0% found this document useful (0 votes)
434 views113 pages

تعليم المتعلم طريق التعلم 86915

Uploaded by

Khoerudin
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
434 views113 pages

تعليم المتعلم طريق التعلم 86915

Uploaded by

Khoerudin
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 113

‫تعليم املتعلمَ طريق التعلم‬

‫للعالمـة االمام برىان الدين الزرنوجي‬


‫(المتوفي سنة ‪ 195‬ىـ )‬

‫أعداد وتقديـم‬
‫دانــا البرزنجــي‬

‫في المديرية العامة للمكتابات العامة اعطيت لو رقم ايداع (‪ )504‬لسنة‬


‫‪2022‬م‪.‬‬

‫‪‬‬

‫التقديــم‬

‫بسم اهلل الرزتاف الرحيم ‪ ,‬واضتمد هلل رب العاظتُت ‪,‬‬


‫والصبلة و السبلـ على نبينا ػتمد وعلى الو وصحبو ارتعُت ‪,‬‬
‫ىذا الكتاب العظيم ‪ ,‬اصتامع ‪ ,‬اظتاتع ‪ ,‬الذي فيو الفوائد‬
‫اصتمة لكل اظتسلمُت عامة و للطلبة العلم خاصة ‪ ,‬وىذا‬
‫الكتاب على اختصاره والكن رتع اهلل تبارؾ وتعاىل ظتؤلفو فيو‬
‫العلوـ اصتمة و ال غٌت الي طالب عنو ‪.‬‬

‫االماـ برىاف الدين او برىاف اإلسبلـ الزرنوجي اظتتويف سنة‬


‫‪195‬ىػ يف «زرنوج» ‪ ,‬فيما وراء “أوزجند” يف تركستاف‬
‫تتلمذ على يد صاحب كتاب “اعتداية يف فروع الفقو”‬
‫لربىاف الدين علي بن أيب بكر الفرغاين اظترغيتاين‪ ,‬الذي تويف‬
‫‪‬‬
‫عاـ ‪195‬ىػ والذي يعتربه الزرنوجي يف كتابو أستاذاً لو‪ .‬كما‬
‫يذكر االماـ الزرنوجي أف فخر اإلسبلـ اضتسن ابن منصور‬
‫الفرغاين‪ ,‬قاضي خاف اظتتويف عاـ ‪195‬ىػ كاف شيخاً لو‪.‬‬

‫وتُ ِرجػ َػم الكتاب الذي عرض فيو اظتؤلف خبلصة فكر عصره‬
‫الدينية والفقهية والًتبوية اىل اللغات الًتكية والبلتينية والروسية‬
‫وغَتىا‪ .‬وقد أنتفع هبذا الكتاب رتيع االمة حىت غَت اظتسلمُت‬
‫انتفعوا بو ‪ ,‬فهذا الكتاب طبع يف اظتانية و درس ايظاَ ‪,‬‬
‫أسهم االماـ العبلمة الزرنوجي يف إغناء الفكر الًتبوي العريب‬
‫اإلسبلمي‪ ,‬و لقد حظي ىذا الكتاب بعناية كبار اظتربُت‬
‫اظتسلمُت‪ ,‬فنشروه وعلقوا عليو ‪ ,‬واضطلعت آراءه الًتبوية‬
‫بدور مهم يف ظهور اظتدارس الًتبوية البلحقة اليت ال تقل شأناً‬
‫عن النظريات الًتبوية اضتديثة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وسيدنا االماـ قسم الكتاب اىل ثبلثة عشرة فصبل و ىذا‬
‫التقسيم عظيم ومفيد لطبلب العلم فاذا اراد الطالب اف يصل‬
‫اىل شئ من ىذا الكتاب وصل اليو بسهولة ويسر فالكتاب‬
‫مبقدمة وثبلثة عشرة فصبلَ ‪,‬‬

‫وسيدنا االماـ مل يطوؿ يف اظتقدمة واختصرىا واراد اختصار‬


‫ىذا الكتاب لكي ُُي َفض وقاؿ يف سبب تاليف ىذا الكتاب‬
‫انو رأى طبلب العلم ََِي ّدوف واليصلوف ومن ذترات العلم‬
‫ومنافعو ُُيَرموف فهذا ىو السبب لتاليفو الكتاب ‪.‬‬

‫يُنصح بو ‪ :‬كل مشتغل مبجاؿ الًتبية والتعليم‪ ,‬وكل مهتم‬


‫بشؤوف الًتبية يف اإلسبلـ ‪ .‬وىذا الكتاب منهجية عظيمة‬
‫صتميع الطبلب وىو القاعدة اليت ينطلق هبا ومنها الطالب اىل‬
‫مبتغاه فهو كتاب البد منو لكل طالب العلم والذين فاهتم‬

‫‪‬‬
‫ىذا الكتاب البد من العودة اليو والبد من اقتنائو والبد من‬
‫دراستو بتمعن ‪ ,‬و نأسالكم الدعاء لنا ‪,‬‬
‫و من اهلل التوفيػ ػػق ‪.‬‬

‫شيـخ دانـ ــا البرزنجي حفيـد العالمة شيـخ‬


‫عبدالكريم البرزنجي المدرس‪,‬أستاذ موالنا‬
‫خالد النقشبندي‪.‬‬

‫‪‬‬
‫نـص كتــاب‬

‫(تعليم المتعلم طريق التعلم)‬


‫تأليف العالمة برىـان الدين الزرنوجي‬
‫المتوفي سنــة ‪ 195‬ىـ‬

‫‪‬‬

‫المقدمــة‬

‫الع َم ِل علی‬
‫َّل بٍت آدـ بالعلم و َ‬ ‫اضتمد هلل الذي فَض َ‬
‫ُ‬
‫العَر ِب‬
‫السبلـ علی ػتمد سيد َ‬ ‫رتيع العا َِمل‪ ,‬والصبلة و ُ‬
‫آلو وأصحابِِو ينابي ِع العُلُ ِم واضتِك ِم ‪.‬‬
‫والعج ِم ‪ ,‬وعلی ِ‬
‫َ‬
‫وبَػ ْع ُد‬
‫يت كثَتاً من طبلب العلم يف زماننا َيدُّف‬
‫فلما رأ ُ‬
‫الی العلم واليصلوف [ومن منافعو وذتراتو ‪ -‬وىي‬

‫العمل بو والنشر ‪ُ -‬يرموف] ظتا َّاَّنم أخطأوا طريقوُ‬


‫ض َّل ‪ ,‬وال‬
‫يق َ‬
‫وتركوا شرائطو ‪ ,‬وكل من أخطأ الطر َ‬
‫بُت‬
‫حببت أف أ َّ‬
‫ردت وأ ُ‬ ‫اظتقصود قَ َّل او َج َّل ‪ ,‬فأ ُ‬
‫َ‬ ‫يناؿ‬
‫وشتعت من‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكتب‬ ‫يت يف‬
‫عتم طريق التعلم علی ما رأ ْ‬
‫ِ‬
‫الدعاء يل من‬ ‫ِِ ِ‬
‫أساتيذي أويل الع ْلم واضت َكم ‪ ,‬رجاءَ‬

‫‪‬‬
‫الراغبُت فيو ‪ ,‬اظتخلصُت ‪ ,‬بالفوز واطتبلص يف يوـ‬
‫ُ‬
‫ت اهلل تعالی فيو ‪ ,‬وشتّيتو ‪:‬‬
‫الدين ‪ ,‬بعدما استَ َخ ْر ُ‬
‫( تعليم اظتتعلم طريق التعلم )‬

‫وجعلتو فصوالً ‪:‬‬


‫ضلِو ‪.‬‬ ‫ماىي ِة العل ِم ‪ ,‬و ِ‬
‫الف ْق ِو ‪ ,‬وفَ ْ‬ ‫ِ‬
‫صل ‪ :‬يف ّ‬‫‪ -۱‬فَ ْ‬
‫النية يف ِ‬
‫حاؿ التَػ َعلُّم ‪.‬‬ ‫‪ -۲‬فَصل ‪ :‬يف ِ‬
‫ْ‬
‫‪ -۳‬فَصل ‪ :‬يف اختيا ِر العِْل ِم ‪ ,‬واأل ِ‬
‫ستاذ ‪ ,‬والشري ِ‬
‫ػك ‪,‬‬ ‫ْ‬
‫والثّبات ‪.‬‬
‫صل ‪ :‬يف تعظي ِم العِْل ِم وأ ْىلِ ِو ‪.‬‬
‫‪ -٤‬فَ ْ‬
‫اظبة واعتِ َّم ِة ‪.‬‬
‫‪ -1‬فَصل ‪ :‬يف اصتِ ِّد واظتو ِ‬
‫ْ‬
‫السْب ِق وقَد ِرهِ وترتيبو ‪.‬‬ ‫‪ -٦‬فَصل ‪:‬يف ِ‬
‫بداية َّ‬ ‫ْ‬
‫صل ‪ :‬يف التَّوُّكل ‪.‬‬
‫‪ -۷‬فَ ْ‬
‫‪ -۸‬فَصل ‪ :‬يف ِ‬
‫وقت التَّحصيل ‪.‬‬ ‫ْ‬

‫‪‬‬
‫الش َف َق ِة والنصيحة ‪.‬‬
‫صل ‪ :‬يف َّ‬
‫‪ -۹‬فَ ْ‬
‫صل ‪ :‬يف االستفادة واقتباس األدب ‪.‬‬ ‫‪ -۱۱‬فَ ْ‬
‫‪ -۱۱‬فَصل ‪ :‬يف الورِع يف ح ِ‬
‫الة التعلم ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫ث‬‫ظ ‪ ,‬وفيما يُوِر ُ‬ ‫ث اضتِْف َ‬ ‫صل ‪ :‬فيما يُوِر ُ‬ ‫‪ -۱۲‬فَ ْ‬
‫النّ ْسيَا َف ‪.‬‬
‫الرزؽ ‪ ,‬وفيما ّيَْنَع ‪ ,‬وما‬
‫ب َ‬ ‫ِ‬
‫صل ‪ :‬فيما ََْيل ُ‬‫‪ -۱۳‬فَ ْ‬
‫يد يف العُ ُم ِر ‪ ,‬وما ينقص ‪.‬‬ ‫يز ُ‬
‫وما توفيقي ٳال باهلل عليو توكلت وٳليو أنيب ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في ماىيّــة العلم ‪ ,‬والفقــو ‪ ,‬وفضلو‬

‫قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم) ‪:‬‬


‫(طلب العلم فريضة علی كل مسلم ومسلمة ) ‪.‬‬
‫اعلم ‪:‬‬
‫بأنو ال يفًتض علی كل مسلم ‪ ,‬طلب كل علم ‪ ,‬وٳمنا‬
‫يفًتض عليو طلب علم اضتاؿ كما يقاؿ ‪:‬‬
‫(وأفضل العلم علم اضتاؿ ‪ ,‬وأفضل العمل حفظ اضتاؿ )‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ويفًتض علی اظتسلم طلب ما يقع لو يف حالو ‪ ,‬يف أي‬
‫حاؿ كاف ‪ ,‬فإنو ال بُ َّد لو من الصبلة فيفًتض عليو علم ما‬
‫يقع لو يف صبلتو بقدر ما يؤدي بو فرض الصبلة ‪ ,‬وَيب‬
‫عليو بقدر ما يؤدي بو الواجب ‪ ,‬ألف ما يُتوسل بو ٳلی ٳقامة‬
‫الفرض يكوف فرضاً ‪ ,‬وما يتوسل بو ٳلی ٳقامة الواجب يكوف‬
‫واجبػاً ‪.‬‬
‫وكذلك يف الصوـ ‪ ,‬والزكاة ‪ ,‬ٳف كاف لو ماؿ ‪ ,‬واضتج ٳف‬
‫وجب عليو ‪.‬‬
‫وكذلك يف البيوع ٳف كاف يتّجر ‪.‬‬
‫قيل حملمد بن اضتسن ‪ ,‬رزتة اهلل عليو ‪ :‬ظتا ال تصنّف كتاباً‬
‫يف الزىد ؟‬
‫قاؿ ‪ :‬قد صنّفت كتاباً يف البيوع ‪ ,‬يعٍت ‪ :‬الزاىد من ُيًتز‬
‫عن الشبهات واظتكروىات يف التجارات ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وكذلك يف سائر اظتعامبلت واضتِرؼ ‪ ,‬وكل من اشتغل بشئ‬
‫منها يُفًتض عليو ِع ْل ُم التحرز عن اضتراـ فيو ‪.‬‬
‫علم أحواؿ القلب من التوكل واإلنابة‬‫وكذلك يُفًتض عليو ُ‬
‫واطتشية والرضی ‪ ,‬فإنو واقع يف رتيع األحواؿ ‪.‬‬
‫ص باإلنسانية‬
‫حد ٳذ ىو اظتختَ ُّ‬ ‫وشرؼ العلم ال َِيْ َفی علی أ ِ‬
‫ََ‬
‫ألف رتيع اطتصاؿ سوی العلم ‪ ,‬يَ ْش ًَِت ُؾ فيها اإلنسا ُف وسائر‬
‫اضتيوانات ‪ :‬كالشجاعة واصتراءة والقوة واصتود والشفقة وغَتىا‬
‫سوی العلم ‪.‬‬
‫وبو أظهر اهلل تعالی فضل آدـ عليو السبلـ علی اظتبلئكة ‪,‬‬
‫وأمرىم بالسجود لو ‪.‬‬
‫ؼ العلم بكونو وسيلةً ٳلی (الرب) والتقوی ‪ ,‬الذي‬ ‫وٳمنا َش ُر َ‬
‫يستحق هبا اظترء الكرامةَ عند اهلل ‪ ,‬والسعادة األبدية ‪ ,‬كما‬
‫قيل حملمد ب ِن اضتسن ‪ ,‬رزتة اهلل عليهما شعراً ‪:‬‬
‫تَػعلّم فإف العلم زين أل ِ‬
‫ىلو‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬

‫‪‬‬
‫احملام ِد‬
‫ضل و عنوا ٌف لِ ُكل ِ‬
‫ّ‬ ‫وفَ ْ ٌ ُ‬
‫كل يوـ زيادةً‬
‫وُك ْن مستفيداً َّ‬
‫اسبح يف ُُبوِر الفوائِ ِد‬
‫من العل ِم و ْ‬
‫فضل قائد‬ ‫ِ‬
‫تف ّقو فإف الف ْقو أ ُ‬
‫قاص ِد‬
‫عدؿ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب والتقوی وأ ُ‬
‫ٳلی ّ‬
‫العلَ ُم اعتادي ٳلی ُسنَن اعتُدی‬
‫ىو َ‬
‫ِ‬
‫الشدائد‬ ‫صن يُنجي من رتيع‬ ‫ِ‬
‫ىو اضت ْ‬
‫فإف فقيهاً واحداً متورع ػاً‬
‫لف عابِ ِد‬ ‫ِ‬
‫الشيطاف من أ ِ‬ ‫أ ُّ‬
‫شد علی‬

‫( والعلم وسيلة ٳلی ِ‬


‫معرفة ‪ :‬الكرب ‪ ,‬والتواضع ‪ ,‬واأللفة ‪,‬‬
‫والعفة ‪ ,‬واالسراؼ ‪ ,‬والتقتَت ‪ ,‬وغَتىا ) ‪ ,‬وكذلك يف سائر‬
‫األخبلؽ ؿتو اصتود ‪ ,‬والبخل ‪ ,‬واصتنب ‪ ,‬واصتراءة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فإف الكرب ‪ ,‬والبخل واصتنب واإلسراؼ حراـ ‪ ,‬وال ّيكن‬
‫ضادىا ‪ ,‬فيفًتض علی‬
‫التحرز عنها ٳال بعلمها ‪ ,‬وعلم مايُ َ‬
‫كل مسلم علمها ‪.‬‬
‫وقد صنّف السيد اإلماـ األجل األستاذ الشهيد ناصر‬
‫الدين أبو القاسم كتاباً يف (األخبلؽ) ونعم ما صنّف ‪,‬‬
‫فيجب علی كل مسلم حفظه ػ ػػا ‪.‬‬
‫وأما حفظ ما يقع يف األحايُت ففرض علی سبيل الكفاية ‪,‬‬
‫ٳذا قاـ البعض يف بلدة سقط عن الباقُت ‪ ,‬فإف مل يكن يف‬
‫البلدة من يقوـ بو أشًتكوا رتيعاً يف األمث ‪ ,‬فيجب علی اإلماـ‬
‫أف يأمرىم بذلك ‪ ,‬وَيرب أىل البلدة علی ذلك ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬ٳف علم ما يَػ َق ُع علی نفسو يف رتيع األحواؿ مبنزلة‬
‫الطعاـ البػد لكل واحد من ذلك ‪.‬‬
‫وعلم ما يقع يف األحايُت مبنزلة الدواء ُيتاج اليو (يف بعض‬
‫األوقات) ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وعلم النجوـ مبنزلة اظترض ‪ ,‬فتعلمو حراـ ‪ ,‬ألنو يضر وال‬
‫ينفع ‪ ,‬واعترب عن قضاء اهلل تعالی وقدره غَتُ ؽتكن ‪.‬‬
‫فينبغي لكل مسلم أف يشتغل يف رتيع أوقاتو بذكر اهلل‬
‫تعالی والدعػػاء ‪ ,‬والتضرع ‪ ,‬وقراءة القرآف ‪ ,‬والصدقات‬
‫[الدافعة للببلء ] والصبلة ‪ ,‬ويسأؿ اهلل تعالی العفو والعافية‬
‫يف الدنيا واآلخرة ليصوف اهلل عنو تعالی الببلء و اآلفات ‪,‬‬
‫فإف من ُرزؽ الدعاء مل ُيرـ اإلجابة‪.‬‬
‫فإف كاف الببلء مقدراً ال ػتالة ‪ ,‬ولكن يرب اهلل عليو ويُرزقو‬
‫الصرب بربكة الدعاء ‪.‬‬
‫اللهم ٳذا تَعلّم من النجوـ قدر ما يعرؼ بو القبلة ‪ ,‬وأوقات‬
‫الصبلة فيجوز ذلك وأما تَػ َعلّم علم الطب فيجوز ‪ ,‬ألنو‬
‫سبب من األسباب فيجوز تعلمو كسائر األسباب ‪.‬‬
‫وقد تداوی النيب عليو السبلـ ‪,‬‬

‫‪‬‬
‫وقد ُحكي عن الشافعي رزتة اهلل عليو أنو قاؿ ‪:‬علم الفقو‬
‫لؤلدياف ‪ ,‬وعلم الطب لؤلبداف ‪ ,‬وما وراء ذلك بػُْلغَة غتلس ‪.‬‬
‫وأما تفسَت العلم ‪ :‬فهو صفة يتجلّی هبا اظتذكور ظتن قامت‬
‫ىي بو كما ىو ‪.‬‬
‫والفقو ‪ :‬معرفة دقائق العلم مع نوع العبلج ‪.‬‬
‫قاؿ ابو حنيفة رزتة اهلل عليو ‪( :‬الفقو معرفة النفس ما عتا‬
‫وما عليها) ‪.‬‬
‫وقاؿ ‪(:‬ما العلم ٳال للعمل بو ‪ ,‬والعمل بو ترؾ العاجل‬
‫لآلجل)‪.‬‬
‫فينبغي لئلنساف أف ال يغفل عن نفسو ‪ ,‬ما ينفعها وما‬
‫يضرىا ‪ ,‬كي ال يكوف عقلُوُ وعلمو حجة عليو فيزداد عقوبة ‪,‬‬
‫نعوذ باهلل من سخطو وعقابو ‪.‬‬
‫خبار صحيحةُ‬
‫آيات وأ ٌ‬ ‫ِ‬
‫مناقب العلم وفضائلو ‪ٌ ,‬‬ ‫وقد ورد يف‬
‫مشهورة مل نشتغل بذكرىا كي ال يطوؿ الكتاب ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في النيّة في حال التعلم‬

‫مث البد لو من النية يف زماف تعلم العلم ‪ ,‬ٳذا النية ىي‬


‫عماؿ‬
‫األصل يف رتيع األفعاؿ لقولو عليو السبلـ ‪( :‬ٳمنا األ ُ‬
‫بالنيات ) حديث صحيح ‪.‬‬
‫[روی] عن رسوؿ اهلل ‪ -‬صل اهلل عليو وسلم ‪ (: -‬كم من‬
‫عمل يتصور بصورة عمل الدنيا ‪ ,‬مث يصَت ُبسن النية من‬
‫أعماؿ اآلخرة ‪ ,‬وكم من عمل يتصور بصورة عمل اآلخرة مث‬
‫يصَت من أعماؿ الدنيا بسوء النية ) ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫اظتتعلم بطلب العلم رضاءَ اهلل والدار اآلخرة‬
‫وينبغي أف ينوي ُ‬
‫ِِ‬ ‫‪ ,‬وٳزالَة ِ‬
‫اصتهاؿ ‪ ,‬وٳحياءَ‬
‫اصتهل عن نفسو ‪ ,‬وعن سائر ّ‬
‫الدين وٳبقاءَ اإلسبلـ ‪ ,‬فإف بقاءَ اإلسبلـ بالعلم ‪ ,‬وال يصح‬
‫الزىد والتقوی مع اصتهل ‪.‬‬
‫الشيخ اإلماـ األجل األستاذ برىاف الدين صاحب‬
‫ُ‬ ‫وأنشدنا‬
‫(اعتداية) لبعضهم شعراً ‪:‬‬
‫ك‬‫متنس ُ‬
‫جاىل ّ‬‫ٌ‬ ‫وأكربُ منوُ‬ ‫ك‬
‫فساد كبَتٌ عامل ُمتَػ َهتّ ٌ‬
‫ٌ‬
‫يتمسك‬
‫ُ‬ ‫ظتن هبما يف دينِ ِو‬ ‫مها فتنةٌ للعاظتُت عظيمةٌ‬

‫الشكر علی نعمة العقل ‪ ,‬وصحة البدف ‪ ,‬وال‬


‫َ‬ ‫وينوي بو ‪:‬‬
‫قباؿ الناس عليو ‪ ,‬وال استجبلب ح ِ‬
‫طاـ الدنيا ‪,‬‬ ‫ينوي بو ٳ َ‬
‫َ ُ‬
‫والكرامة عند السلطاف وغَته ‪.‬‬
‫وقاؿ ػتمد بن اضتسن رزتة اهلل عليهما ‪ (:‬لو كاف الناس‬
‫كلهم عبيدي ألعتقتهم وتربأت من والئهم ) ‪ [ .‬وذلك ألف‬

‫‪‬‬
‫يرغب فيما عند‬
‫ُ‬ ‫وجد لذ َة العل ِم و َ‬
‫الع َم ِل بو ‪ ,‬قَػلّما‬ ‫] من َ‬
‫الناس ‪.‬‬
‫جل األستاذُ قِو ُاـ الدين َزتّاد بن‬
‫ماـ األ ُّ‬
‫الشيخ اإل ُ‬
‫ُ‬ ‫أنشدنا‬
‫ٳبراىيم بن ٳشتاعيل الصفار األنصاري ٳمبلءً أليب حنيفة رزتة‬
‫اهلل عليو ‪:‬‬
‫ِ‬
‫الرشاد‬ ‫فاز ٍ‬
‫بفضل من‬ ‫للم َعاد‬
‫َ‬ ‫العلم َ‬
‫ب َ‬ ‫من طَلَ َ‬
‫ض ٍل من العب ػ ػ ِاد‬ ‫ِ‬
‫لنيل فَ ْ‬ ‫فيػ ػ ػا َطتُسػ ػ ػراف طالبي ػ ػ ػ ػو‬

‫النهي عن اظتنكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ب اصتاهَ لؤلمر باظتعروؼ و َ‬
‫اللهم ٳال اذا طَلَ َ‬
‫‪.‬‬
‫يتعلم‬
‫يتفكر يف ذلك ‪ ,‬فإنو ُ‬ ‫َ‬ ‫وينبغي لطالب العلم ‪ :‬أف‬
‫العلم ٍ‬
‫جبهد كثَت ‪ ,‬فبل يصرفو ٳلی الدنيا اضتقَتة القليلة الفانية‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬

‫‪‬‬
‫( قاؿ النيب ‪ -‬صل اهلل عليو وسلم ‪ : -‬اتقوا الدنيا ‪,‬‬
‫فوالذي نفس ػتمد بيده ٳَّنا ألسحر من ىاروت وماروت) ‪.‬‬
‫شع ػػر ‪:‬‬
‫ذؿ من ِ‬
‫الذليل‬ ‫ِ‬
‫وعاش ُقها أ ُّ‬ ‫قل من القليل‬‫ىي الدنيا أ ُ‬
‫تحَتو َف ببل ِ‬
‫دليل‬ ‫تُ ِ‬
‫فهم ٔم ّ‬ ‫ص ُّم بسحرىا قوماً وتُعمي‬

‫وينبغي ألىل العل ِم أ ْف ال يُ ِذ ّؿ نَػ ْف َسوُ بالطّ َمع يف غَت اظتطمع‬


‫عما فيو مذلةُ العلم وأىلو ‪.‬‬
‫وُيًتز ّ‬
‫ويكوف متواضعاً ‪ ,‬والتواضع بُت التكرب والذلة ‪ ,‬والعفة‬
‫ويعرؼ ذلك يف كتاب (األخبلؽ ) ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كذلك ‪,‬‬
‫كن الدين اظتعروؼ باألديب‬
‫ماـ األستاذُ ر ُ‬
‫الشيخ اإل ُ‬
‫ُ‬ ‫أنشدين‬
‫اظتختار شعراً لنفسو ‪:‬‬
‫ٳ ّف التواضع من ِخ ِ‬
‫صاؿ اظتتقي‬ ‫َ‬
‫قي ٳلی اظتعايل يرتقي‬
‫وبو التّ ُّ‬

‫‪‬‬
‫جاىل‬
‫ٌ‬ ‫ب من ىو‬
‫ومن العجائب عُ ْج ُ‬
‫السعيد أـ الشقي‬
‫ُ‬ ‫يف حالِِو أىو‬

‫وحػػوُ‬
‫يف ُِيتَ ػ ُم عم ػرهُ أو ُر ُ‬
‫أـ ك َ‬
‫يَػ ْوَـ النَّوی ُمستَػ ّف ُل أو مرتقي‬
‫والكب ػري ػ ػاء لربن ػ ػا صف ػ ػةٌ ل ػ ػػو‬
‫ؼتصػ ػوص ػ ػةٌ فتجنّبهػ ػػا واتقػ ػ ػ ػي‬

‫قاؿ ابو حنيفة رزتة اهلل عليو ألصحابو ‪َ (:‬عظّموا عمائمكم‬


‫ووسعوا أكمامكم) ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ستخف بالعلم وأىلو ‪.‬‬
‫َ‬ ‫وٳمنا قاؿ ذلك لئبل يُ‬
‫كتاب الوصية اليت َكتَبها أبو‬
‫صل َ‬ ‫وينبغي لطالب العلم أف ُُي ّ‬
‫حنفية رزتة اهلل عليو ليوسف بن خالد السميت عند الرجوع‬
‫َيدهُ من يطلب العلم ‪.‬‬
‫ٳلی أىلو ‪ُ ,‬‬

‫‪‬‬
‫علي بن أيب‬
‫وقد كاف أستاذُنا شيخ اإلسبلـ برىاف الدين ُّ‬
‫بكر قدَّس اهلل روحو العزيز أمرين بكتابتو عند الرجوع ٳلی‬
‫ِ‬
‫معامبلت الناس‬ ‫بلدي فكتبتو ‪ ,‬وال بد للمدرس واظتفيت يف‬
‫منو ‪ .‬وباهلل التوفيق ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصـ ـل‬

‫في اختيار العلم واالستاذ‬


‫والشريك ‪ ,‬والثبات‪.‬‬

‫حسنَوُ وما‬ ‫ٍ‬


‫ِيتار من كل علم أ َ‬
‫وينبغي لطالب العلم أف َ‬
‫ُيتاج ٳليو يف أ ْم ِر دينو يف اضتاؿ ‪ ,‬مث ما ُ‬
‫ُيتاج ٳليو يف اظتآؿ ‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪‬‬
‫ويق ّدـ علم التوحيد واظتعرفة ويع ِر َ‬
‫ؼ اهلل بالدليل ‪ ,‬فإف ٳّياف‬
‫اظتقلد ‪ -‬وٳف كاف صحيحاً ‪ -‬الكن يكوف آذتاً بًتؾ‬
‫االستدالؿ ‪.‬‬
‫وِيتار العتيق دوف احملدثات ‪ ,‬قالوا ‪ :‬عليكم بالعتيق وٳياكم‬
‫تشتغل هبذا اصتداؿ الذي ظَ َهَر بعد‬
‫َ‬ ‫واحملدثات ‪ ,‬وٳياؾ أف‬
‫اض األكابر من العلماء ‪ ,‬فإنو يػُْبعِ ُد عن الفقو ويُضيّع‬
‫انقر ِ‬
‫ورث الوحشةَ والعداوَة ‪ ,‬وىو من أشراط الساعة‬
‫العمر ويُ ُ‬
‫تفاع العلم والفقو ‪ ,‬كما ورد يف اضتديث ‪.‬‬
‫وار ِ‬
‫ع‬
‫علم و األور َ‬
‫ِيتار األ َ‬
‫‪ -‬أما اختيار األستاذ ‪ :‬فينبغي أف َ‬
‫سن ‪ ,‬كما اختار أبو حنيفةَ ‪ ,‬رزتة اهلل عليو ‪,‬‬
‫و األ ّ‬
‫َزتّ َاد بن سليماف ‪ ,‬بعد التأمل والتفكر ‪ ,‬وقاؿ ‪:‬‬
‫(وجدتو شيخاً وقوراً حليماً صبوراً يف األمور ) ‪.‬‬
‫ت‪٫‬‬
‫ت عند زتاد بن سليماف فَػنَبَ ُّ‬
‫وقاؿ ‪ :‬ثػَبَ ُّ‬

‫‪‬‬
‫‪(:‬شتعت حكيماً من‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬وقاؿ أبو حنيفة رزتة اهلل عليو‬
‫حكماء شترقد قاؿ ‪ :‬ٳف واحداً من طلبة العل ِم‬
‫شاورين يف ِ‬
‫طلب العلم ‪ ,‬وكاف قد َعَزَـ علی الذىاب‬ ‫ََ‬
‫ٳلی ُُباری لطَلَب العلم ‪.‬‬
‫يشاور يف كل أمر ‪ ,‬فإف اهلل تعالی أ َمَر‬
‫َ‬ ‫وىكذا ينبغي أف‬
‫رسولَو عليو الصبلة والسبلـ باظتشاورة يف األمور ومل يكن‬
‫أحدٌ أفطَ َن منو ‪ ,‬ومع ذلك أ َمَر باظتشاورة ‪ ,‬وكاف يُشاور‬
‫أصحابَو يف رتيع األمور حتی حوائج البيت ‪.‬‬
‫قاؿ علّي كرـ اهلل وجهو ‪(:‬ما ىلك امروءٌ عن مشورة ) ‪.‬‬
‫ونصف رجل ‪ ,‬والشئ فالرجل‬
‫ُ‬ ‫قيل ‪[ :‬الناس ] رجل [تاـ ]‬
‫صائب ويشاور العقبلء ‪ ,‬ونصف رجل ‪ :‬من لو‬
‫ٌ‬ ‫ي‬
‫‪ :‬من لو رأ ٌ‬
‫رأي صائب لكن اليشاور ‪ ,‬أو يشاور ولكن ال رأي لو ‪,‬‬
‫والشئ ‪ :‬من ال رأي لو وال يشاور ) ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وقاؿ جعفر الصادؽ لسفياف الثوري ‪ ( :‬شا ِوْر يف أمرؾ‬
‫الذين َِي َشوف اهلل تعالی ) ‪.‬‬
‫فطلب العلم يف أعلی األمور وأصعبها ‪ ,‬فكانت اظتشاورة‬
‫فيو أىم و أوجب ‪.‬‬
‫فقاؿ اضتكيم رزتة اهلل عليو ‪ :‬ٳذا ذىبت الی ُباری فبل‬
‫امكث شهرين حتی تتأمل‬
‫عج ْل يف االختبلؼ ٳلی األئمة و ْ‬ ‫تَ َ‬
‫بالسْب ِق‬ ‫ِ‬
‫ذىبت ٳلی عامل وبدأت َّ‬
‫َ‬ ‫وختتار أستاذاً ‪,‬فإنك ٳف‬
‫ب ٳلی آخر ‪ ,‬فبل‬ ‫ِ‬
‫فتذى َ‬
‫درسو فتًتَُكوُ َ‬
‫ك ُ‬ ‫عنده فرمبا ال يُعجبُ َ‬
‫بارَؾ لك يف التعلم‪.‬‬
‫يُ َ‬
‫فتأمل يف شهرين يف اختيار األستاذ ‪ ,‬وشاور حتی الحتتاج‬
‫فتثبت عنده حتی يكوف تعلَّ ُمك‬ ‫ٳلی تر ِ‬
‫كو واالعر ِ‬
‫اض عنو‬
‫َ‬
‫وتنتفع بعلمك كثَتاً ‪.‬‬
‫مباركاً َ‬
‫صل كبَت يف رتيع األمور ولكنػو‬
‫الثبات أ ٌ‬
‫الصرب و َ‬
‫‪ -‬واعلم أف َ‬
‫عزيز ‪,‬‬

‫‪‬‬
‫كما قيل ‪:‬‬
‫لكػ ػ ّل ٳل ػػی الع ػػبل حركػ ػ ػػات‬
‫ولكن عز ٌيز يف الرجاؿ ثبات‬

‫قيل ‪ :‬ما الشجاعة ؟‬


‫[قيل]‪ :‬الشجاعةُ صرب ساعة ‪.‬‬
‫يثبت ويصرب علی أستاذ وعلی ٍ‬
‫كتاب حتی ال‬ ‫‪ -‬فينبغي أف َ‬
‫َ‬
‫يتقن‬
‫فن حتی ال يشتغل بفن آخر قبل أف َ‬ ‫بًت ‪ ,‬وعلی ّ‬ ‫يًتكو أ َ‬
‫بلد حتی ال ينتقل ٳلی بلد آخر من غَت‬ ‫األوؿ ‪ ,‬وعلی ٍ‬
‫يفرؽ األمور ويُشغِل القلب ويضيّع‬
‫ضرورة ‪ ,‬فإف ذلك كلو ّ‬
‫األوقات ويؤذي اظتعلّم ‪.‬‬
‫وينبغي أف يصرب عما تريده نفسو وىواه ‪.‬‬
‫قاؿ الشاعر ‪:‬‬
‫ٳف اعتوی عتو اعتوا ُف بعينو‬

‫‪‬‬
‫ىوی صريع َى َو ِاف‬
‫وصريُع كل ّ‬

‫ويصرب علی احملن والبليات ‪ .‬قيل ‪ ( :‬خزائن اظتنن ‪ ,‬علی‬


‫قناطَت احملن ) ‪.‬‬
‫لعلي بن أيب طالب كرـ اهلل وجهو‬ ‫ِ‬
‫ت ‪ ,‬وقيل ٳنو ّ‬‫ولقد أنْش ْد ُ‬
‫شعػراً ‪:‬‬
‫أال لن تناؿ العلم ٳال بستة‬
‫سأنبئك عن غتموعها ببياف‬
‫رص وبػُْلغ ػ ػ ػةٌ‬
‫ذكػ ػ ػاءٌ وحػ ػ ػ ٌ‬
‫اد أسػتاذ وط ػوؿ زمػ ػاف‬
‫وٳرش ػ ُ‬

‫ِ‬
‫ع‬ ‫وأما اختيار الشريك ‪ ,‬فينبغي أ ْف ِيتار اظتُج َّد و َ‬
‫الور َ‬
‫ويفر من الكسبلف‬ ‫وصاحب الطبع اظتستقيم اظتتفهم ‪َّ ,‬‬ ‫َ‬
‫واظتعطّ ِل واظتكثا ِر و ِ‬
‫اظتفسد والفتّاف ‪ .‬قاؿ الشاعر ‪:‬‬ ‫َُ‬

‫‪‬‬
‫عن اظتػ ػ ػرء ال تسػ ػ ػل وأبصػ ػ ػر قرين ػ ػ ػو‬
‫فإف القريػ ػن باظتقارف يقت ػدي‬
‫فإف كاف ذا شر فجانبو ُس ْرع ػةً‬
‫وٳف كاف ذا خَت فقارنو هتتدي‬

‫وأنشدت شعراً آخر ‪:‬‬


‫ال تصاحب الكسبل َف يف حاالتو‬
‫كم صا ٍل ب َف ِ‬
‫ساد آخر يَػ ْف ُس ُد‬
‫عدوی ِ‬
‫البليد ٳلی اصتليد سريعةٌ‬
‫فيخمد‬
‫ُ‬ ‫يوض ُع يف الرماد‬
‫كاصتمر َ‬

‫قاؿ النيب ‪ -‬صل اهلل عليو وسلم ‪ُ (: -‬كل مو ٍ‬


‫لود يولد علی‬ ‫ُ‬
‫وينصرانو و ّيجسانو )‬
‫يهودانو ّ‬ ‫ِ‬
‫فطرة اإلسبلـ ‪ ,‬ٳال أف أبوآه ّ‬
‫اضتديث ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ويقاؿ يف اضتكمة بالفارسية ‪:‬‬
‫ُبق ذات باؾ اهلل الصمد‬ ‫باربد بدتر بود ازماربد‬
‫بار نيكوکَت نابی نعيم‬ ‫باربد ازدترا سوی حجيم‬

‫وقيل ‪:‬‬
‫ٳف كنت تبغي العلم وأىلو‬
‫أو شاىداً ِيرب عن غائب‬
‫فاعترب األرض بأشتائهػػا‬
‫ب بالصاحب‬
‫واعترب الصاح َ‬

‫‪‬‬
‫فصـل‬

‫في تعظيم العلم وأىلو‬

‫ينتفع بو ٳال‬
‫يناؿ العلم وال ُ‬ ‫وٳعلم أف طالب العلم ال ُ‬
‫بتعظيم العل ِم وأ ِ‬
‫ىلو ‪ ,‬وتعظيم األستاذ وتوقَته ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬ما وصل من وصل ٳال باضترمة ‪ ,‬وما سقط من سقط‬
‫ٳال بًتؾ اضتُرمة ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬اضترمةُ خَتٌ من الطاعة ‪ ,‬أال تری أف اإلنساف ال‬
‫يكفر باظتعصية ‪ ,‬وٳمنا يكفر باستخفافها وبًتؾ اضترمة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫علي رضي اهلل عنو ‪:‬‬
‫ومن تعظيم العلم تعظيم ألستاذ ‪ ,‬قاؿ ّ‬
‫عبد من علّمٍت حرفاً واحداً ‪ ,‬ٳف شاءَ باع ‪ ,‬وٳف شاء‬
‫(أنا ُ‬
‫اسًتؽ ) ‪.‬‬
‫نشدت يف ذلك ‪:‬‬
‫وقد أ ُ‬
‫حق اظتعلّم‬
‫اضتق َّ‬
‫حق ّ‬ ‫رأيت أ َّ‬
‫وأوجبَو حفظاً علی كل ُمسلم‬
‫حق أف يُهدی ٳليو كرامةً‬
‫لقد َّ‬
‫لتعليم حرؼ واحد ألف درىم‬

‫فإ َّف من علمك حرفاً واحداً ؽتا حتتاج ٳليو يف الدين فهو‬
‫أبوؾ يف الدين ‪.‬‬
‫وكاف أستاذنا الشيخ اإلماـ سديد الدين الشَتازي يقوؿ ‪:‬‬
‫قاؿ مشاِينا ‪ :‬من أراد أف يكوف ابنُوُ عاظتاً ينبغي أ ْف يراعي‬

‫‪‬‬
‫يطعمهم ويعطيَػ ُه ْم شيئاً ‪,‬‬
‫ويكرمهم و َ‬ ‫َ‬ ‫الغرباء من الفقهاء ‪,‬‬
‫وٳف مل يكن ابنو عاظتاً يكوف حفيده عاظتاً ‪.‬‬
‫َيلس مكانو ‪ ,‬وال‬
‫ومن توقَت اظتعلم أف الّيشي أمامو ‪ ,‬وال َ‬
‫الكبلـ عنده ‪ ,‬وال‬ ‫ِ‬
‫بالكبلـ عنده ٳال بإذنو ‪ ,‬وال يُكثر‬ ‫يبتدئ‬
‫َ‬
‫يسأؿ شيئاً عند مبللتو ويُراعي الوقت ‪ ,‬وال يدؽ الباب بل‬
‫يصرب حتی ِيرج األستاذ ‪.‬‬
‫فاضتاصل ‪ :‬أنو يطلب رضاه ‪ ,‬وَيتنب ُس ْخطَو ‪ ,‬وّيتثل أمره‬
‫يف غَت معصية هلل تعالی ‪ ,‬فإنو ال طاعة للمخلوؽ يف معصية‬
‫شر‬
‫قاؿ النيب ‪ -‬صل اهلل عليو وسلم ‪ (: -‬ٳف َّ‬ ‫اطتالق ‪ ,‬كما َ‬
‫ِ‬
‫الناس من يُذىب دينَو لدنيا غَته مبعصية اطتالق ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن توقَته ‪ :‬توقَت أ ِ‬
‫والده ومن يتعلق بو‪ .‬وكاف أستاذنا‬ ‫ُ‬
‫صاحب (اعتداية ) رزتة اهلل عليو‬
‫ُ‬ ‫شيخ اإلسبلـ برىاف الدين‬
‫ُ‬
‫غتلس‬
‫ُيكي ‪ :‬أف واحداً من أكابر أئمة ُباری كاف َيلس َ‬
‫يقوـ يف خبلؿ الدرس أحياناً فسألوا عنو ؟‬
‫الدرس ‪ ,‬وكاف ُ‬

‫‪‬‬
‫فقاؿ ‪ :‬ٳف ابن أستاذي يلعب مع الصبياف يف السكة ‪ ,‬وَيئ‬
‫قوـ لو تعظيماً ألستاذئ‬
‫أحياناً ٳلی باب اظتسجد ‪ ,‬فإذا رأيتُو أ ُ‬
‫‪.‬‬
‫ئيس األئمة‬
‫والقاضي اإلماـ فخر الدين األرسابندي كا َف ر َ‬
‫يف مرو وكاف السلطا ُف ُيًتمو غاية االحًتاـ وكاف يقوؿ ‪ :‬ٳمنا‬
‫خد ُـ األستاذَ‬
‫كنت أ ُ‬
‫ُوجدت هبذا اظتنصب ُبدمة األستاذ فإين ُ‬
‫خدمو وأطبخ طعامو‬
‫ماـ أبا زيد الدبوسي وكنت أ ُ‬
‫القاضي اإل َ‬
‫[ثبلثُت سنة] وال آكل منو شيئاً ‪.‬‬
‫وكاف الشيخ اإلماـ األجل مشس األئمة اضتلواين رزتة اهلل‬
‫بعض القری أياماً ٍ‬
‫ضتادثة‬ ‫عليو قد خر َج من ُباری وس َك َن يف ِ‬
‫وقعت لو وقد ز َارهُ تبلمي ُذهُ غَت الشيخ اإلماـ مشس األئمة‬
‫القاضي بكر بن ػتمد الزرؾتري رزتو اهلل تعالی ‪ ,‬فقاؿ لو‬
‫حُت لقيو ‪ :‬ظتاذا مل تزرين ؟ قاؿ ‪ :‬كنت مشغوالً ِ‬
‫ُبدمة الوالدة‬
‫رزؽ رونق الدرس ‪ ,‬وكاف كذلك ‪,‬‬
‫العمر ‪ ,‬ال تُ ُ‬
‫رزؽ َ‬ ‫‪ .‬قاؿ ‪ :‬تُ ُ‬

‫‪‬‬
‫ينتظم لو‬ ‫وقات يف القری ومل‬ ‫فإنو كاف يس ُكن يف أكث ِر أ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الدرس‪ .‬فمن تأذّی منو أستاذُه ُُْيَرْـ بركةَ العل ِم وال ُ‬
‫ينتفع‬
‫بالعلم ٳال قليبلّ ‪.‬‬
‫الطبيب كبلمها‬
‫اظتعلم و َ‬
‫[ٳ ف َ‬
‫ال ينصحاف ٳذا ُمها مل يُكْرما]‬

‫جفوت طبيبَوُ‬
‫َ‬ ‫[فاصرب لدائِ َ‬
‫ك ٳف‬
‫جفوت ُمعلّما]‬ ‫ك ٳ ْف‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اقنع جبهل َ‬
‫و ْ‬

‫بعث ابنَوُ ٳلی األصمعي‬ ‫وحكي أ َّف اطتليفةَ ىارو َف الرشيد َ‬ ‫ُ‬
‫ويغسل رجلَوُ ‪ ,‬وابن‬
‫ُ‬ ‫دب فرآه يوماً يتوضأ‬‫العلم واأل َ‬
‫علموُ َ‬
‫ليُ َ‬
‫فعاتب االصمع َّي [يف ذلك]‬ ‫َ‬ ‫يصب اظتاءَ علی رجلِ ِو ‪,‬‬
‫اطتليفة ُّ‬
‫وتؤدبَوُ فلماذا مل تأ ُم ْرهُ بأف‬
‫ليك لتعلّ َموُ ّ‬
‫بقولو ‪ :‬ٳمنا بعثتُوُ ٳ َ‬
‫ويغسل باألخری رجلَك؟‬
‫َ‬ ‫ب اظتاءَ بإحدی يديو ‪,‬‬
‫ص َّ‬
‫يَ ُ‬
‫تعظيم الكتاب ‪ ,‬فينبغي لطالب العلم‬
‫ُ‬ ‫ومن تعظي ِم العل ِم ‪:‬‬
‫الكتاب ٳال بطهارة ‪.‬‬
‫َ‬ ‫أف ال يأخذ‬
‫‪‬‬
‫الشيخ ِ‬
‫مشس األئمة اضتلواين رزتو اهلل تعالی أنو‬ ‫وحكي عن ِ‬
‫ُ‬
‫اخذت الكاغد‬
‫ُ‬ ‫العلم بالتعظيم ‪ ,‬فإين ما‬
‫قاؿ ‪ :‬ٳمنا نلت ىذا َ‬
‫ٳال بطهارة ‪.‬‬
‫مشس اإلئمة السرخسي كاف مبطوناً يف ليلة ‪,‬‬ ‫ماـ ُ‬ ‫والشيخ اإل ُ‬
‫سبع َع َش ْرَة مرة ألنوُ كا َف‬ ‫ِ‬
‫ضأ يف تلك الليلة َ‬
‫وكاف يكرر ‪ ,‬وتَػ َو ّ‬
‫نور‬
‫نور والوضوءُ ٌ‬ ‫العلم ٌ‬ ‫ال يُ َكّرُر ٳال بالطهارة ‪ ,‬وىذا ألف َ‬
‫نور العلم بو ‪.‬‬
‫فيزداد ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‬ ‫ومن التعظيم الواجب للعامل أف ال ّيََُّد ّ‬
‫الر ْج َل ٳلی‬
‫ض َع‬‫كتاب التفسَت فوؽ سائر الكتب [تعظيماً] وال يَ َ‬ ‫ض َع َ‬ ‫ويَ َ‬
‫شيئاً آخر علی الكتاب ‪.‬‬
‫الشيخ برىاف الدين رزتو اهلل تعالی ُيكي عن‬ ‫ُ‬ ‫وكاف أستاذُنا‬
‫ض َع اظتِ ْحبَػَرة علی الكتاب‬
‫شي ٍخ من اظتشايخ ‪ :‬أ َّف فقيهاً كا َف َو َ‬
‫‪ ,‬فقاؿ لو [بالفارسية] ‪ :‬بَػ ْرنَيا يي ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫اظتعروؼ‬
‫ُ‬ ‫جل فخر الدين‬‫ماـ األ ُّ‬
‫وكاف أستاذنا القاضي اإل ُ‬
‫بقاضي خاف رحهمو اهلل تعالی يقوؿ ‪ :‬ٳ ْف مل يُِرْد بذلك‬
‫س بذلك واألولی أ ْف َُْي ًَِتْز عنو ‪.‬‬ ‫االستخفاؼ فبل بأ َ‬
‫َ‬
‫ويًتؾ اضتاشيةَ‬ ‫ط َ‬ ‫والتعظيم ‪ :‬أف َُي ّوَد كتابةَ الكتاب وال يػُ َق ِرم َ‬
‫عند الضرورة ‪.‬‬ ‫ٳال َ‬
‫ط يف الكتابة‬ ‫ورأی أبو حنيفة رزتو اهللُ تعالی كاتباً يػُ َق ْرِم ُ‬
‫ت تَػْن َدـ وٳف ِم َّ‬
‫ت تُ ْشتَ ْم‬ ‫ِ‬
‫ك ‪ ,‬ٳف ع ْش َ‬ ‫ط َخطّ َ‬‫فقاؿ ‪ ( :‬ال تُػ َق ْرِم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت علی ذلك ‪.‬‬ ‫ص ِرؾ نَد ٔم َ‬
‫ف نوُر بَ َ‬‫وضعُ َ‬
‫ت َ‬ ‫) يعٍت ٳذا ش ْخ َ‬
‫حكي أنو‬ ‫وحكي عن الشيخ اإلماـ غتد الدين الصرخكي ‪َ ,‬‬ ‫ُ‬
‫قاؿ ‪ :‬ما قَػ ْرَمطْنا نَ ِد ْمنا ‪ ,‬وما انتَ َخْبػنَا ندمنا ‪ ,‬وما نُقابل‬
‫ندمنا) ‪.‬‬
‫تقطيع أيب‬ ‫ِ‬
‫الكتاب ُمَربّعاً ‪ ,‬فإنو‬ ‫تقطيع‬ ‫وينبغي أف يكوف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يسر علی الرف ِع والوض ِع‬ ‫حنيفةَ رزتو اهلل تعالی ‪ ,‬وىو أ ُ‬
‫واظتطالعة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫شيئ من اضتمرة ‪ ,‬فإنو من‬ ‫ِ‬
‫وينبغي أف يكو َف يف الكتاب ٌ‬
‫ِ‬
‫الفبلسفة ال صنيع السلف ‪ ,‬ومن مشاِينا كرىوا‬ ‫صنيع‬
‫استعماؿ اظترّكب األزتر ‪.‬‬
‫تعظيم الشركاء [ يف طلب العلم‬
‫ُ‬ ‫ومن تعظيم العلم ‪:‬‬
‫مذموـ ٳال يف طلب‬
‫ٌ‬ ‫التملق‬
‫والدرس ] ومن يتعلم منو ‪ .‬و ُ‬
‫العلم ‪.‬‬
‫ليستفيد منهم ‪,‬‬
‫َ‬ ‫فإنو ينبغي أف يتملق أل ِ‬
‫ستاذهِ وشركائِِو‬ ‫َ‬
‫يستمع العلم واضتكمةَ بالتعظي ِم‬
‫َ‬ ‫وينبغي لطالب العلم اف‬
‫رمة ‪ ,‬واف َِشت َع مسئلةً واحدة أو حكمةً واحدة ألف مرة ‪.‬‬
‫واضت ِ‬
‫ُ‬
‫قيل ‪ :‬من مل يكن تعظي ُموُ بعد ألف مرةٍ كتعظيمو يف أوؿ‬
‫مرة فليس بأ ِ‬
‫ىل العلم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫نوع العل ِم بنفسو ‪ ,‬بل‬
‫ِيتار َ‬
‫وينبغي لطالب العلم أف ال َ‬
‫التجارب‬
‫ُ‬ ‫ص َل لو‬
‫مرهُ ٳلی األستاذ ‪ ,‬فإف األستاذ قد َح َ‬
‫ضأَ‬‫يفو ُ‬
‫ّ‬
‫لكل أ ٍ‬
‫حد وما يليق بطبيعتو‪.‬‬ ‫ؼ مبا ينبغي ِ‬ ‫عر َ‬
‫يف ذلك ‪ ,‬فكا َف أ َ‬

‫‪‬‬
‫جل األستاذُ برىاف اضتق والدين رزتو‬
‫الشيخ اإلماـ األ ّ‬
‫ُ‬ ‫وكاف‬
‫اهلل تعالی يقوؿ ‪ :‬كا َف طلبةُ العل ِم يف ِ‬
‫الزماف األوؿ يفوضو َف‬
‫ستاذىم ‪ ,‬وكانوا يصلوف ٳلی‬ ‫أمرىم يف التعليم ٳلی أ ِ‬
‫َُ ْ‬
‫ص ُل‬ ‫ِ‬ ‫مقصودىم ِ‬
‫ِ‬
‫ومرادىم ‪ ,‬واآلف ِيتاروف بأنفسهم ‪ ,‬فبل َُْي ُ‬‫ُ‬
‫مقصودىم من العلم والفقو ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وكاف ُُيكی أف ػتمد بن ٳشتاعيل البخاري رزتو اهلل تعالی‬
‫كاف بدأ بكتابة الصبلةِ علی ػتمد بن اضتسن رزتو اهلل ‪,‬‬
‫علم اضتديث ‪ ,‬ظتا‬
‫فقاؿ لو ػتمد بن اضتسن ‪ :‬ٳذىب وتعلم َ‬
‫ب علم اضتديث فصار‬‫رأی أف ذلك العلم أليق بطبعو ‪ ,‬فَطَلَ َ‬
‫فيو ُمقدَّماً علی رتيع أئمة اضتديث ‪.‬‬
‫َيلس قريباً من األستاذ عند‬
‫‪ -‬وينبغي لطالب العلم أف ال َ‬
‫السبق بغَت ضرورة ‪ ,‬بل ينبغي أف يكوف بينو وبُت األستاذ‬
‫قرب ٳلی التعظيم ‪.‬‬
‫قدر القوس فإنو أ ُ‬
‫َ‬

‫‪‬‬
‫‪ -‬وينبغي لطالب العلم أف ُيًتز عن األخبلؽ الذميمة ‪,‬‬
‫كبلب معنوية ‪ ,‬وقد قاؿ رسوؿ اهلل ‪ -‬صل اهلل عليو‬
‫ٌ‬ ‫فإَّنا‬
‫وسلم ‪ ( : -‬ال تدخل اظتبلئكة بيتاً فيو كلب أو صورة ) ‪.‬‬
‫وٳمنا يتعلم اإلنسا ُف بواسطة ملك ‪.‬‬
‫واألخبلؽ الذميمة تُعرؼ يف (كتاب األخبلؽ) وكتابُنا ىذا‬
‫بياَّنا ‪.‬‬
‫ُيقل َ‬‫ال ُ‬
‫[وليحًتز] خصوصاً عن التكرب ومع التكرب ال ُيصل العلم‪,‬‬
‫قيل ‪:‬‬
‫كالسيل حرب للمكاف العايل‬ ‫العلم حرب [للفتی] اظتتعايل‬

‫‪‬‬
‫فص ــل‬

‫في الجـ ّد والمواظبـة و الهمـّة‬

‫مث البد من اصتِ ّد واظتواظبػة واظتبلزمػة لطالب العلم ‪ ,‬وٳليو‬


‫الكتاب بقوة ) وقولو‬
‫َ‬ ‫اإلشارة يف القرآف بقولو‪( :‬يا ُييی ُخذ‬
‫تعالی ‪( :‬والذين جاى ُدوا فِينا لَ ِ‬
‫نهديَػنّهم ُسبُػلَنا ) ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫قيل ‪:‬‬
‫فهل جد ببل ِج ّد مبجدي‬ ‫جب ػد ال جبػ ِّػد كػل ُغتػػد‬
‫مقاـ عبد‬ ‫ٍ‬
‫يقوـ َ‬
‫وكم حر ُ‬ ‫مقاـ حر‬
‫يقوـ َ‬‫فكم من عبد ُ‬

‫‪‬‬
‫وج َّد وجد ‪ ,‬ومن قرع الباب وجلّ‬
‫وقيل ‪ :‬من طلب شيئاً َ‬
‫وجل‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬بقدر ما تتعنّی تناؿ ما تتمنّی ‪.‬‬
‫وقيل ‪ُ :‬يتاج يف التعليم والتفقو ٳلی جد ثبلثة ‪ :‬اظتتعلم ‪,‬‬
‫األستاذ ‪ ,‬واألب ‪ ,‬ٳف كاف يف األحياء ‪.‬‬

‫أنشدين الشيخ اإلماـ األجل األستاذ سديد الدين الشَتازي‬


‫للشافعي رزتهما اهلل ‪:‬‬
‫اصتِػ ُّد يُدن ػي كػ َّل أمػ ػ ٍر شاسػ ػع‬
‫واصتِػ ُّد يفتَ ػ ُح َّ‬
‫كل باب ُم ْغلَ ػ ِق‬
‫امرؤ‬
‫حق خلق اهلل تعالی باعتم ٌ‬
‫وأ ُّ‬
‫ذو ِمهٍّة يُبلػي بعيػ ٍ‬
‫ش ضيّ ِق‬
‫ِ‬
‫وحكمو‬ ‫ومن الدليل علی القضاء‬

‫‪‬‬
‫بؤس اللبيب وطيب عيش األزتق‬
‫زؽ اضتِ َجا ُح ِرَـ الغنی‬
‫لكن من ُر َ‬
‫ي تف ػ ِ‬
‫رؽ‬ ‫ض ػ ّداف يفًتق ػاف أ َّ‬

‫ت لغَته ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫وأنش ْد ُ‬
‫يت أف دتسي فقيهاً مناظراً‬
‫دتنّ َ‬
‫بغَت َعنَ ٍاء واصتنو ُف فنو ُف‬
‫اظتاؿ دوف ٍ‬
‫مشقة‬ ‫وليس اكتسابُ ِ‬
‫كيف يكػػو ُف؟‬ ‫ِ‬
‫لم َ‬ ‫حتملُها فالع ُ‬
‫َّ‬

‫قاؿ أبو طيب اظتتنيب ‪:‬‬


‫كنقص القادرين علی ِ‬
‫االدتاـ‬ ‫ِ‬ ‫مل ٱر يف عيوب الناس عيباً‬

‫والبد لطالب العلم من سهر الليايل كما‬

‫‪‬‬
‫قاؿ الشاعر ‪:‬‬
‫كتسب اظتعايل‬
‫ُ‬ ‫بقد ِر ِّ‬
‫الكد تُ‬
‫ب العُلی َس ِهَر الليايل‬
‫ومن طَلَ َ‬
‫ْ‬
‫تناـ ليبلً‬ ‫ِ‬
‫تروـ العَّز مث ُ‬
‫ُ‬
‫ب الآليل‬
‫وص يف البحر من طَلَ َ‬
‫يػُغُ ُ‬
‫عُلُُّو الكعب باعتم ِم العوايل‬
‫وعن ِ‬
‫اظترء يف َس َه ِر الليايل‬
‫النوـ ريب يف الليايل‬
‫كت َ‬ ‫تر ُ‬
‫رضاؾ يا مولَی اظتوايل‬
‫جل َ‬ ‫أل ِ‬
‫ومن راـ العلی من غَت كد‬
‫أضاع العمر يف طلب احملاؿ‬
‫فوفَّػ ْقٍت ٳلی حتصيل علي ٍم‬

‫‪‬‬
‫صی اظتعايل‬
‫وبلّ ْغٍت ٳلی أقْ َ‬

‫الليل رتبلً تدرؾ بو أمبل ‪.‬‬


‫قيل ‪ :‬اختذ َ‬

‫شعر ‪:‬‬
‫قاؿ اظتصنف وقد اتفق يل نظم يف ىذا اظتعنی ٌ‬
‫من شاء أف ُيتوي آمالُو ُرتبلً‬
‫فليتخ ػ ْذ ليلَو يف َد ْركه ػا َرتَػبل‬
‫طعامك كي حتظی بو سهراً‬
‫ٳقلل َ‬
‫ٳف شئت يا صاحيب أف تبلغ الكمبل‬

‫سهر نفسو باليل ‪ ,‬فقد فَػَّر َح قلبَو بالنهار ‪.‬‬


‫وقيل ‪ :‬من أ َ‬
‫ِ‬
‫الدرس والتكرار يف‬ ‫‪ -‬والبد لطالب العلم من اظتواظبة علی‬
‫أوؿ الليل وآخره ‪ ,‬فإف ما بُت العشائُت ‪ ,‬ووقت السحر ‪,‬‬
‫وقت مبارؾ ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫قيل يف ىذا اظتعنی ‪:‬‬
‫الوَرعا‬ ‫ِِ‬
‫طالب العلم باشر َ‬
‫يا َ‬
‫النوـ واترؾ الشبَعا‬
‫وجانب َ‬
‫الدرس ال تفا ِرقُوُ‬
‫وداوـ علی ِ‬
‫قاـ وارتفعا‬
‫العلم بالدرس َ‬
‫فإف َ‬

‫فيغتنم أياـ اضتداثة وعنفواف الشباب ‪,‬‬

‫كما قيل ‪:‬‬


‫قوُـ‬
‫فمن َر َاـ اظتُنی ليبلً يَ ُ‬ ‫وـ‬
‫بقدر الكد تُعطی ما تَػ ُر ُ‬
‫أالَ إ َّف اضتداثػَ ػةَ ال ت ػ ػ ُ‬
‫دوُـ‬ ‫ػاـ اضتداث ػػة فا ْغتَنِ ْمهػػا‬
‫وأي َ‬

‫‪‬‬
‫ينقطع عن‬ ‫ف النفس حتی‬ ‫نفسو جهداً ي ْ ِ‬ ‫وال َُْي ِه ْد‬
‫َ‬ ‫ضع ُ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫صل عظيم يف‬
‫الرفق أ ٌ‬
‫يستعمل الرفق يف ذلك ‪ ,‬و ُ‬
‫ُ‬ ‫العمل ‪ ,‬بل‬
‫األشياء ‪.‬‬

‫قاؿ رسوؿ اهلل ‪ -‬صل اهلل عليو وسلم ‪(:-‬أال ٳ َّف ىذا َ‬
‫الدين‬
‫نفسك يف عبادةِ اهلل تعالی‬
‫وغل فيو برفق ‪ ,‬وال تُػبػغِّض ِ‬
‫َ‬
‫متُت فأ ِ‬
‫ٌ‬
‫ت ال أرضاً قَطَ َع وال ظَهراً أبْقی ) ‪.‬‬
‫فإف اظتْنبَ َّ‬
‫ُ‬
‫ك فارفُق هبا )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك َمطيَّتُ َ‬
‫نفس َ‬
‫وقاؿ عليو السبلـ ‪ُ ( :‬‬
‫ِ‬ ‫فبل َّ‬
‫بد لطالب العلم من اعتِّمة العالية يف العمل ‪ ,‬فإف اظترءَ‬
‫يطَتُ هبمتِ ِو كالطَت جبناحيو ‪.‬‬
‫وقاؿ ابو الطيب رزتو اهلل ‪:‬‬

‫علی قَ ْد ِر أىل َ‬
‫الع ْزـ تأتی العزائم‬
‫وتأيت علی قد ِر الكرـ اظتكارـ‬
‫صغارىا‬
‫وتعظم يف عُت الصغَت ُ‬
‫ُ‬
‫العظائِ ُم‬
‫وتصغُُر يف عُت العظي ِم َ‬

‫‪‬‬
‫كن يف حتصيل األشياء اصتِ ُّد واعتمة العالية ‪ ,‬فمن كانت‬ ‫والر ُ‬
‫ظ رتي ِع كتب ػتمد بن اضتسن ‪ ,‬واقًت َف بذلك اصتِ َّد‬ ‫ِمهّتُوُ ِحف َ‬
‫كثرىا أو نص َفها ‪ ,‬فأما ٳذا‬‫ظأ ُ‬ ‫واظتواظبة ‪ ,‬فالظاىر أنو ُي َف ُ‬
‫كانت لو مهة عالية ومل يكن لو ِجد‪ ,‬أو كاف لو ِجد ومل تكن‬
‫ُيصل لو العلم ٳال قليبلً ‪.‬‬
‫لو مهةٌ عاليةٌ ال ُ‬
‫رضي الدين النيسابوري‬
‫وذكر الشيخ اإلماـ األجل األستاذ ُّ‬
‫يف كتاب (مكارـ األخبلؽ) ‪ :‬أف ذا القرنُت ظتا أراد أف يسافر‬
‫شاوَر اضتكماء وقاؿ ‪ :‬كيف‬
‫ليستويل علی اظتشرؽ و اظتغرب ‪َ ,‬‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫سافر هبذا القد ِر من اظتلك ‪ ,‬فإف الدنيا قليلةٌ فانيةٌ‪ُ ,‬‬
‫وم ْل ُ‬ ‫أ ُ‬
‫مر حقَت ‪ ,‬فليس ىذا من عُلُِّو اعتمػػة ‪ ,‬فقاؿ اضتكمػػاء‬ ‫الدنيا أ ٌ‬
‫لك الدنيا واآلخػػرة ‪ ,‬فقاؿ‪ :‬ى ػػذا‬ ‫ِ‬
‫‪ :‬سافر ليحصل لَك ُم ُ‬
‫أحس ػػن ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ُيب‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل ‪ -‬صل اهلل عليو وسلم ‪ ( :-‬ٳف اهلل ُّ‬
‫معايل األموِر ويكرهُ َس ْف َسافها )‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقيل ‪:‬‬
‫ِ‬
‫فػ ػ ػبل تعجػ ػ ػ ْل بأم ػ ػ ِرَؾ واستَد ْمػ ػ ػوُ‬
‫صلّی عص ػاؾ كمستديػ ػم‬
‫فما َ‬

‫كنت بليداً‬
‫قيل ‪ :‬قاؿ ابو حنيفة رزتو اهلل أليب يوسف ‪َ :‬‬
‫خرجْتك اظتواظبة ‪ ,‬وٳياؾ والكسل فإنو شؤـ وآفة عظيمة ‪.‬‬
‫أ َ‬
‫قاؿ الشيخ اإلماـ أبو نصر الصفار األنصاري ‪:‬‬
‫يانفس ِ‬
‫يانفس ال تػُ ْرخي عن العمل‬ ‫ِ‬
‫العدؿ واإل ِ‬
‫حساف يف َم َه ِل‬ ‫الرب و ِ‬
‫يف ِ ِّ‬
‫فَ ُك ُّل ذي َع َم ٍل يف اطتَت ُمغتَبِ ٌ‬
‫ط‬
‫ببلء ٍ‬
‫وشؤـ ُك ُّل ذي َك َس ػ ِل‬ ‫وف ػي ٍ‬

‫‪‬‬
‫قاؿ اظتصنف ‪ :‬وقد اتفق يل يف ىذا اظتعنی شعر ‪:‬‬
‫التكاس َػل والتّوانػي‬
‫ُ‬ ‫دعػي نفسػي‬
‫وٳال فاثبُت ػي ف ػي َذا اعت ػو ِاف‬
‫فلم َٱر لل َكسايل َّ‬
‫اضتظ [يُعطي]‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫حرماف األماين‬ ‫سوی نَ َدـ و‬
‫وقيل ‪:‬‬
‫كم من ٍ‬
‫حياء وكم َع ْج ٍز وكم نَ َدٍـ‬
‫نساف ِم ْن َك َس ِل‬
‫جم تَػولّ َد لئل ِ‬
‫َ َ‬
‫البحث عن ُشبٍُو‬
‫ِ‬ ‫[ٳياؾ عن َك َس ٍل يف‬
‫ك َس ِل]‬ ‫علمت ‪ ,‬وما قَ ْد َش ْذ َعْن َ‬
‫َ‬ ‫فما‬

‫وقد قيل ‪:‬‬


‫ِ‬
‫مناقب العل ِم وفضائلو ‪ ,‬فينبغي‬ ‫ال َكسل من ِ‬
‫قلة التأ ّم ِل يف‬ ‫َُ‬
‫علی التحصيل واصتد واظتواظبة بالتأمل يف‬ ‫نفسو‬ ‫ب‬ ‫أف يػ ٔتعِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪‬‬
‫فضائل العلم ‪ ,‬فإف العلم يبقی [ببقاء اظتعلومات] واظتاؿ‬
‫يفنی‪,‬‬
‫كما قاؿ أمَت اظتؤمنُت علي بن أيب طالب كرـ اهلل وجهو ‪:‬‬

‫رضينػ ػا قسمػ ػةَ اصتب ػ ػار فينػ ػ ػا‬


‫اؿ‬
‫لن ػػػ ا عل ػػػ ٌم ولبلعػ ػداء مػ ػ ُ‬
‫اظتاؿ يفنی عن قريب‬
‫فإف َ‬
‫العلم يبقی ال يز ُاؿ‬
‫وٳف َ‬

‫حسن الذكر ويبقی ذلك بعد وفاتِِو‬


‫العلم النافع ُيصل بو ُ‬‫و ُ‬
‫جل ظهَت الدين‬‫ماـ األ ُ‬
‫الشيخ اإل ُ‬
‫ُ‬ ‫فإنو حياةٌ أبدية ‪ .‬وأنشدنا‬
‫مفيت األئمة اضتسن بن علي اظتعروؼ باظترغيناين ‪:‬‬
‫قبل موهتِِ ُم والعاظتو َف وٳف ماتوا فأحياء‬
‫اصتاىلوف موتی َ‬

‫‪‬‬
‫جل برىاف الدين رزتو اهلل ‪:‬‬
‫وأنشدين الشيخ اإلماـ األ ُ‬

‫موت ألىلو‬ ‫ويف ِ‬


‫اصتهل قبل اظتوت ٌ‬
‫جسامهم قبل القبور قبور‬
‫فأ ُ‬
‫وأف امرؤ مل ُيي بالعلم ميت‬
‫فليس لو حُت النشور نشور‬
‫َ‬
‫[وقاؿ غَته ] ‪:‬‬
‫حي خال ٌد بعد موتو‬ ‫ِ‬
‫أخو العلم ٌ‬
‫واوصالُو حتت الًتاب رميم‬
‫وذو اصتهل ميت وىو ّيشي علی الثر‬
‫ی يظهر من األحياء وىو عدمي‬
‫وقاؿ آخر ‪:‬‬

‫جهل فاجتنبوُ‬
‫حياة القلب علم فاغتنمو وموت القلب ٌ‬

‫‪‬‬
‫وأنشدين استاذنا شيخ اإلسبلـ برىاف الدين رزتة اهلل عليو‬
‫شعػراً ‪:‬‬
‫ذا العلم أعلی رتبةً يف اظتراتِ ِ‬
‫ب‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ْن ُدونو عُّز العلی يف اظتواك ِ‬‫ِ‬
‫ََ‬
‫فذو العلم يبقی عزه متَ ِ‬
‫ضاعفاً‬ ‫ّ ُ‬
‫وذو اصتهل بعد ِ‬
‫اظتوت يف الًت ِ‬
‫ائب‬
‫ات ال يرجوا َمداهُ من أرتقی‬
‫فهيه ُ‬
‫ايل الكتائِ ِ‬
‫ب‬ ‫اظتلك و ِ‬
‫ويل َ‬ ‫ُرقي ّ‬
‫بعض ما فيو فاشتَعُوا‬
‫سأ ْملي عليكم َ‬
‫فيب َحصر عن ِذكر كل اظتناقِ ِ‬
‫ب‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫الع َمی‬
‫النور ُك ُّل النور يَػ ْهدي عن َ‬
‫ىو ُ‬
‫وذو اصتهل َمَّر الدى ِر بُت الغياىب‬
‫الش ّماءُ حتمي من التجا‬ ‫ىو ِّ‬
‫الذ َروةُ ّ‬
‫ٳليها وّيشي آمناً يف النوائِ ِ‬
‫ب‬

‫‪‬‬
‫الناس يف غفبلهتم‬
‫بو يَػْنتَجي و ُ‬
‫يرَتي والروح بُت الًتائِ ِ‬
‫ب‬ ‫بو َ‬
‫ُ‬
‫اح عاصيا‬ ‫بو يش َف ُع اإلنسا ُف من َر َ‬
‫العو ِ‬
‫اقب‬ ‫ٳلی َد َرِؾ النَتاف ِّ‬
‫شر َ‬
‫فمن ر َاموُ ر َاـ اظتآرب ُكلّها‬
‫ِ‬
‫اظتطالب‬ ‫كل‬
‫حاز َّ‬
‫ومن حازه ق ْد َ‬
‫نصب العايل يا صاحب اضتج‬ ‫ىو اظتَ َ‬
‫ٳذا ن ْلتَو ى َّوف ِ‬
‫بفوت اظت ِ‬
‫ناصب‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫وطيب نعيمها‬‫ُ‬ ‫ك الدُّنيا‬
‫فإف فاتَ َ‬
‫خَت اظتواىب‬
‫العلم ْ‬
‫ض] فإف َ‬
‫[فغم ْ‬
‫ِّ‬

‫قيل يف ىذا اظتعنی ‪:‬‬


‫ذو عل ٍم بعل ٍم‬
‫ٳذا ما اعتز ُ‬
‫فعلم ِ‬
‫الفقو أولی باعتزا ِز‬ ‫ُ‬

‫‪‬‬
‫فكم طيب يفوح وال كمسك‬
‫وكم طََِْت يطَتُ وال كبازي‬
‫وأنشدت أيضاً لبعضهم ‪:‬‬
‫نفس كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫ذاخرهُ‬
‫شيئ أنت ُ‬ ‫الفقو أ ُ‬
‫من يَ ْد ُر ِس العلم مل تَ ْد ُر ْ‬
‫س مفاخره‬
‫فاكسب لنفسك ما أصبحت ْ َْتهلو‬
‫اؿ وآخػ ػ ػره‬
‫ف ػ ػأ َّوؿ العل ػ ػم ٳقبػ ػ ػ ٌ‬

‫وكفی بلذةِ العل ِم و ِ‬


‫الفقو والفه ِم داعياً وباعثاً للعاقل علی‬
‫حتصيل العلم ‪.‬‬
‫يق تقليلِ ِو‬
‫الرطوبات ‪ ,‬وطر ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫الكسل من كثرة البلغَم و ُ‬
‫ُ‬ ‫لد‬
‫وقد يتو ُ‬
‫تقليل الطعاـ ‪.‬‬
‫‪ُ ,‬‬
‫قيل ‪ :‬اتفق سبعوف طبيباً علی أف النسياف من كثرة البلغم ‪,‬‬
‫وكثرة البلغم من كثرة شرب اظتاء ‪ ,‬وكثرة شرب اظتاء من كثرة‬

‫‪‬‬
‫كل الزبيب‬
‫البلغم ‪ ,‬وكذلك أ ُ‬
‫يقطع َ‬
‫األكل ‪ ,‬واطتبز اليابس ُ‬
‫علی الريق ‪ ,‬وال يكثر منو ‪ ,‬حتی ال ُيتاج ٳلی شرب اظتاء‬
‫فيزيد البلغم ‪.‬‬
‫يقلل البلغم ‪ ,‬ويزيد اضتفظ و الفصاحة ‪ ,‬فإنو ُسنّةٌ‬
‫والسواؾ ُ‬
‫َسنِيَّةٌ تزيد يف ثواب الصبلة ‪ ,‬وقراءة القرآف ‪ ,‬وكذا القيء يقلل‬
‫البلغم والرطوبات ‪ ,‬وطريق تقليل األكل التأمل يف منافع ِ‬
‫قلة‬ ‫ُ‬
‫األكل وىي ‪ :‬الصحة و العافية و اإليثار ‪.‬‬
‫وقيل فيو شعراً ‪:‬‬
‫فعػ ػ ػ ػ ػ ٌار ثػ ػ ػم عػ ػ ػ ػ ٌار ث ػ ػ ػ ػم ع ػ ػ ػ ٌار‬
‫شقاءُ اظترء من أجل الطعاـ ‪.‬‬

‫بغض ُهم اهلل من‬


‫وعن النيب عليو السبلـ ٱنو قاؿ ‪ ( :‬ثبلثةٌ يُ ُ‬
‫البخيل واظتتكرب ) ‪.‬‬
‫كوؿ و ُ‬‫غَت ُجرـ ‪ :‬األ ُ‬

‫‪‬‬
‫وتأ َّم ْل يف مضار كثَتة األكل وىي ‪ :‬األمراض وكبللة الطبع‬
‫‪ ,‬وقيل ‪(:‬البِطنة تُذىب ِ‬
‫الفطنة) ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حكي عن جالينوس أنو قاؿ ‪ :‬الُّرما ُف نفع كلُّو ‪ ,‬والسمك‬
‫ضرر كلو ‪ ,‬وقليل السمك خَت من كثَت الرماف ‪.‬‬
‫ضرر ػتض‬
‫كل فوؽ الشبع ٌ‬
‫وفيو أيضاً ‪ :‬ٳتبلؼ اظتاؿ ‪ ,‬واأل ُ‬
‫بغيض يف‬
‫ٌ‬ ‫كوؿ‬
‫ويستحق بو العقاب يف دار اآلخرة ‪ ,‬واأل ُ‬
‫القلوب‪.‬‬
‫ويقدـ يف‬
‫َ‬ ‫وطريق تقليل األكل ‪ :‬أف يأ ُك َل األطعمة الدشتة‬
‫كل مع اصتائع ٳال ٳذا كاف‬
‫األكل األلطف واألشهی ‪ ,‬وال يأ َ‬
‫لو غرض صحيح ‪ ,‬بإف يتقوی بو علی الصياـ والصبلة‬
‫واألعماؿ الشاقة فلو ذلك‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فص ـل‬

‫السبق و قدره و ترتيبو‬


‫في بداية ّ‬

‫كاف أستاذنا شيخ اإلسبلـ برىاف الدين رزتو اهلل يوقف‬


‫السْبق علی يوـ األربعاء ‪ ,‬وكاف يروي يف ذلك حديثاً‬
‫بداية َّ‬
‫ويستدؿ بو ويقوؿ ‪( :‬قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم )‬
‫‪ ( :‬ما من شيئ بدئ يوـ األربعاء ٳال وقد مت ) ‪ .‬وىكذا كاف‬
‫يفعل أيب ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وكاف يروي ىذا اضتديث عن ٱستاذه الشيخ اإلماـ األجل‬
‫قواـ الدين أزتد بن عبدالرشيد رزتو اهلل ‪.‬‬
‫وشتعت ؽتن أثق بو ‪ ,‬أف الشيخ يوسف اعتمذاين رزتو اهلل ‪,‬‬
‫ُ‬
‫كاف يوقف كل عمل من اطتَت علی يوـ األربعاء ‪ .‬وىذا ألف‬
‫يوـ األربعاء يوـ خلق فيو النور ‪ ,‬وىو يوـ ؿتس يف حق‬
‫الكفار فيكوف مباركاً للمؤمنُت ‪.‬‬
‫السْبق يف االبتداء ‪ :‬كاف ٱبو حنيفة رزتو اهلل‬
‫وأما ق ْد ُر َّ‬
‫ُيكي عن الشيخ القاضي اإلماـ عمر بن أيب بكر الزرؾتري‬
‫رزتو اهلل أنو قاؿ ‪ :‬قاؿ مشاِينا رزتهم اهلل ‪ :‬ينبغي أف يكوف‬
‫ِ‬
‫السبق للمبتدئ قدر ما ّيكن ضبطو باإلعادة مرتُت‬ ‫قدر‬
‫بالرفق ويزيد كل يوـ كلمة حتی أنو وٳف طاؿ وكثر ّيكن‬
‫ضبطو باإلعادة مرتُت ‪ ,‬ويزيد بالرفق و التدريج ‪ ,‬وأما ٳذا‬
‫احتاج ٳلی اإلعادة عشر مرات فهو‬
‫طاؿ السبق يف اإلبتداء و َ‬
‫يعتاد ذلك ‪ ,‬وال يًتؾ‬
‫يف االنتهاء أيضاً يكوف كذلك ‪ ,‬ألنو ُ‬

‫‪‬‬
‫رؼ ‪,‬‬
‫تلك اإلعادة ٳال جبد كثَت ‪ .‬وقد قيل ‪ :‬السبق َح ٌ‬
‫ف‪.‬‬
‫والتكرار ألْ ٌ‬
‫وينبغي أف يبتدئ بشئ يكوف أقرب الی فهمو ‪ ,‬وكاف‬
‫شرؼ الدين العقيلي رزتو اهلل يقوؿ ‪:‬‬
‫الشيخ اإلماـ األستاذ ُ‬
‫اب عندي يف ىذا ما فعلو مشاِينا رزتهم اهلل ‪ ,‬فإَّنم‬ ‫الصو ُ‬
‫قرب ٳلی‬ ‫ِ‬
‫كانوا ِيتاروف للمبتدئ صغَارات اظتبسوط ألنو أ ُ‬
‫كثر وقوعاً بُت الناس ‪.‬‬
‫بعد ‪ ,‬وأ ُ‬
‫ال َف ْهم و الضبط ‪ ,‬وأ ُ‬
‫نافع جداً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يعلق بعد الضبط واإلعادة كثَتاً ‪ ,‬فإنو ٌ‬
‫وينبغي أف َ‬
‫يورث كبللةً الطبع‬
‫علم شيئاً ال يفهمو ‪ ,‬فإنو ُ‬‫وال يكتب اظتت ُ‬
‫ذىب الفطنة ويُضيّ ُع أوقاتو ‪.‬‬
‫و يُ ُ‬
‫وينبغي اف َيتهد يف الفهم عن األستاذ بالتأ ُّم ِل وبالتفكَت‬
‫بق وَكثُػَر التكرار والتأمل يُدرؾ‬ ‫وكثرةِ التكرا ِر ‪ ,‬فإنو ٳذا قَ َّل َّ‬
‫الس ُ‬
‫ويَػ ْف َهم ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫قيل ‪ :‬حفظ حرفَػ ُْت ‪ ,‬خَت من شتاع وقْرين ‪ ,‬وفهم حرفُت‬
‫خَت من حفظ سطرين ‪.‬‬
‫وٳذا هتاوف يف ال َف ْه ِم ومل َيتهد مرًة أو مرتُت ُ‬
‫يعتاد ذلك فبل‬
‫يتهاو َف يف الفهم بل‬
‫الكبلـ اليسَت ‪ ,‬فينبغي أف ال َ‬‫َ‬ ‫يفهم‬
‫ُ‬
‫ب‬
‫َييب من دعاه ‪ ,‬وال ُِيَيّ ُ‬
‫ع أليو فإنو ُ‬
‫َيتهد ويدعو اهلل ويتوّر َ‬
‫َ‬
‫من رجاه ‪.‬‬
‫وأنشدنا الشيخ األجل قواـ الدين زتاد بن ٳبراىيم بن‬
‫ٳشتاعيل الصفار األنصاري ٳمبلءً للقاضي اطتليل بن أزتد‬
‫الشجري يف ذلك شعراً ‪:‬‬
‫العلم ِخدمةَ اظتستفيد‬
‫خدـ َ‬ ‫أ ُ‬
‫بفعل ِ‬
‫زتيد‬ ‫درسوُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫وأد ْـ َ‬
‫ِ‬
‫حفظت شيئاً أع ْدهُ‬
‫َ‬ ‫وٳذا ما‬
‫ث ػم أ ّك ْدهُ غاي ػةَ التأكيػ ِد‬
‫تعود‬
‫يزوؿ مث ع ّقلو كي َ‬
‫كي ال َ‬

‫‪‬‬
‫درس ِو علی التأ ِ‬
‫بيد‬ ‫ٳليو وٳلی ِ‬

‫ت منػ ػو فَػ َوات ػاً‬ ‫ِ‬


‫فإذا ما أمْن ػ َ‬
‫وبعدهُ لشئ جديد‬ ‫ِ‬
‫ب َ‬ ‫فانتد ْ‬

‫َّـ منػو‬
‫مػع تك ػرار مػا تَػ َقد َ‬
‫واقتناء لشأف ىذا اظتز ِ‬
‫يد‬
‫الناس بالعلوـ لتحيا‬ ‫ِ‬
‫ذاكر َ‬
‫التَ ُكن من أويل النُّهی ِ‬
‫ببعيد‬ ‫ْ‬
‫نسيت حتی‬
‫العلوـ أ َ‬
‫كتمت َ‬‫َ‬ ‫ٳذا‬
‫جاىل ِ‬
‫وبليد‬ ‫غَت ٍ‬
‫ال تُػَری َ‬
‫مث أصتمت يف القيامة ناراً‬
‫ِ‬
‫الشديد‬ ‫ِ‬
‫بالعذاب‬ ‫ت‬
‫وتَػلَ َّهْب َ‬

‫‪‬‬
‫وال بد لطالب العلم من اظتذاكرة ‪ ,‬واظتناظرة ‪ ,‬واظتطارحة ‪,‬‬
‫فينبغي أف يكوف كل منها باإل ِ‬
‫نصاؼ والتأين والتأمل ‪,‬‬
‫ويتحرز عن الشغب[الغضب] ‪ ,‬فإف اظتناظرَة واظتذاكرَة مشاورةٌ‬
‫ُيص ُل‬ ‫ِ‬
‫‪ ,‬واظتشاورةُ ٳمنا تكو ُف الستخر ِاج الصواب وذلك ٳمنا ُ‬
‫بالتأ ُّم ِل والتأين واإلنصاؼ ‪ ,‬وال ُيصل بالغضب والشغب ‪.‬‬
‫فإف كانت نيتو من اظتباحثة ٳلزاـ اطتصم و قَػ ْهَره ‪ ,‬فبل حتل ‪,‬‬
‫وٳمنا ُُيَ ُّل ذلك إلظها ِر اضتق ‪.‬‬
‫اطتصم متعنتاً ‪,‬‬
‫ُ‬ ‫والتمويوُ واضتيلةُ ال َيوز فيها ‪ ,‬ٳال ٳذا كاف‬
‫وال طالباً للحق ‪.‬‬

‫ض ْرهُ‬
‫االشكاؿ ومل َُْي ُ‬
‫ُ‬ ‫وكاف ػتمد بن ُييی ٳذا تَػ َو َّجوَ عليو‬
‫كل ذي‬ ‫وفوؽ ِّ‬
‫ناظر ‪َ ,‬‬
‫الزـ ‪ ,‬وأنا فيو ٌ‬ ‫اب يقوؿ ‪ :‬ما ألزمتَوُ ٌ‬
‫اصتو ُ‬
‫عل ٍم عليم ‪.‬‬
‫اظتطارحة واظتناظرةِ أقوی من فائدةِ غترد التكرار ألف‬
‫ِ‬ ‫وفائدة‬
‫فيو تكراراً وزيادة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وقيل ‪ :‬مطارحةُ ٍ‬
‫ساعة ‪ ,‬خَتٌ من تكرار شهر ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫منصف سل ِم الطبيعة ‪.‬‬ ‫لكن ٳذا كاف [مع]‬
‫ٍ‬
‫متعنت غ َِت مستقيم الطبع ‪ ,‬فإنو‬ ‫ياؾ واظتذاكرة مع‬
‫وٳ َ‬
‫الطبيعة متسرية ‪ ,‬واألخبلؽ متعدية ‪ ,‬واجملاورة ُم َؤثِّرة ‪.‬‬
‫ويف الشعر الذي ذكره اطتليل بن أزتد فوائد كثَتة ‪,‬‬
‫قيل ‪:‬‬
‫لم من شرطو ظتن خدمو‬
‫الع ُ‬
‫الناس كلهم خدمو‬
‫َيعل َ‬‫أف َ‬

‫وينبغي لطالب العلم أف يكو َف متأمبلً يف رتيع األ ِ‬


‫وقات يف‬
‫الدقائق بالتأمل ‪,‬‬
‫َ‬ ‫ويعتاد ذلك ‪ ,‬فإمنا يُد ِرُؾ‬
‫َ‬ ‫دقائق العلوـ‬
‫فلهذا قيل ‪( :‬تأمل تُد ِرؾ) ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫والبد من التأ ّمل قبل الكبلـ حتی يكو َف صواباً ‪ ,‬فإف‬
‫الكبلـ كالسهم ‪ ,‬فبل بد من تقوّيو قبل الكبلـ حتی يكو َف‬
‫َ‬
‫مصيباً ‪.‬‬
‫كبلـ‬
‫صل كبَت وىو أف يكوف ُ‬ ‫وقاؿ يف أصوؿ الفقو ‪ :‬ىذا أ ٌ‬
‫ِ‬
‫الفقو اظتناظ ِر بالتأمل ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬رأس العقل أف يكوف الكبلـ بالتَّثَبُّ ِ‬
‫ت والتأمل ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قائل شعراً ‪:‬‬
‫قاؿ ٌ‬
‫ٍ‬
‫ُبمسة‬ ‫وصيك يف نظ ِم الكبلـ‬
‫أ َ‬
‫ِ‬
‫الشفيق ُمطيعاً‬ ‫ت للموصي‬ ‫ٳف ُكْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ووقْػتَوُ‬
‫ب الكبلـ َ‬
‫ال تػُ ْغفلَ َّن َسبَ َ‬
‫الكم واظتكا َف رتيعاً‬
‫الكيف و َّ‬
‫و َ‬

‫‪‬‬
‫ويكو ُف مستفيداً يف رتيع األوقات و األحواؿ من رتي ِع‬
‫األشخاص ‪ ,‬قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم ) ‪:‬‬
‫وجدىا أخذىا ) ‪.‬‬
‫(اضتكمةُ ضالةُ اظتؤمن أينما َ‬
‫وقيل خذ ما صفا ‪ ,‬ودع ما يكدر ‪ .‬وشتعت الشيخ اإلماـ‬
‫جل األستاذ فخر الدين الكاشاين يقوؿ ‪ :‬كانت جارية أيب‬
‫األ ّ‬
‫يوسف أمنة عند ػتمد [بن حسن ] فقاؿ عتا ‪ :‬ىل حتفظُت‬
‫أنت يف ىذا الوقت عن أيب يوسف يف الفقو شيئاً ؟ ‪ .‬قالت‬
‫ال ‪ ,‬ٳال انو كاف يكرر ويقوؿ ‪ :‬سهم الدور ساقط ‪ ,‬فحفظ‬
‫ذلك منها ‪ ,‬وكانت تلك اظتسألة مشكلة علی ػتمد فارتفع‬
‫أشكالو هبذه الكلمة ‪ .‬فعلم أف االستفادة ؽتكنة من كل‬
‫أحد‪.‬‬
‫كت العلم؟ قاؿ ‪:‬‬
‫وعتذا قاؿ أبو يوسف حُت قيل ‪ :‬مب أدر َ‬
‫استنكفت من االستفادة من كل أحد وما ُبلت من‬
‫ُ‬ ‫ما‬
‫اإلفادة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وقيل البن عباس رزتو اهلل ‪ :‬مب أدركت العلم ؟‬
‫قاؿ بلساف سؤوؿ ‪ ,‬وقلب عقوؿ ‪.‬‬
‫وٳمنا شتي طالب العلم ‪ (:‬ما تقوؿ ) ‪ ,‬لكثرة ما كانوا‬
‫يقولوف يف الزماف األوؿ ‪ ( .‬ما تقوؿ يف ىذه اظتسألة ؟) ‪.‬‬
‫وٳمنا تفقو أبو حنيفة رزتو اهلل بكثرة اظتطارحة واظتذاكرة يف‬
‫حتصيل العلم والفقو‬
‫ُ‬ ‫دكانو حُت كاف بزازاً ‪ .‬فبهذا يُعلم أف‬
‫َيتمع مع الكسب ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وكاف أبو حفص الكبَت يكتسب و يكرر العلوـ ‪ ,‬فإف كاف‬
‫البد لطالب العلم من الكسب لنفقة العياؿ وغَته فليكتسب‬
‫وليكرر وليذاكر وال يكسل ‪.‬‬
‫عذر يف ترؾ التعلم والتفقو‬
‫وليس لصحيح العقل والبدف ٌ‬
‫فإنو ال يكوف أفقر من أيب يوسف ‪ ,‬ومل ّينعو ذلك من التفقو‬
‫‪ .‬فمن كاف لو ماؿ كثَت فنعم اظتاؿ الصال للرجل الصال ‪,‬‬
‫اظتنصرؼ يف طريق العلم ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫قيل لعامل ‪ :‬مب أدركت العلم ؟ قاؿ ‪ :‬بأ ٍ‬
‫ب غٍت ‪ .‬ألنو كاف‬
‫ينتفع بو أىل العلم والفضل ‪ ,‬فإنو سبب زيادة العلم ألنو‬
‫شكر علی نعمة العقل والعلم ‪ ,‬وٳنو سبب الزيادة ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬قاؿ ابو حنيفة رزتو اهلل ‪ :‬ٳمنا أدركت العلم باضتمد‬
‫قت علی فقو وحكمة قلت ‪:‬‬
‫ووفّ ُ‬
‫فهمت ُ‬
‫ُ‬ ‫والشكر ‪ ,‬فكلما‬
‫اضتمد هلل ‪ ,‬فازداد علمي ‪.‬‬
‫يشتغل بالشكر باللساف‬
‫َ‬ ‫وىكذا ينبغي لطالب العلم أف‬
‫واصتناف واألركاف واضتاؿ ويری الفهم والعلم والتوفيق من اهلل‬
‫ويطلب اعتداية من اهلل تعالی بالدعاء لو والتضرع ٳليو ‪,‬‬
‫َ‬ ‫تعالی‬
‫ىاد من استهداه ‪.‬‬‫فإف اهلل تعالی ٍ‬

‫اضتق من‬
‫ىل اضتق ‪ -‬وىم أىل السنة واصتماعة ‪ -‬طلبوا َّ‬
‫فأ ُ‬
‫اضتق اظتبُت اعتادي العاصم ‪ ,‬فهداىم اهلل‬
‫اهلل تعالی ‪َّ ,‬‬
‫وعصمهم عن الضبللة ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ىل الضبللة أعجبوا برأيهم وعقلهم وطلبوا اضتق من‬ ‫وأ ُ‬
‫العقل ال يُ ْد ِرُؾ َ‬
‫رتيع‬ ‫َ‬ ‫اظتخلوؽ العاجز وىو العقل ‪ ,‬أل َّف‬
‫رتيع األشياء فَ ُحجبوا‬ ‫ِ‬
‫األشياء كالبصر ‪ ,‬فإنو ال يػُْبص ُر َ‬
‫وع َجزوا عن معرفتو ‪ ,‬وضلّلوا و أضلوا ‪.‬‬
‫َ‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم ) ‪(:‬الغافل من عمل‬
‫العاقل من َع ِم َل بعقلو ) ‪ .‬فالعمل بالعقل أ ّوالً ‪ :‬أف‬
‫بغفلتو و ُ‬
‫نفسو ‪ ,‬قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم ) ‪:‬‬ ‫يعرؼ عجز ِ‬
‫نفسو فقد عرؼ ربَّو )‪ ,‬فإذا عرؼ عجز نفسو‬
‫(م ْن َعَرؼ َ‬‫َ‬
‫عرؼ قدرَة اهلل عز وجل ‪ ,‬وال يعتمد علی نفسو وعقلو بل‬
‫يتوكل علی اهلل ‪ ,‬ويطلب اضتق منو ‪ .‬ومن يتوكل علی اهلل فهو‬
‫حسبو ويهديو ٳلی صراط مستقيم ‪.‬‬
‫ومن كاف لو ماؿ كثَت فبل يبخل ‪ ,‬وينبغي أف يتعوذ باهلل من‬
‫البخل‪.‬‬
‫ي دواء أدوأ من البخل )‪.‬‬
‫قاؿ النيب عليو السبلـ ‪ (:‬أ ُّ‬

‫‪‬‬
‫الشخ اإلماـ األجل مشس األئمة اضتلواين ‪ ,‬رزتو‬
‫وكاف أبو ِ‬
‫اهلل فقَتاً يبيع اضتلواء ‪ ,‬وكاف يعطي الفقهاء من اضتلواء ويقوؿ‬
‫‪ :‬أدعوا البٍت ‪ ,‬فبربكة جوده واعتقاده و شفقتو وتضرعو ٳلی‬
‫اهلل تعالی ناؿ ابنو ما ناؿ ‪.‬‬
‫ويستكتب فيكو َف عوناً علی التعلم‬
‫َ‬ ‫ويشًتي باظتاؿ الكتب‬
‫والتفقو‪.‬‬
‫وقد كاف حملمد بن اضتسن ماؿ كثَت حتی كاف لو ثبلذتائة‬
‫من الوكبلء علی مالو وأنفقو كلّو يف العلم والفقو ‪ ,‬ومل يبق لو‬
‫ثوب نفيس فرآه أبو يوسف يف ثوب َخلق فأرسل ٳليو ثياباً‬ ‫ٌ‬
‫نفيسة فلم يقبلها فقاؿ ‪ :‬عُ ِّجل لكم ‪ ,‬وأ ِّج َل لنا ‪ ,‬ولعلو ٳمنا‬
‫مل يقبلو وٳف كاف قبوؿ اعتدية سنة ‪ ,‬ظتا رأی من ذلك مذلةً‬
‫لنفسو ‪.‬‬
‫س للمؤمن أف‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم ) ‪( :‬لَْي َ‬
‫يُ ِذ َّؿ نفسو )‪.‬‬

‫‪‬‬
‫الشيخ فخر اإلسبلـ االرسابندي رزتو اهلل رتع‬
‫َ‬ ‫وحكي أ َّف‬
‫ُ‬
‫قشور البطيخ اظتلقاة يف مكاف ِ‬
‫خاؿ فأكلها فرأتو جارية‬ ‫َ‬
‫ت بذلك موالىا فاخت َذ لو دعوًة فدعاه ٳليها فلم يقبل‬ ‫فأ ْخبَػَر ْ‬
‫عتذا‪.‬‬
‫يطمع‬ ‫ٍ‬
‫وىكذا ينبغي لطالب العلم أ ْف يكو َف ذا مهة عالية ال ُ‬
‫يف أمواؿ الناس‪.‬‬
‫الطمع فإنو‬
‫اؾ و َ‬ ‫قاؿ النيب(صل اهلل عليو وسلم )‪ (:‬ٳيّ َ‬
‫فقرحاضر)‪ .‬وال يبخل مبا عنده من اظتاؿ بل ينفق على نفسو‬
‫ٌ‬
‫وعلی غَته‪.‬‬

‫‪(:‬الناس كلُّ ْ‬
‫هم يف الفقر ؼتافةَ‬ ‫ُ‬ ‫قاؿ النيب عليو الصبلة والسبلـ‬
‫الفقر )‪ .‬وكاف يف الزماف األوؿ يتعلموف اضتِرفة مث يتعلموف‬
‫العلم ‪ ,‬حتی ال يطمعوا يف أمواؿ الناس‪.‬‬
‫ويف اضتكمة ‪ :‬من استغنی مباؿ الناس افتقر‪.‬‬

‫‪‬‬
‫يقوؿ‬
‫والعامل ٳذا كاف طماعاً ال يُبقي حرمةَ العلم ‪ ,‬وال ُ‬
‫صاحب الشرع (صل اهلل عليو وسلم )‬
‫ُ‬ ‫باضتق ‪ ,‬فلهذا يتعوذُ‬
‫منو ويقوؿ (أعوذُ باهلل من طَ َم ٍع يُدين ٳلی طبع )‪.‬‬
‫ِياؼ‬
‫وينبغي للمؤمن أف ال يرجو ٳال من اهلل تعالی ‪ ,‬وال َ‬
‫ٳّال منو ‪ ,‬ويظْهر ذلك مبجاوزة حد الشرع ِ‬
‫وعدمها ؛ فمن‬ ‫َ َُ‬
‫غَت اهلل ‪ ,‬وٳذا مل‬
‫خاؼ َ‬
‫عصی اهللَ خوفاً من اظتخلوؽ فقد َ‬
‫حدود الشرع فلم‬
‫َ‬ ‫اقب‬
‫يعص اهللَ تعالی طتوؼ اظتخلوؽ ور َ‬
‫ِيف غَت اهلل بل خاؼ اهلل تعالی ‪ ,‬وكذا يف جانب الرجاء‪.‬‬

‫وينبغي لطالب العلم أف يػَعُ َّد ويػُ َقد َ‬


‫ِّر لنفسو تقديراً يف التكرار‬
‫فإنو ال يستقر قلبو حتی يبلغ ذلك اظتبلغ ‪ ,‬وينبغي أف يكرر‬
‫بع‬
‫ستس مرات ‪ ,‬وسبق اليوـ الذي قبل األمس أر َ‬
‫َسْب َق األمس َ‬
‫ثبلث ‪ ,‬والذي قبلو اثنُت ‪ ,‬والذي‬
‫السبق الذي قبلو َ‬
‫مرات ‪ ,‬و َ‬
‫قبلو واحد ‪ ,‬فهذا أدعی ٳلی اضتفظ والتكرار ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫الدرس والتكرار‬
‫َ‬ ‫وينبغي أف ال يعتاد اظتخافتة يف التكرار ألف‬
‫ينبغي أف يكوف بقوة ونشاط ‪ ,‬وال َيهر جهراً َيهد نفسو‬
‫كيبل ينقطع عن التكرار ‪ ,‬فخَت األمور أوسطها ‪.‬‬
‫ذاكر الفقوَ مع الفقهاء‬
‫ُحكي أف أبا يوسف رزتو اهلل كاف يُ ُ‬
‫يتعجب يف أمره ويقوؿ ‪ :‬أنا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫عندهُ‬
‫صهرهُ َ‬
‫بقوة ونشاط ‪ ,‬وكاف ُ‬
‫يناظر بقوة ونشاط‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جائع منذ ستسة أياـ ‪ ,‬مع ذلك ُ‬ ‫علم أنّو ٌ‬
‫أ ُ‬
‫وينبغي اف ال يكوف لطالب العلم فًتةٌ فاَِّنا آفة ‪ ,‬وكاف‬
‫بت‬ ‫ِ‬ ‫أستاذنا ُ ِ‬
‫شيخ أالسبلـ برىاف الدين رزتو اهلل يقوؿ ‪ :‬امنا َغلَ ُ‬
‫شركائي بأين ال تقع يل فًتة يف التحصيل ‪.‬‬
‫وكاف َُْيكي عن الشيخ االسبيجايب أنو وقع يف زماف حتصيلو‬
‫وتعلمو فًتةُ اثنيت عشرة سنة بانقبلب اظت ْلك ‪ ,‬فخرج مع‬
‫ُ‬
‫شريكو يف اظتناظرة [ٳلی حيث ّيكنهما االستمرار يف طلب‬
‫العلم وظبل يدرسانو معاً] ومل يًتكا اصتلوس للمناظرة اثنيت‬

‫‪‬‬
‫عشرة سنة ‪ .‬فصار شريكو شيخ اإلسبلـ للشافعيُت وكاف ىو‬
‫شافعياً ‪.‬‬
‫وكاف أستاذنا الشيخ القاضي اإلماـ فخر اإلسبلـ قاضي‬
‫خاف يقوؿ ‪ :‬ينبغي للمتفقو أف ُيفظ [ كتاباً] واحداً من‬
‫[كتب] الفقو دائماً فيتيسر لو بعد ذلك حفظ ما شتع من‬
‫الفقو ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في التوّكل‬

‫يهتم‬
‫مث ال بد لطالب العلم من التوكل يف طلب العلم وال ُّ‬
‫ألمر الرزؽ وال يشغل قلبو بذلك ‪.‬‬
‫روی أبو حنيفة رزتو اهلل عن عبداهلل بن اضتارث الزبيدي‬
‫صاحب رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم ) ‪( :‬من تفقَّوَ يف‬
‫دين اهلل كفی مهَّو اهللُ تعالی ورزقو من حيث ال ُيتسب ) ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫قل ما‬ ‫فإف من اشتغل قلبو بأمر الرزؽ من القوت و ِ‬
‫الكسوة َّ‬ ‫ُ‬
‫يتفرغُ لتحصيل مكارـ األخبلؽ ومعايل األمور‪.‬‬
‫قيل‪:‬‬
‫ترح ْل لِبُػ ْغيَتِها‬
‫اظتكارـ ال َ‬
‫َ‬ ‫َد ِع‬
‫الطاعم الكاسي‬
‫ُ‬ ‫نت‬
‫نك أ َ‬
‫واقعد فإ َ‬

‫قاؿ رجل [البن] منصور اضتبلج ‪ :‬أوصٍت ‪ ,‬فقاؿ [ابن]‬


‫اظتنصور ‪ :‬ىي نفسك ‪ ,‬ٳف مل تشغلها شغلتك ‪.‬‬
‫فينبغي لكل أحد أف يشغل نفسو بأعماؿ اطتَت حتی ال‬
‫يشغل نفسو هبواىا ‪ ,‬وال يهتم العاقل ألمر الدنيا ألف اعتم‬
‫واضتزف ال يَػ ُرُّد اظتصيبة ‪ ,‬وال ينفع بل يضر بالقلب والبدف و‬
‫العقل ‪ُِ ,‬‬
‫وِي ُّل بأعماؿ اطتَت ‪ ,‬ويهتم ألمر اآلخرة ألنو ينفع ‪.‬‬
‫وأما قولو عليو الصبلة والسبلـ ‪(:‬ٳ ّف من الذنوب ذنوباً ال‬
‫يُ َكف ُِّرىا ٳال َى ُّم اظتعيشة ) فاظتراد منو قَ ْد ُر َى ّم ال ُِِي ُّل بأعماؿ‬

‫‪‬‬
‫القلب ُشغبلً ُِي ُّل بإحضا ِر القلب يف الصبلة‬
‫اطتَت وال يشغَ ُل َ‬
‫القدر من اعتَ ِّم والقصد من أعماؿ اآلخرة ‪.‬‬
‫‪ ,‬فإف ذلك َ‬
‫وال بد لطالب العلم من تقليل العبلئق الدنيوية بقدرالوسع‬
‫فلهذا اختاروا الغربة ‪.‬‬
‫صب واظتشقة يف سفر التعلم ‪ ,‬كما قاؿ‬ ‫حتمل النّ َ‬ ‫َّ‬
‫والبد من ّ‬
‫موسی صلوات اهلل علی نبينا وعليو يف سف ِر التعلم ومل يُنقل‬
‫عنو ذلك يف غَته من األسفار ( لََق ْد لَِقينَا ِم ْن َس َف ِرنَا َى َذا‬
‫صبَا) ‪.‬‬ ‫نَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طلب العلم‬ ‫سفر العلم ال َِيْلُو عن التعب ‪ ,‬أل َّف َ‬ ‫ليُػ ْعلَم أ َّف َ‬
‫جر‬
‫فضل من الغزاة عند أكثر العلماء ‪ ,‬واأل ُ‬ ‫مر عظيم وىو أ ُ‬ ‫أٌ‬
‫صب ‪ ,‬فمن صرب علی ذلك التعب وجد‬
‫علی قدر التعب والنّ َ‬
‫لذة العلم تفوؽ [لذات الدنيا]‪.‬‬
‫وعتذا كاف ػتمد ابن اضتسن ٳذا َس ِهَر الليايل واؿتلت لو‬
‫اظت ْشكبلت يقوؿ ‪ :‬أين أبناء ِ‬
‫اظتلوؾ من ىذه اللّذات ؟ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪‬‬
‫غَت العلم]‬
‫[آخر َ‬
‫يشتغل بشئ َ‬
‫َ‬ ‫وينبغي [لطالب العل ِم ] أال‬

‫وال يػُ ٔع ِر َ‬
‫ض عن الفقو ‪.‬‬
‫قاؿ ػتمد بن اضتسن رزتو اهلل ‪ :‬صناعتُنا ىذه من اظتهد ٳلی‬
‫يًتؾ ِع ْل َمنا ىذا ساعةً فَػ ْليَْتػ ُرْكوُ الساعة ‪.‬‬
‫اللحد فمن أراد أف َ‬
‫ودخل فقيوٌ ‪ ,‬وىو ٳبراىيم بن اصتراح ‪ ,‬علی أيب يوسف‬
‫َيود بنفسو ‪ ,‬فقاؿ أبو يوسف ‪:‬‬
‫مرض موتو وىو ُ‬ ‫يعودهُ يف ِ‬
‫ُ‬
‫فض ُل أـ راجبلً ؟ فلم يعرؼ اصتواب ‪,‬‬
‫َرْم ُي اصتمار راكباً أ َ‬
‫فأجاب بنفسو ‪.‬‬
‫يشتغل بو يف رتيع أوقاتو [فحينئذ]‬
‫َ‬ ‫وىكذا ينبغي للفقيو أف‬
‫َيد لذةً عظيمة يف ذلك ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬رؤي ػتمد [ابن اضتسن] يف اظتناـ بعد وفاتو فقيل لو‬
‫كنت متأمبلً يف مسألة‬ ‫كنت يف ِ‬
‫حاؿ النزع؟ فقاؿ ‪ُ :‬‬ ‫‪ :‬كيف َ‬
‫ب ‪ ,‬فلم أشعر ُبروج روحي ‪.‬‬
‫من مسائل اظتُكاتَ ْ‬

‫‪‬‬
‫وقيل ٳنو قاؿ يف آخر عمره ‪ :‬شغلتٍت مسائل اظتكاتب عن‬
‫ُ‬
‫االستعداد عتذا اليوـ ‪ ,‬وٳمنا قاؿ ذلك تواضعػ ػاً ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في وقت التحصيل‬

‫قيل ‪ :‬وقت التعلم من اظتهد ٳلی اللحد ‪.‬‬


‫دخل حسن بن زياد يف التفقو وىو ابن ذتانُت سنة ‪ ,‬ومل‬
‫يبت علی الفراش أربعُت سنة فأفتی بعد ذلك أربعُت سنة ‪.‬‬
‫الس َحر ‪ ,‬وما بُت‬
‫ووقت َ‬‫وأفضل األوقات شرخ الشباب ‪ُ ,‬‬
‫رتيع أوقاتِِو ‪ ,‬فإذا َّ‬
‫مل من عل ٍم‬ ‫يستغرؽ َ‬
‫َ‬ ‫العِشائُت ‪ ,‬وينبغي أف‬
‫يشتغل بعل ٍم آخر ‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪‬‬
‫وكاف ابن عباس رضي اهلل عنو ٳذا َم َّل من الكبلـ يقوؿ ‪:‬‬
‫ىاتوا ديواف الشعراء ‪.‬‬
‫يضع عنده‬
‫ػتمد بن اضتسن اليناـ الليل ‪ ,‬وكاف ُ‬ ‫وكاف ُ‬
‫نوع آخر ‪ ( ,‬وكاف‬
‫نوع ينظُُر يف ٍ‬
‫الدفاتر ‪ ,‬وكاف ٳذا َم َّل من ٍ‬
‫النوـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نوموُ باظتاء ‪ ,‬وكاف يقوؿ ‪ :‬اف َ‬
‫يل َ‬‫يضع عنده اظتاءَ ‪ ,‬ويز ُ‬
‫ُ‬
‫من اضترارة‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في الشفقة و النصيحة‬

‫غَت حاسد‬ ‫ِ‬


‫وينبغي أف يكو َف صاحب العلم ُمشفقاً ناصحاً َ‬
‫ضُّر وال ينفع ‪ .‬وكاف أستاذُنا شيخ اإلسبلـ برىا ُف‬ ‫فاضتاسد يَ ُ‬
‫ُ‬ ‫‪,‬‬
‫الدين رزتو اهلل يقوؿ ‪ :‬قالوا ٳف ابن اظت َعلِّم يكوف عاظتاً ألف‬
‫ُ‬
‫كة اعتقادهِ‬‫يد أ ْف يكو َف تلميذه يف القرآف عاظتاً فبرب ِ‬ ‫اظت َعلِّ َم ير ُ‬
‫ُ‬
‫وشفقتو يكو ُف ابنُوُ عاظتاً ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫جل برىا ُف األ ِ‬
‫ئمة‬ ‫الصدر األ َّ‬ ‫وكاف أبو اضتسن ُيكي أف‬
‫َ‬
‫السْبق البنو الصد ِر الشهيد ُحساـ الدين‬
‫ت َّ‬ ‫جع َل َوقْ َ‬
‫َ‬
‫وقت الضحوة الكربی بعد رتيِع‬
‫[والصدر] السعيد تاج الدين َ‬
‫االسباؽ ‪ ,‬وكانا يقوالف ‪ :‬ٳف طبيعتَنا تَ َك ُّل يف ذلك الوقت ‪,‬‬
‫والد الكرباء يأتونٍت من‬
‫فقاؿ أبومها رزتو اهلل ‪ :‬ٳف الغرباء وأ َ‬
‫ِ‬
‫شفقتو‬ ‫أقطا ِر الٱرض فبل ب َّد من أ ْف أقدِّـ أسباقَهم ‪ .‬فبرب ِ‬
‫كة‬ ‫ُ‬
‫كثر فقهاء األمصا ِر وأىل األرض يف ذلك العصر‪.‬‬ ‫فاؽ ابناهُ أ َ‬
‫َ‬
‫يضيع أوقاتَو ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ع أحداً وال ُِياص َمو ألنو ُ‬ ‫وينبغي أف اليُناز َ‬
‫حس ُن سيُ ْجَزی بإحسانِِو واظتسئ ستكفيو مساويو ‪.‬‬ ‫قيل ‪ :‬اظت ِ‬
‫ُ‬
‫أنشدين الشيخ اإلماـ الزاىد العارؼ ركن اإلسبلـ ػتمد بن‬
‫أيب بكر اظتعروؼ بإماـ خواىر زادة مفيت الفريقُت رزتو اهلل‬
‫يعة والطر ِ‬
‫يقة يوسف اعتمذاين ‪:‬‬ ‫قاؿ ‪ :‬أنشدين سلطاف الشر ِ‬
‫الَتز[ٳنساناً] علی سوء فعلِ ِو سيكفيو ما فيو وما ىو ِ‬
‫فاعلُو‬ ‫َُ‬

‫‪‬‬
‫عدوه فليكرر‬ ‫ِ‬
‫نف ّ‬‫قيل ‪ :‬من أر َاد أ ْف يُرغ َم أ َ‬
‫شدت ىذا الشعر ‪:‬‬
‫وأن ُ‬
‫عدوؾ راغماً‬
‫شئت أف تَػ ْل َقی َّ‬
‫ٳذا َ‬
‫وحت ِرقْوُ َمهّاً‬
‫وتقتلُو غماً َ‬
‫فَػ ُرْـ للعُلی و ْازَد ْد من العلم ٳنّو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غماً‬ ‫َم ِن َ‬
‫ازداد ع ْلماً ز َاد حاس ُده ّ‬

‫تشتغل مبصا ِل نفسك ال بقه ِر ّ‬


‫عدوؾ‬ ‫َ‬ ‫قيل ‪ :‬عليك أف‬
‫ض ّم َن ذلك قَػ ْهَر عدوؾ ‪ .‬ٳياؾ‬
‫قمت مصالَ نفسك تَ َ‬ ‫‪,‬فإذا أ َ‬
‫بالتحمل‬ ‫يع أوقاتك ‪ ,‬وعليك‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ضحك و تُض ُ‬ ‫واظتعاداة فإَّنا تَػ ْف َ‬
‫[ال] سيما من السفهاء ‪.‬‬
‫قاؿ عيسی بن مرمي صلوات اهلل عليو ‪ :‬احتملوا من السفيو‬
‫واحد ًة َك ْي ترُبوا َع ْشرا ‪.‬‬
‫ت لبعضهم شعراً ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وأنش ْد ُ‬

‫‪‬‬
‫الناس قرناً بَػ ْع َد قرف‬
‫ت َ‬ ‫بلو ُ‬
‫ْ‬
‫ومل أر غَت َختّ ٍاؿ وقايل‬
‫ومل أر يف اطتطوب أ َّ‬
‫شد وقعاً‬
‫صعب من ُمعاداةِ الرجاؿ‬
‫وأ َ‬
‫وذُقْت مرارَة األ ِ‬
‫شياء طُراً‬ ‫ُ‬
‫مر من السؤاؿ‬
‫وما ذقت أ َّ‬

‫ياؾ أ ْف تَظُ َّن باظتؤمن سوءً فإنو منشأ العداوة وال َُِي ُّل ذلك‪,‬‬
‫وٳ َ‬
‫لقولو عليو الصبلة والسبلـ ‪( :‬ظُنّوا باظتؤمنُت خَتاً ) ‪ ,‬وٳمنا‬
‫ث ِ‬
‫النية وسوء السريرة ‪,‬‬ ‫ينشأ ذلك من خب ِ‬
‫ُْ‬
‫كما قاؿ أبو الطيب ‪:‬‬
‫ت ظُنُونُو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٳذا َساءَ ف ْعلُ اظترء ساءَ ْ‬
‫يعتادهُ من تَػ َوُّى ِم‬
‫َّؽ ما ُ‬
‫وصد َ‬
‫َ‬
‫بقوؿ عُداتِِو‬
‫وعادی ػتبيو ِ‬

‫‪‬‬
‫ك مظل ِم‬
‫الش ِّ‬ ‫صبَ َح يف ٍ‬
‫ليل من ّ‬ ‫وأ ْ‬

‫ت لبعضهم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وأنش ْد ُ‬
‫تَػنَ َّح عن القبيح وال تُِرْدهُ‬
‫ومن أوليتَوُ ُح ْسناً فَ ِزْدهُ‬
‫كل ٍ‬
‫كيد‬ ‫ستُكفی من َع ُد ِّوؾ َّ‬
‫ِ‬
‫الع ُد ُّو فبل تَك ْدهُ‬‫كاد َ‬‫ٳذا َ‬

‫يت ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ت للشيخ العميد أيب الفتح البُ ْس ّ‬ ‫وأنش ْد ُ‬
‫ذو الع ْق ِل ال يسلَم من ج ِ‬
‫اى ٍل‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ووموُ ظلماً وٳعناتاً‬
‫يَ ُس ُ‬
‫الس ْل َم علی َح ْربِِو‬
‫فليخًت ِّ‬
‫نصات ٳف صات‬ ‫وليلزـ اإل َ‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في االستفادة واقتباس األدب‬

‫وينبغي أ ْف يكوف طالب العلم مستفيداً يف كل ٍ‬


‫وقت حتی‬
‫يق االستفادة أ ْف‬
‫الكماؿ يف العلم ‪ .‬وطر ُ‬
‫الفضل و ُ‬
‫ُ‬ ‫ُيص َل لو‬
‫ُ‬
‫قت ػتربة حتی يكتب ما يسمع من‬ ‫يكو َف معو يف كل و ٍ‬
‫الفوائد العلمية‪.‬‬
‫ب قَػَّر ‪.‬‬ ‫قيل ‪َ :‬م ْن َح ِف َ‬
‫ظ فَػَّر ومن َكتَ َ‬

‫‪‬‬
‫العلم ما يؤخذ من أفواهِ الرجاؿ ‪ ,‬ألَّنم ُيفظوف‬
‫وقيل ‪ُ :‬‬
‫حسن ما ُيفظوف ‪.‬‬
‫حسن ما يسمعوف ‪ ,‬ويقولوف أ َ‬
‫أ َ‬
‫ديب األستاذ زي ِن اإلسبلـ‬‫وشتعت عن الشيخ اإلماـ األ ِ‬ ‫ُ‬
‫اظتعروؼ باألديب اظتختار يقوؿ ‪ :‬قاؿ ىبلؿ[بن زيد] بن‬ ‫ِ‬

‫النيب ‪-‬صل اهلل عليو وسلم‪ -‬يقوؿ ألصحابِِو‬ ‫يت َ‬ ‫يسار ‪ :‬رأ ُ‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسوؿ اهلل أ ِع ْد ما قلت‬ ‫ِ‬
‫شيئاً من العل ِم واضتكمة ‪ُ ,‬‬
‫عتم ‪ ,‬فقاؿ يل ‪ :‬ىل َم َعك ِ ْػتبَػَرة ؟ فقلت ‪ :‬ما معي ػتربة ‪,‬‬
‫اطتَت‬
‫فقاؿ النيب عليو السبلـ ‪ (:‬يا ىبلؿ ال تُفارؽ احملربة ألف َ‬
‫فيها ويف أىلِها ٳلی يوـ القيامة ) ‪.‬‬
‫مشس الدين أ ْف‬
‫ساـ الدين ٳبنَو َ‬
‫الشهيد ُح ُ‬
‫ُ‬ ‫الصدر‬
‫ُ‬ ‫صی‬
‫َوَو ّ‬
‫يب‬ ‫ظ ُكل ٍ‬
‫يوـ شيئاً من العلم واضتكمة فإنو يسَت ‪ ,‬وعن قر ٍ‬ ‫ُيف َ َّ‬
‫يكو ُف كثَتاً ‪.‬‬
‫ليكتب ما يسمعو يف‬
‫َ‬ ‫واشًتی عصاـ بن يوسف قَػلَماً بدينار‬
‫العلم كثَت ‪.‬‬
‫اضتاؿ ‪ ,‬فالعُ ْم ُر قصَت و ُ‬

‫‪‬‬
‫ِ‬
‫الساعات ويغتنم‬ ‫فينبغي أف ال يضيع طالب العلم األ ِ‬
‫وقات و‬ ‫ُ َ ُ‬
‫الليايل واطتلوات ‪.‬‬
‫ُُيكی عن ُييی بن معاذ الرازي [أنو قاؿ] الليل طويل فبل‬
‫ضيء فبل تُكدِّره ِ‬
‫بآثامك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صره ِ‬
‫ُْ‬ ‫النهار ُم ٌ‬
‫ك‪,‬و ُ‬ ‫مبنام َ‬ ‫تُػ َق ِّ ْ ُ‬
‫ويستفيد منهم ‪ ,‬وليس ُك ُّل ما‬
‫َ‬ ‫شيوخ‬
‫يغتنم ال َ‬
‫وينبغي أ ْف َ‬
‫شيخ اإلسبلـ يف (مشيختو) ‪:‬‬
‫فات يُ ْد َرؾ ‪ ,‬كما قاؿ أستاذُنا ُ‬
‫شيخ كبَت أدركتُوُ وما استَ ْخبَػ ْرتُوُ ‪.‬‬
‫كم من ٍ‬
‫قوؿ علی ىذا الفوت ُمْن ِشئاً ىذا البيت ‪:‬‬ ‫وأ ُ‬
‫فوت التَبلقي َعتْفاً ما ُك ُّل ما فات ويفنی يػُْل َفی‬ ‫َعتفاً علی ِ‬
‫ْ‬
‫علي رضي اهلل عنو ‪ :‬ٳذا كنت يف أم ٍر فكن فيو ‪ ,‬وكفی‬ ‫قاؿ ّ‬
‫وخساراً واستعذ باهلل منو ليبلً‬ ‫ِ‬
‫باإلعراض عن علم اهلل خ ْزياً َ‬
‫وَّناراً‪.‬‬

‫‪‬‬
‫والبد لطالب العلم من َحتَ ُّمل اظتشقة واظتذلة يف طلب العلم‬
‫بد لو من ِ‬
‫التملق‬ ‫مذموـ ٳال يف طلب العلم فإنو ال َّ‬
‫ٌ‬ ‫‪ ,‬والتَ َملُّ ُق‬
‫لؤلستاذ والشريك وغَتىم لبلستفادة منهم‪.‬‬

‫بذؿ ال ِعَّز فيو‪.‬‬


‫قيل ‪ :‬العلم ِعز ال ذُ َّؿ فيو ‪ ,‬ال ي ْدرُؾ ٳال ٍ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬
‫وقاؿ القائل ‪:‬‬
‫ك نفساً تشتَهي أف تُعَِّزىا‬
‫أری لَ َ‬
‫اؿ الع ػّز حت ػی تُػ ِذ ّؿ‬
‫ت تن ػ ُ‬
‫فلس ػ َ‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫في الورع في حالة التعلّم‬

‫بعضهم حديثاً يف الباب عن رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو‬


‫روي ُ‬
‫وسلم) أنو قاؿ ‪ ( :‬من مل يتورع يف تعلمو ابتبلهُ اهلل تعالی‬
‫شبابو ‪ ,‬أو يوقِ َعوُ يف‬
‫ِ‬ ‫ثبلثة أشياء ‪:‬ٳما أف ُّيِتُوُ يف‬
‫حد ِ‬ ‫بأ ِ‬

‫طالب‬
‫ُ‬ ‫الر َساتيق ‪ ,‬أو يَػْبتَليَوُ ُبدمة السلطاف ) فكلما كا َف‬
‫َ‬
‫علموُ أنفع ‪ ,‬والتعلّ ُم لو أيسر وفوائِ ُدهُ أكثر‪.‬‬
‫ع كا َف ُ‬
‫ٱور َ‬
‫العلم َ‬

‫‪‬‬
‫يتحَّرَز عن الشب ِع وكثرةِ النوـ وكثرةِ‬
‫ومن الورع [الكامل] أف َ‬
‫ِ‬
‫السوؽ ٳ ْف‬ ‫كل طعاـ‬ ‫يتحرز عن أ ِ‬
‫الكبلـ فيما ال ينفع ‪ ,‬وأف َ‬
‫النجاسة و ِ‬
‫ِ‬
‫بعد‬
‫اطتباثة ‪ ,‬وأ ُ‬ ‫قرب ٳلی‬ ‫أمكن ‪ ,‬أل َّف َ‬
‫طعاـ السوؽ أ ُ‬
‫تقع عليو‬
‫بصار الفقراء ُ‬ ‫عن ذك ِر اهلل وأ ُ‬
‫قرب الی الغفلة ‪ ,‬وألف أ َ‬
‫ب بركتُو ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فتذى ُ‬
‫وال يَػ ْقد ُروف علی الشراء منو ‪ ,‬فيتأذّ ْوف بذلك َ‬
‫اصتليل ػتمد بن الفضل كاف يف‬
‫َ‬ ‫الشيخ‬
‫َ‬ ‫وحكي أف االماـ‬
‫حاؿ تَػ َعلُّ ِم ِو ال يأكل من طعاـ السوؽ ‪ ,‬وكاف أبوه يس ُك ُن يف‬
‫طعامو ويدخل ٳليو يوـ اصتمعة ‪ ,‬فرأی يف‬
‫الرساتيق ويهيیءُ َ‬
‫بيت ابنو خبز السوؽ يوماً فلم يكلِّمو ِ‬
‫ساخطاً علی ابنو‬ ‫ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬
‫حضَرهُ‬
‫يت انا ومل أرض بو ولكن أ َ‬
‫فاعتذر ابنوُ ‪ ,‬فقاؿ‪ :‬ما اشًت ُ‬
‫كنت حتتاط وتتورع عن مثلو مل َيرؤ‬
‫شريكي ‪ ,‬فقاؿ أبوه‪ :‬لو َ‬
‫شري ُكك علی ذلك‪.‬‬
‫وىكذا كانوا يتورعوف فلذلك ُوفِّػ ُقوا للعلم والنشر حتی بقي‬
‫اشتُهم ٳلی يوـ القيامة‪.‬‬

‫‪‬‬
‫طالب العلم أف يتحرز عن‬ ‫َ‬ ‫ووصی فقيو من ُزّىاد الفقهاء‬
‫الكبلـ يَ ْس ِرؽ‬
‫َ‬ ‫الغيبة وعن غتالسة اظتكثار ‪ ,‬وقاؿ ‪ :‬من يُكثِر‬
‫ِ‬
‫ويضيع أوقاتك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عمرؾ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الفساد واظتعاصي والتعطيل ‪,‬‬ ‫ب من أىل‬ ‫ِ‬
‫ومن الورع أ ْف ََْيتَن َ‬
‫[وَياور الصلحاء ] فإف اجملاورة مؤثرة ‪ ,‬وأف َيلس مستقبل‬
‫القبلة ويكو َف مستناً بسنة النيب عليو الصبلة والسبلـ ‪ ,‬ويغتنم‬
‫ويتحرز عن دعوة اظتظلومُت ‪.‬‬
‫َ‬ ‫دعوة أىل اطتَت ‪,‬‬
‫وحكي أ َّف رجلُت خرجا يف طلب العلم للغربة وكانا شريكُت‬
‫حدمها ومل يتفقو اآلخر‬ ‫ِ‬
‫فرجعا بعد سنُت ٳلی بلدمها وقد فَقوَ أ ُ‬
‫‪ ,‬فتأمل فقهاءُ الببلد وسألوا عن حاعتما وتكرارمها وجلوسهما‬
‫جلوس الذي تفقو يف حاؿ التكرار كاف مستقببلً‬
‫َ‬ ‫فأخربوا أ َّف‬
‫[حصل العلم فيو ] واآلخر كاف مستدبراً‬ ‫ِ‬
‫صَر الذي ّ‬‫القبلة واظت ْ‬
‫ووجهو الی غَت اظتصر ‪ .‬فأتفق العلماء والفقهاء أ َّف‬
‫القبلة َ‬
‫الفقيو فَِقوَ بربكة استقباؿ القبلة ٳذ ىو السنة يف اصتلوس ٳال‬

‫‪‬‬
‫عند الضرورة ‪ ,‬بربكة دعاء اظتسلمُت فإف اظتصر ال ِيلو من‬
‫العبّ ِاد وأىل اطتَت والزىد ‪ ,‬فالظاىر أف عابداً دعا لو يف الليل‪.‬‬
‫فينبغي لطالب العلم أف ال يتهاوف باآلداب والسنن ‪ ,‬ومن‬
‫هتاوف باألدب ُحرـ السنن ‪ ,‬ومن هتاوف بالسنن ُحرـ الفرائض‬
‫‪ ,‬ومن هتاوف بالفرائض حرـ اآلخرة ‪ .‬وبعضهم قالوا هبذا‬
‫حديثاً عن رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم) ‪.‬‬
‫وينبغي أف يُكثر الصبلة ‪ ,‬ويصلي صبلة اطتاشعُت ‪ ,‬فإف‬
‫ذلك عو ٌف لو علی التحصيل والتعلم ‪.‬‬
‫ت للشيخ االماـ اصتليل الزاىد اضتجاج ؾت ِم الدين‬ ‫ِ‬
‫وأنش ْد ُ‬
‫عُ ُمر بن ػتمد النسفي شعراً ‪:‬‬
‫ُك ْن لؤلوامر والنواىي حافضاً‬
‫وعلی الصبلة مواظباً وػتافظاً‬
‫واطلب علوـ الشرع واجهد واستعن‬
‫بالطيبات تَ ِ‬
‫ص ْر فقيهاً حافظ‬

‫‪‬‬
‫ظ ِح ْف ِظ َ‬
‫ك راغباً‬ ‫واسئل ٳ َعتك حف َ‬
‫من فضلو فاهلل خَت حافظا‬

‫وقاؿ رزتة اهلل عليو ‪:‬‬


‫أطيعوا وجدوا وال تكسلوا‬
‫وأنتم ٳلی ربكم تُرجعوف‬
‫وال هتجعوا فخيار الوری‬
‫قليبل من الليل ما يهجعوف‬

‫وينبغي أف يستصحب دفًتاً علی كل حاؿ ليطالعو‪.‬‬


‫وقيل‪ :‬من مل يكن الدفًت يف ُك ِّمو مل تثبت اضتكمةُ يف قلبو‪.‬‬
‫وينبغي أف يكو َف يف الدفًت بياض ويستصحب احملربة ليكتب‬
‫ما يسمع من العلماء ‪ .‬وقد ذكرنا حديث ىبلؿ بن يسار ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫فيما يورث الحفظ‬


‫وفيما يورث النسيان‬

‫وتقليل الغذاء ‪,‬‬


‫ُ‬ ‫وأقوی اسباب اضتفظ ‪ :‬اصتِ ُّد واظتواظبةُ ‪,‬‬
‫وصبلةُ الليل وقراءةُ القرآف من أسباب اضتفظ ‪.‬‬
‫يد للحفظ من قراءةِ القرآف نظراً ‪,‬‬ ‫قيل ‪ :‬ليس شيءٌ أز َ‬
‫فضل لقولو عليو الصبلة والسبلـ ‪ (:‬أعظم‬ ‫والقراءةُ نظراً أ ُ‬
‫بعض‬
‫شداد بن حكيم َ‬
‫أعماؿ أميت قراءة القرآف نظراً ) َورأی ُ‬
‫‪‬‬
‫ٳخوانو يف اظتناـ ‪ ,‬فقاؿ ألخيو ‪ :‬أي شيء وجدتو أنفع ؟‬
‫قاؿ‪ :‬قراءة القرآف نظراً ‪.‬‬
‫ويقوؿ عند رفع الكتاب ‪:‬‬
‫بسم اهلل وسبحاف اهلل واضتمد هلل وال ٳلو ٳال اهلل ‪ ,‬واهلل أكرب ‪,‬‬
‫وال حوؿ وال قوة ٳال باهلل العلي العظيم العزيز العليم ‪ ,‬عدد‬
‫كل حرؼ كتب ويكتب أبد اآلبدين ودىر الداىرين ‪.‬‬
‫ويقوؿ بعد كل مكتوبة ‪ :‬آمنت باهلل الواحد األحد اضتق ‪,‬‬
‫وحده الشريك لو ‪ ,‬وكفرت مبا سواه ‪.‬‬
‫ويكثر الصبلة علی النيب عليو السبلـ فإف ذكره رزتة‬
‫للعاظتُت ‪.‬‬
‫[قاؿ الشافعي رضي الو عنو ] ‪:‬‬
‫شكوت ٳلی وكي ِع سوء حفظي [فأرشدين] ٳلی ترؾ اظتعاصي‬
‫ُ‬
‫فإف اضتفظ فضل من اهلل‬
‫وفضل اهلل ال يُعطی لعاصي‬

‫‪‬‬
‫ندر مع السكر وأكل‬
‫والسواؾ وشرب العسل وأكل ال ُك ُ‬
‫ٳحدی وعشرين زبيبة زتراء كل يوـ علی الريق يورث اضتفظ‬
‫ويشفي من كثَت من األمراض واالسقاـ ‪ ,‬وكل ما يقلل البلغم‬
‫والرطوبات يزيد يف اضتفظ ‪ ,‬وكل ما يزيد يف البلغم يورث‬
‫النسياف ‪.‬‬

‫وأما ما يورث النسياف فهو‪ :‬اظتعاصي وكثرة الذنوب واعتموـ‬


‫واألحزاف يف أمور الدنيا ‪ ,‬وكثرة االشتغاؿ والعبلئق ‪ ,‬وقد‬
‫ذكرنا انو ال ينبغي للعاقل أف يهتم ألمر الدنيا ألنو يضر وال‬
‫ينفع ‪ ,‬ومهوـ الدنيا ال ختلوا الظلمة يف القلب ‪ ,‬ومهوـ اآلخرة‬
‫فهم‬
‫ال ختلو عن النور يف القلب ‪ ,‬ويظهر أثره يف الصبلة ‪ُّ ,‬‬
‫وىم اآلخرة ُيملو عليو ‪,‬‬
‫الدنيا ّينعو من اطتَتات ‪ّ ,‬‬

‫‪‬‬
‫واالشتغاؿ بالصبلة علی اطتشوع وحتصيل العلم ينفي اعتم‬
‫واضتزف ‪,‬‬
‫كما قاؿ الشيخ نصر بن اضتسن اظترغيناين يف قصيدة لو ‪:‬‬
‫يف كل علم ُِيتزف‬ ‫نصر بن اضتسن‬
‫ستعن َ‬
‫ٳ ْ‬
‫باطل ال يؤدتن‬
‫وما سواهُ ٌ‬ ‫ذلك الذي ينفي اضتزف‬

‫والشيخ االماـ األجل ؾتم الدين عمر بن ػتمد النسفي قاؿ‬


‫يف أـ ولد لو ‪:‬‬
‫سبلـ علی من تيّمتٍت بظرفها‬
‫ٌ‬
‫وظتعة خدىا وحملة طرفها‬
‫صبتٍت فتاةٌ مليحة‬
‫سبَْتٍت وأ ْ‬
‫حتَتت األوىاـ يف كنو وصفها‬
‫فقلت ‪ :‬ذريٍت واعذريٍت فإنٍت‬
‫ُشغفت بتحصيل العلوـ وكشفها‬

‫‪‬‬
‫طبلب الفضل والعلم والتقی‬
‫ويل يف ّ‬
‫غنّی عن غناء الغانيات ِ‬
‫وعرفها‬

‫وأما اسباب نسياف العلم ‪:‬‬


‫فأكل الكزبرة الرطبة ‪ ,‬والتفاح اضتامض ‪ ,‬والنظر ٳلی‬
‫اظتصلوب ‪ ,‬وقراءة اطتط اظتكتوب علی حجارة القبور ‪ ,‬واظترور‬
‫بُت قطار اصتماؿ ‪ ,‬وٳلقاء القمل اضتي علی األرض ‪,‬‬
‫واضتجامة علی نُقرةِ القفا ‪ ,‬كلها يورث النسياف ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫فصل‬

‫فيما يجلب الرزق وفيما يمنع‬


‫وما يزيد في العمر و ما ينقص‬

‫مث البد لطالب العلم من القوة ومعرفة ما يزيد فيو وما يزيد‬
‫غ يف طلب العلم ‪ ,‬ويف كل ذلك‬
‫يف العمر والصحة ليتفر َ‬
‫بعضها ىنا علی سبيل االختصار‪.‬‬
‫ت َ‬ ‫صنّفوا كتاباً ‪ ,‬فأورد ُ‬

‫‪‬‬
‫القدر ٳال‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم) ‪( :‬ال يػَُرُّد ُ‬
‫حرـ من‬
‫جل ليُ ُ‬
‫يد يف العمر ٳال الرب ‪ ,‬فإف الر َ‬
‫بالدعاء ‪ ,‬وال يز ُ‬
‫الرزؽ بذنب يصيبو)‪.‬‬
‫ِ‬
‫بت هبذا اضتديث أ َّف ٳرتكاب الذنب ُ‬
‫سبب حرماف الرزؽ‬ ‫ثَ َ‬
‫حديث‬
‫ٌ‬ ‫يورث الفقر ‪ ,‬وقد ورد فيو‬
‫خصوصاً الكذب فإنو ُ‬
‫تورث‬
‫نوـ الصبحة ّينع الرزؽ ‪ ,‬وكثرةُ النوـ ُ‬
‫خاص ‪ ,‬وكذا ُ‬
‫وفقر العلم أيضاً ‪.‬‬
‫الفقر ‪َ ,‬‬
‫قاؿ القائل شعراً‪:‬‬
‫سرور الناس يف ِ‬
‫لبس اللباس‬ ‫ُ‬
‫ورتع العلم يف ِ‬
‫ترؾ النعاس‬ ‫ُ‬

‫وقاؿ‪:‬‬
‫أليس من اضتزف أ ّف ليالياً‬
‫دتر ببل نف ٍع وختسر من عمر‬
‫ُّ‬

‫‪‬‬
‫وقاؿ أيضاً ‪:‬‬
‫قم الليل يا ىذا لعلك تُػ ْر َش ُد‬
‫العمر ينفد‬
‫تناـ الليل و ُ‬
‫ٳلی كم ُ‬

‫والنُوـ عريانا ‪ ,‬والبوؿ عريانا واألكل جنباً ‪ ,‬واألكل متكئاً‬


‫علی جنب ‪ ,‬وكنس البيت يف الليل باظتنديل ‪ ,‬وترؾ القمامة‬
‫يف البيت ‪ ,‬واظتشي قداـ اظتشايخ ‪ ,‬ونداء الوالدين بأشتهما ‪,‬‬
‫واطتبلؿ بكل خشبة ‪ ,‬وغسل اليدين بالطُت والًتاب ‪,‬‬
‫واصتلوس علی العتبة ‪ ,‬واالتكاء علی أحد زوجي الباب ‪,‬‬
‫والتوضؤ يف اظتربز ‪ ,‬وخياطة الثوب علی بدنػو ‪ ,‬وَتفيف‬
‫الوجو بالثوب ‪ ,‬وترؾ العنكبوت يف البيت ‪ ,‬والتهاوف يف‬
‫الصبلة ‪ ,‬وٳسراع اطتروج من اظتسجد بعد صبلة الفجر ‪,‬‬

‫‪‬‬
‫واإلبتكار بالذىاب ٳلی السوؽ ‪ ,‬واالبطاء يف الرجوع منو ‪,‬‬
‫وشراء كسرات اطتبز من الفقراء ‪ ,‬والسؤاؿ ‪ ,‬ودعاء الشر علی‬
‫الوالد ‪ ,‬وترؾ ختمَت األواين وٳطفاء السراج بالنّػ َفس ‪ :‬كل‬
‫ذلك يورث الفقر ‪ ,‬عُرؼ ذلك باآلثار ‪.‬‬
‫وكذا الكتابة بالقلم اظتعقود ‪ ,‬واالمتشاط باظتشط اظتنكسر ‪,‬‬
‫وترؾ الدعاء للوالدين ‪ ,‬والتعمم قاعداً ‪ ,‬والتسروؿ قائماً ‪,‬‬
‫والبخل والتقتَت ‪ ,‬واإلسراؼ ‪ ,‬والكسل والتواين والتهاوف يف‬
‫األمور ‪.‬‬

‫وقاؿ رسوؿ اهلل (صل اهلل عليو وسلم ) ‪( :‬استنزلوا الرزؽ‬


‫بالصدقة ) والبكور مبارؾ يزيد يف رتيع النِ َعم خصوصاً يف‬
‫الرزؽ ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وطيب الكبلـ‬
‫ُ‬ ‫ط الوجو‬
‫يح الرزؽ وبس ُ‬
‫وحسن اضتظ من مفات ِ‬
‫ُ‬
‫كنس الفناء‬
‫يد يف اضتفظ والرزؽ ‪ .‬وعن اضتسن بن علي ‪ُ :‬‬ ‫يز ُ‬
‫وغسل االناء غتلبةٌ للغنی ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأقوی األسباب اصتاذبة للرزؽ ٳقامةُ الصبلة بالتعظيم‬
‫وتعديل األركاف وسائر واجباهتا وسننها وآداهبا ‪,‬‬
‫ُ‬ ‫واطتشوع‪,‬‬
‫الضحی يف ذلك معروفة ‪ ,‬وقراءة سورة الواقعة‬ ‫وصبلةُ ُ‬
‫خصوصاً يف الليل وقت النوـ ‪ ,‬وقراءة اظتلك ‪ ,‬واظتزمل ‪,‬‬
‫والليل ٳذا يغشی ‪ ,‬وأمل نشرح لك ‪ ,‬وحضور اظتسجد قبل‬
‫األذف ‪ ,‬واظتداومة علی الطهارة ‪ ,‬وأداء سنة الفجر والوتر يف‬
‫البيت ‪,‬وأف ال يتكلم بكبلـ الدنيا بعد الوتر وال يكثر غتالسة‬
‫النساء ٳال عند اضتاجة ‪ ,‬وأف ال يتكلم بكبلـ لغ ٍو ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وقيل ‪ :‬من اشتغل مبا يعنيو فاتو مااليعنيو ‪ ,‬قاؿ بزر رتهر ‪:‬‬
‫علي‬
‫ٳذا رأيت الرجل يكثر الكبلـ فاستيقن جبنونو ‪ .‬قاؿ ّ‬
‫العقل نقص الكبلـ‬
‫رضي اهلل عنو ‪ :‬ٳذا مت ُ‬
‫قاؿ اظتصنف رزتو اهلل ‪:‬‬
‫واتفق يل يف ىذا اظتعنی شعراً ‪:‬‬
‫ٳذا مت عقل اظترء قل كبلمو‬
‫مق ِ‬
‫اظترء ٳف كاف ُمكثرا‬ ‫وأيقن ُبُ ِ‬

‫ين والسكوت سبلمةٌ‬


‫النطق ز ٌ‬
‫ُ‬
‫نطقت فبل تكو َف مكثرا‬
‫َ‬ ‫فإذا‬
‫ٍ‬
‫سكوت مرةً‬ ‫ندمت علی‬
‫ما ُ‬
‫ندمت علی الكبلـ مراراً‬
‫ولقد ُ‬
‫وأما ما يزيد يف الرزؽ ‪:‬‬
‫أف يقوؿ كل يوـ بعد انشقاؽ الفجر ٳلی وقت الصبلة‪:‬‬
‫(سبحاف اهلل العظيم وُبمده ‪ ,‬سبحاف اهلل العظيم وُبمده ‪,‬‬

‫‪‬‬
‫واستغفر اهلل العظيم وأتوب ٳليو ) مائة مرة ‪ ,‬وأف يقوؿ ‪ (:‬ال‬
‫ٳلو ٳال اهلل اظتلك اضتق اظتبُت ‪ ,‬كل يوـ صباحاً ومساءً مائة‬
‫مرة‪.‬‬
‫وأف يقوؿ بعد صبلة الفجر كل يوـ ‪ (:‬اضتمد هلل ‪ ,‬سبحاف‬
‫اهلل ‪ ,‬وال الو ٳال اهلل ) ثبلثاً وثبلثُت مرة ‪ ,‬وبعد صبلة اظتغرب‬
‫سبعُت مرة بعد صبلة الفجر ‪,‬‬‫َ‬ ‫أيضاً ‪ ,‬ويستغفر اهلل تعالی‬
‫ويكثر من قولو‪ :‬ال حوؿ وال قوة ٳال باهلل العلي العظيم ) ‪,‬‬
‫والصبلة علی النيب (صل اهلل عليو وسلم )‪.‬‬

‫ويقوؿ يوـ اصتمعة سبعُت مرة‪ :‬اللهم أغنٍت ُببللك عن‬


‫حرامك واكفٍت بفضلك عمن سواؾ‪.‬‬

‫ويقوؿ ىذا الثناء كل يوـ وليلة ‪ ( :‬أنت اهلل العزيز اضتكيم ‪,‬‬
‫أنت اهلل اظتلك القدوس ‪ ,‬انت اهلل اضتكيم الكرمي ‪ ,‬أنت اهلل‬

‫‪‬‬
‫خالق اطتَت والشر ‪ ,‬أنت اهلل خالق اصتنة والنار ‪ ,‬انت اهلل‬
‫عامل الغيب والشهادة ‪ ,‬أنت اهلل عامل السر وأخفی ‪ ,‬أنت اهلل‬
‫الكبَت اظتتعاؿ ‪ ,‬أنت اهلل خالق كل شيء وٳليو يعود كل شيء‬
‫‪ ,‬أنت اهلل ديّاف يوـ الدين ‪ ,‬مل تزؿ وال تزاؿ ‪ ,‬أنت اهلل ال ٳلو‬
‫ٳال انت األحد الصمد ‪ ,‬مل يلد ومل يولد ومل يكن لو ُك ُفواً‬
‫أحد ‪ ,‬أنت اظتلك القدوس السبلـ اظتؤمن اظتهيمن العزيز‬
‫اظتصور لو األشتاء‬
‫اصتبار اظتتكرب ال ٳلو ٳال أنت اطتالق الباريء ّ‬
‫يسبح لو ما يف السماوات واألرض وىو العزيز‬
‫ُ‬ ‫اضتسنی‬
‫اضتكيم‪.‬‬

‫وأما ما يزيد يف العمر‪ :‬الرب وترؾ األذی ‪ ,‬وتوقَت الشيوخ ‪,‬‬


‫وصلة الرحم ‪ ,‬وأف يقوؿ حُت يصبح وّيسي كل يوـ ثبلث‬
‫مرات ‪( :‬سبحاف اهلل ملء اظتيزاف ‪ ,‬ومنتهی العلم ‪ ,‬ومبلغ‬
‫الرضا ‪ ,‬وزنة العرش ‪ .‬واضتمد هلل ‪ ,‬ملء اظتيزاف ‪ ,‬ومنتهی‬

‫‪‬‬
‫العلم ‪ ,‬ومبلغ الرضا ‪ ,‬وزنة العرش ‪ .‬وال ٳلو ٳال اهلل ملء‬
‫اظتيزاف ‪ ,‬ومنتهی العلم وزنة العرش ‪ .‬واهلل أكرب ‪ ,‬ملء اظتيزاف ‪,‬‬
‫ومنتهی العلم ‪ ,‬ومبلغ الرضا ‪ ,‬وزنة العرش ‪.‬‬

‫وأف يتحرز عن قط ِع األشجار الرطبة ٳال عند الضرورة ‪,‬‬


‫وٳسباغ الوضوء والصبلة بالتعظيم ‪ ,‬والقراف بُت اضتج والعمرة‬
‫‪ ,‬وحفظ الصحة ‪,‬وال بد أف يتعلم شيئاً من الطب ‪ ,‬ويتربؾ‬
‫باآلثار الواردة يف الطب اليت رتعها االماـ أبو العباس‬
‫اظتستغفري يف كتابو اظتسمی ‪(:‬بطب النيب عليو السبلـ ) ‪,‬‬
‫َيده من يطلو (فهو كتاب مشهور) ‪.‬‬

‫[ اضتمد هلل علی التماـ ‪ ,‬وصلی اهلل علی سيدنا ػتمد أفضل‬
‫الرسل الكراـ ‪ ,‬وآلو وصحبو‬
‫األئمة االعبلـ ‪ ,‬علی ؽتر الدىور‬

‫‪‬‬
‫و تعاقب األياـ ‪ ,‬آمُت ‪ ].‬مت‬
‫الكتاب اظتبارؾ اظتسمی ‪:‬‬
‫بتعليم اظتتعلم‬
‫ميسر بالعمل مبا فيو‬
‫يا اهلل يا ّ‬
‫يف وقت الضحی يف مدرسة‬
‫سراي يف بلدة‬
‫قيصرية‬
‫سنة ‪۱۱1۱‬‬

‫في المديرية العامة للمكتابات العامة اعطيت لو رقم ايداع (‪ )504‬لسنة‬


‫‪2022‬م‪.‬‬

‫‪‬‬

You might also like