                  العدد 45
مهما:أ يشترك المسئولون في مراحل التعليم المختلفة(معلمون وأساتذة جامعيين ومختصون ال آخر أحسبه ًّ وسؤ ٌ
        وموجهون وخبراء)مشاركة فعلية في وضع تلك المناهج أم َّأنها تُوضع وفق رؤية فردية وتجربة ذاتية؟.
أن مشاركتهم ضعيفة تكاد تكون منعدمة ،ووضع المناهج في الغالب يخضع للرؤية الفردية والتجربة الذاتية.
                                                                                              ال شك َّ
               أن المادة النحوية المقدمة في معظم المناهج التعليمية تحتاج إلى إعادة نظر وترتيب؛ َّ
ألن تدريس النحو في                                                                             ويبدو َّ
                                                       األساس يتم عبر النص المتكامل ،وهذا ما ال نلحظه بشكل واضح.
وفي إطار إعادة النظر وترتيب المادة النحوية المقدمة في المناهج التعليمية؛ ينبغي االقتصار على األبواب التي
لها صلة بصحة الضبط ،وتأليف الجمل تأليفا صحيحا ،واختيار القواعد التي لها أهمية وظيفية ،واالتجاه إلى الناحية
العملية في أبواب النحو والصرف ،والتدرج في عرض أبواب القواعد ،وجعل المادة النحوية في شكل وحدات ،تشمل
كل وحدة عدد من األب واب المتجانسة أو متحدة الغاية ،مع التركيز على التمرينات التطبيقية حول نصوص أدبية
مع اإلكثار منها والعناية بتنوعها ،والحرص على عرض الموضوعات الثقافية ،والقصص الشائقة الصالحة للقراءة
                                                                                                                          والتطبيق(.)12
                                                                                      -2غياب التكاملية اللغوية في التدريس:
االتجاه المتوارث والسائد في تدريس قواعد النحو ،هو فصل القواعد من فروع اللغة األخرى وتدريسها مستقلة ،وتدريس
درس النحو مدمجا مع فروع اللغة األخرى النحو بهذه الطريقة يمثل واحدة من مشكلت تعلم النحو؛ فينبغي أن ُي َّ
             (االتجاه التكاملي) وأن يكون له دور في فروع اللغة األخرى ،كالقراءة ،والتعبير ،والمحفوظات؛ َّ
ألنه ال فائدة من
            تدريس قواعد النحو منفصلة في دروس مستقلة ،فتنمية الملكات تكون بالمحاكاة والتقليد ال بالقواعد؛ َّ
ألن اللغة ُوجدت
قبل التقعيد النحوي ،والعرب كانوا فصحاء بلغاء من غير دراسة القواعد أو التدرب عليها ،و َّإنما كانوا يتحدثون على
                                                                                                                            السليقة(.)13
                             وتدريس قواعد النحو مدمجة مع الفروع األخرى فيه العديد من الفوائد ،حيث تُ َّ
درس القواعد من خلل نصوص اللغة،
و ُي ْد َرس النص دراسة لغوية من جوانبه المختلفة ،من حيث الصوت والمبنى ،والتركيب ،والمعنى ،والبلغة ،والداللة،
                                          وهذه الطريقة تقوم على أساسين هما :األساس اللغوي ،باعتبار َّ
أن اللغة ظاهرة كلية ال تقبل التجزئة ،واألساس
   أن أصدق أنواع التعليم ما يجعل المتعلم يتفاعل فيه مع خبرة كلية مباشرة ذات معنى ومغزى(.)14
                                                                                         التربوي ،وهو َّ
                                            )(12إبراهيم ،عبد العليم إبراهيم ،الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية ،دار المعارف ،ط(14د.ت) ص.209
   )(13وداعة ،مرتضى فرح وداعة ،اتجاهات تدريس النحو في العصر الحديث وطرق التدريس التي تتناسب معها في تدريس الناطقين بغيرها ،كلية اآلداب
                                                                                            والعلوم االجتماعية ،جامعة فطاني ،تايالند ،ص.5
         ) (14الدليمي ،طه علي حسن والوائلي ،سعاد عبد الكريم ،اتجاهات حديثة في تدريس اللغة العربية ،عالم الكتب الحديثة ،ط ، 1األردن ،ص .223
                                                                 111
 تشرين األول 2019                       مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                العدد 45
شابت هذا االتجاه التكاملي في تدريس القواعد بعض النواقص ،المتمثلة في صعوبة العثور على نص يتضمن
                                                                                         ْ    وربما
أمثلة تغطي كل القواعد النحوية ،بجانب التكلف في كثير من النصوص التي تُصنع بهدف تدريس القواعد ،باإلضافة
                                                                                                                       إلى َّ
                                                                             أن األمثلة قد ال ترد متسلسلة مع القواعد(.)15
ويمكن إكمال هذه النواقص بالرجوع إلى أمهات الكتب التي تحفل بالعديد من النصوص المناسبة ،فالتكاملية اللغوية
                                                 خير طريق لممارسة النحو مع التركيز على النحو التركيبي ال اإلفرادي.
                                                                           -3إهمال ضبط النصوص بالشكل عند التدريس:
ألن الضبط يساعد في القراءة الصحيحةأمر ضروري في تعلم العربية؛ َّ                                        َّ
                                                                إن مسألة ضبط الكلمات بالعلمات اإلعرابية ٌ
الكلمات
 ُ      أن الكثير من الكلمات ال يتضح معناها َّإال بعد ضبطها ،فبالضبط تُق أر
                                                                         اللبس عنها ،خاصة َّ
                                                                                       للكلمات ،ويزيح َ
قراءة صحيحة سليمة ،مما يساعد على الفهم السريع والجيد للنصوص ،وإهمال التشكيل وعدم إعطائه األهمية التي
يستحقها_كما هو الحال في المدارس والجامعات_يؤدي إلى الغموض وعدم الفهم الجيد للنصوص( ،)16وهذا بدوره
در ُس من خلل                                                                                     ي ِ
             صع ُب مهمة المتعلم والدارس في استنباط القاعدة من النصوص ،مع ملحظة أن النحو أصلال ُي َّ ُ
                                                                                      نصوص كاملة.
                                                                                              -4طرق التدريس غير المناسبة:
قائم بذاته ،و قبل الحديث عنه نوضح مفهوم التدريس
                                           علم ٌتُعد طرق التدريس من أهم عناصر العملية التعليمية ،وهو ٌ
                                                                                                                            والطريقة.
                                                            َّ
منها":أنه عملية متعمدة لتشكيل بنية الطالب وبيئته بصورة تمكنه من تعلم         ٍ
                                                                     بمعان متعددة، فالتدريس في التربية ورد
ممارسة سلوك معين ،أو االشتراك في سلوك معين؛ وذلك وفق متطلبات حدوث التعلم ،وهي شروط خاصة بالمتعلم،
                     وأخرى خاصة بالموقف التدريسي ،وثالثة خاصة بالمعلم ،وغيرها من متطلبات التعلم الجيد"(.)17
أما طريقة التدريس،فهي :الكيفية أو األسلوب الذي يختاره األستاذ ليساعد الطلب على تحقيق األهداف التعليمية
                                                                                                    َّ
السلوكية ،وهي مجموعة من اإلجراءات والممارسات واألنشطة العملية التي يقوم بها األستاذ داخل الفصل بتدريس
درس معين ،يهدف إلى توصيل معلومات وحقائق ومفاهيم للطلب ،وطريقة التدريس هي التي تربي المتعلم تربية
سليمة ،وتبني شخصيته بناء قويًّا ،وعن طريقها تحقق أهم أهداف التدريس ،المتمثلة في تعريف الطلب بربهم،
وبنبيهم ،وبدينهم وبعقيدتهم ،وتزويدهم بالحقائق والمعلومات المختلفة ،وتنمية مهاراتهم ،وإكسابهم القدرة على اتخاذ
الم َربون بطرق التدريس وأدركوا دورها
                                 اهتم ُ
                                     الق اررات ،وغيرها ،حتى يكونوا صالحين فاعلين في المجتمع؛ ولكل ذلك َّ
                                                                          في نجاح العملية التعليمية(.)18
   )ُ (15ينظر :الجبوري ،جاسم عمران والسلطاني ،همزة هاشم ،مناهج وطرائق تدريس العربية ،دار الرضوان ط  ،1األردن ،ص 233والهاشمي ،عابد توفيق،
                                               طرائق تدريس مهارات اللغة العربية ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ط2006 1م – 1427هـ ،ص.288
                         )(16بلعيد ،صالح بلعيد ،شكوى مدرس النحو من مادة النحو ،منشورات المجلس األعلى للغة العربية ،الجزائر2001م ،ص.429
                                                                    )(17جامعة المدينة العالمية ،طرق تدريس مواد اللغة العربية 2011م ،ص.10
                                                                                                           )(18المرجع نفسه ،ص.85 – 83
                                                                 112
 تشرين األول 2019                     مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                  العدد 45
ألنه يساعد على تلفي النقص في مواقف التدريس من جهة،                  وإحاطة المعلم بطرق التدريس ُيعد ا
                                                       أمر ضروريًّا؛ َّ
وعلى إصلح التعليم وتيسيره من جهة أخرى ،ونجاح التعليم يرتبط-إلى حد كبير-بنجاح الطريقة ،وتستطيع الطريقة
كثير من فساد المنهج ،وضعف الطلب ،وصعوبة الكتاب المدرسي ،وغيرها من مشكلت
                                                                   ا    أن تعالج
                                                                              السديدة ْ
                                                                               التعلم(.)19
وكلما كانت الطريق جيدة ُمختارة بعناية ودقة -،تتناسب عمر المتعلم واحتياجاته ،والهدف من تعليمه-؛ التعل َم أيسر
                                                                                                        َّ
                                                                         ِ
ال:بأي طريقة تُدرس تلك المادة النحوية في المدارس؟ وهل الطريقة المتبعة اآلن في       ِ
                                                                             ولكن السؤ  وأسهل وأسرع،
                                                          التدريس هي األنسب والمثلى في تدريس القواعد؟
نقول في ذلك :رغم االختلف الواضح في المناهج والمقررات النحوية المدرسية التي تم إعدادها في كل قطر من
أن الطريقة التي يستعملها المربون لتبليغ المادة التعليمية تكاد تكون واحدة في جانبها
                                                                                األقطار العربية ،إال َّ
اإلجرائي( ،)20فهي طريقة تعتمد على العرض المباشر لموضوعات النحو ،وال تخرج غالبا عن إطار العادة والروتين،
وهي الطريقة االستقرائية أو االستنباطية (الكلسيكية) التي تقوم على عرض النص الذي تُستخرج منه األمثلة
لتُناقش ،وتُستنبط منها األحكام النحوية التي تُجرى عليها تطبيقات فورية ،ثم تُستخلص القواعد الكلية النهائية ،ويتلو
              ذلك اقتراح تمرينات تطبيقية غالبا ما تكون نظرية ال علقة لها بالتعبير بشكليه الشفهي والكتابي(.)21
                                                                                      وبالرغم من َّ
أن هذه الطريقة يعمل فيها الطلب على كشف الحقائق والتعرف عليها متدرجين ،من الجزء إلى الكل،
أن فيها بعض العيوب ،المتمثلة في البطء مع استخدام األسئلة وصوال إلى استنباط القاعدة التي ُيراد تعلمها ،إال َّ
الشديد في توصيل المعلومات ،واستخدام أمثلة متقطعة ال تجمعها وحدة فكرية ،باإلضافة إلى َّأنها تتطلب مهارات
                                                                   فائقة في االستنباط  ،كما َّأنها تتطلب جهدا ا
                                 كبير من المعلم دون اعتبار للمتعلم(.)22
ومن الطرق المستخدمة في تدريس القواعد-أيضا :-الطريقة القياسية ،التي يبدأ فيها المعلم بذكر القاعدة ،ثم
توضيحها بعرض أمثلة لها ،ثم التطبيق على القاعدة ،وتستند هذه الطريقة على القياس ،وهو انتقال الفكر من
الحقائق العامة إلى الحقائق الجزئية ،ومن الكل إلى الجزء ،ويبدو َّأنها طريقة سهلة ال تحتاج إلى جهد كبير من
المعلم أو الطلب؛ وذلك لسرعتها في األداء ،ولكن تظهر عليها بعض النواقص والعيوب ،ومن أبرز عيوبهاَّ :أنها
ال تسلك طريقا طبعيًّا في كسب المعلومات؛ ألن العقل يدرك األمور الكلية بعد مشاهدة الجزئيات ،وهي طريقة ال
تساعد على التفكير الجيد ،وال تتماشى مع مبادئ التعليم التي تنادي بالتعلم من األسهل إلى األصعب بالتدرج ،كما
َّأنها تساعد الطلب على حفظ القاعدة ،مما يسهم في عدم قدرتهم على التطبيق العملي للقواعد عند الكتابة والنطق،
           استظهار لمسائلها يخطئ في كتابته خطأ فاحشا(.)23
                                                  ا                               وقد ثبت بالتجربة َّ
                                                        أن أكثر الطلب حفظا للقواعد و
السيد ،محمود أحمد السيد ،تطوير مناهج تعليم القواعد النحوية وأساليب التعبير في مراحل التعليم العام في الوطن العربي ،ص.114 )(20
صاري ،محمد صاري ،واقع تدريس القواعد النحوية في مراحل التعليم العام ،دراسة تقويمية ،ص.3 )(21
)(23اتجاهات تدريس النحو في العصر الحديث وطرق التدريس التي تتناسب معها في تدريس الناطقين بغيرها  ،ص.7
                                                               113
 تشرين األول 2019                        مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                العدد 45
أن الطريقتين:الطريقة االستقرائية والطريقة القياسية-وهما من أشهر وأشيع الطرق المستخدمة في
                                                                                      ومما سبق يبدو َّ
تدريس القواعد في المدارس االبتدائية ،والثانوية-فيهما قصور في تدريس القواعد على الوجه األنسب واألمثل ،خاصة
                                  خدمت كل طريقة منفصلة ،بالرغم مما فيهما من إيجابيات كثيرة.
                                                                                          إذا ما استُ ْ
                                                     اف ،وتكر ٍار ،و ٍ
إعادة للشرح ،من خلل النصوص والشواهد القرآنية ،ومن الحديث              ففهم قواعد النحو يحتاج إلى شرٍح و ٍ
                   النبوي الشريف ،ومن كلم العرب شعره ونثره ،مع أمثلة بسيطة من البيئة المحيطة والواقع ُ
المعاش ،ثم تثبيت الدرس
والقاعدة باألسئلة بعد الشرح مباشرة ،وبالتدريبات الشفهية والتحريرية ،المتنوعة ،التي تركز على قدرة الطلب على
تأليف الجمل وضبطها ضبطا صحيحا ،والبد من أن تتم عملية االرتجاع من الطلب فكل ذلك لترسخ القاعدة في
                                                                                                                               أذهانهم.
                                                                                         إذا نحتاج إلى طر ٍ
يقة تدريسية مناسبةُ ،مثلى ،لكل مرحلة من مراحل التعليم ،تراعي المتعلم وقدرته االستيعابية ،على
أن تكون من الطرق التي توصلت إليها العلوم اللسانية ،وعلم التدريس والتكنولوجيا الحديثة ،منسجمة مع المبادئ
التربوية والنفسية ،طريقة تؤدي إلى الغاية المقصودة في أقل وقت ،وبأيسر جهد يبذله المعلم والمتعلم ،طريقة تثير
             اهتمام الطلب وميولهم وتحفزهم على العمل اإليجابي ،والنشاط الذاتي ،والمشاركة الفعالة في الدروس.
                                                                                         وفي تقديري َّ
أن الطريقة المرنة المنوعة هي األنسب-كما أشار عبد العليم إبراهيم عند حديثه عن مقومات الطريقة
                                                                                  الناجحةَّ -
        ؛"ألنها تسير تارة في صورة مناقشة ،وتارة في صورة تعينات ،وتارة في صورة مشكلت؛ َّ
ألن استمرار
طريقة واحدة ،والتزامها في جميع األحوال سيحولها مع الزمن إلى طريقة شكلية عقيمة ،وهذا يسبب السآمة والملل
                                                                                                                          للطلب"(.)24
                      فتنوع الطريقة واجب في الفصل الواحد ،وفي المادة الواحدة ،بل حتى في الموضوع الواحد؛ َّ
ألن التعليم ال يتم بطريقة
واحدة ،فالفرد يتعلم عن طريق االستماع ،وعن طريق الرؤية وعن طريق التحدث ،أو القراءة ،أو الصور ،أو نحو
                              ذلك؛ ولهذا ينبغي أن تتيح طريقة التدريس الفرص للنتفاع بكل هذه الوسائل وغيرها(.)25
وفي التعليم العام البد من التركيز على تعلم النحو ،بتعلم العربية ،وليس دراسة النحو ،فدراسة النحو تكون في
                                                     المرحلة الجامعية ،وللطلب المختصين في العربية؛ َّ
ألن هنالك فرقا واضحا بين التعلم والدراسة ،فالتعلم ممارسة
أما الدراسة فتعمق واستقصاء ،والمطلوب من المتعلم في التعليم العام أن يمتلك الكفاية اللزمة التي تمكنه
                                                                                                 وتكرارَّ ،
                              من ممارسة اللغة بمهاراتها الكتابية والقرائية واالستيعابية والنطقية بعيدا عن األخطاء(.)26
                                                                                     -5المعلم واألستاذ غير المؤهل والمدرب:
                                                                 114
 تشرين األول 2019               مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                               العدد 45
                                                       115
 تشرين األول 2019                   مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                   العدد 45
     -4االنتقال بالعملية التعليمية خارج حجرات الدراسة ،كاستقلل البيئة من حدائق ،وميادين ومكتبات وغيرها.
                            -5متابعة الطلب متابعة دقيقة ،والتنويع بين الثواب والتحفيز والعقاب غير الجسدي.
                تلك الصعوبات والمشكلت_ التي ُذكرت سابقا ،وغيرها_ تعوق تعلم الطلب ،وتنفرهم من ِ
حب العربية فيعجزون
عن ممارستها كتابة ونطقا-خاصة طلب التعليم العام من المرحلة االبتدائية إلى المرحلة الثانوية ،-فهذه المراحل
هي أساس إلكساب المتعلم اللغة العربية وقواعدها ،فنجد الطلب في المرحلة االبتدائية يعانون من سوء اإلعداد
والتكوين ،ويتواصل إهمال ذلك حتى المرحلة الثانوية ،إلى أن ينتقل الطالب إلى الجامعة ،وهو بذلك الوضع ،فيصبح
نافر من العربية وقواعدها ،فاقدا للثقة في نفسه ،فكيف سيكون حاله مع مقررات اللغة العربية خاصة مقررات النحو؟!
                                                                                                      ا
                                                           وتكون النتيجة َّأنه يرى المادة هاجسا وعائقا أمامه فينفر منها.
                                                                                                                      المحور الثاني
                                  طبيعة المقر ارت التي يحتاجها طالب الجامعات غير المختصين في اللغة العربية
                                                                                          وطرق التدريس التي تناسب تعلمهم
الطالب الجامعي-خاصة غير المختص في العربية-يجب أن تُراعى حاجاتُه من المادة التعليمية ،مع تحديد الهدف
كل هذا الكم من قواعد النحو ،فهنالك مساحة واسعة بين ما يدرسه  من دراسته للنحو العربي ،فهو ال يحتاج إلى ِ
هؤالء الطلب ،وما يحتاجونه بالفعل عند ممارسة حياتهم المهنية في تخصصاتهم المختلفة ،فهؤالء الطلب يحتاجون
إلى مقررات تنمي مهارات لغوية معينة وإكسابهم لمثل هذه المهارات يذلل بعضا من صعوبات تعلم النحو عندهم،
                                                                               ويمكن إيجاز أهم هذه المهارات فيما يأتي(:)30
                                                                                           -1المهارة في تالوة القرآن الكريم:
يجب قراءة القرآن وتجويده ،بصورة صحيحة سليمة ،وتلوته تلوة جيدة ،امتثاال ألمر هللا تعالى:ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤﭽ( ،)31فلبد من إلمام الطلب بكل قواعد القراءة الصحيحة والنطق السليم ،وقواعد التجويد ،التي تجنبهم الخطأ في
قراءة القرآن ،وتحفظ ألسنتهم من الزلل ،مع ملحظة َّأنه في كثير من البلدان غير العربية هنالك من يحفظ كتاب
                                                                                هللا عن ظهر قلب َّ
ولكنه ال يستطيع أن يتخاطب بالعربية ،فاألمر فيه إعجاز ،يتمثل في قوله تعالى:ﭽﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
                                                                                                                           ﮣ ﮤ ﭽ(.)32
                                                                 -2المهارة في توظيف قواعد اإلمالء وعالمات الترقيم:
ينبغي توظيف قواعد اإلملء وعلمات الترقيم ،توظيفا ينبني على فهم وقدرة على االستفادة مما يتعلم ،فالواجب
على هؤالء الطلب امتلك القدرِة على الكتابة الصحيحة السليمة ،الخالية من األخطاء-أيًّا كان نوعها-خاصة
أن الرسم اإلملئي له علقة وطيدة بالقواعد النحوية ،خاصة عند رسم الهمزة في حالة أن تكون
                                                                                  اإلملئية ،باعتبار َّ
               إمالء وكتاب ًة ،مجمع اللغة العربية ،دار الوفاء ،القاهرة ،ط1994 2م ،ص.9      صالح ،فخري محمد صالح ،اللغة العربية ً
                                                                                أداء ونطًقا و ً
                                                                                                                                    )(30
                                                              116
 تشرين األول 2019               مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                        العدد 45
                  الكلمة مرفوعة ،أو منصوبة ،أو مجرورة فمثل" :هذا جزاؤك"_ رسمت الهمزة على الواو؛ َّ
ألن الكلمة مرفوعة(خبر
                                                         مبتدأ)_"ونلت جزاءك" رسمت على السطر؛ َّ
ألن الكلمة منصوبة (مفعول به)_"وأخذت من جزائك"_رسمت على نبرة؛
                                                                                                  َّ
ألن الكلمة مجرورة بحرف جر_ ...وهكذا ،كل ذلك يجب االنتباه إليه حتى يتمكن الطلب من أداء األعمال الموكلة
إليهم على الوجه األمثل ،فمهما كان تخصص الطالب فهو يحتاج في عمله لكتابة التقارير عن سير العمل ،وكتابة
                                           الخطابات الرسمية ،أو الرسائل اإلدارية ،والخطط المستقبلية ،وغيرها.
                                                                           -3المهارة في إلقاء الخطب واألحاديث:
إمام يؤم المصلين ويخطب فيهم،
                        خطيب و ٌ
                             ٌ     الطلب يحتاجون إلى نشاط لغوي وممارسة حيَّة للغة ،فقد يكون منهم
أو منهم من يتحدث في المنابر المختلفة ،ووسائل اإلعلم ،فلبد من إتقان الكلم نطقا صحيحا سليما فصيحا
                                                            متكامل شيقا ،وعلى الخطيب أن يكون ًّ
ملما بمخارج الحروف ،وقواعد النطق السليم ،حتى ال يعوقه عائق أمام
                                                                                                التعبير عن األفكار.
هذه المهارات التي ُذكرت وغيرها ،الطلب الجامعيون في أمس الحاجة لها ،فلبد من مناهج ومقررات تلبي هذه
                                                                                                             الحاجات.
وفي طريقة تدريس مقررات النحو في التعليم الجامعي-خاصة للطلب غير المختصين في اللغة العربية-تبرز
طريقة اإللقاء أو المحاضرة ،بشكل واضح ،كطريقة مناسبة ،فهي طريقة تمكن األستاذ من عرض المعلومات،
والقواعد ،واألمثلة مع الشرح ،واالستعانة ببعض الوسائل التعليمية مثل الحاسب اآللي النقال (اللب تب ) ،وجهاز
العرض(البرجوكتور) ،والسبورة الذكية والتسجيلت الصوتية وغيرها ،وهي طريقة تمكن الطلب من االستماع الجيد
والمتابعة ،وتسمح لهم بتسجيل المعلومات والقواعد واألمثلة على دفاترهم؛ ليرجعوا إليها فيما بعد ،وما يميز هذه
الطريقة َّأنها تمكن األستاذ من عرض أكبر قدر من المعلومات ،والقواعد ،واألمثلة في أقصر وقت ممكن ،على
                                                                                            أكبر عدد من الطلب.
ولكن هنالك بعض الملحظات على هذه الطريقة ،فقد يشعر الطلب بالملل ،وقد يفوتهم فهم كثير مما أُلقى ،خاصة
إذا لم يكن اإللقاء بالصورة المثلى ،وقد تشجع هذه الطريقة الطلب على الحفظ بدال عن الفهم والتفكير ،ولكن يمكن
التغلب على هذه السلبيات ،بالبدء بطرح مشكلة أو سؤال يثير جميع الطلب ويدفعهم إلى التفكير ،وكذلك يمكن
طرح قواعد مناسبة وزمن المحاضرة وشرحها مع األمثلة ،في نقاط واضحة المعالم ،بأسلوب سلس مشوق ،مع تكرار
تلك القواعد في سياقات مختلفة ،حتى يستوعبها الطلب بشكل ميسر؛ وبذلك يمكن لألستاذ أن يربط الطلب
                              بمحاضرته ،وأن يدفع عنهم الملل والسأم ،ويحثهم على التفكير والفهم واالنتباه(.)33
كذلك يمكن استخدام الطريقة القياسية في شرح دروس النحو ،ويبدأ األستاذ بذكر القاعدة  ،ثم يوضح القاعدة باألمثلة
                                 والشرح ،والتطبيق عليها ،مع استخدام الوسائل التعليمية التي أشرنا إليها سابقا.
                                                       117
 تشرين األول 2019                مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                          العدد 45
أن هاتين الطريقتين-طريقة اإللقاء أو المحاضرة ،والطريقة القياسية-من أنسب الطرق لتدريس مقررات
                                                                                         عموما نرى َّ
النحو في التعليم الجامعي_خاصة للطلب غير المختصين في اللغة العربية_؛ وذلك لما لهما من خواص تتناسب
وإمكانيات الطلب في هذه المرحلة الدراسية ،مع ضرورة اإلكثار من التدريبات المناسبة ،والمتنوعة؛ لتنمية مهارات
النطق والكتابة عند الطلب على أن في األمر سعة ،فاألستاذ الناجح هو الذي يحدد أي طريق يستخدم ،ومتى،
                                                                       وكيف؟ حتى يحقق ما يصبو إليه من أهداف.
                                                  وفي هذا السياق ال بد من التمييز بين مستويين من النحو ،هما:
                                                       النحو العلمي النظري التخصصي ،والنحو التعليمي التربوي.
فالنحو العلمي التخصصي":يستعمل في النحو للبحث عن الخصائص اللغوية لمادة ما ،أي الغوص في أعماق
النحو"( ،)34فهو نحو مجرد ُيدرس لذاته وتلك طبيعته ،وبالتالي يحتاج إلى أدق المناهج؛ وهذا مجال دراسة للطلب
                            المختصين في العربية ،الراغبين في دراسة النحو المتطلعين إلى الدراسات العليا.
أما النحو التعليمي التربوي":فتتمثل فيه األركان التربوية من مراعاة الطريقة والمنهج والتدرج"(،)35وهو يمثل المستوى
                                                                                                             َّ
الوظيفي النافع لتقويم اللسان ،وسلمة الخطاب ،وأداء الغرض ،وترجمة الحاجة ،فهو يركز على ما يحتاجه المتعلم،
ويختار المادة المناسبة من مجموع النحو العلمي ،فالنحو التربوي يقوم على أسس لغوية ونفسية وتربوية ،وليس
 مجرد تلخيص للنحو العلمي( ،)36وهذا هو النحو الذي يحتاجه طلب الجامعات غير المختصين في العربية؛ َّ
ألنه
                                   يراعي حاجاتهم ويحقق األهداف المنشودة من دراستهم للعربية والنحو العربي.
فإن تدريس النحو التعليمي التربوي وظيفيًّا "النحو الوظيفي" هو الذي ينبغي أن يكون لطلب الجامعات غير
                                                                                              وعليهَّ ،
أن تسهم في حل مشكلت تعلم النحو العربي عند
                                       المختصين في العربية باعتباره واحدا من الحلول التي يمكن ْ
                                                                                        الطلب.
                                                                                                          المحور الثالث
                                                                                                          النحو الوظيفي
                                                 مفهومه ومبادئه ،أهميته وأهدافه ،مميزاته والفائدة المرجوة منه
جزور
 ٌ   برز اتجاه النحو الوظيفي ،نتيجة لتكرار الشكوى من صعوبة قواعد النحو العربي ،فالنحو الوظيفي اتجاهٌ له
                                                       راسخةٌ في التراث العربي ،ومن ذلك قول ابن خلدون:
                                                        118
 تشرين األول 2019                       مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                      العدد 45
"النحو من العلوم اآللية التي ينبغي أال ُينظر فيها إال من حيث هي وسيلة لغيرها ،وال يوسع فيها الكلم وال تفرع
المسائل...يجب اهتمام المتعلمين بالعلوم المقصودة أكثر من اهتمامهم بوسائلها ،فإذا قضوا العمر في تحصيل
                                                                                              الوسائل فمتى يظفرون بالمقاصد"(.)37
وهذا القول يدور حول تعليم النحو بوصفه وسيلة إلجادة اللغة العربية ليس غير ،وهو األساس الذي يقوم عليه النحو
                                                                                                                              الوظيفي(.)38
                                    ونركز الحديث هنا عن هذا االتجاه-اتجاه النحو الوظيفي-من خلل األسئلة اآلتية:
                                                                                                      • ما مفهوم النحو الوظيفي ؟
                                                                                      • وما المبادئ واألسس التي يقوم عليها ؟
                                                                            • وأين تكمن أهميته ؟ و ما الهدف من تدريسه ؟
                                                                                      • وما مميزاته ؟ وما الفائدة المرجوة منه ؟
                                                                                                                 مفهوم النحو الوظيفي:
بأنه" :مجموعة من القواعد تؤدي الوظائف األساسيةُع ِرف عدد من التعريفات ،منها تعريف عبد العليم إبراهيم َّ
للنحو ،من ضبط الكلمات ،ونظام تأليف الجمل ،وغيرها؛ ليسلم اللسان من الخطأ في النطق ،ويسلم القلم من الخطأ
                                                                                                                           في الكتابة"(.)39
وقد عرفه فاضل فتحي والي التعريف نفسه مضيفا " دون خوض في خلفات النحويين ،أو تفريعات الباحثين ،أو
                                                                           مفاضلة آراء المتحاورين ومحاولة الترجيح بينها"(.)40
وفي اتجاه النحو الوظيفي يتم عرض المناهج بطريقة ميسرة مبسطة سهلة ،فنظرية النحو الوظيفي من أنجع
                       النظريات ،فهي ملئمة لتعليم مادة النحو وتدريسها ،ومهمة لتجديد طريقة تعليمه وتدريسه(.)41
                                                                            المبادئ واألسس التي يقوم عليها النحو الوظيفي:
اتجاه النحو الوظيفي يرتكز على تعليم النحو باعتباره وسيلة إلجادة اللغة العربية ،ويقوم على تعليم قواعد النحو
التي يدرك الطلب معناها ،ويشعرون بدورها المهم في حياتهم ،وتطبيقها بطريقة تثير أقصى ما يمكن من الفهم
واالستبصار ،وفيه يجب أن تكون المادة الدراسية بسيطة ومتدرجة في الكتب المدرسية ،وأثناء تدريسها ،بحيث تكون
                                مرتبطة ارتباطا وثيقا بخبرات الطلب في الحياة العملية ،وبهذه الصفة َّ
فإن االتجاه الوظيفي يراعي خصائص نمو
                                           )(37خلدون ،ابن خلدون ،المقدمة ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الدار التونسية للنشر ،ط ،1تونس ،ص.593
                                  )(38اتجاهات تدريس النحو في العصر الحديث وطرق التدريس التي تتناسب معها في تدريس الناطقين بغيرها ،ص.8
                                                  )(39إبراهيم ،عبد العليم إبراهيم ،النحو الوظيفي ،دار المعارف ،ط ،11القاهرة 2008م ،المقدمة (و).
                                              )(40والي ،فاضل فتحي والي ،النحو الوظيفي ،دار األندلس للنشر والتوزيع ،حائل ط1417 2هـ ،ص.91
    )(41سورية ،أكلي سورية ،حركة تيسير تعليم النحو العربي في الجزائر ،رسالة ماجستير ،كلية اآلداب واللغات ،جامعة مولود معمري تيزي وزو ،الجزائر
                                                                                                                             2012م ،ص.114
                                                                  119
 تشرين األول 2019                       مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                   العدد 45
                        المتعلم من جهة ،وإدراكه وفهمه للمعنى من جهة أخرى ،فيعطي قيمة لما يتعلمه؛ َّ
ألن المعلومات والحقائق التي
                                       يتلقاها تكون مرتبطة باهتمامه وحاجاته ،فيشعر بأهميتها في حياته ومستقبله(.)42
                                                                                                               أهمية النحو الوظيفي:
تبرز أهمية النحو الوظيفي في َّأنه يؤدي إلى تكاملية اللغة ووحدتها ،وهذا يحقق أهداف دراسة اللغة بشكل عام،
والتي تتمثل في فهم اللغة المسموعة ،وفهم اللغة المكتوبة ،والتعبير السليم تحدثا وكتابة ،كما َّأنه دائما ما يركز على
                                               فهم القاعدة وتطبيقها ،وليس حفظها ،وهنا يكون دور األستاذ ًّ
مهما في تنمية القدرات بدال من تلقين القواعد؛ وعلوة
تكثر فيه التطبيقات الشفهية والكتابية داخل الدرس ،تحقيقا لهدف النحو الوظيفي وهو عصمة اللسان من
                                                                                          على ذلك ُ
                                                                      الزلل وعصمة القلم من الخطأ(.)43
                                                                                                    أهداف تدريس النحو الوظيفي:
                                                           تدريس النحو الوظيفي يحقق عدد من األهداف ،نذكر منها(:)44
 -1ترتيب وتنقية المعلومات المكتسبة عبر سنوات الدراسة المختلفة؛ ليسهل تذكرها والعمل على تثبيتها من خلل
                                                                                       التدريبات المكثفة ،والتمارين المنوعة.
   -2المساهمة في رفع القدرات العقلية لفهم القواعد النحوية والصرفية من خلل مراجعها األصلية ،بالتدرب على
                                                                 سبر أغوار بعض الكتب التراثية في هذا المجال المهم.
      -3اكتساب القدرة على التطبيق بدال من حفظ القواعد ،والتمكن من استخدام اللغة العربية استخداما جيدا في
                                                                            النطق السليم ،والكتابة الصحيحة والفهم الجيد.
                                                                                                            مميزات االتجاه الوظيفي:
                                                يتميز االتجاه الوظيفي في تدريس اللغة بعدد من المميزات نذكر منها(:)45
   -1التركيز على استعمال اللغة مع كل المحيطين به ،وكيفية توظيفها في الحياة االجتماعية واألمور الحياتية
                                                                                                              والتربوية وغيرها.
  -2يتم تدريس اللغة وظيفيًّا عن طريق ربط دروس اللغة العربية جميعها بالحياة ،وربطها بموضوعات متلئمة
                                                                                 مع النمو العقلي والفكري لدى المتعلمين.
                       ) (42السليطي ،ظبية سعيد السليطي ،تدريس النحو العربي في ضوء االتجاهات الحديثة ،الدار المصرية البنانية ،القاهرة 1423هـ،
                                                                                                                                  ص .117
  )ُ (43ينظر :عوض ،أحمد عبده عوض ،مداخل تعليم اللغة العربية ،مركز البحوث والدراسات التربوية والنفسية ،جامعة أم القرى ،مكة الكرمة 1421هـ ،ص
                              81واتجاهات تدريس النحو في العصر الحديث وطرق التدريس التي تتناسب معها في تدريس الناطقين بغيرها ،ص.9
                                                                                                             )(44والي ،النحو الوظيفي ،ص.20
    اكتسابا ،دار الفيصل الثقافية ،ط ،1الرياض 1409هـ ،ص 46ومداخل تعليم اللغة العربية ،ص87
                                                                                  ً    تدريسا و
                                                                                          ً     )ُ (45ينظر :السيد ،محمود أحمد السيد ،اللغة
                                                                              وتدريس النحو العربي في ضوء االتجاهات الحديثة ،ص.117
                                                                  120
 تشرين األول 2019                مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                العدد 45
                      َّ
   اعد؛ألنها ال تفيد في إجادة
                             -3الممارسة والتطبيق في الدرس الوظيفي ،فل فائدة من االعتماد على حفظ القو
                                                                      اللغة؛ فالذي يفيد هو التطبيق والممارسة.
  َّ -4أنه اتجاه تربوي سيكولوجي اجتماعي؛ يهتم بسيكولوجية المتعلم من ناحية االهتمامات والحاجات ،وإشباع
الميول والرغبات؛ وعملية التعلم فيه تبدأ بالمثير الذي يحفز الدارس نحو الدراسة ،فيقبل عليها برغبة وشوق
                                                                                ويدرك أهميتها ودورها في حياته.
                              َّ -5أنه يوظف كل فروع اللغة لخدمة اللغة ،ويقود للتجاه التكاملي بنسبة كبيرة.
                                                                          الفائدة المرجوة من تدريس النحو الوظيفي:
تبرز الفائدة المرجوة من تدريس النحو الوظيفي من خلل ما ذكرنا من مميزات وأهمية ،حيث َّإنه ُيسهم في حل
                                                            ٍ
بشكل كبير ،ويبدد مخاوف الطلب في فهم النحو العربي ودراسة العربية؛ مشكلة تعليم قواعد النحو العربي وتدريسها
ألنه اتجاهٌ جاذب للطلب ،يركز على النواحي العملية في الدرس النحوي ،ويخفف من الكم الهائل من القواعدَّ
                                                                    المحشوة في ثنايا الكتاب المدرسي.
فالطلب يدرسون القواعد المناسبة في صورة سهلة مبسطة ميسرة ،ومتدرجة ،ويبعدون عن الجدل والتعريفات واآلراء
الخلفية ،ويستوعبون هذه القواعد عن طريق التطبيق والتمرن والتدرب ويوظفونها في لغتهم ،ويستعملونها بشكل
                               صحيح شفاهة وكتابة ،فينعكس ذلك إيجابا على كتاباتهم وقراءاتهم وكل أنشطتهم.
وتظهر فيه القواعد النحوية الوظيفية محدودة محكمة ،ليس فيها تشابك يربك الدارس ،وال تعقيد ينال من عزيمته،
                                                    وهي قواعد ال ترهق الحافظة ،وفيها رياضة ذهنية ،كما َّ
أن فيها إثارة للملحظة وإيقاظا للملكات المتصلة بالتعليل
والموازنة واالستنباط ،وفرص التطبيق والممارسة موفورة متجددة ،وهذا يوسع الفائدة التي يجنيها الطلب من الدراسة
              النحوية ،ويجعلها نوعا من المهارات البشرية التي يكتسبها اإلنسان بالتجارب والممارسة العملية(.)46
                                                                                وعطفا على ما تقدم َّ
فأن اتجاه تدريس النحو الوظيفي هو أنسب االتجاهات تناسبا مع مرحلة التعليم العام(تعليم
                األساس ،والثانوي) ،وكذلك تعليم طلب الجامعات غير المختصين في اللغة العربية؛ َّ
ألنه يسعى في األساس
                                                      للتمكين من المهارات األساسية وأدائها بالصورة الصحيحة(.)47
                                                                                                                المحور الرابع
                                                بعض المقترحات والحلول لتذليل صعوبات تعلم النحو عند الطالب
                                                         قبل الحديث عن المقترحات والحلول ،حري بنا ْ
أن نشير إلى الجهود والمحاوالت التي ُبذلت من أجل تيسير النحو
العربي قديما وحديثا ،ففكرة تيسير النحو العربي قديمة حديثة ،حيث مازال أئمة النحو ينهضون بهذه المهمة منذ
                                 القرن الثاني الهجري حتى يومنا هذا ،هدفهم هو تسهيل تعلم هذه المادة المهمة.
                                                         121
 تشرين األول 2019                       مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                                العدد 45
ومن المحاوالت القديمة في هذا الصدد نذكر على سبيل المثال ال الحصر ،كتاب الجمل للزجاجي(ت337هـ)،
وكتاب الواضح للزبيدي (ت379هـ)،ومحاولة ابن مضاء القرطبي (ت592ه) إلصلح النحو ،ودعوته إللغاء
                                                                            العامل ،والقياس ،والعلل الثواني والثوالث ،وغيرها.
أما محاوالت تيسير النحو العربي حديثا فقد تنوعت الجهود فيها ما بين جهود فردية وجهود جماعية ،كما تنوعت
                                                                                                  َّ
األغراض ،فمنها ما يهدف إلى التيسير والتبسيط ،ومنها ما يدعو إلى اإلصلح والتجديد ،ومن تلك المحاوالت
نذكر-على سبيل المثال :-محاولة األستاذ إبراهيم مصطفى في كتابه"إحياء النحو" ،ومحاوالت شوقي ضيف لتجديد
النحو ،ومحاولة مهدي المخزومي في كتابيه"النحو العربي نقد وتوجيه" و"النحو العربي قواعد وتطبيق"ومحاولة وزارة
المعارف المصرية عام1938م ،ومحاولة و ازرة التربية بالجزائرعام1957م ،وجهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة في
                                                                                            تجديد النحو وتيسير تعليمه ،وغيرها.
والملحظ أن جميع رواد التجديد لم ينكروا تدريس القواعد النحوية ألبته ،بل َّأنهم أكدوا عليها آخذين في االعتبار
ضرورة تسهيلها وتبسيطها للطلب ،حتى تستقيم ألسنتهم ،ويبعدوا عن اللحن والزلل اللغوي في قراءاتهم ،وكتاباتهم،
ومخاطباتهم ،ورسائلهم ،وأساليب التعبير المختلفة( .)48ومن خلل التجربة والمعايشة لصعوبات الطلب ومشكلتهم
                                                                 في تعلم مادة النحو العربي نقدم بعض المقترحات والحلول:
                        كل و ٍ
    احد من مستويي النحو حتى  -1التمييز الواضح بين النحو العلمي ،والنحو التعليمي ،وتحديد حاجات ِ
                                                             وضع البرامج المناسبة لهذه الحاجات.
                                                                                             تُ َ
 -2التنقيح والتجديد المستمر للمناهج التعليمية ،مع مراعاة المتعلم (سنه -حاجاته -قدراته -الهدف من تعليمه)
                                                فالعربية لغة حيَّة مرنة متطورة ،قادرة على استيعاب ِ
            كل مستجدات العصر والتكنولوجيا الحديثة.
  -3اعتماد طريقة تدريسية حديثة مناسبة ناجعة ،لتدريس قواعد النحو العربي يشترك في وضعها المعلمون-في
   المراحل المختلفة -والموجهون والخبراء واألساتذة-خاصة المختصون في طرق التدريس-وحبذا لو كانت
                                                                                                    الطريقة المرنة المنوعة.
   -4تدريس اللغة العربية وحدة متكاملة ،من خلل وحدات تعليمية ،دون فصل النحو عن فروعها األخرى مع
                                                                               مراعاة ضبط النصوص واألمثلة بالشكل.
        -5العمل على أن تكون اللغة العربية الفصحى هي لغة التدريس ،وتنبيه المعلمين واألساتذة إلى ضرورة
الحديث بالفصحى عند شرح الدروس ،والتعامل مع الطلب ،وتمرينهم على الحديث بالفصحى ،والدعوة قوال
         وعمل لجعل اللغة الفصحى هي السائدة في وسائل اإلعلم ،وفي التعامل بين الناس في المجتمع.
     ) (48جاهمي ،محمد جاهمي ،واقع تعليم النحو العربي في المدارس الثانوية ،بحث منشور في مجلة العلوم اإلنسانية،جامعة محمد خضير بسكرة ،العدد
                                                                                                                            السابع ،ص.9
                                                                 122
 تشرين األول 2019              مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية              العدد 45
       -6استخدام التكنولوجيا الحديثة في التدريس ،واالستفادة من إمكانيات الحاسب اآللي ،خاصة في عرض
   الشرائح ،وتسجيل نصوص الكتاب في أشرطة بقراءة صحيحة لكي يحتذي بها الطلب مع التركيز على
     الرسومات والمشجرات؛ مما يساعد المتعلم على تصور هيئات التركيب الباطني للجمل بسهولة ويسر.
 -7الحرص على التمارين والتدريبات العملية؛ للتطبيق على القواعد النظرية ،مع الحرص على متابعة التمارين
                                     والتدريبات ،وتقويمها باستمرار ،وتصحيح أخطاء الطلب أوال بأول.
   -8العمل على خلق حوارات ومناقشات مع الطلب؛ لتنمية المهارات النطقية ،وتزويدهم بأساسيات الخطابة،
                                                                                       وفصاحة الكلم.
   -9تخصيص حيز للقواعد النحوية في المناشط المدرسية المختلفة ،وتشجيع القراءة الحرة من خلل حصص
المكتبة ،وإعادة النشاط إلى مكتبات المدارس والفصول ،وإمدادها بالكتب المناسبة لكل مرحلة تعليمية؛ ليق أر
                             الطلب ويتشبعوا بالثقافة بعيدا عن الموضوعات المقررة عليهم في المناهج.
   -10تضمين حصص إضافية في الجدول الدراسي لتصحيح األخطاء اإلملئية ،والنحوية والعمل على تحسين
                                كتابة الطلب؛ من خلل دراسة الخط العربي ،والعناية بعلمات الترقيم.
     -11االهتمام بأمر المعلم واألستاذ ،ووضع المعايير والمقاييس الدقيقة عند االختيار ،وضمان التدريب الجيد
   والمستمر ،والنظر في ترقيته بحسب عطائه العلمي وأثره في الطلب ،مع الوقوف على أحواله المعيشية
                                                                                          والمجتمعية.
 -12اتَّباع طريقة اإللقاء أو المحاضرة والطريقة القياسية في تدريس النحو لطلب الجامعات غير المختصين في
                    اللغة العربية؛ وذلك لما لهما من خواص تتناسب وإمكانيات الطلب في هذه المرحلة.
                                                                                                        خاتمة
                                             خلصت إلى النتائج التالية:
                                                                  ُ    تمت بحمد هللا وتوفيقه الدراسة ،وقد
                           -1يواجه الطلب صعوبات ومشكلت جمة في تعلم مادة النحو العربي؛ وذلك ي ِ
صعب عليهم فهم اللغة العربية؛ ُ
                                 فتظهر الشكوى من العربية ،ويكثر النفور منها وعدم الرغبة في تعلمها.
  -2طلب التعليم العام يحتاجون إلى تعلم النحو وليس دراسة النحو؛ ألن التعلم ممارسة وتكرار ،والدراسة تعمق
  واستقصاء ،فهم بالتعلم يمتلكون الكفاية اللزمة التي تمكنهم من ممارسة اللغة بمهاراتها المختلفة بعيدا عن
                                                                                             األخطاء.
   -3هنالك مساحة واسعة بين ما يدرسه طلب الجامعات غير المختصين في اللغة العربية وما يحتاجونه فعليًّا
   عند ممارسة حياتهم المهنية في تخصصاتهم المختلفة ،فهم يحتاجون إلى مقررات تنمي مهاراتهم في تلوة
                        القرآن الكريم ،وتوظيف علمات الترقيم وقواعد اإلملء ،وإلقاء الخطب واألحاديث.
                                                                 -4إحاطة المعلم بطرق التدريس ا
   أمر ضروريًّا؛ ألنه يساعد على تلفي النقص في مواقف التدريس من جهة،
                                                               وعلى إصلح التعليم وتيسيره من جهة أخرى.
                                                      123
 تشرين األول 2019             مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                 العدد 45
   -5نظرية النحو الوظيفي من أنجع النظريات ،فهي ملئمة لتعليم النحو العربي وتدريسه ،ومهمة لتجديد طريقة
                                                                                     تدريسه؛ َّ
                         ألن النحو الوظيفي يسعى لتمكين المهارات وأدائها بالصورة الصحيحة.
                                                                                                   التوصيات
* االتجاه نحو تدريس النحو الوظيفي ،في كل مراحل التعليم العام ،ولطلب الجامعات غير المختصين في اللغة
                                                                                                  العربية.
ذلت من أجل تيسير تدريس قواعد النحو العربي وتطبيق ما خرجت به
                                                        * توحيد الجهود الفردية والجماعية التي ُب ْ
                                                                               على أرض الواقع.
* تكوين فريق من الباحثين المختصين لهم الخبرة وسعة االطلع للبحث في التيسير والتجديد فيما يخص تدريس
                                                                                      قواعد النحو العربي.
                                                                                          المصادر والمراجع
                                                                                       القرآن الكريم.        -
                         إبراهيم،عبد العليم(2008م) ،أ/النحو الوظيفي ،دار المعارف ،ط ،11القاهرة.          -1
                                         ب /الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية ،دار المعارف ،ط(14د.ت).
 بسندي،خالد عبد الكريم(2008م) ،محاوالت التجديد والتيسير في النحو العربي(المصطلح والمنهج _ نقد            -2
           ورؤية) ،جامعة الملك سعود ،الرياض ،بحث منشور في مجلة الخطاب الثقافي ،العدد الثالث.
     بلعيد ،صالح بلعيد(2001م)،أ-شكوى مدرس النحو من مادة النحو ،منشورات المجلس األعلى للغة                -3
                                                                                      العربيةالجزائر.
                      ب-مشكلت اللغة العربية نفسية أم نحوية ،مقال قدمه في ملتقى(تيسير النحو)2007م.
                                                                ت-مقاالت لغوية ،دار هومة ،الجزائر2004م .
        جامعة اإلمام محمد بن سعود(1418هـ) ،دراسة ظاهرة الضعف العام في استعمال اللغة العربية.             -4
                      جامعة المدينة العالمية(2011م) ،طرق تدريس مواد اللغة العربية .EPED 4013             -5
   جاهمي ،محمد(2005م) ،واقع تعليم النحو العربي في المدارس الثانوية ،بحث منشور في مجلة العلوم             -6
                                                   اإلنسانية،جامعة محمد خضير بسكرة ،العدد السابع.
الجبوري ،جاسم عمران والسلطاني ،همزة هاشم(2013م) ،مناهج وطرائق تدريس العربية ،دار الرضوان ط              -7
                                         2013 1م – 1434هـ ،األردن ،ومؤسسة دار صادق العراق.
    جني ،أبو الفتح عثمان ابن جني(د.ت) ،الخصائص ،تحقيق/محمد علي النجار ،دار الكتاب العربي،                -8
                                                                                             بيروت.
            حسن ،عباس حسن ،اللغة والنحو بين القديم والحديث ،دار المعارف ،القاهرة ،ط1971 2م.              -9
     -10خلدون ،ابن خلدون(1984م) ،المقدمة ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الدار التونسية للنش ،ط ،1تونس.
                                                     124
تشرين األول 2019               مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واالنسانية                    العدد 45
 -11الدليمي ،طه علي حسن والوائلي ،وسعاد عبد الكريم(2009م) ،اتجاهات حديثة في تدريس اللغة العربية
                                                                       عالم الكتب الحديثة ،ط ، 1األردن.
                     -12السليطي ،ظبية سعيد(1423هـ) ،تدريس النحو العربي في ضوء االتجاهات الحديثة.
     -13سورية ،أكلى(2012م) ،حركة تيسير تعليم النحو في الجزائر ،رسالة ماجستير ،كلية اآلداب واللغات
                                                               جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،الجزائر.
 -14السيد ،محمود أحمد(1987م) ،أ -تطوير مناهج تعليم القواعد النحوية وأساليب التعبير في مراحل التعليم
                               العام في الوطن العربي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،تونس.
                                     ب-اللغة تدريسا واكتسابا ،دار الفيصل الثقافية ،ط ،1الرياض 1409هـ .
  -15صاري ،محمد(2012م)،أ-تيسير النحو موضة أم ضرورة ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،جامعة عناية
                                                                           بحث منشور ،منتديات تخاطب.
                                       ب-واقع تدريس القواعد النحوية في مراحل التعليم العام ،دراسة تقويمية.
   -16صالح ،فخري محمد(1994م) ،اللغة العربية أداء ونطقا وإملء وكتابة ،مجمع اللغة العربيةدار الوفاء،
                                                                                                    ط.2
       -17عرفة ،محمد أحمد(1945م) ،مشكلة اللغة العربية لماذا أخفقنا في تعليمها؟ وكيف نعلمها؟ مطبعة
                                                                                        الرسالة ،القاهرة.
    -18عوض ،أحمد عبده(1421هـ) ،عوض ،مداخل تعليم اللغة العربية ،مركز البحوث والدراسات التربوية
                                                        والنفسية ،جامعة أم القرى ،مكة الكرمة 1421هـ.
                                            -19عون ،حسن عون(1952م) ،دراسات في اللغة والنحو ،ط.1
                         صعب ،مقال في مجلة البيان اإلماراتية.
                                                          ٌ    -20العوني ،أحميدة(2012م) ،هل النحو
                         -21كلية المعلمين(1414هـ) ،قسم اللغة العربية-حائل ،ندوة ظاهرة الضعف اللغوي.
                    -22مدكور ،علي أحمد(1984م) ،تدريس فنون اللغة العربية ،مكتبة الفلح ،ط ،1الكويت.
     -23الهاشمي ،عابد توفيق ،طرائق تدريس مهارات اللغة العربية ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ط2006 1م –
                                                                                               1427هـ.
               -24والي ،فاضل فتحي(1417هـ) ،النحو الوظيفي ،دار األندلس للنشر والتوزيع ،ط ،2حائل.
 -25وداعة ،مرتضى فرح(2015م) ،اتجاهات تدريس النحو في العصر الحديث وطرق التدريس التي تتناسب
             معها في تدريس الناطقين بغيرها ،كلية اآلداب والعلوم االجتماعية ،جامعة فطاني تايلند.
125