مدخل الى المذهب الشافعي - 231123 - 134545
مدخل الى المذهب الشافعي - 231123 - 134545
رب العالمين ،والصالة والسالم على سيدنا محمد النبي وعلى آله
الحمد هلل ّ
وأصحابه والتابعين.
وبعد،
ُ ۡ َ َّ َ ُ ُ ْ ۡ ۡ َ ۡ َ َّ ُ َّ َ َ ْ
ء َام ُنوا مِنكم وٱلذ
ِين أوتوا ٱلعِل َم قول اهلل تعالى﴿ :يرفعِ ٱلل ٱلذِين
انطالقًا من ِ
ََ َ
وقول النبي ﷺ« :مَن يُ ِر ِد اهلل ب ِه َخ ً
يرا يفق ْهه في الدِّين» متفق ِ ت﴾ [المجادلة،]11 :درج ٰ ٖ ۚ
حرصت دائرة اإلفتاء العام في المملكة األردنية الهاشمية على خدمة العلوم عليه ،فقد َ
ً
واستكمال الشرعية ،وتقديم المعلومة النافعة ،ورفع مستوى الثقافة بين طلبة العلم،
لهذه المسيرة الطيبة فإن دائرة اإلفتاء العام بعد توفيق اهلل تعالى وفضله ،تضع بين يدي
يسر اهلل تعالى إخراجه طلبة العلم كتاب «المدخل إلى المذهب الشافعي» بعد أن َّ
ميس ًرا لطلبة العلم ،أخرجته أي ٍد مباركة من أصحاب بهذه ال ُحلّة البهية ،ليكون مرجعًا َّ
الفضيلة العلماء الكرام في دائرة اإلفتاء.
ول ّما كان المذهب الشافعي هو أحد المذاهب األربعة المعتمدة عند أهل السنة
والجماعة ،وهي (المذهب الحنفي ،والمالكي ،والشافعي ،والحنبلي) ،وباعتباره
المذهب المعتمد في الفتوى في المملكة األردنية الهاشمية واألكثر انتشا ًرا في بالدنا
عبر التاريخ؛ لما احتواه من منهج علمي راسخ كان وما زال سببًا في تحقيق مصالح
األمة وجمع كلمتها والمحافظة على عدالتها ووسطيتها ،فقد رغبنا في تعريف طلبة
المدخل إلى المذهب الشافعي 6
العلم والمهتمين بالثقافة الشرعية بهذا المذهب ،من خالل هذا الكتاب الذي يسلّط
الضوء على إمام المذهب محمد بن إدريس الشافعي رضي اهلل عنه الذي كان صاحب
شخصية اجتهادية فذة ،وكان له قصب السبق في وضع علم أصول الفقه واستنباط
القواعد األصولية ،باإلضافة إلى بيان أدوار المذهب التاريخية ومراحل تطوره،
وأبرز شيوخه والتعريف بهم ،وأهم الكتب المعتمدة فيه ،وشرح أبرز مصطلحات
علماء الشافعية ،وهو ما يُعد مفتا ًحا مه ًّما لدراسة مذهب اإلمام الشافعي ،وييسر
دراسة علم الفقه الذي يُع ّد من أج ّل العلوم وأعظمها؛ ألنه يحقق عناصر االستخالف
في األرض ويتعلق بالعمل الذي يوصل إلى مراد اهلل سبحانه وتعالى في هذه الحياة،
ََ َ َۡ ُ ۡ
تٱل ِج َّن وهو عبادة اهلل تعالى وصدق التوجه إليه ،مصداقاً لقوله عز وجل﴿:وماخلق
ون﴾ [الذاريات ،]56 :وهو العلم الذي يجتمع فيه المعرفة والعلوم دنس إلَّا ل َِي ۡع ُب ُوٱلۡإ َ
َ
ِ ِ ِ
النظرية مع التطبيق العملي ،يقول اإلمام الغزالي رضي اهلل عنه« :وأشرفُ العلوم ما
الرأي والشرع ،وعلم الفقه وأصولُه من ُ ازدوج فيه العق ُل والسمع ،واصطحب فيه َ
دواعي الخلق على طلبه ،وكان َ وسبَبِه ،وفَّر اهلل
هذا القبيل ...وألجل شرف علم الفقه َ
وأكثرهم أتباعًا وأعوانًا»(.)1
َ العلماءُ به أرف َع العلماء مكانًا ،وأجلَّهم شأنًا،
خالصا لوجهه الكريم ،وأن يكتب له القبول
ً فنسأل اهلل تعالى أن يتقبّل هذا العمل
بين الناس ،وأن يبارك في جهود العاملين عليه ،والقائمين على تدقيقه والعناية به،
وأن ينفع به اإلسالم والمسلمين.
رب العالمين
والحمد هلل ّ
مقدمة
بسم اهلل الرحمن الرحيم ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد،
فقد أصبحت مداخل العلوم في عصرنا الحاضر ظاهرة معتادة في منهج التعليم
والمعرفة؛ ألن كل علم له تاريخه وفلسفته الخاصة واصطالحاته وقواعده التي ال
حسن بدارس ذلك العلم أن يجهلها ،ويحتاج كل باحث أن يطلع عليها ليستفيد
يَ ُ
من ذلك العلم بصورة صحيحة.
ولذلك سلك المصنفون في العلوم الشرعية هذه المنهجية في كل علم شرعي
وسلّ ًما تعليميًّا لكل طالب علم شرعي ،وقُررت مواد متخصصة
ليكون مم ِّهدًا معرفيًّا ُ
في الجامعات والمعاهد األكاديمية لتدريس هذه المداخل في التخصصات الشرعية.
وقد ظهرت الحاجة لتصنيف مدخل إلى المذهب الشافعي يراعي طريقة كتابة
الدراسات األكاديمية ،ويبني المنهجية العلمية في ذهن طالب العلم الملتزم بالمذهب
الشافعي.
وجاءت فكرة كتاب «المدخل إلى المذهب الشافعي» الذي بين أيدينا ليكون
مرجعًا علميًّا أكاديميًّا للجامعات والباحثين وطلبة العلم ،يضاهي المراجع األكاديمية
المعاصرة التي تهتم بمنهج البحث العلمي ،وطريقة التوثيق والترتيب والتبويب،
واألمثلة التطبيقية.
المدخل إلى المذهب الشافعي 8
وتتمثل أهمية الكتاب في أنها تقدم مادة منهجية للباحثين وطلبة العلم في
التعريف بالمذهب الشافعي ،بحيث يسهل على الباحث وطالب العلم البحث أو
الدراسة في كتب المذهب.
وقد كثُر في يومنا هذا التصنيف في مداخل المذهب الشافعي ،ويُع ّد أول مدخل
صنّف في المذهب الشافعي بصورة مستقلة «الفوائد المدنية فيمن يُفتى بقوله من
ُ
أئمة الشافعية» للعالمة محمد بن سليمان الكردي (ت1194هـ) والذي عرض فيه
طبقات علماء المذهب وكتبه وأبرز مصطلحاته ،واستفاض في بحث دور اإلمام
النووي واإلمام الرافعي في تنقيح المذهب ،وجهود المتأخرين في تحرير أقوالهما،
ومنهجية الفتوى المعتبرة في المذهب ،ثم قام العالمة علوي بن أحمد السقاف
(ت1335هـ) بتهذيب الكتاب السابق في «الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة
الشافعية» فعرض طبقات علماء المذهب ،وتحدث عن أبرز مصطلحاته وكتبه،
وعرض دور اإلمامين النووي والرافعي في «تنقيحه».
ثم توالت مداخل المذهب الشافعي في العصر الحديث بين رسالة جامعية
وبحث علمي مُح َّكم وكتاب مستقل ،وكان من أبرز هذه الدراسات:
1ـ المذهب عند الشافعية للدكتور محمد إبراهيم علي ،وهو بحث مح َّكم نشر
في جامعة الملك عبد العزيز سنة 1978م ،وع ََرض فيه أطوار المذهب التاريخية،
وجهود المتأخرين في تحرير المذهب.
2ـ المدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي للدكتور أكرم القواسمي ،وهي رسالة
دكتوراه نُوقشت في الجامعة األردنية سنة 2002م ،وتعرض فيه مؤلفه لحياة إمام
المذهب وتاريخ المذهب وبيان أبرز مصطلحاته وكتبه.
3ـ مقدمة تحقيق كتاب «نهاية المطلب إلمام الحرمين» لمح ِّققه الدكتور
عبد العظيم الديب ،وهي مقدمة عظيمة في التعريف بالمذهب الشافعي وتاريخه
9 ةمدقم
ومصطلحاته ،وجهود علماء المذهب في تحريره وتنقيحه ،وقد ُطبع الكتاب مع
مقدمته في سنة 2007م.
4ـ المعتمد عند الشافعية للدكتور محمد عمر الكاف ،وهي رسالة ماجستير
نوقشت في جامعة بيروت اإلسالمية سنة 2008م ،وعرض فيه مؤلفه تطور مصطلح
المذهب عبر العصور ،وجهود علماء المذهب في تحريره وتنقيحه.
ور َّكزت أغلب هذه الكتب والدراسات على العرض التاريخي لحياة إمام
المذهب ،وأطوار المذهب التاريخية ،وجهود علماء المذهب في تحريره وتنقيحه،
مع بيان مصطلحات المذهب وكتبه.
ويُع ّد الكتاب الذي بين أيدينا حلقة مك ِّملة لسلسلة الكتب السابقة ،وتمثلت
اإلضافة التي خرج بها كتابنا في:
1ـ االهتمام بمنهج البحث العلمي في المذهب الشافعي من خالل عرض كتب
المذهب في الفروع واألصول والقواعد الفقهية والكتب األخرى المتصلة بالمذهب
الشافعي ،مع تعريف مختصر بكل كتاب ،باإلضافة إلى عرض أبرز المصطلحات
المتعلقة بالمذهب بطريقة مرتبة مجدولة يستفيد منها الباحث وطالب العلم.
2ـ عرض منهج الفتوى وقواعد الترجيح في المذهب بطريقة علمية مع األمثلة
التوضيحية ،بعيدًا عن الحشو والتطويل.
4ـ ركز الكتاب فيما يتعلق بتاريخ المذهب على عرض الحالة العلمية للمذهب
وجهود علماء المذهب في كل عصر من عصر النشأة إلى عصرنا الحالي.
المدخل إلى المذهب الشافعي 10
5ـ إضافة فصل يتعلق بتراجم علماء المذهب عبر العصور التاريخية بحيث
يشتمل على ترجمة إمام أو أكثر في كل قرن ،مع االهتمام بتراجم أبرز علماء المذهب
في العصر الحديث.
6ـ االهتمام بالتوثيق العلمي من المصادر والمراجع ،وترجمة األعالم في
الكتاب ،وترتيب الكتاب َوف ًقا للمنهجية العلمية.
وقد تتبّعنا واستقرأنا مصادر المذهب الشافعي ومراجعه للوصول إلى المعلومات
والحقائق وتنقيحها ونقدها ،فيما يُعرف اليوم بالمنهج التاريخي ،باإلضافة إلى عرض
شامل لما يتعلق بالتعريف بالمذهب الشافعي ومنهجه وأصوله وتاريخه ،فيما يعُرف
اليوم بالمنهج الوصفي.
وختامًا ،نسأل اهلل تعالى أن يتقبل هذا العمل لوجهه الكريم ،وأن يكون في صحيفة
كل من اشتغل بالكتاب أو عمل على إنجاحه ،وأن ينفع به طلبة العلم والباحثين بجاه
سيد المرسلين ﷺ.
11 اًمومع ةيهقفلا بهاذملا خيرات نع ةذ بن
تمهيد
نبذة عن تاريخ المذاهب الفقهية عمومًا
كان الصحابةُ رضي اهلل عنهم في عصر النبي ﷺ إذا أشكل عليهم أمر ما
من أمور دينهم ،أو اختلفوا في مسألة رجعوا إلى النبي ﷺ ،فيسألونه مباشرة
عن حكم تلك المسألة؛ فيبيِّ ُن لهم رسول اهلل حك َمها ،وقد نزلت عدة آيات
ُ َ َ َ ۡ َ َّ ُ ۡ
من القرآن الكريم تد ُّل على ذلك؛ منها :قوله تعالى﴿ :ي َ ۡس َـٔلونك ع ِن ٱلأهِلةِۖ قل
َّ ُ َ َ ۡ
اس َوٱلحَ ِ ّج﴾ [البقرة ،]189 :وقوله تعالى﴿ :ي َ ۡس َـٔلونك َع ِن ٱلش ۡه ِر ِيت ل َِّلن ِ
ِه َي َم َوٰق ُ
ُ َ َ َ ٞ ُۡ ۡ
ٱلحَ َر ِام ق َِتا ٖل فِيهِۖ قل ق َِتال فِيهِ كبِير[ ﴾ٞالبقرة ،]217 :وقوله تعالى﴿ :ي َ ۡس َـٔلونك َع ِن
َّ ۡ ۡ ٓ َ ۡ ٓ ۡ َ ُۡ ۡ َۡ
ٱلخ ۡم ِر َوٱل َم ۡي ِس ِرۖ قل فِي ِه َما إِث ٞم كبِيرَ ٞو َم َنٰفِ ُع ل َِّلن ِ
اس َوِإث ُم ُه َما أكبَ ُر مِن نفعِ ِه َما﴾
[البقرة.]219 :
((( أخرجه أبو داود ،باب اجتهاد الرأي في القضاء )303 : 3( ،رقم الحديث (.)3592
المدخل إلى المذهب الشافعي 12
((( أخرجه أبو داود ،باب في المتيمم يجد الماء بعدما يصلي في الوقت ( ،)93 :1رقم الحديث
(.)338
((( الالمذهبية أخطر بدعة تهدِّد الشريعة اإلسالمية ،لمحمد سعيد رمضان البوطي (ص.)15
13 اًمومع ةيهقفلا بهاذملا خيرات نع ةذ بن
ثم لما ع ُظمت أمصا ُر اإلسالم ،وذهبت األمّيّة من العرب بممارسة الكتابة،
وتم َّكن االستنباط ،وك ُمل الفقه وأصبح صناعة وعل ًما نشأت مدرسة أهل الحديث
في الحجاز ،وهي امتداد لفقه عبد اهلل بن عمر وابن عباس رضي اهلل عنهما ،ومدرسة
أهل الرأي في العراق وهي امتداد لفقه عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه ،فكانت
مدرس ُة أهل الحديث تعتمد على النص وال تتجاوزه إلى الرأي إال عند الضرورة،
أما مدرسة أهل الرأي فكانت تعتمد على الرأي والبحث في ِعلَل األحكام وال
تجنح إلى النص إال بعد الوثوق التام بصحة نسبته إلى رسول اهلل ﷺ.
ومن أشهر تالمذة عبد اهلل بن مسعود في العراق :عَل َقمةُ بن قَيس الن َ
خ ِع ّي(،)1
وش َريح القاضي( ،)3ثم تزعَّم مدرسة الرأي بعدهم ق بن األجدع(ُ ،)2 ومَسرو ُ
()5 إبراهـيم الن َ
خعي( )4فقيه العـراق ،وعلى يديه تتلمـذ ح ّماد بن أبي ُسليمان
وكانت له بالكوفة َحلقة عظيمة ،وكان من بينهم أبو َحنيفة النُّعمان وانتهت إليه
وبرز منهم القاضي أبو يوسف ومحمد بن فالتف حوله الطالب َ
َّ رئاسة الفقه،
واستقر منهجـها ،فكان «المذهب
َّ الحسـن و ُزفَـر ،وعلى أيديـهم استمر فِق ُهها
الحنفي».
ومن أشـهر تالمـذة عبد اهلل بن عـمر وابن عباس في الحـجاز :سعيد بن
المسيب( )1سيد التابعين ،وعروة بن الزبير( ،)2والقاسم بن محمد( ،)3وعلى
أيديهم تتلمذ اب ُن ِشهاب الزهري( ،)4وزيد بن أسلم( ،)5ونافع مولى ابن عمر(،)6
ُ
والليث وعبد اهلل بن ذَكوان( ،)7وعلى أيديهم برز عَطاء بن َرباح ،واب ُن ُج َريج،
وسفيان بن ُعيَينة ،واألوزاعي ،ومالك بن أنس إمام أهل المدينة، ابن سعدُ ،
((( سعيد بن المسيَّب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي ،أبو محمد ،سيِّد التابعين،
وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة .توفي 94هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)102 :3
((( عروة بن الزبير بن العوام األسدي القرشي أبو عبد اهلل ،أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ،توفي
93هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)226 :4
((( القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ،أبو محمد ،أحد الفقهاء السبعة في المدينة ،توفي
107هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)181 :5
((( محمد بن مسلم بن عبد اهلل بن ِشهاب الزهري ،من بني ُزهرة بن كالب ،من قريش ،أبو بكر،
تابعي من أهل المدينة ،توفي 124هـ.
ٌّ ح ّفاظ والفقهاء،
أول من د َّون الحديث ،وأحد أكابر ال ُ
انظر :األعالم ،للزركلي (.)97 :7
فسر من أهل المدينة ،توفي 136هـ.
((( زيد بن أسلم العدوي العمري ،أبو عبد اهلل ،فقيه مُ ِّ
انظر :األعالم ،للزركلي (.)56 :3
((( نافع أبو عبد اهلل القرشي ،ثم العدوي ،اإلمام المفتي ،الثبت ،عالم المدينة ،توفي 117هـ.
انظر :سير أعالم النبالء (.)95 :5
((( عبد اهلل بن َذكوان القرشي المدني ،أبو الزناد :من كبار المحدثين ،توفي 131هـ .انظر:
األعالم ،للزركلي (.)85 :4
15 اًمومع ةيهقفلا بهاذملا خيرات نع ةذ بن
وعلى ي ِده برز عبد الرحمن بن القاسم( ،)1وعبد اهلل بن َوهب( ،)2ويحيى بن
استمر فقهها ومنهجها ،فكان «المذهب
َّ يحيى الليثي( ،)3وأشهب( ،)4وعليه
المالكي».
افعي عن اإلمام مالك بن أنس الش ُّ ثم أخذ مح ّمد بن إدريس الم َّط ّ
لبي ّ
في المدينة و َر َحل إلى العراق ،ولقي أصحاب اإلمام أبي َحنيفةَ ،وأ َخ َذ عنهم
واختص
َّ ومز ََج طريقةَ أهل الحجاز بطريقة أهل العراق ،ثم رحل إلى مصر
بمذهب ،وكان من أشهر تالمذته أبو إبراهيم ال ُمزَني ،وأبو يعقوب البُ َويطي،
ٍ
جها ،فكان استمر فق ُهها ومنه ُ
َّ وحرمَلة بن يحيى ،والربي ُع ال ُمرادي ،وعليه
«المذهب الشافعي».
وجاء من بعدهم أبو عبد اهلل أحمد بن حنبل فاختار في صدر حياته رجال
الحديث ومسلَ َكهم ،فاتجه إليهم أول اتجاهه ،ثم قصد فقهَ الشافعي وأصوله،
وكان الشافعي يع ِّول عليه في معرفة صحة األحاديث أحيانًا ،ويقول له :إذا
صح عندكم الحديث فأعلمني به. َّ
عرف بابن القاسم،
العتقي المصري ،أبو عبد اهلل ،ويُ َ
ّ ((( عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن ُجنادة
فقيه ،وهو صاحب المدونة الكبرى في المذهب المالكي ،توفي 191هـ .انظر :األعالم ،للزركلي
(.)323 :3
((( عبد اهلل بن َوهب بن مسلم ال ِفهري المصري ،أبو محمد ،فقيه من األئمة من أصحاب اإلمام
مالك ،تُوفِّي 197هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)144 :4
((( يحيى بن يحيى بن أبي عيسى كثير الليثي ،أبو محمد ،عالم األندلس في عصره ،سمع
المو َّطأ من اإلمام مالك ،وعاد إلى األندلس ،فنشر فيها مذهب مالك ،توفي 234هـ .انظر:
األعالم ،للزركلي (.)176 :8
الجعدي ،أبو عمرو ،فقيه الديار المصرية في
ّ ((( أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري
عصره ،كان صاحب اإلمام مالك ،تُوفِّي 204هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)333 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 16
المروذي( ،)1وإبراهيم بن
وكان من أشهر تالمذة اإلمام أحمد :أبو بكر ُّ
وبقي بن مَخلَد( ،)3وصالح وعبد اهلل ابنا اإلمام أحمد،
ُّ إسحاق الحربي(،)2
استمر فق ُهها ومنهجها ،فكان «المذهب
َّ وعمه إسحاق ،وابن عمه حنبل ،وعليه
الحنبلي».
ووقف االجتهاد الفقهي المطلق وتأسيـس المدارس الكبرى ذات األصول
الفقهية العظمى عند هؤالء األئمة األربعة ،وصار األمر بين الناس إلى اتباع
مذاهب هؤالء األئمة األربعة وااللتزام بفقههم؛ ألن هذه المذاهب ُح ِفظت
و ُخ ِدمت ون ُ ِّقحت و ُح ِّررت ودُقِّقت ،وإنما وقع هذا االلتزام بالمذاهب األربعة
دون غيرها خشية من إسناد األمر إلى غير أهله و َمن ال يُوثَق برأيه ودينه َّ
فصرحوا
بالعجز واإلعواز ،و َع ِم َل ك ُّل مقلِّد بمذهب َمن قلّده ،فجرى عم ُل جماهي ِر األمة
بعد استقرار تدوين الفقه على االلتزام بالمذاهب الفقهية األربعة :مذهب اإلمام
أبي حنيفة ،ومذهب اإلمام مالك ،ومذهب اإلمام الشافعي ،ومذهب اإلمام
أحمد رضي اهلل عنهم أجمعين.
وبذلك نعلم أ ّن اتباع المذاهب األربعة هو عَي ُن اتباع الكتاب والسنة،
تخرج عن الكتاب والسنة؛ فأقوالهم مأخوذة ومستنبطة
وأن أقوال األئمة لم ُ
((( أحمد بن محمد بن الحجاج ،أبو بكر المروذي ،عالم بالفقه والحديث .كان أج َّل أصحاب
اإلمام أحمد ،توفي 275هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)205 :1
((( إبراهيم بن إسحاق بن بَشير بن عبد اهلل البَغدادي الحربي ،أبو إسحاق ،من أعالم ال ُمحدِّثين،
تُوفِّي 285هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)32 :1
((( ب َ ِق ّي بن مَخلَد بن يزيد ،أبو عبد الرحمن ،األندلسي ال ُقر ُطبي :حافظ ِّ
مفسر مُح ِّقق ،من أهل
األندلس ،له تفسير قال عنه ابن بشكوال« :لم يُؤلَّف مثله في اإلسالم» ،توفِّي 276هـ .انظر:
األعالم ،للزركلي (.)60 :2
17 اًمومع ةيهقفلا بهاذملا خيرات نع ةذ بن
من الكتاب والسنة ،إما عن طريق القياس ،أو عن طريق الدالالت؛ كالعامِّ
والخاص ،وال ُمج َمل وال ُمبيَّن ،وفحوى الخطاب ودليل الخطاب ،وغير ذلك.
ِّ
َ
ضبط الدين قال الحافظ ابن رجب الحنبلي :فاقتضت حكمة اهلل سبحانه أن
ب للناس أئمةً مجت َمعًا على ِعل ِمهم ودرايتهم ،وبلوغهم الغايةَ
نص َ
وحفظه بأن َ
المقصودةَ في مرتبة العلم باألحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث.
فصار الناس كلُّهم يُع ِّولون في الفتاوى عليهم ،ويرجعون في معرفة األحكام
مذهب كل
ُ ضبِطويحر ُر قواعدَهم حتى ُ
ِّ إليهم ،وأقام اهلل من يضبِ ُط مذاهبَهم
إمام منهم وأصوله وقواعده وفصوله ،وكان ذلك من لطف اهلل بعباده المؤمنين،
ومن جملة عوائده الحسنة في حفظ هذا الدين ،ولوال ذلك لرأى الناس العجب
العجاب .انتهى(.)1
((( الرد على من اتبع غير المذاهب األربعة ،البن رجب الحنبلي (ص.)3
الباب الأول
تاريخ المذهب الشافعي ورجاله
((( كذا في المطبوعة ،وحذفها هو األنسب بقراءة النص ،واهلل تعالى أعلم.
((( قواطع األدلة في األصول ،للسمعاني (.)337 :2
23 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
الفصل الأول
حياة الإمام الشافعي وشخصيته الاجتهادية
المبحث الأول
حياة الإمام الشافعي
المطلب الأول
()1حياته الشخصية
((( انظر ترجمته في :مناقب الشافعي للبيهقي ،ومناقب اإلمام الشافعي لفخر الدين الرازي.
وطبقات الشافعية الكبرى لعبد الوهاب السبكي ( ،)71 :2وسير أعالم النبالء للذهبي
( ،)5 :10وتهذيب األسماء واللغات للنووي ( ،)44 :1ووفيات األعيان البن خلكان
(.)163 :4
((( لم يرد بهذا اللفظ في الصحيحين ،وإنما ورد بلفظ« :الناس تبع لقريش في هذا الشأن ،مسلمهم
تبع لمسلمهم ،وكافرهم تبع لكافرهم» .أخرجه البخاري ،كتاب المناقب= ،)3495( ،
25 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
= ومسلم ،كتاب اإلمارة ،باب الناس تبع لقريش ،والخالفة في قريش ( .)1818وأخرجه
باللفظ المذكور أحمد في مسنده ( ،)12900والنسائي في الكبرى (.)5909
((( أخرجه البخاري ،كتاب أحاديث األنبياء ( )149 :4رقم الحديث (.)3383
((( تهذيب األسماء واللغات ،للنووي (.)44 :1
((( أخرجه البخاري ،كتاب فرض الخمس ( )91 :4رقم الحديث (.)3140
((( ذكر هذه األبيات الشيخ الباجوري في مقدمته على شرح ابن قاسم ال َغزِّي على متن أبي شجاع
(ص.)20
المدخل إلى المذهب الشافعي 26
نشأ الشافعي رضي اهلل عنه يتي ًما في ِحجر أمه في قلة عيش وضيق حال،
فخافت عليه أمه من ضياع النسب الشريف فح َملَته إلى م ّكةَ وهو ابن عامين،
فنشأ بها وأقبل على الرمي حتى فاق فيه األقران ،وصار يصيب من عشرة أس ُه ٍم
عشرةً ،ثم دفعته أمه إلى ال ُكتّاب ليتعلَّ َم القراءةَ والكتابة.
ثالثًا :وفاته
مات الشافعي رحمه اهلل في آخر ليلة من رجب سنة 204هـ ،وقد بلغ من
العمر أربعة وخمسين عا ًما ،قال محمد بن عبد اهلل بن عبد الحكم المصري:
« ُولِد الشافعي سنة خمسين ومئة ،ومات في آخر يوم من رجب ،سنة أربع
ومئتين ،عاش أربعًا وخمسين سنة»(.)1
المطلب الثاني
حياته العلمية
((( مناقب اإلمام الشافعي ،للرازي (ص ((( .)37مناقب الشافعي ،للبيهقي (.)102 :1
((( مسلم بن خالد بن سعيد القرشي ،المعروف بالزنجي ـ ول ُ ِّقب بالزنجي؛ لبياضه ـ كان إمام
أهل مكة .ت ُ ُوفي 179هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)222 :7
((( تهذيب األسماء واللغات ،للنووي (.)46 :1
29 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
وسيِّدهم ،فوقع في قلبه أن يذهب إليه فاستعار كتاب «الموطأ» و َح ِفظه قبل
أن يدخل على اإلمام مالك ،فارتحل إلى المدينة قاصدًا األخذ عنه فأكر َمه
مالك وعا َمله لنسبه وعل ِمه وفَه ِمه وعق ِله وأدبِه ،فقرأ الموطأ على مالك حف ًظا،
فأعجبته قراءته ،فكان مالك يستزيده من القراءة إلعجابه من قراءته ،والزم
مال ًكا مالزمةَ التلميذ لشيخه ،فكان يقول له« :ات َّ ِق اهلل ،فإنه سيكون لك شأن»،
وفي رواية قال له« :إن اهلل تعالى قد ألقى على قلبك نو ًرا فال تُط ِفئه بالمعصية»،
وبقي مُ ّدةً في المدينة إلى أن ت ُ ُوفِّي اإلمام مالك رحمه اهلل تعالى(.)1
وكان الشافعي رضي اهلل عنه يقول في شيخه مالك بن أنس« :إذا ذُ ِكر
ٌ
فمالك النجم»(.)2 األستاذُ في الحديث
وكان يقول« :لوال مالك وسفيان لذهب علم الحجاز» ،وكان يقول« :ما
أصح من ُمو َّطأ مالك»(.)3
َّ أعل ُم بعد كتاب اهلل تعالى
زائرا الحجاز،
ً
2ـ رحلته إلى اليمن :جاء والي اليمن حماد البربري()4
ً
سبيل ،فاتجه الشافعي إلى مَن يتولَّى أمورهم ،ولكنهم لم يجدوا من ذلك
أمرهم إلى
ناس ورفعوا ٌَ إقامة العدل ورفع الظلم ،وفي تلك األثناء تظلَّم
الشافعي فج َمعَهم وقال لهم« :اجتمعوا على سبع ٍة منكم رجال عدولَ ،من
َعدَّلوه كان ً
عدل ،ومَن َج َّرحوه كان مجرو ًحا» فاجتمعوا على سبعة منهم،
فجلس الشافعي وأجلس السبعةَ ِمن حوله وقال للخصوم :تقدموا ،فإذا ش ِهد
شاهد التفت إلى السبعة ،وقال :ما تقولون في شهادته؟ فإن عدَّلوه كان ً
عدل
جرحوه قال :زدني شهودًا ،فلم يزل يفعل ذلك حتى أتى جمي ُع َمن ت َّظلَم
وإن َّ
أردت اليم َن
َ لمطرف بن مازن فكتب إلى هارون الرشيد :إن
ِّ عنده( ،)1فلم يَ ُرق
ال يفسد عليك وال يخرج من يديك ،فأخ ِرج عنه محمد بن إدريس ،وذكر
أقوامًا من الطالبيين ،فبعث هارو ُن الرشي ُد إلى ح ّما ٍد البَ ِّ
ربري إلى أن يأتي به،
فأمر هارون الرشيد إرسالَهم إلى بغداد (.)2
الشافعي العل َم عن قاضي صنعاء هشام بن
ُّ ومُدةَ رحلته إلى اليمن تل َّقى
يوسف(.)3
3ـ رحلته إلى العراق :ق َ ِدم الشافعي العراق سنة 184هـ مُوث َ ًقا بالحديد
بتُهمة الخروج على الدولة مع العلويين ،وقالوا لهارون الرشيد :إ ّن ولدًا من
شافع ال ُم َّطلبي يعمل بلسانه ما ال يقدر عليه ال ُمقاتِل بسيفه ،فلما وصل وأُدخل
على هارون الرشيد دافع الشافعي عن موقفه بحجة دامغة ،فأُعجب به هارون
الرشيد؛ لعلمه وفضله وفصاحته ،فظهر لهارون الرشيد براءته مما ن ُ ِسب إليه
فرج عنه(.)1
حتى ّ
لع َّل هذه المحنة التي نزلت بالشافعي أراد اهلل بها توجي َههُ إلى العلم ،ال
إلى الوالية والسلطة وتدبير شؤونها ،فهيَّأ اهلل له في هذه المدة أن اطلع على
الحسن الشيباني( ،)2فكتب ُكتُبه ونا َظره
َ مذهب أهل الرأي عن طريق محمد بن
«أنفقت على كتب محمد بن ُ وعرف قولَهم ،يقول الشافعي:
وناظر أصحابه َ
فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثًا»(.)3
ُ الحسن ستين دينا ًرا ،ثم تدبرتها،
فانتشر ذكر الشافعي على األلسن في العراق حتى صار يتداول اسمه بين
العلماء لفصاحته وقوة قريحته وسعة علمه ،فجاء رجل إلى أبي ثَور( )4وقال
أهل المدينة ،فقال
مذهب ِ
َ قرشي من ولد عبد مناف ينصر
ٌّ له :قد ق َ ِدم رج ٌل
مذهب يُنصر؟ قوموا بنا اذهبوا بنا نسمع إليه ما يقول،
ٌ أبو ثور :وألهل المدينة
فقام مع أصحابه ،فنظر إليه فإذا هو شاب ،وإذا له لسان ل ّذاع ،فسمعه يقول:
خاصا،
خاص يريد به عا ًّما ،وقال في خب ٍر عا ٍّم يريد به ًّ
ٍّ قال اهلل ع َّز وج َّل في خب ٍر
فقال للشافعي :رحمك اهلل ،وما الخاص الذي يريد به العام؟ وما العام الذي
يريد به الخاص؟ يقول أبو ثور :وكنا ال نعرف العام من الخاص وال الخاص
َّ َّ َ َ ۡ َ َ ُ ْ َ ُ ۡ
ل وعال﴿ :إِن ٱلناس قد جمعوا لكم﴾ [آل عمران:
من العام ،فقال الشافعي :قال ج َّ
َ َ َّ ۡ ُ ّ َ ٓ َ َ
]173إنما أراد به أبا سفيان .وقولهَّ َ ُّ ٰٓ َ :
﴿يأيها ٱلن ِب ُّي إِذا طلقت ُم ٱلنِساء﴾ [الطالق]1 :
وساد أهل مصر وغيرهم ،وابتكر كتبًا لم يُسبَق إليها ،منها« :أصول الفقه»،
وكتاب «القسامة» ،وكتاب «الجزية» ،وكتاب «قتال أهل البغي» ،وغيرها.
رأيت مثل الشافعي ،قدم علينا مصر ،فقالوا: قال هارون بن سعيد األيلي :ما ُ
رأيت أحس َن صالةً منه وال أحسن ُ ق ِدم رجل من قريش فجئناه وهو يصلي ،فما
وج ًها منه ،فلما قضى صالتَه تكلَّم فما رأينا أحسن كالمًا منه فافتتنّا به(.)1
((( تهذيب األسماء واللغات (.)49 :1 ((( مناقب الشافعي ،للبيهقي (.)240 :1
((( تهذيب األسماء واللغات (.)49 :1 ((( تهذيب األسماء واللغات (.)49 :1
((( تهذيب األسماء واللغات (.)50 :1 ((( تهذيب األسماء واللغات (.)50 :1
35 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المبحث الثاني
عقيدة الإمام الشافعي
تتصف عقائد سلفنا الصالح رضي اهلل عنهم من القرون الثالثة األولى
بالنقاء والصفاء والبُعد عن الجدل المذموم؛ فكانوا هم خير القرون األولى،
َ َ َ «خير أ ُ ّمتي القر ُ
ن الذين يلُوني ،ثم الذين يلُونهم ،ثم الذين يلُونهم»()1
ُ قال ﷺ:
وقد د ّون بعض العلماء في القرون األولى متنًا عقائديًّا يجمع القول في :مفهوم
اإليمان ،والصفات الثابتة هلل عز وجل ،ونفي كل نقص ،وإثبات رؤية اهلل عز
وجل يوم القيامة ،ثم الكالم في النبُ ّوات ،واليوم اآلخر ،وكان من بين هؤالء
العلماء إمامُنا الشافعي رضي اهلل عنه ،فقد جمع اإلمام البيهقي عقيدةَ الشافعي
في كتابه «مناقب الشافعي» ،ونحن نعرضها هنا ملخصة مع بعض الزيادات.
أول ًا :الإيمان
شترك عند أهل السنة ،يُطلَق ويراد به أمران :األول :أصل
اإليمان لفظ مُ َ
اإليمان ،وهو التصديق الجازم بكل ما جاء به النبي ﷺ مع اإلذعان والقبول.
جنان (القلب) ،والنطق باللسان،
والثاني :كمال اإليمان وهو التصديق بال َ
والعمل باألركان(.)2
((( أخرجه مسلم ،باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ( )177 :1حديث رقم
(.)191
((( االقتصاد في االعتقاد ،ألبي حامد الغزالي (.)122 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 38
وقد ورد كالمُ اإلمام الشافعي في هذين المعنيين ،فقال في المعنى األول:
«اإلقرار باإليمان وجهان؛ فمن كان من أهل األوثان ،ومن ال دين له يدعي
أقر
أنه دين نبوة ،فإذا شهد أن ال إله إال اهلل ،وأن محمدًّا عبده ورسوله ،فقد َّ
باإليمان ،ومتى َر َجع عنه قُتِل ،ومن كان على دين اليهودية ،والنصرانية فهؤالء
يدَّعون دين موسى وعيسى عليهما الصالة والسالم ،وقد بدَّلوا منه ،وقد أ ُ ِخذ
عليهم فيه اإليمان بمح َّمد رسول اهلل ﷺ فكفروا بترك اإليمان به ،واتباع دينه
مع ما كفروا به من الكذب على اهلل قبله ،فقد قيل لي :إن فيهم مَن هو مقيم
على دينه يشهد أن ال إله إال اهلل ،ويشهد أن محمدًا رسول اهلل ،ويقول :لم
يُبعَث إلينا ،فإن كان فيهم أحد هكذا ،فقال أحد منهم :أشهد أن ال إله إال اهلل،
وأن محمدًا رسول اهلل؛ لم يكن هذا مستكم َل اإلقرار باإليمان حتى يقول :وأ ّن
وأبرأ ُ مما خالف دين محمددين محمد حق ،أو فرض ،وأن محمدًا رسول اهللَ ،
وبسطﷺ ،أو دين اإلسالم ،فإذا قال هذا ،فقد استكمل اإلقرا َر باإليمانَ ،
الكالمَ فيه ،وعلى قياس هذا ك ُّل مَن تل َّفظ بكالم محتمل ،لم يكن ذلك منه
صريح إقرار باإليمان حتى يأتي بما يخرجه عن ح ِّد االحتمال»(.)1
الشافعي أن اإليمان هو اإلقرار التام بكل ما جاء به النبي ﷺ،
ُّ فقد بيَّن اإلمام
والبراءةُ مما خالف دينه ،وعلى هذا فيكون اإليمان للوثني اإلقرار بالشهادتين،
ويكون اإليمان للكتابي باإلقرار بالشهادتين مع البراءة مما خالف دين النبي ﷺ.
أقر بنبوة النبي ﷺ ولم يك ِّذبه ،ولكنه لم يقبل
فعلى هذا ال يُقبَل إيما ُن مَن َّ
به دينًا ولم يرضَ به.
«وضع اهللَ وفي سياق التفريق بين أصل اإليمان وكماله قال رحمه اهلل:
وفرضه وكتابه الموض َع الذي أبان -جل ثناؤه -أنه جعله عَلَ ًما
ِ رسوله من ِدينِه
وحرم من معصيته ،وأبان من فضيلته ،بما ق َ َرن
َّ لدينه ،بما افترض من طاعته،
ْ َّ َ
من اإليمان برسوله مع اإليمان به ،فقال تبارك وتعالى﴿ :ف َـٔام ُِنوا بِٱللِ َو ُر ُسلِهِۖۦ
َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ٰ َ ٌ َ ُ ْ َ ۡ ٗ َّ ُ ۡ َّ َ َّ ُ َ ٰ َ َ َ ُ َ َ ٓ ُ َ َ ۡ ُ ٞ َ ٞ
ون ل ُهۥ َول ٞد ۘ ولا تقولوا ثلثة ۚ ٱنتهوا خيرا لك ۚم إِنما ٱلل إِله وٰحِدۖ سبحٰنهۥ أن يك
ٱللِ َوك ِيلٗا﴾ [النساء ،]171 :وقال﴿ :إ َّنماَ َ َ َ ٰ َّ َۡ ل َّ ُهۥ َما في َّ
ٱلس َم ٰ َو ٰ َ َ
ِ ۡرض وكفى ب ِت وما فِي ٱلأ ِ ۗ ِ ِ
ِإذا َكانُوا ْ َم َع ُهۥ عَل َ ٰٓى أَ ۡمر َجامِع ل َّ ۡم يَ ۡذ َه ُبوا ْ َحت ٰىَّ
َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ َّ
ٱلمؤمِنون ٱلذِين ءامنوا بِٱللِ ورسولِهِۦ و
ٖ ٖ
ُ
ي َ ۡس َت ۡـٔذِنوهُ﴾ [النور ]62 :فجعل كمال ابتداء اإليمان ـ الذي ما سواه تَبَع له ـ اإليما َن
باهلل ورسوله»( .)1انتهى.
فقد جعل لإليمان مرتبتين :األولى :أصل اإليمان وهو اإليمان باهلل ورسوله
والتصديق بذلك ،وبه عبَّر بقوله« :ابتداء كمال اإليمان» ،والثانية :وهو الذي عبَّر
عنه بأنه تبَ ٌع ألصل اإليمان ،وهو القيام بالفرائض ،وأداء الواجبات.
واإليمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ،قال اإلمام الشافعي« :اإليمان
قول وعمل يزيد وينقص»( ،)2وقال ً
أيضا« :ولو كان هذا اإليمان واحدًا ال نقصان
فيه وال زيادة لم يكن ألحد فيه فضل ،واستوى الناس وبطل التفضيل ،ولكن
َ
تفاضل المؤمنون بتمام اإليمان دخل المؤمنون الجنة ،وبالزيادة في اإليمان
فرطون النار»(.)3
بالدرجات عند اهلل في الجنة ،وبالنقصان من اإليمان دخل ال ُم ِّ
ومراد اإلمام الشافعي باإليمان هنا كمال اإليمان.
الجسمية والمماسة عن اهلل تعالى ،فقد أثبت اإلمام الشافعي العُلُ َّو واالستواءَ
والمماسةَ والتجسي َم عن اهلل
ّ الكيف
َ كما و َردَ دون الخوض في المعنى ،ون َفى
تعالى ،وهذا مقتضى القول بالتفويض.
وتمرد ونسب ذلك إلى اإلمام أحمد ،ألبي بكر الحصني (ص.)31
َّ ((( دفع ُشبَه من شبَّه
للسبكي (.)40 :9
((( طبقات الشافعية الكبرىُّ ،
((( مناقب الشافعي ،للبيهقي (ص.)398 -397
المدخل إلى المذهب الشافعي 42
بأ ّن اهلل كان وكان كالمُه؟ أو كان اهلل ولم ي ُكن كالمُه؟ فقال الرجل :بل كان اهلل
فتبسم الشافعي ،وقال :يا كوفيون ،إنكم لتأتوني بعظيم من القول، وكان كالمُهَّ ،
إذا كنتم ت ُ ِق ُّرون بأن اهلل كان قَب َل ال َقبل ،وكان كالمُه ،ف ِمن أين لكم الكالم؟! إن
الكالم اهلل ،أو سوى اهلل ،أو غير اهلل ،أو دون اهلل؟ قال :فسكت الرجل وخرج.
انتهى(.)1
نفس المتلُ ّو ،وأما تالوة
ُ اإلمام الشافعي بكال ِمه عن القرآن الكريم
ِ فمرادُ
القرآن وكتابته فهو فِع ٌل من أفعال العبد ،فال يُقال عن التالوة والكتابة قديمة؛
قال اإلمام البيهقي« :فالقرآن الذي نتلوه كالم اهلل تعالى ،وهو َمتلُ ٌّو بألسنتنا على
الحقيقة ،مكتوب في مصاحفنا ،محفوظ في صدورنا ،مسمو ٌع بأسماعنا غير
حا ٍّل في شيء منها؛ إذ هو من صفات ذاته غير بائن منه ،وهو كما أن الباري عز
وجل معلوم بقلوبنا ،مذكور بألسنتنا ،مكتوب في كتبنا ،معبودٌ في مساجدنا،
مسموع بأسماعنا ،غير حا ٍّل في شيء منها ،وأما قراءتنا وكتابتنا وحفظنا فهي
َ ۡ ُ ْ َۡ
﴿وٱف َعلوا ٱلخ ۡي َر من اكتسابنا ،واكتسابنا مخلوق ال شك فيه ،قال اهلل عز وجل:
َ َ َ َّ ُ ُ ۡ
ك ۡم تفل ُِحون﴾ [الحج .]77 :وس َّمى رسول اهلل ﷺ تالوةَ القرآن فعال». لعل
ثم نقل بعد ذلك عن اإلمام البخاري أنه قال« :حركاتُهم ،وأصواتُهم،
وأكسابُهم ،وكتابتُهم ،مخلوقة ،فأما القرآن المتلُ ُّو ال ُمبيَّن ال ُمثبَت في المصاحف
المسطور المكتوب ،الموعى في القلوب ،فهو كالم اهلل تعالى ليس بخلق ،قال اهلل
َ ُ ُ َّ َ ُ ُ ْ ۡ ۡ عز وجل﴿ :بَ ۡل ُه َو َء َاي ٰ ُ ۢ
ت َب ّي َنٰ ٞ
ت فِي صدورِ ٱلذِين أوتوا ٱلعِلم﴾ [العنكبوت ،]49 :قال ِ
البخاري :وقال إسحاق بن إبراهيم :فأما األوعية فمن يَ ُش ُّ
ك في َخلقها؟ قال اهلل
وقد ُر ِوي عن اإلمام الشافعي أنه ك ّفر القائلين بخلق القرآن ،وقد و َّجه
الخروج من الملة؛
َ علماء المذهب ذلك أن مرادَه بالتكفير كفرا ُن النعمة ،وليس
قال اإلمام النووي« :نقل العراقيون عنه ـ أي :عن الشافعي ـ تكفير النافين
للرؤية والقائلين بخلق القرآن ،وتأ َّوله اإلمام ـ أي :إمام الحرمين ـ فقال :ظنِّي
الحجاج ،فقيل :إنه كفرهم.الكفر في ِ َ أنّه نا َظر بعضهم ،فأل َزمَه
نكري العلم بالمعدوم أو بالجزئيات ،فال قلت ـ أي :النووي ـ :أما تكفير ُم ِ
شك فيه ،وأما من نفى الرؤية ،أو قال بخلق القرآن ،فالمختار تأويلُه ،وسننقل
ـ إن شاء اهلل تعالى ـ عن نصه في «األُمِّ» ما يؤيده ،وهذا التأويل الذي ذكره اإلمام
البيهقي رضي اهلل عنه
ُّ حس ٌن ،وقد تأولَّه اإلمام الحافظ الفقيه األصولي أبو بكر
اإلخراج من الملة،
َ ٍ
تأويالت متعارضة ،على أنه ليس المرادُ بالكفر وآخرون
وتحتُّ َم الخلود في النار ،وهكذا تأولوا ما جاء عن جماعة من السلف من إطالق
هذا اللفظ ،واستدلوا بأنهم لم يلحقوهم بالكفار في اإلرث واألنكحة»(.)2
((( المختصر المفيد شرح جوهرة التوحيد ،لنوح علي سلمان القضاة (ص.)102
((( االعتقاد ،للبيهقي (ص.)162 ((( االعتقاد ،للبيهقي (ص.)157
47 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
ثامنًا :الصحابة
1ـ فضل الصحابة :قال اإلمام الشافعي« :أثنى اهلل تبارك وتعالى على
أصحاب رسول اهلل ﷺ في القرآن والتوراة واإلنجيل ،وسبق لهم على لسان
رسول اهلل ﷺ من الفضل ما ليس ألحد بعدهم ،فرحمهم اهلل وهنَّأهم بما آتاهم
من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصدِّيقين والشهداء والصالحين ،هم أدَّوا إلينا
ُسن َ َن رسول اهلل ﷺ ،وشاهدوه والوحي ينزل عليه ،فعلموا ما أراد رسول اهلل
عرفنا وج ِهلنا ،وهموعرفوا من ُسنّتِه ما َ
وخاصا ،وعَزمًا وإرشادًاَ ،
ًّ ﷺ ،عامًّا
فوقنا في كل علم واجتهاد ،وورع وعقل ،وأم ٍر استُد ِرك به عل ٌم ،واستُنبط به،
وآراؤهم لنا أح َم ُد وأولى بنا من آرائنا عندنا ألنفسنا»(.)2
2ـ ترتيب الخلفاء الراشدين وأفضليتهم :قال اإلمام الشافعي« :وما أجم َع
المسلمون عليه من أن يكون الخليفة واحدًا ،فاستخلفوا أبا بكر ،ثم استخلف
أبو بكر عمر ،ثم عمر أه َل الشورى ليختاروا واحدًا ،فاختار عبد الرحمن
عثمان بن عفان» .وروي عنه أنه قال« :أفضل الناس بعد رسول اهلل ﷺ أبو بكر،
ثم عمر ،ثم عثمان ،ثم علي»(.)1
3ـ أفضلية الشيخين أبي بكر وعمر رضي اهلل عنهما :قال اإلمام الشافعي:
«ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر ،وتقديمهما
على جميع الصحابة ،وإنما اختَلف مَن اختلف منهم في َع ِل ٍّي وعثما َن ،ونحن
ال نخ ِّط ُ
ئ واحدًا من أصحاب رسول اهلل ﷺ فيما فعلوا»(.)2
4ـ أحقية علي رضي اهلل عنه في الفتنة التي جرت في عهده :قال اإلمام
ابن خزيمة« :خير الناس بعد رسول اهلل ﷺ وأوالهم بالخالفة أبو بكر الصديق،
ثم عمر الفاروق ،ثم عثمان ذو النورين ،ثم علي بن أبي طالب ،رحمة اهلل
ورضوانه عليهم أجمعين» .قال« :و ُك ُّل من نازع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عهدت مشاي َ
خنا ،وبه قال اب ُن إدريس ،يعني ُ باغ ،على هذا
في إمارته فهو ٍ
الشافعي رحمه اهلل»(.)3
«سئِل ُ
عمر بن الشافعي يقولُ :
َّ سمعت
ُ وروى يونس بن عبد األعلى قال:
ب أن يدي ،فال ِ
أح ُّ ص ِّفين؟ فقال :تلك دماء ط َّهر اهلل منها َّ
عبد العزيز عن أهل ِ
رأي حس ٌن جمي ٌل من عمر بن ِ
أخضب لساني بها .قلت ـ أي الشافعي ـ :وهذا ٌ
عبد العزيز رضي اهلل عنه في السكوت عما ال يعنيه ،إذا لم يحتج إلى القول
فيه ،فأما إذا احتاج إلى تعلُّم السيرة في قتال الفئة الباغية ،فال ب َّد له من متابعة
علي بن أبي طالب في ِسيرتِه في قتالهم ،ثم وال ب َّد من أن يعتقد كونَه ُم ِح ًّقا في
قتالهم ،وإذا كان هو ُم ِح ًّقا في قتالهم كان َخص ُمه ُمخ ِطئًا في قتاله والخروج
يخرج ببغيِه عن اإلسالم»(.)1
عليه ،غير أنه لم ُ
5ـ معنى حديثَ « :من ُك ُ
نت َمواله ف َعلِ ٌّي َمواله»؛ قال اإلمام الربي ُع بن
النبي ﷺ ل َع ِل ِّي بن
قول ِّالشافعي رحمه اهلل يقو ُل في معنى ِ
َّ «سمعت
ُ سليمان:
كنت مَواله ف َعلِ ٌّي مَواله» ،يعني بذلك والء
ُ أبي طالب رضي اهلل عنه« :مَن
ْ َ َّ اإلسالم ،وذلك قول اهلل عز وجلَ ﴿ :ذٰل َِك بأَ َّن َّ َ
ٱلل َم ۡولَى ٱلَّذ َ
ِين َء َام ُنوا َوأن ِ
َ َ َ َ ۡ َ
ين لا َم ۡول ٰى ل ُه ۡم﴾ [محمد.)2(»]11 :ٱلكٰفِ ِر
المبحث الثالث
شخصية الإمام الشافعي العلمية والاجتهادية
ت ُ َع ُّد شخصية اإلمام الشافعي رحمه اهلل تعالى من أبرز الشخصيات العلمية
تأثيرا في تاريخ التشريع اإلسالمي؛ لجمعه بين مدرستي أهل الحديث والرأي، ً
وحس َم الجد َل القائم بينهما ،واستق َّل اإلمام الشافعي في
َ جا وس ًطا،
فاتخذ منه ً
تدوين قواعد علم أصول الفقه ،وترسيخ حجية السنة النبوية في األذهان،
فوضع قانونًا للخلق يعصم الناس عن الخطأ في المعرفة.
وقد أوتي اإلمام الشافعي ملكة راسخة في فَهم النصوص و ُحس ِن المدرك
وق ُ ّوة القريحة َ
وسع ِة االطالعَ ،
فر َحل إلى مكة ،وإلى المدينة ،وإلى قبائل العرب،
ورحل إلى اليمن ،وإلى العراق ،وإلى مصر ،فتل َّقى عن العلماء باختالف المناهج
والمدارس؛ فتك َّون لديه ملكة واسعة مما ساهم في بناء شخصيته االجتهادية.
53 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المطلب الأول
الم�لكة الفقهية عند الإمام الشافعي في علم أصول الفقه
كانت قواعد هذا العلم منثورةً في أذهان الصحابة والتابعين رضي اهلل
عنهم في الصدر األول؛ حيث لم يكونوا بحاجة لعلم قواعد االستدالل التي
أ ُ ِخ َذت معظمها عنهم؛ ألنهم أصحاب ملكة لسانية.
وقد استعمل كثير من الصحابة بعض قواعد هذا العلم ،منها قول علي
ب َس ِكر ،وإذا َس ِكر ه َذى،
رضي اهلل عنه في عقوبة شارب الخمر« :إذا ش ِر َ
حدُّه ح ُّد المفترين»( .)1والمفت ِري هو القاذف الذي و َردَ في
وإذا هذى افترى ،ف َ
َ َّ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ َ َ ٰ ُ َّ َ ۡ َ ۡ ُ ْ َ ۡ َ َ ُ َ َ ٓ َ َ ۡ ُ ُ
وهمۡت ثم لم يأتوا بِأربعةِ شهداء فٱجل ِد قول اهلل تعالى﴿ :وٱلذِين يرمون ٱلمحصن ِ
َ ُ َ ۡ ُ َ َ َ َٰ َ ۡ َ َ ۡ ُ ْ َ َ
ِين َجل َد ٗة َولا تق َبلوا ل ُه ۡم ش َه ٰ َدةً أبَ ٗداۚ َوأ ْو ٰٓلئ ِ َك ُه ُم ٱلفٰسِقون﴾ [النور ،]4 :فيكون ثمن
قرر أ ّن علة االفتراء هي السكر ،فيحكم على السكران بحكم
علي قد َّ
اإلمام ٌّ
المفتري أو القاذف ،وبذلك يكون قد قرر قاعدة أصولية.
كثيرا من األمثلة تد ُّل على استعمال قواعد تتبعت كتُب السنّة ستجد ً
َ وإذا
تفسير النصوص (علم أصول الفقه) عند كثير من الصحابة ،لكنها لم ت ُكن مد َّون ًة
فرسم
في العصر األول والثاني وبداية العصر الثالث ،حتى جاء اإلمام الشافعي َ
تعارض
ٍ ً
متكامل في تفسير النصوص ،وقام بتوفيق العقل مع النقل بدون جا
منه ً
((( أخرجه مالك في الموطأ ،باب :الحد في الخمر ( )1234 :5حديث رقم.)3117( :
المدخل إلى المذهب الشافعي 54
((( عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري اللؤلئي ،أبو سعيد :من كبار حفاظ
نظيرا في الدنيا .توفِّي 198هـ .انظر :األعالم ،للزركلي
الشافعي :ال أعرف له ً
ّ الحديث ،قال
(.)339 :3
((( تهذيب األسماء واللغات (.)59 :1
((( مناقب الشافعي ،للرازي (.)57 :1
55 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المطلب الثاني
الم�لكة الفقهية عند الإمام الشافعي
في استنباط الأحكام من الكتاب والسنة
هي لي حالل ،قال :أفي مجلسي؟ قال :نعم ،قال :ومن هو؟ فأومأ إلى الشافعي،
أنت أفتيتَه بذلك؟ قال :نعم .قال :ولماذا أفتيته بذلك؟ قال له:فقال للشافعيَ :
ُك تروي عن نافع ،عن ابن عمر ،أن رسول اهلل ﷺ قال لفاطمةَ بنت قَيس: سمعت َ
لت فآ ِذنِينِي» .فلما حلَّت قالت له :قد خ َطبني معاوية وأبو َجهم .فقال:
«إذا حلَ ِ
يض ُع عصاه عن عاتقه». «أما معاوية فصعلو ٌك ال ما َل له ،وأما أبو َجهم فال َ
ويتصرف في أموره؛
َّ يضع عصاه عن عات ِقهوع ِلم رسول اهلل ﷺ أن أبا َجهم َ
فإنما نسب إلى ضرب النساء ،فذ َكر أنّه ال يضع عصاه عن عاتِ ِقه ،وح َمله على
أكثر أم صياحه؟ فقال :صياحه، وقلت له :سكوتُه ُ
ُ األغلب من أمره ،وإني سألتُه
فتبسم مالك .وقال :القول قولك(.)1
فأفتيتُه بذلكَّ ،
صاحب أبي َحنيفةَ ممت ِد ًحا الشافعي« :ليس فال ٌن
ُ قال محمد بن الحسن
عندنا بفقيه؛ ألنه يجمع أقوال الناس ويختا ُر َ
بعضها .قيل :ف َمن الفقيه؟ قال:
أصل من كتاب أو سنة لم يُسبَق إليه ،ثم يشعب في ذلك األصلالذي يستنبط ً
مئة شعب .قيل :فمن يَقوى على هذا؟ قال :محمد بن إدريس»(.)2
وقال اإلمام أحمد بن حنبل(« :)3ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني
الشافعي فبيَّنها(.)4
ُّ حديث رسول اهلل ﷺ حتى ق ِدمَ
((( تاريخ دمشق ،البن عساكر ( ((( .)304 :51تهذيب األسماء واللغات (.)62 :1
الحنبلي ،وأحد األئمة
ّ الشيباني الوائلي :إمام المذهب
ّ ((( أحمد محمد بن حنبل ،أبو عبد اهلل،
األربعة .توفِّي 241هـ .انظر :األعالم ،للزركلي(.)203 :1
((( مناقب الشافعي ،للبيهقي (.)301 :1
57 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المطلب الثالث
علم الشافعي بالقرآن والقراءات
تن َّوعت علوم الشافعي رحمه اهلل فكان مشار ًكا في علوم كثيرة ،وخاصة
علمه بالقرآن الكريم والقراءات القرآنية ،فكان أعلم الناس في زمانه بمعاني
القرآن الكريم ،وإذا تكلَّم في التفسير كأنّه ش ِه َد التنزيل ،وقد ت َّم جم ُع ما أُثِر
عن اإلمام الشافعي من تفسير في كتاب «تفسير اإلمام الشافعي» وهو مطبوع.
قال محمد بن عبد الحكم :أخبرنا الشافعي قال :قرأت على ِشبل ،وأخبر
ِشبل أنه قرأ على عبد اهلل بن كثير ،وأخبر عبد اهلل بن كثير أنه قرأ على مُجاهد،
وأخبر ُمجاهد أنه قرأ على ابن عبّاس ،وأخبر ابن عبّاس أنه قرأ على أُب َ ّي ،وقال
النبي ﷺ(.)1 ُ
ابن عباس :وقرأ أب َ ّي على ّ
الشافعي؛ فإنه كان من أشعَر الناس ،وآدَب الناس،
ّ وقال ال ُمبَ ِّرد :رحم اهلل
وأعرفهم بالقراءات(.)2
المطلب الرابع
علم الشافعي بالحديث والجرح والتعديل
الشافعي عال ًما بالحديث النبوي ورجاله؛ فقد تلقى ذلك عن اإلمام
ّ كان
كنت أجالس محمد بن
مالك وسفيان بن ُعيَينة ،قال اإلمام أحمد بن حنبل« :إني ُ
فكنت أذاكره أسماء الرجال ،فقال :روينا عن عمر بن
ُ إدريس الشافعي بمكة،
الخطاب عن أهل المدينة عن فالن بن فالن ،وفالن بن فالن ،فال يزال يس ِّمي
رجل ،وأسمي له جماعة ،ثم يذكر هو عددًا من أهل مكة ،فأذكر له أنارجل ً
ً
بف الشافعي فيُطنِ ُيص ُ جماعة منهم .فقال عبد اهلل ابن اإلمام أحمد :وكان أبي ِ
خ ِّطه بعد موته
وكتبت من ُكتُبه ب َ
ُ حا،في َوصفه .وقد كتب عنه أبي حديثًا صال ً
أحاديث ِعدّة مما س ِمعه من الشافعي رحمة اهلل عليهما»(.)1
أما ِعلمه بالجرح والتعديل :فقد ذكر اإلمام البيهقي في كتابه جملة من
اآلثار ،ونذكر ً
بعضا منها:
«الشعبي في كثرة
ّ سمعت الشافعي يقول:
ُ قال محمد بن عبد الحكم:
الرواية مثل عروة بن الزبير»( .)2وكان الشافعي يقول في شيخه اإلمام مالك:
«إذا ذُ ِكر العلماء فمالك النجم»(.)3
((( مناقب الشافعي ،للبيهقي (.)500 :1 ((( مناقب الشافعي ،للبيهقي (.)488 :1
((( مناقب الشافعي ،للبيهقي (.)500 :1
59 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
وقال محمد بن عبد الحكم :حدّثني محمد بن إدريس ،قال :حدّثنا ُسفيان،
لعلمت أنّه ال
َ طاوسا
ً عن مع َمر عن الزهري ،قال :حدّثنا طاوس ،ولو رأيت
يك ِذب(.)1
وقال الربي ُع بن سليمان :سمعت الشافعي يقول :كان إبراهيم بن أبي يحيى
الشافعي على أن يروي عنه؟ قال :كان يقول :ألن
َّ قدريًّا .فقيل للربيع :ما حمل
أحب إليه ِمن أن يك ِذب ،وكان ثقة في الحديث(.)2
ّ يخر إبراهيم من بُعد
َّ
المطلب الخامس
معرفة الشافعي بالطب
كان اإلمام الشافعي عال ًما بالطب ،وكان يتل َّهف على إعراض المسلمين
عن علم الطب ،ويقول :ضيَّعوا ثلث العلم ،وو َكلوه إلى اليهود والنصارى(.)1
كان يقول :العلم علمان :علم األبدان ،وعلم األديان .فيقول :علم األبدان
علم الطب ،وعلم األديان علم الفقه(.)2
وكان يقول :ال تس ُكن بلدةً ال يكون فيها عالم يخبِ ُرك عن دينك ،وال
طبيب يخبِ ُرك عن أمر بدنك(.)3
ٌ
الفصل الثاني
تطور المذهب الشافعي
مر بها
يتناول هذا الفصل أبرز المحطات والمراحل التاريخية التي َّ
المذهب الشافعي ،وتم تقسيم هذه المراحل إلى(:)1
المبحث األول :عصر التأسيس :ويمتد من زمن ظهور شخصية اإلمام
الشافعي االجتهادية وحتى وفاته (186هـ 204 -هـ).
المبحث الثاني :عصر النقل واالنتشار :ويمتد من زمن وفاة اإلمام الشافعي
حتى بداية ظهور مدرستي العراقيين والخراسانيين (204هـ 404 -هـ).
المبحث الثالث :عصر االستقرار والثبات :ويمتد من بداية ظهور مدرستي
العراقيين والخراسانيين وحتى بداية عصر الرافعي والنووي (404هـ 505 -هـ).
((( بنينا هذا التقسيم على مراعاة أبرز المحطات الفاصلة في تط ُّور المذهب ،سواء من الناحية
العلمية أو العملية ،ابتداء من عصر اإلمام الشافعي ،ثم عصر طالبه ،ثم طالبهم الذين
نقلوا المذهب بشكل فردي ،ثم العصر الذي ظهرت فيه المدرسة الخراسانية والعراقية،
وتم تبنِّي المذهب بشكل رسمي ،ثم عصر النووي والرافعي ،وإعادة إحياء المنهج السني
وعودة المذهب إلى مصر والشام على يد السلطان صالح الدين األيوبي ،ثم عصر أصحاب
الشروح الذين اشتغلوا بكتُب النووي والرافعي ،وازدهار المذهب في عهد المماليك ،ثم
عصر أصحاب الحواشي الذين اشتغلوا بكتب ابن حجر والرملي ،وانحسار المذهب في
بعض األوقات ،ثم العصر الحديث الذي نعيشه في يومنا هذا.
المدخل إلى المذهب الشافعي 62
المبحث الأول
عصر التأسيس (204 -186هـ)
عبد اهلل بن مسعود علي بن أبي طالب أنس بن مالك أبو موسى األشعري معاذ بن جبل علي بن أبي طالب معاذ بن جبل عبداهلل بن عباس عمر عثمان عبداهلل بن عمر عائشة عبداهلل بن عباس زيد بن ثابت
( 42أو )44 ()93 ()40 ()32 ()40 ()18 ()68 ()18 ()45 ()68 ()58 ()33 ()36( )23
()105 ()102 ()74 ()106( )100( )100 ()93 ( 94أو )106( )94( )99
الحسن البصري إبراهيم النخعي سعيد بن جبير الشعبي طاوس بن كيسان وهب بن منبه
الصنعاني عمرو بن عطاء بن عبداهلل بن
()110 ()104 ()95 ()95
()114 ()106 دينار أبي رباح أبي مليكة
نافع مولى ربيعة ابن شهاب يحيى بن أبو الزناد عبداهلل
()126 ()117 ()115 ابن ذكوان سعيد الزهري الرأي ابن عمر
األعمش حمادة بن أبي سليمان قتادة ابن سيرين
ابن جريج أبو الزبير ()131 ()143 ()124 ()136( )117
()148 ()120 ()118 ()110
محمد بن مسلم
()150 ()127
أبو حنيفة سفيان الثوري شريح القاضي ابن أبي ليلى
()177 ()161 ()150 ()148
أبو أيوب مطرف هشام بن عمرو بن أبي سلمة يحيي بن سليمان ابن داود بن مسلم بن سعيد بن سفيان
صاحب الليث يوسف صاحب األوزاعي ابن مازن سالم الفتاح بن عيينة خالد الزنجي عبدالرحمن العطار أبي رواء
()208 ()214 ()197 ()191 ()206 ()121 ()1880 ()198
عبدالوهاب بن إسماعيل بن وكيع بن أبو أسامة محمد بن جمع الشافعي ابن أبي مالك بن إبراهيم بن إبراهيم بن عبداهلل عبدالعزيز
]
عبدالمجيد الثقفي علية البصري الحسن الكوفي الجراح فديك سعد محمد أنس الصانع الدراوردي
()194 ()193 ()189 ()201 ()197 ()200 ()183 ()184 ()179 ()206 ()187
الزعفراني الكرايسي أبو ثور أحمد بن أبو عبيدة القاسم بن الربيع محمد بن يونس بن حرملة المزني الربيع البويطي
سالم اللغوي حنبل الجيزي عبداألعلى عبدالحكم المرادي
()224 ()241 ()240 ()245 ()260 ()256 ()168 ()264 ()243( )264 ()270 ()231
((( ورد في الشجرة ذكر شريح القاضي مرتين ،آخرهما أنه متوفى ١٧٧هـ ،وهذا خطأ ينبغي
التنبه له.
65 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( المعتمد عند الشافعية ،لمحمد عمر الكاف (ص ،)36والمدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي،
ألكرم القواسمي (ص.)299
((( المذهب عند الشافعية ،لمحمد إبراهيم علي (ص.)4-2
المدخل إلى المذهب الشافعي 66
4ـ الحسن الزعفراني (ت259هـ) إمام وفقيه ومحدِّث ،وهو آخر رواة
المذهب القديم.
وقد تميَّز المذهب القديم بكونه أكثر مراعاة للحاجة ورفع المش ّقة من
أكثر احتيا ًطا من المذه ِ
َب َب الجديد ُالمذهب الجديد ،بينما نجد أن المذه َ
القديم؛ ومن األمثلة على ذلك :جواز عقد المساقاة على سائر األشجار المث ِمرة
ح ِّل الذي و َردَ به
على المذهب القديم ،بينما اقتصر المذهب الجديد على الم َ
العنب والتم ِر في أحكام
ِ النص ،وهو النخ ُل وقاس عليه أشجا َر العنب؛ الشتراك
كثيرة ،مثل :الزكاة والخرص؛ جاء في «مغني المحتاج بحل ألفاظ المنهاج»(:)1
خبر الصحيحين :أنه ﷺ عا َمل «(كتاب المساقاة) ..واألصل فيها قبل اإلجماعُ :
يخرج منهابشطر ما ُ وأرضها ـ َ
َ أهل خيبر ـ وفي رواية :دفع إلى يهود خيبر نخلَها
من ثمر أو زرع» ...و( َمو ِردها النخل) للخبر السابق( ،و)مثله (العنب)؛ ألنه
في معنى النخل بجامع وجوب الزكاة وتأتي الخرص ،و(وج َّوزها القديم في
سائر األشجار المث ِمرة) كالتين والتفاح للحاجة ،والجديد المنع؛ ألنها رخصة
فتختص بموردها».
وقد قام أحد الباحثين باستقراء مسائل القديم والجديد ،ليخلص إلى أن أكثر
المسائل الخالفية بين األقوال القديمة والجديدة ُوجِ دت في أبواب العبادات،
ومن المعلوم أن مسائل العبادات ال تتغير بتغير األعراف والعادات(.)3
ومن األخطاء المشهورة كذلك نسبة سبب تغير المذهب إلى اطالع اإلمام
على أحاديث لم يكن قد اطلع عليها من قبل ،وقد قام أحد الباحثين باستقراء
لمسائل المذهب القديم ،ولم يجد ما يؤيد صحة هذه الدعوى ،وتوصل إلى
((( تطور الفكر األصولي عند المتكلمين ،ألحمد الحسنات (ص ،)114 -112والقديم والجديد
في فقه الشافعي (.)346 :1
((( انظر :المعتمد عند الشافعية ،لمحمد عمر الكاف (ص.)119
((( انظر :القديم والجديد في فقه الشافعي ،للناجي (.)351 :1
69 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
أن أغلب األحاديث التي بنى عليها الشافعي مذهبه كان قد أخذها قبل قدومه
لمصر ،وأن مصادر مصر لم يكن لها تأثير ذو أهمية على مذهبه الجديد(.)1
2ـ اعتماد المذهب الجديدُ :ر ِوي عن اإلمام الشافعي أنه قال :ال ِ
يح ُّل
َع ُّد القديم من المذهب ،فعلى ذلك يُ َع ُّد قوله بعد وصوله إلى مصر ـ المسمى
بالجديد ـ هو مذهبه ،واستثنى علماء المذهب بعض المسائل التي ر َّجحوا
فيها القول بالمذهب القديم؛ قال اإلمام الرملي« :وإذا كان في المسألة قوالن
قديم وجديد ،فالجديد هو المعمول به ،إال في نحو سبع عشرة مسألة أُفتي
فيها بالقديم»(.)2
وبذلك يتبين أن الفتوى بالمذهب ال تستلزم أن يكون المفتى به أقوال
اإلمام الشافعي فقط ،بل الصحيح أن المسائل المعتمدة في المذهب هي
حه علماءُ ال َمذهب من أقوال الشافعي في
أقوال الشافعي في الجديد ،وما ر َّج َ
القديم ،وما أضافوه من مسائل جديدة تتفق مع قواعد اإلمام الشافعي؛ قال
اإلمام النووي« :ثم إن أصحابنا أفتَوا بهذه المسائل من القديم ،مع أن الشافعي
رجع عنه ،فلم يبق مذهبًا له ،هذا هو الصواب الذي قاله ال ُمح ِّققون ...فإذا
علمت حا َل القديم ،ووجدنا أصحابنا أفتوا بهذه المسائل على القديم ح َملنا
َ
ذلك على أنه أدّاهم اجتهادهم إلى القديم؛ لظهور دلي ِله وهم مجتهدون فأفتوا
به ،وال يلزم من ذلك نسبته إلى الشافعي ،ولم يقل أح ٌد من المتقدِّمين في هذه
المسائل أنها مذهب الشافعي ،أو أنه استثناها»(.)3
وقد ع َّد اإلمام النووي مسائل القديم المفتى بها فوجدها ( )19مسألة،
وأوصلها العالمة محمد سليمان الكردي إلى ( )28مسألة(.)1
وقد ذهب بعض العلماء كاإلسنوي وابن ال ِفركاح إلى أن أكثر مسائل القديم
المفتى بها في المذهب هي مسائل منصوصة في المذهب الجديد ً
أيضا ،وقد
منصوصا عليها
ً العلمةُ الكردي مسائل القديم المفتى بها فوجد أكثرها تتبَّع ّ
حه عدد من الباحثين المعاصرين(.)2 في كتب الشافعي الجديدة ،وهذا ما ر َّج َ
((( المجموع ،للنووي ( ،)76 :1الفوائد المدنية فيمن يُفتَى بقوله من أئمة الشافعية ،لمحمد بن
سليمان الكردي (ص.)362
((( نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ،للرملي ( ،)50 :5والفوائد المدنية ،للكردي (ص،)362
والمعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص.)133
71 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المبحث الثاني
عصر النقل والانتشار (404 -204هـ)
((( المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص ،)45-41والمذهب عند الشافعية (ص ،)8والمدخل
إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي (ص.)329-327
المدخل إلى المذهب الشافعي 72
1ـ أبي القاسم األنماطي (ت288هـ) ،وكان له الفضل في نشر المذهب
الجديد ببغداد.
2ـ أبي العباس بن سريج (ت306هـ) ،ول ُ ِّقب بالباز األشهب ،وكان من
أوائل الشافعية الذين تولَّوا القضاء في شيراز ،وكان له الدور األكبر في نشر
مذهب الشافعية في هذه المرحلة.
شافعي في مصر،
ّ قاض
ٍ 3ـ أبي ُزرعةَ الدمشقي (ت302هـ) وهو أول
الشافعي إلى دمشق بعد أن تولى قضاءها.
ِّ َب ِ
إدخال ال َمذه ِ وكان له الفضل في
األص ِّم (ت346هـ) سمع مُصنَّفات اإلمام الشافعي من َ اس
4ـ أبي العبّ ِ
الربيع ال ُمرادي ،وبقي يروي مُصنَّفات اإلمام بعد وفاة الربيع بست وسبعين سنة.
5ـ ال َق ّفال الشاشي الكبير (ت365هـ) أخذ عن ابن ُس َريج ،ونشر المذهب
في بالد ما وراء النهر(.)1
وهكذا انتشر مذهب الشافعية من بالد النيل إلى بالد ما وراء النهر،
باإلضافة إلى توا ُج ِده في بالد الحجاز ،وأما شمال إفريقيا واألندلس فكانت
السطوةُ فيها لطالب اإلمام َسحنون إمام المالكية؛ حيث عملوا على تثبيت
المذهب المالكي في تلك المناطق ،وقد انحسر وجود المذهب الشافعي في
نهاية هذه المرحلة في مصر بدخول الفاطميين إليها سنة 358هـ ،وأصبح
وجودهم يتمركز في العراق وبالد ما وراء النهر(.)2
((( هي منطقة تاريخية وتمثل جزءًا من آسيا الوسطى ،وتشمل أراضيها :أوزباكستان ،والجزء
الجنوب الغربي من كازاخستان والجزء الجنوبي من قيرغيزستان.
((( المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص ،)40والمدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي
(ص.)331
73 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص ،)40والمذهب عند الشافعية (ص ،)7والمدخل إلى
مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي (ص.)315-312
((( المدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي (ص.)330
المدخل إلى المذهب الشافعي 74
ِ
مرويات الطحاوي (ت321هـ) حيث جمع فيهاِّ الشافعي» لإلمام أبي جعف ٍر
اإلمام الشافعي عن خالِه ال ُمزَني ،وقد عمل ال ُمحدِّث أحمد بن عبد الرحمن
البنّا الساعاتي (المتوفى بعد سنة 1371هـ) على جمع ه َذين الكتابَين في كتاب
والسنَن»(.)1
وترتيب ُمسنَد الشافعي ُّ
ِ واحد سماه «بدائع المنن في َجمع
كتاب «محاسن
ُ أبرز الكت ُِب المتميِّزة التي ظهرت في هذا العصر ومن َ
الشريعة»( )2لل َق ّفال الكبير( ،)3ويُعتبَر أول كتاب في مقاصد الشريعة.
أبرز العلماء الذين ظهروا في عصر االنتشار:
تميّزت هذه المرحلة بوجود عدد من علماء الشافعية ممن بلغ درجةَ
االجتهاد ال ُمطلَق ،ومنهم:
وحافظ ول ُ ٌّ
غوي ،درس ٌ 1ـ أبو عبيد القاسم بن َس ّلم (ت256هـ) إمام
على اإلمام الشافعي واستق َّل باالجتهادِ ،من أبر ِز ُكتُبه «األموال» و«غريب
الحديث».
2ـ داود الظاهري (ت270هـ) إمام وفقيه ،تف َّقه على مذهب اإلمام
خر َج بمذهب الظاهرية.
الشافعي ،ثم َ
3ـ محمد بن نصر ال َمروزي (ت294هـ) إمام وحافظ وفقيه ،من أشهر
ُكتُبه «اختالف الفقهاء».
4ـ محمد بن إسحاق بن ُخزَيمة (ت311هـ) إمام حافظ فقيه ،صنَّف
كتاب «صحيح ابن ُخزَيمة».
َ
((( الكتاب مطبوع. ((( الكتاب مطبوع.
((( محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي ،القفال ،أبو بكر :من أكابر علماء عصره بالفقه والحديث
واللغة واألدب .من أهل ما وراء النهر .توفِّي 365هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)274 :6
المدخل إلى المذهب الشافعي 76
5ـ محمد بن إبراهيم بن المنذر (ت318هـ) ُع ِرف بإمامته في الفقه والحديث،
وبل َغ درجةَ االجتهاد ،من أشهر كتبه« :اإلجماع».
مفسر ومؤ ِّرخ وفقيه ،ل ُ ِّقب بإمام
6ـ ابن جرير الطبَري (ت310هـ) ِّ
فسرين ،من أشهر كتُبه« :جامع البيان في تأويل القرآن» و«تهذيب اآلثار».
ال ُم ِّ
كما ظهر عدد من كبار العلماء من الذين تف َّقهوا على المذهب الشافعي،
ومنهم:
1ـ محمد بن عيسى التِّرمذي (ت279هـ) إمام في الحديثِ ،من أش َهر
ُكتُبه «الجامع» المعروف ُ
بسنَن التِّرم ِذي.
2ـ عبد الرحمن بن أبي حاتم (ت327هـ) إمام حافظ حجة ،صنَّف كتاب
«الجرح والتعديل» و«التفسير ال ُمسنَد».
3ـ أبو حاتم بن حبان (ت354هـ) إمام حافظ ،من أشهر كتبه« :صحيح
ابن ِحبّان» و«الثقات» و«التفسير».
فس ٌر ولُغ ِو ٌّ
ي ،صنَّف كتاب 4ـ أبو منصور األزهري (ت370هـ) إمامٌ ومُ ِّ
«التهذيب في اللغة» و«التفسير».
الحسن الدارقطني (ت385هـ) أمير المؤمنين في الحديث ،من
َ 5ـ أبو
أشهر ُكتُبه« :ال ِعلَل».
خ ّطابي (ت388هـ) حافظ وفقيه ،من أشهر كتُبه« :معالم
6ـ أبو سليمان ال َ
السنن».
77 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المبحث الثالث
عصر الاستقرار والثبات (505 – 404هـ)
2ـ الخليفة العباسي القادر باهلل (ت422هـ) وهو أول خليفة عباسي
َب بالمذهب الشافعي ،وبقي خليف ًة أكثر من أربعين عا ًما مما ساعَد في
تمذه َ
دع ِم الحركة الفقهي ِة الشافعية خالل فتر ِة ُحك ِمه.
((( انظر :المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص ،)47-46والمدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي،
للقواسمي (ص.)347-345
((( محمد بن سبكتكين الغزنوي (421-361هـ= 1030-971م) السلطان يمين الدولة أبو القاسم
ابن األمير ناصر الدولة أبي منصور :فاتح الهند ،وأحد كبار القادة .انظر :األعالم ،للزركلي
(.)171 :7
المدخل إلى المذهب الشافعي 78
3ـ الوزير السلجوقي نِظام ال ُملك(485( )1هـ) تولى الوزارة لثالثين عامًا،
مدارسه في
ُ العصر الذهبي للمذهب الشافعي ،حيث اتسعَت
َ عصره
ُ ويُعتَبر
وس ِّميَت بالمدارس النظامية ،منها المدرسة النظامية
كبرى ال ُمدُن اإلسالميةُ ،
ببغدادَ ،والتي درس فيها اإلمام أبو إسحاق الشيرازي (ت467هـ) ،والمدرسة
ج َويني (ت478هـ).
النظامية بنيسابور( ،)2والتي درس بها إمام الحرمين ال ُ
4ـ السلطان شمس الملك(( )3ت492هـ) وكان مل ًكا لبال ِد ما وراء نهر
أثر في تمكين علما ِء الشافعية من نَش ِر مَذ َهبِهم في
َجيحون ،وكان لتمذ ُهبِه ٌ
()4
تلك المناطق.
أبرز الخصائص والمالمح العلمية لعصر االستقرار والثبات:
1ـ ظهور المدرسة العراقية والمدرسة الخراسانية داخل المذهب:
نشأت في هذه المرحلة مدرستان عظيمتان داخل المذهب الشافعي،
ُس ِّميَت األولى بمدرسة العراقيين ،والثانية بمدرسة الخراسانيين.
()5تأسـست عـلى يد اإلمـام أبي حـامد اإلسفراييني
فمدرسـة العراقيِّـين َّ
((( الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي (485 - 408هـ = 1092 - 1018م) ،أبو علي ،ال ُمل َّقب
بقوام الدين ،نظام الملك ،وزير حازم عالي الهمة .انظر :األعالم ،للزركلي (.)202 :2
((( مدينة شمال شرق إيران تابعة لمقاطعة خراسان.
((( نصر بن إبراهيم بن نصر ،السلطان شمس الملك (ت492هـ = 1099م) ،صاحب ما وراء
النهر ،وكان من أفاضل الملوك عل ًما ورأيًا وسياسة .انظر :األعالم ،للزركلي (.)22 :8
((( ينبع هذا النهر من جبال بامير في آسيا الوسطى ،وقد ُع ِرف النهر بالحد الفاصل بين كل من
أفغانستان وطاجكستان وأوزبكستان.
((( أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد اإلسفراييني ،من أعالم الشافعية .ولد في إسفرايين =
79 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
= (بالقرب من نيسابور) ورحل إلى بغداد ،فتفقه فيها ،وعظمت مكانته .انظر :األعالم ،للزركلي
(.)211 :1
((( أبو الطيّب طاهر بن عبد اهلل بن طاهر الطبري ،قاض ،من أعيان الشافعية .ولد في آمل
طبرستان ،واستوطن بغداد ،وولي القضاء بربع الكرخ ،وتوفي ببغداد .انظر :األعالم،
للزركلي (.)222 :3
((( علي بن محمد حبيب ،أبو الحسن الماوردي ،أقضى قضاة عصره .انظر :األعالم ،للزركلي
(.)327 :4
((( انظر :المدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي (ص ،)346-345والمذهب عند
الشافعية (ص.)9
شافعي ،كان وحيد زمانه فق ًها وحف ًظاّ ((( عبد اهلل بن أحمد المروزي ،أبو بكر القفال ،فقيه
وزهدًا .وكانت صناعته عمل األقفال قبل أن يشتغل في الفقه ،و ُربّما قيل له« :ال َق ّفال
الصغير» للتمييز بينه وبين ال َق ّفال ّ
الشاشي .انظر :األعالم ،للزركلي (.)66 :44
((( أبو محمد عبد اهلل بن يوسف بن محمد بن حيّويه الجويني ،من علماء التفسير واللغة والفقه.
وهو والد إمام الحرمين الجويني .انظر :األعالم ،للزركلي (.)146 :4
((( الحسين بن محمد بن أحمد القاضي ،أبو علي المروذي ،صاحب التعليقة المشهورة في
اصا في الدقائق ،من الصحاب الغر الميامين ،وكان يُل َّقب ب َ
حبر كبيرا غ ّو ً
المذهب ،كان ً
األمة .انظر :طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)244 :1
((( انظر :المدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي (ص ،)347-346والمذهب عند
الشافعية (ص.)9
المدخل إلى المذهب الشافعي 80
((( انظر :مقدمة الدكتور عبد العظيم الديب على كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب
إلمام الحرمين ،المقدمة (ص ،)149-147والشكل ال ُمرفَق مأخوذ من مقدمة الدكتور
عبد العظيم على كتاب النهاية.
81 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
العراقيون الخراسانيون
الشيخ أبو حامد اإلسفراييني ت406هـ رأس طريقة العراقيين القفال الصغير المروزي ،أبو بكر عبداهلل بن أحمد ت417هـ
تبعه جماعة ال يحصــون عدًّا أشهرهم: شيخ طريقة الخراسانيين ومن أشهرهم:
1ـ الماوردي :القاضي أبو الحسن علي بن حبيب ت450هـ 1ـ أبو محمد الجويني ت 438هـ
2ـ القاضي أبو الطيب الطبري :طاهر بن عبد اهلل بن طاهر 2ـ الفوراني :أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد ين فوران
ت 450هـ ت461هـ
3ـ القاضي أبو علي البندنيجي :الحسن بن عبد اهلل ت425هـ 3ـ القاضي حسين :الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي
4ـ المحاملي :أبو الحسن :أحمد بن محمد بن أحمد بن المروزي ت462هـ
القاسم المحاملي ،ت415هـ 4ـ الشيخ أبو علي السنجي :الحسين بن شعيب المروزي
5ـ سليم الرازي :أبو الفتح :سليم بن أيوب الرازي ت447هـ السنجي ت 427هـ وقيل 430هـ
6ـ أبو إسحاق الشيرازي ت476هـ 5ـ المسعودي :أبو عبد اهلل محمد بن عبد الملك بن المسعود
7ـ القاضي أبو علي الفارقي :الحسن بن إبراهيم ت528هـ ابن أحمد المروزي توفي سنة نيف وعشرين وأربع مئة هـ
8ـ ابن أبي عصرون :أبو سعد عبد اهلل بن محمد بن هبة اهلل 6ـ إمام الحرمين :عبد الملك عبد اهلل بن يوسف الجويني
ابن علي الموصلي ت585هـ ت478هـ
1ـ أبو إسحاق الشيرازي (ت)476 1ـ الشيخ أبو علي السنجي (ت 427هـ)
2ـ ابن الصباغ صاحب الشامل (ت)477 2ـ أبو عبد اهلل الحليمي (ت 403هـ)
3ـ الروياني صاحب البحر (ت)502 3ـ المتولي صاحب التتمة (ت 448هـ)
4ـ القفال الشاشي صحاب الحلية (ت)505 4ـ إمام الحرمين (ت 478هـ)
5ـ الكيا الهراسي (ت )504
6ـ أبو حامد الغزالي (ت )505
المدخل إلى المذهب الشافعي 82
((( انظر :مقدمة الدكتور عبد العظيم الديب على كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب إلمام
الحرمين ،المقدمة (ص.)153
((( أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي ،العالمة المناظر .انظر:
األعالم ،للزركلي(.)51 :1
((( انظر :مختصر المؤمل في الرد إلى األمر األول ،ألبي شامة المقدسي( ،ص.)67
83 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
4ـ قلّة أصحاب الوجوه في هذا العصر :يُال َحظ أ ّن العلماء الذين بلغوا درجة
أصحاب الوجوه قد قَلوا في هذه المرحلة مقارنة بالمرحلة السابقة؛ فقد نقل
الرفعة عن ال َق ّفال الصغير أنه ذكر أن صفة أصحاب الوجوه في زمنه أع ُّز
اإلمامُ ابن ِّ
الكبريت األحمر ،بمعنى أنها توجد في أصحاب ال َمذهَب إال أنّها قليلة(.)1
من ِ
ومن الذين بلغوا هذه الدرجة في هذا العصر اإلمام أبو حامد اإلسفراييني،
واإلمام ال َق ّفال الصغير ،وطالبُهما :كالقاضي ُح َسين ،والقاضي أبو الطيِّب
جة اإلسالم الحر َمين ،و ُح ّ
َ ج َويني ،وابنُه إما ُم
الطبَري ،واإلمام أبو محمد ال ُ
الغزالي ،وغيرهم.
أبرز الكتب والمؤلفات التي ظهرت في ذلك العصر:
تميَّزت هذه المرحلة بظهور الموسوعات الفقهية التي ُعنِيت باالستدالل
للمذهب والرد على أدلة المذاهب األخرى ومناقشتها ،ككتاب «الخالفيات
بين اإلمامين الشافعي وأبي حنيفة» للحافظ أبي بكر البَيهقي (ت458هـ)،
وكتاب «نهاية ال َمطلَب في دراية ال َمذهَب» إلمام الحرمين (ت478هـ)،
وكتاب «الحاوي الكبير» لإلمام الما َوردي (ت450هـ) ،وكتاب «تحصين
اإلسالم الغزالي (ت505هـ) ،وكتاب «التهذيب في فقه اإلمام
ِ المآخذ» لحج ِة
الشافعي» لإلمام البغوي (ت 516هـ).
أيضا هذه المرحلة بظهور طريقة المتكلِّمين في أصول الفقه،وتميَّزت ً
جردة عن الفروع الفقهية،
والتي اعتنت بتقرير القواعد والمسائل األصولية ُم َّ
((( اتجاهات فقهاء الشافعية في تحديد أصحاب الوجوه دراسة أصولية تحليلية ،لرائد أبو مؤنس
وعبد الرحمن المطاوعة ،مجلة الميزان ،جامعة العلوم اإلسالمية العالمية2018 ،م،
(ص.)24
المدخل إلى المذهب الشافعي 84
قهي بعَينِه ،وظهر
لمذهب فِ ٍّ
ٍ مع اإلكثار من االستدالالت العقلية من غير اعتبار
في هذه المرحلة العديد من الكتُب األصولِيّة أه ُّمها :كتابا «اللُّ َمع» و«التبصرة»
لإلمام أبي إسحاق الشيرازي (ت467هـ) ،و«البرهان» إلمام الحرمين
الجويني(ت 478هـ) ،و«المستصفى» لحجة اإلسالم الغزالي(ت 505هـ).
ومن الكتب المتميزة التي ظهرت في هذا العصر كتاب «معرفة السنن
واآلثار» للحافظ البَيهقي؛ حيث يُعتبَر الكتاب موسوعة حديثيةً ،ج َمع فيها
مؤل ِّ ُفها جمي َع األحاديث واآلثار التي استدل بها اإلمام الشافعي مرتَّبة على
ختصر ال ُمزني» ،ثم أتبعها بالمتابَعات والشواهد ،وح َكم على هذه
أبواب « ُم َ
ِ
يهقي ً
أيضا ُ
الحافظ البَ ُّ بيان لل ِعلَل ،وقد ع ِمل
ح ِة أو الضعف مع ٍ
الروايات بالص ّ
على جمع أقوال اإلمام الشافعي في التفسير من كتبه وأخرجها بأساني َد يرويها
عنه ُمرتَّبة على األبواب الفقهية في كتاب «أحكام القرآن».
ومن الكتب المتميِّزة ً
أيضا كتاب «إحياء علوم الدين» لحجة اإلسالم الغزالي،
وهو موسوعة عظيمةٌ مزج فيها مؤل ِّ ُفها معاني التصوف ودقائقه باألحكام
والضوابط الفقهية ،وقد مثَّل هذا الكتاب ثورةً في إحياء العلوم اإلسالمية.
أبرز العلماء الذين ظهروا في عصر االنتشار:
تميزت هذه المرحلة بظهور عدد من كبار العلماء الذين تمذهبوا ب َمذهَب
فسرين وال ُمحدِّثين واألصوليين ،و ِمن أبرزهم:
الشافعي من ال ُم ِّ
ِّ
يهقي (ت458هـ) إمام وحافظ وفقيه ،من أبرز ُكتُبه «السنن1ـ أبو بكر البَ ُّ
الكبرى» و«معرفة السنن واآلثار».
2ـ الخطيب البغدادي (ت463هـ) إمام ،وحافظ ،وفقيه ،من أبرز كتبه
«تاريخ بغداد».
85 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
المبحث الرابع
عصر التحرير والتنقيح (676 -505هـ)
((( المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص ،)52والمدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي
(ص.)373
المدخل إلى المذهب الشافعي 88
وأما اإلمام النووي فقد تركزت جهودُه في التنقيح والتحرير لكتُب الفقه
«محرر المذهب»؛
ِّ المعت َمدة في التدريس والفتوى في زمنه ،حتى استح َّق لقب
ِ
وتنقيحه بشكل كلي بسبب الجهود العظيمة التي قام بها في تحري ِر ال َمذهب
واستقرائي ،وهو الذي وضع اصطالحات دقيقة للترجيح بين األقوال واألوجه
مراتب الخالف ق ّوةً وضع ًفا(.)1
ِ وميَّز بين
قال اإلمام تاج الدين السبكي« :اعلم أن المتقدِّمين لم يكن شوقُهم إلى
الترجيح في الخالف ،وال اعتنوا ببيان الصحيح ،وسبب ذلك أن العلم كان
كثيرا ،وكان ُك ٌّل عند ال ُفتيا يفتي بما يؤدِّي إليه ن َظ ُره ،وقد يؤدِّي ُ
نظره اليوم ً
مستقرا على شيء لتضلُّ ِعهم
ًّ األمر عنده
ُ ِ
خالف ما أدى إليه أمس ،فما كان إلى
بالعلم ،فمن ثم ما كان المصنِّفون يلتفتون إلى تصحيحاتهم ،بل يشتغلون عن
الترجيح بذكر المآخذ وفتح أبواب االستنباط والمباحث من غير اعتناء بما هو
األرجح ،إنما كل ينظر لنفسه ،فلَ ّما ق َّل العلم وأشرف على التبدُّد واحتيج إلى
ضرب من التقليد ،وأن الفقيه يتَّبِع َمن هو أفقه منه وإن تشاركا في أصل النظر
اعتُنِي بالراجح ...ولم يزالوا كذلك حتى ظهر كتاب الرافعي ،ثم زاد عليه
النووي زيادة جيدة ،وكان قصدُهما رحمهما اهلل إرشاد الخلق ،واإلتيان بما
يناسب الزمان.
إن قصور الناس عن العلم أوجب أن يقيم اهلل تعالى َمن يُبيِّن لهم الراجح
ليقفوا عنده فأقام الرافعي والنووي ،وما في المتأخرين ـ إن شاء اهلل ـ أفقه منهم،
أكثر من شوقه إلى التف ُّقه والتخريج ،وشوق وكان شوق النووي إلى الترجيح َ
((( انظر :المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص.)205
89 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
ِ
وسلطان العُلماء الع ِّز بن عبد السالم ،واإلمام النووي ،واإلمام تقي الدين الغزالي،
ّ
السبكي ،وغيرهم .
()1
((( اتجاهات فقهاء الشافعية في تحديد أصحاب الوجوه ،دراسة أصولية تحليلية (ص.)26
((( من األخطاء الشائعة اليوم نسبة كتاب المجموع شرح المهذب بكامله إلى اإلمام النووي،
والصحيح أن المجموع المطبوع بين أيدينا هو لثالثة مؤلفين :أولهم النووي وصل فيه
إلى كتاب الربا ،والسبكي وصل فيه إلى كتاب التفليس ،وآخرهم العالمة محمد نجيب
المطيعي (ت1406هـ) أت َّمه إلى آخره.
الدمشقي ،عز الدين ال ُمل َّقب ُ
بسلطان ّ ((( عبد العزيز بن عبد السالم بن أبي القاسم بن الحسن السلمي
شافعي بلغ رتبة االجتهاد .ت ُ ُوفِّي 660هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)21 :4
ّ العلماء :فقيه
شافعي،
ّ ((( عبد اهلل بن محمد بن هبة اهلل التميمي ،شرف الدين أبو سعد ،ابن أبي عصرون :فقيه
من أعيانهمُ .ولِد بالموصل .وانتقل إلى بغداد .واستقر في دمشق ،فتولَّى بها القضاء سنة
نسب المدرسة «العصرونية» في دمشق .انظر :األعالم ،للزركلي (.)124 :4 573هـ ،وإليه ت ُ َ
المدخل إلى المذهب الشافعي 92
ومن الكتب التي تميَّزت في هذا العصر :كتاب «قواعد األحكام في مصالح
صنِّفت في مقاصد األنام» لإلمام ال ِع ّز بن عبد السالم ،وهو من أ ّول الكتُب التي ُ
ذهب اإلمام الشريعة والقواعد الفقهية في ال َمذهَب ،ولكن مؤلِّفها لم يلتزم ب َم ِ
كثيرا من اجتهاداته الخاصة ،ورتَّب كتابَه على نح ٍو ُمبت َكر
الشافعي ،بل أودع فيه ً
لم يُسبق إليه.
أيضا كتاب «الغاية القصوى ومن الكتب التي تميَّزت في هذا العصر ً
في دراية الفتوى» للقاضي ناصر الدين البيضاوي(( )1ت685هـ) ،وهو في
برع في مناقشة أدلة األقوالص َغر َحجمه ّإل أنه َ فقه الخالف ،والكتاب على ِ
جج والبراهين. ح َ
واألو ُجه داخل المذهب وخار َجه واإللزام بال ُ
أبرز العلماء الذين ظهروا في ذلك العصر:
ظهر في هذا العصر عددٌ من علماء الشافعية م ّمن بلغوا درجة االجتهاد،
ومن أبرزهمُ :سلطا ُن العلماء الع ُّز بن عبد السالم ،واإلمام أبو زكريا النووي،
واإلمام أبو القاسم الرافعي.
وظهر عددٌ من كبار العلماء الذين تف َّقهوا على ال َمذهَب ،ومنهم:
1ـ أبو القاسم بن عساكر (ت571هـ) إمام وحافظ ،له مُصنَّفات كثيرة في
الحديث أشهرها «تاريخ دمشق».
فسر ومتكلِّم ،من أبرز كتبه
2ـ فخر الدين الرازي (ت606هـ) إمام ومُ ِّ
«التفسير الكبير» و«األربعين في أصول الدين».
قاض،
ٍ ((( عبد اهلل بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي ،أبو سعيد ،ناصر الدين البيضاوي،
فسر ،ع َّلمة .ولي قضاء شيراز مدةُ .
وص ِرف عن القضاء ،فرحل إلى تبريز فتوفي فيها ،من ُم ِّ
تصانيفه «أنوار التنزيل وأسرار التأويل» .انظر :األعالم ،للزركلي (.)110 :4
93 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
3ـ ابن الصالح (ت634هـ) إمام ومحدِّث وفقيه ،له مؤلَّفات في الحديث
أشهرها كتاب «معرفة أنواع علوم الحديث» المعروف ب ُمقدِّمة ابن الصالح.
جزَري (ت606هـ) إمام ومحدِّث ومؤ ِّرخ ،له مؤلَّفات 4ـ ابن األثير ال َ
في الحديث والتاريخ أشهرها «الكامل في التاريخ» و«أُسد الغابة في معرفة
الصحابة».
5ـ زكي الدين ال ُمن ِذري (ت656هـ) إمام ومحدِّث ،من أشهر مؤلفاته
«الترغيب والترهيب في الحديث الشريف».
فسر ومتكلِّم ،من أشهر مؤلَّفاته
6ـ ناصر الدين البيضاوي (ت685هـ) إمام ومُ ِّ
«تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل» و«منهاج الوصول إلى علم األصول».
المدخل إلى المذهب الشافعي 94
المبحث الخامس
عصر الازدهار (1004 – 676هـ)
ازدهرت الحركة العلمية في هذا العصر بمصر والشام؛ بسبب تمر ُكز
العلماء فيهما من الذين هاجروا من بالد فارس بسبب الغزو المغولي ،ومن
مقر ِ
الخالفة إلى القاهرة ،وقد األندلس بسبب الغزو الصليبي ،وبسبب انتقال ِّ
حظيت الحركة العلمية بدعم دولة المماليك (923-648هـ) ،وكان لجهودهم
كبير في نشر تعاليم المذهب وتعيين القضاة الشافعية ،باإلضافة إلى اهتمام
أثر ٌٌ
الدولة ببناء المؤسسات العلمية ،وإنشاء دور الكتُب ،ووقف األوقاف على
صاحب كتاب «الدارس في تاريخ المدارس»
ُ العلماء والمدارس ،وقد أحصى
أكثر من 63مدرسةً للشافعية ،وهي النسبةُ الكبرى بالنسبة ألتباع المذاهب
َ
الحرمين في الصالة للشافعية ً
أيضا(.)1 َ األربعة ،وكانت إمامة
أبرز الخصائص والمالمح العلمية لعصر االزدهار:
1ـ جهود علماء الشافعية في تحرير المذهب :تركزت جهودُ علما ِء
والنووي شر ًحا
ِّ الرافعي
ِّ الشافعية في هذا العصر في خدمة مُصنَّفات الشي َ
خين
وتعلي ًقا واستدرا ًكا ،وصار مدا ُر الفتوى في ال َم ِ
ذهب على قولِهما.
((( المدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،للقواسمي (ص ،)403والدارس في تاريخ المدارس،
للنعيمي (.)358-96 :1
95 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
3ـ استقرار نظرية ال ُمعت َمد في المذهب الشافعي :يمكن تلخيص أهم ما
توصل إليه علماء المذهب في تحري ِر القول المعت َمد للفتوى فيما يأتي:
َّ
1ـ االعتماد الكامل على ترجيحات الشيخين وعدم الخروج عنها.
2ـ تقديم أقوال النووي عند االختالف بينهما.
3ـ تحرير قول النووي في المسائل التي اختلفت أقوالُه فيها.
4ـ التفريع على ما ر َّجحه النووي من مسائل في األبواب المختلفة.
5ـ تحرير المسائل التي تكلَّم فيها المتقدِّمون ،ولم ير ِّجح فيها الشيخان ً
قول.
6ـ بحث المسائل الجديدة التي ظهرت بعد الشيخين وتخريج القول ال ُمعت َمد
فيها.
واحتلَّت مُصنَّفات ابن حجر الهيتمي والشمس الرملي المكانةَ الكبرى
لدى المتأ ِّخرين؛ ألنهما كانا آخر فقهاء تلك المرحلة وأكثرهم تصني ًفا ،فمثَّلَت
جهودُهما خالصة جهود فقهاء عصرهما(.)1
«المنهاج»
ُ 4ـ اعتماد علماء المذهب على «المنهاج» لإلمام النووي؛ فقد نال
َّ
الحظ األكبر من جهود العلماء ،وتُس َّمى هذه المرحلة بعصر الشروح؛ ً
نظرا إلى
أن السمةَ الغالبة في ُمصنَّفات الفقهاء كانت شر ًحا للمتون المختصرة.
أبرز الكتب والمؤلفات التي ظهرت في ذلك العصر:
اعتَمدت الكتب الفقهية التي ظهرت في هذا العصر على التحقيق في كتب
الشيخين ،ومن أبرز الكتب الفقهية التي ظهرت في هذا العصرَ « :كنز الراغبين
ث نظرية المعتمد عند علماء الشافعية وح َّققها الدكتور محمد عمر الكاف
ح َ
((( من أفضل َمن ب َ
في رسالته «المعتمد عند الشافعية» .انظر :المعتمد عند الشافعية ،للكاف (ص.)275-271
97 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
بشرح منهاج الطالبين» لإلمام جالل الدين ال َم َحلِّي ،و«فتح ال َوهّاب بشرح
منهج ال ُط ّلب» و«أسنَى المطالب بشرح روض الطالب» كالهما لشيخ اإلسالم
زكريا األنصاري ،و«تحفة المحتاج بشرح المنهاج» لإلمام ابن حجر ،و«نهاية
المحتاج بشرح المنهاج» لإلمام الرملي ،و«مغني المحتاج لحل ألفاظ المنهاج»
لإلمام الشربيني.
وتميَّز هذا العصر بكثرة التصنيف في القواعد الفقهية وبروز ف َ ّن األشباه
صنِّفت في هذا العصر« :األشباه والنظائر» والنظائر ،ومن هذه الكتب التي ُ
(ت716هـ) ،و«األشباه والنظائر» لإلمام تاج الدين ()1للعالمة ابن الوكيل
السبكي (ت771هـ) ،و«المنثور في القواعد الفقهية» لإلمام بدر الدين
الزركشي(( )2ت794هـ) وهو كتاب موسوعي في القواعد الفقهية ،و«األشباه
والنظائر» لإلمام ِسراج الدين ابن ال ُملَ ِّقن (ت804هـ) وهو مرتَّب على األبواب
الفقهية ،و«األشباه والنظائر» لإلمام جالل الدين السيوطي(( )3ت911هـ).
وظهر في هذا العصر ً
أيضا كتب التخريج الحديثي التي اهتمت بتخريج
األحاديث التي يستد ُّل بها فقهاء الشافعية ،ومن أبرز هذه الكتب« :البدر
النحوي ،المعروف
ّ الشافعي ،سراج الدين ،أبو حفص ابن
ّ ((( عمر بن علي بن أحمد األنصا ِري
بابن الملقن ،من أكابر العلماء بالحديث والفقه وتاريخ الرجال .األعالم ،للزركلي (.)57 :5
جر ،من((( أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقالني ،أبو الفضل ،شهاب الدين ،ابن َح َ
السخاوي( :انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها
ّ أئمة العلم والتاريخ ،قال
األكابر) ،وكان فصيح اللسان ،راوية للشعر ،عارفًا بأيام المتقدمين وأخبار المتأخرين،
صبيح الوجه .وولي قضاء مصر مرات ،ثم اعتزل .األعالم ،للزركلي(.)178 :1
الدمشقي ،أبو الفداء ،عماد الدين ،حافظ
ّ ((( إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصروي ثم
مؤرخ فقيه .األعالم ،للزركلي(.)320 :1
((( عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن ،أبو الفضل ،زين الدين ،المعروف بالحافظ
حاثة ،من كبار حفاظ الحديث .األعالم ،للزركلي (.)344 :3 العراقي :ب ّ
99 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
برز عدد من كبار العلماء م َّمن تمذهَبوا بال َمذهَب الشافعي في هذا العصر،
ومن أبرزهم:
1ـ ابن دقيق العيد (ت702هـ) إمام وحافظ وفقيه ،من أشهر مؤلفاته« :اإللمام
الجامع ألحاديث األحكام» و«إحكام األحكام في شرح عمدة األحكام».
2ـ َزين الدين ال ِعراقي (ت725هـ) إمام وحافظ وفقيه ،كان حافظ وقته،
من أشهر مؤلَّفاته« :ألفية الحديث» و«النُّكت على مُقدِّمة ابن الصالح».
3ـ جمال الدين ال ِمزّي (ت742هـ) إمام وحافظُ ،ع ِرف ب ُمحدِّث الديار
الشامية ،من أشهر مؤلَّفاته« :تهذيب الكمال في أسماء الرجال».
ومفسر ،من أشهر
ِّ 4ـ ابن كثير الدمشقي (ت774هـ) إمامٌ ومحدِّث
مؤلَّفاته« :تفسير القرآن العظيم» و«البداية والنهاية» و«جامع السنن والمسانيد».
أهل القراءات ،من أشهر5ـ أبو الخير ابن ال َجزَري (ت833هـ) إمام ِ
مُصنَّفاته« :طيبة النشر في القراءات العشر» و«تقريب النشر في القراءات العشر».
جر العَس َقالني (ت852هـ) أمير المؤمنين في الحديث الشريف،
6ـ ابن َح َ
من أشهر كتُبه« :فتح الباري بشرح صحيح البخاري» و«بلوغ المرام من أدلة
األحكام» و«تهذيب التهذيب» و«تقريب التهذيب».
فسر ومُحدِّث ،من أشهر
7ـ جالل الدين السيوطي (911هـ) إمام ومُ ِّ
ُمصنَّفاته «الجامع الصغير» و«الد ُّر ال َمنثُور في التفسير بالمأثور».
المدخل إلى المذهب الشافعي 100
المبحث السادس
عصر الانحسار (1335 -1004هـ)
فسر،
جمل» (ت1204هـ) إمام ومُ ِّ4ـ سليمان العجيلي المشهور بـ«ال َ
من أشهر مُصنَّفاته «حاشية الجمل على تفسير الجاللين» و«حاشية على شرح
المنهج» في الفقه الشافعي.
5ـ محمد سعيد بن محمد ُسنبل المحالتي (ت1175هـ) فقيه ومُحدِّث،
من ُكتُبه «األوائل السنبلية».
المدخل إلى المذهب الشافعي 106
المبحث السابع
العصر الحديث (1337هـ حتى يومنا هذا)
عص َفت بالعالم شهد العصر الحديث تقلبات سياسية واجتماعية كبيرة َ
العربي واإلسالمي إلى د َو ٍل مُست ِقلّة،
ُّ العربي واإلسالمي ،فقد تف َّكك العالم
وظهر مصطلح الدولة الحديثة ،وصار لكل بل ٍد أو إقليم دولةٌ مستقلة ،وأصبح
االهتمام بالعلوم التجريبية أكثر من العلوم اإلنسانية وخاصة علوم الشريعة
والفقه ،ف َق َّل االهتمام بالعلم الشرعي ،ولم تَعُد مكانةُ العلماء كما كانت في
السابق مما أدى إلى تراجع في حركة العلوم الشرعية والفقهية ،ومع ذلك فقد
بقيت الحركة الفقهية الشافعية في حضرموت باليَمن في أوجها على مستوى
تدريس ال َمذهَب عندهم ُ الفتوى والقضاء والتدريس والتصنيف ،وتميَّز
ألفاظ المتون والشروح ،وهذا يرجع ِ ح ِّل
بالتخصص والتع ُّمق وعدم االكتفاء ب َ
ُّ
للطريقة القديمة التي كان يد ّرس فيها ال َمذهب الشافعي(.)1
وينتشر المذهب الشافعي حاليًّا في البالد اآلتية:
1ـ بالد الشام (في جنوب سورية واألردن وفلسطين ولبنان) ،ومصر،
والعراق (وسط العراق وإقليم كردستان) ،ومناطق األكراد في تركيا.
((( فقهاء حضرموت كان لهم باع كبير في خدمة المذهب الشافعي على مر التاريخ اإلسالمي،
وقد كتب األستاذ محمد بن أبي بكر باذيب رسالة ماجستير في عرض جهود الحضارمة عبر
التاريخ اإلسالمي بعنوان «جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي» ،وطبعته
دار الفتح باألردن عام 2009م.
107 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
2ـ اليمن (في حضرموت و َزبيد) ،ومناطق كبيرة من المملكة العربية السعودية
(الحجاز وتِهامة جنوب السعودية واإلحساء) ،وجنوب سلطنة عمان.
3ـ جنوب الهند (كيرال)( ،)1وسيريالنكا ،وأجزاء من إيران ،وفي شرق
بالد القوقاز (الداغستان والشيشان).
4ـ جنوب شرق آسيا :أندونيسيا( ،)2وماليزيا ،وسلطنة بروناي ،وتايالند،
والفلبِّين ،وسنغافورة.
5ـ بالد القرن اإلفريقي :الصومال ،وجيبوتي ،وإثيوبيا ،وإرتيريا(.)3
6ـ السواحل اإلفريقية الشرقية :كينيا ،وتانزانيا ،ومدغشقر ،و ُجزُر القمر.
ذهب رسمي بوساطة الدولة في
وقد تم اعتماد المذهب الشافعي ك َم ٍ
سلطنة بروناي ،ماليزيا ،ومنطقة دار السالم في تنزانيا(.)4
وفي المملكة األردنية الهاشمية قامت دائرة اإلفتاء العام بجهود المفتي
العام األسبق الدكتور نوح القضاة رحمه اهلل (ت2010م) باعتماد المذهب
أساسا ومنطل ًقا للفتوى ،مع االستفادة من اجتهادات المذاهب األربعة
ً الشافعي
((( كتب األستاذ محمد عبد الرحمن بحثًا بعنوان «طفرات األدب الفقهي في والية كيرال» وهو
منشور على موقع نداء الهند على اإلنترنت.
((( كتب األستاذ محمد إحسان بحثًا بعنوان« :المذهب الشافعي في أندونيسيا :تاريخه وآثاره».
وهو منشور على اإلنترنت.
((( كتب الدكتور عبد الرحمن محمد علي شمس الدين ـ رئيس الهيئة العليا لإلفتاء في جيبوتي ـ
بحثًا بعنوان «جهود علماء شرق إفريقيا في خدمة مذهب اإلمام الشافعي» وهو موجود على
موقع مجلة العلماء األفارقة على اإلنترنت.
((( المذهب السني :فروعه وأماكن انتشاره .موقع الجمل.https://www.aljaml.com/ :
المدخل إلى المذهب الشافعي 108
أحب التوسع في االطالع على منهج الدائرة وفتاويها فليراجع موقع دائرة اإلفتاء العام
َّ ((( مَن
على شبكة اإلنترنت ،مع التنبُّه إلى أن الدائرة ـ وإن التزمت بالمذهب الشافعي كمنهج في
الفتوى ـ قد تخرج أحيانًا إلى قول معتبر آخر داخل المذهب ،أو في المذاهب الثالثة.
109 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
2ـ جهود علماء المذهب في إحياء المنهج المذهبي :ظهرت بعض الجهود
التي حاولت إحياء المذهب الشافعي في العصر الحديث ومنها:
1ـ حركة التدريس :فظهرت بعض المعاهد العلمية التي تُعنَى بتدريس
المذهب الشافعي ،ومن أبرزها :رباط تريم ،ومعهد دار المصطفى للدراسات
اإلسالمية ،وكلية الشريعة بجامعة األحقاف في حضرموت باليمن ،والمعاهد
األزهرية بمصر ،وجامعة اإلمام أبي الحسن األشعري في داغستان ،ومعهد
مدارك ،ومعهد المعارج باألردن ،وقد أنشأت جامعة العلوم اإلسالمية العالمية
متخصصة بتدريس المذهب الحنفي والمالكي ِّ ثالث ُكلّيات
َ باألردن مؤ َّخ ًرا
الشافعي حاليًّا الدكتور أمجد
ِّ منصب عميد كلية الفقه
َ والشافعي ،ويشغل
رشيد(.)1
2ـ حركة تحقيق المخطوطات :ش ِهدت مخطوطات المذهب الشافعي
حركةً من طالب العلم والمتخصصين بتحقيقها وإخراجها ،وتفاوتت دور
النشر في جهودها ،فكان من أبرز دور النشر التي اهتمت بتحقيق مخطوطات
المذهب الشافعي :دار المنهاج بجدة ،ودار الضياء بالكويت ،ودار النور
المبين ،ودار الفتح باألردن ،ودار الفيحاء بسورية.
وظهرت من الكتب المتميِّزة في تحقيقها كتاب «نهاية ال َمطلَب بدراية
الحرمين بتحقيق الدكتور عبد العظيم الديب ،وكتاب «ال ُم َه َّذب»
المذهب» إلمام َ
لإلمام الشيرازي بتحقيق الدكتور محمد ال ُّز َحيلي ،وكتاب «التنبيه» لإلمام الشيرازي
بتحقيق الدكتور محمد عقلة إبراهيم ،وكتاب «الخالصة» لإلمام الغزالي بتحقيق
((( وقد قام األستاذ جهاد الطوالبة بكتابة أطروحة ماجستير بعنوان «المذهب الشافعي في
األردن ومظاهر التأثر به في العصر الحديث» ،وهو غير مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 110
الدكتور أمجد رشيد ،وكتاب «تحفة المحتاج بشرح المنهاج» لإلمام ابن حجر
بتحقيق الشيخ أنور الشيخي الداغستاني.
3ـ حركة التأليف :تميَّزت حركة التصنيف المعاصرة بالتجديد في األسلوب
وطريقة العرض ،وبرز من أهم كتب هذه المرحلة «الياقوت النفيس» للعالمة
أحمد بن عمر الشاطري ،و«الفقه المنهجي» لثالثة من علماء الشام ،وهم :الدكتور
مصطفى البغا ،والدكتور مصطفى الخن ،والشيخ علي الشربجي ،و«المعتمد في
الفقه الشافعي» للدكتور محمد الزحيلي ،و«التقريرات السديدة في المسائل
المفيدة» للسيد حسن الكاف ،و«المسائل المشهورة في فقه العبادات» أصدرتها
دائرة اإلفتاء األردنية.
وأما فيما يتعلق بالدراسات األكاديمية فقد ُكتب عشرات األبحاث المحكمة
والرسائل الجامعية في أصول المذهب الشافعي وفروعه وتاريخه ،ومن أشهر
هذه الدراسات األكاديمية« :المذهب عند الشافعية» للدكتور محمد إبراهيم
علي ،و«المعتمد عند الشافعية» للدكتور محمد عمر الكاف ،و«المدخل إلى
مذهب اإلمام الشافعي» للدكتور أكرم القواسمي ،وهو مطبوع ،و«تطور الفكر
األصولي عند المتكلمين» للدكتور أحمد الحسنات ،وهو مطبوع ،و«القواعد
األصولية في كتاب تحفة المحتاج بشرح المنهاج» للدكتور مرتضى علي
الداغستاني ،وقد ُطبِع األخير بعنوان «المدخل إلى أصول المذهب الشافعي».
الفصل الثالث
أبرز أعلام المذهب
يتناول هذا الفصل نُب ًذا شهيرةً ونُزهًا نضيرةً في مناقب بعض أعالم السادة
مر القرون ،بحيث ال يخلو قر ٌن من ترجمة علَ ٍم أو علَ َمين الشافعية ال ِعظام على ِّ
تحتوي على التعريف بحياته الشخصية (االسم ،والمولد ،والنشأة ،وتاريخ
الوفاة) ومُصنَّفاته ،ومكانته في المذهب ،وقد انتُخبَت من كتب الكرام من
التراجم والسير ،مستعينًا باهلل وقوته أن يُعطى ك ُّل عالم ح َّقه ،وإلى اهلل المآل.
((( انظر ترجمته في :وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،البن خلكان ( ،)61 :7والوافي
بالوفيات للصفدي ( ،)164 :29وطبقات الشافعية الكبرى ،لتاج الدين السبكي (:2
،)162وطبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة ( ،)70 :1وسير أعالم النبالء ،للذهبي (:12
،)72واألعالم ،للزركلي (.)257 :8
113 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( عبد اهلل بن وهب بن مسلم الفهري بالوالء ،المصري ،أبو محمد ،فقيه من األئمة من
أصحاب اإلمام مالك ،جمع بين الفقه والحديث والعبادة ،توفِّي 197هـ .انظر :األعالم،
للزركلي (.)144 :4
((( وفيات األعيان (.)63 :7 ((( تاريخ اإلسالم ،للذهبي (.)977 :5
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)163 :2
((( طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)71 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 114
فكأ ّن مخلوقًا ُخ ِلق بمخلوق ،ولئِن أُدخلت عليه ألصدُقنَّه -أي :أقنعه -يعني
الواثق ،وألمُوت َّن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا
الشأن قوم في حديدهم(.)1
يقول التاج السبكي :وما كان أبو يعقوب ليموت إال في الحديد ،كيف
وقد قال الربي ُع« :كنت عند الشافعي أنا ،وال ُمزَني ،وأبو يعقوب ،فقال لي:
أنت تموت في الحديث ،وقال ألبي يعقوب :أنت تموت في الحديد ،وقال
لل ُمزَني :هذا لو ناظره الشيطان لقطعه»(.)2
خامسًا :تصانيفه:
ختصر البُ َويطي»( )3الذي اختصره من كالم الشافعي
له ال ُمختَصر المشهور «مُ َ
رضي اهلل عنه.
سادسًا :وفاته
مات البُ َويطي في شهر رجب سنة إحدى وثالثين ومئتين 231هـ في سجن
بغداد في ال َقيد وال ُغ ِّل رحمه اهلل تعالى(.)4
((( طبقات الشافعية الكبرى (.)165 :2 ((( وفيات األعيان (.)62 :7
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)165 :2 ((( مطبوع في دار المنهاج.
المدخل إلى المذهب الشافعي 116
((( انظر ترجمته في :طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي ( ،)93 :2وطبقات الشافعية ،البن قاضي
شهبة ( ،)58 :1وسير أعالم النبالء ( ،)492 :12واألعالم ،للذهبي (.)329 :1
((( نُعَيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي ،أبو عبد اهلل ،أول من جمع «المسند»
في الحديث ،كان من أعلم الناس بالفرائض .توفِّي 228هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)40 :8
السلمي ،أبو بكر ،إمام نيسابور في عصره .كان فقي ًها مجتهدًا
((( محمد بن إسحاق بن خزيمة ُّ
عال ًما بالحديث .توفِّي 311هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)29 :6
النيسابورى ،أبو بكر :حافظ للحديث ،كان إمام الشافعية في
ّ ((( عبد اهلل بن محمد بن زياد
عصره بالعراق .توفي 324هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)119 :4
األزدي الطحاوي ،أبو جعفر ،فقيه انتهت إليه رياسة
ّ ((( أحمد بن محمد بن سالمة بن سلمة
الشافعي ،ثم
ّ الحنفية بمصر .ولد ونشأ في (طحا) من صعيد مصر ،وتفقه على مذهب
تحول حنفيًّا .توفي 321هـ .انظر :األعالم ،للزركلي(.)206 :1
117 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
كان رضي اهلل عنه زاهدًا عال ًما مجتهدًا ،وكان إذا فرغ من تبييض مسألة
ختصره صلى هلل تعالى ركعتين ،وكان إذا فاتَته صالة الجماعة وأودعها ُم َ
غسل الموتى تعبُّدًا واحتسابًا،
خمسا وعشرين مرة ،وكان يُ ِّ
ً صلَّى تلك الصالة
غسل تعانيت غس َل الموتى لير َّ
ق قلبي فصا َر لي عادة ،وهو الذي َّ ُ وكان يقول:
الشافعي ـ رحمهما اهلل ـ(.)2
حظي ال ُمزَني من الشافعي وال َزمه ،قال الشافعي رضي اهلل عنه في
َ بعد أن
وصفه« :لو ناظره الشيطان لغلبه» .وقال« :ال ُمزَني ناصر مذهبي»(.)3
وقال القاضي ابن ُشهبة« :وكان زاهدًا عال ًما مجتهدًا محجا ًجا غ ّو ً
اصا
وأعرفُهم ب ُط ُرقه وفتاويه وما
َ على المعاني الدقيقة ،وهو َ ُ
غمام الشافعيين()4
ينقله عنه»(.)5
خامسًا :وفاته
ت ُ ُوفي في رمضان سنة أربع وستين ومئتين 264هـ ،عن عمر يناهز تسعًا
وثمانين سنة رحمه اهلل تعالى.
األنماطي( )1صاحب ال ُمزَني ،وبه انتشر مذهب الشافعي ببغداد ،ولِي اب ُن سريج
وتخر َج عليه عددٌ
َّ مذهب الشافعي ببغداد،
ُ انتشر
َ القضاءَ ِ
بشيراز وبسبب ذلك
كبير من الطلبة حتى صار اب ُن سريج يفضل على جميع أصحاب الشافعي،
حتى على ال ُمزَني ،وقام بنُصرة مذهب الشافعي ،وردَّ على المخالفين(.)2
ح ِكي أنه قال له أبو العباس
وقد ناظر أبو العباس اإلما َم داود الظاهري( ،)3ف ُ
ۡ َۡ َ ۡ َۡ َ َ َ َ
يومًا :أنت تقول بالظاهر﴿ ،ف َمن َي ۡع َمل مِثقال ذ َّر ٍة خ ۡي ٗرا يَ َرهُۥ * َو َمن َي ۡع َمل مِثقال
َ َٗ
ً
طويل، ذ َّرة ٖ ش ّرا يَ َرهُۥ ﴾ [الزلزلة ،]8 ،7 :فمن يعمل نِصف مثقال؟! فسكت مُحمد
َّ َ
فقال له أبو العباس :ل ِ َم ال تجيب؟! فقال :أبلعني ريقي ،فقال له أبو العباس:
ُك دجلة ،وقال له يومًا :أم ِهلني ساعة ،فقال :أمهلت َ
ُك من الساعة إلى أن أبلعت َ
تقو َم الساعة(.)4
((( عثمان بن سعيد بن بشار ،أبو القاسم األنماطي البغدادي األحول ،أحد أئمة الشافعية في
عصره .تُوفِّي 288هـ .انظر :طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)81 :1
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)22 :3
((( داود بن علي بن خلف األصبهاني ،أبو سليمان ،ال ُمل َّقب بالظاهري ،أحد األئمة المجتهدين
وس ِّميت بذلك ألخذها بظاهر الكتاب والسنة
نسب إليه مذهب الظاهريةُ ، في اإلسالم .يُ َ
وإعراضها عن التأويل والرأي والقياس .تُوفِّي 270هـ .انظر :األعالم ،للزركلي (.)333 :2
((( وفيات األعيان ( ،)66 :1وطبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)24 :3
((( سير أعالم النبالء (.)202 :14
121 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
رابع ًا :تصانيفه
مُصنَّفات الشيخ كثيرة حتى قيل :إنها بلغت أربع مئة مُصنَّف( )2إال أن
المشهور من هذه المصنفات« :الرد على ابن داود في إبطال القياس» ،و«ال ُغنية
في فروع الشافعية» ،و«البيان عن أصول األحكام».
خامسًا :وفاته
ت ُ ُوفِّي في ُجمادى األولى سنة ست وثالث مئة 306هـ عن سبع وخمسين
سنة ببغداد رحمه اهلل تعالى.
((( انظر ترجمته في :وفيات األعيان ( ،)167 :3والوافي بالوفيات ،للصفدي (،)116 :9
وطبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي ( ،)165 :5وطبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة
( ،)255 :1واألعالم ،للزركلي ( ،)160 :4وفقه إمام الحرمين ،خصائصه ،أثره ،منزلته،
لعبد العظيم الديب.
((( مدينة في مقاطعة خراسان ،شمالي شرق إيران ،قرب العاصمة اإلقليمية مشهد.
123 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( عبد الجبار بن علي بن محمد ،األستاذ أبو القاسم اإلسفراييني ،المعروف باإلسكاف ،تلميذ
األستاذ الشيخ أبي إسحاق اإلسفراييني ،وشيخ إمام الحرمين في الكالم له المصنفات في
األصلين وفي الجدل ،عديم النظير في وقته ،ما ُرئِي مثلُه .تُوفِّي 452هـ .انظر :طبقات
الشافعية البن قاضي شهبة (.)229 :1
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)168 :5
((( وفيات األعيان ( ،)168 :3وطبقات الشافعية ،للسبكي (.)255 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 124
رابع ًا :تصانيفه
صنَّف في الفقه ،واألصول ،و ِعلم الكالم ،والسياسة الشرعية والجدَل.
في الفقه، ومن هذه المصنفات« :نهاية ال َمطلب في دراية المذهب»
()3
ِ
التياث في أصول الفقه ،و« ِغ ُ
ياث األمم في ()2و«البرهان»( ،)1و«الورقات»
ال ُّظلَم»(.)3
خامسًا :وفاته
ج َويني ،وأُصيب ب ِعلّة شديدة ،فطلب االنتقال إلى مدينة
مرض اإلمام ال ُ
تُس َّمى «بشتنقان» موصوفة باعتدال الهواء ،فمات بها ليلة األربعاء سنة ثمان
وسبعين وأربع مئة 478هـ ،عن عمر بلغ 59عا ًما رحمه اهلل تعالى(.)4
مما قيل في ِرثائه(:)5
َوأيّــا ُم الــ َو َرى ِشــب ُه الليالِي ــوب العال َ ِمي َن على ال َمقالِي
قُلُ ُ
َوق َ َد َ
مات اإلما ُم أبو ال َمعالِي؟! ضل يَو ًما ــر ُغص ُن ِ
أهل ال َف ِ أيُث ِم ُ
((( مطبوع ،وهو يع ُّد من أهم كتب أصول الفقه ومرجعها ،قال السبكي في وصفه« :لُغ ُز األمة».
((( مطبوع ،وهو يع ُّد أول كتاب يدرسه طالب العلم في أصول الفقه ،ثم يهتدي بعد ذلك إلى
الكتب األخرى.
((( مطبوع ،يع ُّد من أبرز الكتب الجامعة في أحكام اإلمامة والسياسة الشرعية.
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)181 :5
((( وفيات األعيان (.)170 :3
المدخل إلى المذهب الشافعي 126
((( انظر ترجمته في :وفيات األعيان ( ،)216 :4والوافي بالوفيات ،للصفدي (،)211 :1
وطبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي ( ،)191 :6وطبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (:1
،)293واألعالم ،للزركلي ( ،)22 :7وطبقات الفقهاء الشافعية ،البن الصالح (،)249 :1
وشذرات الذهب في أخبار من ذهب ،البن العماد الحنبلي (.)18 :6
((( وقيل :بالتخفيف نسبة إلى بلدة غزالة من قرى طوس ،قال ابن ِخلّكان :والمشهور خالفه،
جم البلدان لم يسمع ببلدة اسمها غزالة .انظر :وفيات األعيان
ويؤيد ذلك أن صاحب مُع َ
(.)98 :1
127 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
فتف َّقه على أحمد الراذكاني( ،)1ثم رحل إلى نَيسابُور ،وجلس إلى دروس إمام
تخرج في
يني فالزمه ،وج َّد في االشتغال حتى َّ
ج َو ِّ
الحرمين أبي المعالي ال ُ
مد ٍة قريب ٍة ،وصا َر من األعيان المشار إليهم في زمن أستاذه ،وصنَّف في ذلك
الوقت كتابَه «المنخول في علم األصول».
«بحر ُمغ ِدق»،
ٌ ويص ُفه بأنه
ج َويني يتبجح به ِ وكان أستاذُه أبو المعالي ال ُ
ج َويني إلى أن ت ُ ُوفِّي رحمه اهلل تعالىَ ،
فخر َج من نيسابو َر إلى ولم يزل مالزمًا لل ُ
فأكرمَه وع َّظ َمه وبالغ في اإلقبال عليه،
عسكر نيسابور قاصدًا الوزير نِظام الملك َ
وكان بحضرة الوزير جماعة من األفاضل فجرى بينهم الجدا ُل والمناظرةُ في
فظهر عليهم واشتهر اس ُمه وسارت ب ِذكره الركبان ،ثم ف َّوضَ إليه
َ ِعدّة مجالس،
تدريس مدرستِه النِّظامية بمدينة بغداد ،وكان الوزير نِظام الملك ً
زميل َ الوزير
ُ
للغزالي في دراسته ،وكان له األثر الكبير في نشر المذهب الشافعي والعقيدة
األشعرية السنّية ،وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة ،قَبِل
الغزالي عرض نِظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد ،وكان
ذلك في جمادى األولى عام 484هـ ،ولم يتجاوز الرابعة والثالثين من عمره،
وأعجب به أه ُل العراق وارتفعت عندهم منزلتُه ،ثم ترك جميع ما كان عليه
َ
في ذي القعدة سنة 488هـ ،وسلك طريق الزهد واالنقطاع وقصد الحج وناب
عنه أخوه أحمد في التدريس ،فلما رجع توجه إلى الشام فأقام بمدينة دمشق
مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع في الجانب الغربي منه ،وانتقل منها إلى
((( راذكان براء مهملة ،ثم ألف ساكنة ،ثم ذال معجمة مفتوحة ،ثم كاف ثم ألف ثم نون ،من
قرى طوس ،وهذا الراذكاني أحد أشياخ الغزالي في الفقه ،تفقه عليه قبل رحلته إلى إمام
الحرمين .انظر :طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)91 :4
المدخل إلى المذهب الشافعي 128
رابع ًا :تصانيفه
الغزالي في العقيدة ،والمنطق ،والفلسفة ،والفقه وأصوله،
ُّ صنَّف اإلمام
والتص ُّوف ،ومنها:
ـ «البسيط»( ،)4و«الوسيط»( ،)5و«الوجيز»( ،)6و«الخالصة»( )7جميعها في
الفقه.
ـ «إحياء علوم الدين»( ،)8و«ميزان العمل»( )9في التص ُّوف.
((( سير أعالم النبالء (.)326 :9 ((( سير أعالم النبالء (.)326 :9
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)192 :6
كامل ،يوجد بعض الرسائل الجامعية في تحقيق بعض األبواب .وهو مختصر ً ((( غير مطبوع
لكتاب «نهاية الطلب» للجويني.
((( مطبوع ،وهو اختصار لكتابه «البسيط».
مختصرا في الفقه الشافعي وعلمً ((( مطبوع ،وهو اختصار لكتابه «الوسيط» .يع ُّد الكتاب
الخالف ،يتضمن آراء الشافعي إلى جانب أبي حنيفة ومالك والمزني .وعليه شروحات
كثيرة أشهرها :العزيز في شرح الوجيز للرافعي.
((( مطبوع ،وهو اختصار لكتاب مختصر المزني ،بتحقيق الدكتور أمجد رشيد.
((( مطبوع ،هو كتاب جامع في األخالق والسلوك والمواعظ اإلسالمية مما جعله متميِّزًا على
ما سواه.
ويقرر أن هذه السعادة لن تنال إال بالعلم والعمل.
((( مطبوع ،هو كتاب يبيّن فيه طريق السعادةِّ ،
المدخل إلى المذهب الشافعي 130
خامسًا :وفاته
توفي يوم االثنين 14جمادى اآلخرة 505هـ ،قال أحمد أخو اإلمام
توضأ أخي أبو حامد ،وصلَّى ،وقال :عَلَ َّي بالكفن
الغزالي :لما كان وقت الصبح َّ
ووضعَه على عينيه ،وقال :سمعًا وطاعة للدخول على ال َم ِلك ،ثم
َ فأ َخ َذه وقبَّله
مَ َّد ِرجلَيه ،واستقبل القبلة ومات ،رحمه اهلل تعالى(.)6
((( مطبوع ،يُ َع ُّد من أمهات علم أصول الفقه ومرجعًا هامًّا لدى العلماء والباحثين.
خصصا في الحديث عن القياس والعلة ومسالكها.
ً ((( مطبوع ،يع ُّد كتابًا مُ
((( مطبوع ،هو عبارة عن رسالة في مذهب السلف ،وقد كتبه الغزالي قبل وفاته بقليل.
((( مطبوع ،كتاب مهم في عقيدة أهل السنة والجماعة ويع ُّد من الكتب الدراسية الهامة.
((( مطبوع ،كتاب مهم في علم المنطق ،وتفهيم طرق الفكر والنظر.
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)201 :6
131 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته في :طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي ( ،)281 :8وطبقات الشافعية،
البن قاضي شهبة ( ،)75 :2واألعالم ،للزركلي ( ،)55 :4وطبقات الشافعيين ،البن كثير
( ،)814 :1وشذرات الذهب في أخبار من ذهب ،البن العماد ( ،)189 :7وتهذيب
األسماء واللغات (.)264 :2
((( الرافعي نسبة إلى رافعان بلدة من أعمال قزوين ،قاله النووي ،وقيل :نسبة إلى رافع بن
خديج ،وقيل :إلى أبي رافع مولى النبي ﷺ .انظر :طبقات الشافعيين (.)814 :1
((( عبد اهلل بن أبي الفتوح بن عمران اإلمام أبو حامد القزويني ،تُوفِّي 585هـ .انظر :طبقات
الشافعية الكبرى (.)142 :7
((( اإلمام الحافظ المقرئ شيخ اإلسالم ،أبو العالء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن
إسحاق بن حنبل الهمذاني ،العطار ،شيخ همذان بال مدافعة .انظر :سير أعالم النبالء (.)21:40
المدخل إلى المذهب الشافعي 132
ابن البطي( ،)1واإلمامُ أبو سليما ُن أحمد بن َحسنويه( ،)2وحدَّث باإلجازة عن
قدسي( )3وغيره(.)4
ِّ أبي ُزرعةَ ال َم
حرري مذهب الشافعية و ُمح ِّققيه في القرن السابع يُع ُّد اإلمام الرافعي من ُم ِّ
خين» عند الشافعية أُريد بشيخ الشافعية؛ فإذا أُط ِلق لفظ «الشي َ
ِ الهجري ،ويُل َّقب
بهما« :أبو القاسم الرافعي» و«يحيى بن شرف النووي» ،انتهت إليه معرفة
حا ،زاهدًا ،متواضعًا ،ذا أحوال المذهب ودقائقه ،كان بارعًا في العلم تقيًّا ،صال ً
وكرامات ون ُ ُسك وتواضع ،وكان متصد ًرا لإلفتاء والتدريس ورواية الحديث،
وكان له مجلس بقزوين للفقه ،والتفسير ،والحديث(.)5
وكان له كرامات كثيرة ظاهرة ،منها :ما رواه القاضي ابن شهبة أنه أراد أن
يطالع في ُظلَم الليل فلم يجد زيتًا للمطالعة في قريته ،فبات بها وتألم ،فأضاءَ
ق؛ كرامةً ،فجلس يطالع ويكتب(.)6 له عر ٌ
((( الشيخ الجليل ،العالم ،الصدوق ،مسند العراق ،أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن
سلمان البغدادي ،الحاجب ،ابن البطي .انظر :سير أعالم النبالء (.)481 :20
((( الشيخ ،المعمر الشهير ،أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان النيسابوري ،التاجر،
السفار ،ابن حسنويه .انظر :سير أعالم النبالء (.)548 :15
((( الشيخ ،العالم ،المسند ،الصدوق ،الخير ،أبو زرعة طاهر ابن الحافظ محمد بن طاهر بن
علي الشيباني ،المقدسي ،ثم الرازي ،ثم الهمذاني .انظر :سير أعالم النبالء (.)503 :20
((( طبقات الشافعية الكبرى (.282 :8
((( شذرات الذهب في أخبار من ذهب ،البن العماد (.)189 :7
((( طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)76 :2
133 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
رابع ًا :تصانيفه
لقد بلغت تصانيف هذا اإلمام الغاية في الدقة والتحرير ،فقد ألَّف في
الفقه ،والحديث ،والتاريخ ،والتراجم ،والرقائق وغيرها.
فمن أهم مؤلَّفاته« :العزيز في شرح الوجيز» ويُس َّمى بـ«الشرح الكبير»
()4
مُسنَد الشافعي»(.)8
((( البدر المنير ،البن الملقن ( ((( .)317 :1طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)75 :2
((( تهذيب األسماء واللغات (.)264 :2
((( مطبوع ،يع ُّد من أهم الكتب المطولة في فقه الشافعية ،حاويًا للمذهب بطريقة لم يسبقه إليها
من قبله ،فقد كان له اختيارات ،وترجيحات ،وتنقيح األقوال بألفاظ موجزة في إفادة المقصود.
((( قيد التحقيق.
((( مطبوع ،يع ُّد من أهم الكتب المعتمدة في المذهب ،حوى فقه المذهب بطريقة مختصرة،
وقد اختصره النووي في متن منهاج الطالبين.
((( مطبوع ،يتعلق بالوجيز كالدقائق للمنهاج ((( .مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 134
خامسًا :وفاته
ت ُوفِّي في أواخ ِر سنة ثالث وعشرين وست مئة ب َقزوين رحمه اهلل تعالى(.)1
سنتين لم أضع جنبي إلى األرض ،وكان قُوتِي بها جرايةَ المدرس ِة ال غير،
وقرأت حف ًظا ربع
ُ وحفظت «التنبيه»( )1في نحو أربعة أشهر ونصف ،قال:
ُ
حح على ِ
شيخنا كمال الدين أشرح وأص ِّ
وجعلت َ
ُ «المهذب»( )2في باقي السنة،
إسحاق المغربي ،والزمتُه فأُعجِ ب بي وأحبَّني وجعلني أُعي ُد ألكثر جماعته،
حججت مع والدي ،وكانت وقفة الجمعة، ُ فل ّما كانت سنة إحدى وخمسين
وكان رحيلُنا من أول رجب فأقمنا بالمدين ِة نح ًوا من َشه ٍر ونصف(.)3
كنت أقرأ ُك َّل يوم
النووي متح ِّدثًا عن نفسه في مرحل ِة طلبِه لل ِعلمُ :
ُّ وقال اإلمام
ودرسا
ً درسين في «الوسيط»، درسا على المشايخ شر ًحا وتصحي ًحا؛ َ اثنَي َ
عش َر ً
ودرسا في «صحيح مُس ِلم»،
ً ودرسا في «الجمع بين الصحيحين»،
ً في «ال ُمه َّذب»،
ودرسا في «اصطالح ال َمن ِطق» البن السكيت،
ً ودرسا في «اللمع» البن جِ نّي،
ً
ودرسا في أصول الفقه تارة في «اللُّمع» ألبي إسحاق،
ً ودرسا في التصريف، ً
ودرسا في
ً ودرسا في أسماء الرجال،
ً وتارة في «ال ُمنتَخب» لفخر الدين الرازي،
شك ٍل ووضوح عبار ٍة
شرح ُم ِ
ِ وكنت أُعلِّ ُق جمي َع ما يتعلَّق بها من
ُ أصول الدين،
فاشتريت
ُ وضبط لغة وبارك اهلل لي في وقتي ،وخ َطر لي االشتغا ُل بعلم الطب
وبقيت أيامًا ال أقدر
ُ وعزمت على االشتغال فيه فأظلَم َّ
علي قلبي، ُ كتاب القانون
ففكرت في أمري ،ومن أين د َخل َّ
علي الداخل فأل َهمني اهلل ُ على االشتغال بشيء
ِ
الحال فاستنار قلبي(.)4 فبعت القانو َن في
ُ بالطب
ِّ أن سبَبَه اشتغالي
((( لإلمام الشيرازي ،وهو اختصار كتاب التعليقة لإلمام أبي حامد اإلسفراييني.
((( لإلمام الشيرازي ،وهو اختصار لكتاب التعليقة للقاضي أبي الطيب.
((( تحفة الطالبين في ترجمة النووي ،البن العطار (.)1 :1
((( طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)154 :2
137 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
ثالثًا :تصانيفه
ترك من ال ُمؤلّفات ما لو
ت وأربعين سنة ،فقد َ عاش اإلمام النووي نحو ِس ٍّ
كراستَين. نصيب ك ِّل ٍ
يوم ّ ُ قُسم على ِسنِي حياتِه لكان
فمن مؤلفاته« :روض ُة الطالبين وعمدة المفتين»( ،)4و«منهاج الطالبين»(،)5
رابع ًا :وفاته
زار القدس والخليل قبل وفاته ،ثم رجع إلى بلده نوى ،ودُفِن بها في
رجب سنة 676هـ رحمه اهلل تعالى(.)7
((( مطبوع ،يع ُّد من كتب الفقه المقارن لذكر األدلة والمذاهب والترجيح بينها ،وهو شرح
لكتاب ال ُمه َّذب للشيرازي.
((( مطبوع ،كتاب مختصر وصل فيه إلى صالة المسافر.
((( مطبوع ،كتاب في الحديث النبوي ،جمع فيه مؤلفه بين أحكام الفقه ومعاني الحديث النبوي
بطريق التحليل اللغوي لتفسير الحديث ،واألحكام الفقهية.
((( مطبوع ،كتاب في األدعية واألوراد انتخبه مؤلِّفه من كالم سيد األبرار ﷺ.
((( مطبوع ،كتاب في األحاديث الصحيحة المروية عن رسول اهلل ﷺ في جميع شؤون العقيدة
والحياة ،ويعرضها مرتبة في أبواب وفصول ،لتكون موضوعات يسهل على القارئ العودة
إليها واالستفادة منها.
((( مطبوع ،كتاب صغير الحجم كبير الفائدة تكلم فيه المؤلف عن آداب حملة القرآن ،وذكر فيه
أحكامًا فقهية.
((( طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة ( ،)157 :2وتحفة الطالبين في ترجمة النووي،
البن العطار (ص.)6
المدخل إلى المذهب الشافعي 140
((( انظر ترجمته :الوافي بالوفيات ،للصفدي ( ،)165 :21وطبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي
( ،)139 :10واألعالم ،للزركلي ( ،)302 :4وشذرات الذهب في أخبار من ذهب،
البن العماد ( ،)308 :8والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ،للشوكاني (.)467 :1
((( محمد بن أحمد بن عبد الخالق العالمة ،تقي الدين المعروف بابن الصائغ ،شيخ القراء
بالديار المصرية .انظر :طبقات الشافعية ،البن قاضي شهبة (.)282 :2
141 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
تخرج في
العراقي ،وفي الحديث الحـافظ شرف الدين الدمياطي وبه َّ
()2 ()1
رابع ًا :مصنفاته
كبيرا من المؤلفات ،بلغت
بكي عددًا ً
الس ُّ
ترك شيخ اإلسالم تقي الدين ُّ
نحو ( )200مؤلف ،فألف في الفقه والنحو وعلم الكالم وأصول الفقه وغير
ذلك ،منه المطبوع ،ومنه ما زال مخطو ًطا ،ومن أهم مؤلفاته« :تكملة المجموع
السبكي»(،)4
في شرح المهذب»( ،)2و«التحقيق في مسألة التعليق»( ،)3و«فتاوى ُّ
((( طبقات الشافعية الكبرى ،للسبكي (.)199-197/10
((( مطبوع ،بنى على ما كتبه اإلمام النووي رحمه اهلل من باب الربا ،ووصل إلى أثناء التفليس
في خمس مجلدات.
((( غير مطبوع ،وهو َردٌّ على ابن تيمية في مسألة الطالق.
((( مطبوع ،وهي نافعة جدًّا فيها مسائل متنوعة في العلوم الشرعية.
المدخل إلى المذهب الشافعي 144
خامسًا :وفاته
ت ُ ُوفِّي ليلة االثنين الثالث من جمادى اآلخرة سنة ست وخمسين وسبع مئة
756هـ في القاهرة ،تغ َّمده اهلل برحمتِه و ِرضوانِه وأس َكنه ف َ َ
سيح جنانه.
((( مطبوع ،كتاب في علم أصول الفقه ،شرح فيه المؤلف كتاب منهاج الوصول للبيضاوي ،لم
يكمله ،أكمله ولده تاج الدين.
((( مطبوع ،يبين هذا الكتاب أهمية زيارة قبر النبي ﷺ والثواب العظيم الذي يناله الزائر
المؤمن ،وكذلك تناول موضوع التش ُّفع بالنبي ﷺ والتوسل به.
145 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته في :الضوء الالمع للسخاوي ( ،)39 :7وشذرات الذهب البن العماد (.)447 :9
المدخل إلى المذهب الشافعي 146
ِ
لسان مَن كان رجع إليه(.)1 الصواب على
ُ
رابع ًا :تصانيفه
بلغت كتُب جالل الدين المحلي غاية الدقة ،وكانت مح َّل تدريس لدى
العلماء وطلبة العلم.
من مؤلَّفاته« :كنز الراغبين في شرح منهاج الطالبين»( ،)4و«شرح الورقات»(،)5
خامسًا :وفاته
ت ُ ُوفِّي في واحد محرم سنة 864هـ رحمه اهلل تعالى ونفعنا بعلومه.
((( مطبوع ،كتاب مطول في أصول الفقه شرح فيه المؤلف جمع الجوامع لتاج الدين السبكي.
((( مطبوع ،لم يكمله كتب منه من أول الكهف إلى آخر القرآن ،فأتمه اإلمام جالل الدين
السيوطي؛ فلذا ُس ِّمي «تفسير الجاللين».
((( مطبوع ،كتاب متقن ومختصر ،شرح البردة للبوصيري .وهي في مدح خير البرية ﷺ.
المدخل إلى المذهب الشافعي 148
السنَيكي(،)2
اإلمام الحافظ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا األنصاري ُّ
ثم القاهري ،األزهري ،الشافعي ،ال ُملَ ّقب بـ«شيخ اإلسالم».
((( انظر ترجمته :الضوء الالمع ألهل القرن التاسع ،للسخاوي ( ،)234 :3والبدر الطالع بمحاسن
من بعد القرن السابع ،للشوكاني ( ،)252 :1والكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة،
لنجم الدين الغزي ( ،)198 :1وشذرات الذهب ،البن العماد ( ،)186 :10والنور السافر
عن أخبار القرن العاشر ،لعبد القادر العيدروس ( ،)112 :1واألعالم ،للزركلي (.)46 :3
وسنَيكة المنسوب إليها -بضم السين وفتح النون وإسكان الياء المثناة -بليدة من شرقية مصر.
((( ُ
انظر :الغزي ،الكواكب السائرة (.)198 :1
((( مطبوع ،كتاب في الفقه الشافعي ،وهو اختصار لكتاب الوجيز لإلمام الغزالي.
149 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
يسيرا ،ثم رجع إلى بلده ،وداوم االشتغال ،وج َّد فيه ،وكان
وأقام بالقاهرة ً
السبكي ،والحافظ ابن حجر، والشرف ّممن أخذ عنهم :القاياتي ،والبُلقينيّ ،
وحضر دروس الشرف المناوي ،وأخذ عن الكافيجي ،وابن الهمام ،والعز بن
عبد السالم ،ودرس شرح العقائد بكماله ما بين سماع وقراءة ،وشرح المواقف،
ودرس علم الهيئة ،والهندسة ،والميقات ،والفرائض ،والحساب ،والجبر،
والمقابلة(.)1
ورجع إلى القاهرة فلم َّ
ينفك عن االشتغال واإلشغال مع الطريقة الجميلة،
والتواضع ،وحسن العشرة ،واألدب والع ّفة ،وأ ِذن له غير واحد من شيوخه في
اإلفتاء واإلقراء ،منهم شيخ اإلسالم ابن حجر العسقالني.
وتصدى للتدريس في حياة شيوخه ،وانتفع به الفضالءُ طبقةً بعد طبقة ،وولي
تدريس عدة مدارس إلى أن رقي إلى منصب قاضي القضاة بعد امتناع كثير ،وذلك
واستمر قاضيًا مدة والية األشرف قايتباي ،ثم بعد
َّ في رجب سنة ست وثمانين،
ِ
والتصنيف، التدريس واإلفتا ِء
ِ بصره ف ُع ِز َل بالعمى ،ولم يزل مالز َم
ف ُ ذلك إلى أن ُك َّ
حصون ،منهم شيخ اإلسالم ابن حجر الهيتمي(.)2
وانتفع به خالئق ال يُ َ
وصبر وتر ٌك للقيل والقال ،وأورادٌ واعتقاد ،وتواض ٌع وعدمُ
ٌ ج ٌد
وكان له ته ُّ
حدّ ،ورويته أحسن من بديهته ،وكتابتُه تنازع ،بل عمله في التودُّد يزيد عن ال َ
أمت ُن من عبارته ،وعدم مسارعته إلى الفتاوى(.)3
رابع ًا :تصانيفه
امتازت كتب شيخ اإلسالم بالدقة والتحقيق ،فال يخلو كتاب له إال وفيه
النفع واالنتفاع ،فقد كان من ال ُمكثِرين في التأليف ،فلم يدَع ِعل ًما إال وله قلم فيه.
من مؤلفاته« :أسنى ال َمطالب في شرح روض الطالب»( ،)3و«الغرر البَهية
((( النور السافر (.)115 :1 ((( شذرات الذهب (.)187 :10
((( مطبوع ،هو كتاب موسوعي في الفقه على المذهب الشافعي ،وهو شرح لكتاب روض
الطالب البن المقرئ الذي هو مختصر عن كتاب روضة الطالبين لإلمام النووي.
151 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
خامسًا :وفاته
كانت وفاته سنة ست وعشرين وتسع مئة 926هـ ،فعاش من العمر
صلِّي عليه بجامع األزهر في مَح َفل من قضاة اإلسالممئة وثالث سنواتُ ،
والعلماء والفضالء رحمه اهلل تعالى.
((( مطبوع ،كتاب موسوعي في الفقه الشافعي ،وهو عبارة عن شرح لمنظومة البهجة الوردية
البن الوردي والتي نظم فيها كتاب الحاوي الصغير للقزويني.
((( مطبوع ،هو أحد أهم كتب الفقه الشافعي ،وهو مختصر عن كتاب منهاج الطالبين لإلمام النووي.
((( مطبوع ،كتاب تدرسي في الفقه الشافعي ،شرح فيه المؤلِّف كتابه تحرير تنقيح اللباب الذي
هو عبارة عن مختصر لكتاب تنقيح اللباب لولي الدين العراقي.
((( مطبوع ،كتاب صغير الحجم كبير الفائدة في بيان أحكام القضاء.
((( مطبوع ،كتاب في أحاديث األحكام ،قام بجمع أحاديث األحكام وشرحها.
المدخل إلى المذهب الشافعي 152
((( انظر ترجمته :شذرات الذهب ( ،)454 :10والكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة ،للغزي
( ،)101 :3واألعالم ،للزركلي ( ،)120 :1وفتح الرحمن شرح زبد ابن رسالن ،للشهاب
الرملي (ص.)14
((( شذرات الذهب (.)454 :10
153 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
عند قوله ،وكان جميع علماء مصر وصالحيهم حتّى المجاذيب يع ِّظمونه،
نفسه ،وال يم ِّكن أحدًا أن يشتري له حاجة ُ
تواض ِعه يخدم َ وكان رحمه اهلل من
من السوق إلى أن كبر وعجز(.)1
من تالميذه :ولدُه شمس الدين محمد الرملي ،والخطيب الشربيني،
ّ
والشهاب الغزّي ،وعبد الوهاب الشعراني ،وغيرهم.
رابع ًا :تصانيفه
لقد حازت تصانيف هذا اإلمام القبول لدى العلماء ،فامتازت بالدقة
واالختصار والتحرير ،وجلُّها في الفقه.
فمن مؤلّفاته« :فتح الرحمن شرح زبد ابن رسالن»( ،)4و«حاشية على
أسنى المطالب شرح روض الطالب»( ،)5و«شرح شروط الوضوء»( ،)6و«فتاوى
((( الطبقات الصغرى ،للشعراني (ص.)45 ((( شذرات الذهب (.)454 :10
((( الفتاوى الفقهية الكبرى ،البن حجر الهيتمي (.)79 :2
((( مطبوع ،شرح فيه منظومة الزبد البن رسالن الرملي ،وذكر فيه الدليل والتعليل ،وذ َكر فيه
الخالف في مسائل الفقه والعقيدة.
((( مطبوع ،كتاب مطول ،عمل حاشية على كتاب شيخه زكريا األنصاري أسنى المطالب.
((( مطبوع ،معها رسالة أخرى وهي رسالة في شروط اإلمامة.
المدخل إلى المذهب الشافعي 154
خامسًا :وفاته
ت ُوفِّي في سنة 957هـ ،ودُفِن قريبًا من جامع الميدان ،وأظلمت مصر
رأيت في عمري جنازة
ُ وقراها بعد موته رحمه اهلل تعالى ،قال الشعراني :ما
أعظم من جنازته(.)3
((( مطبوع ،كتاب فتاوى مُرتَّب على ن َ َسق أبواب الفقه ،وفيه مسائل متنوعة ً
أيضا غير الفقه.
((( غير مطبوع.
((( الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة ،للغزي (.)101 :3
155 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
وأُذن له باإلفتاء والتدريس وعمره دون العشرين ،وبرع في علوم كثيرة من
ً
أصول وفروعًا ،والفرائض ،والحساب، التفسير ،والحديث ،والكالم ،والفقه
والنحو ،والصرف ،والمعاني ،والبيان ،والمنطق ،والتصوف(.)2
رابع ًا :مصنفاته
صنّف شيخ اإلسالم ابن حجر في علوم كثيرة ،فصنّف في الفقه
لقد َ
في غاية التحقيق واالعتماد ،وصنّف في أصول الفقه ،وعلم الكالم ،وشرح
الحديث ،والسيرة النبوية ،والتصوف والرقائق ،والنحو ،والهيئة والفلك ،فمن
مؤلفاته« :تحفة المحتاج في شرح المنهاج»( ،)1و«المنهج القويم شرح المقدمة
الحضرمية»( ،)2و«الفتاوى الفقهية الكبرى»( ،)3و«شرح األربعين النووية»(،)4
و«أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل»( ،)5و«الزواجر عن اقتراف الكبائر»(،)6
و«الصواعق ال ُمح ِرقة في الرد على أهل البدع والزندقة»( ،)7و«اإلعالم في
قواطع اإلسالم»(.)8
((( مطبوع ،كتاب مُط َّول في الفقه الشافعي وهو من أحسن كتبه وأكثرها اعتمادًا لدى علماء
الشافعية وغيرهم.
((( مطبوع ،كتاب مُ ِه ّم في شرح المقدمة الحضرمية ،لبافضل الحضرمي.
((( مطبوع ،كتاب مطول في الفتاوى الفقهية مرتبة على أبواب الفقه ،وفيه مسائل متنوعة في
غاية التحقيق واإلفادة.
((( مطبوع ،شرح فيه األربعين النووية لإلمام النووي ،وتناول فيه المسائل الفقهية.
عرف برجال السند ويضبط أسماءهم ،ويُع ِرب ((( مطبوعَ ،ش َرح شمائل اإلمام الترمذي ،فهو يُ ِّ
الكلمات عند الحاجة لتعيين المعنى ،ويشرح الكلمات الغريبة.
((( مطبوع ،كتاب واسع في بيان كبائر الذنوب وجريمة اقترافها.
((( مطبوع ،كتاب الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضالل والزندقة هو كتاب في نقد
معتقد الشيعة اإلثني عشرية.
((( مطبوع ،كتاب فقهي جمع فيه مؤلفه األلفاظ واألفعال التي تُوقِع بصاحبها في الكفر والردة
عند أهل السنة والجماعة.
المدخل إلى المذهب الشافعي 158
خامسًا :وفاته
تُوفِّي بم ّكة في رجب سنة 974هـ عن عمر بلغ ( )65عامًا ،دُفِن بالمعالة
التأسف عليه ،رحمه اهلل وأعلىُّ في تربة ال ّطبريين ،وحزَن عليه الناس وكثُر
مقامه وحشرنا وإيّاه تحت لواء سيّد المرسلين ﷺ.
159 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته :خالصة األثر في أعيان القرن الحادي عشر ،للحموي ( ،)342 :3واألعالم،
للزركلي ( ،)7 :6والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ،للشوكاني (.)102 :2
((( والرملي نسبة إلى رملة ،قرية صغيرة قريبًا من البحر بالقرب من منية العطار تجاه مسجد
الخضر عليه السالم بالمنوفية.
((( خالصة األثر في أعيان القرن الحادي عشر ،للحموي (.)342 :3
المدخل إلى المذهب الشافعي 160
ِمنها من اآلثار والرسوم ،أستاذ األستاذين ،وأحد عُلَماء الدين ،ع َّلمة ال ُم َ
ح ِّققين
على اإلطالق ،وف ّهامة ال ُمدقِّقين ِ
بالتِّفاق»(.)1
رابع ًا :مصنفاته
لقد حازت تصانيف هذا اإلمام ال َقبو َل واالهتمام لدى العلماء والباحثين،
فمن مؤلَّفاته:
«نهاية المحتاج شرح المنهاج»( ،)2و«غاية البيان شرح زبد ابن رسالن»(،)3
«ال ُغ َرر البهية في شرح المناسك النووية»(.)4
خامسًا :وفاته
تُوفِّي نهار األحد ثالث عشر جمادى األولى سنة أربع بعد األلف 1004هـ
ـ رحمه اهلل تعالى ـ عن عمر بلغ ( )85عا ًما.
((( البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ،للشوكاني (.)103 :2
((( مطبوع ،كتاب مطول في الفقه الشافعي ،ذكر في معتمد المذهب الشافعي بذكر الدليل
والتعليل.
((( مطبوع ،كتاب شرح فيه صفوة الزبد البن رسالن ،وح َّل ألفا َظه َّ
وفك صعابه.
((( غير مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 162
المدني
ُّ أبو عبد اهلل شمس الدين محمد أفندي ابن سليمان الكردي
المشهور ً
أيضا بابن سليمان ،شيخ الشافعية بالمدينة المنورة.
ولد ب ِدمشق سنة 1125هـ ،و ُح ِمل إلى المدينة ،ونشأ فيها ،و َح ِفظ القرآن
الكريم ،وبدأ يتعلَّم من علماء المدينة ،فد َرس على كبا ِرهم من فقهاء الشافعية
كالشيخ سعيد سنبل ،ووالده الشيخ سليمان ،والشيخ يوسف الكردي ،والشيخ
أحمد الجوهري المصري ،وال ُقطب مُصطفى البَكري وغيرهم(.)2
تولى إفتاءَ الساد ِة الشافعي ِة بالمدين ِة إلى وفاتِه ،وكان فردًا من أفراد العالم؛
وتواضعًا ،و ُزهدًا متخلِّ ًقا بأخالق السلف الصالحَ ،ج ً
بل ُ ً
وفضل ،و ِدينًا، ِعل ًما،
من جبال العلم.
((( انظر ترجمته :سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ،لمحمد خليل المرادي (،)111 :4
واألعالم ،للزركلي ( ،)152 :6والفكر السامي في تاريخ الفقه اإلسالمي ،لمحمد بن
الحسن الحجوي ( ،)423 :2وفهرس الفهارس ،لعبد الحي الكتاني (.)448 :1
((( سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ،للمرادي (.)112 :4
163 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
رابع ًا :تصانيفه
حازت تصانيف هذا اإلمام القبول واالستفادة لدى طالب العلم ،فصنَّف
في الفقه ،والحديث ،وأصول الدين ،وأصول الفقه.
فمن مؤلَّفاته« :الحواشي المدنية على شرح ابن حجر للمقدمة الحضرمية»(،)3
و«تحفة المحتاج بشرح المنهاج» ،و« َزهر ُّ
الربى في بيان أحكام الربا»(،)5 ()4
و«الفوائد المدنية فيمن يُفتَى بقوله من أئمة الشافعية»( ،)6و«كاشف اللثام عن
حكم التجرد قبل الميقات بال إحرام»( ،)7و«شرح جمع الجوامع»(.)8
((( سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ،للمرادي (.)112 :4
((( األعالم ،للزركلي (.)152 :6
((( مطبوع ،حاشية مهمة في الفقه الشافعي فيها فوائد وتقريرات وفرائد غزيرة.
((( غير مطبوع.
((( غير مطبوع.
((( مطبوع ،مرجع مهم لدى طالب الفقه الشافعي في بيان مصطلحات المذهب واألقوال
واألوجه والطرق وغيرها من الفوائد.
((( مطبوع ،كتاب مخصص في مسألة حكم التجرد قبل الميقات بال إحرام.
((( غير مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 164
خامسًا :وفاته
ت ُوفِّي في شهر ربيع األول سنة أربع وتسعين ومئة وألف 1194هـ،
تغ ّمده اهلل تعالى برحمته.
165 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته في :معجم المطبوعات العربية ،ليوسف سركيس ( ،)507 :2واألعالم ،للزركلي
( ،)71 :1وحلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر ،لعبد الرزاق البيطار ( ،)7 :1وحاشية
الباجوري على جوهرة التوحيد ،تحقيق :د .علي جمعة.
((( معجم المطبوعات ،ليوسف سركيس (.)507 :2
المدخل إلى المذهب الشافعي 166
عُلَماء األزهر الشريف مثل :الشيخ الع َّلمة مُح َّمد األمير الكبير المالكي الذي
أجازه بجميع ما ورد في ثبته ،والشيخ اإلمام عبد اهلل الشرقاوي الشافعي شيخ
حسن ال ُق َويسني شيخ الجامع
جهابذة َالجامع األزهر ،والشيخ اإلمام عُمدة ال َ
األزهر ،وفي فترة وجيز ٍة ظ َهرت عليه آيات النجابة ،وصار ذا شأن عظيم ،تميَّز
وسع ٍة باالطالع ،قعَد في األزهر
بالدقة في العبارة وفصاحة اللسان والبيانَ ،
للتدريس وأصبحت له حلقة يؤمُّها الطالب من كل مدينة وقرية ،ويتوافد عليها
ِ
العلماء ،وكان مست ِم ًّرا مع القرآن الكريم بترتيله وقراءته ،وكان يقضي وقتَه من
أول النهار حتى العشاء مع الطالب يد ِّرس لهم ،ويؤلِّف الكتب ،وإذا فرغ من
جميل شجِ ٍّي يسعى لسماعه مئات الناس(.)1
ٍ ٍ
بصوت هذا جلس يرتِّل القرآن
والحرص على إعالء كرامة علماء
ِ كان يمتاز رضي اهلل عنه بالهيبة والوقار
األزهر في مواجهة السلطة ،وكان عباس باشا األول والي مصر في عصر
دروسه ويأتي لزيارته.
َ الشيخ يحضر
رابع ًا :تصانيفه
ألَّف الشيخ الباجوري في علوم عديدة من علوم الشريعة ،فألَّف في الفقه،
وأصول الفقه ،وعلم الكالم والمنطق ،والشمائل ،وغير ذلك من المؤلَّفات
النافعة التي تد ُّل على َسع ِة أُف ِقه وغزارة علمه.
من مُؤلَّفاته« :حاشية الباجوري على ابن قاسم»( ،)1و«مَنح ال َفتّاح شرح
ضوء المصباح»( ،)2و«تحفة المريد شرح جوهر التوحيد»( ،)3و«حاشية على
السلَّم»( ،)5و«المواهب الل ُدنّية»(.)6
متن السنوسية»( ،)4و«حاشية على متن ُّ
وغير ذلك من المؤلَّفات النافعة.
خامسًا :وفاته
تُوفِّي سنة 1276هـ ،ودُفِن بتربة ال ُمجا ِورين ،رحمه اهلل وأس َكنه فسيح جناته.
((( مطبوع ،من أنفع الحواشي في الفقه الشافعي ،وهي حاشية على شرح ابن قاسم على متن
أبي شجاع.
((( مطبوع ،كتاب مختصر وسهل في أحكام النكاح ،شرح منظومة ضوء المصباح للعالمة
عبد اهلل باسودان.
((( مطبوع ،كتاب تدريسي اعتنى به العلماء وطالب العلم ،شرح متن الجوهرة في العقائد
للعالمة اللقاني.
((( مطبوع ،يع ُّد من أهم الشروح النافعة على متن السنوسية في العقائد للعالمة السنوسي.
السلَّم للعالمة
((( مطبوع ،كتاب واسع ومرجع جيد للمطالعة في علم المنطق ،شرح منظومة ُّ
األخضري.
((( مطبوع ،من أهم المراجع في الشمائل المحمدية ،وهو حاشية على كتاب الشمائل المحمدية
لإلمام الترمذي.
المدخل إلى المذهب الشافعي 168
((( انظر ترجمته في :نفحة الرحمن في بعض مناقب الشيخ السيد أحمد بن زيني دحالن ،لشطا
الدمياطي ،واألعالم ،للزركلي ( ،)129 :1ومعجم المطبوعات العربية (.)990 :2
((( نفحة الرحمن في بعض مناقب السيد أحمد بن زيني دحالن ،لشطا الدمياطي.
169 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
رابع ًا :تصانيفه
ألّف كتبًا كثيرة في شتى العلوم ،فألَّف في العلوم الشرعية ،والبيانية،
والنحوية ،والتاريخية ،والرياضية.
خامسًا :وفاته
توفي سنة 1304هـ ،اشتَ ّد به المرض حتى توفّاه اهلل ،وهو مشتغل بكلمة
الجاللة ،و ُح ِمل ودُفِن في البَقيع.
((( مطبوع ،كتاب واسع في سيرة رسول اهلل ﷺ ،لخصها من السيرة الحلبية وسيرة ابن هشام
والمواهب اللدنية.
((( مطبوع ،كتاب بيَّن فيه سيرة الخلفاء الراشدين باختصار ،وآل البيت الطاهرين.
((( غير مطبوع.
((( مطبوع ،كتاب مختصر ،يشرح فيه كيفية ظهور الحركة الوهّابية في المملكة العربية السعودية،
كما أنه يثبت ذلك باألمثلة ويح ِّذر من مخاطر نشرها بين المسلمين.
((( مطبوع ،كتاب سهل ومختصر ،شرح فيه متن اآلجرومية في علم النحو ،البن آجروم.
المدخل إلى المذهب الشافعي 172
((( انظر ترجمته في :الياقوت النفيس في مذهب ابن إدريس ،ألحمد بن عمر الشاطري.
173 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
فج َّد واجتهد في كثير من العلوم والفنون دينيةً وعربيةً ورياضية ،ففاق أقرانَه
وزمالءه في التلمذة والطلب والتحصيل؛ مما جعلهم يتطلعون له إلى مستقبل
باهر وحياة عظيمة ،ف َح ِفظ «البهجة» البن الوردي ،و«الزبد» البن َرسالن،
و«السلّم» في المنطق ،وغير ذلك من المحفوظات. ُّ و«األلفية» في النحو،
ثم بعد ذلك أقعد منصةَ التدريس ،فكان يتولى تدريس الحلقات بالرباط،
وكثيرا ما ينوب عن شيخه اإلمام عبد اهلل بن عمر الشاطري ،ثم استعفى من
ً
دروسا لإلفادة ُجلُّها في الفقه ،فقد ختَم ً
كثيرا من ً المدرسة بعد ذلك وع َقد
الكتب منها« :شرح المنهج» مع حواشيه ،و«بغية المسترشدين» مع أصولها،
و«تجريد البخاري».
رابع ًا :مصنفاته
اهتمام لدى
ٍ تصانيف نافعةً ومُح َّققةً ،وكانت تصاني ُفه مبل َغ
َ لقد صنَّف
العلما ِء والباحثين في التدريس والحفظ واإلتقان.
من ُمؤلَّفاته« :نيل الرجا شرح سفينة النجا»( ،)1و«الياقوت النفيس في
مذهب ابن إدريس»(.)2
((( مطبوع ،كتاب تدريسي في الفقه الشافعي ،شرح كتاب سفينة النجا ،للعالمة سالم الحضرمي.
((( مطبوع ،كتاب تدريسي من أهم كتب الفقه الشافعي ،اعتنى مؤلفه بذكر الضوابط والشروط
وتصوير المسائل في جميع أبواب الفقه.
المدخل إلى المذهب الشافعي 174
خامسًا :وفاته
تُوفِّي يوم الجمعة 1360هـ ،لَبَّى دعوةَ ربِّه وأجاب مناديه وهو يتوضأ،
رحمه اهلل تعالى.
175 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته :علماؤنا في خدمة العلم والدين ،لعبد الكريم المدرسُ ،عنِي بنشره محمد بن
علي القره داغي (ص.)324
المدخل إلى المذهب الشافعي 176
محمد سعيد العبيدي ،فبدأ «ببرهان الكلنبوي في المنطق» ،ثم انتقل إلى خانقاه
حضرة األستاذ خالد ،والمد ِّرس حينئذ الع َّلمة الشيخ عمر ال ُق ّره داغي ،فد َرس
عليه علوم البرهان ،والتشريح ،والحساب ،والحكمة ،والبالغة ،والفقه،
فحصل على اإلجازة العلمية من شيخه ّ
العلمة ُع َمر ال ُق ّره داغي ،وذلك في
التدريس
َ حضره كبار العلماء سنة 1344هـ ،ثم بعد فتر ٍة استلَم
مَح َف ٍل كبي ٍر َ
في بَيّارة لألعوام 1347هـ 1371 -هـ ،حيث َخ َّرج في هذه الفترة ما يقارب
خمس ًة وأربعين طالبًا.
وفي سنة 1373هـ تعيَّن مد ِّر ًسا في مسجد حاجي حان في محلة ملكندي،
وبعدها انتقل إلى كركوك؛ حيث بقي في تكية جميل الطالبان ،ثم انتقل إلى
بغداد في سنة 1379هـ حيث بقي إما ًما في الجامع األحمدي ،ثم تعيَّن مد ِّر ًسا
في جامع حضر ِة الشيخ علي.
الطلب من بالد كثيرة من جاوة ،وتركيا ،والمغرب، اجتمع عليه كثير من ّ
والجزائر ،ومن العراق ع ََربها وأكرادها ،تك ُفلُه السادة الن ُّ َقباء ُّ
الش َرفاء ،أوالد
السيد الشيخ عبد القادر الكيالني بالبقاء في الحضرة القادرية؛ إلفتاء ال ُمس ِلمين
الطل ِب إلى أن توفّاهواستمر في إلقاء الدروس على َّّ في األحكام الشرعية،
اهلل تعالى.
العلمة ال ُمف ِّكر الدكتور مصطفى الزلمي« :الع َّلمة الشيخ عبد الكريم
وقال ّ
المدرس ،عال ٌم جلي ٌل ال مثيل له في عصره بالنسبة لعلوم اآللة ،كان كري ًما
ِ
وسخيًّا تجاه من يعرفه ومن ال يعرفه ،وكان ملتز ًما باإلسالم التزا ًما موضو ِعيًّا
ِعلميًّا ،بعيدًا عن الخرافات والجدل».
رابع ًا :مصنفاته
وقت ال َفراغ في كتاباتِه ومُؤلَّفاتِه
الشيخ حياتَه لل ِعلم ،وكان يستغ ُّل َ
ُ كرس
َّ
ِ
والدراسات يتجاو ُز كبيرا من الكتُب
المدرس عددًا ً
ُ ترك ّ
العلمةُ الديني ِة واألدبيةَ ،
عددُها 50مؤل َّ ًفا ،باللغتين العربية وال ُكردية.
من مؤلفاته« :علماؤنا في خدمة العلم والدين»( ،)1و«إرشاد الناسك إلى
المناسك»( ،)2و«إعالم بالغيب وإلهام بال ريب»( ،)3و«جواهر الفتاوى»(،)4
و«األنوار القدسية في األحوال الشخصية»( ،)5و«القصيدة الوردية في سيرة خير
البرية»( ،)6و«مواهب الرحمن في تفسير القرآن»(.)7
رابع ًا :وفاته
تُوفِّي في يوم االثنين السابع والعشرين من شهر رجب سنة 1426هـ،
الموافق شهر آب 2005م ،رحمه اهلل تعالى.
179 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته في :مصطفى عيد الخن ،العالم المربي وشيخ علم أصول الفقه في بالد الشام،
لمحيي الدين ديب مستو.
المدخل إلى المذهب الشافعي 180
رابع ًا :مصنفاته
وقت مب ِّك ٍر من مسيرته العلمية،
ٍ الشيخ مصطفى الخن الكتابة فيبدأ َّ
وكان يكتب لنفسه ً
أول ،ث َّم ساهم في تأليف الكتب المدرسية ،ثم اتَّجه إلى
التَّأليف العام والتَّحقيق ،وكان صدره يتَّسع للمشاركة مع غيره من األقالم،
تألي ًفا وتحقي ًقا ،من مؤلَّفاته« :أثر االختالف في القواعد األصولية في اختالف
المدخل إلى المذهب الشافعي 182
الفقهاء»( ،)1و«الفقه المنهجي على مذهب اإلمام الشافعي»( )2الذي شارك فيه
بالتأليف مع د .مصطفى البغا ،واألستاذ علي الشربجي.
خامسًا :وفاته
تُوفِّي يوم الجمعة 23محرم 1429هـ الموافق 1شباط /فبراير ،2008
وهو في صالة الجمعة ،في مسجد الحسن بمنطقة الميدان في دمشق.
((( مطبوع ،عرض فيه المؤلف القواعد األصولية وتطبيقاتها في فروع الفقه وما نشأ من ذلك
خالف بين الفقهاء ،وهي رسالته في الدكتوراه.
((( مطبوع ،كتاب تدرسي في الفقه الشافعي ،شارك فيه مع د .مصطفى البغا ،واألستاذ علي
الشربجي.
183 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
((( انظر ترجمته :سلسلة تراجم علماء األردن :الدكتور الشيخ نوح القضاة ،لشحادة العمري.
المدخل إلى المذهب الشافعي 184
حق بكلية الشريعة في جامعة دمشق ،وم َكث فيها أربع سنوات،
ثم الت َ
وحرصه على طلب العلم من جهة مؤشر كبير على ذكائه من جهةِ ،
وهذا ِّ
أخرى ،وكان يمضي ُج َّل وقته في تلقي الفقه الحنفي على أيدي كبار العلماء
منهم :الشيخ مصطفى الزرقا ،والدكتور وهبة الزحيلي ،والشيخ عبد الرحمن
الصابوني ،والشيخ عبد الفتاح أبو غدة ،والشيخ فوزي فيض اهلل ،وغيرهم.
تخرج الشيخ نوح عام 1384هـ الموافق 1965م ،ثم عاد إلى األردن
َّ
يحمل درجة البكالوريوس في الشريعة اإلسالمية ،فانضم إلى سلك القوات
المسلحة ،وعمل بجانب الشيخ عبد اهلل العزب الذي خلفه في منصب اإلفتاء
في عام 1392هـ الموافق 1972م.
في عام 1397هـ الموافق 1977م سافر إلى القاهرة برغبة سمو األمير
زيد بن شاكر رحمه اهلل ،حيث درس أصول الدين وأصول الفقه على يد الشيخ
العالم األصولي عبد الغني عبد الخالق ،والفقه المقارن على يد الشيخ المفتي
حسن الشاذلي ،وتتلمذ على يد شيخ األزهر عبد الحليم محمود.
في هذه الفترة قدَّم رسالة في جامعة األزهر بعنوان «قضاء العبادات
والنيابة فيها» بإشراف الشيخ محمد األنبابي ،ونال بها شهادة الماجستير في
عام 1400هـ الموافق 1980م.
في عهده تميز الجيش األردني بوجود إمام راتب في كل وحدة لي ُؤمَّ أفراد
دروسا دينية ،وكان يرتِّب لهذا اإلمام برامج ودورات إسالمية
ً ويلقي
َ وحدته
إضافية في الفقه الشافعي وتفسير القرآن والحديث والعقيدة.
الحسن للعلوم اإلسالمية حيث يصبح ُك ُّل
َ أسس في الجيش كلية األمير
تخرج إمامًا في الوحدات العسكرية ،وفي عام 1992م تولى منصب قاضي
من َّ
القضاة وباشر عمله بإعادة النظر في كثير من األمور التي وجدها تحتاج إلى
إصالح ،ثم قدَّم استقالته بعد عام واحد.
سفيرا للمملكة األردنية الهاشمية
ً وفي عام 1416هـ الموافق 1996م ُعيِّن
لدى إيران حتى عام 1421هـ الموافق 2001م ،وفي عام 1424هـ الموافق
2004م عمل في اإلفتاء في دولة اإلمارات العربية المتحدة ،ومستشا ًرا لوزير
العدل واألوقاف والشؤون اإلسالمية حتى عام 1428هـ الموافق 2007م.
وفي هذا العام أصدرت اإلرادة الملكية السامية بتعيين سماحة الدكتور نوح
علي سليمان القضاة مفتيًا للملكة األردنية الهاشمية بدرجة وزير؛ لتصبح دائرة
اإلفتاء العام دائرة علمية فقهية دعوية معتمدة على المذاهب الفقهية األربعة
أساسا ومُنطلَ ًقا للفتوى في
ً عمومًا ،وعلى وجه الخصوص المذهب الشافعي
بالدنا المباركة ،وذلك لسببين اثنين:
ً
أول :أنه المذهب األكثر انتشا ًرا في بالدنا عبر التاريخ .ومراعاة الغالب
مقصد شرعي.
ثانيًا :أنه مذهب وسطي جمع بين أصول مدرستي الحديث والرأي،
وخرج باجتهادات فقهية كانت ـ وما زالت ـ سببًا في تحقيق مصالح األمة
المدخل إلى المذهب الشافعي 186
وجمع كلمتها ،وهذا السبب ـ وإن كان متح ِّق ًقا في المذاهب الفقهية األخرى ـ
ب السبق فيه.
قص َ
إال أن مذهب اإلمام الشافعي حاز َ
رابع ًا :مصنفاته
كان الشيخ نوح القضاة داعيًا إلى اهلل تعالى ،فكان مُهتَ ًّما بالدعوة إلى اهلل
تعالى ،والنصح ،واألمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،وإلقاء الدروس
مؤلفات قَيِّمة.
ٍ كثيرا بالتأليف ،ومع ذلك ترك لنا
والتعليم ،فلم يكن مهت ًّما ً
و«المختصر ال ُمفيد في
َ ومن مُؤلَّفاته« :قضاء العبادات والنيابة فيها»(،)2
شرح جوهرة التوحيد»( ،)3و«شرح ال ِمنهاج في الفقه الشافعي»(.)4
((( انظر :موقع ويكبيديا على الشبكة العنكبوتية ،ترجمة الشيخ نوح القضاة.
((( مطبوع ،وهي رسالته في الدكتوراه.
((( مطبوع ،كتاب تدريسي سهل ومختصر شرح فيه منظومة الجوهرة لإلمام اللقاني في عقيدة
أهل السنة والجماعة.
((( مطبوع ،شرح فيه كتاب المنهاج لإلمام النووي ،شرح فيه العبادات فقط.
187 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
خامسًا :وفاته
بعد استقالة سماحة الشيخ من اإلفتاء شعر باأللم الجسدي ،وأُدخل
ح َسينمدينة الحسين الطبية للعالج ،ثم أمر جاللة الملك عبد اهلل الثاني ابن ال ُ
أي مكان في العالم ،وعلى يَ ِد َمن يختا ُر من ُ
الشيخ على نفقته في ِّ بأن يُعالَج
األطباء ،فرحل الشيخ إلى النمسا ،ورجع وهو يتو َّجه إلى ربِّه بالدعاء ،وفي
صباح يوم األحد 13محرم لعام 1432هـ ،الموافق 19كانون األول لعام
2010م فاضت روحه إلى المولى رحمه اهلل تعالى ،وقد شارك في التشييع
عددٌ من األمراء ،والوزراء ،واألعيان ،والن ُّ ّواب ،وعلماء الدين اإلسالمي،
والمسؤولين المدنيين والعسكريين ،وآالف المواطنين من أهالي محافظة
عجلون ،والمملكة عامّة.
المدخل إلى المذهب الشافعي 188
((( انظر ترجمته في :عقد الجوهر في علماء الربع األول من القرن الخامس عشر ،ليوسف
المرعشلي (ص ،)1824ومركز دوعن العلمي للدراسات والبحوث ،على الفيسبوك.
189 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
ثم ارتحل إلى مكة المكرمة نحو سنة 1376هـ لالستزادة في طلب العلم
الشرعي ،ومكث بها مدة ،وأخذ عن كبار علماء مكة آنذاك ،ومن أشهرهم:
العالمة السيد علوي بن عباس المالكي ،فأخذ عنه ُج َّل العلوم الشرعية واآللية،
وعن الشيخ حسن بن محمد المشاط السيرةَ والنحو ،وأخذ عن الشيخ ال ُمسنِد
حضرمي، محمد بن ياسين الفاداني ،والشيخ عبد اهلل بن سعيد اللحجي ال َ
فكان رحمه اهلل يتل َّقى طلب العلم في مكة ال ُم َّ
كرمة بالمسجد الحرام في اليوم
درسا في فنون شتّى ،وكلُّها يطالع لها ويلخصها.
والليلة اثني عشر ً
المكرمة إلى بلده لنَش ِر العلم الشريف
َّ عاد في سنة 1381هـ من مكة
والخاص ،وازداد نشا ُطه في
ّ والدعوة إلى اهلل تعالى ،فحصل به النفع العام
التدريس والدعوة إلى اهلل تعالى في مدرسة شمسان الحكومية ،وفي مسجد
اإلمام العيدروس وكان متوليًّا ومأذونًا شرعيًّا في عقود األنكحة ،وكان خطيبًا،
والدروس في المنطقة وخارجها.
َ ِ
الحلقات وكان يع ِق ُد
ورحل للدعوة إلى اهلل تعالى ونشر العلم الشريف إلى عدد من البلدان،
منها :إندونيسيا ،وسنغافورة ،وسيرالنكا ،وماليزيا ،وبروناي ،وعُمان ،والخليج،
وإفريقيا ،وغيرها.
ثالثًا :مصنفاته
كان الشيخ داعيًا إلى اهلل تعالى صبا ًحا ومساءً مُهتَ ًّما بالدعوة إلى اهلل تعالى،
ممتثل في ذلك طريق َة والده عبد اهلل بن ً كثيرا بالتأليف
ومهت ًّما بالتعليم ،ولم يهت ّم ً
فات قَيِّمة ،منها« :الفوائد الشاطرية في عمر الشاطري ،ومع ذلك ترك لنا مؤل َّ ٍ
النفحات الحرمية»( ،)1و«نظم بعض المسائل والضوابط الفقيهة»( ،)2و«نيل
المقصود في مشروعية زيارة نبي اهلل هود عليه السالم»(.)3
رابع ًا :وفاته
توفي في ليلة السبت بجدة في ٣٠من شهر جمادى األولى عام ١٤٣٩هـ
((( مطبوع ،وهي مجموعة كبيرة من الدروس في التفسير وعلوم القرآن وغيره مما تلقاه عن
شيخه علوي بن عباس المالكي بمكة المكرمة وغيره.
((( غير مطبوع.
((( مطبوع ،كتاب يتحدث عن مشروعية زيارة نبي اهلل هود عليه الصالة والسالم.
191 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
الموافق للسادس عشر من شهر فبراير لعام 2018م بعد أن تألم في ق َد ِمه
وعُملت له عملية جراحية ،وبعدها بعدة أيام انتقل إلى رحمة اهلل ،رحمه اهلل
ونفعنا اهلل به في الدارين آمين.
المدخل إلى المذهب الشافعي 192
((( انظر :قبسات من نور في إيضاح حياة سيدي الوالد الداعي إلى اهلل الحبيب علي بن أبي
بكر بن علوي المشهور ،ألبي بكر بن علي المشهور.
((( انظر :صفحة الفيسبوك :أعالم تَريم الحبيب زين بن إبراهيم بن سميط.
195 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
رابع ًا :مصنفاته
اعتنى الحبيب زين في تصانيفه بتوضيح طريقة آل باعلوي في الزهد
والتصوف وتدعيم ذلك بالكتاب والسنة ،ومن مؤلفاته« :المنهج السوي شرح
أصول طريقة السادة آل باعلوي»( ،)1و«الفيوضات الربانية من أنفاس السادة
العلوية»( ،)2و«هداية الطالبين في بيان مُ ِه ّمات الدين»( ،)3واألجوبة الغالية في
عقيدة الفرقة الناجية»(.)4
((( مطبوع ،يشرح فيه مؤلفه أصول طريقة السادة آل باعلوي وآدابها ،بأدلة من الكتاب العزيز،
ناثرا فيه من المسائل والفوائد العلمية ونوادر النقول
والسنة الثابتة وأقاويل السلف واألئمةً ،
والح َكم ،ما ُّ
تقر به األعين ،وتبتهج به النفوس. ِ
((( مطبوع ،كتاب يتحدث عن التفسير اإلشاري في معاني كالمه تعالى وكالم نبيِّه ﷺ.
((( مطبوع ،كتاب يشرح فيه المؤلف حديث جبريل عليه السالم في بيان معنى اإلسالم واإليمان
واإلحسان.
((( مطبوع ،كتاب يبين فيه المؤلف عقيدة أهل السنة والجماعة مدعمة بالكتاب والسنة.
المدخل إلى المذهب الشافعي 196
2000-م) ،تعاقد مع كلية الشريعة في جامعة قطر ،لمدة خمس سنوات (2000م
2005 -م) د َّرس في كلية الشريعة في جامعة اليرموك في إربد في األردن لمدة سنة
عام 2006م ،ود َّرس في جامعة العلوم اإلسالمية العالمية في األردن عام 2008م.
ثالثًا :مصنفاته
لقد تميَّز الشيخ مصطفى البغا بكثرة تصانيفه في العلوم الشرعية ،وكان من
أكثرها اعتناءً الفقه الشافعي.
ومن مؤلفاته« :التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب»( ،)1و«الفقه المنهجي
في الفقه الشافعي»( ،)2و«تعليق على الرحبية في علم الفرائض»( ،)3و«تنوير
المسالك بشرح وأدلة عمدة السالك البن النقيب»( ،)4و«الواضح في علوم
القرآن»( ،)5و«نزهة المتقين في شرح رياض الصالحين»(.)6
((( مطبوع ،اعتنى المؤلف بذكر األدلة من الكتاب والسنة على كتاب التقريب ألبي شجاع في
الفقه الشافعي.
((( مطبوع ،كتاب تدريسي في الفقه الشافعي ،شارك فيه مع د .مصطفى الخن والشيخ علي
الشربجي.
((( مطبوع ،علق فيه المؤلف على شرح سبط المارديني في شرح الرحبية ،وأضاف د .مصطفى
في آخر الكتاب مسائل تدريبية في المواريث.
((( مطبوع ،اعتنى فيه المؤلف بذكر األدلة من الكتاب والسنة على كتاب عمدة السالك
البن النقيب.
((( مطبوع ،كتاب يتحدث عن علوم القرآن والسنة النبوية ،شارك فيه المؤلف مع محيي الدين
مستو.
((( مطبوع ،كتاب في علم الحديث يشرح كتاب رياض الصالحين لإلمام النووي بأسلوب
واضح وسهل ،شارك فيه مع مصطفى سعيد الخن ،ومحيي الدين مستو ،وعلي الشربجي،
ومحمد أمين لطفي.
المدخل إلى المذهب الشافعي 198
((( انظر ترجمته :رسالة في أحكام الحيض والنفاس واالستحاضة ،لمحمد بن علي الخطيب،
كتَب الترجمة :محمد أبو بكر باذيب.
199 هلاجرو يعفاشلا بهذملا خيرات
ثالثًا :مصنفاته
امتازت مصنـفات الشـيخ محمد بالفقه الشافعي؛ لكـثرة اعتنائه ومطالعته
فتميزت بالتحقيق والتدقيق ،ومن مُؤلَّفاته« :رسالة في أحكام الحيض والنفاس
واالستحاضة»( ،)1و«رسالة في أحكام الصوم»( ،)2و«تعليقات على مقدمة
المنهاج»(.)3
((( مطبوع ،كتاب صغير الحجم كبير الفائدة مهم لطالب العلم في هذه المسألة ،جمع فيه
المؤلف أحكام الحيض والنفاس واالستحاضة في الفقه الشافعي.
((( مطبوع ،رسالة صغيرة الحجم حاوية أحكام الصوم في الفقه الشافعي.
((( مطبوع ،علَّق فيه المؤلف على مقدمة المنهاج لإلمام النووي ،مأخوذة من تحفة المحتاج
بشرح المنهاج للشيخ ابن حجر الهيتمي.
الباب الثاني
منهج البحث والفتوى في المذهب الشافعي
المبحث الأول
أبرز كتب المذهب في عصر التكوين والانتشار
2ـ «مختصر المزني» للإمام أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني (ت264هـ) :
جمع اإلمام المزني في كتابه ما ع ِل َمه من أقوال اإلمام الشافعي ،فنقل
من كتب اإلمام ومن المسائل التي سمعها منه ،ولم ينقلها في كتبه ،وض َّمن
في «مختصره» اجتهاداته الشخصية ،وما أضافه إلى أقوال اإلمام ،فهو كتاب
مستقل بنفسه ،وليس اختصا ًرا لكتاب «األم» كما زعم البعض(.)1
ويعتبر «مختصر المزني» أول مختصر في الفقه الشافعي ،ضبط فيه أصول
مسائل المذهب وفروعه ،وقد نال من اهتمام علماء الشافعية حتى صار أصل
3ـ «مختصر البو يطي» للإمام أبي يعقوب البو يطي (ت231هـ) :
صاغ اإلمام البويطي األحكام الفقهية بطريقة مختصرة مرتَّبة على األبواب
الفقهية ،ومقتصرة على أقوال اإلمام الشافعي ،مع اإلشارة إلى اجتهاداته،
وقد يذكر أحيانًا أقوال اإلمام أبي حنيفة واإلمام مالك ،وقد يذكر بعض أقوال
الصحابة رضي اهلل عنهم.
يتميز «مختصر البويطي» أنه قُرئ على اإلمام الشافعي مباشرةَّ ،
فأقره
ِ
اجتهادات اإلمام البويطي الشخصية، «المختصر»
ُ حح ً
بعضا منه ،وقد نقل وص َّ
وما أضافه إلى أقوال اإلمام الشافعي.
« -4الحاوي ا�لكبير» للإمام علي بن محمد بن حبيب الماوردي (المتوفى 450هـ) :
يعتبر الحاوي الكبير شر ًحا موسعًا على «مختصر المزني» ،استوعب فيه
َّ
ووضح دقائقه وأدلته ،ونقل الخالفات الفقهية داخل مؤل ِّ ُفه فرو َع المذهب،
المذهب وخارجه ،وناقش أدلةَ المخالِفين للمذهب باستفاضة.
209 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
الشافعي
ّ وسعة في دقائق المذهب ويُ َع ّد «الحاوي» من أهم الكتب ال ُم َّ
وأدلته ،وموسوعةً فقهيةً زاخرةً بمناقشات آراء المذاهب الفقهية وأدلتهم ،وهو
من أعظم الكتب التي تن ِّمي ملَك َة االستدالل والتعامل مع األدلة الشرعية،
ويمكن لطالب العلم أن يستعين به في فهم أدلة المذهب وتوجيهها.
أبرز الشروح والمختصرات:
1ـ «اإلقناع» لإلمام الماوردي ،وهو مختصر «للحاوي الكبير» ،والكتاب
مطبوع.
2ـ «بحر المذهب» لإلمام الروياني ،اعتمد فيه على الحاوي الكبير ،وزاد
عليه فروعًا فقهية.
5ـ «التنبيه» للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت476هـ) :
أخذ الشيرازي مادة الكتاب من تعليقة اإلمام أبي حامد اإلسفراييني شيخ
طريقة العراقيين(ت406هـ) ،واقتصر الشيرازي في كتابه على مسائل المذهب
مجردة عن الدليل والتعليل.
َّ
ويُعتبَر كتاب «التنبيه» أحد الكتب الخمسة المشهورة عند المتقدمين،
والكتب الخمسة المشهورة عند متقدمي الشافعية هي ـ كما بينها اإلمام النووي ـ:
«مختصر المزني» ،و«المهذب» ،و«التنبيه» ،و«الوسيط» ،و«الوجيز»(.)1
وقد قامت مطبعة مصطفى البابي الحلبي ودار عالم الكتب بطباعة هذا
الكتاب.
أبرز الشروح :ذكر حاجي خليفة ثالثةً وأربعين شر ًحا على «التنبيه»(،)1
ومن أشهرها:
1ـ «ن ُ َكت التنبيه» لإلمام أبي زكريا النووي (ت676هـ) ،وهي من أوائل
كتب اإلمام النووي ،قال اإلمام اإلسنوي« :ال ينبغي االعتماد على ما فيها من
التصحيحات ال ُمخالِفة لكتبه المشهورة؛ ولعلَّه ج َمعها من كالم شيوخه»(.)2
والكتاب مخطوط.
2ـ «تحرير ألفاظ التنبيه» لإلمام النووي ،وهو شرح لُغوي يهت ُّم بلُغة الفقه،
وهو مطبوع.
ب عمل الشارح على انص َّ
3ـ «تصحيح التنبيه» لإلمام النووي ،وقد َ
الترجيح بين األقوال التي ذكرها الشيرازي دون ترجيح ،والتنبيه على المسائل
التي رجح فيها خالف الراجح في المذهب ،وهو مطبوع.
4ـ «كفاية النبيه بشرح التنبيه» ،لإلمام أبي العباس ابن الرفعة (ت710هـ)،
توسع فيه مؤل ِّ ُفه في االستدالل ،وذكر أقوال اإلمام الشافعي ،ووجوه
وهو كتاب َّ
أصحابه ،وهو مطبوع.
5ـ «التصحيح والتنقيح فيما يتعلق بالتنبيه» لإلمام جمال الدين اإلسنوي
(ت ،)772وهو مطبوع.
6ـ «إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه» ،لإلمام الحافظ ابن كثير (ت774هـ)،
وهو مطبوع.
6ـ «المُهَذّب» للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت476هـ) :
أخذ الشيرازي مادة الكتاب من «تعليقة اإلمام أبي الطيب الطبري» شيخ
طريقة العراقيين (ت450هـ) ،وذكر فيه الشيرازي الخالفات والوجوه في
المذهب مع تعليل هذه األوجه واألقوال.
ارتكز متقدمو الشافعية على كتابين وهما« :الوسيط» للغزالي ،و«المهذب»
ُ
وبحث دروس المد ِّرسين
ُ للشيرازي؛ قال اإلمام النووي« :وفي هذين الكتابين
حصلين المحققين ،وحفظ الطالب المعتنين»(.)1
ال ُم ِّ
وقد قامت دار القلم بطباعة الكتاب بتحقيق الدكتور محمد الزحيلي.
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
شروح كثيرة ،ومن أشهرها:
ٌ ُكتِ َ
ب على «المهذب»
1ـ «المجموع شرح المهذب» ،لإلمام النووي صنَّفه حتى كتاب الربا إال
أنه لم يُتِ ّمه ،ثم حاول اإلمام تقي الدين السبكي (ت756هـ) إتمامه فوصل إلى
باب المرابحة ،ثم أكمله حديثًا الشيخ محمد نجيب المطيعي (ت1984م)،
وكتاب «المجموع» من أوسع كتب المذهب ،ولكن ينبغي لطالب العلم التنبه
عند التوثيق من «المجموع» نسبة األجزاء التي صنّفها اإلمام النووي إليه،
ونسبة األجزاء التي صنّفها اإلمام السبكي إليه ،فال يصح نسبة جميع ما ورد
في الكتاب إلى اإلمام النووي ،ومن األخطاء الشائعة توثيق القول المعتمد في
المذهب منه.
وقد قام الدكتور محمد نجيب المطيعي بتحقيق الكتاب وتكملته ،و ُطبع
في العديد من دور النشر.
2ـ «البيان في مذهب الشافعي» ،لإلمام يحيى بن سالم العمراني (ت558هـ)،
توسع فيه مؤلفه في االستدالل ونقل
وهو شرح مبسوط على كتاب «المهذب» َّ
األقوال األخرى ،وقد قامت دار المنهاج بطباعته بتحقيق قاسم النوري.
كبي
الر ّ
3ـ «النظم المستعذب في شرح غريب المذهب» ،لإلمام ابن بطال ُّ
(ت633هـ) ،وقد طبعته المكتبة التجارية بمكة المكرمة بتحقيق الدكتور
مصطفى عبد الحفيظ سالم.
7ـ «نهاية المطلب في دراية المذهب» ،لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك
الجويني (ت478هـ) :
((( انظر :مقدمة محقق كتاب نهاية المطلب الدكتور عبد العظيم الديب ،المقدمة (ص-247
.)280
213 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
وقد قامت دار المنهاج بطباعة الكتاب بتحقيق الدكتور عبد العظيم الديب.
أبرز مختصراته:
1ـ «البسيط» ،لإلمام أبي حامد الغزالي ،ولكنه لم يلتزم بترتيب إمام
الحرمين فيه ،بل أتى بترتيب بديع لم يُسبَق إليه ،وهو أول من ق َ َّسم الفقه
إلى أربعة أقسام :ربع العبادات ،وربع المعامالت ،وربع المناكحات ،وربع
كتاب بتمهيد يبين فيه أقسام الكتاب ،وأبوابه ،وموضوع
ٍ الجراح ،ثم بدأ ك ّل
كل منها( ،)2وقد طبع حديثًا.
2ـ «الوسيط» ،لإلمام الغزالي ً
أيضا ،وهو اختصار لكتاب البسيط .وهو
مطبوع.
((( نهاية المطلب في دراية المذهب ،ألبي المعالي الجويني ،المقدمة (ص.)36
((( نهاية المطلب ،المقدمة (ص.)270
المدخل إلى المذهب الشافعي 214
8ـ «الوسيط» للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت505هـ) :
قام اإلمام الغزالي باختصار «نهاية المطلب» في كتاب «البسيط» ،ثم قام
باختصار «البسيط» إلى «الوسيط» ،وقد صاغ الغزالي المذهب واستوعبه مبيّنًا
قواعد وضوابط الفروع الفقهية.
((( انظر :الوسيط في المذهب ،ألبي حامد الغزالي ،مقدمة التحقيق (.)14 :1
215 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
(ت685هـ) ،اختصر فيه مؤل ِّ ُفه «الوسيط» ،وعمل على تحرير قواعده الفقهية وبيان
علل األصول ،ومناقشة المذاهب األخرى واألقوال واألوجه داخل المذهب،
وقد طبعته دار البشائر اإلسالمية بتحقيق الدكتور علي محيي الدين القره داغي.
9ـ «الوجيز» للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت505هـ) :
حرر مقعّدة بالقواعد
يتضمن «الوجيز» مسائل المذهب بشكل موجز مُ َّ
والضوابط ،مع اإلشارة إلى أقوال أبي حنيفة ،ومالك ،وال ُمزَني ،في أهم المسائل
التي اختلفوا فيها مع الشافعي ،والكتاب مطبوع.
ويمثل «الوجيز» حلقة وصل بين ُكتُب المتقدِّمين والمتأ ِّخرين في المذهَب،
مختص ٌر من كتابه «الوسيط» ،وكتاب «الوسيط» اختصره
َ فأصل كتاب «الوجيز»
من كتابه «البسيط» ،وكتاب «البسيط» اختصره من كتاب «نهاية ال َمطلَب» إلمام
الحرمَين ،وكتاب «نهاية المطلب» يُعتبَر شر ًحا على «مختصر المزني» ،وعلى
اختصره النووي في
َ «الوجيز» كتَب الرافعي «العزيز بشرح الوجيز» ،والذي
«روضة الطالبين»(.)1
أكثر من
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب :ذكر العلماء أن للوجيز َ
سبعين شر ًحا( ،)2ومن أهمها:
1ـ «العزيز في شرح الوجيز» لإلمام الرافعي ،ويُس َّمى بالشرح الكبير.
2ـ «الشرح الصغير» لإلمام الرافعي ،وهو اختصار لكتاب الشرح الكبير،
والكتاب قيد التحقيق.
4ـ «التعجيز في اختصار الوجيز» لإلمام تاج الدين ابن يونس (671هـ)،
وهو مطبوع.
10ـ «الخلاصة» للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت505هـ) :
وترجع أهمية «الخالصة» إلى أهمية أصله «مختصر المزني» بين كتب
المذهب ،ويمتاز كتاب «الخالصة» عن «مختصر المزني» بحسن التهذيب
والترتيب والتقسيم والتفريع.
وقد قامت دار المنهاج بطباعة الكتاب بتحقيق الدكتور أمجد رشيد علي.
أخذ اإلمام البغوي مادة الكتاب من تعليقة شيخه القاضي حسين (462هـ)،
وكان المؤلِّف يذكر المسألة الفقهية ،ويُقدِّم لها ما يدل عليها من الكتاب
((( انظر :مقدمة الدكتور أمجد رشيد على كتاب الخالصة ،للغزالي (ص.)16 -13
217 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
والسنة ،ثم يع ِرض اآلراء واالختالفات الفقهية داخل المذهب وخارجه ،ثم
يذكر بعد ذلك الفروع التي تندرج تحت هذه المسألة ،فهو موسوعة فقهية
شاملة غنية باألدلة ومناقشة االختالفات الفقهية ،والكتاب مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 218
المبحث الثاني
أبرز كتب المذهب في عصر التنقيح والتحرير
أثمرت الجهود التي قام بها اإلمامان أبو القاسم عبد الكريم الرافعي
(ت623هـ) ،وأبو زكريا يحيى بن شرف النووي (ت676هـ) في بداية مرحلة
جديدة في التنظير للمذهب الشافعي ،وكان ُج ُّل عمل المتأخرين االختيار بين
أقوالهما وتحريرها ،وقد استقرت الفتوى وتحررت المسائل في هذا العصر
بشكل أفضل من عصر المتقدمين ،ومن أبرز كتب عصر التنقيح والتحرير:
وقد ُطبِع هذا الكتاب على نفقة جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم بإشراف
وتدقيق األستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم سلطان العلماء.
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
1ـ «روضة الطالبين» لإلمام النووي ،وهو اختصار لشرح الرافعي مع
زيادات.
2ـ «الحاوي الصغير» لإلمام نجم الدين القزويني (ت665هـ) وهو مختصر
لشرح الرافعي.
3ـ «المهمات في شرح الروضة والرافعي» لإلمام جمال الدين اإلسنوي
(ت772هـ) ،والكتاب أشبه بحاشية على «الوجيز» ،و«الشرح الكبير» للرافعي
قصد فيها اإلسنوي المناقشة والتعقب لترجيحات الشيخين الرافعي والنووي،
وقد قام مركز التراث المغربي بطباعته بتحقيق أبي الفضل الدمياطي.
4ـ «األنوار» لإلمام يوسف بن إبراهيم األردبيلي (ت779هـ) والكتاب
و«المحرر»
َّ ج َمعَه مؤلِّفه من «الحاوي الصغير» و«الشرح الكبير» و«الصغير»
و«الروضة» ،وهو مطبوع.
5ـ «خادم الرافعي والروضة» لإلمام محمد بن عبد اهلل بن بهادر الزركشي
(ت794هـ) وهو شرح على كتابي «الشرح الكبير» و«الروضة» ،والكتاب
ُح ِّقق في رسائل جامعية ،ولكنه لم يُطبع.
6ـ «التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير» لإلمام الحافظ
ابن حجر العسقالني (ت852هـ) ،وهو من أشهر كتب تخريج أحاديث األحكام.
المدخل إلى المذهب الشافعي 220
2ـ «الم ُ َحر ّر» للإمام أبي القاسم عبد ا�لكريم الرافعي :
((( تحفة المحتاج بشرح المنهاج ،البن حجر الهيتمي (.)35 :1
((( انظر مقدمة الدكتورة هدى يوسف غيظان على تحقيق كتاب الحيض واالستحاضة والنفاس
من المحرر لإلمام الرافعي ،مجلة دراسات ،علوم الشريعة والقانون ،المجلد (،)41
(العدد2014 ،)2م (ص.)1260
221 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
«قلت» ،وحتى يقول« :واهلل أعلم» فكل ما بين ذين العبارتين ،هو من زياداته
على الرافعي ،والتي عُرفت فيما بعد بـ«زيادات الروضة».
ويُ َع ُّد كتاب «الروضة» من الكتب الموسوعية التي ح َّققت المذهب
وحررته؛ فهذا الكتاب يُظ ِهر ُجهد النووي والرافعي قبله في تحقيق القول
َّ
المعتمد وتحرير الخالف في المذهب ،وبيان قوة األقوال واألو ُجه أو ضعفها.
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
1ـ «التوسط والفتح بين الروضة والشرح» لإلمام أحمد بن حمدان األذرعي
(ت783هـ) ،وقد قصد مؤل ِّ ُفه التعقب والمناقشة لنقل النووي عن الرافعي في
«فتح العزيز» واإلكثار من النقل عن أئمة المذهب الشافعي وكتبهم ،والكتاب
ُحقق في رسائل جامعية ،ولكنه لم يُطبَع.
2ـ «روض الطالب» لإلمام شرف الدين ابن ال ُمق ِري (ت837هـ) ،وهو
اختصار لكتاب «روضة الطالبين» ،وشرحه اإلمام زكريا األنصاري (ت926هـ)
في «أسنى المطالب» وهو شرح مليء باألدلة النقلية والتعليالت ونصوص
أئمة المذهب ،وعليه حاشية مطبوعة لإلمام الشهاب الرملي (ت957هـ).
3ـ «العباب ال ُمحيط بنصوص الشافعي واألصحاب» لإلمام صفي الدين
ال ُمز َّجد الزَّبيدي (تت 930هـ) ،وقد اختصر «الروضة» وأضاف لها فروعًا من
متفرقة ،وهو مطبوع في دار المنهاج ،وقد شرحه اإلمام ابن حجر الهيتمي
كتب ِّ
(ت976هـ) في «اإليعاب بشرح العباب» ،وهو شرح عظيم جمع فيه المذهب
جمعًا لم يُسبق إليه مع مزيد من التحرير والتدقيق والجواب عن ال ُمشكل،
والكتاب مخطوط.
المدخل إلى المذهب الشافعي 224
5ـ «منهاج الطالبين وعمدة المفتين» للإمام أبي زكر يا النووي :
حرر» للرافعي ،وأضاف
اختصر اإلمام النووي «المنهاج» من كتاب «ال ُم َّ
عليه مسائل لم ينص عليها زادت على ثلث الكتاب ،وحرر بعض المسائل
التي ذكرها الرافعي على خالف المعتمد في المذهب ،وأبدع في اإلشارة
إلى االختالفات داخل المذهب بمصطلحات خاصة بحيث يستطيع الباحث
معرفة قوة األقوال من خاللها ،وهي :النص ،والمذهب ،والظاهر ،واألظهر،
والمشهور ،والصحيح ،واألصح ،وسيأتي شرح هذه المصطلحات في الفصل
الخاص بمصطلحات المذهب ،وهذه المصطلحات رغم إيجازها تشير إلى
مدى عبقرية اإلمام النووي في تقسيم االختالفات في المذهب ،وبيان قوتها
وضعفها ومراتبها.
وتدريسا
ً وقد عكف علماء الشافعية المتأ ِّخرون على كتاب «المنهاج» حف ًظا
وتألي ًفا وشر ًحا وتحشيةً حتى أصبح كتاب «المنهاج» عمدة المتأخرين؛ قال
عنه العالمة الغمراوي« :وهو الكتاب الذي ع َّولت عليه أئمة الشافعية ،واتفقت
على الثناء عليه كلماتهم المرضية»(.)1
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
ُكتِب على «المنهاج» شروح ومختصرات كثيرة تزيد على مئة كتاب ،ومن
أبرزها:
1ـ «تحفة المحتاج في شرح المنهاج» لإلمام أحمد بن علي بن حجر
الهيتمي (ت974هـ).
((( السراج الوهاج على متن المنهاج ،لمحمد زهري الغمراوي (ص.)2
225 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
2ـ «نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» لإلمام شمس الدين محمد الرملي
(ت1004هـ).
3ـ «مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج» لإلمام شمس الدين الخطيب
الشربيني (ت977هـ).
4ـ «كنز الراغبين بشرح منهاج الطالبين» ،لإلمام جالل الدين محمد
المحلي (ت864هـ) ،وعليه حاشيتان مطبوعتان للعالمة أحمد سالمة القليوبي
(ت1069هـ) ،والعالمة أحمد البرلسي عَميرة (ت957هـ) ،ويعتبر «شرح
المحلي» من أدق الشروح وما زال معتمدًا في التدريس للطلبة المتقدمين.
وقد قامت لجنة دار اإلمام األشعري ودار الضياء بطباعة «شرح المحلي»
مع حواشي العالمة أبي الحسن البكري (ت952هـ) والعالمة شهاب الدين
السنباطي (ت997هـ) يتحقيق لجنة دار اإلمام األشعري واألستاذ محمد سيد
يحيى الداغستاني ،وهي طبعة فريدة.
5ـ «دقائق المنهاج» لإلمام النووي ،وهو شرح مختصر شرح فيه مؤلِّفه
ألفاظ «المنهاج» ،محلِّ ًل دقائقه ،ومبينًا الفرق بين ألفاظه وألفاظ كتاب «المحرر»،
والكتاب مطبوع.
6ـ «السراج الوهاج بشرح المنهاج» للعالمة محمد زهري الغمراوي
(المتوفى بعد سنة 1337هـ) ،وهو شرح مختصر على «المنهاج».
7ـ «تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج» لإلمام سراج الدين ابن ال ُمل ِّقن
(ت808هـ) ،والكتاب مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 226
8ـ «عجالة المحتاج إلى توضيح المنهاج» لإلمام سراج الدين ابن ال ُمل ِّقن
(ت804هـ) ،والكتاب مطبوع.
9ـ «عمدة المحتاج في شرح المنهاج» لإلمام ابن ال ُمل ِّقن ،وهو مطبوع.
10ـ «النجم الوهّاج بشرح المنهاج» لإلمام كمال الدين الدميري (ت808هـ)،
وهو مطبوع.
11ـ «بداية المحتاج إلى شرح المنهاج» لإلمام أبي بكر ابن قاضي شهبة
(ت851هـ) ،والكتاب مطبوع.
12ـ «تحرير الفتاوى على التنبيه والمنهاج والحاوي» للحافظ أبي زرعة
العراقي (ت826هـ) ،اتخذ مصن ِّ ُفه كتاب «منهاج الطالبين» ً
أصل في ترتيب
الكتاب ،أما المسائل التي ليست في «المنهاج» فجعلها في آخر كل باب،
والكتاب مطبوع في دار المنهاج.
13ـ «شرح منهاج الطالبين» للدكتور نوح القضاة (ت2010م) اقتصر فيه
مؤل ِّ ُفه على قسم العبادات ،والكتاب مطبوع في دار الفقيه باإلمارات.
14ـ «منهج الطالب» لشيخ اإلسالم زكريا األنصاري ،وهو اختصار لكتاب
المنهاج.
6ـ «منهج الطلاب لشيخ الإسلام» أبي يحيى زكريا بن محمد الأنصاري (ت926هـ) :
اختصر شيخ اإلسالم كتاب «المنهاج» في المنهج ،وقام بحذف الخالفات
وحرر المسائل التي ر َّجح فيها اإلمام
الفقهية واالقتصار على القول المعتمدَّ ،
النووي ً
قول على خالف المعتمد.
وقد قامت جهود شيخ اإلسالم في المنهج على تحرير كالم الشيخين
227 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
الرافعي والنووي وتنقيحه ،وقد اعتمد عليه ابن حجر والرملي في تحريرهما
ِ
وحذف الخالف لكالم الشيخين ،وتُمثِّل طريقتُه في االقتصار على ال ُمعت َمد
تط ُّو ًرا في المذهب ،حيث ساعد ذلك على االستقرار المذهبي في الترجيح(.)1
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
1ـ «فتح الوهاب بشرح منهج الطالب» ،وهو شرح لنفس المؤلف اختصر
فيه مؤلِّفه شرح المحلي ،وهو من الشروح ال ُمعت َمدة في تدريس المذهب
الشافعي للطلبة المتقدمين ،وهو مطبوع.
2ـ «حاشية العالمة سليمان العجيلي» المعروف بالجمل على «شرح المنهج»
(ت1204هـ) ،واشتهرت حاشيته بـ«حاشية الجمل على شرح المنهج» ،وهي
من أفضل كتب الحواشي في المذهب وأوسعها ،وهو مطبوع.
جيرمي (ت1221هـ) وهي
3ـ «التجريد لنفع العبيد» للعالمة سليمان البُ َ
حاشية على «شرح المنهج» ،وهو مطبوع.
4ـ «حاشية العالمة علي بن يحيى الزيادي» (ت1044هـ) على «شرح
منهج الطالب» ،وما زال الكتاب مخطو ًطا.
5ـ حاشية العالمة نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي (ت1092هـ) على
«فتح الوهاب بشرح منهج الطالب» ،وما زال الكتاب مخطو ًطا.
6ـ «نهج الطالب ألشرف المطالب» للعالمة محمد بن أحمد الجوهري
الصغير (ت1215هـ) ،اختصر فيه منهج الطالب ،واعتمد فيه قول الشمس
الرملي ،والكتاب مطبوع.
وقد كتب المؤلف شر ًحا على «مختصره» سماه بـ«إتحاف الراغب» وما
زال مخطو ًطا.
7ـ «تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب» لشيخ الإسلام زكر يا الأنصاري :
يُعتبَر كتاب «تحفة الطالب» شر ًحا ممزو ًجا على «تحرير تنقيح اللباب»
وتحرير «تنقيح اللباب» اختصار لـ«تنقيح اللباب» لإلمام أبي
ُ للمؤلِّف نفسه،
زرعة العراقي(( )1ت862هـ) ،و«تنقيح اللباب» هو اختصار لكتاب «لُباب
الفقه» لإلمام أبي الحسن المحاملي(( )2ت415هـ).
وتنبع أهمية الكتاب من اختصاره ودقة عبارته وتحريره لمعتمد المذهب
في كثير من عويص مسائله(.)3
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
1ـ «حاشية العالمة عبد اهلل حجازي الشرقاوي» (ت1226هـ) على
«تحفة الطالب» ،وهي حاشية غنية بالفوائد ومطبوعة.
2ـ «فتح الكريم الوهاب على تحفة الطالب» للعالمة شمس الدين العناني
(ت1098هـ) ،وما زال الكتاب مخطو ًطا.
3ـ «حاشية اإلمام شهاب الدين القليوبي» (ت1069هـ) على «تحفة
الطالب» ،وما زال الكتاب مخطو ًطا.
8ـ «مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» للإمام شمس الدين الخطيب
الشربيني (ت977هـ) :
اعتمد الشربيني في شرحه هذا على مؤلفات شيخ اإلسالم زكريا األنصاري،
كثيرا من كالم شيخه الشهاب الرملي ،ومن «شرح ابن قاضي شهبة» على واستمد ً
«المنهاج» ،ويعتبر «ال ُمغني» شر ًحا متوس ًطا على كتاب «المنهاج» ،فقد بيَّن معاني
وحرر المعت َمد في الفتوى ،وقد تميَّز «المغني» بذكره العديد من الفوائد
ألفاظهَّ ،
والتنبيهات ال ُم ِه ّمة التي زادت من أهمية الكتاب ،كما أجاب الشربيني عن بعض
االعتراضات على «المنهاج» ،وقد اعتمده علماء المذهب في الفتوى والتدريس،
ويعتبر «المغني» أفضل شرح على «المنهاج» بعد «التحفة» و«النهاية».
وكتاب «المغني» مطبوع في العديد من دور النشر منها :دار المعرفة ،ودار
الفيحاء.
9ـ «تحفة المحتاج في شرح المنهاج» للإمام شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر
الهيتمي (ت974هـ) :
يعتبر «تحفة المحتاج» من الشروح ال ُمط َّولة على «المنهاج» ،حيث بيَّن
وحرر ال ُمعت َمد في الفتوى ،ونبَّه على اآلراء المرجوحة ،وأجاب
معاني ألفاظهَّ ،
كثيرا منها من «حاشية
عن االعتراضات ،وأضاف مباحث فقهية دقيقة أخذ ً
شيخه ابن عبد الحق» على «شرح المحلي على المنهاج»( ،)1وبالعموم فهو
شرحت «المنهاج»؛ ألن اب َن حجر بالغ باالختصار
يُ َع ُّد من أصعب الكتُب التي َ
في كتابه هذا.
وقد اعتمد المتأ ِّخرون على كتابه؛ إلحاطته بنصوص اإلمام ،واعتماد
كثيرا من المح ِّققين درسوا «التحفة» عليه ،وقد سار على
كالم الشيخين ،وألن ً
إثر مدرسته من جاء بعده من علماء الشام واليمن والداغستان واألكراد.
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
1ـ «حاشية العالمة ابن قاسم العبادي» (ت992هـ).
2ـ «حاشية العالمة عبد الحميد الشرواني الداغستاني» (ت1301هـ)،
وهي من أحسن حواشي المذهب؛ ألن مؤلِّفها نقل اختالفات المتأخرين في
المذهب.
وقد قامت المكتبة التجارية الكبرى بمصر بطباعة «تحفة المحتاج» مع
حواشيه ،وقام الشيخ أنور الشيخي مؤ َّخ ًرا بتحقيق عظيم على كتاب «التُّحفة»
كثيرا من التعليقات والتوضيحات على الكتاب ،وذكر الخالف بين
تض َّمن ً
ابن حجر والرملي والشربيني وغير ذلك ،وقامت دار الضياء بطباعته.
10ـ «نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» للإمام شمس الدين محمد الرملي (ت1004هـ) :
11ـ «فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين» للإمام زين الدين أحمد المُليباري
الهندي (ت987هـ) :
أصل الكتاب شرح على متن «قرة العين ب ُم ِه ّمات الدين» لنفس المؤلِّف،
اعتمد فيه مؤلِّفه على ما ر َّجحه المتأ ِّخرون كاإلمام ابن حجر الهيتمي وطبقته.
ويُعتَبر «فتح ال ُمعين» من الكتب ال ُمه ّمة عند متأ ِّخري الشافعية ،فهو يمثِّل
مرحل ًة من مراحل تط ُّور المذهب الشافعي ،فقد كتبه مؤلِّفه على إثر الشروح
الثالثة ال ُمعت َمدة على «المنهاج» ـ «التحفة» و«النهاية» و«المغني» ـ واعتمد
مؤلِّفه على ترجيح أقوال ابن حجر على الرملي ،وهو بذلك يعاكس طريقة
أصحاب الحواشي المصريين الذين قدَّموا ترجيحات اإلمام الشمس الرملي(.)1
((( مكانة فتح المعين بشرح قرة العين بين الشافعية في العالم ،لرفيق عبد البر الوافي األزهري،
موقع نداء الهند.https://goo.gl/CW8axu ،
المدخل إلى المذهب الشافعي 232
ب
المبحث الثالث
أبرز المتون الدراسية
((( فتح القريب المجيب بشرح كتاب التقريب ،لمحمد بن قاسم الغزي (ص.)19
المدخل إلى المذهب الشافعي 234
الشام والعراق يفتتحون دراسة المذهب الشافعي بكتاب «شرح ابن قاسم الغزي»،
وعليه حاشية مشهورة مطبوعة للعالمة إبراهيم البيجوري (ت1276هـ) ،وهي
من أحسن الحواشي النافعة للطالب وأقربها عبارة.
وقد قام العالمة محمد نووي بن عمر الجاوي (ت1315هـ) بتهذيب
«حاشية البيجوري» واختصارها في كتابه «قوت الحبيب الغريب على فتح
القريب المجيب شرح متن الغاية والتقريب» ،والكتاب مطبوع.
2ـ «اإلقناع بحل ألفاظ أبي شجاع» لإلمام الخطيب الشربيني (ت977هـ)،
وهو شرح متميِّز ،اختصر فيها مؤل ِّ ُفه ُكتُبَه الفقهية األخرى ،كـ«مغني المحتاج»
وغيرها ،وهو كتاب معتمد في التدريس للطلبة المتوسطين.
2ـ «عمدة السالك وعدة الناسك» للإمام شهاب الدين أحمد ابن النقيب المصري
(ت769هـ):
مقتصرا على الصحيح من
ً جمع مؤلِّف الكتاب مُع َظم مسائل المذهب
حا ما صححه النووي على الرافعي عند وجود االختالف
المذهب ،ومر ِّج ً
بينهما(.)1
ويمتاز كتاب «عمدة السالك» بسهولة عبارته وشموله لمعظم مسائل المذهب
وتحريره للقول المعتمد ،ولذلك فهو يعتبر من أشهر المتون التي تد َّرس للطلبة.
4ـ «المقدمة الحَضرمية» للإمام عبد اللـه بن عبد الرحمن بافضل الحضرمي
(ت918هـ) :
اقتصر الكتاب على ربع العبادات معتمدًا على القول المعتمد في المذهب
بضوابطه وشروطه ،ويُس َّمى ً
أيضا بـ«مسائل التعليم» و«المختصر الكبير».
وتميَّز كتاب «ال ُمقدِّمة الحضرمية» بوضوح عباراته و ِدقّة مسائله ،واحتوائه
حررة على القول ال ُمعت َمد؛ ولذلك فقد اعتمدهعلى الضوابط والشروط ال ُم َّ
العلماء في تدريس المذهب.
أبرز الكتب التي خدمت هذا الكتاب:
1ـ «المنهاج القويم بشرح مسائل التعليم» لإلمام ابن حجر الهيتمي ،وهو
مطبوع ،وعليه عدد من الحواشي أشهرها:
حضرمية» للعالمة محمد بن
ـ «الحواشي المدنية على شرح ال ُمقدِّمة ال َ
سليمان ال ُكردي (ت1127هـ) ،وهو مطبوع.
ـ «ال َموا ِهب المدنية على شرح المقدمة الحضرمية» للعالمة محمد بن
سليمان الكردي (ت1127هـ) ،وت ُ َس ّمى بـ«الحواشي الكبرى» ،وهو مطبوع.
المدخل إلى المذهب الشافعي 238
ـ «موهبة ذي الفضل على شرح مقدمة بافضل» للعالمة محمد محفوظ
التِّرمسي (ت1338هـ) ،وهو مطبوع.
ـ «حاشية الجِ رهَزي على المنهاج القويم» للعالمة عبد اهلل بن سليمان
الجِ رهَزي (ت1201هـ) ،وهو مطبوع.
حضرمي 2ـ «بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم» للعالمة سعيد باعشن ال َ
(ت1270هـ) ،وهو شرح متميز اعتنى فيه مؤلِّفه بذكر الخالفات بين المتأخرين،
وخاصة بين ابن حجر والرملي ،وهو مطبوع.
3ـ «المختصر الصغير» لنفس المؤلف ،وهو اختصار لكتاب «المقدمة
الحضرمية» ،وهو من الكتب ال ُمعت َمدة في تدريس المذهب للطلبة المبتدئين،
وقد كتب اإلمام شمس الدين الرملي شر ًحا عليه سماه «الفوائد المرضية على
مختصر المقدمة الحضرمية» ،وهو مطبوع.
5ـ «الرسالة الجامعة والتذكرة النافعة» للعلامة أحمد بن زين الحَبشي (ت1144هـ) :
ج َمع مؤلِّف الكتاب مبادئ لثالثة علوم مُ ِه ّمة تجب على كل مسلم معرفتُها
والعمل بها ،وهي :علم العقيدة ،وعلم الفقه ،وعلم التزكية ،فبدأ بالحديث عن
أصل اإليمان وما يجب معرفته عن اهلل تعالى ،وما يجب اإليمان به من أمور
والصالة والزكاة
َّ اآلخرة ،ثم ذكر ما يجب على كل مسلم من أحكام ال َّطهارة
والصوم والحج على المذهب الشافعي ،وختم الكتاب بذكر شي ٍء من الواجبات
َّ
والمعاصي القلبية ،ومعاصي الجوارح التي يجب على المسلم تر ُكها.
ويعتبر «المختصر» كتابًا تأسيسيًّا مُ ِه ًّما ال يستغني عنه المسلم المعاصر،
وهو أول متن في المذهب الشافعي يمكن أن يبدأ به طالب العلم.
239 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
أبرز شروحاته:
1ـ «بهجة الوسائل بشرح المسائل» للعالمة محمد نووي بن عمر الجاوي
(ت1316هـ) ،والكتاب مطبوع.
2ـ «األنوار الالمعة» للعالمة عبد اهلل بن أحمد باسودان (ت1266هـ)،
والكتاب مطبوع في دار الفتح ،بتحقيق الدكتور محمد باذيب.
7ـ «سفينة النجاة فيما يجب على العبد لمولاه» للع َل ّامة سالم بن سمير الحضرمي
(ت1271هـ) :
اشتمل ال َمتن على ما ال بد منه للمسلم من أركان اإليمان واإلسالم ،وأبرز
أحكام الطهارة ،والصالة ،والزكاة ،بشكل مختصر ،وأضاف لها العالمة محمد
نووي جاوي (ت1316هـ) باب الصيام.
ويعتبر المتن من الكتب المختصرة التي تصلح لتدريس المبتدئين والعوام
في المساجد.
أبرز شروحاته:
1ـ «كاشفة السجا شرح سفينة النجا» العالمة محمد نووي بن عمر الجاوي
المدخل إلى المذهب الشافعي 240
(ت1316هـ) ،والكتاب مطبوع.
2ـ «نَيل الرجاء بشرح سفينة النجاء» للعالمة أحمد بن عمر الشاطري
(ت1360هـ) ،والكتاب مطبوع.
3ـ «تنبيه ذوي ِ
الحجا إلى معاني ألفاظ سفينة النجا» للدكتور أمجد رشيد،
وهو مطبوع.
8ـ «الياقوت النفيس في مذهب ابن إدريس» للعلامة أحمد بن عمر الشاطري
(ت1360هـ) :
استوفى مؤلف الكتاب أبواب الفقه بطريقة مختصرة مشتملة على التعريف،
ِ
مقتص ًرا على القول واألركان ،والشروط ،والضوابط ،بطريقة منهجية فريدة
المعتمد في المذهب.
وترجع أهمية الكتاب إلى أنه اعتنى بترتيب المسائل الفقهية في كل باب
بحيث يجمع األركان معًا مرتَّبة ،ثم يذكر بعد ذلك الشروط والضوابط مرتبة
أيضا في تصويره ألبواب المعامالت، على شكل نقاط ،وقد تميز هذا الكتاب ً
فيذكر في آخر كل باب صورة المعاملة الصحيحة المستوفية لألركان والشرائط،
حررة في غاية الدقة ،للعالمة الفقيه
ختصرة ُم َّ
تعليقات نافعة ُم َ
ٌ وعلى متن الياقوت
سالم بن سعيد بكيّر باغيثان (ت1386هـ).
أبرز شروحاته:
1ـ «شرح الياقوت النفيس» للشيخ محمد بن أحمد بن عمر الشاطري،
والكتاب مطبوع.
2ـ «مُؤنِس الجليس بشرح الياقوت النفيس» للشيخ مصطفى عبد النبي،
والكتاب مطبوع.
مشجر تسلسل أهم كتب الشافعية اليت عليها املعول يف اإلفتاء والتدريس منذ تأسيس املذهب إىل يومنا هذا 241
مختصر المزني ( 264هـ)
اللباب الشامل بحر المذهب الحاوي الكبير التعليقة التعليقة التعليقة نهاية المطلب في دراية المذهب
المحاملي ( 415هـ) ابن الصباغ ( 477هـ) الروماني ( 502هـ) الماوردي (450هـ) القاضي حسين (462هـ) أبو الطيب الطبري (450هـ) أبو حامد المروزي (326هـ) إمام الحرمين الجويني ( 478هـ)
الخالصة
الغزالي (505هـ)
التهذيب المهذب التنبيه البسط
البغوي ( 516هـ) أبو إسحاق الشيرازي ( 467هـ) أبو إسحاق الشيرازي ( 467هـ) أبو حامد الغزالي (505هـ)
غاية االختصار
أبو شجاع األصفهاني ( 593هـ)
الوسيط
أبو حامد الغزالي (505هـ)
الزبد فيما عليه المعتمد البيان
البارزي ( 738هـ) العمراني ( 558هـ)
الوجيز
صفوة الزبد(نظم) كنز الراغبين فتح العزيز أبو حامد الغزالي (505هـ)
تنقيح اللباب أبو القاسم الرافعي ( 623هـ)
ابن رسالن ( 844هـ) جالل الدين المحلي ( 864هـ) المحرر
أبو زرعة العراقي ( 826هـ)
أبو القاسم الرافعي ( 623هـ)
القليوبي ()1069 عميرة ()957
فتح الرحمن المجموع
النووي ( 676هـ) الحاوي الصغير
تحرير تنقيح اللباب الشهاب الرملي ( 957هـ) روضة الطالبين
تحفة المحتاج القزويني (665هـ)
زكريا األنصاري ( 926هـ) النووي ( 676هـ) األنوار
ابن حجر الهيتمي( 974هـ) منهاج الطالبين األربيلي ( 676هـ)
غاية البيان النووي ( 676هـ)
الشمس الرملي( 1004هـ) الشرواني (1301هـ) ابن قاسم العبادي()944
العباب روض الطالب البهجة (نظم) اإلرشاد
تحفة الطالب المزجد ( 930هـ) ابن الوردي (749هـ) ابن المقرئ (837هـ)
مغني المحتاج ابن المقرئ ( 837هـ)
زكريا األنصاري ( 926هـ)
كفاية األخيار الخطيب الشربيني( 977هـ)
القليوبي()1069 الشوبري()1069
تقي الدين الحصني( 829هـ) منهج الطالب اإلمداد
اإليعاب أسنى المطالب الغرر البهية ابن حجر الهيتمي (974هـ)
نهاية المحتاج زكريا األنصاري ( 926هـ) زكريا األنصاري ( 926هـ) زكريا األنصاري ( 936هـ)
المدابغي()1170 العناني()1098 ابن حجر الهيتمي( 974هـ)
شمس الدين الرملي( 1004هـ)
الشكل المرفق مأخوذ من كتاب المعتمد عند الشافعية للدكتور محمد الكاف
الشبراملسي()1078 البجيرمي ( 1221هـ) بشرى الكريم المنهج القويم
المدابغي()1170 ابن حجر الهيتمي (974هـ)
الكتاب شرح للكتاب الذي فوقه باعشن (1270هـ)
البرماوي()1160 نهاية التدريب(نظم) باصبرين()1260
تحفة الحبيب العمريطي ( 890هـ)
البيجيرمي(1226هـ) البيجوري()1277 الجوهري ()1201 الكردي ()1194
الكتاب حاشية على الشرح تحفة الحبيب ترشيح المستفيدين إعانة الطالبين
الذي فوقه نووي الحاوي()1316 الفشني ( 978هـ) السقاف ( 1335هـ) الدمياطي ( 1310هـ) بافضل()1230 الترسي()1329
يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
المدخل إلى المذهب الشافعي 242
المبحث الرابع
ب
أبرز كتب القواعد الفقهية
1ـ «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» لسلطان العلماء العز بن عبد السلام
(ت660هـ) :
يعتبر كتاب «قواعد األحكام» أول الكتب ال ُمصنَّفة في القواعد الفقهية
على مذهب الشافعية ،حيث أرجع المؤلف الفقه إلى قاعدتي (جلب المصالح
ودرء المفاسد) ،ورتَّب كتابه على نحو لم يُسبق إليه؛ حيث بدأ بأبحاث تمهيدية
مدخل للقواعد التي بنى عليه كتابه ،ثم عرض ما يقارب العشرين ً تكون
قاعدة ،وكل قاعدة منها أشبه بالنظرية الفقهية التي تؤلِّف نظا ًما حقوقيًّا منبثًّا
في الفقه اإلسالمي ،مثل( :قاعدة في الموازنة بين المصالح والمفاسد)،
و(قاعدة في تعذر العدالة في الواليات) وغيرهما ،و ُعنِي باالستدالل من
الكتاب والسنة الصحيحة وآثار الصحابة وسائر األدلة ،وكان المؤلف يستقرئ
أمثلة وتفصيالت كثيرة في بعض القواعد والفصول ثم يضع ضاب ًطا يجمعها،
وعرض في مباحثه لكثير من آراءَ األئمة والعلماء وناق َ َشهم ،ولم يخ ُل كتابه من
َ
243 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
2ـ «الأشباه والنظائر» للإمام صدر الدين ابن الوكيل (ت716هـ) :
((( انظر مقدمة مح ِّق َقي كتاب قواعد األحكام ،للعز بن عبد السالم (الدكتور نزيه حماد والدكتور
عثمان ضميرية) (.)47 -37 :1
((( قام محققا كتاب (قواعد األحكام) باستقراء سريع للعلماء الذين تأثَّروا بكتاب قواعد األحكام.
انظر :قواعد األحكام البن عبد السالم (.)51 -49 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 244
3ـ «المجموع المُذه َب في قواعد المذهب» للحافظ صلاح الدين العلائي (ت761هـ) :
وقد اختصره اإلمام أبو الثناء الفيومي المشهور بـ«ابن خطيب الدهشة»
(ت834هـ) في كتاب «مختصر من قواعد العالئي وكالم اإلسنوي» جمع فيه
المسائل األصولية من كتب اإلسنوي كـ«التمهيد» و«الكوكب ال ُّد ِّري» ،وجمع
القواعد الفقهية من كتاب العالئي ،ورتَّب كتابَه على أبواب الفقه ،والكتاب مطبوع.
السبكي كتابه على نهج كتاب «األشباه والنظائر» البن الوكيل ،فأخذكتب ُّ
خمس، وحرره وأضاف إليه ،وقد بدأ كتابه بالقواعد ال ِفقهية ال َ
َّ السبكي ُزبدته
((( القواعد الفقهية ،لعلي الندوي ،رسالة ماجستير ،جامعة أم القرى1984 ،م (ص.)89
245 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ً
أصول ثم ذكر طائفة من القواعد العامة ،وطائفة من القواعد الخاصة ،ثم ذكر
كالمية ينبني عليها فرو ٌع فقهية ،ثم مسائ ُل أصولية ينبني عليها فروع فقهية ،ثم
يتخرج عليها فرو ٌع فقهية ،ثم ذكر المآخذ المختلف عليها بينَّ كلمات نَحوية
العلماء (.)1
5ـ «المنثور في القواعد الفقهية» للإمام بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي
(ت794هـ) :
((( األشباه والنظائر ،للسبكي (ص ،)10-3والقواعد الفقهية ليعقوب الباحسين (ص.)331
((( األشباه والنظائر ،البن نجيم (ص.)16
((( المنثور في القواعد الفقهية ،للزركشي (ص ،)70-65والقواعد الفقهية لعلي الندوي
(ص.)104-102
((( القواعد الفقهية لعلي الندوي (ص.)102
المدخل إلى المذهب الشافعي 246
((( االعتناء في الفرق واالستثناء ،لبدر الدين محمد بن أبي بكر البكري (ص.)27
247 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
المبحث الخامسب
أبرز كتب أصول الفقه
واحدة في العراق ،ثم أعاد إمالءها من حفظه على طالبه بمصر مع بعض
الزيادات البسيطة(.)1
ويرجع سبب تسمية الكتاب بهذا االسم إلى أن عبد الرحمن بن مهدي
وهو من أئمة الحديث في عصره كان قد كتب إلى اإلمام الشافعي وطلب
تصنيف كتاب في بيان أصول الفقه ،وجاءت التسمية من المعنى اللغوي
للرسالة المأخوذ من اإلرسال ،فبعد أن انتهى الشافعي من كتابه ُح ِملت رسالته
إلى عبد الرحمن بن مهدي(.)2
وتعتبر «الرسالة» أقدم كتاب أصولي مُست ِق ّل وصل إلينا في علم أصول
الريادة في كتابة األصول ،وقد كان العلماء قبلالفقه ،فقد كان للشافعي ِّ
الشافعي يتكلَّمون في المسائل األصولية ،ولكن لم يكن لهم ضابط يستندون
إليه ،فجاء الشافعي وقعّد القواعد والضوابط التي تن ِّظم االستنباط الفقهي.
والكتاب مطبوع بتحقيق الشيخ أحمد شاكر.
من الفروع الفقهية ،وهو أول مَن مزَج علم أصول الفقه بعلم الكالم ،كما يُعتبر
أول من بدأ بتعريف المصطلحات األصولية تعري ًفا دقي ًقا(.)1
أصولي على طريقة المتكلمين من أهل السنة(،)2
ٍّ «التقريب» أول كتاب
ُ يُعَد
وقد ش َّكل كتابه القاعدة األساسية التي أُلِّفت على منوالها كتب أصول الفقه
في المذهب المالكي والشافعي والحنبلي؛ قال عنه اإلمام الزركشي« :كتاب
«التقريب واإلرشاد» للقاضي أبي بكر هو أ َج ُّل كتاب ُ
صنِّف في هذا العلم
مُطلَ ًقا»(.)3
جويني باختصار التقريب في كتاب «التلخيص»،
وقد قام إمام الحرمَين ال ُ
وهو مطبوع.
3ـ «البُرهان في أصول الفقه» لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجُويني
(ت478هـ) :
كتَب إمام الحرمين «البرهان» بعدما بلغ درجة عالية في العلم والتحقيق،
ود َّون فيه اختياراتِه وآراءه األصولية ،ويُعتَبر إما ُم الحرمين أ َّو َل َمن أل َ
حق بعلم
األصول مبادئه التي يستمد منها (مبادئ العلم) ،وهي علم الكالم واللغة
((( تطور الفكر األصولي عند المتكلمين ،ألحمد إبراهيم الحسنات (ص.)231 -227
((( اشتهر في علم أصول الفقه مدرستان أساسيتان :مدرسة المتكلمين ،ومدرسة الفقهاء؛
جرد في األدلة الكلية
فمدرسة المتكلمين اعتمدوا في بناء وتدوين أصول الفقه على النظر ال ُم َّ
الستخراج القواعد األصولية دون التقيُّد بمذهب أو رأي معين ،وتُس َّمى هذه المدرسة بطريقة
الجمهور؛ ألن علماء المذهب المالكي والشافعي والحنبلي درجوا عليها .انظر :تطور الفكر
األصولي (ص.)73
((( البحر المحيط ،للزركشي (.)11 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 252
7ـ «المَحصول» للإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت606هـ) :
قال اإلمام ال َقرافي« :رأيت كتاب «المحصول» لإلمام األوحد فخر الدين
أبي عبد اهلل محمد ابن الشيخ اإلمام العالمة أبي حفص عمر الرازي ـ قدَّس اهلل
ستحسنات األواخر بأحسن العبارات ،وألطف
َ ُرو َحه ـ ج َمع قواعد األوائل ،ومُ
وحصل لهم بسببه من األهلية،
َ اإلشارات ،وقد ع ُظم نف ُع الناس به ،وب ُم َ
ختصراته،
يحصل ل َمن اشتغل بغي ِره ،بسبب أنه ألَّفه من َ
أحس ِن كتُب السنة، واالستعداد ما لم ُ
وأفضل كتب المعتزلة« :البرهان» و«المستصفى» للسنة ،و«المعتمد» و«شرح
تصرفات اإلمام ،وجود ِة ال ُع َمد» للمعتزلة ،فهذه األربعة هي أصلُه ُمصانًا ُ
بحسن ُّ
وتصرفه ،وحسن
ُّ ترتيبِه وتنقيحه ،وفصاحة عبارته ،وما زاده فيه من فوائ ِد فِكره
ترتيبه وإيراده وتهذيبه»(.)2
8ـ «الإحكام في أصول الأحكام» للإمام سيف الدين الآمدي (ت631هـ) :
قام اآلمدي بتلخيص الكتب األربعة في أصول الفقه على طريقة المتكلمين
(وهي «ال ُع َمد» و«المعتمد» و«البرهان» و«المستصفى») ،مع إضافات وتحقيقات،
وشأنُه في ذلك شأن الرازي في «المحصول» ،ولكنه اختلف عنه في الطريقة،
فقد اعتمد على تحقيق المسائل األصولية ،والتفريع عليها مع اإلقالل من األدلة
واالحتجاج(.)1
ويُ َع ُّد «اإلحكام» من أكثر الكتب األصولية تحقي ًقا للمسائل األصولية
والتفريع عليها ،وقد استخدم األساليب المنطقية والكالمية في تحقيقه للمسائل
األصولية ،ويُعتَبر من أواخر الكتب األصولية ـ على طريقة المتكلمين ـ التي
صنِّفت على منهج البحث الحر( ،)1والكتاب مطبوع. ُ
أبرز مختصراته:
1ـ «منتهى السول» لإلمام اآلمدي نفسه ،وهو اختصا ٌر لكتاب «اإلحكام»،
والكتاب مطبوع في مؤسسة الرسالة ناشرون ،بتحقيق الدكتور يحيى الطائي.
السول» المسمى بـ«مختصر ابن الحاجب» األصولي
2ـ «مختصر ُمنتَهى ُّ
لإلمام جمال الدين اإلسنائي المعروف بابن الحاجب (ت646هـ) ،وهو
جدَل» ،وهواختصار لكتابَي اآلمدي« :منتهى السول» و«غاية األمل في علم ال َ
من أشهر المتون األصولية وأدَّقها عبارة وأكثرها تحقي ًقا ،وقد َ
وضع عليه ما
يزيد عن ستة وسبعين شر ًحا( ،)2أشهرها شرح اإلمام ُ
عضد الدين اإليجي
(ت756هـ) ،وهو من الشروح ال ُمعت َمدة في تدريس أصول الفقه للطلبة
المتقدمين ،وعليه شـرح« :رفع الحاجـب عن مختصر ابن الحاجب» لإلمام
كتاب حافل بالتحقيـقات األصـولية،
ٌ السبكي (ت771هـ) ،وهو
تاج الدين ُّ
والشرحان المذكوران مطبوعان.
9ـ «منهاج الوصول إلى علم الأصول» للإمام ناصر الدين البيضاوي (ت685هـ) :
هو خالصة كتابي «الحاصل» لتاج الدين األرموي ،و«التحصيل» لسراج
11ـ «البحر المحيط في أصول الفقه» للإمام بدر الدين الزركشي (ت794هـ) :
جمع اإلمام الزركشي في كتابه آراء الشافعية في أصول الفقه ،وأضاف
إليها آراء الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية من كتبهم المعتمدة ،وزاد
على ذلك بآراء المعتزلة والشيعة من كتبهم ،فقد جمع الزركشي جميع اآلراء
األصولية ،وح َّقق نسبة هذه األقوال من كتبهم.
وقد جاء عرض الزركشي في كتابه للمسائل األصولية على طريقة المتكلمين؛
من حيث اتخاذ القواعد منطل ًقا لتقرير األحكام الفرعية ،واهتم بالمصطلحات
والحدود األصولية وبيان الفروق الدقيقة بين المسائل األصولية ،والكتاب
مطبوع بتحقيق الدكتور عبد القادر العاني.
أهم كتب أصول الفقه
أبو الحسن البصري عبدالجبار الغزالي الجويني
شرح شرح
شرح
مختصر ابن الحاجب
مختصر ابن الحاجب القطب الشيرازي
شمس الدين الخطيب عضد الدين اإليجي المعتمد العمد المستصفى البرهان
ب
المبحث السادس
أبرز كتب الفتاوى
كثير من
الفتوى هي إخبار بحكم شرعي في مسألة نازلة ،وقد ُجمعت ٌ
فتاوى األئمة والعلماء في كتب خاصة ،وهي أجوبة تتعلق بأسئلة كانت مو َّجهة
إليهم ونوازل حدثت في عصرهم ،فينبغي على طالب العلم أن يدا ِو َم ال ُمطالَعة
فيها حتى تتحصل له ملكة الفتوى ،ويتنبه إلى أن كتب الفتاوى ال يُرجع إليها
ِ
القول ال ُمعت َمد أو توثيق المذهب الشافعي. لمعرف ِة
ومن أبرز كتب الفتاوى في المذهب :
1ـ فتاوى القاضي حسين المروذي (ت462هـ) :
ُجمعت هذه الفتاوى من قِبَل أحد طالب القاضي وهو اإلمام البغوي،
وقام بترتيبها على أبواب الفقه ،والكتاب مطبوع في دار الفتح.
2ـ فتاوى اإلمام ابن الصالح (ت643هـ) :
ُجمعت هذه الفتاوى من قِبَل أحد طالب اإلمام ،وهو الشيخ كمال الدين
المغربي ،وقد اشتملت على أربعة أقسام :التفسير ،والحديث ،والعقائد واألصول،
والفقه ،وبلغ عدد مسائل الكتاب ( ،)1264والكتاب مطبوع.
3ـ فتاوى اإلمام العز بن عبد السالم (ت660هـ) :
ُجمعت هذه الفتاوى من كتابين لإلمام العز ،هما :الفتاوى الموصلية والفتاوى
المدخل إلى المذهب الشافعي 264
المصرية ،وقد اشتمل الكتاب على أغلب األبواب من العقيدة ،والعبادات،
والمعامالت ،واألحوال الشخصية ،والقضاء واآلداب ،والكتاب مطبوع.
8ـ «الفتاوى الفقهية الكبرى» لإلمام ابن حجر الهيتمي (ت974هـ) :
الكتاب عبارة عن مجموعة كبيرة من الفتاوى الفقهية أُو ِردت على صيغة
سؤال وجواب ،ورتَّبها مؤل ِّ ُفها على األبواب الفقهية ،والكتاب مطبوع.
265 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
صنفت في المذهب ،وقد حوت ويُعتبَر الكتاب أهم كتب الفتاوى التي ُ
الكثير من التحقيقات في المذهب من إمام بلغ أعلى درجات التحقيق بين
المتأخرين.
9ـ «بغية المسترشدين» للعالمة عبد الرحمن بن محمد بن حسين المشهور
(ت1320هـ) :
تلخيصا لفتاوي عدد من كبار علماء المذهب المتأخرين وهم:
ً يُعتبَر الكتاب
شيخ المحققين العالمة محمد بن سليمان الكردي (ت1194هـ) ،والعالمة
عبد اهلل بن الحسين بن عبد اهلل بافقيه (ت1266هـ) ،والعالمة عبد اهلل بن
عمر بن أبي بكر بن يحيى (ت1265هـ) ،والعالمة الشريف علوي بن سقاف بن
محمد الجفري (ت1237هـ) ،والعالمة محمد بن أبي بكر األشخر اليمني
(ت991هـ) ،وقد أضاف مؤلِّف الكتاب بعض الفتاوى التي ُسئِل عنهاَ ،
وض َّم
الكثير من التنبيهات والضوابط والفوائد الفقهية ،والكتاب مطبوع.
10ـ «غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد» للعالمة عبد الرحمن
المشهور (1320هـ) :
اختصر المؤلِّف فتاوى اإلمام عبد الرحمن بن زياد الزبيدي (ت975هـ)،
وهو أحد كبار محققي المذهب المتأخرين في بالد اليمن ،وذكر ما خالفه
فيه أو وافقه اإلمام ابن حجر الهيتمي؛ لكونه معتمد الفتوى عند أهل اليمن،
والكتاب مطبوع بهامش «بغية المسترشدين» لنفس المؤلف.
11ـ «عمدة المفتي والمستفتي» للعالمة جمال الدين محمد بن عبد الرحمن
األهدل (ت1352هـ) :
أصل الفتاوي لمفتي الديار اليمنيّة العالمة محمد بن أحمد األهدل
المدخل إلى المذهب الشافعي 266
ب
المبحث السابع
أبرز كتب أحاديث الأحكام في المذهب
2ـ «إحكام األحكام شرح عمدة األحكام» لإلمام ابن دقيق العيد (ت702هـ) :
هو شرح على متن «عمدة األحكام» للحافظ المقدسي أماله على تالمذته،
وقد جرت طريقة المؤلف في الشرح بالبدء بترجمة راوي الحديث ،ثم شرح
قس ًما على مسائل ،واالستطراد في بحث االختالف الفقهي معاني الحديث ُم َّ
خاصة خالف المالكية والشافعية مبيِّنًا األصول التي بُني عليها كل مذهب،
والكتاب غني بالقواعد األصولية واألبحاث الفقهية النادرة ،والكتاب مطبوع.
3ـ «اإللمام في أدلة األحكام» لإلمام ابن دقيق العيد :
ختصر في أدلة األحكام اختصر فيه مؤلِّفه كتابه العظيم «اإلمام وهو ُم َ
في أدلة األحكام» والذي يُعتَبر موسوعة في بابها ،واقتصر في «اإللمام» على
األحاديث الصحيحة فقط ،وكان عدد األحاديث فيه ( )1291حديثًا ،وكل من
كتابَي اإلمام واإللمام مطبوع.
شرح مليء بالفوائد
ٌ وقد عمل ابن دقيق العيد على شرح اإللمام ،وهو
والدقائق الفقهية واألصولية والنحوية والحديثية ،ولكنه لم يُتِ َّمه ،وهو مطبوع
في دار النوادر.
4ـ «طرح التثريب في شرح التقريب» للحافظ زين الدين العراقي (ت806هـ) :
يُعتَبر هذا الكتاب شر ًحا لكتاب «تقريب األسانيد وترتيب المسانيد» للمؤلِّف
مختصرا في أحاديث األحكام من ُكتُب ُّ
السنّة األصيلة والتزم ً نفسه الذي ج َمع
موسعًا ،وقد وصل
الصحة في أحاديثه ،ثم حذف أسانيدها ،وشرحها شر ًحا فقهيًّا َّ
المؤل ِّ ُ
ف في هذا الشرح إلى نصف الكتاب تقريبًا ،ثم أك َمله ابنُه الحافظ أبو زرعةَ
راقي (ت826هـ) ،والكتاب حافل بالن ُّ َكت الفقهية والفوائد الحديثية ،وهو ال ِع ُّ
مطبوع.
269 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ب
المبحث الثامن
أبرز كتب طبقات رجال المذهب
ب
المبحث التاسع
أبرز كتب تخريج الفروع على الأصول
يقصد بعلم تخريج الفروع على األصول :ردُّ الفروع الفقهية إلى القواعد
األصولية ،فهو يُعتَبر كالواسطة بين علم أصول الفقه وبين علم الفقه ،ومن أبرز
ُكتُبه على المذهب:
1ـ «تخريج الفروع على األصول» لإلمام شهاب الدين الزنجاني (ت656هـ) :
الكتاب على األبواب الفقهية مبتدئًا بكتاب
َ وصف الكتاب :رتَّب المؤلِّف
الطهارة ومنتهيًا بكتاب العتق ،وأودع فيه أبر َز المسائل الخالفية بين الحنفية
والشافعية مبيِّنًا األصو َل التي بُني عليها الخالف.
ف الكتاب بين الفروع واألصول في طريقة متميِّزة لم يُسبق وقد جمع مؤل ِّ ُ
بها؛ حيث رسم عالقة الفروع الفقهية بأصولها من القواعد والكليات ،ويُعتَبر
صنِّف في تخريج الفروع على األصول ك َف ٍّن مُست ِق ّل،
هذا الكتاب أو َل كتاب ُ
والكتاب مطبو ٌع بتحقيق الدكتور محمد أديب الصالح.
ُ
2ـ «التمهيد في تخريج الفروع على األصول» لإلمام جمال الدين اإلسنوي
(ت772هـ) :
رتَّب المؤلف كتابه على أبواب أصول الفقه ،وتعرض لجميع القواعد
ً
محاول أن يذكر لكل قاعدة أصولية فرعًا األصولية على مذهب الشافعية،
273 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
فقهيًّا ،ولكنه لم يتعرض للمذاهب األخرى كما فعل اإلمام الزنجاني ،والكتاب
مطبوع بتحقيق الدكتور محمد حسن هيتو.
المدخل إلى المذهب الشافعي 274
ب
المبحث العاشر
ا�لكتب التي اعتنت بمنهجية الفتوى في المذهب
يُعتبَر االهتمامُ بمنهج الفتوى من أهم ما يتوجب على طالب العلم تعلمه؛
ألن التف ُّقه يعتمد على مرحلتَين :دراسة الكتب على المشايخ ،والتد ُّرب على
منهج الفتوى ،ف َمن َهجيّة الفتوى ت ُ ِعين الطالب على البحث في كتب المذهب،
وطريق ِة معرفة القول المعتمد ،وتبين كيفية التعامل مع اختالف األقوال
واألوجه داخل المذهب ،ولذلك فقد كتب كثير من العلماء في هذا الباب،
ومن أبرز الكتب التي أُلفت فيه:
1ـ «أدب المفتي والمستفتي» لإلمام ابن الصالح الشهرزوري (ت643هـ) :
ُ
شروط اشتمل الكتاب على التأصيل العلمي للفتوى ،وبُيِّنت بإسهاب
وتطرق المؤلِّف لمنهجية الفتوى في المذهب
َّ المفتي والمستفتي وأحكامهما،
مثل مسألة الجديد والقديم ،ومسألة اختالف أقوال الشافعي وأوجه األصحاب
وغيرهما ،والكتاب مطبوع.
2ـ «فرائد الفوائد في اختالف القولَين لمجتهد واحد» لإلمام شمس الدين
السلمي الشهير بالمناوي (ت747هـ) :
يرتكز موضوع الكتاب على ُشبهة تعدُّد األقوال عند اإلمام الشافعي ،وقد
أجاب المؤلِّف عنها ،وبيَّن أن ذلك وقَع لكثير من األئمة المجتهدين ،ثم بيَّن
275 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
أقسام هذه األقوال ووجه سبب اختالف أقواله ،وبيَّن كيفية الترجيح بين أقوال
بإسهاب في القول القديم والجديد ،والكتاب مطبوع.
ٍ الشافعي ،وتكلَّم
3ـ «الفوائد المدنية فيمن يُفتَى بقوله من أئمة الشافعية» للعالمة محمد بن
سليمان الكردي (ت1194هـ) :
وضع المؤلف المن َهج ال ُمعتبَر للمفتين والفقهاء في الفتوى بالمعتمد
أقوال المتأ ِّخرين مبيِّنًا مَن يُقدَّم قولُه
ِ والبحث في كتب المذهب واالختيار بين
منهم ،والكتاب مطبوع.
وقد قام الع َّلمة شهاب الدين الشالياتي ال ُمليباري باختصار «الفوائد
المدنية» في «العوائد الدينية بتلخيص الفوائد المدنية» ،والكتاب مطبوع.
4ـ «الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية» للعالمة علوي السقاف
المكي (ت1335هـ) :
اشتمل الكتاب على تاريخ المذهب ،وبين ال ُمؤلِّف أبر َز كتُب ال َمذهب
الشافعي ،وتكلَّم عن طبقات علماء المذهب ،وبيَّن مَن يُقدَّم قولُه من المتأ ِّخرين
والكتب المعتمدة في المذهب ،وتحدَّث عن دور النووي والرافعي في تحرير
فاختصر المؤل ِّ ُ
َ المذهب ،وشرح أهم المصطلحات الخاصة بالمذهب ،وقد
كتابَه «الفوائد المكية» وه َّذبه في كتاب «مختصر الفوائد المكية» ،والكتابان
مطبوعان.
المدخل إلى المذهب الشافعي 276
أحكام بعض المسائل المتعلقة؛ مثل :التوسل ،واالستغاثة ،وغير ذلك ،والكتاب
مطبوع.
4ـ «منظومة ال َمع ُف ّوات» لإلمام ابن العماد األقفهسي (ت808هـ)،
والمنظومة في ( )290بيتًا جمع فيها مؤل ِّ ُفها المسائل ال َمع ُف َّو عنها في سائر
أبواب الفقه ،وقد كتب اإلمام شهاب الدين الرملي شر ًحا عليها سماه بـ «فتح
الجواد بشرح نظم ابن العماد» وهو مطبوع.
5ـ «القول التمام في أحكام المأموم واإلمام» لإلمام ابن العماد األقفهسي،
والكتاب متخصص في أحكام صالة الجماعة.
6ـ «إعالم الساجد بأحكام المساجد» لإلمام بدر الدين الزركشي
(ت794هـ) ،وهو كتاب متخصص في أحكام وفضائل المسجد الحرام
والمسجد النبوي والمسجد األقصى وبقية المساجد ،والكتاب مطبوع.
الذين عيَّنهم اإلمام ،وأطال في األدلة وأقوال العلماء وتحرير المذهب الشافعي
وبقية المذاهب في المسألة واألحكام المتعلقة بها ،والكتاب مطبوع.
3ـ «معيد النِّعَم ومبيد الن ِّ َقم» لإلمام تاج الدين السبكي (ت771هـ) ،وهو
كتاب فريد في بابه ،تناول فيه مؤل ِّ ُفه األعمال والوظائف الموجودة في عصره،
ح َ
ث وذكر األخالقيات والقيم اإلسالمية المتعلقة بهذه األعمال والوظائف ،وب َ
العديد من المسائل الفقهية العملية التي يحتاج إليها العمال والموظفون،
والكتاب مطبوع.
4ـ «رسائل في الوقف» لإلمام جالل الدين السيوطي (ت911هـ) ،وهو
عبارة عن مجموعة متفرقة من رسائ َل كتبها اإلمام السيوطي في الوقف ،وهي
ثماني رسائل باإلضافة إلى مسائل الوقف الموجودة في فتاوى السيوطي ،فقام
محقق الكتاب الدكتور تركي النصر بجمعها وتحقيقها ،وطبعتها األمانة العامة
لألوقاف في الكويت.
5ـ «اإلتحاف ببيان أحكام إجارة األوقاف» لإلمام ابن حجر الهيتمي ،والكتاب
هو عبارة عن فتاوى على ثالثة أسئلة ُو ِّجهت لإلمام عن مدة إجارة األوقاف ،وقد
تناول الكتاب ثالثة موضوعات هي :مسألة شخص وقف دا ًرا على نفسه ،ثم
ناظر على وقف بشرط الواقف المكان
على أوالده ثم أوالدهم ،ومسألة أ َّجر ٌ
الموقوف بأجرة معينة ،ومسألة في بيت ُوقِف بمكة المشرفة عام ٍر أجره ُ
ناظره
بشرط الواقف ،والكتاب ُح ِّقق في رسالة جامعية ،ولكنه لم يُطبع.
6ـ «إيضاح األحكام لما يأخذه العمال والحكام» لإلمام ابن حجر الهيتمي،
قام المؤلف باختصار كتاب «فصل المقال» وزاد عليه وقيَّد بعض مسائله ،وتناول
279 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
الكتاب فقه أحكام الهدايا والتفريق بينها وبين الرشوة وبعض اإلجارات ،وما
يُقدَّم لعمال الدولة ،والكتاب مطبوع.
7ـ «تيسـير الوقوف في غوامض أحـكام الوقـوف» لإلمام عبد الرؤوف
المناوي (ت1031هـ) ،وتناول ال ُمؤلِّف المسائل التي يكثُر وقوعها ويعز
الوقوف عليها من كتب الفقه ،وأتى الكتاب بالمسائل المتعلِّقة بالوقف في
جميع األبواب الفقهية ،ابتداء من الطهارة وانتهاء بالعتق ،وتض َّمن الكتاب
أيضا فتاوى ابن الصالح ،والسبكي ،والنووي ،والهيتمي في الوقف ،والكتاب ً
مطبوع.
8ـ «تحفة الطالبين في قسم المعامالت من فقه اإلمام الشافعي» للعالمة
ُم ّل صالح يانكي (ت1974م) ،وقد اختصر المؤلف مسائل المعامالت مع
«المنهاج» و«المنهج» مع شروحهما وحواشيهما ،واشتمل الكتاب على الحدود،
واألركان ،والشروط في كل باب مع التعليل ،والكتاب مطبوع.
موسع في علم الفرائض ج َمع فيه مؤلِّفه آراء المذاهب الفقهية ،وهو
كتاب َّ
مطبوع.
4ـ «تكملة زبدة الحديث في أحكام المواريث» للعالمة محمد بن سالم بن
حفيظ ،وهي رسالة مختصرة في علم الفرائض أخذ مؤل ِّ ُفها َ
أكثرها من كتاب
«تقرير المباحث» وشرحه «فتوحات الباعث» ،والكتاب يُعتَبر من المتون
ال ُمعت َمدة في تدريس علم الفرائض للطلبة المبتدئين ،وهو مطبوع.
3ـ «تحرير األحكام في تدبير أهل اإلسالم» لإلمام بدر الدين بن جماعة
ختصر في األحكام السلطانية ،تناول فيه مؤل ِّ ُفه أبر َز مسائل
الكناني ،وهو كتاب مُ َ
اإلمامة وبيت المال وأحكام الجهاد وأحكام أهل الذمة ،والكتاب مطبوع.
ب
المبحث الثاني عشر
أبرز ا�لكتب المعاصرة
الفصل الثانيب
أبرز المصطلحات الواردة في كتب المذهب الشافعي
اعتاد العلماء على وضع مصطلحات خاصة بهم في كتبهم ،والذي يُطالِع
ٍ
وكلمات لها دالالت خاصة عند فقهاء المذهب، ُب الفقه الشافعي يجد رمو ًزاكت َ
قرأ مُقدِّمات ُكتُبِهم ،أو ا َّطلع على كتُب خاصة ف َّكت هذه الرموز،
ال يعرفها إال من َ
وبيَّنت دالالت هذه المصطلحات(.)1
((( من أفضل الكتب الخاصة التي ف َّكت مصطلحات ورموز المذهب الشافعي كتاب «الفوائد
المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية من المسائل والضوابط الكلية» للسيد علوي السقاف،
وكتاب «الشافية في بيان اصطالحات الفقهاء الشافعية» للسيد صالح العيدروس.
((( التعريفات ،للجرجاني (ص.)44
((( الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية ،للسقاف (ص.)147
المدخل إلى المذهب الشافعي 286
ب
المبحث الأول
اصطلاحات خاصة بألقاب الأئمة والأعلام
((( انظر في بيان هذه االصطالحات :الفوائد المكية (ص ،)149 -147والشافية في بيان
اصطالحات فقهاء الشافعية ،للعيدروس (ص.)15 -4
المدخل إلى المذهب الشافعي 288
هو اإلمام شهاب الدين أحمد الرملي (ت971هـ). الرملي الكبير،
الشهاب الرملي
هو اإلمام عز الدين بن عبد السالم (ت660هـ). سلطان العلماء
عرفًا ،أو الشارح المحقق فالمراد به
الشارح ،الشارح المحقق إذا أطلق الشارح مُ َّ
اإلمام جالل الدين المحلي شارح «المنهاج» (ت864هـ).
وإذا أطلق الشارح في «شرح اإلرشاد» البن المزي،
فالمراد به العالمة شمس الدين الجوجري (ت889هـ).
الشراح ألي
ّ إذا أطلق شارح ُمن َّك ًرا ،فالمراد به واحد من شارح
كتاب كان ،كما هو مفاد التنكير.
هو اإلمام شمس الدين الرملي (ت1004هـ). الشافعي الصغير
هو اإلمام أبو إسحاق الشيرازي (ت476هـ). الشيخ
وحيث أطلقه اإلمام الرملي فمراده بذلك شيخ اإلسالم
زكريا األنصاري (ت926هـ).
وحيث أطلقه اإلمام تقي الدين الحصني في كتاب «كفاية
األخيار» ،فمراده بذلك القاضي أبي شجاع (ت488هـ).
أبو يحيى زكريا األنصاري (ت 926هـ). شيخ اإلسالم
هما اإلمامان أبو القاسم الرافعي(ت623هـ) ،وأبو زكريا الشيخان
النووي (ت676هـ).
الشيخان (الرافعي والنووي) ،إضافة إلى اإلمام تقي الدين الشيوخ
السبكي (ت756هـ).
اإلمام محب الدين الطبري (ت694هـ). الطبري
289 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
اإلمام أبو بكر محمد بن علي الشاشي (ت365هـ). القفال الكبير ،القفال
الشاشي
ب
المبحث الثاني
الرموز المتعلقة بالأعلام
وضع السادة الشافعية في مذهبهم رمو ًزا في كتبهم تد ُّل على األعالم في
المذهب رغبة منهم في االختصار واإليجاز ،ومن أهم هذه الرموز(:)1
باعلي
ّ ((( انظر في بيان هذه الرموز :بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم ،لسعيد بن محمد
باعشن (ص ،)43ومصطلحات الفقهاء واألصوليين ،للحفناوي (ص ،)140والشافية في
بيان اصطالحات فقهاء الشافعية للعيدروس (ص.)44-41
المدخل إلى المذهب الشافعي 292
هذه بعض الرموز التي اتفقت عليها كتب الشروح والحواشي في المذهب،
صاحب حاشية
ُ رغم وجود رموز كثيرة يستخدمها المؤلِّفون ،وكل مؤلِّف أو
أو شارح له ُرمو ُزه الخاصة التي يعتمدها للتدليل على بعض المشايخ أو بعض
293 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ب
المبحث الثالث
اصطلاحات عامة في المذهب
مصطلح يراد به لفظ اإلمام النووي في كتابه «روضة الطالبين» أصل «الروضة»
خصه واختصره من كتاب «العزيز بشرح الوجيز» لإلمام الذي ل َّ
الرافعي؛ ألن النووي اختصر «الروضة» من «العزيز» للرافعي،
وزاد على كتابه واستدرك عليه ،فميَّزوا بين األقوال التي
ن َقلها النووي كما هي أو اختصرها ،وبين استدراكات النووي
وتصحيحاته على الرافعي.
ويُستفاد من هذا المصطلح صحة نسبة الحكم إلى الشيخين
الرافعي والنووي.
((( انظر في بيان هذه المصطلحات :مغني المحتاج للشربيني (( )1ص ،)107ونهاية المحتاج إلى
شرح المنهاج للرملي (ص ،)49-48والفوائد المكية (ص ،)47والشافية في بيان اصطالحات
فقهاء الشافعية (ص ،)35 -16ومصطلحات المذاهب الفقهية ،لمريم محمد صالح الظفيري
(ص ،)249وسلم المتعلم المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج لألهدل (ص ،)76 -48وأوراق
الذهب في حل ألغاز المذهب للمليباري ،ورسالة التنبيه لمهران ُكتي الكيفتاوي.
295 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ما ق َ ِوي ُ
قياسه من أحد القولين أو الوجهين ،وهي صيغة اختيار األقيس
وترجيح في المذهب.
مصطلح يستخدمه اإلمام ابن حجر للداللة على القول األصح األوجه
من أوجه األصحاب ،ويراد به أن القول المقابل له قوي المدرك.
وقد يَستع ِمل الشيخان وغيرهما مصطلح (أوجه الوجهين) أو
(أشبه الوجهين) وهو يماثل تعبير ابن حجر باألوجه ،ولكن
مراد الشيخان بذلك احتماالت المتأخرين الذين جاؤوا بعد
األربع مئة للهجرة.
ما يُف َهم فَه ًما واض ً
حا من الكالم العام لألصحاب المنقول عن الذي يظهر
بنقل عام.
صاحب المذهب ٍ
ما يُستنبط من نصوص اإلمام الشافعي وقواعده الكلية ،وال بحث
يخرج عن مذهب اإلمام.
خدش فيه أخرى ،فهو إشارة
ٍ إشارة إلى دقة المقام مرة ،وإلى تأمل
إلى الجواب القوي ،وأما عبارة (فتأمل) بالفاء إشارة إلى
الضعيف ،وعبارة (فليتأمل) إشارة إلى األضعف.
تحرير الكالم أو إشارة إلى قصور في عبارة األصل ،أو اشتماله على حشو.
تنقيحه
استعمال اللفظ في غير موضعه األصلي ،كالمجاز بال قصد تسامح
عالقة مقبولة ،وال نصب قرينة دالة عليه ،اعتمادًا على ظهور
الفهم من ذلك المقام.
يستعمل في كالم ال خطأ فيه ولكن يحتاج إلى نوع توجيه تساهل
تحتمله العبارة.
297 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
يشير هذا على عدم تأ ُّك ِدهم من نسبة القول إلى «الروضة» أو كذا في «الروضة»
زوائدها ،أي :ما زيد فيها على «العزيز».
كذا في «الروضة» فهو كأصل «الروضة» ،وهي عبارة النووي الملخص فيها لفظ
وأصلها أو كأصلها «العزيز» ،ثم بين التعبيرين المذكورين فرق ،وهو أنه إذا أتى
بالواو فال تفاوت بينهما وبين أصلها في المعنى ،وإذا أتى
بالكاف فبينهما بحسب المعنى يسير تفاوت.
يختلف المراد منه بحسب ضبط الميم؛ فإن ُ
ضبت بفتح الميم محتمل
الثانية فهو راجح ،أو بكسر الميم الثانية فالمعنى ذو احتمال
مرجوح ،فإن لم يُضبط بشيء يلزم مراجعة كتب المتأخرين،
فإن وقع بعد أسباب التوجيه فهو بالفتح راجح ،أو بعد أسباب
التضعيف فهو بالكسر مرجوح.
المختار أو االختيار هو ما اختاره أحد ال ُف َقهاء ال ُمح ِّققين بناء على ما ترجح عنده،
فال يعتبر قوله من المذهب.
وإذا وقع هذا المصطلح في كالم النووي في «الروضة» فهو
بمعنى األصح في المذهب ،إال في اختياره عدم كراهة الماء
المشمس.
مصطلح يستعمله اإلمام النووي في «المنهاج» للداللة على المذهب
الحكم الراجح في المسألة من األقوال واألوجه الموجودة في
الطريقين أو الطرق ،ويُذ َكر هذا المصطلح عادة بعد ذكر الطرق
في نقل المذهب(.)1
((( انظر في كيفية معرفة الطريق الراجح بين الطرق المنقولة في المسألة :أوراق الذهب في حل
ألغاز المذهب لعبد النصير المليباري (ص.)46
المدخل إلى المذهب الشافعي 300
مصطلح يشير إلى القول األقوى بين أقوال اإلمام الشافعي في المشهور
المسألة ،ويكون القول المقابل له ضعي ًفا لضعف مدركه.
مصطلح يستخدمه اإلمام ابن حجر للداللة على القول األظهر المعتمد
من أقوال اإلمام الشافعي.
هو الحكم بالشيء ،ال على وجه الصراحة. مقتضى الكالم
مُصطلح يُطلَق على الراجح من مذهب اإلمام الشافعي في المنصوص
المسألة ،فتارة يستعمل في التعبير عن نص الشافعي ،وتارة
يستعمل في التعبير عن قول الشافعي ،وتارة يُستع َمل في التعبير
عن وجه لألصحاب ،ويكون القول المقابل له ضعي ًفا ال يعمل به.
نص اإلمام الشافعي الصريح في المسألة،
مصطلح يُراد به ُّ النص
ويكون القول المقابل له وج ًها ضعي ًفا في المذهب أو ً
قول
مخر ًجا من قول منصوص للشافعي.
ب
الفصل الثالث
منهج الفتوى في المذهب الشافعي
يتناول هذا الفصل أبرز المعالم التي يحتاجها طالب العلم للفتوى ومعرفة
القول ال ُمعت َمد في المذهب الشافعي ،وسيجري تقسي ُمه إلى ستة مباحث وهي:
المبحث األول :الكتب التي يُفتى منها في المذهب.
المبحث الثاني :المسائل التي يُفتَى بها بغير القول المعتمد.
المبحث الثالث :حكم الفتوى باألقوال واألوجه المرجوحة والضعيفة في
المذهب.
المبحث الرابع :المسائل التي يُفتى بها من المذهب القديم لإلمام الشافعي.
المبحث الخامس :الفتوى بظاهر الحديث الصحيح.
المبحث السادس :ضابط االعتماد على العرف في الفتوى.
303 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
مقدمة في الفتوى
ال َفتوى بالواو بفتح الفاء ،وال ُفتيا بالياء بضم الفاء ،وهي اس ٌم ِمن أفتى
العالِم :إذا بيَّن الحكم .واستفتيته :سألته أن يُفتي ،ويقال :أصله من الفتَى وهو
الشاب القوي ،والجمع :الفتا ِوي ،بكسر الواو على األصل ،وقيل :يجو ُز
الفتح للتخفيف(.)1
وفي االصطالح :الفتوى :هي بيا ُن حكم اهلل تعالى بمقتضى األدلة الشرعية
على جهة العموم والشمول( ،)2والمراد أن وظيفة ال ُمفتِي هي بيان األحكام
مشرعًا ،بل ُمبلِّ ٌغ لألحكام.
الشرعية ،فال ُمفتِي ليس ِّ
فاإلفتاء وظيفة عظيمة الشأن ،شديدة الخطورة؛ قال اإلمام النووي« :اعلم
وارث األنبيا ِء
ُ أ ّن اإلفتاءَ عظي ُم الخطر ُ
كبير ال َموقِع ُ
كثير الفضل؛ ألن المفتي
معرضٌ للخطأ ،ولهذا صلوات اهلل وسالمه عليهم ،وقائ ٌم ب َف ِ
رض الكفاية ،لكنه َّ
قالوا :ال ُمفتِي مُوق ِّ ٌع عن اهلل تعالى»(.)3
ولذلك اشترطوا فيمن يتولى وظيفة الفتوى أن يكون ذا أهلية تامّة،
والمرادُ بصاحب األهلية التامة :ال ُمجت ِه ُد ال ُمطلَق الذي ّ
حصل ملكةَ االستنباط
ب
المبحث الأول
ا�لكتب التي يُفتى منها في المذهب
تُعتبَر معرفة الكتب ال ُمعت َمدة في المذهب من أهم القضايا التي تواجه ال ُمفتِين
يص ُّح لمن يفتي بقول الشافعية أن يعت ِم َد على أي والباحثين والمد ِّرسين ،فال ِ
ُب التي تحوي المسائ َل كتاب ولو كان مؤل ِّ ُفه شافعيًّا ،والكتُب المعت َمدة هي الكت ُ
ٍ
ال ُمعت َمدة في المذهب ،ويندُر وجودُ غير المعت َمد فيها ،وهذه الكتب المعت َمدة
الشافعي ،وتناولوها بالثق ِة واالعتماد وأفتَوا
ِّ هي التي عول عليها علماء المذهب
مر بأطوار
بها ،وقد تناولنا في الفصل الخاص بتطور المذهب أن المذهب قد َّ
التنقيح والتحري ِر ،ثم عصر االزدهار ،وأن ال ُمع َّول عليه
ِ حتى وصل إلى عصر
وأصحاب
ِ شيخ اإلسالم زكريا األنصاري وطالبِه
عند علماء المذهب هي ُجهود ِ
الحواشي ،فيجوز الفتوى والعمل بكل ما جاء به المتأ ِّخرون شريطة أال يتفق
ردي ألبرز الكتب المعتمدة المطبوعة: المتأ ِّخرون على َ
ضعفه ،وفيما يأتي بيان َس ٌّ
1ـ «أسنى المطالب في شرح روض الطالب» لشيخ اإلسالم زكريا األنصاري،
وعليه حاشية لإلمام شهاب الدين الرملي.
2ـ «الغرر البهية في شرح البهجة الوردية» لشيخ اإلسالم زكريا األنصاري،
وعليه حاشيتان لإلمام الشربيني واإلمام ابن قاسم العبادي.
3ـ «فتح الوهاب بشرح منهج الطالب» لشيخ اإلسالم زكريا األنصاري،
المدخل إلى المذهب الشافعي 306
13ـ «حاشيتا قليوبي وعميرة على َكنز الراغبين بشرح منهاج الطالبين».
14ـ «حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم ال َغزّي على متن أبي شجاع».
15ـ «بشرى الكريم بشرح المقدمة الحضرمية» للعالمة سعيد باعشن.
فهذه أبرز الكتب المطبوعة التي يمكن الرجوع إليها لمعرفة القول المعتمد
في المذهب.
إذا كان مدار المَذهب الشافعي على جهود الشيخين (الرافعي والنووي)،
فلماذا لم تُذك َر كتبُهما من ا�لكتب المُعتم َدة في المذهب؟
كتُب الشيخين ال يرجِ ُع إليها إال لمن بلغ درجة في المذهب تم ِّكنُه من
تحرير كالمهما؛ ألن النووي قد تتعدد آراؤه بين كتبه فيحتاج إلى مر ِّجح بينها،
((( تحفة المحتاج بشرح المنهاج ،البن حجر الهيتمي (.)39 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 308
وقد يُط ِلق الشيخان بعض األحكام الفقهية دون تقييد ،وبناء على ذلك يتعيَّن
على المفتي والطالب والمد ِّرس والباحث أن يرجع إلى كتب المتأخرين الذين
حرروا كالم الشيخين؛ قال اإلمام ابن حجر الهيتمي« :الذي أطبق عليه مح ِّققو َّ
المتأخرين أن المعتمد ما اتفقا عليه ـ أي :الرافعي والنووي ـ أي :ما لم يُج ِمع
متع ِّقبو كالمهما على أنه سهو ،فإن اختلفا فالمصنف ـ النووي ـ فإن ُوجِ د
ترجيح دونه فهو ...والواجب في الحقيقة عند تعا ُرض هذه الكتب ـ ٌ للرافعي
ِّ
أي :كتُب النووي ـ مراجعةُ كالم مُعت َمدي المتأ ِّخرين واتباع ما ر َّجحوه منها»(.)1
ب
المبحث الثاني
المسائل التي يفتى بها بغير القول المعتمد
حا شائعًا عند السادة الشافعية ـ خاصة يعتبر مُصطلَح «المعت َمد» مصطل ً
المتأخرين منهم ـ ويعنون بذلك القول الراجح ال ُمعبِّر عن اجتهاد اإلمام
خرج على قواع ِده وأصولِه مماالشافعي من بين مجموعة أقواله ،أو القول ال ُم َّ
ِ
يص ُّح نسبتُه إلى المذهب(.)1
ويُع ُّد الرجوع إلى القول المعت َمد واجبًا على كل من تصدَّر للفتوى بمذهب
مرجوح في المذهب ،فهذا ٍ الشافعية ،فال يجوز نسبةُ مذهب الشافعية إلى قول
هو األصل الذي ال ينبغي الخروج عنه ،ولكن هنالك بعض الحاالت التي يجوز
فيها الخروج عن القول ال ُمعت َمد؛ لتحقق مصلحة أو عند وجود صعوبة في
تطبيق القول المعتمد ،وقد اختلف الفقهاء المتأخرون في جواز الخروج عن
القول المعتمد في الفتوى ،فمنعه جمهورهم ،واختار بعضهم جوازه ،ولكن هذا
االختالفَ نظري ،والعمل عند الفقهاء جرى على جواز الخروج عن ال ُمعت َمد؛
إعمال لقاعدة( :كلَّما ضاق ٌ
أمر اتَّسع) وقاعدة( :ال َمش ّقة تج ِل ُ
ب التيسير)(.)2 ً
وقد يكون الخروج عن القول المعتمد إلى قول مرجوح داخل المذهب
أو مذهب فقهي آخر.
ويمكن حصر األسباب ال ُمس ِّوغة للخروج عن القول ال ُمعت َمد في حالتين:
ً
أول :صعوبة تطبيق القول ال ُمعت َمد ووجود الحاجة إلى األخذ ب َغيره؛ وبيان
مبني على قوة الدليل وقوة النظر واالستدالل،
ذلك أن القول ال ُمعت َمد في المذهب ٌّ
ولكن قد تواجه الفتوى بالقول ال ُمعت َمد مشقةٌ شديدة ،أو تكون الفتوى به غير
مناسبة لبعض األزمنة أو األمكنة ،فيأخذ الفقهاء ٍ
بقول آخر ُمعتَبر.
قال الع َّلمة باسودان« :اعلم أن أئمتنا الشـافعية لهم اختـيارات ُمخـالِفة
العمل بالمذهب منها،
ِ لتعسر أو تع ُّذر
الشافعي اعتمدوا العمل بهاُّ ،
ّ لمذهب اإلمام
وهي كثيرةٌ مشهورة ،وعند التحقيق فهي ُ
غير خارجة عن مذهبه إما باالستنباط
والقياس ،أو االحتياط من قاعدة له ،أو على قول قديم أو دليل صحيح»(.)1
ومن األمثلة على ذلك :نقل الزكاة من بلد المزكي ،فال ُمعت َمد في المذهب
عدم جواز ذلك ،واختار أكثر الفقهاء المتأ ِّخرين جواز ذلك أخ ًذا من مذهب
الحنفية؛ قال العالمة ابن عجيل اليمني« :ثالث مسائل في الزكاة نفتي فيها على
خالف المذهب :في نقل الزكاة ،ودفعها إلى صنف واحد ،ودفع زكاة واحد إلى
شخص واحد»(.)2
أيضا قَبول شهادة الفاسق ،ف ِمن شروط الشهادة العدالة ،فال
ومن األمثلة ً
يُقبَل شهادة الفاسق ،وهذا هو المعتمد ،واختار بعض المتأخرين؛ كاإلمام
ٍ
بقول مرجوح الغزالي واألذرعي قَبول شهادة الفاسق عند عموم الفسق ،أخ ًذا
((( المقاصد السنية إلى الموارد الهنية في جمع الفوائد الفقهية ،لمحمد الحضرمي باسودان
(ص.)237
((( حاشية الجمل على شرح المنهج (.)97 :4
311 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
((( بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض األئمة من العلماء المتأخرين (ص.)603
((( الفتاوى الفقهية الكبرى ،البن حجر الهيتمي (.)387 :4
المدخل إلى المذهب الشافعي 312
أو األمة كلها ،سواء في مسائل المعامالت المالية أو النوازل الطبية أو غيرها:
فال بد للدائرة حينئذ من إعداد أبحاث خاصة لدراسة المسألة في ضوء األدلة
الشرعية ،والقواعد الفقهية ،والموازنة بين المصالح والمفاسد ،تخلص من
عرض على (مجلس اإلفتاء) للبحث والتداول ،ثم شرعي يُ َ
ٍّ خاللها إلى حك ٍم
الوصول إلى قرار خاص بشأن تلك المسألة.
2ـ إذا كان اجتهاد المذهب الشافعي في مسألة مُعيَّنة ال ِ
يناسب تغيُّ َر الزمان
والمكان والظروف المحيطة بسؤال المستفتي ،كأن يؤدي إلى حرج شديد ،أو مشقة
نص ف ُ َقهاء الشافعية على ذلك االجتهاد ،أو
بالغة ،أو اختلفت العلة التي من أجلها َّ
ِ
البحث في االختيار است َج َّد من المعلومات والحقائق العلمية ما يدعو إلى إعاد ِة
جميع هذه الحاالت تقوم دائرةُ اإلفتاء بإعادة دراسة المسألة في ِ الفقهي :ففي
ضوء القواعد الفقهية والمقاصد الشرعية ،وتستفيد من اجتهادات جميع المذاهب َ
اإلسالمية للوصول إلى الحكم الشرعي األقرب إلى مقاصد الشريعة.
3ـ وأما في قضايا األحوال الشخصية ،كالنكاح والطالق والحضانة والميراث،
تخرج عنه،
فإن الدائرة تعتمد في الفتوى (قانون األحوال الشخصية األردني) وال ُ
وذلك حتى ال يحدث تضا ُرب بين اإلفتاء والقضاء الشرعي في المملكة ،والقانون
ُمست َم ّد من اجتهادات وأقوال فقهاء المسلمين ،تم اختيارها وفق أسس وضوابط
ٍ
لجان مُخت َّصة» .انتهى(.)1 شرعية ،من قِبَل
ب
المبحث الثالث
حكم الفتوى بالأقوال والأوجه المرجوحة والضعيفة في المذهب
وبناء على ذلك فيجوز العمل باألقوال الضعيفة ـ إذا كانت في مقابل األصح
أو األظهر ـ واإلفتاء بها على طريق التعريف بحال هذا القول ،كما يجوز للعامي
تقليده وإخبار الغير به(.)1
قال العالمة ال ُكر ِدي« :تجويز تقليد األقوال واألوجه الضعيفة واألئمة
المجتهدين غير األئمة األربعة بشرطه من التسهيل في الملة الحنفية السهلة»(.)2
وتشمل األقوال الضعيفة في المذهب اختيارات العلماء المح ِّققين فيجوز
العمل بها ،وكذا الفتوى بها بشرط عدم نسبتها إلى المذهب الشافعي؛ قال
العالمة القليوبي« :يجوز العمل في جميع األحكام ب َقول َمن يَثِق به من األئمة؛
والسبكي ،واإلسنوي ،على المعتمد»( ،)3وقال العالمة باسودان: كاألذرعيُّ ،
ب األربع األولى ـ أي :المجت ِهد ال ُمطلَق والمنتسبنصوا على أن المراتِ َ «وقد ُّ
وأصحاب الوجوه ومجتهد الفتوى ـ يجو ُز تقليدُهم ،وأما األخيرتان ـ وهما
اختلف فيه الشيخان ومرتبة َح َفظ ِة ال َمذهب ـ فاإلجما ُع
َ مرتبة الن ُّ ّظار فيما
حسبَ ِ
المنقول الفعلي من َزمَنِهم إلى اآل َن على األخ ِذ بقولهم وترجيحاتِهم في
ُّ
ِ
المعروف في كتبهم»(.)4
وقد جمع أحد الباحثين عددًا من الفتاوى التي خالف فيها ف ُ َقهاء الشافعية
المتأ ِّخرون في حضرموت القو َل ال ُمعت َمد في المذهب ،ومن ذلك :صحة ضمان
المجهول ،وصحة تأجير المبيع قبل قبضه ،وجواز المغارسة ،وغير ذلك(.)5
المبحث الرابع
ب
المسائل التي يُفت َى بها من المذهب القديم للإمام الشافعي
((( المجموع ،للنووي (.)76 :1 ((( () .انظر :نهاية المحتاج (.)50 :5
المدخل إلى المذهب الشافعي 316
وقد ذهب بعض العلماء كاإلسنوي وابن ال ِفركاح إلى أن مسائل القديم
المفتى بها في المذهب هي مسائل منصوصة في المذهب الجديد ً
أيضا ،وقد
منصوصا
ً قام العالمة الكردي بتتبع مسائل القديم المفتى بها فوجدها ُكلَّها
عليها في كتب الشافعي الجديدة(.)1
ج ِديــ ُد َطيِّ ُ
ــب األث َ ْر َــب ال َ
ال َمذه ُ حــ ُّق ال َق ِويــ ُم ال ُمعتَبَ ْر
وبَعــ ُد فال َ
ّإل َمســـــائِ ًل ق َ ِليلـــــةً أتَـــــت جــر لِل َق ِديــ ِم َح ًّقا قَــد ثَبَت
وال َه ُ
ب األشبا ِه ُخذ واعتَ ِم ِد ِ
صاح ِ عَن أربَعـــةٌ مَـــ ْع ع َْشـــر ٍة بِالســـن َ ِد
يف ِذي ال َمهابَـــه الســـيِّ ِد الشـــ ِر ِ َو ِزدتُهـــا َســـبعًا عَـــن ّ
النســـابهْ
ث مُجـــا ِوز ِمـــن خـــا ِر ٍج مُلَـــ َّو ٍ ـح بِاألحج ــا ِر َغي ـ ُ
ـر جائِ ــز ال َمس ـ ُ
ـص نَح ِو ال ُّظفـ ِر ِمن مَيْ ٍ
ـت ُك ِرهْ َوق َ ُّ ـض بِ ْهـر ٍم ال نَقـ َ َولَمـ ُ
ـس جِ لـ ِد َمحـ َ
جســـــ ُه فَـــــا تُبا ِعـــد َولَـــــم يُن َ ِّ جســـا بِمـــا ٍء را ِكـــ ِد
ـــرى ِر ًَوإن ت َ َ
َولَـــو بِـــا َجماعـــ ٍة فِيمـــا أتَـــى ـــت ُســـ َّن األذا ُن يـــا فَتَـــى
لِفائِ ٍ
ُم َو َّســـعًا إلَـــى َم ِغ ِ
يـــب الشـــ َف ِق ـــي ب َ ِقـــي
قـــت مَغـــ ِر ٍب َح ِقي ِق ٍّ
َو َو ُ
ـح ي ــا ف َ ِطــ ْن ـب ل ِ ُ
صب ـ ٍ َو ُســ َّن تَث ِوي ـ ٌ َوفَضـ ُل تَق ِديـ ِم العَشــا ِء ق َــد ُز ِكــن ْ
َش ــيءٌ ِم ــن ال ُق ـ ِ
ـرآن ي ــا ذا فانتَبِ ــه صـــا ٍة ذَ َك َ
ـــرهْ يرتَـــي َ َوفِـــي ِ
أخ َ
أكل ل َــم يُبَــح
ـت ً َودَبـ ُغ جِ لـ ِد ال َميـ ِ َوإن نَـــ َوى فَـــ ٌّذ َجماعـــةً يَ ِص ّ
ـــح
صـــاح ُســـنّةٌ ق َ ِفـــي
ِ َجه ِريّـــ ٍة يـــا ـوم فِــي ـر بِالتأ ِميــ ِن لِل َمأ ُم ـ ِ
جه ـ ُ
وال َ
نَحــ َو العَص ــا ِم ّم ــا عَلَيــ ِه يَعتَ ِم ــد صلِّـــي إن ف َ َقـــد َو ُســـ َّن َخ ٌّ
ـــط لِل ُم َ
بِ ِذ َّمتِـــهْ يُصـــا ُم عَنـــهُ ُمطلَقـــا صومُــهُ ق َــد عُلِّق ــاَومَ ــن يَ ُم ــت َو َ
يـــض َجـــوا ُزهُ ن ُ ِمـــي
ٍ لِنَحـــ ِو تَم ِر ـــر ِم
ح ُّ يـــل ِمـــن الت َ َو َش ُ
ـــرط تَح ِل ٍ
عَـــن األدا لَعَلَّ ُهـــم يَرت َ ِدعُـــوا َو َغ ِرمُـــوا ُشـــ ُهودُنا إن َر َجعُـــوا
ص ِه ــم عَلَ ــى ِكال األصلَي ـ ِن فِــي ن َ ِّ حـــوا َشـــهادةَ ال َفرعَيـــ ِنح ُ ص َّ َو َ
ضـــا َجزمًـــا بِ َغيـــ ِر مَيـــ ِن تَعا َر َ َوأســـ َق ُطوا بَيِّنَتَـــي َخص َميـــ ِن
َشـــط ٍر مَـــ َع اليَ ِميـــ ِن فِيمـــا ن ُ ِقـــا دان ق َ َّدمُوهُمـــا عَلَـــى
والشـــا ِه ِّ
جتُـــهُ لِخـــا ِر ٍج فِيمـــا ثَبَـــت ُح َّ ضت داخ ٌل قـد عا َر َ ـف ِ حلَّ ْ َولَـم يُ َ
ـح ال َقولَيــ ِن وال ُمعتَ َمــ ِد
ف ــي أر َج ـ ِ يــــــج أُمِّ ال َولَـــــ ِد
ُ َوجائِـــــ ٌز تَز ِو
المدخل إلى المذهب الشافعي 320
المبحث الخامسب
الفتوى بظاهر الحديث الصحيح
اتفق علماء أهل السنة على أن المصادر الشرعية التي تُؤ َخذ منها األحكام
والسنّة واإلجماع والقياس ،ثم اختلفوا بعد ذلك في االستحسان هي الكتاب ُّ
رسلة وغيرهما ،وقد بُنِيَت المذاهب الفقهية األربعة على هذه األدلة.والمصالح ال ُم َ
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي« :اقتضت حكمة اهلل سبحانه أن ضبط الدين
نصب للناس أئمة مجتمعًا على علمهم ودرايتهم ،وبلوغهم الغاية وحفظه بأن َّ
المقصودة في مرتبة العلم باألحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث ،فصار
الناس ُكلُّهم يُع ِّولون في الفتاوي عليهم ويرجِ عون في معرفة األحكام إليهم،
مذهب ُك ِّل إمام منهم
ُ ويحرر قواعدَهم حتى ُ
ضبِط ِّ وأقام اهلل مَن يضبِط مذاهبَهم
وأصولُه وقواعدُه وفصوله ،وكان ذلك من لطف اهلل بعباده المؤمنين ،ومن جملة
الناس العجب العجاب»(.)1
ُ عوائ ِده ال َح َسنة في حفظ هذا الدين ،ولوال ذلك لرأى
وبناء على ذلك فال يختـلف أحـد من الفقـهاء بوجـوب األخـذ بالحـديث
الصحيح ،ولكن ل ّما كانت داللة الكتاب والسنة الصحيحة مما تتفاوت فيهما
األفها ُم كان ذلك أحد أسباب االختالف الفقهي.
ومن المعلوم أن داللة الحديث الصحيح تحتاج إلى معرفة في علوم
النحو والبَالغة وأصول الفقه ،ولذلك فقد اتفق العلماء على أنه يشترط فيمن
((( الرد على من اتبع غير المذاهب األربعة البن رجب الحنبلي (ص.)28
321 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ط األحكامَ من الكتاب والسنة بلو ُغ درج ِة االجتهاد ،وهي مَلَكة يحوزها يستنبِ ُ
المجت ِهدُ ،وعلو ٌم يتقنها ليق ِد َر على استنباط األحكام من مصا ِد ِرها مباشرة،
وأما مَن لم يبلُغ هذه الدرجة فيجب عليه تقلي ُد أحد المجتهدين ،قال اإلمام
ُب ال ُمصنَّفة فيها قو ُل رسول اهلل ﷺأحمد بن حنبل« :إذا كان عند الرجل الكت ُ
واختالف الصحابة والتابعين ،فال يجوز أن يع َم َل بما شاء ويتخيَّ ُر فيقضي به
ويعمل به حتى يسأل أهل العلم ما يُؤ َخ ُذ به فيكون يع َم ُل على أمر صحيح»(.)1
وبناء على ذلك فاألصل أن اجتهادات اإلمام الشافعي بُنِيت على الكتاب
والسنة وغيرهما من المصادر الشرعية ،بل قد ُر ِوي عن اإلمام الشافعي أنه قال:
ص َّح الحديث فهو مذهبي ،وإذا وجدتُم في كتابي خالفَ ُسنّة رسول اهلل ﷺ «إذا َ
ِ
رسول اهلل ودَعوا ما قلتُه»(.)2 بسنّة
فقولوا ُ
البعض فَه َم كالم اإلمام فح َمله على اإلطالق ،ولكن الصحيح ُ وقد أساء
واإلمام أح َمد ممن
ِ أن الشافعي كان يخاطب ُط ّلبَه كال ُمزَني والبُ َويطي وأبي ثَور
امتَلَك َملَكة االجتهاد ،واستطاع أن يفهم الحديث الصحيح ويميِّ َز إن كان منسو ًخا
أو ال ،ويتم َّكن من دالالت األلفاظ والمعاني ،وأما من لم يبلغ ذلك فيجب عليه
تقلي ُد أحد المجتهدين؛ قال اإلمام أبو شامة المقدسي« :وال يتأتَّى النهوض بهذا
معلوم االجتهاد وهو الذي خاطبه الشافعي بقوله :إذا وجدتم حديث ِ إال من عال ٍم
رسول اهلل ﷺ على خالف قولي فخذوا به ودعوا ما قلت ،وليس هذا لكل أحد»(.)3
وقد بحث كبا ُر عُلماء المذهب الشافعي ص ّحةَ الفتوى بظاهر الحديث ونِسبته
للمذهب الشافعي؛ قال اإلمام النووي« :وهذا الذي قاله الشافعي ليس معناه أن
بِص ّحتَه ،أو لم يُح َكم عليه بنسخ أو تخصيص أو شذو ٍذ أو ِعلّ ٍة قادحة ،وهذا يتطلَّ ُ
استقراءَ كت ُِب اإلمام الشافعي؛ قال اإلمام النووي« :وإنما اشترطوا ما ذكرنا؛ ألن
تر َك العم َل بظاهر أحاديث كثيرة رآها وعلمها ،لكن قام الدليل الشافعي رحمه اهلل َ
سخها أو تخصيصها أو تأويلها أو نحو ذلك»(.)1عنده على طع ٍن فيها ،أو ن َ ِ
3ـ انتفاء المعارض ،أي :أال يوجد دليل أقوى من هذا الحديث يقتضي ترجيحه
عليه ،وهذا يتطلب استقراء نصوص الكتاب والسنة واإلجماعات(.)2
ومن األمثلة على ذلك مسـألة وقت صالة المغـرب ،فمذهب الشـافعي في
القديم أن وقتها يمتَ ُّد حتى غياب الشفق األحمر ،وفي المذهب الجديد ليس لها
ٍ
وأذان سوى وقت واحد؛ أي :إن وقتها ينقضي ب ُم ِض ِّي قد ِر ز َمن وضو ٍء َ
وستر عور ٍة
المذهب ور َّجحوا القول القديم للشافعي ِ وخمس ر َكعات ،فجاء مح ِّققو ِ وإقام ٍة
الحديث فيه دون معارض من األدلة األخرى ،وح َملوا الحديث الذي ِ ِ
لثبوت
استدل به الشافعي في مذهبه الجديد على وقت األفضلية؛ جاء في كتاب «مغني
المحتاج»« :والمغرب يدخل وقتها بالغروب ...ويبقى وقتُها حتى يغيب الشفق
«وقت ال َمغ ِر ِب ما لم يَ ِغ ِب الش َفقُ» ،وفي
ُ األحمر في القديم؛ لما في حديث مسلم:
وأذان وإقام ٍة و َخمس
ٍ الجديد :ينقضي وقتُها ب ُم ِض ِّي قد ِر زمَن ُوضو ٍء وست ِر عَور ٍة
بخالف َغي ِرها كذا استدل
ِ ر َكعات؛ ألن جبريل صالها في اليومين في وقت واحد
الوقت المختار ،وهو ال ُمس َّمى بوقت َ أكثر األصحاب ،و ُردَّ بأن جبريل إنما بيَّن
به ُ
الفضيلة ...والقديم أظهر؛ أل ّن الشافعي علَّ َق القو َل به في «اإلمالء» ـ وهو ِمن
الكت ُِب الجديد ِة ـ على ثبوت الحديث فيه ،وقد ثبَت فيه أحاديث في مسلم»(.)3
ب
المبحث السادس
ضابط الاعتماد على العرف في الفتوى
((( المجموع المذهب في قواعد المذهب لخليل بن كيكلدي العالئي (.)410 :1
325 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
وأكثر تعامالت الناس المالية مبنية على العُرف ،قال إمام الحرمين« :والتعوي ُل
أعرفُهم بفقه المعامالت»(.)1
في التفاصيل على العرف ،وأعرف الناس به َ
وبناء على هذه القاعدة فقد اختار المح ِّققون في المذهب جواز البيع
بالمعاطاة ـ وهو البيع الذي يتم بدون صيغة إيجاب وقبول ـ ألن الشرع أباح
البيع ،ولم يشترط له لف ًظا ،فوجب الرجوع إلى العرف ،فكل ما عدَّه الناس بيعًا
صح شرعًا ،والبيع بالمعاطاة يتعامل فيه الناس من غير نكير(.)2
َّ
أيضا المقادير التي ال ضابط لها في الشرع يُرجع ويندرج في هذه القاعدة ً
حيض والبلوغ ،يُرجع فيها فيها إلى العُرف ،ومن األمثلة على ذلك أق ُّل س ِّن ال َ
حيض والنفاس وأقله(.)3 إلى عُرف الناس ،وكذلك قَدر زمَن ال َ
ب
الفصل الرابع
قواعد الترجيح في المذهب الشافعي
يتناول هذا الفصل أبرز القواعد العلمية التي استخدمها علماء المذهب في
وتنقيحه ،وهذه القواعد تتعلَّق بعمل الفقيه الشافعي المح ِّقق،
ِ تحرير المذهب
يسرة؛ ألن طالب العلم ال يستغني عن معرفتها ،وسيجري
وقد ذكرناها بطريقة مُ َّ
تقسيم الفصل إلى ثالثة مباحث هي:
المبحث األول :الترجيح بين أقوال اإلمام الشافعي.
المبحث الثاني :الترجيح بين أقوال الشيخين الرافعي والنووي.
المبحث الثالث :الترجيح بين أقوال المتأخرين.
المدخل إلى المذهب الشافعي 328
ب
المبحث الأول
الترجيح بين أقوال الإمام الشافعي
تميَّز اإلمام الشافعي عن األئمة األربعة بأنّه أملى ُكتُبه أكثر من مرة ،وكان
التنقيح والمراجعة ألقواله ،وكان أحيانًا ال يجز ُم ب َق ٍ
ول واحد في المسألة، ِ كثير
َ
بل يُع ِّددُ اآلراء في المسألة ،فيقول« :في المسألة قوالن» ،أو يحكم في كتابين
على مسألة واحدة بحكمين مختلفين ،وقد تصدَّر عدد من األئمة المح ِّققين
عرف بها قو ُل اإلمام ال ُمعبِّر عنفي المذهب إليجاد القواعد والضوابط التي يُ َ
ج َويني ،وابنُه إمام اجتهاده ،وكان من أبرز َمن تصدَّر لذلك اإلمام أبو محمد ال ُ
خر الرازي اإلسالم الغزالي ،واإلما ُم ال َف ُ
ِ الشيرازي ،وحج ُة
ُّ الحر َمين ،واإلما ُم
َ
وغيرهم(.)1
الصالح والنووي وغيرهما ـ عددًا
ِ وقد اعتمد ال ُفقهاء المتأ ِّخرون ـ كاب ِن
اإلمام الشافعي ،وهذه القواعد هي(:)2ِ من القواعد للترجيح بين أقوال
أول :إذا كان لإلمام قوالن أو أكثر ،و ُع ِلم المتقدِّم منها والمتأخر ،فيكون ً
القو ُل المتأ ِّخر ناس ً
خا للمتقدِّم.
ِ
القول الجديد للشافعي على القول القديم، ومن األمثلة على ذلك :تقدي ُم
وقد تقدَّم بحث هذه المسألة ،وال يناقض ذلك وجودُ بعض المسائل التي يُفتَى
أيضا قوله« :ثم لعلَّه يل َزمُه لو بيع عليه عب ٌد فذكر أنه أبِ َق فقال
ومن األمثلة ً
الغرماء :أراد كسره لم يُقبَل قولُه ،فيُباع مالُه وعليه عهدتُه ،وال يُصدَّق في قولِه،
الدخل والقول األول قولي»(.)3
ِ وهذا القو ُل مدخو ٌل ُ
كثير
نص لإلمام الشافعي في مسألة ،ونص في مسألة تُشبِ ُهها ثالثا :إذا ُوجد ٌّ
منصوصا
ً خ ِّرج من إحداهما إلى اآلخر ،فيكون القو ُل األول
على خالفه ،ف ُ
منصوصا في
ً خر ًجا في المسألة الثانية ،والقول الثاني
في المسألة األولى ومُ َّ
خر ًجا في المسألة األولى ،فير َّج ُح القول المنصوص على
المسألة الثانية مُ َّ
خرج غالبًا.
القول ال ُم َّ
((( األم للشافعي (.)20 :2 ((( المعتمد عند الشافعية (ص.)133
((( األم للشافعي (.)215 :3
المدخل إلى المذهب الشافعي 330
((( مغني المحتاج (.)115 :2 ((( المجموع شرح المهذب (.)44 :1
331 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
أحد القولين بحديث مرسل أو قول صحابي أو قياس ،وهذا يحتاج إلى قوة في
الفهم وجودة في الفكر وبراعة في االستنباط ،ولهذا فال عبرة بترجيح األكثر
في مثل هذه المسائل االجتهادية(.)1
ويتنبه أن الترجيح بين أقوال الشافعي المتعا ِرضة بالدليل يتعلَّق بمن بلغ
درجة االجتهاد في المذهب.
خامسا :المسائل التي لم ينص عليها اإلما ُم الشافعي ،فهذه تحتاج إلى ً
العلماء ال ُمح ِّققين الذين بلغوا درجةَ االجتهاد في المذهب ،فيستنبطون ُحك َمها
من األدلة الشرعية مباشرة مع التقيُّد بأصول اإلمام وقواعده أو يُستخرج حكمها
بالقياس على مسائل نص عليها اإلمامُ أو يُدرجوا المسائ َل غير المنصوصة
بتخريج الوجوه(.)1
ِ تحت قاعد ٍة وضعَها اإلمام ،وهذا ما يُس َّمى
فإذا تعارضت وجوه األصحاب التي اجتهدوا فيها ،فهذا يحتاج إلى
بترجيح
ِ الترجيح بينها ،وال يُلتَفت إلى القول المتقدِّم منها والمتأ ِّخر( ،)2وال عبرةَ
األكثر في هذا المقام ً
أيضا.
ومن األمثلة على ذلك :قال اإلمام الشيرازي« :فإن جمع المستعمل حتى
صار قُلَّتَين فوجهان :أحدهما :يزول حكم االستعمال كما يزول حكم النجاسة،
توضأ فيه أو اغتسل وهو قُلّتان لم يثبت له حكم االستعمال فإذا بلغ وألنه لو َّ
قُلَّتَين وجب أن يزو َل عنه ُحك ُم االستعمال ،والثاني :ال يزول؛ ألن المن َع منه
لكونه مستع َم ًل ،وهذا ال يزول بالكثرة» ،وعلَّق اإلمام النووي« :واتفقوا على
أن األصح زوال حكم االستعمال...وهو أولى بالجواز من الماء النجس؛ ألن
النجس أغلَظ»(.)3
َ
((( روضة الطالبين (.)112 :11 ((( سلم المتعلم المحتاج (ص.)50
((( المجموع شرح المهذب (.)157 :1
333 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ب
المبحث الثاني
الترجيح بين أقوال الشيخين الرافعي والنووي
ِ
ترجيحات اإلما َمين النووي والرافعي اعتمد مح ِّققو المذهب وعلماؤه
وقدَّموهما على غيرهما ،ولك ّن ترجيحاتِهما قد تتعارض ،وقد تتعارض
ترجيحات الواحد منهما ـ وذلك وقع من اإلمام النووي ـ ولذلك يمكن اختصار
ُ
قواعد الترجيح بين أقوال الشيخين كاآلتي:
نص اإلمام ابن َحجر على أ ّن أول :اعتماد قول الرافعي والنووي :فقد َّ ً
ُمح ِّققي المذهب متفقون على اعتماد كال ِمهما ،وقد سبَق الكال ُم عن أسباب ذلك
عند الكالم عن تط ُّور المذهب ،ولكن أهم هذه األسباب أن العلماء ال ُمح ِّققين
الذين تأخروا عن عصرهم تتبعوا كالم الشيخين ووجدوا أن تحريراتِهما ألقوال
الشافعي وأصحابِه أد َُّ
ق من غيرهما(.)1
خين سه ٌو أو ٌ
غلط فحينئذ ثانيًا :إذا اتفق محققو المذهب على أن قول الشي َ
عرض عن قولهما ،وهذه الصورة نظريةٌ لم تقع في واقع األمر كما بيَّن ذلك يُ َ
ابن حجر(.)2
تصير دَينًا إال
ُ خين ر َّجحوا أن نفقةَ القريب ال
ومن األمثلة على ذلك أن الشي َ
((( هذا ما يظهر من كالم ابن حجر والكردي .انظر :تحفة المحتاج ( ،)39 :1والفوائد المدنية
(ص.)41
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)39 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 334
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)349 :8 ((( مغني المحتاج (.)187 :5
((( مغني المحتاج (.)137 :1 ((( المعتمد عند الشافعية (ص.)224
((( التبيين لما يعتمد من كالم الشافعية المتأخرين الخطيب (ص.)48
335 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
حديثها ضعيف ،وفيها تغيير لنظم صالتها المعروف ،فينبغي ّأل تفعل»(.)1
النووي ،فالفقيه ال ُمح ِّقق يُر ِّج ُح من أقواله
ِّ رابعًا :إذا اختلفت أقوال اإلمام
ما يميل إليه اجتهادُه ،وأما ال ُمقلِّ ُد ـ والكالم هنا عن العلماء المقلِّدين ـ فيجب
عليه أن يراجِ ع الكتُب ال ُمعت َمدة في المذهب ،ولكن العلماء وضعوا قاعدة
أغلبية في ترتيب ُكتُب اإلمام النووي ،فأواخر ُمصنّفاتِه ُمقدَّمة على أوائلها،
فتُرتَّب ُمصنَّفات النووي كاآلتي(:)2
1ـ «التحقيق» :وهو كتاب مُست ِق ٌّل في الفقه ،وصل فيه إلى باب صالة المسافر.
2ـ «المجموع شرح المهذب» :وصل فيه إلى كتاب الربا.
3ـ «التنقيح بشرح الوسيط» :وصل فيه إلى كتاب شروط الصالة.
4ـ «روضة الطالبين».
5ـ «منهاج الطالبين».
6ـ «الفتاوى».
7ـ «شرح صحيح مسلم».
8ـ «تصحيح التنبيه».
9ـ «نكت التنبيه».
وأما أسباب اختالف أقوال اإلمام النووي فترجع إلى أن ُمصنَّفاته كثيرة،
ِ
تصنيف أكثر من الزمني في تألي ِفها ،بل كان يعمل في
َّ الترتيب
َ يراع
وأنه لم ِ
آن واحد في فترة عمرية قصيرة مما جعل مصنفاته أشبه ب ُمس َّودات كتاب في ٍ
ٍ
لم يتم أكثرها(.)3
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)39 :1 ((( مغني المحتاج (.)458 :1
((( المعتمد عند الشافعية (ص.)289
المدخل إلى المذهب الشافعي 336
ويُقدَّم في هذا المقام قو ُل الرافعي على اختيار النووي ،ومن األمثلة على
ذلك قول الرافعي بتحريم الن َظر إلى األمرد بشهوة ،وقال النوويُ :
يحرم النظر
إليه مُطلَ ًقا ،وال ُمعت َم ُد ما قاله الرافعي(.)1
سابعًا :إذا لم ينص الشيخان على حكم مسألة ،أو استجدت مسألة لم
تكن على زمانهما فيحتاج الفقيه المح ِّقق إلى الرجوع إلى الكتُب ال ُمتقدِّمة
عن الشيخين ،واستقراء كالم اإلمام الشافعي ووجوه أصحابه للوصول إلى
ُحك ٍم َشر ِع ٍّي في ضوء قواعد الترجيح المذكورة ساب ًقا( ،)2وهذه ال ُمه ّمة قام
بها الفقهاء المتأ ِّخرون الذين جاؤوا بعد الشيخين ،الذين قاموا بالتخريج على
قواعد المذهب وأصوله الكلية ،وعلى نصوص اإلمام الشافعي وأصحاب
الوجوه والشيخين ،فاختلفت ترجيحاتُهم واختياراتُهم في هذا المجال(.)3
ومن األمثلة على ذلك أن اإلمام ابن حجر الهيتمي ب َحث مسألة وهي« :لو أدرك
مسبوق ركعة من صالة الجمعة ،ثم جاء مص ٍّل واقتدى بهذا المسبوق ،وأدرك ركعة
مع هذا المسبوق» ،أفتى أن هذا المقتدي األخير يعتبر مُد ِر ًكا لصالة الجمعة(.)4
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)39 :1 ((( مغني المحتاج (.)212 :4
((( يراجع في هذا المقام الرسائل التي درست جهود المتأخرين في المذهب ،ومن الرسائل
العلمية المفيدة في ذلك« :اإلمام ابن حجر الهيتمي وأثره في الفقه الشافعي» للدكتور أمجد
رشيد ،و«اإلمام زكريا األنصاري وأثره في الفقه الشافعي» للدكتور طارق جابر.
((( اإلمام ابن حجر الهيتمي وأثره في الفقه الشافعي ،للدكتور أمجد رشيد (ص.)206
المدخل إلى المذهب الشافعي 338
ب
المبحث الثالث
الترجيح بين أقوال المتأخرين
استقر المذهب الشافعي على يد المتأ ِّخرين الذين جاؤوا بعد الشيخين،َّ
ونالت جهودُ شيخ اإلسالم زكريا األنصاري و ُط ّلبِه اعتمادَ علماء الشافعية،
وكانت جهودُهم مُنصبّةً على تحرير أقوال الشيخين وضبطها ،والترجيح بين
أقوالهما ،والنظر في المسائل التي لم يتكلما فيها ،ولكن أقوال المتأخرين
قد تختلف وتتعارض ،ولذلك وضع علماء المذهب قواعد في الترجيح بين
أقوال المتأخرين وهي:
أول :اعتماد أقوال شيخ اإلسالم زكريا األنصاري و ُط ّلبِه ِّ
(الشهاب الرملي، ً
وشمس الدي ِن الرملي) :فقد انصبَّت
ِ جر ال َهيتمي، والخطيب ِّ
الشربيني ،واب ِن َح َ
الترجيح بين أقوال الشيخين ،وعدم الخروجِ األعالم في فلَك
ِ جهودُ هؤالء
عنها والتفريع عليها ،وأما غيرهم من األعالم الذين عاصروهم كاإلسنوي
خين وترجيحات غيرهما(.)1 وابن العماد فكانوا يتخيَّرون بين ترجيحات الشي َ
كتب هؤالء الخمسة معتمدةً في الفتوى والقضا ِءوبناء على ذلك فتُعتبَر ُ
والشمس الرملي من أصحاب ِ ج ٍر على ال َمذهب ،وتُعتبَر ُ
كتب طالب ابن ح َ
ليوبي ،والشرواني،
ِّ الزيادي ،وال َق
ِّ الحواشي مُعتمدةً كذلك من أمثال:
والشبراملّسي ،وغيرهم.
ثانيًا :إذا اختلفت أقوا ُل المتأ ِّخرين في مسألة؛ فالفقيه ال ُمح ِّقق ير ِّجح بين
آرائهم بناء على معرفته بقواع ِد المذهب وأصوله.
ثالثًا :إذا اختلفت أقوا ُل المتأ ِّخرين في مسألة؛ فال ُمقلِّد يجوز له أن يتخير
بين آرائهم ويأخذ بأيِّها شاء.
وقد اختلفت آراء الفقهاء المتأ ِّخرين في ذلك على أقوال:
جر والرملي في كتابيهما «التحفة» الرأي األول :العبرةُ بما اتفق عليه ابن َح َ
و«النهاية» ،وهو رأي العالمة محمد سعيد سنبل ،حيث قال« :اعلم أن أئمة
الشيخ اب ِن حج ٍر
ِ المذهب قد اتفقوا على أن ال ُمع َّو َل عليه والمأخوذَ به كال ُم
ِ
والرملي في «التحف ِة» و«النهاي ِة» إذا اتفقا ،فإن اختلفا فيجوز للمفتي األخذ
ِّ
بأحدهما على سبيل التخيير»(.)1
وأما المسائل التي لم يتعرضا لها فيُرجع بها إلى كالم شيخ اإلسالم زكريا
األنصاري ،ثم الخطيب الشربيني ،ثم كالم أصحاب الحواشي على ترتيب
مُعيَّن بينهم.
فيُقدَّم كال ُم ابن حجر والرملي على َمن سواهما ،إال إذا لم يتعرضا لها
يني، فيُفتى ب َقول شيخ اإلسالم زكريا األنصاري ،ثم بكالم الخطيب ِّ
الشربِ ّ
بكالم
ِ ثم بكالم الزِّيادي ،ثم بكالم ابن قاس ِم العبادي ،ثم بكالم َع ِميرة ،ثم
حلَبي ،ثم بكالم الشوبري ،ثم بكالم العَناني.
الشبراملّسي ،ثم بكالم ال َ
والرملي في ال َمذهَب
ِّ الرأي بأ ّن مكانةَ ابن ح َ
جر ُ ويمكن أن يُناقَش هذا
الرملي
ّ ِّ
والشهاب كبير وخاصة أنهما تأخرا عن زكريا األنصاري لها اعتبا ٌر ٌ
((( الفوائد المدنية (ص.)68
المدخل إلى المذهب الشافعي 340
تخصيص
ٌ والشربيني وحققا المذهب بشكل أفضل ،ولكن اعتبار قولهما فقط ِّ
من غير دليل؛ ألن أقوالَهما ال تزيد ُرتبةً عن أقوال ِ
شيخ اإلسالم ِّ
والشربيني(.)1
الرأي الثاني :ال ِعبرة بالكثرة ،فما عليه أكثر ال ُف َقهاء المتأ ِّخرين هو ال ُمعت َمد،
وهو رأي اإلمام زين الدين ال ُمليباري (.)2
الرأي الثالث :ال ُمعت َمد هو جميع إفتاءات المتأ ِّخرين ،بال ترتيب بينهم،
وللمفتي التخير بين أقوالهم بشرط أال يكون سه ًوا أو غل ًطا أو ضعي ًفا جدًّا،
وهو الرأي الذي استقر عليه المتأ ِّخرون.
قال العالمة األهدَل« :وقال المتأخرون :والذي يتعيَّن اعتمادُه أن هؤالء
المذهب
ِ روح والحواشيُ ،كلُّ ُهم إمامٌ في األئمةَ المذكورين من أرباب ُّ
الش ِ
بقول ُك ٍّل منهم وإن
بعض ،فيجو ُز العم ُل واإلفتاءُ والقضاءُ ِ ٍ يستَ ِم ُّد ُ
بعضهم من
ِ
الضعف»(.)3 ظاهر
َ خالف من سواه ،ما لم يكن َسه ًوا ،أو َغلَ ًطا ،أو ضعي ًفا
َ
تقر َر من التخيي ِر ،مع أنه وقال السيد عمر البصري« :والحاصل أن ما َّ
المذهب ،ال محي َد عنه في عص ِرنا هذا بالنسب ِة إلى أمثالِنا ِ المعتم ُد عند أئ ّم ِة
ِ
البحث عن وجوب
ِ بالمرجوح من
ِ الترجيح؛ على أنا إذا قلنا
ِ القاصرين عن ُرتب ِة
ِ
اإلنصاف، حلِّي بحلية
األعلَ ِم ،لع َُس َر الوقوفُ عليه جدًّا بالنسب ِة لمن يرو ُم الت َ
االعتساف ،وبالجمل ِة فالمعت َم ُد وهو األح َو ُ
ط األو َر ُع ِ كاهل
ِ والتبَ ِّري عن امتطا ِء
تقر َر من التخيي ِر»(.)4
ما َّ
((( المعتمد عند الشافعية (ص.)316
((( فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين لزين الدين الهندي المليباري (ص.)623
((( سلم المتعلم المحتاج لألهدل (ص.)33
((( الفوائد المدنية للكردي (ص.)281
341 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
الفصل الخامسب
فوائد منهجية في المذهب الشافعي
يتناول هذا الفصل أبرز الفوائد المنهجية التي يستحسن لطالب العلم معرفتها،
وسيجري تقسيمه إلى مباحث وهي:
المبحث األول :المسائل التي صححها اإلمام النووي في «المنهاج» واختَلف
في تصحيحها المتأخرون.
المبحث الثاني :المسائل التي ضعَّفها اإلمام النووي في «المنهاج» واعتمدها
المتأخرون.
المبحث الثالث :تقسيم األبواب والفصول في كتب المذهب.
السلَّم التعليمي لطالب العلم في المذهب.
المبحث الرابعُّ :
المدخل إلى المذهب الشافعي 344
ب
المبحث الأول
المسائل التي صححها الإمام النوويب
في «المنهاج» واختلف في تصحيحها المتأخرون
يُعتبَر متن «المنهاج» عمدة الكتب ال ُمعت َمدة في المذهب ،وقد تحرى
اإلمام النووي تصحيح المعت َمد في كتابه ،ولكن بعض العلماء تع َّقبوه في
قول غير معت َمد فيحرر فيها النووي ً
بعض المسائل ،وهي المسائل التي َّ
ال َمذهَب ،وهي سبع عشرة مسألة ،ويتنبه إلى أن هذه المسائل ليست ضعيفة
باتفاق علماء المذهب ،بل بعض هذه المسائل معتمدة عند البعض ،وضعيفةٌ
عند البعض اآلخر؛ لذا قال العالمة ال ُك ّ
ردي« :الذي أثرناه عن مشايخنا عن
مشايخهم ـ وهكذا ـ أن المعت َمد ما عليه الشيخان أو ال ُمصنِّف ـ أي :النووي
ـ إال ما اتفق المتأ ِّخرون قاطبةً على أنه سهو أو غلط ،وما عداه ال عبرةَ بمن
خالف فيه»( .)1فلذا لم نجد مسألة في «المنهاج» اعتمدها اإلمام النووي ،ثم
أطبق المتأ ِّخرون على أنها ضعيفة أو غير معت َمدة ،أو أنه سها أو أخطأ فيها،
وي لكتب الشافعي ،وكتب األصحاب وهذا يد ُّل على دقة ِّ
تحري اإلمام الن َو ِّ
رضي اهلل عنهم وأرضاهم.
((( انظر :سلم المتعلم المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج (ص ،)82 -78والضوء الوهاج في
بيان المسائل الضعيفة في المنهاج ،لفهد الحبشي (ص.)13 -3
((( نهاية المحتاج (.)298 :1 ((( منهاج الطالبين (ص.)17
((( تحفة المحتاج ،البن حجر (.)359 :1 ((( مغني المحتاج (.)262 :1
((( سلم المتعلم المحتاج (ص .)87 ((( منهاج الطالبين (ص.)41
((( منهاج الطالبين (ص.)41
المدخل إلى المذهب الشافعي 346
الثالثة :صالة الضحى أقلها ركعتان ،وأكثرها اثنتا عشرة ركعة ،قال اإلمام
النووي« :الضحى ،وأقلها ركعتان ،وأكثرها اثنتا عشرة»(.)1
أكثرها ثماني ركعات ،بينما
اعتمد الخطيب الشربيني ،والرملي أن َ
()3 ()2
ح ّرة ،واهلل
المنصوص ال يلزَم ال ُ
ُ ح ّرة فُطرتُها ،وكذا َسيِّد األمةُ ،
قلت :األصح ال ُ
أعلم»(.)1
ح ّرةَ
خالف الشيخ األهدل ،حيث قال« :واألصح خالفه»( ،)2أي :تلزَم ال ُ
نفسها إن كانت َغنِيّة ،ولكن ُش ّراح «المنهاج» لم يتع َّقبوا النووي في ذلك،
فطرةُ ِ
فيكون ما ذكره النووي هو ال ُمعت َمد(.)3
السابعة :استحباب تطييب ال ُمح ِرم لثوبه قبل اإلحرام؛ قال اإلمام النووي:
«ويُ َسن الغسل لإلحرام ،فإن عجز تي َّمم ،ولدخول م ّكة وللوقوف بعرفة
ب بدنَه لإلحرام، وب ُمزدَلفة غداةَ النحر ،وفي أيام التشريق َّ
للرمي ،وأن يُطيِّ َ
وكذا ثوبه في األصح»(.)4
تطييب الثوب مكروه ،بينما اعتمدا ـ الرملي(،)6
َ اعتمد ابن حجر( )5أن
والخطيب( )7ـ أن تطييب الثوب مباح.
الثامنة :في باب الحج أن ترك المأمورات يترتب عليه د ُم ترتيب وتعديل،
فيجب على ال ُمح ِرم شاةٌ فإذا عجز اشترى بقيمة الشاة طعا ًما وتصدَّق به ،فإن
«واألصح أن الدمَ في ترك المأمور
ُّ عجز صام عن كل مُ ٍّد يومًا؛ قال اإلمام النووي:
كاإلحرام من ال ِميقات دمُ ترتيب ،فإذا ع َجز اشترى بقيم ِة الشاة طعامًا ،وتصدَّق به
ِ
فإن عجز صام عن كل مُ ٍّد يومًا»(.)8
((( سلم المتعلم المحتاج (ص.)82 -78 ((( منهاج الطالبين (ص.)71
((( مغني المحتاج ( ،)115 :2وتحفة المحتاج البن حجر ( ،)316 :3ونهاية المحتاج (.)118 :3
((( تحفة المحتاج ،البن حجر (.)58 :4 ((( منهاج الطالبين (ص.)85
((( مغني المحتاج (.)285 :2 ((( نهاية المحتاج (.)270 :3
((( منهاج الطالبين (ص.)93
المدخل إلى المذهب الشافعي 348
((( نهاية المحتاج (.)358 :3 ((( مغني المحتاج (.)310 :2
((( منهاج الطالبين (ص.)99 ((( تحفة المحتاج ،البن حجر (.)197 :4
((( نهاية المحتاج (.)7 :4 ((( مغني المحتاج (.)406 :2
((( تحفة المحتاج ،البن حجر (.)336 :4
((( كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين ،للمحلي ،مع حاشية القليوبي وعميرة (.)237 :2
( ((1مغني المحتاج (.)466 :2 ((( منهاج الطالبين (ص.)103
( ((1تحفة المحتاج ،البن حجر (.)409 :4 ( ((1نهاية المحتاج (.)92 :4
( ((1كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين ،مع حاشية قليوبي وعميرة (.)266 :2
349 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
الحادي عشر :بُطال ُن ِهبة الدين لغير ال َمدين؛ قال اإلمام النووي« :و ِهبة
الدين لل َمدين إبراء ،ولغي ِره باطلة في األصح»(.)1
قياسا على جواز بيع الدين ل َغير مَن هو عليه،
اعتمد ابن حجر( )2جوازها ً
والرملي( )4كالمَ النووي.
ُّ
()3 واعتمد ال َ
خطيب
ألقارب َزيد لم يدخل
ِ عربي
ٌّ الثاني عشر :في باب الوصايا :لو أوصى
أقارب األم في الوصية؛ قال اإلمام النووي« :وال تدخل قرابة أُمٍّ في وصية
ُ
العرب في األصح»(.)5
اعتمد الخطيب( ،)6وابن حجر( ،)7والرملي( )8دخول أقارب األم في
الوصية ،أما المحلي فلم يتع َّقبه ،بل أشار إلى القول الثاني ،وقال« :وعبَّر في
«الروضة» باألصح»(.)9
الثالث عشر :تحريم النظر لألمرد ولو بغير شهوة؛ قال اإلمام النووي:
أمرد بشهوة ،قلت :وكذا بغيرها في األصح المنصوص»(.)10 «ويحرم ن َظ ُر َ
ُ
اعتمد الخطيب( ،)11والرملي( )12أ ّن المنقول عن اإلمام الشافعي وجميع
األصحاب أن التحريم متعلق عند خوف الفتنة أو حصول الشهوة ،وخالف في
ذلك ابن حجر( )13فوافق اإلمام النووي.
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)305 :6 ((( منهاج الطالبين (ص.)171
((( نهاية المحتاج (.)413 :5 ((( مغني المحتاج (.)565 :3
((( مغني المحتاج (.)101 :4 ((( منهاج الطالبين (ص.)192
((( نهاية المحتاج (.)81 :6 ((( تحفة المحتاج البن حجر (.)58 :7
((( كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين ،مع حاشية قليوبي وعميرة (.)171 :3
( ((1مغني المحتاج (.)212 :4 ( ((1منهاج الطالبين (ص.)204
( ((1تحفة المحتاج البن حجر (.)199 :7 ( ((1نهاية المحتاج (.)193 :6
المدخل إلى المذهب الشافعي 350
الرابع عشر :في باب الصداق :مسألة لو تنازع الزوجان في البدء بالتسليم؛
قال اإلمام النووي« :ولو قال ك ٌّل ـ أي :الزوج والزوجة ـ :ال أسلِّم ـ المهر للزوج
وتسليم النفس للزوجة ـ حتى تُسلِّم ،ففي ٍ
قول يُجبَر هو ـ أي :الزوج ـ وفي قول
ال إجبار ،ومن سلَّم أُجبر صاحبه ،واألظهر يُجبَران ،فيُؤمَر بوضعه عند عدل
وتُؤمَر بالتمكين ،فإذا سلمت أعطاها العدل ،ولو بادرت فسكنت طالبته ـ أي:
بالصداق ـ فإن لم يطأ امتنعت حتى يُسلِّم ـ أي :الصداق ـ وإن و ِطئ فال ـ أي:
الزوج الصداق ـ فلتمكن ـ أي:
ُ فسلَّم ـ أي :سلَّم
فليس لها أن تمتنع ـ ولو بادَر َ
يلزمها التمكي ُن إذا طلَبه الزوج ـ فإن منعت بال عذر استرد إن قلنا :إنه يجبر»(.)1
جعل الشيخ األهدل هذه المسـألة من المسائل الضعيـفة( ،)2مع أن اإلمام
النووي لم يقل إنها معتمدة ولم ير ِّجحها ،بل ذكرها كقول ،فقال« :فإن منَعَت بال
استردَّ إن قلنا :إنه يجبر» فلم يعتمدها ،بل اعتمد أن الزوج والزوجة يُجبَران،
عُذ ٍر َ
فقال« :ولو قال ُك ٌّل :ال أسلم حتى تسلم .ففي ق َ ٍ
ول يُجبَر هو ،وفي قول :ال إجبار،
فمن َسلَّم أجبر صاحبه ،واألظهر يجبران».
أول؛ أل ّن اإلجبارلذا قال الخطيب« :وهذا إن قلنا بالمرجوح :إنه يُجبَر ً
لتبر ِعه ٌ
مشروط بالتمكين ،فإن قلنا :ال يُجبَر ،وهو الراجح ،فليس له أن يست ِردَّ ُّ
بالمبادرة»(.)3
الخامس عشر :عدم جواز استـرقاق زوجـة المسـلم الحـربية؛ قال اإلمام
األصـح ،ال عتيق مسـلم،
ّ ذمي ،وكذا عتيقه في
ق زوجة ّ النووي« :ويجوز إرقا ُ
وزوجته على المذهب»(.)4
((( سلم المتعلم المحتاج (ص.)82 -78 ((( منهاج الطالبين (ص.)218
((( منهاج الطالبين (ص.)218 ((( مغني المحتاج (.)372 :4
351 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
((( مغني المحتاج (.)41 :6 ((( نهاية المحتاج (.)70 :8
((( منهاج الطالبين (ص.)349 ((( تحفة المحتاج البن حجر (.)251 :9
((( نهاية المحتاج (.)323 :8 ((( مغني المحتاج (.)384 :6
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)271 :10
((( كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين ،مع حاشية قليوبي وعميرة (.)331 :4
( ((1نهاية المحتاج (.)390 :8 ((( منهاج الطالبين (ص.)359
( ((1تحفة المحتاج البن حجر (.)369 :10
المدخل إلى المذهب الشافعي 352
ب
المبحث الثاني
ضعفها الإمام النووي
ب المسائل التي
في «المنهاج» واعتمدها بعض المتأخرين
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)302 :3 ((( نهاية المحتاج (.)106 :3
((( مغني المحتاج (.)109 :2
((( حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين (.)39 :2
((( مغني المحتاج (.)327 :3 ((( منهاج الطالبين (ص.)145
((( تحفة المحتاج البن حجر (.)431 :5 ((( نهاية المحتاج (.)138 :5
((( منهاج الطالبين (ص.)219
المدخل إلى المذهب الشافعي 354
قوله« :وفي قول :يقع بمهر مثل» قال الخطيب« :وهذا هو المعتمد ،كما
قال اإلسنوي :إن الفتوى عليه»( ،)1ومثله قال الرملي( ،)2وابن حجر(.)3
الرابعة :قال اإلمام النووي في كتاب الطالق« :وشرط نية الكناية اقترانها
بكل اللفظ ،وقيل :يكفي بأوله»(.)4
قوله« :وقيل :يكفي بأوله» قال الخطيب« :وهو المعتمد أنه يكفي اقترانها
ببعض اللفظ ،سواء أكان من أوله أو وسطه أو آخره»( ،)5وقال الرملي« :المرجح
في «الروضة» كأصلها االكتفاء بأوله وآخره ،أي :يجزئ منه كما هو ظاهر،
فالحاصل االكتفاء بما قبل فراغ لفظها وهو المعتمد»( ،)6وقال ابن حجر« :ور َّجح
في أصل «الروضة» االكتفاءَ بأ ّوله وآخره ،أي :بجزء منه كما هو ظاهر»(.)7
الخامسة :قال اإلمام النووي في كتاب الطالق« :ولو قال :أنت طال ٌق واحدة،
ونوى عددًا فواحدة ،وقيل :المنوي»(.)8
قوله« :وقيل :المنوي» اعتمد الخطيب( ،)9والرملي( ،)10وابن حجر( )11أنه
يقع المنوي؛ ً
عمل بالنية.
السادسة :قال اإلمام النووي في باب كيفية ال ِقصاص« :الصحيح ثبوته لكل
وارث ،ويُنتَ َظر غائبهم وكمال صبيهم ،ومجنونهم ،ويحبس القاتل وال يُخلَى
((( نهاية المحتاج (.)402 :6 ((( مغني المحتاج (.)437 :4
((( منهاج الطالبين (ص.)231 ((( تحفة المحتاج البن حجر (.)473 :7
((( نهاية المحتاج (.)435 :6 ((( مغني المحتاج (.)462 :4
((( منهاج الطالبين (ص.)233 ((( تحفة المحتاج البن حجر (.)20 :8
( ((1نهاية المحتاج (.)456 :6 ((( مغني المحتاج (.)478 :4
( ((1تحفة المحتاج البن حجر (.)49 :8
355 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
قوله« :وقيل :إن ادعى مباشرةَ َسبَبه حلَف» اعتمده ابن حجر فقال« :وهذا
()8
خطيبالرملي( ،)7وال َ
ّ هو المعتمد؛ ألن العَهد تتعلَّق به»( ،)6وخالف في ذلك
فوافقوا النووي.
الخامس عشر :قال اإلمام النووي في كتاب العتق« :إذا ملك أه ُل ُّ
تبر ٍع
أصلَه أو فرعه عتق ...ولو مَلَك في َ
مرض موتِه قريبَه بال عوض ُعتِ َق من ثلثه،
وقيل :من رأس المال»(.)9
قوله« :وقيل :من رأس المال» قال الخطيب« :وهذا هو األصح كما
ححاه في «الشرحين» و«الروضة»؛ ألن الشرع أخرجه عن ملكه فكأنه لم
ص َّ
يدخل»( ،)10وقال الرملي« :وهو المعتمد»( ،)11ومثله قال ابن حجر(.)12
((( نهاية المحتاج (.)172 :8 ((( مغني المحتاج (.)177 :6
((( نهاية المحتاج ،مع حاشية الشبراملسي (.)172 :8
((( منهاج الطالبين (ص.)354 ((( تحفة المحتاج البن حجر (408 :9
((( تحفة المحتاج البن حجر ( ((( .)325 :10نهاية المحتاج (.)360 :8
((( منهاج الطالبين (ص.)359 ((( مغني المحتاج (.)426 :6
( ((1نهاية المحتاج (.)389 :8 ( ((1مغني المحتاج (.)460 :6
( ((1تحفة المحتاج البن حجر (.)368 :10
359 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
وقد نظم العالمة عبد اهلل سعيد اللحجي القيالت ال ُمعت َمدة في «المنهاج»
()1
فقال:
ـــع الرشـــا ِد إلـــى ب َ ِ
يـــان مَ ْهيِ ِ حمـــ ُد هللِ العَظيـــ ِم الهـــادي
ال َ
ـــي َشـــأنُهُ ال َم ِ
راح ُم علـــى نَبِ ٍّ ث ُ ّم الصـــاةُ والســـامُ الدائ ُم
والصحيح
ُ وقَولُـــهُ ال َمقبـــو ُل مُح َّمـــ ٍد مَـــن نُط ُقـــهُ ال َف ُ
صيح
والضعيف
ُ والصحيح
ُ والشـــاذُ الســـخيف
ُ ِســـواهُ فـــي أقوالِـــ ِه
وتابـــع لنَهجِ ـــ ِه ِمـــن أ ُ َّمتِـــه
ٍ ــــــترتِه
َ وصــحبـِـــه و ِع وآلِـــ ِه َ
القيـــات نَظ ًما مُح َكما
ِ مُعتَ َم َد َوبَعـــ َد ذا فَعَـــ َّن لـــي أن أن ِظمـــا
أشـــرقَت بِنُـــو ِر ِه الدياجِ ي
َ مَن عروف بِال ِم ِ
نهاج ِ في ِســـف ِرنا ال َم
ريـــح لَف ِظها
َ ص
يت َ ح َّر ُ وقَـــد ت َ لحف ِظهاـــيرها ِ
يس ُ قَص ِدي بِها ت َ ِ
مكـ ِن في ذا القسـ ِم ـت بال ُم ِ فَجِ ئـ ُ ق مَجـــا ُل النظـــ ِم و ُربَّمـــا ضـــا َ
َـــون َربِّـــي ِ
راحـــ ِم ال ِعبـــا ِد بِع ِ أشـــر ُع فـــي ال ُمـــرا ِد
َ َوهـــا أنـــا
حو ُل رط الزكا ِة في التجا ِر ال ََش ُ فَـــأ َّو ٌل ِمنـــ ُه َحـــواهُ فَصـــ ُل
ـــك» يـــا نَبِيـــا
ـــر المال ِ ُ
خيَّ َ تَ َ صـــهُ بلَ ِ
فـــظ« :قِيـــا وهـــا َك ن َ ُّ
أخي ُكن دا ِريَهْ تاب يا ِ بَع َد ِ
الك ِ صلالَّذيفيالعا ِريَه والثّانِيفيال َف ِ
يَم ِل ُكـــهُ بقيمـــ ٍة» كـــذا َر َووا ـح فِيــه« :قِيـ َل :أوولَف ُظـهُ الص ِريـ ُ
صـــل أ َّو ِل
ٍ بثُلُثَيـــن قَبـــ َل ف َ ـث يَ ِلــي
ـع ثالـ ٌ
خ لـ ِـاب ال ُوفِــي ِكتـ ِ
صـاح َشـ ِّمر تَرت َ ِفع
ِ ب َمهـ ِر ِم ٍ
ثـل» َمشـ ُهو ُر لَف ِظـ ِهَ « :وفِي ق َ ٍ
ـول يَ َقع
ـــع
صـــل رابِ ِ ٍ حلُّـــه ِمنـــهُ ب َف
مَ َ ح ُق ــوا بِرابِ ـ ِ
ـع َوفِ ــي الط ــاقِ أل َ
((( قام األستاذ طالل النداوي بتأليف شرح لطيف على هذه المنظومة أسماه «إسعاف المحتاج
في شرح منظومة القيالت المرجحة في منهاج الطالبين» ،وقد طبعته دار ابن فارس.
المدخل إلى المذهب الشافعي 360
يك لَف ُظهَُ « :وقِيـــ َل ال َمن ِوي» إل َ َ لـــت مُن َطويُ أ َّولُـــه وقَبـــ َل ق ُ
ب َفص ِلـــ ِه الثّانِي أتَـــى مُن َد ِرجا صاص جا ِ َكذا َك في َكي ِفيّـــ ِة ال ِق
يَد ُخ ُل» فاف َهـــم واح َذ ِر التغافُال صـــه « َوقِي َل :ال خا ِم ُســـها ون َ ُّ
الســـيف» ُم ِه ٌّم ِحف ُظ ُه
ُ «في ق َ ٍ
ول س ولَف ُظ ُه:ذا ال َفص ُل فيه ســـا ِد ٌ
ول ك ِفع ِل ِه» فحـــا ِذر يَختَفي «ق َ ٍ أيضا ســـابِ ٌع تَـــراهُ في َوفِيـــه ً
صل بَع َدهُ أيـــا مَن رامَه فِي ال َف ِ وثا ِمـــ ٌن قَد جاءَ في ال َقســـامَه
خـــذ ما تلفي أســـهُ» ف ُ
أوض َح َر َ َ صـــه « َوقِيـــ َل :يَك ِفي إل َ َ
يـــك ن َ ُّ
آخـــر ُجملَه
َ ل َفص ِل ِه قَـــد جاءَ وتاســـ ٌع جـــاءَ قُبَيـــ َل الجِ زيه ِ
قِي َمتُهـــا» فـــاد ِر ت َ ُكـــن نَبِيال لـــج وهـــاك «قِيال مَســـألةُ ال ِع ِ
ِ
بواض ِح ِ
العاشـــ ِر جا في نِص ِفه تاب الصيـــ ِد والذبائِ ِح َوفِـــي ِك ِ
بـــرمُ
ألمـــر مُ َ
ٌ العُضـــ ُو» إ ّن ذا ـح لَف ِظ ــهَ « :وقِي ـ َل :يَح ـ ُ
ـرمُ ص ِري ـ ُ
َ
ـــر جاءَ بِال مُجادَله حا ِدي ع ََش ْ ناضلَه
قات وال ُم َ وفي ال ُمســـاب َ ِ
َولَف ُظـــهَُ « :وقِيـــ َل بِالســـ ِويَّه» أيمـــان ب َغيـــ ِر ِمريـــه
ٍ قُبَيـــل
تـــاب الدعوىِ لل ِعلـــ ِم ُخذهُ ِ
بك والثاني بع َد العَش ِر يا مَن قَد َح َوى
إن ادَّعى مُباشـــره وهْو «وقِيلِ : ب َفص ِلـــه الثانـــي أتـــا َك آخره
وثالـــث العَشـــر أتـــا َك بَعدَه
ُ ـــف» ثـــم لقطـــه ســـببه َحلَ َ
تاب فاد ِر هذا واحتَذي الك ِ بع َد ِ صلالذي تققدجاءَ َكفيال َف ِ فيال ِع ِ
المال» ت َ َّم ما قَد قِيال
ِ أسِمـــن َر ِ وهــــا َكه بلَفـــ ِظـــــ ِهَ « :وقِيال:
َوهْي به تَكـــو ُن أرب َ َع ع َْشـــرا ـــج زادَ ِ
آخرا ـــب ال َمن َه ِ
وصاح ُ ِ
بذكرت تَن ُج ُ
ُ التفصي ُل» فاح َفظ ما بصـريح لَفظـِـــه« :وقِي َل :يَجِ ُُ
علـــي َخت َم ُه
َّ ـــر
َحمدًا ل َمن يَ َّس َ ـــدت نَظ َمه
ُ هَذا وتَـــ َّم ما ق َ َ
ص
وصـحبِه و َمــــن عَـلَى ِمـنوالِـ ِه َ النبـــي وآلِه
ِّ ث ُ َّم الصـــاةُ على
361 يعفاشلا بهذملا يف ىوتفلاو ثحبلا جهنم
ب
المبحث الثالث
تقسيم الأبواب والفصول في كتب المذهب الشافعي
((( ترتيب الموضوعات الفقهية ومناسباته في المذاهب األربعة ،لعبد الوهاب إبراهيم (ص.)60
المدخل إلى المذهب الشافعي 362
العمل ،ومنهم مَن أل َح َقه بكتاب السير كـ«مختصر المزني» و«الروضة» و«المنهاج»؛
لتعلُّ ِقهما بالجهاد من حيث إنهما ُسنّتان إذا قُصد بهما التأهب للجهاد(.)1
وأ َّخروا كتاب األقضية والشهادات؛ ألنها تجري في جميع ما قبلها من
معامالت وغيرها ،واشتمل هذا الكتاب على كتاب القضاء ،وكتاب الشهادات،
وكتاب الدعوى والبينات.
وختموا موضوعات الفقه بكتاب العتق (وهي أبواب العتق ،والتدبير،
والكتابة ،وأمهات األوالد) لمعنى لطيف ،وهو التفاؤل بال ِفكاك من النار(.)2
وقد كتب اإلمام سراج الدين البُلقيني رسالة لطيفة «مناسبة أبواب الفقه
فصل في مناسبة ترتيب األبواب في كتب
على قاعدة أصحابنا رضي اهلل عنهم» َّ
المذهب ،والرسالة مطبوعة.
فائدة مهمة:
مختص ٍة من العلم
ّ جملة
جمع .واصطال ًحا :اسم ل ُ
الكتاب لغة :الض ُّم وال َ
مُشت ِملة على أبواب وفصول.
جمل ٍة مُخت َّصة من
توصل منه إلى غيره .واصطال ًحا :اس ٌم ل ُ
الباب لغة :ما يُ َّ
الكتاب مُشت ِملة على فصول غالبًا.
الفصل لغة :الحاجز بين الشيئين .واصطال ًحا :اسم لجملة مُخت َّصة من الباب
مشتملة على مسائل غالبًا.
الفرع لغة :ما بُنِي على غيره .واصطال ًحا :اس ٌم لجملة مُخت َّصة من العلم
مُشت ِملة على مسائل غالبًا.
المسألة لغة :مُطلَق السؤال ،واصطال ًحا :مطلوب خبري يُبرهَن عليه في
العلم.
الفائدة :هي المسألة ال ُمرتَّبة على الفعل من حيث هي كذلك ،أو هي كل
نافع دنيوي أو أُخروي.
ٍ
التنبيه :هو البَحث الالحق الذي تقدمت له اإلشارة بحيث يُفهم من الكالم
ً
إجمال. السابق
التتمة :ما يتم به الكتاب أو الباب ،وهو قريب من معنى الخاتمة(.)1
المبحث الرابع
ب
الس َل ّم التعليمي للمذهب الشافعي
ُ
ويمكن أن يبدأ طالب العلم في هذه المرحلة ب ُمطالَعة كتب الحواشي؛ ألن
تض ُّم مسائل دقيقة يحتاجها كل عالم متخصص في المذهب كتب الحواشي ُ
الشافعي ،ومن أفضل كتب الحواشي التي يُنصح بها «حاشية الجمل على شرح
المنهج» في حال درس «شرح المنهج» ،فهذه الحاشية موسوعة عظيمة و َكنز ال
مثيل له ،كما يُنصح بمطالعة «حاشية قليوبي على شرح المنهاج» في حال درس
«شرح المنهاج» ،وهي حاشية َغنِيّة بالفوائد والدقائق الفقهية.
ويطالع في هذه المرحلة في أدلة األحكام «إحكام األحكام في شرح
عمدة األحكام» لإلمام ابن دقيق العيد.
ويدرس في علم أصول الفقه «شرح جمع الجوامع» لإلمام جالل الدين
المحلي.
ويطالع في القواعد الفقهية «األشباه والنظائر» لإلمام السيوطي.
ب
الباب الثالث
أصول المذهب الشافعي
((( انظر :تاريخ أصول الفقه ،لعلي جمعة ،وتطور الفكر األصولي عند المتكلمين ،ألحمد
الحسنات.
((( أخرجه أبو داود ،باب اجتهاد الرأي في القضاء ( ،)303 :3حديث رقم (.)3592
المدخل إلى المذهب الشافعي 372
الخطاب الشفاهي ،ف ُح ِفظ القرآن ومن بع ِده عليه الصالة والسالم تع َّذر ِ
الكريم بالنقل المتواتر ،وأجمع الصحابة الكرام على وجوب العمل بالسنة
وفعل مع صحة سالمة النقل ،ثم الصحابةُ كانوا يتَّفقون على تعيُّن ً النبوية ً
قول
بعض الدالئل الواردة في الكتاب والسنة على معنى مُعيَّن ،ويُ ِ
نكرون أش ّد النكير
على مَن خالَفهاُ ،
فس ِّمي اتِّفاقُهم إجماعًا وصار ً
دليل شرعيًّا.
ثم نظروا في آيات القرآن الكريم ال ُمتعلِّقة باألحكام فكانت محصورةً بما
ال يزيد عن ( )500آية من مجموع ( )6236آية ،ونظروا في األحاديث النبوية
الشريفة ال ُمتعلِّقة باألحكام ،فكانت محصورة بما ال يزيد عن ( )3000حديث
من مجموع ( )14000حديثُ ،مقابل ذلك أن الوقائع تتج َّددُ بتجدُّد األزمنة
نص ِمنكثيرا من الوقائع التي حدثت بعده ﷺ لم تندرج في ٍّ واألمكنة؛ فإن ً
ص عليه ،فكانوا يقيسون األشباهَ كتاب أو سنة فقاسوها بما ثبت وأل َحقوها بما ن ُ ّ
لحقون األمثَل باألمثل حتى يغلب على الظن أن حكم اهلل فيهما باألشبه ،ويُ ِ
دليل شرعيًّا ،فقد أوصى عمر بن الخطاب قياسا وصار ً فس ِّمي فِعلُهم هذا ً
واحدُ ،
أبا موسى األشعري ،فقال له« :ال َفه َم ال َفه َم فيما يخت ِل ُج في صد ِرك مما لم يبلُ َ
غك
س األمو َر عند ذلك ،واع ِمد َعرف األمثا َل واألشباه ،ثم قِ ِ في القرآن والسنة ،فت َّ
إلى أحبِّها إلى اهلل ،وأشبهها فيما ترى»(.)1
والسنّة ،واإلجماعُ ،والقياس ،اتفق
الكتابُّ ،
ُ فهذه أصول األدلة األربعة:
بعضهم في اإلجماع والقياس ،إال أنهجمهور العلماء على ُح َّجيتِها ،وإن خالَف ُ
غير مُعتَ ّد بخالفه ،وهناك أدلة غير هذه األربعة مَ َح ُّل خالف بين العلماء؛ كعمل
وس ِّد الذرائع...الخ.
أهل المدينة ،والعُرفَ ،
((( السنن الكبرى للبيهقي (.)197 :10
373 يعفاشلا بهذملا لوصأ
واعلم أ ّن أو َل مَن كتب في هذا الفن اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه في
كتابه «الرسالة» ،ج َمع فيه الكالم على األوامر والنواهي ،والبيان ،والخبر،
والنسخ ،والتخصيص ،واإلجماع ،والقياس ،وخبر الواحد ،واالجتهاد.
وأوسعوا القول فيه وح َّققوا قواعده ،إال
َ َب فقهاء الحنفية في هذا الفن
وكت َ
أن كتابة الفقهاء أليَ ُق بالفروع الفقهية لكثرة األمثلة والشواهد وبناء المسائل فيها
على النكت الفقهية ،والتقاط هذه القوانين من الفروع الفقهية ما أمكن ،وكتب
المتكلِّمون فيه فكانوا ِّ
يجردون المسائل عن الفقه ،ويَميلون إلى االستدالل
العقلي ما أمكن.
أحسن ما َكتَب
قال العالمة ابن خلدون في «مقدمة تاريخه»« :وكان ِمن َ
للغزالي وهما
ّ فيه المتكلِّمون كتاب «البُرهان» إلمام الحرمين ،و«المستصفى»
من األشعريّة ،وكتاب «ال ُع َمد» لعبد الجبّار ،وشر ُحه «المعتمد» ألبي الحسين
البصري ،وهما من المعتزلة ،وكانت األربعة قواعد هذا الف ّن وأركانه.
ّ
خص هذه الكتب األربعة فَحالن ِمن المتكلّمين المتأ ّخرين وهما:
ث ّم ل ّ
اآلمدي»
ّ اإلمام فخر الدّين بن الخطيب في كتاب «المحصول» ،و«سيف الدّين
في كتاب «اإلحكام».
واختلفت طرائقهما في الف ّن بين التّحقيق واالحتجاج؛ فابن الخطيب
واآلمدي مُول َ ٌع بتحقيق المذاهب
ّ أميل إلى االستكثار من األدلّة واالحتجاج،
وتفريع المسائل.
األرموي
ّ وأمّا كتاب «المحصول»؛ فاختصره تلميذ اإلمام ِسراج الدّين
األرموي في كتاب «الحاصل» ،واقتطف
ّ في كتاب «التّحصيل» ،وتاج الدّين
المدخل إلى المذهب الشافعي 374
ب
المبحث الأول
في الأحكام
قال العالمة القليوبي« :قوله( :فله قطعهما ـ أي :نفل الصيام ونفل الصالة ـ )
كاعتكاف ،وقراء ٍة ولو في
ٍ أي :وال كراهة مع العذر ،ومثلهما سائر النوافل؛
صالة ،وطواف ،ووضوء ،وذكر ولو في صالة أو عقبها ،وفرضُ الكفاية كالنفل
فيما ذُ ِكر على المعتمد إال في حج وعمرة ،سواء الفرض والنفل ،وإال في تجهيز
ميت لم يقم غيره مقامه فيه»(.)2
ويستثنى من ذلك الحج والعمرة المندوبان ،فيجب إتمامهما؛ ألن نفل
الحج والعمرة كفرضهما في النية والك ّفارة؛ وألن ًّ
كل من النفل والفرض ال
((( أخرجه الترمذي ،باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع ( )100 :3حديث رقم (.)732
((( حاشيتا قليوبي وعميرة (.)94 :2
المدخل إلى المذهب الشافعي 376
((( حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع (.)130 :1
((( تشنيف المسامع بجمع الجوامع للزركشي (.)135 :1
((( أخرجه البخاري ،باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى.)57 :2( ،
((( حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع (.)116 :1
377 يعفاشلا بهذملا لوصأ
أيضا ،ولكن يُطلَق عليه ل ُمشابهتِه للصحيح من جهة ترتُّب وعندنا هو باطل ً
أثر ما عليه من أُجرة مثل ،وغير ذلك ،ولم ننف عنه اإلبطال ،وإنما س َّميناه بالفساد،
وسكتنا عن ذكر الباطل؛ تفرقةً بين ما يترتب عليه أثر ما ،وما ال يترتب»( .)1انتهى.
2ـ من أمثلة التفريق بين الباطل والفاسد عند الشافعية:
ويفسد بالجماع الطارئ.
ُ بالردّة
1ـ الحج يبطل ِّ
2ـ اإلجارة الفاسدة تجب فيها أجرة المثل.
3ـ إعارة الدراهم لغير التزيين؛ فإن قلنا باطلة كانت غير مضمونة أو
فاسدة فمضمونة.
4ـ الخلع والكتابة :الباطل فيهما ما كان على عوض غير مقصود كدم،
كالص َغر والس َفه ،والفاسد يترتب عليه الطالق
ِّ أو رجع إلى خلل في العقد
والعتق ،ويرجع السيد بالقيمة والزوج بالمهر(.)2
((( رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب لتاج الدين السبكي (.)25 :2
((( بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض األئمة من العلماء المتأخرين (ص.)108
المدخل إلى المذهب الشافعي 380
ب
المبحث الثاني
في الأدلة الشرعية المتفق عليها
((( البحر المحيط ،للزركشي ( ،)94 :6وغاية الوصول في شرح لب األصول لزكريا األنصاري
(ص.)100
((( تشنيف المسامع بجمع الجوامع للزركشي (.)958 :2
381 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ويجب العم ُل بخبر الواحد وإن كان ظنِّيـًّا في سنده()1؛ ألنه ﷺ كان يبعث
اآلحادَ إلى القبائل والنواحي لتبليغ األحكام ،فلوال أ ّن َ
خبر اآلحاد يجب العم ُل
به لم يكن لبَعثِهم فائدة ،وألنه لو لم يجب العمل بخبر اآلحاد لتع َّطلَت وقائع
األحكام المرويّة به ،وهي كثيرة جدًّا(.)2
ويُستد ُّل على ذلك بما رواه عبد اهلل بن عمر ،قال :بينا الناس ب ُقباء في صالة
آت ،فقال« :إن رسول اهلل ﷺ قد أُن ِزل عليه الليلةَ قرآن ،وقدالصبح ،إذ جاءهم ٍ
أ ُ ِم َر أن يستقبِ َل الكعبة ،فاستقبِلوها ،وكانت ُوجوهُهم إلى الشأم ،فاستداروا إلى
الكعبة»( ،)3قال الحافظ ابن حجر العسقالني« :وفيه قَبو ُل خبَ ِر الواحد ،ووجوب
العمل به»(.)4
ـ تنبيهات:
القياس يُع َمل به عند الشافعية ،وال يُشترط حينئذ
َ 1ـ خبر اآلحاد إذا خالف
ثبوت ص ّحتِه ،وال عبرةَ بفقه الراوي(.)5
ُ فقه الراوي؛ ألن مدا َر الع َمل بخبر الواحد
2ـ ذهب الشافعية إلى أن خبر اآلحاد إذا تعارض مع عمل أهل المدينة
يُع َمل بخبر الواحد خالفًا للمالكية؛ ألن إجماع أهل المدينة ليس بحجة وال
يُعتبَر إجماعًا(.)6
((( التبصرة في أصول الفقه للشيرازي (ص ،)299واإلحكام في أصول األحكام ،لآلمدي (.)1:281
((( غاية الوصول في شرح لب األصول لزكريا األنصاري (ص ،)102وحاشية العطار على
جمع الجوامع (( )2ص.)159
((( أخرجه البخاري ،كتاب الصالة ،باب ما جاء في القبلة )89 :1( ،رقم (.)403
((( فتح الباري ،البن حجر (.)507 :1
((( حاشية العطار على شرح جمع الجوامع (.)162 :2
((( حاشية العطار على شرح جمع الجوامع (.)161 :2
المدخل إلى المذهب الشافعي 382
3ـ ذهب الشافعية إلى أن خبر اآلحاد فيما ت ُع ُّم به البلوى يُع َمل به خالفًا
للحنفية ،والمقصود بما ت ُع ُّم به البلوى ما يشتد حاجة المكلفين إليه ،ويكثُر السؤا ُل
عنه؛ ألن نقل األخبار كان في الصدر األول حسب الدواعي ،وقد حج النبي ﷺ
اليسير من الصحابة(.)1
ُ وكان معه مئة ألف صحابي ،ومع ذلك لم ير ِو َح َّجه إال
رس ِله.
غير مُ ِ
المرس َل ُ
َ 1ـ إذا أسند
أرسله راو آخر يروي عن غي ِر ُش ِ
يوخ األ َّول. 2ـ إذا َ
عضده قول صحابي. 3ـ إذا َّ
عضده قول أكثر أهل العلم.4ـ إذا َّ
المرسل أنه ال يُ ِ
رسل عمن فيه علة من جهالة أو غيرها. ِ 5ـ إن ُع ِرف ِمن حال
مقبولّ ،
وإل فهو مردود؛ أل ّن ً رسل بواح ٍد مما سبَق كان َ
اعتضد ال ُم َ فإذا
المرسل أولى
َ ِ
مجهول الحال ال ُمس َّمى غير مقبولة؛ لجهالة حاله ،فرواية رواي َة
غير مذكور ،فهو مَجهو ُل العَين والحال(.)1
المروي عنه ُ
ّ بعدم القبول؛ ألن
تنبيه :ذكر اإلمام النووي أن اإلمام الشافعي لم يحت َّج بمراسيل سعيد بن
المسيّب مُطل ًقا ،بل بالشروط السابقة( .)2وبيَّن اإلمام الماوردي أ ّن الشافعي في
فر ِدها ،وأما في الجديد فهي كغيرها(.)3
يحتج بمراسيل سعيد ب ُم َ
ُّ القديم كان
نسب إلى اإلمام الشافعي التفري َق بين وبيّن الحافظ البيهقي َغ َ
لط َمن َ
مراسيل ابن ال ُمسيَّب وغي ِره في رسالتِه لإلمام أبي محمد الجويني حيث قال:
ِ
جة
ح ّ
ترجيحات ال تقوم ال ُ
ٌ «ورأيت في هذا الفصل قوله في المراسيل :إنها
بها ،سوى مرسل سعي ِد بن ال ُم َسيَّب ،والشيخ ـ أدام اهلل عزه ـ تبِع في إطالق
هذه اللفظة صاحب «التلخيص» ،ولو نظر في رسالتَي :القديمة والجديدة
للشافعي رحمه اهلل ،وأبصر شرطه في قبول المراسيل ،وتذ َّكر المسائل التي
بناها على مراسيل غيره حين اقترن بها الشرط ،ولم يجد فيها ما هو أقوى منها
ـ وهو أدام اهلل توفيقه أعلم بتلك المسائل مني ـ لقال بسوى مرسل سعيد بن
المسيب ،ومن كان في مثل حاله من كبار التابعين؛ ليكون قولُه مواف ًقا لجملة
قول الشافعي في الرسالتين»(.)1
فالحكم نفي صحة النكاح ،والنكاح هو السبب ،فال ُحك ُم ُمت َِّح ٌد والسبب متحد.
نكاح إال ب َول ِ ٍّي» على ال ُمقيَّد فيُقيَّد بصفة ُّ
«الرشد»، َ فيُح َمل ال ُمطلَق في قوله« :ال
ويحمل قولُه« :بشاهدَين» ال ُمطلَ ُق فيُقيَّد بصفة العدالة.
الحالة الثانية :أن يت َِّحدا في الحكم ويختلفا في السبب ،فيُح َمل ال ُمطلَق
َ ََ ۡ ُ َ
ير َرق َبةٖ ّمِن ق ۡب ِلعلى ال ُمقيَّد ،ومثاله :قال اهلل تعالى في كفارة الظهار﴿ :فتح ِر
ٓ َ
أن َي َت َما َّسا﴾ [المجادلة ]3:أطلَق الرقَبة ولم يُقيِّدها بصفة اإليمان ،وقال في كفارة
ۡ ََ ۡ ُ َ
ير َرق َبةٖ ُّمؤم َِنةٖ﴾ [المجادلة ]3:قيَّدها بصفة اإليمان ،فالحكم واحدالقتل﴿ :فتح ِر
وهو وجوب التحرير؛ أي :عتق الرقبة في الموضعين .لكن السبب مختلف،
فال ُمطلَق جاء بسبب الظهار ،وال ُمقيَّد بسبب القتل.
الحالة الثالثة :أن يت َِّحدا في السبب ويخت ِلفا في الحكم ،فيُح َمل ال ُمطلَق
ق اليَ ِد في آية التيمم؛ قال تعالى:على ال ُمقيَّد إذا اتحدت العلة ،مثاله :إطال ُ
ُ َ ُ ْ َ
ِيكم ّم ِۡن ُه﴾ [المائدة ،]6 :مع تقييد اليد إلى المرافق في ﴿ف ۡ
ٱم َس ُحوا ب ِ ُو ُجوهِك ۡم َوأيۡد
َ ۡ َ َ ۡ ُ ْ
ُ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ
ك ۡم إِلى ٱل َم َراف ِِق﴾ [المائدة،]6 : آية الوضوء؛ قال تعالى﴿ :فٱغسِلوا وجوهكم وأيدِي
فقد اتَّحد السبب وهو ال َحدَث ،واختلف الحكم وهو وجوب المسح في األولى
والغسل في الثانية ،فيُحمل ال ُمطلَق على ال ُمقيَّد؛ الشتراكهما في سبب الحكم.
الحالة الرابعة :إذا اختلفا في الحكم والسبب؛ فال يُح َمل أحدُهما على
َ ۡ ُ ْ
اآلخر ،مثاله :تقييد اليد إلى المرافق في الوضوء في قوله تعالى﴿ :فٱغسِلوا
ُ ُ َ ُ ۡ ََۡ َ ُ َ ۡ
ك ۡم إِلى ٱل َم َراف ِِق﴾ [المائدة ]6 :مع إطالق اليد في السرقة كما وجوهكم وأيدِي
َ ْ َ َّ ُ َ َّ َ ُ َ ۡ
ٱلسارِقة فٱق َط ُع ٓوا أيۡد َِي ُه َما﴾ [المائدة ]38 :فال يُح َملفي قوله تعالى﴿ :وٱلسارِق و
ال ُمطلَق على ال ُمقيَّد؛ الختالف سبب الحكم.
387 يعفاشلا بهذملا لوصأ
الكتاب بالسنة؛ ألن اآلية دلت على أن السنة ُمبيِّنة فلو كانت ناسخة لكانت رافعة
ال مبينة ،واستدل باآلية السابقة كذلك على أن السنة تبيِّن القرآن فلو كان القرآن
خا بالسنة لكان القرآن بيانًا للسنة فيلزم كون كل واحد منهما بيانًا لآلخر.
ناس ً
والسنّة بالكتاب
بالسنّة ُّ السبكي« :وأما ن َ ُ
سخ الكتاب ُّ قال اإلمام تقي الدين ُّ
فالجمهور على جوازه ووقوعه ..ون ُ ِقل عن الشافعي رضي اهلل عنه وقد استن َكر
جماعةٌ من العلماء ذلك من الشافعي ..وقال إمام الحرمين :قطع الشافعي
نسخ بالسنة ،وتردَّد في قوله في ن َ ِ
سخ السنة بالكتاب، جوابَه بأ ّن الكتاب ال يُ َ
قلت :وهنا هو الذي قاله في «الرسالة» فإنه قال في باب ابتداء الناسخ
ُ
كتاب اهلل إال كتابُه كما كان المبتدي بفرضه فهو
َ نسخ
والمنسوخ ما نصه :وال يَ َ
ال ُمزي ُل ال ُمثبِت لما شاء منه َج َّل ثناؤه ،وال يكون ذلك ألحد من خلقه .انتهى.
خها ّإل ُسنّة رسول اهلل ﷺ،
ينس ُ
ثم قال ما نصه :وهكذا سنة رسول اهلل ﷺ ال َ
لس َّن فيما
غير ما َس َّن فيه رسول اهلل ﷺ َ
ولو أحدث اهلل لرسوله في أمر َس َّن فيه َ
389 يعفاشلا بهذملا لوصأ
أحدث اهلل إليه حتى يُبيِّ َن للناس أن له سنة ناسخة للتي قبلها مما يخالفها.
انتهى.
الكالم أ َخذ مَن ن َقل عن الشافعي رحمه اهلل أن النبي ﷺ
ِ و ِمن َ
صدر هذا
ينس ُخ ذلك الحكم فال ب ُ َّد أن يَ ُس َّن ُّ
النبي ﷺ إذا َس َّن ُسنّة ثم أنزل اهلل في كتابه ما َ
جة على الناس في كل ح ّ ُسن ّ ًة أخرى ُموافق ًة للكتاب َ
تنس ُخ ُسنّتَه األولى لتقو َم ال ُ
تخالف الكتاب(.)1
ُ بالكتاب والسن ِة جميعًا ،وال تكون ُسنّة منفردةً
ِ حكم
بالسنّة كن َ ِ
سخ آية الوصية وذهب ُجمهو ُر الشافعية إلى جواز ن َ ِ
سخ الكتاب ُّ
ُ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ ً ۡ َ َّ ُ
صية للوالدين واألقربين ﴿كتِب عليكم إِذا حضر أحدكم ٱلموت إِن ترك خيرا ٱلو ِ
ُ ۡ َ َۡ َ ۡ َ ََۡۡ َ ۡ
ٍ ِ
وصيّة لوا ِرث» ،
()2 َ وف﴾ [البقرة ]180 :بحديث« :ال ِ ل ِلوٰل ِدي ِن وٱلأقربِين بِٱلمعر ِ
بالسنّة ال ِفعلية وجوا ِز ن َ ِ
سخ السنة بالكتاب كنسخ استقبال بيت المقدس الثابت ُّ
بآية استقبال البيت الحرام.
ّ ُّ َ َ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ َ
ك ٱلۡك َِتٰ َ
ب ت ِۡب َيٰ ٗنا ل ِك ِل ش ۡي ٖء﴾ جمهو ُر ب َقولِه تعالى﴿ :ونزلنا علي
واستدل ال ُ
يص ُّح السنّة بالكتاب ،كما ِ والنسخ يُعتَبر من البيان ،فيَ ِص ُّح ُ
نسخ ُّ ُ [النحل،]89 :
ُ َ ّ َ َۡ ٓ َ َ ّ ۡ َ
نزل َنا إِل ۡيك ٱلذِك َر ل ُِتبَي ِ َن ل َِّلن ِ
اس َما ن ّ ِزل نسخ الكتاب بالسنة؛ لقوله تعالى﴿ :وأ
ُ
َ
َ
النسخ بيان. إِل ۡي ِه ۡم﴾ [النحل ]44 :بناءً على أن
ب
المبحث الثالث
الأدلة المختلف فيها
النكرة المنفية ت ُع ّم ،وهذا النفي ليس واردًا على اإلمكان وال الوقوع قطعًا ،بل
على الجواز ،وإذا انتفى الجواز ثبت التحريم وهو المدعى(.)1
ثانيًا :الاستصحاب
هو عبارة عن الحكم بثبوت أمر في الزمان الثاني بناء على ثبوته في الزمان
األول؛ ألن ما ثبت في الزمان األول من وجود أمر أو عدمه ولم يظهر زوالُه ال
قطعًا وال َظنًّا؛ فإنه يل َز ُم بالضرورة أن ُ
يحص َل الظ ُّن ببقائه كما كان ،والعمل بالظن
واجب(.)2
ج َويني« :االستصحاب قانون في الشريعة»(.)3
الحرمَين ال ُ
َ قال إمام
مثاله :مَن استي َقن الحدَثَ ،
وش َّ
ك في الطهارة بعده ،فتط َّهر على هذا التردُّد،
صح وضوءه بناءً على استصحاب الحدث.
ثم بان له أنه ما كان تط َّهرَّ ..
الطهر وشك في الحدث ،فتطهر على التردد ،فبان أنه كان
َ ولو استيقن
محدثًا ،لم يصح وضوءه؛ بناء على استصحاب الطهر.
ومن أخرج زكاة ماله الغائب ،وهو على التردد في بقائه ،ثم با َن بقاؤه أجزأه
خرج .ومن أخرج زكاة مال أبيه على تقدير موته ،ثم بان موتُه ـ كما قدّر ال ُم َ
ـ لم يعتَ َّد بما أخرجه بناءً على بقاء األب؛ فهذا وجه ربط النية باالستصحاب
نفيًا وإثباتًا(.)4
ثالثًا :الاستقراء
هو تص ُّفح أمور جزئية ليح ُك َم ب ُ
حك ِمها على أمر يشمل تلك الجزئيات،
وينقسم إلى :تام ،وناقص(:)1
جزئي لثبوته في ال ُكلِّي على االستغراق .وهذا
ٍّ فالتام :إثبات الحكم في
هو القياس المنطقي المستعمل في العقليات ،وهو حجة بال خالف.
ومثاله :ك ُّل صالة فإما أن تكون مفروضة أو نافلة ،وأيهما كان ،فال بد وأن
تكون مع الطهارة ،فكل صالة فال بد وأن تكون مع طهارة .وهو يفيد القطع؛
ألن الحكم إذا ثبت لكل فرد من أفراد شيء على التفصيل ،فهو ال محالة ثابت
لكل أفراده على اإلجمال.
إثبات الحكم في ُكلِّ ٍّي لثبوته في أكثر جزئياته من غير احتياج
ُ والناقص:
إلى جامع .وهو ال ُمس َّمى في اصطالح الفقهاء بـ«األعم األغلب» ،وهذا النوع
اختُ ِلف فيه ،واألصح أنه يفيد الظ َّن الغالب ،وال يفيد القطع.
الوتر يؤدَّى
َ جوب الوتر؛ بأن
مثاله :استدالل بعض الشافعية على عدم ُو ِ
على الراحلة ،وكل ما يُؤدَّى على الراحلة ال يكون واجبًا ،أما ال ُمقدِّمة األولى
فباإلجماع ،وأما الثانية فباستقراء وظائف اليوم والليلة أداءً وقضاءً(.)2
وقد احتج اإلمام الشافعي باالستقراء في مواضع كثيرة؛ كتحديد أقل سن
وأكثره خمس َة َ
عشر ُ تحيض فيه المرأة بتسع سنين ،وأن أق َّل الحيض يوم وليلة،
يو ًما ،وجرى عليه األصحاب ،وقالوا :فلو وجدنا المرأة تحيض أو تط ُهر أقل
من ذلك ،فهل يُتَّبَع؟ فيه أوجه :أحدها :نعم ،وبه أجاب األستاذ أبو إسحاق
الشيرازي؛ ألن العادات تختلف باختالف األهوية واألعصار .وأصح األوجه:
ال عبرة به؛ ألن األ َّولين أعطوا البحث َح َّقه ،فال يلتفت إلى خالفه .والثالث:
صرنا إليهّ ،
وإل فال(.)1 مذهب واحد من السلف ِ
َ إن وافق ذلك
اإليجاب األكثر يستلزم إيجاب األقل .وأما البراءة األصلية فإنها تقتضي عدم
وجوب الزيادة؛ إذ هي دالّةٌ على عدم الوجوب مُطلَ ًقا ،لكن ترك العمل بها في
الثلث لإلجماع فبقي ما عداه على األصل ،فتلخص أن الحكم باالقتصار على
مبني على مجموع هذين الشيئين(.)1
األقل ٌّ
خامسًا :المناسب المُرسَل (المصالح المرسلة)
هو المناسب الذي سكت عنه الشارع ،فلم يعتبره الشارع ولم يُل ِغه(.)2
وقُيِّد جوا ُز األخذ بها بكون المصلحة ضروريةً قطعيةً ُكلّية(.)3
فالضرورية :هي التي تكون من إحدى الضروريات الخمس ،وهي :حفظ
الدين ،والنفس ،والعقل ،والمال ،والنسب .فإن لم تكن المصلحة ضروري ًة،
تترس ال ُك ّفار في
بل كانت من الحاجيات أو التت ّمات فال اعتبار بها ،كما إذا َّ
غير متوق ِّ ٍ
ف قلعة بمسلم؛ فإنه ال يحل َرميُه؛ إذ ال ضرورة فيه ،فإن ِح َ
فظ ديننا ُ
على استيالئنا على تلك القلعة(.)4
صول ال َمصلحة فيها ،فإن لم تكن قَطعي ًة،
ح ِ وأما ال َقطعيّة :فهي التي يجزم ب ُ
بتسليط ال ُك ّفار علينا عند عدم َرمي الترس ،فال يجو ُز األخ ُذ
ِ كما إذا لم نقطع
بها(.)5
وال ُكلّية :هي التي تكون موجبةً لفائد ٍة لل ُك ِّل؛ أي :مصلحة عامة للمسلمين،
فإن لم ت ُكن ُكلّيةً كما لو أشرفت السفينةُ على الغرق ،وقطعنا بنجا ِة الذين فيها
لو رمينا واحدًا منهم بالبحر ،فإنه ال يجوز الرمي؛ ألن نجاةَ أهل السفينة ليست
مصلحةً ُكلّيةً ،وكذلك ال يجوز لجماعة وقَعوا في مخ َمصة أك ُل واح ٍد منهم
بال ُقرعة؛ لكون ال َمصلح ِة ُجزئية(.)1
تترس بهم الك ّفا ُر ِمن المسلمين لصدمونا، مثاله :بأننا لو امتنعنا عن ق َ ِ
تل َمن َّ
واستولوا على ديارنا وقتلوا المسلمين كافة حتى التُّرس ،ولو رمينا التُّرس لقتلنا
مُس ِل ًما من غير ذنب صدر منه ،فإن قتل التترس والحالة هذه مصلحة مرسلة؛
لكونه لم يعهد في الشرع جواز قتل مسلم بال ذنب ،ولم يقم ً
أيضا دليل على عدم
جواز قتله عند اشتماله على مصلحة عامة للمسلمين ،لكنها مصلحة ضرورية
قطعية كلية؛ فلذلك يجوز أن يؤدي اجتهاد مجتهد إلى أن يقول :هذا األسير
فح ُ
فظ ُك ِّل ال ُمس ِلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ مسلم مقتول بكل حالِ ،
واحد(.)2
وأما الثاني فألن عدم الدليل يستل ِز ُم عد َم ال ُحكم ،إذ لو ثبت حكم شرعي ولم
تكليف الغافل ،وهو ممتنع ،فينتج فُقدا ُن الدليل بعد
ُ يكن عليه دليل لكان يلزم منه
التف ُّحص البليغ يوجب ظ َّن عدم الحكم ،والعمل بالظن واجب(.)1
لباس غير المسلمين في ديار اإلسالم(« :واألولَى ِ مثاله :ما ذُكر في لَون
ب ،ويُقا ُل له: األصفر وبالنصا َرى األز َر ُ
ق) قال في األصل :أو األك َه ُ ُ باليَهو ِد
األصل :أو األس َودُ ،قا َل البُل ِقينِ ُّي :وما
ِ (وبالمجوس األح َم ُر) قا َل فِي
ِ الرمادي
ُّ
ذ َكر ِمن األولَى ال دلي َل عليه .انتَ َهى)(.)2
الفصل الثانيب
أبرز القواعد الفقهية الكلية في المذهب الشافعي
((( لسان العرب البن منظور ( ،)361 :3والمصباح المنير للفيومي (.)510 :2
((( التعريفات للجرجاني (ص.)171
((( إيضاح القواعد الفقهية لعبد اهلل اللَّحجي (ص.)14
المدخل إلى المذهب الشافعي 398
ص َور متشابهة أن فهي على الفور» ،والغالب فيما اختص بباب وق ُ ِصد به نَظم ُ
صو ًرا ،فإن كان المقصود من ِذك ِره ال َقد َر تُس َّمى ضاب ًطا .وإن شئت قُل :ما ع َّم ُ
شترك الذي به اشتركت الصور في الحكم فهو مُدرك ،وإال فإن كان القص ُد
ال ُم َ
الص َور بنوع من أنواع الضبط من غير ن َظر في مأخذها فهو الضابط؛ َ
ضبط تلك ُّ
وإال فهو القاعدة»(.)1
ب
المبحث الأول
القواعد الكلية الخمس
ل ّما كان عل ُم الفقه من أفضل العلوم بعد علم الكالم؛ لقوله ﷺ« :مَن
خيرا يفقهه في الدين» اشتدت إليه سواعد الجد بالتدوين ،والتأليف،
يُ ِرد اهلل به ً
استقر فقهُ الشريعة على المذاهب
َّ والجمع ،والتلقي من كل خلَف عُدولُه إلى أن
الشافعي ،ومذهب اإلمام أبي َحنيفة ،ومذهب
ّ السنّية :مذهب اإلمام
األربعة ُّ
اإلمام مالك ،ومذهب اإلمام أحمد ،رضي اهلل عنهم أجمعين.
ول ّما كانت اإلحاطةُ بجميع الفروع الفقهية عسيرةً جدًّا؛ حيث إن الوقائع
تتج َّددُ بتجدُّد األزمنة واألمكنة استخرج العلماء قواعد فقهية لكل باب من
أبواب الفقه ،وقاموا بتطبيق الفروع عليها.
فع َمد القاضي ُح َسين من كبار أئمة الشافعية من أصحاب الوجوه ،فردَّ
جميع مذهب الشافعي إلى أربع قواعد(:)1
ّ
بالشك. األولى :اليَقي ُن ال يزو ُل
الثانية :ال َم َش ّقة تج ِل ُ
ب التيسير.
الثالثة :الضرر يُزال.
الرابعة :العادة مُح َّكمة.
ِ
بمقاصدها. وبعضهم زاد خامسة :األمو ُر
فهذه القواعد الخمس تُعتبَر عند الشافعية من القواعد الكلية التي تحتها
تختص بباب ،بل هي في جميع أبواب الفقه ،وتُس َّمى ُّ جزئيات كثيرة ،وال
«بالقواعد الخمس» ،وهنالك قواعد أخرى غير هذه القواعد الخمس وهي كثيرة
جدًّا ،وسوف نتحدث عن بعضها بعد أن نتحدث عن القواعد الكلية الخمس،
وقد نظم ُ
بعضهم القواع َد الخمس بقوله:
عي ف ُكــ ْن بِ ِهــ َّن َخبِيرا
للشــافِ ِّ
ّ َبقــررةٌ قوا ِع ُد مَذه ِ َخ ٌ
مس مُ َّ
ب ِ
التيسيرا و َكذا ال َم َشــ ّقةُ تج ِل ُ ض َر ٌر يُزا ُلَ ،وعادةٌ قَد ُح ِّك َمت
َ
أردت أُجورا َ والني َة اخ ِلص إن والشــك ال ترفَــع بــه ُمتَيَ َّقنًا
َّ
وبيان هذه القواعد(:)1
((( األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية ،للسيوطي (ص ،)106-10وإيضاح القواعد
الفقهية ،لعبد اهلل اللحجي ،دار الضياء (ص.)91-21
401 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ب
المطلب الأول
القاعدة الأولى :الضرر يزال
((( أخرجه مالك ،في الموطأ ،باب القضاء في المرفق ( )1078 :4حديث رقم ( ،)2758وسنده
حسن.
((( الفتح المبين بشرح األربعين ،البن حجر الهيتمي (.)156 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 402
حجر على
ـالحجر على الصبي والمجنون في المعامالت المالية ،وال َ
السفيه :وهو ال ُمب ِّذر لماله.
للشريك القديم على الشريك الحادث؛ ُ
فش ِرعت لدفع ِ ـ حق الشفعة يثبت
ضرر القسمة.
جذام والبَ َرص.
جنون وال ُ
النكاح بالعُيوب :كال ُ
ِ ـ فسخ
ف فاألخف. الصائل باأل َخ ّ
ِ ـ ودَفع
403 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ب
المطلب الثاني
القاعدة الثانية :العادة مُح َكّمة
ـ اعتبار ضابط القلة والكثرة في الضبّة :وهي إصالح الخلل في اإلناء ل َجبره
بفضة.
القليل من الكثير.
ِ ـوالنجاسات المعف ّو عن قَلي ِلها يُتبَع فيها العرفُ في تحدي ِد
405 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ب
المطلب الثالث
القاعدة الثالثة :المَشقّة تجلب التيسير
((( أخرجه البخاري ،باب صب الماء على البول في المسجد ( )54 :1حديث رقم (.)220
((( أخرجه مسلم ،كتاب الفضائل ( )1814 :4حديث رقم (.)2327
المدخل إلى المذهب الشافعي 406
المطلب الرابع
ب
القاعدة الرابعة :اليقين لا يزول بالشك
المطلب الخامسب
القاعدة الخامسة :الأمور بمقاصدها
((( أخرجه البخاري ،باب بدء الوحي ( ،)6 :1حديث رقم (.)1
((( األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية للسيوطي (ص.)12
المدخل إلى المذهب الشافعي 410
ٌ
شرط ومقصودٌ حس ْن كيفيةٌ حقيقةٌ ُحكــ ٌم مح ٌّل وزم ْن
فحقيقتها من حيث اللغة :مُطلَق القصد .واصطال ًحا :قصد الشيء مقترنًا
بفعله ،فإن تراخى عنه كان عز ًما.
وحكمها :الوجوب غالبًا ...ومن غير الغالب :نية غاسل الميت.
القلب على استحضارها.
َ وم َحلُّها :في القلبُ ،
وس َّن التلفظ بها؛ ليساعد اللسا ُن
ويتحصل من ذلك أصالن:
َّ
ـ األول :أنه ال يكفي التلفظ باللسان دون القلب.
ـ الثاني :أنه ال يشترط مع القلب التلفظ.
فمن فروع األول :أنه لو اختلف اللسان والقلب فال ِعبرةُ بما في القلب؛ فلو
صح له
نوى بقلبه الظهر وبلسانه العصر؛ أو بقلبه الحج وبلسانه العمرة أو عكسه َّ
ما في القلب .ومنها :أنه إن سبَق لسانه إلى لفظ اليمين بال قصد فال تنعقد ،وال
تتعلق به كفارة.
ومن فروع الثاني :مسائل العبادات كلها .ومنها :إذا أحيا ً
أرضا بنية جعلها
مسجدًا فإنها تصير مسجدًا بمجرد النية.
وقد ثبت استحباب التلفظ بالنية بالحج بالتلبية من حديث أنس رضي اهلل عنه
َّثت بذلك قال :سمعت النبي ﷺ «يلبِّي بال َح ِّج والعُمر ِة جميعًا» .قال ب َ ٌ
كر :فحد ُ
ِ
بقول اب ِن ُع َمر ،فقال أنسا فحدَّثتُه
فلقيت ً
ُ اب َن ُع َمر ،فقال« :لبَّى بال َح ِّج وحدَه».
أنس :ما ت َ ُعدُّونَنا إال صبيانًا ،سمعت رسول اهلل ﷺ يقول« :لَبَّ َ
يك عمرةً و َح ًّجا»(.)1
((( أخرجه مسلم ،باب في اإلفراد والقران بالحج والعمرة ( )905 :2حديث رقم (.)1232
411 يعفاشلا بهذملا لوصأ
فقاس بعض العلماء استحباب التلفظ بالنية في الوضوء والصالة على الحج،
قال ابن حجر الهيتمي عند قول اإلمام النووي« :ويُندَب النط ُق قُبَيل التكبير»:
وقياسا على ما
ً القلب وخرو ًجا من خالف من أوجبه وإن ش َّذ،
َ «ليساعد اللسا ُن
يأتي في الحج المندفع به التشنيع بأنه لم ينقل»(.)1
وزمنها :عند أول العبادة غير الصوم والزكاة والكفارة.
ففي الوضوء؛ عند غسل الوجه ،وفي الصالة بأن يوجِ َد النيةَ ُكلَّها أو
مستحضرا للصالة؛ واختاره اإلمام
ً َ
بعضها في أول التكبير أو آخره بحيث يُ َع ُّد
والغزالي وأكثر المتأخرين.
ُّ ج َويني
ال ُ
وكيفيتها :تختلف باختالف المنوي .فالنية في الوضوء تختلف عن النية
في الصالة والحج وهكذا.
وشرطها أربعة:
تصح العبادات من الكافر أصليًّا كان أو مرتدًا.
ُّ ـ األول :اإلسالم؛ فال
تصح عبادة صبي ال يميِّز ،وال عبادة مجنون. ُّ ـ الثاني :التمييز؛ فال
نوي مطاب ًقا للواقع؛ فلو اعتقد أ ّن الوضوء أو الصالةَ ُسنّة
ـ الثالث :العلم بال َم ِّ
لم يصح.
ـ الرابع :عدم المنافي؛ ّ
بأل يأتي بما ينافيها دوا ًما وابتداء؛ أي :في أثناء العبادة
وفي أولها ،فلو ارت َّد في أثناء الصالة ،أو عند تحرمها لم ِ
تص ّح ،وكذا لو ارتد في
أثناء الصوم أو الحج أو التيمم ب َطل ً
أيضا.
ومقصودها :أي :القصد من النية الذي ُش ِرعت ألجله تمييز العبادات من
العادات ،وتمييز ُرتَب العبادات بعضها من بعض؛ كالوضوء والغسل يتردَّد
بين التنظيف والتبرد ،والعبادة ،واإلمساك عن المفطرات قد يكون للحمية
والتداوي ،أو لعدم الحاجة إليه ،والجلوس في المسجد قد يكون لالستراحة،
فشرعت النية لتمييز ال ُق َرب من غيرها.
413 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ب
المبحث الثاني
قواعد كلية متفق عليها في المذهب
ب
المطلب الأول
القاعدة الأولى :الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد
ب
المطلب الثاني
القاعدة الثانية :الإيثار بالقُرَب مكروه
((( أخرجه مسلم ،باب تسوية الصفوف ( )325 :1حديث رقم (.)438
((( شرح النووي على مسلم (.)161 :14
417 يعفاشلا بهذملا لوصأ
وقال ُسلطا ُن العُلماء ِع ُّز الدين« :ال إيثا َر في ال ُق ُربات ،فال إيثا َر بما ِء الطهارة،
وال بستر العورة وال بالصف األول؛ ألن الغرض بالعبادات التعظيم واإلجالل،
ترك إجال َل اهلل وتعظي َمه»(.)1
ف َمن آثَر به فقد َ
ثالثًا :تطبيقات على القاعدة
بس ِّد فُرج ٍة في الصف األول ،ومثله اإليثا ُر بالصف األول بالقيام
ـ اإليثار َ
منه لغيره.
غيره بغير المشمس. ـ التط ُّهر بالماء ال ُمش َّمس ويؤثِ ُر َ
بست ِر العَورة.
ـ اإليثا ُر َ
غيره بنوبتِه في القراءة؛ أل ّن قراءةَ العل ِم وال ُمسارعةَ إليه قُربةٌ.
الطالب َ
ِ ـ إيثا ُر
ب
المطلب الثالث
القاعدة الثالثة :تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة
ب على وجود المنفعة في ضمنها؛ ألنه تصرفات كل منهم على العامة مترت ِّ ٌ
ُّ
مأمو ٌر من قِبَل الشارع ﷺ أن يحوطهم بالنصح ،ومتو َّع ٌد من قِبَله على ترك
ذلك بأعظ ِم وعيد ،ولفظ الحديث أو معناه« :مَن َولِي من أمور هذه األم ِة ع َم ًل
صح لم يُ َرح رائحةَ ال َ
جنّة»(.)1 حطها بن ُ ٍ
فلم ي ُ
المطلب الرابع
ب
القاعدة الرابعة :الخروج من الخلاف مستحب
((( أخرجه البخاري ،باب مَن ترك بعض االختيار ،مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه،
فيقعوا في أشد منه ،حديث رقم (.)126
((( الموافقات للشاطبي (ص.)811
((( انظر :األشباه والنظائر للسيوطي (ص ،)137واألشباه والنظائر للسبكي (.)112 :1
421 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ولم يراع خالف أبي حنيفة القائل بمنع الفصل؛ ألن من العلماء من ال يجيز
الوصل.
ـ ما لو تقدَّم على إما ِمه بالفاتحة أو التشهد بأن فرغ من ذلك قبل ُش ِ
روع اإلمام
فيه لم يضره ويجزئه ،لكن تستحب إعادتُه ُخرو ًجا من خالف من أوجبها.
الثانيّ :أل يخالف ُسنّةً ثابتة صحيحة أو حسنة .ومن فروعه:
ـ أنه يُ َس ُّن رفع اليدين في الصالة ،ولم يُرا َع خالفُ من قال بإبطاله الصالة
النبي ﷺ من رواية نحو خمسين صحابيًّا. ثابت عن ِّ من الحنفية؛ ألنه ٌ
الثالث :أن يقوى مد َر ُكه ـ أي :دليله ـ الذي استند إليه المجتهد .وفروعه:
ـ الصوم في السفر أفضل لمن لم يتضرر به ،ولم يُرا َع قو ُل داود الظاهري
أنه ال يصح من المسافر ،وقد قال إمام الحرمين في هذه المسألة« :إن المح ِّققين
ال يقيمون لخالف أهل الظاهر وزنًا» .قاله السيوطي تبعًا للنووي التابع إلمام
الحرمين ،واعتمده ابن حجر الهيتمي ،رحمهم اهلل تعالى آمين.
وضع ُفه مما ال ينتهي إلى اإلحاطة به قال تاج الدين السبكي« :ق ُ ّوة ال ُمد َرك َ
الضعف أو ال ُق ّوة بأدنى تأ ُّمل ،وقد يحتاج إلى تأ ُّمل وفِكر،
ُ إال األفراد ،وقد يظ َه ُر
قوي أو ضعيف».
وال بد أن يقع هنا خالفٌ في االعتداد به ناشئًا عن ال ُمد َرك ٌّ
ُف ونأى عن مأخذ الشرع كان معدودًا من ال َه َفوات أيضا« :فإن ضع َوقال ً
الخالفِيّات ال ُمجتهدات ...ونعني بال ُق ّوة ما يُوجِ ب وقوفَ
والس َقطات .ال من ِ
جة بها؛ فإن الحجة لو ح ّالنتهاض ال ُ
ِ الذهن عندها وتعلُّق ذي ال ِفطنة بسبيلها
انتهضت بها لما كنا مخالفين لها»(.)1
المطلب الخامسب
القاعدة الخامسة :الرخص لا تناط بالمعاصي
ُ
أقسام الر ّخَص ثاني ًا :
تنقسم الرخص من حيث الحكم الشرعي إلى أقسام(:)3
1ـ رخصة واجبة ،كحل الميتة للمضطر ،والفطر لمن خاف الهالك بغلبة
حا.
الجوع والعطش وإن كان مقي ًما صحي ً
2ـ رخصة فِعلُها أفضل ،كالقصر لمسافر بلغ مسافة ثالثة أيام فصاعدًا ،والفطر
لمن يشق عليه الصوم في سفر ،أو مرض ،واإلبراد بالظهر ،والنظر إلى المخطوبة.
3ـ رخصة يُباح فِعلُها ،كعقد السلم.
4ـ رخصة تركها أفضل ،كالمسح على الخف ،والتيمم لمن وجد الماء
يباع بأكثر من ثمن المثل ،وهو قادر عليه ،والفطر لمن ال يتضرر بالصوم.
ـ ُرخص السفر أقسام:
1ـ الرخص المتعلقة بالسفر الطويل ( 81كم فأكثر) فقط أربع هي :القصر،
والفطر ،والمسح على الخف ثالثة أيام ،والجمع على األظهر.
2ـ الرخص المشتركة بين السفر الطويل والقصير (القصير ما لم يبلغ
81كم) هي :تر ُك الج ُمعة ،والتن ُّف ُل على الراحلة على المشهور ،ومنها ما لو
المالك وال وكيلَه وال الحاك َم وال األمي َن فله أخ ُذها
َ سافر ال ُمودَع ،ولم يجد
ض ّرة زوجته ب ُقرع ٍة فال قضاءحب معه َ معه على الصحيح ،ومنها :ما لو استص َ
عليه(.)1
الجواب :أن العاصي بالسفر :هو من يكون س َف ُره معصيةً ،كأن سافر للتجارة
في الخمور أو سافر ألجل الزنا بامرأة أو غير ذلك من األمثلة ،فالسفر في نفسه
معصية.
فالرخصةُ منوطة به أيُ :معلَّقة به ومترتِّبةٌ عليه ترتُّب ال ُم َسبَّب على السبب،
ُّ
باح فيه رخصة القصر. فال ت ُ ُ
سفرا مبا ًحا ،ثم في أثناء َس َفره أنشأ
أما العاصي في السفر :هو من سافر ً
ب المعصيةَ في عاص في السفر أي :مرت َ ِك ٌ
ٍ معصية ،كأن شرب الخمر ،فهو
السفر المباح(.)1
حاضت المرتدة ال تقضي صلوات أيام الحيض؛ ألن سقوط القضاء عن
الحائض عزيمة ،وعن المجنون رخصة ،والمرتد ليس من أهل الرخصة.
ف فليس له المسح؛ ألن المعصية هنا في نفس اللبس، ـ لو لبس ال ُمح ِرم ال ُ
خ َّ
ذكرها اإلسنوي في «ألغازه»(.)1
سكر لم تس ُقط عنه الصالة(.)2 ـ من زال عقلُه بسبب مُ َّ
حر ٍم كشرب مُ ِ
ب
المطلب السادس
القاعدة السادسة :لا ينكر المختلَف فيه وإنما ينكر المجمع عليه
ب
المطلب السابع
أقسام العقود في المذهب الشافعي
التصرفات أقسام:
ُّ ـ فائدة :قال اإلمام العز بن عبد السالم:
1ـ أحدها :ما ال يتم مَصال ِ ُحه ومقاصده إال بلزومه من طرفيه؛ كالبيع واإلجارة
واألنكحة واألوقاف والضمان والهبات.
وأما البيع واإلجارة؛ فلو كانا جائزَين لما َوثَق ك ُّل واحد من المتعاقدَين
باالنتفاع بما صار إليه ،ولبَ َطلت فائدةُ شر ِعيَّتِهما؛ إذ ال يأمن من فسخ صاحبه.
تحصل مقاصدُه إال بلزومه ،وال يثبُت فيه خيار مجلس،
ُ وأما النكاح؛ فال
يردَّ كل واحد
وال خيار شرط؛ لما في ذلك من الضرر على الزوجين في أن ُ
منهما ردَّ السلع مع أن الغالب في النكاح أن ال يقع إال بعد البحث وصحة
فسخ إال بعيوب خمسة قادحة في مقاصده. الرغبة ،وال يُ َ
يحصل َمقصودُها الذي هو جريان أجرها في الحياة
ُ وأما األوقاف؛ فال
وبعد الممات إال بلزومها.
يحصل مَقصودُه إال بلزو ِمه وال خيار فيه في الوقف بحال.
وأما الضمان؛ فال ُ
حص َل ال ُمتَّ َهب على مقاصدها ،لكن
وأما ال ِهبات؛ فاألصل فيها اللزو ُم ليَ ُ
نظرا للواهب وال ُمتَّ َهب ،فإن الواهب قد يرىُش ِرع فيها الجواز إلى اإلقباض؛ ً
المصلحة في فسخ الهبة وصرف الموهوب فيما هو أهم منها ،وقد يرى ال ُمت َهب
أن ال يتح َّم َل ِمنّة الواهب.
طرفَيه؛
2ـ النوع الثاني من التصرفات :ما يكون مصلحتُه في جوا ِزه من َ
جعالة ،وال َوصيّة ،وال ِق ِ
راض ،والعَواري ،والودائع. كالشركة ،والوكالة ،وال َ
أما الوكالة؛ فلو ل ِز َمت من جانب الوكيل ألدَّى إلى أن يز َه َد ال ُوكالء في
الوكالة؛ خوفَ لُزومها فيتع َّطل عليها هذا النوع من البر ،ولو لزمت من جانب
المدخل إلى المذهب الشافعي 430
لتضرر؛ ألنه قد يحتاج إلى االنتفاع بما َو َّكل فيه لجهات أ ُ َخر؛ كاألكل،
َّ الموكل
والشرب ،واللبس ،أو العتق ،أو السكنى ،أو الوقف ،وغير ذلك من أنواع البر
المتعلق باألموات ،والشركة وكالة؛ ألنها إن كانت من أحد الجانبين فالتعليل
ما ذكرناه ،وإن كانت من الجانبين فإن ل ِز َمت فقد فات على ك ِّل واحد منهما
المقصودان المذكوران.
وأما الجعالة؛ فلو لزمت لكان في لُزومها من الضرر ما ذكرناه في الوكالة.
وأما الوصية؛ فلو ل ِزمت لز ِهد الناس في الوصايا.
الضرر فيه من الجانبين ،وفاتت
َ وأما ال ِقراض؛ فلو ل ِزم على التأبيد ع ُظم
يحصل فيها الربح في
ُ األغراضُ التي ذكرناها في الوكالة ،وإن ل ِزم إلى مُدّة ال
يحصل مَقصودُ العقد.
ُ مثل تلك ال ُمدّة فال
أما العَواري؛ فلو ل ِزمت ل َز ِهد الناس فيها ،فإن ال ُمعير قد يحتاج إليها لما
من األغراض ،وال ُمستعير قد يز َه ُد فيها دفعًا ل ِمنّة المعير.
لتضرر ال ُمو ِدع وال ُمستودَع ،ول َز ِهد ال ُمستودَعون
َّ وأما الودائع؛ فلو ل ِزمَت
في قَبول الودائع.
طرفَيه،
3ـ النوع الثالث من التصرفات :ما تكون مصلحتُه في جوا ِزه من أحد َ
ولُزومُه ِمن الطرف اآلخر؛ كالرهنِ ،
والكتابة ،وعَقد الجِ زية.
وأما الكتابة؛ فمقصودها األعظم حصول العتق ،فلو جازت من قِبَل السيد
خها متى شاء بعد أن يكدَح العب ُد في تحصيل مع َظم
يفس َ
ألدى ذلك إلى أن َ
لتحصيل مَقصود الكتابة ،وجازت من قِبَل العبد؛ إذ ال
ِ النجوم ،وذلك مُب ِطل
السعي في تحصيل حريته.
ُ يلزمه
وأما عق ُد الجزية؛ فإنه جائز من جهة الكافرين الزم من جهة المسلمين
ً
تحصيل لمصالحه ،ولو جاز من جهة المسلمين المتنع الكافرون منه؛ لعدم الثقة
تطرأ ُ منهم؛ وذلك غير مُن َف ِرد من الدخول فيه.
بأسباب َ
ٍ خهبه ،لكن يجو ُز فَس ُ
انتهى بتصرف يسير(.)1
رط خيار الشرط :أن يكون في مدة معلومة ،وأن تكون متوالية ،وأن ال وش ُ
َ
تزيد على ثالثة أيام ،وأن ت ُ َ
حسب ال ُمدّة من العقد.
الثالث :خيار العيب :ويتعلَّ ُق ب َفوات أم ٍر َمقصود مظنون ،نشأ الظن فيه
شرط كون
ُرفي؛ فاألول :كأن َ
علي ،أو قضاء ع ّ شرطي ،أو تغرير فِ ّ
ّ من التزام
العبد كاتبًا فأخلف ،والثاني :كالتصرية ،والثالث :كظهور العيب القديم الذي
نقصا يفوت به غرض صحيح. يُن ِق ُ
ص العي َن أو القيمة ً
يضر أك ٌل وصالةٌ ً
مثل دخل ُّ ويس ُق ُ
ط خيا ُر العَيب بالتأخير بال عذر؛ فال
وقتها.
المدخل إلى المذهب الشافعي 434
ب
الفصل الثالث
أحكام الاجتهاد والتقليد في المذهب الشافعي
سنتكلم في هذا الفصل عن ثمانية مباحث مهمة يحتاج إليها طالب العلم
في الفكر االجتهادي عند علماء المسلمين ،وبيان طبقات العلماء في االجتهاد؛
فبعضهم بلغ االستقالل في النظر ،وبعضهم كان مُقيَّدًا ،وكيف يتعامَ ُل المجت ِه ُد
والعامِّ ُّي في فَهم النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ،وسنبيِّن ُحك َم تقليد
أقوال الصحابة والتابعين الكرام وأسباب عدم األخذ بها مباشرة ،وحكم
التعصب ال َمذهَبي،
ُّ االنتقال بين المذاهب الفقهية ،ثم نختم ِسفرنا هذا ب ُ
حك ِم
وعَرض بعض النماذج ال ِفقهية من البَيت ال َمذهَبي تد ُّل على أنه ال محاباة في
الدين ألحد ،وإن بلغ الغاية في االجتهاد.
435 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ب
المبحث الأول
طبقات المجتهدين ومراتبهم في المذهب
قسم ابن الصالح وتبِعَه اإلمام النووي علماءَ المذهب إلى خمس طبقات(:)1
ّ
((( فتاوى ابن الصالح (ص ،)26والمجموع شرح المهذب (.)42 :1
((( المجموع شرح المهذب (.)43 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 436
((( فتاوى ابن الصالح (ص.)29 ((( فتاوى ابن الصالح (ص.)29
((( طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (.)103 :3
437 يعفاشلا بهذملا لوصأ
وقال ابن الصالح« :دَع َوى انتِفاء التق ِليد عنهم مُطل ًقا من كل وجه ال يستقيم
ّإل أن يكونوا قد أحاطوا بعلوم االجتهاد ال ُمطلَق وفازوا برتبة ال ُمجتَ ِهدين
ك ال يالئم ال َمعلُوم من أحوالهم أو أحوال أكثَرهم ،وقد ذكر المستقلِّين؛ و َذل ِ َ
صولِيِّي َن منا أنه لم يُوجد بعد عصر ّ
الشافِ ِعي ُمجتَهد ُمستَقل»(.)1 بعض األ ُ ُ
الحسن الشيباني،
َ من أصحاب هذه الطبقة في مذهَب الحنفية :مُح َّمد بن
عقوب بن إبراهيم ،و ُزفَر بن ال ُه َذيل.
ُ ف يَ
يوس َ
وأبو ُ
وفي مذهَب المالكية :عبد الرحمن بن القاس ِم ال ِمصري ،وأش َه َ
ب بن
عبد العزيز العامري.
خ ّلل. ح َسين ِ
الخ َرقي ،وأبو بكر ال َ وفي مذهب الحنابلةُ :ع َمر بن ال ُ
((( فتاوى ابن الصالح (ص.)32 ((( فتاوى ابن الصالح (ص.)31
المدخل إلى المذهب الشافعي 438
بصيرا
ً قال إمام الحرمين في وصفه« :من كان فقيهَ النفس ،متوقِّد القريحة،
خبيرا ب ُط ُرق المعاني في هذه الفنون ،ولكنه لم يبلُغ مبلَغ
ً بأساليب الظنون،
ال ُمجت ِه ِدين؛ ل ُقصو ِره عن المبلغ المقصود في اآلداب ،أو ل َعدَم تب ُّ
ح ِره في الفن
أصول ال ِفقه الفقيه ال َمرموق
ِ المتر َجم بأصول الفقه ـ على أنه ال يخلو عن قواع ِد
وال َف ِطن في أدراج ال ِفقه ـ وإن كان ال يستقل بنَظم أبوابه ،وتهذيب أسبابه ،فمثل
هذا الفقيه إذا أحاط بمذهب إمام من األئمة الماضين ،وذلك اإلمام هو الذي
منصوصا من
ً ظهر في َظ ِّن المستفتين أنه أفضل المقدمين الباحثين ،فما يجده
مذهبه ينهيه ويؤديه ،ويلحق بالمنصوص عليه ما في معناه»(.)1
ومن أصحاب هذه الطبقة :البُ َويطي ،والربي ُع ال ُمرادي ،واألنماطي ،واب ِن
ُس َريج ،وال َمروزي ،وال َق ّفال الشاشي ،واإلصطخري ،واب ِن خيران ،وابن أبي ه َُريرة،
والصيرفي ،وغيرهم...
َ
بأوسع من ذلك راجع كتاب «االجتهاد وطبَقات
أصحاب ال ُوجوه َ
ِ ولمعرفة
الشاف ِعيِّين المجتهدين» للشيخ محمد حسن هيتو.
وشهاب الدين
ُ اإلسنوي (ت772هـ)،
ّ السبكي (ت771هـ) ،وجما ُل الدين وتاج الدين ُّ
األذ َرعي (ت783هـ) ،وبَد ُر الدين الزر َكشي (ت794هـ) ،وجالل الدين ال َم َحلِّي
هاب الدي ِن الرملي وش ُ اإلسالم َزكريا األنصاري (ت923هـ)َ ،
ِ ُ
وشيخ (ت864هـ)،
جر ال َهيت ِم ّي
هاب اب ُن َح َ الشربِيني (ت977هـ)ِّ ،
والش ُ طيب ِّ
خ ُ (ت957هـ) ،وال َ
(ت974هـ) ،وشمس الدين الرملي (ت1004هـ).
ب
المبحث الثاني
شروط الاجتهاد
االجتهاد لغة :مصدر من ال َجهد ،بالفتح والضم ،وهو :الطاقة والمشقة ،واجتهد
في األمر ب َذل ُوسعَه وطاقتَه في طلبه؛ ولذلك يقال :اجتهد في َحمل الصخرة ،وال
يقال :اجت َهد في َحمل ال َ
خردلة(.)1
لتحصيل َظ ٍّن ب ُحك ٍم شرعي(.)2
ِ واالجتهاد اصطال ًحا :استفرا ُغ الفقيه ال ُوس َع
باستفراغ ال ُوسع :أن يب ُذ َل ال ُوس َع في طلب الحكم؛ قال اإلمام الغزالي:
ِ والمراد
س من نفسه بالعَجز عن مزيد واالجتهادُ التامُّ أن يب ُذ َل ال ُوس َع في الطلب بحيث يُ ِح ُّ
طلب(.)3
والمراد بتحصيل َظ ٍّن :إنما هو لبيان أن ال ُمجت َهد فيه الظنيات ،ال القطعيات.
غيره من ِ
الح ِّسيّات والعقليات .فشروط االجتهاد(:)4 والمراد بحكم شرعي :ليُخ ِرج َ
1ـ أن يكون ً
عاقل؛ فال يُعت ُّد بكالم المجنون ،وأما ما قاله قبل ُجنونه فإنه
يُعتَ ُّد به ،وكذلك لو زال ُجنونُه ،وعادت إليه ملَكتُه ،فإنه يُقبَل منه.
الصبي؛ لعدم اكتمال ملكاته العقلية.
ّ 2ـ بال ًغا؛ فال يُقبَل كالم
((( شرح المحلي على 6الجوامع (.)420 :2 ((( المصباح المنير (.)112 :1
((( المستصفى ،للغزالي (ص.)342
((( انظر :شرح المحلي على جمع الجوامع ( ،)422 :2والمستصفى للغزالي (ص،)342
وغياث األمم في التياث الظلم للجويني (ص ،)400والمجموع شرح المهذب (.)42 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 442
َدل؛ وهي ملَكةٌ تح ِم ُل صاحبَها على اجتناب الكبائر واإلصرار على 3ـ ع ً
ب طاعاتُه معاصيه؛ فالعدال ُة شرط في قَبول قول ال ُمجت ِهد والعملالصغائر ،وتغ ِل ُ
به ،وليست شر ًطا في بلوغ رتبة االجتهاد.
4ـ فقيهَ النفس؛ وهو أن يَبلُ َغ مرحلةً من فَهم النصوص ،ودقة االستنباط،
وحضور البديهة ،والقدرة على التمييز بين المتشابه من الفروع بإبداء الفروق
والموانع ،والجمع بينها بالعلل واألشباه والنظائر ،بحيث تصبح هذه األمور
ملكة قائمة في نفسه.
والخاص،
َّ َ
الناسخ والمنسوخ ،والعامَّ 5ـ العلم بالقرآن الكريم؛ فال ب ّد أن يع ِرفَ
والنص ،وال ُمج َمل وال ُمبيَّن ،وغير
َّ وأسباب النزول والظاهر َ وال ُمطلَق وال ُمقيَّد،
ذلك ،وال يشترط أن يكون حاف ًظا لكتاب اهلل.
قال اإلمام الغزالي« :أما كتاب اهلل عز وجل فهو األصل ،وال بد من معرفته،
شترط معرفة جميع الكتاب ،بل ما تتعلق ولنخفف عنه أمرين :أحدهما :أنه ال يُ َ
شترط ِحف ُظها عن َظهر قلبه،
به األحكام منه وهو مقدار خمس مئة آية .الثاني :ال يُ َ
بل أن يكون عال ًما بمواضعها بحيث يَطلُب فيها اآلية ال ُم َ
حتاج إليها في وقت
الحاجة»(.)1
6ـ العلم بالسنة النبوية؛ فال ب ُ َّد من معرفة العام والخاص ،وال ُمطلَق وال ُمقيَّد
كما ذكرنا في الفقرة السابقة.
قال إمام الحرمين الجويني« :والثالثة ـ معرفة السنن ،فهي القاعدة الكبرى؛
فإن معظم أصول التكاليف متل ًقى من أقوال الرسول ﷺ وأفعاله وفنون أحواله،
9ـ معرفة أصول الفقه؛ وهذا الشرط من أهم الشروط؛ ألنه أساس االجتهاد
عرف العام من الخاص ،وال ُمطلَق من ال ُمقيَّد، وش ُ
رط االستنباط ،فبه يُ َ و ُركنُه َ
الخطاب من األمر والنهي وحقيقة الخبر، وال ُمج َمل من ال ُمبيَّن ،ومَدلوالت ِ
القياس الصحيح من الفاسد ،وما يجب
ُ عرف
وضابط اإلجماع والقياس ،وبه يُ َ
تقدي ُمه عند تعارض األدلة.
ب
المبحث الثالث
حكم الأخذ من الكتاب والسنة لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد
إ ّن من أعظ ِم اآلثام وال َمصائب في دين اهلل تعالى القو َل والفتوى بغير علم،
نص حديثجرأة على اهلل ورسوله بحيث إ ّن أحدنا يقرأ آي ًة في كتاب اهلل أو َّ وال ُ
كتاب اهلل وشيئًا من أحاديث رسول اهلل فيقول: َ ظلرسول اهلل ﷺ ،أو إذا كان يح َف ُ
قال اهلل تعالى كذا ،وقال رسول اهلل كذا؛ فيُحلِّ ُل ويُ ِّ
حرمُ بناءً على ما قرأه ،وهذا
من أعظم الضالل في دين اهلل تعالى ،فكيف يجت ِهدُ؟ وماذا يقول؟ وعالمَ يبني؟
فاهلل سبحانه وتعالى جعل لهذا الدين عُلماءَ وأوجب طاعتَهم ،فقال
ۡ ُ ۡ َ ُ ْ َّ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ ُ ْ ۡ َ
سبحانه﴿ :أطِيعوا ٱلل وأطِيعوا َّ
ٱلرسول وأولِي ٱلأم ِر مِنكم﴾ [النساء.]59 :
قال ابن عباس« :طاعة اهلل اتبا ُع ِكتابِه ،وطاعةُ الرسول اتباع ُسنّتِه ،وأولي
األمر منكم ،قال :العلماء حيث كانوا وأين كانوا»(.)1
قال ال ُم ّل عَلي القاري :أي :مَن تكلَّم «في القرآن» أي :في معناه ،أو قراءته
أقوال األئم ِة ِمن أهل اللغة والعربية
ِ برأيه ،أي :من تِلقا ِء ن َ ِ
فسه من غير تتبُّع
ال ُمطابِقة للقواعد الشرعية ،بل بحسب ما يقتضيه عَقلُه أو بحسب ما يقتضيه
ظاهر النقل «فليتب َّوأ مَق َعدَه من النار»(.)1
أرض
ٍ «أي سما ٍء ت ُ ِظلُّنيُّ ،
وأي وقال سيدنا أبو بكر الصديق رضي اهلل عنهُّ :
ت ُ ِقلُّني إذا ُ
قلت في كتاب اهلل ما ال أعلم»(.)2
فهذه النصوص تد ُّل على حرص األئمة على النصوص الشرعية وتعظيم
حرمتها في االستنباط والفتوى ،فهم رضي اهلل عنهم لم يقولوا بآراء نابعة من
وحرصهم على الدين ،ين ُفون
َ هواهم حاشاهم عن ذلك ،بل كان طري ُقهم العل َم
تحريف الغالين ،وإبطال المبطلين ،وتأويل الجاهلين.
َ عنه
ب
المطلب الأول
تقسيم الناس في معرفة الأحكام الشرعية
((( جامع بيان العلم وفضله ،البن عبد البر (.)988 :2
المدخل إلى المذهب الشافعي 448
ب
المطلب الثاني
الأدلة في حرمة استنباط العامي
ب
الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة
ُ ُۡ َ ََُۡ َ َ َۡ ُ ٓ ْ َ ۡ َ ّ ۡ
سلوا أهل ٱلذِك ِر إِن كنتم لا تعلمون﴾ [النحل.]43: ـ قال اهلل تعالى﴿ :ف ٔ
أمر لمن ال يعلم ال ُحك َم وال دليلَه باتباع مَن يعل ُم ذلك وهم
فهذه اآلية ٌ
العلماء المجتهدون.
ُّ َ ْ َ ٓ َّ ٗ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ
﴿و َما كان ٱل ُمؤم ُِنون ل َِينفِ ُروا كافة ۚ فل ۡولا نف َر مِن ك ِل ف ِۡرق ٖة ـ وقال اهلل تعالى:
َۡ َ َ َّ َ َ ْ َ َ ْ
ِين َول ُِينذ ُِروا ق ۡو َم ُه ۡم إِذا َر َج ُع ٓوا إِل ۡي ِه ۡم ل َعل ُه ۡم يحذ ُرون﴾ ّم ِۡن ُه ۡم َطآئ َفة ٞل ّ َِي َت َف َّق ُهوا ْ في ّ
ٱلد
ِ ِ ِ
[التوبة.]122 :
الناس كافّة للغزو والجهاد ،وأمَ َر ببقاء طائفة منهم
ُ فقد نهى اهلل تعالى أن ين ِف َر
يتفرغون للتف ُّقه في دين اهلل حتى إذا رجعوا إليهم وجدوا فيهم من يفتيهم في بيان
حكم اهلل عز وجل من الحالل والحرام.
فسر ال ُقر ُطبي في معنى اآلية« :فليخرج فريق منهم للجهاد،
يقول اإلمام ال ُم ِّ
وليَ ُقم فريق يتفقهون في الدين ويحفظون الحريم ،حتى إذا عاد النافرون أعلَمهم
ال ُمقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع»(.)1
ٱلر ُسول َوِإل َ ٰٓى أُ ْولي ٱل ۡ َأ ۡمر م ِۡن ُه ۡم لَ َعل َِم ُه ٱلَّذِينَ
﴿ول َ ۡو َر ُّدوهُ إلَى َّ
ـ وقال اهلل تعالىَ :
ِ ِ ِ ِ
َ
ي َ ۡس َتۢنب ِ ُطون ُهۥ م ِۡن ُه ۡم﴾ [النساء.]83 :
((( الجامع ألحكام القرآن ،للقرطبي (.)293 :8
449 يعفاشلا بهذملا لوصأ
َ
قال اإلمام الثعلبيَ « :ولَو َردُّوهُ ،يعني :أمورهم في الحالل والحرام ﴿إِلى
ۡ ۡ َ َ ُْ َۡ
ٱلر ُسو ِل﴾ في التصديق به وال َقبول ﴿وِإل ٰٓى أولِي ٱلأم ِر مِنهم﴾ يعنيَ :ح َملة الفقه
ِ ۡ ُ َّ
َ والحكمة ﴿لَ َعل َِم ُه ٱلَّذ َ
ِين ي َ ۡس َتۢنب ِ ُطون ُهۥ م ِۡن ُه ۡم﴾ يعني :الذين يفحصون عن العلم»(.)1
ـ أننا لو منعنا التقلي َد في فروع الشريعة اإلسالمية الحتاج ك ُّل واحد منا أن
يتعلم العربية من النحو والصرف والمعاني وقواعد أصول الفقه وغير ذلك من
ح ِ
رث والماشية. ِ
وهالك ال َ العلوم ،وفي إيجاب ذلك قط ٌع عن المعايش
ـ وما د َّل عليه اإلجماع من أ ّن أصحاب رسول اهلل ﷺ كانوا يتفاوتون في
العلم ،ولم ي ُكن َجميعُهم أه َل فُتيا ،وال كان الدين يُؤ َخذ عن جميعهم ،بل كان
فيهم ال ُمجت ِه ُد وهم قِلّة ،وفيهم المقلد وهم الكثرة الغالبة .يقول اإلمام الغزالي
العامي ليس له إال التقليد« :ونستدل على ذلك بمسلكين:
َّ ًّ
مستدل على أن
أحدهما :إجماع الصحابة فإنهم كانوا يفتون العوامَّ وال يأمرونهم بنيل درجة
االجتهاد ،وذلك معلوم على الضرورة والتواتر من علمائهم وعوامهم»(.)2
ب
المطلب الثالث
الشواهد على أن الصحابة ا�لكرام رضيباللـه عنهم
لم يعتمدوا على مجرد ظواهر القرآن والسنة
َ َ ٗ َ ٓ َْ َ َّ ُ َ َّ َ ُ َ ۡ
ٱلسارِقة فٱق َط ُع ٓوا أيۡد َِي ُه َما َج َزا َء ۢ ب ِ َما ك َس َبا نكٰلاقال اهلل تعالى﴿ :وٱلسارِق و
يز َحك ٞ
ِيم﴾ [المائدة.]38 : ٱللِۗ َو َّ ُ
ٱلل َعز ٌ ّ َ َّ
مِن
ِ
أطلق اهلل سبحانه وتعالى في هذه اآلية لفظ السارق وع َّممه في جميع
فظاهر اآلية أ ّن ك َّل سارق تُق َطع يدُه ،سواء كانت السرقة
ُ الظروف واألحوال؛
بمال قليل أو ال ،من ِحرز ِمث ِله سرق أو ال ،لكن جاءت السنةُ النبوية ،وبيَّنت
مقدا َر النصاب الذي تُق َطع فيه اليد وبينت اشتراط الحرز.
وفي عام المجاعة في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه،
عذقٍ ،وال فِي عام سن ٍة»()1
ِ َ القحط والجوعُ ،فقال« :ال يُق َط ُع فِي ُِ الناس
َ أصاب
لرجل فأُتي بهمٍ لحاطب بن أبي بَلتَعة ناقةًِ أي :عام ال َمجاعة .ولما َس َرق ِغلما ٌن
عمر بن الخطاب ،لم يقطع أيديهم ،وقال لعبد الرحمن بن حاطب« :أما واهلل إلى َ
لوال أنّي أ ُظ ُّن أنكم تستع ِملونَهم ،وتجيعونهم ،حتى لو أ ّن أحدَهم يجد ما َّ
حرم اهلل
ُك» .ثم ألغرمَنَّك غرامةً توجِ ع َ
لقطعت أيديَهم ،ولكن واهلل إذ تركتُهم ِّ ُ عليه ألكله؛
قال لل ُمزني :كم ثمنها؟ قال« :كنت أمنعها من أربع مئة» قال :أع ِطه ثمان مئة(.)2
((( مصنف ابن أبي شيبة ( ((( .)521 :5مصنف عبد الرزاق الصنعاني (.)238 :10
451 يعفاشلا بهذملا لوصأ
ۡ َ َّ َ َ ۡ َٰ َ َ َ َّ َ َّ َ َ ٰ ُ ۡ ُ َ َ ٓ ِ َ ۡ َ َ
ِين عل ۡي َها َوٱل ُمؤلفةِ ِين وٱلع ِمل
ِ ك سٰ ـ قال اهلل تعالى﴿ :إِنما ٱلصدقت ل ِلفقراء وٱلم
ٱلل َعل ٌ َ َ ٗ ّ َ َّ
ٱللِۗ َو َّ ُ ٱللِ َوٱبۡن َّ َّ ٱلرقَاب َوٱلۡ َغٰرم َ
ِين َوفي َ ّ ُُ ُُ ۡ َ
ِيم يلۖ ف ِريضة مِن
ِ ِ ب ٱلس ِ يل ب
ِ ِ ِس ِ قلوبهم وفِي ِ ِ
َحك ٞ
ِيم﴾ [التوبة.]60 :
ظاهر اآلية الكريمة أ ّن اهلل سبحانه وتعالى جعل لل ُمؤلَّفة قلوبُهم َسه ًما من
الصدقة وهي الزكاة ،وكان رسو ُل اهلل ﷺ يُعطي المؤلَّف َة قُلوبُهم سه ًما من الزكاة
وهم :جماعةٌ ضعفاء النية في اإلسالم فكان يعطيهم لتقوية نيتهم ،ومنهم شريف
في قومه يُر َجى ب ُحس ِن إسالمه إسال ُم نظائره.
لكن سيدنا عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه لم يعطهم من الزكاة ،وقال :قد
أع َّز اهلل اإلسالم بحمد اهلل ،فأغناه عن أن يتألف عليه رجال(.)1
َ َ
ٱعلَ ُم ٓوا ْ أ َّن َما َغن ِۡم ُتم ّمِن َش ۡي ٖء فَأ َّن ِ َّلِ ُخمُ َس ُهۥ َول َّ
ِلر ُسو ِل
َ ۡ
ـ قال اهلل تعالى﴿ :و
سكِين َوٱبۡن َّ ُۡ ۡ َٰ َ َۡ ََٰ ٰ َ َۡ َ
يل﴾ [األنفال.]41 : ِ ِ ب ٱلس ِ ِ
ٰ َولِذِي ٱلقربى وٱليتمى وٱلم
ـ أخرج اإلمام مسلم في صحيحه عن أبي مُلَيكة ،قال :ت ُ ُوفِّيت ابنةٌ لعُثمان بن
عفان بمكة ،قال :فجئنا لنشهدها ،قال :فحضرها ابن عمر ،وابن عباس ،قال:
وإني لجالس بينهما ،قال :جلست إلى أحدهما ،ثم جاء اآلخر فجلس إلى
جنبي ،فقال عبد اهلل بن عمر لعمرو بن عثمان :وهو مواجهه ،أال تنهى عن
ب ببُكا ِء أه ِله عليه» (.)1
ت ليُع َّذ ُ
البكاء ،فإن رسول اهلل ﷺ ،قال« :إ ّن ال َميِّ َ
قال ابن عباس رضي اهلل عنهما :فلما مات عمر رضي اهلل عنه ،ذكرت ذلك
لعائشة رضي اهلل عنها ،فقالت :رحم اهلل عمر ،واهلل ما حدَّث رسول اهلل ﷺ:
ب ال ُمؤ ِمن ببكا ِء أه ِله عليه» ،ولكن رسول اهلل ﷺ قال« :إ ّن اهلل «إن اهلل ليُع ِّذ َ
ٞ ََ َ
﴿ولا ت ِز ُر َوازِ َرة وِ ۡز َر الكافر عذابًا ببكا ِء أه ِله عليه» ،وقالتَ :حسبُ ُكم القرآن:
َ ليَزي ُد
ُ ۡ
أخ َر ٰى﴾ [األنعام ،]164 :قال ابن عباس رضي اهلل عنهما عند ذلك« :واهلل هو أضحك
وأبكى» قال ابن أبي مليكة« :واهلل ما قال ابن عمر رضي اهلل عنهما شيئًا»(.)2
كثير من أهل العلم بين حديثَي ُع َمر
قال الحافظ ابن حجر« :وقد جمع ٌ
جمع :أولها طريقة البخاري كما تقدَّم توجي ُهها؛ وهي: وعائشة ُ
بضروب من ال َ
النوح من ُسنّته.
ُ إذا كان
أخص من الذي قبلَه ما إذا أوصى أهلَه بذلك ،وبه قال ال ُمزَنيُّ ثانيها :وهو
الليث الس َمرقَندي:
ِ ربي وآخرون من الشافعية وغيرهم ،حتى قال أبو وإبراهي ُم ال َح ُّ
النووي عن الجمهور قالوا :وكان معروفًا
ُّ إنه قول عامة أهل العلم ،وكذا ن َقلَه
للقدماء.)3(»...
((( أخرجه مسلم ،باب الميت يُعذب ببكاء أهله عليه ( )640 :2حديث رقم (.)928
((( البخاري ،كتاب الجنائز ( ،)79 :2حديث رقم (.)1288
((( فتح الباري البن حجر (.)154 :3
453 يعفاشلا بهذملا لوصأ
المبحث الرابع
ب
اتباع المذاهب الأربعة
جرى عم ُل جماهي ِر األمة اإلسالمية بعد استقرار تدوين الفقه على التزام
المذاهب الفقهية األربعة :مذهب اإلمام أبي حنيفة ،واإلمام مالك ،واإلمام
الشافعي ،واإلمام أحمد ،رضي اهلل عنهم أجمعين.
كما قال صاحب «الزبد»:
ــل ُســفيا ُن
وأحمــ ُد بــ ُن َحنبَ ٍ ومالــك نعمــا ُن
ٌ والشــافِ ِعي
ّ
هدى ِ يرهــم مــن ســائِر األئِ ّمه َو َغ ُ
والختِالفُ رحمه()1 على ً
َ َ
فاتباع المذاهب األربعة هو عين اتباع الكتاب والسنة ،وأقوال األئمة لم
تخرج عن الكتاب والسنة فأقوالهم مأخوذة و ُمستَنبَطة من الكتاب والسنة،
والخاص ،وال ُمج َمل،
ِّ إما عن طريق القياس أو عن طريق الدالالت كالعا ِّم
الخطاب ،ودليل الخطاب ،وغير ذلك.
ِ والمبَيَّن ،وفحوى
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالته ال َقيِّمة «الرد على من اتبع غير
المذاهب األربعة» :فاقتضت حكمة اهلل سبحانه أن ضبط الدي َن و َح ِفظه بأن
ب للناس أئمة مجتمعًا على علمهم ودرايتهم وبلو ِغهم الغايةَ المقصودة نص َ
َّ
في مرتبة العلم باألحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث.
فصار الناس ُكلُّهم يُع ِّولون في الفتاوى عليهم ويرجِ عون في معرفة األحكام
مذهب ُك ِّل
ُ ويحر ُر قوا ِعدَهم حتى ُ
ضبِط ِّ اليهم ،وأقام اهلل من يضبِط مذاهبَهم
إمام منهم وأصولُه وقواعدُه وفُصولُه ،وكان ذلك من لطف اهلل بعباده المؤمنين،
الحسن ِة في حفظ هذا الدين ،ولوال ذلك لرأى الناس العجب
َ ومن جملة عوائ ِده
العجاب .انتهى(.)1
((( الرد على من اتبع غير المذاهب األربعة البن رجب (ص.)26
455 يعفاشلا بهذملا لوصأ
المبحث الخامسب
حكم تقليد أقوال الصحابة والتابعين
س ال ُمقلِّدون لمن سواهم ،وسد الناس باب الخالف و ُط ُرقَه لما كثُر تشعُّب
ود َر َ
االصطالحات في العلوم ،ولما عاق عن الوصول إلى رتبة االجتهاد ،ولما خشي
فصرحوا بالعجز
َّ من إسناد ذلك إلى غير أهله ،ومن ال يوثَق برأيِه وال ب ِدينِه،
اختص به من المقلِّدين،
َّ واإلعواز ،وردوا الناس إلى تقليد هؤالء ،كل من
وحظروا أن يتداول تقليدُهم لما فيه من التالعب ،ولم يبق إال نق ُل مذاهبهم،
ذهب َمن قلَّده منهم بعد تصحيح األصول واتصال سندها وعمل كل ُمقلِّد ب َم ِ
بالرواية ،ال محصول اليوم للفقه غير هذا.
ومدعي االجتهاد لهذا العهد مردودٌ منكوص على َع ِقبِه مهجو ٌر تقليدُه،
وقد صار أه ُل اإلسالم اليوم على تقلي ِد هؤالء األئمة األربعة»(.)1
ُب بمذهب أحد من أئمة الصحابة وقال اإلمام النووي« :وليس له التمذه ُ
رضي اهلل عنهم وغيرهم من األولين ،وإن كانوا أعلَم وأعلى درجةً م َّمن
بط أُصوله وفروعه ،فليس ألحد
وض ِ
بعدَهم؛ ألنهم لم يتفرغوا لتدوين العلم َ
قر ٌر؛ وإنما قام بذلك من جاء بعدهم من األئمة
ح َّر ٌر ُم َّ َب مه َّذ ٌ
ب ُم َ منهم مذه ٌ
الناحلين لمذاهب الصحابة والتابعين القائمين بتمهيد أحكام الوقائع قبل
وقوعها الناهضين بإيضاح أصولها وفروعها؛ كمالك وأبي حنيفة وغيرهما.
ولما كان الشافعي قد تأخر عن هؤالء األئمة في العصر ،ون َظر في مذاهبهم
نحو نظرهم في مذاهب َمن قَبلَهم؛ َ
فسبَرها وخبَ َرها وانت َقدَها واختار أر َج َحها
وو َجد مَن قَبله قد كفاه مُؤنةَ التصوير والتأصيل فتفرغ لالختيار والترجيح
والتكميل والتنقيح مع كمال معرفته وبراعته في العلوم وتر ُّج ِحه في ذلك على من
سبقه ،ثم لم يوجد بعده من بلغ محله في ذلك كان مذهبه أولى المذاهب باالتباع
والتقليد ،وهذا مع ما فيه من اإلنصاف والسالمة من القدح في أحد من األئمة
جلي واضح إذا تأمَّله العامي قاده إلى اختيار مذهب الشافعي والتمذهب به»(.)1
مسألة :إذا دُ ِّون مذهب أحد الصحابة أو التابعين ـ غير األربعة ـ و ُع ِرفَت
سائر اعتباراتِه وضوابطه في المسألة ،فهل يجو ُز تقليدُه؟
ُ
ذهب بعض العلماء إلى جواز تقليدهم في ذلك ،لكن بضوابط وهي:
يص َّح النق ُل عن ذلك اإلمام.
ـ أن ِ
ـ أن تُعلَم الشروط والضوابط في تلك المسألة.
ـ وأن يكون التقلي ُد في ع َمل النفس ،ال في اإلفتاء والقضاء.
قياسا جليًّا.
ظاهرا أو إجماعًا أو ً
ً نصا ـ ّ
وأل يكون القول شاذًّا كأن خالف ًّ
العامي ألحد األئمة
ِّ وقد ُسئل الع َّلمة أحمد بن َح َ
جر ال َهيتَمي :عن تقليد
تقرر مذاهبهم واشتهارها بما هو معلوم ،هل يجوز المجتهدين غير األربعة بعد ُّ
ذلك أم ال؟ وإذا قُلتُم بعدم الجواز ماذا يلزمُ ال ُمقلِّد لذلك المجتهد ،وما ُحكم
ِعبادتِه على مقتضى ذلك االجتهاد هل هي صحيحة أم ال؟ وإذا قُلتُم بعدم
صحة عبادته هل يكون عاصيًا في ذلك حتى يجب عليه القضاء على الفور أم
ال؟ وإذا قلتم بجواز التقليد لغير األئمة األربعة هل يشترط أن يُوافِ َق اجتهادُه
ط نقل شتر ُ
أحد األئمة حتى يكون التقلي ُد له كأنّه تقليد ألحدهم أم ال؟ وهل يُ َ
((( المجموع شرح المهذب (.)55 :1
المدخل إلى المذهب الشافعي 458
ودُ ِّون حتى عرفت ُشرو ُطه وسائر معتبَراتِه ،فاإلجماع الذي نقله غير واحد
الحرمَين ،وال َقرافي على مَ ِ
نع تقليد الصحابة يُح َمل على ما كابن الصالح ،وإمام َ
ف ُ ِقد منه شرط من ذلك»(.)1
((( الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ،للنفراوي.)356 :2(،
المدخل إلى المذهب الشافعي 460
ب
المبحث السادس
حكم التلفيق بين أقوال المذاهب
((( حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع (.)442 :2
المدخل إلى المذهب الشافعي 462
ب
المبحث السابع
حكم الانتقال بين المذاهب الفقهية
ليس ث َ ّمةَ ما يُل ِزم ال ُمقلِّد شرعًا بالتزام مذهب ُمعيَّن من المذاهب الفقهية
األربعة فال يَحيد عنه أبدًا ،وليس ث َ ّمة ما يمنع ال ُمقلِّد من االنتقال من مذهب
مثل أن يُقلِّ َد ك ّل يوم مذهبًا من المذاهب األربعة ،وله أن يلتزم مذهبًا
آلخر ،فله ً
معينًا من المذاهب األربعة فال يحيد عنه أبدًا ،بل هو األفضل فال يخرج عن
مذهبه إال لحاجة أو ضرورة ،وهذا ما عليه عمل العلماء أتباع المذاهب الفقهية،
ير شاهد على هذا «طبَقات ال ُف َقهاء» في كل مذهب( ،)1وهذا ال يعني ُحرمةَ
و َخ ُ
بعضهم وال يخرج عنه أبدًا؛ أل َن عدم وجوب
التزام مذهب معين كما يدَّعيه ُ
االلتزام ال يستلزم حرمة االلتزام.
صبي
ٍّ فقد سئل شيخ اإلسالم ابن حجر الهيتمي عن شافعي يحرص على
والتمسك به ويدرس به
ُّ مميِّز في التزام مذهب أبي حنيفة رضى اهلل تعالى عنه
بالتزام
ِ األمر
ُ شافعي عن التقلي ِد ب َمذهب ،فهل عليه
ٌّ كتُب الحنفية ،وإذا ُسئِل
َب إما ِمه ،أو يرشده إلى مذهب آخر؟
مذه ِ
((( انظر في المذهب الشافعي« :طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي .وفي المذهب الحنفي« :الجواهر
المضية في طبقات الحنفية» لمحيي الدين القرشي .وفي المذهب المالكي« :ترتيب المدارك
وتقريب المسالك لمعرفة أعالم مذهب مالك» للقاضي عياض .وفي المذهب الحنبلي« :ذيل
طبقات الحنابلة» البن رجب.
463 يعفاشلا بهذملا لوصأ
فأجاب نفعَنا اهلل سبحانه وتعالى بعُلو ِمه ب َقولِه« :الشافعي ،وأبو حنيفة،
ومالك ،وأحمد ،وسائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم ،فجزاهم اهلل تعالى
وحش َرنا في ُزمرتِهم ،وإذا كانوا
َ عن اإلسالم والمسلمين خير الجزاء ،وأكمله،
غيره إلى
حر َج على من أرشد َ ُكلُّهم على هدى من اهلل سبحانه وتعالى ،فال َ
مذهب من المذاهب األربعة ،وإن خال َ َ
ف مذ َهبَه واعتقاده؛ ألنه ٍ بأي
التمسك ِّ
ُّ
أرشده إلى َح ٍّق وهدى.
قرأ ذلك الذي يدرسه
الشافعي لكتُب غي ِر مَذهبِه ال يسوغ له إال إن َ
ِّ وتدريس
ُ
على عالم موثوقٍ به من أئمة ذلك المذهب ،هذا إن أريد به تدريس المعتمد في
جرد فَهم العبارة وتفهيمها ،فهذا ال مَحذور ُ
ذلك المذهب ،وأما إن أري َد منه مُ َّ
فيه»(.)1
وجاء في «الفواكه الدواني»« :قال الزناتي :يجوز تقليد المذاهب في النوازل
واالنتقال من مذهب إلى مذهب بثالثة شروط :أال يجمع بين المذهبين ً
مثل على
صفة تخالف اإلجماع؛ كمن تزوج بغير صداق وال ولي وال شهود ،فإن هذه
الصورة لم يَ ُقل بها أحد .الثاني :أن يعتقد فيمن يقلد الفضل .الثالث :أال يتَّبِع
ُر َخص ال َمذا ِهب»(.)2
وقال اإلمام ال َقرافي في «الذخيرة» ً
نقل عن أحد العلماء« :يجو ُز تقلي ُد
المذاهب واالنتقال إليها في كل ما ال يُن َقض فيه حكم الحاكم ،وهو أربعة :ما
خالَف اإلجماع ،أو القواعد ،أو النص ،أو القياس الجلي»(.)3
ب
المبحث الثامن
حكم التعصب المذهبي
محابا ِة العُلماء بعضهم لبعض من أعظم مزايا هذه األمة التي أعظم اهلل بها عليهم
النعمة حيث َح ِفظهم عن وصمة محاباة أهل الكتابين المؤدِّية إلى تحريف ما
قول فيه أدنى دخل ّإل بيَّنوه وال
فيهما واندراس تينك ال ِملّتَين ،فلم يتركوا لقائل ً
فعل فيه تحريف إال ق َ ّوموه حتى اتضحت اآلراء وانعدمت األهواء ،ودامت لفاعل ً
ٍ
الشريعة الواضحة البيضاء على امتالء اآلفاق بأضوائها ،وشفاء القلوب بها من
لحدين ،فضراعةً إليك الل ُه َّم أنوس َفه ال ُم ِ أدوائها ،مأمونة من كيد الحاسدينَ ،
تديم لها ذلك على توالي األعصار ،وأن ت ُ َؤيِّد أهلَها بدوام ال َجاللة الباهر ِة والحفظ
من األغيار ،إنّك ال َجواد الكريم الرؤوف الرحيم»(.)1
بعض النماذج ِمن استدراك علماء المذهب على إمامهم
اإلمام الشافعي رجع عن مذهبه الذي كان في العراق ـ ويُس َّمى القديم ـ إلى
واستقر عليه ـ ويُس َّمى الجديد ـ إال أ ّن أصحابه ر َّجحوا
َّ مذهب آخر ،وهو في مصر
بعض المسائل التي قالها في مذهبه القديم ،و َعدُّوها هي الصواب ،ومنها:
ـ التثويب (الصالة خير من النوم) في أذان الصبح ،فالقديم استحبابه.
ـ جواز الصوم عن الميِّت.
ـ جواز اشتراط التحلُّل من اإلحرام بسبب المرض.
بعض النماذج من استدراك التالميذ على أشياخهم:
«وس ّن جلسة استراحة بقدر الجلوس بين السجدتَين ـ قال العالمة ال ُمليباريُ :
لالتباع ـ ولو في نفل ـ وإن تركها اإلمام خالفًا لشيخنا»( .)2أي :الشيخ ابن حجر
للمأموم اإلتيا ُن بها.
ِ ترك اإلما ُم جلسةَ االستراحة ،فال يُ َس ُّن
حيث يرى إن َ
((( الفتاوى الفقهية الكبرى ،البن حجر (.)33 :3
((( فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين لزين الدين المليباري (ص.)118
المدخل إلى المذهب الشافعي 466
ـ وقال ال ُمليباري« :ومنه صالةُ األوابين وهي عشرون ركعة بين المغرب
بفوائت وغي ِرها
َ والعشاء ،و ُر ِويت ِستًّا ،وأربعًا ،وركعتَين وهما األقل ،وتتأدى
خالفًا لشيخنا»( ،)1حيث يرى الشيخ ابن حجر أنها ال ب َّد لها من التعيُّن.
أقر بمقتضى عقوبة هلل تعالى ربيني في «اإلقناع»« :ومَن َّ الخطيب ِّ
الش ُّ ُ ـ قال
أقر به،يعرضَ له بالرجوع عما َّ كالزنا والسرقة وشرب الخمر ،كان للقاضي أن ِّ
كباشرت .وفي السرقة :لعَلَّ َ كأن يقول له في الزنا :لعلَّك فا َخذت ،أو ل َ ِمست ،أو َ
مسكر»(.)2
ٌ رب :لعلَّك لم تعلم أ ّن ما َش ِربتَه أخذت من غير ِحر ٍز .وفي ُّ
الش ِ
يعرضَ له بالرجوع جوا ًزا بعد اإلقرار ،وندبًا
قال القليوبي« :وللقاضي أن ِّ
خنا ،وفيه ن َظر من حيث فوات المال ،بعدَم إقرا ِره في
قبله؛ ليمتنع كما قاله شي ُ
الثانية .فراجعه»(.)3
فهذه بعض من النماذج ،وهنالك أمثلةٌ كثيرة جدًّا ،ولو تتبعنا ذلك في
الكتب المذهبية لطال بنا المقام ،وستجد مثل قولهم« :هذه زلةٌ من الشيخ»،
لشيخنا»« ،قول شاذّ»« ،ال تغت ََّر به»...إلخ .واهلل أعلم.
ِ «وفيه نظر»« ،خالفًا
ـ األزهري ،رفيق عبد البر الوافي األزهري ،مكانة فتح المعين بشرح قرة العين بين الشافعية في
العالم ،موقع نداء الهند.https://goo.gl/CW8axu ،
ـاإلسنوي ،جمال الدين عبد الرحيم ،المهمات شرح الروضة والرافعي ،مركز التراث المغربي،
الدار البيضاء ،المملكة المغربية2009 ،م.
ـاإلسنوي ،جمال الدين عبد الرحيم ،نهاية السول بشرح منهاج الوصول ،دار الكتب العلمية،
بيروت1999 ،م.
ـاآلمدي ،علي بن أبي علي بن محمد ،اإلحكام في أصول األحكام ،بتحقيق عبد الرزاق عفيفي،
المكتب اإلسالمي ،بيروت ،د.ت.
ـاألنصاري ،زكريا بن محمد ،غاية الوصول شرح لب األصول ،دار الكتب العربية الكبرى ،مصر.
ـ األنصاري ،زكريا بن محمد ،أسنى المطالب في شرح روض الطالب ،دار الكتاب اإلسالمي.
ـاألهدل ،أحمد ميقري ،سلم المتعلم المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج ،مرفق بكتاب المنهاج
لإلمام النووي ،دار المنهاج ،جدة2005 ،م.
ـالباجوري ،إبراهيم بن محمد ،حاشية الباجوري على جوهرة التوحيد ،تحقيق :د .علي جمعة،
دار السالم ،القاهرة2002 ،م.
ـباسودان ،محمد الحضرمي ،المقاصد السنية إلى الموارد الهنية في جمع الفوائد الفقهية ،دار
الفتح ،عمان2018 ،م.
باعلي ،بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم ،دار المنهاج ،جدة2004 ،م.
ّ ـباعشن ،سعيد بن محمد
ـباعلوي ،عبد الرحمن بن محمد ،بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض األئمة من العلماء
المتأخرين ،دار الفكر.
ـ البجيرمي ،سليمان بن محمد بن عمر ،حاشية البجيرمي على الخطيب ،دار الفكر1995 ،م.
ـالبخاري ،محمد بن إسماعيل ،صحيح البخاري ،بتحقيق :محمد زهير ،دار طوق النجاة ،ط،1
2001م.
المدخل إلى المذهب الشافعي 468
ـالبكري ،أبو بكر بن محمد شطا ،إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين ،دار الفكر1997 ،م.
ـالبكري ،بدر الدين محمد بن أبي بكر ،االعتناء في الفرق واالستثناء ،دار الكتب العلمية1991 ،م.
ـ بلفقيه ،عبد اهلل بن الحسين ،مطلب اإليقاظ ،دار الضياء ،الكويت.
ـالبلقيني ،سراج الدين عمر ،مناسبة أبواب الفقه على قاعدة أصحابنا ،ضبطها مشاري بن سعد
الشثري ،موقع فقه تدبير المعرفةhttps://atharah.com/saraj-aldiyn-eumar-bin-rslan- ،
./albalqinii
ـالبوطي ،محمد سعيد رمضان ،الالمذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة اإلسالمية ،دار الفارابي
للمعارف.
ـالبيضاوي ،عبد اهلل بن عمر ،منهاج الوصول إلى علم األصول ،اعتنى به مصطفى شيخ مصطفى،
مؤسسة الرسالة ناشرون.
ـالبيهقي ،أحمد بن الحسين ،مناقب الشافعي ،دار التراث ـ مصر.
ـالبيهقي ،أحمد بن الحسين ،رسالة البيهقي إلى الجويني ،بتحقيق فراس مشعل ،دار البشائر
اإلسالمية2007 ،م.
ـ الترمذي ،محمد بن عيسى ،سنن الترمذي ،نشر مصطفى البابي الحلبي ـ مصر.
ـالثعلبي ،أحمد بن محمد ،الكشف والبيان عن تفسير القرآن ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت،
تحقيق :بن عاشور.
ـ الجاوي ،أحمد بن عبد اللطيف ،حاشية النفحات على شرح الورقات ،دار الكتب العلمية.
ـ الجرجاني ،علي بن محمد ،التعريفات ،دار الكتب العلمية ،بيروت1405 ،هـ.
ـ جمعة ،علي جمعة ،اإلفتاء :حقيقته وآدابه ومراحله ،بحث مقدم إلى مؤتمر الفتوى وضوابطها،
المجمع الفقهي اإلسالمي.
ـ الجمل ،سليمان العجيلي ،حاشية الجمل على شرح المنهج ،دار الفكر.
ـالجوزجاني ،سعيد بن منصور ،التفسير من سنن سعيد بن منصور ،تحقيق :د .سعد آل حميد ،دار
الصميعي.
ـالجويني ،إمام الحرمين عبد الملك ،نهاية المطلب في دراية المذهب ،بتحقيق الدكتور عبد العظيم
الديب ،دار المنهاج2007 ،م.
ـ الجويني ،إمام الحرمين عبد الملك ،غياث األمم في التياث الظلم ،مكتبة إمام الحرمين
469 عجارملاو رداصملا
ـابن حجر العسقالني ،أحمد بن علي ،التلخيص الحبير في تخريج أحادث الرافعي الكبير،
بتحقيق حسن عباس ،مؤسسة قرطبة ،القاهرة1995 ،م.
ـابن حجر العسقالني ،أحمد بن علي ،فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،دار المعرفة بيروت،
1960م.
ـابن حجر الهيتمي ،أحمد بن علي ،تحفة المحتاج بشرح المنهاج ،المكتبة التجارية الكبرى،
1983م.
ـ ابن حجر الهيتمي ،أحمد بن علي ،الفتاوى الفقهية الكبرى ،المكتبة اإلسالمية.
ـ ابن حجر الهيتمي ،أحمد بن علي ،فتاوى ابن حجر ،دار الفكر.
ـ ابن حجر الهيتمي ،أحمد بن علي ،الفتح المبين بشرح األربعين ،دار المنهاج.
ـ الحسنات ،أحمد إبراهيم ،تطور الفكر األصولي عند المتكلمين ،دار النور ،عمان2012 ،م.
ـ الحصني ،تقي الدين أبو بكر ،القواعد ،مكتبة الرشد ،الرياض1997 ،م.
ـالحفناوي ،محمد إبراهيم ،مصطلحات الفقهاء واألصوليين ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع،
القاهرة.
ـ الحموي ،محمد أمين ،خالصة األثر في أعيان القرن الحادي عشر ،دار صادر ـ بيروت.
ـ الخطيب البغدادي ،أحمد بن علي ،الفقيه والمتفقه ،دار ابن الجوزي.
ـالخطيب ،محمد بن علي ،رسالة في أحكام الحيض والنفاس واالستحاضة ،بتحقيق محمد
أبو بكر باذيب ،دار الفتح للدراسات والنشر.
ـ ابن خلدون ،عبد الرحمن بن محمد ،مقدمة ابن خلدون ،دار الفكر ـ بيروت ،الطبعة الثانية.
ـابن خلدون ،عبد الرحمن ،ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من
ذوي الشأن األكبر ،دار الفكر ،بيروت1988 ،م.
ـ ابن خلكان ،أحمد بن محمد ،وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،دار صادر ،بيروت.
ـالدمياطي ،أبو بكر شطا ،تحفة الرحمن في بعض مناقب السيد أحمد زيني دحالن ،مكتبة حرجو
الجاوي.
ـ الدمياطي ،أحمد بن محمد ،حاشية على شرح الورقات ،دار الفضيلة ،القاهرة.
ـ الذهبي ،محمد بن أحمد ،سير أعالم النبالء ،مؤسسة الرسالة.
ـ الرازي ،فخر الدين ،المحصول ،بتحقيق طه العلواني ،مؤسسة الرسالة1997 ،م.
ـ الرازي ،فخر الدين ،مناقب اإلمام الشافعي ،مكتبة الكليات األزهرية.
المدخل إلى المذهب الشافعي 470
ـ الرازي ،محمد بن أبي بكر ،مختار الصحاح ،المكتبة العصرية ،الطبعة الخامسة.
ـابن رجب ،عبد الرحمن الحنبلي ،الرد على من اتبع غير المذاهب األربعة ،دار عالم الفوائد،
مكة المكرمة1418 ،هـ.
ـ ابن رسالن ،أحمد بن الحسين ،صفوة الزبد ،دار المنهاج.
ـ الرملي ،شمس الدين محمد ،نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ،دار الفكر ،بيروت1984 ،م.
ـ الرملي ،شهاب الدين أحمد ،فتح الرحمن شرح زبد ابن رسالن ،دار المنهاج ،جدة.
ـ أبو زرعة العراقي ،أحمد بن عبد الرحيم ،الغيث الهامع شرح جمع الجوامع ،بتحقيق محمد
حجازي ،دار الكتب العلمية ،بيروت2004 ،م.
ـ الزرقا ،أحمد بن محمد ،شرح القواعد الفقهية ،دار القلم ،سورية.
ـ الزركشي ،بدر الدين ،البحر المحيط ،دار الكتبي1994 ،م.
ـ الزركشي ،بدر الدين ،المنثور في القواعد الفقهية ،وزارة األوقاف الكويتية1985 ،م.
ـالزركشي ،بدر الدين ،تشنيف المسامع بجمع الجوامع ،بتحقيق سيد عبد العزيز وعبد اهلل ربيع،
مكتبة قرطبة للبحث العلمي1998 ،م.
ـ الزركلي ،خير الدين بن محمود ،األعالم ،دار العلم للماليين ،بيروت ،لبنان2002 ،م.
ـالسبكي ،أبو الحسن تقي الدين ،معنى قول اإلمام المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي ،مطبعة
قرطبة.
ـالسبكي ،تاج الدين عبد الوهاب بن علي ،اإلبهاج في شرح المنهاج ،دار الكتب العلمية ،بيروت،
1995م.
ـ السبكي ،تاج الدين عبد الوهاب ،األشباه والنظائر ،دار الكتب العلمية1991 ،م.
ـالسبكي ،تاج الدين عبد الوهاب ،طبقات الشافعية الكبرى ،هجر للطباعة والنشر والتوزيع،
1413هـ.
ـالسقاف ،علوي بن أحمد بن عبد الرحمن ،مختصر الفوائد المكية ،تحقيق يوسف المرعشلي،
دار البشائر اإلسالمية2004 ،م.
ـالسقاف ،علوي بن أحمد بن عبد الرحمن ،الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية من
المسائل والضوابط والقواعد الكلية ،مؤسسة الرسالة ،دمشق2012 ،م.
ـالسقاف ،علوي بن أحمد ،الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية ،مركز النور للدراسات
واألبحاث.
471 عجارملاو رداصملا
ـسليمان ،عبد الوهاب إبراهيم ،ترتيب الموضوعات الفقهية ومناسباته في المذاهب األربعة،
جامعة أم القرى ،مكة المكرمة1988 ،م.
ـالسمعاني ،منصور بن محمد ،قواطع األدلة ،بتحقيق محمد حسن الشافعي ،دار الكتب العلمية،
بيروت1999 ،م.
ـسميط ،زين بن إبراهيم بن سميط ،المنهج السوي شرح أصول طريقة السادة آل باعلوي ،دار
الفتح للدراسات والنشر ،عمان ،األردن.
ـ السيوطي ،جالل الدين ،األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية ،إحياء الكتب العربية.
ـ الشاطري ،أحمد بن عمر ،الياقوت النفيس في مذهب ابن إدريس ،دار المنهاج ،جدة.
ـ الشافعي :محمد بن إدريس ،الرسالة ،بتحقيق أحمد شاكر ،مكتبة الحلبي ،القاهرة1940 ،م.
ـ الشافعي ،محمد بن إدريس ،األم ،دار المعرفة ،بيروت1990 ،م.
ـأبو شامة ،أبو القاسم المقدسي ،مختصر المؤمل في الرد إلى األمر األول ،مكتبة الصحوة
اإلسالمية ،الكويت1403 ،هـ.
ـالشربيني ،شمس الدين ،مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج ،دار الكتب العلمية1994 ،م.
ـ الشربيني ،شمس الدين ،اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ،دار الفكر ،بيروت.
ـ الشعراني ،عبد الوهاب بن أحمد ،الطبقات الصغرى ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان.
ـ الشوكاني ،محمد بن علي ،البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ،دار المعرفة ـ بيروت.
ـ ابن أبي شيبة ،أبو بكر ،مصنف ابن أبي شيبة ،مكتبة الرشد ،الرياض.
ـالشيرازي ،إبراهيم بن علي ،التبصرة في أصول الفقه ،بتحقيق محمد حسن هيتو ،دار الفكر،
دمشق1983 ،م.
ـ الصفدي ،صالح الدين ،الوافي بالوفيات ،دار إحياء التراث ،بيروت.
ـابن الصالح ،عثمان بن عبد الرحمن ،طبقات الفقهاء الشافعية ،دار البشائر اإلسالمية ـ بيروت.
ـابن الصالح ،عثمان بن عبد الرحمن ،فتاوى ابن الصالح ،تحقيق :د .موفق عبد اهلل ،عالم الكتب
ـ بيروت.
ـ الصنعاني ،عبد الرزاق ،مصنف عبد الرزاق الصنعاني ،المكتب اإلسالمي ـ بيروت.
ـالظفيري ،مريم محمد صالح ،مصطلحات المذاهب الفقهية ،دار ابن حزم بيروت لبنان2002 ،م.
ـ ابن عبد البر ،أبو عمر ،جامع بيان العلم وفضله ،دار ابن الجوزي.
المدخل إلى المذهب الشافعي 472
ـعبد السالم ،عز الدين عبد العزيز ،قواعد األحكام في إصالح األنام ،بتحقيق الدكتور نزيه حماد
والدكتور عثمان ضميرية ،دار القلم ،دمشق2000 ،م.
ـ العراقي ،ولي الدين أبو زرعة ،فتاوى اإلمام العراقي ،دار الفتح ،عمان ،بتحقيق حمزة فرحان.
ـالعطار ،حسن بن محمد ،حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع ،دار
الكتب العلمية.
ـالعالئي ،خليل بن كيكلدي ،المجموع المذهب في قواعد المذهب ،وزارة األوقاف والشؤون
اإلسالمية ،الكويت.
ـعلي ،محمد إبراهيم ،المذهب عند الشافعية ،مجلة جامعة الملك عبد العزيز ،العدد الثاني،
1978م.
ـابن العماد ،عبد الحي العكري الحنبلي ،شذرات الذهب في أخبار من ذهب ،دار ابن كثير،
دمشق1986 ،م.
ـالعمري ،شحادة ،سلسلة تراجم علماء األردن :الدكتور الشيخ نوح القضاة ،رابطة علماء األردن.
ـالعيدروس ،صالح بن أحمد ،الشافية في بيان اصطالحات فقهاء الشافعية ،مطبعة الحجون،
أندونيسيا.
ـالعيدروس ،عبد القادر بن أحمد ،النور السافر عن أخبار القرن العاشر ،دار صادر ،بيروت،
2001م.
ـالغزالي ،محمد بن محمد ،المستصفى من علم األصول ،بتحقيق محمد عبد السالم ،دار
الكتب العلمية1993 ،م.
ـ الغزالي ،محمد بن محمد ،الخالصة ،بتحقيق أمجد رشيد ،دار المنهاج ،جدة2013 ،م.
ـ الغزالي ،محمد بن محمد ،الوسيط في المذهب ،دار السالم.
ـالغزي ،محمد بن قاسم ،فتح القريب المجيب بشرح كتاب التقريب ،دار ابن حزم ،بيروت2005 ،م.
ـ الغمراوي ،محمد زهري ،السراج الوهاج على متن المنهاج ،دار المعرفة ،بيروت.
حرر لإلمام الرافعي،
ـغيظان ،هدى يوسف ،تحقيق كتاب الحيض واالستحاضة والنفاس من ال ُم َّ
مجلة دراسات ،علوم الشريعة والقانون ،المجلد ،41العدد2014 ،2 :م.
ـالفيومي ،أبو العباس أحمد بن محمد ،المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ،المكتبة العلمية،
بيروت.
473 عجارملاو رداصملا
ـ القاري ،علي بن سلطان ،مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ،دار الفكر.
ـ ابن قاضي شهبة ،أبو بكر ،طبقات الشافعية ،عالم الكتب ،بيروت.
ـ القرافي ،أبو العباس شهاب الدين ،نفائس األصول بشرح المحصول.
ـ القرافي ،أبو العباس شهاب الدين ،الفروق ،دار الغرب اإلسالمي ـ بيروت.
ـ القرطبي ،محمد بن أحمد ،الجامع ألحكام القرآن ،دار عالم الكتب.
ـقليوبي ،أحمد سالمة ،وأحمد البرلسي عميرة ،حاشيتا قليوبي وعميرة على كنز الراغبين ،دار
الفكر ،بيروت1995 ،م.
ـالقواسمي ،أكرم ،المدخل إلى مذهب اإلمام الشافعي ،دار النفائس ،عمان ،األردن2003 ،م.
ـالكاف ،محمد عمر ،المعتمد عند الشافعية ،رسالة ماجستير قُدِّمت لجامعة بيروت اإلسالمية
سنة 2008م.
ـ كاليفتاوي ،مهران ُكتي ،رسالة التنبيه ،دار الضياء ،الكويت.
ـ ابن كثير ،إسماعيل بن عمر ،طبقات الشافعية ،مكتبة الثقافة الدينية1993 ،م.
ـالكردي ،محمد بن سليمان ،الفوائد المدنية فيمن يُفتَى بقوله من أئمة الشافعية ،دار نور الصباح،
2011م.
ـاللحجي ،عبد اهلل ،إيضاح القواعد الفقهية ،عناية :الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحدّاد ،دار الضياء.
ـالمارديني ،محمد بن عثمان ،األنجم الزاهرات على حل ألفاظ الورقات ،بتحقيق عبد الكريم
النملة ،مكتبة الرشد ،الرياض1999 ،م.
ـالماوردي ،علي بن محمد ،الحاوي الكبير ،دار الكتب العلمية ،بيروت1999 ،م.
ـالمحلي ،جالل الدين محمد بن أحمد ،شرح المحلي على جمع الجوامع ،دار الكتب العلمية،
بيروت ،د.ت.
ـالمدرس ،عبد الكريم ،علماؤنا في خدمة العلم والدين ،عني بنشره محمد بن علي القره داغي،
1983م.
ـ المرادي ،محمد خليل ،سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ،دار البشائر اإلسالمية.
ـ مرداوي ،عالء الدين ،التحبير شرح التحرير في أصول الفقه ،مكتبة الرشد.
ـمرعشلي ،يوسف ،عقد الجوهر في علماء الربع األول من القرن الخامس عشر ،دار المعرفة،
بيروت ـ لبنان.
المدخل إلى المذهب الشافعي 474
ـ المزني ،إسماعيل بن يحيى ،مختصر المزني ،دار الكتب العلمية1998 ،م.
ـمسلم ،أبو الحسن ،المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ﷺ ،دار
إحياء التراث العربي ـ بيروت.
ـ المليباري ،زين الدين الهندي ،فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين ،دار ابن حزم.
ـالمليباري ،عبد النصير ،أوراق الذهب في حل ألغاز المذهب ،دار تراث علماء نوسانتارا،
إندونيسيا2016 ،م.
السلمي ،فرائد الفوائد في اختالف القولين عن مجتهد واحد ،دار الكتب ـالمناوي ،شمس الدين ُ
العلمية ،بيروت.
ـ ابن منظور ،محمد بن مكرم ،لسان العرب ،دار صادر ـ بيروت.
ـ الناجي ،لمين ،القديم والجديد في فقه الشافعي ،دار ابن القيم ،الرياض ،السعودية2007 ،م.
ـ ابن نجيم ،زين الدين المصري ،األشباه والنظائر ،دار الكتب العلمية1999 ،م.
ـ الندوي ،علي ،القواعد الفقهية ،رسالة ماجستير ،جامعة أم القرى1984 ،م.
ـ نديم ،أبو الفرج محمد بن إسحاق ،الفهرست ،دار المعرفة ،بيروت ،لبنان1997 ،م.
ـالنعيمي ،عبد القدار بن محمد ،الدارس في تاريخ المدارس ،دار الكتب العلمية ،بيروت،
لبنان1990 ،م.
ـ النفراوي ،أحمد بن غانم ،الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ،دار الفكر.
ـابن النقيب ،شهاب الدين المصري ،عمدة السالك وعدة الناسك ،الشؤون الدينية ،قطر1982 ،م.
ـالنووي ،أبو زكريا محيي الدين بن شرف ،المجموع شرح المهذب للشيرازي ،تحقيق :محمد
نجيب المطيعي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
ـ النووي ،محيي الدين يحيى بن شرف ،تهذيب األسماء واللغات ،دار الكتب العلمية.
ـالنووي ،محيي الدين يحيى بن شرف ،تصحيح التنبيه ،بتحقيق الدكتور محمد عقلة ،مؤسسة
الرسالة ،عمان ،األردن1996 ،م.
ـ النووي ،محيي الدين يحيى بن شرف ،شرح النووي على مسلم ،دار إحياء التراث العربي.
ـ يوسف سركيس ،معجم المطبوعات العربية ،مطبعة سركيس ،مصر.
ـ أبو يوسف ،يعقوب بن إبراهيم ،الخراج ،المكتبة األزهرية للتراث.
475 باتكلا سرهف
فهرس الكتاب
الصفحة الموضوع
5 افتتاحية سماحة المفتي العام ....................................................
7 مقدمة...........................................................................
11 نبذة عن تاريخ المذاهب الفقهية عمو ًما..........................................
19 الباب األول :تاريخ المذهب الشافعي ورجاله ...................................
23 الفصل األول :حياة اإلمام الشافعي وشخصيته االجتهادية ....................
23 المبحث األول :حياة اإلمام الشافعي.....................................
37 المبحث الثاني :عقيدة اإلمام الشافعي ...................................
52 المبحث الثالث :شخصية اإلمام الشافعي العلمية واالجتهادية ...........
61 الفصل الثاني :تطور المذهب الشافعي.......................................
63 المبحث األول :عصر التأسيس (186هـ 204 -هـ) .....................
71 المبحث الثاني :عصر النقل واالنتشار (204هـ 404 -هـ) ..............
77 المبحث الثالث :عصر االستقرار والثبات (404هـ 505 -هـ)...........
86 المبحث الرابع :عصر التحرير والتنقيح (505هـ 676 -هـ) .............
94 المبحث الخامس :عصر االزدهار (676هـ 1004 -هـ) ................
100 المبحث السادس :عصر االنحسار (1004هـ 1335 -هـ) ..............
106 المبحث السابع :العصر الحديث ........................................
112 الفصل الثالث :أبرز فقهاء المذهب الشافعي................................:
112 1ـ أبو يعقوب البُويطي...................................................
116 2ـ أبو إبراهيم المزني ....................................................
119 3ـ ابن سريج.............................................................
122 4ـ إمام الحرمين أبو المعالي الجويني....................................
126 5ـ أبو حامد الغزالي .....................................................
المدخل إلى المذهب الشافعي 476
الصفحة الموضوع
الصفحة الموضوع
الصفحة الموضوع