0% found this document useful (0 votes)
271 views301 pages

(1) - استراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية مقومات الاستراتيجية والسياسة -1المحمدية

Uploaded by

amr110011
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
271 views301 pages

(1) - استراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية مقومات الاستراتيجية والسياسة -1المحمدية

Uploaded by

amr110011
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 301

‫استراتيجية القرآن التوحيحيّة‬

‫و منطق السياسة المحمديّة‬

‫المرزوقهي‪.‬‬ ‫‪ 00‬أبو ع‬ ‫‪' 11111111141114‬‬ ‫‪151‬‬


‫بسم الله الرحمان الرحيم‬
‫الكتاب ‪ :‬جلي في التفسير‬

‫الكتاب الأول‪ :‬إستراتيجية القرآن التوحيديّة ومنطق السياسة المحمدية‬


‫المؤلف ‪ :‬أبو يعرب المرزوقي‬
‫مدير الدشر ‪ :‬عماد العزالي‬
‫‪.‬‬

‫الترقيم الدولي للكتاب ‪5-95-608-8399-879 :‬‬

‫© جميع الحقوق محفوظة‬


‫الطبعة الأولى‪ 0102 :‬م ‪ 1341 -‬هم‬

‫وصفه كاملا أو مجرّأ أو تسجيله على أشرطة‬ ‫يحظر نشر الكتاب أو تصويره أو ترجمته أو إعادة تنضيده‬

‫كاسات أو إدخاله على الحاسوب أو برمجته على إسطوانات مضغوطة إلا بموافقة خطيّة من الناشر‪.‬‬

‫سمطال‬
‫روت‬
‫ي‪-‬‬‫بنس‬
‫تو‬

‫الدار امتوسطية للنشر ‪ -‬تونس‬


‫‪5‬شارع شطرانة ‪ 3702‬برج الوزير أريانة‬
‫الهاتف ‪ - 612 07 896 088 :‬الفاكس ‪612 07 896 336 :‬‬
‫البريد الإلكتروني ‪[1 5165© 26.6628 :‬طنام‪1 .‬لع مط‬

‫ل عع‪1/1‬‬ ‫تصه‬
‫غدع‬
‫لطن كتصنط' ‪ -‬ومع طعتاطت‪ 2‬طت‬
‫‪112‬ناها‪:( 8‬ه‪ 3702 08‬مسوتامطاء عبامء جه ‪5‬‬
‫‪161. 612 07 896 088 - 221: 612 07 896‬‬ ‫‪3‬‬
‫ما غع دع © ‪5‬ع طة تلطنام‪ .‬تاعمد ؛ لتمصسع‬
‫الإاهداء‬

‫إلى رَكدْنَيْ استئتافة اللتورَة القرآنيّة‪:‬‬


‫شي خخ الإسلام اي يّ الذين) أحمد بن عبد الخليم بن ت‪7‬تيممييةة رت ‪827:‬ه ‪7231- .‬‬

‫الإسلام اولي الدين» عبد الرّحم ن بن خلدون رت ‪808:‬ه ‪604-1.‬م‬


‫وعلامة‬

‫أ‪.‬د‪.‬أبو يَعرب مُحمد الحبيب المرزوقي‬

‫تونس عَاصمَة الفنح في غَرْب الإسّلآم في ‪51-30-0202‬‬

‫يُسعدني فصيّدر هذا العمل أن أشكر «المعهّد الَالمي للفكر الإسلامي»‬


‫لا شرفني به من مساعدة معنوية ومادية لإنجاز هذا العمل المتواضع بأجزائه‬
‫الخمسة فجزى الله الإخوة الأفاضل المشرفين على المعهّد كل خير ووفقهم الله ما‬
‫فيه رعاية مُصالح الأمّة‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫مه‬ ‫ع‬
‫‪1‬‬
‫شكير‬

‫وإني لمدينٌ بالشكر كذلك لرجلين لهما الفضل في ظهور هذا العَمل‪.‬‬

‫لهمشا‪َ:‬موّاب المخلص عمّاد العرّالي مُاديلرمداتروسطية للنشر لم يبدل‬


‫‏‪٠‬اأول‬
‫من جهد لنشر كل أعمالي عَامة وهذا العمل حَاصةٌ رغم علمه بأن القَصدَ منها‬
‫روط الاستتناف الذي بفضله تحقق الأمة‬ ‫يس َع انار َل ممق التأثير في‬
‫الشّهادة‪.‬‬ ‫شروط‬

‫« والثاني‪ :‬هُوَّ الشَّاب لمجتّهد أخمد الحمدي الذي تَكمَلَ بمراجعة كل الآيات‬
‫لقرآية الَاردة في البَبحث وصّبطهَا الضَّبط الشرعيّ ورسْمهًا برسم المُصحف؛‬
‫فجزاهُمًا اللهخيراء وسّدد حخطاهما في ما يُسعيان إليه من تاجح الأقعال‪ ,‬وصالح‬
‫الأعمال‪.‬‬
‫فهرس الجزء الأول‬

‫‪5‬‬ ‫الفاتحة‬
‫‪”0090909090909090001010‬ذ‬ ‫ا‬ ‫لفاتحة‬

‫‪22‬‬ ‫‪ 0‬لما‬ ‫تعليل الحاجة إلى هذا التحول المنهجى للم ةو فم‬
‫‪52‬‬ ‫‪00030‬‬ ‫تتيييي دير يوييية في ةووة ةينو يوريو دوم يوموو وف ةو وءيوممة ةرم نمث ررة‬ ‫يعجكييةة‪.‬‬
‫السابسكترراأتتي‬ ‫منهوم‬
‫تتعلرعيرفيف م م‬

‫وففممفةةرمة ‪43‬‬ ‫ج‪7‬يم وفممومةء مين وممفمفمةوة ةقفرم وومفو ميو فقويو ةمي مين‬
‫لتتن ‪-2‬‬
‫و ال‬
‫‪<4‬‬
‫الكلية‬
‫أنل‬ ‫الة‬ ‫يحجيية‬
‫| ست‪9‬راأتئ ي‬

‫مر نل ولعومفة ةوف ثميةن ‪3 7 311112220‬‬ ‫او‬


‫ةوةنني ة‬
‫ومااتت ‪١‬ها‏لاسستترااتئيحية ة ما هى ‪ 9‬لووففوو ووو وو ةفو ةو نو ة دورو ر‬
‫ممقو‬

‫‪60000‬‬
‫‪8‬م‬‫‪ 00‬ل‪ 3‬م‬ ‫خطة المحاولة و أهدافها ةمل مهفل‬
‫استراتيجية القرآن التّوحيدية و منطق السياسة المحمدية‪34....................‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬ل‬ ‫مواد الجزء الأول‬
‫‪0000110‬‬ ‫لل‬ ‫وم ‪0‬‬ ‫عم‬‫ممه‬
‫فاتحة الجزء الأول مومو‬
‫المسألةالأولى‪:‬استراتيجيةالقرآنالتّوحيديةومقوماتها الصورية‪75..............‬‬
‫‪.‬ف‪.‬عل‪.‬يه‪17.....‬‬
‫موس‬
‫اي‬‫لةس‪ ّ#‬صلورة‬
‫اصّ‬
‫الحدود أو العناصر التي تستنبط من أحداث الق‬
‫‪000‬‬ ‫‪ 00‬ةمه‬ ‫الشكل الأول ‪ :‬بنية الذوق‬
‫‪67‬‬ ‫‪ 0‬للم ةلله‬ ‫ية الرّزق‬ ‫ني ‪:‬‬
‫الشكل البثان‬
‫‪87‬‬ ‫‪0‬ل‬ ‫خ واتمة من سورة يوسف عليه السلام‬
‫لمة‬
‫امقد‬
‫مضمون ال‬
‫ملمم مما ط‪3‬ظ‪3‬ظآ‪/0000‬‬ ‫دولين‬
‫بفين‬
‫تتخل‬
‫سلمس‬
‫مين ا‬
‫لة ب‬
‫الاق‬
‫الشكل الثالث ‪ :‬بنية الع‬
‫‪80‬‬ ‫العلمي علامتاها‪.............‬‬ ‫د‬
‫ع ما‬
‫بلاج‬
‫آليات الع‬
‫‪48‬‬ ‫وق للمموفة‬ ‫ممم ةم موه‬ ‫ممهم‬
‫الشكل الرابع ‪ :‬وهو عين الشكل الثالث ه مه‬
‫مل ‪9‬‬ ‫‪ 00‬ل‬ ‫الدّلالة التّقلية لتغيير القبلة‬
‫‪660.039‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ 0 1‬فم هممص ممم ممه ممم مم ممم وو ة مم ممم مم وه‬ ‫معنى تغيير القبلة‬
‫معنى التخليص من التحريف‪ ......‬ملم ممم ‪0‬‬
‫‪99 0‬‬ ‫مممم‬
‫الدّلالة العقلية لدور المسجد الحرام دوره التُوحيدي‪ .......‬ممم م‬
‫الصورية‪301...........‬‬ ‫تها‬
‫اة و‬
‫ممدي‬
‫ولمح‬
‫قة ا‬
‫ملسن‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬السياسة أو ا‬
‫‪0511‬‬ ‫القضية الأولى‪ :‬الصّفات التي تؤهل الأمة البذرة لدورها التّاريخي‬
‫‪01‬‬ ‫‪0‬‬ ‫قييومي‪0 ..‬‬
‫لود‬
‫اوج‬
‫الوجه الأول ‪ :‬التحريف ال‬
‫‪11‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الوجه الثانى ‪:‬الخيرية ‪ #3‬الأمة النموذجية‬

‫‪5‬‬
‫‪50-0-0003‬‬ ‫القضية الثانية ‪ :‬مقومات السياسة ‪ :‬مقومات السياسة عامة وسياسة النبي خاصة‬
‫‪0-0-0003‬‬ ‫نتيوفها لتحديد مجال الفعل السياسي بمعناه الواسع لع ما‬ ‫صما‬
‫تمقو‬
‫حصر ال‬
‫ث وه‬ ‫‪0‬‬ ‫إشكالات الصّنف الأول أو إشكالات مادة العمران‬
‫ثعثفوة‬ ‫إشكالات الصّنف الأوسط أو صنف الأحياز ‪0‬‬
‫‪...‬م‬ ‫‪001102‬‬ ‫إشكالات الصّنف الثالث أو إشكالات صورة العمران‬
‫‪000 0‬‬ ‫إشكالات أصل الإشكالات كلها مومه مم ممه ممم ممه مه ممم ممم مم مهمه مهمومه ممم موق‬

‫البنية الشاملة لعمل الفواعل القيمية ‪ 2‬التّارِيخْ الإنساني ‪0‬‬


‫وثعوم‬ ‫آاليلةمعمعلاذلة السياسية يمنطقها الطبيعي مممم ةمهم ةممصم ممم ممم مهجم مجم ء مفلا‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬محاذير التعامل مع سياسة النبي‬

‫وقثومى‬

‫غلاء‬ ‫لا‬ ‫‏‪٠‬‬


‫‪6.6.6٠‬‬ ‫ووو ووو ووو الاو‬ ‫واواوو وو ووم‬ ‫الإسراء‬ ‫الثانى من‬ ‫النص‬
‫‪3‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪.‬ممه‬ ‫هه‬ ‫َه‬ ‫ب‬ ‫كوه‬
‫‪0002‬‬ ‫المسالة الرابعة ‪ :‬التنجيم والتاريخية‬
‫‪6666.6‬‬

‫‪00000030‬‬ ‫التناظر بين الجناحين المحيطين بالقلب فمم ممم ممم مم ممم مجم ممم ممعم ممم مم ةيةه ةم تفيل‬
‫‪00-0003‬‬ ‫‪00‬‬ ‫دلالة الأسماء ‪ :‬أسماء الأنبياء و أسماء أقوامهم‬
‫‪0‬‬ ‫م‬ ‫بي‬ ‫و‬ ‫‪00‬‬ ‫‪60‬‬ ‫هر‬ ‫م‬ ‫ِ‬

‫«إوبالحق أنرَلِنَاهٌ وَيالحق نَرْلِ وَمَا أرْسَلتاك إلا مُبَشرا وَنَذِيرا‬


‫وَقَرْنا فَرَقَنَاهُ لِتَفرَاهُ عَلى الذاس عَلى مُكث وَنْرْلِناكُ تنزيلا»‬
‫[الإسراء‪]501-601 :‬‬

‫كل ما تنتضمنه هذه الخحاولة مبتداه من هاتين الآيتين ومنتهاه إليهما‪ .‬فمطلوبنا ذو‬
‫صلة مباشرة بالعلاقة التى بين سورة الاسراء ومنزلة الأمة في التاريخ الكوني منذ نشأتها‬
‫دت هذه المنزلة في الظروف الحيطة بسعى الأمةجبرما الكسرمنف‬ ‫كوقد‬‫أن‪.‬‬‫تالآ‬ ‫إلى‬
‫آل إلى تدخل‬ ‫وملي‬
‫دى ه‬
‫كيانها وجمع ما انفرط مرن عقدها‪ .‬ففيهما تحولت شؤونها إإ‬
‫مباشر في المحددات الأساسية لظرفيتها التارجفية بلغ حد التطاول على مقومات حصاتتها‬
‫الى‬ ‫هظةدة‬
‫جفالخل‬
‫ميوم‬
‫لن ال‬
‫اسلمي‬
‫الروحية‪ .‬وسورة الإسراء لكأنها الوصف الدقيق لطال الم‬
‫ارولة كلها بل‬
‫لينحشعا‬
‫اآين‬
‫تاحقلقاتتقال مر‪ . :‬رد الفعل إلى الفعل‪ ,‬لذلك فقد جعلنا هاتين ال‬
‫وشعار كل التفسير الفلسفى الذكب تأمل أت يوفقنا الله ف تحقيقه إن شاء اللّه‪.‬‬
‫إن استراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية وطبيعة الوجه‬
‫المطانوب منهما والعلاقة يينهما في الالتين فضلا عن الشرعة الخلقية والمنهاج المعرف‬
‫اللزء الأول من هذا الكتناب الأول من هذه المحاولة كل‬ ‫[المائدة‪ ]84 :‬كما سنبين في‬
‫لول سورة الإسراء ومفهومها‪ :‬فالأمة البذرة أو الدموذج أسْرّت أعنى بكرت‬
‫مكدهو‬
‫ذل‬
‫بالريادة نحو هدف توحيد الإنسانية حول قيم القرآت الكريم لأن رسوها أسرى بهريه‬
‫تىراتيجية ليُعد الأمة فتكون السرية الى تحقق هذا الهدف‪ .‬لذلك كانت‬
‫اسعل‬
‫اطللعهُ‬
‫فأ‬
‫غاية السورة حديد معايير سياسته ومنطقها‪:‬‬
‫حيث الاستراتيجية فالقرآنت طريقةٌ إنزاله اق (نقيضه الظلم)‬ ‫أولا‪ :‬من‬
‫ومضمودثُ مُنرّله الق (نقيضه الباطل) والمضمر الذي لا يجهله أي مسلم هو أن‬
‫امقر اللّمم هو مصدر الإنزال وأن الْقٌّ ‪-‬اللّم مصدر المنزل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬من حيث منطق السياسة فالرسول هو البشيرٌ (‪-‬شمرات تطبيق الاستر اتيجية)‬
‫وهو النذيرٌ ر‪-‬بعواقب عدم تطبيقها) أمده اللّه بمنهاج التعليم المأمور به (‪-‬القراءة على الناس‬
‫علو مكث) وبشرعة التطبيق الواجبة (‪ -‬التنزيل على النوازل النموذجية‪ .‬وطبعا فالمدزل هنا‬
‫هو الله مرن حيث المصدر والنى صلى_اللّه عليه وسلم مرن حيث التوسطا‪ .‬والتعليم‬
‫والتطبيق هما علتا التنجيم «فرقناه‪...‬ل‪ 4‬وحصر ذوره فيهما أي إنه لا يمكن أركت‬
‫يدسب أحد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أمرا آخر «وما‪..‬إلا‪ )...‬بدليل رفض الرسول‬
‫الذي آل إلى تأليه عيسى_يعليه السلام ‪.‬‬ ‫الإطراء الذي اعتبره علة الغلو المسيحى‬

‫‪7‬‬
‫‪0‬‬ ‫يي‬
‫العامة‬ ‫الفاتحة‬

‫حيندكلّمادَ اقترب من التجريد‪ .‬فيلتقيان في‬


‫‪9‬‬ ‫ع‬
‫تتعي‬
‫«التُجريد كلما دَق اقترب من التعبين‪ .‬وال‬
‫‪17‬‬ ‫‪2‬‬
‫المؤلف‪.‬‬ ‫الغاية وتتطابق تضاريس مادة العلم العينية مع تعاقيد الصورة الذهنية)‪.‬‬

‫ختم القرآن الكريم الدعوة إلى العقد الديني استنادا إلى الإعجاز بخرق‬
‫مجاري العادات' ليفتح الدعوة إليه استنادا إلى الإعجاز بأبدعية نظامه فجعل‬
‫الإيمان ثمرة لتبين الرشد من الغي تبينا يحيي به المؤمن نفسه ويوصله إلى ثمرتين‪:‬‬
‫غروت‪.‬‬ ‫الكف‬
‫طي ا‬
‫لا ه‬
‫ااهم‬‫‪.1‬بأول‬
‫اانليةإ هييمان بالله‪.‬‬
‫‪ .2‬والث‬
‫ولما كان الطاغوت الذي يجب الكفر به ليتحقق الإيمان التام هو نوعين‬
‫روحيا وماديا أعني السلطة الدينية التي تستبد بعلاقة المؤمن من حيث قيامه‬
‫الروحي في صلته بالله والسلطة السياسية التي تستبد بعلاقة المؤمن من حيث‬
‫قيامه المادي في صلته بربه؛ فإن التحرر منه يكون مقدمة للإيمان الصادق لكونه‬
‫ناتجا عن الخيار الحر‪ .‬لذلك فسنحاول ‪ -‬في ما نطلق عليه اسم‪ :‬التفسير الفلسفي‬
‫للقرآن الوكرايمن”طلاقا من هذين المعطيين المميزين لخطابه بلا جدال ‪ -‬إثبات‬
‫الدعويين التاليتين اللتين ليس منهما بد لفهم العلاقة بين فلسفة الدين وفلسفة‬
‫التاريخ القرآنيتين” كما يمكن استنباطهما منه من حيث هو نص يحتكم إلى‬
‫سلطة الحجة (المعجزة بوصفها فهما للنظام الكوني وآية لسنة الله التي لن تجد لها‬
‫تحويلا) بدلا من حجة السلطة (المعجزة بوصفها خرقا للنظام الكوني)‪:‬‬
‫‪9‬‬
‫ندعي أن القرآن الكريم فيه استراتيجية* ما بعد تاريخية (‪-‬تحدد المبادئ العامة‬
‫التي تحكم مجرى التاريخ الإنساني رغم كونها ليست تاريخية) استراتيجية‬
‫هدفها توحيد الأمة بداية والإنسانية غاية» لتحقيق القيم الخلقية والروحية في‬
‫التاريخ الفعلي أو للبلوغ بالاستخلاف إلى غايته شرطا لفهم حديث الختم‬
‫والكونية الإسلاميتين‪.‬‬
‫وندعي أن في سنة الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬سياسة تاريخية (‪-‬تحدد‬
‫نموذج الوصل الفعلي للتاريخ بما بعده) حيث طبقت هذه الاستراتيجية تطبيقا‬
‫نموذجيا هدفه تحرير الإنسانية من الحاجة إلى الوسطاء في النظر والعمل بفضل‬
‫كلية الرسالة وختم الوحي تطبيقا صالحا ليُقتدى به في استكناف توحيد الأمة‬
‫بداية واستئناف توحيد الإنسانية غاية بعد صحوة الأمة شرطا لفهم حدث الختم‬
‫والكونية الإسلاميتين‪.‬‬
‫ونحن نحاول أن نثبت هاتين الدعويين بطريقة المعرفة الاجتهادية وهي‬
‫يقة أساسها الفرض والاستنتاج‪ .‬فلكأن القرآن جملة من الظاهرات التي نطلب‬
‫نظام عقدها وراءها دون الدخول في الإشكالية الزائفة حول المصدر أو الصحة”‬
‫محورية من القرآن الكريم نقدمها عينات ونماذج من الفهم‬ ‫اىت‬
‫ية إل‬
‫آشار‬
‫مع الإ‬
‫الذي نقترحه‪:‬‬

‫فنعتمد منهجا للإثبات يشبه طريقة امتحان الفرض العلمي جاعلين ما‬
‫ورد في القرآن دعوى للاختبار بهذا النظر فيآيات الآفاق والأنفس طلبا لهذه‬
‫الاستراتيجية‪.‬‬
‫وندلل عليهما بفهم للقرآن منطلق ما اعتبره هو نفسه معين الأدلة أعني‬
‫النظر في آيات الآفاق (العالم) وفي آيات الأنفس «التاريخ) التي يري بها الله الناسّ‬
‫مايجعلهم يتبينون أنه الحق‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫ولا يعني ما نحاول القيام به من امتحان أننا نشك في صحة ما نؤمن به بل‬
‫إن ذلك من خاصيات الدعوة القرآنية التي لم تعتمد على حجة النص بل اعتمدت‬
‫على ما يوجه إليه النص العقل ليكون معين الاستدلال» فجعلت الطريق الموصلة‬
‫إلى تبين الرشد من الغي وأساس الإيمان الصادق النظر في آيات الكون الطبيعي‬
‫وآيات التاريخ الإنساني منطلقا لفهم آيات القرآن‪ .6‬واعتبارنا القرآن والسنة قابلين‬
‫للعلاج قياسا على الطريقة التي وصل بها العقل الإنساني إلى فهم آيات الآفاق‬
‫والأنفس بلوغا إلى فهم محدداتها حتى يتبين أنه الحق هو من شروط الإيمان بقيم‬
‫القرآن والإيمان بانتسابها إلى ما يتعالى على التاريخ بل هو أصل كل الأدلة على‬
‫دعويي الإسلام بكونه الدين الكلي والدين الخاتم”‪.‬‬
‫وطبعا فنحن لا نعني بعلم ما يتعالى على التاريخ أو ما بعد التاريخ أمرا‬
‫مناظرا لما كانت تطمح إليه ما بعد الطبيعة التي تخلص منها الفكر الفلسفي النقدي‬
‫لعدصه‬ ‫خه ب‬
‫تناع‬
‫أعني العلم المطلق للوجود‪ .‬فهذا العلم الذي اكتشف الإنسان امت‬
‫من سذاجته المعرفية ينفيه مفهوم العلاقة بين الشهادة والغيب حداتتأسس عليه المعرفة‬
‫الاجتهادية البديل التي تغني عن الإطلاق الكاذب وتغني خاصة عن الوسطاء الذين‬
‫يستمدون منه سلطانهم‪ .‬لذلك فمسعانا مقصور على المبادئ الفرضية التي يبدعها‬

‫النظرية الاجتهادية‬ ‫نى‬


‫ملكعهو‬
‫وذ‬ ‫عه‪:‬‬
‫وهمه‬
‫وبرضعن ف‬
‫مليع‬
‫لقلي‬
‫الاجتهاد الع‬
‫بريعةدماية‪.‬‬
‫لااق الميتافيزيقي رغم كونها نظ‬ ‫طله‬
‫إدعي‬
‫لا ن‬
‫اي ل‬
‫الت‬
‫فكون القرآن قد اعتبر التبين من أنه الحق أمرا يحصل من خلال فهم‬
‫أحداث الآفاق والأنفس بفضل رؤيتها تتحقق» يعني أنه قد جعل التبين مشروطا‬
‫ظ‬ ‫بأمرين هما‪:‬‬
‫حصول الآيات في الوجود الفعلي‬
‫وحصول النظر في ما وراءها من حيث هي أحداث لها ما وراءها الذي‬
‫يجعلها تحدث على سنن يوجه إليها القرآن عقل الإنسان ووجدانه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ولا يتحقق ذلك إلا بمنهجية هذا النظر لأنها هي السبيل الوحيدة للانتقال من‬
‫معرفة بادئ الرأي الغفل أعني من المعرفة التي لا يمكن أن تبين أنه الحق إلى المعرفة‬
‫ذات المنهجية الكفيلة بذلك‪ .‬فأحداث الآفاق (‪-‬أحداث الطبيعة ونظامها) وأحداث‬
‫الأنفس (>أحداث التاريخ ونظامها) هما المعين الأساسي للحجاج القرآني وما‬
‫فيها ليس آيات لتبين أنه الحق إلا بمعنى كون ما يجري فيها يجري بمقتضى ما‬
‫توحي به من سنن يستطيع الإنسان إدراك منحناها أو توجهها الجوهري بحصيلة‬
‫ما يتواتر فيها من القرائن والعلامات لأن الله أراد أن يريها للناس‪ :‬الآية في الوجود‬
‫موحية للآية في الوجدان‪ .‬فيكون تبيين الآيات أنه الحق عين التبين من أنه الحق‬
‫مينرين هو كمال التبليغ الكلي والخاتم أو وصول الفطرة التي‬
‫أب‬‫لاسب‬
‫التن‬
‫وا‬
‫فطر الله الناس عليها إلى كمال الوعي بذاتها‪ .‬فيدرك الإنسان منزلته الوجودية‬
‫فة عبدا لربه‪ .‬وهذه السنن ليست القوانين العلمية التي يتوصل‬ ‫يونه‬‫لي ك‬
‫خي ه‬
‫الت‬
‫إليها علماء الآفاق والأنفس‪ .‬إنها ما وراء القوانين وشرط محاولات الإنسان‬
‫للصوغ القانوني بخلاف ما يراه أصحاب الإعجاز العلمي لأنها الحقائق المطلقة‬
‫التي لا يحيط بها علم مهما اكتمل رغم تسليم ذوي البصيرة بوجودها عقدا‬
‫لا علما بل هي عين التعقل والفهم والإدراك المتروي بل هي جوهر الإنسان‪.‬‬
‫فتكون القوانين العلمية مجرد محاولات اجتهادية يسعى الإنسان إلى إبداعها‬
‫لصوغ ما يقرب من فهم تلك الحقائق دون أن يكون إياها إلا عند أصحاب‬
‫الإعجاز العلمي الذين يتصورون موقفهم تأييدا للقرآن ولا يدرون أنه يؤول إلى‬
‫يىخ‪.‬‬ ‫ره عل‬
‫االي‬
‫تي تع‬
‫لك ف‬‫اشكي‬
‫الت‬
‫وإذا كان لا أحد من العلماء الذين يعتد بهم يزعم أن نظرياته عن حقائق‬
‫قناهيئقه فإنه من الخطأ جعلها مطابقة لحقائق القرآن مهما بلغت من‬ ‫حكو‬
‫ال‬
‫الدقة والوثاقة‪ :‬حقائق القرآن أعلى حتى من حقائق الطبيعة فلا تكون محاولات‬
‫العبارة العلمية عليها مطابقة لها مهما بلغت من كمال لكونها مجرد صيغ تقريبية‬
‫‪21‬‬
‫قابلة للدحض في كل آن بخلاف ما عليه حقائق القرآن‪ .‬والمعلوم أإنشارات القرآن‬
‫إلى شروط البداية وشروط الغاية في الوجودين الطبيعي والتاريخي إشارات إلى‬
‫سنن لن تجد لها تبديلا ولا تحويلا فلا تكون من ثم نسبة القوانين العلمية إليها إلا‬
‫نسبة متغيرة من عصر إلى عصر كحال نسبتها إلى الحقائق الطبيعية التي هي غير‬
‫ما لنا عنها من تصورات مهما بلغت من الوثاقة المعرفية بل وأكثر‪ :‬وهي من ثم‬
‫نسبة بين علوم متناهية وتاريخية وحقائق لا متناهية وغير تاريخية‪.‬‬
‫وينبغي أن نفهم أن السنن ليست عبارات قانونية بل هي اتجاهات‬
‫فاعليةوجودية تحدد مسارات الحدوث ‪2‬طع‪1‬عطء‪ 5©0‬والحديث اعطاءاومرء ‪71‬‬

‫الوجوديين بتعيين مجاريهما في أمواج حية تتجلى وجهتها للوجدان الإنساني‬


‫بما يماثل غاية المنظر في لوحة الرسم ‪4210‬م ‪ 5821151327‬وجهة الإمكانات‬
‫لاهية‪ .‬وذلك هو أثر السنن أثرها في الفطرة يهدي‬ ‫ايعاتج‬
‫في ف‬
‫ايلتجر‬
‫الت‬
‫الإنسان إدراكه لها إدراكا جمليا هو البصيرة التي تشعر بما لا يقبل الصوغ في‬
‫محددات الفطرة لكل‬ ‫ن‬
‫ي هو‬
‫عصيرة‬
‫عبارات قانونية نهائية‪ .‬وما تدركه الب‬
‫مساعيها الواعية وغير الواعية‪ .‬ويشبه الإيحاء الصادر عن اتجاهات الفاعلية‬
‫أو السسنن خطابا كونيا لسانه الآيات التي ينبع منها الإيحاء الوجداني المتحكم‬
‫في الفطرة عندما تتحرر من عادة «هذا ما وَجَدْنًا عَلَيْه آَاءنا‪ 4‬ليس ‪ .]87‬أعني‬
‫من مبدأ قياس الغائب عَلىَ الشاهد ومن ثم حصر اللامتناهي في المتناهي‬
‫والمطلق في النسبي‪ .‬وهذا الإيحاء يشعر به كل متأمل لآيات الآفاق والأنفس‪. .‬‬
‫وبين قراءة القرآن الكريم بقلب صادق وبصيرة‬ ‫ها‬
‫نجمع‬‫يذا‬
‫بة إ‬
‫خاص‬
‫نافذة‪ .‬وهذا هو الخطاب المتقدم على كل المدارك والإبداعات الإنسانية في‬
‫جميع مجالات التقويم* التي سنحدد أصنافها بوحي من إشارات القرآن‬
‫الكريم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فتكون شرو ط إمكان البداية وشروط حصول الغاية هما ما يطلب الإنسان‬
‫فهمه دون زعم مطابقة سعيه لهما لامتناع الإحاطة بالغيب وحصر المطلق (حقيقة‬
‫الوجود) في النسبي (ما نحيط به منها)‪ .‬ويصح هذا على الإيحاء الموصل إلى كل‬
‫إبداع وخاصة الإبداع الرياضي والجمالي في كل الفنون كما يصح على الإيحاء‬
‫الذي يوصل إلى كل إبداع رمزي أو فعلي بما في ذلك إبداع صيغ نظرية لفهم‬
‫القرآن الكريم‪ .‬فكل ذلك إيحاء وجداني أو روحاني أو ديني أو جمالي أو خلقي‬
‫أعني فهما معبرا عن آيات الوجود (ومعبرا لها) من حيث هي منظومة دالة بلسان‬
‫وجداني يصعب أن يحدد أحد طبيعته رغم كونه مشروطا في كل فهم لأنه عين‬
‫قابلية الفهم في المفهوم وعين قدرة الفهم عند الفاهم”‪ .‬لكن كل ذي بصيرة يفهم‬
‫هذا الإيحاء ويحاول أن يترجم ما فهم باللسان الذي له فيه الأهلية الكافية فنا أو‬
‫شعرا أو علما أو عملا وهو في كل الأحوال يعيشه بوصفه عين إدراكه الوجداني‬
‫لقيامه الوجودي ولو بصورة غائمة لكونه هو عين ما يعيه من ذاته المدركة‬
‫لتواصلها مع كل الوجود‪ .‬ولكي ندرك معنى ذلك فلا بد من بيان أمرين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو أن علوم الطبيعة هي بدورها تفترض شيئا مجانسا لما نطلبه في‬
‫فاهلمقرآن رغم كون أصولها ليست وحيا‪ .‬فأسس علوم الطبيعة ليست مستمدة‬
‫من استقراء ظاهرات الطبيعة إلا عند من لا يفهم معنى العمل العلمي ما هو‬
‫بل هي عمل عقلي متقدم عليها يتبين أنه الحق من خلال النظر في الظاهرات‬
‫الطبيعية بوصفها أحداث الآفاق (أي مجرى العالم) والأنفس (أي مجرى‬
‫التاريخ)‪ .‬إن علوم الطبيعة تطبيقات لإبداعات رياضية عقلية متقدمة عليهاء يبين‬
‫استقراء الطبيعة استقراء تجريبيا لاحقا أنها الحق من خلال بيان أن قوانين الطبيعة ‏‪٠‬‬
‫حالة خاصة قريبة من بعض البنى الرياضية التي يبدعها الاعلقلإنساني من ذاته‬
‫كوجدان غائم مدرك لتواصله مع الوجود والطبيعة تقبل الصوغ بواسطتها‬
‫أفضل صوغ حتى وإن لم ننف أن المدارك الحسية للعالم‪-‬من حيث هو مجال‬
‫‪41‬‬
‫هذه الصلة التواصلية بين الذات والوجود عندما تتحرر من الانغلاق على ذاتها‬
‫فاتسلوحك فوين‪-‬تكون بمجراها العام من حيث هو مجرى منتظم بالسنن الكلية‬
‫قاته في ذلك الإبداع‪.‬‬
‫لبعض‬
‫طب‬‫ن له‬
‫ماء‬
‫مصدر إيحاء للمبدع المنصت إيح‬
‫القرآني الذي قسنا علاقته بآيات الآفاق ‪.‬‬ ‫نص‬
‫لسنن‬
‫اقة‬
‫الثاني‪ :‬هو أن علا‬
‫والأنفس على علاقة مبدعات النص الرياضي بقوانين مجرى الظاهرات الطبيعية‬
‫مع الإبقاء على الفارق لا تدل على نفسها بمجرد ظهورها كما تفعل الطبيعة بل‬
‫هي تدل عليها بظهورها وبما تقوله عن دلالتها للتعبير عن دلالة ذلك الظهورء‬
‫وذلك لأن آيات النص لها وجها ظهور أمام العقل الإنساني بكيانها المادي من‬
‫حيث هي حدث في الوجود الفعلي (وهي حينئذ لا تختلف عن الظاهرات‬
‫هنا‬
‫ته ع‬
‫اقول‬
‫ذ ت‬
‫العيني وبما‬ ‫ويةجفيود‬
‫ائعلفعل‬
‫الطبيعية تدركها الحواس وقا‬
‫جود الفعلي أعني بعودتها على ذاتها لتعبر عنها بصورة لا‬
‫اوثلهاوفي‬
‫خلال حد‬
‫تتوفر في الظاهرات الطبيعية) فالقرآن‪:‬‬
‫عةيفيان‬‫أجود‬
‫ل مو‬
‫ايقة‬
‫حق‬
‫وخاصة لمن يتكلم لغته سواء كانت لغته‬ ‫هقةان‬
‫أةذناط‬‫لقيق‬
‫لو ح‬‫وه‬
‫بل هو‬ ‫ه‪.‬‬
‫تلى‬
‫ذحداث ع‬
‫الأصلية أو اللغة اتلتعيلمها من أجل البلوغ إلى عودة ال‬
‫حقيقة بوجهيها ذينك مستنطقة للأذهان وهو يشارك بذلك الآثار الفنية التي لها‬
‫الحد من تحكم متلقيها في آن» لأنها‬ ‫مع ذلك مطلق القدرة على التجريد وعلى‬
‫المحدود المدرك لمحدوديته ومن ثم‬ ‫عين صلة الإنسان من حيث هو إنسان (أي‬
‫(أي ما يتم التعالي إليه بفضله وما‬ ‫المتعالي عليها) بالإلهي من حيث هو إلهي‬
‫نندسان هو‬ ‫إة ع‬
‫لودي‬
‫امحد‬
‫إدراك ال‬ ‫من دونه لا يمكن تصور التعالى مكنا لأن‬
‫في آن إدراك لما يؤسسها أعني العبودية للامحدود) “!‪ .‬ومن ثم فآياته آيات من‬
‫القوة الثانية لأنه رمز ناطق بخلاف الطبيعة التي هي رمز أصم لا ينطقه إلا النظر‬
‫ث‬ ‫يمن‬‫حيعية‬
‫لنظنسابةهرات القرآنية إلى الظاهرات الطب‬ ‫اكو‬
‫الإنساني فيه‪ .‬فت‬
‫الفرق لأن وعي القرآن بذاته‬ ‫كنسبة الإنسان إلايهلاإمعبقاء على‬ ‫هذا الازدواج‬
‫‪51‬‬
‫مطابق لذاته بخلاف وعي الإنسان بذاته‪ :‬نطق القرآن هو عين حقيقته وحقيقة‬
‫القرآن هي عين نطقه بخلاف وعي الإنسان بالإنسان‪ .‬فالإنسان يبقى مثالا على‬
‫هذا الازدواج الظهوري ليفهمنا المقصود عند الكلام على القرآن» لأنه ظاهرة‬
‫طبيعية ورمز ناطق لكنه لا يطابق ما هو مثال منه‪ :‬فلا شك أن الإنسان يعبر عن‬
‫نفسه بظهور أعراضه مثل الظاهرات الطبيعية (أعراض المرض مثلا) وبما يقوله‬
‫عن ظهور أعراضه (شعوره بالألم وتأويله لا يألم منه) لكن تعبيره عن ذاته لا‬
‫يحيط بذاته بخلاف القرآن فهو محيط بذاته‪.‬‬
‫ذلك أننا لو انطلقنا تما يقوله الإنسان عن ظهوره واكتفينا بوجهه من‬
‫حيث هو رمز ناطق لامتنع علينا أن ندرك حقيقة التطابق بين الكيان الطبيعي‬
‫والرمز الناطق‪ .‬فما يقوله الإنسان عن نفسه لا يمكن أن يكون منطلقا كافيا لمعرفته‬
‫فنحتاج إلى ما تعبر عنه ظاهراته لفهمه‪ .‬والقرآن‪ -‬رغم أن المتكلم به هو الله وأن‬
‫علمه بذاته مطابق لذاته ما يغني عن مقارنة القول بالمقول‪ -‬سعيا إلى مزيد الإقناع‬
‫العقلي يجنبنا هذا الخطأ المنهجي فينبهنا إلى أن ما يقوله عن نفسه لا يفهمه الإنسان‬
‫ولا يتبين أنه الحق إلا بفهم علاقته يبعض موضوعاته أي بالآفاق والأنفس‪.‬‬
‫فيكون القرآن من جنس الخبر الذي يطلب امتحانه بمقارنة ما جاء فيه بما‬
‫يوجد في ما يخبر عنه مع العلم أن ما يخبر عنه هو كل الآيات التي قسمها إلى‬
‫صنفين هما‪ .1:‬آيات الآفاق» ‪ 2‬وآيات الأنفس مع ‪ .3‬ما بعد الأولى؛ ‪ .4‬وما بعد‬
‫رآن‪ :‬انظر في‬
‫الثانية أي قول القرآن فيهماء ‪ .5‬وأصل الكل أي‪ :‬قول الاقرلآنقفي‬
‫حقيقة المخبر عنه تعلم صحة الخبر‪ .‬وهذه الإشارة جعلت فهم القرآن أكثر تعقيدا‬
‫من صنفي العلوم الطبيعية والإنسانية لأنهما أصبحا شرطين في فهم إشاراته التي‬
‫هي مضمون ما بعديهما دون أن يكونا كافيين‪.‬‬
‫فما تتضمنه الآيات من دلالات لا يقتصر على ما نعلم منها كما يتوهم‬
‫أصحاب الإعجاز العلمي؛ إذ يبحثون عن تأويلات تطابق ما وضعه العلماء من‬
‫قوانين بعد وضعها فضلا عن كون القرآن لا يتضمن ما نصل إليه من علم نسبي‬
‫‪61‬‬
‫بالقوانين التقريبية المتروكة لاجتهادنا الدائم من أجل معرفة حقائق الوجود الطبيعي‬
‫والإنسانى» حقائقهما التى هى من الغيب‪ .‬ذلك أن بنى مضامين القرآن التى نسعى‬
‫اعضته العميقة إلى الآفاق والأنفس تعيدنا إليه حتى نفهم‬
‫اينرمن ب‬
‫شطلق‬
‫إا من‬
‫إليه‬
‫ما يقوله عن نفسه لكأن نسبة آيات الآفاق وآيات الأنفس إلى آيات القرآن كنسبة‬
‫أحوال الإنسان إلى ما يقوله الإنسان عن نفسه تأويلا لها‪ :‬فيكون ما يجري في‬
‫الكون كله بما في ذلك وعي الإنسان بما فيه ليس هو إلا من جنس العلامات التي‬
‫تحيل إلى ما في القرآن من حقائق‪ .‬وكل تأويل للآيات ليس إلا اجتهادات لفهم‬
‫تدرجنا نحو فهم هذه الدلالة دون حصول التطابق معها لكون غاية السبيل إليها‬
‫لا متناهية‪ .‬وذلك هو المقصود بكون كل الموجودات كلمات إلهية‪.‬‬
‫حداث التي يتكلم عليها‬
‫اشالهدأمن‬
‫فالآفاق والأنفس الأتيحهيوال ال‬
‫القرآن تساعد على فهم ما يقوله القرآن عن تلك الأحداث فتبين أنه هو الحقيقة‬
‫المطلقة في العلم الإلهي» كما تبين الآفاق والأنفس أن الإبداعات الرياضية هي‬
‫الإنساني‪ :‬لذلك كانت الفلسفة الكونية القرآنية فلسفة‬ ‫ليةعفيلم‬
‫انسب‬
‫الحقيقة ال‬
‫رياضية بالجوهر؛ لأن كل شيء خلقه الله بقدر‪:‬‬
‫والحقيقة الأولى ‪ :‬تتعلق بالعقائد الدينية (أي بالمعطيات التي لا يمكن للإنسان‬
‫أن يحيا من دونها حتى لو كفر بها فحتى الكافر بها لا يمكنه أن يعلم من دون‬
‫أن يجعل الجهد العلمي تمكنا أعني بتسليم شروطه على الأقل فرضا إن لم يكن‬
‫عقدا)‪.‬‬
‫والحقيقة الثانية‪ :‬تتعلق بالعقائد العلمية (أي آراء حول معطيات فرعية لا‬
‫طيع العلم لإهثباتا بل‬
‫تاسبعدليم بالمعطيات الأولى) أعينيسبمات لا‬
‫تواجدل إل‬
‫ة‪.‬‬
‫رم به‬
‫وتسلي‬
‫رن ال‬
‫ضق م‬
‫ينطل‬
‫انىنين العلمية الطبيعية إذا لم نسلم بوجود الطبيعة‬ ‫و مع‬
‫لنهق لا‬
‫لك أ‬‫ذل‬
‫والمدارك الحسية سواء اكا‬
‫لنتأ فعييان (‪-‬المحسوسية الممكنة) أو حاتىل فأيذهان‬

‫‪71‬‬
‫(>المعقولية الممكنة)دون تعيين وبكونها ذات نظام دون تعيين تعبر عنه قوانين‬
‫دون تعيين (‪-‬القانونية الممكنة) قابلة للعلم دون تعيين (‪#‬المعلومية الممكنة) ولا‬
‫معنى للقوانين العلمية التاريخية (‪-‬الحاصل من الممكن) إذا لم نسلم بوجود‬
‫الإنسان وأفعاله والمدارك الوجدانية الداخلية وبكونها ذات نظام تعبر عله قوانين‬
‫قابلة للعلم وكل ذلك دون تعيين أيضا"‪.‬‬
‫ولا بد إذن أن نخلص دراسة القرآن من طريقة الملاحظات الاستقرائية‬
‫لظواهر آياته واستبدالها بطلب شروط الإمكان القبلية حول البدايات والغايات‬
‫قبلية وبعدية بالمعنى الفرضي الرياضي وليس بالمعنى الوثوقي الميتافيزيقي‬
‫لكونهما الطريقة الوحيدة التي تجعل النظر في الآفاق وفي الأنفس طريقا إلى تبين‬
‫تحقق الحق هو دليله وتحققه يكون في الوجودين الطبيعي‬ ‫حوق‪:‬‬
‫لن ه‬
‫اقرآ‬
‫أن ال‬
‫والتاريخي المتلاحمين في التاريخ الإنساني ولا نتحقق من تحققه إلا برؤيته بمعنى‬
‫الرؤية الواعية التي هي العلم الفرضي الرياضي لا الوثوقي الميتافيزيقي‪.‬‬
‫وتقتضي هذه الطريقة تطبيق بعض الفرضيات العامة حول البدايات‬
‫والغايات التي من دونها يمتنع تأسيس معرفة تمكن من السمو إلى فهم المضمون‬
‫القرآني معرفة تبدع فرضيات حول نظام نسيجه فتمكن من التعامل معه على‬
‫علم مشترطين أن تكون هذه الفرضيات منطلقة من آبات محورية تمثل الإشارات‬
‫البارزة للمبادئ الأساسية التى تستند إليها فرضيات المحاولة‪ .‬وفرضية العمل‬
‫فيهذه المحاولة مضاعفة وهي أننا بمثل هذا النهج الفرضي الاستنتاجي نحدد‬
‫أفق نظر يمكننا من‪:‬‬
‫اكتشاف استراتيجية توحيدية في القرآن تنتسب إلى ما بعد علم التاريخ‬
‫(أي إلى شروط إمكانه القبلية) هدفها توحيد الأمة بداية والإنسانية غاية رغم‬
‫غياب مفردة عربية تقابل هذه المفردة الأعجمية‪.‬‬
‫واكتشاف سياسة تحقيق لهذه الاستراتيجية في السنة المحمدية بمعنى‬
‫ية الجماعة الخلقية وإدارة شأنها العام سياسة مثلت نموذجا‬
‫رعةببين‬
‫تجام‬
‫السياسة ال‬
‫‪81‬‬
‫تطبيقيا متعاليا على عرضيات التاريخ بطبيعة صلته البنيوية مع الاستراتيجية‬
‫المتعالية عليه‪.‬‬
‫ومحاولتنا هي السعي إلى اكتشاف المبادئ العامة التي ترد إليها استراتيجية‬
‫م مهنما‬ ‫همكن‬
‫في ت‬‫القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية أو على الأقل الت‬
‫مع ما بينهما من صلة في الاتجاهين من القرآن إلى السنة تحقيقا ومن السنة إلى‬
‫القرآن تأسيسا وأصل ذلك كله؛ أعني‪:‬‬
‫تحديد الاستراتيجية القرانية‪.‬‬
‫وتحديد منطق السياسة المحمدية‪.‬‬
‫لةقمنرآن‪.‬‬
‫اسن‬
‫وتحديد التطبيقات نزولا إلى ال‬
‫سننة إلى القرآن‪.‬‬
‫لا م‬
‫اود‬
‫وتحديد الأسس صع‬
‫وأصل ذلك كله أعني المقصود بالعلاقة بين فلسفة الدين وفلسفة‬
‫التاريخ القرآنيتين اللتين يمثل البحث عنهما هدف التفسير الفلسفي للقرآن‬
‫الكريم‪.‬‬

‫التأسيس الفلسفي لنظرية الاستراتيجية‬ ‫هر‬


‫و هو‬
‫جلبين‬
‫وبيان هذين المط‬
‫القرآنية و منطق السياسة النبوية‪ .‬ولما كان هذا التأسيس شديد التعقيد والطول‬
‫فضلا عن كونه هدفا نظريا بعيد المقاصد فلا يقتصر على علاج قضايا الأمة‬
‫فهم فلسفة التاريخ الإنساني من حيث علاقتها بفلسفة‬ ‫الول‬
‫حة ب‬
‫يالي‬
‫الح‬
‫لدبمندء بالنتائج‬ ‫اب‬ ‫الدين فإنه يصبح في الحقيقة غاية وليس بداية‪ .‬لذلك فلا‬
‫التي تجعل الباحث يسأل عن هذه الأسس‪ .‬سنبدا القراءة إذن من جزء المحاولة‬
‫المتعلق بالاستراتيجية و منطق السياسة ذاتيهما ثم ننظر في ثمراتهما المعرفية‬
‫والوجودية (الكتاب الأول بأجزائه الثلاثة) ‪.21‬‬
‫لكن ذلك لن يغني عن الذهاب إلى الغاية ومن ثم إلى البحث في‬
‫مسائل التأسيس‪ .‬ولما كانت المعرفة النظرية تعتبر الطريق الموصلة إلى النتائج‬

‫‪91‬‬
‫من شروط فهم النتائج فهي من ثم ليست دون التتائج المطلوبة ظرفيا بل‬
‫هي نتائج بنيوية لا تكتفي بدور العلوم والأدوات التي يشترطها الوصول ‪.‬‬
‫للبحث والإبداع كان مخفيا بسبب الأفق الذي‬ ‫إليها وتفتح آفاقا جديدة‬
‫الكتاب الثاني بأجزائه‬ ‫ضوع‬
‫و هو‬
‫ملك‬
‫كيانحجبها بما يظهره بديلا منها‪ .‬وذ‬
‫الثلاثة‪:‬‬
‫أولها في التأسيس الوجودي‪.‬‬
‫والثاني في التأسيس المعرفي‪.‬‬
‫والأخير في نظرية المقولات الوتجودية والرمز‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن المعرفة النظرية أي معرفة نظرية لا تتأسس حقا إلا بهذا‬
‫هما حدا‬ ‫وينغبعد‬
‫لرائي‬
‫بستق‬
‫التغيير المنهجي الناقل مانلجمع والوصف الا‬
‫معلوما (وهو ما نسلم فرضا أنه قد تم وأن الشروع في تجاوزه إلى ما نطلبه في‬
‫عملي ابن تيمية وابن خلدون) إلى اولفارلضاستنتاج وأن ذلك يصح على‬
‫كل العلوم من أسماها إلى أدناها في درجات التجريد النظري الذي هو السلم‬
‫أن علماء الطبيعة‬ ‫ك‬
‫لمن‬
‫ذية‪.‬‬
‫افعلليم فديارك الحس‬
‫اللقابل لدرجات التعين ال‬
‫مثلا لم يكن بوسعهم أن يضعوا نظرية واحدة تفسرها تفسيرا مقبولا بمعايير‬
‫المعرفة العلمية الحقيقية رغم كثرة الملاحظات الاستقرائية قبل حصول هذه النقلة‬
‫المنهجية وقبل أن تحقق الرياضيات العالية أدوات نظرية لوضع الفرضيات التي‬
‫بعض العلماء إلى إبداع الفرضيات‬ ‫ر‬‫طقد‬
‫ض'‪ .‬ف‬
‫الغفل”‬
‫تبدو مناقضة للاستقراء ا‬
‫في باد الرأي‬ ‫الطبيعية والأدو ات الرياضية التي يحتاج إليها افتراضهم المعارض‬
‫لظاهر الظاهرات الطبيعية من أجل علاج المشكلات التي تعترض علمهم؛ » علما‬
‫و أن التقابل بين السلمين يزول بالتدرج لأن التجريد كلما دق اقترب من التعيين‬

‫ايية وتنطابق تضاريس مادة‬


‫غف‬‫ليان‬
‫لبتمنجريد فيالتق‬ ‫اتر‬
‫والتعيين كلما تحدد اق‬
‫العلم العينية مع تعاقيد الصورة الذهنية‪. .‬‬

‫‪02‬‬
‫كذلك كان الأمر خلال التأسيس الحقيقي لكل علم في القديم والحديث‬
‫حتى وإن كان الوعي بهذا الشرط حديثا مع فكرة ساذجة في الأول ظن أصحابها‬
‫متوهمين أن الماقبلي متحدد بصورة نهائية ومطلقة لافتراضهم العلم الحديث‬
‫الذي تأسس في القرن السابع عشرقد بلغ الكمال فاكتشف أسسا مطلقة في حين‬
‫أن الأسس نفسها تبقى دائما فرضية وذريعية مثلها مثل العلم الذي يتأسس عليها‪.‬‬
‫فتكون علاقة الفرضيات المجردة بمضمونها من جنس علاقة الأحكام القانونية‬
‫بالنوازل بما يترتب على ذلك من التحديد المتبادل بين النوازل والنصوص‬
‫كا حال في الفقه‪ .‬أما حقيقة الموضوع المطلوب علمه سواء كان من العالم الطبيعي‬
‫والمدارك الحسية أو من العالم الروحي والمدارك الوجدانية فإن الإيمان بها من‬
‫معطيات الوعي الإنساني التي لا نستطيع لها دفعاة' رغم عجزنا عن الإحاطة‬
‫الأول فجعلوا العالم الطبيعي‬ ‫نس‬
‫ج في‬
‫لنيون‬
‫اوحا‬
‫بفهمها حتى وإن عاند الر‬
‫والمدارك الحسية من الأوهام والماديون في الجنس الثاني فجعلوا العالم الروحي‬
‫حنلام‪.‬‬
‫أم‬‫والمدارك الوجادالنية‬
‫ونحن نعتقد أنه قد آن لنا أن نتجاوز الغرق في استقراء جزئيات القرآن‬
‫والسنة مضمونا وظروفا حتى كاد العلم بهما يصبح مجرد تمارين في تجويد الذاكرة‬
‫والتعالم اللغوي والتاريخي والعجائبي لنحاول تحقيق هذا التغيير المنهجي في‬
‫البحث فيهما وعلاج مسألتنا بطريقة تشبه ما حدث في تأسيس علوم الظاهرات‬
‫آن وأحداث السنة‬ ‫ر نص‬
‫قلك‪:‬‬
‫لن ذ‬‫اب م‬
‫الطبيعية والظاهرات الإنسانية أو قري‬
‫الفعلية والقولية هي عندنا ظاهرات ينبغي طلب نظامها من وراء ما تتصف به من‬
‫بعثرة الجزئيات والتمظهرات بالافتراض والاستنتاج وليس بالاستقراء والوصف‪.‬‬
‫ولذلك فلا بد من شيء مجانس للفرضيات الرياضية العالية حتى وإن كانت من‬
‫طبيعة أخر ى لدراسة الظاهرات القرآنية والسنية ذات الصلة بالتاريخ الإنساني‪:‬‬
‫ومدار هذه الفرضيات هوالتوجهات العامة أو السنن التي تحدد كل مقومات‬

‫‪12‬‬
‫التاريخ الإنساني من حيث استراتيجيته وسياسته تحديدا يصله بما بعده المتعالي‬
‫ل قربمسالة التي أنزلت لهذه الغاية‪.!5‬‬
‫اني‬
‫على التاريخ أع‬

‫© تعليلالحاجة إلى هذا التحول المنهجي ‪:‬‬


‫من المعلوم أن ابن خلدون قد اضطر لوضع فرضيات المقدمة‪ '6‬قبل أينبدأ‬
‫ليات‬ ‫لانقيةبعلى‬
‫كتابة التاريخ‪ .!7‬فكان بذلك الرائد في مجال تأسيس العلوم الاإنس‬
‫الفرضية لأنه اعتبر تأسيس علم التاريخ مشروطا بعلم لا ينطلق من الخبر التاريخي‬
‫ئلا يحصل الدور بل هو منطلق من شروط إمكان أمرين متلازمين‪:‬‬
‫شروط إمكان لوجود الحدث التاريخي المخبر عنه‪ :‬محددات الظاهرات‬
‫التاريخية وهي بيئة في بنية المقدمة نفسها وبها علل ابن خلدون خطة المقدمة‪.‬‬
‫وشروط إمكان لصحة الإخبار عن الحدث التاريخي‪ :‬مقومات المعرفة‬
‫التاريخية من حيث هي نقد للوثائق للتأكد من الخبر وهي بينة من الأمثلة التي‬
‫ضربهاابن خلدون‪.‬‬
‫لينشمنروط مفروضات عقلية وليست معطيات تجريبية حتى‬
‫انوع‬
‫وكلا ال‬
‫وإن كان في المعطيات التجريبية ما يوحي بمثل هذه المفروضات وحتى وإن كان‬
‫غرض البحث تأييدها لاحقا بالمعطيات التجريبية في العلم المطلوب تأسيسه تمثيلا‬
‫للنظرية واستقراء لها”!‪ .‬لذلك كانت فرضيات «المقدمة» كلها شروطا قبلية وكان ما‬
‫كتبه في«المقدمة» تمثيلا لنظريته وليس مستقريات انبنت عليها النظرية‪ .‬وهي حقائق‬
‫اجتهادية وليست حقائق مطلقة لأنها فرضية وليست ممايظن أنها حقائق أولية بالمعنى‬
‫المطلق عند «كنط)‪ .‬وحتى تحديد المحددات فهو تاريخي ولعل أفضل مثال هو دور‬
‫البيئة التتحديدي فهو يكون أكبر في بداية الحضارة وأقل في غايتها لأن الثقافة تمد‬
‫الإنسان بوسائل قد تحرره من محتماتها لكنها تبقى ذات أثر لا يمكن التغاضي عنه‪.‬‬
‫والمعارف التأسيسية الفرضية ليست بعدية مستمدة من الخبر التاريخي وإلا لوقع‬

‫‪22‬‬
‫والتسلسل‪ :‬يعلم بالتاريخ ما يؤسس به التاريخ‪ .‬وسيتبين من‬ ‫لندفيور‬ ‫ابن خ‬
‫الدو‬
‫خلال المقدمات التي نبني عليها محاولتنا‪-‬رغم تأخيرنا إياها لتكون (مادة الكتاب‬
‫الثاني بأجزائه الثلاثة) مطلوب من يسعى إلى فهم النتائج فيسعى إلى الأسس‪-‬أن‬
‫افرضيامعقداقد لايرى‬ ‫استراتيجية القرآن والسياسة المحمدية ببشت طفهمهه تأي‬

‫القارئ ضرورته التى تقتضيها العلتان التاليتان‪:‬‬


‫العلة الأولى ‪ :‬هي أن ما نطلبه يتعارض مع الممارسة المعرفية الحالية بين النخب‬
‫العربية والإسلامية ذانها‪ .‬فمن المفارقة أنه منفي أولا وخاصة من يبدون قائلين به أكثر‬
‫عمن يبدون معارضين له‪ .‬فالقائلون بأن القرآن الكريم والسنة النبوية ليسا مجرد دعوة‬
‫خلقية مفارقة حياة البشر الفعلية بل هي لصيقة بكل أبعادها التاريخية والسياسية ينفونه‬
‫بما يقدمونه وكأنه هو وهو غيره‪ .‬ومعنى ذلك أن كل ما يقال في علومنا التقليدية‬
‫عن دور القرآن والسنة في حياة البشر يقدم لنااصورة من دورهما تقزمه وتكاد تلغيه‬
‫ذآلها إلى حصره في أعيان الأحداث التاريخية التي وثَّدّت قيمه بأن وحدت بينها وبين‬
‫تعينها التاريخي أو على الأقل أزالت المميز الحقيقي بين الأمرين”!‬
‫العلة الثانية‪ :‬هي أنه لو صح أن دور القرآن والسنة هو دورهما في ما استثمرا‬

‫فيه من العلوم التي تدرس أعيان الأفعال التاريخية لكان ذلك بداية لنفي ما نطلبه‬
‫نفيا أعمق كما يتبين من حجة الموقف العلماني الأساسية‪ .‬فهذا الموقف يبدأ بالنتيجة‬
‫الحتمية للموقف الأول ثم يطلقها‪ .‬ومفاد حجته أن ماآل إليه رد القرآن والسنة إلى‬
‫الاستثمار الحاصل ليس ممجرد واقعة نتجت عن سوء فهم من الأصولي أو عن غلوه‬
‫بل إن الأمر في نفسه لا يكون إلا كذلك‪ .‬فليس القرآن والسنة عندهم أفقا متعاليا‬
‫على كل تعين تاريخي بل هما علاج تاريخي لقضايا تاريخية يتجاوزها التاريخ‬
‫حتما بمقتضى طبعه‪ .‬وإذن فالقرآن والسنة قد تجاوزهما التاريخ وعلينا أن نطوي‬
‫صفحتهما‪ :‬تلك هي حجة كل علماني وهي وجيهة من منطلق ما آل إليه غلو‬
‫التصور الأول!‪ .‬لذلك فقد بات ما نطلبه بحاجة إلى تأسيس مضاعف‪:‬‬
‫‪32‬‬
‫فلا بد من حسم الأمر مع هذين النفيين الضمني في الإثبات الأصولي‬
‫ليغفياية إلى النفي العلماني الصريح لأنهما يحولان دون الشروع في‬
‫الامؤد‬
‫علاج مسألتي الاستراتيجية و منطق السياسة بحصرهما في أعيانهما التاريخية‬
‫واعتبارهما أمرا تجاوزه التاريخ بل وعلة في تأخر المسلمين‪.‬‬
‫ولا بد ثانيا من تأسيس نظرية في دور القرآن والسنة تبين أنهما أفق متعال‬
‫يتجاوز التاريخ إلى ما بعده رتغسمليمنا بصحة رفض الفلسفة النقدية ما بعد‬
‫الطبيعة التي تدعي الإحاطة بل وبسبب التسليم بما هو أكثر لحصر القرآن الاجتهاد‬
‫فايلشهادة ونفي الإحاطة بالغيب‪.‬‬
‫ذلك أن نفي الميتافيزيقا التي تدعي الإحاطة والاقتصار على المعرفة‬
‫الاجتهادية مثلا البداية الفعلية للشروع في طلب هذه الاستراتيجية و منطق السياسة‬
‫عند الفيلسوفين اللذين نعتمد على الكثير من حدوسهمًا خاصة وهما قد تجاوزا‬
‫الحدوس إلى الشروع الفعلي في تحقيق ما ينتج عنها من توجه جديد لفهم القرآن‬
‫والسنة تأسيسا لنظرية في الوجود والمعرفة (ابن تيمية) ولنظرية في القيمة والعمل‬
‫(ابن خلدون) بدائل من كل ما عرفه العقل البشري قبلهما معرفة لم تخضع لبد‬
‫النقدية للتجارب السابقة بمعيار التتصديق والهيمنة”‪.‬‬ ‫النقد القرآني أعني المراجعة‬
‫لذلك فمحاولتنا تسير على نهجهما بعد أن بينا أنه في الحالتين كان قصدا واعيا‬
‫وليس مجرد صدفة!‪:2‬‬

‫فابن تيمية قد شرع في تأسيس شروط الفعل الخلقية بتحرير الفكر الإنساني‬
‫من اليتوبيا الميتافيزييقية التي أدت إلى القول بوحدة الوجود والموقف الجبري في‬
‫الأخلاق (تحريف الفلسفة والكلام)‪ .‬وبذلك فقد تحددت المنطوة الأولى نحو‬
‫رلىات‬ ‫مر ع‬
‫ثقتص‬
‫الصللا ي‬ ‫لهآإلفىاق والأنفس بمنظور قرآني نظري خا‬ ‫اتوج‬
‫ال‬
‫المباشرة بل يتجاوزها إلى تأسيس فلسفة في نظرية المعرفة والوجود متحررة من‬
‫الميتافيزيقا القديمة (وهي أرسطية أساسا)‪ :‬وفرضيات ابن تيمية القبلية في هذا‬
‫التوجه أصبحت ممكنة بفضل انطلاقه من المنظور القرآني‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫وابن خلدون قد شرع في تأسيس شروط الفعل السياسية بتحرير الفكر من‬
‫اليتوبيا الميتاناريخية الموجبة التي أدت إلى القول بالحكم الاستبدادي والموقف‬
‫القهري في السياسة (تحريف التصوف والفقه)‪ .‬وبذلك فققد تحددت الخطوة الثانية‬
‫نحو التوجه إلى الآفاق والأنفس بمنظور قرآني عملي خالص لا يقتصر على‬
‫الثمرات المباشرة بل يتجاوزها إلى تأسيس فلسفة في نظرية القيمة والوجود‬
‫متحررة من الميتاتاريخ القديم (وهو أفلاطوني أساسا)‪ :‬وفرضيات ابن خلدون‬
‫القبلية في هذا التوجه أصبحت بممكنة بفضل انطلاقه من المنظور القرآني كذلك‪.‬‬

‫» تعريف مفهوم الاستراتيجية‪:‬‬


‫ع فلياج بهذين المعنيين‬
‫ا نلشرع‬
‫نبدأ بتعريف الاستراتيجية بصورة عامة ثم‬
‫وهما‪:‬‬
‫لجيمنوعنقفين الأصلاني والعلماني‪.‬‬
‫الانات‬ ‫ايلي‬
‫عفي‬
‫تن ن‬
‫لر م‬
‫اتحر‬
‫ال‬
‫ثم تقديم النظرية التي تحدد استراتيجية القرآن ومنطق السياسة النبوية‬
‫ذنين الموقفين اللذين يصدران‬
‫قه أيهّ م‬
‫ب لا‬
‫الذي‬
‫طه ا‬
‫بالاستناد إلى القرآن ينفس‬
‫عن عدم فهم العلاقة القرآنية بين نسبية المتناهي (فلسفة التاريخ) وإطلاق اللاتناهي‬
‫(فلسفة الدين)‪.‬‬
‫فلمعنى الأول للاستراتيجية هو الخدعة أو المكر بمعنييه الفاعل فعلا متعديا‬
‫للإيّقاع بالعدو أو الفاعل فعلا قاصرا لتجنب الوقوع في أفخاخ العدو(قبل‬
‫حصولها وإلاافهو رد فعل لا فعل)‪ .‬ذلك هو المعنى الأصلي للكلمة‪ .‬لكن المعنى‬
‫الأساسي الذي نسعى إليه مع توسيعه ليصبح محققا لشرط معناه الغالب على‬
‫اها الإيجابي أعني «عزم‬ ‫عةنعلى‬
‫مدلوله القرآني هو شبه الجملة القرآنية المدال‬

‫وتدقيقا وتاليا عنه امتحانا وتحقيقا‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫إن وحدة كل هذه الأفعال المصاحبة لمجرى الأمور وصلتها الجوهرية بهذا‬
‫المجرى ذاته يجعلها عين صورته عند الكائنات المكلفة وبها يقاس اجتهادها‬
‫وجهادها اللذان يحددان منزلتها الوجودية استثهالا للاستخلاف في الدنيا وللنعيم‬
‫في الآخرة‪ .‬إنه إذا الاستعداد الذي يتضمن منبع الفعل الاستراتيجي ومرجعه‬
‫بىول بالأمور والصبر عليها الغالبين في استعمالها القرآني‬‫قعل‬
‫لصار‬‫ااقت‬
‫دون ال‬
‫الصريح‪ .‬فعزم الأمور عند نسبته إلى الله وليس إلى الإنسان لا يعني الصبر‬
‫على مجرياتها بل هو يعني القضاء والتقدير لأنه هو مجريها ومحدد شروط‬
‫مجراها‪ .‬ومن ثم فنسبة الاستراتيجية التوحيدية إلى القرآن الكريم تعني «عزم‬
‫الأمور القرآني)‪ 22‬لتوحيد الأمة والإنسانية كما سنبين في هذه المحاولة‪ .‬ويجمع‬
‫هذا المعنى دلالة مفهومين أحدهما يتكرر بكثرة في القرآن الكريم لصلته بكل‬
‫قضية من قضايا الإسلام والثاني لم يرد فيه إلا مرة واحدة‪:‬‬
‫فأما المفهوم الأول فهو «التدبر» وهو وجه الاستراتيجية العام الذي يعد‬
‫فعله ببعديه المزيدين «دبَّر وتدبّر» فرض عين لأنه غاية العملية الاستراتيجية كلها‬
‫وليس أداتها‪.‬‬
‫وأما المفهوم الثاني فهو «الاستنباط» دلالة على الجهد الفكري للاستنتاج‬
‫العقلي قياسا على نبط الآبار لاستخراج الماء وهو وجهها المختص الذي يعد‬
‫فرض كفاية لأنه أداة الاستراتيجية لا غايتها‪.‬‬
‫وفي الآيتين ‪ ]38 - 128‬من النساء جمع الله جل وعلا بينهما فقال‪:‬‬
‫«أفلا يَتَدَبُوُونَ القن وَل كأنَ مِنْ عِندٍ غَيْرالله لَوَجَدُوا فيه اختِلافا كيرا ‪ 1‬وَإِذَا‬
‫جَاءهُمْ أَمْرْ م لمن أو الخؤفٍ أذاعوا به وَلَوْ دو إلى الو سُولٍ وَإلى أي لمر‬
‫مِنْهُمْلَحَلِمَهُ الذِينَ يَسْتَِِطونهُ مِذْقْمْ وَلَؤاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَهُ لاتبَ ‪.‬عْتُمْ‬
‫الشَيْطَانَ لا قليلا‪.4‬‬

‫‪62‬‬
‫بدأ القرآن بالوجه العام الذي هو فرض عين لكونه الغاية حتى ما يبدو‬
‫فيه أداة‪ :‬التدبر الذي لو حصل لمكن من إدراك غاية التدبير الإلهي ولحال من ثم‬
‫دون التصرف التلقائي في مسائل السلم والحرب موضوعي الاستراتيجية فتتحقق‬
‫غاية الوجود الإنساني‪ .‬ثم ثنى بالوجه المختص الذي هو فرض كفاية‪ :‬الاستنباط‬
‫ب‪:‬‬ ‫رسلم‬
‫حع ال‬
‫لمل م‬
‫التعا‬
‫وطط ل‬
‫الذي يحقق العلم المخ‬
‫والأول‪ :‬يدور حول تدبر المسلمين توجيه القرآن لهم إلى فهم ما يحيط‬
‫بآفاقهم وأنفسهم في ظرفي السلم والحرب‪ .‬وتدبر القرآن عندما يدور الأمر حول‬
‫أحداث التاريخ يعني النظر فيها من خلال حديثه عن تجارب الأم‪ :‬فيكون‬
‫توجيها إلى غاية يمكن أن نعتبرها أداة تأويل التاريخ الإنساني من منطلق فلسفة‬
‫الدين القرآنية‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يدور حول علم كل أمريتعلق بالسلم والحرب بطريقة الاستنباط‪.‬‬
‫فيكون الاستنباط طرييققة التحليل التي تمكن من العلم بأمر السلم والحرب في هذه‬
‫الحالة بدل الإذاعة بها دون تحليل فيستفيد العدو قبل الأمة‪ .‬فيكون توجيها إلى‬
‫أداة يمكن أن نعتبرها أداة تحليل التاريخ من منطلق فلسفة الدين القرآنية‪.‬‬
‫اسة باتت العلاقة واضحة‬ ‫يوهر‬
‫سو ج‬
‫ل ه‬‫احرب‬‫لم وال‬ ‫لانسشأن‬‫اا ك‬
‫ولم‬
‫بين نسبة الأمرين‪ :‬فتدبر تأويل القرآن لتجربة الإنسانية التاريخية واستنباط ما‬
‫ينبغي استنباطه من تحليل الأمور المتعلقة بهما هو جوهر السياسة‪ .‬لكن هذه‬
‫العلاقة لم تفهم لأن الاستنباط حصر في معنى واحد هو المعنى المستعمل في‬
‫أصول الفقه وكاد يضيع مفهوم الفكر الاستراتيجي في الإسلام حتى كاد عقد‬
‫الأمة ينفرط كما نراه الآن رغم محاولة ابن خلدون صوغ ما يمكن أن يعد بداية‬
‫فلسفة التاريخ الواعية في الحضارة الإسلامية‪ .‬ذلك أنه مثلما أن التوحيد ثمرة فعل‬
‫توحيدي مسبوق بتدبر يصل بين الغاية وأدواتها وشروطها وفعل حافظ يجعله‬
‫يثبت ويستمر» فكذلك انفراط العقد لا يمكن أن يكون إلا مشروطا بغياب هذين‬

‫‪72‬‬
‫الفعلين‪ .‬ولعل تأويل الإمام الشافعي لمسمى «أولي الأمر» بالأمراء الذين عينهم‬
‫الرسول لهذه الوظيفة المختصة مما يؤيد فهمنا هذه الآية» فهمنا الذي نذهب إليه‬
‫الكريم‪.‬‬ ‫آن‬
‫ر في‬
‫قجية‬
‫لاتي‬
‫استر‬
‫في تأصيل مفهوم الا‬
‫ثم إن الآية تشير في الغاية إلى أن كل طريق أخرى غير طريق القرآن‬
‫هي الطريق المضاعفة التي يرمز إليها الاعتراض بها على استخلاف آدأمعني‬
‫الطريق التي يترك فيها منطق الفعل المستند إلى توليف إلهي حكيم بين القانونين‬
‫الطبيعي (القدر) والخلقي (القضاء) ليجري بأحد القانونين ونفي الآخر أيهما‬
‫بر‬
‫د عن‬
‫تتخلي‬
‫ل ال‬
‫ا ثم‬
‫اتفق الطبيعي باسم الخلقي أو الخلقي باسم الطبيعي ومن‬
‫والروية اللذين هما جوهر الفعل الاستراتيجي‪ .‬فالملائكة والشيطان اعترضا على‬
‫استخلاف آدم إما باسم القانون الخلقي النافي للقانون الطبيعي (اعتراض الملائكة)‬
‫أو باسم القانون الطبيعي النافي للقانون الخلقي (اعتراض الشيطان)”‪ .2‬وبين أن‬
‫الكلام في الأمر الاستراتيجي من حيث هو استراتيجي يلازمه أمران يجعلان‬
‫حقيقته عائدة إلى النظرية من حيث هي خطة عمل مؤجل‪ .‬ويحتاج هذان‬
‫الأمران إلى شرح عند الكلام على استراتيجية القرآن التوحيدية فضلا عن كلامنا‬
‫على استراتيجية المحاولة في إثبات ما تدعيه حول مقومات هذه الاستراتيجية””‪:‬‬
‫فأما الأمر الأول فهو التمييز بين موضوع الاستراتيجية (>التاريخ حدثا‬
‫وفهما للتلازم بينهما في مسار الإنسانية) والاستراتيجية (حما بعد التاريخ سننا‬
‫للحدث وللفهم)‪ .‬فالموضوع فعل جار في الزمان حتما ومن ثم فهو ذو أبعاد‬
‫الزمان التاريخي”” وجميعها دون استراتيجية القرآن من حيث‬ ‫بعهياد‬
‫أسة‬
‫خم‬
‫مضمون الرسالة المقعالي على الزمان لأنها تطبيقاتها الزمانية ضرورة وإنجاز‬
‫الإنسان لها في التاريخ الفعلي‪ .‬فتكون نسبة الاستراتيجية إلى موضوعها من‬
‫جدس نسبة النظرية التامة والثابتة إلى تطبيقاتها الناقصة والمتغيرة‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫الصنف الأول مضاعف‪ :‬ويتعلق بمحددات المقبل من الأفعال تعيينا لها‬
‫ولنظامها في الرمز وفي الحدوث الفعلي‪ .‬وتلك هي استراتيجية الأفعال المطلوب‬
‫الإنشائية‪ .‬وهي ذات فرعين‪:‬‬ ‫تميجية‬
‫ا اس‬
‫ريها‬
‫ت عل‬
‫سطلق‬
‫ان‬‫ل أن‬
‫امكن‬
‫عملها‪ .‬وي‬
‫را‬
‫ينت‬
‫وا كا‬
‫ط إذ‬
‫تافي‬
‫مطلق إذا كان العمل إبداعا لأمر غير سابق الوجود وإض‬
‫طور في الفعل الإنساني سواء كان نظريا أو عمليا‪.‬‬
‫تلى‬
‫االلب ع‬
‫لموجود‪ .‬وهو الغ‬
‫الصنف الثاني مضاعف كذلك‪ :‬ويتعلق بمحددات الماضي من الأفعال حصرا‬
‫الفعلي وفي الرمز ألعنايسطلتبرااتيجية‬ ‫دوث‬
‫ح في‬
‫لها‬
‫اصول‬
‫لها وفهما لنظام ح‬
‫فاعلها قبل فعلها ومن ثم فإننا نضع أنفسنا في موضعه لنرجع هذا الصنف إلى‬
‫الصنف الأول ولكن ليس على شكل إنشاء لمعدوم بل على شكل استنباط لخطة‬
‫إنشاء الموجود منه مفترضين إياها متقدمة عليه في الوجود ومنشئة له‪ .‬ولها نوعان‬
‫أيضا مثل الصئف الأول‪ :‬ما نفترضه خطة الإنشاء عن عدم وما نتصوره خطة‬
‫تطوير‪.‬‬
‫الصدف الثالث جامع‪ :‬بين محددات الصنفين السابقين لتعلقه بالحاضر من‪:‬‬
‫الأفعال أي بما لا يزال فيها من الماضي فاعلا وما بدأ يفعل فيها من المستقبل‬
‫المتجاورين فيها دائما إلى حد التوالج فيتفاعلان بتجاور العلم الضروري‬
‫للتصور والعمل الضروري للإنجاز وتداخلهما جيئة وذهابا من أحدهما إلى‬
‫الآخر بحيث يتطابق فيهما الرمزي والفعلي والذهني والعيني‪ .‬وفي الحاضر‬
‫نتعامل مع الوضعيات التي نخطط لها من حيث ما فيها من أثر الماضي(حدثه‬
‫المتقدم وحديثه المؤول له) ومن حيث ما فيها من أثر المستقبل (حديثه المتقدم‬
‫وحدثه الحقق له)‪.‬‬

‫وأما الأمر الثاني فاهولتمييز بين خطة الفعل التي تكون في المستوى‬
‫الرمزي من الفعل دائما والفعل نفسه الذي يكون في المستوى الفعلي منه دائما‪.‬‬
‫ومن ثم فلا بد من فهم طبيعة المسافة التي لا يمكن استنفادها بين التصور أو‬

‫‪92‬‬
‫المستوى الرمزي والإنجاز أو المستوى الفعلي أعني بين الحديث معطء]ورء‪71‬‬
‫لأن الاستراتيجية تصورية وهي متقدمة على الفعل‬ ‫والحدث«عطعطلوء ©‬
‫حتما ثم هي متعالية على التاريخ وهو تاريخي حتما‪ .‬والاستراتيجية تكون‬
‫متعالية على التاريخ إذا كانت إلهية أما إذا كانت إنسانية فهي تعود إلى الفعل‬
‫يينخية الفعل‬
‫رب‬‫تلواسيط‬
‫يهيخية‪ .‬وا‬
‫رف‬‫تناثم‬
‫وبالذات إلى الفعل الرمزي وم‬
‫ولا تاريخية الاستراتيجية القرآنية هو تاريخية علمنا بها‪ :‬فيكون عملنا التاريخي‬
‫اىريخ والتي توجهنا‬
‫ت عل‬
‫للية‬
‫اعا‬
‫القرآن المت‬ ‫تخييجية‬
‫اري‬
‫رلتا‬
‫تا ا‬
‫سلمن‬
‫ا لع‬
‫بازا‬
‫إنج‬
‫بما تحدده من وجهات مسارية هي السنن التي يشترطها طلب القوانين عبارات‬

‫فرضية حولها‪.‬‬
‫والعمل عند الحصول يختلف حتى عن العلم بالاستراتيجية حتما‬
‫فضلا عن الاستراتيجية حتى لو كانت إنسانية مهما كانت تعيينات العلم بهذه‬
‫لامتناهي الفعل‬ ‫الاستراتيجية دقيقة وتحقيقات الإنجاز متقنة لتعذر استنفاد‬
‫بمتناهي التصور العلمي رغم أن التصور يبدو أكثر شفافية مفهومية (النظر)‬
‫لكنه دون الإنجاز تشعبا وجوديا وتشاجنا (العمل)‪ .‬ولذلك فقد بات علاج‬
‫مسألتين خطيرتين تتقدمان على كل ما عداهما أمرا ضروريا‪:‬‬
‫لا بد أن نفهم كيف يمكن الكلام على استراتيجية قرآنية وفعل الله متعال‬
‫على الزمان ماضيه ومستقبله فضلا عن حاضره أولاء وقدرته في الإنجاز لا‬
‫تقل كمالا عن قدرته في التصور ثانياء تسليما بأن علمه وعمله متواليان وليسا‬
‫متطابقين؟‬
‫ولا بد أن نفهم كيف ننقل الاستراتيجية المتعالية على الزمان إذا سلمنا‬
‫بأنها قابلة للعلم من مجرد العلم إلى العمل بها في المستقبل من دون الزعم‬
‫الوهمي بأن ما يصح على الله يصح على الإنسان فنجعل الحقائق القرآنية‬
‫نيون؟‬
‫اعم‬
‫ميز‬
‫لما‬
‫عك‬‫لخية‬
‫اري‬
‫تا‬

‫‪03‬‬
‫ون الاكلسامترعلاىتيجية القرآن التوحيدية فيه شيء من‬
‫يتىكلا‬
‫وح‬
‫إسقاط معاني الاستراتيجيات الإنسانية من حيث هي جوهر الفعل الإنساني‬
‫المؤلف من تصور وإنجاز متواليين إسقاطها على الفعل الإلهي الذي نفترض أنه‬
‫(لأن البعض لا يعتقد) من طبيعة إكُن ذَيَكُونُ‪ 4‬لا بد من الإشارة إلى أننا لسنا‬
‫غافلين عن الفرق بين تناهي العلم ولا تناهي موضوعه وراء ما يدركه منه أيا كان‬
‫هذا الملوضوع فضلا عنه عندما يكون العلم علما بعلم الله والعلم بالاستراتيجية‬
‫علما باستراتيجيته وفضلا عن كوننا لسنا نتكلم على إستراتيجية فعل الله خلقا‬
‫وأمرا بل على ما يقدمه القرآن لنا بخصوص استراتيجية الاستخلاف الذي كلف‬
‫به الإنسان تكليفا مصحوبا بهداية لتحقيقه على أفضل وجه‪ .‬فالأمر يتعلق بالقرآن‬
‫من حيث هو حديث حول حدثين‪ :‬أولهما هو فعل الله والثاني هو فعل الإنسان‬
‫في ضوء حديث الله والأول خبر والثاني إنشاء‪.‬‬
‫الموضوع هنا ليس هو إذن علم الله أو استراتيجية فعله في خلق العالم‬
‫ل مغنيب المحجوب بل هو الأمر‬
‫الك‬
‫(الطبيعة) وتدبير عالم البشر (التاريخ) فذ‬
‫الذي شاء أن نحيط به من علم بمحددات فعلنا في التاريخ فخاطبنا بها في القرآن‬
‫الكريم تعيينا لصلة التاريخ بما بعده ومساعدة للمستخلفين حتى يبدعوا فلسفة في‬
‫الطبيعة و فلسفة في التاريخ تفترضان ضرورة التعالي المطلق للحقائق الدينية أو‬
‫لفلسفة الدين أصلا لسنن الوجود وفهمه‪ .‬وذلك هو معنى الرسالة الكلية الخاتمة‪.‬‬
‫فلا يكون علمنا بهذه السان زعما للعلم بأسرار الخلق والأمر بل هو علم با‬
‫جهز به الإنسان ليكون قادرا على تلقي ما توحي به هذه السئن من آيات»‬
‫يكون طِعَرْ الأمُور)‪ 4‬متمثلا في تدبرها لاستنباط علم اجتهادي يفترض عبارات‬
‫تصوغ قوانين الطبيعة وقوانين التاريخ أو إن شئنا قانون التسخير الطبيعي وقانون‪.‬‬
‫التكليف الخلقي حتى يكون عمل الإنسان على علم‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وذلك هو الاستخلاف كما فسره ابن خلدون إذ قال‪«:‬واستولت أفعال‬
‫والنبات والحيوان) فكان كله في‬ ‫ماد‬
‫جيه‬
‫لا ف‬
‫ا بم‬
‫‪-‬دث‬
‫(حوا‬
‫البشر على عالم ال‬
‫طاعته وتسخره‪ .‬وهذا معنى الاستخلاف المشار إليه في قوله تعاللى‪« :‬إنّي جَاعِل‬
‫شر‬
‫ببها‬
‫لميز‬
‫اي ت‬
‫في الأْض خَلِيفَةٌ) اابتر‪ . ]03 :‬فهذا الفكر هو الخاصة البشرية الت‬
‫وعلى قدر حصول الأسباب والمسببات في الفكر مرتبة‬ ‫عن غيره مانلحيوان‪.‬‬
‫تهاد والجهاد أعني العلم من‬
‫جلى‬
‫اع‬‫اإنلسان‬
‫تكون إنسانيته»””‪ .‬إنه شرط قدرة ال‬
‫حيث هو استراتيجية نظرية والعمل على علم من حيث هو تطبيق للاستراتيجية‬
‫وكلاهما يكون بما يتيسر له منهما بمنظور ما يقوم بمقتضاه فعل الإنسان كسبا‬
‫واكتسابا لكونه مكلفا‪ :‬ذلك هو عزم الأمور الذي يكتمل بالتوكل على الله طلبا‬
‫للتوفيق‪.‬‬
‫مباانلعنايهستراتيجية التوحيدية في القرآن ليس هو إذن العلم الإلهي‬
‫بخطة الخلق والأمر (‪-‬مسائل كلامية زائفة لا يمكن الحسم فيها عقلا) بل هو‬
‫محاولة فهم ما وجه إلينا من علم بخطة الاستخلاف المشروطة بعلم الطبيعة‬
‫والتاريخ اللذين وجهتنا الرسالة إليهما بعبارة الآفاق والأنفس وطالبتنا بالعمل‬
‫بهما من أجل تحقيق قيم الاستخلاف القرآنية‪ :‬الإحاطة بما شاء من علمه‬
‫[البقرة ‪ .]552‬وهو المضمون الوحيد للرسالة والتكليف‪ .‬فمن دون قابلية ذلك‬
‫للفهم الإنساني يصبح مفهوم الرسالة عديم المعنى لأن من شرط التراسل أن‬
‫يكون المرسل قد خاطب المرسّل إليه بما هو شاهد له وليس بما هو محجوب عنه‪.‬‬
‫كل المسائل الكلامية في جليل الكلام و دقيقه هروب من التكليف وتحريف لمعنى‬
‫الرسالة‪ .‬فيكون مضمون الرسالة كله كلاما في الشاهد من الخلق والأمر وفي‬
‫حدود المعرفة الاجتهادية التي لا علاق ةة لها بالمعتقدات التأسيسية وهي إذن ليست‬
‫في الغيب منهما علما وأن الغيب لا نخبر عنه إلا للإعلام بوجوده دون بيان كيفه‬
‫حتى لا نطلق الشاهد فيحصل ما سماه ابن خلدون بحصر الوجود في الإدراك‬
‫واعتبره مصدر القول الميتافيزيقي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ولما كانت الرسالة من شرط كونها رسالة أن تكون مفهومة لدى المرسل‬
‫إليه فإن قوانين فهمها هي عين قوانين مداركه والفهم‪ :‬لذلك كان القرآن لا يحتج‬
‫إلا بما هو في متناول مدارك الإنسان ولا يحتج عليه إلا بعزوفه عن الفهم والتدبر‬
‫اطب‬
‫يلهخلا‬
‫فال‬ ‫والتفكر أي بعدم استعمال ما يتوفر لديه من أدوات للفهم‪.‬‬
‫الناس بالرسالة إلا للتذكير بخطاب متقدم هو ما وضعه في الفطرة التي يستيقظ‬
‫ما فيها بمؤثرين محفزين‪ :‬آيات الآفاق وآيات الأنفس التي نتوجه إليها بالدعوة‬
‫القرآنية وننطلق منها إلى فهم آيات القرآن من حيث هي المعنى المتعالي وراء‬
‫الدعوة ووراء الآفاق والأنفس‪ .‬تأتي الرسالة لتوجه الإنسان إلى هاتين الآبتين‬
‫وبما وراءهما‪ .‬لذلك كان القرآن ذكرا‪ :‬فيكون‬ ‫ينهما‬
‫نما‬
‫ويابه‬
‫قوع‬
‫وتمبال‬
‫لي‬
‫مفهوم الاستراتيجية بأصنافها المشار إليها أعلاه قالبللاتطبيق على فهمنا للقرآن‬
‫الكريم من حيث هو استراتيجية تحقيق وحدة الأمة والإنسانية حول قيم القرآن‬
‫أعني تحقيق شروط استعمار الأرض والاستخلاف فيها على أفضل وجه‪.‬‬

‫»© معايير التقويم الاستراتيجي‪:‬‬

‫وكل علاج مبني على استراتيجية حكيمة لا بد أن يتألف من وصف‬


‫وتشخيص لداء حاصل أو متوقع فيضع العلاج وقواعد تطبيقه» أعني الخطة التي‬
‫تقي من المتوقع وتعالج الحاصل‪ .‬فيكون الامتحان العقلي الوحيد لصحة دعويي‬
‫تمايجية القرآن الكريم ومنطق سياسة‬
‫ايه‬
‫ر عل‬
‫س تتدور‬
‫اتين‬
‫الرسالة الإسلامية الل‬
‫الرسول (رسالة كونية ورسالة خاتمة) هو النظر في هذا التحديد والاحتكام إلى‬
‫مقومات عمل التاريخ وعلمه دليلا على وجه الاستراتيجية الموجب والعمل بها‬

‫أتوفنيدا للوجه السالب أعني وجه غيابها وإهمال العمل بها‪.‬‬


‫فإذا بين التاريخ أضرار نكوص البشرية إلى منطق يغلب قانون التاريخ‬
‫الطبيعي على كل أوجه الحياة الإنسانية (‪-‬العولمة المتوحشة) مستثنيا منها القانون‬

‫‪33‬‬
‫الخلقي رد فعل على الاتجاه المقابل في تحريف الرسالات السماوية كما تبين سورة‬
‫آل عمران التي اعتبرت الوساطة والسلطة الكنسية مصدر كل تحريف كان ذلك‬
‫دليلا باالخللفا عسلتىرصحاةتيجية الداعية إلى ضرورة اعتماد منطق يؤلف‬
‫بين قانون التاريخ الخلقي وقانون الوجود الطبيعي على كل أوجه الحياة الإنسانية‬
‫عل‬ ‫لي)فورد‬ ‫ابيع‬
‫(ا‪-‬اللكإونسيةلامية) للتحرر من التحريف (نفي القانون الط‬
‫عليه (نفي القانون الخلقي)‪ .‬والمعلوم للجميع أن حصول هذا النتكوص التام قد‬
‫حدث في لحظة تبدو فيها الإنسانية قد اتحدت من حيث الشروط المادية للتواصل‬
‫واهيل فحيقيقة قد تفتتت من حيث الشروط الخلقية والروحية للتآخي‪.‬‬
‫فالوحدة البشرية التي نراها في العولمة هي الوحدة التي يغلب عليها‬
‫محددات وجود الإنسان الطبيعي دون أبعاد وجوده الروحي (وحدة المعمورة‬
‫المادية بالمواصلات والاتصالات لم يصحبها نمو في الأخوة البشرية بل العكس هو‬
‫الصحيح)‪ .‬والرسالة قد تعينت في مثال حقيقي يحاول هداية الإنسانية إلى الجمع‬
‫بين الوحدتين في الشروط الطبيعية والشروط الروحية كما كان المسعى في سياسة‬
‫الرسول الأكرم؛ سياسته شأن «الجماعة البذرة» بالتوازي مع نزول القرآن المنجم‬
‫بمنطق التناسق بين القانون الطبيعي والقانون الخلقي مع تقديم الثاني على الأول‬
‫في كل رهانات الوجود الإنساني تقديما لا ينفي التوازن الواجب بينهما بل يجعله‬
‫أحد قواعده الذلقية؟‪.2‬‬

‫© استراتيجية القرآن الكلية والتنجيم‪:‬‬


‫ولا بد هنا من علاج المشكل الذي يؤرق كل من يحاول أن يفهم العلاقة‬
‫بايسنتراتيجية القرآن الكلية وتنجيم نزول القرآن حتى وإن زالت حدته بعد‬
‫ختم الوحي وتوقف التنجيم‪ .‬لكن فهم العلاقة هو الذي يحسم الخلاف حول‬
‫طبيعة العلاقة بين القرآن والسنة بل والخلاف بين الفهمين السني والشيعي لهذه‬
‫‪43‬‬
‫العلاقة‪ .‬فمن منظور مصدر القرآن لا وجود لمشكل حتى قبل ختم التنزيل لأن‬
‫من يملك الاستراتيجية الكلية كاملة يمكن أن ينجمها دون أن يخفي عنه ذلك‬
‫علاقة الجزء بالكل وعلاقة الجزئي بالكلي”‪.‬‬
‫لكن متلقي الرسالة عامة‪-‬والرسول خاصة‪-‬كيف تنكشف لههذه العلاقة‬
‫بين الكل والجزء علما بأن التنجيم مبرر في القرآن بضرورة التفريق حتى يقرأه‬
‫الرسول على الناس على مكث فيتنزله تنزيلا مفرّقا [الإسراء ‪]501‬؟ ليس لهذا‬
‫المشكل إلا أحد حلين (لامتناع الحل الثالث بمقتضى طبيعة التواصل إذ لا يمكن أن‬
‫يكون مضمون الرسالة خافيا عن المرسل إليه ثم يبقى للرسالة ملعنكىلأوامها‬
‫على البلاغ المبين)‪:‬‬
‫فإما أن المتلقي الوحيد الذي يرى هذه العلاقة هو الرسول الذي يكون هو‬
‫بدوره على علم بالكل خلال توالي الأجزاء في التنزيل”” سواء كان هذا العلم‬
‫بالكل دالا على نزول كل القرآن على النبي ويكون التنجيم إضافيا لغيره أعولى‬
‫نزول موقع النجم من الكل‪ .‬وفي الحالتين يكون التنجيم إضافيا إلى الأمة وليس‬
‫إلى الرسول‪.‬‬
‫أو أن كل جزء يتضمن بذاته علامات صلته بالكل أعني أن بنية الكل‬
‫الواحدة موجودة بصورة ما في كل جزء من أجزائه من حيث هو دال على الكل‬
‫ضىعه من الكل ومنزلته فيه‪ .‬فيكون الخطاب مكتفيا بذاته‬
‫و عل‬ ‫بمجرد دلا‬
‫ملته‬
‫حوقفييقة‬
‫له‬ ‫بعد ختم الوحي وبعد وفاة الرسول‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ .-‬وه‬
‫اذا‬
‫الشرط الضروري والكافي لكل معرفة عقلية؛ إذ لولا ذلك لامتنع الاستدلال‬
‫بإطلاق ولصار العلم من ثم مستحيلا سواء تعلق بعالم الخلق الطبيعي أبوعالم‬
‫الأمر الشرعي‪.‬‬
‫فإبذاا قللنافرضية الأولى وحصرنا فهم العلاقة بين النجم والكل القرآني‬
‫في علم النبي حتى بعد الختم باتت السنة النبوية مقدمة في فهم القرآن على بنيته‬

‫‪53‬‬
‫الداخلية أعني على علاقات أجزائه بعضها بالبعض‪ ”'.‬وهذه هي تقريبا القراءة‬
‫التي سادت والتي جعلت السنة تطغى على القرآن على الأقل في الاستعمال‬
‫الوظيفي كما في الفقه إلخ‪(...‬وهي فرضية متناقضة بالذات لأنها هي بدورها‬
‫نفسها ببخصوص اكتفاء النص بذاته لأن السنة ذاتها نص أو‬ ‫تضعنا أمام الخيارات‬
‫حكاية فعل بعد فوته ومن ثم فهي نص)‪.‬‬
‫انهلاوهيحيدة اليتيقتضيها فهم‬
‫رجح لأ‬ ‫ل‪73‬أهي‬
‫اانية‬
‫لكن الفرضية الث‬
‫أهل السنة والجماعة لختم الوحيء فهمهم الذي أغناهم عن الوصي‪ .‬ولو صحت‬
‫الفرضية الأولى لانعدم الفرق الجوهري بينهم وبين الشيعة في مسألة الوصية‪.‬‬
‫ذلك أنه لو كان علم علاقة نجوم القرآن بكله مقصورا على النبي لما ختم الوحي‬
‫والنبوة أو لكان من الضروري أن تبقى الحاجة دائمة إلى من يقوم مقام النبي‬
‫بعلم لدني يدرك هذه العلاقة حتى بعد اكتمال التنزيل للتسليم بخلو النجوم‬
‫من علامات صلتها بالكل أعني من شرط الفهم بإطلاق‪ .‬وعندئذ يكون رأي‬
‫القائلين بالوصية والإمامة أكثر صوابا من رأي أهل السنة والجماعة‪ .‬والمعلوم أن‬
‫حاجلةإسلام قد بين في «فضائح الباطنية» أن خطاب الله لو كان محتاجا إلى‬
‫اغ النبوي المبين‪-‬أي غير ذاته لأن من شرط‬
‫لبينببهلغير‬
‫اخاط‬
‫توسط بينه وبين الم‬
‫البلاغ الأمين أن يكون الوسيط مجرد وسيط ناقل*‪( 3‬وهو ما يدحض حجة‬
‫الرازي ضد الغزالي في مباحثات ما وراء النهر مبعيا أن رده على التعليمية غير‬
‫مقنع لأنه قد يؤدي إلى الاستغناء عن الحاجة إلى الوسيط عامة ومن ثم عن‬
‫النبوة)‪- 43‬لكان من الواجب أن يكون ذلك كذلك بالنسبة إلى خطاب الوسيط‬
‫فيتسلسل الأمر‪.‬‬
‫وهو مالو طبقناه على السنة عند من يتصورها وسيطا واجبا في ما يتجاوز‬
‫هم والتطبيق المساعدين لصارت هي نفسها محتاجة‬ ‫ف من‬
‫لجية‬
‫اموذ‬
‫دور العينة الن‬
‫إلى من يدرك نجومها في صلتها بكل السنة فضلا عن صلتها بنجوم القرآن‬
‫‪63‬‬
‫وافضللاععلناقة بين القرآن والسنة‪ .‬وذلك أمر لا يقبله عقل يؤمن بإكمال‬
‫الله الدين وإتقام النعمة وختم الوحي وبما تضمنه القرآن صراحة من دعوة إلى‬
‫تحرير الإنسانية من السلطة الوسيطة وتعويضها بعصمة إجماع الأمة فضلا عن أن‬
‫وجود الخليفة النبي أو الإمام لا يحل المشكل لأن التعليم الحي لا بد فيه كذلك‬
‫من فهم علاقة الأجزاء بالكل دون وسيط‪ .‬فذلك هو جوهر الفهم أوالقدرة‬
‫العقلية التي هي قدرة فطرية وهي تدرب لتصبح ملكة مكتسبة في ما يتجاوز‬
‫القدر المشترك بين العقول كقدرة جبلية ومن ثم فهي معطاة من حيث الكيف‬
‫كالقدرة اللغوية حتى وإن كانت قابلة للتطوير والتجويد كميا والتعين في ملكة‬
‫معينة كما تتعين القدرة اللغوية في لغة معينة‪.‬‬

‫» مقومات الاستراتيجية ما هي؟‬


‫ولما كانت استراتيجية الوصف والتشخيص القرآنيين تدور حول ثمرات‬
‫الإيمان الموحد للإنسانية إيجابا توحيدا يتآلف فيه الوجه الخلقي والروحي‬
‫مع الوجه الطبيعي والمادي وحول عواقب الشرك المفرّق لها سلبا سواء نفي‬
‫الوجه الطبيعي والمادي باسم الوجه الخلقي والروحي فيه أو العكس ثمراتهما‬
‫فتيحديد المبادئ العامة المشروطة في تحقيق قيم الاستخلاف في التاريخ الفعلي‬
‫فإن الواجب يقتضي أن نبحث في مقومات الاستراتيجية الصورية” التوحيدية‬
‫إيجابا ومقابلاتها التفريقية سلبا لا في مضموناتها العينية بصنفيها في الحدوث‬
‫(‪-‬الأحداث الفعلية) والحديث (‪-‬قص الأحداث) التاريخيين لأنها متعالية على‬
‫التاريخ مكانه وزمانئه‪.‬‬
‫ومن ثم فالاسترانيجية لا تقبل التحديد بالمضمون التكتيكي الذي تعين في‬
‫تطبيقها خلال سياسة «الجماعة البذرة» الغالب على أعيان السنة الفعلية والقولية‬
‫عند ربطها بأعيان الحدث التاريخي‪ .‬لذلك قارنا أسلوب تعبيرها بأسلوب الحبك‬

‫‪73‬‬
‫الروائي وأسلوب استدلالها بأسلوب النظم العلمي أعني بأسلوبي التعالي على‬
‫المضمون العيني نحو الشكل الكلي لشروط الحديث والحدث التاريخيين شروط‬
‫بنيق ما تاقتلرحاهس هتذهراتيجية هو العلاج السياسي‬
‫ط كا‬
‫تلما‬
‫إمكانهما الفعلي‪ .‬و‬
‫للشأن الإنساني بإطلاق ودون حصر في عصر أو أمة علاجا نموذجيا أساسه العلم‬
‫بالمبادئ العامة التي تعمل بمقتضاها الفواعل القيمية* فإنه علينا كذلك أن نعين‬
‫محددات التطبيق السياسي من حيث وجهه النموذجي‪.‬‬
‫علينا أن نحدده بصورته وأخلاقه لا بأعيان مضموناته لأن النموذجي‬
‫من الفهم والتطبيق ليس مضامين الحديث أو الحدث فهي اتفاقية بل هو صورة‬
‫الفعلين المعينين للاستراتيجية في التاريخ الفعلي فيكون المطلوب‪ :‬كيف يمهم‬
‫النبي وكيف يفعل وليس عين ما فهمه وعين ما فعله‪ .‬فالمهم هو صورة القراءة‬
‫المحمدية للاستراتيجية وصورة تحقيقها تعليما بالاجتهاد وتطبيقا بالجهاد”* لا‬
‫الأمور العينية التي جرى فيها اجتهاد التعليم وجهاد التطبيق فضلا عن النتائج‬
‫العينية التي توصل إليها الاجتهاد والجهاد اللذان هما اجتهاد فهم وجهاد تحقيق‬
‫وليسا توسطا أو وصية‪ .‬فمن دون ذلك تصبح مادة العلم والعمل مقدمة على‬
‫صورتهما فيمتنع أن يكون القرآن والسنة عندئذ متعاليين على التاريخ ويصبح‬
‫الحل مترددا بين رأي العلماني في التاريخية وتجاوز الدين بنحو ماء ورأي الشيعي‬
‫في الوصية وتواصل الوحي بنحو ما‪.‬‬

‫»© خطة المحاولة وأهدافها‪:‬‬


‫سنخصص الكتاب الثاني بأجزائه الثلاثة للمقدمات التأسيسية وجوديا‬
‫بدءا‬ ‫ثلاثة أجزاء للثمرات‬ ‫ومعرفيا ونظرية الرمز ونقدم عليها كتابا أولا يتضمن‬

‫بتحديد مقومات الاستراتيجية والسياسة من القرآن نفسه وتثنية بالنتائج المعرفية‬


‫يجية القرآن‬
‫تمات‬
‫اقو‬
‫رد م‬
‫تحد‬
‫س سن‬
‫اول‬
‫وتثليثا بالنتائجالوجودية‪ .‬ففي الجزء الأ‬
‫‪83‬‬
‫التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية أعني غاية المشروع بوجهيها‪ .‬وهذا الجزء‬
‫هو قلب المحاولة كلها بل هو غايتها لأن أجزاء التأسيس رغم كونها من ثمراتها‬
‫النظرية فهي تستهدفها غاية عملية» وأجزاء الاستثمار تبين دورها في فهم خال‬
‫الأمة والإنسانية ولكن بتأسيس نظري لا يقتصر على الهم المباشر كالحال في‬
‫علوم الملة التقليدية بل اللامباشر منها لتأسيس العلم باستراتيجية القرآن بفضل‬
‫ما توجه إليه النظر في الآفاق والأنفس القابلة للاستثمار المباشر بعد ذلك فيتبين‬
‫أنه الحق‪:‬‬
‫ومثلما كانت الأسس (موضوع الكتاب الثاني بأجزائه الثلاثة) نوعين‬
‫مباشرين وجوديا ومعرفيا مع نوع جامع بين الثمرات والأسس يستمد منهما‬
‫(معرفيا) رغم كونه أساسهما (وجوديا) هو نظرية المقولات والرمز فكذلك‬
‫كانت الثمرات (موضوع الكتاب الأول بأجزائه الثلاثة) نوعين مباشرين معرفيا‬
‫ووجوديا مع نوع جامع بينهما يستمد منهما (معرفيا) رغم كونه أساسهما‬
‫(وجوديا) هو نظرية الاستراتيجية القرآنية و منطق السياسة النبوية *‪.‬‬
‫وما كنا لنحتاج إلى التأسيس حتى البسيط فضلا عن التأسيس المعقد الذي‬
‫نعتمده في المحاولة لو لم نكن مقتنعين بأن الفكر الإسلامي قد فقد حيويّته ولم‬
‫يعد قادرا على تحقيق الأمرين اللذين من دونهما لن يكون للمسلمين حظ في‬
‫الاستئناف المؤثر الذي يكون بمقاس البداية الأولى أعني الدور الرائد في التاريخ‬
‫الكوني‪:‬‬

‫فأما الأمر الأول فهو "وجودي‪-‬خلقي"‪ :‬أن يجعل الأمة تنتقل من مترلة‬
‫الكائنات التي ترد الفعل كمن فقد الأفق المبين الذي يهديه إلى مترلة الكائنات‬
‫التي تحدد قبلة البشرية بما تسعى إليه من تحقيق رائد لقيم القرآن في التاريخ‬
‫الفعلي وإلا فهي غير مؤمنة بأنه من رب العلمين بل تعتبره من أساطير الأولين‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫وأما الأمر الثانى فهو "معرفي‪-‬خلقي"‪ :‬أن يصبح هذا الفكر مؤثراً في‬
‫الحضارة المادية والرمزية بحيث لا تبقى الأمة‬ ‫ليات‬
‫اة ف‬
‫جاعي‬
‫مإبد‬
‫فعاليات الأمة ال‬
‫الفكر‬ ‫ايقزات‬
‫نماجتطب‬
‫إه‬‫لذين‬
‫مجرد مستهلك لما ينتجه غيرها في المجالين الل‬
‫المبدع الذي لم يعد لنا منه ذرة واحدة بسبب قتل الخيال بكل أصنافه برعم‬
‫شفومنهاته كما سنرى‪.‬‬
‫تخو‬
‫ال‬
‫وبين أن ما يقدمه فكرنا الحالي بعنوان علوم الملة لم يبق منه إلا التاريخ‬
‫لماضيها إذا ما استثنينا منها ما يحقق الغرض الأولي لشروط التلقي المادية للنص‬
‫(كرسم النص وقراءته)‪ .‬وقد يبدو هذا الحكم وكأنه دعوى ليس عليها دليل‬
‫التعليمية الدينية التقليدية تتصور ما تقدمه‬ ‫مجعؤلسسات‬
‫لي‬‫اذي‬
‫بسبب العناد ال‬
‫علما لمجالات بحثها وليس مجرد تاريخ لثمرات علوم تخلى عنها العمران‬
‫الإنساني عامة والعمران الإسلامي خاصة ولم يعد لها وجود أصلا وجود مؤثر‬
‫في عمارسات البشر الممكنة من الفعل المبدع*‪ .2‬فهي لاترى أن الوظائف الأساسية‬
‫لحياة الجماعة صارت جارية بعلوم جلها إن لم يكن كلها مستورد ماما كما هي‬
‫الحال في الوجه المادي من الحضارة‪ .‬وسيكون الاستثمار المعرفي والوجودي‪-‬‬
‫جضوه الدليل‬ ‫و بع‬‫ل من‬
‫اول‪-‬‬
‫ا الكتاب الأ‬ ‫ذمن‬‫هثالث‬
‫فايلجزأين الثاني وال‬
‫الإيجابى على صحة الكشف على ما آلت إليه أحوال فكرنا والسعي الاجتهادي‬
‫ا فليات الإبداع التي تتفرع بتفرع القيم‪ .‬وبذلك‬‫جمية‬
‫مسلا‬
‫لاستئناف المسيرة الإ‬
‫يكون تحديد هذه الغاية منطلق الغوص في ثمرات الاستراتيجية والسياسة تحليلا‬
‫التالية وجميعها تتضمن الوجهين الاستراتيجي‬ ‫ئ عن‬
‫لة‬ ‫سجيب‬
‫أتى ن‬
‫لا ح‬
‫اصيل‬
‫وتف‬
‫ْ‬ ‫القرآني والسياسي السني”* اللذين يمثلان بهذه الخطة قلب المشروع”*‪:‬‬
‫الجرء الثاني ‪ :‬وهو للاستثمار المعرفي ليجيب عن سؤال‪ :‬ما طبيعة الأدوات‬
‫والغايات وما طبيعة العلاقة بينهما لتكون كفيلة بتحقيق توحيد الأمة بداية‬
‫والإنسانية غاية؟ وكيف تتم المزاوجة بين قانون التاريخ الطبيعي وقانون التاريخ‬
‫ين؟‬ ‫ملخلق‬
‫غ وا‬
‫الخلق‬
‫نن ا‬
‫تليكو‬‫ملقي‬
‫الخ‬
‫‪04‬‬
‫الجرء الثالث‪ :‬وهو للاستثمار الوجودي ليجيب عن سؤال‪ :‬ما مقومات‬
‫حصانة الجماعة الروحية من حيث هي أصل كل هذه الأبعاد عند الأمة والإنسانية؟‬
‫وكيف تكون النخب التي تقود توحيد الغايات والأدوات في توحيد الأمة بداية‬
‫والإنسانية غاية؟‬
‫أما المقدمات التي يعالجها الجزآن الرابع والخامس والتي تنأى بنفسها عن‬
‫ضروب الكلام التقليدي* في المسائل الدينية بمضموناتها العينية فإنها الشرط‬
‫الضروري ونأمل أن تكون الشرط الكافي لفهم العطالة التي انحط إليها الإبداع‬
‫فايلفكمرسلمين لتجاهل الفواعل القيمية منذ عصر الانحطاط فكانت الحائل‬
‫دونهم والاستفادة من ثورة الإسلام الكبرى في هذا المجال كما تحددت الوجهة‬
‫الجديدة لفهمها وفهم ما اعترضها من عوائق عند أكبر فيلسوفين عرفهما تاريخ‬
‫العقل الإسلامي في غاية إبداعه‪:‬‬
‫شيخ الإسلام ابن تيمية في الجناح الشرقي من دار الإسلام خلال الربع‬
‫الأول من القرن الثامن للهجرة الرابع عشر للميلاد‪ .‬فقد وصف طبيعة الحائل‬
‫الأول الذي منع المسلمين من فهم الاستراتيجية القرآنية أعني الفكر الميتافيزيقي‬
‫الذي رسخ عقيدة الجبر فقضى على كل فاعلية للفواعل القيمية‪ :‬فهي عقيدة‬
‫فلسفية فرضها تصوف وحدة الوجود وميتافيزيقاه نفيا لفعالية الإنسان والشعوب‬
‫وعقده‬ ‫نسان‬
‫اظر‬
‫لن‬‫ارر‬
‫في التاريخ**‪ 4‬وهو ما يحول دون تحقيق الشروط التي تح‬
‫فتنقله من تقديم منطق التاريخ المادي والطبيعي إلى تقديم منطق التاريخ الروحي‬
‫والخلقي‪, .‬‬
‫وعلامة الإسلام ابن خلدون في جناحها الغربي في الربع الأخير من القرن‬
‫الثامن للهجرة الرابع عشر للميلاد‪ .‬فقد وصف طبيعة الحائل الثاني الذي منع‬
‫المسلمين من تطبيق الاستراتيجية القرآنية أعني الفكر الميتاتاريخي الذي أسس‬
‫شريعة الاستبداد التي ألغت كل وجود للفواعل القيمية‪ :‬فهي شريعة كلامية‬
‫فرضها فقه الخنوع للمستبد والخضوع للموجود وميتافيزيقاه نفيا لفعالية الاإنسان‬
‫‪14‬‬
‫والشعوب في التاريخ”*‪ 2‬وهو ما يحول دون تحقيق الشروط التي تحرر عمل‬
‫اللإنسان وشرعه في التاريخ فتنقله من تقديم منطق التاريخ المادي والطبيعي إلى‬
‫تقديم منطق التاريخ الروحي والخلقي ‪.‬‬
‫وسيكون علاج المقدمات التأسيسية في ثلاثة أجزاء نخصص لها الكتاب‬
‫الثاني فنحدد المسائل التأسيسية الست ما هيء معلنين من البداية أمنعلمَيّنا‬
‫الأساسيين في المحاولة كلها هما هذان الفيلسوفان المبدعان لسبل اكتشاف‬
‫الاستراتيجية القرآنية ومنطق السياسة المحمدية‪ *5‬بفضل هاتين الثورتين كما‬
‫لخصنا منهما الجوهر في النقطتين السابقتين وحددنا بعض ما ننوي تداركه في‬
‫عملهما كما هو شأن توالي مراحل الجهد الإنساني في تحليل المسائل وفهم‬
‫المعاني‪ .‬وسيتألف علاج المقدمات إذن من ثلاثة أجزاء‪:‬‬
‫جظزء الرابع علاج مقدمتين للتأسيس الوجودي بمستوييه‬ ‫لن ح‬‫اكو‬‫في‬
‫بعد مقدمة مدخل عام للمشروع كله دون حاجة إلى تكراره في كل واحد من‬
‫الأجزاءء لأنه يحدد مطالب المحاولة كلها بدءا بالتأسيس الوجودي‪.‬‬
‫ويكون الجزء الخامس مخصصا للمقدمتين المعرفيتين» لأن التأسيس المعرفي‬ ‫|‬
‫المزعوم بين العقل والنقل ضصمن النقل نفسه»‬ ‫عارض‬
‫تهو‬
‫لو‬‫اهر‬
‫ذو وجهين‪ :‬ظا‬

‫أماتي بيانهما‪.‬‬
‫ية ك‬
‫سقيق‬
‫القيمة ونظرية الح‬ ‫ينة‬
‫ر بي‬
‫ظصلة‬
‫ن ال‬
‫وباطن وهو‬
‫ويكون الجزء السادس مخصصا لعلاج مقدمتين كذلكء هما‪ :‬نظرية‬
‫المقولات ونظرية الرمزء انطلاقا من المفهوم الموحد للنظرية أعني مفهوم الآية‬
‫التي هي في آن نظرية وجود ونظرية رمزء وااللهدافسهوتدراك على التحرر‬
‫ما تتضمنه نظرية الوجود الهيجلية ونظرية الوسميات البيرسية من آثار الجحود‬
‫الحلولي في الفلسفة الغربية دون أن يعني ذلك أننا ننفي ما حققه العقل البشري‬
‫من تقدم؛ لأن منهجنا هو دائما منهج التصديق والهيمنة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الجزءالآول‪:‬‬

‫كه‬ ‫فو تم يوك ل‬


‫يندية‬ ‫حقرا‬
‫و ال‬
‫تية‬
‫لتيج‬
‫اترا‬
‫اس‬
‫‪.‬ىم‬ ‫مه‬ ‫”امه‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫ومنطق السياسة المحمدية‬
‫‪ +‬موادالجزء الأول‬
‫‪3‬‬
‫فاتحة‪.‬‬ ‫©‬

‫استراتيجية القرآن التوحيديك‪:‬‬ ‫المسألة الآولى‪:‬‬


‫* القضية الأولى‪ :‬مقومات الاستراتيجية القرآنية‪.‬‬
‫ونمات‪.‬‬
‫متقبي‬
‫لاقا‬ ‫**” القضية الثانية‪ :‬قوانين ال‬
‫اعل‬

‫»المسألة الثانية‪ :‬منطق السياسة النبوية‪:‬‬


‫* القضية الأولى‪ :‬مقومات السياسة النبوية‪.‬‬
‫* القضية الثانية‪ :‬قوانين العلاقات بين المقومات‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫فاتحة الجزء الأول‬
‫‪2‬‬

‫وهكذا إذن فقلب المحاولة النابض وموضوعها الأساسي هو هدفها‬


‫بعمنليا مئنها النظري‪ .‬إنه‪ :‬استراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة‬ ‫ال‬
‫المحمدية (الجزء الأول)‪ .‬فالاسترانيجية القرآنية والسياسة المحمدية تمثلان قاعدة‬
‫الاستثمارين النظري المعرفي* (الجزءالثاني) والعملي القيمي** (الجزء الثالث) في‬
‫التصور الفلسفي لمستقبل الأمة وعلاج ما حل بمقومات وجودها وشروط فعلها‬
‫من خلل حتى تكون حقا قادرة على القيام الملائم لقيم القرآن فتشهد على الناس‬
‫شهادة التحقق من سلطان قيمه في التاريخ الكوني”‪ .‬إنهما بداية وغاية للتأسيسين‬
‫الوجودي” والمعرفي'” في فلسفة الدين من حيث صلتها بفلسفة التاريخ (الجزءان‬
‫الرابع والخامس) وللغاية النظرية التي يتتهيان إليها أعني نظرية الآية الجامعة بين‬
‫مفهوم المقولة ومفهوم الرمز”” (الجزء السادس الذي يمكن اعتباره خارجا عن‬
‫و‬ ‫ءِ‬
‫مقومات المشروع ذاته عند النظر إليه من حيث أهدافه العملية» لكنه من إذا نظرنا‬
‫إليه من حيث الأهداف النظرية)‪ .‬وتمثل الأجزاء الثلاثة الأولى مضمون هذا‬
‫جثلزاء الثلاثة الثانية مضمون الكتاب‬ ‫لماأ تم‬
‫ذه المحاولة‪ .‬ا ك‬‫الكتاب الأول همن‬
‫الثاني منها ( و لن يتراخى ظهوره إن شاء الله)‬
‫وقد فضلنا البدء ببيان مقومات هذين المفهومين اللذين هما غاية الكلام‬
‫في المحاولة وما يمكن أن تفيده الأمة والإنسانية منهما‪ :‬مفهوم استراتيجية التوحيد‬
‫القرآنية ومنطق السياسة المحمدية من حيث المقومات والسنن الكلية””‪ .‬ونجن‬
‫نعالج المسألة دون أن ننسى أن القرآن والسنة لا يقبلان الرد إلى أي مطلوب نظري‬
‫‪74‬‬
‫يلىجية‬
‫تن إ‬
‫القرآ‬
‫رد ا‬
‫تعم ر‬
‫س نز‬
‫ا لا‬
‫لنحن‬
‫اك ف‬
‫أو عملي مهما كان شاملا‪ :‬لذل‬
‫التوحيدية ولا رد السنة إلى السياسة المحمدية‪ .‬إنهما أصل متعال وإن بدرجتين‬
‫مختلفتين لاختلاف طبيعة النصين أصلّ نجرد منه هذا الوجه تماما كما يفعل أي‬
‫علم من العلوم الطبيعية أو الإنسانية إذ يجرد من الطبيعة أو من التاريخ وجها من‬
‫الوجوه ليجعله مجالا للبحث في مطلوبه‪ .‬هدفنا النظر في القرآن من حيث تعريفه‬
‫ذاته استراتيجية توحيد (بكل معاني الكلمة) والنظر في السنة من حيث تعريفها‬
‫ذاتها سياسية تحقيق لهذه الاستراتيجية دون أن نزعم حصر المطالب الممكنة في ما‬
‫ناطللبمهحفياولة؟”‪.‬‬
‫فالمعرفة الاجتهادية لا ترد الأمر الذي اختارت تعريفه بأحد وجوهه‬
‫ليكون مجال بحثها لا ترده إلى ما اختارت أن تعلمه منه بل ترد ما تعلمه منه‬
‫وىجه الذي اختارته؛‬ ‫اطةلحت‬
‫بإحا‬
‫عاي ال‬ ‫د أل‬
‫تلمية‬
‫رنط المعرفة الع‬‫شن م‬
‫إليه» لأ‬
‫ليكون أصل تعريفها لموضوعهاء ففصلته ليكون مجال بحثها فضلا عن الأمر‬
‫الوجودي من ورائه‪ :‬إنما هي تكتفي بوجه اختارته من الأمر الذي تدرسه ليكون‬
‫مجال بحثها في سعيها إلى مطلوبها فتستخرج منه ما استطاعت إليه سبيلا من‬
‫النصائص التي تحكم الموضوع من حيث تعريفه بذلك الوجه‪ .‬ويكفينا في فانحة‬
‫هذا الجزء الأول من الكتاب الأوّل أن نذكر بطبيعة العلاق ةة بين وجهي مطلوينا‪:‬‬
‫استراتيجية التوحيد القرآنية ومنطق السياسة المحمدية‪ .‬فما الذي يجعل البحث‬
‫في استراتيجية التوحيد القرآنية يترتب عليه البحث في منطق السياسة المحمدية؟‬
‫ن”©؟‬
‫ربةيبين‬
‫ملنس‬
‫أة ا‬
‫لبيع‬
‫اا ط‬
‫وم‬
‫بناره خارج وظيفة الرسول‬
‫تمك‬
‫عغ ي‬
‫ابلي‬
‫الت‬ ‫فة‬
‫يلاقة‬
‫ظه ع‬
‫وما ل‬‫بكل‬
‫إن‬
‫السياسية إذ ليس فيه شيء ما يمكن نسبته إلى النبي صلى الله عليه و سلم لأن الله‬
‫أراده فيه مجرد واسطة أمينة بينه وبين خلقه‪ .‬وإذن فالتبليغ وكيفياته من مقومات‬
‫الاستراتيجية وليس من مقومات السياسة حتى وإن كان ذا أثر في السياسة خاصة‬

‫‪84‬‬
‫وأن القرآن يشير إشارات صريحة إلى ما قد ينتج عن مجرد التفكير في إخضاع‬
‫الرسالة لمقتضيات سياسية تقدم الهم الدنيوي على المتعاليات‪ .62‬وإذن فوجه‬
‫التبليغ وكيفياته وتنجيمه كل ذلك من مقومات النص نفسه؛ لأن القرآن الذي‬
‫فايمصحف العثماني هو عندنا هذا النص الذي بلغه الرسول بالكيفية التي‬
‫الإعطاء فيكون التبليغ وظروفه خارج مجال‬ ‫ات‬
‫مو من‬
‫وم فه‬
‫قومن ث‬
‫م بها‬
‫بلغه‬
‫المحاولة بأجزائها الخمسة‪ .‬فما يهمنا هو سياسة الرسول من‬ ‫ه‬
‫ذ في‬
‫هحث””‬
‫الب‬
‫حيث هو مفسر للنص الذي بلغه والذي نعتبره مطابقا للنص الذي بين أيدينا‬
‫‪.‬ومن حيث هو مطبق له في التاريخ الفعلي الذي لا يفصل بين وجهي الحياة‬
‫الروحي والزماني‪.‬‬
‫وذلك ما نعنيه بمنطق السياسة المحمدية ببعديها النظري (‪-‬مفسر)‬
‫والعملي (‪-‬مطبق)‪ .‬وهذا أمر لست أفهم علة الخلاف فيه من المجادلين في أمر‬
‫عامي باهارهما موجود‬
‫السنة‪ :‬فصفات الرسول وتحديد المهام التي كلف باملقي‬
‫في القرآن نفسه عند كلامه على صفات محمد وأخلاقه وعلى ما انتدب له من‬
‫مهام*” »وليست هي إذن من مجال السنة فتدخل في ما يمكن أن يكون قد شابها‬
‫من وضعء كان الهدف الأول والأخير من علم الحديث تحريرها منه؛ ما يعني‬
‫أن المسلمين لم ينتظروا ما يسمى بحركة نقد النصوص للقيام بما ينبغي فعله في‬
‫ترائهم الروحي حتى وإن كنا لا ننكر قابلية المناهج للتجويد الدائم‪ .‬والمعلوم أن‬
‫وصف القرآن أخلاق الرسول وتحديد مهامه هما المعيار الأساسي لغربلة السنة‬
‫دم على كل‬ ‫قصل‬
‫مذاتالأ‬
‫من الوضع كما أشار إلى ذلك ابن قيم الجوزية‪ .‬وه‬
‫معيار آخرء لأنه يستثني من متن السنن كل ما لا يتصوره عاقل مناسبا لفضائل‬
‫الرسول العقلية والخلقية””‪.‬‬
‫وطبيعة السنة من حيث هي تطبيق للاستراتيجية القرآنية من جنس مختلف‬
‫تمام الاختلاف عنها‪ .‬فالاستراتيجية القرآنية تتصل بصفات الأمر الوجودي”؟‬
‫‪94‬‬
‫من الدين أعني أن ما يخص مطلوبنا منها هو عين الوجه التوحيدي من نص‬
‫الرسالة‪ .‬ومن ثم فمقومات الاستراتيجية هي ما ينبغي أن يعتبر «المعطى) عند‬
‫المؤمن بالوحي القرآني” أي إنها ما تنطلق منه تصوراتنا الدينية في هذا المجال‬
‫على أنه «ما هو هكذا واقعة ليس لها ما وراء ترد إليه أو تعلل به غير إرادة الله)‬
‫تماما كما تعد الظاهرات الطبيعية أو التاريخية في تصوراتها العلمية عند المؤمن‬
‫بقابلية الظاهرات الطبيعية للمعرفة العلمية هي الواقعة أو المعطى وكفى حتى وإن‬
‫تغيرت المناظير لهذا المعطى الذي يبقى كونه المعطى بالبعد الغيبي منه؛ أعني ما لا‬
‫يمكن أن يرد إلى تصوراتها لأنه ما لأجل فهمه وَضعت التصورات‪.‬‬
‫أما السنة التعليمية والتطبيقية فهي في نسبتها إلى هذا المعطى كما حددها‬
‫القرآن الكريم© من الأمر المعرفي لا الوجودي ولا يعد وجهها المعطى إلا ما‬
‫وصفها به القرآن وما حدده لنا من واجب تنزيلها أسمى المنازل في فهمنا للقرآن‬
‫والتخلق بأخلاقه‪ .‬وذلك هو المقصود بمنطق السياسية المحمدية‪ .‬فلسنا نبحث في‬
‫السنة التي تعين كيفيات العبادة أي ما عُلمه النبي وحيا بالتعيين الفعلي لينقله كما‬
‫عُلّمه دون أن يكون فيه نص قرآني لاستحالة استنفاذ الوصف للتعيين الفعلي©‪.‬‬
‫ا مشنهرة بل‬
‫مهبليس‬
‫فهذا يقبل الإلحاق بالأمر الوجودي أو المعطى رغم كون‬
‫بتوسط نسبته التعيينية لنص القرآن‪ .‬وسنعتبره لهذه العلة جزءا من الاستراتيجية‬
‫التوحيدية بالتبعية ونخرجه كذلك ‪-‬مثله مثل التبليغ وكيفياته‪ -‬من البحث في‬
‫منطق السياسة المحمدية‪.‬‬
‫أما الأمر المعرفي المقصود هنا فهو الحكمة المحمدية” بمعنى مجاهدة الفكر‬
‫العملي اجتهادا وجهاداء الفكر الذي تؤدي فيه الروية والشورى ومن حيث‬
‫الأول والأخير‪ .‬فليس النبي صلى الله‬ ‫ور‬
‫دلي‬
‫ل عم‬
‫اهاد‬
‫هو اجتهاد نظري وج‬
‫عليه وسلم مأمورا بمشاورة الأمة في تبليغ المعطى القرآني أو في تبليغ متممات‬
‫العبادات العينية بل في سياسة أمر الأمة في ضوء المعطى المبلغ‪ .‬واجتهادات الرسول‬

‫‪05‬‬
‫لفهم الأمر الوجودي ممثلا باستراتيجية القرآن التوحيدية هي فهمها وجهاداته‬
‫هي تطبيقها وهما يعدان أفضل فهم وأحسن تطبيق وذلك بالمنظورين الإيماني‬
‫وحتى القياسي إلى تجارب الأمم عند مقارنة المنجزات التي تحققت بفضل هذه‬
‫السياسة"©‪ .‬لذلك فهما يعدان النموذج الذي نريد فهم منطقه السياسي حتى‬
‫نحدد شروط السياسة الراشدة ومقومات الحصانة ودور النخب التي تعبر عن‬
‫القيم بأصنافها الخمسة في غاية المحاولة‪ .‬ومن ثم فالسنة أمر مختلف عن معطيات‬
‫الدين الوجودية‪.‬‬
‫ذلك أن كمال الحكمة النبوية أو السنة هو تعليم الأمة سبل الوصل بين‬
‫المعطى (القرآن والمحددات الوجودية لقيام الإنسان) والعلاج فضيوئه (ضروب‬
‫التعامل مع هذين النوعين من المعطى علما وعملا) وصلا يكاد يكون من‬
‫جنس العلاقة بين الموروث (المعطى) والمكتسب (العلاج)‪ .‬وجميعها اجتهادات‬
‫وجهادات أصلها ضارب في القرآن ومنه تستمد محدداتها الصورية‪ .‬لكنها تبقى‬
‫من الوجه المعرفي من الدين لاو مجنهه الوجوديء أي إنها من مجال التعليم‬
‫والتطبيق وليست من مجال التعيين الوجودي والتشريع‪ :‬إنها تتعلق بكيفيات‬
‫تلقي الاستراتيجية ومنهجيات تحقيقها لكنها لا تحدد طبيعة الاستراتيجية سواء‬
‫تعلق الأمر بوجهها الغائي أبووجهها الأداتي‪.‬‬
‫فالمعطى القرآني يناظر الموروث في فطرة الإنسان الدينية» والعلاج المحمدي‬
‫فهما وتطبيقا هو أفضل ما يمكن أن يناظر المكتسب باجتهاد الإنسان عندما يتدبر‬
‫تجارب الأثم كما يقصها القرآن الكريم» وما يجده في المعطى القرآني من علم‬
‫بفطرة الإنسان الدينية‪ .‬القصص القرآني من حيث هو اعتبار لتاريخ الإنسانية‬
‫الروحي والوصف القرآني للفطرة من حيث هو اعتبار للنفس البشرية هما المعين‬
‫الأساسي للاستراتيجية القرآنية‪ .‬لذلك فالسنة هي الحكمة كما فهم ذلك الإمام‬
‫الشافعي‪ .‬إنها اجتهاد الرسول في فهم نص الفطرة الإنسانية الكونية وجهاده في‬

‫‪15‬‬
‫تطبيقه الفطرة كما وجهته إليها آي القرآن لتدبر ضروب حصولها في التاريخ‬
‫الفعلي بمقتضى ما عرض للأمة من عوارض تلخص ما عرض للإنسانية كلها‬
‫فيكون التاريخ الإسلامي الروحي وحتى الزماني خلاصة التاريخ الإنساني‪.‬‬
‫لكن هذه الاجتهادات والجهادات ورغم كونها نبوية لا تحيط بكل الممكن‬
‫القرآني النظري والعملي الذي لا يقبل الحصر في مضمونها أو الرد إليه‪ .‬فيكون‬
‫الزمان والمكان منها هو كيفيات الاجتهاد والجهاد وأخلاقهما‬ ‫الكلي المتعالي على‬
‫وهي كيفيات تعود إلى الصفات التي ذكرها القرآن عند تسديد أفعال الرسول لا‬
‫أعيان الحلول التي توصل إليها الاجتهاد والجهاد مجتمعين أعني ما يمكن أن نطلق‬
‫عليه المجاهدة النبوية‪ .‬لذلك فالنموذج هو من صفات العلاج النظري والعملي‬
‫النبويين وليس من أعيان الحلول النظرية والعملية بموادها التاريخية‪ .‬وكل ما‬
‫ورد في القرآن من تنبيه للرسول إلى بعض الحروز يمكن أن يعد مقصودا لتعيين‬
‫الحدود التي وضعها الله لتكون مثالا لنا ئما ينبغي نفيه في سعينا لتخليص السنة ما‬
‫شابها من وضعء فتكون هذه الحروز أفضل معيار لتنقية السنة من كل ما لا يليق‬
‫بالنبي بنفس المعايير‪ .‬فما صح منها بمعايير الصحة العلمية ومع استعمال غربال‬
‫الحروز القرآنية” يكون الإلزام فيه ذا معنيين مختلفين تماما‪:‬‬

‫‪ .1‬فالإلزام المعرفي ينطبق عليها جميعا أي إن المرء ملزم بالتصديق بكل‬


‫السئن التي ثبعت صحتها بشروط التصديق العلمي في المجال‪.‬‬

‫‪ .2‬لكن الإلزام العملي مقصور على ما كان منها مصحوبا بأمر صريح‬
‫دؤر‬ ‫العمل بما كما في تعيين العبادات‪ :‬وبذلك يزول كل خلاف حول‬ ‫بوجوب‬

‫السنة النبوية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫أما أعمال الرسول التي لا تتضمن أمرا صريحا بوجوب العمل بها على‬
‫كل المسلمين في كل زمان ومكان عملا ينتسب إلى الفرض الديني فالعمل بها‬
‫يكون من باب التعبير عن الحب للرسول والتبرك بتقليده في ما لم يأمر بالأمر‬
‫به إنها من الآداب لا من العبادات لأنه لا معبود إلا الله فضلا عن رفض النبي‬
‫نفسه تحويله إلى صنم وفضلا عما يشبه التأليه في غلو بعض المتصوفة كما فعلت‬
‫النصارى مع المسيح ‪-‬عليه السلام‪ ...‬وهذا بين ولا جدال فيه حتى عند العامة‬
‫التي تميز بين الفرض الذي لا بد من العمل به والسنة التي ديعتبر العمل بها‬
‫اختيارا‪ .‬وبذلك يزول كل خلاف حول مضامين السنة رغم أننا لسنا معنيين‬
‫بمضامين الأفعال في هذا البحث بل بصفاتها الخلقية والمنهجية‪.‬‬
‫آن‬ ‫ر في‬
‫ق ورد‬
‫لة ما‬
‫ارآني‬
‫وأكبر الأدلة على صحة هذا الفهم لمعيار الحروز الق‬
‫الكريم من إشارات مقصودة لتحديد المعيار المطلق في فهم السنن النبوية إشارات‬
‫فنتين‪ :‬وظيفة المبلغ ووظيفة المطبق وهي إشارات مقصودة‬ ‫ي بي‬
‫والظصلة‬
‫لب‬‫اعلق‬
‫تت‬
‫حتى نعلم بإطلاق طبيعة العلاقة بين السياسي والديني من أفعال الرسول وأقواله‬
‫فلا نخضع الثاني إلى الأول ولا نقبل خبرا في السيرة يفيد هذا المعنى أو ما قد‬
‫يشترطه أو ما قد ينتج عنه‪( :‬وإن كاذوا لُك عَنٍ الذِي أَوْحَيْنا لِك لِتَفَي‬
‫ينا عي وإذا لمّحَذُوكَ حلي * وَلَولاً أن َبَْنَاكَ لَقَدْ كدت َكنُ إِلَيْمِمْ شَيْتا‬
‫الْحَيَة وَضِغْفَ اللَمَاتِ ثم ل تَحِدُ لَكَ عَلَيْنَا تَصير»‬ ‫قليلا * إذا لأَدَفنَاكَ ضغ‬
‫[الإسراء ‪.]57 - 37‬‬

‫لقةدبيينني‬
‫ذلك أن أصعب إشكالات الوجود الإنساني هو هذه الاعلا‬
‫والسياسي في التطبيق وهو ما كان بحاجة إلى معيار صريح كما في هذه الآيات‬
‫الثلاث من الإسراء‪ :‬كيف نهنع مقتضيات الذريعة السياسية التي هي ظرفية بالطبع‬
‫من الطغيان على مقتضيات المبدأ الديني الذي يحررنا بمقتضى قدسيته وإطلاقه‬
‫من طغيان الظرقي؟‬
‫‪35‬‬
‫ذلك هو المشكل الذي اعتبرناه الأزمة التي كان تعذر حلها مآله نهاية العهد‬
‫الراشدي أو علة تعثر خلافة الإمام علي بن أبي طالب ‪-‬كرم الله وجهه ورضي‬
‫عنه‪ -‬وأساس كل ما حل بالأمة من أزمات حالت دونها والإبقاء على شروط‬
‫الخيرية التي حددتها الآيات [‪ ]011 - 401‬من آل عمران‪( :‬ولتكن منكد أ‬
‫يَدْعونَ إلى الخيْرويَامُررُونَ باطَْرُوفٍ ويَْمَونَ عن اممذكروَوْلَئكَ هم الفلِحُونَ *‬
‫اكوا كالَذِينَ تاحتفو من بع مَا جا هُمْ البَيَْاتُ وأوْلَتِكَ لهذ عَذَابُ‬
‫أكفْرُْم‬ ‫عَظيمٌ * يَوْمَ يض وجووذ وود وجوه هام لذبن اسْوَد جوف‬
‫ع‬ ‫وو‬

‫في رَحمةِ اله هذ فيقا خَلِدُونَ "وك انا اوها َلك بق وم ال‬
‫يريددُ ظلْماً للعَامِينَ* وَلِلَهِ ما افليسَّمَاوَاتِ وَمَا في الأرْضٍ وَإلى الله ترج م الأمُو‬
‫‪ 0:‬كنثُمْ خَيْرَأمّة أَخْرجْتْ لس تَأَمُرُونَ ا طْعْرُوفٍ وَتَدْمَوْنَ عن لكر ونون‬
‫بال ولو آم أَفْلُالْكِتاب لَكَانَ حَيْرا لهم مُنْهُمْ امومُِونَ وأَكْتَوُهُمْالْفاسِقُونَ»‪.‬‬
‫فالله هو المشرع الوحيد والنبي هو المبلغ أولا والنموذج في التعليم والتطبيق ثانيا‪.‬‬
‫هي خطة لتحقيق هدفها الذي‬ ‫ث‬
‫ي من‬
‫ححيدية‬
‫والتلازم بين الاستراتيجية التو‬
‫هر س‪ .‬‏ بداينّه توحيد الأمة البذرة وغايته توحيد الإنسانية» والسياسة المحمدية‬
‫حول قيم القرآن وأخلاقه في الوجودين الخاص والعام هي الأساس العقلي الذي‬
‫نبني عليه وحدة المطلوب في هذا البحث‪ :‬لم يقتصر دور الرسول على مجرد‬
‫التبليغ بل كان مكلفا بتقديم نموذج في تنفيذ الخطة التي تحقق مضمونها في التاريخ‬
‫الفعلي فتؤسس الأمة البذرة وتؤسس خاصة المؤسسات البديل المحررتين من‬
‫علتي التحريف في التاريخ الروحي” وهو تنفيذ ذو وجهين‪:‬‬

‫ارب السابقة‬ ‫جشل‬


‫تل ف‬
‫اديللعل‬
‫نق‬
‫إيجابي يحقق التجربة الناجحة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وليس من شك في أن التحقيق الفعلي من كمالات التبليغ» لأنه يشبه‬
‫ضرب الأمثلة في التعليم الذي لا غناء له عن التبليغ الحي المحوج للمعلم‪ .‬لذلك‬
‫كان للسنة وجهان‪:‬‬
‫أحدهما ذو صلة بكمال التبليغ وهو البيان التفهيمي‬
‫والثاني ذو صلة بتمام التحقيق وهو العيان التطبيقي‪ .‬فيبقى التبليغ المجرد‬
‫أي إيصال نص القرآن للمسلمين دون مزيد تفسير لا بالأقوال ولا بالأفعال يبقى‬
‫مع ذلك قابلا للفصل عن التعليم والتطبيق‪ :‬وذلك هو نص القرآن الذي يكون‬
‫فيه النبي مجرد ناقل وليس البحث في تبليغه من أغراض بحثنا"‪ .‬ولذلك فهو‬
‫قد فصله عن الحديث بحصر التدوين فيه على الأقل إلى حين حتى لا يختلط‬
‫النصان‪ .‬ما نطلق عليه اسم سياسية محمد هو التعليم والتطبيق أو بصورة أدق‬
‫التعليم خلال التطبيق والتطبيق خلال التعليم بوجهيهما النقدي (مصدقا لما يتبين‬
‫صدقه مما بين يديه) والتحقيقي (ومهيمنا عليه بما يحقق نما لم تحققه الرسالات‬
‫السابقة)‪ .‬وبذلك تكون خطة هذا الجزء الأول مؤلفة من أربع مسائل‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫المسألةالآولى‪:‬‬
‫يندية مقوماتها الصورية‬ ‫حقرآ‬
‫و ال‬
‫تية‬
‫لتيج‬
‫اترا‬
‫اس‬

‫منطلق البحث في مقومات الاستراتيجية القرآنية‪-‬ومقومات السياسة‬


‫النبوية من باب أولى‪-‬ينبغي أن يكون مستمدا من دلالة العلاقة بين الاستراتيجية‬
‫والعينة النموذجء أعني تكوين الأمة الإسلامية وتوحيدها‪ .‬ولما كان تاريخ الأمة‬
‫البذرة متضمنا تعين الاستراتيجية في سياسة تحقيق العينة تحقيقا غنموذجيا فالشكل‬
‫ديمة الخامسة© (المقدمة الأخيرة من الجزء‬ ‫قن ف‬
‫الأخير من الحضارة الاذيلسيمتبي‬
‫الخامس مسألة النتائج) أنه عين البذرة الإسلامية ليس هو‪:‬‬
‫الأخير فحسب بل هو الأول كذلك وهوالأوسط وهو الواصل بين‬
‫الأول والأوسط (أو وصلة مراجعة الماضي) وهو الواصل بين الأوسط والأخير‬
‫ققبل)‪.‬‬
‫تقي‬
‫(أو ‪5‬ا‪-‬لوصملةس تح‬
‫ولما كان هذا الشكل هو البذرة فإن البذرة ينبغي أن يكون لها نفس‬
‫أوجهه التي تعلل حضورها في كل مراحل التاريخ الإنساني‪ .‬وتلك هي خاصية‬
‫الاستراتيجية القرآنية التي تستمد من منزلة الإسلام في التاريخ الروحي للبشرية‬
‫كما يعرفها القرآن نفسه في القصص الذي لا تكاد تخلو منه سورة من سوره‪.‬‬
‫البذرة أو العينة إذن المستويات التالية في‬ ‫مية‬
‫أت ف‬
‫لحقق‬
‫اي ت‬
‫فلهذه الاستراتيجية الت‬
‫وجودها وفي وعيها بوجودها بمعنى أن تصورها لذاتها مطابق لذاتها بحيث إننا‬
‫لن نقول فيها إلا ما تقوله هي عن نفسها‪:‬‬
‫‪75‬‬
‫إنها الأولى بمعنى أنها تعتبر نفسها موجودة بالقوة في البداية وتعود إلى‬
‫نفسها في الغاية لتصورها إياها كذلك ولأن مبادئها هي مبادئ الإسلام كما يعرف‬
‫لنفحيثط هورة اليتيتناسق فيها الخلق والخلقة تناسقا سليقيا‪ .‬ويرمز‬
‫اه م‬
‫نفس‬
‫إلى هذه المرحلة اعتبار الإسلام ذاته رسالة آدم نفسه ‪7‬‬
‫وهي الأخيرة بمعنى أنها تعتقد أنها ستكون موجودة في الغاية بالفعل لأن‬
‫الكتاب الخاتم صاغ مبادىٌ الإسلام كما يتصورها من حيث هو حقيقة تامة في‬
‫التاريخ الفعلي للبشرية التي صارت أمة واحدة‪ .‬ويرمز إلى ذلك اعتبار الإسلام‬
‫ذاته الرسالة الخاتمة‪.‬‬
‫وهي الوسطى بمعنى أن تحققها الأول كان البداية لأنه كان تحقق الفكرة‬
‫النموذجية فحسب وتحققها التام هو الذي يمكن اعتباره مستقبل الإسلام من‬
‫ور نفسه‪ .‬ويرمز إلى ذلك أنها ذات قبلتين‪:‬‬ ‫تيةصكما‬
‫ينسان‬
‫دة الإ‬ ‫وثحهو‬ ‫حي‬
‫فتتة إلى الماضي والغروب والثانية أصبحت ملتفتة إلى المستقبل‬‫لماتكان‬
‫ملاه‬‫أو‬
‫والزمان ومن ثم فهو منذئد تبين أنه‬ ‫كبان‬
‫مقل‬
‫لام‬
‫اإسل‬
‫والشروق فصار بذلك ال‬
‫قلب جغرافية العالم وقلب تاريخه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وهي الواصلة بين الأولى والوسطى بمعنى أنها تحقق الانتقال السوي‬
‫من البداية إلى الوسطى بمراجعة تاريخ التحريف الذي طرأ على تصور الفكرة‬
‫التي تمثلها البداية أعني فكرة هذه الحضارة التي ينبغي أن تستند إلى تقديم قيم‬
‫الذوق على قيم الرزق بدل قلب العلاقة الحاصل في التاريخ أعني تقديم قيم‬
‫ووسيلة على قيم الذوق االذليغهواية‪ .‬وهو يعرض التاريخ‬ ‫الرزق الاذيل ه‬
‫الروحي هذا الضرب من العرض‪ .‬ويرمز إلى ذلك قص التاريخ الروحي على أنه‬
‫محاولات لتكرار التجربة الإسلامية وتحقيقها بالثبات على إعادتها إلى أن تترسخ‬

‫‪85‬‬
‫وهي الواصلة بين الوسطى والأخيرة بمعنى أن اجتهاد المسلمين وجهادهم‬

‫ننساتنيةا منئج الانتقال من الوسطى إلى الغاية بمنطق‬


‫فايلمستقبل سيحرر الإ‬
‫علييهدها إلى منطق تقديم قيم الذوق على قيم‬ ‫التحريف الحضاري الذي أشلرنيا إ‬
‫الرزق‪ .‬وذلك ما يجعله بالقصد الصريح هدف الرسالة الخاتمة وهو معنى تكليف‬
‫س‪ .‬والرمز إلى ذلك هو أن النقلة من عالم التاريخ الوسيط‬ ‫اعلى‬‫نادة‬
‫لالشه‬
‫اة ب‬
‫الأم‬
‫إلى عالم التاريخ الحالي والمقبل كان أساسا ثمرة الجدل بينه وبين ما يحيط به‬
‫من حضارات وقوى‪ .‬وهو اليوم يستأنف دوره الكوني في «مرحلة العولة) التي‬
‫هي التحقيق الفعلي وإن بالسلب لمجال دعوته‪ :‬واحلدةإنسانية في العولة هي‬
‫الوجه السلبي من مجال دعوته ودوره أن يخرج البشرية من الندكوص إلى منطق‬
‫التاريخ الطبيعي ليعيدها إلى منطق التاريخ الخلقي السوي‪.‬‬
‫حمقق بعد‬ ‫تة ل‬
‫تخير‬
‫يية التأسيس المعرفي أن الحضارة الأ‬ ‫اى ف‬
‫غنر‬
‫وس‬
‫بل هي بذرة وأن تحققها هو مجرى التاريخ الإنساني كله في المستقبل بعد أن‬
‫توحدت الشروط الحضارية للوجود الإنساني توحدا مقصورا على ما يحكمه‬
‫قانونه الطبيعي (العولة المادية‪ :‬جعلت الذوق في خدمة سوق الرزق) وباستثناء‬
‫مة الذوق)‪.‬‬ ‫دفي‬ ‫خزق‬
‫تيدجأنعل سوق الر‬ ‫قانونه الخلقي (العولة الخلقية‪ :‬تر‬
‫لذلك فمرحلة استئناف التوحيد حول قيم القرآن تبدأ بعد بلوغ الإنسانية إلى‬
‫الفشل المطلق في تحقيق قيم القرآن أعني إلى العلاقة المقلوبة بإطلاق بين مبدأي‬
‫التاريخ الطبيعي والتاريخ الخلقي‪ .‬ومعنى ذلك أن العولة الخاضعة لمنطق التاريخ‬
‫الطبيعي هي العلامة القاطعة على بداية المرحلة الثانية من الرسالة الإسلامية‬
‫لتحرير البشرية من التحريف بالفعل بعد أن عالجه القرآن في مستوى الرمز كما‬
‫ال مبدأ التصديق واالهليمنعةلفياقة بالكتابين المتقدمين عليه‪ .‬وقد‬
‫خبينلمن‬
‫يت‬
‫ايئر‬
‫ضيدمة ف‬
‫صار التحريف حقيقة ماثلة في وجود البشر اليومي وليس مجرد عق‬
‫البعض منهم رغم محاولة القرآن تنبيههم إليها وتحرير البشرية منها ما استطاع‬
‫إلى ذلك سبيلا‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫وبذلك ندرك لم يجبٌ أن تكون الحضارة الإسلامية في الوجود الفعلي كما‬
‫هي في حقيقتها المثالية عينة تاريخية من الحضارة الأخيرة بنيتها هي الاستراتيجية‬
‫وتعيين كيفيات تحقيقها بمقتضى المتغيرات في التاريخ الفعلي هو مقومات السياسة‬
‫المحمدية الصورية‪ .‬لذلك فقد انقسمت اللحظة الإسلامية إلى لحظتين كلتاهما‬
‫لهما البنية نفسها‪:‬‬
‫فأما أولاهما فتلت التاريخين القديم وانحطاطه وحاولت تحقيق شروط‬
‫التحرير في الأمة البذرة (منذ نزول القرآن إلى بداية النهضة والصحوة في القرنين‬
‫الأخيرين)‪.‬‬
‫وأما الثانية فنراها أمام ناظرينا تستأنف بعد التاريخين الحديث وانحطاطه‬
‫وهي تسعى إلى تحرير العالم كله؛ لأن شروط فعلها الأداتية المؤثرة قد تحققت”‪(7‬من‬
‫بداية النهضة إلى يوم الدين إن شاء الله)‪.‬‬
‫فيكون نموذج تاريخنا تمثلا باللحظة النبوية التي تنقسم هبيدورها إلى‬
‫فترتين واضحتين ومتعادلتي المدة تقريبا (اللكية للتأسيس النظري والمدنية للتطبيق‬
‫النموذجي) ويناظرهما بالضرورة تاريخ للتجربة الإسلامية مضاعف‪:‬‬
‫اىلوإذنهاب إلى غاية‬
‫بأول‬
‫الأول تكون له وظيفة مناظرة لوظيفة الفترة ال‬
‫التجريب التطبيقي لمرحلة التأسيس من خلال محاولة وضع النموذج موضع‬
‫التطبيق الفعلي بعد وضعه بالقوة في الفترة الأولى‪.‬‬
‫والثاني تكون له وظيفة مناظرة لوظيفة الفترة الثانية أي وظيفة التحقيق‬
‫بالفعل المستفيد من تجربة القرون الأربعة عشر التي جربت التحقيق فأدركت‬
‫علل الفشل في استكمال توحيد منصة الانطلاق التي ستمكن من الانتقال من‬
‫توحيد الأمة البذرة إلى توحيد الإنسانية‪.‬‬
‫وتلك هي مهمة الأمة في مقبل تاريخها‪ .‬فيكون موقف المسلمين في‬
‫المقبل من تاريخهم نظيرموقف القرآن النقدي من تاريخ الإنسانية كله‪ .‬وذلك‬

‫‪06‬‬
‫بمعيار التصديق والهيمنة‪ .‬والهدف هو‬ ‫نلىاس‬
‫لة ع‬
‫اهاد‬
‫هاولمعنى العميق للش‬
‫تحقيق قيم القرآن بالفعل لتوحيد الأمة بداية وشرطا لتوحيد الإنسانية غاية‬
‫الخاضعة لمنطق التاريخ الطبيعي المستثني للتاريخ الذلقي‬ ‫حدة‬
‫لاومن‬
‫اقله‬
‫ون‬
‫(وذلك ما حققته العوللة البربرية) إلى الوحدة الخاضعة لمنطق التاريخ الخلقي‬
‫عى‬
‫س ما‬
‫تذلك‬
‫الطبيعي عملا بمفهوم الفطرة القرآني (و‬ ‫ت ماعريخ‬
‫لاغم‬
‫الامتن‬
‫إليه الكونية الإسلامية)‪ .‬فيكون الموقف النقدي من الماضي الإسلامي ساعيا‬
‫لمين في البلوغ إلى هذه الغاية خلال‬ ‫سشل‬
‫اتلإلمى ف‬
‫إلى فهم العلل التي أد‬
‫القرون الأربعة عشر الماضية بدءا بتجاوز الفرقة بينهم وسعيا إلى تجاوزها‬
‫بين كل البشر بفضل قيم القرآن الكريم التي أصاب موقف المسلمين منها داء‬
‫التحريفه‪* 0 :‬‬
‫فترة النموذج النظري أو الوحي قبل الهجرة والقرآن المكي يناظرها‬
‫ومجال التناظر هو تحقيق الشروط‬ ‫ند‪.‬‬
‫آح‬‫لإلى‬
‫ااضي‬
‫كتلاريخ الإسلام الم‬
‫حيقيقة مخاض الفكر العربي‬
‫الرمزية والمادية للاجتهاد والجهادء لأنه كاانل ف‬
‫الإسلامي لفهم طبيعة القرآن الاستراتيجية ولطبيعة السنة السياسية‪ .‬قص‬
‫تاريخ الإنسانية الروحي لم يكن كافيا لتفهم الأمة المنظور القرآني‪ :‬كان لا بد‬
‫أن تعيش في قرونها الأربعة عشر الماضية كل التجربة الروحية الإنسانية حتى‬
‫تبفاهملممارسة ما جاء به القرآن قصا‪.‬‬
‫وفترة النموذج المطبق أو الوحي بعد الهجرة والقرآن المدني يناظرها‬
‫كل تاريخ الإسلام المقبل إلى يوم يبعثون ومجال المناظرة هو سياسة الشروط‬
‫الرمزية والمادية للفعل بالاجتهاد (النظر وتطبيقاته) والجهاد(العمل وتطبيقاته)‬
‫من أجل تحقيق قيم الرسالة في التاريخ الإنساني لأنه سيكون تحقيق تلك القيم‬
‫في المعمورة كلها‪ .‬ومثلما كان لا بد من أن يصبح قص القرآن النموذجي‬
‫الأمة‬ ‫رنيخ‬
‫لتجربة الإنسانية الروحية من البداية متعينا في تاريخ التأمةا فإ‬

‫‪16‬‬
‫النموذجي يني‪,‬نبغي أن يصبح متصورا في قصها لماضيها حتى يتحول إلى مؤثر‬
‫رمزي يهدي تاريخها المقبل إلى الغاية'”‪.‬‬
‫لذلك فالحضارة الإسلامية تتوسط الحضارات التي تتقدم فيها السلطة‬
‫الروحية على السلطة الزمانية لتأسيس الطغيان باسم قيم الذوق أعني حضارات‬
‫الشرق والغرب القديمين ثم الحضارات التي تتقدم فيها السلطة الزمانية على‬
‫السلطة الروحية لتأسيس الطغيان باسم قيم الرزق أعني حضارات الغرب‬
‫والشرق الحديثين‪:‬‬
‫دم عليها شىء يتوسط بين لخدن فتقل من ميدأ الحضارات‬ ‫لاد أن‬
‫الشرقية إلى مبدأ الحضارات الغربية (نشأة السلطان الزماني في أحضان السلطان‬
‫الروحاني)‪ .‬ذلك أن هذه النقلة تحققت بنقلة ضرورية لهذه النشأة التي لا بد‬
‫ب متنهعادا‬
‫فيها من المرور بالقلب النابض خلال تردد الوجود الإنساني اقوتراابا‬
‫عنه‪ .‬ويشبه هذا التردد حركة رقاص الساعة الساعي إلى التوازن”‪ 7‬الذي يحقق‬
‫الاستخلاف السوي‪.‬‬
‫ولا بد أن يتأخر عليها شيء يتوسط بين الحدين فينقل من هذا القلب‬
‫النابض ذي التوازن السوي إلى مبدأ الحضارات الغربية حتى بيتم أفول الطغيان‬
‫الذي يغلب على السلطانين الروحاني والزماني في أحضان السلطان الزماني‬
‫فيتميز النوعان الخالصان وتتميز هي بالجمع السوي بين النوعين الخالصين‬
‫والنوعين المزيجين الوسيطين بين الحدين فتكون بذلك متعالية على الأنواع‬
‫الأربعة‪.‬‬
‫وإذن فالحضارة الإسلامية هي الأصل الذي يوحد هذه المراحل جميعا‬
‫بمبدأً التناسق بينهاء مبدئه الذي حدده القرآن عندما جمع بين الديني رمزا للقانون‬
‫الخلقي والغايات والسياسي رمزا للقانون الطبيعي والأدوات تمعبعية الثاني‬

‫‪26‬‬
‫للأول تبعية الأدوات للغايات‪ .‬لذلك كانت المعركة الحالية معها تدور حول هذه‬
‫الخاصية بالذات‪ .‬ولولا ذلك لما كان معنى لاعتبارها حضارة الوسط التي تكون‬
‫ضىارات الأخرى‪:‬‬ ‫لةحعل‬
‫اهد‬‫شا‬
‫ق‪.‬‬
‫ذلىوقيم‬
‫لن ع‬ ‫فهي حضارة السلطان الروحاني الخالص أو الس‬
‫الطا‬
‫عرةليه‬ ‫مها‪-‬بأس‬ ‫وهي حالة فرضية لا دليل على وجودها‪ .‬ويمكن الرم‬
‫آزدإلي‬
‫السلام‪ .-‬فحسب الرمز الآدمي كل ثروات الجنة كانت بين أيدي آدم وحواء ولا‬
‫ينافسهما عليها أحد‪.‬لذلك فإن الذوق هو المسيطر ولا دور لهم الرزق”‪.7‬‬
‫وهي حضارة نشوء السلطان الزماني في رحم السلطان الروحاني في دول‬
‫الشرق والغرب القديمين‪ .‬ذلك أنه يمكن اعتبار هم الرزق قد بدأ في الظهور‬
‫والطغيان ما يحوج إلى وازع خارجي ينظم التعاون فيه والتنافس عليه‪ :‬نشوء‬
‫الحكم السياسي وهو متأخر عن الحكم الروحي أو الديني في الوجود المتعين في‬
‫مؤسسات فاعلة لأن التنافس على الرزق يكون قد ذهب إلى حد لم يعد فيه‬
‫السلطان الروحاني كافيا لحفظ السلم المدنية‪.‬‬
‫وهي حضارة أفول السلطان الروحاني في رحم السلطان الزماني‪ :‬دول‬
‫القرون الوسطى في الإسلام وفي المسيحية‪ .‬ذلك أن تغول السلطان الزماني يقتضي‬
‫ضرورة التفرد بالسلطة واستتباع السلطان الروحاني الذي يصبح مجرد رمز فاقد‬
‫للحول والقوة‪.‬‬
‫زىق‪ :‬دول‬ ‫لانرعل‬ ‫وهي حضارة السلطان الزماني الخالص أو ال‬
‫اسلط‬
‫العصر الغربي والشرقي الحديثين‪ .‬وهي الحالة الأخيرة التي يصبح فيها السلطان‬
‫الوحيد هو سلطان الرزق المسيطر على الجميع فتكون الحيلة والقوة هما أداتي‬
‫يعيد‬ ‫ذي‬
‫لط هو‬ ‫الدولية‪ .‬وهذا الإ‬
‫افرا‬ ‫لياقات‬
‫عف‬‫السلطان الوحيدتين واخالصة‬
‫إلى السلطان الروحاني دوره لأن القوة والحيلة مهما استبدتا فإنهما لا يمكن أن‬
‫تصمدا أمام توق الإنسان إلى التعالي‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫وهي أخيرا حضارة الجمع السوي بين مبادئٌ الحضارات الأربع السابقة؛‬
‫الجمع المحرر لها ما هو متناف بينها ومن ثم من اللعنة الجدلية بفضل تكامل المبادئ‬
‫لتضمنها أصل المبادئ‪ .‬ومهمة الاستئناف الإسلامي تحقيق هذه الخاصية الإسلامية‬
‫بعد أن تحقق للمسلمين شروط الفعل التاريخي الكوني شروطه الرمزية والمادية‪.‬‬
‫وهي المرحلة التي تكتشف فيها الإنسانية آثار المراحل السابقة فتحاول الخروج من‬
‫العولة المتوحشة التي تتصارع فيها المبادئ المتنافرة إلى الكونية المتناغمة والمستندة‬
‫ديناخل والخارج فاتحدت الإنسانية‬ ‫لة ب‬
‫اقابل‬
‫إلى الأخوة الإنسانية بعد أن تم تجاوز الم‬
‫وصار بوسعها فهم قيم الدعوة القرآنية‪.‬‬
‫وبين أن القائلين بالاستئئاف الإسلامي ليس لهم بعد تصور معين لما‬
‫سيدور عليه فعل الاستئناف أو إن شئنا للصيغة التي ستجعل الرسالة جاذبة‬
‫بخلاف ما عليه واقع من يتصورون أنفسهم أصحابها واقعهم الذي هو دافع‬
‫بدل أن يكون جاذبا بل هم يقتصرون على ما لهم من مثال عنه في خيالهم‬
‫لم يتمكنوا من صوغه وهم يسمونه النموذج النبوي ويقيسون عليه النموذج‬
‫الراشدي في التصور وبعض ما يستحبونه من التاريخ الإنساني عامة ومن تاريخ‬
‫الغرب الحديث خاصة بوصفه قريبا من هذا النموذج الخيالي في التطبيق الفعلي‬
‫صاور هو علة‬
‫لضتهذ‬
‫اغمو‬
‫حتى وإن لم يكن مستندا إلى المعتقدات نفسها‪ .‬و‬
‫محاولتنا لأنه لا يمكن للأم أن تبني استراتيجياتها على تصورات غائمة من دون‬
‫فهم للمقومات التي تحقق ما يستطيع الإنسان تحقيقه من المثل التي يؤمن بها‪.‬‬
‫اسفيتراتيجية القرآنية ومنطق السياسة‬ ‫لذلك فمطلوب هذا االبلحث‬
‫التحديد‪ .‬ومقدار جذبه يقاس‬ ‫كن‬
‫م ما‬
‫أاذب‬
‫المحمدية هو تحديد هذا التصور الج‬
‫بمقدار ما فيه من قوة محركة نحو أفق كوني جديد يحقق القيم التي تصبو إليها‬
‫الإنسانية في التاريخ الفعلي‪ .‬استراتيجية توحيد الأمة وتوحيد الإنسانية حول قيم‬
‫القرآن وبها أعني ما يحصله الإنسان في تجربته بمعيار النقد القرآني ذي الوجهين‪:‬‬

‫‪46‬‬
‫وجه التصديق للاستفادة من كل ما حققته الإنسانية من خير دون استثناء عرقي‬
‫أعوقدي ووجه الهيمنة لجعل ذلك متناغما مع قيم القرآن الخالصة التي تتعالى‬
‫على كل التجارب‪ .‬ونحن نبين طبيعة المقومات آلتي تنبني عليها الاستراتيجية‬
‫بمنهجية استدلالية ذات منهج فرضي استنتاجي؛ إذ نصف الأشياء بما يترتب على‬
‫ما تفترضه شروطا تتحقق الصفات بتحققها‪.‬‬
‫ذلك أن كل استراتيجية تستند دائما إلى منطق الشرطيات المتصلة (لتحديد‬
‫الخطط) والمنفصلة (لتحديد الخيارات) سواء بمنطق ذي قيمتين أو بمنطق يتجاوزهما‬
‫بآلية السبر والتقسيم المستوفي إلى نظام تقويم يتجاوز مبدأ الثالث المرفوع إذ نحن‬
‫نذهب إلى ما يناظر أحكام الفعل الخمسة التي تفتح الاجتهاد والجهاد بصورة لا‬
‫يكاد يدرك دلالتها من يقول بالمنطق الجدلي أعني منطق التناقض محركا لتاريخ‬
‫الإنسانية الناكص إلى منطق التاريخ الطبيعي‪ .‬وسنعتمد منطق الشرطيات‪« :‬إذا‪...‬‬
‫إذن» أو «إما‪ ...‬وإما» أو «إما ‪...‬وإما‪....‬وإما ‪...‬إلى غاية التقسم المستوفي» بكل‬
‫مقتضياتها المنطقية في حالتي الإيجاب والسلب بعد أن نعين الحدود التي تؤلف‬
‫بينها هذه العلاقات لنصوغ معادلات الشروط الرياضية‪.‬‬
‫وكل ذلك يأني بأسلوب التعبير الروائي عن سان إطارية لتاريخ الإنسان‬
‫الضرورة‬ ‫ون‬
‫نين‬
‫ال ب‬
‫قفاع‬
‫ثمرة الت‬ ‫ها‬
‫نبة‬
‫و مرك‬
‫كيعة‬
‫ل طب‬
‫الحضاري» سنن ذات‬
‫التي تحكم المؤثر الطبيعي في تاريخه وقانون الحرية أو شرط التكليف الذي يثبت‬
‫وجود المؤثر الخلقي فيه‪ .‬فيكون التاريخ الحضاري جاريا في إطار معقد هو‬
‫موضوع الاستراتيجية القرآنية أعني حصيلة التفاعل بين مقتضيات كون الإنسان‬
‫منتسبا إلى التاريخ الطبيعي بخلقته ومقتضيات كونه منتسبا إلى التاريخ الخلقئي‬
‫هي التفاعل الحصيلة المشدودة إلى المبدأ الأسمى‪47‬‬
‫اا في‬
‫جعلهم‬
‫تتفا‬
‫ايلة‬
‫بخلقه وحص‬
‫الذي يجعلهما يتفاعلان ذلك التفاعل الخصب أعني المتوازن بين التاريخين أو‬
‫التفاعل الجدب أي التفاعل فاقد التوازن بينهماة”‪ .‬وعلينا الآن أن نحلل صنفين‬
‫من الآيات كلاهما مضاعف‪:‬‬
‫‪56‬‬
‫اهاقات‬
‫لين‬
‫ايلتصعل ب‬
‫الت‬ ‫دين‪”6‬‬
‫و يع‬
‫دلأول‬
‫حه ا‬
‫ل فرع‬
‫افين‬
‫فأول الصن‬
‫أو عناصر المعادلة العمرانية عامة‪ .‬وهي قد وردت فيه بأسلوب السرد الروائي‪.‬‬
‫وب‬
‫لفيه‬‫سدت‬
‫أ ور‬
‫ب قد‬
‫التي تصل بينها‪ .‬وهي‬ ‫قينات””‬
‫لنيايع‬
‫علثا‬
‫لا‬‫ارعه‬
‫وف‬
‫الطرد النظري‪ .‬وكلاهما يدلل على هذه المستويات المقومة للإستراتيجية التي‬
‫توصلنا إليها بالتحليل العقلي الخالص‪.‬‬
‫وثاني الصنفين من الآيات فرعه الأول يبين العلل التي تؤدي إلى تحريف‬
‫هذه المقومات في مستوى الحدود وفرعه الثاني يبين التحريف ذا الصلة بالعلاقات‪.‬‬
‫القانونين المحددين‬ ‫وبهذين التحريفين يفسد الشأن الإنساني فتنقلب العلاقة بين‬
‫لثوابت التاريخ الإنساني إذ يصبح القانون الطبيعي مقدما على القانون الخلقي في‬
‫إشأننساني وحتى في عمله‪.‬‬
‫عالملال‬

‫الآيات‬
‫الصنف الثاني‬ ‫الصنف الأول‬ ‫التصنية‬
‫َ‬ ‫علاقات‬
‫تحريف العناصر | تحريف العلاقات‬ ‫العناصر المقومة‬ ‫الوظائف‬
‫العناصر‬

‫والنظام الهادي لانتخاب هذه الآيات من القرآن الكريم لصورة العلاج‬


‫الاستراتيجي فيه علامتان خالصتان مثلما أن النظام الهادي لصورة التعبير عن‬
‫العلاج الاستراتيجي فيه علامتان خالصتان رغم تشابكهما فلا يبدو خلوصها إلا‬
‫لعين الخبير بالمعاني النافذ إلى منطق التدبير القرآني‪ .‬والعلامات الأربع متلازمة‬
‫في كل نص قرآني وذلك هو سر الإعجاز‪.‬‬
‫لكننا سنحاول الفصل بين العلامات من أجل تيسير التحليل‪ .‬فعلامتا‬
‫العلاج الخالصتان تثبتان ما أكدنا عليه من أنه يعتمد في الاستراتيجية على آليات‬

‫‪66‬‬
‫تعال تشبه آليات التنظير العلمي فتيحديد شروطه الثابتة بمقومات التصور ما‬
‫وعلامتا التعبير‬ ‫قبل العملي*” ‪201221216‬مع‪ ©620‬عمعك‪.5-8]2‬‬
‫الخالصتان تثبتان ما أكدنا عليه من أن التعبير فيها يعتمد على آليات تعال‬
‫تشبه آليات القص الروائي في تحديد شروطه الثابتة بمقومات التمثل ما قبل‬
‫مع عتاأوتاء‪ 710‬هداع ]‪ ./‬والجمع بين العلامات هو‬ ‫عاوع‬
‫الرو اي ”‪ 7‬م ه‬
‫د‪.‬‬ ‫حريم‬
‫االك‬
‫ورآن‬
‫لالق‬
‫اوب‬
‫أسل‬
‫وسنكتفي باستخراج هذه الحدود والعلاقات الواصلة بينها من سورتين‬
‫من سور القرآن الكريم هما‪ :‬سورة يوسف للعناصر المقومة أو الحدود التي‬
‫تعين كل رهانات الوجود الإنساني مع ما بينها من علاقات أعني ما نطلق‬
‫ع فميران البشري والتاريخ الإنساني وآليات التعبير‬
‫اقيلمية‬
‫عليه اسم الفواعل ال‬
‫الروائي‪.‬و سورة آل عمران للتحريف الذي يطرأ على العناصر المقومة أو الحدود‬
‫يمف‬ ‫ضي‪ .‬ث‬
‫ننسان‬
‫والعلاقات بينها على حد سواء فيفسد رهانات الوجود الإ‬
‫السوية والمنحرفة بهدف تحديد مناط‬ ‫حأماريلنتفييهما‬
‫سورة ثالثة جامعة لل‬
‫التخطيط الاستراتيجي حول شروط الاستخلاف من حيث هو أداء الأمانة ومن‬
‫حيث هو التعبير التاريخي عن علاقة فلسفة الدين بفلسفة التاريخ‪ :‬إنها سورة‬
‫البقرة‪ .‬وسيكون التحديد في كل هذه الحالات مجسما في جداول تيسر الفهم‬
‫‪1‬‬ ‫وتبين العلاقات الخفية بين العناصر‪.‬‬
‫فسورة البقرة تجمع هذه الأمور كلها معا أعني الحدود التي هي ما أطلقنا‬
‫عليه في هذه المحاولة اسم الفواعل القيمية والعلاقات بين الحدود موجبها‬
‫وسالبها وآليات العلاج وكذلك تحريف الحدود والعلاقات التي بينها أعني علل‬
‫العلعىلاقة بين الدين‬
‫التاريخ الإنساني أي‬ ‫للات‬
‫دل ك‬
‫اى أص‬
‫ع عل‬
‫ماميطرأ‬
‫والدنيا من خلل يفسد شروط الاستخلاف وأداء الأمانة‪ :‬وهي ليست أطول سور‬
‫القرآن الكريم بالصدفة بل هي كذلك لأنها ملخصه التام كما أن احتواءها الآية‬

‫‪76‬‬
‫لذلك‬ ‫قيسة‪.‬‬
‫دسي ل‬
‫صلكر‬
‫لية ا‬
‫اني آ‬
‫بن أع‬
‫درة القرآ‬ ‫لةام‬
‫سحج‬
‫إرها‬
‫لعتب‬
‫اي ي‬
‫الت‬
‫فاستعمالها سيتوسط بين استعمال سورة يوسف وسورة آل عمران‪:‬‬
‫فأما علامتا التعبير ما بعد الروائي فبفضلهما نصل إلى نظرية العناصر‪ .‬فما‬
‫يعين الحدود هو‪ :‬الشكل الروائي والحبكة الدرامية‪.‬‬
‫وأما علامتا الصوغ ما بعد العلمي فبفضلهما نصل إلى نظرية نظم العناصر‪.‬‬
‫وما يعين العلاقات بين الحدود هو‪ :‬الشكل المنطقي والمعادلة الرياضية‪.‬‬

‫وأما المبدأ الرابط بين صورة التعبير ما بعد الروائي وصورة التحليل ما‬
‫بعد العلمي فهو أصل هذه المبادئ ولحمتها الدائمة» إنه‪ :‬المبدأ الذي يوحد هذه‬
‫الأبعاد كلها وهو جنس المْخطاب الاستراتيجي الذي أسسه القرآن الكريم والذي‬
‫لا تتصف به سورة بعينها بل هو المنطاب القرآني ذاته في كل آياته من حيث أداؤه‬
‫لهذه الوظيفة الإعدادية إعداد البشر ليكونوا قادرين على استعمار الأرض بما‬
‫يناسب الاستخلاف فيها رعاية وهداية‪.‬‬
‫آليات التعبير ما بعد الروائي المعين لحدود المعادلات ما بعد العلمية‬
‫الشكل الروائي والحبكة الدرامية‪ :‬سورة يوسف ‪-‬عليه السلام‪-‬‬
‫فهذه السورة تتميز بكونها من البداية إلى الغاية قصة واحدة تعالجح بصورة‬
‫رمزية كل الحدود البنيوية التي تتحكم بخصائصها وأفعالها وانفعالاتها في‬
‫الوحي الذي‬ ‫التاريٍبخ البشري مع تبيه مطلعها إلى أنها أنوذج أحسن قصص‬
‫ود فى ولك تضديق الذي‬ ‫مانا‬ ‫وصفته آخرة آبات السورة بكونه ‪8‬‬

‫فستشغل امحل المركزي من تخليلاتنا لوالية من وجهين هما الغرضات الاولوحيدان‬


‫للسورة‪:‬‬
‫أولهما هو طبيعة الخطاب الموجه إلى الرسول الكريم ومستوياه اللساني‬
‫«لخاطبة أمة بعينها هي بذرة التوحيد) والفني (للخاطبة جميع البشر من أجل‬

‫‪86‬‬
‫التوحيد الكوني) وتحديد الرهانات التاريخية الثابتة من حيث مقوماتها الصورية‬
‫ودور القرآن الاستراتيجي ودور الرسول السياسي بالمعنى السامي للكلمة أعني‬
‫التعليم والتربية روحيا في دولة يتلازم فيها سلطان الدين (التربية» وسلطان‬
‫السياسة (الحكم) ولا ينفصلان رغم ضرورة التميبز بينهما‪.‬‬
‫الثاني هو الحدود الثابتة التي تربط بينها العلاقات موضوع الاستراتيجية‬
‫لاها‬
‫اعله‬
‫عن ف‬
‫فواني‬
‫اهانوبق‬
‫وم ب‬
‫وهي مقومات الوجود الإنساني بحيث يكون العل‬
‫وبمناهج التعامل معها كافيا لتحديد المقومات الصورية للاستراتيجية وللسياسة‪.‬‬
‫وهذه الحدود هي مدار كل الرهانات في اللقاء بين البشر سلما أو حربا تعارفا أو‬
‫تناكرا وهي ثوابت لا تتغير ولا تتبدل منها إلا القيم المعينة بالمعنى الرياضي لقيم‬
‫المتغيرات فتكون موضوع العلوم الوضعية وهي عندئذ ليست من هموم هذه‬
‫المحاولة‪.‬‬
‫الكريم التي تدور‬ ‫ريآن‬
‫قف‬‫اوحليدة‬
‫ال‬ ‫لسهيورة‬
‫اسف‬
‫وإذن فسورة يو‬
‫على قصة واحدة تتألف من مسألتين لا ثالث لهما‪:‬‬
‫تحديد طبيعة المسألة الإستراتجية ما مقوماتها من حيث صلتها بمقومات‬
‫تحقيق الاستخلاف الكلي للبشرية جمعاء‪.‬‬
‫وتحديد علاقتها بالرسالة من حيث صلة فلسفة الدين بفلسفة التاريخ في‬
‫التحقيق الفعلي وليس في العقد فحسب‪.‬‬
‫وقد تم تحديد المسألة الثانية في المقدمة والخاتمة المحيطتين بالقصة تمهيدا‬
‫وتأويلا‪ .‬أما ما بين المقدمة والخاتمة أعني القصة ذاتها فحددت بصورة رمزية كل‬
‫المقومات التي يدور عليها الوجود الإنساني في التاريخ‪ .‬وهذه المقومات هي عين‬
‫القيمية في بعديها الحبوي والرمزي‪ .‬وهي ترمز إلى‬ ‫امعل‬
‫وه اس‬
‫لنافعلي‬
‫مااأطلق‬
‫فعل هذه المقومات في مقامين مختلفين هما‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫مقام ما يجري في أحداث التاريخ الفعلي كما وصفتها أحداث القصة التي‬
‫بدأت بقص رؤيا وانتهت بتأويلها؛ بمعنى‪ :‬بتحققها الفعلي دون أن يتقدم عليها‬
‫تأويل بمعنى التفسير‪.‬‬
‫ومقام ما يجري في ما بعد التاريخ رمزا إليه بما يحدث في الرؤى بصنفيها‬
‫أعني رؤيا يوسف التي لم يؤولها بمعنى التفسير بل تحققت والرؤى التي أولها‬
‫وتحققت كما أولها‪.‬‬
‫لوعم مننظور القرآني‪:‬‬
‫فيكون فهمها مبنيا على معنيي التأويل الامشر‬
‫أعني تفسير الحديث من دون المقابلة بين ظاهره وباطنه أو بين حقيقة‬
‫ومجاز كما يزعم التأويليون وهو تمكن للعقل الإنساني‪.‬‬
‫ثم حدوث الحدث وهو سر الوجود أو الغيب أعني ما إذا زعمنا العلم‬
‫به ووصفناه بكونه علم الباطن كنا من التأويليين الذي يتجاوزون المعنى السابق‬
‫فيزعمون المقابلة بين الحقيقة والمجاز في النص القرآني بخلاف ما نبني عليه‬
‫هذه المحاولة أعني أنه كله حقيقة حتى وإن كانت هذه الحقيقة هي معنى المعنى‬
‫ولبست المعنى الغفل‪ .‬ولا صلة لمعنى المعنى بالتأويل المذموم بل هو لصيق بمعنيي‬
‫التأويل القرآئيين كما حصلا في سورة يوسف‪ :‬أي تفسير الأحاديث بعلم دلالة‬
‫معناه على معنى معناها وتحقيق معنى المعنى في الوجود الفعلي والأول مكن‬
‫للإنسان والثاني لا يقوى عليه غير الخالق””‪.‬‬
‫والحدود الواردة فايلسورة هي التي تتحدد بينها العلاقات الصورية‬
‫ديث وما‬
‫اسيرا‬
‫ح تف‬
‫أوسف‬
‫له ي‬
‫لأول‬
‫المجردة التي يتعين فيها مجرى التاريخ‪ .‬وما‬
‫أوله التاريخ وقوعا للأحداث‪ .‬فالسورة تتألف من ‪ 111‬آية تنقسم إلى هذين‬
‫القسمين المشار إليهما بالمسألتين المعالجتين فيها‪:‬‬
‫فالقسم الأول يتألف من المقدمة وفيهاآيات ثلاث [‪ ]1-3‬ومن الخاتمة وفيها‬
‫‪ ]201-1‬وهما تمئلان وحدة متميزة رغم أنمما في بداية السورة وفي‬ ‫‪1‬ات‬
‫[ر‪1‬آي‬‫عش‬
‫‏‪٠‬‬ ‫غايتها محيطين بالقصة‪.‬‬

‫‪0‬م‬
‫والقسم الثاني يتضمن قصة يوسف كلها من البداية إلى الغاية فثيمان‬
‫وتسعين آية [‪ ]4-101‬تدور كلها حول الحدود التي نطلبها وهي مدار القصة‬
‫التي تبدأ برؤياه وتنتهي بتأويلها تأويلا هو التحقق الفعلي للرؤيا وبشكره لله‬
‫على نعمائه‪.‬‬

‫التي تستنبط من أحداث القصة‬ ‫ا©لحدودأوالعناصر‬


‫صورة يوسف عليه السلام ‪:‬‬
‫ولنبدأ بأحداث القصة لأنها تعين العناصر المقومة أو الحدود!؟ بأسلوب‬
‫القص الروائي كما أسلفنا أعني بالترجمة التي تنقلنا من خصوصيات التعبير‬
‫في اللسان العربي إلى كليات التعبير في النطق الإنساني فتقبل العرض المسرحي‬
‫الذي يفهمه المتفرج حتى لو كان العرض صامتا‪ .‬ولن نطيل في بيانها لأنها شديدة‬
‫الوضوح خاصة إذا قورن نصها القرآني بنصها التوراني المحرف مقارنة تبين‬
‫اللقصود بالنظرتين المتقابلتين اللتين تفسران التاريخ الإنساني بسيادة القانون‬
‫الخلقي (في نصها القرآني) أو بسيادة القانون الطبيعي (في نصها التوراتي) تمثيلا‬
‫ما يعتبره القرآن الكريم للصفين الثابتين المتقابلين حول رهانات التاريخ الإنساني‬
‫كله‪ :‬ننتقل من صورة يوسف الرمزية في التوراة» يوسف الذي أسس للاقطاع‬
‫فميصر‪ .‬يوسف ناصح السوء لفرعون والذي أشار عليه بالاستفادة من الأزمة‬
‫الغذائية ليستعبد شعب مصرء ننتقل إلى صورة يوسف الرمزية في القرآنء يوسف‬
‫الرجل الصالح الذي حقق العدل بين الناس في مصر بسياسة اقتصادية يحكمها‬
‫التخطيط والتوزيع العادل‪.25‬‬
‫وكل من قرأ القصة في القرآن يعلم أن أحداث القصة تجري في مستويين‬
‫لذلك اعتبرناها سردا ما بعد روائي لمجراها في التاريخ الفعلي وفي الرؤى التي‬
‫ترمز إلى مابعد التاريخ‪ :‬مستوى الرؤى الأربع (رؤيا يوسف ورؤييا السجينين‬

‫‪17‬‬
‫معه ورؤيا الملك) وذلك هو بعدها الذي يرمز لما بعد التاريخ ومستوى الأحداث‬
‫البشرية حول الحدود‬ ‫نيات‬
‫اة ف‬
‫هثابت‬
‫رة ال‬
‫لبني‬
‫از لل‬
‫التاريخية الفعلية الذي يرم‬
‫التي سنستنبطها منها‪ .‬فمدار القصة كله حول أغراض خمسة لا سادس لها‪.‬‬
‫وهذه الأغراض ظهرت على ركح الحدث المقصوص بالترتيب التالي وهو عينه‬
‫الترتيب الذي تقتضيه استراتيجية تحقيق شروط الاستخلاف‪:‬‬
‫‪ .1‬الغرض الأول هو الذوق والجمال في صورة الحب وما ينتج عنه من‬
‫منافسات سواء كان الحب بين أفراد الأسرة أو الحب بالمعنى الذي يكون بين المرأة‬
‫والرجل‪.‬‬
‫‪ 2‬والغرض الثاني هو الرزق والمال في صورة تنقل الإخوة للتبادل‬
‫ار الذين أنقذوا يوسف ‪-‬عليه السلام‪ -‬ثم باعوه‪.‬‬
‫ج عن‬
‫تضلا‬
‫لي ف‬
‫اجار‬
‫الت‬
‫‪ 3‬والغرض الأوسط الذي هو القلب والأصل فيها جميعا هو حضور‬
‫لمتعالي سواء ظهر فعله بدون وعي من الفاعلين أو بوعيهم‪ .‬فبفضله نجي يوسف‬
‫اأوللىتمعجار الذين باعوه وفي الحالة الثانية عندما منعه‬
‫فايلحالتين‪ :‬فايلحالة ال‬
‫ة‪3‬؟‪.‬‬
‫يثر‬
‫و مان أ‬
‫غبه‬
‫اهالن ر‬
‫بر‬
‫‪ .4‬والغرض الرابع هو العلم المخطط للفعل التاريخي أو ما ليوسف من‬
‫قدرة على تأويل الأحلام بمعنى الانتقال من معناها إلى معنى معناها ومن ثم‬
‫قىع السياسات التي تستعد للممبتقبل للتغلب على الأزمات الغذائية‬ ‫و عل‬
‫تدرة‬
‫الق‬
‫خاصة والاقتصادية عامة‪4‬ة‪.‬‬
‫‪ .5‬والغرض الأخير هو العمل السياسي الذي جعل يوسف يدير شؤون‬
‫الدولة الاقتصادية بصورة تحقق العدل وتزيل سبب الصراع بين الناس بالتخطيط‬
‫المحرر من الندرة والمحقق من ثم للأخوة بين البشر””‪.‬‬
‫لسأولطان المطلق لأنه‬
‫ارب‬
‫لكننا نؤخر الغرض الأوسط أعني برهان ال‬
‫في الحقيقة ملازم للأغراض الأربعة الأخرى جميعا بل هو أصلها وأحرى به أن‬

‫‪27‬‬
‫يكون الأول والآخر إذ لولاه لما كان ليوسف أن ينجو في الحالتين الأوليين أو أن‬
‫على ركح‬ ‫ربها‬
‫هضوبحس‬
‫ظغرا‬
‫ينحجحا فليتاين الأخيرتين إذا اتبعنا ترتيب الأ‬
‫أحداث القصة كما وردت في سورة يوسف‪ .‬فيكون الترتيب إذن كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬الذوق‪.‬‬
‫‪2‬ا‪-‬لرزق‪.‬‬
‫‪ -3‬سلطان الذوق ويتبعه العلم الذي هو شرطه‪.‬‬
‫‪ -4‬سلطان الرزق ويتبعه العمل الذي هو شرطه‪.‬‬
‫‪ -5‬وأخيرا السلطان المطلق أو برهان الرب الذي ياوجلدغفياية وفي‬
‫البداية وبه تنغلق دائرة الأغراض التي ليس للعمران الإنساني من دونها أغراض‬
‫أخرى”‪.‬‬
‫ولما كانت هذه الأغراض هي ما يوجد بين الناس في كل مستويات اللقاء‬
‫بينهم حتى لو اقتصر العدد على الزوج بل وحتى في لقاء الشخص الواحد مع‬

‫نفسه فإن البنية الأساسية هي بنية التفاعل بين صفين** كل منهما مع من انضم‬
‫إلى صفه من بقية البشر في وضعية الفاعل والمنفعل بأبعاد هذه العلاقة الخمسة‬
‫التي تدور عليها قصة يوسف‪ :‬الذوق والرزق والسلطان على الذوق بفضل العلم‬

‫الأسمى والسلطان على الرزق بفضل العمل الأسمى والسلطان المطلق أعني أصلها‬
‫جميعا ومبدأ تحقيق التناغم بينها بديلا من الوحدة المستحيلة في المخلوقات‪ .‬لكن‬
‫الدين الإسلامي يعتبر أحد الصفين متلقيا الوعد بالاستخلاف أو هكذا يعتقد‬
‫أصحابه والثاني متلقيا الوعيد بالاستبدال في معتقد الصف الأول وربما في حال‬
‫الصف الثاني النفسية هو أيضا كما يتبين من عرض الإعياء الوجودي الذي له‬
‫علامتان‪:‬‬
‫شبه التوقف التام لقوة الغرائز والاستعاضة عنها برموز تعويضية تشبه‬
‫تلذذ الأجرب بالحكاك أعني التلذذ بالاصطناع‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫والثاني هو توقف الحياة | لعضوية كما يتبين من غلبة الشيخوخة وقلة‬

‫عقم واستبدال الجنس المنجب بغلبة الجنس المثلي‪.‬‬


‫اىلحد‬
‫التكاثر النسلي إل‬

‫الجماعة المستخلفة ‪-‬ح الجماعة الثانية‬


‫وحدته‬ ‫العمران‬ ‫صورة‬ ‫العمران‬ ‫مادة‬

‫سس ‪.‬ءوق‪.‬‬ ‫سن‪.‬ل‪.‬‬ ‫سس ‪.‬ذ‪.‬‬ ‫رزق‬ ‫دوق‬ ‫‪4‬‬

‫ذوق ] تفاعل‪1.‬‬ ‫د | صورة‬ ‫‪8‬‬


‫تفاعل‪2.‬‬ ‫> | العمران | رزق‬ ‫‪3‬‬
‫تفاعل‪3.‬‬ ‫س‪.‬ءذ‪.‬‬ ‫صورة‬ ‫‪1.‬‬ ‫‪--‬‬
‫‪1‬‬ ‫همه‬ ‫‪5‬‬
‫تفاعل‪4.‬‬ ‫| | العمران | سرب‪.‬ر‪.‬‬
‫تفاعل‪5.‬‬ ‫ءق‪.‬‬ ‫سن‬ ‫وحدنه‬

‫داضوهوره‬
‫لكن الجدول أكثر تعقيدا إذ إن كغلرض من هذه البأغر‬
‫متعدد الأبعاد‪ .‬فكل حد من الحدود الخمسة هو بدوره متعدد”” الوجوه‪ :‬فله حد‬
‫فعلي وحد رمزي وحد ينتج عن أثر الحد الفعلي في الحد الرمزي وحد ينتج عن أثر‬
‫الحد الرمزي في الحد الفعلي والحد الأصل هو وحدة الكل التي هي طبيعته المعقدة‪.‬‬
‫ولنضرب مثالا على ذلك مكونات الذوق‪ .‬فحده الفعلي هو الذوق بالمعنى‬
‫الحقيقي (في الأكل مثلا أو في الجنس) وحده الرمزي هو الذوق بالمعنى الجمالي‬
‫كالذوق الأدبي أو حتى التفنن في عرض الأكل أو في ما يحيط بالجنس من جو‬
‫جميل)” وأثر معناه الحقيقي في معناه الرمزي هو مصدر قوة المعنى الرمزي (فمن‬
‫مرمعزينفياه الفعلي هو مصدر قوة المعنى الفعلي‬
‫الحب يأني الإبداع) وأثر معناه ال‬
‫(فمن الإبداع تأني النشوة الوجودية ومعنى الحياة) ووحدة المعاني هي الذوق المعقد‬
‫الذي يصعب تحديده لاختلاط كل هذه المعاني فيه‪ :‬فيكون الحدان متحدين في‬
‫الجوهر الذي هو الذائقة الجدسية التي تجمع بين البعدين الفعلي والرمزي وهي شاملة‬
‫لكل الحواس ‪ .‬لذلك جعله القرآن من أهم مقومات اللمتعة و الجزاء الأخروين‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫» الشكل الأول‪ :‬بنية الذوق‪.‬‬

‫مفهوم الذوق المعقد‬

‫ذوق روحي‬ ‫مبدأ الوحدة | أثذر‪.‬م‪ .‬في‬ ‫ذوق مادي | أثذر‪.‬ر‪ .‬في‬

‫البنية الغابتة‬
‫ذ‪.‬رمري‬ ‫بين العناصر‬ ‫ذ‪ .‬مادي‬

‫الفن‬ ‫الإبداع‬ ‫الوجدان‬ ‫الحب‬

‫‪9‬‬
‫وحده الرمزي هو‬ ‫اوء»‬
‫ذي ه‬
‫غعل‬
‫ادهلالف‬
‫ولنضرب الرزق مثالا ثانيا‪ .‬فح‬
‫عينفياه الرمزي هو قوة المعنى‬‫مفعل‬
‫الشعور بالراحة أو القناعة وأثر معناه ال‬
‫الرمزي (تثبيت الطمأنينة عند الإنسان لعدم تخلف الرازق وتحريره من النوف‬
‫من الجوع والفقر) وأثر المعنى الرمزي في المعنى الفعلي (مضاعف التحرير‬
‫من عبادة الدنيا بوجوده السوي والإخلاد إليها بوجو‪ .:‬المرضي‪ ,‬أو بعدمه)‬
‫والمعنى الموحد هو المعنى المعقد الجامع لكل هذه المعاني‪ .‬ولذلك فهو عصي‬
‫على التحديد‪ .‬والشبع الغذائي يجمع بين البعدين الفعلي والرمزي وهو شامل‬
‫لكل الحواس سلبا بمعنيين‪ :‬فالجوع يجعلها تشعر بحدة بكل حواسها لماله صلة‬
‫بالغذاء والشبع يجعل الغذاء يفقد التأثير على الحواس فتضعف «(والواقع أن‬
‫معنى رمضان لا يفهم إلا بهذه الغاية‪ :‬فهو يجعل الغذاء عبادة لأنها تصبح محبية‬
‫للحواس كلها””‪ .‬وبهذا المعنى فإن الذائقة الغذائية لم تستعمل لتسمية الذائقة‬
‫الفنية بالصدفة‪ :‬فالفن نوع من الغذاء الروحي أو بصورة أدق هو الغذاء الذي‬
‫يغذي الحواس بالغذاء الرمزي‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫« الشكل الثاني‪ :‬بنية الرزق‪.‬‬

‫مفهوم الذوق المعقد‬

‫أثرر‪ .‬ر‪ .‬في | مبدأالوحدة | أثرر‪.‬م‪ .‬في | ‪..‬‬ ‫‏‪١‬‬


‫رزق روحي‬ ‫رزق مادي‬ ‫‪1‬‬
‫ر‪.‬روحي‬ ‫بين العناصر |‬ ‫ر‪ .‬مادي‬ ‫ك‪0‬‬
‫ٍِ‬
‫ش‪ .‬بابلالننددررة‬ ‫ش‪.‬‬
‫بابلالووففررةة‬ ‫‪' 143‬‬
‫الرضًا‬ ‫الفرقان ‏ | "كك‬ ‫أ تقار‬ ‫ون‬
‫أو اللاقناعة‬ ‫أو المناعة‬

‫ان‬‫لهو‬
‫صمهم‬
‫أ ال‬
‫ل لكن‬
‫اخرى‪.‬‬
‫ويمكن أن نواصل بالنسبة إلى الحدود الأ‬
‫العنصريان أي الذوق والرزق وتلاقيهما وهما خالصان لأن البقية تابعة وكلها‬
‫في الحقيقة تعود إلى الأصل الجامع بينهما أعني وجود الإنسان في معناه الكياني‬
‫ودين الإنسان في معناه العياني وكلاهما حياة وإرادة وقدرة وعلم إما من حيث‬
‫هي صفات الإنسان من حيث هو موجود (الوجود) أو من حيث هي وجدانات‬
‫ناتجة عن وعي الإنسان بكونه مدينا بالوجود للواجد صاحب الجود (الدين)‪.‬‬
‫فتكون هذه المعاني الأربعة المقومة لوجود الإنسان ولوجدانه موازية في كل هذه‬
‫الحالات لهذه القيم التي تدور حولها قصة يوسف في القرآن الكريم‪.‬‬
‫والاإرادة دليل‬ ‫اة‬
‫حهايهو‬
‫لمن‬
‫ادم‬
‫سيادة الذوق يكون المق‬ ‫لة‬
‫ا في‬
‫حنها‬
‫لك‬
‫القيام وغايته الروحية (العيان الديني) وفي حالة سيادة الرزق يكون المقدم هو‬
‫العلم والقدرة دليل القيام وأداته (الكيان الوجودي)‪ .‬وفي حالة سيادة الذوق‬
‫يكون العلم والقدرة في خدمة الحياة والإرادة‪ .‬وتلك هي الحالة السوية من‬
‫العمران الإنساني‪ .‬وفي حالة سيادة الرزق ينعكس الأمر فتكون الحياة والإرادة‬
‫في خدمة القدرة والعلم‪ .‬وتلك هي الحالة المرضية من العمران‪ .‬وهذان الأمران‬
‫هما مصدر كل أدواء العمران عندما يصبحان متنافيين إلى حد التلاغي بسبب‬
‫كونهما لم يفهما الفهم القويم فلم يحدد نوع التعامل معهما التعامل السديد‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫والمهم أن صف الوعد (تالمستخلف) وصف الوعيد (تالمستبدل) لا‬
‫يحددهما إلا طبيعة العمل بهذه الاستراتيجية””‪ .‬لذلك فهما متداولاانلبيأنم‪.‬‬
‫انل‬‫لن م‬
‫خيبي‬
‫والقرآن يحدد هذا الإطار العام تحديدا خبريا وإنشائيا‪ :‬أي إنه‬
‫بعض الأمثلة التاريخية كيف تعمل الاستراتيجية وكيف ينبغي أن تعمل عند‬
‫تعليل الخلل الحاصل في تلك الأمثلة‪ .‬وهذه مناسبة لحسم أمر طالما حيرني ولا‬
‫أظنني الوحيد الذي يحيره هذا الأمر‪ :‬فالقرآن يتكلم على تفضيل بني إسرائيل‬
‫كلاما يكاد يستفز جل المسلمين وكل العرب كلاما لا يكاد يكون مفهوما وخاصة‬
‫في الظرف احالي لوالال رابطسهتبرهذاهتيجيةة‪.7‬‬
‫فلو كان المقصود تفضيلهم بمعنى «الشعب المختار» لما قبل العقل ذلك‬

‫وخاصة في لحظة إيهام مضاعف‪ :‬فإسرائيل الحالية تزعم أنها من جنس إسرائيل‬
‫التي يتكلم عنها القرآن والسطحيون من المفكرين العرب ذهب بهم الغباء إلى‬
‫ييقماول القرآن عن الفراعنة واليهود وتصوير ذلك على أنه من جنس‬ ‫نف‬
‫اختلاقات إسرائيل الحالية أعني مثل تضخيم ما يسمى بالمحرقة‪ .‬لكن قصد‬
‫القرآن هو ما بيناه من معنى لصف الوعد‪ :‬أي إنهم كانوا مستخلفين لا كانت‬
‫شروط الاستخلاف متوفرة فيهم وهذه الشروط ليست مطلقة إلا في المطلق أما في‬
‫التاريخ الاإنساني فهي نسبية إلى حال الأخلاق والعلم في‪:‬العصر‪ .‬كانوا أفضل في‬
‫دنلين وليست من‬ ‫بل م‬
‫ترائي‬
‫س إس‬
‫متبر‬
‫ل نع‬
‫ايوم‬
‫عصرهم لوعيهم ببرهان الرب‪ .‬وال‬
‫المستخلفين لأنها عكس إسرائيل القرآنية لنسيانها برهان الرب ولعملها بقيم تنافي‬
‫الكونية‪ .‬فإذا قايسنا الدسب فعوضنا القيم في البنية‬ ‫ييم‬
‫قي ه‬
‫ل الت‬
‫اآنية‬
‫‪.‬القيم القر‬
‫المجردة للعلاقة بين المستبدلين والمستخلفين كنا نحن يهود موسى وكانت سياسة‬
‫أمريكا سياسة فرعون وإسرائيل الحالية ليست إلا مجرد أداة من أدوات فرعون‬
‫[‬ ‫عصرنا ولعلها هي هامانه وخاصة عند المسيحية المتصهيئة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فيكون أقرب الشعوب لتطبيق الإستراتيجية القرآنية وسياسة العمران‬
‫بمقتضاها هو صف الوعد والأبعد هو صف الوعيد دون حصر ذلك في أمة‬
‫بعينها حتى بعد نزول القرآن بدليل انحطاط أمة الإسلام سلبا وبدليل شروعها‬
‫في الاستئناف لما أدركت هذه الحقيقة إيجابا‪ .‬وغالبا ما يكون الصف المستخلف‬
‫في بداية الاستبدال هو الأضعف ماديا والأقوى روحيا والصف المستبدل هو‬
‫الأضعف روحيا والأقوى ماديا‪ .‬لذلك كان أهم مضمون للآية ‪ 06‬من الأنفال‬
‫غير مفهوم‪9 : :‬وَآخَرِينَ مِن دُوذِهِمْ لا تَعْلمُوتَهُممُ الله يَحْلمُْهْفْ‪ » . .‬فهؤلاء الأعداء‬
‫الجهولون هم من يصبحون معلومين بفضل فهم الاستراتيجية القرانية‪ .‬إنها علل‬
‫تخلاف‪.‬‬
‫سلل‬
‫اع‬‫اتيل هي‬
‫الاستبدال التي يننبغي أن نعد لها القوةة الحقيقية ال‬

‫» مضمون المقدمة والخاتمة من سورة يوسف عليه‬


‫السللام‪:‬‬
‫لم نطل الكلام في هذه الأغراض رغم أنها ليست أغراض القصة فحسب‬
‫بل هي حدود العادلة الكلية في كل الإستراتيجية سواء نظرنا إليها في الجماعة‬
‫نفسها أو بين الجماعات في السلم والحرب على حد سواء‪ .‬لكن المهم للاستراتيجية‬
‫أنها تنظر إليها من حيث هي رهانات التنافس أو الصراع بين الصفين المتقابلين‬
‫حول الرهان التاريخي الشامل‪ .‬فكيف صاغت سورة يوسف ذلك؟‬
‫ذلك ما حددته الخاتتمةحديدا صريحا لا لبس فيه‪ :‬ففي الخاتمة يرمز القرآن‬
‫مراحل التاريخالإنساني بالمعاناة‬ ‫الرهان الاستراتيجي الشامل في كل‬ ‫إلى طبيعة‬
‫التي يلاقيها الأنبياء خلال تبليغ الرسالة‪ :‬وإذت فالرهان الشامل هو عينه رهان‬
‫الرسالة من حيث هي سعي إلى تحرير الإنسانية‪.‬‬
‫وتبين الخاتقة كذلك طبيعة الاستراتيجية وكيف تحقق انتصار النظرة التي‬
‫تقدم مبدأ التاريخ الخلقي على مبدأ التاريخ الطبيعي أعني نظرة جماعة الصف‬
‫الذي يوجه إليه وعد الاستخلاف في مواجهة النظرة التي تقدم مبدأ التاريخ الطبيعي‬
‫‪57‬‬
‫على التاريخ الخلقي وهي نظرة جماعة الصف الذي يوجه إليه وعيد الاستبدال‪.‬‬
‫إن اكتشاف هذه العلاقات وحدها كافية لبيان الطابع الثوري للاستراتيجية‬
‫القرآنية‪ :‬فالتفاعل الموصوف في الشكل الأول والتفاعل الموصوف في الشكل‬
‫الثاني مثلا بين حدي معادلة التاريخ في التدافع يكونان متناظرين بصورة عجيبة‬
‫كما يبينه الشكل الثالث‪ .‬فالحد المستخلف فيالمعادلة التاريخية يغلب عليه البعد‬
‫الفعلي من الذوق؛ وحدّها المستبدل يغلب عليه البعد الرمزي منه‪ .‬لكن العلاقة في‬
‫الرزق هي بالعكس تماما‪ .‬فالحد المستخلف من المعادلة يغلب عليه الرزق الرمزي‬
‫والحد المستبدل منها يغلب عليه الرزق الفعلي‪ :‬ومعنى ذلك أن الحد المستخلف‬
‫في معادلة التاريخ الإنساني تغلب عنده الحياة والارادة أو مقوما القضاء دائما‬
‫وأن الحد المستبدل فيها تغلب عنده القدرة والعلم أموقوما القدر دائما‪.‬‬

‫« الشكل الثالث‪ :‬ينية العالاقة بين المستخلفين‬


‫والمستبد لين‪.‬‬

‫مجالاات التقويم ومعين مواد العلاقات بين البشر‬

‫س‪.‬الوجود‬ ‫أس‪.‬ر‪.‬‬ ‫الذوق | س‪.‬ذ‪ | .‬الرزق‬


‫تقديم المادي‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الستبدلون | من‪- | 1.‬‬ ‫‪3‬‬

‫يأس وعدمية‬ ‫‪- | - | - | -‬‬ ‫إمرج|]‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬


‫تتداروسي‬ ‫استية|سة | * | > | ‪| - | -‬‬ ‫‪7‬‬
‫غملوايجاية‬ ‫*| *| *| *|‬ ‫أص‪]4‬‬ ‫* | ©‬

‫القوي ماديا والضعيف روحيا‬ ‫لذلك فالتاريخ يبدو صراعا بين الصف‬

‫من جهة والصف القوي روحيا والضعيف ماديا من جهة ثانية وذلك في الجماعة‬

‫‪97‬‬
‫لاسفيياسة الداخلية‬
‫امل‬
‫الواحدة وبين الجماعات المتجاورة‪ .‬فيكون القانون عا‬
‫والدولية على حد سواء دون أن يكون ذلك دالا على تقدم القانون الطبيعي‬
‫على القانون الخلقي بدلالة تأييد المستخلفين وخذلان المستبدلين‪ .‬فالغلبة تكون‬
‫دائما للمستخلف على المستبدل في ما يشبه حرب مطاولة يخسرها الأول لفقدانه‬
‫الأمل والصبر ولكفره بالقيم الخلقية ويربحها الثاني بما عنده من أمل وصبر‬
‫رة يوسف‪ .‬أما‬ ‫و في‬
‫ساقة‬
‫مون قسم الخ‬ ‫ضهو‬‫مذا‬‫وإيمان بالقيم الخلقية‪ .‬وه‬
‫قسم المقدمة فهو يتضمن الشروط الضرورية والكافية لتبليغ الدعوة شروطها‬
‫التواصلية‪ .‬فهو يبين حاجة الخطاب الكوني في الرسالة الخاتمةة إلى أن يكون ذا‬
‫أسلوبين في التواصل‪:‬‬
‫أولهما يكون بلسان أمة معينة هو في حالة الرسالة القرآنية اللسان العربي‬
‫ة‪.‬‬
‫رينة‬
‫ذ للع‬
‫بيئا‬
‫ل مع‬
‫اطاب‬
‫لرسم المعنى وخاصة ليكون الخ‬
‫عنى لثلا‬
‫اسمل ممعنى‬
‫انيلهوقص الروائي لر‬
‫والثاني أن يكون بلسان كو‬
‫يبمقىقفهصمهورا على العرب فيتم التحقيق الكلي*”‪.‬‬
‫ذأما الحاجة إلى لساث معين فالعلة فيه هي أن يكون الخطاب مفهوما‬
‫ة‪ِ< :‬إنَ َوه آنا ريا لعَلَكُمْ‬ ‫رأمة‬
‫ذق ال‬
‫بحقي‬
‫لل ت‬‫عينيا وبمعناه المباشر مناأج‬
‫تَعْقَلُونَ ‪4‬إبرسف ‪ .2]5‬وأما الحاجة إلى لسان كوني فحتى يكون الخطاب كليا‬
‫التاريخية الاتيل هبينية العامة للرهان التاريخي‬ ‫عيات‬
‫ض كل‬
‫ولاج‬
‫للع‬
‫ابلا‬
‫قا‬
‫نَحْنُ نَفصٌ عَلَيِكَ أَحْسَنَ القَصَص نما أَوْحَيْنا إِلَيِكَ‬ ‫موضوع الاستراتيجية‪:‬‬
‫هَذَا الفرْنَ وإن كنت من قَبْلِه طن العَاِلِينَ‪4‬رت © “‪ .‬والجامع بين المستويين من‬
‫الآية الأولى ‪« :‬آلر تلك آيَاتُ الكتاب اطبين)ايرف)‪.‬‬ ‫موون‬
‫ضب ه‬
‫مخطا‬
‫ال‬

‫‪05‬‬
‫آليات العلاج ما بعد العلمي علامتاها الاستدلال المنطقي‬
‫والمعادلات ذات المتغيرات‪ :‬سورة البقرة””‪.‬‬

‫الأولى‪ :‬علامة منطقية تتمثل في تقدم منطق القضايا فيها على منطق‬
‫المحمولات لأن البنية العامة للاستراتيجية مبنية على نظرية العلاقات أكثر نما هي‬
‫مبنية على نظرية الجواهر ذات الصفات الثابتة إذ لا وجود إلا لذات واحدة ثابتة‬
‫هي الله‪ .‬وكل ما عداه مخلوقات مؤلفة من إضافات وعلاقات هي ما قضاه الله‬
‫بإرادته وقدّره بعلمهة؟‪.‬‬
‫المضامين العينية لهذه الآيات قابليتها‬ ‫ية‬
‫ل في‬
‫بمثل‬
‫ا تت‬
‫قضية‬
‫الثانية‪ :‬علامة ريا‬
‫للحذف لتبقى كالخانات الخالية متغيرة المضمون بتغير قيمها كمتغيرات رياضية‬
‫قيمها هي المضامين التاريخية التي تتبدل مع التغير التاريبخي حتى يتبين أن الثابت‬
‫التي تصوغ المقومات الثابتة‬ ‫دبهلات‬
‫ا يش‬
‫عما‬
‫مفي‬
‫لية‬
‫اياض‬
‫الر‬ ‫ب هنوية‬
‫لوي‬
‫ابني‬
‫ال‬
‫للوجود الإنساني في علاقته بالوجود الإلهي‪..‬‬
‫استنباط البنية الصورية لعلاج الشأن‬ ‫ال‬
‫ل من‬
‫خعاني‬
‫الم‬ ‫ه‬
‫ذكل‬
‫هبين‬
‫وتت‬
‫الإنساني العلاج الشامل الوارد في سورة البقرة‪ .‬فلو نظرنا إلى ما يرد فيها من‬
‫أعيان ذكرت بالاسم أو بالوصف قيما لمتغيرات كلية كما أسلفنا فجردنا المتغيرات‬
‫ية‬
‫وبكة‬
‫يا ش‬
‫نرجن‬
‫بستخ‬
‫مانلقيم العينية لتحرير الاعللاجت معنيين المضموني لا‬
‫قابلة للتطبيق على كل اللحظات الحاسمة في تاريخ تطور البشرية القيمي عامة‬
‫ولأمكن استعمال هذه الشبكة لفهم لحظتنا الراهنة خاصة بمجرد وضع أعيان‬
‫بالاسم أو بالوصف بدايللةأمنعيان التي رفعناها منها‪ :‬والقيم العينية تتعين‬
‫بمقتضى ما يجري فعلا من أحداث تاريخية يتميز فيها الصفان مع من انحاز إليهما‬
‫في عمل الفواعل القيمية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وإذن فانتخاب الآيات والسور فضلا عما استوحيناه من البحث فيإطار‬
‫فهم التاريخ وأفقه يمكن أن نؤيدها بالاستقراء من العينة النموذجية التي ملئت‬
‫بها هذه الخنانات فأعطت للمتغيرات قيما تاريخية معيئة كما وردت في سياسة‬
‫الرسول‪ .‬ذلك أن هذه السياسة تطبيق للاستراتيجية القرآنية وهي متأخرة عنها‬
‫عند واضعها لكنها متقدمة عندنا في سعينا لفهمها ولفهم النص القرآني بها‪:‬‬
‫فتلك وظيفة الأمثلة والعينات إذ تساعد على فهم المعاني الكلية‪.‬‬
‫وتحديد العلاقات الاستراتيجية بين هذه الحدود من خلال استقرائها في‬
‫تعينها الوارد في سياسة الرسول المتعالية بطابعها النموذجي على المكان والزمان‬
‫يكفي فيه تحليل سورة البقرة بشرط أن نعتبر الأعيان المذكورة فيها قيما تقبل‬
‫انل‬
‫لي م‬
‫خنسان‬
‫الاستبدال بقيم أخرى تقبل التعيين بحسب مراحل التاريخ الإ‬
‫مصفوفتين من المتغيرات تمثلان جوهر المعركة بين خياري فلسفة التاريخ والوجود‬
‫الإنساني‪:‬‬

‫خيار المؤمنين بالقيم المتعالية ويرمز إليهم بالمستخلفين وهم الذين يقدمون‬
‫قانون التاريخ الروحي على قانونه الطبيعي دون تناف‪.‬‬
‫وخيار نفاتها ويرمز إليهم بالمستبدلين الذين يكادون يلغون القانون‬
‫الروحي ولا يبقون إلا على القانون الطبيعي‪.‬‬
‫ذلك أن الاسترانيجية حتى في لعبة الشطرخ تقتضي تصور الأمر معركة‬
‫بين صفين مهما تعددت مكوناتهما رغم جريان المعركة في أفق لا يعتبر الصدام‬
‫أصلا بل هو فرع عن أصل هو اللقاء والتعاون الذي يستعمل التنافس أداة من‬
‫أدواته لتحقيق غاياته‪ :‬والأصل في لعبة الشطرخ مثلا هو اللقاء للعب والصراع في‬
‫اللعب ليس أصلا بل فرع عن الأصل وهو قابل لأن يكون تعاونا من أجل تنمية‬
‫دام‪ .‬والدليل‬ ‫ل يصتصف‬
‫ا أن‬
‫باء‬
‫فكر المتلاقين في اللعبة حتى وإن عرض لذلك اللق‬
‫أن كل صف تجري فيه هو بدوره المعركة نفسها فتكون سر حيويته وإن كانت‬
‫‪28‬‬
‫السمة الغالبة عليه هي ما يجعله أهلا للاستخلاف في حالة تحويل المعركة إلى‬
‫غاية بدل كونها أداة يحق عليه القول بالاستبدال‪ .‬والتغير الذي ينقل من عهد‬
‫المستبدلين إلى عهد المستخلفين في مستوى التاريخ الكوني وخاصة عندما يتعلق‬
‫الأمر بما هو مطلق لكونه كليا وخاتما يرمز إليه من حيث هو معركة قيم مطلقة‬
‫بمفهوم تحديد القبلة في سورة البقرة‪:‬‬
‫وإذن فقيم مصفوفة المتغيرات الأولى هي القيم التي حددتها الجماعة‬
‫لرعفيالم وتتصف بصفتين‪:‬‬
‫اعص‬
‫المستبدلة التي بيدها سلطان ال‬
‫أولاهما تفسر كونها حائزة على السلطان أي إن الله قد حباها بشروط‬
‫موضوعية تجعلها صاحبة سلطان العصر في المجالات التي تتألف منها المصفوفة‪.‬‬
‫ومن ينكر ذلك لا يمكن أن يفهم كيف لها بالسلطان الذي بيدها إلا إذا كان مثل‬
‫المصفوفة التي اتجاهها الغالب هو نفي أن يكون لله سلطان على التاريخ‪.‬‬
‫والثانية أن خيانة الأمانة قد غلبت عليهم فلم يحترموا شروط الاستخلاف‬
‫في الأرض فباتوا بحاجة إلى من يدفعه الله ليمنعهم من الفساد في الأرض في‬
‫كل مجالات المصفوفة التي هي واحدة ولا تختلف إلا بالقيم التي تملأ خانات‬
‫المصفوفة‪ .‬والقيم العينية لهذه المصفوفة المتغيرة تتغير بتغير الجماعة‪ .‬ففي سورة‬
‫البقرة تحالف اليهود والمسيحيون ولعله ليس من الصدف أن يكون الحلف نفسه‬
‫تمثلا للمصفوفة صاحبة السلطان الطاغي في لحظتنا من جنسه‪.‬‬
‫ولتكن قيم المصفوفة المتغيرة هي القيم التي تمثلها خيارات الجماعة‬
‫اند‬ ‫سية م‬
‫فنسان‬
‫المستخلفة أعني الجماعة التي تؤمن بأن الله كلفها بتحرير الإ‬
‫الجماعة المستبدلة وهي تتصف بصفتين كذلك‪:‬‬
‫أولاهما هي صفة تمثيل الوفاء للأمانة لتكون أهلا للاستخلاف ومن‬
‫المرشحة تاريخيا لتكون البعض المدفوع للتصدي للبعض المفسد في‬ ‫ثفمهي‬
‫الأرض‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫والثانية هي صفة الجهاد التي تثبت الأهلية لهذه المهمة مهمة نزع السلطان‬
‫من يد الجماعة صاحبة مصفوفة المتغيرات الأولى‪ .‬والقيم العينية لهذه المصفوفة‬
‫المتغيرة تتغير بتغير الجماعة‪ .‬وهي في سورة البقرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫ولعله ليبس من الصدف أن تكون في لحظتنا الحالية هي الممثلة لقيادة هذا الصف‬
‫كذلك‪.‬‬
‫فتكون الاستراتيجية وراء السياسة هي استخراج الثوابت من أعيان‬
‫التعامل بين هاتين المصفوفتين اللتين تتغير قيمهما رغم ثبات خاناتهما لكونها هي‬
‫مقومات الاستراتيجية الثابتة التى حددناها أعنى خانة مقوم المضمونات وخانة‬
‫مقوم مادة العمران وخانة مقوم أحياز العمران وخانة مقوم صورة العمران وخانة‬
‫مقوم الحل الشامل الذي يمكن من تحديد العلاقة السوية بين كل هذه العناصر‬
‫أعني ما تم تحديده في الآبة ‪ 83‬من «الشورى‪ ::‬لوَالَّذِينَ اسْتَّجَابُوا لِرَيهمْ وَأقَامُوا‬
‫الصَّلاةٌ وَأَمْرْهُمْ شُورَى بَيْدَهُمْ وَمِما رَرَقََاهُمْ يُنفقُونَ)‪ 4‬مطبقة على الأوطان‬
‫وعلى المعمورة‪ .‬والمتغيران اللذان تسمى بهما الجماعتان في المعركة التي تضبطها‬
‫الإستراتيجية هما الجماعة المستبدلة وقد رمزنا إليها ب‪«:‬ج‪ )1.‬والجماعة المستخلفة‬
‫وقد رمزنا إليها ب‪(:‬ج‪.)2.‬‬

‫»الشكل الرابع (وهو عين الشكل الثالث)‬

‫مجالات التقويم ومعين مواد العلاقات بين البشر‬


‫س‪.‬الوجود‬ ‫الذوق | س‪.‬ذ‪ | .‬الرزق أ س‪.‬ر‪.‬‬
‫تقديم المادي‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الستبدلون | ص‪- 1] 1.‬‬ ‫‪4‬‬
‫|‪ | -‬سسب‬ ‫|‪- | -‬‬ ‫|*"اسة|‪-‬‬ ‫‪7‬‬
‫تقديم الروحي‬ ‫]ا ‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫المستخلفون | ص‪3.‬‬ ‫‪0‬‬
‫أملوايجابية‬ ‫*| *| * | * |‬ ‫|صه‪]4‬‬ ‫* | ‪25‬‬
‫‪84‬‬
‫وبفضل هذه العلاقة بين صفي المعركة التاريخية بين المستبدلين والمستخلفين‬
‫نفهم أمرين يمثلان الايولمتقلباريخ الكوني‪:‬‬
‫كون الرسالة الخائمة ليست رسالة جديدة بل هي تصحيح لتحريف‬
‫لا يقتصر على جدل النصوص بل هو يقتضي‪.‬‬ ‫تصيحا‬ ‫الرسالات السابقة‬
‫التدافع التاريخي‪.‬‬
‫وكون منزلة الإسلام معضلة الحضارة التي حققت كل مراحل النزول‬
‫إلى حد اعتبار علاجها موضوع الحرب العالمية الرابعة‪.‬‬
‫فإطلاق الوحدانية الكلية للإلهي قد تحققت دون منازع في الإسلام لله‬
‫السلطان الامطللقعفيالم قياما ونظاما‪ :‬آبة الكرسي‪.‬‬ ‫حب‬ ‫ا هو‬‫صحيث‬ ‫من‬
‫سىان‬ ‫نسع‬
‫إي م‬
‫لد ف‬‫اصعو‬
‫ية القرآن نهاية ال‬ ‫نتبر‬
‫ا نع‬
‫دا أن‬
‫حق لن‬
‫و يح‬
‫لذلك فإنه‬
‫لإدراك التوحيد التام ومن ثم فالإسلام هو الدين الخاتم إذ لم يبق بعد ذلك من‬
‫تصور للإلهي أسمى من التصور الذي حددته عناصر سورة الإخلاص الخمسة‬
‫بموجبتين وسالبتين وأصلهما المتقدم عليهما‪ :‬‏‪( ١‬قُلُ)‪( :‬هُو]” الله أَحدُ[‪ )+‬الله‬
‫الصّمَدُْ[‪ )+‬ليمَلِد وَلَم يُولَدِ[‪ )-‬وَيلَمََكُن لَهُ كوا أَحد(‪.4)-‬‬
‫والمعلوم أن أزمة الإنسانية الحالية كلها سببها الشرك بين الله والإنسان‬
‫الشرك الذي أله أصحايّه الإنسانَ وزعموا أن الله قد مات‪ :‬فلم يعد الإنسان‬
‫يؤمن بشيء يعلو عليه فعاث في الكون فسادا‪ .‬ونفي التوحيد الكلي تحقق دون‬
‫منازع في المسبحية التي اعتبرت الله قد حل في ابنه رمزا لتأليه الإنسان أو الشرك‬
‫المطلق‪ .‬لذلك فالمسيحية بكل أشكالها هي بداية الهبوط وغايته الهبوط الذي بدأ‬
‫بفكرة حلول الله في المسيح وانتهى بتأليهه الإنسان الذي اكتمل في النسبوية ما بعد‬
‫الحداثية غاية لهذا الهبوط مع وساطة فلسفية لاهوتية واضحة تمثلها قراءة هيجل‬
‫لألغاز المسيحية وتأويله لتأليه عيسى ودلالة الحروب الصليبية في صلتها موت‬
‫اللّه‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ويمكن أن نعتبر المسيحية بهذا المعنى قابلة للتعريف بعكس معاني‬
‫الإخلاص الخمسة بمجرد قلب علامتي الإيجاب والسلب مع قلب الترتيب أعني‬
‫بقراءة السورة من النهاية إلى البداية‪(« :‬له كفؤ أحد (‪-‬ابنه)]‪( 1‬ولد (ابن الله)‬
‫ويلد (كل من يحل فيه المسيح وخاصة الباب))؟ (ليس صمدا ( لأنه مؤلف‬
‫من ثلاثة‪( 1‬إوليس أحد (لأن له شركاع)‪ ْ[ 1‬وإذن فلا تقل هو ( بل قل‬
‫هم )]»‪.‬‬

‫فهي مضمون تبرئة عيسى ‪-‬عليه السلام‪ -‬من‬ ‫فتة‪.‬‬


‫لليس‬
‫كبلة‬
‫تلمقا‬
‫مه ا‬
‫وهذ‬
‫التحريف في سورة آل عمران ‪ ( :97‬مَاكان لِبَشَرِ( ‪-‬عيسى عليه السلام) أن‬
‫يُوِْيّهُالله اكاب (النقل والتأويل) وَالْحَكُمَ «العقل والتحليل) وَالدْبُوَةَ (القدرة‬
‫على الجمع بينهما في الاتجاهين ومن ثمالتوحيد بين أسلوبيهما) إوذلك هو‬
‫تعريف الرسول في القرآن الكريم] نميول لأس (تبليغ الرسالة) كوتو‬
‫عِبّادا لي من ذدُون الله وَلكن كوو َيّاذْيِينَ بم كُنتّمْ تُعَلمُونَ لكاب (الععريل)‬
‫وَيِمَا كُنثمْ تَدْرْسُونَ (الحكم) ‪4‬ل‪.‬ذلك فهذا الفهم للنقلة من التسامي إلى أكثر‬
‫تصورات الله تنزيها من التشبيه مع أسمى المخلوقات إلى التداني إلى أكثرها‬
‫تشبيها به فهم قرآني خالص‪.‬‬
‫وهذا التأويل القرآنيالواضح ربط المسألة بالدور التحريفي للسلطة‬
‫الروحية التي توظف الدين لمصالحها المادية فتحول البعض للبعض أريابا كما هو‬

‫بين من آل عمران من ‪ 08‬إلى ‪ 35‬إلا يَأمُرَكمْ أن َنَحِدُوا اطلائَكةَ وَالْبئينَ‬


‫أزيابا أيَأَمُرهكم بالكفر بَعْدَ إِذ نتم مُسْلِمُونَ ”! ‪) .‬أفَغَيْرَ دين الله يَبْعُو نَّ وَلَهُ‬
‫أَسْلمَ مَن في السَّمَاوَات وَالأَرْض طوْعأ وَكَرْهأ ولي يهَرْجَعُونَ»‪ .4‬ليس لي إذن‬
‫فهيذا الفهم إلا دور ربطه بتطور التاريخ الفعلي للفكر الإنساني عامة (وحدة‬

‫الأسلوبين النقلي والعقلي) في بعده الديني رمزا إليه بالكتاب (التأويل) مطبقا على‬
‫الحكم وموضوعه (تأويل التحليل) وبعده الفلسفي رمزا إليه بالحكم (التحليل)‬
‫‪65‬‬
‫مطبقا على الكتاب وموضوعه (تحليل التأويل)”!‪ .‬لكن تاريخ الدينين المسيحي‬
‫بداية الهبوط إلى‬ ‫دفمت‬
‫ق كي‬
‫تالي‪:‬‬
‫والإسلامي يفرض علينا علاج المشكل الت‬
‫حضيض التشبيه على نهاية الصعود إلى أوج التنزيه؟ الجواب عن هذا السؤال‬
‫عسير جدا رغم كونه شرط فهم عودة القرآن إلى إبراهيم ‪-‬عليه السلام‪.-‬‬
‫فعلينا قبل علاجه أن نحلل أمرين لنفهم المنظورين المتقابلين للعلاقة بين‬
‫للتحريفات السابقة وما يسمى بالإصلاح المسيحي‬ ‫اوح‬
‫ليث ه‬
‫صمن ح‬
‫إلام‬
‫الإس‬
‫ك مننسية وغاية هي‬
‫الذي هو عودة المسيحية إلى اليهودية بداية تبدو تحاريلرية‬
‫جوهر التهويد المطلق كما هو جلي من المسيحية الصهيونية‪:‬‬
‫الأول هو جواب هيجل على ما يناظر هذه المسألة وبه نبدأ لما سيتضح من‬
‫العلل‪.‬‬
‫والثاني هو جواب القرآن الذي نؤخره في تحليلنا لعلاقته بالجواب عن‬
‫المشكل الثاني‪.‬‬
‫خرةاض‬
‫م ثم‬
‫لتنتي‬
‫لروتس‬
‫الب‬ ‫اح‬‫لجل‬
‫صر هي‬
‫إعتب‬
‫لقد ا‬
‫ال‪ :‬ف‬
‫الجواب الأو‬
‫الطويل الذي مر بهذا المعنى المسيحي (الذي يعتبره أصل الحداثة أعني اكتشاف‬
‫الذاتية أو مفهوم الإنسان الكلي بتوسط بنوة المسيح لله وموته فداء للإنسانية)‬
‫بالقارنة مع النجاح السريع المستند إلى الإسلام الذي يعتبره عبادة الكلي المجرد‬
‫ويطلق عليه اسم الثورة الشرقية التي تلغي كل تعين فتجعل الإنسان عبدا لله‬
‫بإطلاق‪ .‬ومعنى ذلك أن هيجل يعتبر المسيحية آخر الأديان رغم أنه لا ينكر الدين‬
‫الإسلامي ولا ينفي نبوة محمد بخلاف المفكرين المسيحيين‪ .‬وإذن فالحل الذي‬
‫منفرينحبحلسبتين البلتيهنممرا‪:‬‬
‫لي ص‬
‫اسيح‬
‫يرااهعهيجتلبهوار الدين الم‬
‫ما قبل الإصلاح وما بعده‪.‬‬
‫لأن‬ ‫رة‬
‫كتلك‬
‫فق ل‬
‫لحقي‬
‫اية ت‬
‫والمرحلة الأولى مجرد فكرة ولمرحلة الثان‬
‫الوعي لتصل إلى مرحلة الوعي بالوعي ومن ثم‬ ‫لة‬
‫ح تمر‬
‫ري أن‬
‫بتيةمينبغ‬
‫الذا‬
‫‪75‬‬
‫فحقيقة المسيحية حسب هيجل هي الإصلاح الجرماني الذي قرأ الإنجيل وفهم‬
‫نصه البوناني الذي أول بضوثه كتاب التوراة العبراني‪ :‬وتلك هي العلة العميقة‬
‫للصراع بين الصهيونية والنازية‪ .‬فكلتاهما تقول بالشعب المختار دينيا عند الأولى‬
‫وفلسفيا عند الثانية‪ .‬وهكذا فقد اجتمعت مراحل الهبوط من إطلاق إثبات‬

‫الإنسان إلى حد التأليه إلى إطلاق سلابهلإلتىسحدفيه فأصبح ريشة في مهب‬


‫بحسب الجدل العضواني(داروين) والتاريخاني (ماال بحعدداثة)‪.‬‬ ‫الريح‬
‫الثاني‪ :‬هو ما يمكن أن أستنتجه من القرآن الكريم‪ .‬وهو ذو‬ ‫الجواب‬
‫درجتين‪:‬‬

‫أولاهما هي الأصل وبحسبه فإن الإسلام لا يقبل الترتيب بحسب التوالي‬


‫أنه دين جديد‪ .‬فهو الديني‬ ‫لأينهدلاعي‬ ‫يان‬
‫أندبين‬
‫لم‬‫اين‬
‫الزماني للأديان كد‬
‫في كل دين طبيعيا كان الديني أو منزلا ومن ثم فهو الأول والآخر‪ .‬فالدين عند‬
‫الله حسب القرآن هو الإسلام؛ وهو الفطرة‪ .‬لكن ذلك لا ينبغي أن يستنثج منه‬
‫لجلت أونالي الزماني خال من المعنى عند نسبته إلى الإسلام؛ وتلك هي‬ ‫الامتع‬
‫العلة في وجود الدرجة الثانية من الجواب‪:‬‬
‫فحقيقة الديني في كل الأديان هي ما يذهل عنه الإنسان فيصبح نسيا من‬
‫ثضيناف البيان‪.‬‬ ‫سنتيقت‬
‫انسيا‬‫ال‬
‫وذلك معنى الذكر في القرآن الكريم‪ :‬التذكير بهذه الحقيقة الواحدة‪ .‬وهو‬
‫بذلك متمم لمكارم الأخلاق بمعنى أنه الحائل دون الأخلاق التي تنكص بالبشرية‬
‫إلى الغفلة والنسيان في مجالات القيم الخمس‪ :‬قيم الذوق والرزق والنظر والعمل‬
‫والوجود‪ .‬وهو خاتم بهذا المعنى رغم أن الرسالات تامة في كل مرة ولا تحتاج‬
‫لة متقدمة‬ ‫ا كل‬
‫سة في‬
‫رامن‬
‫إلى استكمال‪ .‬إنها جميعا واحدة من حيث الحقيقة الك‬
‫وهي جوهريا كل ما تضمنته سورة يوسف‪ .‬لكن الرسالتين الأخيرتين قبل‬
‫الختم المحمدي أفسدتا الرسالتين الأوليين بما طرأ عليهما من تحريف حولهما إلى‬
‫‪85‬‬
‫عكسهما ولم ينج من التحريف إلا الرسالة الوسطى أعني رسالة إبراهيم ‪-‬عليه‬
‫السلام‪ -‬لذلك اعتبرها التذكير الخاتم بداية التدبير الحاسم‪ :‬وهي رسالة سؤالها‬
‫الأول والأخير هو سؤال التوحيد‪.‬‬
‫فاليهودية بتحريف رسالة موسى ‪-‬عليه السلام‪ -‬صارت نقيض رسالة‬
‫نوح ‪-‬عليه السلام‪ :-‬الأولى جاءت لتنجي كل الكائنات باستئناف الحياة على‬
‫قيم الرسالة وتحريف الثانية التي من المفروض أن تكون تذكيرا بالأولى جعلها‬
‫رسالة شعب مختار لا ينجي إلا قبيلة ويغرق الحضارة لتأسيس عبادة العجل‬
‫الذهبي فذهب جهد موسى سدى‪.‬‬
‫والمسبحية بتحريف رسالة عيسى‪-‬عليه السلام‪ -‬صارت نقيض رسالة آدم‬
‫الأولى جاءت بتبرئة الحياة العاطفية والجنسية وتحريف الثانية التي‬ ‫‪-‬عليه السلام‪:-‬‬
‫من المفروض أن تكون تذكيرا بالأولى جعلها خطيئة موروثة لتأسيس سلطان‬
‫والنظر والرزق والعمل ومن ثملتحقيق ما حذرت منه الآية‬ ‫وق‬
‫ذلى‬
‫لة ع‬
‫انيس‬
‫الك‬
‫‪0‬ع ممنرآلان‪.‬‬
‫كيف نجيب الآن عن السؤال أعني كيف نفهم تقدم بداية الهبوط‬
‫الوعي‬ ‫ويج‬
‫ضي) ف‬
‫نسلام‬
‫(التحريف المسيحي) على نهاية الصعود (الإصلاح الإ‬
‫الديني بمفهوم التوحيد فنعللها بمقتضى ما يجري في التاريخ الفعلي؟ جوابنا‬
‫في الحقيقة ليس جوابا عن السؤال في صيغته الساذجة لأنه يقتضي قبل ذلك‬
‫مصىسائل عن الحل في قضية الترتيب من خلال اعتراض بين لكل‬
‫بياانلأع‬
‫ذي بصيرة على جواب القرآن بدرجتيه عودة من الأخيرة إلى الأولى‪ .‬وهذا‬
‫ذتايب بنبوة محمد حجتاه الرئيستان‪ .‬فما‬
‫ك حج‬
‫لهوتعينه‬
‫ايه‬
‫الاعتراض بفرع‬
‫الذي يضمن أن يكون التذكير المحمدي أخيرا؟‬
‫أتكون الإنسانية قد أصبخت منزهة عن النسيان فتستغني عن استئناف‬
‫البيان بعد القرآن؟ الرد بوعد الحفظ لا يكفي لأنه لا يقنع به غير المؤمن بالقرآن‬
‫‪98‬‬
‫فلا يكون رد البرهان‪ .‬ومن ثم فلا بد من تحديد الشروط الفعلية التي تمكن‬
‫المسلمين من أداء دورهم في التدافع بين منطق الصعود ومنطق النزول القيميين‬
‫يىن‪.‬‬
‫م عل‬
‫لادة‬
‫الشه‬
‫عق ا‬
‫لتحق‬
‫اى ت‬
‫حت‬

‫وكيف يمكن أن يكون الدين كونيا بالمعنى التوزيعي أي أن يكون لكل‬


‫أمة نبي بلسانها ثم نزعم القرآن موجها للبشرية كلها بل وللإنس والجان لأنه‬
‫عين الحقيقة الدينية الكلية في كل الأديان طبيعيها ومنزلها؟ ومن ثم فلا بد من‬
‫تحديد الشروط الرمزية التي تمكن المسلمين من أدوات التواصل التي لا يكفي‬
‫فيها الخطاب اللغوي؛ لأن اللسان لا يغني عن غيره من سبل البيان التي اعتمد‬
‫عليها القرآن‪.‬‬
‫رد الاعتراضين بالحجة العقلية يجيب عن سؤالنا لأنه يبين طبيعة الحجة‬
‫التي لا جدال فيها‪ .‬فالتذكير الذي لا يدنسى ينبغي أن يكون تذكيرا متواصلا‬
‫في أحداث التاريخ الفعلي ليبقى متواصلا في معانيها ومن ثم فهو تذكير فاعل‬
‫في ساحتي التاريخ البشري أو بعدي الإبداع الحضاري‪ :‬بُعد القوة الرمزية وبعد‬
‫القوة المادية في أصناف القيم الخمس ‪ .‬أما التواصل فدليله قائم ومشهود بالعين‬
‫تخمأسلمنيه‬
‫الدائم مع ممثلي درجات النزول ال‬ ‫اع‬
‫رين‬
‫صهو ع‬
‫ل‪ .‬ف‬
‫اجردة‬
‫الم‬
‫الإنسان في بداية التحريف المسيحي إلى تسفيهه في غاية التحريف المسيحي أو‬
‫المسيحية الصهيونية‪ :‬لذلك فمنذ نزول القرآن إلى اليوم لا يزال التاريخ الكوني‬
‫معركة بين التذ كير المحمدي بمراحل الصعود والفرض الغربي لمراحل النزول وليس‬
‫من‬ ‫صبلت‬
‫ويةالحرو‬
‫تا غا‬
‫ذلك مجرد دعوى بل يكفي النظر في ما يجري حالي‬
‫حروب الفتح والصليب والاسترداد والاستعمار والتحرر‪.‬‬
‫والمعركة لم تحسم بعد لذلك فلا يمكن أن نحكم على نتائجها فنزعم أن‬
‫المسلمين هم المهزومون في مجالات القيم الخمس‪ .‬فهزيمتهم رغم طول عهدها‬

‫‪025‬‬
‫في الظاهر ليست هزيمة بل امتحان وفرصة للاستئناف‪ .‬و عدم حصول الهزيمة‬
‫المزعومة يمثل الدليل الذي لا غبار عليه على صحة الدعوى‪ .‬فلا يمكن نسيان‬
‫لءحعلضىارة الإسلامية‪ .‬لكنها تملك قلب‬ ‫اقضا‬
‫ال‬ ‫ن‬‫و من‬‫دحمدي‬
‫التذكير الم‬
‫العالم وخمس سكانه مع شروعها الفعلي في استئناف دورها الكوني فضلا عن‬
‫كون المسلمين هم شباب العالم بخلاف الحضارة الهرمة التي تحاربهم‪.‬‬
‫وأما علاج المفارقة الناتجة عن خصوصية اللسان وكونية البيان في القرآن‬
‫فذلك هو العلة الحقيقية للبحث في دلالات الحج مدخلا لتحديد دور المسلمين في‬
‫إلا باللسان لبقيت‬ ‫لاغ‬
‫بل‬‫ياب‬
‫مجرد خط‬ ‫لام‬
‫سقي‬
‫إو ب‬
‫ل فل‬
‫امة‪.‬‬
‫الإبداع القيمي عا‬
‫علىرب أو على من يتعلم العربية من بني الإنسان‪ .‬لكن‬
‫لة ع‬
‫اصور‬
‫الرسالة مق‬
‫دعوته حواملها كل حوامل القيم التي يحددها القرآن الكريم للذوق والرزق‬
‫والنظر والعمل والوجود ليس في مستواها الرمزي من حيث هي مثل عليا‬
‫فحسب بل في مستواها الفعلي من حيث هي مشروع سياسي يحقق أمة تكون‬
‫المعلم الحضاري الذي تتعين فيه هذه القيم‪ .‬وبذلك تكون أدوات التبليغ اللسانية‬
‫أقل الأدوات استعمالا ولا يلجأ إليها المسلم إلا إذا أراد لعلمه بالقرآن استكمالا‪.‬‬
‫لكن الضمور الذي أصاب المستوى الرمزي من الإبداع الذوقي والرزقي‬
‫والنظري والعملي والوجودي في الحضارة الإسلامية بسبب معركة الديكة بين‬
‫اينل نعخبلوم النقلية ونخب‬
‫وب‬ ‫رفينا‬
‫صنية‬
‫علما‬
‫النخب الأصلانية والنخب الع‬
‫العلوم العقلية في العصور الوسطى كاد أن يقضي على أدوات التبليغ الكونية‬
‫مييع أن علوم الآيات بمعناها العام (التي تعود إلى‬
‫ج نس‬
‫لية‪.‬‬
‫احمد‬
‫في الرسالة الم‬
‫بمعناها‬ ‫ييهات‬
‫آم ف‬
‫لتكل‬
‫اي ت‬
‫الوجود كله الذي تقيمه أصناف القيم الخمس) الت‬
‫الخاص «(التي هي وحدات نص القرآن الدنيا) والعمل على علم بتلك العلوم‬
‫وعات المقيمة) كانت‬
‫ضحد‬
‫وا أ‬
‫مفسه‬
‫لن‬‫الوم‬
‫ومعاتها (إذ إن الع‬
‫بمحسوبضقي‬
‫تنشدق باللغو المتلفز والمذيع‪.‬‬
‫لع‬‫اغني‬
‫ولا تزال أهم أدوات التبليغ ال‬

‫‪19‬‬
‫وأخيرا فإن التذكير بغاية الصعود ينبغي أن يأني بعد حصول بداية الهبوط‬
‫لمتضمنة لغايته‪ .‬ذلك أنه لا معنى لعلاج مرض لم يحصل‪ .‬فلو لم تمرض البشرية‬
‫نفيى‬
‫غنت‬
‫انها عن العلاج الشافي لكا‬
‫دلها‬
‫جعق‬
‫وب‬‫وبحث‬
‫مرضا يدفع بهإالى ال‬
‫عنه‪ .‬لذلك فإن أصل الوجود يصبح منتظرا أن يجود بالحل المحمود‪ .‬وذلك‬
‫ما حصل بفضل الرسالة الخاتمة التي لا تدعي الإتيان بمضمون جديد بل تذكر‬
‫بالمضمون الواحد في كل الأديان عند تخليصها من التحريف المادي (تغيير دال‬
‫الرسالة) والمعنوي (تغيير مدلول الرسالة)‪ .‬وتذكيرها لا يعتمد على مجرد الدعوة‬
‫سياسي ذو نظام يحقق القيم في وجود الأنام حتى‬ ‫ر هو‬
‫وع‬ ‫ش بل‬
‫مكلام‬
‫الدينية بال‬
‫لياكون التذكير مجرد أحلام‪ .‬إنه قيم حية يتواصى أصحابها بالحق اجتهادا‬
‫في مجال الذوق والرزق والنظر والعمل والوجود ويتواصون بالصبر جهادا‬
‫لمشروع ابن خلدون‬ ‫ماالا‬
‫تتكإل‬
‫اهسليس‬
‫لتحقيقها بالفعل‪ :‬لذلك فمحاولتنا هذ‬
‫وابن تيمية في تحقيق شروط الإصلاح المتواصل أعني المعنى الحقيقي للاجتهاد‬
‫بمعيار التواصي باحق والمعنى الحقيقي للجهاد بمعيار التواصي بالصبر في مؤسسات‬
‫حددنا بعضها في غير موضع ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫© الدلالة النقلية لتغيير القبلة‪:‬‬
‫إذا كانت الدلالة العقلية كما سنرى لاحقا تعتمد على تحديد عوامل التأثير‬
‫التي ننسبها إلى دور المسجد الحرام أعني وحدة الزمان والمكان وفعلي توحيدهما‬
‫أي الربط الجغرافي والربط التاريخي بين شعوب الأمة والتوحيد الشامل للعناصر‬
‫الأربعةفإن الدلالة النقلية ترتبط مباشرة مع مقومات أبدية التذكير الفعلية أعني‬
‫شروط الدفع الإلهي في التقابل بين الصعود والهبوط القيميين رمزيا وفعليا‪ .‬فهي‬

‫تعتمد على معنى التذكير من حيث هو راجع إلى تخليص الدين من تحريفي‬
‫أهل الكتاب خاصة بعد أن اكتمل التوحيد بينهما التوحيد الذي بدأ في ما يمسمى‬
‫بالإصلاح وجاهلية المشركين لتعميم اتصال المطلق بكل البشر وعدم احتكار‬
‫الوحي والحقيقة (لكل أمة رسول بلسانها) ولتوحيد البشرية ( الرسالة الخاقة‬
‫موجهة إلى كل البشر بل وإلى كل المخلوقات»‪ .‬وهذا المعنى حدده الإسلام عندما‬
‫حنريف‬
‫تم‬‫ليص‬
‫اتخل‬
‫أشار إلى القصد من تغيير القبلة‪ .‬كما أشار الإسلام لل‬
‫والجاهلية من حيث هو تجاوز ما يفقد البشرية وحدتها عندما عرف الطاغوت!"‪!0‬‬
‫بممثليه‪ :‬السلطة الروحية المستعبدة للإنسان بالاستحواذ على رزق الله الروحي‬
‫على رزق الله المادي‪.‬‬ ‫حنواذ‬
‫تإنسا‬
‫س لل‬
‫ابدة‬
‫لمستع‬
‫ا ال‬
‫بانية‬
‫والسلطة الزم‬

‫كل من يعتبر بيت المقدس أولى القبلتين لا يقول إلا ظاهرا من الحقيقة‪.‬‬
‫فهي القبلة الأولى في الترتيب الزماني إذا حصرنا تاريخ الإسلام في لحظة الصدر‬
‫الزمانية فصلا له عن التاريخ القرآني للدين بمفهومه المطلق حيث يكون الدين‬
‫عند الله هو الإسلام من بداية التجربة الروحية للإنسانية إلى غايتها‪ .‬لكنها القبلة‬
‫الثانية في ترتيب التاريخ الديني الكوني كما يعرضه القرآن الكريم‪ :‬لوَإِذْ جَعَلنا‬
‫البَيْتَ مَكَابَةُ للنّاس وَآَمْنا وَانَحِدُوا من مّقَام إيْرَاهِيم مُصَلَى وَعَهِدْنَا إلى إبْرَاهِيمَ‬

‫‪35‬‬
‫قبلة أولى إلى قبلة ثانية بل هو عودة من قبلة ثانية إلى قبلة أولى» إنه عودة إلى‬
‫الأصل وامتحان للمسلمين في سعيهم إلى التحرر من التحريف وتحرير البشرية‬
‫منه‪ .‬وبذلك تعود إمامة إبراهيم عليه السلام إمامة للناس وليست مقصورة‬
‫على شعب يزعم نفسه مختارا‪ « :‬أم تقُولونَ إنَ إِبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيل وَإِسْحَاقَ‬
‫وَيَحْقَُوبوَالأسبَاط كانوأ هُوداً وْ نصَائَى قل أأنتم أعلم أم الله وَمَ ننْ أَظلَمُ مِمّن‬
‫البقرة ‪.]041‬‬ ‫كنم شَهَادَةٌ عند مننَ الله وَمَا الله بغافل عَمَا تَحْمَلونَ‬
‫النقلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام تأسيس لقبلة كونية كانتها‬
‫من البداية وهي تعود إليها في الغاية إنها عودة إلى القبلة الكونية الأولى المتقدمة‬
‫‪ .‬على التحريف وامتحان لإرادة التحرر منه عند المسلمين وعند كل البشر‪ .‬لذلك‬
‫أشارت الآية الموالية إلى التحريف بضديده مع المقابلة بين العلم والعمل ما دام‬
‫لتحريف لايدون إلا عملا شريرا على علم من اسحرف إذ مو ديكوت ل اشير‬
‫المادي للنص أو التغيير‪ ,‬التأوييلي لمعناه‪... :‬إ ناّلذِينّ أَوُْوا الكنّابٌ لَيَعْلْمُونَ أنه‬
‫الحق من رَيّهِمْوَمَا الله بعَافل عَم يَحْمَلُونَ)‪[ 4‬لبقرة ‪,]441‬‬

‫يف‪:‬‬ ‫رمن‬ ‫حيص‬‫تتخل‬‫ل ال‬‫اعنى‬‫» م‬


‫والأهم من ذلك كله هو دلالة التحريف العميقة المتجاوزة للتحريف من‬
‫حيث هو حدث تاريخي قام به قوم بعينهم تغييرا لمتن النص أو تأويلا لمعناه‬
‫وشعايرلةم)شاعر ( مكان‬
‫ال‬ ‫فئرع(ال‬ ‫إلى التحريف بمعنى إفساد دلالة ال‬
‫أشعا‬
‫الشعيرة ) الروحية بنقلها من الدلالة الرمزية على مقاصد روحية إلى الدلالة‬
‫المادية للوساطة التي هي علة التحريف والتي تتكرر في كل الملل ما يجعل تحرير‬
‫العقيدة من هذا التحريف بالضرورة منطلق إصلاح كل الانحرافات التي تطرأ‬
‫على العقيدة الخاتمة‪ :‬عبادة الطاغوت أعني الوسطاء عبادته التي يرمز إليها توثين‬
‫الشعائر والمشاعر وسلطان الخرافة أداة الوسطاء الروحيين وسلطان القوة أداة‬
‫الوسطاء الزمانيين‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫وَإِسْمَاعِيلَ أن طَمُرَا بَيْتيّ للطَابَفينَ وَالْعَاكفِينَ وَاليُكُع السّجُودِ)ابنر‪ 421:‬حتى‬
‫وإن لم يذكر مدلول القبلة إلا رمزا بتعيين سيدنا إبراهيم إماما للناس جميعا‬
‫في الآية التي قبلها علما بأن بناء المسجد الحرام المشار إليه في القرآن الكريم‬
‫متقدم على المسجد الأقصى بالإشارة نفسها‪« :‬وإذ ابْتَلى إَْاهِيم َب ِكلِمَاتَ‬
‫عَهْدِي‬ ‫دل‬
‫ي لآ‬
‫َأتَمّمُنّ قاإلني جَاعلكَ داس إمَاماء قال وَمن ذَريّتي‪َ .‬ال‬
‫الظارلين» [البقرة ‪.]421‬‬
‫فهذه الإمامة تقتضي بالضرورة أن يكون المسجد الحرام هو القبلة‬
‫الأول ومن ثم فل القيلة من السسجد الخوام إلى السجد الأقى كان م‬
‫نتارنج التحريف الذي غير دين إبراهيم أو الخنيفية تهويدا لها وحصرا للإمامة في‬
‫ذرية بعينها حصرا رفضه الله صراحة عندما استثننىى في قرآنه الكريم من عهده‬
‫الظالمين فحدد العدل شرطا لها وعممها على العادل من الناس لتعم النبوة كل‬
‫الأقوام وتختم في فرع ذرية إبراهيم الثاني‪ .‬أما القبول بهذه القبلة في بداية الإسلام‬
‫فكان كما حددته آيات القرآن الصريحة لقصد إلهي مضاعف‪ :‬فله هدف عرضي‬
‫هو ديمومة التذكير بهذا التحريف وله هدف جوهري هو امتحان إرادة المسلمين‬
‫خاصة وكل البشر عامة إرادتهم التحرر من التحريف عندما يؤمرون بتغيير‬
‫القبلة فيسمعون *"‬
‫على‬ ‫اردة‬
‫هة دو‬
‫شنسب‬
‫لعد‬
‫اني ب‬
‫فالآية ‪ 341‬من البقرة تبين في جزئها الثا‬
‫الناس إلى المسلمين شهادة الرسول الكريم عليهم أن ما كان في تاريخ الصدر‬
‫أولى القبلتين هو في الحقيقة مجرد امتحان لتحرير الناس من تحريف أهل الكتاب‬
‫تحريفهم الذي ألغى القبلة الإبراهيمية معوضا المسجد الحرام باامسجد الاقصى‬
‫أعني بالقبلة التي أقر ها الإسلام في البداية لجعلها فر صة الامتحان المخلص من‬
‫التحريف‪ : :‬وما جَعَلمَا الِبلَةَ التي كنت عَلَيْمَا إلا نعل مَن يَنَُّ الرَسُولَ مِمّن‬
‫يَنْقلبُ عَلَى عَقَبَيْه ‏‪[ 4.٠‬بقرة ‪ . ]341‬ومن ثم فتغيير القبلة في القرآن ليس نقلة من‬

‫‪49‬‬
‫لذلك أشار القرآن الكريم إلى القصد من القبلة فنفى عنه أن يكون تفضيل‬
‫وجهة بعينها لتكون مستفردة بالتوجه إلى اللّه‪ ( :‬وَلْله اشرق وَاطْغْربُ فَأَيْنَمَا‬
‫تلوأ َنم وَجهُ الله إن الله وَاسِعٌ عَلِيمٌ ‪ 6‬ادير ‪ .]511‬واعتبر القصد تحقيق وحدة‬
‫وجْمَة‬ ‫الحق مِن رَيّكَ مَل تَكودنَ مِن اطْمْثَرينَ‪-‬‬ ‫التوجه بصورة توقيفية‪:‬‬
‫مُوَ مُوَلَيمَا اتقو حيرات أن م تَكُونُوأ أت بكم الله جميعا إن الله عَلَى كل‬
‫ويكون هذا التوحيد بدلالات الوحدة الخمس التي‬ ‫]‪.‬‬
‫‪-8‬‬‫‪1‬رة‪7414‬‬
‫شَيْء قديز » [بق‬
‫نخصص لها مبحث الدلالة العقلية للحج إلى الحرم المكي أعني بحسب مؤثرات‬
‫دور المسجد الحرام‪:‬‬
‫‪ -1‬وحدة مكان الأمة‬
‫‪ 2‬وحدة زمانها‪.‬‬
‫غنرأوافية الأمة‪.‬‬
‫‪ -3‬فعل توحيد الجمكا‬
‫‪ -4‬فعل توحيد الزمان أو تاريخ الأمة‪.‬‬
‫‪5‬ت‪-‬وحيد الأبعاد الأربعة أو الرابطة التي لا تنفصم بين المؤمنين خاصة‬
‫والبشر عامة‪( :‬قَمَنْ يَكْفرْبالطاعُوتٍ وَيُؤْمِ ننْ بالله فَقَدِ اسْنَمْسَكَ بِالحُرْوَةٍ الوُثْقَىَ‬
‫لآ انفصَامٌ لها وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ‪[ 4‬البقرة ‪.]652‬‬
‫فالآية ‪ 771‬من البقرة تنفي أن يكون الدين التام منحصرا في مسألة اختيار‬
‫القبلة وفي الشعائر بل جوهره هو التقيد بمقومات العقيدة وبمقومات الشريعة‬
‫اهاما‬
‫يم ب‬
‫القيام بالفروض الخمسة بشرطي الققيا‬ ‫كاون‬
‫ينص‬
‫لآية‬
‫اللتين حددتهما ال‬
‫يستثني صاحبه من المخسر”!‪ :‬الشرط النظري أو الاجتهاد من حيث هو تواص‬
‫بالحق والشرط لعملي أ الجهاد من حيث هو تواص بالصبر‪ .‬فالآية تنص‪:‬‬
‫لإليْسَ برآ ولوأ وجو مَكم وِبَل اشرق وَاطْغْربٍ [التحديد السلبي!] وَلْكنَّ لبر‬
‫الآخر وائك‪ :‬وَالكتَاب وَالذَبيينَ وَأَتَى امال عَلَى حُيّْهِ َوِي‬ ‫مَنْ أَمّنَ بالله َل‬
‫الْقْبَى وَالِْمَى وَطْسَاكِينَ وَانِنَ اسيل وَالسَائلِينَ في الرَْابٍ وَقَامَ الصَلاة‬
‫‪65‬‬
‫وَأنَى ارك وَاطُوقُونَ بِعَفْدِهِممٌ إذا عَامَدُوأ وَالصَابِرِينَ في اليَاسَاء والضرّاء وَحين‬
‫البأس أُولَّيِكَ الذين صَدَقُوا وَُولَتِكَ همم اطْنّقُونَ [[التحديد الإيجابي] ‪ .4‬وبذلك‬

‫والأخروي من حيث هي جوهر الإسلام‪ .‬فالبر‬ ‫وي‬


‫يبين‬
‫نحدة‬
‫دالو‬
‫ليعة‬
‫ان طب‬
‫تتبي‬
‫هو الجمع بين كونية الدين من حيث هو فقه العبادات وأساسها العقدي (الحكمة‬
‫النظرية التي تؤسسها) والدين من حيث هو فقه المعاملات وأساسها الشرعي‪:‬‬
‫*لكن جوهر فقه العبادات (الحكمة العملية التي تؤسسها) ليس مقصورا‬
‫على الفقه بمعناه الاصطلاحي الذي هو فرض كفاية بل هو الفقه الذي يكون‬
‫فرض عين من حيث هو التواصي بالحق في النظر لفهم ققييممةة الحياة بإدراك الرزق‬
‫الأتم‪ :‬الله عز وجل إلها‬ ‫صندعلرىهما‬
‫مالي‬
‫الروحي أعني الجمال والجلال الد‬

‫*وجوهر فقه المعاملات ليس مقصورا على الفقه بمعناه الاصطلاحي الذي‬
‫هو فرض كفاية بل هو الفقه الذي يكون فرض عين من حيث هو التواصي‬
‫بالصبر في العمل لفهم قيمة الحياة بإدراك الرزق المادي أعني الستر‪ .‬والقيام‪« :‬إإنَّ‬
‫لَك ألا تَجُوعَ فيما ولا تَغْرَى»اط‪ ]811.‬أو‪:‬ط‪«. .‬أمْوَالَكُمُ التي جَعَلَ الله لكُمْ قياماه‬
‫ربا للعباد‪.‬‬ ‫جزل‬
‫وه ع‬
‫الأتم‪ :‬الل‬ ‫رىهما‬
‫دعل‬‫صين‬
‫مدال‬
‫انساء ‪ ]5‬ال‬
‫وبذلك يتضح أن القرآن استراتيجية توحيد بمعيار الأخوة الإنسانية‬
‫وشروطها‪ :‬التكافل والعدل الاجتماعيان والاجتهاد والجهاد من أجل تحقيق‬
‫شروطهما جزءا ليانجرأ من البر الذي يجمع بين البعدين الدنيوي والأخروي‬
‫أاولفقمهعاملات وفقه العبادات ثمرة شرعية لا تكون من دون علوم العمل‬
‫والتاريخ وتطبيقاتها لصحة العقيدة التي لا تكون من دون علوم النظر والطبيعة‬
‫وتطبيقاتها لصّحة الخلافة في استعمار الأرض‪ .‬وهكذا فإنه يمكن القول إن القرآن‬
‫الكريم قد حدد في سورة البقرة معنى تغيير القبلة على مستويين‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫فيكون تأسيس السلطان الروحاني علته تحالف بين الطاغوت الرمزي‬
‫ايل الرزق الروحي‬ ‫جة ف‬ ‫لامبيمنتخلف وال‬
‫مخليف‬ ‫الذي يريد أن يكون وس‬
‫ايط‬
‫(تحريف الدين) من أجل مساندة الطاغوت المادي الذي يريد أن يكون وسيطا بين‬
‫الرزق المادي (تحريف السياسة)‪ .‬وبلغة شيخ الإسلام‬ ‫ايل‬
‫جة ف‬
‫مخليف‬
‫المستخلف وال‬
‫ابن تيمية والعلامة ابن خلدون يمكن القول ‪ :‬إن العلماء أو القسم الأول من أولي‬
‫الأمر عندما ينحرفون عن شرع الله وسنة رسوله يفسدون مفهوم الألوهية وإن‬
‫الأمراء أو القسم الثاني منهم في الظرف نفسه يفسدون مفهوم الربوبية‪.‬‬

‫»الدلالة العقلية لدور المسجد الحرام دوره التوحيدي‪:‬‬


‫كيف نحلل عقليا دلالة الدور الذي يؤديه المسجد الحرام في توحيد وعي‬
‫المسلمين وثقافتهم توحيدا حيا في مجالي الدين والدنيا مرحلة إعدادية لتوحيد‬
‫في التنوع الحضاري تصديقا لآبة التعارف بين‬
‫نياا لا‬
‫يلق‬
‫البشرية توحيدا روحيا وخ‬
‫القبائل والشعوب البشرية؟ لا بد في البدء أن نرجع هذا الدور إلى عناصره المؤثرة‬
‫عناصره التي نجدها في علاقة الحرم كما تتعين في لحظة التأثير حال بروزها للعيان‬
‫أعني في أيام الحج دون أن نركز على خاصيات التأثير المتعالية على التحليل‬
‫العقلي‪ .‬فتلك الخاصيات هي مبحث الدلالة النقلية‪ .‬والمعلوم أن لحظة التأثير‬
‫البارزة للعيان أيام الحج المعدودات ذات دائرتين‪:‬‬
‫الحاضر منهم في حيز الحج‬ ‫مين‬
‫ل من‬
‫ساضر‬
‫مالح‬
‫لفي‬
‫ااشر‬
‫دائرة التأثير المب‬
‫حيث يكون التأثير فعليا ومباشرا لما فيه من العيش المباشر للمعالم التي جرت‬
‫فيها أحداث الإسلام الأولى‪.‬‬
‫ارهم‬ ‫أذيننظتشد‬
‫ودائرة التأثير غير المباشر في كل مسلمي بلاد الإسلام ال‬
‫للقبلة في الوقت نفسه حيث يتحد الزمان والمكان الإسلاميان في لحظة مناسك‬
‫احج المتحيزة في الحرمين ومن ثم فيوحدة الزمان والمكان وخاصة بفضل ما‬
‫صار مكنا بوسائل الاتصال الحديثة‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫المستوى الأول‪:‬‬
‫هو مستوى صلته بالتحريف من حيث هو حدث عيني حصل في التاريخ‬
‫ومعناه بالنسبة إلى تحريف الأديان المنزلة من‬ ‫اب‬
‫تر نص‬
‫كتغبي‬
‫ل فيه‬
‫اني تم‬
‫الدي‬
‫أجل تأسيس سلطان الطاغوت الروحي‪ .‬وقد حددت سورة آل عمران دوافع‬
‫هذا التأسيس بصورة مفصلة‪ .‬لكننا نجد آية ضمن آيات تغيير القبلة تشير إلى هذه‬
‫الدوافع‪« :‬إنّ الذين يَكتُمُونَ ما أنرل الله مِنَ الكِتَاب َتشتون بو نم فبيز‬
‫أُولَيِكَ مَا يَأَكُلُونَ في بُطوذهمُ ا درولا يُكلَمُهُمْ الله يَوْمَالْقيَامَة وَل ير‬
‫وأهز عَذْابُ أليز» البقرة ‪.]471‬‬
‫ويمكن القول إن لهذا المعنى نظيرا في الأديان الطبيعية أشارت إليه الآية‬
‫‪ 0‬من البقرة رغم أن السلطة الروحية الناتجة عن تحريف الأديان الطبيعية‬
‫والحائلة دون طلب الحق سلطة محرفة؛ بمعنى آخر هو أقرب إلى سلطان التقاليد‬
‫منه إلى سلطان المؤسسات إذ يمثلها عبادة الآباء والتقاليد كما هو الشأن في كل‬
‫المجتمعات البدائية‪< :‬وَإدًا قِيل لمم اذَبعُوا ما نَل الله قالوا بَلَ تَتَبحُ مَا ألْقَيْنا‬
‫عَلَيْهِ آبََنَا أوَلوْ كان آبَاوْهُمْ لآ يَعْقلونَ *شَيْتا ولا يَعْتَدُونَ) ابتر‪.)071:‬‬
‫المستوى الثاني‪:‬‬
‫هو مستوى ما وراء ذينك التحريفين من دوافع‪ .‬فتأسيس السلطان الروحي‬
‫يكون إما بتحريف الكتاب في الأديان المنزلة وهو تأسيس الطاغوت الروحاني‬
‫دييان الطبيعية‬
‫اأخللاأق ف‬
‫الذي ينتهي إلى عبادة الوسطاء‪ .‬أو يكون بتحريف ال‬
‫وهو تأسيس الطاغوت الزماني الذي ينتهي إلى عبادة التقاليد‪ .‬وكلاهما ليس‬
‫حدثا مقصورا على انحراف عرضي بل هو خطة يستعملها المحرفون لتحقيق‬
‫مصالح أشار إليها القرآن الكريم في آل عمران بالثمن البخس أو الثمن القليل‬
‫الذي يسعون إليه‪ .‬إنه قلب العلاقة بين القيم قلبا يجعل الدين مطية الدنيا بدل‬
‫العكس‪ :‬عبادة العجل الذهبي وأمه البقرة رمز الدنيا‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وحدة الظرف الزماني ووحدة الظرف المكاني‬ ‫ن‬
‫ذهي‬
‫إثرة‬
‫فالعناصر المؤ‬
‫ولحيد الازملانيت (حيز الحضاري‬ ‫دل التأثير المباشر واوحلدةت فع‬
‫بينا) في‬
‫تحيز‬
‫(ال‬
‫في الزمان أو التاريخ الإسلامي) ووحدة فعل التوحيد المكاني (التحيز الحضاري‬
‫في المكان أو الجغرافيا الإسلامية) لتبادل التأثير غير المباشر للقاء بين الثقافات في‬
‫حعليد الجامع لها أربعتها (العقيدة التي أولت للحيزين‬ ‫ول ف‬‫تبفض‬ ‫لتمل‬
‫ا يك‬‫لقاء‬
‫تلك المنزلة فدفعت للتحيزين من حيث هما نموذج وجهة الأمة) الفعل الجامع‬
‫لكونه أصل الوحدتين المباشرة وغير المباشرة‪ :‬الوحدة الروحية للأخوة البشرية‬
‫بعنوان الاستخلاف والشهادة‪.‬‬
‫وإذا كانت وحدة الظرف المكانى بينة فإن وحدة الظرف الزماني تستحق‬
‫التنويه لأن الحج هو المشعر الوحيد الذي لا خلاف بين المسلمين في تحديد‬
‫زمانه مهما تعددت البلدان والمرجعيات بخلاف المشاعر الأخرى التي يكون‬
‫فيها اختلاف الزمان مطلوبا‪ .‬فكل الفروض الإسلامية الأخرى مطلوب فيها‬
‫التعدد الزماني‪ .‬فلحظة دخول المرء للإسلام نطقا بالشهادتين*"!؛ وتحديد مواقيت‬
‫الصلاة بحسب حركة الشمس"! وبدء الصوم وختمه بحسب حركة الهلال"'‬
‫وحسبان النصاب من أجل إخراج الزكاة بحسب تحديد الحول”! كل هذه‬
‫المواقيت تحديدها مختلف بالطبع وكلها مطلوب فيها الحفاظ على التعدد في‬
‫مات‬
‫قاوفي‬
‫مرهم‬
‫دو‬ ‫ث‬
‫يمن‬
‫حكان‬
‫وعي المسلمين بالنسبية في علاقة الزمان بالم‬
‫حياة الجماعة الدنيوية والأخروية وحتى يكون المشعر حيا آناء الليل وأطراف‬
‫النهار في كل المعمور من الكون‪.‬‬
‫هو‬ ‫حعريمنث‬
‫لكن الحج هو الفرض الوحيد الذي يجمع بين بعدي المش‬
‫فعل شخصي وفعل جمعي مطلق والذي يتميز بكونه زمانه ومكانه لا يختلف‬
‫مسلمان على تحديدهما الموضوعى”'! مهما كان بلده أو مذهبه وهو تحديد لا‬
‫يقتصر على أبعاد الزمان الفلكى الغلاثة ولا على أبعاد المكان الفيزيائى الثلاثة‬
‫بل يتعداهما إلى ما يتعالى عليهما من خلال ربط المشعر الدنيا بالآخرة ووصله‬
‫الزائل بالباقي‪.‬‬
‫‪001‬‬
‫فما هي دلالة الوحدة المكانية من حيث هي رمز لتوحيد دار الإسلام‬
‫المنظم لظرف المكان في حياة الأمة؟ أليست طلب المركز المكاني أو مركز الأنظار‬
‫الجماعية والقلب النابض لوحدة الكبان السياسي المكانية أي لجحغرافية الأمة؟‬
‫ومدال هيالة الوحدة الزمانية من حيث هي رمز لتوحيد الإسلام المنظم لظرف‬
‫الزمان في حياة الأمة؟ أليست طلب المركز الزماني أو مركز الأذكار الجماعية‬
‫والقلب النابض لوحدة الكيان الحضاري الزمانية أي لتاريخ الأمة؟ الجواب‬
‫ينن السؤالين يحدد عوامل التأثير التي ننسبها إلى دور المسجد‬ ‫ذي ع‬
‫هيجاب‬
‫الإ‬
‫فنمثمسرح التأسيس‬ ‫الحرام في حياة المسلمين عندما يتكثف في لحظة الحج‪ :‬وم‬
‫يصبح ركحا كونيا يساتعلادت فيأهسيس ببعديه الدنيوي والأخروي ليس في شكل‬
‫تذ كير بالأفعال الحية التي تفوت بمجرد حصولها بل لا بد من جعلها مصحوبة ما‬
‫يخلدها من الأفعال الإبداعية التي يمكن أن نطلق عليها اسم المنافع الرمزية لموسم‬
‫الحج ‪.‬‬
‫خل‬
‫لد من‬
‫خفيح‬ ‫ولعل ذلك سيكون أداة وصل وثمتين للوجدان الج‬
‫تمعي‬
‫الوحدة المباشرة وغير المباشرة في غير لحظة الحج‪ .‬ذلك أن القبلة تحقق دون شك‬
‫عة‬‫ااة‬
‫م صل‬
‫جلال‬
‫ل خ‬
‫امعي‬
‫وفي الوعي الج‬ ‫اة‬
‫لكل‬
‫صال‬
‫فايلوعي الفردي خل‬
‫على الأقل من حيث الواجب صورة ذاتية مما يتحقق في هذه اللحظة التكثيفية‬
‫للوحدتين الزمانية والمكانية الدالتين على وحدة تاريخ حضارة الإسلام ووحدة‬

‫جغرافية دار الإسلام وحدتهما الذانية في نفوس المؤمنين فتحتاج إلى التدعيم‬
‫الفنية التي تغذي الحياة الجمعية‪.‬‬ ‫أيعفيمال‬
‫لضوع‬
‫امو‬
‫ال‬
‫والمعلوم أن الوحدة الذاتية في نفوس الأشخاص ليست ملتفتة إلى الداخل‬
‫فحسب وإلا لكانت مقصورة على أبعاد الوجود الشخصي ولبقيت مجردة فلا‬
‫تتعين إلا لحظة الحج فلا تكون منطلقا لتوحيد الأمة أولا والبشرية ثانيا من حيث‬
‫القيم حتى يكون الدين عند الله الإسلام في الواقع وليس في الواجب فحسب‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫إنها‬ ‫قةة‪.‬‬
‫غستلمل‬
‫متهنلي‬
‫فالإسلام ليس ملة نُضاف إلى الملل الأخرى‪ .‬ومل‬
‫له عز‬
‫ل من‬
‫ااية‬
‫هايلصدر المفتوح لقبول الناس جميعا بمحض اختيارهم هد‬
‫وعلا‪ .‬فمن دون ذلك لا تكون رسالة الأمة الشهادة على الناس بل تتحول‬
‫إلى وهم يشبه عقيدة الشعب المختار فلا نقطع مع تحريف أهل الكتاب‬
‫وتحريف الجاهلية‪ :‬وتلك هي كونية الرسالة الخاتمة التي تجعلها بالطبع مصب‬
‫جام الغضب من أصحاب الكونيات الزائفة وآخرتها العولمة الحالية التي جعلت‬
‫الاسلام حضارة ودارا بؤرة لحربها العالمية الرابعة المزعومة‪.‬‬
‫لكن الفهم العميق لهذا المآل اقتضى ألا نكتفي بالدلالة العقلية لدور‬
‫المسجد الحرام من خلال تحليل دور وحدة المكان والزمان وتوحيديهما‬
‫وتوحيد المؤثرات الأربعة بل كان لا بد أن نقدم عليه البحث في المنزلة التي‬
‫حددها نقل القبلة والعودة بها إلى أصلها لنعلم علاقة ذلك بالتحريف في‬
‫الأديان الكتابية (وشكله الحالي هو الصهيونية والمسبحية المتصهينة) والجاهلية‬
‫علهومانية واللبرالية المتعلمنة)؛ التحريف والجاهلية اللذان‬
‫للي‬
‫احا‬
‫(وشكلها ال‬
‫تاعدلالرعوألمسةمالية شكلهما الأخير‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫المسألة الثانية ‪:‬‬
‫السياسة أوالسنة المحمدية‪ :‬مقوماتها الصورية‬

‫من البين بنفسه أن تحديد مقومات السياسة يعد من أهم عناصر‬


‫الاستراتيجية لأن نسبتها إليها هي نسبة ما تقتضيه إجراءات إنجازها إلى ما‬
‫يقتضيه منطق تصورها‪ .‬لذلك فمقومات السياسة الصورية مثلها مثل مقومات‬
‫الاستراتيجية ينبغي أن نستمدها من القرآن الذي يحدد مواصفات السياسة‬
‫النموذجية لتحقيقها‪ :‬ذلك هو المقصود من هذه المقدمة الأخيرة التي تطلب‬
‫السابقة منطق التصور‪ .‬وينبغي أن نبدأ‬ ‫دتمة‬
‫مماقطلب‬
‫لز ك‬
‫انجا‬
‫إجراءات الإ‬
‫رلىين‪:‬‬
‫أشيمر إ‬
‫فن‬
‫أحدهما تاريخي‪.‬‬
‫والثاني تصوري بصورة عامة ودون الكلام في العلاقة بين القرآن‬
‫والسئة‪.‬‬
‫فتاريخيًا يكاد العرض الرسمي للتاريخ السياسي في المرحلة النبوية‬
‫والراشدية يحولهما إلى سلسلة من الأفعال المرتجلة التي لا يسندها فكر سياسي‬
‫نظري ولا خطط عملية ذات استراتيجية قصدية‪ .‬ويأقفصىس مراونها به هو‬
‫نظرية العبقريات أو المعجزات أو حتى الصدف‪ .‬فلا يمكن بمثل هذه النظرة أن‬
‫نفهم الممارسة التي حدثت ولم كانت كما كانت وبالتحديد لم نمجحتء لأن‬
‫التوفيق الإلهي كما يحدده القرآن الكريم يقتضي السعي والعمل بالسنن الكونية‪.‬‬
‫ودون ذلك يكون ما ورد في القرآن ببخصوص الإجراءات التي يقتضيها تحقيق‬
‫الرسالة أمرا فاقدا لكل معنى‪ .‬ولو صح وصف عمر بن المخطاب ‪-‬رضي الله‬
‫‪301‬‬
‫عنه‪ -‬تمن يتصور نفسه مادحا إياه بأنه مجرد شيخ قبيلة في الجاهلية لكأن الإسلام‬
‫لم يغير شيئا‪ :‬ينام في الصحراء مطمئن البال لأنه عادل وليس رجلا على وعي‬
‫تام بأنه على رأس دولة ذات رسالة كونية يواصل إنجاز استراتيجية أسست أكبر‬
‫أمة عرفها التاريخ فضلا عن كونها بذرة لوحدة الإنسانية‪.‬‬
‫لكأن أمير المؤمنين لم يكن قائد أمة جيشها شرع في فتح الإمبراطوريتين‬
‫اللتين تحتلان أرض العرب قبل الانتقال إلى فتح العالم‪ .‬فنتساءل عندئذ كيف‬
‫يكون عمر الرجل الذي حقق الفعلين الرمزيين المؤسسين لتاريخ الأمة» لو‬
‫لم يكن ذا فكر نظري بعيد الغور يعلم دور الرموز في تأسيس الأثم كم هو‬
‫أساسى‪ :‬بداية ضبط الزمان بتحديد بداية التاريخ بأهم فعل رسولي «الهجرة)‬
‫وبداية ضبط المكان بتحديد أهم توصية قرآنية (الديوان لكتابة كل شيء) ومن‬
‫ثم تحديد مقومات الوجود الفعلي لقاعدة الشريعة أعني الدولة؟ وكيف شرعت‬
‫جيوش الأمة فعيهده في تحقيق شروط الانتصار على الإمبراطوريتين اللتين كانتا‬
‫تستعمران طرفي قلب الإسلام رغم قلة الإمكانات وحداثة التكوين؟ ولم اغتاله‬
‫شخص ينتسب إلى أعتى هاتين الإمبراطوريتين غدرا وتعصبا؟‬
‫فهو من اختار رمز بداية التاريخ الاءنساني فوق الزمان الطبيعي‪ .‬وما كان‬
‫ليفعل لو لم يكن يعلم أن الزمان الفلكي لا معنى له حضاريا وأن الأم تصبح‬
‫ذات تاريخ عندما تنظمه برموز ذات دلالة خاصة بها‪ .‬ومن علامات فساد الوعي‬
‫الإسلامي الحالي أن الأنظمة القومية وخاصة العربية والفارسية والتركية عادت‬
‫إلى تسميات جاهلية لعناصر الزمان وإلى رموز جاهلية للدلالة التاريخية‪ .‬فأسماء‬
‫الشهور والأعياد وحتى بدايات التأريخ صارت مختلفة بين المسلمين‪ .‬والتقويم‬
‫الغالب صار التقويم الميلادي‪.‬‬

‫وهو من أسس رمز بداية الجغرافيا الاإنسانية فوق الجغرافيا الطبيعية‬


‫بتأسيس الديوان‪ .‬وما كان ليفعل لو لم يكن يدري أن المكان الطبيعي لا معنى‬

‫‪401‬‬
‫له وأن الدولة من حيث هي كيان عقلي ورمزي لا تتعين إلا بفضل جهاز تمتد‬
‫شجونه في الأرض الخاضعة لسيادتها وتلك هي الجغرافيا السياسية فوق الطبيعية‬
‫فضلا عن قيادة اإلحمرببرضادطوريتين لتحرير أطراف الجزيرة بأتمةزماال‬
‫غضة لأنها قريبة العهد من داحس والغبراء فضلا عن حرب الردة؟ ومن علامات‬
‫فساد الوعي الإسلامي الحالي الحواجز بين الأقطار الإسلامية في حركة البشر‬
‫والبضائع وتعدد الأنظمة التي وظيفتها التوحيد أعني الموازين والمقاييس وخاصة‬
‫العملة التي هي جماع الحد الأوسط بين كل الحدود في المعاملات البشرية‪.‬‬
‫وتصوريًا يكاد العرض التاريخي لهذه اللحظة المؤسسة من حضارتنا أن‬
‫يغفل أمرا هو في السياسة نظير الصمت ف الموسيقى أعني‪ :‬الترك المؤسس قياسا‬
‫على الفعل المؤسس ‪ .‬فترك ما لا يمكن أن يكون تركه لغفلة يكون أحيانا أهم من‬
‫الفعل دلالة على فلسفة الفكر السياسي عند من يحلله مفترضا أن عدم فعل ما‬
‫كان منتظرا فعله هو بدوره عملا سياسيا قد يكون أخطر من الفعل‪ .‬فعدم تعيين‬
‫الرسول خليفة على المسلمين مثلا يمكن أن يعد أهم حدث سياسي في تاريخ‬
‫الأمة‪ :‬لا يمكن للرسول أن يكون قد غفل عن أمر لم تخل منه أفعاله كلها من‬
‫وجب منها‬ ‫لىمحتى‬‫اأخر‬
‫ال السياسية ال‬ ‫عكل‬ ‫فمن‬‫أأهم‬ ‫لإنه‬‫اية‪.‬‬
‫البداية إلى الغا‬
‫ديد السياسي المؤسس ذو الدلالة التاريخية‪:‬‬ ‫حيث‬‫تن ح‬
‫لة م‬‫اسأل‬
‫عند النظر إلى الم‬
‫بداية التفرع من الحقبة الراشدة بعد توقف الوحي لأن أصلها كان ومعه الوحي‪.‬‬
‫فرغم ما قد يذهب فيه البعض أغرب المذاهب إلى حد تفسير الفتنة‬
‫الكبرى به فإنه قد كان أفضل طريقة لتحقيق صفة الرشد الإنساني المستغني عن‬
‫الإنسانى الخالص وليس بالتعيين أو بالوصية‪:‬‬ ‫هاد‬
‫تلا‬
‫ج فع‬
‫اصل‬
‫ايةلفتح‬
‫بوصا‬
‫ال‬
‫فمن دون هذا القطع القصدي مع رشد السلطة المعصومة لا يكون الرشد الإنساني‬
‫صفة ذاتية واجتهادية للأمة بل ييقى محتاجا إلى تدخل الوحي في تسيير الشأن‬
‫الإنساني ‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫والمعلوم أنه لا شيء يضمن أن يكون تعيين الخليفة لو حصل كافيا‬
‫ارسلولأمفنعال بل‬
‫تنعنة إذ إن أسبابها لا تعود إلى ما تركه ال‬
‫ف لم‬
‫لورة‬
‫الضر‬
‫با‬
‫إلى ما تركته الأمة جما لم يتركه الله ورسوله من الأحكام بالأقوال والأفعال”'!‪:‬‬
‫والتخلي عن الاستراتيجية القرآنية والسنن المحمدية رغم وجودهما يثبت ذلك‪.‬‬
‫وقد يجد الكثير بعض الغلو في تقديمنا ما يتصورونه من الصدف التاريخية تقديما‬
‫لها عنينتظام التاريخي الدال على العناية الإلهية بهذه الأمة لأنها حاملة‬
‫اعل‬
‫يج‬
‫رسالته الخائمة للإنسانية قاطبة‪ .‬فنحن نزعم أن الحقبة النموذجية لتحقيق الأمة‬
‫البذرة لم تكن مخمسة بالصدفة‪ :‬فأصلها كان الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫وفروعها الخلفاء الأربعة وكل واحد منهم كان رمزا لأحد أركان الإسلام الخمسة‬
‫دها رمز له‪.‬‬
‫ح أن‬
‫مثألما‬
‫وكما هو معلوم فالرسول هو الشاهد علينا ومن ثم فهو نظير الركن‬
‫الأول أو الشهادة التي تترتب عليها الأركان الأربعة الباقية كما بينا في المقدمة‬
‫السابقة‪ .‬وكلاهما رمز للآخر‪ :‬الرسول رمز الشهادة والشهادة رمزه‪.‬‬
‫وأبو بكر الصديق ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬استخلفه الرسول في الصلاة وإذن‬
‫فهي رمز خلافته وهو رمزها رغنم أن معركته الأساسية دارت حول تركيز ركن‬
‫الزكاة في سياسة الدولة الإسلامية‪ .‬وما من أحد يجهل التلازم بين هذين الركنين‬
‫‪-‬‬ ‫اغوت‬
‫اتحلررطمن‬
‫فايلقرآن الكربم لأن الأولى رمز الإيمان والثانية رمز ال‬
‫أعني أقوى الطواغيت ‪ -‬الذي هو سلطان المال على صاحبه‪.‬‬
‫وعُمر‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عرف بالعدل والصرامة وهما شرطا التصرف‬
‫فميال المسلمين وإذن فرمز خلافته الزكاة خاصة والسياسة الاقتصادية عامة‬
‫تحين لثلا‬ ‫الى‬‫فع‬‫لوحة‬
‫امفت‬
‫وكما هو معلوم فهو الذي منع توزيع الأراضي ال‬
‫تحرم الأجيال المقبلة رغم أن اجتهاده الأساسي كان حول القانون الجنائي أو‬
‫تطبيق الحدود وتأسيس ركني الدولة المادي (تنظيم المكان بالديوان الإسلامي)‬
‫والرمزي (وتنظيم الزمان بالتقويم الهعجري)‪.‬‬
‫‪601‬‬
‫وعثمان ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عرف بالعلم والورع فهو جامع القرآن أساس‬
‫وحدة الأمة الروحية جمعا توخى فيه شرط المعرفة العلمية وجوهر المعايبر العلمية‪:‬‬
‫تكوين لجنة خبراء لأن معيار ال حقيقة العلمية ليس هو شيئا آخر غير إجماع العلماء‪.‬‬
‫واحقيقة العلمية اللقصودة هنا لا تتعلق بمضمون النص بل بكون النص نزل حقا‬
‫ونزل على تلك الصورة وهي إذن حقيقة الواقعة لا حقيقة معناها‪ .‬وإذن فرمزه‬
‫الصوم وهو رمز الصيام والمعلوم أن شهر رمضان هو شهر نزول القرآن رغم أن‬
‫معركة الخليفة الثالث الأساسية كانت جمع القرآن وتوحيد نسخه‪.‬‬
‫أما علي‪-‬رضي الله عنه وكرم وجهه‪ -‬فرمزه هو الحج أعني جوهر‬
‫العلاقة بين الدين والدنيا عامة‪ .‬ولعل معركته الأساسية هي اكتشاف الإشكال‬
‫يديانسة‪ .‬ولما كان ذلك من‬ ‫س ال‬
‫اةلبين‬
‫ولاق‬
‫الجوهري في الملة أعني إشكال الع‬
‫أعسر المهمات في التاريخ الإنساني إلا بتوفيق من الله ‪ -‬لذلك اعتبر ابن خلدون‬
‫أن الدعوة من غير عصبية لا تتم حتى في البعثة مستندا إلى الأثر‪« :‬ما بعث الله‬
‫رسولا إلا في منعة من قومه)‪ -‬فإن القصد لم يتحقق‪ .‬فانت تهت بنهاية خلافته‬
‫الخلافة الراشدة‪.!!0‬‬
‫وهذا الترامز المتبادل بين الأركان ولحظات المرحلة التأسيسية في المجال‬
‫السياسي من العلامات الحاسمة على علاقة صلة الدين بالسياسة وعلى‬
‫علاقة الأر كان الخمسة بعناصر النموذج المحمدي الخمسة أعني سياسة تطبيق‬
‫الاستراتيجية القرآنية في‪:‬‬
‫مجال الرزق‪.‬‬
‫ومجال السلطان عليه‪.‬‬
‫ومجال الذوق‪.‬‬
‫ومجال السلطان عليه‪.‬‬
‫ومجال السلطان المتعالي عليها جميعا أو الاستجابة إلى الرب كما في الآية‬

‫‪701‬‬
‫ولم تحسم الفتنة التي بدأت مباشرة بعد وفاة الرسول لأن الفروع الأربعة‬
‫لا ينفصل بعضها عن البعض إلا بفضل استعصاء الفتن المتوالية على العلاج وهي‬
‫ستعود إلى الاتصال بعد أن أدركنا سر الانفصال بفضل تجارب الأمة فبات تجاوز‬
‫أسباب الفتن ممكنا‪.‬‬
‫غةتعليىالات ثلاثة‬
‫اال‬
‫ولعل اغتيال الخلفاء الثلاثة الأواخر مانلرموز الد‬
‫‪00‬‬ ‫أصابت أركان الدولة الإسلامية‪:‬‬
‫اغتيال رمز العدل في المال أعني الفاروق‬
‫واغتيال رمز الورع في العلم أعني عثمان‬
‫واغتيال رمز الدين في السياسة أعني علي‪.‬‬
‫واغتيال هذه الرموز هو علامة النقلة من الخلافة إلى الملك القمضوض لأن‬
‫كونها صارت ملكا وكون الملك صار عضوضا ليس شيئا آخر غير فقدان هذه‬
‫الأركان الثلاثة‪ :‬العدل الاقتصادي والورع العلمي وتعالي الدين على السياسة‪.‬‬
‫فإذا فسدت سياسة المال وسياسة العلم وعلاقة الدين بالسياسة‪-‬خاصة إذا كانا بما‬
‫هما عليه من صلة متينة كما هي حالهما في الإسلام‪ -.‬حصل في الدولة ما عرفه‬
‫تاريخ الأمة السياسي أعني مربط الفرس في أزمتها الحالية» ومن ثم بداية كل‬
‫توحريف الذي يقصه القرآن الكريم في كلامه عن‬ ‫إصلاح حقيقي‪ :‬واهذلا ه‬
‫التجربة الروحية الإنسانية وهو انتقل من الحديث إلى الحدث في تاريخ الأمة‬
‫الفعلي حتى ترى بالممارسة معنى التحريف كما أشرنا‪.‬‬
‫فقد أصبح الأمر كله دنيويا كما ترمز إلى ذلك الحرب الأولى أو حرب‬
‫الردة التي كان قصد أبي بكر فيها الحيلولة دون عودة الجاهلية التي أرادها معطلو‬
‫اخللقيسعليىاسة الاقتصادية‪ .‬الدولة‬ ‫فرض الزكاة التي هي شرط السلطان ال‬
‫الإسلامية بعد الخلفاء الراشدين دولة ارتد وجهها السياسي بهذه الاغتيالات‬
‫لرموز القيم القرآنية أعني العدل (عمر) والعلم (عثمان) والعلاقة السوية بين‬

‫‪801‬‬
‫الدين والسياسة (علي) فانقلبت إلى أضدادها تماما أيا كان المذهب الرسمي سنيا‬
‫أو شيعيا أو خارجيا أو معتزليًا بمعنى أن رمزها صار نقيض ذاته‪:‬‬
‫فالعدل العمري عوضه الظلم والمال الحرام‬
‫والأمانة العثمانية في القرآن عوضها الجهل والعلم الفاسد‬
‫ومحاولة علي التوفيق بين الديني والسياسي تحولت إلى التحريف‬
‫ليسفيياسي بالنفاق الديني ومن ثم‬ ‫الشيعي الذي يؤسس لاستبداد الحق الاإله‬
‫قاللبإسلام رأسا على عقب للعودة إلى الطاغوت المضاعف رمزا إليه بعلاقة‬
‫فرعون بهامان‪.‬‬
‫ية‬
‫سية‬
‫ا بئ‬
‫سظلت‬
‫أها‬
‫انألىأعدنواء‪ ,‬لأن‬
‫لكن الأمة بقيت ولله الحمد بم‬
‫لم يفسد منها الجوهر الروحي للإسلام والمسلمين‪ .‬وذلك ما يرمز إليه عدم‬
‫إلى‬ ‫هب‬
‫ذأن‬
‫نكن‬
‫اغتيال رمزي الشهادة والصلاة أي الرسول وأبي بكر‪ .‬ويم‬
‫أكثر من ذلك فنزعم أن الحقبة الثانية من تاريخ الإسلام بعد عهد الرسول‬
‫والخلافة الراشدة هي النقيض التام للحقبة النموذج‪ .‬فما حصل بين نهاية الخلاقة‬
‫تبلها‬ ‫يث ق‬‫ا حد‬
‫بلقدلما‬‫الراشدة ومثال لحظة الاستئناف الحالية هو النقيض المط‬
‫ينة الخلافة الراشدة وبداية الاستئناف‬ ‫ا بي‬
‫نذنهفما‬
‫في الواقع وغاايتلهام فثيال‪ .‬وإ‬
‫هو النموذج السلبي الذي مرت به الأمة لتعيد كل التاريخ الإنساني الذي يقصه‬
‫القرآن في التحريف الفعلي للرسالة‪ .‬وبذلك فقد تحقق أمام المسلمين عيانا وجها‬
‫النموذج في التاريخ الفعلي نظير ما ورد من أمثلة في قصص القرآن الكريم في‬
‫رؤية الاستئناف للتاريخ‪ :‬ما‬ ‫هر‬
‫جذيوهو‬
‫يهنا ال‬
‫وينعا ب‬
‫التاريخ المعلي وفيٍ وع‬
‫ينبغي وما لا ينبغي‪.‬‬
‫ولذلك فإنه يمكن أن نقسم مراحل الانحطاط الإسلامي بعد العهد‬
‫الراشدي إلى خمس مراحل ولكن بترتيب مقلوب ثلأاثصمناهابها ما أشرنا‬
‫إليه من الأدواء هي‪ :‬فساد قيمة المرحلة العلوية فقدمت الدنيا على الدين‬
‫‪901‬‬
‫وفساد قيمة المرحلة العثمانية فقدم الجهل على العلم وفساد قيمة المرحلة العمرية‬
‫ل‪ .‬ولم تنج من المراحل إلا المرحلتان الرابعة والخامسة‬ ‫دلى‬
‫عم ع‬‫للظل‬‫ام ا‬‫فقد‬
‫اللتان كانتا الأولى والثانية أعني‪:‬‬
‫المرحلة البكرية لأن الصلاة لم تشبها شائبة‪.‬‬
‫والمرحلة المحمدية لأن الشهادة بقيت على حالها‪.‬‬
‫والمراحل الثلاث الأولى كما ذكرنا رمزها الجامع هو اغتيال ما يرمز‬
‫إليه الخلفاء الثلاثة المغتالون‪ .‬لذلك فما يناظرها بعدها صار مناقضا لقيم القرآن‬
‫بالترتيب التالي‪ :‬فالسياسة أولا صارت لا قرآنية (عكس ما قصده علي ‪-‬كرم‬
‫الله وجهه‪ )-‬والتربية ثانيا لا قرآنية (عكس ما قصده عثمان ‪-‬رضي الله عنه‪)-‬‬
‫والمعاملات ثالثا لا قرآنية (عكس ما قصده عمر ‪-‬رضي الله عنه‪.)-‬‬
‫وها نحن نرى الأعداء والطوابير الخامسة يريدون للعبادات رابعا ألا‬
‫تبقى قرآنية ويكادون يلحقون بها الشهادة في حربهم على قسمها الثاني ممثلا‬
‫برمزها أي محمد صلى الله عليه وسلم حتى يعود المسلمون نهائيا إلى الجاهلية‬
‫في الأخلاق باسم التحديث حتى وإن بقيت الشعائر معمولا بها بشكل الدجل‬
‫الصوفي‪ .‬ومعنى ذلك أننا الآن تتصدى للحرب على المرحلتين الأخيرتين‪ :‬منع‬
‫العبادات ورمزها أبو بكر ومنع الإسلام ككل أو الشهادة ورمزها محمد صلى‬
‫الله عليه و سلم‪ .‬لذلك فالهجوم شبه الدائم على هذين الوجهين ورمزيهما‬
‫وخاصة على الرسول ليس من الصدفة في شيء‪.‬‬
‫وهكذا فاغتيال الخلفاء لم يكن كذلك من الصدف التاريخية بل هو رمز‬
‫العدل‬ ‫اين‬
‫د يعن‬
‫قعمر‬
‫فيال‬
‫شأنهم‪ .‬اغت‬ ‫رة‬
‫ا في‬
‫دمون‬
‫إمسل‬
‫للأمور التي فقدها ال‬
‫واغتيال عثمان يعني فقدان العلم واغتيال علي يعني فقدان تعالي الديني على‬
‫السياسي‪ .‬ولم يبق لحسن حظ المسلمين إلا أمران لم يقع اغتيالهما وهما أساس‪.‬‬
‫صمودهم اليوم كما أنهما يمثلان العامل الأساسي الذي يبسر على الأمة استئناف‬

‫‪011‬‬
‫دورها رغم الحرب الحالية عليهما‪ .‬ولا كان رمز التوجه الصادق إلى الله (أبو‬
‫بكر والصلاة) ورمز الانتساب إلى الإسلام رمزه المطلق (الرسول والشهادة من‬
‫حيث هي جوهر ثورتي القرآن أعني الاجتهاد والجهاد) لم يقع اغتيالهما فإن‬
‫الاستئناف سيكون بإذن الله منطلقا منهما لإصلاح ما أفسده الاغتيال‪.‬‬
‫فتكون الأدواء ثلاثة هي‪:‬‬
‫سلطان الظلم‪.‬‬
‫وسلطان الجهل‪.‬‬
‫ليتفيوظيف السياسي‪.‬‬ ‫وسلطان الأدلجة الدينية أو حصر الادين‬
‫ولا يمكن لمنطلق العلاج أن يكون إلا الركنين الباقيين‪:‬‬
‫معاني الصلاة‪.‬‬
‫ومعاني الشهادة‪.‬‬
‫ومعاني الصلاة مشروطة بمعنيي الشهادة معنييها اللذين يتعينان حقا في‬
‫مجاهدتي الاجتهاد والجهاد وهما غاية ما ترمز إليه الصلاة لكأنهما يمثلان الدال‬
‫وهي تمثل المدلول‪ .‬لكن الدال والمدلول لا ينفصلان إلا في الذهن أما في العين‬
‫فهما يتحدان وذلك هو جوهر سياسة الرسول‪ :‬التطابق بين ما في الذهن وما‬
‫في العين أو الصدق القيمي ليعود العدل والعلم والتعالي في وجودنا التاريخي‬
‫الفعلي فلا تبقى هذه القيم مجرد مثل عليا عديمة الأثر في الوجود‪ .‬والمطلوب هو‬
‫أن يتحدا في سياسة الأمة كما اتحدا في سياسة الرسول لأن الأمة هي الوحيدة التي‬
‫ورثت العصمة التشريعية وكلفت بالشهادة على العالمين‪« : :‬لتكوئُواً شهَدَاءَ عَلَى‬
‫ادس وَيَكُونَ الَسُول عَلَيْكرْ شَمِيدًا» البقرة ‪ .]341‬وإذن فينبغي علاج أربع مسائل‬
‫مضاعفة يعد الجهل بها أكبر معيقات فعل التوحيد أو إن شئنا سبب الفرقة بين‬
‫فئات الملة وبين الملل والنكوص بتاريخ الإنسانية الخلقي إلى تاريخها الطبيعي‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬موضوعها صفات الأمة البدرة لأداء دورها التاريخي الكوني‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬موضوعها المقومات التي حددها القرآن لسياسة النبي‪:‬‬
‫تحديد مقومات السياسة عامة والسياسة النبوية'' خاصة فعلا وتركا‬
‫يخ‬
‫ر من‬
‫ااطها‬
‫تتنب‬
‫وهي إجراءات يمكن استقراء أحكامها من القرآن الكريم واس‬
‫اللحظة المحمدية نفسها‪.‬‬
‫تحديد ما يمكن أن يطرأ عليها من تحريف يفسد عوامل تأثيرها الحقيقية‬
‫أعني أحكام فعلها الصورية وأخلاقها فضلا عن دورها النموذجي وللتحرير‬
‫وذلك ما أطلقنا عليه رمزيا صفة اغتيال العدل والعلم والتعالي‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬موضوعها محاذير التعامل مع سياسية النبي‪:‬‬
‫المحاذير التي ينبهه إليها القرآن‪ :‬وهي نوعان مضاعفان سياسي من حيث‬
‫العلاقةٌ؛ بين الغاية والوسيلة وديني (ألا يخضع الدين للسياسة) من حيث المعرفة‬
‫دنا بالمجاهدة النبويةالتي‬
‫قكصما‬
‫باللقاصد الإلهية (ألا يدعي العلم بالغيب)‪ :‬وذل‬
‫هي اجتهاد وجهاد في ما عدا التبليغ‪.‬‬
‫المحاذير التي نبه إليها النبي نفسه‪ :‬وهي نوعان كذلك سياسي من حيث‬
‫عدم تعيين الخليفة وديني من حيث الأمر بعدم الإطراء‪ :‬وذلك ما يرمز إليه النهي‬
‫عن كتابة الحديث‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬موضوعها إثبات تعالي القرآن على التاريخ رغم كونه منجما‬
‫ومتعلقا بالتاريخ من حيث تحديد استراتيجية تحقيق الاستخلاف فيه وسياسة‬
‫هذا التحقيق الذي هو بالضرورة مكاني وزماني‪:‬‬
‫النجوم بأسباب النزول وهل يعني ذلك أنها‬ ‫اوقة‬
‫ل‪ :‬ه‬
‫عأول‬
‫الوجه ال‬
‫علاقة تتقدقتضي التاريخية أم لا؟‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬هو ترتيب نجوم القرآن هل هو خاضع لتواليها في الزمان أم‬
‫إن لها ‪3‬ترتيبا ذاتيًا يقتضيه نسق القرآن الكريم ومقومات الاستراتيجية؟‬

‫‪211‬‬
‫وتتحد المسائل كلها في ما أطلقنا عليه منطق السياسة المحمدية من حيث‬
‫هي تحقيق للاسترانيجية بالعلم (الاجتهاد) والعمل (الجهاد) في مستوى التاريخ‬
‫الرمزي وبمؤسسات صورة العمران ومؤسسات مادته في مستوى التاريخ الفعلي‪.‬‬
‫والهدف هو ما بينا في كلامنا على المبادى التي اغتيلت وينبغي إحياؤها (العدل‬
‫أقين‬
‫دنطل‬
‫بم‬‫م من‬
‫لسي)‬
‫اسيا‬
‫والعلم وتعالي الروحي أو الديني على المادي أو ال‬
‫اللذين ما يزالان مؤثرين في حياة الأمة (الصلاة أو التوجه إلى الله والشهادة أو‬
‫تحقيق الرسالة بالاجتهاد والجهاد في التاريخ الفعلي)‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫القضية الآولى‪:‬‬
‫الصفات التي تؤهل الأآمة البذرة لدورها التاريخي‬

‫وفيها وجهان‪:‬‬
‫سلبي هو مفهوم التحريف‪.‬‬
‫وإيجابي هو مفهوم الخيرية‪.‬‬
‫آل عمران‪ :‬أ‪ .‬التحريف؛ ب‪.‬مسألة الخيرية‪.‬‬
‫التحريف الجامع وفروعه الأربعة‪ :‬تحريف الاجتهاد النظري والشرعي‬
‫وتحريف الجهاد الخلقي والسياسي‪.‬‬

‫والقيمى‪:‬‬ ‫التحريف الوجودي‬ ‫الآول‪:‬‬ ‫© الوجه‬

‫وتعليله‪ .‬ودون أن أوغل في التحليل والتأويل سأكتفي بالإشارة إلى نوعي‬


‫ذالكل مقنرآن الكريم‪ .‬ويمكن‬ ‫رناء‬
‫تماقيمك‬
‫سه ك‬
‫ارتي‬
‫التحريف وعلتيه وثم‬
‫آل‬ ‫سورة‬ ‫المقام الاقتصار على‬ ‫سريعة يقتضيها‬ ‫العناصر بصورة‬ ‫هذه‬ ‫لتحديد‬

‫العبارة‪:‬‬ ‫دون‬ ‫وبالإشارة‬ ‫عمران‬

‫فأما النوع الأول من التحريف فهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم التحريف‬
‫حريف‬ ‫لةتعن‬‫ااح‬
‫المادي للنص بالزيادة أو بالنقصان‪ .‬فآل عمران تتحدث صر‬
‫تعريفة بمثال‬ ‫المادي بالزيادة [آل عمران ‪ .]87‬أما التحريف بالنقصان فيمكن‬
‫التحريف‬ ‫المبشرة بالرسالة المحمدية‪ .‬وهذا كاف بخصوص‬ ‫النصوص‬ ‫حذف‬
‫المادي لأنه ليس إلا العلامة الفاضحة للداء الحقيقي وليس هو المقصود الأساسي‬

‫‪511‬‬
‫وأما النوع الثاني من التحريف هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم‬
‫التحريف المعنوي‪ .‬إنه التأويل المنهي عنه في الآية السابعة من آل عمران‪ .‬وهو‬
‫كذلك قسمان‪ :‬فهو قابل لأن يكون بالزيادة أو بالنتقصان مثل التحريف المادي‬
‫كما سئرى‪ .‬وكلا القسمين مضاعف بالجوهر بخلاف قسمي التحريف المادي‬
‫اللذين يتضاعفان بالعرض تبعا لقسميه‪ .‬ومن ثم فالتحريف المعنوي هاولعلة‬
‫الحقيقية للتحريف المادي‪ .‬لذلك فتعليله تعليل للتحريف المادي لتبعيته له كما‬
‫تبين سورة آل عمران‪.‬‬
‫فالتحريف المعنوي أو التأويل يمكن أن يكون متعلقا‪ -1 :‬بالعقائد أي‬
‫بالآيات الخبرية وهو نوعان ‪ :‬وجودي وقيمي ‪ -2‬أو بالشرائع؛ أي بالآيات الإنشائية‬
‫حنريف القيمي‪ .‬ففي الشرائع يمكن للتأويل من حيث هو تحريف‬
‫وهاولينتتج ع‬
‫أن يوسع تنزيل أحكام الله فيحلل ما هو حرام ويمكن أن يضيقها فيحرم ما هو‬
‫الله بالزيادة أو بالنتقصان‪ .‬أما في‬ ‫وىد‬
‫د عل‬
‫حانا‬
‫حلال‪ :‬فيكون في الحالتين عدو‬
‫العقائد فالتحريف المعنوي يمكن أن يتعلق بالمترلة الوجودية للأمر المخبر عنه في‬
‫قدةصأوان‬
‫نلزيا‬
‫ل با‬
‫اكون‬
‫بك ي‬
‫القيمية فيها‪ .‬وذل‬ ‫رولته‬
‫تأ‬‫آيات القرآن البخبمرية‬
‫(فما يزاد للإنسان ينقص لله وجوديا أو قيميا)‪.‬‬
‫وذروة هذا التحريف المعنوي هو الموضوع الرئيس لآل عمران وهو‬
‫كذلك موضوع الحوار مع نصارى نجران والمباهلة‪ :‬لتعلقه بالتحريفين الوجودي‬
‫رنيع‬
‫ش (ل‬
‫تطلق‬
‫اميلالم‬
‫المطلق (حقيقة الله والإنسان‪ :‬تأليه عيسى) والتحريف القي‬
‫لله أو للإنسان‪ :‬تشريع رجال الدين بدل النص الديني)‪ .‬ويتضاعف التحريف‬
‫المادي بالتبعية أي إن المحرف المعنوي بعد أن يحدد نوع المعنى الذي يريد إيجاده‬
‫ننص زيادة أو نقصانا ماديين‪.‬‬
‫لي مت‬
‫ايا ف‬
‫قق ذلك ماد‬ ‫ح منه‬
‫ياءه‬
‫فايلنص أو إلغ‬
‫والآن فما العلل؟ الجواب حددته سورة آل عمران‪ :‬القيمون على الدين‬
‫يبيعون الباقي بالفاني فيحرفون الدين من أجل المصلحة المادية بالتحالف مع‬
‫‪611‬‬
‫رجال الدولة الحاكمين أو المعارضين جاعلين الدين إيديولوجيا تحقق لهم‬
‫مصالحهم ومصالح من تحالفوا معه [آل عمران ‪ .]77‬وهذا هو الطاغوت ببعديه‬
‫الروحي (سلطة رجال الدين أو العلماء بالمصطلح التقليدي) والزماني (سلطة‬
‫ز بلغ‬
‫يةة‬ ‫معنه‬ ‫رجال الدولة أو الأمراء بالمصطلح التقليدي)‪ .‬ويمكن التع‬
‫ربير‬
‫فنسميه التحالف بين هامان وفرعون لأن سلطان هامان يمثل الطاغوت الروحاني‬
‫وسلطان فرعون يمثل الطاغوت الزماني‪ .‬وكما هو معلوم فإن الآية‪ 652 :‬من‬
‫البقرة قد قرنت الكفر بالطاغوت بالإيمان بالله واعتبرت ذلك ثمرة لتبين الرشد‬
‫بالعروة الوثقى أي بالدين الذي يحرر ولا‬ ‫للاا عسلىتمساك‬ ‫مانلغي ود‬
‫الي‬
‫‪.]08‬‬ ‫مد [‬
‫رآلان‬ ‫يس‬
‫عتعب‬
‫والآن فما اللقصود بالتحريف الوجودي وكيف رفضه القرآن الكريم ؟آية‬
‫واحدة من آل عمران تكفي‪« :‬مَا كان لِبَضَرِأ يُوتَهُ اله اكاب وَالحكم َالو‬

‫كُوُوأ عاد لي من دُون الله وَلْكن كُونُوأ ريَاِئِينَ يما كُنثمْ‬ ‫م يَقُول لس‬
‫تُعَلمُونَ الكتَابٌَ وَبِما كُنثرْ تَدْ رسو نَ)‪ 4‬ال عمران ‪.]97‬‬
‫وما اللقصود بالتحريف القيمي وكيف رفضه القرآن الكريم ؟ آية واحدة‬
‫من آل عمران تكفي‪< :‬أفْغَيْرَ دين الله يَبِعْونَ وَلَهُ َسْلَمَ من في السَمَاوَاتِ‬
‫وَالَرْض طُوْعا كرأ وَل ‪4‬يُرْجَعُونَ‪ 4‬العمران ‪.38]211‬‬
‫تأليه الإنسان و استبدال شرع الله بالشرع الوضعي ذلكما هما التحريفان‬
‫اللذان يمثلان الطاغوت‪ :‬فالآول يجعل القوي يستعبد الضعيف والثاني يجعل‬
‫الهوى شرع البشرية في العلم والعمل (لأن التحريف القيمي مضاعف نظري‬
‫وعملي)‪ .‬ومن ثم فالدين لايبقى دينا لله بل يصبح إيديولوجيا في خدمة الطاغوت‬
‫سواء كان في الأمة الواحدة أو بين الأمم في المعمورة كلها كما نرى حولنا؛ فماهما‬
‫ثمرتا التحريف المرتان؟ أو بصورة أدق ‪ :‬ما هي ثماره الخمس؟ لأن التحريف‬
‫الوجودي ينتج عنه تحريفان قيميان هما‪:‬‬

‫‪711‬‬
‫التحريف المعرفي ‪.‬‬
‫التحريف اخلقي ‪.‬‬
‫فيتفاعلان لتصبح التحريفات الفرعية أربعة ويبقى هو رأسها وأصلها‬
‫انهل هتوحريف الأتم وأصل نظرية الشعب المختار‬‫وهو إذن داهية الدواهي لأ‬
‫الدينية والغفلسفية‪:‬‬
‫التحريف المعرفي‪ :‬إطلاق نظرية شعب الله المختار‪ .‬لم يعد اليهود شعبا‬
‫مختارا اصطفاه الله بالنبوة والرسالة كما يزعمون فحسب بل أصبحوا أبناء الله‬
‫من دون الخلق والوحيدين المصطفين لمعرفة الحقيقة دون سواهم بالمطلق‪ .‬لذلك‬
‫كان هم القرآن بيان أن لكل أمة نبيا بلسانها وأن اتصال المطلق بالإنسان يعم‬
‫جلودات إذ إن الإسلام ليس للبشر وحدهم‪ .‬لذلك فلا مانع‬
‫ول ك‬
‫الاإنسلانيمة ب‬
‫عندهم من أن يكون كل من ليس يهوديا عبدا لليهود‪ .‬وهذا المعنى هو عينه ما‬
‫«لوثر)‪.‬‬ ‫اح‪:‬‬‫لكة‬
‫إسسصحر‬
‫امهلمؤ‬
‫فه‬
‫داه القوي هو‬ ‫ي فم‬
‫رع‪.‬‬
‫يشري‬
‫التحريف الخلقي‪ :‬إطلاق الهوى مصدرا للت‬
‫الشرع ويسمي ذلك حقوقا طبيعية وعلى الآخرين أن يخضعواله‪ .‬فكل ما حصل‬
‫في الأمريكيتين وما يحصل في حركات الاستعمار علل بالرسالة التحضيرية أو‬
‫بفرض القيم في مدلولها الغربي‪ .‬ونحن اليوم نقاوم هذا التحريف لأننا بتناا ضحية‬
‫لمعركة التحضير الغربي شعارا لاستعمارنا وأخذ ثرواتنا وانتهاك أعراضنا‪.‬‬
‫فلا يكون الدين والقيم أمرا فطريا ديشترك فيه الجميع لأنه موجه إلى‬
‫الإنسان من حيث هو إنسان بل هما أمر لا يكتسب إلا بالانتساب إلى المسيح‬
‫من خلال الخضوع لشرائع تمثله الشرعي الوحيد الكنيسة‪ .‬لن تكون إنسانا إلا إذا‬
‫صرت مسيحيا‪ .‬فيصبح تمسيح العالم رسالة تحويل العالمين لعبيد بني إسرائيل‪:‬‬
‫«الجوهيم)‪.‬‬

‫‪8511‬‬
‫ويكون كل ما يجري في التاري خخ الخاضع للهوى هو إرادة الرب كما‬
‫تعينت في الابن وجماعته وتلك هي فلسفة التاريخ المسيحية في صيغتها الهيجلية‬
‫وحتى اللايبنتسية كما في تمييزه المزعوم بين القضاء والقدر عند المسلمين جاعلا‬
‫إياه بكل تحكم مطابقا للجبرية العمياء وفي المسيحية دالا على الإيمان بالعناية‬
‫الربانية دون جبرية‪ .‬فتصبح نهاية التاريخ ‪.‬تحقيق النموذج الهيجلي للرأسمالية‬
‫الفتاكة التي تتدكر بزي الديموقراطية المخادعة‪.‬‬
‫والحصيلة ه«يالعولمة الغربية» التي يحياها العالم كله والتي لا يقاومها‬
‫فعلا وبصورة مبدئية غيرنا‪ :‬التاربخ يتوقف عند تغريب العالم كله بمعنى تمسيحه‬
‫تمسيحا صهيونيا‪.‬‬
‫فمن هي الأمة التي تتصدى لهذه المعاني من التحريف؟ أليست أمة محمد‬
‫سليلهم؟ هل نرى غيرهم يسعى إلى تحرير البشرية من التحريف‬
‫صلى اللوه ع‬
‫الوجودي والتحريف القيمي بفرعيه البسيطين وفرعيه المركبين أعني ثمراته‬
‫الخمس المرة؟ أم إن ذلك كله من الصدف وليس بذي دلالة لفهم الطابع الكوني‬
‫للرسالة؟ إن الدليل القاطع على كونية الرسالة وختمها للرسالات ومن ثم طابعها‬
‫الثابت الذي لن يتغير هو إيجابا تاريخ الإسلام صفا وعد الله أهله بالاستخلاف‬
‫وسلبا تاريخ الصف المقابل الذي توعده الله بالاستبدال‪.‬‬

‫ذةجية‪:‬‬
‫وآم‬
‫م ال‬
‫ن‪2‬‬‫لرية‬
‫اخي‬
‫» الوجه الثاني‪ :‬ال‬
‫ليس من شك في أن الآية ‪ 011‬من آل عمران لا يمكن أن تفهم إلا في ضوء‬
‫معنييها الإيجابي والسلبي بالقياس إلى الاستراتيجية القرآنية التي حاولنا استنباط‬
‫معالها مباشرة ثم بالاستقراء من تاريخ الأمة البذرة‪« :‬كنثم خَيْرَأمَةِ أخْرِجْتْ‬
‫ِلدّاس تَأْمُرروون باطْعْرُوفٍِ وَتَنْمَوْنَ عن اممذكر وَتؤْمِنُونَ بالله وَلّوْ آمَنَ أل الكتّاب‬
‫ّم‬ ‫م‬

‫خبرية‬ ‫فلا يمكن أن تكون‬ ‫لكَانَ خَيْرا لهم مدْهُمْ أطَؤْمِنُونَ وَأَكتَرُهُممُ الفاسقون»‪.‬‬

‫‪911‬‬
‫مرسلة بل هي خبرية مشروطة‪ .‬فلكأن المعنى هو أن المخاطبين «يكونون خير أمة‬
‫ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر»‪ .‬فيكون الأمر والنهي المشار إليهما شرطي‬
‫الخيرية وفمنالثمخيرية تصبح وصفا عيامساتحقه كل من قام بالأمر والنهي‬
‫المشار إليهما أعني الصف المستخلف في الاستراتيجية‪ .‬فلا تكون خبرا يصف‬
‫المسلمين بالمعنى الذي ينطبق على جماعة مشار إليها في التاريخ وحدهم بل‬
‫حدا ورسمالمن ينبغي أن يتصف بالخيرية فيعد مسلما أي الصف الموعود بإرث‬
‫الأرض والاستخلاف فيها‪.‬‬
‫وتوجد قرائن كثيرة تؤيد هذا الفهم نذكر منها اثنتين من آية الخيرية ذات‬
‫الصيغة الخبرية هذه واثنتين مآنية الخيرية الإنشائية المتقدمة عليها (الآية ‪ 401‬من‬
‫آل عمران) ونشفع هذه القرائن بقرينة جامعة بين الآيتين وتستمد من الآيات التي‬
‫تتوسط بين الآيتين ‪ 401‬و ‪ 011‬من آل عمران‪ .‬وهذا الفهم يخلص الآية ‪011‬‬
‫من حصرها في ظرفها خطابا لجماعة من المسلمين‪ .‬فينبغي ألا تقرأ خطابا محددا‬
‫بظرفيه الزماني والمكاني لئلا تكون دالة على لوم المخاطبين لتغير حصل فيهم‬
‫نقلهم ما كانوا (كنتم) إلى ما اقتضى خطابهم بما يشبه العتب على عدم بقائهم‬
‫على ما كانوا عليه من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر (فتكون «تأمرون وتنهون»‬
‫كأنهما تضمران قبلهما جوابا على شكل «كنتم‪...‬لما كنتم‪.))...‬‬
‫ردةضهيية‬
‫فتبع‬
‫وهذه القرينة الأولى سلبية لأنها تعتمد على فرضية مس‬
‫الطابع الظرفي للخطاب وهو ما يتنافى مع ما يتصف به الخطاب القرآني من‬
‫كلية تتجاوز الظرفيات‪ .‬لذلك فالقرينة الثانية من الآية نفسها تنفي حصر الخيرية‬
‫في المسلمين لأنها تشير إلى أن بعض أهل الكتاب لهم الصفة الجامعة والمعللة‬
‫للاتصاف بشرطي الخيرية أعني الإيمان بالله‪.‬‬
‫أما القرينتان الثالثة والرابعة فهما حاسمتان لأنهما تستثنيان فرضية القرينة‬
‫الأولى استثناء مطلقا وتؤكدان القرينة الثانية فتوجهان الفكر إلى الفهم الكلي‬

‫‪021‬‬
‫للعلاقة الشرطية بين الوصف بالخيرية والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عانلمنكر‬
‫المشار إليهما في الآية‪ .‬وهاتان القرينتان تستمدان من الآية ‪ 401‬من آل عمران‬
‫التي هي إنشائية المعنى والمبنى‪ :‬لولْتكن منَكُرْ مد يَدْعُونَ إلى الحيْر ويَأمُوُونَ‬
‫با مْعْرُوفٍِ وَيَدْهُوْنَ عن انكر وَأَوْلَيَكَ مهُمْ المْخْلحون» الآية التي تدل بطابعها‬
‫الونشائي (القرينةالثالثة) وبثمرتي الإيمان بالله بداية وغاية (الدعوة إلى الخير بداية‬
‫والفلاح غاية) الناتجتين عن هذا المعنى (القرينة الرابعة)‪:‬‬
‫فتقدم هذه الآية ‪ 401‬ذات الصيغة الإنشائية على الآية ‪ 011‬ذات الصيغة‬
‫الخبرية يجعل الأولى في محل الشرط والثانية في محل الجواب‪ .‬فيكون الجمع‬
‫بين الآيتين منطقيا من جنس إإذا‪(...‬وحصرًا إذا)‪...‬فإذن»‪ .‬وتكون العلاقة هي‬
‫علاقة التلازم المنطقي أو اللزوم بين الحدين طردا وعكسا‪ .‬لكأن الحصيلة هي ‪:‬‬
‫إذا أطعتم أمر الآية ‪ 401‬كنتم ما تصفكم به الآية ‪ 011‬ولا تكونوا كما تصفكم‬
‫الآية ‪ 011‬إلا إذا أطعتم متاأمركم به الآية ‪.401‬‬
‫لذلك فلا يمكن القول بخيرية شعب من حيث هو ذلك الشعب أو ملة‬
‫من حيث هي تلك الملة لأنها عندئذ تصبح من جنس الخيرية المحرفة أعني عقيدة‬
‫الشعب المختار دينيًا (الصهيونية) وخيرية الشعب المختار فلسفيًا (النازية) بل‬
‫وخيرية الجمع بين الخيرتين بهذا المعنى العنصري لمجرد تعيين المتصفين بها تعيينا‬
‫حصريا وليس تعيينا منفتحا على كل من يحقق الشرط فياتحلققمفيشهروط كما‬
‫يعتقد اليمين الأمريكي من المسيحية الصهيونية‪.‬‬
‫لكن أهم القرائن هي القرينة الجامعة فهي ما تفيده الآيات الخمس المتوسطة‬
‫ذات الصيغة الخبرية ومن ثم‬ ‫بين الآية ‪ 401‬ذات الصيغة الإنشائية والآية ‪0‬‬
‫مطابقة الدلالة الجامعة لوجهي الشرطية شرطا وجواب شرط بمعنى التلازم بين‬
‫مدلول الآية ‪ 401‬ومدلول الآية ‪ 011‬أو اللزوم الطردي والعكسي بينهما‪.‬‬
‫فحتى يصح التطابق بين الشرط والمشروط تعريفا لمعنى الخيرية من حيث هي‬
‫‪121‬‬
‫وصف لفاعل الخير بالمعنى المطلق أو المؤمن بالله فينبغي أن يكون ما بين الشرط‬
‫والمشروط تعريفا لجوهر هذا التطابق بين فعل الخير والاتصاف به أو التدين بمعناه‬
‫المطلق أي الإسلامء لأن الدين عند الله هو الإسلام‪.‬‬
‫وقد جمعت الآيات الخمس المتوسطة معنى الاستراتيجية التوحيدية‬
‫القرآئية أعني جوهر الرسالة التي تجعل شروط الاتصاف بالخير بسبب فعل الخير‬
‫(مقتضى المعادلات التالية)‪:‬‬
‫ففاعل الخير للخير‪ -‬خير ‪ -‬مسلم لله‪ .‬والعلة أن الإنسان مسلم بالفطرة‬
‫‪ -‬يعني أن فعله الخير بقصده فعل لوجه الله وهو جوهر ما يكون فعلا ناتجا عن‬
‫الإيمان الصادق في المنظور التاريخي للأمة المستخلفة وعكسها للأمة المستبدلة‬
‫مىة الواحدة أوبين الأم لتشمل‬ ‫أعل‬ ‫لصح‬
‫اي ت‬
‫وذلك بمقتضى المعاني التالية الت‬
‫كل الإنسانية لأن الإنسان مجتبى من حإيثن هسوان‪:‬‬

‫فالشرط الأول‪ :‬هو وحدة الأمة التي تلقت البينات وحدتها بمعنى مقاومة‬
‫دواعي الفرقة ( الآية ‪.)501‬‬
‫والشرط الثاني‪ :‬هو المبدأ المحافظ على هذه الوحدة سلبا (الخنوف من‬
‫العذاب يوم الحسابء الآية ‪.)601‬‬
‫والشرط الثالث‪ :‬هو المبدأ المحافظ على الوحدة إيجابا (الأمل في النعيم‬
‫يوم الحساب» ‪.)701‬‬
‫والشرط الرابع‪ :‬هو وظيفة الشرائع السماوية (العدل الإلهي لئلا يعد الله‬
‫ظلاما للعبيدء ‪ )801‬نموذجا للسياسة الإنسانية‪.‬‬
‫والشرط الأخير‪ :‬هو فهم طبيعة العلاقة بين الخالق والمخلوق عامة‬
‫والإنسان خاصة (ومن ثم دلالة أن يكون القرآن محددا لمعنى الخيرية بالقياس‬
‫إلى الإيمان به الآية ‪.)901‬‬

‫‪221‬‬
‫وهذا الأصل الجامع هو الذي يوحد المجالات بفضل تعينه في التزام‬
‫اغون‬ ‫تك مدأ‬ ‫الجماعة ككل التزامها بجعل ولاية الأمر فرض عين‪:‬‬
‫إلى الحَيِروَ يَأَمُرُونَ ا طْعْرُوفٍِ وَيَدْمَوْنَ عن انكر وَأوْلَيَكَ مهُمْ اطْفْلِحُونَ ‪11‬‬
‫الأمة إذا حققته بما يصفها به قوله تعالى ‪( :‬كنتط خَيْرَ‬ ‫شرطا يصح أن توصف‬
‫أَمّة أخرجَتْ للنّاس نَممر ون باطْعْرُوفٍِ وَتَدْمَْنَ عَنٍ اطذكروَتُؤْمِنُونَ بالله ‪0‬‬
‫وليس أفضل من هذا الأصل الخامس همزة وصل بين الاستراتيجية القرآنية‬
‫والسياسة النبوية‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫الثانية‪:‬‬ ‫اللثقمضية‬

‫النبي خاصة‬ ‫السياسة عامة وسياسة‬ ‫مقومات‬

‫إذا طبقنا ما توصلنا إليه في المقدمات السابقة كانت المقومات الإجرائية في‬
‫امنئل التالية اليتيملاكن‬ ‫سفة‬‫ممؤل‬
‫لجية‬‫اموذ‬
‫اسة الن‬ ‫ي عن‬‫سضلا‬
‫لف‬ ‫ااسة‬ ‫أي سي‬
‫تصور سياسة من دونها وليس لها علاقة بتنوع السياسات أو الأنظمة إذ هي تشبه‬
‫إلى حد كبير المقومات الوظيفية للكيان السياسي‪:‬‬
‫صورة العمران‪-‬المسألة السياسية والقانونية‪ :‬وتتعلق بفرعي صورة‬
‫العمران أي السلطة الزمانية (الدولة بالمعنى الضيق للكلمة») والسلطة الروحية‬
‫(التربية بالمعنى الواسع للكلمة) مؤسسات وأحكام عمل‪ .‬واهذلهمهيسألة التي‬
‫تبين أهم مشكلات تنظيم الحياة الجماعية‪ :‬مسألة النظام في العمران‪ .‬وسياسة‬
‫الرسول هي في بيان الإجراءات والتصرفات التي تحقق التوازن بين السلطانين‪.‬‬
‫ن‪!51‬‬
‫ادة‬
‫معير ما‬
‫لقعبفر‬
‫اتعل‬
‫مادة العمران‪-‬المسألة الاجتماعية والثقافية‪ :‬وت‬
‫أي الرزق (الإنتاج المادي أو الاقتصاد) والذوق (الإنتاج الرمزي أو الثقافة) إنتاجا‬
‫ورعاية وتوزيعا واستهلاكا‪ .‬وهذه هي المسألة التي تبين أهم مشكلات قيام الحياة‬
‫الجماعية‪ :‬مسألة الدينامية الحيوية لكل عمران‪ .‬وسياسة الرسول هي في بيان‬
‫الإجراءات والتصرفات التي تحقق التوازن بين الأمرين‪.‬‬
‫وحي والزماني في البندين السابقين والبندين‬ ‫لةربين‬ ‫والتعامل مع الع‬
‫الاق‬
‫اللاحقين لأن هذا الأمر هو قلب المعادلة السياسية‪ :‬أو فلسفة التاريخ في صلتها‬
‫نهة الأمة وهي جوهر الرسالة‬ ‫اعلي‬ ‫صتمد‬‫ح تع‬
‫بفلسفة الدين أي الأساس الذي‬

‫‪521‬‬
‫التي تؤمن بها‪ :‬في المعتقد الواحد وبين المعتقدات المختلفة أو كيفية التوفيق بين‬
‫وحدة الحق وتعدد تعيناته في المجالين العقدي والشرعي‪ .‬واهذلهمهيسألة التي‬
‫تبين ضرورة الدين في العمران البشري والاجتماع الإنساني‪.‬‬
‫السياسة الداخلية‪-‬سياسة الاتفاق والاختلاف أو العلاقات الداخلية‬
‫ويغلب عليها السلم الحارة أو الباردة‪ :‬تنظيم العلاقات في فئات الجماعة وأفرادها‬
‫في المستويين الرمزي والمادي‪ .‬وهذه هي المسألة التي تبين معنى تقديم قانون‬
‫التاريخ الخلقي‪ .‬فتكون سياسة الرسول تحقيق شروط عدم الوقوع في تقديم‬
‫ايخل‪.‬‬
‫دف‬‫اطبليعي‬
‫قانون التاريخ ال‬
‫السياسة الخارجية‪-‬سياسة الاختلاف والاتفاق أو العلاقات الخارجية‬
‫داخليا‬ ‫سيلم‬
‫لك ف‬
‫اسلو‬
‫ارة‪ :‬كيف يكون ال‬
‫لةحأو‬
‫ويغلب عليها الحرب الباارد‬
‫وخارجيا وكيف يكون فيالحرب داخليا وخارجيا وقاية وعلاجا في المستويين‬
‫الرمزي والمادي‪ .‬وهذه هي المسألة التي تبين معنى تقديم قانون التاريخ الطبيعي‪.‬‬
‫فتكون سياسة الرسول تحقيق شروط عدم الخروج من تقديم القانون الخلقي بين‬
‫رة‪.‬‬‫وفي‬
‫مول‬
‫عالد‬
‫مو‬‫لعات‬
‫اجما‬
‫ال‬
‫لكن كل هذه المسائل مدارها على المقومات التي لا يمكن تصور عمران‬
‫ضهيوع كاللسياسة‪ .‬وفيها يكون الرسول المجتهد‬
‫وم ف‬
‫من ث‬
‫وينمنها وم‬
‫دسان‬
‫إن‬
‫(علم) والمجاهد (عمل) المثالي فهما لاستراتيجية القرآن وتطبيقا لقيمه في نقلها من‬
‫التصور إلى الإنجاز في التاريخ الفعلي‪ .‬وهو يحدد بجهاده واجتهاده النموذج الذي‬
‫بهاعاد نفسها التي للاستراتيجية القرآنية‬
‫لديأة ل‬
‫امحم‬
‫ينبغي أن يحتذىء لأن السنة ال‬
‫تنزيلا لها في التاريخ الفعلي بمساعدة وتوفيق إلهيين‪ .‬وعلينا قبل كل شيء تعليل‬
‫أمرين لفهم تنزيل الاستراتيجية الصورية كيف يكون ليكون نموذجا يحتذى‪:‬‬
‫فلم كانت المقومات الاستراتيجية هي تلك وبتلك العدة؟‬
‫ر فضيها؟‬
‫عتبع‬
‫ولم هي خاضعة لهذا الترتيب الم‬

‫‪621‬‬
‫لا بد إذن أن نعلل لم كانت المقومات خمسة منطلقين من تعليل‪ :‬لم‬
‫ويعاء نفسه الذي‬
‫لف‬‫كان مقو م الأحياز هو القلب؟ فأحياز الفعل هى القلب لأانها‬
‫تملأه بعض الرهانات والإطار الذي يصورها‪ :‬فالمقومان المتقدمان عليها تتعين فيها‬
‫مضمونا لقيام الجماعة والمقومان المتأخران عنها تتعين فيها شكلا لقيامها‪.‬‬

‫» حصر المقومات وتصنيفها لتحديد مجال الفعل‬


‫السياسي بمعناه الواسع‪:‬‬
‫ّنا أن مقوم الرهانات التي يدور عليها العمران الإنساني حددها القرآن‬
‫‪-‬عليه السلام‪ .-‬فالقرآن حدد الرهانات التي يدور عليها‬ ‫سةف‬ ‫و قص‬‫ييم في‬
‫الكر‬
‫الوجود الإنساني كله فحصرها في القيم التي يتبادلها الناس في ما بينهم ومع كل‬
‫الكائنات الأخرى‪:‬‬
‫القيم الذوقية‪.‬‬
‫وقيم سلطانها (وأساسها التآنس والسلطان الروحي والرمزي)‪.‬‬
‫والقيم الرزقية‪.‬‬
‫وقيم سلطانها (وأساسها التعاون والسلطان المادي والفعلي)‪.‬‬
‫والقيم الوجودية (وأساسها التعالي على عبادة الدنيا أو التحرر من الفاني)‪.‬‬
‫لذلك فهذه القيم الأخيرة يمثلها إدراك المبدأ الموحد للمتعاليات إدراكا وجدانيا‬
‫هو جوهر الدين وإدراكا فرقانيا هو جوهر الفلسفة والجمع الخاتم بين الإدراكين‬
‫هو القرآن‪ .‬لكن القيم بأصنافها ليست من الجنس نفسه ولا من المستوى نفسه‪.‬‬
‫فبعضها هو عين الطاقة الوجودية المادية والروحية لكيان الإنسان وبعضها الآخر‬
‫هو ما يستمد منها من سلطان لها أو عليها‪:‬‬
‫والنوع الأول أو المقوم الطاقي لقيام الإنسان‪ :‬هو الرزق والذوق بتقديم‬
‫ات‪.‬‬
‫ل من‬
‫افيه‬
‫كما‬
‫شكل‬
‫إدار‬
‫وتأخير وهو الذي يمثل مادة العمران وم‬

‫‪721‬‬
‫والنوع الثاني أو المقوم السلطاني المستمد منهما‪ :‬هو سلطان الرزق‬
‫وسلطان الذوق وهو الذي يمثل صورة العمران أو هو رعاية الأمر ففيي العمران‬
‫أعني التصرف فيإشكالات العمران الإنساني‪.‬‬
‫ولما كان المقوم السلطاني هو أيضا مقوما فإن له إشكالاته فتكون‬
‫الإشكالات نوعين‪ :‬إشكالات المقوم الأول أو إشكالات مادة العمران بصنفيها‬
‫وإشكالات المقوم الثاني أو إشكالات صورة العمران بصنفيها‪ .‬وهذان النوعان‬
‫من الإشكالات هما موضوع السياسة عامة وسياسة النبي صلى الله عليه و سلم‬
‫التي نريد فهم منطقها خاصة‪.‬‬

‫© إشكالاتالصنف الأول أوإشكالات مادة العمران‪:‬‬


‫إن مقوم مادة العمران هو متغيرات الفاعلية في مجال التساكن لسد‬
‫الحاجات المادية (التعاون) وفي مجال التساكن لسد الحاجات الروحية (التانس)‪.‬‬
‫ولذلك صلة بنظرية ابن خلدون في العمران البشري والاجتماع الإنساني!!‪.‬‬
‫الأصلين متغيرات الفاعلية التاريخية في شكل نمارسات‬ ‫ن‬ ‫يمن‬‫ذكون‬
‫هف تت‬
‫فكي‬
‫مؤسسية يكون دور السياسة رعايتها والتعامل مع إشكالاتها؟‬
‫منشاأرسات والمعاملات الر‪.-١‬زية‏‬ ‫فمن التساكن لسد الحاجات ال‬
‫ارولحيمة ت‬
‫ونظامها الموسسيأو الثقافة ومن التساكن لسد الحاجات المادية تنشأ الممارسات‬
‫والمعاملات المادية ونظامها المؤوسسىي أو الاقتصاد‪ .‬فيحتاج ذلك إلى رعاية ووازع‬
‫يكونان صالحين أو فاسدين‪ .‬وذلك هو المقصود بالسلطان الروحي والزماني‬
‫اللذين يكوّن مجموعها الدولة ذات السلطانين الرمزي (التربية) والمادي (الحكم)‬
‫و االرلوحزيماني وهو صورة العمران التي تمثل السلطان الذي يتحد وجهاه‬
‫أو‬
‫الرمزي والفعلي في تعالي وعي الجماعة بكيانها الجماعة المتآنسة بذاتها وبمتعالياتها‬
‫التي هي جوهر تصوراتها وقيمها الدينية‪.‬‬
‫‪821‬‬
‫* إشكالات الصنف الأوسط أو صنف الآحياز‪:‬‬
‫لكن حصرنا للإشكالات لن يكون حصرا مستوفيا إذا أهمل الأحياز التي‬
‫يدور فيها وأحيانا عليها التساكن من أجل غايتيه وبسلطانيه‪ :‬إنها منزل التعايش‬
‫وساحة الحرب في الوقت نفسه ولذلك فإن كل رهان السياسة بالمعنى الشامل‬
‫الذي حددناه يكون عليها وفيها‪ .‬فمقوم الأحياز هو الساحة التي يجري فيها‬
‫التساكن لتحقيق غايتيه بسلطانيه‪ .‬إنه المقوم الذي بملأه المقوم المادي ويصوره‬
‫المقوم الصوري‪ .‬فتكون الأحياز هي المحددات التي ينبغي اعتبارها أساس كل‬
‫استراتيجية توحيدية كما يتبين من الاستراتيجية المستنبطة ما يسميه القرآن الكريم‬
‫بآيات الآفاق‪ .‬إنها هي الآفاق التي يريدنا القرآن أن ننظر فيها لأن آيات الأنفئس‬
‫تتعين فيها باجتهادها وجهادها‪:‬‬
‫حيز الزمان‪.‬‬
‫وحيز المكان‪.‬‬
‫وحيز السُّلّم (كيف فهم ابن خلدون درجات السلم التعاوني)‪.‬‬
‫وحيز الدورة الطبيعية في الأعيان (كيف تتحول الأشياء بعضها إلى بعض‬
‫ودور الرمز فيها)‬ ‫مؤسسات‬
‫باتولسط‬
‫وحيز الدورة الرمزية في الأذهان (كيف نفهم التحولات الطبيعية لنجعلها‬
‫منطقا رمزيا للترجمة بين أنظمة الرموز)‪.‬‬

‫© إشكالات الصنف الثالث أوإشكالات صورة العمران‪:‬‬


‫فما المقصود بصورة العمران أو ما السلطان الروحي والمادي الذي سيرعى‬
‫مجريات التساكنين وسلطانيهما السياسيين لا الفنيين؟ فالذوق والرزق لهما‬
‫سلطانان ملاصقان لهما هما السلطانان الفنيان أعني سلطان الذوق أو السلطان‬
‫الثقافي وسلطان الرزق أو السلطان الاقتصادي‪ .‬إن السلطانين اللذين تتكون‬
‫‪921‬‬
‫الفنيين‪ .‬إنهما السلطان الروحي الحقيقي‬ ‫ليطرانين‬
‫سغ‬‫اعملران‬
‫منهما صورة ال‬
‫أاولرمزي وتمثله المنظومة التربوية والسلطان الزماني الحقيقي أو المادي وتمثله‬
‫الحكم والإدارة‪ .‬أما‬ ‫سمةسأوات‬
‫ؤلكل‬
‫ميق ل‬
‫منظومة الحكم السياسي بالمعنى الض‬
‫السلطان الجامع بتوحيد كل ذلك فهو سلطان الجماعة المتعارفة التي هي الوحيدة‬
‫التي يخصها الرسول بالعصمة‪.‬‬
‫وهذا المستوى من السلطان هو الذي يصور العمران وهو مجال‬
‫المتقدمة‬ ‫ايصر‬
‫نل ف‬
‫علفع‬
‫لة ل‬
‫اياس‬
‫السياسة الأساسي بالمعنى الدقيق أعني أداة الس‬
‫وفي ذاتها‪ .‬فسلطان التربية هو السلطة الروحية التي تمثلها الكنيسة في المسيحية‬
‫ولا يمثلها عندنا إلا سلطة الجماعة التربوية عامة دون أن يكون لهذه السلطة‬
‫سيان‪.‬‬ ‫لف‬‫اجملاعة‬
‫نفوذ غير النفوذ الرمزي الذي من جنس نفوذ سلطان ال‬
‫من يخطئ فيها عقابه الخطأ نفسه أي شعوره بجهل ما هو شرط قيامه في‬
‫الجماعة‪ :‬عجزه عن التواصل السوي‪ .‬أما سلطان الدولة فهو ذو قدرة تنفيذية‬
‫وهو ضروري لعلتين‪ :‬فالرزق فيه تنافس وخصام والذوق فيه تنابز وزحام‪.‬‬
‫فيكون من الضروري أن يوجد الوازع القادر على منع ذلك‪ .‬لكن إذا صار‬
‫الوازع هو نفسه ظالما وجاهلا ونافيا لسلطان التعالي والمقدس فإن الأمة يحل‬
‫لمين حاليا‪.‬‬
‫سالا‬
‫مح‬‫لراه‬
‫اا ن‬
‫با م‬
‫به‬

‫‪031‬‬
‫© إشكالات أصل الاشكالات كلها‪:‬‬
‫مبداً الحصانة‪:‬‬

‫لكن هذه العناصر المتعددة تبقى فاقدة للوحدة إذا لم يوجد مبدأ مقوم متعال‬
‫عليها جميعا يكون أصلها كلها‪ :‬إنه مبدأ الحصانة الذي يجعل الأمة مصدر كل‬
‫السلطات‪ .‬ومشكل المشكلات هو كيف تتم ضمانته بالشكل الدستوري الجامع بين‬
‫السلطانين الزماني والروحاني ليكون مبدأ عصمة الأمة بعد ختم الوحي مصدر‬
‫كل شرعية كما ينبغي أن نفهم من تحرير القرآن الناس من السلطان الوسيط أو‬
‫الوصي‪ .‬ويتبين ذلك كله من الآية ‪ 83‬من الشورى‪ :‬فطبيعة النظام المحقق لوحدة‬
‫كل المقومات هو الجمهورية الديموقراطية بالمعنى القرآني‪ '!7‬التي تجعل الأمة مثلة‬
‫للمبدأ الجامع كما يفهم من الآبة ‪ 83‬من الشورى أعني وحدة العمران الرمزية‬
‫(مقومات التآنس وسلطانه) والمادية (مقومات التعاون وسلطانه)‪.‬‬
‫وكما أسلفنا فإن الأحياز هي المقوم الرئيسي في استراتيجية التوحيد‬
‫ليس لأنها الحامل الأساسي لفعل التوحيد وليس لأنها الوسيط الواصل بين‬
‫فرعي مادة العمران وفرعي صورته فحسب بل لأنها هي بدورها تصبح في‬
‫الوجود التاريخي للعمران جزءا من الرهانات التي يدور حولها التعاون والتآدنس‬
‫ونقيضاهما لأن الرهانات تتعين فيها تعينا ماديا أو رمزيا‪:‬‬
‫فالمكان يصبح موضوع رهان بسبب الحوز والملكية‪ :‬حالة واحدة‬
‫والزمان يصبح موضوع رهان بسبب الدسب والأقدمية‪ :‬حالة واحدة‪.‬‬
‫والسلم يصبح موضوع رهان بسبب المكان والزمان (مع غلبة هذا أو ذاك‬
‫بحسب القيم السائدة)‪ :‬إذن هي حالتان‪.‬‬

‫والدورة المادية تصبح موضوع رهان بسبب المكان والسلم (الخلبة بحسب‬
‫حسلاملفيتهان‪.‬‬
‫المعيار نفسه)‪ :‬إذن هي أربع حالات على الأقل؛ لأن ال‬
‫وأخيرا فإن الدورة الرمزية تصبح موضع رهان بسبب الزمان والسلم‬
‫قل‪.‬‬ ‫لتأعلى‬‫الا‬
‫ني حا‬ ‫ا هي‬
‫م إذن‬
‫ثه)‪:‬‬‫(الغلبة بحسب المعيار نفس‬
‫‪131‬‬
‫البنية الشاملة لعمل الفواعل القيمية ‪ 4‬التاريخ‬
‫الانسانى‬

‫مجالاات التعاون والتعافس والتانس بين البشر في العمران‬

‫س‪.‬الوجود‬ ‫س‪.‬رزق‬ ‫س‪.‬ذوق‬ ‫الرزق‬ ‫الذوق‬ ‫رهانات‬


‫الطبيعى‬ ‫الوج‪.‬‬ ‫المادية‬ ‫الدورة‬ ‫السلم الطبيعى‬ ‫المكان‬ ‫الزمان‬ ‫‪5‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫حي ياازر‬ ‫لا‬


‫تفاعل التاريخين الطبيعي والخلقي‬

‫الوج‪.‬‬ ‫السياسة‬ ‫بية‬ ‫التر‬


‫لوج‬ ‫مه‬ ‫لتربية‬ ‫الاقتصاد‬ ‫الثقافة‬
‫التاريخي‬ ‫س‪.‬زمانية‬ ‫س‪.‬روحانية ‪1‬‬

‫الجغرافيا‬ ‫التاريخ‬
‫التفاعل‬ ‫المقومات‬ ‫الأدوار‬
‫العمران‬ ‫صورة‬ ‫العمران‬ ‫مادة‬

‫‪ | +‬إلىترول‬ ‫ِ‬ ‫‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫مستبدل‬


‫إلى صعود‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫مستخلف‬

‫والمعلوم أن المكان والزمان لهما قيمة رمزية أو مادية بمقتضى صلتهما‬


‫بالسلم والدورة المادية والرمزية وهي جميعا حمالة قيم في العمران البشري‪.‬‬
‫فللمكان قيمة تبادلية مختلفة تماما عن قيمته الاستعمالية بسبب الرمز كأن يكون‬
‫قريبا من العاصمة أو من سكن الطبقة العليا أو من موقع سياحي أو من موقع ذي‬
‫دور مشعري إلخ‪ ...‬والشيء نفسه بالنسبة إلى الزمان‪ :‬كأن يكون في زمان كذا أو‬
‫دةية‬
‫ا قيم‬
‫ص ذو‬
‫تحيز‬
‫قهو‬
‫اك ف‬
‫فزيمان كذا‪ .‬والمكان مصدر رزق (الأرض) لذل‬
‫كالثروات المعدنية والمياه إلخ‪ ..‬فضلا عن قيمته كحيز ‪ .‬ومعنى ذلك أن القيم‬
‫رتكَنلتقل من شيء إلى شيء رغم اختلاف الطبيعة‪ .‬والعلة أن الرزق فيه ذوق‬
‫هما‬
‫ي عن‬
‫نضلا‬
‫اي ف‬
‫طلثان‬
‫لن ا‬
‫سا م‬
‫والذوق فيه رزق وكلاهما يمكن أن يكون بديل‬
‫‪231‬‬
‫فهما متبادلان فيما بينهما ومع موضوعيهما‪ .‬وكل سر العمران البشري بل وكل‬
‫سر العلوم الإنسانية مصدرهما هذه العلاقات الخفية فيما بينها بالبعدين المادي‬
‫والرمزي في الرزق والذوق‪:‬‬
‫المادية وهو مبدؤها‪.‬‬ ‫ليةسهولطة‬ ‫حوز المكان‪ :‬امتداد ال‬
‫املك‬
‫حوز الزمان‪ :‬مّدة الصيت هي السلطة الرمزية وهي مبدؤها‪.‬‬
‫حوز السلم‪ :‬مدى الجاه هو السلطة الجامعة بين السابقتين وهو مبدؤها(ويمكن‬
‫أن ينفصلا كما يحصل في المراحل المخضرمة‪ :‬مثال حال البرجوازية والأشراف في‬
‫فرنسا قبل الثورة الفرنسية وابن خلدون يعتبر هذه الظاهرة من العناصر الأساسية في‬
‫تغير الدول حيث يبقى وهم المنزلة الرمزية عند من فقد السلطة المادية)‪.‬‬
‫حوز الدورة المادية‪ :‬مادة الفاعلية المادية هي السلطة في الثلاث السابقة‬
‫(وهي في الاقتصاد خاصة) لكن الثقافة لها دخل لأن العلم له‬ ‫وهي مبدؤها‬
‫فاعلية رمزية وتقنية فيكون جزءا من الدورة المادية‪.‬‬
‫حوز الدورة الرمزية‪ :‬مدَد الفاعلية الرمزية هو السلطة في الحالات الأربع‬
‫السابقة وهو مبدؤها (وهي في الثقافة خاصة) لكن الاقتصاد له دخل لأن المال له‬
‫فاعلية رمزية وخلقية فيكون جزءا من الدورة الثقافية‪.‬‬

‫وكل هذه الأحواز يمكن أن تكون مجرد أحواز بدون شرعية أو تتحول‬
‫إلى ملكية أعني حوزا ذا شرعية فتكون بملوكة هي بدورها‪ .‬ولذلك تتنازع الأثم‬
‫على الأرض وما الحدود بين الأتم إلا حصيلة صراع قوى بينها على امتلاك‬
‫الأرض لا في بطنها أو فوقها من الرزق وأسبابه‪ :‬وهذا باق إلى يوم يبعثون‬
‫وليس خاصا بصراع القبائل على الماء والكلاً‪ .‬ويمكن أن نقول إنه سيزداد لعلتين‪:‬‬
‫الطبيعي من الإفساد والإنهاك حتى بات الماء‬ ‫بماا حللمحيط‬
‫للتكاثر البشري ول‬
‫والهواء النقيين من أغلى الأشياء بعد أن كانا مباحين للجميع بدون مقابل‪.‬‬

‫‪3311‬‬
‫وبذلك تكون الجدلية الكاملة بين صورة العمران بفرعيها (أولى مسائل‬
‫السياسة ) ومادته بفرعيها (ثانية مسائل السياسة) في الظرفين المختلفين السلمي‬
‫والحربي ومن حيث صورتها ومادتها في إطار الأحياز (الزمان والمكان والسلم‬
‫والدورة والوجود) وبحدود حوزها المشروع أو غير المشروع ليست جارية بين‬
‫دائما فيهما وبينهما وهي‬ ‫ريي‬
‫جبل ه‬ ‫صفين متخارجين ومتقابلين بإط‬
‫تلاق‬
‫من الطبيعة نفسها سواء كانت في الجماعة نفسها أو بين الجماعات رغم أنها في‬
‫الجماعة الواحدة يغلب عليها منطق السلم وبين الجماعات منطق الحرب‪ :‬فالقسمة‬
‫إلى صف المستخلفين وصف المستبدلين قانون عام‪ .‬وهو فاعل حتى في المستوى البايولوجي‬
‫بين خلايا الجسم الواحد التي تتوالى بمقتضى هذا القانون‪ :‬خلايا مستخلفة وخلايا مستبدلة‬
‫‪.‬‬ ‫ملاوت‬
‫لف إ‬
‫اوق‬
‫بن ت‬
‫دو‬
‫فتكون ساحة المعركة متراكبة بين بمثلي الصفات المادية الفعلية والصفات‬
‫المعنوية الرمزية في كلا الصفين بحيث يقع لقاء متقاطع بين أربعة أقطاب‪ :‬اثنان‬
‫من كل صف‪ .‬فتحدث علاقات متعددة تلتقي أقطارها في القلب الذي مثله‬
‫استراتيجية فهم المعركة استراتيجيتها التي حاولنا وصفها خلال كلامنا عن سورة‬
‫البقرة‪ .‬ويكون ذلك داخل كل صف ثم بين عنصري أحد الصفين وعنصري‬
‫الرهان الخمسة‪ :‬فتكون معركة مخمسة الأقطاب في‬ ‫ايلات‬
‫جف‬‫مآخر‬
‫الصف ال‬
‫كل مجال على حدة ثم بين المجالات كلها‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫المعادلة السياسية بمنطقها الطبيعي الذي‬ ‫‏‪ ٠9‬آلية عمل‬

‫يحتاج إلى القيم الروحية ‪:‬‬

‫المقومات‬
‫مادة العمران‬ ‫صورة العمران‬ ‫‪-‬‬

‫الحصانة الروحية‬ ‫ثقافة‬ ‫اقتصاد‬ ‫تربية‬ ‫دولة‬ ‫د‪-3‬‬


‫لها‬

‫الرشاد‬ ‫إبدا‬ ‫وفرة‬ ‫حرية‬ ‫عدل‬ ‫س‪.‬حارة‬ ‫‪-3‬‬


‫‪3‬‬ ‫ل | اتداخل‬
‫الفساد‬ ‫عقم‬ ‫ندرة‬ ‫استبداد‬ ‫ظلم‬ ‫س‪.‬باردة‬ ‫‪3‬‬

‫الكراهية‬ ‫تناكر‬ ‫تنافس‬ ‫عداء‬ ‫مقاطعة‬ ‫ح‪.‬باردة‬ ‫اك‬


‫الخارج‬ ‫يح‬

‫العداء‬ ‫الحرب الشاملة ‪:‬عكس الس‪.‬الحارة بإطلاق‬ ‫ح‪.‬حارة‬

‫في سياسة المعمورة‬ ‫التنافذ بين الداخل والخارج‬ ‫مابيوس‪:‬‬ ‫نطاق‬

‫وبذلك يصبح العمران الذي تديره السياسة مؤلفا من‪:‬‬


‫جسد مادي هو طاقة العمران المادية أعنى الذوق والرزق والدولة والتربية‬
‫بدورهما الإداري‪.‬‬

‫ونفس روحية هي نفس العمران أو طاقته الروحية أعني‪ :‬الثقافة‬


‫الذوقية والاقتصاد السياسي والحركات المذهبية (سواء كانت فلسفية أو دينية)‬
‫والحركات الطبقية (وهي دائما اقتصادية اجتماعية) يتحرك ويفعل وينفعل‬
‫في الأحياز ليتعاون فيها ويتآنس أو ليتنافس ويتواحش وذلك هو موضوع‬
‫السياسة بالمعنى العام أعني رعاية الجسد المادي والنفس الروحية إذا كان صالحا‬
‫أو تهديمها إذا كان فاسدا‪.‬‬
‫ومن سان الله التي يؤيدها استقراء التاريخ الإنساني أن المستخلف متحرر‬
‫تماما من الحصر الزماني لأنه أكثر إيمانا بالمتعاليات من المستبدل ويهتم بالماضي‬
‫‪531‬‬
‫أكثر من اهتمامه بالمستقبل ليس بسبب الجهل كما يتصور السطحيون بل لأن‬
‫نفسه غير مهووسة بالآني إذ يعطيها فائض الإيمان بالمتعاليات نوعا من الثقة بالآتي‬
‫تقرب من اليقين‪ .‬في حين أن المستبدل يعاني من الحصر الزماني ومن ثم فهِمّه‬
‫سه‬
‫و ثم‬
‫هومن‬
‫فخر‬
‫المستقبل ليأسه وعدم إبمانه بأهمية المتعاليات أعني اليوم الآ‬
‫بالآني هو الخمج الوجودي (©‪ )26150101270[ 2678238‬الذي ينخر كيانه‪.‬‬
‫وهو في الحقيقة يأكل المستقبل قبل حلوله ليس موضوعيا فحسب بمنطق القرض‬
‫والارتهان بل وكذلك لأنه يستعجل الأحداث فيكون عائشا دائما مستقبله وكأنه‬
‫ماض لاستقدامه إياه طمعا في استئخار النهاية رغم ما في ذلك من المفارقة لأن‬
‫كل حدث يكون قد تآكل قبل حدوثه فيصبح لحظة حدوثه غير جديد بل قديم‪.‬‬

‫‪631‬‬
‫المسألةالثالثة‪:‬‬
‫محاذير التعامل مع سياسية النبي‬

‫مجاهدة الرسول‪( [| -‬الاجتهاد لتعليم النظر والعقد) ‪( +‬الجهاد لتطبيق العمل‬


‫والشرع)]‪!81‬‬
‫© النص الأول‪ :‬من «الشورى»‬
‫حدد القرآن أصل الأدو ات السياسية فاعتبرها ثمرة التشاور بين الذوات‬
‫ؤم اسْتَحَابُوا‬ ‫الخلقية لعلاج «الأمر» الذي ذكر في الآية ‪ 83‬من شري ‏‪٠‬‬
‫لِرَبْهُمْ وَأَقَامُوا الصّلاء وَأَمْرُهُمْ شورى بَيْنْهُمْوَمِمَا رَرْقِنَاهُم يُنفقوت‪ .*!”4#‬إنها‬
‫لريهم بعد معرفته)‬ ‫ثمرة الإيمان ثمرته التي تفترضه متقدما عليها ‪0‬‬
‫وبذرة للأخوة البشرية المبنية على الا شتراك في الرزق (ومما رزقناهم ينفقون)‪.‬‬
‫فكانت الشورى حدا أوسط (أمرهم شورى بينهم) بين حدين‪ :‬روحي (أقاموا‬
‫الصلاة) وزماني (الاشتراك في الرزق)‪ .‬ويرمز الحدان الروحي والمادي بوحدتهما‬
‫الشارطة (الاستجابة للرب) والمشروطة (الأمر الشورى) لوحدة ولاية الأمر كما‬
‫ترمز الشورى بتوسطها بينهما إلى السياسي من حيث هإوبداع للأدوات الواصلة‬
‫بين الحدين اللذين يرمز أولهما للتوجه الروحاني من ولاية الأمر (أقاموا الصلاة)‬
‫ويرمز الثاني منهما للتوجه الزماني منها (ما رزقناهم ينفقون)‪.‬‬
‫لكن عبارة‪َ( :‬أَمْرُهُمْ شُورَى بَيَْهُم تحتاج إلى تحليل دقيق حتى نفهم‬
‫صلتها بمسألة الصلاة أو العمل الروحي قبلها ومسألة الإنفاق أو العمل المادي‬
‫بعدها وصلة الحدين المحيطين بها بالمبدأ الأعم أعني الاستجابة إلى الرب المبداً‬
‫‪731‬‬
‫الذي يعلل تقديم الروحي (إقامة الصلاة) على المادي (الإنفاق من الرزق) أعني‬
‫المبادئ التي اغتيلت في الحضارة الإسلامية كما يرمز إلى ذلك اغتيال الخلفاء‬
‫«(رمز العمل الروحي‬ ‫وعثمان‬ ‫الرامزين إليها‪ :‬عمر (رمز العدل في الرزق خاصة)‬

‫على علم أو صيانة القرآن) وعلي (رمز السعي لتقديم الديني على السياسي)‪.‬‬
‫بيذاهم) ينوب الجماعة‪ .‬فلو كتبنا الآن الاسم بدل‬ ‫فالضمير «هم) في أمن«هم) وف‬
‫الضمير لصارت هكذا‪ :‬أمر الجماعة‪-‬شورى بين (أفراد) الجماعة‪ .‬وعبارة «أمر‬
‫(أفراد) الجماعة» تعني أن الأمر مضاف إلى أفراد الجماعة أي إنهم هم أصحابه‬
‫أو إن شئنا ‪ :‬الجماعة هي التي استخلفها الله فيه‪ .‬والمقصود بهذا الأمر المضاف‬
‫إلى الجماعة كل الأمر الذي يتعلق بحياتهم اللجماعية أعني في الغاية تنظيم الحياة‬
‫الجماعية ببعديها الروحي والمادي في صلتها بالمبدأ المقدم عليهما أي «الاستجابة‬
‫إلى الرب» وهو المفهوم العميق للسياسة التي كلف الله رسوله بتعليمها للأمة التي‬
‫حملت أمانة الرسالة الخاتقة‪- .‬‬
‫وكما أسلفنا فإن النسبة الأولى تقابل في المصطلح الفلسفي كلمتين‬
‫لانينيتين تستعملان عادة لتسمية نوع من الأنظمة السياسة هو‪ :‬أمر الجماعة‪«-‬راس‬
‫بوبليكا» التى ترجمها العرب بمصطلح الجمهورية‪ .‬كما أن عبارة «شورى بين‬
‫(أفراد) الجماعة» تتعلق بمصدر الشرعية في القرار بخصوص أمر الجماعة ومن ثم‬
‫بأسلوب تسيير الجماعة أمرها بالتشاور فيه‪ .‬ويقابل ذلك في المصطلح الفلسفي‬
‫كلمتين يونانيتين تستعملان عادة لتسمية نوع من التسيير الجماعي يضفي‬
‫الشرعية على السلطة السياسية لكونه يجعل مسؤوليتها مسؤولية جماعية‪:‬‬
‫شورى بينهم‪« -‬ديمو‪ -‬قراطية»_وهو مفهوم لم يضع له العرب مصطلحا بل‬
‫اكتفوا بتعريبه‪ .‬ف«الديموس) هو الشعب أو الجماعة و«القراطيا) هى الحكم‪ .‬ويقع‬
‫ذلك عادة بتشاور الجماعة المجتمعة في المجلس‪ .‬فيكون مجموع العبارتين هكذا‪:‬‬
‫(أمرهم ‪+‬شورى بينهم)‪(-‬جمهورية‪+‬ديموقراطية)‪ .‬وذلك عينه ما فعل الرسول‬
‫‪831‬‬
‫فايلوثيقة الشهيرة التي نظم بها الحياة في المدينة وبقي يعمل بروحها بعدها إلى‬
‫أن لقي ربه‪.‬‬

‫لكن مايهمنا هو أن عبارة‪ِ( :‬وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَمُمْ لتمأت معزولة‬


‫وكأنها أمر عرضي بل هي أنت واسطة بين المقومين اللذين يعدان جوهر ولاية‬
‫الأمرفضلا عن تضمن السورة كل عناصر التآنس والحياة الجماعية في مستوى الأمة‬
‫الواحدة وبين الأم‪ .‬فمن الآية ‪ 63‬إلى الآية ‪ 34‬نجد كل مقومات التآنس البشري‬
‫وشروط قيام الحياة الجماعية ببعديها الروحي والزماني في إطار الجماعة الواحدة‬
‫تي السياسة الداخلية والدولية ومن‬ ‫حر في‬
‫اللأم‬‫سدة‬
‫أو بين الجماعات فتكون محد‬
‫ثم فهي الدستور الذي عمل به الرسول ولم تعد الأمة تسير على هديه‪:‬‬
‫عندين الروحي والزماني من‬
‫ليةببي‬
‫اقيم‬
‫فالآيتان ‪ 63‬و ‪ 7735‬تحددان النسبة ال‬
‫حياة البشر ومن ثم الخلق الذي يمكن من الحياة المشتركة بينهم بمقتضى القانون‬
‫الخلقي وليبس بمقتضى القانون الطبيعي‪.‬‬
‫والآية ‪ 83‬التي وردت فيها عبارة «وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْدَهُمْ‪ 4‬جمعت بين‬
‫البعدين ووسطت بينهما هذه العبارة التي حللنا عناصرها وما تعينه من نظام‬
‫سياسي للمسلمين وجميع البشر‪.‬‬
‫والآيتان _ ‪ 9‬و‪ 04‬تحددان حق الدفاع عن_النفس في الحياة الجماعية‬
‫وأساسه لكنهما تقدمان الحلم ردا على الظلم فتكونان قلب المعادلة الاستراتيجية‪.‬‬
‫فإذا قرئتا في ضوء ما تقدم عليهما كانتا أصل السياسة الداخلية خاصة وإذا قرئتا‬
‫في ضوء ما بعدهما كانتا أصل السياسة الخارجية خاصة لكنهما تصلحان في كلتا‬
‫القراءنين وللحالتين‪.‬‬
‫والآية‪ 14‬تبرر الدفاع عن النفس من لا يريد أن يعفو‪.‬‬
‫والآيتان ‪ 2‬و‪ 34‬تحددان مفهوم الظلم وتجعلان التسامح والعفو شرط‬
‫بقاء حياة الجماعة‪ :‬عزم الأمور‪.‬‬

‫‪931‬‬
‫قانونية‬ ‫لذلك فإنه يمكن القول إن هذه الآيات الثماني تكاد تكون مجلة‬
‫جةمفياعة نفسها وبين الجماعات بقيم خلقية بمكن‬
‫اجملاعي‬
‫تصوغ شروط الحياة ال‬
‫أن يستنبط منها نظام ولاية الأمر للأمة الإسلامية في حدها الأدنى وللبشرية في‬
‫اعة ولوحدة‬ ‫مدة‬
‫لنةجلوح‬
‫اضام‬
‫حدها الأقصى ومن ثم فهي شرط الشروط ال‬
‫الإنسانية‪ .‬ويمكن للأمة أن تولي الأمر لمن تريد بحسب نظام دستوري حدد له‬
‫املقبرآندأين ليس منهما بد‪:‬‬
‫أحدهما روحاني (القيام والشهادة لله)‬
‫والثاني زماني (القيام بالقسط والشهادة به)‪.‬‬
‫وقد ورد المبدآن مرتين متعاكسي الترتيب ليثبت التلازم بينهما”*”‪ :‬القيام‬
‫العبودية‬ ‫ايمة‬
‫له‬‫علك‬
‫بالقسط والشهادة لله والقيام لله والشهادة بالقسط‪ .‬وت‬
‫سلام هو مكارم الأخلاق‬
‫ليإفي‬
‫لله وحده عبودية تجعل أصل التعامل الابشر‬
‫لوه‬ ‫لتهممأعند‬
‫اجا‬
‫لأنهم إخوة لا يتمايزون إلا بأعمالهم الخلقية التي تحدد در‬
‫الواحد‪ .‬فيكون التعامل بين الناس بالقسط قياما وشهادة محكوما بالعبودية لله‪.‬‬
‫وذلك هو جوهر الدين من حيث هو دين يطلب الحقيقة (وترمز إليها الشهادة‬
‫بالقسط والشهادة لله ويعمل باحق (ويرمز إليه القيام بالقسط والقيام لله) علي‬
‫علم‪( : :‬قل يا أل الكِتَابٍ تَعَالَوَا إلى كلمَةٍ سَوَاء بد‪َ5‬يْنَاوَْتَكم ألا مد إلا الله‬
‫ولا شرك بِهِ شَيْا ولا يََحِدبَحْضْنًا بَعْضا ريا مّى حُونٍ الله إن فَوَلوا فقُوُوا‬
‫اشْهَدُوا أن مُسَلْمُونَ» ال عمرن ‪. 4612‬‬
‫ذلك هو مدلول مكارم الأخلاق التي تحقق الأخوة البشرية في الوجود‬
‫ود الروحاني برعاية الأمة كلها‪ .‬فالرعاية التي هي‬ ‫ج في‬
‫وققها‬‫للتح‬
‫اماني‬
‫الز‬
‫مضمون ولاية الأمر فرض عين‪ .‬ويبقى الأمر كذلك حتى عند التوكيل إذ ولاية‬
‫الأمر الأصل تصبح عندئذ واجب الرعاية بالسهر على احترام الوكيل لعقد‬
‫الوكالة أو ما نسميه اليوم بالرقابة الدائمة‪ِ :‬أفْغَيْرَ دين الله يَبْحُونَ وَلَهُ أَسْلمَ‬

‫‪041‬‬
‫مَن في السَّمَاوَاتِ وَالأزْض طَوْعا وَكرْها وَإِليْهِ يُرْجَحُونَ؟‪ .!422‬فتكون ولاية الأمر‬
‫بيد الأمة لر عاية هذه المجالات الخمسة بمقومي الإنسانية نظرا «الأمر الشورى‬
‫ببنهو» ‪ 321‬وعملا «الانتصار من البغي»‪ .121‬ذلك أن هذين المقومين هما شرط‬
‫الاستثناء من الخسر فردياة‪( !2‬الإيمان والعمل الصالح) وجماعيا‪( !2‬التواصي‬
‫بالحق أو الاجتهاد الإجماعي والتواصي بالصبر أو الجهاد الإجماعي)‪ .‬والمعلوم‬
‫أن ما يعنينا من إشكالية ولاية الأمر”*! في الإسلام هو علاج الخلاف الراهن‬
‫حولهاة*'‪ :‬الخلاف بين القائلين بالفصل بين وجهيها الروحاني والزماني إلى‬
‫حد القول بالموقف العلماني والقائلين بالوصل بينهما إلى حد القول بالموقف‬
‫الأصلاني عودة إلى السلطان الروحي الكنسي‪.‬‬

‫» النص الثاني‪ :‬من الإسراء‬


‫وحتى نوضح الحدود التي وضعها القرآن ليحدد طبيعة السياسة النبوية من‬
‫حيث هي بالأساس تربية ومن ثم المحاذير التي ينبغي عدم الوقوع فيها في فهم‬
‫سياسة الرسول سنكتفي بهذا التحليل الوجيز لدلالات الآيات السبع الأخيرة من‬
‫سورة الإسراء بدءا من الآية ‪ 501‬نأخذه بتصرف من كتابنا الذي صدر مؤخرا‬
‫بعنوان‪ :‬أصونا للفلسفة والدين]‪.921‬‬
‫فالمقصود بالتفسير الفلسفي ليس فرض مضمون مسبق على معنى النص‬
‫فنرغمه عليه لنقول هذا باطن النص وراء ظاهره‪ .‬بل هو الفهم المتناسق لمعاني‬

‫الآيات وصلتها بمطلوبنا في تحديد سياسة الرسول أعني ما تتضمنه السورة في‬
‫غرض بحثنا‪ :‬ما يقبل النسبة إلى النبي من الوظائف والقدرات وما لا ينبغي‬
‫نسبته إليه خاصة إذا لم يكن القصد مجرد التعبير عن حب رسول الله بل تأسيس‬
‫يبيض حختىموا ما‬ ‫سلطان وهمي لولاة الأمر الذين يضخمون سلطان الن‬
‫يزعمون وراثته منه في الوجه الروحي (العلماء) والوجه الزماني (الأمراء)‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ولنبداً بالآيتين [‪« : ]601- 501‬وبالحق أنرْلنَاء وَيالحق تَزَل وَمَا أَرْسَلنَكَ‬
‫إلا مُيَشْرا وَتَذِيرا و*َقرْآنا فرَقنَهُ هر عَلَى الذّاس عَلَّى مك وَيَرْلِنَهُ تنزيلا‪.4‬‬
‫فلا يمكن أن يكون قصد الآية الأولى أن الله يؤكد التطابق بين ما أنزل وما تزل‪.‬‬
‫فلا أحد يتطرق إليه الشك في قدرة الله على تحقيق المطابقة بين فعله ومفعول‬
‫فعله‪ .‬كما لا يمكن أن يكون القصد المطابقة بين الخبر عن صفة الإنزال وصفة‬
‫النازل للعلة نفسها فضلا عن امتناع تكذيب المخبر في هذه الحالة‪.‬‬
‫لم يبق إلا معنى واحد هو ما تؤيده الآية الثانية‪ :‬وهو أن «بالحق» الأولى‬
‫تصف طريقة الإنزال و«بالحق» الثانية تصف مضمون النازل‪ .‬ومعنى ذلك أن‬
‫الله لياخصص مفهوم الحق (بمعنييه المعرفي للنظر والعقيدة والخلقي للعمل‬
‫والشريعة) لوصف مضمون الرسالة بل هو يصف به طريقتها في التبليغ‪ .‬لذلك‬
‫جاءت الآية الثانية لتصف هذه الطريقة بتعليل التفريق بضرورات التعليم‪:‬‬
‫نلىاس‬
‫لع‬‫ارأه‬
‫لتق‬
‫والتقرأء» على مكث‪ .‬أما (وَدرهُ نزيلا» فهي معطوفة على مَرفَة»‬
‫قاسرأة‪ 4‬على مكث‪.‬‬
‫تلن‬
‫لى ا‬
‫إأهو عل‬
‫«تقر‬
‫فتيكعونليلها عين تعليل التفريق‪ :‬ل‬
‫والقراءة على مكث تكون منطقيا في أحوال ثلاثة منفصلة ومجتمعة‬
‫زفول‪ .‬فهي‪:‬‬ ‫باحسلبنظر‬
‫متقدمة على قراءته على الناس‬
‫ومصاحبة لها‬
‫وتالية مع جمع المعنيين المعنى التفريقي والمعنى التجميعي لأن كلمة‬
‫القرآن تعني الجمع والقران أيضا‪ .‬ومن ثم فالقراءة تحليل (تفريق) وتأليف (قران)‬
‫الوارد في الآية‪« :‬التنزيل»‪ .‬فالتنزيل على‬ ‫دهايف‬
‫ر عن‬
‫لعبر‬
‫اي ي‬
‫وهي لها الدلالة الت‬
‫المعطوف ف الآية لا‬ ‫النوازل تفريقا وتجميعا للقرائن النصية والعينية يثثنبتت أن‬

‫يمكن ألا يضيف شيئا إلى المعنى!‬


‫‪241‬‬
‫فلا يمكن أن يكون القصد من التنزيل الإنزال بمعنى نزول القرآن من‬
‫السماء إلى الأرض بل القصد هو تنزيل النص على النوازل» أي‪ :‬إن كل نص‬
‫من نصوص القرآن كان حدثا نصيا ملازما لحدث فعلي أو حدثا ملازما لحديث‬
‫ملازمة أحد أعيان «ماصدق» المعنى القرآئي لمفهومه‪ :‬وذلكما هما وجها المعنى‬
‫الذي يكون حقيقة ذهنية في العلم وحقيقة عينية في المشار إليه في الخارج إذا نسب‬
‫المعنى إلى الإنسان‪ .‬لكنه يكون عند نسبته إلى الله حقيقة مطلقة لا ينفصل المفهوم‬
‫منها عن «الماصدق» وهو ما اقتضى التفريق والتنزيل المشار إليهما في الآيتين‪ .‬وقد‬
‫فهم منه أغلب الناس ما يسمى بسبب النزول مضمرين علته عند «موَرْخني)»‬
‫النص من العلمانيين حصرا لكلية النص في عينية السبب‪ .‬أما القصد فهو مناسبته‬
‫أو النازلة التي هي عين من تحقق معناه الذي يقبل ما لا يتناهى من التحققات لأن‬
‫نه‪.‬‬ ‫ا من‬
‫ع إيليه‬
‫أشار‬
‫كنلي إلى الجزئي الم‬ ‫لم‬ ‫اازل‬
‫الأمر يتعلق بما يشبه الجدل الن‬
‫وفهم التنزيل بهذا المعنى يعيدنا إلى فهم التفريق‪ .‬فليس هو التنجيم‬
‫فحسب بل هو كذلك التمييز بين المعاني‪ .‬فيكون التنجيم في النص ليس مجرد‬

‫تقسيم تحكمي بل هو معبر عن تحليل للمعنى بالفرقان الذي يميز بين المعاني‬
‫بحسب منطق نظرية المعرفة الشاملة ونظرية التربية الشاملة؛ النظريتين اللتين‬
‫تمثلان عين السياسة النبوية من حيث هي مسار تاريخي فعلي‪ .‬ومن ثم فلنا أربعة‬
‫مستويات فرعية ‪ :‬اثنان من التفريق واثنان من التنزيل وأصل لها جميعا لكونه‬
‫الوجوه فضلا عن كونه مصدر وجودها‪:‬‬ ‫ضىل‬
‫ف عل‬
‫ألها‬
‫شرط حصو‬

‫التفريق اللفظي أو تنجيم النص القرآني ليكون حديثا موازيا لحدث ومن‬
‫ثم يتطابق الحديث والحدث فيكون الحديث مستوى رمزيا من الحدث ويكون‬
‫الحدث مستوى فعليا من الحديث‪ :‬وتلك هي أكبر علامات كونه مختلفا تماما‬
‫عن الشعر الذي يعاب على أصحابه أن حديثهم لا علاقة له بما يفعلون‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫والتفريق المعنوي أو التحليل العلمي والعملي لمضمون الرسالة المشروط‬
‫في التنجيم التنزيلي فيكون الحديث القرآني استراتيجية ذات أسس نظرية‬
‫تستهدف العمل الذي يحقق قيما في التاريخ الفعلي للإنسانية وليس مجرد تمن‬
‫خلقي‪.‬‬
‫الحادثة في التاريخ الفعلي ليبس‬ ‫والتنزيل المعين للمعنى المقروء في النوازل‬

‫هو إلا النماذج الحقيقية لما ينبغي أن تكون عليه معرفة القوانين أو السنن التي‬
‫الطبيعي‬ ‫القانون‬ ‫التحرير من‬ ‫شروط‬ ‫تحقق‬ ‫ومن ثم‬ ‫علم‬ ‫على‬ ‫العمل يكون‬ ‫تجعل‬

‫للسمو بالانسان إلى القانون الخلقى‪.‬‬


‫والتنزيل المعين للناس المقروء عليهم في الخطاب الدعوي يجعل ما سبق‬
‫لأن من‬ ‫رض؛‬
‫ف أو‬
‫لبداد‬
‫ااست‬
‫ذكره يحصل بالإقناع والمشاركة الجمهورية وليس بال‬
‫أسس السياسة الناجحة هي أن ينقلب المدعو إليه داعية فيصبح الفعل السياسي‬
‫فرض عين وليس فرض كفاية‪.‬‬
‫والمكث فيها جميعا لكونه أصلها متقدما عليها ومصاحبا لها وتاليا بوصفه‬
‫عين التفكر والتدبر الرسوليين علما وعملا لقرآن الكل بمعنى لتأليفه في وحدة‬
‫حية وهو المعنى الأشمل لكلمة قرآن بمعنى تحقيق القران بين الآيات التى هي‬
‫قرائن دالة على النسق الواحد وراء تشظى الوجود‪..‬‬

‫وهذا المكث هو الحيز الزماني الضروري لفعلي التواصي بالحق والتواصي‬


‫بالصبر ومن ثم فهو شرط المعرفة والتربية الشاملتين اللتين هما جوهر السياسة‬
‫النبوية أو عين منطقها‪ .‬لذلك فالآيات الثلاث الموالية تبدأ بنصيحة النبى حول‬
‫إلى حد ‪.‬يشبه عدم المبالاة بنتيجة الدعوة والاكتفاء‬ ‫صبر‬
‫ل عن‬
‫اعبر‬
‫الموقف الم‬
‫قنف المدعوين استجابوا أيوسلتمجيبوا وموقف من لهم علم‬ ‫وة بي‬
‫مقابل‬
‫بالل‬
‫آصليفيات الثلاث‪ .‬ويمكن‬
‫لتوا‬
‫اي ت‬
‫قبل نزول القرآن عند سماعه المقابلة الت‬

‫‪41‬‬
‫القول عرضا ‪ :‬إن هذه الآية تبين أن المسلمين ليسوا محصورين بعد نزول الرسالة‬
‫الامحلمدميةسفيلمين بالمعنى الرسمي بل كل من تحركه معاني القرآن بالصورة‬
‫مسلم‪.‬‬ ‫ات‬
‫يذه‬
‫آي ه‬
‫لفة ف‬
‫اوصو‬
‫الم‬
‫ويتلو ذلك تحديد أسلوب الدعوة بالعبادة غير المنفرة‪ .‬فالدعوة المعتمدة‬
‫على التربية الشاملة تترك الخيار للمدعو بين عدة تصورات للذات الإلهية بحسب‬
‫الصفات التي يمكن أن يسميه بها وهي كل الأسماء الحسنى التي هي عين تصورات‬
‫وربه‪ .‬والعبادة خغير المنفرة رمز إليها بالتوسط في طبقة الكلام‬ ‫ؤنمن‬
‫لقةمبي‬
‫اعلا‬
‫ال‬
‫الصوتية ‪ .‬وقياسا عليها يمكن تحديد آداب الدعوة لتخليصها من المنفرات وأهمها‬
‫اليوم المظهر المادي ما عاد منه إلى الطبيعة (كجمال المنظر وعذوبة الصوت) أو‬
‫إلى الثقافة (هيأة الزي ونظافته والزينة المأذون بها) للداعية فضلا عن المسلك‬
‫الخلقي وآداب المعاشرة ومساعدة المدعوين‪.‬‬
‫ولو نظرنا في الأسماء الحسنى لوجدناها ترد إلى الصفات الذاتية المخمس‬
‫التي تناسب منظومة القيم فيكون الخيار في النداء والدعاء تبشيرا بحرية السبل‬
‫إلى الله وتعددها وهو ما يحدد معنى الآية ‪ 652‬من البقرة المبشرة بالحرية الدينية‬
‫وعلة كونها تلت آية الكرسى مباشرة‪ .‬فآية الكرسى حددت ذات الله وصفاته‬
‫الذاتية الخمس في علاقتها بما تمد به الإنسان‪ .‬فهي إما أسماء لوجوده (ومنها قيم‬
‫الوجود) أو لحياته (ومنها قيم الذوق) أو لقدرته (ومنها قيم الرزق) ألوعلمه‬
‫(ومنها قيم النظر) أو لإرادته (ومنها قيم العمل) وكلها سبل تؤدي ضرورة إلى‬
‫الإسلام بمعنى الاعتراف بالعبودية لصاحب المدد والجود بما يضفي على هذه‬
‫القيم من القيام والقيمة استمدادا لوجود الذات البشرية وحياتها وقدرتها وعلمها‬
‫وإرادتها من صفات الله بفضل النفخة التى حولت الصلصال إنسانا‪..‬‬
‫ثم تأتي غاية التربية الشاملة ببعديها النقدي والإيجابي في نفيين ونتيجة‬
‫مسبوقة ثلاثتها بالحمد ومشفوعة بالتكبير‪ :‬نفي مبدأ تحريف الأديان المنزلة (ابن‬

‫‪541‬‬
‫الله سواء كان عيسى أو عزيرا وهي أصل عقيدة شعب الله المختار الخرقاء)‬
‫ونفي مبدأ الأديان الطبيعية (الشريك سواء كان واحدا في المجوسية أو كثيرا في‬
‫كل الأديان الطبيعية الأخرى) وإطلاق السلطان الإلهي «وام يكن لهُ وَلِىّ مُنَ‬
‫وأما‬ ‫الذلّقني‪ .4‬فأما الحمد فهو رمز ما في الإسلام من تسليم بإرادة الخالق‪.‬‬
‫التكبير فهو رمز الحرية المطلقة أو العبودية لله وحده ومقتضاها الاجتهاد في العلم‬
‫والجهاد في العمل‪ .‬لذلك اعتبرنا الآية غاية العلاج لأنها تنتهي بتعريف بعدي‬
‫الإسلام السالب والموجب‪:‬‬
‫والهيمنة للأديان المحرفة منزلة كانت أو‬ ‫داريق‬
‫تقدصبمعي‬
‫ابالهو ن‬
‫فسل‬
‫طبيعية والتي ما تزال عندئذ موجودة في الجزيرة العربية‪ :‬المسيحية واليهودية‬
‫والمجوسية وكل الوثنيات‪.‬‬
‫وإيجابا هو إيجاب العلم والعمل بمعيار الحمد رمزا للتسليم للإرادة الإلهية‬
‫(لأن الحمد يكون على الخير والشر) والتكبير الذي يعني نفي ما هو أكبر من الله‬
‫ومن ثم العبودية له وحده أو الحرية المطلقة التي لا ت‪:‬تتحقق إلا بالتربية الشاملة أو‬
‫بالاجتهاد العلمي والجهاد العملي‪.‬‬
‫لم نختر سورة الإسراء لتحليل نظرية التربية الشاملة بالصدفة‪ .‬فهي‬
‫السورة التي تضمنت كل المعاني التي ينبغي اعتبارها مقومات السياسة النبوية‬
‫وكل المحاذير التي يجب تجبنها في فهمها؛ لكأن كل ما حصل في تاريخ الفكر‬
‫البشري لتحديد مناهج التعليم والتطبيق المحمديين للاستراتيجية القرآنية تمثل‬
‫مضامين السورة فضلا عن كونها حددت صفتي القرآن من حيث هو نقد‬
‫وتفكيك للتجارب الدينية السابقة بمنهج الفهم والقراءة لنصوصها التي طبق‬
‫عليها غربال التصديق والهيمنة فضلا عن الدليلين المشيرين إلى الحقائق التاريخية‬
‫لدور الأمة الأسمى شاهالدةع عالىلمين بالرسالة الخاتمة والدليلين المشيرينإلى‬
‫اعتماد الرسالة المحمدية على إعجاز الاجتهاد والجهاد بعلم العادات والعمل بها‬

‫‪641‬‬
‫لا على إعجاز خرق العادات بل وفضلا عن إشارتها للصراع التاريخي بين الأمة‬
‫وعدوها الحالي في فلسطين بؤرة كل الصراعات‪.‬‬
‫فأما دليلا الحقائق التاريخية فهما‪:‬‬
‫الرسالة الخاتمة‪.‬‬ ‫الدليل الأول‪ :‬هو علاقة منزلة الأمة المستخلفة بكلية‬
‫والدليل الثاني‪ :‬علاقة الأمة المستبدلة بالكرة الثاني في حسم الصراع الجاري‬
‫ية‪.‬‬ ‫نتها‬
‫وصيغ‬‫ي في‬‫هدية‬
‫صليهو‬
‫لع ا‬
‫ايا م‬
‫حال‬
‫هىاد والاجتهاد فهما‪ :‬تنبيه النبي إلى ما‬‫للةجعل‬
‫ارسا‬‫وأما دليلا اعتماد ال‬
‫يمكن أن يقع فيه من خطأ التحريف لعدم العمل بقاعدة التواصي بالحق والتواصي‬
‫بالصبر‪ .‬وهو أمر كاد يوقعه فيه أعداؤه‪ :‬وهذا الإغراء قانون كلي لم يشذ عنه‬

‫وهو الإغراء نفسه الذي تتعرض له أمته اليوم من أعدائها إذ يزينون لها‬
‫شبها من القيم حتى تتحرف عن أسمى القيم التي هي جوهر البيان القرآني‬
‫هي‪«:‬بشرية النبي» فضلا عن‬ ‫مة‬
‫سجة‬
‫ا بح‬
‫حادات‬
‫ونفي المعجزات الخارقة للع‬
‫عدم نفع الخوارق في الإقناع بالدعوة‪ .‬كما أن ذريعة التخويف لا ينبغي أن تكون‬
‫يىن الرشد من الغي بأدوات البيان‬ ‫ي عل‬
‫بدها‬
‫تتما‬
‫من أدوات الدعوة الخاتمة لاع‬
‫العقلاني والوجداني والحجة الجامعة لكل هذه الأدلة هي ما استخرجناه من‬
‫والتي تتضمن كل هذه المعاني فروعا منها‪.‬‬ ‫ورة‬
‫لرةسمن‬
‫اأخي‬
‫الآيات السبع ال‬
‫وذلك ما كان علينا بيانه‪.‬‬
‫وبذلك يتحدد لدينا المبدأ الأساسي الذي يمكن أن يعتبر سر الطابع الثغوري‬
‫مع بين أمرين يبدوان‬ ‫لمجعلى‬
‫اسلا‬
‫للقيم القرآنية‪ :‬المبدأ الذي يفسر اعتماد الإ‬
‫متناقضين قصدت الحرية الدينية والوصل المتين بين الديني والسياسي‪ .‬فكيف‬
‫نفهم ذلك ؟ لما كان تصور الاستراتيجية والسياسة يستعملان عادة للكلام على‬
‫‪741‬‬
‫أفعال تجري في عالم واحد متناه هو الدنيا بات من الواجب أن نجيب عن سؤال‬
‫يؤرق الكثير من النخب بصرف النظر عن حسن النية أو سوئها الذي ينسبه‬
‫والسياسة أن‬ ‫ينجية‬
‫ت يمك‬
‫ا هل‬
‫رين‪:‬‬
‫تديثي‬
‫سلتح‬
‫ال ا‬
‫لى ج‬
‫لة إل‬
‫جالتأصيليين عاد‬
‫تتجاو زا الأفعال المحدودة التي تجري في المكان والزمان المتناهيين للعالم الدنيوي‬
‫صالختين لكل زمان ومكان‬ ‫ان‬
‫نحيث‬
‫وما ب‬
‫كعليه‬
‫تلية‬
‫فتتضمنان أبعادا دينية متعا‬
‫ومن ثم متحررتين ثما ينتهي إليه الموقف التاريخاني؟‬
‫فخاصية استراتيجية القرآن وخاصية سياسة النبى أنهما لا تقتصران على‬
‫اون امتناع‬‫يي ه‬‫بساس‬
‫فتفسه بل إن مبدأهما الأ‬ ‫بنهنمك‬
‫تسيير الشأن الدنيوي وكأ‬
‫ذلك إلا إذا قبلنا ببكوص السياسة إلى التاريخ الطبيعي فألغينا التاريخ الروحي‬
‫من الحسبان نفيا لكل ما يتعالى على التاريخ‪ .‬فيكون مدار الإشكال كله حول‬

‫قضيتين أساسيتين‪:‬‬
‫القضية الأولى‪ :‬كل الإشكال في الوجود الإنساني الفردي والجمعي‬
‫يكمن في هذه العلاقة بين متناهي الحياة الدنيا (‪-‬جوهر السياسي من حيث هو‬
‫أصل الأدوات) ولامتناهي شروطها التي تضفي عليها المعنى (‪-‬جوهر الديني‬
‫من حيث هو أصل الغايات)‪ .‬وهو ما يجعل إغفال الصلة بينهما في سياسة الشأن‬
‫الإنساني أمرا تمتنعا‪ :‬وذلك هو معنى إيمان الاإنسان بما وراء روحي يؤسس وجوده‬
‫الطبيعي العضوي والنفسي فلا يتركه حبيس القانون الطبيعي بل يضيف إليه بعدا‬
‫أسمى هو القانون اخلقي ‪.‬‬
‫القضية الثانية‪ :‬وإغفال هذه الصلة لا يلغيها كما قد يتصور البعض حتى‬
‫وإن كان يخفيها‪ .‬فإلغاء اللامتناهي من حياة الإنسان مستحيل‪ .‬لذلك فإغفال‬
‫الصلة يعكسها فيجعل المتناهى لا متناهياء أي ‪ :‬إنه يقلب العلاقة بين الطبيعي‬
‫والروحي لا غيرء فننتقل من اللامتناهي السليم إلى اللامتناهي المرّضي‪ :‬وذلك‬
‫هو معنى إيمان الإنسان بالطاغوت أو بالضرورة العمياء التي تتميز بها الصدفة‬
‫والاتفاق أصل العودة إلى التاريخ الطبيعي والجري وراء تكديس الثروة مثلا لسد‬
‫‪841‬‬
‫ما لا يسد من مطلوب اللامتناهي الفاسد الذي هوالعبارة الفلسفية عن الشرك‬
‫الذي يعدل امتناهي باللامتناهي ‪.‬‬

‫وقد قدم القرآن الكريم حلا لهذين الوجهين من معضلة العلاقة بين‬
‫الإنسان بفضل التحديد القرآني للعلاقة بينهما كما‬ ‫اية‬
‫يهي ف‬
‫حتنا‬
‫التناهي واللا‬
‫الآيتين اللتين تعالجان القضية‬ ‫رة‬
‫قمن‬
‫ب‪65‬‬
‫ل‪2‬‬‫ا‪ 5‬و‬
‫‪52‬‬ ‫ين‬
‫تين‬
‫يلة ب‬
‫اينلمنآالص‬
‫يتب‬
‫من مدخليها الممكنين‪ :‬من مدخل الألوه (آية الكرسي وفيها تحديد نسبية علم‬
‫الإنسان بالمقارنة مع إطلاق علم الله) ومن مدخل الآله (آية الرشد أو حرية‬
‫العقد وفيها تحديد استناد وجود الإنسان إلى العروة الوثقى التي لا انفصام لها)‪.‬‬
‫تينناهي واللامتناهي‪-‬ويسمى هذا‬ ‫مب‬‫فمبداً حرية العقد المبني على إدراك الاعللاقة‬
‫الإدراك رشدا‪-‬متقدم على مبدأ جهاد الكفر الذي هو عدم إدراك هذه العلاقة‬
‫لأنه شرطه‪ .‬فيكون جهاد الكفر متعلقا بمنع الكافرين حرية المعتقد عن غيرهم أو‬
‫بفرض معتقدهم عليهم وليس لذاته بدليل مدح القرآن التعدد والسماح للأديان‬
‫الأخرى بممارسة شعائرها والاحتكام إلى شرائعها‪.‬‬
‫حول مسألة الردة خلافا‬ ‫للاف‬
‫خيجع‬
‫لها‬
‫اخلي‬
‫وفهم هذه العلاقة بمد‬
‫زائفا لأن أمرها محسوم قرآنيا في الآية ‪ 711‬من البقرة إذا وُصلت بالآية ‪652‬‬
‫منها‪ :‬فكلتاهما تبحثان المسألة في صلتها بالحرية والاكراه‪ .‬إنما علة الخلاف‬
‫هي عدم فهم العلاقة الناتجة عن صلة التناهي باللاتناهي أو السياسي وأساسه‬
‫الإكراه بالديني وأساسه الحرية‪ .‬وقد رمزت الآية ‪ 652‬من البقرة لعلاقتهما‬
‫بعلاقة الطاغوت والله فجعلت العلاقة السوية أو الاستمساك بالعروة الوثقى‬
‫مقتضية الكفر بالأو ل والإيمان بالثاني‪ .‬وبين أن السياسي الذي هو مانلمتناهي‬
‫والدسبي ضرورة لا يمكن أن يستوعب الديني الذي هو من اللامتناهي والمطلق‬
‫ضرورة‪ :‬وتلك هي علة استناد السياسي إلى الروحي عندما يكون سويا وسعيه‬
‫‪9401‬‬
‫لاستتباعه عندما يفسد‪ .‬فيكون من الواجب إذن ألا يضبط هذا بذاك‪ .‬والتمييز‬
‫بين السوي والفاسد يسير‪ :‬فالمعيار هو عدم قلب العلاقة بين المتناهي النسبي‬
‫واللامتناهي المطلق لثلا يكون الأول ملحدلدثااني‪ .‬فكل عمل ذي مفعول‬
‫ديني يتجاوز حياة المرء الخاصة سواء ألغى واجبا دينيا أو فرضه يعتبر إطلاقا‬
‫للمتناهي السياسي و تقديما له على اللامتناهي الديني‪.‬‬
‫ذلك هو التعدي على الدين التعدي الذي تجب مقاومته لأنه هو سبب‬
‫ارتداد الضعيف خوفا من القوي أو طمعا فيه‪ .‬المشكل هو إذن مشكل تأثير‬
‫والفقراء أعني باب الشرك الأوسع الذي‬ ‫تينضفيعفين‬
‫سترف‬
‫مالم‬
‫لاء و‬
‫اقوي‬
‫الأ‬
‫أهمله تحويل الحكم من الراد إلى المرتد‪ .‬فالحكم لا يتعلق بالمرتد بل بالراد إنه‬
‫ياءنعنهم بالقوة أو بالإغراء!”'‪ .‬فالصديق‬
‫دضعف‬
‫يتعلق بسعي الأقوياء إلى رد ال‬
‫لم يتصد لمرتد ارتد من تلقاء نفسه عملا بمبدأ عدم الإكراه في الدين بل هو‬
‫تصدى للإكراه في الدين أعني لسادة قوم أرادوا بفعل ذي دلالة سياسية رد‬
‫دمهيم عننهم بتقديم مثبالا شلبيعهصيان المدني رفضا لتطبيق أحد فروض‬
‫قو‬
‫الإسلام وبالأخص الفرض الذي يعالج مسألة الفقر بأداة تحرير المستضعفين‬
‫من المستكبرين أداة إعادة توزيع الرزق التي كلف القرآن الدولة بها‪ :‬الصديق‬
‫فاهملآية ‪ 711‬حق الفهم لأنه عمل بحكمها فحارب سادة قوم سعوا إلى رد‬
‫قومهم بسلوكهم الذي أطلق السياسي في أمر ديني فأفسد الحكم الشرعي لأنه‬
‫آل إلى أمر الأقوياء الضعفاء بعدم العمل بأحد أركان الإسلام‪.231‬‬
‫الجمع بين الدين والسياسة‪ :‬الحد من الغلو في الدين ومن‬ ‫ومن مقتضيات‬
‫ثم الحاجة إلى الصبر على الناس في تربيتهم الدينية والحد‬ ‫الإطلاق العقدي ومن‬
‫السياسية ومن ثم ضرورة الحاجة إلى الصرامة في احترام‬ ‫من الغلو في الذريعية‬
‫إدارة الشأن العام‪ :‬تياسر ماعلمؤمنين العاديين وتعاسر مع‬ ‫ال‬ ‫ج في‬
‫مينية‬
‫القيم الد‬
‫من ولوه أمرهم؛ أي ‪ :‬عكس ما يحصل عندما تفسد السياسة والتربية فيتسيب‬
‫‪031‬‬
‫أولو الأمر ليستبدوا بالمؤمنين‪ .‬والعلة مضاعفة‪ .‬فأئرٌ الأدوات في الغايات يقتضي‬
‫الصبر في العمل لأن ذلك من شروط تحقيق القيم‪ :‬فلا بد من اتباع سبل الدعوة‬
‫بالتي هي أحسن وترك الزمن يفعل مفعوله لأن الأثر لا يحصل دفعة واحدة‬
‫بل لا بد فيه من التدريج‪ .‬وأثر الغايات في الأدوات يقتضي الحرص على ألا‬
‫م هنوفعة المادية‬
‫ليد‬
‫اوح‬
‫تتحول الغاية إلى ملبرلروسيلة حتى لا يصبح المعيار ال‬
‫والمباشرة عملا بمنطق الذريعية المطلقة‪ .‬ثم إن سنة الاستبدال والاستخلاف‬
‫ذات صلة وطيدة بفساد أولي الأمر خاصة والمترفين عامة وصلاحهم لاستتباع‬
‫الأخيرين للأولين في الغالب‪ 5 :‬ذا ردن أن ذُهْلِكَ قَريَة أَمَرْنا مُتْرَفِيمًا فَفْسَقُوا‬
‫[الإسراء ‪.]61‬‬ ‫فيما فُحَققٌّ عَلَيْمَا الَْوْلُ فَدَمرْنَامًا تَدميراً‬
‫وإذن فالجمع بين الدين والسياسة وبين النظر والعمل يقتضي قدرا كبيرا‬
‫دات والتشريعات إلى حد ضرب من السلوك هو‬ ‫ق مع‬
‫تعامل‬
‫عالت‬
‫م في‬
‫لونة‬
‫مناالمر‬
‫جوهر المعنى الإيجابي والعميق لفصل السياسي عن الديني في علاج المصالح‬
‫العامة كما فهم ذلك الغزالي وابن خلدون من الفرّق بين منزلة ولاية الأمر في‬
‫العقيدة عند السنة والشيعة‪ :‬فهي منها في المذهب القائل بالوصية (مذهب الشيعة)‬
‫ومن المصالح العامة المتروكة لاجتهاد الأمة وإجماعها في فهم أخلاق القرآن وسنة‬
‫الرسول وقيمهما في المذهب القائل بالاختيار (مذهب السنة)‪ .‬وذلك ما حدده‬
‫القرآن الكريم فسمح في مستوى المعتقد والتشريع بالاعتراف بالتعدد الديني عقلا‬
‫وعملا بحيث إنه لم يلغ معتقدات الأديان الأخرى وتشريعاتها بل هو ألغى سيادة‬
‫أصحابها السياسية على المسلمين لغاير‪ :‬أي إن المسلمين لهم السيادة السياسة مع‬
‫ضمان الخرية العقدية والتشريعية للأديان التي يعترف بها اللإسلام إيجابا! (وهي‬

‫ثلاث‪ :‬اليهودية والمسيحية والصابئية لأنه لم يشترط عليهم في آبتين من ثلاث إلا‬
‫العمل الصالح والإيمان بالله) وسلبا‪( :‬بإضافة المجوس والمشركين في الآية ‪71‬‬
‫مانحج لأنه اكتفى بإرجائهم ولم يبشرهم بعدم الخوف)‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫كما أن من مقتضيات الجمع بين المتناهي واللامتناهي ضرورة وضع‬
‫مفهوم جديد يتجاوز التقابل السطحي بين الثابت والمتغير برد الثبات إلى البنية‬
‫لنك نتيجتان متعلقتان بالنسخ‬ ‫ذئج ع‬
‫الصورية والتغير للظرف المادي‪ :‬وينت‬
‫إحداهما أصلية والثانية فرعية‪:‬‬
‫النتيجة الأصلية‪ :‬فلهذا الأمر علاقة بأصل خلقي وخلقي للنتيجة السابقة‬
‫وهو مضاعف‪ :‬فالحكم الأعم هو الذي ينسخ الحكم الأخص لصالح الأعم‬
‫كم الأخص الحكم الأعم لصالح الأخص فق دب‬ ‫حينسخ‬‫لكما‬‫اامة‬
‫فديين الع‬
‫قدمة بالنسبة إلى عامة‬ ‫لام هي‬
‫ادد‬‫الخاصة وليس العكس أي إن أقل الأحكام تش‬
‫المؤمنين وأكثرها تشددا هي المقدمة لصفوة المؤمنين تماما كما هو الشأن في كل‬
‫مجاهدة وجهد سواء كان اجتهادا فكريا (العلوم) أو جهادا عمليا (الأعمال)‪.‬‬
‫وهذا القانون لا يقتتصر على التشريعات سواء كانت سماوية أو وضعية بل هو‬
‫يعم عالم الوظائف كلها عند جميع الكائنات الحية‪ :‬فمثلما أن الترقي في النظر‬
‫يقتضي صرامة أكبر كلما صعدنا في السلم فكذلك الشأن في العمل بل هو فيه‬
‫أكثر بينونة لأن العمل تقريبي**! في الأغلب والنظر دقيق دائما‪. .‬‬
‫ولأن القرآن ينطلق من هذه الحقيقة فقد كان مؤسسا لثورة روحية تجعل‬
‫الاعتراف بحاجيات البدن وبالدنيا أهم مقومات الحياة الدينية‪ .‬فليست الأحكام ‪.‬‬
‫الأمرية منافية للأحكام الكونية أو مضادة لها بل هي متممة لها لصلة الخلق‬
‫بالخلقة‪ .‬فكون الإنسان عاقلا لا ينبغي أن يلغي كونه حيوانا بل هو لا يكون‬
‫عاقلا إلا إذا كان حيوانا بنوع الحيوانية التي للإنسان أعني إلا إذا لم تنف عاقليته‬
‫حيوانيته الإنسانية لأن الخاصتين ليستا متجاورتين فحسب بل هما متوالجتان‬
‫الإسلام بحاجيات البدن‬ ‫رةاف‬
‫ت عل‬
‫عهي‬
‫الك‬
‫ومتكاملتان من أصل الخلقة‪ .‬وت‬
‫ءاا أساسيا من العبادة ليس فحسب سلبا لإسكاتها من‬
‫ز به‬
‫جناية‬
‫بولاعتبار الع‬
‫ابا لأن إشباعها السوي جازءلعمنبادة‪.‬‬
‫يدةجبل‬
‫أجل الإعبا‬

‫‪251‬‬
‫فبخلاف الدين المسيحي الذي يعتبر التعالي الروحي مشروطا بنفي الطبيعي‬
‫كما في نظرته للحياة الجنسية؛**' والسياسية وكما في العبادة التي اعتبرت رهبانية‬
‫جيهاد من‬
‫له‬‫يعتبر الإسلام العبادة مشروطة بالرياضة البدنية» والرهبانية عانده‬
‫أجل تحقيق القيم في الدنيا وليس انقطاعا عن الدنياة”' (انظر ما يقول هيجل)‪.‬‬
‫النتيجة الفرعية‪ :‬ولها كذلك علاقة بنظرية نسخ الأحكام‪ .‬فأحكام الله‬
‫لا تنسخ إلا بمعنى إضافي كما تنسخ المراحل اللاحقة المراحل السابقة في كل‬
‫سلسلة ذات مراحل ثابتة» وذلك هو الشأن في كل منظومة تربوية تتدرج بتدرج‬
‫نضوج المربين بإجراءاتها‪ .‬ففيها يكون النسخ إضافيا لمتلقي التربية خلال تدرجه‬
‫في تلك المراحل التي ينبغي أن يمر بها الجميع‪ .‬لا يمكن للجيل السابق أن يفرض‬
‫على الجيل اللاحق التخلي عن مراحل السلسلة الأولى لمجرد أنه قطعها متصورا‬
‫قطعه إياه كافيا لاستغناء غيره عنها‪ .‬والتربية الروحية ليست شيئا آخر غير علاج‬
‫أمراض الروح التي هي نظير الأمراض النوعية للبدن والنفس أعني الأمراض‬
‫الكلية التي تتكرر عند كل شخص فيكون العلاج كذلك موازيا بالنسق نفسه‬
‫عند جميع البشر‪ :‬كل البشر يقطعون مراحل السلسلة وقل أن يشن أحد تماما كما‬
‫النوع كالحصباء والسعال الديكي إلخ‪...‬‬ ‫رلىاض‬
‫مة إ‬
‫أنسب‬
‫هاولشأن بال‬
‫ووظيفة التربية هي التحصين بالتطعيم دون إلغاء مراحل السلسلة التي‬
‫تتكرر مع كل جيل وقل أن ينجو منها أحدء اللهم إلا إذا تم القضاء على المرض‬
‫الدنيا في‬ ‫رناض‬
‫مض م‬
‫ألبع‬
‫لفى ا‬
‫ا يش‬
‫بإطلاق وليمعد مبدأ العدوى عاملا‪ .‬وقد‬
‫السلسلة فيعالج مما يليها فيها وقد يتوقف به المسار في ما دونها فلا ينبغي التشدد‬
‫معه بل ينبغي مساعدته لمواصلة الترقي إلى المراحل الموالية في تحصيل الخلق‬
‫الإسلامي كما نفعل مع أي تلميذ وجد صعوبات في تدرجه التعليمي‪ .‬ولذلك‬
‫فلا بد أن نشرح المقصود بالنسخ بمستويبه التاليين‪:‬‬

‫‪351‬‬
‫فالإسلام لم ينسخ الأديان المتقدمة عليه لا عقائدها ولا تشريعاتها إلا‬
‫للدفيين فيهتدي‬
‫اكما‬
‫إةطلالاق أعني بالإضافة إلى من يريد البلوغ إلى ال‬
‫بإبضاف‬
‫إلى الإسلام‪ .‬لذلك فهو لم يحرم الأديان الأخرى بل طالب أهلها باحترامها‬
‫وتطبيق شرائعها‪ .‬لكن من يقف دون الإسلام فيبقى على دينه من الأديان المشار‬
‫إليها سابقا لم يفرض عليه الإسلام الإسلام دينا بل اقتصر على فرض ولاية‬
‫االدلولإةسلامية مبقيا على حرية المعتقد‪ .‬وانلصإسلام يعده إن عمل خيرا بأن‬
‫لاخوف عليه وأنه سيرجأء و كذلك الأمر بالنسبة للمشركين‪ :‬وذلك بحجتين‬
‫داحض لهما‪:‬‬
‫لا‬
‫أولاهما‪ :‬هي أن الله لو أراد أن يؤمن الناس جميعا فيكونوا أمة واحدة‬
‫لأاعجزه ذلك‪( :‬وَلَوْ شَاء اللَلجهَعَلَكُمْ أَمّةَ وَاحِدَةٌ وَلْكن ليَآبْلنوَكَُمْافيك مُامِ‬
‫فَاسْنَِقُوا الخَيْرَاتِ إلى الله مَرْجِعْكُمْ جميعا مَيُتَبَتَكُم بم كذثط فيه تَحَْلِقُونَ)»‬
‫|المائدة ‪.]84‬‬

‫والثانية‪ :‬هي أن عدم الإكراه في الدين هو شرط صدق الإيمان‪« :‬لآ إكراه‬
‫في الدّينٍ قد تَتيّنَ الّشْدُ مِنَ العَيّ هَمَنْ يبكافلطاعُوتٍ وَيُؤْمِن بالله ققد‬
‫أسْتَّمْسَكَ بالخزوة الوْتْقَىَ ‏‪ ١‬أنفصَام لها وَاللّه سَميخعَليم» ابترة‪.]652‬‬
‫لكن السلطة العليا تكون للدولة الإسلامية المككلفة بالشهادة على العالمين‪.‬‬
‫وتوجد حالتان قبل أن يتحفققق ” توحيد الإنسانية أعني ما ظلت المقابلة بين الداخل‬
‫والخارج موجودة‪ .‬ففي الداخل نجد حالة الأقليات وفي الخارج نجد حالة‬
‫المعاهدات‪ .‬والمبدأ واحد وهو‪ :‬مبدأ حرية العبادة للذات والغير بشرط الولاء‬
‫حاافيلة الثانية ‪.‬‬ ‫اساللته‬
‫للدولة في الخالة الأولى وم‬
‫والإسلام لم ينسخ أحكامه السابقة الموجهة إلى المسلمين في تدريج التربية‬
‫الإسلامية بأحكامه اللاحقة الموجهة إليهم من باب أولى‪ .‬فنسخها يكون بإضافة لا‬
‫بإطلاق أعني بالإضافة إلى من تجاوز الدرجة التي وصل إليها المخاطب ترقيا في‬
‫‪451‬‬
‫مدارج التربية الإسلامية‪ .‬فالإسلام درجات‪ .‬فيكون أقلها صرامة هبوداية التربية‬
‫الإسلامية وفيها الشهادة وحدها كافية وأقصاها صرامة هو غايتها وفيها تكون‬
‫كل الفروض مطلوبة‪ .‬والجميع بحسب مراحل السلسلة التربوية مسلمون تماما‬
‫كما أن تعلم أي نظر أو عمل يكون ذا درجات تنتسب كلها إليهما وتتفاضل في‬
‫كمال التمكن منهما‪ .‬والمعلوم أن السنة بفرقتيها الأشعرية والسلفية تعتبر الإيمان‬
‫متكاملا يزيد وينقص في بعديه العقدي والعملي‪ .‬لذلك انبنى الإسلام على‬
‫سلطتين تربوية هي السلطة الروحية الرمزية وسياسية هي السلطة الزمانية المادية‬
‫وكلتا السلطتين تعتمد المجاهدة الفعلية لكل المؤمنين في التاريخ لتحقيق القيم‬
‫بفضل مؤسستي الاجتهاد والجهاد‪.‬‬
‫وهكذا ندرك مطلبي البحث في هذا الجزء الأول من الكتاب الأول والذي‬
‫يليه الاستثمار الوجودي وال معرفي للإشكالية في جزئه الثاني والثالث من الكتاب» وقد‬
‫حددنا طبيعة العلاقة بين الاستراتيجي والسياسي فيفاتحته‪:‬‬
‫استراتيجية القرآن التوحيدية‪.‬‬
‫ولسحنةيدية‪.‬‬
‫تا‬‫لسة‬
‫واسيا‬
‫ينبغي إذن أن تكون النتيجة عين الموقف الإسلامي من علاقة الدين‬
‫بالسياسة‪ .‬فالسياسة يمتنع أن تكون علمانية بالمعنى المبتذل أي إنها بالجوهر محتاجة‬
‫إلى المقدسات ومن ثم إلى تحقيق القيم الروحية في التاريخ سواء كانت هذه القيم‬
‫حقيقية أو وهمية حتى لو لم تكن منسوبة إلى نبي‪ .‬وذلك لعلتين‪:‬‬
‫‪ 81021‬التي ليس يمكن نفيها‪.‬‬ ‫واامنقعات‬
‫لهم‬
‫ادا‬
‫إح‬
‫والثانية مبدئية‪.‬‬
‫ننية تعني عند القائلين بها ممن يريد فرضها‬
‫اي أ‬
‫مة فه‬
‫لاقعي‬
‫ع الو‬
‫لسألة‬
‫ا الم‬
‫فأما‬
‫على المسلمين أمرين متناقضين‪:‬‬

‫فهم يزعمون تأسيس الحكم من دون قيم روحية متعالية‪.‬‬

‫‪551‬‬
‫ثم يرفضون المصدر الوحيد المتبقي للشرعية أعني الإجماع الشعبي‪ .‬ولو‬
‫كانوا يعتقدون حقا أن الشعب هو أصل الشرعية البديل من الشرعية الدينية‬
‫بسبب عدم إسنادهم السياسي إلى الديني لبات من الواجب أن يسلموا بأن‬
‫الشعب هو المصدر الأول والأخير للسلطة والتشريع ومن ثم فمن حقه إذا أراد‬
‫أن يختار تطبيق الشريعة كما من حقهم أن يجادلوا في ذلك‪.‬‬
‫ولما كان خيار تطبيق الشريعة المنزلة وخيار عدم تطبيقها متقدمين على‬
‫تطبيقها وعدم تطبيقها فإن الفصل بينهما لا يمكن أن يكون إلا خيارا ديموقراطيا‬
‫أو استبداديا‪ .‬وخيار الشعب هو الديمقراطي وخيارهم هاولاستبدادي حتما‪.‬‬

‫والشعب يختار ديموقراطيا أن يكون تشريعه شرعيا فيكون فعله ديموقراطيا‬


‫لاوفيقت نفسه‪ .‬ذلك أن الشريعة الإسلامية نسبت العصمة بعد ختم‬ ‫ارعي‬
‫وش‬
‫الوحي إلى إجماع الأمة حصرا‪ .‬ولو فرضنا الأمة أجمعت على غير ذلك لكان‬
‫ذلك يعني أنها لم تبق مسلمة إذ معنى كونها مسلمة هو إيمانها بأنه لا مشرّع إلا‬
‫الله أو من خوله الله حق التشريع أعني إجماع الأمة بعد ختم الوحي وأنها تشرّع‬
‫لأن الله شرع لها حق التشريع الذي هذا جنسه‪.‬‬
‫ولا يوجد شعب في العالم يقدم العقل المجرد (أي مجرد المعرفة التي‬
‫تكتفي بالضرورة والصدفة لتأسيس ما تسميه معرفة علمية غافلة عن معاني‬
‫الوجود الإنساني) حتى على العقد الخرافي فضلا عن العقد الديني الخالص؛ اللهم‬
‫إلا إذا كان هذا الشعب كله نخبة من جنس هؤلاء القائلين بالعلمانية بحيث يكون‬
‫كله من زاعمي التفلسف الأبتر مروا بتجربة التحليل النفسي التي خلصتهم من‬
‫اللاوعي بإطلاق فضلا عن كون السيادة المطلقة المنسوبة إلى العقل هي بدورها‬
‫عقيدة‪ .‬ولعلها خرافة خاصة إذا ظن العقل أنه له ما يتجاوز به حصيلة التجربة‬
‫والخبرة‪ .‬والديموقراطية التي تخلو من العقائد المتعالية تعني ضرورة سلطان‬
‫اغوجيا والعنف المستتر‪.‬‬
‫يخرمافة‬
‫دالم‬
‫لو‬‫الوأهاواء‬

‫‪651‬‬
‫وأما المسألة المبدئية فهي أن السياسي إذا خلا من المقدس يصبح مقصورا‬
‫على الحيلة والعنف‪ .‬فلا بد من أن تتحول الدولة إلى دولة استعلامات وبوليس‬
‫مطلقين حتى تضمن الأمن والتعايش السلمي بين المواطنين لأن الجميع سيكون‬
‫متربصا بالجميع إذا لم يكن بينهم ثقة متبادلة يضمنها رقيب لا يخفى عنه شيء‬
‫س‪.‬‬ ‫اعتقد‬‫نفي م‬‫لقل‬
‫ا الأ‬
‫على‬
‫وأخيرا فإن ما ينسب إلى المسيح من قول في تأسيس العلمانية من التحريف‬
‫الذي أدخلوه على وصاياه‪ .‬فقد جعلوه يقول بوجوب أن نعطي لقيصر ما لقيصر‬
‫وأن نعطي لله ما لله‪ .‬وحاشاه أن يقول مثل هذا لأنه شرك‪ :‬ففيه عدم الكفر‬
‫ريةية الإيمان المبنية على تبين الرشد (البقرة‪.)652‬‬
‫حه آ‬
‫بالطاغوت الذي تشير إلي‬
‫ما أساس هذه القسمة بين الله وقيصر؟ ومثله قول بولس عن الجسد والنفس‬
‫أولهما للشيطان والثانية لله‪ :‬فليس لقيصر والشيطان شيء مع الله أعني أن الدنيا‬
‫والبدن هما أيضا تابعان لأمر الله والإيمان بالله ليس نفيا للدنيا والبدن لأنهما‬
‫تابعان لقيصر والشيطان بل هو تحريرهما من قيصر والشيطان بتحقيق قيم‬
‫القرآن في سياستهما‪ .‬ينبغي أن تتحقق القيم الروحية في سياسة الدنيا والبدن لأن‬
‫الحياة الدنيا ببعديها الذاتي والمحيط بالذات من‬ ‫تدطمناء‬
‫ملقص‬
‫اا‬‫ذلك هو عين‬
‫أجل الآخرة لا نفيهماء لذلك كانت رهبانية الإسلام مجاهدة الاجتهاد والجهاد‪.‬‬
‫لكن التلاحم بين الدين والدنيا وجوديا وبين الدين والسياسة خلقيا لا يعني أن‬
‫يخيا وفقد تعاليه‪.‬‬
‫تديانرصار‬
‫ال‬

‫‪751‬‬
‫المسألة الرايعة‪:‬‬
‫التنجيم والتاريخية‬

‫ومعنى ذلك أن اعتبار أحكام القرآن وعقائده تاريخية بالجوهر ليس هو‬
‫في الحقيقة إلا تاليا لمقدم هو التلازم بين نجوم القرآن وأسباب النزول عند كل‬
‫الذين يسعون إلى طي صفحة الحضارة الإسلامية‪ .‬وهذا التالي يصبح داحضا‬
‫بمجرد نفي مقدمه‪ .‬عدم تاريخية الأحكام والعقائد في مقومات الاستراتيجية التي‬
‫استخرجناها وحللناها نفي للتالي فينتج عنه نفي المقدم أعني التلازم بين النجوم‬
‫والأسباب‪ .‬ولذلك فقد أخرنا مناقشته لنجعله غاية الثمرة الوجودية للاستراتيجية‬
‫تسليما بوهاء‬ ‫القرآنية والسياسة المحمدية وقد اكتفينا بالإشارة الخاطفة‪637‬‬
‫الاعتراضات المستندة إليه‪ .‬وها نحن نعود إليه لنناقشه مباشرة بعد أن دحضناه‬
‫بصورة غير مباشرة بمجرد إمكان تحديد الاستراتيجية والسياسة‪ .‬والمعلوم أن‬
‫لهذه المسألة وجهين يمثلان أخطر التحديات أمام من يريد أن يفهم تعالي القرآن‬
‫على التاريخ‪:‬‬
‫فأما الوجه الأول‪ :‬فهو علاقة التنجيم بما يسمى أسباب النزول وهي علاقة‬
‫نص عليها القرآن نفسه كما هو بين من الآيتين اللتين جعلناهما شعار المحاولة‬
‫كلها‪ .‬لكن هذه العلاقة أسيء فهمها فأصبحت منافية لتعالي القرآن على التاريخ‪.‬‬
‫وبين أن لطبيعة هذه العلاقة صلة وثيقة بالآليتين اللتين نسبناهما إلى القرآن الكريم‬
‫الإفادة القرآنية ما يعني أننا سلمنا مبدثئيا بوجوب فهم‬ ‫يد‬
‫دا في‬
‫حناه‬
‫تتمد‬
‫واع‬
‫أسباب النزول فهما يحرر القرآن من التاريخية أي إنها تفهم به ولا يفهم بها إلا‬

‫‪951‬‬
‫بمعنى التمثيل بالعينة للقانون الكلي‪ :‬آلية ما بعد السرد القصصي أسلوبا وآلية ما‬
‫بعد الطرد النظري استدلالا‪ .‬ولنبدأ بالإشارة إلى أن الأسباب ليست عللا‪ .‬ولن‬
‫نطيل الكلام في هذه الإشارة‪ .‬فيكفي أن نذكر‪:‬‬
‫أن الأسباب لا ينبغي أن تعتبر أكثر من كونها مناسبات للإعلان عن‬
‫الحكم أو أمثلة لإفهام المخاطبين به وليست علة للحكم في الشريعة‪.‬‬
‫وأنها لا ينبغي أن تعتبر أكثر من كونها مناسبات للإخبار بالحقائق إخبارا‬
‫العقيدة‪.‬‬ ‫ئق‬
‫ا في‬
‫ق علة‬ ‫متعينا ليكون الخبر مصحوبا بالعيان ول‬
‫حيست‬
‫إنما هي إشارة إلى أن الأحداث المقصوصة في القرآن أو الحاصلة في الوجود‬
‫بمناسبة نزول النجوم القرآنية ليست إلا أعيانا تؤخذ دوال لتفيد بغير لسان إما‬
‫معنى الحكم أو مضمون الخبر لأنه يكون منظرا معيشا يدركه المخاطب بكامل‬
‫مداركه‪ :‬دلالة الجزئي على الكلي هي دلالة العيئة على ما هي عينه منه‪ .‬فلا يكون‬
‫فهمها تمكنا ما لم يتقدم عليها الكلي الذي هي عينه منه وهو ما يعني أن علم‬
‫القرآن ككل هو الذي يحدد الوصل بين العينة وما هي عينه منه‪.‬‬
‫وتلك هي طريقة التبليغ التي تجعل القرآن قابلا للفهم من كل إنسان‬
‫نيص النازل‬ ‫لة ف‬ ‫اكلليةأبلحداث الم‬
‫اقصوص‬ ‫فلا يكون اللسان هو أداة البلاغ ال‬
‫أو الأحداث الحاصلة عند نزوله تتكلم بنفسها لمن يعيشها فتحصل كلية البلاغ‬
‫ويكون الخطاب متحررا من خصوصية اللسان‪ .‬والأحداث المقصوصة يمكن أن‬
‫ترد إلى الأحداث الحاصلة فعلا بالقياس عليها فتعتبر من جنس مناسبات النزول‬
‫' لأن المرء يمكن أن يتخيلها قياسا على ما يعيشه من تلاق بين المناسبة والنص النازل‬
‫في تجربته الحية خلال نزول الوحي في حياة الرسول تجربته المماثلة لتجارب من‬
‫حدثنا القرآن عنهم من الأمم الخالية‪.‬‬

‫‪061‬‬
‫فتكون المناسبات نوعين عند معاصري الرسول‪:‬‬

‫نوع مقصوص يمكن عيشه تخيلا بالقياس إلى الحاصل فعلا عند المسلمين‬
‫ل‪.‬‬ ‫واث‬
‫زأحد‬ ‫نوا‬
‫اينلعاصر‬
‫الذ‬
‫ثم النوع الحاصل من هذه الأحداث في المرحلة النبوية التي عاشوها مع‬
‫الرسول صلى الله عليه و سلم بل وشاركوا فيها‪.‬‬
‫وهي عندنا تعود إلى نوع واحد لأن ما عاشه معاصرو الرسول مقتصوص‬
‫علينا هو بدوره‪ :‬الحدث القاص الذي صار مقصوصا لحدث مقصوص كان هو‬
‫الرسالات‪ .‬فأحداث القرآن والسنة‬ ‫سنلة‬
‫لة م‬
‫سطلق‬
‫بدوره قاصا إلى غاية البداية الم‬
‫مقصوصة علينا وهي تقص علينا أحداثا وسننا الدعوى الواحدة التي يعتبرها‬
‫القرآن الأولى حول كلية الدين معتبرا إياها واحدة بالجوهر ومختلفة بالعرض‪.‬‬
‫وما يقصه القرآن من أحداث و سنن وكتب سابقة كان حدثا قاصا ثم صار حدثا‬
‫مقصوصا من حيث هو حصول ومن حيث هو قص ولا يتغير فيه إلا التعين مع‬
‫ا‪.‬‬
‫ه في‬
‫قلمصبها‬
‫ثبات البنية وثبوت الع‬
‫وكلا القصين يقبل العيش تخيلا في كل العصور ومنه يؤخذ معنى‬
‫المعنى الذي قصده القرآن الكريم أعني المعاني الكلية التي يدركها الإنسان من‬
‫حيث هو إنسان بصورة تتعالى على الزمان والمكان‪ :‬لأانهلاأهيمثال التي تعبّر‬
‫عن الفطرة التي فطر الناس عليها وإليها يوجه الخطاب الكلي الخاتم‪ .‬وما من أحد‬
‫يفهم غيره إلا بهذه الواسطة الكلية أعني ما يفترضه مشتركا بين كل الناس إذا‬
‫كانوا في الظرف المعيش نفسه عيشا فعليا لا متخيلا‪ .‬ولولا ذلك لما تواصل الناس‬
‫يال المتوالية ولا‬ ‫ج من‬
‫أسها‬
‫ل نف‬
‫اافة‬
‫المنتسبون إلى ثقافات مختلفة ولا ناسب الثق‬
‫من الجيل نفسه‪.‬‬
‫وحتى تواصل الإنسان مع نفسه فإنه يفترض الشرط نفسه‪ .‬ذلك أن‬
‫لحظات الذات المتوالية لتاتواصل إلا بشرط الاتصال بين المنفصلات وإلا لكان‬
‫‪161‬‬
‫بيةاكلح‪.‬‬
‫صتوال‬
‫الإنسان بسبب توالي الليل والنهار يتعدد بتعدد الانبعاثات الم‬
‫ذلك المتصل الواصل بين المنفصلات التاريخية هو ما طلبناه في هذه الدراسة‬
‫للاستراتيجية والسياسية لكي ندرك الكلي منهما أعني ما يتعالى على الزمان‬
‫والمكان ومن ثم البنية المجردة للفعل الديني والسياسي الساعيين لتحقيق القيم‬
‫الروحية والخلقية في العمران البشري لتعديل سلطان القانون الطبيعي بسلطان‬
‫القانون الخلقي‪ .‬وإذن فكل مأ هو ععييني اعتبرناه عينة لا يعنينا منها إلا ما هي عينه‬
‫منه؛ أعني كليات الوجود الإنساني من حيث هي ما يصل فلسفة التاريخ بفلسفة‬
‫الدين سواء كان ذلك أحكاما من الشريعة وعلما بموضوعاتها وعملا بالعلم‬
‫والأحكام أو إخبارا من العقيدة وعلما بموضوعات واعتقادا للإخبار والعلم‪.‬‬
‫لاقة فهو لا يقل عن الوجه الأول عواصة‬
‫عذه‬
‫له‬‫أما الوجه الثاني‪:‬امن‬
‫وأهمية‪ :‬إنه علاقة التنجيم بترتيب النجوم في المصحف‪ .‬ونحن لم نخض في‬
‫آي القرآن ما طبيعته لأنها قضية ليس لها حل‪ .‬فالمفيد من المسألة أمران‬ ‫ترتيب‬
‫كلامما سلبي‪:‬‬
‫الأول‪ :‬هو اعتراف الجميع بأن ترتيب المصحف ليس كله زمانيا ولا كله‬
‫غير زماني دون أن نعلم ما طبيعته إلا بتخمين بعيد‪.‬‬
‫اف معايير لترتيب يمكن أن يحقق وحدة‬ ‫ش عن‬‫تلعجز‬‫كهو ا‬‫ااني‪:‬‬
‫والث‬
‫يرضى بها العقل غير التي في المصحف الحالي لأن مدعي ذلك ينبغي أن يزعم‬
‫المستحيل أعني العلم بمقاصد الله في قرآنه ذفيرتبه بحسبها مع زعم ليس عليه دليل‬
‫وهو أن الذين جمعوه في الصحف كانوا جميعا غير نزهاء فأجمعوا على تغيير‬
‫لترتيب الذي ارتضاه النبي خاصة‪:‬؛ وكل البدائل التثاابترةيخيا لا تغير من الأمر‬
‫شيئا يستحق الذكر‪.‬‬
‫وحتى يفهم القارئ القصد فلنضرب مثالا من الظاهرات الطبيعية‪ .‬فلا‬
‫شك أن العلماء يستطيعون أن يتصوروا عدة أنظمة تفسيرية لبعض الأصئاف‬
‫من الظاهرات الطبيعية أو لبعض المجالات من الوجود الطبيعي‪ .‬لكن لا أحد‬
‫‪261‬‬
‫يبلغ به الجنون‪ -‬خاصة بعد أن أدرك الإنسان حدود علمه فتخلص نهائيا من‬
‫الأوهام الميتافيزيقية والأسطورية‪ -‬فيزعم أنه وجد النظام الكوني الذي يمدنا‬
‫بترتيب تكونها كلها‪ .‬ورأيي أن هذا الجنون يكون أكبر لو أن أحدا ادعى اكتشاف‬
‫لودمفيصحف لأني أعتبر‬ ‫اموج‬
‫النظام النهائي لآي القرآن الكريم غير النظام ال‬
‫التشاجن في آي القرآن فضلا عنه في معانيه أكثر من التشاجن في ظاهرات الوجود‬
‫الطبيعي رغم أن القرآن من حيث كيانه المادي في المصحف جزء ضئيل من العالم‬
‫الطبيعي ولو اعتبرنا الآيات عناصر‪-‬وهي قابلة لهذا الاعتبار لكونها وحدات‬
‫قائمة بذاتها‪-‬وحاولنا حسبان تواليفها رياضيا حتى من دون تكرارها لبلغنا إلى‬
‫فرضيات من الترتيب تكاد لا تتناهى‪.‬‬
‫فهل معنى ذلك أنه ينبغي أن نيأس من فهم نظام القرآن؟ كلا! يمكن أن‬
‫نفترض سلوكا علميا تماثلا لسلوكنا مع الظاهرات الطبيعية وهو ما حاولناه في‬
‫هذا العمل‪ .‬فبعض الأصناف أو بعض المجالات من آيات القرآن تقبل العلاج‬
‫الظاهرات '‬ ‫الاجتهادي مثلما نفعل مع بعض الأصناف أو ماعلبعمضجالات من‬
‫الطبيعية عندما نأخذها من أحد وجوهها‪ .‬فندرسها ونكتشف ما يساعد على‬
‫فهم نظامها الموجه إلينا‪ .‬فكونها تخاطبنا يقتضي أن تكون منفتحة على مداركنا‬
‫في حدود اجتهادنا المتدرج‪ .‬وقد وضعنا المبدأين المساعدين على ذلك وقمنا بهذه‬
‫المحاولة ناظرين في بعض آي القرآن الكريم من حيث الاستراتيجية التوحيدية‬
‫والسياسة المحمدية‪:‬‬
‫المبدأ الأسلوبي يقول‪ :‬يمكن أن نعتبر وحدة السرد القصصي الوحدة الدنيا‬
‫لقاطع القرآن المادية ذات الوحدة المعنوية‪.‬‬
‫المبدأ الاستدلالي يقول‪ :‬بشرط أن تطابق الوحدة الأسلوبية الوحدة‬
‫الاستدلالية الدنيا التي هي وحدة الطرد النظري والعكس بالعكس‪.‬‬

‫‪361‬‬
‫وليس في ذلك أي دور لأن الأمر يمكن أن يبدأ بأيهما اتفق وبمجرد أن‬
‫يحصل التطابق تحصل الفائدة فنعتبر ذلك وحدة قابلة للدرس وإن بعزل تحكمي‬
‫كما يعمل كل علم يعلم أنه معرفة اجتهادية محدودة‪ .‬وقد ضربنا عدة أمثلة في‬
‫هذه المحاولة وخاصة سورتي يوسف كاملة وبعض آيات آل عمران والبقرة‬
‫والشورى والنساء والمائدة وسيكون المثال الخاتم لعلمية التحديد من سورة هود‪.‬‬
‫النجوم بوحدة القرآن‬ ‫قة‬
‫لينافي‬
‫عحير‬
‫والجامع بين هذين الوجهين الم‬
‫يزيدهما وضوحا التناظر المزدوج المفروض وجوده بين المعقولية والعاقلية لكونه‬
‫شرط كل معرفة علمية بل وكل وجود سوي‪:‬‬
‫فعلاقة الكل بالجزء‬
‫وعلاقة الكلي بالجزئي تحققان تناظرين يؤسسان للترميز الذي يفترض‬

‫إما وجود أثر الكل في الجزء أو أثر الكلي في الجزئي على نحو يجعل العقل‬
‫قادرا على الاستدلال ومن ثم على الفهم والتفسير‪ .‬فهاتان العلاقتان تطرحان‬
‫رغم اختلافهما مشكلا واحدا في المستوى الوجودي والمعرفي يساعدان على فهم‬
‫ه‪.‬‬ ‫مآن و‬
‫والقر‬‫جبين‬ ‫ناقة‬
‫العل‬
‫ولنبدأ بالتمييز بينهما ثم نحدد المشكل الواحد الذي يطرحانه في المستويين‬
‫الوجودي والمعرفي القابلين للتطبيق على قضيتنا‪ .‬فعلاقة الجزء بالكل هي علاقة‬
‫تبعيض يكون فيها الجزء بعضا من الكل دون أن يكون عينا منه‪ .‬أما علاقة الجزئي‬
‫بالكلي فمردها إلى كون الجزئي عينا من الكلي دون أن يكون بعضا منه‪ .‬لكن‬
‫ما يوحد بين الأمرين في إشكالية الوجود والمعرفة هو تعاكس دورهما‪ .‬فالجزء‬
‫حتى وإن لم يكن عينا من الكل فإنه بمنزلته منه يتضمن ما يشبه العين منه لأن‬
‫الكل يكون حاضرا فيه بغياب يعد مكملا للجزء ليحصل الكل‪ .‬والعين حتى‬
‫وإن لم تكن بعضا من مفهوم الكلي فيها بعض من ماصدقه أعني أحد أعيانه‬
‫فوتككونأنها بعض من كل‪.‬‬
‫‪461‬‬
‫الآثار )‪ .‬ففي العلم الأو ل‬ ‫(علم الاحاثيات‪ :‬الحفرييات) وفي الأر كيولوجيااط‬
‫يكفي أن تجد جزءا من جسم أحد الحيوانات حتى تستنتج منه كل الجسم‪ .‬وبذلك‬
‫تدرجه في كلي النوع أو الجدس‪ .‬وذلك لأن الجزء يتضمن الكل رغم غيابه فيكون‬

‫وهو ما يعني أن استنتاج الكل من الجزء يفترض بهذه الحصيلة الافتراضية سبيلا‬
‫إليها علاقة الجزئي بالكلي‪ .‬ذلك أن العالم لا يستطيع أن يستنتج ما استنتج من‬
‫ضرس أو فك أو بعض هيكل بنية الجسم كله إلا لأنه تصور الحيوان صاحب‬
‫ذلك الجزء عينا من الكلى الذي هو نوعه‪ .‬وإذن فعلاقة الجزء بالكل تعمل أداة‬
‫للاستنتاج العلمي بتوسط علاقة الجزئي بالكلي‪ .‬وعلم العكس ممكن كذلك‪.‬‬
‫والأمر نفسه بالنسبة إلى علم الآثار‪ .‬فعالم الآثار يجد قطعة فخار فيستنتج الآنية‬
‫الصناعة‬ ‫الصناعة التي جعلت تلك‬ ‫قواعد‬ ‫الكثير من‬ ‫الفخارية كلها ثم يستنتج‬

‫وكل هذا يبدو يسير الفهم‪ .‬لكن المشكل هو في علاقة بعض أعراض الجزء‬
‫بالجزء ما لا يستوعبه الكلي أو لا يمكن من تضمنه فيبسر الانتقال من أحدهما إلى‬
‫دورها‬ ‫وربما من أمور خفية لا نتصور‬ ‫الأعراض‬ ‫من‬ ‫تجريد الكلي‬ ‫الثاني بسبب‬

‫المحدد رغم كونه كذلك لجهلنا به‪ .‬وسأضرب مثالين أحدهما استعمله حجة‬
‫الإسلام والثاني نستوحيه من الحياة الحديثة‪.‬‬
‫فالغزالي في‪«:‬تهافت الفلاسفة» أراد أن يثبت أن الخلق يقتضي فعلا إلهيا‬
‫يمكن من الاختيار بين المتمائلين بالمعنى العملي للتمائل ومن ثم فهو يقتضي‬
‫وجود الإرادة لترجيح ما لا يكفي فيه العلم والقدرة‪ .‬والمثال الذي يضربه هو أن‬
‫كل الجهاز الفلكي العلمي يمكن أن يبقى صحيحا لو عكسنا وجهة الحركة من‬
‫اليمين إلى الشمال مثلا‪ .‬فلو أشرقت الشمس حيث تغرب وغربت حيث تشرق‬

‫‪561‬‬
‫لبقي كل شيء كما هو ولا يتغير إلا الاتجاه فحسب‪ :‬لكن هذا التماثل قد لا يكون‬
‫حقيقيا لأنه يمكن أن يكون في تفضيل أحد الممكنين علة خفية نجهلها‪.‬‬
‫وإذن فالبنية الرياضية للظاهرات الطبيعية لاتكفي لفهم مايجري فيها لأنها‬
‫تهمل اختيار الترتيب الحاصل وتكتفي بأي ترتيب ممكن تنطبق عليه نظرية الجهاز‬
‫الرياضي كما في حالة الآلة الفلكية‪ :‬ولذلك اعتبر «لايبنتس» العلل الرياضية غير‬
‫كافية وأنه لا بد من علة ميتافيزيقية وهي التي سماها الغزالي الإرادة المرجحة‬
‫وراء القدرة وسماها لايبنتس العلة الكافية‪.‬‬
‫والمثال الحديث الذي أختاره أبسط بكثير من هذا وقد يكون أكثر مساعدة‬
‫على التوضيح‪ .‬فلو أخذنا قانون الطرقات كله وطبقناه بنظام السير على اليمين‬
‫(النظام القاري فأيوروبا) أو بنظام السير على اليسار (النظام الإنجليزي) فإن كل‬
‫شيء يبقى كما هو ولا يتغير إلا الاختيار بين اليسار واليمين مسارا‪ .‬والسؤال هو‬
‫كيف يمكن أن نفسر ما يفلت من مخالب التشاكل الصوري للمنظومات المنطقية‬
‫' والرياضية أي ما يسمى في العلم بالمادة المعينة؟‬
‫والمثال الذي يفهمنا هذا الدور المنسوب لما لا يستطيع التصور الإمساك به‬
‫من دون تعيين يمكن أخذه من مقارنة الحركة الفعلية في المكان بالحركة التصورية‬
‫فيه رياضيا‪ .‬فلو فرضت أني أريد أن أقطع المسافة من رأس مستطيل للعودة إليه‬
‫بالسير على محيطه فإني يمكن أن أقطعه بأحد ترتيبين لا ثالث لهما‪ :‬فإما أن‬
‫أقطعه بترتيب عرض ثم طول ثم عرض ثم طول أو أن أقطعه بترتيب طول ثم‬
‫عرض ثم طول ثم عرض‪ .‬لكن لو كنت سأقطع ذلك في الوجود الفعلي فإن‬
‫ذلك لا يكفي محددا للخيار بل لا بد من أخذ خاصيات الأرض التي ستفرض‬
‫علي الاختيار العيني‪ .‬أما إذا كان علي أن أقطعه في معركة عسكرية مثلا فإن ما‬
‫في المكان وما في الخطتين العسكريتين؛ خطتي ورخطة العدو هما ما سيفرض علي‬
‫اختيار نظام القطع الملتوي وهكذا‪ .‬ولهذه العلة كانت الاستراتيجية منظومة من‬
‫‪661‬‬
‫الفرضيات والبدائل التي لا تتعين حقا إلا بالتكتيك وكان التخطيط المسبق لا‬
‫يغني عن العبقرية العسكرية لقائد المعارك على العين‪ .‬وقواعد التكتيك تصبح‬
‫أساسية لتحقيق الاستراتيجية‪.‬‬
‫وهذه هي النسبة التي تعنينا والتي نبحث عنها في العلاقة بين التجربة‬
‫السياسية المحمدية والاستراتيجية القرآنية‪ .‬فلما كان القرآن نفسه قد تضمن‬
‫الوجهين إذ يمكن أن نعتبر النسبة الغالبة على العلاقة بين القرآن المكي والقرآن‬
‫المدني هي النسبة بين الاستراتيجية والتكتيك فإن بحثنا في الاستراتيجية القرآنية‬
‫أصبح أكثر تعقيدا لأن العلاقة لم تعد بين الاستراتيجية والتكتيك في المجال العملي‬
‫فحسب بل هي كذلك في المجال النظري لأن نسبة القرآن المكي إلى القرآن المدني‬
‫يغلب عليها نسبة العقيدة إلى الشريعة‪ .‬فتكون النسبة إذن ذات مستويين‪ :‬الأول‬
‫«عقيدة‪-‬شريعة» وفيها يتقدم التقويم الخلقي على التقويم المعرفي والثاني أعني‬
‫الاجتهاد نفسه يصبح جهادا «استر اتيجية‪-‬تكتيك) وفيها يتقدم التقويم النظري‬
‫دا‪.‬‬
‫ابح‬
‫ه يص‬
‫تفسه‬
‫جن‬‫اهاد‬
‫على التقويم الخلقي أعني أن الج‬
‫ولما كان الحديث النبوي هو نفسه بصنفيه أحدهما مع الآخر يندرج تحت‬
‫والعادي شرعيا فإننا نجد‬ ‫يا‬
‫دنه‬
‫قي م‬
‫عقدس‬
‫ال‬ ‫ار‬
‫بمكن‬
‫تذ ي‬
‫عن؛ إ‬
‫اسبتي‬
‫هاتين الن‬
‫أنفسنا مع تضاعفين أولهما في القرآن بالمستويين اللذين ذكرنا والثاني في السنة‬
‫بالمستويين نفسيهما ثم في العلاقة بين المستويين من كلا المرجعين‪ .‬وتلك هي علة‬
‫ما بدا من تعقيد في هذه المحاولة وقد سعينا لتوضيح ما نعتبره من المحددات التي‬
‫يمكن أن تساعد الأمة في استئنافتها أو في نبضة الإسلام الثانية التي ستكون بعون‬
‫القرون‬ ‫تاه‬
‫رل م‬
‫فبفض‬
‫ولى‬
‫ضة الأو‬
‫بد من‬
‫نلقص‬
‫ليق ا‬
‫اتحق‬
‫الله أكبر وأقرب إلى‬
‫الخالية من أسباب النصر ماديا وروحيا‪.‬‬
‫وإنه لعين الحكمة ألا يحافظ القرآن في صيغته النهائية على ترتيب النزول‪.‬‬
‫ذلك أن ترتيب النزول فضلا عما فيه من الغيب الذي يشمل التاريخ كله لصلة‬
‫‪761‬‬
‫النجوم بالأحداث التاريخية التي نزلت خلالها ليس يمكن أن يكون ذا نظام يصل‬
‫بين النجوم ذاتيا لها ومنفصلا عن صلتها بالأحداث المناظرة‪ .‬فلو بقي ترتيب‬
‫القرآن تاريخيا لكان معنى ذلك أن التاريخ هو الذي يحدد نظام ما بعده وفي ذلك‬
‫خلف‪ .‬ثم إنه لو بقي النظام التاريخي لأصبح من ثم كل تاريخ مقبل خاضعا‬
‫لظرفيات الحقبة التاريخية التي حصلت فيها إحدى التجارب‪.‬لذلك فالمعنى‬
‫الأساسي لعدم إخضاع المصحف للترتيب التاريخي هو الإشارة إلى تحرير الأمة‬
‫طنلق نظام القرآن‬ ‫نع م‬
‫مبدا‬
‫مانلتقليد بما في ذلك تقليد الصدر لضرورة الإ‬
‫الخفي الذي عليها السعي لاكتشاف أنساق فرضية تقرب منه تماما كما تفعل مع‬
‫ظاهرات العالم الطبيعي وهو ما نسعى إليه في هذه المحاولة‪.‬‬
‫ترتيب القرآن الذي أقره الرسول لمجرد مخالفته الترتيب التاريخي دليل‬
‫على أنه ذو غاية أخرى علمها عند الله‪ :‬إنه يحدد نظام صلة التاريخ بما بعده‬
‫ء‬
‫الكونية والبنيوية بمعزل عن الترتيب الزماني‬ ‫اته‬
‫دندحيث‬
‫حم‬‫مكمه‬
‫الذي يح‬
‫للأحداث التي ناظرتها النجوم لأداء وظيفة التعيين والتوضيح كما بينا هنا عند‬
‫الكلام على علاقة القرآن بأسباب نزول نجومه‪ .‬ولا أحد يزعم أنه اكتشف طبيعة‬
‫الترتيب الوارد في المصحف‪ .‬لكن فرضيتنا تتمثل في ترك الوجه الغيبي من الترتيب‬
‫والبحث في الشاهد منه تماما كما نفعل مع ظاهرات العالم‪ .‬والشاهد من الترتيب‬
‫لا يمكن أن يكون مخالفا لدور الخطاب القرآني من حيث هو رسالة لهداية‬
‫أو أداء الأمانة‪ .‬فإذا بحثنا عن هذا الترتيب‬ ‫خيقلاف‬
‫تتحق‬
‫سه ل‬
‫اسعي‬
‫ل في‬
‫انسان‬
‫الإ‬
‫وراء ما يمثله المصحف من حيث هو حيز لسور القرآن وآياته وجدناه عين ما‬
‫قصدناه بالاستراتيجية التوحيدية التي تجعله قابلا لترتيب مخمس مضاعف فعلي‬
‫يتعلق بالاستراتيجية من حيث هي جهاد» ورمزي يتعلق بها من حيث هي اجتهاد‬
‫بمقتضى أغراض الرسالة التعليمية‪:‬‬
‫فأما المخمس الأول أو المخمس الفعلي فهو ترتيب القرآن باعتباره حدثا‬
‫(حديث يحدث فيحقق أحداثا) ويتعلق بحدث القرآن فيعطينا‪ :‬ترتيب القرآن‬
‫‪861‬‬
‫لتربية الذوق وترتيبه ولتربية الرزق وترتيبه ولتربية سلطان الذوق وترتيبه ولتربية‬
‫سلطان الرزق والأخير للتربية الأصلية أي سلطان الاستجابة للرب وهي مصاحبة‬
‫ْ‬ ‫لكل التربيات السابقة‪.‬‬
‫وأما المخمس الثاني أو المخمس الرمزي فهو ترتيب القرآن باعتباره حديثا‬
‫ادّلثأعنحداث الحاضرة والماضية والمقبلة) ويتعلق بحديث القرآن‬
‫(حدثٌ يح‬
‫فيعطينا‪ :‬ترتيب القرآن الجمالي وترتيب القرآن الخلقي وترتيب القرآن النظري‬
‫وترتيب القرآن العملي وترتيب القرآن الوجودي‪.‬‬
‫فهم‬ ‫وه‬
‫جمثل‬
‫وا ت‬
‫ضنرورة أنتتطابق هذه التراتيب لأنه‬
‫لم‬‫ايس‬
‫ول‬
‫القرآن الكريم ودوره في الاستراتيجية التوحيدية التي نحاول فهمها فتكون‬
‫قراءات ممكنة له‪ .‬وتلك هي العلة التي يبدو فيها المصحف وكأنه عديم الترتيب‬
‫مداركنا‬ ‫يوب‬
‫تها ه‬
‫ررتيب‬
‫تور ت‬
‫ماكن أن نتص‬
‫يي ل‬
‫تماما كظاهرات العالم الت‬
‫لها‪ .‬فالمصحف مثل الطبيعة لا يكشف عن ترتيبه إلا بفضل اجتهاد الفهم من‬
‫منطلق منظور معين لأن ترتيبه الذاتي من الغيب شأنه شأن الطبيعة‪ .‬وإذا اعتبرنا‬
‫أصل كل التراتيب هو التطابق بين الترتيب الوجودي والترتيب الروحي أو‬
‫الاستجابة للرب [الشورى‪ ]83 :‬أمكن أن نعتبر التراتيب الأخرى راجعة‬
‫إلى الجمالي والخلقي غايتين للوجود الإنساني والنظري والعملي أداتين‬

‫الذوق وسلطان الرزق عندما يكونان جماليين‬ ‫سكلأنطان‬


‫ومعنى ذل‬
‫لة الاستجابة للرب‬
‫حيةافي‬
‫وخلقيين يجعلان الذوق والرزق عبادة فيصبحان غا‬
‫حالا وجودية هي عين الاستخلاف الذي يكون الناس فيه في أخوة فتتحقق قيم‬
‫القرآن الكريم في التاريخ الفعلي‪ .‬وتستعمل الحال الوجودية السوية أو الاستخلاف‬
‫والجهاد (العمل) لتحقيق القيم القرآنية تعبيراا علناستجابة‬ ‫التام الاجتهاد (النظر)‬
‫للرب من حيث هي حال يبلغ فيها الوجود الإنساني كماله لأن يكون حقا خليفة‬

‫‪961‬‬
‫ا له في الأرض [الشورى ‪ :]83‬ووَالَِّينَ اسْتَجَابُوا ليم وَأقَامُوا الصّلَ وأمرهُمْ‬
‫شُوبَى بَيْدمُمْ وَمِمًا رَرَفاهُمْ يُنِفونَ‪ 4‬وليس في هذا الكلام أدنى يتوبيا مثالية‬
‫فكل إنسان يصبو إلى ذلك حتى عندما يكون من كبار المجرمين لذلك تراه‬
‫يتعلل بالعوائق الحائلة دونه ليبرئ نفسه من القصور دون هذا الشوق الكلي‬
‫لكمال الإنسان من حيث هإونسان‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫الخاتمة‬

‫نختم الجزءالأول الذي هو قلب المحاولةالفيدلالة الاستراتيجية والسياسية‬


‫بتحليل وجيز لسورة من القرآن تجمع بين الاستراتيجية القرآنية والسياسة‬
‫المحمدية وتطابق الظرف الذي يجري فيه الاستثناف الإسلامي الكوني أعني‬
‫ظرف العولمة الخاضعة للقانون الطبيعي والمتجاهلة للقانون الخلقي‪ :‬إنها سورة‬
‫هود ‪-‬عليه السلام‪ .‬ففيها يتبين التعين الأمثل لعلاقة فلسفة التاريخ بفلسفة الدين‬
‫تيثقي الدين‬ ‫لح‬‫يالي‬
‫من المنظور القرآني تعينها الأمثل في التاريخ الفعلي الح‬
‫الكوني الذي يؤسس العمران على التناغم بين القانون الخلقي والقانون الطبيعي‬
‫في لحظة استئناف المسلمين دورهم التاريخي من أجل تحقيق قيم القرآن الكونية‬
‫بتحريف الفلسفة الكونية الذي يؤسسه على طغيان القانون الطبيعي الذي يكاد‬
‫يلغي القانون الخلقي في مرحلة العولة الإمبريالية من تاريخ الإنسانية‪.‬‬
‫ويحصل اللقاء في ظرف يبين الأهمية التي تكتسيها استراتيجية التوحيد‬
‫القرآنية والسياسة المحمدية الساعيتين إلى تحرير الإنسانية من فلسفة نكصت‬
‫عنوانا للمحاولة استراتيجية‬ ‫ارنا‬
‫بها إلى قانون التاريخ الطبيعي‪ :‬فاندخركت عيلة‬

‫التوحيد القرآنية ومنطق السياسة النبوية‪ .‬وهذا اللقاء بين الكونية الإسلامية‬
‫والعولة الإمبريالية نقرؤه في ضوء تحليل سريع لسورة هود كما كان منطلقنا‬
‫تحليلا سريعا لبعض آيات الإسراء معتمدين في ذلك على آليتي الإفادة القرآنية ‪:‬‬
‫آلية الإفادة العامة وآلية الإفادة المتعلقة بموضوع محاولتنا أعني تحديد الاستراتيجية‬
‫التوحيدية‪ .‬وهاتان الآليتان هما‪:‬‬

‫‪171‬‬
‫آلية ما بعد السرد الروائي (قصة الأنبياء السبعة في السورة التي اخترناها)‪.‬‬
‫وآلية ما بعد الطرد النظري (العلاقات المنطقية الواصلة بين حلقات سلسلة‬
‫الأنبياء الواردة فيها)‪.‬‬
‫وهما آليتان تفترضان أن معنى النص القرآني هو ما يبقى واحدا بعد أن‬
‫جم إلى أي لغة أخرى نتخيلها لنعود منها إلى دلالته الكونية في‬ ‫ر قد‬
‫ترضه‬‫نفت‬
‫معنى معناه وراء أفق التعبير العربي والمعلوم أن ما يبقى واحدا ليس المعنى بل‬
‫هو معنى المعنى الذي نكتشفه بعد الترجمة بالآلتين المذكورتين» أي السرد‬
‫قعدصود‬ ‫مي‬ ‫ل أن‬
‫الروائي والطرد النظري‪ .‬وتمدنا هذه التجربة العقلية بأمر ينابغي‬
‫من الخطاب القرآني وإلا فإن الكلام على كونية الفطرة الدينية وتضمن القرآن‬
‫لمقوماتها ليكون خاتا يصبح فاقدا للدلالة فلا نتأكد من دعويي الكونية والختم‬
‫القرآنيتين ويبقى الأمر مقصورا على مجرد العقد دون دليل يقنع من ينطلق من‬
‫البحث العقلي ولا يكتفي بالموقف الإيماني‪ .‬ذلك أنه لا يمكن أن يكون القرآن‬
‫لةملككللفين بحسب أنواعهم (ونحن نقتصر هنا على النوع الإنساني)‬ ‫اال‬
‫رس‬
‫ثم تكون دلالاته مقصورة على آليات الإفادة في لسان مخصوص هو اللسان‬
‫الذي نزل به دون سواه‪ .‬والمعلوم أن العرب اليوم لا يمثلون عشر الأمة الإسلامية‬
‫‪1‬‬ ‫عددا‪.‬‬

‫فالتسليم بكونية الخطاب الموجه إلى المكلفين يقتضي أن يكاونل فخيطاب‬


‫وفي المكلفين أمران كونيان‪:‬‬
‫أحدهما تتعين فيه كونية القابلية (في المخاطبين)‪.‬‬
‫الي على‬ ‫عحصل‬
‫لب)تفي‬
‫اخطا‬
‫والثاني تتعين فيه كونية المقبولية (في ال‬
‫الخصوصيات الثقافية عامة والخصوصيات اللسانية خاصة قابلية في المتلقين‬
‫ومقبولية في الخطاب المتلقى ؛كليتان بمعزل عن اختلاف الألسن والثقافات‪.‬‬
‫شارمانا إلكيهتافيب‪«:‬الشعر المطلق والإعجاز القرآنٍ»‪751‬‬
‫وهذان الأمران أ هم‬
‫بأصل قدرة الإنسان الرامزية وأصل قابلية موضوعاته المرموزية بحيث تكون‬
‫‪271‬‬
‫‪1‬‬ ‫وراء الألسن التي هي تعبيرات رمزية ثقافية‬
‫>‪#‬م الى‬ ‫‪4‬‬

‫لاغ‪ .‬ويمكن اكتشاف هاتين القابليتين‬ ‫ليست أكثر أدوات التواصل قدارةل عبلى‬
‫اينهرات‬ ‫ظب‬‫لكل‬
‫اتشا‬
‫التناظر البنيوي أو ال‬ ‫نمزي‬ ‫عل ر‬‫أي ك‬
‫بالعودة إلى أصل‬
‫فيمكن الإنسان من أخذ بعضها ليجعله شكلا يصور فيه ' الدوال"‪ .‬والبعض‬
‫الآخر يأخذه ليجعله مضمونا يصور في«هالمدلولات»‪ .‬وبهذا التناظر المتعين أمام‬
‫حواس البشر وحوادسهم يتم التواصل كما بينا لآنه يحقق التشاكل بين تصوير‬
‫"الدوال" وتصوير «المدلولات»‪.‬‬
‫وقد أثكبتتناافبي‪«:‬الشعر المطلق والإعجاز القرآني» أنه ليس شيئا آخر‬
‫ال'" فتعبر‬ ‫لابلزيةمبنىان وبنى المكان الرياضية لأ'نلتكو‬
‫لندمعوينا‬ ‫ار ق‬
‫غي‬
‫عن العلاقات المرموزة بهما معينا «للمدلولات» من حيث هي المعاني التي‬
‫يريد الخطاب تبليغها للمتلقين‪ :‬بالرسم في المكان والحركة في الزمان سواء كان‬
‫المرسوم علاقة أحداث وأفعال أو علاقة أحاديث وأفكار‪ .‬ذلك أنبنى المكان‬
‫بح‬ ‫صعا‬
‫يا م‬
‫تتعين بالأشكال المرئية وبنى الزمان بالأشكال المسموعة أوفبهم‬
‫الخطاب الإنساني كونيا لأنه ينقل تشاكل العلاقات بين ما يحدده من عناصر‬
‫في ما أخذه من الظاهرات ليكون دالا على عناصر ما أخذه منها ليكون مدلولا‪.‬‬
‫وبذلك تكون قوانين العلاقات بين عناصر الدال مناظرة لقوانين العلاقات بين‬
‫اهدي‬
‫م شب‬
‫لكل‬
‫اتشا‬
‫متجاوزا للألسن بفضل هذا ال‬ ‫هم‬
‫ابح‬
‫ف فيص‬
‫تلول‬
‫لالمد‬‫اصر‬
‫عنا‬
‫بين الدال والمدلول وتكون بنية الدال هي المعنى وهو عيني دائما وبنية المدلول‬
‫هي معنى المعنى وهو كلي دائما‪.‬‬

‫ونحن طبعا لا نتكلم على المكلفين الذين هم من غير الجنس البشري‬


‫لأن ذلك لا يعلمه إلا الله بل نكتفي بالمكلفين من البشر الأ‪.‬ين لا يعقلون إلا‬
‫بالجمع بين السمع والبصر كما يتبين من جل آيات القرآن الكريم الخاصة بالمعرفة‬
‫والإدراك‪.‬فلا يفهم الإنسان ما يسمع من الحديث إلا بما يرى من الحدث ولا يفهم‬

‫‪3/1‬‬
‫ما يرى من الحدث إلا بما يسمع من الحديث فيتلازم السمع والبصر‪ .‬واللسان‬
‫المشترك بينهم لا يمكن أن يقتصر على أحد الألسنة مهما كان تميزه في ظن أهله‬
‫بل ينبغي أن يكون أصل اللسان وهو ما أشرنا إليه أعني ما يكون اللسان أحد‬
‫أنواع صوغه والتعبير عنه‪ .‬كما أن المنطق الذي يتفاهمون به ينبغي أن يكون‬
‫أصل النطق أعني العلاقات القابلة للرسم في المكان أو الزمان‪ .‬وقد وصفنا اللسان‬
‫الكوني بأنه ما بعد السرد الروائي ووصفنا المنطق بأنه ما بعد الطرد النظري‪.‬‬
‫والأول هو أصل كل معنى للإفادة التداولية (تحيل إلى الوضعيات الحية للحوار‬
‫بين البشر) والثاني هو أصل كل دلالة للإفادة الدلالية (تحيل إلى الوضعيات‬
‫الفعلية للظاهرات الكونية)‪.‬‬
‫ومثال الإفادة الأولى‪ :‬هو ترجمة القص أي قص فيعرض مسرحي‬
‫والحركة والأمور التي‬ ‫ايهرة‬
‫شي ف‬
‫لماإتكف‬
‫الاه‬
‫صامت أو السينما الصامتة‪ .‬فك‬
‫تدور عليها الأفعال ليحصل التفاهم بين المشاركين في الوضعية الحية حتى لو لم‬
‫ينبس أحد ببنت شفة لأن كلا المتحاورين يخرج من انحصاره في ذاته إلى الكلي‬
‫القيمي المشترك بينهما‪.‬‬
‫ومثال الإفادة الثانية‪ :‬هو الترجمة إلى بنى رياضية تعبر عن العناصر‬
‫والعلاقات التي يتألف منها الحصول الفعلي للظاهرة التي يصوغها القانون‬
‫بينارة الرياضية والمعبر عنه بها هو الرمز المفيد الذي‬
‫عب‬‫العلمي فيكون الاتشلاكل‬
‫انيل عكنلام فايخلرجم كتلاحاورين إلى الكلي المعرفي المشترك بينهما‪.‬‬
‫يغ‬
‫وذانك هما نمطا النمذجة القرآنية أسلوبيا واستدلاليا‪ :‬وهو ما نطلبه‬
‫من سورة هود‪ .‬أما ما عدا هذين النمطين من التأويل (ما عدا قابلية الترجمة‬
‫الممسرحة للأمثال وقابلة الصوغ الرياضي للمثل) فإنه يعود إلى التأويل التحكمي‬
‫كالذي يعتمد عليه علم النفس التحليلي تأويلا للأحلام أو للزلل اللساني غير‬
‫المقصود أو كالذي تعتمد عليه الميتافيزيقا الفلسفية تأويلا للدين بعد فرضه‬

‫‪471‬‬
‫ظاهرا أو إيديولوجيا تما تتصوره علما بالواقع وهما معا أداة النقد الأدبي عامة‬
‫والنقد الثقافي خاصة‪ .‬ويبقى التأويل بمعناه القرآني أعني تحقيق الأمر الغائب في‬
‫عالم الشهادة بصورة تجعل عينه مطابقة لتصوره أو لصورته الرمزية غير القابلة‬
‫للتأويل الدقيق قبل الحصول كما هو الشأن مثلا في وصف يوم الحساب فإنه‬
‫خاص بالله وحده‪ .‬لذلك فئحن سنكتفى بالنوعين الأولين اللذين اعتبرناهما‬
‫تميزين لأسلوب العبارة وطريقة الاستدلال في القرآن الكريم‪ :‬المسرحية المشهودة‬
‫للأمثال أسلوب تعبير والصوغ الرياضي للمثل منهج استدلال‪.‬‬
‫فمن سورة هود يمكن أن نستمد الدليل القاطع على العلا قة الحميمة بين‬
‫وجود الإنسان التاريخي والمرجعية الدينية التأسيسية المتعالية على التاريخ في صلتها‬
‫الْناتتمةمة على الأقل باعتماد مثال القرآن الكريم‬ ‫سىالة‬
‫لةرعل‬
‫اقيم‬
‫بفعل الأمة ال‬
‫وتمثيل النبي محمد صلى الله عليه وسلم لهذه العلاقة الحقيقة رمزا مصطفى صار‬
‫هو بدوره جزءا من المرجعية الرمزية‪ .‬ويكفي أن نرسم القصص الوارد في سورة‬
‫هود«(الأمثال) حتى تصبح علاقات عناصرها مفهومة لأي إنسان فيدرك أنها‬
‫تثثببييتت فؤاد النبي لأن ما سيبرز منها لكل مشاهد دون كلام‬
‫ت‬ ‫على‬ ‫ليست مقصورة‬

‫دالا‬ ‫يبدو مثبطا أكثر تما هو ممثببتت بمجرد جعلنا معناه المرسوم ماثلا للعيان ليكون‬

‫عند الناظر على معنى معناه فيدرك العلاقات الرياضية بين عناصره(امثل) كما‬

‫سنئرى‪ :‬بذلك يتمكن أي متلق من تجاوز المعنى والنفاذ إلى معنى المعنى‪.‬‬
‫فسورة هود لا تفتح على أفق متفائل لو فهمت بمعنى التثبيت بعبرة الماضي‬
‫حصرا فيه واستثئينا دلالتها الاستراتيجية التى نبين هنا‪ .‬وهى ليست للتخويف‬
‫كذلك لأن القرآن بين أن ذلك لم يجد نفعا مع البشر في كل الرسالات السابقة‬
‫ويفضل المحاججة العقلية والانتظام‬ ‫وهو ما جعله يرفض المعاجزة بالخوارق‬

‫الوجودي‪ .‬لذلك فدلالتها الأساسية كما نبين هى الدلالة الاستراتيجية التى يعد‬
‫التثبيت أحد عناصرهاة*! لأنها تتضمن مقومات البنية الثابتة لمجريات الأمور في‪.‬‬
‫‪571‬‬
‫التاريخ الإنساني ومن بينها حال الفاعل النفسية‪ .‬ومن ثم فهي محددة لاستراتيجية‬
‫تكوّن الفواعل القيمية دون أن تكون هي متكونة لتعاليها على الزمان والمكان‬
‫كما بينا في هذا الجزء الأول‪ .‬فلو أخذنا مراحل القصة في السورة فرادى لكانت‬
‫لا تعني إلا معناها المباشر ولغفلنا عن معنى معناها بل إن بعض ما تقصه يبدو‬
‫ْ‬ ‫فاقدا لكل معنى‪.‬‬
‫فأي معنى لرسالة مضمونها لا يتعدى أمر النبي (صالح) قومه بأن يتركوا‬
‫ناقة ترعى وتشرب وهم قوم عطاشى؟ ف«الثمد» الذي سميت ثمود به هو القلت‬
‫الذي سرعان ما يغيض ماؤه فيجف فيكون أهله ضمآى‪ .‬ومن منطلق هذا المعنى‬
‫إذا فرضئاه مرسوما أمام ناظر أي متلق بصرف النظر عن لغته سينبع سؤال‬
‫حتمي يدل على غرابة الوضعية‪ :‬أي معنى لجماعة أمام قلت ناضب ماؤه مع‬
‫رجل يطلب منهم أن يتركوا ناقة تشرب معهم بالتداول واصفا إياها بأنها ناقة‬
‫لله؟ ألا يبدو ذلك غريبا بل وربما مجانيا؟ ولنواصل فنسأل‪ :‬أي معنى لنبي (هود)‬
‫يتحدى قومه (عادا) الذين طالبوه ببينة فيرد عليهم بدعوتهم إلى أن يكيدوه إذا‬
‫استطاعوا دون مزيد تعيين علما وبأن السورة كلها سميت باسمه ما يعني أن‬
‫لهود دورا مركزيا في الرمز المعمى للدعوة التي بمثلها والتي يكفي فيها الجمع بين‬
‫الاسمين اسم النبي واسم القوم لنعلم طبيعتها‪ :‬أن يدعو هود عادا إلى الهدى‬
‫حتى لا تعود إلى القانون الطبيعي وتتخلى عن القانون الخلقي؟‬
‫وما علاقة بشارة الملائكة لزوج إبراهيم التي تجاوزت سن اليأس بالموقف‬
‫دون الإنجاب؟ وما‬ ‫ول‬
‫حبما‬
‫يفوا‬
‫كهلفيام حول سلوك قوم لوط الذين عر‬
‫كل‬
‫دلالة أن تضحك حتى قبل أن يعلمها الملكان بالبشارة؟ وما دلالة المرأتين الملعونتين‬
‫زوج نوح والعجوز ف الغابرين من قوم لوط وبينهما زوج إبراهيم؟ كل ذلك‬
‫يبدو وكأنه كلام لا رابط بينه ما لم ندرك الخيط الناظم‪ .‬فهل نكتفي بالمعنى‬
‫الحدثي كما يمكن رسمه أمام ناظرينا أم ينبغي أن نطلب معنى المعنى الحدثي‬

‫‪671‬‬
‫المرسوم”*'؟ كيف يمكن إذن أن تكون القصص السبع الواردة في السورة مجرد‬
‫قص للتثبيت دون أن يوجد فيها ما يمكن أن يكون مثبتا إذا أخذناها بمعناها المباشر‬
‫الدال على العصيان وما يترتب عليه من عقاب وكفى؟ أيكون هذا المعنى المباشر‬
‫كافيا لكي يواصل الرسول دعوته أم هو قد يجعله ييأس منها إذا كان يرى في‬
‫السورة فشل سبع رسالات سابقة في تحقيق قيم الرسالة؟‬
‫وأما إذا أخذنا القصص السبع من حيث هي وحدة فوصلنا جزئياتها بما‬
‫بينها من علاقات منطقية قابلة للعرض في شكل رياضي مَجَدَوَل بعد رسمها‬
‫في شكل حسي يراه أي إنسان دون حاجة إلى لسان معين فإننا سنكتشف قصة‬
‫متحركة تعين وراءها معنى معناها وسنجد فيها رموزا لمضمونات الرسالة الناتمة‬
‫ولدورها واستراتيجيتها المقبلين وللمشكلات التي تعترضها وكيف لها أن تعالجها‬
‫بإشارات للنبي الخاتم حتى يحقق ما عجزت دونه الرسالات السابقة أو يصلح ما‬
‫حرف من كتبها وسير أهلها‪ .‬ولسنا بحاجة إلى القول إن المخاطب بالسورة هو‬
‫النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأن الخطاب غير مقصور على تثبيته بل هو‬
‫خطاب يجعل دعويي رسالته هما حقا ما تفيده سلسلة الرسالات السبع الواردة‬
‫لةوفيجود الإنساني ومن ثم فهي تثبت أنه‬
‫ضهامنيا بنايوي‬
‫فايلسورة وما تعقالج‬
‫الرسول الخاتم والشاهد على الرسل كلهم‪ .‬فتكون سلسلة الرسالات المقصوصة‬
‫دالة على‪:‬‬
‫تحديد مضمون الرسالة‪.‬‬
‫وتحديد استراتيجيتها‪.‬‬
‫وتحديد سياستها من خلال‪.‬‬
‫تحديد قواعد بناء صورة العمران السياسية والتربوية‪.‬‬
‫وتحديد قواعد بناء مادته الاقتصادية والثقافية‪.‬‬

‫‪771‬‬
‫وأما ثبوت الدعويين (الكونية والختم) وكون الرسول الخاتم هو رمز ‪.‬‬
‫الرسل والشاهد عليهم فهو ما يبينه شرح معنى المعنى الموالي‪ .‬فأهم الحقائق التي‬
‫تجعل الرسول الخاتم رسولا كونيا هو المبدأ الأساسي الذي ورد في سورة هود‬
‫واعتبر أهم مقوم لسياسة الرسول الخاتم‪ :‬ضرورة التسليم بحرية المعتقد وبالتعدد‬
‫الديني وضرورة رعاية الدولة الإسلامية لهذا التعدد شعائر وشرائع مع الصبر‬
‫على سياسة الناس لأن الله لو أراد غير ذلك لجعل الناس أمة واحدة (هود ‪811‬‬
‫وكذلك يونس ‪9 :)99-001‬وَلَوْ شاء رَبّكَ لجعل الدَاسَ مه وَاحَدَةٌ قلا يَََرَاُونَ‬
‫مَخَذَلِفِينَ) اموه ‪ ]81‬ولو شَاء رَيُّكَ لامَنَ مَن في الأرْض كُلهُمْ ججميعاً أن‬
‫كه لاس حَتّى يكوئوا مُؤْمِنِينَ * وما كن لِنَفْس أن تُوْمِنَ إلا بإِذْن الله وَيَجْحَلُ‬
‫الرَحْسَ عَلَى الَذِينَ لآ يَعْقلونَ)‪.‬‬
‫وحتى يكون كل ذلك وما ما ندعيه بخصوصه واضحا للقارئ فلنبين أن‬
‫هذه السورة تمثل رمزا حاسما يجمع بين مقومات استراتيجية القرآن التوحيدية‬
‫ومنطق السياسة النبوية بما ورد فيها من قصص اختيرت من بين عدة إمكانات‬
‫مختلفة عنها في غيرها من السور‪ .‬إن هذه السورة لا تجمع بين الاستراتيجية‬
‫والسياسة بمعناها في اللسان العربي فحسب بل بمعنى معناها الذي يمكن أن يفهمه‬
‫أي إنسان عندما تترجم في رسم نمسرح لما فيها من معان وفي علاقات بين المعاني‬
‫صوص فيها‬
‫قدث‬
‫مالح‬
‫لهو‬
‫ااها‬
‫الواردة فيها قابلة للرسم الرياضي‪ .‬ذلك أن معن‬
‫ولا يفهمه إلا العربي إذا اقتصرنا على الكلام أداة تبليغ‪ .‬أما معنى معناها فهو‬
‫بدوال متجاوزة‬ ‫ل‬‫قكل‬
‫اين ل‬
‫ع يتب‬
‫المقصوص الذي‬ ‫حلىدث‬
‫لية ع‬
‫اتعال‬
‫الدلالة الم‬
‫للحدود الثقافية التي يخضع لها كل لسان أعني برسمها الممسرح (الأمثال)‬
‫وبصوغها الرياضي (امثل)» وهما كما أسلفنا أسلوب التعبير القرآني ومنهج‬
‫هو‬ ‫ث‬‫يمن‬
‫حسان‬
‫استدلاله‪ .‬وبذلك تكون الدلالة مائلة بذاتها أمام ناظري الإن‬
‫إنسان بصرف النظر عن اختلاف الألسن لتتبين له صلة ما يرد في سلسلة الأنبياء‬

‫‪871‬‬
‫ومهمات الأمة القيمة على الرسالة الخاتمة في لحظة الاستئناف بعد أن تكون شروط‬
‫قيامها بالمهمة قد تحققت في التاريخ الفعلي‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن الحدث التاريخي المقصوص في السورة والذي هو ماض‬
‫من حيث معناه ليس هو الغيب المقصود في هود بل الغيب المقصود هو معنى معناه‬
‫الذي هو الثابت البنيوي في العمران البشري من حيث فواعل مجراه التاريخي‪.‬‬
‫ومعنى المعنى هذا هو المقصود في السورة وهو من الغيب الذي أعلم به القرآن‬
‫تهر عالىتيجية الرسالة الكونية وكيف يكون تحقيق‬
‫ساع‬
‫اطل‬
‫الرسول الخاتم لا‬
‫قيمها بأسباب تحقيقها الفعلية أعني بالاجتهاد (نظريا) وبالجهاد (عمليا) وليس‬
‫بالإعجاز الذي هو للتحيير أكثر نما هو للتغيير‪ .‬أما الأحداث التاريخية التي تتعين‬
‫فيها المعاني فإنها للتأويل بمعنى التأويل الحقيقي في القرآن الكريم أعني التحقق‬
‫الفعلي في الوجود‪ .‬وحتى يتأكد ذلك فلا بد أن تكون سورة هود بعنوانها وبكل‬
‫أجزائها وجزئياتها وبالبنية المنطقية التي تصل بينها رمزا مطلق الوضوح لما ننسبه‬
‫إلى الرسالة الخاقة في نقلتها من تأسيس الأمة البذرة خلال نبضتها الأولى عند‬
‫نزول القرآن إلى الشروع في توحيد الإنسانية خلال نبضتها الثانية الحالية بعد تحقيق‬
‫تاريخها الماضي للشروط الضرورية والكافية للقدرة على ما كلفت به فتكون‬
‫النبضة الأولى جديرة بمنزلة النموذج الكوني للحصانة الروحية الإنسانية‪.‬‬
‫وذلك هو معنى الجمع بين الدين عند الله الفطرة والدين عند الله الإسلام؛‬
‫ئناف الأمة الإسلامية السعي الفعلي لتحقيق‬
‫سيةتهي‬
‫فتكون النبضة الثانية الاحال‬
‫المهمة استئنافها لمهمة تحدد استراتيجيتها سورة هود‪ .‬فالسورة تتضمن كل‬
‫لقةك بويننية الإسلامية والعولة الإمبريالية‪ .‬ذلك أن‬
‫مقومات الخطة لعلاج الاعلا‬
‫اسمها الذي هو اسم النبي هود واسم قومه عادء كلاهما ذو دلالة بينة‪ .‬ورسالته‬

‫دي‬ ‫ح بل‬
‫تنوارق‬
‫لالمخ‬
‫امعنى‬
‫بزة ب‬
‫دة إلا بكونها تحديا دون معج‬ ‫دغير‬‫حرة‬
‫فيمالسو‬
‫نفسه من حيث هو معجزهء ما يعني أن الإعجاز هو في الإنجاز التاريخي نفسه‬

‫‪971‬‬
‫وصلته بالمرجعية التي تؤسسه وليس في خوارق تثبت النبوة‪.‬سورة هود التي‬
‫اخترناها رمزا للعلاقة بين الكونية الإسلامية والعولة الإمبريالية هي كما نبين‬
‫رمز مطلق الوضوح‪.‬‬
‫تكون الشريعة الخاتمة تحديا لارتداد الإنسان إلى القانون‬ ‫ف‬
‫ي لنا‬
‫ك تبين‬
‫إنها‬
‫الطبيعي لتخرجه من الرد إلى أسفل سافلين تحد يحقق الاستثناء من الخسر‪ :‬هود‬
‫يهدي عاداء أي من عادوا إلى أسفل سافلين؛ ليخرجهم بالتحدي الخلقي من‬
‫حياة الإخلاد إلى الأرض وذلك هو دور الشريعة‪ .‬لذلك فليس من الصدفة أن‬
‫تقص علينا السورة قصة سبعة أنبياء بخطاب موجه إلى الرسول”! خطاب يدور‬
‫حول ما أطلقنا عليه اسم الفواعل القيمية ودورها اللاحم في العمران‪" :‬‬
‫فساد شروط الرزق (شعيب وكلامه على الميزان)‬
‫وفساد شروط الذوق (لوط وقضية اللواط)‬
‫وفساد سلطان الرزق (فسق المترفين)‬
‫وفساد سلطان الذوق (فساد العلاقة الجنسية)‬
‫بسبب فساد تصور السلطان المطلق فوقها لعدم الاستجابة للرب‪.‬‬
‫لذلك فهي خطاب يحدد مضمون الرسالة عامة والرسالة الخاتمة خاصة‬
‫بوصفها تجمع مضمونات كل هذه الرسالات وهو يعين استراتيجيتها ويفصل‬
‫سياسة تحقيقها كما سنبين في هذه الخاتمة‪ .‬فلننظر في ظاهر المراحل السبع لنستنبط‬
‫بنيتها الباطنة‪ .‬ذلك أن مراحلها السبع‪:‬‬
‫فقلبها هو المرجع الأساسي للرسالة الخاتتممةة (إبراهيم)؛ لأن الإسلام حنيفية‬

‫رت به الخنيفية الأولى ‪.‬‬


‫بقتشما‬
‫إبراهيمية فيكون حنيفية محدئة حق‬
‫وتتقدم عليه ثلاث رسالات من سلسلة الأنبياء المذكورين (رسالات‬
‫نوح وهود وصالح) بترتيب تتبين دلالته من خلال تناظره مع ترتيب السلسلة‬
‫الموالية‪.‬‬
‫‪0‬ظ‪1‬‬
‫وتتأخر عنه ثلاث رسالات من سلسلة الأنبياء المذكورين (لوط وشعيب‬
‫وموسى) بينها من العلاقات ما يزيد هذه الصلة بالرسالة الخناتمة بيانا‪.‬‬
‫فالرسالات السبع لاتذكر كل النبوات بين أولاها وأخراها وإلا لكانت‬
‫عدتها أكثر من سبعة‪ .‬لذلك فاختيارها هذه الرسالات دون سواها كان لغاية‪ .‬وتعيين‬
‫أسماء قومها وأسماء أنبيائها وطبيعة مافسد ويجب إصلاحه كل ذلك لغاية صريحة‪.‬‬
‫والتناظر الغريب بين ما تقدم على القلب وما تأخر هو أيضا لغاية‪ .‬فالقلب يحيط‬
‫به جناحان مثلثان متناظران تناظرا عجيبا عند فهم نظامه إذ هو المضمون المقصود‬
‫ما يخاطب به الرسول الذي عاد (محمد) إلى القلب (إبراهيم) ليحقق رسالته في‬
‫التاريخ الفعلي ولا يكتفي بمجرد الإعلان عنها‪ :‬فيكون محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫إبراهيمٌ الثاني الذي أتم ما دعا إليه إبراهيم الأول ولذلك استحق الاسلام اسم‬
‫الحنيفية المحدثة'*'‪ .‬وجميع ما ورد في الثالوثين المتقدم على إبراهيم (نوح وهود‬
‫وصالح) والمتأخر عنه (لوط وشعيب وموسى) رمزا كما نبين فضلاعن القلب الذي‬
‫يرمز إلى الرسالة الخاتمقة مضمونا واستراتيجية وسياسة وبنية‪.‬‬
‫فالمراحل السبع الظاهرة هي ‪:‬‬

‫فيينة)‪.‬‬
‫اينلتهس ه‬
‫نوح (ب‬
‫وهود (بينته هي التحدي من دون بينه تماثلة للخوارق التي عرفت عن الأنبياء‬
‫اسالبقلينا أحوقين)‪.‬‬
‫ال‬
‫ة)‪.‬‬
‫ق هي‬
‫انته‬
‫لحن(بي‬
‫اال‬
‫وص‬
‫وإبراهيم (لا كلام عن بينته بل الكلام تعلق بمعجزة حصلت لزوجته وجداله‬
‫على قوم لوط وصفته بالأواه)‪.‬‬
‫ولوط (الكلام على إشكالية الانحراف الجنسي)‪.‬‬
‫وشعيب (الكلام على إشكالية الانحراف الاقتصادي)‪.‬‬
‫وموسى (رمز الشريعة بإطلاق قبالة الفرعونية)‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫لكن الحقيقة الباطنة لا تبقى على تواليها الذي يبدو فاقدا لمعنى المعنى بل‬
‫هي تجعلها منقسمة إلى ثلاث مراحل مضاعفة يفصل بين وجهها الأول ووجهها‬
‫الثاني رسالة إبراهيم ‪-‬عليه السلام‪ -‬رسالته التي لم يأت ذكرها بمضمونها بل‬
‫بمحاولته الشفاعة في قوم لوط وكل ذلك يقدم خطابا لصاحب الرسالة الخاتمة لا‬
‫ندرك دلالته ومضمونه إلا بإدراك طبيعة التناظر بين مراحلها في ترتيب يذهب من‬
‫آنخر إلى القلب ترتيب يجعل التناظر بالمزاوجة‬
‫اؤولب م‬
‫الأول إلى القلب وي‬
‫التي تلتقي في القلب دالا على أن المقصود هو هذا القلب من حيث رجوع‬
‫المخاطب إليه في الرسالة الخاتمة‪ .‬ذلك أن السورة كلها خطاب موجه إلى محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم الذي هو (إبراهيم الثاني» لاطلاعه على غيب المستقبل‬
‫ودور أمته الشاهدة على الناس فيه‪:‬‬
‫فالمرحلة الأولى لم تتضح دلالتها إلا في المرحلة السابعة‪ :‬ما كان سفيئة عند‬
‫نوح اتضحت دلالته فإذا هو شريعة عند موسىء» وإذن فالسفينة رمز في رسالة‬

‫نوح لم يتضح معنى معناه إلا في رسالة موسى التي هي في الجوهر شريعة لا غير‪:‬‬
‫همعاء قومه وأدنى رتبهم‬ ‫فد ج‬‫سه ق‬
‫والخيط الرابط بين الأمرين هو اتهام نوح بأن‬
‫الاجتماعية وتحرير موسى للمستعبدين في مصر فضلا عن العلاقة بالماء والشدة‬
‫التي عرف بها كلا النبيين ‪.‬‬

‫والمرحلة الثانية لم تتضح دلالتها إلا في المرحلة السادسة‪ :‬فما كان تحديا‬
‫مجردا لقومه عند هود لم تتضح دلالته إلا عند شعيب بمعنى عمل الشريعة‬
‫التاريخي‪ .‬وإذن فالتحدي رمز لعمل الرسالة في مجال الرزق كما هو بين من‬
‫رسالة شعيب التي تدور حول إشكالية الرزق أو الاقتصاد وهو مشكل ورائة‬
‫الأرض والعدل رمزا إلى ذلك بالكلام على الميزان‪ :‬والخيط الرابط هو التحدي‬
‫لة هود وليس هوإلا الرد على إلغاء القانون الخاقي بالقانون‬
‫ا في‬
‫سعين‬
‫ر الم‬
‫غير‬
‫الطبيعي وعلته هي قضية الاقتصاد التي تبيبت في رسالة شعيب خاصة أن اسم‬

‫‪2351‬‬
‫قومه ذاته رمز لهذا الاولغاء أعني مدين التي تفيد اعتماد الاقتصاد على الربا لعلاقة‬
‫الاسم بالدين ‪.‬‬
‫والمرحلة الثالثة لم تتضح دلالتها إلا في المرحلة الخامسة‪ :‬ذفهما كان ناقة‬
‫صالح لم تعض دلالته إلا قي لوك قوم لوط لذن عقر النقة ومنعها من سقياا‬
‫الانحراف‬ ‫أعني من الماء رمز الحياة ليس هو إلا رمز الانحراف في الغلاقات الجنسية‬
‫الذي يقضي على الحياة‪ .‬والخيط الرابط هو منع الناقة من الشرب علامة على منع‬
‫رمز الحنياة الذي هو الماء والجنس المثلي إيقاف لحياة النوع لمنع التوالد‪.‬‬
‫أما القلب فهو رسالة إبراهيم‪ :‬وهي هنا الرمز الصامت الذي لن يفصح‬
‫عن دلالته إلا في الرسالة الخاتمة رغم كونه مفتاح كل الرموز‪ .‬فإبراهيم لم يذكر‬
‫إلا بصفة الأواه الذي يحاول أن يشفع في قوم لوط مصحوبا برمز المعجزة التي‬
‫المحب‬ ‫بي‬
‫ن خلق‬
‫لثل‬
‫ا يم‬
‫حصلت لزوجته (ولادة المرأة العاقر والعجوز)‪ :‬وهو‬
‫رحمة‬ ‫مودا‬
‫حأ‬‫ماني‬
‫(الخلق الذي سيجعل إبراهيم الث‬ ‫دمها‬
‫سيةارغ‬
‫فبشر‬
‫لل‬
‫للعالمين) أما بشارة المرأة العاقر والعجوز فهو رمز لإنقاذ الإنسانية بالرسالة الخاتمة‬
‫في آخر لحظات الإنسانية التي كان التركيز عليها من ثوابت القرآن الكريم‪.‬‬
‫فهل بقي بعد كل هذا ما يمكن أن يعد خارجا عن مضمون الرسالة الخاقة‬
‫التي يأني بها النبي الخاتم رحمة للعالمين دون أن يكون أواها لأنه سيحقق كل هذه‬
‫المراحل علاجا للرزق والذوق وسلطانيهما والسلطان المطلق فيكون إبراهيم‬
‫الثاني الذي ينجح في تحقيق الرسالة التي لن تحرفء لأن نصها محفوظ من الله؟‬
‫ذلك هو محمد صلى الله عليه وسلم إنه إبراهيم غير الأواه الذي أنيط به‬
‫واجب تبليغ الرسالة الخاتئمة وتحقيق نموذج سياستها‪ :‬إنه محمد رسول المرحلة‬
‫الخاتئمة‪ .‬وهو الذي سيقود السفينة (نوح) فتنجو والشريعة (موسى) فلا تحرف‬
‫ويروي الناقة (صالح) فلا تعقر لما علمه الله إياه من استراتيجية عمادها الاجتهاد‬
‫النظري والجهاد العملي‪ .‬والسفينة والناقة رمزان للشريعة لأن الناقة هي سفينة‬

‫‪301‬‬
‫الصحراء والشريعة هي التي تنجي البشر من أمواج بحر الوجود الهائجة‪ .‬لذلك‬
‫فإن الدولة الشريعة النموذج التي أسسها محمد صلى الله عليه وسلم صارت قوة‬
‫كونية تنظم العلاج السياسي والتربوي والاقتصادي والثقافي والروحي من أجل‬
‫تحقيق شروط الأخوة البشرية وتحرير الإنسانية بإصلاح المعمورة التي حولتها‬
‫العولة إلى «مود كوني» يعقر الناقة ويمنعها من رمز الحياة الماء‪ .‬علاج مسائل‬
‫الرزق وسلطانه ومسائل الذوق وسلطانه ومسائل النظر وسلطانه ومسائل‬
‫العمل وسلطانه والسلطان المطلق أعني الشريعة الدولة التي تمثل سنته نموذجها‬
‫الأعلئى‪ .‬وبذلك تكون الرسالات السابقة مراحل استراتيجية رسالته ومضمونها‬
‫وسياستها‪.‬‬
‫الجمع بين نوح وموسى‬ ‫بناء السفينة وهي هنا الشريعة الدولة» أي‬
‫وكلاهما اجتمع حوله المستضعفون في عصره وكانت علاقتهم بالماء والطوفان‬
‫بينة لمن يحسن قراءة الرموز‪.‬‬
‫علاج التحدي التاريخي الأول لتحقيق القيم والانتصار فذيلك؛ أي‬
‫الجمع بين هود وشعيب بحل المسألة الاقتصادية التي بيبين النص أن أساسها‬
‫العودة (عاد) إلى القانون الطبيعي وتحكيم الربا في الرقاب (مددين»‪.‬‬
‫علاج التحدي التاريخي الثاني لتحقيق القيم والانتصار في ذلك؛ أي‬
‫الجمع بين صالح ولوط بحل المسألة الذوقية التي يبين النص أن أساسها منع الحياة‬
‫على الشريعة وتحويل العالم إلى قلت جافة (نمود) والعزوف عن الحياة الجنسية‬
‫السوية سبيلا لفناء النوع (قوم لوط)‪.‬‬
‫وتلك هي استراتيجية التوحيد السماوية كما يمثل لذلك ذكر إبراهيم‬
‫فضلا عن كون لوط تعني اللحم الواصل بين العناصر؛ وصالح تعني الإصلاح؛‬
‫وشعيب تعني الوصل بعد الفصل إذ هو من الأسماء الأضدادء وهود تعني‬
‫الهداية‪,241‬‬

‫‪451‬‬
‫تضمنت منطق السياسة المحمدية» لأنه وجهت إليه لنصحه بالطريقة‬
‫الناجعة في تحقيق الرسالة الخاتقة‪ :‬الحرية التي تضمن التعدد الديني والشرعي‪.‬‬
‫وحتى لا نطيل الكلام على الرموز الجزئية فقد اكتفينا بجدولين‬
‫يلخصانها‪:‬‬
‫فالجدول الأول‪ :‬يبين التناظر الذاهب من نوح نزولا نحو إبراهيم والآيب‬
‫من موسى صعودا إليه والنزول يمر بهود فصالح ليصل إلى إبراهيم والصعود يمر‬
‫بشعيب فلوط ليصل إليه‪ .‬والنص بهذه الحركة المتوجهة في الحالتين إلى إبراهيم‬
‫الأول يوجه خطابه إلى إبراهيم الثاني أو محمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم‬
‫خطابا يحدد مضمون الرسالة الخاتمة واستراتيجيتها وسياستها حتى تحقق الهدف‬
‫الواحد لكل الرسالات‪ .‬ومن ثم فالحركتان تناسبان ترتيبين يحكيان حركتي‬
‫القبلتين اللتين حللنا في المحاولة‪ :‬من نوح إلإىبراهيم ثم من مإوسبىرإلاىهيم‪.‬‬
‫فتكون الحركة الثانية من موسى إلى إبراهيم حركة المراجعة رمز المراجعة‬
‫التي تمثلها القبلة الأولى وتكون الحركة الأولى من نوح إلى إبراهيم حركة البناء‬
‫في المستقبل أو القبلة الثانية وتسهم كلتا الحركتين في تحديد الاستراتيجية المستقبلية‬
‫الموجهة إلى محمد والتي تبدأ منه فصاعدا‪ .‬ونحن الآن نعيش الانطلاقة الثانية‬
‫ول القرآن تداركا الما فشلت فيه الدعوات‬ ‫نأتزمن‬
‫لاستكمال المهمة التي بد‬
‫عينتها الاستقرائية في هذه السورة الجامعة المانعة‪.‬‬ ‫ج تب‬
‫رقةاكما‬
‫مساب‬
‫ال‬
‫والجدول الثاني ‪ :‬يبين دلالة الأسماء كلها أسماء الأنبياء السبعة وهي جميعا‬
‫عربيها وأعجميها متناغمة الدلالة مع المعاني التي حددها الجدول الأول الذي هو‬
‫بيت القصيد من دلالة السورة‪ .‬ثم يزيد ذلك تدعيما دلالة أسماء أقوامهم السبعة‬
‫دف‪.‬‬ ‫صمن‬ ‫لله‬‫اك ك‬‫وأنن ذل‬ ‫ككن‬
‫يس يم‬‫ودلالة أهم رموز رسالاتهم‪ .‬ولي‬

‫والله ورسوله أعلم‪.‬‬

‫‪561‬‬
‫ج بنيناحين المحيطين بالقلب‬
‫لظر‬
‫اتنا‬
‫ال‬
‫براهيم وما تالاه من سلسلة الأنبياء‬
‫ما تقدم عإلى‬
‫رة‪:‬‬
‫و‪2‬‬‫سين‬
‫لصوص‬
‫امق‬
‫ال‬

‫نايلمعنى‬
‫نوح‬
‫‪1.2‬‬ ‫موسى‬

‫‪1.1‬‬
‫المشكل الثاني‬ ‫المشكل‬
‫هود‬

‫صالح‪-‬الرزق‬
‫لوط‪-‬الذوق‬
‫شعيب ‪2.2‬‬ ‫الأو [‪3‬‬
‫‪2.1‬‬
‫الجنس ‪,‬‬ ‫‪5‬‬ ‫محمد‬ ‫الرزق‬ ‫صالح‬
‫لوط ‪3.2‬‬
‫‪3.1‬‬

‫تأويلاتها‬ ‫الرموز‬

‫‪156‬‬
‫دلالة الأسماء‪ :‬أسماء الأنبياء وأسماء أقوامهم وأسماء‬
‫المشكل المطروح‪:‬‬ ‫الرسالة وطبيعة‬

‫دلالته‬ ‫رمز الرسالة‬ ‫دلالته‬ ‫أسم القوم‬ ‫دلالته‬ ‫اسم النبي‬

‫الجيل‬ ‫يأس من‬


‫الشريعة‬ ‫السفينة‬ ‫‪:‬‬ ‫قوم‬
‫شر‬ ‫‪:‬‬ ‫ابعر | ‪ | 2522‬الستبدل‬ ‫نو‬

‫محل ع‬
‫سلطان‬ ‫كير‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪80‬‬ ‫دعوة إلى‬
‫محدد‬ ‫الأسة‬ ‫د إلى أين؟ | اجيل‬ ‫هود‬
‫القانون الذلقى‬ ‫الأسفل‬ ‫إلى آين؟ | الجيل‬ ‫الهداية‬
‫‪1‬‬ ‫دون بينة‬

‫الناقة‬ ‫سعى‬
‫الرزق‬ ‫شريعة‬ ‫ثمود(ثمد) | القلت الحافة‬ ‫صالح‬
‫لرز‬ ‫نم | شريعة‬ ‫]‪22‬‬ ‫للإصلاح‬
‫السؤال‬ ‫‪1‬‬
‫تحطيم الأصنام‬ ‫الأواه‬ ‫الأب الجامع | قوم إبراهيم‬ ‫إبراهيم‬ ‫القلب‬
‫الوجودي‬

‫ق‬ ‫شريعةةالذوة‬ ‫تبععطيليل اميأةه | مقاومة‬ ‫صل‬


‫‪1‬‬ ‫‪13‬‬ ‫الفساد‬ ‫طُّ‬ ‫قوم لوط‬ ‫و‬
‫لوط‬
‫تس ييبب الاكلجنس‬ ‫الجنسر‬ ‫ا لو للو ا‬ ‫و ‪0‬توحيد‬

‫مقاومة‬ ‫‪5‬‬
‫سلطان‬ ‫‪1‬‬ ‫قوم الربا‬ ‫مدين‬ ‫تعظليم‬
‫الفساد‬ ‫لضا‬ ‫و‬ ‫الفصل‬
‫القانون ال خلة‬ ‫المضاربة‬ ‫ع الدير‪:‬‬
‫نون الخلقي‬ ‫الاقتتصادي‬ ‫‪0‬‬ ‫لين‬ ‫والوصل‬

‫الشرائع‬ ‫الألواح‬ ‫قبل الغضب |‬ ‫الماء والطافو‬


‫السماوية‬ ‫>الكتاب‬
‫‪.‬‬
‫الله‬ ‫عباد‬
‫بنو إسرائيل‬ ‫على خشب‬

‫‪157‬‬
‫* كل ردود القرآن على المعاجزين تستند إلى هذا الانقلاب ‏ الحجاج الديني‬
‫المترتب على كونية الوحي الخاتم‪ .‬فلا يمكن للبديل المحقق للإقناع أن يكون إلا الاستدلال‬
‫والحجة بالآيات الكونية (الآفاق) والتاريخية (الأنفس) التي تبين أن القرآن هو الحق‬
‫بيانا مغنيا عن الإكراه ‪ 4‬الدين‪ .‬وتقتضي هذه الواقعة بوجهيها أننثبت أمرين‪:‬‬
‫فبدلا متنأييد الدعوة بالإعجاز الخارق للعادات كانت ردود القرآن جميعا ودون‬
‫استثناء دعوى إلى النظر من الوجهين التاليين‪:‬‬

‫الوجه الأول‪ :‬هو تعيير للطريقة التي عملت ‪ 2‬الماضي والتي اعتمدت عليها‬
‫الرسالات السابقة وفيها كانت المعجزات خرقا للعادة لكنها لم تحل دون الناس والكفر أو‬

‫التحريف فضلا عن كونها قد اعتمدت طريقة التخويف لا طريقة الإقناع‪.‬‬


‫الوجه الثاني‪ :‬هو تحديد صريح لطريقة المستقبل بدءا من نزول القرآن الكريم‬
‫الذي ختم الرسالات وفيها أصبحت المعجزات هي الإحالة القرآنية على وجود النظام‬
‫للاستدلال به وتحقيق أهداف الرسالة بشروط الفعل الإنساني المستند إلى ما عند‬
‫الإنسان من قدرات على الفعل لتحقيق القيم ‪ #2‬الوجود الفعلي أي استنادا إلى العلم‬

‫الاجتهادي والعمل الجهادي وليس بخرق النظام خرقا يغني عن الاجتهاد والجهاد كأن‬

‫يتحقق المشروع بالتدخل الإلهي ليفعل بديلا من الإنسان‪.‬‬


‫كانت‬ ‫رهاآن‬
‫قج ب‬
‫لحت‬
‫اي ي‬
‫لذلك ففضلا عن الآيات المستمدة من العناية الكونية الت‬
‫كل الآيات التاريخية التي تعالج الأمر هذه المعالجة موازية للرد على تحديات المعاجزين‬
‫للرسول الكريم بصنفيها وعدا ووعيدا وكان الرسول مجتهدا ومجاهدا وهو معنى التلازم‬
‫بين السياسي والديني نتيجة للترابط بين الدنيوي والأخروي‪ .‬فكل الوعود التي تحققت‬
‫كانت بعمل المسلمين ونجاحهم ‪ #2‬تحقيق الشروط أعني بالجهاد والاجتهاد ومن ثم بستن‬
‫النظر والعمل ومعجزات الوعيد كانت بفشل المسلمين © تحقيق الشروط أعني بعدم‬
‫القيام بالجهاد والاجتهاد‪.‬‬

‫‪951‬‬
‫ويبقى علينا أن نحدد المقصود بالآفاق والأنفس‪ .‬التي تمثل بنظامها معجزة‬
‫الاستدلال القرآني بديلا من الإعجاز بمعنى الإتيان بما يخرق العادات الطبيعية‬
‫والتاريخية‪ .‬ويمكن أن يكون المدخل لتحديد معناهما مضاعفا‪:‬‬
‫فالمدخل الأول ينطلق من العطف بينهما ليثبت أحد أمرين‪ :‬فَإِمًا أنه يفيد الازدواج‬
‫بالمقابلة بين الداخل والخارج أي بين ما ذ الأعيان وما ‪ 2‬الأذهان وهذا مستبعد لكنه‬

‫ممكن أو أن القصد‪ -‬وهو الأرجح عندي‪ -‬يفيده بالمقابلة بين الطبيعة والإنسان وهو ما‬
‫جعلني أعتبر الأمر متعلقا بالطبيعة والتاريخ‪.‬‬
‫أما االملدخثلاني‪-‬وهوما يجعلني أرجح هذا الفهم‪ -‬فهوما ‪ 4‬القرآن الكريم من‬
‫استدلالات ترجع جميعها إما إلى النظام الذي تتصف به وقائع الطبيعة أوإلى النظام‬
‫الذي تتصف به أحداث التاريخ فضلا عن التوكيد على اطراد سنن الله فيهما جميعا‬

‫رورة لأنها ليست وليدة‬


‫ضصف‬
‫ل تت‬
‫بهاا لا‬
‫جند لها تبديلا أوتحويلا رغم كون‬
‫تي ل‬
‫سننه الت‬
‫الصدفة أو الحتمية العمياء بل ثمرة الخيار الإلهي الحر بإطلاق لكون النظام عقلا يمكن‬
‫أن يتخذ ما لا يتناهى من الصور ومن ثم فهي رغم حصولها تبقي من الممكن وليست من‬
‫الضروري بمعنى ما لا يمكن تصور غيره‪.‬‬

‫لا ينتسب هذا العمل إلى جنس التفاسير المعتادة بل هو ليس تفسيرا أصلا إذا‬
‫تسياريبة‪«4:‬فلسفة الدين من‬
‫كتف‬
‫حصر معنى التفسير خ ما أشرنا إليه من السنن ال‬
‫أن نشرح كلمات القرآن الكريم أو أن نستعرض‬ ‫فننا‬
‫دم‬‫هيس‬
‫المنظور الإسلامي»‪ .‬فل‬
‫المعلومات الدينية المستمدة منه أو المعلومات التاريخية المتعلقة به‪ .‬هدفنا مختلف تمام‬
‫الاختلاف‪ .‬ما نريده هو اختبار صحة دعوى القرآن عن نفسه أو تعريفه لدوره ‪ 4‬التاريخ‬
‫الإنساني الديني والدنيوي أي الروحي والسياسي بفحص ما طلب أن نمتحن صحته به‪:‬‬
‫الرسالة الكونية والخاتمة أمر تبيّن صحتّه آياتٌ الآفاق والأنفس فتثبت‬ ‫ويحنأنه‬
‫ك صح‬
‫هل‬
‫أن القرآن هو الحق أم إن ذلك دعوى مجردة لا دليل عليها؟ وما الذي يوجد ‪ #2‬القرآن‬

‫‪0451‬‬
‫من خطط ومبادىٌ ونظريات تجعله بحق مطابقا لما يدعيه لنفسه؟ وبعبارة وجيزة‪ :‬هل‬
‫تعريف القرآن لذاته قابل للتحقق منه بصورة علمية ‪ #4‬حدود ما يمكن منه العلم بالحجاج‬
‫العقلي الخالص؟ وللقيام بهذا الاختبار سنعتمد طريقتين منفصلتين ‪ #2‬العرض لكنهما‬
‫متلازمتان ‪ #‬العلاج‪.‬‬
‫أولاهما خ المتن وفيها نحاول قدر المستطاع عرض المسائل والعلاج مباشرة دون‬
‫دخول ‪ #‬التفاصيل التي قد تفرق الهدف ‪ 4‬الاستطرادات التعليلية‪.‬‬
‫والثانية تعتمد العلاج الفرعي ‪ #4‬الهوامش لعلتين متكاملتين‪:‬‬
‫فأما العلة الأولى فهي ما نعلمه من عادات فكرنا التقليدي أعني موقفه إزاء بعائد‬
‫التنظير‪ .‬فهي عند علمائنا من العلم غير النافع إذا لم تكن من الضار لأنها ليست بذات‬
‫بيناغيلرين بدلالة الجزاء‬
‫مأمر‬
‫صلة مباشرة بالعمل‪ .‬أخضعوا اللنمظعرايير العمل فقتلوا ال‬
‫الموجب للخطأ ‪ #2‬الاجتهاد بوصفه تشجيعا على الخيال العلمي المبدع بصرف النظر عن‬
‫تضاريس النظرية‬ ‫بنعة‬
‫تطىادو‬
‫موس‬
‫النتائج‪ .‬ونا كان العمل عادة ما يلزم المرء بالحلول ال‬
‫ُ لماهل فإن الإبداع النظري‬
‫وثناياها التي قد تقعد العامل عن العمل فضلا عن كون اليعمل‬
‫الوقت سدى‪.‬‬ ‫يع‬
‫يلترف‬
‫ضمن ا‬
‫تودا‬
‫ومعد‬
‫تهحيل لأنه بات‬
‫متسشب‬
‫با‬
‫وأما العلة الثانية فهي محاولة لتدارك الأمر بتيسير القراءة لمن يريد أينقتصر‬
‫على المتن الذي نعرض فيه الاستراتيجية والسياسة إذا كان لا يهتم بمتابعة دقائق‬
‫الاستدلال التي قد تجعله يعزف عن مواصلة القراءة لظنه أنها تأملات بعيدة كل البعد‬
‫يل‬
‫صي‬‫اغرق‬
‫فمن‬
‫تفهوم‬
‫عما ينتظره من التفسير خاصة إذا قاسها بما صار يعنيه هذا الم‬
‫التعالم الأجوف الذي يشبه الخلط بين علم الطبيعة والكلام ‪ #‬العجائب‪.‬‬
‫فالهوامش‪-‬باستثناء الإحالات‪-‬تذهب أحيانا إلى بعائد الأمور التي قد لا يتسع‬
‫لها المتن‪ .‬لذلك فهي قد تحول دون القارئ المتعجل وإدراك الوحدة الكلية للاستراتيجية‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار هوامش كل جزء من هذه المحاولة جزءا رديفا يمثل شبه معجم يحرر‬
‫الذي صار فكرنا لا يستسيفه‬ ‫لاج‬
‫لفعمن‬
‫اصن‬
‫الإشكاليات المعقدة التي تنتج عن هذا ال‬

‫‪1301‬‬
‫لفرط تعوده على الثمرات المباشرة والاقتصار على قرائب الأمور‪ .‬والمعلوم أن وجه‬
‫الأحداث من التاريخ يجعل مدى توقع الممكن الذي لم يحصل منها متناسبا مع تذكر‬
‫الممكن الذي حصل منها كما أن منطق الحديث ‪ #2‬الأحداث يجعل مدى استراتيجيات‬
‫الاستعداد للمستقبل متناسبا مع مدى نظريات فهم الماضي‪ .‬لذلك فبوسع أي قارئٌ‬
‫متعجل أن يكتفي بالمتن ويترك الهوامش التي تكاد تصل إلى ثلث العمل ‪ #‬ذيل البحث‪-‬‬
‫المتن قراءة أولى ثم‬ ‫ررغامنءة‬
‫قيف‬
‫كما نفعل ‪ #‬الأجزاء الستة‪-‬فلا ينظر فيها إلا بعد أن‬

‫يعود ليقرأه ومعه هوامشه إن أراد تعميق البحث بعد أن يجعلها موازية للبحث هوامش ‪2‬‬
‫أسفل الصفحات‪ .‬ذلك أن الباحث المدقق ينبغي أن يطلع على الاعتراضات المحتملة على‬

‫ثى‪.‬‬
‫كش عل‬
‫موام‬
‫الىءة اله‬
‫رج إ‬
‫قحتا‬
‫بعض القضايا فيه وأن يجد مبادئ الجواب عليها في‬
‫وقد كتبت الهوامش بصورة تجعلها مادة للباحثين الذين يريدون أن يعمقوا الفحص‬
‫فتكون من جنس المباحث التطبيقية للعلاج النظري ‪ #‬المتن‪ .‬وإذن فالحاجة إلى هذه‬
‫الهوامش علتها مضاعفة‪:‬‬
‫‪ .1‬فهي تمكن من التخفيف على المتن دون إهمال للفحص الفلسفي‪.‬‬

‫‪ .2‬وهي تبقي على دقة التعبير للمتمهلين دون أن تلغي ضرورة الاستجابة لحاجة‬
‫المتسرعين‪.‬‬

‫فتكون هذه الهوامش‪-‬إذا اعتبرت هذه الأعمال مدخلا لدراسة استراتيجية القرآن‬
‫التوحيدية والسياسية المحمدية‪ -‬موضوعات لأعمال تطبيقية حول الإشكالات الفلسفية التي‬

‫يتأسس عليها الفكر الإسلامي بمنطلق جديد يمكنه من تجاوز الأزمات التي آلت إلى وضع‬
‫صار فيه هذا الفكر مقصورا على التاريخ لماضيه أوعلى رد الفعل على حاضر غيره ومن ثم‬
‫بل‪.‬‬
‫قبداع‬
‫تن إ‬
‫سة م‬
‫مالأم‬
‫لكن‬
‫ا تم‬
‫تيجية لتحقيق الشروط التي‬
‫اور‬
‫رتص‬
‫ساتعن‬
‫اجز‬
‫عا‬
‫ألة‬
‫مهسهذه‬
‫ادلوجو‬
‫لفتضنظير البعيد لا يرون إلا أح‬
‫وطبعا فأصحاب الموقف اللرا‬
‫التي أصابت فكر المسلمين بالجمود‪ .‬فلا شك أنه من المعلوم أن المرء عندما يكون أمام‬

‫ينة‬
‫وة م‬
‫رظري‬
‫عمل عليه إنجازه فإنه لا يستطيع أن ينتظر حتى يكمل كل ما تقتضيه الن‬

‫‪291‬‬
‫وذهاب بالأمور إلى الغاية ‪ 4‬تتبع سلاسل المقدم والتالي ‪ #2‬الاستدلال بل عليه أن يعمل‬
‫بالمتوفر لديه‪ .‬لكن ذلك فيه إهمال للوجه الثاني من المسألة‪ :‬فإذا لم يسبق ذلك العمل‬
‫بالمتوفر إعدادٌ نظري لتوفيره قبل إلحاح الحاجة العملية فإن العمل يصبح متوالية من‬
‫الارتجال‪ .‬وبذلك لا تكون النظرية عزوفا عن العمل بل هي إعداد له لكونها ‪ 4‬الحقيقة‬
‫عملا مؤجلا وهو معنى الاستراتيجية‪ .‬ولعل المضمون الرئيسي للآية ‪ 06‬من الأنفال هو‬
‫بالتحديد هذه العلاقة الأساسية ‪ #‬العمل على علم شرطا ‪ #‬كل حصانة سلما أحوربا‪:‬‬
‫لوَاعدُوا لهم ما اسْنَطعْتُم من قو ‪ 0...‬الآية‪.‬‬

‫‪3‬ذلك أن التفسير الفلسفي للقرآن الكريم كما بينا ‏ كتاب‪« :‬فلسفة الدين من‬
‫منظور الفكر الإسلامي» (دار الهادي بيروت ‪6002‬م) ليس هو أمرا ضروريا للمسلمين‬
‫دةامنية‬
‫من منطلق الوضع الإسلامي الراهن فحسب بل هو كان ينبغي أن يكون ضبرور‬
‫الدعوة الإسلامية‪ .‬فالقرآن هاولذي اعتبر تبين حقيقة القرآن أمرا سيري الله الناس‬
‫آياته ‪ #2‬الآفاق والأنفس حتى يتبين لهم أنه الحق وهو الذي يرد على المعاجزين بالإشارة‬
‫إلى نظام الآفاق والأنفس وليس بالمعجزات التي من جنس ما يقصه من التجارب السابقة‪.‬‬
‫وهوما يعني أن وقائع الكون (الآفاق) وأحداث التاريخ (الأنفس) هي الآيات التي يتعين‬

‫فيها مدلول حقائق القرآن المجردة بالمعنى الأول وتصبح دالا لمعنى المعنى فيكون الدليل‬
‫لنحهوق‪.‬‬
‫مضاعفا ‏ حدوثها و العلم به وهو معنى أن يري الله الناس بها أن الاقرآ‬
‫فتكون نسبته إليها مع فارق الإطلاق والنسبية هي نسبة إبداع النظريات الرياضية إلى‬
‫قوانين الطبيعيات التجريبية‪ .‬ولست بغافل عن أن الكثير سيعجب لهذا الأمر رغم أنه‬
‫ليس مجرد ممائلات أجنبية عن الموضوع‪ :‬فالقرآن هو الذي يعلن أن الخلق كله مستند‬
‫إلى قوانين رياضية‪ :‬فنا كََ شَيْءِ خَلْفَتَهُ بقَدَريُه [اسر ‪ .]94‬والمعلوم أن النظريات‬
‫الرياضية المجردة تتبين حقيقتها © تعيناتها كما © قوانين العالم الطبيعي أو قوانين‬
‫العالم التاريخي التي نتأكد منها نسبيا بالمعرفة التجريبية‪ .‬لكن المبدعات التي نعبر بها‬

‫‪3501‬‬
‫ادني متدرج التحقق حصولا وعلما بهذا الحصول لازدواج‬
‫س جه‬
‫نضية‬
‫إريا‬
‫عن الحقائق ال‬
‫الإبداع دائما فتنعكس العلاقة وتصبح قوانين العالم الطبيعي معنى أول معنى معناه هو‬

‫الحقائق الرياضية التي هي بدورها متعالية على تعبيرنا الاجتهادي عنها بما نتخيله‬
‫من نماذج رياضية‪ :‬فهو إبداع للعلم الموضوع وللعلم ما بعد الموضوع‪ .‬والحقائق القرآنية‬
‫المطلقة والمجردة لا تتبين حقيقتها للانسان إلا ‪ #4‬تعيناتها الشاهدة بشهود الإنسان‬
‫لحصولها وبعلمه لما يبدعه من عبارات عن قوانينها وعلمه بها‪ .‬لكن الحقائق القرآنية لا‬
‫ترد إليهما فضلا عن كونها ليست جهدا إنسانيا بل هي وحي إلهي ومن ثم فهي ذات قيام‬
‫مفارق يتجاوز حتى المفارقة التي تتميز بها حقائق الطبيعة والتاريخ ‪ 4‬ذاتها لا قوانينها‬
‫عمل إنساني متدرج لكنه‬ ‫ضوا‬
‫ين ه‬
‫أقرآ‬
‫النسبي بها‪ .‬وعلمنا بحقائق ال‬ ‫ع حليثمهينا‬
‫من‬
‫ينبغي ألا يكون مستقرأ من الآفاق والأنفس بل هو إبداع حر من جنس الإبداع الرياضي‬
‫الفرضي الاستنتاجي وهومبني بالفرض والاستنتاج مثل الرياضيات ويأتي استقراء الآفاق‬
‫والأنفس ليمدنا باستقراءات تؤيد ما افترضناه وراءها معللا لها‪ .‬فكما أن العقل الإنساني‬

‫بفعل خفي لا ندري طبيعته ما هي يبدع تعبيرا تقريبيا مما يسمى الحقائق الرياضية أو‬
‫الحقائق الجمالية أو الحقائق الخلقية باستلهام تأملي لسنن هي توجهات عامة شبيهة‬
‫بسيل يحمل المدركين له حملا على إبداع ما يبدعون وذلك هو جوهر الوجدان الديني‬
‫طبيعته يبدع تعبيرا‬ ‫دفيرلاي‬
‫نل خ‬
‫فكذلك ينبغي أن يكون علمنا بالقرآن حاصلا بفع‬
‫تلك‬ ‫صيل‬
‫أي ه‬
‫وانين العلمية تعبيرا عن وجدان الحقائق القرآنية الت‬
‫عاما أاسملىقمن‬
‫الحقائق الرياضية والجمالية والخلقية وأصل شرطها جميعها أعني هذه القدرة على‬
‫أعني ما بفضله صار الإنسان أهلا للاستخلاف كما‬ ‫ود‬
‫جسرار‬
‫ون أ‬
‫لير ع‬
‫التعب‬
‫التسنمية أو ا‬
‫يتبين من الرمز القرآني‪ :‬ولذلك اعتبر القرآن كل المخلوقات والعالم الذي يحويها كلها‬
‫ظاو‪2‬مات‬
‫نصره‬
‫منا‬
‫سوية وهي تمسك بع‬ ‫رلة‬
‫ط ك‬
‫فء ل‬
‫اىضية ينعكس لها ترا‬
‫رتيبن‬
‫ذا‬
‫هي مثال من اللوح المحفوظ تحاول جميع الإبداعات الإنسانية ومن بينها العلوم التعبير‬
‫عانهلامقدسرتطاع بفضل هذا الترائي العجيب الذي هو جوهر الفطرة الإنسانية أوهي‬

‫‪491‬‬
‫بعبارة مستمدة من رمز الخلق الأسماء كلها التي علمها آدم‪( :‬إوَحَلَم آدَمْ الأسْمَاءً‬
‫مام اسم‬

‫كلما ‪[ ©...‬البقرة ‪ 1310‬وإذا كان الاتعلبيرح عقنائق الرياضية بهذا المعنى هوما بعد‬
‫الطبيعة الاجتهادي فالتعبير عن الحقائق القرآنية هوما بعد التاريخ الاجتهادي الذي هو‬
‫شرط ما بعد الطبيعة الاجتهادي‪ :‬وذلك هاولمقصود باستراتيجية القرآن التوحيدية‪.‬‬

‫* من المفروغ منه أن كلمة استراتيجية ليست موجودة © القرآن الكريم‪ .‬لكن‬


‫معناها بِيّن الوجود فيه‪ .‬فالمعاني © الخطاب عامة وي الخطاب القرآني خاصة ليست‬
‫وتواليفها اللامتناهية‪.‬‬ ‫اتها‬
‫نده‬
‫اءجتحد‬
‫ترشثرا‬
‫أكث‬ ‫ج‬‫يهي‬
‫س بل‬
‫نردات‬
‫متناظرة مع المف‬
‫ولو اقتصرت المعاني على ما يناظر مفردات اللسان اللفظية لاستحال التعبير عما هو‬

‫أكثر تعقيدا من بسيط المعاني ولكانت المباني عديمة الفائدة‪.‬‬

‫القرآن ولا صحة ما فيه أو انتحاله‪ .‬فنحن‬ ‫أحثصكل‬


‫وبنا الب‬
‫مليطسلمن‬
‫ل هذه المحاولة نعامل ما ‪ 4‬المصحف على أنه جملة من المعطيات نبحث عن نظامها‬
‫بأن هذا البحث لا‬ ‫ينا‬
‫للامعن‬
‫تكسفض‬
‫بالفرض والاستنتاج دون النظر ‪ 4‬ما وراء ذل‬
‫معنى له عقديا ومعرفيا‪ .‬ومنطلق البحث هوما يقوله القرآن عن نفسه‪ :‬القرآن يعرف‬
‫ذاته ومن ثم فمنطلقنا هوما بعد القول الوارد فيه حول ذاته كقول‪ .‬ومع ذلك فلسنا ننفي‬
‫أهمية الإشكاليتين التقليديتين أهميتهما عند البعض‪ .‬إنما نحن نكتفي باسثنائهما من‬
‫مطالبنا خ محاولتنا لما نبينه من العلل‪ .‬فالمطلوب ‪ #2‬المحاولة هو التالي‪ :‬عندنا جملة من‬
‫بوصفها‬ ‫تكنها‬
‫ء يم‬
‫ايف‬
‫ر فك‬
‫قريف‬
‫المعطيات هي نص القرآن كما تعين ب المصحف الش‬
‫نصا يحدد نفسه بوصفه استراتيجية تمكن من تحقيق ما جاء فيه من قيم تحقيقا تاريخيا‬
‫فعليا معتبرا ذلك هو عين التدين والعبادة إذا جرت بمقتضى ما وضعه من فيم ومبادئ‬
‫وبأداتين هما الاجتهاد والجهاد وبالشروط التي سندرسها ‪ 4‬هذه المحاولة؟ أما مسألة‬
‫المصحف هوما نزل على الرسول‬ ‫التصديق بأن القرآن من الله ألويس منه وبأن ما‬
‫‪5351‬‬
‫محمد ‪-‬صلى اللّه عليه وسلم‪ -‬كله أو بعضه أو هو يتضمن أو لا يتضمن منحولات؛ كل‬
‫يانا ‪ 4‬هذا البحث فضلا عن كونه عديم المعنى للمؤمن بالقرآن ولغير‬
‫ن مم‬
‫عيس‬
‫يك ل‬
‫ذل‬
‫ية‪:‬‬
‫لعلل‬
‫ا لل‬
‫تذلك‬
‫لو‬‫ااء‪.‬‬
‫المؤمن على حد سو‬
‫‪1‬ف‪.‬إذا أخذنا المسألة كمسألة إيمانية فلا معنى لطرحها ‪ #‬شكل إشكال معرب‬
‫لأن المؤمن بالمصدر الإلهي مؤمن بالحفظ ‪ #‬آن‪ .‬وكل علم مزعوم يناقض هذا الإيمان‬
‫لماعنى له عنده لأن المؤمن يمكن أن يرد بأن صاحب هذا العلم يفترض أن ما حصل‬
‫الحفظ ومقصودا فيه‪:‬‬ ‫ونم‬
‫هن م‬
‫ف يك‬
‫مص لم‬
‫اندة أوإنقاص ‪ #2‬الن‬
‫يه م‬
‫زعم‬
‫مما يز‬
‫حلكذف ما زيد بخلاف الحفظ‬
‫لن ذ‬
‫بالنسبة إلى المؤمن حتى إذا حصل إنقناص فقد كا‬
‫والعكس بالعكس‪ -‬تسليما جدليا بحصوله وردا إياه إلى الحفظ خاصة وأن القرآن الكريم‬
‫يشير إلى حالة من هذا الجنس حصلت للنبي نفسه هي الآيات التي نسبت إلى التمني‬
‫الشيطاني ونسخت نصا ومعنى لهذه العلة‪.‬‬
‫المعرفة إلا‬ ‫دم‬
‫ق لن‬
‫يبحث‬
‫‪ 2‬وإذا أخذناها بوصفها مسألة معرفية فإن هذا ال‬
‫الدافع إذ أي معنى للتمييز بين‬ ‫اعب‬
‫يية م‬
‫غاريخ‬
‫الحديث والصحة الت‬ ‫بلا‪4‬حث‬
‫ملحا‬
‫كا‬
‫عيةنلايه إلا‬
‫يعرف‬
‫الصحيح وغير الصحيح لمن يعتبر الدين كله خرافة ‪ 5‬فطارح المسألة الم‬
‫وجود الشيء ولا معنى عنده لما هو من أصل الرسالة والمنحول إذ هو يعتقد أن الرسالة‬
‫نفسها من عمل البشر ومن ثم فهو بالجوهر منحول على الله‪ .‬فأي معنى عندئذ للتمييز‬
‫بين النوعين عند واضع السؤال على هذا النحو وكلاهما نحل على الله سواء كان من‬
‫الرسول نفسه أوممن أضاف إلى كلام الرسول؟‬
‫‪ 3‬بل أكثر من ذلك فال مسألة المعرفية قد تكون ذات معنى بين المؤمنين ولكن من‬
‫ائها قد أضسدها‬
‫دعض‬
‫عب‬‫أتبر‬
‫لرسالة يمكن أن يكون قد اع‬
‫وجهها العملي لأن البمؤامن‬
‫فيحاول تصفيتها ليصحح عقيدته من حيث ما يترتب عليها من عبادة‪ .‬فلا تكون المسألة‬
‫مهمة بوصفها مسألة نظرية بل بوصفها مسألة عملية‪ :‬الهدف منها هو التمييز بين ما قال‬
‫دهيد مضمون التعاليم ما منها‬ ‫حعلي‬‫تحول‬
‫للمن‬
‫وفض ا‬
‫أ ور‬
‫الرسول وما لمل يلقلعمل بما قال‬
‫وما ليس منها‪ .‬وليس هذا مطلوبنا رغم أهميته لأننا نريد أن نفهم الدور الاستراتيجي‬

‫‪6351‬‬
‫للقرآن كما كان وكما هو بين يدي المسلمين أعني كما هوك المصحف الشريف‪.‬‬
‫‪ .4‬وكيفما كان الأمر ذفي كل هذه الحالات لا بد أن يتقدم العلم بنظام العقد‬
‫القرآني قبل طرح السؤال العقدي والمعر؛ والعملي‪ .‬وكما أسلفنا فمن البين أن من كان لا‬
‫يؤمن بأن القرآن من الله لا معنى لبحثه © الصحة وجودها وعدمها إلا إذا كان القصد‪:‬‬
‫هل هو مما قاله الرسول حقا أومما انتحل عليه أعني مسألة تاريخية بحتة‪ .‬فترد المسألة‬
‫إلى ما يشبه عملية تنقية الحديث وعند المؤمن لا غير‪ .‬لكن ما يصح على الحديث لا يصح‬
‫على القرآن‪ :‬علميا وعقديا‪ .‬فعلميا يعلم الجميع أن الحديث لميدون خلال وروده والقرآن‬
‫ما يقبل الرد إلى نقائص الكتابة أو اختلاف اللغات‬ ‫دون خلال نزوله ولا خلاف إلا‬
‫إذا ما استثتينا خرافات دعاوى الغلاة من الفرق‪ .‬وعقديا يميز المسلمون © ما جاء‬

‫‪ :‬به الرسول بين كلام اللّه وكلامه‪ .‬والأول فوق التاريخ ولا يقبل العلاج التاريخي والثاني‬
‫تاريخي ومن ثم ذيقبل العلاج التاريخي‪.‬‬
‫‪5‬و‪.‬أخيرا حتى إذا قبلنا أن المسألة يمكن أن تكون ذات دلالة معرفيا للتمييز‬
‫بين ما هو من الرسالة وما ليس هو منها فإنها مسألة لا تقدم ولا تؤخر من يريد أن‬
‫يدرس الظاهرة الدينية دراسة علمية بالمعنى الوضعي للكلمة‪ .‬قلا معنى للدراسة العلمية‬
‫الوضعية للظاهرة الدينية ‪-‬أعني الدراسة الانثروبولوجية للمعتقدات والذهنيات‪-‬لا‬

‫بنها‬
‫اي كو‬
‫حيعن‬
‫صنها‬
‫أه م‬
‫معنى لدراستها من خارجها لأن كل ما فيها هو منها إذ كون‬
‫يعتقدون أنه منها ولا شيء سوى ذلك‪.‬‬
‫وما هو ليس منه تبقى ‪ 2‬كل‬ ‫آن‬
‫ر من‬
‫قا هو‬
‫لة م‬
‫امعرف‬‫وحاصل الأمر وزبدته أن‬
‫الحالات مشروطة بنظام عقد القرآن نظامه الذي تفترضه لكي يميز بين ما ينتسب إليه‬

‫ولا ينتسب إليه سواء انطلقنا بهدف عملي عند المؤمنين أو بهدف المعرفة التاريخية عن‬
‫ألة نظام العقد متقدمة وهي عندي من جنس نظرية بنية‬ ‫ممنسثم‬
‫فو‬‫غير المؤمن به‪.‬‬
‫الكائن الحي التي تمكن من الاستنتاج العلمي ‪ 4‬حالة علم الإحاثة( الحفريات )مثلا‪:‬‬
‫فلو لم يكن لنا نظرية ‪ #‬بنية الكائن الحي لما أمكن أن نستنتج من بعض بقايا الهيكل‬
‫العظمي مثلا بنية الكائن كلها ومراحل تطوره الممكنة أاولحاصلة‪.‬‬
‫‪7351‬‬
‫“ من ثوابت الخطاب القرآني © الرد على المعاجزين الذين يطالبون النبي‬
‫بآيات تخرق العادة أبومعجزات لإثبات نبوته الرد بحجتين‪ :‬أولاهما أن معجزات الرسل‬
‫السابقين لم تحقق غرض القبول بنبوتهم والثانية أن المعجز الحقيقي هو‬
‫نظام العادات‬

‫وليس خرقها‪ .‬فوجود النظام أعسر على الفهم والتفسير من عدم وجوده وخاصة وجود‬
‫نظام معين لأن العقل يمكن أن يتصور ما لا يتناهى من النظم الممكنة ما يعني أن الحاصل‬
‫مانلممكن لا يمكن أن يكون إلا ثمرة اختيار قصدي‪ .‬وقد جاء الجمع الحاسم بين هاتين‬
‫‪ .‬الحجتين على هذا النحو يي سورة يونس ‪-‬عليه السلامٍ طقل انظرُواً مَاذًا في‬
‫السَّمَاوَاتِ وَالأرْض وَمَا تخي الآَاتُ وَالتُدُرُ عن قَوْم لا مُوْمُِونَ ‪ 4‬ابرض ‪.]101‬‬

‫‪ 7‬من خاصيات الرسالة الإسلامية التي لم ينتبه إليها العلماء هي أن القرآن‬


‫لم يكن يسعى إلى إثبات أن محمدا رسول ليثبت بعد ذلك أن القرآن رسالة بل العكس‬
‫التي يقصها‬ ‫ايرلمنات‬
‫حلكث‬
‫لن ا‬
‫اين م‬
‫تماما‪ .‬لذلك فالنبي نفسه قد حيره الأمر كما يتب‬
‫القرآن الكريم‪ :‬فكلما عاجزه أحد طالبا منه الإتيان بالمعجزات أحاله على القرآن وعلى‬
‫آيات الآفاق والأنفس التي تبين أنه الحق ومن ثم أن المبلغ نبي حقا‪ .‬ولو قسنا التبليخ‬
‫المحمدي على الطريقة التاريخية لقلنا إن الهدف لم يكن إثبات أمانة الراوي إلا من‬

‫خلال الاحتجاج بطبيعة المروي وصحته‪ :‬فيكون المخاطب مطالبا بأن يبحث ب صحة‬
‫النبوة بمقارنه الرسالة بشروط صحتها أبومطابقتها لما تدعيه لنفسها وتعلل به وجودها‬
‫وليس العكس‪ .‬ونعلم طبيعة الرسالة أونتبين أنها الحق بمطابقتها لمجريات آيات الآفاق‬
‫االولارشده‪4‬ادتين‪ :‬من يعلم‬ ‫تنيب‬
‫رعي‬
‫لآنتهي‬
‫القر‬
‫طريقة ا‬ ‫مما‪.‬‬
‫ه عل‬
‫نفسنبعد‬
‫سلأن‬
‫وا‬
‫الشهادة الأولى على حقيقتها يصبح طالبا للحقيقة فيعلم أن محمدا هو الرسول الذي‬
‫أتى بالحقيقة الكونية والخاتمة حقا‪ .‬فمن يعلم أن القرآن رسالة كونية وخاتمة لا يمكنه‬
‫زات تثبت أن المبلغ نبي‪ .‬فلا يستطيع ذلك إلا نبي أعني عبد من عبيد‬ ‫جإلى‬‫عاج‬
‫أنميحت‬
‫و‬ ‫ا‬

‫‪8351‬‬
‫عندما نفحص أمانة الشاهد ثم نتقبل منه‪ .‬لكن الرسالة الخاتمة تعكس‪ :‬نحدد طبيعة‬
‫اييرها ثم ننظر © قول المبلغ فإذا طابقها دل ذلك على أنه المبلغ الصادق‪.‬‬
‫عقة‬
‫اولحمقي‬
‫ونا كانت الرسالة كونية وخاتمة فينبغي أن يكون دليل النبوة مصاحبا لها دائما‪ :‬لا بد أن‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬هي عين الرسالة‪.‬‬ ‫تكون معجزة محمد ‪-‬صلى‬

‫سيننة بهذا التعريف الذي يجعلها عين الآية من حيث هي فعل مرسل‬
‫لر ب‬
‫اناظ‬
‫* الت‬
‫نوه‬
‫ية ه‬
‫علال‬
‫للدّلالة وبين البصيرة التي تدرك دّلالة الآيات من حيث هي فعل يتلقى الد‬
‫مفهوم الفطرة من حيث هي الفؤاد أاولقلب الذي يدرك دلالة الأدلة سواء كانت طبيعية أو‬
‫قات‬
‫لاءامن‬
‫عأشي‬
‫إنسانية أو الآيات بمعنى الشذرات النصية‪ .‬والقصد هوإدراك ما بين ال‬
‫هي ‪#‬ي مجملها صورة النظام الكوني كما يتجلى للإنسان بكل درجات التجلي من الإدراك‬
‫الغفل إلى الإدراك النقدي بفضل التواصي بالحق والتواصي بالصبر المشروطين ‪ #‬القرآن‬
‫الكريم لطلب الحقيقة وللعمل بما يبلغ إليه منها اجتهاد الإنسان أي إن الاجتهاد المعربخ‬
‫مشروط بالتعاون عليه بين المؤمنين بالحقيقة ومثله الجهاد العملي بين المؤمنين بالحق‪.‬‬
‫وذلك هو عين الإنسان من حيث هو قابل للتراسل مع كل الموجودات تلقيا لها من حيث ما‬
‫و هريها‪.‬‬
‫برادمزة‬
‫ترمز إليها تمظهراتها وتعبيرا عن هذا التلقي فضلا عن تمظهراته ال‬

‫لرةم عطلىابقة‬
‫اقد‬
‫‪ 7‬وهذا الإيحاء (والتعبير عن تلقيه إرسالا يظل دائما دون ال‬
‫معه) هنوظام الآيات أولغة الأفق المبين الذي إذا أخن ذ ذاته من حيث هو لسان حال‬
‫الأمر الموجود هو عبارة عناصر الكون بتآصرها أو بنسق علاقاتها بمقتضى سنن خلقها‬
‫تها عندما اعتبرها رياضية‬
‫يددعلنا‬
‫بح‬‫طرآن‬
‫يتيع للامها إلا الله رغم أن الق‬
‫الغيبية ال‬
‫(مقدارا وعددا) وإذا أخن ‪ 4‬ما عندنا من صورة عنه كك ذواتنا هاولتبين من الإبانة‬
‫المناسبة لنا أوهوعين الفهم والإدراك بمستوياته التي يتكون منها سلم الإدراك بالحواس‬
‫(للدوال) وابلحوادس" (للمدلولات)‪ .‬وهذا الأمر هو الذي سيكون موضوع الكتاب‬
‫الثاني بأجزاته الثلاثة‪.‬‬
‫‪9401‬‬
‫‪ 5‬يمكن أن نقسم الآثار الفنية إلى جنسين حديين‪:‬‬
‫ميثع إنناها لا يتحدد إلا بحال‬
‫جنس الآثار التي يكون فهمها مطلق الحرية بح‬
‫المتلقي الوجدانية وهذا ينطبق حتى على الأثر الفني للطبيعة وأسماها جسد المرأة عند‬

‫الرجل وجسد الرجل عند المرأة‪.‬‬


‫وجنس الآثار التي يكون فهمها محكوما أساسا بما يقوله الأثر عن نفسه لأنه ليس‬
‫من الدرجة الأولى فحسب بل هو أثر وما بعد أثر‪.‬‬
‫ويوجد بين الجنسين وسط ووصلتان بينه وبين الحدين‪ .‬فأما الوسط فهو جوهر‬
‫الخطاب العلمي حيث يتعادل التأويل بين ما تقتضيه ضرورة المادة المعلومة والصورة‬
‫العالمة بحيث إن المعرفة العلمية هي الفن الذي يتساوى فيه دور الذات والموضوع تبادلا‬
‫للتصوير فالذات تفترض صورة والموضوع يعدلها والتعديل يعدل بصورة أرقى وهكذا إلى‬
‫غير غاية لأننا لا نستطيع أن نخرج من فاعلية التصوير الصادرة عن الخيال العلمي وعن‬
‫المادة المدركة فيه‪.‬‬

‫والوصلة الأولى هي التي تصل الحد الأول أو الفن بالعلم أعني الجنس الأول من‬
‫ضاعان لأي مادة‬
‫خن ل‬
‫تتي‬
‫الفن أي غني الصورة الخالصة البصرية والصورة السمعية الل‬
‫وهما الرسم والموسيقى المطلقان إذا تحققا ‪ #‬مادة رياضية بالمعنى الأرسطي المطلق أي‬

‫الخيال والوهم المطلق‪.‬‬


‫والوصلة الثانية هي التي تصل الجنس الثاني من الفن أعني فني ترجمة الصورة‬

‫بصرية وصوتية غير متحررين من أثر المادة التي‬ ‫ر‬


‫و‪4‬‬‫صالصة‬
‫البصرية والصوتية الخ‬
‫يحلان فيها أو التي يعبران عنها وخاصة إذا تحولا إلى أداة تعبير عن غيرهما وراءهما‪.‬‬
‫بما فيهما ذاتهما إذ تصبح موضوعا لهما‪ .‬وإذن فالحدان هما الفن المطلق والقرآن أو‬
‫صلوستطان‪..‬‬
‫وين‬
‫وحد‬
‫النص الديني وبين ال‬
‫عولم بالمعنى الوضعي للكلمة وتتقدم عليه البداية أو الفن‬
‫اوسلط ه‬
‫‪ .5‬فيكون ال‬
‫المطلق والوصلة الأولى وتتأخر عنه الغاية أو الدين المطلق والوصلة الثانية‪ .‬والوصلة‬

‫‪002‬‬
‫الأولى هي ما يصل الفن المطلق بالعلم والوصلة الثانية هي ما يصل الدين المطلق بالعلم‪.‬‬
‫والوصلتان هما جنسا الفن بالمعنى المعتاد‪ :‬الوصلة الأولى هي الفن بمعنى التقنية‪.‬والوصلة‬
‫الثانية هي الفن بمعنى الفن الجميل‪ .‬وهذه المقومات الخمسة هي جوهر التْهّى أو العقل‬

‫الإنساني الذي يمثل شرط التكليف بالمعنيين الأداتي والغائي‪ :‬أي إنه عين الاستخلاف‬
‫غاية وأداة فهو غاية بمعنى أن القصد هوتحقيقه التام بتحقيق قيم الدين وهو أداة‬
‫إلا به إذ هو عين فاعلية الإنسان ‪ #4‬مجاهدتي الاجتهاد‬ ‫حاقق‬
‫تل‬‫تدين‬
‫بمعنى أن قيم ال‬

‫والجهاد اللذين بهما تقاس موازينه يوم الدين‪.‬‬

‫لةم هسذهلمات التي هي بدون تعيين هي شرط كل تعيين وهي اللامحدد‬


‫امل‬
‫‪ 1‬وج‬
‫الصوري المناظر للامحدد المادي أعني أن تحديده المتدرج هو التصوير العلمي للتحديد‬
‫ل ننسقظرية هو الذي يرينا مجال موضوعه إذ‬
‫اأن‬
‫مادة العلم (ل‬ ‫يهد‬
‫داظر ل‬
‫حالمن‬
‫تدرج و‬
‫المت‬
‫هويبرز ما كانت الأنساق السابقة تستثني رؤيته فتكون كل نظرية منظارا أو أفق نظر يري‬
‫ما يرى ويخفي ما يخفى)‪ .‬إنها معتقدات من حيث كونها دون تحديد ومفروضات صورية‬
‫لأ يضفى عليها من نحديد يعين مضمونها بالتدريج كلما تقدمنا ‪#‬تحديد الوجود الطبيعي‬

‫والتاريخي المسلّمين دون تعيين وتحديد نظاميهما المسلّمين دون تعيين للوصول إلى مأ يمكن‬
‫من التعيين بناء عليهما‪ .‬والتعيين هو مطلوب القوانين‪ .‬وتنقسم هذه المعتقدات الشارطة‬
‫والغنية عن التعيين عند أخذها بعامة والمفروضات عند تعيين أحد فهومها إلى صنفين‪:‬‬
‫صنف المعتقدات الدينية أو الوجودية التي تتعين كمفروضات ‪ 2‬ذهومها المتوالية‬
‫(وهو معنى الاجتهاد ‪ 4‬الفهم) وهذا الصنف ضروري للوجود السوي الذي يقتضيه‬
‫العمل والعلم وكل القيم‪ .‬وهي لا يمكن أن تكون مما يتعقد فيه على سبيل الفرض إلا من‬
‫حيث عدم إطلاق الفهم مع إطلاق موضوعه لكونها شرطا ‪ 4‬الوجود بل بالعكس ينبغي‬
‫أن نعتبرها ما يعتقد فيه على سبيل ما لولم يععتتقد فيه للزم الانتحار بسبب فقدان المعنى‪.‬‬

‫لذلك فإنها مما ينبغي اعتباره شرط الحياة السوية لأنها شرط المعنى‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫عتقدات العلمية فيكفي فيه التسليم الفرضي على سبيل أنه شرط‬
‫منف‬
‫أامال ص‬
‫ولا‬ ‫دورها الشرطي ‪ #2‬النسق المعر‬ ‫دى‬
‫علا‬
‫تات‬
‫تتقد‬
‫ذلك أنها مع‬ ‫نى‬
‫ملاعغير‬
‫ولم‬
‫الع‬

‫دخل لها ‪ 4‬سلامة الوجود النفسي والوجداني للإنسان لكونها مقصورا دورها على‬
‫إضفاء المعنى على فكر الإنسان النظري ‪ 4‬تفسير الظاهرات وليس على وجوده الذاتي‬
‫ه‬
‫طأن‬
‫ريقي و‬
‫شم حق‬
‫ما كان الإنسان يمكن أن يعيش حتى ولو لم يسلم بأن العل‬
‫له ‪.‬‬
‫بكفامل‬
‫حقيقي اقتصارا على العلم الذريعي للتعامل مع الأشياء فإن مجرد العقد الفرضي كاف‬
‫‪ #‬المعتقد الديني فلو كانت المعتقدات الدينية مجرد افتراض‬ ‫بال‬
‫قك ل‬
‫ي ذل‬
‫فيه‪ .‬لكن‬
‫جحيما ولكان النفاق جوهر التدين كالحال ‪ #‬كل الذين جعلوا منه‬ ‫سان‬
‫ناة‬
‫لتإحي‬
‫اار‬
‫لص‬

‫كل المذاهب والملل التي تقول بالوسطاء‪.‬‬ ‫كنيسة لتأسيس سلطانهم على العامة‬

‫‪ 2‬إن أي نظرية ذات بناء منطقي متين تقبل القراءة ذهابا من البداية إلى‬
‫وي كلتا الحالتين تمر‬ ‫لةية‪.‬‬
‫ياء‬
‫ل قر‬
‫حية‬
‫اية إلى التبدا‬
‫غ من‬
‫لئة‬
‫الغاية قراءة تركيبية أوا جي‬
‫القراءة بالقلب الذي هو النظرية المتوسطة بين التأسيس والاستثمار والذي جعلناه بخ‬

‫كأوتلامنبها الأول‪ .‬في‬


‫العرض وليس ‪ #‬العلاج الموصل إليه بداية المحاولة أي الجزء ال‬
‫الحالة الأولى تكون القراءة انطلاقا من الأسس إلى النتائج أومن الشارط إلى المشروط‪.‬‬

‫وي الحالة الثانية تكون من النتائج إلى الأسس أومن المشروط إلى الشارط‪ .‬لكنها تقبل‬
‫القراءة كذلك من النظرية ذاتها أي من القلب بين التأسيس والاستثمار ‪ #‬الاتجاهين‬
‫أعني إيابا منه إلى أسسه أو ذهابا منه إلى نتائجه‪ .‬وهذان الصنفان أيسر من صنفي‬
‫‪ .‬القراءة الأولين‪ .‬ولما كان الجزء الأول هو النظرية وكان الجزءان الرابع والخامس هما‬
‫المؤسسين لها (السادس خارج الخطة لأنه فلسفي محض) وكان الجزءان الثاني والثالث‬
‫باستراتيجية القراءة‬ ‫الهومعلة‬
‫لارم‪4‬حتعام‬
‫الحق أنايخت‬ ‫رنئٌ‬
‫قينافإ‬
‫لثمر‬
‫لمست‬
‫هما ال‬

‫التي تناسبه بدءا بالأيسرين (الثاني والثالث) وختما بالأعسرين (الرابع والخامس)‪.‬‬
‫والقراءة التي تمتحن العمل ينبغي أن تجمع بينها أربعتها فتكون القراءة الشاملة لاختبار‬

‫‪202‬‬
‫النظريات بكل أوجهها الممكنة عقلا‪ .‬ولا يكون الاختبار تاما ومجزيا إلا إذا ناظر بين‬
‫الصورة التي يخرج بها من القراءات والهدف الذي تسعى إليه المحاولة أعني © هذه‬
‫التاريخ الإنساني‬ ‫ات‬
‫يسر‬
‫رن تف‬
‫جن أ‬
‫م يمك‬
‫الحالة بين الاستراتيجية القرآنية والمبادئ التي‬
‫بشروطها‪.‬‬ ‫لىم‬
‫عد عل‬
‫لتعتم‬‫اية‬
‫لأن الغا‬

‫وغاية المشروع هي‪ :‬تحديد شروط توحيد الأمة وفتح أفق الطموح الكوني‬
‫أمام شبابها ليصبح ‪ #4‬مستوى الرسالة من حيث كونية قيمها الخاتمة التي تعتقد‬
‫بل‬ ‫أتذ‪2‬هان‬
‫لدا‬
‫اتق‬
‫الأمة أنها مكلفة بتحقيقها ‪ #2‬التاريخ الفعلي فلا تكون مجرد مع‬

‫تصبح أفعالا تحققها ‪ 4‬الأعيان‪ .‬وتلك هي علة امتناع تصور الدين من دون سياسة‬
‫الدنيا أعني ركني الاستخلاف‪ .‬فإذا غاب هذا القصد يصبح الاختبار عملا مدرسيا‬

‫وليس عملا فلسفيا ينظر ‏ مدى النجاح ‪ 2‬طلب الشروط التي تمكن الأمة من‬
‫القيام بدورها الكوني‪.‬‬
‫هدي هو إذن جعل التاريخ من حيث دوره ‪ #2‬بناء للمستقبل إضافة إلى دوره ‪2‬‬
‫العلم بالماضي يكون من جنس العلم الخيالي الذي هو أرضية كل خيال علمي وعملي‬
‫مبدعين‪ :‬فتح أفق الخيال عند شباب الأمة تأسيسا لأفق الطموح بحيث تصبح الأمة‬

‫من جديد مبدعة لما يبدو مستحياد عند الكسلى من المفكرين والمبدعين‪ .‬ويمكن‬
‫ترجمة المشروع لغير المؤمنين بالقرآن وبالرسل فنصوغه بلغتهم فيكون عملي وكأنه‬
‫لتصبح مدار السؤال الذي يولد عزم‬ ‫خيي‪ّ#2‬لة‬
‫خلق لأسطورة المستقبل االإلسلمام‬

‫لممنحال‪.‬‬
‫ادو‬
‫الأمر فيبدع ما يب‬

‫‪ "3‬والدور الذي تؤديه الرياضيات بالنسبة إلى الطبيعي المادي من الموجودات‬


‫أومن الأنفس ننسبه إلى الوسميات (من وسم ومن الوسم والسمة)‬ ‫آتفمناق‬
‫ااءلكان‬
‫سو‬
‫أو الشوّريات (من الثلاثي المجرد شور ومزيده الرباعي أشار ومنه الإشارة والمشورة‬

‫والشارة) ‪ 511010165‬بالنسبة إلى الطبيعي الرمزي منهما‪ .‬ومن المفروض أن نقدم على‬

‫‪302‬‬
‫الدراسة التأسيس النقدي للوسميات بالاستدراك على وسميات «سندرس بيرس»‪ .‬وهذا‬
‫الاستدراك الذي يمثل الجزء السادس من المحاولة (الثالث من الكتاب الثاني) وضعنا‬
‫أسسه ‪ #4‬كتاب‪«:‬إصلاح العقل ‪ #‬الفلسفة العربية» (مركز دراسات الوحدة العربية‬
‫الطبعة الثالثة ‪ )4002‬عندما اكتشفنا المعادلة التالية‪ :‬نسبة المنطق إلى الرياضيات التي‬

‫ترد إليها كل العلوم الطبيعية المادية هي عينها نسبة التاريخ إلى السياسيات التي ترد‬
‫إليها كل العلوم التاريخية الرمزية‪ .‬وهي ‪ #‬الحالتين نسبة فعل وما بعد فعل كلاهما‬
‫نظري يحقق الأمور ‪ 2‬المستوى الرمزي ليصبح استراتيجية للعلاقة نفسها بين فعلين‬
‫وأصل هذه العناصر‬ ‫ميزي‪.‬‬
‫ركتف‬
‫لا ي‬
‫ا ول‬
‫بعلي‬
‫كلاهما عملي يحقق الأمور ‏ المستوى الف‬
‫الأربعة جميعا هو عين التاريخ الفعلي للإنسانية من حيث صلتها بما بعد التاريخ‪ .‬والأول‬
‫لسفة التاريخ‪ .‬والثاني إلفال‪4‬سفة الدين‪ .‬وهذا يصح على كل‬
‫لا يتحقق تصوره إلفا ‪4‬‬
‫الحضارات حتى وان مثلنا له بالحضارة الإسلامية عينة كونية‪ .‬قلا يكون كلامنا على‬
‫حضارتنا بمنطق التعميم الاستقرائي الناقص بل إنما هي للتمثيل وليست للاستقراء‬
‫تماما كما فعل ابن خلدون‪ :‬فهو لم يضع فلسفة العمران استقراء من تاريخ المسلمسن بل‬

‫مثل له به لا غير كما بينا ‪«:2‬فلسفة التاريخ الخلدونية» (الدار المتوسطية للفشر تونس‬

‫بيروت ‪ .)8002‬ففي الحالتين نفترض فاعلية هي البناء الرياضي للظاهرات الطبيعية‬


‫زلةه‪2‬ماء‬
‫ياص‬
‫حلح‬
‫المادية ردا إياها إلى بنية المكان والزمان والقوة الواصلة بينهما وا‬
‫لكنها تتضمن خطة واعية تجعل ما يجري فيها يكون من جنس ما‬ ‫ها‬
‫نيةسمن‬
‫جاعل‬
‫وف‬
‫يجري ‪ #2‬الظاهرات الطبيعية ولكن بخطة مسبقة فيها نوايا وقصود وهو معنى الوجه‬
‫الرمزي منها‪ :‬فلا يبقى الزمان والمكان طبيعيين بل يصبحان رمزيين من صنع الخيال‪.‬‬
‫وهما سلما الترتيب المتوالي والترتيب المتساوق اللذان يتولد عنهما كنلظام © عدد لا‬
‫متناه من الأبعاد المناظرة لهذين البعدين لأن الترتيب الزماني يؤثر ‪ #‬الترتيب المكاني‬
‫والعكس بالعكس ثم يتوالى التفاعل إلى غير غاية‪ .‬والدين يضع وراء هاتين الفاعليتين‬
‫فاعلية أخرى متعالية يرد إليها الفاعليتين هي فاعلية الله نفسه بصورة تقبل للتفهيم‬
‫وليس للتفسير بقيسها على فاعلية الإنسان ‪ 4‬الرياضيات والمنطقيات والسياسيات‬

‫‪402‬‬
‫والتاريخيات‪ .‬فالله ملك العالمين‪ :‬الطبيعي (القانون الطبيعي أوبلغة ابن تيمية عالم الخلق‬
‫والتسخير والربوبية) والتاريخي (القانون الخلقي أوبلغة ابن تيمية عالم الأمر والتكليف‬
‫والألوهية) خ المنظور الديني‪ .‬وإذن فعندنا الرياضيات هي «علم فاعلية» للمادي من كل‬
‫موجود والمنطق علم هذا العلم الفاعلية‪ .‬وعندنا السياسيات هي «علم فاعلية» للرمزي من‬

‫هذا العلم الفاعلية‪ .‬ثفماعلية الله وراء الرياضيات والمنطق‬ ‫م‬


‫ل هو‬
‫عاريخ‬
‫كملوجود والت‬
‫أو القدر (المشيئة الكونية) وفاعلية الله وراء السياسيات والتاريخ أو القضاء (المشيئة‬
‫الشرعية) ثم الفاعلية الواحدة المطلقة التي هي أصل القضاء والقدر أعني قدرة الله‬
‫وإرادته المتطابقتين لكون علمه مطلقا‪ .‬ونحن أمام موقفين ممتنعي الوقوف‪ :‬نفايلله عند‬
‫من يكتفي بالمستوى الأول أي الرياضيات والمنطق والسياسيات والتاريخ فيضطر‪:‬‬
‫إما إلى تأليه الإنسان ليعلل الوظائف التي ننسبها نحن إلى الله لأن القائل بذلك‬
‫يرد الرياضيات والمنطق هما بدورهما إلى فاعلية إنسانية هي من جنس السياسيات‬
‫والتاريخ فيكون العلم الرياضي والمنطقي كلاهما استراتيجية إنسانية للتعبير عما يدركه‬
‫الإنسان من أمر مجهول يسمى الطبيعة وتبقى الطبيعة قابلة لهذه الفاعلية من دون أن‬
‫تكون ‪ 2‬ذاتها خاضعة لما يناظرها (وهو معنى نفي الله والاقتصار على تأليه فاعلية‬
‫الإنسان التي من الوهم ظنها مؤثرة ‪ 4‬الطبيعة وغير مقصورة على علاقة الإنسان بها‬
‫ا)‪.‬‬ ‫هها‬
‫ن عن‬
‫مره‬
‫وصو‬
‫امل معها بما يت‬ ‫عهو‬ ‫تيث‬
‫مح‬‫من‬
‫الثاني أي القضاء والقدر‬ ‫تيوى‬
‫سكتف‬
‫من ي‬
‫لد م‬
‫ان عن‬
‫بنسا‬
‫أىنيس الله ونفي الإ‬
‫أوتإل‬
‫لأن القائل بذلك لا ينفي وجود علم إنساني بالمعنى الذي يعتمد عليه الموقف الأول لكنه‬
‫ْ‬ ‫ينسبه إلى اللّه فيصبح فعل الإنسان وكأنه لا شيء‪.‬‬
‫والحقيقة التي يقول بها القرآن حسب ما نسعى إليه © هذه المحاولة هي أمنعنى‬
‫ية القول بالموقفين ‪ #2‬آن مع نفي السلبين‪ :‬سلب فعل الإله ‪ #‬الحالة‬ ‫م هي‬‫تلاف‬‫حستخ‬
‫الا‬
‫الأولى والتحرر من الطبيعة المجهولة التي هي بمفهوم العلماء القائلين بذلك الصدفة‬

‫والضرورة العمياوين وسلب فعل الإنسان والتحرر من الاستسلام لوصف الإله بصورة‬
‫المجهولة تحت فهم خاطىٌ للقضاء والقدر ينفي عن الإنسان‬ ‫يعة‬
‫بنس‬
‫طن ج‬
‫لم‬‫اعله‬
‫تج‬

‫‪502‬‬
‫ْ كل وسميات‪ :‬أي إن ال معنى غير‬ ‫الحرية والتكليف‪ .‬وبذلك يصبح الموقف الثاني شرطا‬
‫ممكن من دون القرآن أو ما كان يقوم بدور يقرب منه عند كل الشعوب أعني أفق فهمها‬
‫للوجود الذي يلتقي فيه الجنسان الحدان المشار إليهما ‪ 2‬كلامنا عن أجناس الفن ‪2‬‬
‫هامش سابق وهو عندنا القرآن الكريم الذي هو الأفق المبين المطلق لكونه الرسالة الخاتمة‬
‫التي تتوجه لكل الكائنات ولا تقتصر على الإنسان فضلا عن الاقتصار على شعب بعينه‪.‬‬
‫وهذا يعني بصورة عامة وبصرف النظر عن الإيمان أو عدم الإيمان بالإسلام فإن العقل‬
‫فايه من توحيد لكل‬
‫ض بم‬
‫يعنى‬
‫الإنساني لا يمكن أن يفهم شيئًا من دون أفق عام يحدد الم‬
‫التجربة الإنسانية ببعديها الطبيعي (الآفاق) والتاريخي (الأنفس)‪ .‬وهذا الأفق الموحد‬
‫والذي هو أفق مبين بمعنى محدد لشروط الإبانة بالمعنى هو مطلوب التفسير الفلسفي‬
‫للقرآن وهو يذ الوقت نفسه منطلق الاستدراك على وسميات «بيرس» بإضافة مقولتين‬
‫أخريين لمقولاته الثلاث ومن ثم ببيان الأبعاد الخمسة للرمز بال مقابل مع تثليثه إياها‪.‬‬

‫“! ومعنى ذلك أننا لا نعتبر الماقبلي الشارط للتأسيس أمرا نهائيا ومطلقا كما‬
‫يتصور «كنط» بل هو عندنا أمر فرضي يؤدي دور الأسس الهادف ومن ثم المحكوم بما‬
‫يقتضيه الهدف المطلوب ‪ #4‬الخطة المعرفية‪ :‬العلم بهذا المعنى استراتيجية اكتشاف‬
‫الاستراتيجيات وراء الموضوع المعلوم باعتباره حصيلة فعل حكمته هذه الاستراتيجية‬
‫المطلوبة لا الطالبة‪ .‬فيكون القبلي من طبيعة الفرضيات القابلة للمراجعة وليس من‬
‫طبيعة الحقائق الأولية الثابتة سواء زمعمقتومنمات بنية الكعقلن (ط) أو من مقومات‬
‫الإيمان‪.‬‬ ‫أوجرودس (طو)‪ :‬وهما وجها نظرية المقولات‪ .‬ولا وجود لقبلي ثابت إلا‬
‫بنية ال‬
‫هذه الطبيعة هو شيخ الإسلام ابن تيمية‬ ‫فولهمنم‬
‫أما كك العلم فكل المبادئٌ فرضية‪ .‬وأ‬
‫من أعماله وخاصة ‪ #‬الرد على المنطقيين‪ :‬إنها عنده مقدرات‬ ‫ضع‬
‫و غير‬
‫م بذ‬
‫كما بين‬
‫ذهنية‪ .‬وهذه الفرضيات لا تسمى حقائق مطلقة إلا إذا انتقلنا من العلوم إلى العقائد‪.‬‬
‫هنومين‪ :‬العقائد حقائق مطلقة لكن علمها ليس علما مطلقا‬
‫معفبي‬
‫لجم‬
‫اي‬‫والقرآن يريد أن‬

‫‪602‬‬
‫بل هو اجتهاد يحاول أن يجد بالبناء المعر‪.‬ك العقلي ما يؤمن به بالتسليم الوجداني‪:‬‬
‫وهذا يصح على علم الطبيعة صحته على علم الدين‪ .‬ففي علم الطبيعة الاعتقاد بخ‬
‫وجود العالم والمدارك الحسية إيمان لا يزعزعه شيء ولا يمكن إثباته عقليا لكن علمنا‬
‫به جهاز تصوري نبنيه خطة لفهم هذا المعطى الذي نؤمن بوجوده ولا نستطيع إثباته‬
‫بالعقل‪ .‬وكذلك الأمر ب علم الدين فإن الاعتقاد ‪ #4‬وجود الله والمدارك الروحية هو‬
‫بناته عقليا كما لا يمكن دحضه عقليا‪ .‬وينبغي‬
‫عازعه شيء ولإاثيمك‬
‫زل‬‫يمان‬
‫كذلك إي‬
‫أن يكون علمنا به من جنس علمنا بالعالم الطبيعي‪ :‬جهاز تصوري نبنيه خطة لفهم هذا‬
‫المعطى الذي نؤمن بوجوده ولا نستطيع إثباته بالعقل‪ .‬وقد يتصور الكثير أن الإيمان الأول‬
‫أي الإيمان بوجود العالم الطبيعي مطلق ولا يختلف فيه اثنان بخلاف الإيمان الثاني أي‬
‫الإيمان بالعالم الخلقي أو الديني الذي يظنه البعض من الأوهام والأحكام المسبقة‪ .‬فليس‬

‫بل الكثير شككوا ‪ 4‬وجود‬ ‫اق‬


‫لمكن‬
‫طر م‬
‫إ غي‬
‫ببيعي‬
‫صحيحا أن التشكيك ي العالم الط‬
‫العالم الطبيعي وغ المدارك الحسية‪ .‬وليس صحيحا أن الشك ف العالم الروحي ممكن‬

‫بإطلاق لأن أغلب المتشككين مؤمنون بخرافات بديلة من الدين الصحيح ولا يخلو قلب‬
‫منان ما بما وراء العالم الطبيعي فضلا عما وراء العالم الخلقي خاصة ب‬
‫إساين م‬
‫إن‬
‫حالة الشعور بالعجز أمام الظلم‪.‬‬

‫المنهجية ما‬ ‫ه‬


‫ذ من‬
‫هقصود‬
‫‪ 7‬لعل أفضل مثال يمكن أن يساعد على فهم الم‬
‫التاريخية غير ممكن من حيث هو علم‬ ‫داث‬
‫حلم‬
‫أن ع‬
‫لأ‬‫اترض‬
‫فعله ابن خلدون عندما اف‬

‫التثبت من صحة الوثائق والخبر من دون منظومة علوم متقدمة عليه تقاس مضمونات‬
‫الوثاكئق ما تحدده من قواعد ومعايير بها يقبل الخبر أو يرفض وتحررنا من علل الخطأ‬
‫التاريخي الخمس المضاعفة‪ :‬من ذاتية المؤرخ المقصودة أوغير المقصودة ومن العيب‬

‫المنهجي سواء استعمل أولم يستعمل ومن تعقيد الموضوع بوصفه حدثا ماديا أو قصدا‬
‫المعنى ‪2‬‬ ‫ل‬
‫ص هو‬
‫أجامع‬
‫وراءه ومن النظرة الوجودية للتاريخ انتظاما أوعدم انتظام وال‬

‫‪702‬‬
‫الوجود الإنساني أعني التطابق بين وجهيه ممثلين بفلسفة الدين وفلسفة التاريخ (ذ‬
‫حالة ابن خلدون نظرية الإنسان واللّه والعلاقة بينهما خلال دور الثاني ب تحقيق مشيئة‬
‫الأول سواء كان إلها عاقلا عند المؤمنين أموجرد ضرورة عمياء عند الملحدين)‪.‬‬

‫نطةظومة علوم وليست علما بل هي‬


‫مخ‬‫لنت‬
‫“أ والمعلوم أمنقدمة ابن خلدون كا‬
‫ما بعد علم يؤسس جملة علوم المنظومة التي يمكن أن نطلق عليها اسم العلوم الإنسانية‬
‫العريضة ولم ينجز إلا القليل‬ ‫ونطها‬
‫طم‬‫خرب‬
‫بلغتنا الحالية‪ .‬وقد اكتفى صاحبها بما يق‬
‫كما بينا ‪ 4‬مقال‪«:‬وحدة المقدمة المادية والمعنوية»‬ ‫نظهيومتها‬
‫متي‬
‫من مبادئ العلوم ال‬
‫‏‪٠‬‬ ‫انظر‪( :‬إسلامية المعرفة) العدد‪ .05 :‬ربيع ‪8002‬م‪.‬‬

‫‪ 7‬اخترت مثالي التأسيس الخلدوني لعلم التاريخ (© القرن الرابع عشر)‬


‫والتأسيس الحديث لعلم الطبيعة (‪ #‬القرن السابع عشر) لأنهما المثالان الأشهر‪ .‬والمعلوم‬
‫عندنا وعند اليونان تأسيس‬ ‫ما‬
‫هدم‬
‫ي تق‬
‫لخ بل‬
‫عاري‬
‫أهنذين التأسيسين ليسا الأولين ‪ #4‬الت‬

‫لعلوم أخرى (وخاصة الرياضيات والمنطق)‪ .‬فكيف تتأسس المعرفة العلمية؟‬


‫فما المنطق الذي يخضع له تأسيس العلوم بصورة علمية؟ فتأسيس المعرفة العلمية‬
‫لا يمكن أن يكون تحكميا بلأ هكوثر الأشياء خضوعا لمنطق صارم يحدده استناد العلوم‬
‫بعضها إلى بعض (الراجع ‪ #2‬الحقيقة إلى استناد أفعال الإنسان بعضها إلى بعض ‪2‬‬
‫تعامله مع استناد أفعال موضوع المعرفة بعضها إلى البعض‪ :‬طبيعة التساندين تجعل‬

‫تراتب الحاجات ‏ العمران وتراتب العلاقات الضرورية بين الأشياء ‏ تنافس دائم وقل‬
‫أن يتطابقا فضلا عن كون التراتب الأول يمثل أهم دوافع البحث عن التراتب الثاني أوهو‬
‫البقاء)‬ ‫وط‬
‫رمع‬
‫شكيف‬
‫المحرك الفعلي لكل معرفة إنسانية من حيث هي أهم أدوات الت‬
‫استنادا تحدده علاقة الشرط والمشروط وطبيعة التأسيس نفسه طبيعته التي تبين أنه لا‬
‫بد له من المرور بمرحلتين متواليتين ومتعاكستي الاتجاه‪ .‬ولنبدأ بهذه الحاجة حتى نفهم‬

‫‪802‬‬
‫العلة التي لأجلها كل علم لا بد لتأسيسه من أن يمر بمرحلتين متواليتين يكون فيها استناد‬
‫الشرط والمشروط متعاكسا‪:‬‬ ‫اعضقة‬
‫لى ب‬
‫ع إل‬
‫بضها‬
‫العلوم بع‬
‫فالمرحلة الأولى‪ :‬وظيفتها أن تجمع المادة وتحاول تنظيمها بمنهج التصنيف‬
‫صلة‬ ‫اب ب‬ ‫خ فحس‬
‫والصة‬‫م (ليس للمعرفة الخ‬ ‫ع ©ل كل‬‫الاستقرائي وهو أمر لا بد منه‬
‫جملل أواستراتيجية‬ ‫ؤطة ع‬
‫مية خ‬
‫لجعل العمل يتم على أحسن الوجوه لأن العلم هو الغا‬
‫تعامل مع الموضوع طبيعيا كان أوإنسانيا)‪ .‬وعندئذ يكون ترتيب العلوم خاضعا لتقدم‬
‫العلوم الأدوات أو الموظفة أداتيا على العلوم الغايات أي المطلوبة لذاتها وللمعرفة من‬
‫أجل المعرفة‪ .‬وهذه المرحلة هي التي توقفت عندها كل العلوم ‪ 4‬الحضارة الإسلامية ولم‬

‫تتجاوزها إلا كمشروع بعد أن أدرك فيلسوفا النقد المتأخرين ضرورة تجاوزها‪ :‬ابن تيمية‬
‫نقدا لما بعد الطبيعة الأرسطية ‪ #‬صيغتها السيناوية الغزالية وابن خلدون نقدا لما بعد‬
‫التاريخ الأفلاطوني ‪ #2‬صيغته الفارابية الرشدية‪ .‬لكن المشروعين لم يكتملا فيصلا‬
‫إلى مرحلة التأسيس الثاني‪ .‬ويمكن القول إن ذلك لم يكتمل إلى الآن حتى ‪ 4‬الغرب‬
‫كوكامل دائم‬ ‫ته‬ ‫ك لتنمل أصلا لكونه بالطبع مما لا يكتمل اكتمالا نهائيا بل‬
‫ي هو‬
‫بل‬
‫الاجتهاد والجهاد المتصلين من ختم‬ ‫وىمي‬
‫ه عل‬
‫فامي‬
‫مإسل‬
‫وتلك هي علة اعتماد الفكر ال‬
‫الوحي إلى يوم الدين‪ .‬فما بعد الطبيعة وما بعد التاريخ البديلين مما كان ولا يزال سائدا‬

‫هو الأفق المفتوح إلى غير غاية لأنه يعتمد على التحرر من الإطلاق ويعود إلى الاجتهاد‪:‬‬
‫مابالدائنطلاق ‪ ْ#‬كل علم هي نفسها ذرائع وضعية وليست حقائق أولية ومن ثم فهي‬
‫خطط استراتيجية للعلم والعمل وليست حقائق نهائية كما تصور أرسطو وأفلاطون‬
‫(ميتافيزيقا وميتاتاريخ نهائيان من منطلق الموضوع) ونقيضاهما أعني كنط وهيجل‬
‫(ميتافيزيقا وميتاتاريخ نهائيان من منطلق الذات)‪ .‬ولذلك فهي بحاجة إلى المراجعة‬
‫تند إلى منطلقات للفهم تصبح هي‬
‫يلسفهم‬
‫الدائمة‪ .‬وهذا من جنس الدور التأويلي‪ .‬فك‬

‫بدورها بحاجة إلى الفهم وهكذا إلى غير غاية‪ .‬وي الحقيقة فإن العلم © ذاته يمكن‬
‫تصوره من دون الصفتين أداتي وغائي لأن الوصفين يتعلقان بالموقف منه لا به هو‪ :‬وهذا‬

‫‪902‬‬
‫أداتيا أغوائيا بسبب المباشرة وعدمها‪ .‬فعلم اللغة مثلا‬ ‫ليه‬
‫ع الذ‬
‫ج هو‬
‫يظيفي‬
‫الموقف التو‬
‫إذا صار غاية يكون علما وإذا اقتصرنا عليه بوصفه أداة لفهم النص كان مجرد أداة‬

‫بكل‬ ‫ها‬
‫تت ‪#‬‬
‫لضيا‬
‫صريا‬
‫يكتفى فيه بتحقيق الغرض الأداتي‪ .‬وكذلك الشأن بالنسبة إلى ال‬
‫العلوم الأخرى‪ :‬إذا اعتبرت أداة لها كان القصد حصرها ‪ 4#‬ما يفيد فيها وإذا صارت‬

‫مطلوبة لذاتها لم يعد أي حد يقف أمام الخيال العلمي ‪ #4‬الإبداع الرياضي‪ .‬فيلامس‬
‫الخيال العلمي العلم الخيالي أويكاد‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬ينعكس فيها أمر التأسيس فتصبح العلوم الغايات متقدمة وفيها‬

‫ية على الوصف والتصنيف الاستقرائي بل‬


‫ب لانتبقى‬
‫منها‬
‫تتفير استراتيجية التأسيس أي إ‬
‫هي تنبني على الفرض الوقباللياستنتاج من مبادىٌ عامة يضعها العلماء فرضيات قبلية‬
‫بشرط ألا تكون بالمعنى الكنطي بنى ثابتة يتصورها بنى العقل الإنساني بلهي بالمعنى‬
‫التيمي الخلدوني (ابن تيمية وابن خلدون) مجرد فرضيات لبناء أكسيومية هادفة من‬
‫أجل التعليم أوالبحث العلمي الساعي لعلاج مشكلات معينة هي التي يطلب العلم حلها‪.‬‬
‫اتولجهب ندحوايات لاختيار ما يناسبها‬
‫ومعنى ذلك أن الوجهة نحو الغايات ترجعنا إلى ال‬
‫منها‪ .‬و هذا تمائل عجيب مع القبلتين ‪ #2‬القرآن‪ :‬فلا بد من مراجعة الماضي لبناء‬
‫المستقبل (القبلة الثانية) وكل تقدم ‪ #‬بناء المستقبل يقتضي تقدما ‪ 4‬مراجعة الماضي‬
‫وإعادة تأويل له (القبلة الأولى)‪.‬‬
‫فإذا تكلمنا عن التأسيس الأول كان ترتيب العلوم من حيث النشأة بادئا بعلوم‬
‫‪ #2‬الوجود الإنساني أي‪-1 :‬علم اللسان‬ ‫أدوات التواصل ومنتهيا بأساس كل شيء‬

‫والرمز ‪-2‬وعلم المنطق والرياضيات ‪-3‬وعلم الفلكيات والطبيعيات ‪-4‬وعلم الشرعيات‬


‫والتاريخيات ‪-5‬وعلم الإلهيات العقلية والتاريخية (أو النقلية) التي هي علم أسس‬
‫كل العلوم المتقدمة عليها وأسس موضوعاتها (أي إنها إبستمولوجيا وأنطولوجيا‬
‫متلازمتان)‪.‬‬

‫‪012‬‬
‫لكن التأسيس الحقيقي هو الذي يعود على ذلك كله من غايته ثم لا يتوقف أبدا‬
‫الكريم لمراجعة‬ ‫آن‬
‫رفعل‬
‫قا ي‬
‫ل كم‬
‫ايرته‬
‫ايات فيكون إصلا حا دائما لمس‬
‫غات‬
‫لداي‬
‫الب‬
‫ترددا بيون ا‬

‫الإلهيات مراجعة نقدية وبيان حدود العلم والعمل الإنسانيين ومن ثم يصبح التأسيس‬
‫ترأسيس‬ ‫اولغي‬
‫وقف عن المراجعة الذاتية‪ .‬وه‬‫يذيتلا‬
‫مستندا إلى الوضع القبلي المنهجي ال‬
‫الكنطي لأنه تأسيس اجتهادي وليس قولا بالقبلية الثابتة بل هو قول بالقبلية التيمية التي‬
‫تعتبر ما كان يتصوره الفلاسفة حقائق أولية مجرد فرضيات لبناء المعرفة إما ذريعة للتعليم‬
‫أو ذريعة لعلاج المشكلات النظرية والعملية‪ .‬والقبلي الثابت الوحيد هو العقد الديني ب‬

‫كلىنا‬
‫رة إ‬
‫انسب‬
‫دبال‬
‫ميني‬
‫جود الع‬
‫للفوعن‬
‫امخت‬
‫ته (الغيب) ال‬
‫اي ‪4‬‬
‫ذعين‬
‫الوحدانية والوجود ال‬
‫(الشهادة) وما يترتب على ذلك ‪ #‬المجال الخلقي‪ .‬فيكون التأسيس النقدي خاضعا لمبدأ‬
‫ومثلها العمل‪.‬‬ ‫طتة‪.‬‬
‫اليس‬
‫حو‬‫إهاد‬
‫التصديق والهيمنة الدائمين لأن المعرفة اجت‬
‫عندئنذ يصبح التأسيس على الترتيب التالي‪ .1 :‬الإلهيات العقلية التاريخية‬
‫النقدية (وهي تنقي مدارك الإنسان من المناخ الأسطوري السحري لتقربه من الإدراك‬
‫شبه الموضوعي) ‪ .2‬ثم الشرعيات التاريخيات (أو الإنسانيات) النقدية (وبفضلها يبدأ‬
‫تنظيم العمران ليكون الإطار الذي يحصل فيه) التعاون (من أجل علاقة البشر بالعالم)‬
‫والتآنس (من أجل علاقة البشر بعضهم بالبعض) وذلك هاولموضوع المزدوج لعلم العمران‬
‫الإنساني والاجتماع البشري كما حدده ابن خلدون ‪ .3‬ثم الفلكيات‪-‬الطبيعيات النقدية‬
‫تجاوز التصور الساذج للعالم رغم استعماله العلوم الرياضية أعني التصور الذي عاشت‬

‫عليه الفلسفة عشرين قرنا (صورة العالم الأرسطية البطلمية) ‪ .4‬ثم الرياضيات‪-‬‬
‫المنطقيات النقدية (وهو ما تكون بين الحقبتين العربية واللاتينية المتأخرتين ولا يزال‬
‫العلوم تأسيسا بالمعنى‬ ‫خير‬
‫آي ه‬
‫جاريا إلى الآن‪ .5.‬ثم اللسانيات الرمزيات النقدية الت‬
‫الثاني لكونها كانت أول العلوم تأسيسا بالمعنى الأول وهي ما نقصده بالوسميات العامة‬

‫التي نستدرك بها على بيرس بنظرية الأفق المبين وأبعاد الرمز الخمسة‪ :‬ومن بدايتها إلى‬
‫يوم يبعثون تدور أفعال الإنسان القيمية الخمسة حول هذا الموضوع‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫وهذا هو الترتيب الحقيقي للثورات العلمية‪ :‬تبدأ بنقد الإلهيات (من الغزالي‬
‫إلى ابن تيمية) ثم يليها نقد الإنسانيات (ابن خلدون) ثم يليها نقد الطبيعيات (العلم‬
‫الطبيعي الحديث‪ :‬غاليليو وديكارت ونيوتن) ثم يليها نقد الرياضيات (ثورة الرياضيات‬
‫© بداية القرن التاسع عشر‪ :‬الهندسات اللاإقليدية وأزمة الأسس ‪ 2‬نهايته) ثم يليها‬

‫نقد المنطقيات (ثورة المنطق © نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين) ثم‬
‫يليها نقد اللسانيات بنظرية الوسميات الكلية ‪ 12516751271 5016010165‬التي شرعنا ذ‬

‫وضع لبناتها الأولى حتى قبل دراسة فلسفة بيرس دراسة نسقية كما هو بين من كتاب‪:‬‬
‫"الإبستمولوجيا البديل" (وهي الثورة الجارية حاليا وهي أصعب الثورات لأنها تتعلق بأداة‬
‫التواصل الحائلة دون التواصل لأنها لكوانت كما يتصورها الفلاسفة لامتنع الخروج من‬
‫النسبية الثقافوية)‪.‬‬
‫وهذا المنطق ليس أمرا نستمده من استقراء تاريخ العلم فحسب بل إننا نستنبطه‬

‫من عين بنية القرآن الكريم نفسه حتى وإن كان المفسرون قد غفلوا عنه‪ .‬فالقرآن الكريم‬
‫قد حدده خلال تحديد ذاته وتحديد أهم مراحل الدعوة الإسلامية بصورتين مختلفتين‬
‫القرآن نفسه لهذا المنطق‪.‬‬ ‫م هايرسة‬
‫متي‬
‫أولاهما رمزية لا يمكن تأويلها إلا بالثانية ال‬

‫فالقرآن الكريم فسر لنا علة تغيير القبلة ولم يحتاج الإنسان إلى مرحلتين ‪ 2‬الاستقبال‬
‫أولاهما تتجه إلى الماضي لمراجعته والثانية إلى المستقبل لبنائه وذلك هو الرمز‪ .‬أما‬
‫ية‬
‫امن‬
‫ديفي‬
‫بتصن‬
‫ل ال‬
‫اقراء‬
‫الممارسة فهي أن القرآن يسرد تاريخ التجربة الإنسانية بالاست‬
‫أي قصة آدم إلى الغاية التي هي نزول القرآن ثم يبين التجربة الإنسانية من البداية‬
‫التي هي التجربة الإسلامية إلى الغاية التي هي البعث بعدما تتحد الإنسانية ويتحقق‬
‫الاستخلاف على أفضل الوجوه فيكون الإنسان قد أدى الأمانة فتعود النفس المطمئنة إلى‬
‫ربها راضية مرضية‪ :‬فيكون لدينا حدان هما البداية (قصة استخلاف آدم) والغاية‬

‫(قصة البعث) ثم وسط بينهما (نزول القرآن) ثم الصلة بين البداية والوسط وهي‬
‫قصة التجرية الديئية المتقدمة على نزول القرآن ونقدها ‪ 4‬القرآن ثم الصلة بين‬

‫‪212‬‬
‫الغاية والوسط وهي تكليف المسلمين بالشهادة على الناس إلى يوم الدين‪ .‬ولست أدري‬
‫حقا لم يُغفل المفسرون هذه الأمور؟ فهل ذلك لأنهم بقوا غارقين © الجزئيات والتفاصيل‬
‫التي يغرق فيها كل نظر قبل أن يصبح علميا؟ وطبعا فهذا الترتيب البنيوي لأفعال الإنسان‬
‫القانون الذي ينبغي أن نفهم به علة اختلاف ترتيب المصحف عن ترتيب‬ ‫ضوا‬
‫ية ه‬
‫أيمي‬
‫الق‬

‫النزول لكون ترتيب المصحف هو الترتيب الذي يفهمنا أنه خطة عمل أو استراتيجية‬
‫التوحيد التي نشرح معناها ‪ #‬كلامنا على خطة التفسير ( أي توحيد‬ ‫نلاف‬
‫صك‬‫أقيق‬
‫تح‬

‫اذيل هأوول توحيد اللّه أو‬


‫الفرد وتوحيد الأسرة وتوحيد الأمة وتوحيد الإنسانية وأخيرا ال‬
‫التوحيد بمعنى موضوع علم التوحيد )‪ :‬ترتيب المصحف دائم التردد بين هذين الترتيبين‬
‫المتراكبين للتلازم بينهما أو بين الاستقبالين ‪ :‬القبلة المدبره لإعادة تحديد المفاهيم‬

‫الدينية بالنقد المستند إلى التصديق والهيمنة وقبلة المقبله لتحقيقها بالعمل على علم‬
‫العمل المستند إلى التواصي بالحق أوالاجتهاد والتواصي بالصبر أوالجهاد‪.‬‬

‫‪ 5‬وهنا التعالي على المعرفة البعدية ليس صنفا واحدا‪ .‬وهو ف كل الأحوال‬
‫المقصود بالعقل والفطرة من حيث هما عند غالبية البشر انفعاليان لكونهما مجرد‬
‫قدرة على التلقي والفهم الواعي‪ .‬لكنه تكون أحيانا قادرا على الإبداع والإفهام عند‬
‫القليل من البشر‪ .‬ولعل أدنى أصناف العلوم قدرة على التعالي العلوم الإنسانية ربما‬

‫لكثرة تعقيد موضوعها وأقصاها ما يتعلق بالعلوم الرياضية لكثرة بساطة موضوعها إذا‬
‫العينية‪ .‬لكننا نعتقد أمنجالا‬ ‫تهجارب‬
‫بتحاققلمن‬
‫حصرنا مجال العلم ‪ 2‬ما يقبل ال‬
‫مودارك الجمالية والخلقية وحد أقصى‬
‫له‬‫انى‬
‫للتعالي أسمى من ذلك له هو أيضا حد أد‬
‫هو المدارك الوجدانية الروحية التي من جنس الوحي المشترك بين جميع الكائنات‬
‫ومنها خاصة الكائنات الإنسانية (لأنها عنده تعبر عن نفسها وليست غرائز أو مجرد‬
‫ضرورات)‪ .‬فهذه مشروطة ‪ 2#‬كل المجالات المعرفية والعقدية وحتى ‪ #4.‬مجرد الوجود لأنها‬
‫لنيت مجنارب بل‬
‫العي‬
‫شرط البقاء‪ .‬ومن ثم فهي لا يمكن أن تكون قابلة للتحقق منها با‬

‫‪312‬‬
‫بأمر يمكن أن نطلق عليه اسم التوجهات العامة التي منها شروط العقائد المؤسسة لكل‬
‫أفعال الإنسان‪ :‬أعني التسليم بوجود العالم وبكونه ذا نظام وبكونه قابلا للمعرفة وبأن‬

‫المعرفة محدودة وموضوعها لا محدود ومن ثم بأن للإنسان الوعي باللامتناهي دون أن‬
‫يكون له علم بقوانينه‪.‬‬

‫لبرد بلالة هو عموم‬


‫”' ويلنغير من هذا الأمر المبدأ الأصولي القائل ‪ :‬إن الامعت‬
‫الذي نتكلم عليه غير عموم اللفظ لوسامنا بأنه مبدأ معمول به حقا‪.‬‬ ‫عكمأنوم‬
‫ل ذل‬
‫افظ‪.‬‬
‫الل‬
‫فلا يمكن لأي عاقل أن يزعم القرآن دينا كونيا ومطلقا ومتعاليا على الزمان والمكان ثم يبقى‬
‫رآن‪.‬‬ ‫اعرلبيق ‪#2‬‬
‫على الزعم بأن العموم المناسب لهذه المعاني هوما يستوفيه عموم اللفظ ال‬
‫اللفظي العربي فهو يبقى عموما محكوما بتاريخ اللغة العربية نفسها‪.‬‬ ‫مةوم‬
‫ع سع‬
‫لانت‬
‫اا ك‬
‫فأي‬
‫رونآن محكوما بأمر تاريخي فلا‬
‫قجعل‬
‫لي‬‫المون‬
‫وفمنالثمقائلون بهذا المبدأ من حيث لا يع‬
‫يينلافي أحد‬
‫الموقف العلماني‪ .‬وإذا كانت علوم الطبيعة الت‬ ‫اب‬
‫حم عن‬
‫صمن ث‬
‫أفون‬
‫يختل‬
‫تاريخيتها قد اضطرت للتحرر من حصر العموم القانوني ‪ 2‬الدلالة الافظية للغة فما بالك‬
‫ين‬
‫ب كما‬
‫تليه‬
‫يم ع‬
‫بسنن القرآن التي نؤمن بأنها فوق كل عموم محكوم بالتاريخ‪ .‬ماسنتكل‬
‫تدريجيا هو إذن أمر مختلف تماما عن المقصود ب«المعتبر هوعموم اللفظ»‪.‬‬

‫"لوَانرلْا إِلَئِكَ اكاب بالْحَق مُصَدَقا ما َيْنَ َدَيهِ ِنَ الْكتَابِ وَمُعَيْمِا‬
‫عَلَيْه‪[ 4....‬المائدة ‪.]84‬‬

‫‪ 2‬راجع كذ ذلك أبويعرب المرزوفي‪« :‬إصلاح العقل ‪ 2‬الفاسفة العريية» مركز‬

‫‪ 7‬فو يا بْنَيْ أقم الصّلاة وَأمُّرْ بامغروف وَإِنْهَ عَن اطذكر وَاضصْبِرْ عَلى مَا‬
‫أَصَابَك إِنّ ذلك مِن عَرْم الأَمُورٍ © اند ‪.]71‬‬
‫‪412‬‬
‫‪ 27‬اعترضت‪ -‬الملائكة على أهلية آدم للاستخلاف بحجة قابلت فيها بين سلوكها‬
‫وسلوك آدم نفيا للقانون الطبيعي بذ آدم باسم القانون الخلقي فيها‪# : :‬قالوأ أَتَججْعَل‬
‫فيمًا من يُفْسِدُ يما وَيَسْفِكَ الدّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبُمْ بِحَمْدِكَ وَتُقَدْسُ لَكَ قال‬
‫إني أَعْلمُ مَا لآ تَعْلْمُونَ‪1‬ببتره ‪ 03‬واعترض إبليس على أمر السجود بحجة قابل‬
‫فيها بين شرف النار ووضاعة التراب أعني نفيا للقانون الخلقي باسم القانون الطبيعي‬
‫ار وَخَلقَنَهُ من طين‪#‬‬ ‫الذي كان يتصور النار تسمو والتراب يدنو‪ :‬الخَلقَتِي من‬
‫[الأعراف ‪ .]21‬وإلى يومنا هذا لا يزال المشكل هو المشكل‪ :‬المقابلة بين الموقف النا للدنيا‬
‫باسم الدين أوبزعم الإطلاق للقانون الخلقي والموقف الناي للدين باسم الدنيا أبوزعم‬
‫الإطلاق للقانون الطبيعي‪ .‬فتكون الأمثولة رامزة إلى جوهر التحريف وعلته‪ :‬ذلك أن‬
‫رمز الموقف الذي يقول بهنفاة القانون الطبيعي وحجة الشيطان‬ ‫ها‬
‫يكةنهي‬
‫علائ‬
‫حجة الم‬
‫هي عينها رمز الموقف الذي يقول به نفاة القانون الخلقي‪ .‬فيكون كلا الرمزين دالا على‬
‫طلب السلطان (الاستخلاف) إما بتحريف القانون الخلقي وجعل الدين مجرد وسيلة‬
‫سياسية ونفافا ينفي ما ىش الإنسان من بعد طبيعي أراده اللّه أبوتحريف القانون الطبيعي‬
‫وجعل الدنيا غاية سياسية كذبا ينفي ما ‪ #2‬الإنسان من بعد خلقي أراده الله‪ .‬والعلاج‬
‫يوان أن الأمرين أرادهما الله وأن هدف الاستخلاف السوي هوتحقيق‬
‫بي ه‬
‫بسو‬
‫القرآني ال‬
‫التناغم بين قانون الخلق وقانون الخّلق والسياسة السوية هي هذا التناغم خ التاريخ‬
‫الفعلي أعني التلازم بين الأخلاق والسياسة ‪ #‬الحل القرآني‪ .‬لكن هذا الحل يساء فهمه‪:‬‬
‫فالأصلاني يتصور التناغم بين المبدأين متمثلا ‪ 4‬جعل الدين ذا سلطان كنسي صريح‬
‫(عند الشيعة) وخفي (عند السنة) والعلماني بعكس الأمر فيتصور التناغم مستحيلا‬
‫ومن ثم يلجأ للفصل بين المبدأين جاعلا الخلق أمرا شخصيا والسياسة تصريفا ماديا‬
‫بحث للشأن الإنساني ولا تكون الأخلاق فيها إلا من جنس النفاق © حملات الانتخاب‪.‬‬
‫بدأ الخلقي من حيث هو ضاية ملازم للمبدأ‬ ‫لكن الأمر هوك الحقيقة متعلق بما يلي‪:‬‬
‫الخلقي من حيث هو أداة‪ :‬السياسة هي الأداة وهي الوحيدة التي ينبفي أن يكون لها‬

‫‪512‬‬
‫جهاز وأدوات مؤسسية تعمل بأدوات مادية ولا تكتفي بالرمز لكنها تصبح فاقدة لكل‬
‫شرعية إذا تصورت نفسها ف حل من فاعلية الرمز أعني الخضوع للقانون الخلقي‪ .‬وإذن‬
‫فالتناغم هو أن تكون الدولة الجهاز المادي الوحيد ‪ #‬تنظيم الشأن العام‪ .‬لكنها تكون‬
‫أينتعين ‪ 4‬جهاز وإلا أصبح مؤثرا ماديا لا‬ ‫كن‬
‫م لا‬
‫يدين‬
‫جهازا خاضعا للأخلاق‪ .‬فال‬
‫رمزيا ومعنويا‪ .‬والضامن لخضوع الدولة للأخلاق هو الأمة بممارستين هما عين الحياة‬
‫الجمعية أعني التواصي بالحق والتواصي بالصبر ك‪ #‬رعاية الشأن العام ومراقبة المكلفين‬
‫بإدارته وليس الكنيسة أو الوصي أو العلماء لأن الأمر أمرها وهي تسيره بالشورى التي‬
‫عمون أنفسهم أهل الحل والعقد‪:‬‬
‫يىزمن‬
‫عل‬ ‫وسرة‬
‫صولي‬
‫قين‬
‫مض ع‬
‫تعد المشاركة فيها فر‬
‫فكل مؤمن عضو ف أهل الحل والعقد أعني ‪ #‬الأمة التي لها وحدها حق الحل والعقد‬
‫وتيعينينومنبها ‪ 4‬إنجاز ما حلت وما عقدت تعيينا ناتجا عن الاختيار الحر الفعلي لا‬
‫ولا يسد فيه أحد مسد أحد‪.‬‬ ‫الصوري لأن الحساب شخصي‬

‫الأستاذ حنفي بعنوان‪«:‬النظر‬ ‫بنييون‬


‫© كما بينت كذ المناظرة التي دارت بي‬
‫والعمل»دار الفكر والفكر المعاصر دمشق وبيروت ‪5‬مم‪.‬‬

‫‪ 5‬إذا كانت الاستراتيجية هي جوهر النظر العلمي من حيث صلته بالعمل على‬
‫علم (أو بصورة أدق من حيث هو عمل مؤجل يجري ‪ 2‬مستوى الحديث بدل مجراه‬
‫‪ 4.‬مستوى الحدث) فإن المحاولة نفسها ذات استراتيجية © إثبات ما تسعى إليه‪ .‬فأما‬
‫ما تريد إثباته فهو أن القرآن يتضمن استراتيجية توحيدية للأمة وللإنسانية وأن هذه‬
‫الاستراتيجية هي أفضل ما يمكن تصوره لأنها من لدن صانع حكيم‪ .‬وأما خطتها ‪2‬‬
‫ولا تكتفي‬ ‫وعها‬
‫ضا ب‬
‫مبروبم‬
‫إثباته فهي عين الاستدلال العلمي على القضايا التي تخ‬
‫بالتأمل الخيالي‪ .‬والعلم يثبت قضايا تخبر عما ‪ #‬الموضوع بطريقتين لا ثالثة لهما‪.‬‬
‫وهما لتاكونان تامتين إلا إذا تطابقتا‪ :‬أولاهما هايلتأسيس المنطقي للفرضيات والثانية‬

‫‪612‬‬
‫هي التحقيق الفعلي لما ورد ‪ #‬الفرضيات المؤسسة‪ .‬ويتوسط بين الأمرين الحقائق التي‬

‫جاءت على شكل فرضيات ‪ #2‬التأسيس ثم على شكل متعينات الموضوع ‪ #2‬الثمرات‪.‬‬
‫لذلك فامحاولة ستتألف من التأسيس والاستثمار وبينهما تحديد مقومات الاستراتيجية‬
‫وتلك هي أجزاؤها الخمسة‪ :‬المقومات وقبلها التأسيسان الوجودي والمعرك وبعدها‬

‫الاستثماران المعري والوجودي (حتى وإن كان العرض ‪ #4‬النشر يعكس ليقدم الثمرات‬
‫على التأسيس بسبب ما تقتضيه المقروئية‪ :‬طلب الثمرات قبل طلب الأسس هو‬
‫المعرفة عنده عبادة)‪ .‬ولما كان التأسيس ذا‬ ‫الغالب دائما على القارئ قبل أن تصبح‬

‫فرعين فكذلك سيكون الاستثمار‪ .‬وكل ذلك يدور حول الموضوعين المتلازمين‪ :‬استراتيجية‬
‫القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية‪.‬‬

‫” الزمان التاريخي بخلاف الزمان الطبيعي مخمس الأبعاد وليس مثلثها‪.‬‬


‫السايق أوجوده ‪ #2‬الأذهان أي ‪ 4‬الرموز‬ ‫حوديث‬
‫له‬‫اأول‬
‫وجهه ال‬ ‫اهن‪:‬‬
‫هل‬‫جتقبل‬
‫ولمس‬
‫فا‬
‫ووجهه الثاني هو الحدث اللاحق أوتحققه اللاحق ذ الأعيان أي ‪ 2‬الوجود الفعلي‪.‬‬
‫والماضي له وجهان‪ :‬وجهه الأول هو الحدث السابق أو وجوده ‪ #4‬الأعيان أو الأحداث‬

‫السابقة ووجهه الثاني هو الحديث اللاحق أو وجوده ‏ الأذهان أو الرموز مقصوصا‬


‫ومؤولا‪ .‬أما الحاضر فيتطابق فيه الحدث والحديث أي الوجه الفعلي والوجه الرمزي أو‬
‫العيني والذهني‪ .‬لذلك اعتبرنا المستقبل والماضي مضاعفين مضاعفة تبرز فيها المسافة‬
‫بق‬ ‫احيث‬ ‫طاضر‬
‫تالح‬ ‫ياف‬
‫بين وجهي الحدث والحديث مع تبادل المراتب تقدما وتأخرا بخل‬
‫والوجهان‪ .‬فتكون الأبعاد بذلك خمسة وليست ثلاثة كما هي حال الزمان الطبيعي حيث‬
‫الماضي ماض والمستقبل مستقبل ولا يوجدان إلا كما يوجد الحاضر ‪ #2‬الوجود الفعلي لا‬
‫غير‪ .‬ولولا هذا الازدواج لما كان للتمييز بين الزمان والتاريخ معنى‪ :‬فيكون زمان الإنسان‬
‫مخمس الأبعاد حتما بخلاف الزمان الطبيعي املذثيلهوثها‪.‬‬

‫‪712‬‬
‫‪ 7‬ابن خلدون‪«:‬المقدمة» دار ابن حزم بيروت ‪3002‬م المجلد الأول الباب‬
‫السادس الفصل الحادي عشر (ص‪.)583.‬‬

‫©* من أهم الملاحظات الروحية والخلقية العميقة هي القاعدة الذهبية التي بنى‬
‫اقة‪ .‬فكلما زعم المرء نفي الدنيا بزعم التخلص منها ازداد‬
‫لذه‬
‫عليها القرآن الاكرليمع ه‬

‫طغيانها على وجدانه فكانت الحصيلة عكسية‪ .‬ولهذا فالقرآن كاد أن يحرم الرهبانية‬
‫حبه من شهوة الأكل وحب الدنيا‬
‫ارر‬
‫ص يح‬
‫(الحديد ‪ .)72‬فتجويع الذات الصو مثلا لا‬

‫فيه حتى وإن حصل ذلك بالخيالات التعويضية‪ .‬الحرمان من سد‬ ‫هما‬
‫وسيهو‬
‫قلعك‬
‫ي با‬
‫بل‬
‫الحاجات الطبيعية ليس سياسة خلقية سوية بل سدها المعتدل بمقتضى ما يشبعها إشباعا‬
‫سويا هاولسياسة الخلقية السوية فضلا عن كون هذا الموقف فيه شيء من اعتبار الخلق‬
‫منافيا للخلقة ومن ثم ففيه عودة إلى التنالك بين القانونين الطبيعي والخلقي‪ .‬لكن خلقة‬
‫الكيان العضوي تتضمن معايير عضوية إذا احترمت تكون ذات انتظام ذاتي سوي ولا‬
‫ينبغي للتربية الخلقية أن تفسدها‪ .‬فكل محاولة لعلاجها بالحرمان أو بالإدمان تفسدها‬
‫فتصبح مرضية ‪ #4‬كلتا الحالتين‪ .‬وقس على ذلك كل حاجات البدن خاصة حاجة الجنس‬
‫الذي يمكن أن يعتبر أهم علامات الفرق الجوهري بين الإسلام والمسيحية‪ .‬وهي وحدها‬
‫كافية للدلالة على صحة النظرة القرآنية © التحريف‪ :‬فلا يمكن أن يأتي رسول بما‬
‫يناك ما فطر عليه الإنسان بل وبما يؤدي نفيه إلى كل الأمراض النفسية والروحية‪.‬‬
‫فتحرير الإنسان من الرهبانية وتبرئة الحب والجنس وإفرار التعدد المتساوق للرجال‬
‫والتعدد المتوالي للنساء (بمقتضى الطلاق الذي يجعل التعدد ممكنا للنساء‪ :‬فالمرأة‬

‫بفضله يمكنها الاتصال بعدة رجال بالتوالي وليس بالتساوق لتجنب الخلط بين الأنساب‬
‫وذلك من حكم الطلاق) كل ذلك دليل على أكبر ثورة روحية حدثت ‪ 2#‬تاريخ الإنسانية‬
‫ولا يزال المسيحيون يجرون وراء بعض إنجازاتها ولكن بكثير من الإفراط بعد الكثير‬
‫زي‬
‫ممن‬
‫ربين‬
‫من التفريط ومن ثم بكلا التحريفين الممكنين (الملكي والشيطاني كما يت‬
‫‪812‬‬
‫الاعتراض على الاستخلاف)‪ .‬ومن العلامات الأخرى الدالة على الفرق الجوهري بين‬
‫احتراما لوحدة‬ ‫الإسلام «روحية‪-‬بدنية» لك الوقت نفسه‬ ‫الديئين هو الصلاة‪ :‬فهى ‪2‬‬

‫الكيان الإنساني بخلاف ما هي عليه ‪ #4‬المسيحية حيث تكون نوعا من السكون البدني‬
‫والانفعال الذهني بأفعال قارئ القداس‪.‬‬

‫”‪ 7‬والفرق بين العلاقتين بيّن علما بأنهما من الأدوات المساعدة على الاستنتاج بخ‬
‫الجزء الأول‪ .‬فالعلاقة بين الجزء والكل تجعل‬ ‫غمقا ‪#‬ية‬
‫ذلك بع‬ ‫ين‬
‫بكما‬
‫نلوم‬
‫سالع‬
‫كل‬
‫الكل منطلقا لاستنتاج الجزء المفقود منه بما يتركه فيه من موقع خال يحدد طبيعته أو‬
‫على الأقل خصائصه والجزء منطلقا لاستنتاج بقية الأجزاء المفقودة أوعلى الأقل بنية‬
‫الكل بما يبدو مكملا للجزء الموجود‪ .‬أما العلاقة بين الجزئي والكلي فهي من طبيعة‬

‫ثانية‪ .‬ذلك أن الجزئي ليس بعض الكلي بل هو عين منه كل الكلي موجود فيها من حيث‬
‫هو صورتها‪ .‬ويمكن استعمال هذه العلاقة للاستنتاج كذلك‪ :‬فمن الجزئي يصعد العقل‬

‫إلى الكلي بالتجريد ومن الكلي ينزل بالتعيين (والفرق هو أن العلاقة الأولى متعينة‬
‫إليه‬ ‫صل‬
‫وبما‬
‫تلا‬
‫يين إ‬
‫أما العلاقة الثانية فلا تتع‬ ‫تاج‬
‫نية‬
‫تعمل‬
‫سة ل‬
‫ايسر‬
‫لم م‬
‫ان ث‬
‫ماديا وم‬
‫ح مدنيد سلم الكليات بتصنيف المقومات وهو أمر قل أن يكون مطابقا ومن ثم‬ ‫تعقل‬‫ال‬
‫فالاستدلال به من المغلطات ‪ #‬غالب الأحيان)‪ .‬ومع ذلك فالتجريد والتعيين يعتبران بذ‬
‫المعرفة العلمية أكثر وثاقة من الطريقتين المستندتين إلى علاقة الجزء بالكل بسبب كون‬
‫أخطاء الحواس والاغترار بفروق الكيفيات الثواني أكثر مجلبة للخطأ العلمي‪ .‬والمعلوم أن‬

‫هذه العلاقة رياضية مستغنية عن التجربة وتلك ميتافيزيقية لا بد لها من التجربة‪ .‬وبين‬
‫لم الآثار أو علم‬
‫عا ل‬
‫العلاقتين جسر ناقل‪ :‬فحضور الكل المفقود ‪ 2‬الجزء الموجود كم‬
‫الإحاثة (الحفريات) عندما يستنتج العالم من بعض آلة أومن بعض هيكل حيوان بائد كل‬
‫لدج‪#‬زء الموجود كمكمل افتراضي فيكون الجزء‬ ‫اجو‬
‫هيكله فهذا يعانيلأنكل المفقود مو‬
‫الغائب من‬ ‫نىتاج‬
‫ت عل‬
‫سمدة‬
‫امعت‬
‫وكأنه عينه بفضل هذا المكمل الافتراضي‪ .‬وكل البحوث ال‬

‫‪912‬‬
‫الشاهد تعمل بهذين الأداتين © الاتجاهين وكلتاهما تفترض أن لتعضي الأشياء نظاما‬
‫ا نستاتكجدلال عقلي يعتبر ما‬
‫لنه‬
‫منطقيا أي إن الموجود يصبح وكأنه مقدمات والمفقود كأ‬
‫يصح منطقيا ‪ 4‬مجال معين عرفنا مبادئه العامة يصح وجوديا إلى أن تكذب التجربة‬
‫المحاولة‪.‬‬ ‫ذ ‪4‬ه‬
‫هعمل‬
‫افتراضنا فنغير نظرياتنا لتكون أكثر مطابقة‪ .‬وبهذه الطريقة سن‬

‫*” وقد يذهب البعض إلى حد الظن أن الرسول نفسه يكون ب كل لحظة مقصورا‬
‫علمه على ما نزل إلى تلك اللحظة ومضطرا لانتظار ما سينزل فلا تكون صلة النجم‬
‫بالكل حاضرة أفقا دائما لنظره وعمله‪ .‬وهذا طبعا رغم قابليته للتصور عقلا ليس يمكن‬
‫أن يجعل فعل الرسول وأمته فعلا اجتهاديا وجهاديا غلا يكون لهم فيه دور‪ .‬وهوما تنفيه‬
‫بعض المراجعات القرآنية لأفعال الرسول والأمة‪ :‬فهذه المراجعات تثبت بما لا يدع مجالا‬
‫وحي يتدخل ليصوب المسيرة لكنه لا يكون بديلا من الرسول والأمة إلا ‪2‬‬
‫اشكل أن‬
‫لل‬
‫ماهو متصل بما بعد التاريخ من العقائد والشرائع‪.‬‬

‫'” وينبغي أن نميز هنا بين ضربين من التقديم‪ .‬فتقديم المدخل إلى القرآن‬
‫الكريم عن طريق الفهم النبوي عند وجوده يكون إما لعلة بنيوية يستحيل الفهم من دونها‬
‫أوت لععللةيمية طلبا للفهم الأفضل بتوسط التعليم النبوي دون أن يكون مستحيلا من‬
‫دونه‪ .‬فالتقديم الأول يجعل الأمة مضطرة إلى القول بتواصل الوحي وتكذيب دعوى الختم‪.‬‬
‫والتقديم الثاني ليس فيه ما يعارض دعوى ختم الوحي بهلويؤيدها‪ .‬وعندئن تكون السنة‬
‫أسمى المساعدات التعليمية‪.‬‬ ‫ها‬
‫ويةنرغم‬
‫كنيو‬
‫الب‬ ‫ورات‬
‫ر من‬
‫ض لا‬
‫لمية‬
‫اعلي‬
‫مانلمساعدات الت‬
‫فمن السخف أن يتخلى المرء عن أفضل تعليم وتفهيم إذ صح أنه حقا تعليم النبي وتفهيمه‬
‫لرماء إلى ما يبدو‬
‫عبا‬
‫لك‬‫(وهذا التصحيح هوعلم نقد الحديث سندا ومتنا)‪ .‬وقد ااضطر‬
‫مخالفة الأمر فدونوا السنة بعد أن استفحل الوضع لحمايتها من الوضع أوللات ثنمقيتها‬
‫نن‬
‫س من‬
‫لرات‬
‫اتوات‬
‫ع‪.‬لوم أن الوضع وللّه الحمد لا يمكن أن يتطرق إلى الم‬
‫ملك‬
‫وهابعلد ذ‬
‫من‬

‫‪022‬‬
‫الشعائر والعبادات لأن ممارسة الجماعة لها تحول دون ما يمكن‬ ‫ات‬
‫يعين‬
‫في ت‬
‫ي الت‬
‫كعلية‬
‫الف‬
‫أينحصل لما لياتداوله إلا القلة مثل بعض السنن القولية حول بعض الآراء وبعض العادات‬

‫الغريبة فضلا عن كون بعض الفروق الطفيفة فيها تعود إلى سنة الرسول نفسه ولا أثر لها‬
‫على الفعل التعبدي ذاته‪ .‬وكل الأحوال فإن المعيار الأساسي لغربلة السنة كان ولا يزال‬
‫إخضاع هذه الآراء والعادات لمحكم الكتاب ‪ 2.‬كل ما قد يبدو موضوعا منها‪.‬‬
‫ولا يكون ‪ #2‬ذلك دور إلا إذا قلنا بالحل الأول فاعتبرنا اللجوء إلى الفهم النبوي‬

‫هولعلة بنيوية ذاتية للخطاب القرآني وليس لعلة تتصل بمراتب التعليم‪ .‬فحتى ‪ #4‬المعرفة‬
‫العادية يفضل الإنسان كبار المختصين والأساتذة على غيرهم للاستفهام منهم‪ .‬وكون‬
‫نجم من‬
‫الخطاب القرآني علامته أن أي‬ ‫يةة ‏‬
‫وعل‬
‫يس ل‬
‫ن لي‬
‫ببي‬
‫اللجوء إلى تعليم الن‬
‫القرآني بمنطق العلاقتين اللتين حددنا‬ ‫كل‬
‫ل من‬
‫اقعه‬
‫نجوم القرآن يتضمن ما يحدد مو‬
‫‪ 4‬الهامش السابق فضلا عن دعوى الختم التي تعني حقيقتها الصادقة أن القرآن صار‬
‫مكتفيا بذاته لتضمنه شروط فهمه‪ :‬فعلاقة الجزء بالكل وعلاقة الجزئي بالكلي لأنه‬

‫بعضٌ من كل وعينة من كلي تجعلانه منظومة من المعطيات القابلة للتحليل العقلي الموصل‬
‫إلى علم اجتهادي نظير لعلم الكون بل وأفضل منه وأكثر يقينية لعلتين‪- 1 :‬لأن المدونة‬
‫متناهية حتى وإن كانت دلالاتها لامتناهية ‪ - 2‬ولأنها بالطبع أعدها الله لكي تساعد‬
‫قد يسرها الله‬ ‫خلاف‬
‫تادي‬
‫سم‬‫لواشرط‬
‫لي ه‬
‫على فهم الكون فتكون بخلاف الكون الذ‬
‫تيقخلاف بصفة الشرط الرمزي ‪.‬‬
‫سحق‬
‫ا ت‬
‫لن ©‬
‫انسا‬
‫لمساعدة الإ‬

‫‪ 2‬وهذا الترجيح نستثني منه تعيين العبادات لعلتين إحداهما تخص طبيعة‬
‫العدادات والثانية تخص طبيعة ما عداها من الشأن الإنساني ولنطلق عليها تسامحا اسم‬
‫المعاملات وكلتاهما مضاعفة لكونها ذات أصل وفرع‪:‬‬

‫ولنبداً بالعلة الأولى فأصلها يعود إلى طبيعة العبادات وفرعها يعود إلى كون‬
‫العبادات تقبل أن تكون ثابتة لا تتغير‪ .‬ذفي العبادات دور النبي مقوم من مقومات بنيتها‬
‫وليس لعلة تعليمية خارجية بخلاف المعاملات‪ .‬ذلك أن العيادات هي علاقة المتناهي‬
‫‪122‬‬
‫باللامتناهي أو النسبي بالمطلق من الأول إلى الثاني فيكون الغالب على المطلوب منها من‬
‫العابد واجتهاده‬ ‫العبادة لا يكفي فيه قصد‬ ‫الغيب وليك من الشهادة‪ :‬ما يحقق غرض‬

‫بل لا بد فيه من تعيين المعبود لما يطلبه منه بكيفيات لا يمكن تحديدها بالوصف اللفظي‬
‫فتحتاج إلى التحقيق الفعلي من النبي حتى يحاكى فعله محاكاة حية تصبح سنن تعبد‪.‬‬
‫ولما كانت العبادة علاقة بين الإنسان وربه كان المتفير فيها هو الحد الأول وليس الحد‬
‫الثاني فيصبح الثبات فيها مطلوبا حتى يحفظ المعبود علل السمو بالعابد الدائمة‪ :‬وهذا‬
‫من أسرار الغيب الذي تؤديه تعيينات العبادة التي ليس لنا تعليل لكيفياتها وكمياتها‬
‫و هكييف هي‪.‬‬
‫بل هي توقيفية بإطلاق والقصد أننا نجهل علل كونها ما‬
‫أما العلة الثانية فتخص المعاملات‪ .‬فرغم أن أحكام المعاملات لا تخلو من وجه‬
‫طنلق إلى النسبي ومن ثم فالمطلق قد ناسب بينه‬ ‫مل م‬‫اجهلناز‬
‫تعبدي إلا أهنذا الو‬
‫وبين النسبي ليكون الخطاب مناسبا للغرض واعتبر الحكم فيه للإنسان أوعليه بالجهد‬
‫والقصد وليس بالنتيجة لعلم الله أن الغيب التعبدي محجوب فلا يدركه الإنسان وتلك‬
‫هي علة مجازاة الخطأ ‪ 2‬الاجتهاد إذا صح القصد وتحقق الشرط‪ .‬فهي تحدد علاقة‬
‫بين أربعة حدود نسبية من منطلق مطلق نسب حكمه ليناسب النسبي‪ :‬فهي بين إنسانين‬
‫نسبية‪ .‬فيكون المقصود الثابت المحافظة على التناسب بين الحدين‬ ‫ويات‬
‫دسب‬
‫أر ن‬
‫‪4‬ب أم‬
‫(الشخصين المتعاملين) وبين موضوع التعامل وأداته‪ .‬والثابت المحافظ على التناسب الأول‬
‫هاولقيم الخلقية مثل العدل والإنصاف وعدم الغش إلخ‪..‬والثابت المحافظ على التناسب‬
‫الثاني هو تحقيق الغرض‪ :‬أو التلاؤم بين الوسيلة والغاية‪ .‬فيكون التغيير حاصلا دون أن‬
‫يمس بالجوهر‪ .‬ومن ثم ذما نتعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم هو كيفيات المحافظة‬
‫على التناسب وليس أعيان الحدين والموضوع والأداة‪ :‬وهذه الكيفيات من طبيعة خلقية‬
‫والأداة‪.‬‬ ‫ونضوع‬
‫ليةمبي‬
‫اقن‬
‫بين الحدين وت‬
‫أما ما عدا ذلك فهو جميعا تاريخي بالجوهر أعني أن الحدين والموضوع والأداة‬

‫تتغير بتغير المكان والزمان والظرف وحتى أعيان الكيفيات لأن المطلوب هو تحقيقها‬
‫للتناسب وليس أعيانها فضلا عن كون وجهها التعبدي تركه القرآن للاجتهاد إذ إن‬
‫‪222‬‬
‫الاجتهاد فيها هو مناط التكليف وليس المطابقة مع ما فيها من غيب تعبدي‪ .‬والكيفيات‬
‫التي تحافظ على التناسب عقلية طبيعية وأعيانا وليست من الغيب ومثلها ما هو تاريخي‬
‫ييسويا بل نموذجيا يعطينا أفضل الطرق إذا وجد‬
‫نل‬‫المعاملات فيكون تعليم البنبي‬
‫كما يفعل أفضل المعلمين دون أن يكون ذلك بنيويا ‪ :#‬الأمر ذاته كالحال ‪ #2‬العبادات‪.‬‬
‫وتوجد علة أخرى قد تعد ميتافيزيقية لكننا نذكرها بإشارة سريعة دون مزيد‬

‫تحليل‪ :‬ففي إشارة القرآن الكريم لتعيين القبلة ذكر القرآن الكريم عبارة‪ :‬إفأَينْمَا تُوَلوا‬
‫فَثمٌ وَجَهُ الله إن الله واسع عَلِيم ©[انبقرة ‪ ]511‬ثحمدد القبلة‪ .‬وذلك يعني أن التعيين‬
‫العبادة ذاتها لأن المعبود متعال‬ ‫ونط‬
‫رت م‬
‫ش ليس‬
‫العابد وهي‬ ‫دهية‬
‫وعلت‬‫دات‬
‫حباد‬
‫‪4‬مالع‬

‫على الزمان والمكان‪ .‬فيكون التعيين للمناسبة مع محدودية العابد ولا علاقة له بالمعبود‬
‫الذي هوفوق كل تعيين بالزمان والمكان والجهة‪ .‬وهو معنى أن الأرض كلها مسجد‪.‬‬

‫‪ 82‬وتلك هي العلة ‪ #‬توكيد القرآن على أن الغيب محجوب على النبي محجوبيته‬
‫عاللىمخلوقات عامة‪ .‬فلا يكون لقاء البعد اللامتناهي من الوحي أو وجهه إلى المخاطب‬
‫المنقول‬ ‫نص‬
‫لل ‪#‬‬
‫ابي ب‬
‫والبعد المتناهي منه أي وجهه إلى المخاطب حاصلا ‏ ذات الن‬
‫لخلقه يسيئون‬ ‫لسا‬
‫مولي‬
‫الله‬
‫شام ا‬
‫أعني القرآن‪ .‬وكل الذين تصوروا هذا الأمرخاصا بكل‬
‫الفهم فيطرحون مسألة خلق القرآن وقدمه متناسين أن الأمر يصح على المخلوقات‬

‫صحته على القرآن‪ :‬كلاهما ذو قبلتين أو معنيين أعني من حيث هو صفة فعلية للّه فهو‬
‫قديم ومن حيث هو منتوج تلك الصفة الفعلية هو مخلوق سواء كان عا ما أو قرآنا‪ .‬وهذا‬
‫الكلام الإسلامي‪ :‬مسألة خلق القرآن أو قدمه ومسألة‬ ‫م‬
‫ل من‬
‫عفتين‬
‫يلغي مسألتين زائ‬
‫زمانية العالم أو قدمه‪ .‬كل المخلوقات لها هذان الوجهان‪ :‬ضمن حيث هي موجودة بععنى‬
‫كونها ذات قيام له ثبوت بمعزل عن إدراكنا فإنها تقوم بتوجهها إلى ربها وتستمد من هذا‬
‫التوجه ما فيها من لاتناه هو علم الله بها أو صفة الله الفعلية األتويجدتها‪ .‬ومن حيث‬
‫هي موجودة بمعنى أن واجدا يجدها أيودركها يكون لها تناهي الوجه إلى مدركها‪ .‬ذلك‬

‫‪322‬‬
‫أنها تستمد من الوجه الأول قيامها أعني فعل خلقها المبقي لها وتستمد من الوجه الثاني‬
‫وقيامي نفسه‬ ‫عها‬
‫وقوم‬
‫ضي ت‬
‫ورفت‬
‫م مع‬
‫بملا‪:‬‬
‫قيام غيرها بها إن علما فعلما وإن عملا فع‬
‫يقوم بما أستمده من المخلوقات التي هي شرط بقائي فتكون واسطة بين مبقيها وإياي‬
‫ليبقيني بها وهو معنى تستخيره إياها لي‪ .‬ومثلما أفنعل الخلق وفعل الأمر يتلقيان من‬
‫حيث المصدر ‪ 4‬اللوح المحفوظ فإن مفعولهما يلتقيان من حيث المورد ‪ 2‬وجود الإنسان‬
‫فيكون قيامه رهن هذين الأمرين‪ :‬العالم ومنه يستمد قيامه المادي والقرآن ومنه‬
‫يستمد قيامه الروحي‪.‬‬

‫“* انظر‪ :‬مناظرات فخر الدين الرازي ف بلاد ما وراءا النهرين‪ +‬تحقيق‪ :‬فتح‬
‫بيروت ‪ 6691‬المناظرة العاشرة فالرازي يتصور النبوة وساطة‬ ‫شررق‬
‫م دا‬
‫لليف‬
‫اه خ‬
‫الل‬
‫من جنس وساطة الإمام التي يدافع عنها الحسن الصباح‪ .‬لكن النبي ليس وسيطا بل‬
‫هورسول أوصل الرسالة إلى المكلفين بها وهي مفهومة بذاتها ومغنية عن الوساطة التي‬
‫تكون شرطا ‪ #‬فهم الرسالة بحيث لا تكون الرسالة مفهومة بذاته‪ .‬ولكن عندئذ إذا كان‬
‫الرسالة فمن يفهمنا كلامه هو ‪ 8‬ألا يوجب ذلك التسلسل؟‬ ‫اام‪4‬نا‬
‫فطهشرط‬
‫إوسي‬
‫ال‬
‫تلك هي حجة الغزالي ب الفضائح‪ .‬لكن الرازي بقانون التأويل الذي أطلقه ينتهي إلى أن‬
‫على المرء أن يختار بين الفهم الشيعي والفهم الفلسفي ويإلفميككلانية للفهم السني‪:‬‬
‫استقلال العقل بإطلاق أو الحاجة إلى الوصي بإطلاق وسيطا بين الرسالة والمؤمنين‪.‬‬
‫عسي البريد‬ ‫ان جن‬ ‫ييسطا بل ه‬
‫سو م‬ ‫سل ل‬‫ورسو‬
‫والحل الذي تقول به السنة هو أن ال‬
‫الأمين ذ ما يتعلق بتبليغ القرآن‪ :‬أوصل رسالة تخاطب المرسل إليهم ومن ثم فهي رسالة‬
‫مفهومة منهم أعني كل البشرية بل وكل المخلوقات‪ .‬والرسول ‪ #4‬علاقته بها مخاطب مثل‬
‫خمنف‬ ‫سكون‬‫لهد ي‬
‫ا مجت‬‫كاللمخاطبين حتى وإن كلف بالسعي إلى التعليم بوصفه أفضل‬
‫التخلي عن اجتهاده (السنة عند التأكد من صحتها) لصالح اجتهاد غيره‪ .‬لكنه ليس‬

‫دنيل منه بعد‬


‫بم‬‫وسيطا ولا وصيا بمعنى أن الفهم لا يكون إلا بواسطته ومن ثم فلا بد‬

‫‪422‬‬
‫وفاته كما يقول الشيعة والدليل هو بيان القرآن ‏ قوله جل وعلا‪:‬‬
‫ل‬

‫لْسْتَ عَلَيْهُم ِمُصَْط ري [الفاشية ‪ . 2‬وما نت عَلْيْهُم بوَكيل ‪/#‬الشورى ‪ ]6‬إلخ‪...‬‬


‫نما أنتَ‬ ‫نما أنتَ مُذّكر) [شاضية‪!]12‬‬ ‫من الآيات الصريحة وخاصة ما تضمن‬
‫هود ‪.]21‬‬ ‫مُخْذْر‪[#‬النازمات ‪ .]54‬و [الرعدج]! موإنمَا أنتَ نذير‬

‫‪ *7‬التمييز بين المقومات الصورية والمقومات المضمونية ليس أمرا نفرضه على‬
‫تعاملنا مع القرآن الكريم‪ .‬إنما هو تمييز أساسي وضعه القرآن نفسه‪ :‬فما يقص ‪2‬‬
‫القصص القرآني من الأمثال لا يهم المخاطبين بأعيانه شخوصا وأحداثا لأن المقصود‬
‫ايرة‬
‫بى ه‬
‫عمعن‬
‫هو البنية الصورية والقيمية المعتبرتين فيها‪ .‬والعلامة الدالة على هذا ال‬
‫ِلك أَمةَ قَد خَلتْ لها مَا كُسَبْتْ واكم ما كَسَيْتُمْ وَل‬ ‫القرآن الكريم هي‪:‬‬ ‫تتكرر‬
‫تُسْألونَ عَما كَانُوا يحْمَلُونَ )‪[ 4‬البعرة ‪ .]431‬فلو كان المقتصود أعيان الأحداث المقصوصة‬

‫لكان هذا الكلام متناقضا‪ :‬لكن كلام القرآن لا يمكن أن يكون متناقضا‪ .‬وإذن فالمقصود‬

‫يان الأحداث بل الصورة الكلية التي تبقى بعد أن نفرغها منها لتكون كل‬
‫أسعهو‬
‫لي‬
‫الأعيان التي من جنسها قيما ممكنة لها خلال كاللتاريخ الإنساني‪ .‬وهذا التمييز هو‬
‫الذي يجعل محاولتنا ‏ شبه قطيعة تامة مع علوم القرآن التقليدية التي تعنى بالق رآن من‬
‫حيث مضموناته العينية (تحقيق مدلوله واستثماره ‪ 2‬التشريع خاصة)‪ .‬أما الصنف الذي‬
‫يحقق دال النص ومدلوله اللسانيين فهما مستثنيان من هذه القطيعة لأنهما مسلمان ‪2‬‬
‫عملنا وليسا من مطلوياته‪ :‬لذلك فهو ليس تاريخا لنص القرآن ولا تفسيرا لدلالاته‪ .‬فما‬
‫كان من هذه الدراسات محققا لنص القرآن رسما ونطقا وضبطا ليس هإولا من جنس‬
‫حصر المعطى وتحديده وهذا مفروض ‪ #2‬علاقة كل علم بموضوعه سواء كان طبيعيا أو‬
‫التي تعنى بتفسير القرآن أبواستثماره ‪ #‬علوم الملة التي تعنى‬ ‫وم‬
‫عكنلصنف‬
‫ل‪ .‬ل‬
‫اانيا‬
‫إنس‬
‫بالبناء على مضمون عيني للقرآن فإنه الصنف الذي لا علاقة له بمبحثنا لما سنرى من‬
‫العلل‪.‬‬

‫‪522‬‬
‫‪ 5‬الفواعل القيمية مفهوم محوري نكتفي هنا بتعريفه وتعريف دوره بصورة‬
‫قلىيم‬
‫لإ‬‫اسبه‬
‫الدقيق يكون من خلال درس المسائل وهو يتصل بما نن‬ ‫ينفه‬
‫ر لك‬
‫عية‬
‫تمال‬
‫إج‬
‫من فاعلية تجعلها ممثلة لما أطلقنا عليه القانون الخلقي المناظر للقانون الطبيعي والمتكامل‬
‫معه ‪ 4‬تحديد شروط القيام التاريخي للإنسانية‪ .‬ويمكن بصورة تمهيدية القول‪:‬إن‬

‫الفواعل القيمية هي التي تصل القانونين أحدهما بالآخر فيتكامل التسخير والتكليف‬
‫الوجود الإنساني لأن الإنسان مكلف رغم كونه مؤلفا من كيان أغلب محدداته من‬
‫العالم المسخر‪ :‬بدنه ونفسه إلخ‪ ...‬سيأتي بيان المقصود ب«الفواعل القيمية» التي بفضلها‬

‫تتمكن الإنسانية من تجاوز المقابلة بين الخّلق والخلق أوبين انتساب الإنسان إلى القانون‬
‫الطبيعي و انتسابه إلى القانون الخلقي معا‪ .‬فهذه الفواعل القيمية أعني منظومات القيم‬

‫التي يدور عليها الوجود الإنساني الفردي والجمعي هي ما يتحد به العالمان الطبيعي‬
‫والتاريخي أوما يشير إليه القرآن الكريم بالآفاق والأنفس فيكون الفاعل الرئيس ‪ #2‬حياة‬
‫البشر مهما توحشوا‪ :‬ولذلك أطلقنا عليها اسم الفواعل القيمية‪ .‬وتحرير القرآن هذه‬
‫الفواعل من نظرية التثليث القيمي التي تجعل التاريخ ثمرة الصراع الجدلي بين‬
‫الطبيعي والخلقي هي الثورة الرئيسية التي ننسبها إلى الإصلاح القرآني ‪ 2‬فلسفة‬
‫الدين (تصور الله خاصة) وي فلسفة التاريخ (تصور الإنسان خاصة) إصلاحه الذي‬

‫يستند إلى موقف نقدي إيجابي معياره التصديق والهيمنة وموقف وجودي كوني‬
‫مبدؤه أن البشر إخوة وأن الدين واحد وأن الخلافات الديئية ينبغي أن لا تتجاوز‬
‫الممارسات المشعرية الخارجية وإلا أصبحت تحريفات للدين السوي الذي جبلت عليه‬
‫فطرة الانسان‪.‬‬

‫ويرها نموذجا تطبيقيا فهي لا يمكن أن تكون كذلك‬


‫‪ 7‬ولما كانت البسندة ه‬
‫منون‬
‫ضعي‬
‫مضي‬
‫لبم‬
‫اضي‬
‫بمضمونها بل بصورة فعلها المنهجية وقيمه الخلقية لتلا تم‬
‫التاريخي‪ .‬وإمذنق فاابلة بين صورة النموذج ومضمونه مقابلة مهمة جدا‪ .‬ذلك أونظيفة‬
‫النموذج لا تتمثل ‪ #‬أن يهب الرسول الأمة والإنسانية سمكا بل ‪ #‬أن يعلمها الصيد‪.‬‬
‫‪622‬‬
‫فيكون المقصود بالنموذج كيفية السن والجمع وليس أعيان السنن‪ .‬لذلك فالأصح أن‬
‫نسمي المسلمين أهل السّن والجمع لا أهل السنة والجماعة‪ .‬ومعنى ذلك أن الرسول من‬
‫حيث هو مجتهد لفهم الاستراتيجية ومجاهد لتطبيقها حدد منهجية وأخلاقا للسّن‬
‫والجمع هما ما فقده المسلمون بمجرد أن تصوروا الأمر متعلقا بأعيان السنن وليس بفعل‬
‫السن نفسه من حيث صورته وأخلاقه‪ .‬وبذلك باتت أمة الدين الذي هو إصلاح وتجديد‬
‫دائمين أمة التقليد الدائم‪.‬‬

‫* نكتفي بهذين الاستثمارين الرئيسين الناقلين من الاستراتيجية والسياسة إلى‬


‫الإسلامية التي لأجل‬ ‫نافة‬
‫ئ‪4‬‬‫تلها‬
‫امسعم‬
‫لنظي‬
‫ات‬‫ما يمكن بناء علوم الملة عليه فضلا عن‬
‫المحاولة‪ .‬وكل ذلك سيكون إن شاء الله موضوع أعمال مقبلة‪.‬‬ ‫ذ ‪#4‬ه‬
‫هعنا‬
‫تجلية أفقها شر‬
‫ولتوضيح العلاقة بين عناصر الكتابين الأولين بأجزائهما الخمسة (لأن الجزء السادس‬

‫هرم‬ ‫شنيك©ل‬
‫فلسفي خالص وهو من الخطة وليس منها ‪ 4‬آن) يمكن تخيل رسم بيا‬
‫قمته الجزء الأول وقاعدته المربعة لها رأسا زاوية وجودي ومعر للتأسيس ورأسا زاوية‬
‫معري ووجودي للاستثمار النظري‪ .‬وهوهرم قابل لأن يقرأ من البداية إلى الغاية أو من‬
‫الغاية إلى البداية أعني من الاستثمار إلى التأسيس أو العكس‪ .‬فإذا قرئ من البداية‬
‫إلى الغاية كان الترتيب من التالي إلى المقدم بالمعنى المنطقي وإذا قرئّ من الغاية إلى‬
‫البداية كان الترتيب من المقدم إلى التالي بالمعنى نفسه‪ .‬لكن القراءة الأولى ينبغي أن‬

‫تعمل بالمبدأ المنطقي الذي يذهب من نفي التالي ليرى هل يبقى المقدم صحيحا أوينتفي‬
‫تأكد له أن‬ ‫ك‬
‫ل له‬
‫ذ تم‬
‫مثله لأن القاعدة تقول ‪ :‬إن نقيض التالي ينتج نقيض المقدم‪ .‬فإذا‬
‫يذيدلاعي‬
‫البناء سليم وأنه يثبت ما سعى إليه ‪ 4‬حدود ما يسمح به العلم الاجتهادي ال‬
‫الإطلاق لعلمه بحدود علمه‪.‬‬

‫‪722‬‬
‫”‪ 7‬اعلم أن مثل هذا الكلام سيشنع عليه الكثير من العلماء التقليديين‪ .‬لكن‬
‫الإخلاص للإسلام وإرادة استئناف مسيرة الأمة ‪ 4‬تحديد التاريخ الكوني يقتضيان‬
‫الأزمة إذا كنا نريد لها علاجا يمكنها من أن تصبح فعلا‬ ‫ات‬
‫نعن‬
‫وريح‬
‫كالص‬
‫مبير‬
‫التع‬

‫ذات فاعلية تاريخية حقيقية وليست تسويغا بعديا لفاعلية تاريخية مستوردة‪ .‬ولعل مثال‬
‫وفأقهصوله لا يزالان قابلين‬
‫واحد يكفي لإثبات هذه الدعوى‪ :‬فمن يمكن له أن يزعم أن ال‬

‫لاسم العلم بمعنى الممارسة النظرية التي تعالج موضوعاتها الفعلية أعني كل المعاملات‬
‫التي يتقوم بها العمران الإنساني إذا كانت كل المؤسسات ‪ #2‬البلاد الإسلامية مسيرها‬
‫يحدده القانون الوضعي وليس للفقه والفقهاء إلا التدخل البعدي لتسمية الأشياء التي‬
‫كل شيء صار عندنا مقلويا‪:‬‬ ‫يوة؟‬
‫متبد‬
‫احتى‬
‫لهية‬
‫س فق‬
‫إماء‬
‫تقررت خارج هذا الفكر بأس‬
‫المجامع اللغوية صارت تنشيّ الكلمات والتسميات بدل من أن تكون المؤسسة التي تسجل‬
‫ميلاد الكلمات والأسماء ميلادهما ‪ #‬الممارسة الكلامية واللغوية للآمة‪ .‬والمجامع‬
‫دورها هذه الوظيفة‪ :‬فهي قد صارت تنشى الأسماء لمؤسسات ولقوانين‬ ‫تيةعلادى‬
‫يفقه‬
‫ال‬
‫تنشأة مؤسسات أجنبية تستوردها الأمة لتسير بها جهاز الدولة الحديثة‪ :‬كيف لمؤسسة‬

‫قانونية أن تكون ذات معنى إذا كانت الأمة لا تشرع بل تكتفي باستيراد تشريعات تطبقها‬
‫وتضفي عليها الشرعية الدينية بتسميات فقهية بُعدية لم تصحبها ممارسة ‪ 4‬معاملات‬
‫الأمة ذاتها وتشريعات وضعتها قواها المتناضضة وفكرها المعالج لما يجد من نوازل فعلية ب‬
‫ديمة‬
‫عفه‬
‫نية‬
‫منيو‬
‫الممارسة الفعلية؟ وقس عليه كل العلوم الدينية الأخرى‪ .‬أما العلوم الد‬

‫فعلا وتاريخا بمقتضى قصور هذا الفكر الديني الذي حصر الاجتهاد ‪ #4‬الفقهيات وتصور‬
‫وارد البضائع‬ ‫ت كم‬
‫سراد‬
‫نستي‬
‫البقية من الاشتغال بما لا ينفع ويمكن أننقتصر فيه على الا‬
‫المادية التي ليس لنا ‏ إنتاجها أدنى دور بسبب العزوف عن المعرفة العلمية وتطبيقاتها‬
‫الأجلاء من المدرسة التقليدية‬ ‫ئننا‬
‫ايمك‬
‫م‪ .‬و‬
‫لقيم‬
‫لكرعالع‬
‫وكلتاهما هحذاظها ف هذا الف‬
‫فلا أحد اليوم يعتبر‬ ‫نية‪:‬‬
‫يير‬
‫دغ‬‫لرى‬
‫اأخ‬
‫أينفهموا ذللوكقارنوه بكل علم ‪ #‬المجالات ال‬
‫وعه‬
‫وملضمع‬
‫متعا‬
‫البطليموسي علما بل هو تاريخ لعلم لم يعد صالحا لل‬ ‫لمف‪4‬لك‬
‫اكلا‬
‫ال‬

‫‪822‬‬
‫أعني الظاهرات الفلكية لأنه لا يفسرها‪ .‬ولا يمكن أن نعتبر قوانين الظاهرات الفلكية‬
‫هي القوانين التي تصورها بطليموس أو أي عالم آخر لأنها غاية لا تدرك وكل محاولاتنا‬

‫صيغ تقريبية من هذه الغاية التي هي من الغيب المحجوب‪.‬ولو ظننا قوانين الظاهرات‬
‫الفلكية هي ما تصوره بطليموس مثلا لكان من الواجب أن نقبل بمسلمتيه الأساسيتين‪:‬‬
‫الشمسي واعتبار الأرض مركزه‪ .‬وإذا كان هذا يصح على العلوم‬ ‫ظ ‪#2‬ام‬
‫نالم‬
‫للع‬
‫ار ا‬
‫حص‬

‫بالغيب‬ ‫لا‬
‫اكثر‬
‫صي أ‬
‫ت‪ :‬فه‬
‫اينية‬
‫الطبيعية فهو من باب أولى أكثر صحة يصح على العلوم الد‬
‫من الظاهرات الطبيعية وما منها متصل بالظاهرات الإنسانية فعلمنا به أقل وثاقة من‬
‫علمنا بالظاهرات الطبيعية ومن ثم فهو أكثر حاجة إلى التعديل الدائم‪ .‬ثم إن المطلوب‬
‫هو تحرير القرآن قيما وحقائق من الأخطاء التاريخية لفهومنا‪ .‬فإذا طابقنا بين قيمه‬
‫وحقائقه وما فهمه أحد أجيال الأمة جعلنا القرآن نفسه خاضعا لاجتهادات جيل معين‬

‫وليس مجالا مفتوحا بلا حد ليكون متعاليا على الزمان والمكان وتتوالى الفهوم على النفاذ‬
‫إلى أسراره اللامتناهية‪.‬‬

‫مسائل هذه الإشكالية بين خيارين كلاهما‬ ‫رض‬


‫عدد ب‬
‫من الصعب عدم التر‬
‫صالح خاصة و أن التفضيل © هذه الحالة لا يحكمه منطق العلاج بل منطق تبليغ‬
‫ثمراته للقارئ عامة أو المتعلم خاصة‪ .‬فأما الخيار الأول وهو الأفضل من حيث العلاج‬

‫فهو تخصيص كتاب لكل مسألة من مسائل الاستراتيجية الخمس (أعني الرزق والذوق‬
‫وسلطان الرزق وسلطان الذوق والسلطان الوجودي المطلق) وجعل الغايات والأدوات‬
‫والنخب والحصانة أعني موضوعات المحاولة التي ننوي تصنيفها أبعادا لعلاجها‪ .‬لكن‬

‫ذلك يمنع القارئٌوالمتعلم من رؤية وحدة الاستراتيجية التوحيدية فنكون بذلك قد عارضنا‬
‫الغرض الأساسي أعني التوحيد بتقديم الأجزاء على الكل من أجل نجاعة العلاج‪ .‬لذلك‬
‫أكثر علمية‪ .‬وفضلنا الخيار الثاني أعني تخصيص‬ ‫ها‬
‫ويةنرغم‬
‫كنهج‬
‫عدلنا عن هذه الم‬

‫جازءل لمكلسائل معا من منظور عام يكون قلب المحاولة أايلجزء الأول لنخلص فننظر ‪2‬‬

‫‪922‬‬
‫الأدوات بالغايات (الجزء الثاني) ثم من حيث الحصانة والنخب‬ ‫قة‬
‫احيث‬
‫ل من‬
‫عسائل‬
‫الم‬
‫(الجزء الثالث) وهما جزءا الاستثمار وتخصيص الجزأين الرابع والخامس للتأسيس‬

‫وإلحاق جزء سادس بهما وهو متعلق بنظرية الآية والرمز ‪-‬وهو جزء خارج عنهما ومتصل‬
‫بهما ‪ 2‬آن كما سبق‪ -‬وهذه الطريقة رغم كونها دون الأولى علمية فإنها أفضل منها من‬
‫حيث منهجية التقريب للقراء ومنهجية التعليم حفاظا على وحدة المقومات خلال علاج‬
‫جزء أخير‪-‬عند الحاجة‪ -‬يكون‬ ‫فة‬
‫ضعامن‬
‫إيمن‬
‫الأبعاد واحدا بعد آخر‪ .‬لكن ذلك لن‬

‫هدفه العرض السريع بمنطق الخيار الأول دون إطالة فنخصص بابا منه بدل جزء لكل‬
‫مسألة من منظور أبعادها جميعا‪ .‬فيكون شبه ملخص للعلا جات السابقة بمنظور مختلف‬
‫ريلا ‪#2‬ءة‬
‫قلدل‬
‫لئمغيخرتص‪ .‬وهو سيكون كا‬ ‫اقار‬
‫طلحي ييسر الأمر على ال‬ ‫صبت‬
‫مث‬‫مع‬
‫المحاولة‪.‬‬

‫‪ 4‬أي إننا نكون قد ألحقنا بتحديد طبيعة الاستراتيجية القرآنية والسياسة‬


‫لزأخينامسوقدمنا‬ ‫واالج‬
‫برع ف‬
‫ا مع‬
‫لدير وا‬
‫المحمدية‪ #‬الجزء الأول تأسيسيهما الاوجو‬
‫عليهما ثمراتهما غايات وأدوات بك مستوى المؤسسات و مستوى النخب والحصانة ‪2‬‬
‫مورة‬
‫لدسثفه‬
‫اسا‬
‫الجزأين الثاني والثالث‪ .‬وبذلك تكتمل الأجزاء الخمسة‪.‬أما الجزء ال‬

‫الفلسفية الخالصة التي تبين أهمية نظرية العآيلةا وقتها بنظرية الوسميات‪.‬‬

‫‪ 2‬والمقصود بنعت «التقليدية» نعت المضمون والشكل من هذه العلوم بعد أن‬
‫أصبحت تاريخا لفاعليات علمية لم تعد فاعلة لأنها لم تبق ممارسة معرفية لمجالاتها‬
‫التي جعلها العمران الإسلامي تعمل بمعارف أخرى كلها مستوردة بل هي مجرد تاريخ‬
‫لمدونات سابقة كانت فاعلة عند أصحابها لأن مجتمعهم كان يعمل بمقتضاها‪ .‬ويصح‬

‫الإسلامية إن لم يكن عليها كلها إذا نظرنا ْ الحقائق لا‬ ‫بىلجلاد‬


‫ل عل‬
‫احكم‬
‫هذا ال‬
‫المظاهر‪ .‬فمضمونيا يكون العلم تقليديا إذا كان همه منصبا على المضامين العينية التي‬
‫‪032‬‬
‫يسعى إلى حصرها والكلام عليها من حيث هي تلك الأعيان ومن ثم فهو يرد جميع العلوم‬
‫إلى التاريخ والهموم المباشرة للحياة أعني أنه لم يصل إلى السؤال النظري أو المعرفة‬
‫غير المحكومة بالهم المباشر للحياة العملية‪ .‬وبقدر ما يكون العمل فاسدا إذا أهمل الهم‬

‫المباشر للحياة يكون النظر أفسد إذا حصر همه فيه‪ .‬أما شكليا فالعلم يكون تقليديا‬
‫إذا كان الرابط الوحيد بين عناصر موضوعه هو ذاكرة صاحبه وسلسة الذاكرات التي‬
‫ب‬ ‫لم‬
‫عجوهر‬‫لثل‬
‫ا يتم‬
‫المحددة التي‬ ‫اتها‬
‫وةمبين‬
‫ممنقطقي‬
‫ال‬ ‫ليساقات‬
‫لفةعول‬
‫امعر‬
‫تتوارث ال‬

‫إبداع أفضل الفرضيات حولها لأنها من حيث هي ‪ #2‬عين الأمر من الغيب ولا يعلمها على‬
‫ما هي عليه إلا الله وحده‪ .‬ومعنى ذلك أن العلوم الإسلامية التقليدية تخلو من المقوم‬
‫الأساسي للنظر‪ :‬البناء الأكسيومي الذي يرادللامتناهي من وجوه الموضوع المعلومة‬

‫بالفعل أو بالقوة إلى حدود أولية وعلاقات معينة كلاهما متناه ترد إليه كل العناصر‬
‫بالاستدلال منطقيا والمطابقة بين النموذج النظري المستعمل وظواهر الأمر المدروس‬
‫بتلك النظريات‪ .‬وتكون هذه الحدود والعلاقات الأولية موضوعات فرضية ومؤقتة‬

‫لتنظيم ما يعرض للموضوع من عوارض قابلة للدرس العلمي وليست معتقدات نهائية‬
‫لا تاقبللمراجعة بل إن العلم لا يتقدم إلا بمراجعتها الدائمة ليس فحسب عندما‬

‫تحصل أزمة ‪ #2‬العلم بل بغرض تحسين النسقية الأكسيومية‪ .‬ولما كنا ب مجال مقدس‬
‫فإن المعطيات أو الموضوع ‪-‬هنا نص القرآن‪ -‬هو الوحيد الذي يعتبر ثابتا بكيانه المحدود‬
‫والشاهد وبمعانيه اللامحدودة والغائبة مثله مثل العالم الطبيعي الذي نفترضه محدودا‬

‫لكننا لا نعلم قوانينه علما نهائيا مهما زعمنا لعلمنا من الدقة والكمال‪ .‬والحقيقة الثابتة‬
‫تىهادات‬
‫ارجعل‬
‫لمه إلا اللّه‪ .‬أما علمنا الإنساني فامقلصو‬
‫اليذيع لا‬ ‫يب‬
‫غن من‬
‫لالتي‬
‫االح‬
‫التي كلفنا بها لنتمكن من العمل على علم قدر الاستطاعة‪ .‬لذلك فكل النظريات التي توضع‬

‫لفهم ما فيه ليست إلا نظريات مؤقتة هدفها بناء نموذج نظري لفهم القرآن واستخراج‬
‫علي‬
‫ي مجا‬
‫بانين‬
‫طب قو‬
‫ما فيه من قوانين تربط بين عناصره تماما كما نفعل عندما نطل‬
‫معين بنظرية معينة تساعد على تفسير ما يجري ‪ #4‬ذلك المجال المعين‪ .‬وبذلك نخرج من‬

‫‪132‬‬
‫‪ #4‬تجاوز الفهم النصي إلى معرفة الحقائق من الوجود بدل الافتصار‬ ‫الوجودي المشروط‬

‫الذاكرة النفسية بين القضايا إلى رابط النسقية العلمية بينها‪ .‬وذلك‬ ‫بنط‬
‫اة م‬
‫راقل‬
‫الن‬
‫‪ 2‬الثقافتين الفلسفية والدينية‪ :‬فالثقافة الفلسفية وليست الثقافة الدينية وحدها كانت‬

‫شرح نصوص‪.‬‬ ‫ضيا‬


‫يا ه‬
‫ألهم‬
‫قب‬

‫““وكل من يهمل نظام العقد هذا ‪ #‬عمل ابن تيمية لن يفهم علة سعيه إلى التنوير‬
‫ثننية الصوفية التي جعلت الأمة خانعة لا تؤمن بالعمل ولا‬
‫وم‬‫لوب‬
‫اشع‬
‫المطلق لتحرير ال‬
‫بحرية الإنسان بل هي تستسلم للخرافة ووساطة الأولياء المتحالفين مع المستبدين من‬
‫الحكام‪ .‬ولست أدري كيف وقع الانقلاب فصارت فلسفته التحريرية أساسا للإمعان ‏‬
‫ما ثار عليه وإن بشكل آخر‪ :‬بات التنوير قتلا للروح وفرضا للقشور مع المحافظة على‬
‫الاستبداد الذي كان سعيه إلى إزالته مع الاستسلام للخرافة التي هي من ثمراته‪.‬‬
‫فإذا بقي الاستبداد ولم يذهب مع الخرافة بات الفقه الظاهر بديلا من فقه الباطن‬
‫المزعوم ‪ 4‬الوظيفة نفسها‪ :‬تبرير الاستبداد القائم‪ .‬وقد حاولت تفسير هذا النكوص ‪2‬‬
‫الفلسفة القرآنية»‪ .‬الدار المتوسطية‬ ‫ظور‬
‫نع ©‬
‫مبدا‬
‫كتابي‪«:‬النخب العربية وعطالة الإ‬
‫للنشر تونس ‪7002‬م‪.‬‬

‫‪ 54‬وكل من يهمل نظام العقد هذا ب عمل ابن خلدون لن يفهم علة سعيه للتحرير‬
‫نقد الثورات الفاشلة للفقهاء والمتصوفة‬ ‫السياسي من وجهين‪:‬‬ ‫الاستيداد‬ ‫المطلق من‬

‫باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعني بما لا يمكن أن يغير الواقع السياسي لعدم‬
‫إبداع العلم بآليات الفعل السياسي (من هنا نظرية العصبية مع الشرعية) ونقد الفكر‬
‫السياسي الفاشل للمتكلمين والفلاسفة أو لرجال الفكر عامة باسم الواجبالنقلي أو‬
‫العقلي أعني ما لا يمكن أن يغير الواقع السياسي لجهله بمقتضيات الفعل السياسي (من‬
‫لةع‪4‬مران كما سنبين لاحقا)‪.‬‬
‫اقو‬
‫هنا نظرية المحركات الفعلية التي تحدد علاقات ال‬

‫‪332‬‬
‫ضنايا ومن التراكم العرضي للمعلومات الت‬
‫تيخلا‬
‫تلف عن‬ ‫رابط الذاكرة الانفس‬
‫ليقبي‬
‫معلومات التاريخ الطبيعي أو التاريخ العفوي للأحداث التاريخية التي تعرض ‪ #‬المدونات‬
‫التقليدية‪ :‬وذلك هو الشرط الضروري والكاك للانتقال من المعرفة المبنية على الذاكرة‬
‫والحفظ إلى المعرفة المبنية على الخيال والإبداع اليذيت لنااهى ما ظل العقل ساعيا إلى‬
‫فهم ما يحيط به وما يضفي على حياته المعنى الذي خصه الله بها إذ كرمه فجعله أهلا‬
‫للاستخلاف بحجة القدرة على التسمية التي علمه إياها‪.‬‬

‫‪ 34‬وحتى نفهم القطيعة التي أحدثها هذان الفيلسوفان بحيث صار كل ما تقدم‬
‫عليهما يشبه حقائق الفلك البطليموسي بالقياس إلى حقائق الفلك الكوبرنيكي‪-‬رغما‬
‫تم‬
‫رنازات كثيرة على ما شاب ثورتهما من بتر قتل دور الخيال والرمز المبدعين‬ ‫حيه‬ ‫سن‬
‫ابد‬
‫مجال العلوم الإنسانية وتطبيقاتها عند ابن تيمية و ‪ 2‬مجال العلوم الطبيعية وتطبيقاتها‬
‫عند ابن خلدون وف مجال الفنون الجميلة وتطبيقاتها عندهما كليهما‪ -‬فينبغي أن نعلم‬
‫أنهما أسسا ثورتهما على تطبيق مطلق لما أمر به القرآن رغم التقابل بين مدخليهما‪.‬‬
‫فالأول أراد تحقيق الإصلاح انطلاقا من تحديد جديد لعلم العقيدة والنظر فانتهى إلى‬
‫تحديد جديد لعلم الشريعة والعمل‪ .‬والثاني عكس فأراد الإصلاح انطلاقا من تحديد‬
‫جديد لعلم الشريعة والعمل آل إلى تحديد جديد لعلم العقيدة والنظر‪ .‬فبدل النظر بذ‬
‫‪ .‬النصوص المرجعية نظرا ‪ 4‬ما طلبت النصوص المرجعية النظر فيه‪ :‬نظرا ‪ #‬الآفاق وز‬
‫الأنفس حتى يفهما النصوص المرجعية لكأن الثاني قدم ما ع الأنفس على ما © الآفاق‬
‫الأنفس‪ .‬لذلك فتاريخ الفكر الإسلامي قبلهما‬ ‫والأول عكس فقدم ماك الآفاق على ما‬

‫غير تاريخه بعدهما رغم أن التاريخين لا يفهمان إلا بهما‪ :‬فقبلهما تحقق شيء إيجابي‬
‫وحيد لا غبار عليه وهو التحقيق المادي للنصوص المرجعية والعلوم الأدوات التي تمكن من‬
‫الفهم النصي ثم توقف العطاء لكأن المعركة مع الإيديولوجيا الفلسفية أخمدت الاندفاعة‬
‫لكن‬ ‫ين‪.‬‬ ‫جعلى‬
‫ع فهم‬ ‫لهاممساع‬
‫ردا‬ ‫التي بدأت تؤسس لعلوم الرمز عامة وخاصة ما كان‬
‫ا من‬

‫ما تحقق بفضلهما وما سيتحقق أهم بكثير رغم أن المتقدم عليهما شرط فيه‪ :‬إنه الفهم‬
‫‪232‬‬
‫ملكر‪#‬جع نفسه المحال عليه ‪ ْ#‬الهامش السابق للتوازي‬
‫امرلكذ‬
‫وقد حاولت فهم هذا الأ‬

‫بين المأزقين الإصلاحيين التيمي والخلدوني‪.‬‬

‫‪ 5‬وعلة الجمع بينهما لتاقتصر على هذه الحجة المنهجية رغم أهميتها بل إن‬
‫لاماح‬
‫صأعل‬
‫إعند‬‫لية‬
‫اسلام‬
‫استئناف الحضارة العربية الإ‬ ‫ا ‪#‬ية‬
‫دأكد‬
‫بر ت‬
‫للأمرسرا آخ‬
‫والنهضة ‪ #‬نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين‪ .‬فاعتمادهم على فكر ابن‬
‫فرقتي‬ ‫ونحمنيد‬
‫تكنا‬
‫تيمية وابن خلدون معا دليل على أن العلم والعمل الحقيقيين يم‬
‫السنة الأساسيتين أعني السلفية والأشعرية (لوحررنا فكر هذين الرجلين مما عرض له‬
‫من أعراض قتلت الرمز المبدع وتطبيقاته بسبب ما اتصفت به محاولتهما الإصلاحية‬
‫يك نفي ما اعتبراه علة الداء‪ :‬فابن تيمية آل فكره إلى قتل الرمز عامة وخاصة‬ ‫مشنطط‬
‫!‪ 4‬مجال العلوم الإنسانية والفنون وابن خلدون آل فكره إلى قتل الرمز عامة وخاصة ‪2‬‬
‫مجال العلوم الطبيعية والفنون) لأنهما يوجهان فكرهما نحو ما دعا القرآن إلى تدبره‬
‫(أعني فلسفة علوم الطبيعة والمنطق وفلسفة علوم العمران والتاريخ) لجعل الإنسان‬
‫كريما ‪ #‬الحياة الدنيا فتكون مطية للحياة الأخرى وتتحقق الأهداف من استعماره‬
‫الأرض واستخلافه عليها بدل مواصلة الصراع حول التفريعات الكلامية والفقهية التي‬
‫ليس من ورائها طائل لكونها مما لايقبل العلاج العلمي‪.‬‬

‫الاستثمار المعر‪ .‬هو موضوع الجزء الثاني من الكتاب‪ :‬وفيه تحديد مكامن‬
‫الفعل المؤثر لاستعادة المبادرة التاريخية واستئناف الدور الكوني‪ .‬وهذه المكامن ليست‬
‫ظرفية حتى وإن تضمنت شروط علاج الظرفيات‪ .‬إنها المكامن الكونية التي لا يتقوم‬
‫عمران بدون علمها الاجتهادي وتطبيقه‪.‬‬

‫‪432‬‬
‫© الاستثمار الوجودي هو موضوع الجزء الثالث من الكتاب الأول‪ :‬وفيه تحديد‬
‫الأفق الوجودي المفتوح إلى ما لا نهاية وخاصة لاستئناف الطموح الكوني ‪ 4‬كل مجالات‬
‫الإبداع‪ .‬وهذا الأفق الوجودي المفتوح لا يمكن تصور الرسالة كوونخيةاتمة من دونه لأنه‬
‫ستقبل كله إلى يوم الدين‪.‬‬
‫ملى‬
‫لع‬‫اتح‬
‫يف‬

‫الخمسة (معتبرين الجزء السادس خارج المحاولة‬ ‫جىزاء‬


‫لمزأ إل‬
‫"*ويمكن أنانر‬
‫لكونه استطرادا نظريا يحاور فلسفة العصر وهو بنحو ما من النتائج النظرية البعيدة‬
‫أمون هوامش البحث كثمرة أجنبية عن الغرض المباشر منه خاصة عند الاقتصار على‬
‫الغايات العملية) بهرم ذي قاعدة مربعة رأسه هو موضوع الجزء الأول ورؤوس قاعدته‬
‫المربعة هي موضوعات الأجزاء الباقية‪ .‬والرأس رغم كونها مستندة إلى القاعدة برأسين‬
‫يؤسسانها ورأسين يتأسسان عليها فإنها تشبه نقطة البداية التي يخرج منها المخروط‬
‫المحدد لانفراج شعاع الرؤية‪ :‬فمنها باعتبارها ما هي أخذناها تاليا لمقدم وجودي ومعر_ذ‬

‫لتأسيسها وباعتبارها مقدما لتال نظري وعملي يتأسس عليها‪ .‬عملنا ‪ #2‬الحقيقة يبدأ‬
‫برأس الهرم ليعود إلى رأسي القاعدة المؤسّسين ورأسيها المؤسّسين‪ .‬ولما كانت القاعدة‬
‫تحددت بنقاط أربع اعتبرناها قاعدة مربعة لهرم لكنها © الحقيقة نقاط أربع على‬
‫دائرة لارتسام هذه النقاط على دائرة معامدة لرأس الشعاع الذي ينتشر مخروطيا‬
‫وليس هرميا‪ .‬فتكون القاعدة دائرة نعلم منها هذه النقاط الأربع التي تمثل موضوعات‬
‫الجزأين الرابع والخامس للتأسيس والجزأين الثاني والثالث للاستثمار‪ .‬والوصل بين‬
‫رؤوس القاعدة الأربعة هوي الوقت تفسه الخطوط المستقيمة الواصلة بينها أعني أوتار‬
‫الأقواس الواصلة بينها على الدائرة التي يرسمها المخروط الضوئي الخارج من القلب‬
‫أعني رأس المخروط المحيط بهذا الهرم‪ .‬وهذا الشعاع يمسح كل القاعدة التي صارت‬

‫دائرة ومعها كل الجرم المخروطي بين القاعدة والرأس ثم يتكون قبالته بتناظر تام‬
‫مخروط رأسه من وراء القاعدة الدائرة ومنها ينطلق وهو موضوع محاولة أخرى ‪ #‬كتاب‬

‫‪532‬‬
‫”* غاية التأسيسين الوجودي والمعرك غايتهما النظرية البعيدة أونظرية المقولات‬
‫والرمز من منطلق مفهوم الآية القرآني الجامع بينهما جمعا يحدد العلاقة بين مقولات‬
‫الوجود وأصناف الرموز أعني العلاقة بين الومناطقليوجودي من خلال مراجعة نظريات‬
‫هيجل ‪ #‬المنطق والوجود الجدليين ونظريات بيرس ‪#‬ذ الوجود والوسميات وإرجاع ذلك‬
‫كله إلى‪«:‬مفهوم الآية» بصورة تخلصنا من رد القانون الخلقي إلى القانون الطبيعي‬
‫‪0‬‬ ‫‪000‬‬ ‫اإلنياتدجيعنولوجية التثليث الجدلي‪.‬‬

‫قىومات الجزئية ذات الدقة التي يصعب البدء بها فهي ما يلي‬
‫لصمإل‬
‫أما االفو‬
‫الج زأين المواليين اللذين يعالجان الثمرات النظرية المعرفية والثمرات العملية الوجودية‪.‬‬
‫ق‪4‬يق‬
‫حاني‬
‫تإنس‬
‫ففيهما سنغوص إلى دقائق الوظائف والأعضاء التي يعمل بها العمران ال‬
‫قيم القرآن الكريم‪ .‬وطبعا فالعلم باهذلهدقائق هو الذي‬ ‫تاها‬
‫ط كم‬
‫بلاف‬
‫ضستخ‬
‫شروط الا‬

‫تيثح إقنيق قيم القرآن ‏‬


‫سيمكن المسلمين من الاستئناف المؤثر ‪ 4‬التاريخ الكوني بح‬
‫العمران الإسلامي سيجعله المثال الذي لمجرد وجوده يصبح طاقة جذب لدين التلهقلاهر‬
‫الفعلي‪.‬‬ ‫قها‬
‫حيةقإلى‬
‫تكون‬
‫فتعم قيم القرآن المعمورة وتنتقل من مجرد دعوى ال‬

‫‪ 45‬وليس لهذا أدنى علاقة بالتفسير الموضوعي الذي شرحت موقفي منه بوضوح‬
‫‪ 4‬الحوار مع الدكتور البوطي حول أزمة أصول الفقه‪ .‬فلست أبحث عن الاستراتيجية‬
‫‪ 4‬القرآن ولا عن السياسة ‪ #‬السنة فيكون مطلبي من جنس التفسير الموضوعي بل‬
‫أكتفي باعتبار الاستراتيجية أحد «أحياث» القرآن والسياسة أحد «أحياث» السنة وليسا‬
‫موضوعين لهما من بين موضوعات أخرى‪ .‬ولا هو كذلك من جنس البحث © الأغراض‬
‫أوعن العقيدة وهوما يمكن أن يعتبر‬ ‫ريع‬
‫ش عن‬
‫تهما‬
‫ل في‬
‫احث‬
‫الب‬ ‫نمنس‬
‫جرآن‬
‫الجزئية للق‬
‫حلا وسطا بين التفسير الموضوعي وتفسير «من حيث»‪ .‬إنما أسعى إليه هو بالمعنى التالي‬
‫من «من حيث»‪ .‬فالأحياث جمع لكلمة «حيث» التي يفاد بها وجوه اعتبار الشيء بعبارة‬

‫‪732‬‬
‫«من حيث» باعتبارها وجوها مجردة منه ولكن ليس بمعنى بعضي بل بمعنى يشمله كله‬
‫بذلك الوجه ليكون مجال بحث علمي‬ ‫فه‬
‫صمناحيث‬
‫تته‬
‫اضوعا‬
‫فلا يكون المطلوب أحد مو‬
‫كالحال ‪ #‬البحث الشرعي أو العقدي الذي تكون بمقتضى الانتخاب المذهبي اللاواعي‬
‫الذي انطلق منه البحث وانتهى إلى المذاهب الواعية التي شتت شمل المسلمين عقديا‬
‫مثيهواوي أومن‬
‫ي حي‬
‫أوكمن‬ ‫عوي‬
‫ييث ه‬
‫بن ح‬
‫طلم م‬
‫وشرعيا‪ .‬فعندما أقول النظر‪ #‬العا‬
‫قصد وعناية‬ ‫ثيثمرة‬
‫وح‬‫همن‬
‫أو‬ ‫سنان‬
‫ن سك‬
‫إ هو‬
‫رياضي أوامنلحيث‬ ‫اوم‬
‫ظو ذ‬
‫نث ه‬
‫حي‬
‫إلخ‪ ...‬فأنا لا أدرس أحد موضوعات العالم بل أدرس العالم كله من هذا الوجه أوذاك‪.‬‬

‫وإذن فالقصد هو أن أدرس القرآن من حيث هو استراتيجية توحيد للأمة والإنسانية‪.‬‬


‫لكني أضيف إلى ذلك فرضية عمل أزعم فيها أن القرآن يعرف نفسه بوصفها رسالة‬
‫كلية وخاتمة هذا التعريف معتبرا كل رسالة سماوية إذا كانت حقا غير محرفة ليست إلا‬
‫القيم القرآنية التي يعتبرها جوهر الديني ‪ 2‬كل الأديان‪ .‬لذلك‬ ‫قمليق‬
‫حة ع‬
‫تيجي‬
‫لرات‬
‫است‬
‫فهو قد أضاف إلى هذا الوجه تأييد هذا الحد بنقد التجارب الإنسانية السابقة نقدا‬
‫منهجه التصديق والهيمنة وثمرته بيان علل فشلها التي أرجعها إلى ما أصاب أداتي الفعل‬
‫الإنساني اللذين عرفتهما سورة العصر أعني الاجتهاد العلمي (أي النظر وأصله الذوق)‬
‫والجهاد العملي (أي العمل وأصله الخلق) شرطي الاستثناء من الخسر (وهو ما نثبته‬
‫لا‬ ‫ا‬
‫ذهو‬
‫هاجل‬
‫مرحلة التأسيس التي جعلناها لاحقة لمرحلة الاستثمار لأن المطلوب الع‬
‫ذاك فضلا عن كون التأسيس لا يهتم به إلا من ينشغل بالنظر دون العمل والعمل هو هم‬
‫الجميع‪ .‬وسأدرس القرآن ‪ #‬كتاب ثالث من حيث هإوستراتيجية توحيد للفرد والزوج‬
‫ثم ‪ 4.‬كتاب رابع من حيث هإوستراتيجية توحيد لمنهاج النظر ولشرعة العمل إلخ‪)...‬‬
‫والسنة من حيث هي سياسة هي تعليم بالإفهام والتطبيق لهذه الاستراتيجية‪ .‬ولا بد‬
‫سين‪:‬‬
‫ي‪4‬‬‫سيرد‬
‫أا س‬
‫ت لم‬
‫للا‬
‫اكما‬
‫ضيح طبيعة هذا الموقف من القرآن والسنة است‬
‫تاومن‬
‫هن‬

‫ه ‪#2‬رها الذي أنطلق‬


‫ظ عاليه‬
‫فتعاملي معهما بوصفهما معطيات أتسلمها دون نقاشش لما هي‬
‫منه وي باطنها الذي أسعى للوصول إليه بعد اكتشاف الفرضيات المساعدة على الوصل‬

‫‪832‬‬
‫بين الظاهر والباطن أو بين أحداثها وقوانين أحداثها هومن جنس تعامل عالم الطبيعة‬
‫مع العالم من حيث هو معطى يتسلمه دون أن يناقش ما هو عليه بالمعنى نفسه‪ .‬فما عليه‬
‫يبدو مجرد أحداث ووقائع تغلب عليها فوضى الظهور والتوالي‬ ‫طوى‬
‫عث ه‬
‫م حي‬
‫الشيء من‬
‫الذي يبدو خاليا من كل منطق وقانون عدا التساوق يك مكان الوعي والتوالي ‪ #‬زمانه‪.‬‬
‫وكذلك الشأن بالنسبة إلى ما ‪ #‬القرآن من أحداث ووقائع‪ .‬فلا فرق بينه وبين أحداث‬
‫لمظ‪4‬هور الذي لا يفصح عن نظامه إلا بشرطين‪:‬‬
‫اعال‬
‫ال‬
‫عن نظام معين نظام‬ ‫يذيفلاصح‬
‫إيمان الباحث بأنه يوجد وراء هذا الظاهر ال‬

‫معين لا يمكن الجزم بأنه وصل إليه لكنه يفترض فروضا تسعى إلى الوصول إليه فيكون‬
‫وقف لكون كل نتيجة نظرية نصل إليها محاولة‬
‫هذا النظام هو مطلوب البحث اليذيتلا‬
‫فرضية تقرب بالتدريج من نموذج مثالي يكون ما أمكن مطابقا لما نتصور أنه الأمر بخ‬
‫المحجوب على الجميع بمن فيهم الأنبياء‪.‬‬ ‫ينب‬
‫غهو م‬
‫للذي‬
‫اه وا‬
‫نفس‬
‫والسعي الدائم لمراجعة هذه الفرضيات حتى تكون قادرة على «تفسير» بمعنى‬
‫كن من الظاهرات بأقل عدد ممكن من الفرضيات فيكون العدد الكبير‬ ‫مدر‬
‫مر ق‬
‫تعليل أكب‬
‫لما ‪#2‬قات قانونية ترجعها إلى تلك الفرضيات القليلة مبادئٌ‬
‫عتظ‬
‫من الظاهرات وكأنه من‬
‫ضرورية وكافية للفهم والتفسير ‪ 4‬حدود ما هو ممكن للعقل البشري‪.‬‬

‫انئل عبالتعارض‬
‫ذر حول الامقالبلةقبي‬
‫هبقى‬
‫لة ي‬
‫الاق‬
‫‪ 7‬فما لم يحسم أمر هذه الع‬
‫القرآن عن السنة والذين ذهب بعضهم إلى حد‬ ‫ل‬‫صإلى‬ ‫فاعين‬
‫بين القرآن والسنة والس‬
‫تأسيس ضرقة تدعي أنها قرآنية بالمقابل مع السلفية أمرا سائغا رغم تجاهل أصحابه جهد‬
‫علماء الأمة ب غربلة الحديث والسنة من الوضع ربما بسبب ما آإلليه إغراط السنيين‬
‫تعلقهم بالظاهر وأعيان السنن بنصها الحرئ بدل كلياتها بروحها ومقاصدها التي‬
‫ينبغي أن تكون ‪ #2‬الغاية مردودة إلى القرآن باعتباره النص المؤسس يذ حين أن السنة‬
‫هي نص شارح للنص المؤسس‪ .‬والمعلوم أن كل خلاف يْ الشرح يرد إلى النص المشروح‬
‫بتوسط العلوم الأدوات بشرط صدق القصد ‪ #2‬طلب الحق‪.‬‬
‫‪932‬‬
‫” [الإسراء ‪: 57- 37‬لوك كادُوأ لَيَفْتَنُونَكَ عَن الذي أَوْحَيْناإِلَيِكَ لتَفتَري‬
‫عَلَيْنا عَيْرهُ و إذاا لإتّحَدُوكَ خَليلا * وَلتَوَْايأنّْكَ لَقَدْ كدت َك إِلَنْهِمْ شَيئا‬
‫قَليلاً *إذا لأدَفَْكَ ضغف الحيّاة وَضِعْفَ اطْمَاتِ ثم لآ تَجدُ لعَكََلَيْنَا َصِيرأ»‪.‬‬
‫ضع‬
‫وواضح‬
‫وقصد‬
‫هآن ب‬
‫الحالات النادرة التي أشار إليها القر‬ ‫وهو أمر لم يحصل إلا‬
‫مبادلأاعاسمت©راتيجية القرآنية ينبغي أن يعلمه كل من يتولى أمارلمسلمين لملا تغريه‬
‫ضرورات السياسة فيقدمها على واجبات الدين‪ .‬ذلك أن الإنسان كما هموعلوم للجميع‬
‫غالبا ما يقدم المصلحة المباشرة والقريبة أو العاجل على المصلحة غير المباشرة والبعيدة‬
‫أو الآجل فتتراكم العواجل على الأواجل فيتأجل الآجل إلى غير غاية وبذلك تفسد حال‬
‫الأمة لفرط تقديم الأدوات على الغايات‪ .‬فكان من الواجب إذن وضع هذا المبدأ ليكون‬
‫أحد الحروز الاستراتيجية ‪ 4‬سلم الشرف بين القانونين الطبيعي والخلقي‪ .‬وقد عرف‬

‫القرآن الكريم دواعي حصول مثل هذه الظاهرات للأنبياء وعللها مبينا أنها فتنة للكافرين‬
‫عن‬ ‫تتج‬
‫ان عن‬
‫ني م‬
‫ودعامة للمؤمنين وهي تحصل بسبب التمني لما قد يتطرق إلى النب‬
‫وعكيد على أن الله يحمي قرآنه مما يمليه الشيطان خلال لحظات التمني‬
‫تة م‬
‫لجز‬
‫امعا‬
‫ال‬

‫ملكىايدة الحقيقية للرسل فيحررنا من سخف بعض من‬


‫لع‬‫اكد‬
‫هفذهينسخه وهو ما يؤ‬
‫يدعي تنزيه الأنبياء عن مثل هذه الأمور الجليلة التي يذكرها القرآن الكريم ظنا من‬
‫أدعياء التنزيه بلا فهم أن ذلك يعظم من شأن الأنبياء [الحج ‪:] 55- 15‬ظوَالذِينَ سسَعَُوعَاَا‬
‫فميُآعيَاَتناَاجِزِينَ أَوْليِكَ أَصْحَابُ الججيم * وما أَزسَلَنَا من فَدْلِكَ من ر‪ .‬سُولٍ‬
‫‪00‬‬ ‫م‬

‫ولا َي إلا إِذَا مني أَلْقَى الشَيْطان في أَمنيْيدئهت بسح الله ما لقي الشنطنُ ثم‬
‫بكم الله اه وله عَلِيمٌ حَكِيمٌ* جل مَا يُلقِي الشَنِطاك ه ِد‪2‬نَة للذِينَ في‬
‫لأويهم مض لاسن لوه إن الظادلِينَ َي شِفَاقٍ َعيد” وَلِيَعلَمَ لين‬
‫َيُؤْمِنُوا به فَنُخْبتَ له ‪5‬لويم ون لله لَادٍالَذِينَ‬ ‫ونوا ْم أَنُّالحقُ من‬
‫آمَدُوا إلى صِرَاط ممسشتةام" ول توك لدبت عقو في مث مله فى أ‬
‫التنزيه‬ ‫‪#4‬‬ ‫عَقِيم»‪ . #‬ولعل من المحاولات الساذجة‬ ‫َويأَتيَهُمْ عَذَاتُ ؟يوم‬ ‫السَاعَةٌ بَ ‪9‬عْنَة‬

‫‪042‬‬
‫تلك التي تدافع عن أمية الرسول لإثبات الإعجاز‪ .‬فلكأن القرآن يمكن أنينتجه المتعلم‬

‫مهما كان حتى يكون من الضروري أن نثبت جهل الرسول بالكتابة وبعلوم عصره لنثبت‬
‫الإعجاز وهو ما يفيد ضمنا أن الإعجاز ليس صفة ذاتية للقرآن بلن هسوبي إلى علم‬
‫النبي أو جهله بالكتابة‪ :‬إن مثل هذا الموقف الساذج يحط من شأن القرآن والنبي ‪2‬‬

‫آن‪ .‬فالقرآن يصبح إعجازه نسبيا إلى أمية الرسول المزعومة ليس بمعنى عدم الانتساب‬
‫إلى أمة كتابية بل بمعنى الجهل بالكتابة وبعلوم عصره‪ .‬والرسول يصبح فضله متأتيا من‬
‫الجهل بالقراءة والكتابة والاطلاع على الأديان الأخرى‪ .‬ولا تعجب من مثل هذه المواقف‬

‫من جماعة ذهب بها السخف إلى حد تصور الحكمة يمكن أن تأتي من أفواه البلهاء‬
‫والسذج وحتى المجانين لأنها عندهم مجرد نتف من الأمثال والحكم العامية‪ .‬ولأنهم‬

‫غفلوا عما ‪ #‬القرآن الكريم من معرفة نظرية وذوقية وخلقية ووجودية متعالية حتى‬
‫على العلوم بالمعنى الوضعي للكلمة لما فيها حبكة معقدة شارطة لكل أنشطة العقل الإنسان‬

‫لم يدركوا أنها عين الإعجاز القرآني وأن ما بلغه فيها لا يدانيه عمل إنساني مهما بلغ‬
‫صاحبه من العلم‪.‬‬

‫فنيات الإعطاء‬
‫”” وطبعا فنحن لا نستثني إمكانية أن يدرس غيرنا هذا الكوجيه م‬
‫من حيث هي أحداث حصلت ا الزمان والمكان فيؤرخ لها من حيث هي أحداث‪ :‬أتياريخ‬

‫نزول القرآن وكونه نزل بلسان عربي وموازيا لأحداث يسميها البعض «أسباب نزول»‬
‫والأولى القول إنها «مناسبات نزول» دون أن تكون أسبابا صار البعض يتصورها عللا‪.‬‬
‫الملاحظات‬ ‫م ©ع‬
‫جبيعي‬
‫لكن ذلك ليس من أغراض بحثنا إذ هو من جنس التاريخ الط‬
‫لتحديد المعطى البايولوجي ي دراسة الكائتنات الحية‪ .‬وهذا الحصر الوصفي للمعطى‬
‫ليس مما يستهان بها بلدرس‪ .‬ونحن نفترض أن ما مر من فكر الأمة حصّل هذا الأمر‬
‫يخ‬
‫را ‪#‬‬
‫ااقي‬
‫تتشر‬
‫بما يكفي من الاستفاضة والاستطراد فضلا عن كون ما يزعم علما اس‬
‫القرآن المسلمين قد تشوبها‬ ‫اء‬
‫مبين‬‫لار‬
‫عي د‬
‫القرآن ليس هو إلا ملخصات للنقاش الذ‬

‫‪142‬‬
‫أحيانا تشويهات بدوافع إيديولوجية مصدرها ‪ #2‬أفضل الحالات الشكليات المنهجية‬
‫العائدة إلى العلموية و أسوتها بقايا العداء الوسيط بين المسيحية والإسلام أوبدايات‬
‫العداء الحالي بين المسلمين والصهيونية‪ :‬وقد بلغ هذا الأمر الذروة عند المتعالمين العرب‬
‫الذين يمضغون فضلات هذه الأدبيات ليزعموا الريادة ‪ #2‬النقد الديني مع خلوهم شبه‬
‫لقعمنلوم الأدوات التي يشترطها تاريخ النصوص ونقدها‪ .‬وقد حان أوان الانتقال‬
‫امطل‬
‫ال‬
‫إلى المرحلة الموالية © المعرفة قياسا على انتقال التاريخ الطبيعي مثلا من الوصف‬
‫والاستقراء العيني إلى التنظير الفرضي الاستنتاجي‪ .‬لذلك فنحن ننطلق مما يعتبره‬
‫المسلمون القرآن دون العودة إلى نقاش ما يشك البعض ‪ #‬نقصانه أو ‪ #‬زيادته على‬
‫القرآن الحقيقي الذي نزل على الرسول‪ .‬فهذه مسائل شديدة الهامشية وهي تدور حول‬
‫عدد محدود من الآيات لا تبدل ولا تغير من الكل بل إن الكل يمكن أن يغني عنها أوأن‬
‫يحسم أمرها عندما ينظر إليه ككل‪ .‬ومعنى ذلك أن ما يزعم قد نقص أوقد زيد لن يغير‬
‫بست‬
‫ا لي‬
‫ثهوما‬
‫بك و‬
‫القول به بصورة لا يتطرق إليها الش‬ ‫صتىح‬
‫وص ح‬
‫ل للن‬
‫المعنى الكلي‬
‫ولا يقول به إلا جاهل بعلم تاريخ النصوص وبحدود ما يمكن أن يوصل إليه من نتائج يكاد‬
‫القطع يكون فيها مستحيلا عندما تغيب الوثائق المدونة‪ .‬فكل الشبهات التي تدور حول‬
‫فروق جوهرية بين المصاحف مجرد شبهات ليس يوجد ما يثبتها فضلا عن كون الحسم‬
‫فيها بات مستحيلا لعدم إمكانية الدليل المادي ‪ :#‬ما لم يبق منه أثر مادي من الوثائق‪.‬‬
‫ولا تغني © حسم هذه القضايا‪:‬‬ ‫مان‬
‫سة ل‬
‫ترضي‬
‫وكل محاولات الاستقراب والاستبعاد الف‬
‫فلست أدري ما الذي يجعل متعالم معاصر أكثر أمانة من عالم وسيط خاصة إذا كان هذا‬
‫العالم المزعوم يتهجأً العربية ولا يذوقها وكان ذاك العالم يتكلمها بالسّليقة وتتوطر لديه‬
‫الوثاتق التي يتكلم عليها‪ .‬لذلك فضلنا أن نعمل على المصحف كما هو معتبرين ذلك عين‬
‫القرآن المنزل الذي بلغه الرسول‪ .‬ولن نعود إلى هذه القضية إلا ‪ 4‬غاية المحاولة بعد أن‬
‫نثبت عدم تأثيرها من خلال إنجاز المحاولة‪ .‬ولما كنا لا نزعم محاولتنا علما مطلقا فإننا‬
‫نكتفي بهذه الفرضية إلى أن يثبت العكس‪ :‬إذا أثبت البحث التاريخي بالدليل المادي أن‬

‫‪242‬‬
‫العثماني غيرية كيفية تقتضي‬ ‫صنحف‬
‫مه ع‬
‫لرثنا‬
‫اي و‬
‫الذ‬ ‫ررآن‬
‫قغي‬
‫لقي‬
‫احقي‬
‫القرآن ال‬

‫تغيير فرضياتنا فإننا لن نتردد ا مراجعتها‪ .‬وهو أمر ننفيه نفيا مطلقا من منطلق‬
‫الإيمان ونستبعده استبعادا كبيرا من منطلق شروط العلم فضلا عن كون كل الفروق التي‬
‫ماء الأمة بل إن كتبهم مليئة بها وهي لا تغير‬
‫عدلمن‬
‫ياحتلجم بتهاعالمون لم ينكرها أح‬
‫وعلميا وأغلبها‬ ‫يا‬
‫دها‬
‫قف ب‬
‫ععتر‬
‫الم‬ ‫ءمنات‬
‫اها‬
‫ر لأن‬
‫ققرآن‬
‫لة لل‬
‫اساسي‬
‫لالة الأ‬
‫ائًلادمن‬
‫شي‬

‫فروق علتها ما كانت عليه بدايات الكتابة من تعثر‪ 4.‬الضبط وتعدد اللهجات بين العرب‪.‬‬
‫العقلي لمثل هذه الدعاوى كما هي الحال ‪ 4‬كل الظاهرات التي لها‬ ‫مفيكان‬
‫إ نن‬
‫ل لا‬
‫اننا‬
‫لك‬
‫من بين أبعادها الذاتي بعد تاريخي متعلق بحصولها فيه لأن عملية التبليغ من هذا الوجه‬
‫ظاهرة تاريخية حتى وإن كان القرآن من حيث ذاته ظاهرة ما بعد تاريخية أو فوق‬
‫التاريخ‪ :‬والحفظ الموعود الذي لا نشك فيه لا يغير من طبائع الأشياء ب صلتها بالتاريخ‬
‫المحفوظ‪.‬‬ ‫وح‬
‫لظلخا‬
‫احف‬
‫حتى وإن كان صحيحا من حيث ما يتعلق بما بعده أعني ال‬

‫*” وبحكم استثناء التبليغ من مهام الرسول لاعتبارنا إياهمن مقومات الاستراتيجية‬
‫تساوقا ‪ #‬المكان وتواليا ‪ 4‬الزمان يصبح الإفهام والتطبيق من حيث هما جوهر السياسة‬
‫التي ننسبها إلى الرسول ونسعى إلى فهم منطقهما المعين الحقيقي لما سنحاول استنباطه‬
‫‪ 4‬الجزء الثالث من هذا الكتاب الأول من مبادىئّ وشروط تحدد وظائف النخب‪ #‬العمران‬
‫بعداستثناء الوحيوتابلليغنه‪-‬مهووعذندج ناالمحددمقوماتوظائف النخب‬ ‫البشري‪:‬فالرسول‪-‬‬
‫اةلوجودية (بمقتضى أصناف القيم )‪.‬‬
‫ووقي‬
‫ي وةالذ‬
‫هقية‬
‫يلخل‬
‫جةوا‬
‫ورفي‬
‫ل اتلمع‬
‫ورواطها‬
‫وش‬

‫” وحتى تتضح هذه القضية ينبغي أن يعلم القارئ أن المنهجية التي توخيناها‬
‫من البداية تقتضي ألا يكون الموجود الحقيقي هو ما يتصوره البعض موجودا بحق ظنا‬
‫نا‬
‫قفلو‬
‫بك‪.‬‬
‫طدرا‬
‫الغفل التي ترد الوجود إلى الإ‬ ‫للت ‪4‬جربة‬
‫أن الموجود بحق هوما ياحص‬
‫نؤسس أيعلم بالطبيعة‪ .‬مثال ذلك أننا عندما‬
‫هذا الفهم على علوم الطبيعة لتعذر أن‬

‫‪312‬‬
‫الحر وهو أبسط المفاهيم الفيزيائية فنحن لا نتكلم على ما نشاهده‬ ‫سلىقوط‬
‫لع‬‫اكلم‬
‫نت‬

‫الغفل بل على ما ينبغي أن يحصل ‪ #2‬الشروط المثالية للنظرية‬ ‫ر‪#‬بة‬


‫جدة ‪2‬‬
‫تمجر‬
‫ل ال‬
‫اعين‬
‫بال‬
‫فة القوانين الطبيعية المتحكمة يذ ما نشهده ف التجربة الغفل‪ .‬و الأمر‬ ‫ر من‬
‫عمكن‬
‫مي ت‬
‫الت‬
‫نفسه يقال عن الكلام ‪ 4‬مسألتنا‪ :‬فنحن لا نهتم بما شهده الناس فعلا ‪ #‬التجربة الغفل‬
‫حناصل‬
‫لع‬‫انظر‬
‫ببلما يكون من مقتضى النظرية لفهم معنى الفعل النبوي بصرف ال‬
‫الفعلي بمعيار التجربة الغفل‪ .‬فما يفسر التجارب الغفل هو هذه البنية المجردة التي‬

‫تقتضيها النظرية والتي يمكن بمقتضاها أنفهم التجربة الغفل‪ .‬ولنضرب مثال النقد‬
‫الخلدوني لأسطورة تفسير نكبة البرامكة بما بين البرمكي والعباسة أخت الرشيد من‬
‫التاريخي ليس هو ‪ :‬هل حصل أو‬ ‫ال‬
‫ؤكن‬
‫س‪ .‬ل‬
‫لعلا‬
‫ال ف‬
‫علاقة‪ .‬فقد يكون ذلك قد حص‬

‫لم يحصل بل هو ‪ :‬هل يفسر ذلك حتى لو سلمنا بحصوله نكبة البرامكة أميفلاسرها‪.‬‬
‫وكان جواب ابن خلدون مضاعفا‪ :‬أن حصوله مشكوك وأنه حتى لو حصل فعلا لما كان‬
‫كافيا لتفسير نكبة البرامكة ومن ثم فينبغي البحث عن تعليل أعمق‪ .‬وهو ما فعل ففسر‬
‫الدولة الإسلامية أي الصراع بين الفرس والعرب‬ ‫ا ‪#2‬ر‬
‫طيات‬
‫إعوب‬
‫الأمر بالتنافس بين الش‬

‫على السلطة‪ .‬والبنية التي يفسر بها تتجاوز إذن الأغراض النفسية بين الأشخاص حتى‬
‫ا‪4‬منا على‬
‫لال‬
‫كلح‬
‫المصاحبة للفعل وليست معللة له تماما كا‬ ‫عنراض‬
‫أم‬‫لانت‬
‫ان ك‬
‫وإ‬
‫السقوط الحر ‪ 4#‬الطبيعيات‪ :‬فعندما نجرد السقوط من الاحتكاك والعوامل العرضية‬

‫نكتشف ‪#‬ذ الحالة النظرية المثالية القانون الرياضي للسقوط ثم نعود لندخل ‪ #2‬الاعتبار‬
‫العوامل التي جردنا منها الظاهرة لنفسرها هي بدورها بالقانون ولا نفسر القانون بها‪.‬‬
‫نجردها من العرضيات لنفهم جوهرها ثم نعود فنفسر‬ ‫ولىة‪:‬‬
‫بة إ‬
‫ننسب‬
‫ارلبال‬
‫وكذلك الأم‬
‫به ما قد يكون قد حصل فعلا‪ .‬ففضائل الرسول الخلقية والعقلية يحددها القرأآن وذلك‬
‫و ‪#‬اقع الفعلي مطلق المطابقة معها فهذه مسألة‬
‫لول‬
‫ارس‬
‫هوالمفهوم المجرد‪ .‬أما هل كان ال‬

‫تاريخية لا تعنينا ب البحث فضلا عن كونها تتغير بحسب الموقف الشخصي‪ :‬فالمؤمن‬
‫بالإسلام لا يجرؤٌ حتى على التفكير فيها لكونها تمس أهم أركان دينه وغير المؤمن لا‬

‫‪442‬‬
‫أدري ما الفائدة من طرحه إياها إلا إذا كان منتسبا إلى عقيدة أخرى ويبحث عن القدح‬
‫‪ 4‬معتقد غيره‪ .‬وإذا ما استثنينا هذين الموقفين اللذين هما من جنس واحد يبقى الموقف‬

‫الأخرق الذي يشبه من يريد أن يشكك ‏ قانون السقوط الحر بالاعتماد على التجربة‬
‫الغفل وينسى أن القانون لا يعتمد التجربة الغفل بل التجربة ‪ 4‬الإطار النظري المثالي‬
‫الذي يمكن من اكتشاف القانون الرياضي للسقوط‪.‬‬

‫” ما القصد من المقابلة بين الوجودي والمعري علما بأننا سنتبت © التأسيس‬


‫أن الوجودي ‪ #‬المجال الروحي نظير للوجودي ‪ #‬المجال الطبيعي‪ :‬كلاهما غير ما‬
‫الروحية نظير العالم‬ ‫تءنا‬
‫اورا‬
‫كارق‬
‫ر مف‬
‫دوحي‬
‫مم ر‬
‫ندرك منه‪ .‬فإذا لم نسلم بوجود عال‬
‫الطبيعي إذ‬ ‫نىون‬
‫اي إل‬
‫قخلق‬
‫ل ال‬
‫انون‬
‫الحسية فإنه لا بد من رد القا‬ ‫كرااءتنا‬
‫رو‬‫ديعي‬
‫مطب‬
‫ال‬
‫لا معنى لوجود قانون ‪ #2‬الطبيعة يكون من طبيعة مقابلة تمام المقابلة لقانون ظاهراتها‬
‫الرد الى الضرورة الا اذا قلنا يوحدة الوحود واعتيرنا الحرية‬ ‫بل‬
‫قة لا‬
‫تحري‬
‫المحسوسة‪ :‬ال‬

‫الإنسانية وهما (وكذلك يقول أهل هذه الفلسفة من يداية الأسيلوب الصوك من وحدة‬
‫كن‬
‫نزاد) ‪.‬‬
‫عينو‬
‫الأسلوب الفلسفي منها كالحال عند سب‬ ‫لبيى‬
‫إ عر‬
‫الوجود كالحال عند ابن‬
‫لينبقى من تصور للإنسان إلا تصوره ‪ #‬نظرية وحدة الوجود‪ .‬فإما أن نسلم بوجود‬
‫عالم روحي مبدؤه الحرية غير العالم الطبيعي الذي مبدؤه الضرورة عالم مفارق مثله‬
‫لمدارك الإنسان أو أن نقول إن الإنسان ككل الكائنات خاضع لقانون الضرورة الطبيعي ولا‬
‫معنى للكلام على الحرية والأخلاق‪ .‬والعالم الروحي هو مجال الحقيقة الدينية التي تعبر‬
‫عوالم الروحي‬
‫له‬‫اذي‬
‫عنها الرسالة‪ .‬وهي مطلوب بحثنا وأهم رموز هذا العالم البعث ال‬
‫المتخلص نهائيا من الازدواج القانوني الخلقي والطبيعي (لأن هذا الازدواج هو شرط‬

‫الفسحة بين القانونين ومن ثم فهم مجال الفعل الإنساني وسلم تقدير مجاهدته اجتهادا‬
‫وجهادا ‪ #4‬الحياة الدنيا)‪ .‬ولا يمكن رد الظاهرات الروحية إلى الظاهرات الاجتماعية‬
‫التي يحاول البعض أن يرد إليها الأحكام الوضعية لتنظيم الحياة الجماعية‪ .‬ذلك أن‬

‫‪5402‬‬
‫حاجة الاجتماع إلى التنظيم القصدي والمتروي دليل على أن ما فيه من أنظمة ليست‬
‫ناتجة مباشرة عن الضرورة الطبيعية بل بينها وبين هذه الضرورة فعل الروية والاختيار‬
‫وكلاهما غير ممكنين من دون الحرية التي هي جوهر القانون الذي لا يقبل الرد إلى‬
‫الطبيعة ومنه نستنتج الحاجة إلى عالم روحي فوق الطبيعة والتاريخ‪.‬‬

‫أ وطبعا فمن ينفي أن الديني ذو معطى مفارق لمداركنا الحدسية لا يختلف‬


‫عمن ينفي المعطى الطبيعي المفارق لمداركنا الحسية‪ .‬كما أن رد المعطى الأول للمعطى‬
‫الثاني لا يمكن أن يكون حلا لأنه حل مادي يكتفي بعكس الحل المثالي الذي يرد المعطى‬
‫الثاني للمعطى الأول‪ .‬وإذا ظانلبعض أن المعطى الطبيعي كلي يشترك فيه جميع البشر‬

‫والمعطى الديني ليس كليا بل متغير من حضارة إلى حضارة فإن ظنهم مجرد ظن لا دليل‬
‫الديني كليا مثله مثل‬ ‫طى‬
‫ععتبر‬
‫مهو ي‬
‫ل‪ :‬ف‬
‫اسلام‬
‫عليه‪ .‬وهذا الظن هو قطعا ما ينفيه الإ‬
‫المعطى الطبيعي حتى وإن لم يكن إياه وحتى وإن كان الأمران صادرين عن الأصل نفسه‪.‬‬
‫المعطى معطى بل ‪ #2‬كونه مدركا من الذين أعطي لهم‪:‬‬ ‫و‪#‬ن‬
‫كس ‪2‬‬
‫ثم إن عدم الكلية لي‬
‫بعضهم يسمو به التأمل إلى إدراك هذه الحقيقة والبعض الآخر يقصر به التأمل (وقد‬
‫وصف القرآن الكريم هذا الجنس بإيماءة شديدة اللطف إذ قال عنهم ‪:‬إنهم يأكلون كما‬

‫تأكل الأنعام‪ .‬والأمر سيان ‪ #‬المجال الطبيعي‪ :‬فلسنا جميعا على الدرجة نفسها من فهم‬
‫طبيعة المعطى الطبيعي‪ .‬بعضنا يقف عند مساحة وعيه الغفل والبعض الآخر يإسمد وراكه‬
‫إلى ما يتجاوز كل معرفة حاصلة إلى مطلق المعرفة الممكنة‪ .‬فليس كل البشر قادرين‬
‫اك‬
‫دينرعلى‬
‫إادر‬
‫على إدراك انتظام الوجود الطبيعي واكتشاف قوانينه ولا كل البشر بق‬
‫الجمال أوالخلق أو أقييمة من قيم الوجود‪ .‬ولا معنى ‪ #2‬الحالتين للسؤال عن المعقولية‬
‫لأننا لوبدأنا فطبقناها على الموجود الطبيعي لتصورنا كل ما يبدو غريبا ‏ مرحلة من‬
‫مراحل نضوجنا العقلي غير عقلي‪ .‬وبذلك فكلا النفيين يعود بالإنسان إلى الانطوائية‬
‫المطلقة (‪ )2551501105‬ولا يكون الكلام المعربي معه ممكنا لكون الجدل ينحط إلى‬

‫‪642‬‬
‫المفاضلة بين خيارين ‪ #2‬التعامل مع الحياة اليومية‪ :‬الانطوائية المطلقة وهي أصل المثالية‬
‫المغالية (التي تنفي الوجود الطبيعي الخارجي) والواقعية الغفلة وهي أصل المادية المغالية‬
‫(التي تنفي الوجود الخلقي الخارجي)‪ .‬لكن المعرفة تفترض تجاوز هذين الخيارين إلى‬
‫خيارين آخرين كلاهما جربته الإنسانية ولم تتوقف عنده لما يترتب عليه من نتائج يعسر‬
‫قبولها بإطلاق وهما‪ .1 :‬المثالية القديمة (أفلاطون) ‪ .2‬والمثالية الحديثة (كنط)‪.‬‬
‫الروحي وراء المدارك الحسية حتى‬ ‫لم‬
‫اور‬
‫ع تص‬
‫اقللإلى‬
‫طاعة الع‬
‫تدر‬
‫سق‬‫وكلتاهما تاسعى‬
‫وإن ظنته عائدا إلى المعقول عامة مواصلة المقابلة بين المعقول واللامعقول بمعايير الفكر‬
‫الإنساني‪ .‬فلا يمكن أن نسلم _بأن الوجود منحصر ‪ #‬مداركنا حسية كانت أو عقلية‬
‫(نفي الاستغراق‬ ‫كءنا‬
‫ررا‬
‫اد و‬
‫ميديوج‬
‫(نفي الانطوائية الخلدوني) لكننا لاندري ما الذ‬
‫الساذج والعقلانية الغفلة)‪ .‬فيكون الخروج من مداركنا إلى ما وراءها مشروطا بأمور‬
‫إيمانية أتوسليما بأن للظاهرات التي ندرك ما وراء ما حتى وإن كنا لناعلم ما هو‪ :‬وهذا‬
‫الني لمجرد كونه عقلا إذ كونه‬ ‫س عق‬‫إفكنمنه‬
‫الإيمان هو الإيمان الفطري الذي لا ين‬
‫عقا هو بالتحديد إدراكه للعلاقة بين التناهي المدرك بالفعل واللاتناهي الذي يدرك‬

‫كأمر قابل للإدراك بالقوة‪ .‬وهذا يصح على الظاهرات الروحية ‪ 4‬المعرفة الدينية‬
‫صحته على الظاهرات الطبيعية ‪ 4‬المعرفة العلمية التقليدية‪.‬‬

‫ها بالرسالة ‪-‬وهي غير وظيفة‬ ‫‪ "7‬تحديد وظيفة الرسول النظرية واصلعملليةت ‪ْ#‬‬
‫نقل الرسالة من الله إلى خلقه‪ -‬جزء من الاستراتيجية بلهي الجزء الرئيس منها لأنها‬
‫تتعلق بدور الرسول التاريخي ‪ +‬النظر والعمل ومن ثم بما يمكن أن ترثه منه النخب‬
‫القاتدة ‪ #‬كل التاريخ‪ .‬وكل الخطر الذي قد يصيب الأمة يتعلق بما يمكن أن تزعمه‬
‫بالغيب أوادعاء التلقي‬ ‫للم‬
‫ع مث‬
‫لفسه‬
‫ابي ن‬
‫هذه النخب لهذا الإرث من أمور لم يدعها الن‬
‫المباشر من الله بما يفوق ما نسبه القرآن الكريم إلى النبي‪ .‬وهذا ما سنخصص له أحد‬
‫كتب المشروع‪ .‬فدور النخب ‪ #‬الاستراتيجية لوقسناها بالاستراتيجية العسكرية هومن‬

‫‪712‬‬
‫جنس الدور الذي تؤديه هيئة الضباط القائدة ف الإعداد والتنفيذ‪ .‬وأولئتك هم «أولو‬
‫الأمر» الذين توليهم الأمة أمرها ب«الاختيار» كما نبين أمرها مجدالات الحياة الإنسانية‬
‫التي سنحصي بصورة نظرية عند استخراج مقومات العمران من القرآن نفسه مقوماته‬

‫العنصرية وعلاقتها الثابتة‪ .‬وهنا لا بد من حسم «مسألة الخضره» وما بني عليه من‬
‫تأسيس موهوم لعلم لدني ينسبه المتصوفة إلى أنفسهم عامة وإلى القطب منهم خاصة‪.‬‬
‫فكل خرافات التصوف حول التلقي المباشر من الله والاطلاع على الغيب مبنية على سوء‬
‫فهم لهذه القصة القرآنية التي لا معنى لنسبتها إلى شخصية الخضر الخرافية‪ .‬فالقرآن‬
‫العبد الصالح‬ ‫يةم‬
‫ل قص‬
‫عولها‬
‫تر ح‬
‫يتكلم عن عبد صالح‪ .‬ومن الأحداث الثلاثة التي تدو‬

‫لموسى حدث واحد فقط يبدو مشروطا بما يظنه المتصوفة علما بالغيب أعني حادثة‬
‫الشاب الذي قتله الرجل الصالح لتجنيب والديه ما سيجره عليهما بعقوقه وكفره‪ .‬فهي‬
‫تقتضي العلم بالغيب لتعلقها بفعل الشاب خ المستقبل‪ .‬أما الحادثتان الأخريان فهما‬
‫قابلتان بوضوح لأن تكونا معلومتين بالعلم العادي‪ .1 :‬سلوك الملك الذي يأخن الفلك‬
‫‪ 2‬وحماية مال الأيتام إذ يكفي أن يكون العبب الصالح من تلك المدينة حتى يكون على‬
‫علم بما لا يعلمه موسى الغريب فيها‪ .‬وحتى قصة الابن العاق فالفراسة وحدها‪ -‬فضلا‬
‫عن صلة الرجل الصالح الممكنة بتلك الأسرة سابقا ومعرفته بسلوك ذلك الشاب‪-‬تكفي‬

‫لتوقع العقوق والكفر ولا حاجة لعلم الغيب إلا إذا أطلقنا حرية الشاب فتصورناه قابلا‬
‫لأن ينقلب رأسا على عقب فيكون على خلاف ما يتوقعه خبير بالنفس البشرية‪ .‬ومع‬
‫ذلك فقد جعلوا القصة بأحداثها الثلاثة أساسا للعلم المزعوم بالغيب بطريقة الاتصال‬
‫المباشر بالله منتهين إلى زعم تفوق المتصوف على النبي لأن خضرهم الخراخ هنا يعلم‬
‫النبي موسى‪ .‬وبدلا من فهم القصة على أنها تبين أن النبي لا يمكن أن يعلم ما لم يعلمه‬
‫الله إياه إلا بعقله ككل البشر ومن ثم بامتناع علم الغيب عليه جعلوها تفيد أن الخضر‬
‫يمكنه ذلك دون أن يسألوا عن علم الخضر ما مأتاه‪ .‬وبدلا من فهم القصة على أن النبي‬
‫لا يعلم إلا ما علمه الله وأن الله يمكن أن يعلم غيره ما لم يعلمه بالطريقة نفسها التي‬

‫‪812‬‬
‫علمه بها ما علمه جعلوها دالة على العكس‪ :‬الخضر يعلم الغيب علما مباشرا بخلاف‬
‫لام‬
‫عم م‬
‫قد عل‬ ‫ضر‬
‫خ بأن‬
‫للهم‬
‫اأين‬
‫النبي الذي يحتاج إلى الوساطة من الملائكة‪ .‬من‬
‫بطريقة غير عادية أو بطريقة مخالفة لطريقة الأنبياء فضلا عن ألا يكون قد علم ذلك‬
‫الحالات الثلاث التي دار عليها الكلام بينه‬ ‫فهس‪#‬ير‬
‫تكان‬
‫بالطريقة العادية وقد بينا إم‬
‫وبين موسى؟ لم يكفهم تضخيم دور النبي ليرثوا منه ما يودون رغم أن القرآن صريح ‪. #‬‬
‫نفي علم الغيب عنه حتى وحيا بدليل أجويته حول الساعة وحول الروح وعدم الاستجابة‬

‫للمعاجزات‪ .-‬إن الله ‪ .1‬عِندَهُ عِلَمُ الساعَةَ ‪ .2‬وَيُترْلُ الْعَيْتٌ و‪َ.3‬يَعْلَمُ ما‬
‫الأرحَامٍ ‪ .4‬وما تَذبِي نَفْسٌمادا تَكُسِبُ غَدا ‪ .5‬وما تَذْرِي نْفْسٌُ أي أزْض كمُوتُ‬
‫إن لله لليدم بي القمان ‪ ]43‬لويَسْالُوتَكَ عَن الرُوح ‪ 6 3‬الَرُوح من أَمْررَبي‬
‫وَمَأ أُتويتتيمتم من العلم ا قليلا ‪#‬الإسرا ء‪ -581‬زايدوا على دور الأنبياء ‪-‬لعلمهم أن‬

‫الرسول قد أعلن ختم الوحي ونفى حجة السلطة ولم يبق إلا على سلطة الحجة‪-‬فزعموا‬
‫ابن عربي‬ ‫ات‬
‫فارت‬
‫اى ص‬
‫رة حت‬
‫ختصوف‬
‫أن الخضر يعلم الغيب مباشرة من الله ومثله الم‬
‫وحيا دالا على أن خاتم الأولياء فوق خاتم الأنبياء‪ .‬وكل ذلك ليعيدوا تأسيس السلطان‬

‫الذي جاء القرآن لينفيه ويحرر البشرية منه‪ :‬القرآن ختم الوحي الرسولي فعوضوه‬
‫بالوحي الإمامي والقطبي إلخ‪ ...‬من الخرافات والشعوذة‪ .‬كل ما ينفيه القرآن عن‬

‫النبي لا يمكن أن يثبته له أي مصدر آخر فضلا عإنثباته لغيره قطبا كان أإوماما‪.‬‬
‫والقرآن يؤكد بصورة صريحة أن الغيب محجوب عن الأنبياء فضلا عن غيرهم‪ .‬وكل من‬
‫يزعم علما فوق علم النبي أعني العلم بالغيب كاذبٌ حتما ومن ثم فكل الأقطاب والأئمة‬
‫دجالون بنص القرآن ‪ #‬نفي علم الغيب حتى على الأنبياء‪ .‬فلم يبق إلا ما اعتبره القرآن‬
‫مصدرا للعلم الحقيقي‪ :‬تدبر آيات اللّه الكونية والأمرية بأخلاق القرآن ومنهجه المعتمد‬
‫الخلقى الإلهى‪.‬‬ ‫على الحجة العقلية والهدى‬

‫‪942‬‬
‫‪ 6‬هذا فضلا عن كون الرسول لم يحدد تعيينا فعليا وحيدا لكيفيات العبادة‬
‫يماأ ‪#2‬ة المصلي وضعا لليدين على الصدر أوسبلهما إلخ‪...‬‬ ‫هه ك‬‫الجزئية بل عدة أوج‬
‫ينسير ولا تفيد الحصر ‪ #‬ما حصل منها إلا تبركا‪ .‬وكل‬‫لياتت م‬
‫اكيف‬
‫وتعددها يعني أن ال‬
‫خلاف حول هذه المسائل هومن المماحكة التي تفيد عدم احترام المرء للدين بدل حرصه‬
‫وجه مع تغليب‬
‫تدق‬
‫لوص‬
‫اية‬
‫ل كعلهب‪4‬ادة يدور حول الن‬
‫اأمر‬
‫لاصجةميع يعلم أن ال‬
‫اخ‬‫ويه‬
‫عل‬
‫عفوية الفطرة والمقاصد الجوهرية على الشكليات غير المقومة للعبادة ذاتها أعني التوجه‬
‫الصادق لوجه الله دون سواه‪ .‬فكل الكيفيات متساوية القيمة من حيث التعبد الخالص‬

‫ما خلت من قصد التحريف أو التغيير المجاني الذي يعارض التبرك بالاقتداء بالرسول‬
‫ملىجمع عليه منها أهمية أكبر ليس تعبديا إلا بمعنى تفضيل‬
‫لع‬‫الأكرم‪ .‬لكن ما ياضفي‬
‫عناصر التوحيد السلوكي ‪ #4‬الجماعة على عناصر التفريق لأن ‪ #2‬ذلك قوة للأمة فضلا‬
‫عن التبركبمحاكاة الرسول‪ .‬فيكون ذلك من المتممات أي من جنس ما يقول القرآن عن‬
‫العبادة الصادقة عندما قال بعد تغيير القبلة‪ .941:‬لئس البرّآن ولوأ وجو هَكمْ قبّل‬
‫امشرق وَاطْغْربِ! ‪-‬أي اختيارالقبلة ليس هواطهم لأنه أينما تولوا ف فثم وجه الله‬
‫بل هاولقيام بما برمز إليه التعبد) ‪ .2‬وَلْكِنٌ الْبرًا‪-‬حقيقة التعبد) مَنْآمَنَ‬
‫له اَم الآخر وَاملائِكة لتاب وَالدئِينَ وآنَى اطلَ عَلَى حُيِّذو الت‬
‫وَاليَامَى وَاطْسَاكِينَ وَانْنَالسّبِيلٍ وَالسَائِلِينَ وفي الرَُاب وَأََامَ الصّلاة وَأنَى‬
‫الركاة وَأطُوفُورنَ بعَهْدِهِمْ إن عَامَدُواوَالصَّابِرِينَفي البَاسَاء والضْرَّاءِ وَحِينَالبَأس‬
‫ُولَبِكَ الّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَتِكَ هُمْم تقو نالبق ‪7‬‬
‫سم‬ ‫الت‬

‫على‬ ‫القرآن‬ ‫الكتاب‪ #.‬كلام‬ ‫دائما متقدما على‬ ‫الحكم‬ ‫أن يكون‬ ‫الاتفاق‬ ‫وليس من‬ ‫“"‬

‫مقومي النبوة‪ :‬الحكم والكتاب‪ .‬والحكم ليس مقصورا على وظيفة الحكم بين المتنازعين‬

‫لأن هذا من ثمرات الحكم بالمعنى المقصود يك الكلام على النبوة‪ :‬إنه ملكة الحكم عامة‬
‫يلم‬
‫قطةو‪ 4‬ك‬
‫تشرو‬
‫من حيث هي القدرة على تقويم الأمور ومن ثم إدراك الحقائق الم‬

‫‪052‬‬
‫النزاعات بين الأطراف عند أداء وظيفة الحكم‪ .‬وهذا‬ ‫م‬‫س‪2‬‬
‫حشروط‬
‫بما فيها التقويم الم‬

‫الانوعل محنكم المقدر للآمور بخلاف ملكة الحكم بالمعنى المنطقي ليس مجرد وصل بين‬
‫التصورات لتأليف القضايا التي هي دون الاستدلال بل هو الحكم المتقدم على الاستدلال‬

‫والقضايا والتصورات لأنه التلازم بين الفرقان المدرك لما الوجود من تصوير والوجدان‬
‫المدرك لما فيه من مدد جارف لكل تحديد صوري‪ :‬والأول هو ملكة تلقي القدر (ا ‪-‬لذي‬
‫يحدد الكيفيات الجوهرية أوالهويات) وفهمه والثاني هو ملكة تلقي القضاء ( ‪ -‬الذي يمد‬

‫ا الأذهان بل‬ ‫الهويات بالمقوم الوجودي أو الإنيات فيجعلها ليست مجرد هيأة صورية‬
‫كيان متعين ‪ 2‬الأعيان له حقيقة القوى ل الوجود الفعلي ولا يقتصر على أسمائها المشار‬
‫ارة الماهية) وفهمه وكلاهما معنى واحد هاولإنصات للقضاء والقدر لفهمهما‬
‫عيهبا ‪4‬‬
‫إل‬
‫شرطا ثعملية العلم الرمزية وك عملية العمل الفعلية‪.‬‬

‫© وهي ليست نموذجية بأعيانها بل بصفاتها الكلية‪ :‬فليس عين المضمون‬


‫الاجتهادي والجهادي هو النموذج بل صفات فعل الاجتهاد والجهاد ‪ 4‬صلتها بصفات‬
‫الحدث المجتهد فيه أو المجاهد‪ .‬مثال ذلك‪ :‬كيف فهم الرسول فلسفة الحرب القرآنية‬
‫هل كانت‬ ‫اشر؟‬
‫بير‬
‫لشرم وغ‬
‫ابا‬
‫الم‬ ‫طها‬
‫يمع‬
‫حئة‬
‫مناش‬
‫وكيف طبقها خلال علاقات الدولة ال‬

‫الحرب تتصف بالانتقام والعدوان؟ هكلانت تتجاوز كونها أداة سياسية محكومة بأخلاق‬
‫القرآن؟ إلخ‪...‬‬

‫وهذه الإضافة مهمة جدا‪ .‬فلا يكفي لقبول الخبر أن يكون قد صمد أمام النقد‬
‫العلمي الخارجي (لأمانة الرواية) والداخلي (لمعقولية المتن) بللا بد من إضافة الحروز‬

‫التي ذكرها القرآن حول أخلاق الرسول ومنهجه ‪ #2‬التبليغ وخاصة ‪ #2‬التعليم والتطبيق‬
‫ليوبنا‪ .‬ولعل هذا هو أهم منطلقات‬
‫طه‬‫متي‬
‫اللذين هما وجها منطق السياسة المحمدية ال‬

‫ق ‪#2‬ية الحديث من الشوائب‪ .‬فكل ما نفاه القرآن عن النبي ونبهه إليه‬


‫نية‬
‫تجوز‬
‫ابن قيم ال‬

‫‪152‬‬
‫ليانبغي أن يكون موجودا ‪ #‬السنة ما هو من جنسه أو ما هو من شروطه أوما هو من‬
‫نتائجه لأنه لوكان حقا موجودا لورد ذكره ‪ #2‬القرآن فضلا عن كون الزعم بمثل هذه‬
‫الأشياء يفترض الرسول لم يطع أمر اللّه الذي نبهه إلى ذلك وهوما لا يمكن تخيله ممكنا‬
‫حتى مجرد التخيل بدليل ورود هذه التنبيهات ذ القرآن‪ :‬فلو كان النبي ممن يمكن أن‬
‫بعصي أمر ربه لما اصطفاه اللّه أولا ولحذف التنبيهات من الوحي الذي بلغه ثانيا ولما كان‬
‫أهم المحاذير النقدية القرآنية للكتب السايقة هو التحريف أخيرا‪.‬‬

‫"© من دون هذا التأسيس يصبح الختم ممتنع الفهم فتكون عقيدة الوصية‬
‫ضرورية‪ .‬فإذا كان القرآن الكريم قد فسر التحريف ‪ #4‬سورة آل عمران بعلتين هما‬
‫جنساه أعني‪:‬‬

‫التحريف الذي يصدر عن السلطة الروحية (‪-‬سلطة هامان ومنها نظام السلطة‬
‫الكنسية المستبدة بالجماعة روحيا)‪.‬‬
‫والتحريف الذي يصدر عن السلطة الزمانية (‪-‬سلطة فرعون ومنها نظام‬
‫السلطة السياسية المستبدة بالجماعة ماديا)‪.‬‬
‫إلا أتنقوما بهذا التحريف ما لم تستبدلا بسلطة متعالية‬ ‫كان‬
‫مان ل‬
‫يلطت‬
‫وكانت الس‬

‫الجوهري فإن التحريف لن يتوقف فيصبح الختم مستحيلا‬ ‫سيةا مدنهما‬


‫فال‬
‫عليهما وخ‬
‫الكريم‪ .‬والحل القرآني‬ ‫رآن‬
‫لنقمن‬
‫ا بي‬
‫لتأنوالي الرسالات علته تدارك التحريف كما هو‬

‫هاولمؤسستان البديلتان‪:‬‬
‫مؤسسة التواصي بالحق التي هي مؤسسة اجتهاد الجماعة ‪ #‬العلم النظري‬
‫ْ‬ ‫والعملي‪.‬‬

‫ومؤسسة التواصي بالصبر التيهي مؤسسة جهاد الجماعة ‪ #‬العمل بهذين العلمين‪.‬‬
‫حقق ‪2‬ت‪#‬اريخ الحضارة الإسلامية‪ .‬فالاجتهاد‬ ‫تحظت لم‬
‫وكلتا المؤسستين لسوء ال‬
‫اية وحصر ‪ 4‬الفقهاء‪ .‬والجهاد صارفرض كفاية وحصر ‪ #4‬الحامية‪ .‬فعدنا‬
‫فرض‬
‫كر ف‬
‫صا‬

‫‪252‬‬
‫بذلك إلى تأسيس ما يؤدي دور هامان وفرعون أعني طبقة رجال الدين وطبقة العسكر آذ‬
‫الاجتهاد كل وجوه‬ ‫متىل‬
‫شن ح‬
‫يض عي‬
‫رآن الكريم أنهما فر‬
‫ليققي خ‬
‫احق‬
‫حين أمنعناهما ال‬
‫الحياة لعلم الحقيقة وكل مسلم ليطلبه ويعم الجهاد كل تحقيقات الحضارة وليس الدفاع‬
‫الختم‬ ‫ضنيات‬
‫تن م‬
‫مانقإذ‬
‫فحسب فيسهم فيه كل مسلم يعمل بالحق على علم به‪ .‬فك‬
‫أن يحقق الرسول ذلك بالنموذج الحي‪ :‬لم يكن سلوكه التعليمي والتطبيقي (‪-‬سياسة‬
‫الرسول) إلا تطبيقا حرفيا للآية ‪ 83‬من الشورى التي سيأتي تفسيرها التفصيلي لبيان‬
‫طبيعة المؤسستين اللتين تحددت طبيعتهما بما ‪ 4‬فعلي النظر والعمل من صيغة الاشتراك‬
‫وهما تعوضان الكنيسة الهامانية والدولة الفرعونية اللتين كانت بيزنظة وفارس تعملان‬
‫بهما واللتين لو كان أخذهما والعمل بهما © الدولة الإسلامية مشروعين لكانت الثورة‬
‫الإسلامية سدى‪ .‬لكننا نذكر بصورة جملية كيف حددت سورة الشورى ‪ 3‬الآية ‪ 83‬الحل‬
‫حلادمّلمدها‪ :‬فهي قد‬
‫يإس‬
‫القرآني لمسألة الحكم التي يزعم الكثير من المجادلين أن ال‬
‫نسبت السلطة بفرعيها إلى الجماعة فجعلت آليتها التشاور وأحاطتها بسلطة الجماعة‬
‫الروحية رمزا إليها بالصلاة وبسلطتها الزمانية رمزا إليها بالإنفاق من الرزق وأمسبت‬
‫كل ذلك على الاستجابة للرب‪ :‬لإوَالّذِينَ اسْ تَتجَابُجواالِرَيّهمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةٌ وَأَمْرْهُمْ‬
‫م‪#‬اس‬
‫در ‪3‬‬ ‫شُورى بيذهم وَممًا َرَفْنَاهُمْ ميُنفْقُونَ‬

‫© ويمكن أن نحسم قضية جوهرية ذات صلة بالقرآن نفسه وبأفعال الأمة ب‬
‫صحة القرآن كله‬ ‫لحظة التأسيس‪ .‬كل المشكل الذي يطرحه السفهاء من المشككين ‏‬

‫ودل القرآن يعيشون كما كانت العرب تعيش بذ‬ ‫زن بع‬
‫نسلمي‬
‫أو بعضه سببه تصور الم‬
‫الجاهلية‪ :‬بغير نظام أو تخطيط وتناسق بين النظر والعمل رغم أن النظر تقدم ‪ 2‬الثورة‬
‫القرآنية على العمل بنصف المدة النبوية! فها أنت أمام نص أهم نقد يوجهه لأهل الكتاب‬

‫هو التحريف وأهم أمر لتنظيم شؤون الحياة يوجهه إلى المسلمين هو كتابة أي شي لذ‬
‫المعاملات مهما كان تافها‪ .‬ومع ذلك تجد من يشكك ب أن القرآن كان يكتب بالتوازي‬

‫‪352‬‬
‫مع النزول زاعمين أنه كان موجودا ‏ صدور الرجال فقط وذلك لخلطهم بين عملية‬
‫توحيد نسخ القرآن المتأخرة لتخليصها من الخلافات الطفيفة © بعض الآيات نطقا أو‬
‫كتابة (تقريبية لما نعلم من الحال التي كانت عليها وما طرأ عليها من تطوير لاحقا من‬
‫أجل تدقيق كتابة القرآن وقراءته كالإعجام) أو حتى ترتيبا بمقتضى القراءة من غير‬
‫الكتاب المدون الخلط بينها وبين كتابة القرآن التي هي موازية لنزوله‪ .‬والغريب أن هؤلاء‬
‫هذه‪ :‬كان كتاب‬ ‫المشككين يزعمون أن المسلمين قد حاكوا أهل الكتاب ‪ #2‬كل شيء إلا‬

‫اليهود والمسيحيين مكتوبا ومحفوظا لكن المسلمين شذوا عن ذلك واكتفوا بالذاكرة دون‬
‫ها‬
‫نغم‬
‫وة ر‬
‫كقلي‬
‫الكتابة! ولنا على سحافة هذا الرأي خمسة أدلة عقلية تغني عن الأدلة الن‬

‫من جنس التواتر المطلق ورغم ما فيها من مزيد دلالة‪.‬‬


‫والدليلان الأولان من القرآن نفسه‪ .‬وقد ذكرناهما أعني‪:‬‬
‫دليل تنبيه القرآن لما وقعت فيه الأمم السابقة من تحريف لكتبها والمعلوم أنه لا‬
‫شيء يمنع مثل هذا الأمر كالكتابة والانتشار المكتوب الذي يحول دون الانتحال والتغيير‪.‬‬
‫ودليل الدعوة الأكيدة لتدوين المعاملات مهما كانت تافهة حتى إن الآية المتعلقة‬
‫بأهم مقومات التحقق من المعرفة والحقوق أعني الشهادة والتي هي أطول آية اعتبرته‬
‫الأساس ف منع التلاعب بهما‪.‬‬
‫فلا يعقل أن يحذر النص من التحريف وأن يؤكد على كتابة كل شيء ‪ #2.‬المعاملات‬
‫مهما كان تافها ولا يُأمر مبلغه بأن يكتبه وأن يأمر بكتابته وأن يكون المبلغ أمينا ثيمفلاعل‪.‬‬
‫والدليلان العقليان المواليان أستمدهما من سلوك الرسول والصحابة ‪ #‬لحظات‬
‫التأسيس المفصلية‪ .‬فلنفرض جدلا أن الرسول لم يأمر الصحابة بكتابة القرآن فكيف‬
‫إذن نفهم أمره إياهم بعدم كتابة الحديث؟‬
‫بة‬
‫ا هو‬
‫ك ستابق‬
‫ألا يعني ذلك نهيا عن شروع بعضهم ف كتابته بقصد تعميم أمر‬
‫الوحي وهذا هو الدليل العقلي الثالث؟‬
‫والدليل العقلي الرابع‪ :‬إذا كان أبو بكر قد اضطر إلى تذكير عمر بآية‪# :‬ووَمَا‬
‫مُمحَممّدُ إل و سُول كَدْ خَلتْ من قَبْله اسل ‪ 5‬مات أو قتل‪[ 4...‬آل عمران ‪]441‬‬
‫‪452‬‬
‫لحظة‬ ‫ح ©رج‬
‫أنته‬
‫هل كان يمكن أن يبقى عمر بعد ذلك معتمدا عالىلذاكرة وقد خا‬

‫من حياة الأمة حتى لتوصورناه لم يكن مالكا لنسخة مكتوبة من القرآن الكريم؟ كيف‬
‫يكون عمر مؤسس الديوان ‪-‬وذلك يعني إدخال التدوين ‪ #‬الشأن الدنيوي الذي هو تافه‬

‫بالقياس إلى الشأن الأخروي فضلا عن كون القرآن جامعا بين الشأنين ‪ -‬ثم يهمل كتابة‬
‫القرآن الذي كان دستور الدنيا والآخرة؟‬
‫ولىص‬
‫صق ع‬
‫نم يطل‬
‫‪.5‬أما الدليل الجامع فهو أن القرآن اسمه الكتاب وهذا! الاس‬

‫الأديان الأخرى التي لم تكن شفهية بل مكتوية ومحفوظة ومحروسة من قبل مؤسسة‬
‫وظيفتها العناية به! ثم إن ”الكتاب” ليس مجرد اسم بل هو عقيدة وجودية تعتبر عين‬
‫حسهساب يكون‬
‫ل نف‬
‫وتباعلى‬
‫الوجود التام هو كونه مكتوبا بكل مستوياته حتى إن الله يك‬
‫بوزن الكتب والسجلات التي تدونها الملائكة ‪ #‬كل آن! وبذلك يتبين عقلا أن كل السخافات‬
‫التي تقال عن صحة القرآن وكتابته المتأخرة من أوهام الموتورين الذين يقيسون القرآن‬
‫بكتابي اليهود والمسيحيين حتى يصح لهم دعوى أنه مثلهما قد شابه التحريف والتاريخ‪:‬‬

‫أي إن ما حصل لهؤلاء ينبغي أن يحصل مثله للمسلمين حتى لو كان أوكللام القرآن هو‬
‫التنبيه إلى حصول التحريف وضرورة كتابة أي شيء مهما كان تافها‪ .‬و الرد على مثل‬
‫هذه المواقف السخيفة لا يحتاج إلى جهد عقلي كبير فضلا عانلأدلة النقلية التي يمكن‬
‫الاستغناء عنها لولا عناد السفهاء‪.‬‬
‫ويمكن أن يأتي اعتراض مقبول‪ :‬إذا كان ذلك كذلك فلم اضطر المسلمون إلى‬
‫التوحيد بين النسخ‪ 5‬لهذه المسألة عدة علل مادية مثل‪ :‬تخلف الكتابة من حيث ضبط‬
‫النطق والتمييز بين الحروف وفلة النسخ وكثرة الاعتماد على الذاكرة الموروث عن‬
‫الجاهلية فضلا عن العلل المادية الأخرى التي تنتج عن فروق النطق بين العرب وبين‬
‫الأفراد إلخ‪ ..‬لكن أهمها الجواب القرآني الذي جاء ‪ #2‬الكلام الصريح عن نسخ الآيات‬

‫أإونسائها أوحتى تبديلها‪ .‬ولعل أوضح الآيات بذ الباب هي‪( :‬إوَإذَا بدلا آيََ مّكانَ آي‬ ‫اسم‬
‫ا س‬
‫شع‬

‫وَالله أَعْلمُ بما يُنَزْل قالوا إِنّمَا أنتٌ مُفْتَربَل أكدْرُهُمْ لا يَعْلمُونَ» [اسس‪ .]101‬فهذا‬

‫‪552‬‬
‫يعلل الاختلاف الطفيف بين النسخ وهو اختلاف أدى إلى ضرورة التخلص منه لتلا يتسع‬

‫بمرور الوقت‪ .‬والتخلص منه لم يكن بحذفه بل بتحديده ورصده وإثباته إذا ثبت بإجماع‬
‫أينشهد‬ ‫بذاط‪:‬‬
‫ض ه‬
‫لية ب‬
‫اانون‬
‫أنه سمع من الرسول نفسه مع تطبيق معايير الشهادة الق‬
‫شاهدان عدلان على الأقل‪ .‬فبعض المسلمين يمكن أن يكون قد اطلع على ما لم يطلع عليه‬
‫البعض الآخر عند حصول النسخ أوالإنساء أو التبديل فكان حفظه أو نسنخته مختلفة عن‬
‫الحفظ والنسخ الأخرى‪ .‬وكما أسلفنا فإبقاء المسلمين على هذه الاختلافات الطفيفة ‏‬
‫الأمر نحل لما وقع‬ ‫مناقشاتهم العلمية دلايللعلصىحة وليس على الوضع إذ لو كان‬
‫حول هذه المسائل مستقى‬ ‫ربقين‬
‫ش كت‬
‫ته ‪#2‬‬
‫ستجد‬
‫مما‬
‫لوكل‬‫اا‪:‬‬
‫الاعتراف بالاختلاف أصل‬
‫من نقاشات علماء المسلمين الأفاضل إذا كان موضوعيا ونزيها‪ .‬وما عداه من أقوالهم‬
‫آراء شخصية بمعايير عصرهم مصدرها الأساسي محاولة تعميم صفات التحريف التي‬

‫توجد ‪ #2‬الأناجيل والتوراة على القرآن لعدم قبولهم بأن يكون كتاب المسلمين شاذا من‬
‫هذا الوجه (رغم ما ينعتونه به من شذوذ يك الكثير من الوجوه خاصة ما يظنونه نقائص‬
‫وهي عين الكمال عند فهم حقيقة الرسالة التي تنظر إلى الإنسان من حيث هو كائن‬
‫سوي يجمع بين القانونين الطبيعي والخلقي) ولا سيما أنه تقدم على محاوؤلاتهم العلمية‬
‫المتأخرة ببيان التحريف فيها منذ نزوله وهوما حصنه ضد التحريف‪.‬‬

‫نكتفي الآن بذكر هذه الأشكال الحضارية الخمسة دون مزيد شرح لأن علاجها‬
‫ينتسب إلى المقدمات النظرية ‪ 4‬الكتاب الثاني الخاص بالتأسيس النظري للمحاولة‪:‬‬

‫رح بعد بحدة تقدمه عليه)‬ ‫يزقطلم‬


‫‪-1‬الحضارة التي يغلب عليها الذوق (لأن مشكل الر‬
‫‪-2‬والحضارة التي يغلب عليها سلطان الذوق (لأن التنافس عليه بدأ يصبح مشكلا)‬
‫‪-3‬والحضارة التي يغلب عليها الرزق (لوصول الإنسان إلى الندرة) ‪.‬‬
‫‪-4‬والحضارة التي يغلب عليها سلطان الرزق (لشروع الإنسان ‪ #4‬علاج مشكل الندرة) ‪.‬‬
‫من حيث‬ ‫ركلان‬
‫مة ل‬
‫عقوم‬
‫‪-5‬والحضارة الجامعة التي تحقق التناسق بين هذه الأبعاد الم‬

‫‪652‬‬
‫تح ق الوحدة الإنسانية‬ ‫هو استعمار للآرض من المستخلفين بمقتضى قيم القرآن التي‬
‫‪ 4.‬المعمور من العالم كله (لتبين الإنسان التداخل بين كل مشاكل الوجود المشترك داخل‬
‫التوالي هو طبيعة العلاقة‬ ‫ا‬‫ذ‪4‬‬
‫هاكم‬
‫الجماعة نفسها أوبين الجماعات)‪ .‬والقانون الح‬

‫بين القانون الطبيعي و القانون الخلقي والتناسب العكسي بين ما يدين به الإنسان لما‬
‫توفره الطبيعة ولما يوفره لنفسه بديلا منها‪ .‬وليس هذا المنطلق ‪ #2‬العلاج مجرد فرضية‬
‫أن تكون نشأة الحضارات كلها‬ ‫فة‬
‫دمن‬
‫صليس‬
‫لي‪ .‬ف‬
‫اضار‬
‫بل هو معطى يثبته التاريخ الح‬
‫قد كانت ‪ 4‬الأماكن الخصبة بمقتضى هذا القانون بحيث إن نشأة الحياة الجمعية كان‬

‫شرطها ألا يكون مشكل الرزق على حال تؤدي إلى الحرب عليه بل ينبغي أن يكون قد‬
‫ثبمالتدريج يأتي مشكل الندرة الفعلية أو‬ ‫جونلمنه‪.‬‬
‫أتعا‬
‫على ال‬ ‫عد‬
‫سلىاحال‬
‫تن ع‬
‫كا‬
‫التوقعية فيصبح الإنسان محتاجا إلى تعويض ما يستهلكه من الطبيعة بما ينتجه بأدواته‬
‫التي مجملها يكون الحضارة المادية المشروطة بأن يكون قد تأسست قبلها الحضارة‬
‫الرمزية والروحية التي تجمع ولا تفرق‪ .‬ولعل رمز «الخروج من الجنة» يشير إلى مثل هذه‬
‫النقلة‪ .‬فتكون الحضارة الأولى إذن الحضارة التي يقل فيها دور المشكلات التي يطرحها‬

‫الرزق ثم يتزايد دوره بتزايد الندرة الفعلية أو التوقعية‪ .‬فيكون الهم الأول قبل ذلك قد‬
‫كان ذوقيا ثم يتحول الذوق بالتدريج إلى سلطان وأساس سلطان فيتكون الوازع التربوي‬
‫والخلقي‪ .‬ولما يصبح الرزق منبع المشكلات ننتقل إلى حضارة الرزق أو الصراع عليه‬
‫فيصبح الرزق سلطانا وعندئن يتكون الوازع السياسي والمادي‪ .‬وباجتماع هذه الشروط‬
‫تتميز آلية عمل العمران‪ :‬فصورته تكون ذات وجهين رمزي هو التربية وأصلها السلطان‬
‫وأصله السلطان المادي أو السياسة ومادته تكون ذات‬ ‫كوم‬
‫حدي ه‬
‫ل وما‬
‫الدين‬
‫الرمزي أو ا‬
‫وجهين رمزي هو الثقافة وأصلها الإبداع الرمزي ومادي هو الاقتصاد وأصله الإبداع‬
‫المادي‪ .‬وياجتماع هذه العناصر يصبح الإنسان قادرا على تعويض التناقص المتزايد لما‬
‫تخلف فيها الذي يرعاها بل المفسد لها‪ .‬وعندما يبلغ‬
‫سرف‬
‫لفمتص‬
‫اتصر‬
‫توفره له فلا ي‬
‫ذلك الذروة نصل إلى الدئيل القاطع على صحة ما دعا إليه القرآن‪ :‬عندما تتبين آثار‬

‫‪752‬‬
‫اية الكون ينبغي‬
‫الفساد كذ الأرض يدرك الإنسان بالعين أن الاستخلاف من حريثعهو‬
‫أن يكون مضمون الرسالة الخاتمة التي تتوجه للإنسانية التي تتعولم خلقيا وليس ماديا‬
‫فحسب‪ ,‬فتكون أسرة واحدة تجمعها آية التعارف القرآنية‪ :‬ويا يما الاش إن خَلَقْداكُم‬
‫من ذُكَر أن وَجَعَلْدَكُمْ شعُوبا وَقََايلَ لِتََاَُوا إنَّأَكرَمَكُمْ عند الله َنْقاكُمْ إن‬
‫‪0‬‬ ‫الله عَلِيمٌ‬

‫‪ 07‬ولا بد هنا من تحرير مفهوم ماحيلرت ‪#4‬اريخ الإنساني لم يتضح إلا بفضل‬
‫التصور القرآني للزمان التاريخي‪ :‬فهو قد بين أن الزمان الإنساني مخمس الأبعاد وليس‬
‫مثلثها كالزمان الطبيعي‪ .‬فهو ل الحاضر حدث وحديث متطابقان (اللحظة الحية من‬
‫التجربة المحمدية‪ :‬القرآن كان حديثا حدثا) يصدران عن الماضي من حيث هو حدث‬
‫مصحوب بحديث منفصلين (كل الماضي الروحي من حيث هو حدث ثم من حيث هو‬
‫حدتٌ وانقضى) وعن المستقبل من حيث هو حديث‬ ‫حثٌدعنث‬
‫كما يقصه القرآن‪ :‬حدي‬
‫وحدث منفصلان (كل المسار الإنساني كما سيحصل وكما ينبئنا به القرآن وكأنه ماض‬
‫وليس مستقبلا لأن علم الله فوق الزمانية نفسها‪ :‬حديثٌ عن حدث لم يحدث بعد)‪.‬‬
‫اضيل قمبلسهتقبل‬
‫وما‬
‫فالزمان الطبيعي كما هو معلوم مثلث الأبعاد الحاضر يحيط به ال‬
‫بعده وهو ذو اتجاه واحد بسبب مبدأ عدم الرجع الزماني‪ .‬لكن زمان التاريخ الإنساني‬

‫ليس هو كذلك بل إن ازدواج حصوله الرمزي والفعلي أو كونه حدثا مصحوبا بحديث‬
‫أو حديثا مصحوبا بحدث يجعله مخمس الأبعاد تماما كما هو الأمر كذ القرآن الكريم‪.‬‬
‫فالماضي والمستقبل يتضاعفان لانفصال الحدث عن الحديث بالتقديم والتأخير ولا يبقى‬

‫واحدا إلا الحاضر لأنه رمز حي لا ينفصل فيه الرامز والمرموز رغم كون وحدتهما وحدة‬
‫غير مستقرة كما هو معلوم لأنها ملتقى ازدواجي الماضي والمستقبل المذكورين‪ .‬ومن هذا‬
‫الازدواج المضاعف يأتي كل إشكال الوجود الإنساني‪ .‬فإذا كان حدث الماضي قد حصل‬
‫وانتهى حتى وإن ظل مفعوله ‪ #‬المتصل الحضاري العميق فإن حديثه يبقى دائم الحياة‬
‫‪852‬‬
‫وهو يتغير بمقتضى مشاغل الحاضر فيغير معاني الحدث الماضي الذي لا نعلم كيف يؤثر‬

‫بذاته لأن المعلوم من أثره الواعي يكون بأثر حديثه والمجهول من أثرة اللاواعي يمكن أن‬
‫يعتبر الدوافع العميقة لتعدد تأويلات الحديث للحدث‪ .‬وحديث المستقبل يمكن اعتباره‬
‫مثل حدث الماضي من حيث عدم استقرار المعنى‪ .‬فهو استراتيجية الفعل ‏ المستقبل‪.‬‬
‫ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تكون واضحة الصياغة لكن خروج الحدث المقبل منها غير‬
‫محدد‪ .‬وذلك هونوع الإشكال الثاني‪ .‬فيكون حديث الماضي وحدث المستقبل هما جوهر‬

‫الحاضر فيكون‬ ‫ح‪4‬ظة‬


‫لقي‬
‫اللاتحدد والإشكال ‪ #‬التاريخ الإنساني‪ .‬وهذا الإشكال يلت‬

‫وقد يصبح يأسا وجوديا وقولا بالعبث عندما‬ ‫ان‬


‫سه كل‬
‫نعيش‬
‫إي ي‬
‫مصدر القلق الوجودي الذ‬
‫ينحط الوعي فيفقد صاحبه الإيمان الذي يعطي النفس الاطمئنان والأمل الذي هو أصل‬
‫العمل‪ .‬والمشكل كل المشكل أن حديث المستقبل يكون دائما منطلقا من فهم الحاضر لحدث‬
‫الماضي بتوسط حديثه بإ الحاضر وحدثه يكون دائما منطلقا من اللاواعي من أثر حدث‬
‫الماضي ‪ #‬التقاليد والأخلاق والذهنيات التي يصعب تغييرها بمجرد تأويل حديثه‪ .‬ونحن‬
‫أولئتك‬ ‫ل‬
‫ب من‬
‫قملية‬
‫المسلمين ما زلنا نعاني من مرض عضال هو التشويش على هذه الع‬
‫الذين يريدون أينعتبروا هذا الصنيع الذي تتقوم به كل الحضارات أمرا ينبغي تركه‬
‫وتعويضه باستيراد حاضر ومستقبل استيرادا يسمونه لحاقا يركب الحضارة أوتحديثا‬
‫لنية التي وصفنا والتي هي عين حياة‬ ‫ما م‬
‫عابع‬
‫لن ن‬
‫لكأن ذلك يمكن أن يحصل دون أنايكو‬
‫الحضارة والأمة‪ :‬يريدون قتل الكيان الإسلامي باستيراد بروتازات يعتبرونها بدائل‬
‫حقيقية ‏ حين أنها قتل لعقل الأمة ووجدانها‪.‬‬

‫‪ 7‬وبذلك يتحقق شرطا الفاعلية الإنسانية تعبيرا عن قانون يجعل التلازم بين‬
‫الرمزي والفعلي شرطا ‪ #‬كل أحداث التاريخ الإنساني الذي لا يقبل الرد إلى أحدهما فلا‬

‫مؤثرا إلا إذا‬ ‫بح‬


‫ص لا‬
‫يمزي‬
‫يكون طبيعيا دون الخلقي أوخلقيا دون الطبيعي‪ .‬فالقص الر‬
‫تحققت منه عينة حية ‪ #‬تاريخ الآمة‪ .‬والتاريخ الفعلي لا يصبح مؤثرا إلا إذا صار قصا‬

‫رمزيا ب وجدان الأمة‪ .‬وهذا التعاكس بين الرمزي الذي يجب أن يتعين ليفعل والفعلي‬

‫‪952‬‬
‫الذي يجب أن يترمز ليفعل قانون كوني يمكن أن ندعي اكتشافه من خلال فهم ما يجري‬
‫تثها بالقرآن من حيث هو حديث ‏ حدث صار حدثا‬ ‫ق حي‬
‫ا من‬
‫لمية‬
‫عسلا‬
‫التجربة الإ‬
‫تحول إلى حديث لا شيء يحدث ‪ #4‬تاريخ الأمة من بعده من دون فعله سواء كان هذا‬
‫الشيء معه أو ضده‪.‬‬

‫‪ 7‬قد يتصور البعض أن حصول التوازن يعني توقف الحركة ومن ثم فهو سكون‬
‫الموت‪ .‬كلا‪ .‬إنما الشأن يتعلق بانتقال الحركة المناوسة بين الاقتراب والابتعاد بالتيامن‬

‫والتياسر حول القيم إلى الحركة المتصاعدة نحو القيم ومن ثم إلى حركة لمقّاومة‬
‫الطغيان ‪ #2‬السلطانين الزماني والروحاني أعني احتكامهما إلى القانون الطبيعي بدل‬
‫الاحتكام إلى القانون الخلقي‪ :‬لذلك اعتبرنا مسألة هذا الجزء رأس المخروط أو الهرم‬

‫وليس مجرد مركز على سطح‪ :‬ذلك أن الأمر يتعلق بالتخلص من الإخلاد إلى الأرض‬
‫نحو‬ ‫ود‬
‫عدا‬
‫ص عنا‬
‫للدين‬
‫اي ا‬
‫وم نف‬
‫والقانون الطبيعي مرة باسم نفي الدنيا نفاقا ومرة باس‬
‫السماء والقانون الخلقي دون الانطلاق من التنائز بين الدنيوي والديني بتقديم وتأخير‬

‫‪ 5‬حتى إن فساد سلطان الذوق الرمزي (الحياة الروحية بين آدم وحواء) كان‬
‫سببه سلطان الذوق المادي (الأكل من الشجرة المنهي عنها)‪ .‬وهذا الرمز مؤشر مهم‬
‫لأننا سنرى أن الذوق والرزق كليهما ذوا بعدين رمزي ومادي حيث إن التداخل بين‬
‫وجهي الذوق ووجهي الرزق هو الذي سيؤدي إلى كل الجدلية الناقلة من أحدهما إلى‬
‫الثاني ومن ثم من التكامل والتنالك بين شروط قيام الفرد وشروط قيام النوع وتردد‬
‫قيام الجماعة بين النوعين من الشروط‪ :‬وتلك هي المعضلات التي يعالجها القرآن ‪2‬‬
‫استراتيجيته التوحيدية وهي المادة الأساسية لكل تشريع ‪ #2‬العمران البشري سواء كان‬
‫التشريع سماويا أووضعيا‪.‬‬

‫‪062‬‬
‫تعود إلعيهنكلاصر الاستراتيجية سواء طبقت‬ ‫ذي‬
‫ل هو‬
‫اسمى‬
‫وهذا المبدأ الأ‬
‫أو لم تطبق لأنه فاعل بالإيمان وفاعل بالكفران‪ .‬فبالإيمان يكون الإنسان قد ارتفع إلى‬
‫مستوى الأمر (التكليف والحرية) وبالكفران يبقى الإنسان مقصورا على عالم الخلق‬
‫(التسخير والضرورة) وذلك هو معنى ‪ :‬يأكلون كما تأكل الأنعام‪ .‬وشرط الخيار الأول‬
‫هو أصل السياسة بالمعنى الذي يجعل العمران الإنساني يتحرر من استفراد الضرورة‬
‫المنطق ذاته تتضمنه الآية ‪ 83‬من الشورى كما‬ ‫بههوذا‬
‫به فيسمو إلى الحرية‪ .‬وهذا كل‬
‫نبين اما يلي‪« .1 :‬لوَالّذِينَ اسْتَجَابلُِوارَيَهمْ © (‪-‬اطبدا) ‪ .2‬ملوَقَامُوا الصّلاة‪4‬ك‬
‫وَاَمرْم ‪/‬دْ ‪-( 4‬النظام السياسي لأن اطعنى هاولأمر‬ ‫(‪-‬رمزا لخبار الإيمان)‪.3‬‬
‫‪ 42‬شوتى بَيْنَقُدْ ©‬ ‫انعة)‬
‫مب ع‬
‫جنو‬
‫لر ي‬
‫اضمي‬
‫إذ ال‬ ‫اعة‬
‫ممر‬
‫جو أ‬
‫لوه‬
‫امة‬
‫عا‬
‫(‪-‬كيف تدير الجماعة نظامها السياسي؟) ‪ 9 .5‬وَمِمًا رَرَقْداهُمْ يُنفَقُونَ ‪-(#‬رمزا‬
‫لحل المسألة الاقتصادية الاجتماعية التي هي علة عودة الناس إلى التاريخ‬
‫الطبيعي بسبب الصراع على الرزق)‪.‬‬
‫المعقدة باتت غير مفهومة للقبول بأن التاريخ‬ ‫صذهيلة‬
‫ح له‬
‫لرية‬
‫اإطا‬
‫‪ 7‬والمعادلة ال‬
‫الطبيعي هو حصيلة التفاعل بين كيان الإنسان العضوي من حيث هو جماعة والمحيط‬
‫الطبيعي الذي هو العالم المادي لا غير ورفض الأمر نفسه بالنسبة إلى التاريخ الخلقي‪.‬‬
‫وفرضيتنا هي أن التاريخ الخلقي هو أيضا حصيلة التفاعل بين تاريخ الإنسان الخلقي‬
‫من حيث هو جماعة ومحيط خلقي هو العالم الروحي له ما للمحيط الطبيعي من الوجود‬
‫الخارجي والتأثير الحقيقي‪ .‬والمحيط الخلقي ليس هو الثقافة أو الأخلاق الموضوعية‬
‫ب ‪4‬تها إليه إلا كالتصور‬
‫نأخسلاق‬
‫بالمعنى الهيجلي بل هو ما وراءها الذي ليست هذه ال‬
‫العامي للعالم الطبيعي ‪ #4‬نسبته إلى حقيقته © الأمر نفسه وراء تصوره الشعبي‪ .‬فلا‬
‫أصحابه بل هو عالم من الحقائق التي‬ ‫ان‬
‫ه‪#‬‬‫ذاتي‬
‫أل ذ‬
‫يكون التاريخ الخلقي مجرد عام‬
‫لها قيام ذاتي تام ومؤثر من خارج كذلك‪ .‬فيكون التاريخ الحضاري حصيلة الحصيلتين‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫وكون الحصيلتين تثمران حصيلة تعلو عليهما يعني أن وراءهما مبدأ يشدهما فيصل‬
‫رنى‪:‬‬
‫خ دو‬
‫أهما‬
‫ل من‬
‫احدة‬
‫بوا‬ ‫هم‬
‫للافيقبل‬
‫ارا‬
‫تفاعلا مثم‬ ‫لان‬
‫عهما‬
‫اجعل‬
‫فا ي‬
‫ت بم‬
‫تهما‬
‫بين‬
‫والرمز الديني لذلك ‪ 2‬الإسلام هو التلاحم اليذينلافصم بين الدنيوي والديني‪ :‬وهي‬
‫الناس معناها بعد وخاصة بعد أن أفسدها الإغراط الذي حصل‬ ‫يرةدلمرك‬
‫لعمري ثو‬
‫الإسلام ردا على المسيحية الوسيطة فآل به الأمر‬ ‫يد‬
‫للى‬
‫قي إ‬
‫تسيح‬
‫ل سعي الإصلاح الم‬

‫إلى عكس الموقف المسيحي التقليدي منتقلا بالتدريج مننفي الدنيا باسم الدين إلى نفي‬
‫الدين باسم الدنيا‪ :‬العلمانية الغربية هي المسيحية الوسيطة وقد قلبت رأسا على عقب‪.‬‬

‫اليسيطة التي تربط بينها‬ ‫والبحث فيها يسمى‪« :‬نظرية العناصر» أي الحدود‬ ‫‪67‬‬

‫شبكة العلاقات والقوانين التى تطلبها الاستراتيجية‪ .‬ويقابل ذلك ‪ 4‬نظرية النسق العلمى‬

‫تأليفها أوعلم نظمها‪.‬‬ ‫عد‬


‫ا على‬
‫وقدم‬
‫ق تت‬
‫الحدود البسيطة التي‬

‫‪ ”7‬والبحث فيها يسمى‪«:‬نظرية التأليف» أي القواعد التي تحدد كيفيات الربط‬


‫بين العناصر للوصول إلى القوانين والحقائق المطلوبة ‪ 4‬العلم المعين الذي تنتسب إليه هذه‬
‫العناصر والعلاقات‪ .‬لكننا ‪ #4‬الحالتين حالتي العناصر والعلاقات لسنا بصدد البحث ‪2‬‬

‫مجال ما بعد علمي‪ :‬أي ‪ 2‬شروط العلم والمعلوم وليس ‪ #2‬القوانين‬ ‫مجال علمي بل‬
‫العلمية العينية التي تخص معلوما محددا لأن ذلك هو مطلوب البحث © الظاهرات‬
‫ط ‪#4‬ار شروط إمكانها وأفق فهمها‪ .‬وي حالتنا هذه فإن ذلك ينتسب إلى‬
‫إيس‬
‫نفسها ول‬
‫علم العمران والتاريخ الحضاري من حيث هو ذو دور ‪ #4‬تكوين نفسه بما له من فاعلية‬
‫حرة وواعية والتاريخ الطبيعي للإنسان من حيث هونوع من أنواع الحيوان‪.‬‬

‫‪ 5‬فلا يكون موضوع المعرفة أحد الموجودات بعينه بل شروط المعرفة العلمية‬
‫ذاتها أيا كان الموضوع وأيا كان العلم وي هذه الحالة شروط الوجود الإنساني من حيث‬

‫هموعلوم ومن بينها وعيه بوجوده وتعامله معه تعاملا مترويا أو غير مترو بصورة عفوية‬
‫‪262‬‬
‫أحوتى لا واعية وغاية هذا الوعي الوعي العلمي الذي يبقى دائما دون الإحاطة بوجوده‬

‫‪ 7‬فلا يكون موضوع السرد أو القص موضوعيا بعينه بل شروط القص والسرد‬
‫ذاتها أيا كان الموضوع وأيا كان الفن القصصي‪ .‬و‪ 4‬هذه الحالة شروط التعبير عن‬

‫الوجود الإنساني من حيث هو مقصوص ومن بينها وعيه بقصه أو بحديثه عن حدوثه‬
‫لأن الحديث جزء لا يتجزأ من الحدوث بل هو الأغلب علة الحدوث إيجابا وسلبا كما‬
‫‪«:‬ألف ليلة وليلة» حيث يكون القص هوالحائل دون نهاية الحياة فتتواصل بتواصله!‪.‬‬

‫‪ 7‬معنى المعنى ليس مجازا ذ مقابل الحقيقة بل هو الشرط الضروري والكاك‬


‫التعبير اللساني ذي الدلالات الخاصة دائما إلى ضروب‬ ‫وىب‬
‫ر عل‬
‫ضطاب‬
‫لكي يتعالى الخ‬

‫التعبير الكوني ذايلدلالات العامة‪ .‬فإذا كان الإسلام ينفي أن يكون الوحي مقصورا على‬
‫الجوهر واحدة‪ :‬اللاحقة تذكير بالسابقة فمعنى‬ ‫ث‬
‫ي من‬
‫حالات‬
‫أمة دون أمة وكانت الرس‬
‫ذلك أن الفروق اللسانية بين الأمم ثانوية وأن مضمون الرسالات واحد‪ .‬فيكون الحاصل‬

‫أن المضمون الواحد يقال بعدة‪ .‬ألسن لأن لكل أمة رسولا بلسانها وتكون الأساليب اللسانية‬
‫المختلفة أمرا ثانويا ‏ فهم دلالات النصوص المقدسة‪ :‬فكيف نصل إلى هذه الدلالات‬
‫ييملاكن من‬
‫الذ‬ ‫الواحدة والتي ليس تاريخيا فيها إلا أساليب تبليغها؟ ذالكل هموشكل‬

‫دون حله أن يفهم كيف يمكن للقرآن أن يكون رسالة كونية رغم كونه بلسان أمة معينة‪.‬‬
‫العلاقة بين المعنى ومعنى المعنى لأن الأول‬ ‫كلل‬
‫ش بح‬
‫مويصة‬
‫ويمكن علاج هذه المسألة الع‬
‫من مجال الألسن المختلفة والثاني هاولوحيد الذي يتعالى على اختلاف الألسن‪.‬‬
‫ويقتضي ذلك ألا تكون العلاقة بينهما علاقة حقيقة ومجاز بل علاقة قانون بأحد‬

‫أعيان تحققه‪ :‬ولما كانت سنن الله لا تتبدل ولا تتحول فالكلام ليس على قوانين بالمعنى‬
‫الإنساني فتكون من وضع الإنسان وتاريخية حتما بل بالمعنى الإلهي وهي إذن قوانين‬
‫‪362‬‬
‫متعالية على التاريخ ولنقل عرضا إن ذلك كان من أهم اعتراضاتنا على القول بالإعجاز‬
‫العلمي لامتناع علم الغيب ولامتناع التاريخية على السنن‪ :‬قوانين الغيب لا تعلم وهي غير‬
‫تاريخية والقوانين الوضعية تاريخية‪ .‬وعلاج الوصل بين المعنى ومعنى المعنى أمر ضروري‬
‫لكلا يكون الثاني تحكميا كما يتصور القائتلون بنظرية المجاز وبالتأويل اللامشروع‪ .‬وهذا‬
‫العلاج ممكن بطريقتين‪:‬‬

‫أولاهما‪ :‬هي الترجمة من اللغة الطبيعية إلى اللغة الصناعية كما نفعل عندما‬

‫نصوغ مشكلا ‪ #2‬معادلة رياضية بالرموز الرياضية التي تتحرر من الخصوصيات‬


‫اللسانية‪ .‬وهذا أمر تشترك فيه كل العلوم ومن ثم فتجاوز الكلية العلمية للخصوصية‬
‫ماكن أن يجادل فيه أحد‪.‬و هذا هو الصوغ المثالي‪.‬‬
‫ير ل‬
‫اللغوية أم‬
‫والثانية‪ :‬أكثر تجريدا من هذه الطريقة وهي الصرغ الأمثولي الذي يترجم‬
‫اللساني الطبيعي واللساني الصناعي (العلمي نفسه) ‪ #‬مناظر مرسومة وأفعال درامية‬
‫للعالم الطبيعي الذي تدركه‬ ‫جسنا‬
‫ا جن‬
‫ل من‬
‫علاج‬
‫تصنع عالما أمثوليا يصبح معينا للع‬

‫بالحواس إلا من حيث معناه المشهود وليس من حيث معنى معناه‬ ‫ينهدلارك‬
‫حواسنا لك‬
‫اللامشهود‪ .‬ومن خاصيات الأسلوب القرآني الجمع بين الصوغين المبالي الذي هو أصل‬

‫العلم و الأمثولي الذي هأوصل العمل وكلا الأصلين يمثل جوهر الإبداع الرمزي‬
‫فتكون المعادلات الرياضية والأباديع ‪,‬الأدبية كلاهما قابل للترجمة إلى هذا‬
‫القرآن كما نبين ‏ بعض‬ ‫ص‬
‫ني ‪4‬‬
‫العالم الذي يبدعه الصوغ الفني أوعالم الإبداع الفن‬
‫الشروح الواردة © هذه المحاولة‪ .‬ذلك أنه من دون هاتين النقلتين لا يمكن أن نصدق‬

‫دعويي القرآن الكريم أعني الكونية والختم‪ .‬فمن دونهما يكون القرآن فاقدا لكوني المعنى‬
‫ومنحصرا ي دلالة المعنى الأول الذي هو خاص باللسان العربي (بل هو حتى ‪ #2‬اللسان‬
‫كن أن يكون إلا معنى متجاوزا لما يتصوره الناس الدلالة الحقيقية ف حين أنه‬ ‫م لا‬
‫يربي‬
‫الع‬
‫وز‬ ‫مقيقي‬
‫رى ح‬
‫للمعن‬‫لعنى‬
‫الاستعمال الغالب‪ #.‬التصور الغفل وليس المعنى الحقيقي إذ لا م‬
‫إذ هي جميعا تواضعية أوتوقيفية الدلالة) ‪ .‬فعندما يترجم القرآن إلى الاستدلال المنطقي‬

‫‪462‬‬
‫الرياضي(المثل) وإلى الأسلوب الروائي (الأمثال) ندرك لغته الكونية التي تتجاوز الفهم‬
‫«الشعر المطلق والإعجاز القرآني» دار الطليعة‬ ‫كنات باب‪:‬‬
‫العيني اللساني العربي كما بي‬

‫بيروت ‪1002‬م)‪ .‬وحتى يتضح المعنى أكثر يرجى من القارئ الرجوع إلى مقالنا حول‪:‬‬
‫«فلسفة ترجمة الفلسفة» الصادر ‪«:4‬إسلامية المعرفة» أو الصورة الأكمل من البحث‬
‫الفرقد‪ ,‬دمشق‪7002 .‬م‪.‬‬ ‫ر‬
‫اعن‬
‫دادر‬
‫لكتابنا‪«:‬صونا للفلسفة والدين» الص‬

‫فعندما أقول‪:‬للاليّحْمَنُ عَلَى الْعَرْش أسْنَوَى» [مه‪ ]5‬يكون المعنى جلوس الله‬
‫على العرشء لكن نص القرآن يقول ‪ :‬إنه استوى على العرش يدبر الأمر وذلك هو معنى‬
‫الألوهية المشرعة للمكلفين بخلاف الربوبية الخالقة للموجودات‪ .‬وهذا هو معنى المعنى‬

‫وهو ليس مجازا لأن الله يشرع حقا وإذا صح أن ‪ 2#‬الأمر مجازا فهو المعنى الأول الذي‬
‫شيء وتدبير الملوك‬ ‫له‬
‫ثليس‬
‫ممن‬
‫كير‬
‫طبق على القرآن تشبيها مقلوبا بين التدبيرين تدب‬
‫فعبر عنهما بما يرمز إليهما أعني الجلوس على الكرسي المشهود عند ملوك الأرض‪ .‬وبين‬
‫أن الجلوس على الكرسي لا يمكن أن يكون حقيقي الدلالة على التدبير حتى عند ملوك‬
‫الأرض‪ :‬لأن الملوك لا يدبرون بالجلؤس وإذن فلا علاقة حقيقية بين الجلوس والتدبير‪.‬‬
‫فلكأن النص أعطانا المعادلة التالية‪-1( :‬خلق اللّه العالم ‪ 2‬ستة أيام‪-2 +‬ثم استوى‬
‫على العرش يدبر الأمر) ‪-1(-‬اللّه يخلق العالم)‪-2 (+‬اللّه يحكم العالم)‪ .‬ومثلما أننا‬
‫لا نستطيع تعيين كيفية الخلق فلا يمكن أن نستطيع تعيين كيفية الحكم حتى وإن كنا‬
‫نضرب منه مثال الصانع للأول ومثال الملك للثاني‪ :‬فليس للإنسان طريقة أخرى للتعبير‬
‫لنه‬
‫ل ع‬
‫الام‬
‫يهقة عند الك‬
‫قكل‬
‫حذا‬
‫عن المعاني عدا قيسها بما يجربه بحسه من عالمه‪ .‬وه‬
‫وما نقوله عن الصانع والملك أمثلة تعين المعنى المجرد لكليل الإدراك‪ .‬ليس ‪ #2‬النص‬
‫اعتبار التعبير اللساني الخاص بأمة دون أمة ضرب‬ ‫ند‬
‫القرآني شيء من المجاز أوعهو‬
‫من التعبير المجازي الخاص بالعرب © تمثيلهم لحقيقة كونية فلا يكون مجازا بالإضافة‬
‫إلى الحقيقة المعبر عنها بل بالإضافة إلى المثال المضروب أداة للتعبير كما هي عادة‬

‫العرب فيه‪ .‬فيكون كل اللسان مجازا بهذا المعنى ولا معنى للمقابلة بين الحقيقة والمجاز‬

‫‪562‬‬
‫التعبير اللساني‪ .‬ولعل ضرب مثالين يساعد على فهم المقصود مع ما نبنيه عليهما من‬
‫حل لإشكالية الحدود الفقهية‪:‬‬

‫فأما المثال الأول‪ :‬فهو أن النسبة بين المعنى ومعنى المعنى هي عين النسبة بين‬
‫المثال والنظرية ‪ #2‬التعليم‪ :‬المثال هو المعنى ومعنى المعنى هو النظرية‪ .‬فالتلميذ البليد‬
‫يتصور النظرية مقصورة على المثال الذي ضربه الأستاذ فتصبح عرضيات المثال هي‬
‫الغاية لأن ما به يكون المثال ممثلا لم يدركه التلميذ‬ ‫المعاني المطلوبة وتنسى النظرية ‏‬
‫وإلالما انصب اهتمامه على عرضيات المثال‪.‬‬
‫وأما المثال الثاني‪ :‬فهو أن النسبة بين المعنى ومعنى المعنى هي عين النسبة بين‬
‫التمثيل التناظري ‪ #2‬الأشكال الرمزية كالعلاقة بين الخارطة الجغرافية والأرض مثلا‪.‬‬
‫فلو تصور الناظر ‪ 2#‬الخريطة أن الأرض هي الخريطة لكان من أغبي المخلوقات‪ .‬لكنه‬
‫إذا كان إنسانا يفهم فإنه سيطلب سلم الخارطة ومعجم الرموز المستعملة فيها كدلالة‬
‫الألوان والخطوط إلخ‪...‬قراءة الخارطة إدراك للمعنى وفهم ما ل الأرض معنى المعنى‪.‬‬

‫فيكون المعنى دائما من مجال الحواس عامة والعين خاصة ويكون معنى المعنى من‬
‫مجال العقل أو القلب أو النهى أو الحدس أيما يتجاوز التعبير العيني الذي هو نسبي إلى‬
‫الأنسن المختلفة تجاوزه إلى الكلي التعبيري الذي هو متحرر من النسبية اللسانية ومتشوف‬
‫إلى الكلية الرمزية التي هي معنى الآية القرآنية والتي هي عين العقل والفهم الإنساني‬
‫الكلي‪ .‬وبصورة عامة فالمجال الأول من مجال البصر ليس حصرا فيه بل كناية عن كل‬
‫الحواس والمجال الثاني من مجال البصيرة ليس حصرا فيها بل كناية عن كل الحوادس‬
‫المناظرة للحواس والممثلة لما وراءها المتجاوز للأعيان نحو المتعاليات المثالية و الأمثولة‬
‫التي هي واحدة ‏ كل الرسالات أعني الآيات أو السنن التي هي غير القوانين الوضعية‬
‫سواء كانت قوانين الحقوق التشريعية (الأمثال) أقووانين الحقائق العلمية(المثل)‪.‬‬

‫‪662‬‬
‫أ كما تعين كذلك أجناس الخطاب الأصلي منها والصناعي فتمهد لما ننوي‬
‫القيام بلهاحقا من إعادة النظر ‏ نظرية علم العلامات أو الوسميات‪ :‬فأجناسه الأصلية‬
‫لا تتعدى الخمسة التالية كما بينا ‏ الكثير من بحوثنا السابقة وهي الخطاب الأصلي‬
‫الذي يمكن القول إنه الفطرة أو المادة الخام أعني اللغة الرمزية العامة المشتركة بين‬

‫البشر والشارطة لكل الرموز الأخرى‪ .‬وهي خام كل خطاب عائد عليها ليكون منها ما‬
‫ديتها مع واحد والتي هي‬
‫عه‬‫بتي‬
‫نسميه بالخطاب الصناعي أعني الخطابات الفرعية ال‬

‫متنوعة بتنوع التجارب التاريخية بمعنى التاريخ الطبيعي لا التاريخ الثقلك‪ .‬وطبعا فهذه‬
‫الخطابات الصناعية تعود على الخام فتؤثر فيه وقد تفسده بحصره ‪ 4‬التجربة التي‬
‫صيغت صناعيا بأثر من الخطاب الصناعي‪ .‬فأما الخطابات الأصلية أو لغات التواصل‬
‫الأصلية غير اللسانية فهي‪-1 :‬خطاب الذوق (التجربة العاطفية المعيشة وهي مادة‬
‫الحوادس) ‪-2‬وخطاب سلطانه (أثر التجربة العاطفية المعيشة ‪ 4‬علاقة البشر بعضهم‬

‫بالبعض) ‪-3‬وخطاب الرزق (التجربة الغذاتية المعيشة وهي مادة الحواس) ‪-4‬وخطاب‬
‫سلطانه (أثر التجربة الغذائية المعيشة ‪ 4‬علاقة البشر بعضهم بالبعض) ‪-5‬وخطاب‬
‫السلطان المطلق أو الدين (معنى الخطابات السابقة ووعي الإنسان الغامض ومحاولات‬

‫الحلسية‬
‫ومعةمللتحدسع وا‬
‫فهمها من حيث ما يحدد معنى تقويمها لكيانه وهي مادة جا‬
‫عليهما لكونها هي عين الحضور الواعي بذاته كحضور لذاته ولغيره سواء كان الغير من‬
‫جنسه أو من غيره)‪ .‬وأما الفرعية فهي‪ -6 :‬فمن خطاب الذوق وخطاب سلطانه يأتي‬
‫النظر بمعنييه المادي والصوري أي التثقال للإنتاج الرمزي والتربوي لتنظيمه (غلا‬
‫معرفة نظرية من دون صلة ذوقية بالسؤال المعر‪.‬ذ من حيث هسوؤال معر) ‪ -7‬ومن‬
‫خطاب الرزق وسلطانه يأتي العمل بمعنييه المادي والصوري أي الاقتصادي للإنتاج‬

‫المادي والتعاون عليه والسياسي لتنظيمه (ولا عمل من دون صلة بالرزق مهما كانت غير‬
‫مباشرة) ‪ -8‬وتوظيف النظر من أجل حاجة العمل ببعديها المادي والصوري يعطينا‬
‫الفنون العميلة (التقنية) (الفنون التقنية هي نظر موظف عمليا) ‪ -9‬وتوظيف العمل‬

‫‪762‬‬
‫من أجل حاجة النظر ببعديها يعطينا الفنون الجميلة (الفن) (الفنون الجميلة عمل‬
‫موظف نظريا) ‪ -01‬ومن خطاب السلطان المطلق يأتي الخطاب الإيديولوجي (الخطاب‬
‫الإيديولوجي هو توظيف خطاب السلطان المطلق الذي هو ديني حتما لغايات ‪ 42‬خدمة‬
‫الخطابات الفرعية الأربعة المتقدمة على خطاب السلطان المطلق) ‪ .‬ويجمع بين الخطابات‬

‫الخمسة الأصلية والثلاثة الفرعية الخطاب الأسطوري (وهو كل صوغ بأدوات العصر‬
‫لخطاب السلطان المطلق) والخطاب التاريخي (هو كل صوغ يرد الممكن بمنظور الخطاب‬
‫الديني إلى الحاصل بمنظور الخطاب الإيديولوجي)‪ .‬فتكون الخطابات التي لا يخلو‬
‫منها عمران عشرة‪ .‬والخطاب الفلسفي الذي يمثل بداية جديدة للخطاب ‪ #‬العمران‬
‫البشري هو الوجه السلبي منها ومن الخطابين التاريخي والأسطوري خاصة (لكونه يرد‬
‫هذا) إذ هما يجمعان ما تقدم‬ ‫داتي‪4‬دنا‬
‫حاب‬
‫تخط‬
‫إليهما كل ما تقدم عليهما من ال‬

‫عليهما من الخطابات‪ .‬وهذا الموقف النقدي من الخطابات العشر دين نقدي حتى لو‬
‫اقتصر على هذا الوجه السلبي الذي يجعله ك‪ 4‬نسبة القفا من نفس العملة التي وجهها‬

‫الدين‪ :‬فكل ما فيه متناظر مع كل ما ل الدين والفرق هو وضع الدنيا بديلا من الآخرة‬
‫ووضع الإنسان بديلا من الرب ووضع ما يسميه الفعل التاريخي بديلا مما يسميه الوهم‬
‫الأسطوري‪ .‬ولعل الماركسية هي أفضل صورة من هذا المعنى‪ .‬تلك هي الخطابات الأحد‬

‫عشرالتي يمكن للعقل الإنساني تصورها مع قابلية وجود نسخ منحطة منها لاتتناهى‬
‫لأن الانحطاط ليس له قاع‪ .‬والعلم بهذه الأجناس وبطبيعة دورها دون أن تلغي القراءة‬
‫الماركسية للتاريخ الإنساني تجعلها إحدى العلاجات الممكنة للعلاقة بين التاريخي وما‬

‫اينلأنحسم ‪ #4‬مسألة هذه العلاقة مستحيل ومن ثم فكل زعم بأن‬


‫يتعالى عليه لكونها تب‬
‫دعاوى ليس عليها‬ ‫ويم‬
‫س ه‬
‫ح حيث‬
‫أحد الحلول يلغي الحسوم الأخرى التي هي كلها من‬
‫دليل كاف من تحكم ووهم‪.‬‬

‫‪862‬‬
‫‪ 7‬نسبة سورة النساء إلى تحديد العلاقة الجوهرية بين عامل الذوق والحاجات‬
‫النفسية وعامل الرزق والحاجات المادية‪ #.‬تنافسهما على تفسير تكوينية الوجود التاريخي‬
‫للبشرية هي نسبة صورة يوسف ‪ #4‬سورة يوسف من القرآن الكريم إلى تحديد مطالب‬
‫الوجود الإنساني الفردي والجماعي كلها أيرهكلانات التاريخ الإنساني مطالبه المحددة‬
‫لدينامية تاريخه نسبتها إلى صورته ‪ #2‬التوراة‪ .‬وقد اخترنا سورة يوسف لعلتين‪:‬الأولى‬
‫لأنها تتضمن بصورة محيطة كل الحدود التي أطلقنا عليها اسم الفواعل القيمية تضمنا‬
‫صريحا وواضحا والثانية لآن لنا منها ضربين مختلفين تمام الاختلاف من الرواية‪:‬‬
‫الرواية التوراتية (الإصحاح ‪ 73‬ثم من الإصحاح ‪ 93‬إلى الإصحاح ‪ )05‬والرواية‬
‫المتن‪.‬‬ ‫تااج إلى الكلام فيها أكثر مما سيرد‬
‫حى ل‬
‫نأول‬
‫القرآنية (سورة يوسف)‪ .‬والعلة ال‬
‫مطلوبنا ‪ #‬الهامش هو الجواب عن سؤال‪ :‬ما المهم ‪ #2‬المقابلة بين الروايتين القرآنية‬
‫والتوراتية؟ أمران أساسيان‪ :‬والأمرالأول هاولتعيين المفرط ‪ #2‬القص التوراتي كما يتبين‬
‫من أعلام الأشخاص والجماعات ما يجعل القصة وكأن المقصود منها معناها أي حكاية‬
‫أمر حصل ‪ #2‬التاريخ الفعلي وشبه انعدام التعيين ‪ #2‬القرآن ما يجعل المقصود منها ليس‬
‫الأمثولي للقيم التي‬ ‫ويةربلها‬
‫دعين‬
‫معناها بل معنى معناها أعني ليس حكاية أحداثها ال‬
‫يراد تحديدها لقيام العمران‪ .‬والأمر الثاني هوما آلت إليه القصة ‏ التوراة أعني نصح‬

‫رآن أعني تحقيق العدل وتحرير الناس من‬


‫ق ‪#2‬‬
‫لليه‬
‫السوء لاستعباد شعب مصر وما آلات إ‬
‫المجاعة‪ .‬صورة يوسف ‪ #2‬الحالة الأولى وضعتها رواية حرفتها أخلاق المستبدّلين‪ .‬وهي‬
‫والقصة‬ ‫ن‪.‬‬
‫وكيف‬
‫كفين‬
‫تستخل‬
‫‪ 4+‬الحالة الثانية برواية أصلحت صورته لتحدد أخلاق الم‬
‫الرواية الأولى أحداث تاريخية عديمة المعنى إلا من حيث الدلالة على فساد الناصح‬
‫والمنصوح ‪ #2‬الوجه المحرف من وظيفة النص الديني‪ .‬وهي ‪ 2‬الرواية الثانية أمثولة‬
‫كونية تحدد شروط العمران السوي‪ :‬إنها تؤدي كذ القرآن وظيفة الأمثولة التي بفهمها‬
‫نفهم كيف أن القرآن تصديق لما بين يديه وتفصيل لكل شيء كما ورد لذ الآية الأخيرة‬
‫من سورة يوسف‪ .‬وهي بصريح نص الآية الثالثة منها ما به يحقق القرآن الإخراج من‬
‫الغفلة لأنها من أحسن القصص‪ :‬ففيها حدد القرآن الكريم رهانات الحياة الجماعية‬

‫‪962‬‬
‫الخمسة (الذوق وعلاقته بالجمال والرزق وعلاقته بالمال والعلم وعلاقته بالسؤال والعمل‬
‫وعلاقته بالجلال والمطلق وعلاقته بالمتعال) وتغليب قانون التاريخ الخلقي على قانون‬
‫التاريخ الطبيعي (الرواية القرآنية محددة لمنطق المستخلفين) أو تغليب التاريخ الطبيعي‬
‫على التاريخ الخلقي (الرواية التوراتية محددة لموقف المستبدلين) ‪ .‬ولوكان القرآن يهدف‬
‫إلى حكاية أمر واقع لظن السطحيون أن القص التوراتي أقرب إلى الواقع لأن الواقع‬
‫عندهم هو الإخلاد إلى الأرض‪ .‬لكن القرآن يضرب الأمثال ليحدد ما ينبغي أن يكون‬
‫لذلك فهو الأصدق والأقرب إلى الواقع السوي غير المحرف‪ :‬فكيف يكون يوسف نبيا ثم‬
‫ينسب إليه دور ناصح السوء الذي يجعل فرعون يستعبد شعب مصر بعد أكنانوا أحرارا‬
‫وأصحاب أرض فجعلهم أقنانا وعبيدا للفرعون؟ لذلك فليس معنى صورة يوسف القرآنية‬
‫أن الموقف القرآني موقف ساذج يجهل الواقع التاريخي فيجمله بمثالية غافلة‪ :‬بل هو‬
‫يشير من البداية إلى أن الغفلة هي عدم الانتباه إلى سذاجة الموقض المتخابث الذي لم‬
‫يفهم بعد أن الحيلة هي ‪ 4‬ترك الحيلة‪.‬‬

‫ومن دون هذا السلطان المطلق لا يمكن للإنسان أن يتحرر من أي سلطان‬


‫الإغراء الذوقي فيمتنع عليه العلم والأمانة ومن سلطان الإغراء‬ ‫ان‬
‫ط من‬
‫لخاصة‬
‫سي و‬
‫نسب‬
‫الرزقي فيمتنع الحلم والعدل‪ .‬وهما أصل كل أدواء العمران الإنساني عند عدم وجود‬
‫برهان الرب الضامن للشروط التي حددتها السورة ‪ 4‬سياسة الشأن الإنساني بمقتضى‬
‫آتية هذا السلطان المطلق‬
‫ل سم‬
‫الك‬
‫الثاني والثالث‪ .‬لذ‬ ‫أغين‬
‫زرى ي‬
‫ج سن‬
‫لكما‬
‫ارآن‬
‫قيم الق‬
‫ببرهان الرب‪.‬‬

‫©* رغم أنالنظر مصدره الذوق فإنه ممتنع من دون السيطرة على سلطانه‬
‫السيطرة التي تجعل النظر ممكنا لأن النظر يحتاج إلى رهافة الحس الذوقية مع‬
‫السلطان على الاندفاع الانفعالي المصاحب للذوق‪ :‬الأمانة النظرية مشروطة بقوة الذوق‬
‫وبقوة السلطان عليه‪.‬‬

‫‪002‬‬
‫‪ 7‬رغم أن العمل بمعنى العمل السياسي والخلقي دافعه طلب الرزق فإنه ممتنع‬
‫السيطرة التي تجعل العمل ممكنا لأن العمل يحتاج إلى‬ ‫اىنه‬
‫طعل‬
‫لرة‬
‫سسيط‬
‫من دون ال‬
‫القدرة المادية مع السلطان على ما يصاحبها من إرادة التسلط على الآخرين‪ .‬العدل‬
‫العملي مشروط بالقدرة المادية وبقوة السلطان عليها‪.‬‬

‫* ويمكن أن نشير إلى أمر قد لا يصدقه أحد ممن لا ينظر ‪ #4‬الأمور ببصيرة‬
‫يهديها الفهم العميق للقرآن الكريم‪ :‬فجميع النظريات التي تريد تفسير التاريخ الإنساني‬
‫بالاختزال لا تخرج عن انتخاب أحد هذه الأغراض واعتباره الأصل ليرد إليها الأغراض‬

‫الأخرى‪ .‬فمن يرد الأمر إلى النسيج الحيوي النفسي يأخد الغرض الأول (الإنسان محكوم‬
‫بالانفعالات وأهمها الفرائز والجنس مثل نيتشة وفرويد)‪ .‬ومن يرد الأمر إلى الاجتماعي‬
‫يأخن الغرض الثاني (الإنسان محكوم بالاقتصاد مثل ماركس)‪ .‬ومن يرد الأمر إلى‬
‫العقل والمعرفة يأخن الغرض الرابع (الإنسان محكوم بتصوراته وأفكاره مثل أغلاطون‬
‫يرد الأمر إلى الإرادة والتغالب بين البشر يأخذ الغرض الخامس (الإنسان‬ ‫ن‬
‫م‪.‬‬‫وجل)‬
‫وهي‬
‫محكوم بالصراع على السلطة والقوة مثل سبينوزا وهوبس)‪ .‬وأخيرا فمن يرجع الأمر كله‬
‫إلى قوة خفية من الغيب يرد الأمر كله إلى الغرض الأوسط أو الدين سواء كان منزلا أو‬
‫التاريخ هي بدورها عائدة إلى‬ ‫س ‪#‬فة‬
‫ليات‬
‫فنظر‬
‫طبيعيا (مثل كل الأديان)‪ .‬فتكون كل ال‬
‫مضمون هذه السورة العجيبة‪ .‬ولا توجد أإيمكانية أخرى عدا التواليف الممكذة عقلا بين‬
‫أن تكون فرادى أو‬ ‫كين‬
‫م فه‬
‫يعا‪.‬‬
‫هي استثناؤها جمي‬ ‫دة‬
‫ح طرح‬
‫ا مع‬
‫ومسة‬
‫هذه الأبعاد الخ‬

‫مثنى أو ثلاثى أورباعى أو خماسى‪ .‬ولا شيء غير ذلك‪ .‬ونحن نختار الحل الأخير‪ :‬ذهي‬
‫التي يقول بها‬ ‫ننة‬
‫س عي‬
‫لكونه‬
‫ال ل‬
‫خمستها تعمل معا بالنظام الذي نصفه ‪ #‬هذا العم‬
‫السورة‪.‬‬ ‫القرآن الكريم قولا صريحا كما هو مضمون‬

‫‪1‬خ‪2/‬‬
‫‪ 3‬وهنا لا بد من حسم أمرقد يطول فيه التردد رغم ضرورته لتحليل استراتيجية‬
‫القرآن‪ :‬هل صار يوسف ذا سلطان على الرزق (لما أصبح وزير الاقتصاد ‪ #‬دولة فرعون)‬
‫لأنه كان ذا سلطان على الذوق (لما لم يخضع لإغراء زوجة العزيز) بسبب سلطان المتعالي‬
‫ثر فيه لولم يكن له قدرة على النظر (العلم والتأويل)‬
‫ياؤكان‬
‫لي م‬
‫عليه (برهان ربه) الذ‬
‫والعمل (التدبير الذي جعل الفرعون يسلم له أمر الدولة)؟ هذا السؤال يمكن أن يكون‬
‫منطلقا لحل القضية الشائكة التالية‪ :‬ما دور النظر ( ‪-‬كل العلوم) والعمل بمعنى التدبير‬
‫الإجراءات التي تنتظم بها شؤون‬ ‫العملي أو المعنى الفلسفي العميق للسياسة (كل‬

‫العمران وحياة الناس) ‪ #2‬كل المعادلات التي نستخرجها من الاستراتيجية القرآنية‬


‫والسياسة المحمدية؟ هذا ما يمكن أن نعتبره ضمير قضية القيم التي لم نرس فيها بعد‬
‫على حل نهائي بسبب تداخل المستويات‪ :‬هل هي مضاعفة فتكون ‏ مستوى قيام العمران‬
‫هي ما ذكرنا هنا أعني الذوق والرزق وسلطان الذوق وسلطان الرزق والسلطان المطلق‬
‫يكر‬
‫غرنا‬
‫من حيث هو كيان ذو قيام مستقل عن تصوراتنا له ومعرفتنا به وتكون ما ذك‬
‫موضع آخر أعني الذوق والرزق والنظر بمعنى كل العلوم والعمل بمعنى التدبير الخلقي‬
‫والسياسي والوجودي بحيث يختلف مدلول الثلاث الأخيرة منها فلا يتحد معناها ذخ‬
‫المستويين وتبقى الأوليان مشتركتين؟ والجواب بالإيجاب طبعا مع إضافة أساسية وهي أن‬
‫الذوق والرزق هما أيضا مختلفان ‪ #2‬المستوى الثاني‪ :‬وذلك سببه المقابلة بين النظر إليه‬
‫من منطلق النظر إلى هذه المقومات ‪ 4‬مستوى مقومات الجماعة وتوحيدها أو مستوى‬
‫مقومات الشخص وتوحيده‪ .‬فالرزق والذوق ‪ #‬المستوى الثاني غيرهما ‪ #4‬المستوى الأول‬
‫لأن سلطانهما غير السلطان عليهما‪ .‬وما هما من حيث هما سعي الإنسان إلى السلطان‬

‫عليهما هسولطانهما عليه والسلطان عليهما هو النظر والعمل رغم أن النظر والعمل هما‬
‫لنيل غرضهما‪ .‬لكن ذلك كله سنبينه إن شاء الله الكتب‬ ‫ه‪4‬ما‬
‫يرزق‬
‫سوقعوال‬
‫أداتا الذ‬
‫المقبلة عندما ننظر كيف توحد السياسة الأمة والإنسانية بالاستناد إلى الاستراتيجية‬
‫القرآنية وكيف يتوحد الشخص والزوج إلخ‪..‬من الموضوعات التي تشملها الاستراتيجية‬

‫‪272‬‬
‫‪ .‬القرآنية‪ .‬لكن ذلك لإ يعني أن النظر والعمل فعلان مشتقان بل هما فعلان أصليان مثلهما‬
‫مثل الرزق والذوق أي إن الإنسان يرتزق (يغتذي أساسا) ويذوق (يدرك اللذة والألم‬
‫الفعليين أاولرمزيين) وينظر (أي يعلم) ويعمل (أي يدبر تدبيرا فعليا) وهو كيان مدرك‬
‫صلهلته بمصدر مدده الذي يمكن أن يقضره على المصدر المباشر أو الطبيعة‬
‫لك‬‫ولك‬
‫لذ‬

‫أيوذهب به إلى ما ذهب إليه إبراهيم ‪-‬عليه السلام‪ -‬لما تكلم ‪ #2‬الأفول‪ :‬وتلك هي علة '‬
‫الإبراهيمية الإسلامية‪.‬‬

‫رغم‬ ‫ين‬
‫فين‬
‫ص هذ‬
‫لعلى‬
‫اصر‬
‫المتوالية لا يقت‬ ‫حيخظ‪#‬اته‬
‫لتار‬
‫** ومجرى ال‬
‫ما لغيرهما من دور فيه‬ ‫ثمانلايان‬
‫تنه‬
‫س لك‬
‫يبرز‬
‫أنهما ‪ 4‬الحقيقة هما شاغلا ركحه الأ‬
‫لذلك فما يجري فعلا وراء ستائر الركح أكثر تعقيدا لأنه‬ ‫معا‪.‬‬
‫هم‬‫ريفه‬
‫وضا‬
‫دم ت‬
‫رغ‬
‫أن يكون على النحو التالي‪ :‬فكلا‬ ‫قة‪.‬روب‬
‫يسيط‬
‫يلزم جميع من يوجد على سطح الب‬
‫الصفين له مؤيدون ومعارضون متدرج التزامهما بمقتضى الحاجة إليه أوإلى خصمه‬
‫أبومقتضى الخوف منه أومن الصف المقابل‪ .‬وإذن فمع الصفين الأبرزين يوجد صفان‬
‫غير محددين بدقة يمكن اعتبارهما مقومي الجماعة الصامتة ‪ 4‬كل المعمورة المندرجة‬
‫‪ 4.‬التاريخ الكوني‪ .‬ويوجد صف خامس يسعى بصمت إلى دور تاريخي ‪#‬ي المستقبل وهو‬
‫صف المتربصين بالجميع لأنه يبدو خارج اللعبة أو بعيدا عن أضواء الركح‪ .‬ولا وجود‬
‫لصف محايد بإطلاق إلا من كان على هامشه وهم قلة‪ .‬ومعنى ذلك أن الجميع ملتزم‬
‫المعركة التاريخية وإن بدرجات مختلفة‪ .‬ولو طبقنا هذه البنية على الوضعية الراهنة‬
‫لوجدنا أن الصفين هما العرب والمسلمون من جهة والإسراتيليون والأمريكان من جهة‬
‫ثانية‪ .‬وأن صفي التأييد المتدرج للعرب والمسلمين هما الصين وروسيا ليس حبا فيهم‬
‫بل للمصالح المباشرة ولمطاولة الصف الثاني والصف المؤيد للإسرائيليين والأمريكان‬
‫هما الهند وأوروبا بالتعليل نفسه والصف المتربص هو الصف الذي يبدو خارج اللعبة‬
‫أعني اليابان والبرازيل وباقي البشر الذين لم يرد ذكرهم ‪ #2‬التصنيف‪ .‬والملاحظ‬
‫أن كل صف مضاعف لأن الزوجية كما أسلفنا مبدأ وجودي بصريح النص القرآني‬
‫‪3/2‬‬
‫لا يستثنى منه شيء‪ .‬لكن الصف المتربص غالبا ما يبقى ‪ #‬ذلك الوضع لأن الصف‬
‫الثاني من اللعبة أعني صف المؤيدين هو الأقرب للدور الموالي لشغل الركح إذا هدم‬
‫شاغلاه نفسيهما بالذهاب بالمعركة إلى غايتها‪ .‬لذلك فإني أرى أن على العرب والمسلمين‬
‫والإسرائيليين والأمريكان أن يبحثوا عن أرضية مشتركة حتى لا يمكنوا الأقطاب الأربعة‬
‫من أن يجعلوهم المستبدلين ويكونوا هم المستخلفين‪ :‬أي الهند وأوروبا من جهة والصين‬
‫وروسيا من جهة ثانية‪ .‬فخطر هؤلاء الأقطاب المحيطين بالعالم الإسلامي أكبر بكثير من‬
‫خطر إسرائيل وأمريكا‪ .‬وهذا ما لا يفهمه جل المفكرين العرب عند كلامي عن ضرورة‬
‫البلوغ بالصدام مع أمريكا وإسرائيل إلى درجة التحالف الندي للمصلحة المشتركة ب‬
‫عالم الأقطاب المتعددة الموالي للحظة الراهنة‪ :‬عندما نبين لأمريكا وإسرائيل بالأفعال‬
‫لا بالأقوال أنه يستحيل تركيع العرب والمسلمين سيضطران للتحالف معنا فيقاسماننا‬
‫الركح للا يخرجانا ويخرجا معنا ويبقى الركح لغيرنا هم ونحن من العماليق الأربعة‬
‫المحيطين بالعالم الإسلامي‪ .‬فتكون النتيجة توحيد العالم العربي قلبا للعالم الإسلامي‬
‫تحالف صريح مع الولايات المتحدة من أجل توازن عالمي لا يسيطر عليه الأقطاب‬
‫الأربعة المحيطة بالعالم الإسلامي‪ :‬أوروبا المتحدة وروسيا المتحدة والصين والهند وكلها‬
‫لها مطامع واضحة ‪ #4‬العالم الإسلامي وحاجتها إلى ما فيه أكبر من حاجة الولايات‬
‫المتحدة فضلا عن قربها المكاني وحجمها السكاني مع شبه خلاء العالم الإسلامي لعدم‬
‫التناسب بين مساحته وعدد سكانه وعدم قدرته الحالية على حماية نفسه منهم عندما‬
‫تحين فرصة التنافس عليه بينهم وبين الولايات المتحدة المستفردة به حاليا‪-‬كل ذلك من‬
‫التاريخ المنظور إذا لم نتحوط هذا التحوط‪.‬‬

‫”* ومثلما أن حدود كل عنصر من هذه العناصر تتعدد سلاطينه أي قدرته على‬
‫التأثير ب البشر وعلى تحوله إلى أداة تأثير يستعملها البشر‪ .‬تعاملاتهم فيما بينهم تتعدد‬
‫التعدد نفسه‪ .‬وقد لا يصدق الناس أن يكون لسلطان الرزق هو أيضا سلطان بخمسة أوجه‬
‫فيبلغ‬ ‫وه‪.‬‬
‫جمن‬
‫ودة‬
‫اهلالع‬
‫والأمرنفسه لسلطان الذوق‪ .‬وحتى السلطان المطلق فله أيضا هذ‬
‫‪472‬‬
‫السلطان ‪ 4‬العمران إلى حد جنوني من التشابك‪ .‬وإليه ترد كل الرهانات والصراعات‬
‫البشرية‪ .‬ولكل وجه من وجوه كل عنصر سلطان على الإنسان وبه ألولإنسان عليه وبه إلى‬
‫غير غاية‪ .‬وبصورة عامة فالعمران يتحول إلى شبه شبكة ذات دينامية مماثلة للمجال ‪.‬‬
‫المغناطيسي ذي خطوط القوة السلطانية للرزق والذوق وسلطانهما والسلطان عليهما‬
‫وبهما والسلطان المطلق كما هو شبكة رزقية وذوقية بنفس الأبعاد و التشابك‪ .‬وكل ذلك‬
‫عوالم متراكبة ومتفاعلة حتى إن الإمساك بها والتحكم فيها بالنظر فضلا عن العمل يبدو‬
‫حيل‪ .‬ويمكن أن نتصور علم هندسة يحدد قوانين الفضاء الذي تتعين فيه‬
‫تيه‬
‫سش‬‫مرا‬
‫أم‬
‫هذه الشبكة وهوما يمكن أن نحدد مبادته ‪ 2‬الكتب اللاحقة إن شاء اللّه‪ :‬وهي قوانين‬

‫لا يكفي لفهمها قوانين علوم الطبيعة وعلوم الإنسان وعلوم أدواتهما المنهجية بل لا‬
‫تحكم هذا النوع الجديد من الحيز الذي تجري فيه أحداث‬ ‫دا‬
‫يثر‬
‫قن أك‬
‫عاني‬
‫ت قو‬
‫بد من‬
‫لي‪ .‬وقد يتصور البعض أن‬ ‫فيععلى‬‫لراض‬
‫اافت‬
‫الحياة الإنسانية وأحاديثها حيث يغلب ال‬
‫كون التعقيد يعمل بقانون التخميس يجعله بسيطا وينسون أن لغة البايولوجيا تعمل بأربعة‬
‫تكتفي‬ ‫ح ‪4‬ساب‬
‫لنية‬
‫اثني‬
‫يدها ليس له غاية فضلا عن أن القاعدة الا‬
‫قكن‬
‫حتروعف ل‬

‫بشكلين لترمز إلى أي مقدار نريد‪ .‬وكلاهما ‪ 4‬الحقيقة يعمل بالتخميس لأن الأربعة تتحد‬
‫تشكيلات فتكون التشكيلات غيرها وهو الوجه الخامس والاثنين لا تعمل إلا بإضافة‬
‫الترتيب والتكرار مع وحدة الشكلين والترتيب والتكرار‪ .‬واستراتيجية العمران الذي هو‬
‫من درجة أسمى من البايولوجيا ومن الحساب تعمل صراحة بلغة ذات خمسة حروف هي‬
‫وجوه التعقيد المتكرر إلى غير غاية‪ .‬ولورمزنا إلى هذه العوامل بحروفها الأولى لكان لنا‬
‫هذه الرموز‪-1:‬ذ‪ .‬رمزا للذوق ‪-2‬ر‪ .‬رمزا للرزق ‪-3‬سذ‪ .‬رمزا لسلطان الذوق ‪-4‬سر‪.‬‬

‫رمزا لسلطان الرزق ‪-5‬سم‪ .‬رمزا للسلطان المطلق‪ .‬فنتمكن من كتابة معادلات رمزية‬
‫ما هو إلى كونه‬ ‫نه‬
‫و من‬
‫كقاله‬
‫يمكن أن نضيف إليها أحد هذه المؤشرات الدالة على انت‬

‫خالص ليس فيه من‬ ‫اون‬


‫طيث ه‬
‫لن ح‬
‫سله م‬
‫سلطانا‪-1 :‬له ‪-2‬به ‪-3‬عليه ‪-4‬بغيره ‪-5‬ك‬
‫الذوق أو من الرزق أو من سلطان الرزق أو سلطان الذوق أومن السلطان المطلق شيء‪.‬‬
‫اغوت أيعبادة ما سوى اللّه‪.‬‬
‫للصط هو‬
‫اخا‬
‫وهذا السلطان ال‬
‫‪5172‬‬
‫”‪ 5‬ويعد هذا الوجه من أهم أغراض الوصف القرآني للجنة من حيث هو أثر‬
‫ولثل هذا الوصف‬ ‫دلهس‪.‬‬
‫قه ال‬
‫أ وج‬
‫لإلى‬
‫انظر‬
‫المصاحبات ال مادية للنعيم الروحي ممثلا بال‬
‫الإنسان‬ ‫ة‬‫دمن‬
‫اقر‬
‫مي يح‬
‫فائدتان‪ .1 :‬أولاهما تخليص الإنسانية من المرض الإبليسي الذ‬
‫أو التراب ومنه أتت خرافة الخطيئة الموروثة وضدها أو الإباحية أو خرافة فتوة إبليس‬
‫الإسلامية‪ :‬فبخلاف‬ ‫ا ‪#4‬دات‬
‫بسد‬
‫عالج‬
‫لة ب‬
‫اناي‬
‫الصوفية ‪2‬و‪.‬الثانية هي فهم دلالة دور الع‬
‫مات الاعبلادإةسذلام‪605 :‬‬
‫قنةومن‬
‫ملزي‬
‫الأديان التي تحتقر الجسد تمد النظافة وا‬
‫بتي أآدَمَ حُدُوأ زيتدكمْ عند كل مَسْجِدٍ وكلوأ وَاشْرَيُوا ولا سفوا إن لا يُحبُ‬
‫مُسْرفينَ» ‏‪[١‬الأعراف‪.]13‬‬

‫أظن ‪-‬والله أعلم‪ -‬أنكل الكلام التأثيمي لسلوك المسلمين ‏ رمضان دليل‬
‫عند‬ ‫ان‬
‫ض ‪#4‬‬
‫محصل‬
‫ري‬‫على أن فقهاءنا غفلوا عن المعنى المقصود من هذا الشهر‪ .‬فما‬
‫المسلمين هاولمقصود وليس عكسه‪ :‬الله يريد للحياة العضوية أن ترتفع من الذوق المادي‬
‫فنا‬ ‫ضان‬
‫م‪4‬‬‫إلى الذوق الرمزي حتى يتروحن المادي من حياة البشر‪ .‬فالغذاء يرصبح‬
‫راقيا بعد أن يكون قد صار مجرد عادة فيأكل الناس كما تأكل الأنعام ‪ #‬الأشهر الأخرى‪.‬‬

‫ينتقل الإنسان من أكل يسد الحاجة لا غير إلى أكل يغلب عليه الفن الحقيقي والتآنس‬
‫لأنه يجمع الأسرة ويحيي الحواس كلها لتشكر الله على نعمائه وخاصة حاسة الشم التي‬
‫هي أقرب الحواس للروائح الطيبة التي كانت ثالث ثلاثة ‪ #‬ما يحبه الرسول‪ .‬رمضان‬
‫يجعل الأكل عبادة وذلك هاولمقصود ولا شيء سواه إلا إذا كان ما يتحقق بصورة شبه‬
‫إجماعية منافيا لما قصده الله فيكون الله قد قصد ما لا يحصل ويكون الحاصل غير ما‬
‫الله يحصل ولا يحصل إلا ما قصده اللّه‬ ‫داه‬
‫صل م‬
‫قأن ك‬
‫قصده اللّه‪ .‬لكن مبدأنا هو‬
‫خيرا أو شرا عندما يكون الحصول مجمعا عليه وليس فعل بعض الشواذ‪ .‬وليس ذلك‬
‫يعني أن الإنسان ليس حرا بل بالعكس لأن الله الذي وضع هذه السنن أعطى للإنسان‬
‫أن‬ ‫غي‬
‫ب ما‬
‫نعكس‬
‫يار‬
‫القدرة على المعرفة ومن ثم القدرة على الاختيار على علم‪ .‬فإذا اخت‬

‫‪62‬‬
‫يختار فالله هاولذي شاء ذلك وهو مسؤول لأنه لم يبذل الجهد ليكسب الهداية فلا يفعل‬
‫إلا ما يقتضيه تكريم الله له إذ هداه النجدين‪ .‬لذلك فلا يمكن للجماعة أن تجمع على‬
‫ده الله إلا إذا كان الله قد أراد ذلك حتى تتحقق غايات أسمى كما ‪ 4‬عملية‬
‫قيرصما‬
‫غ‬
‫‪0‬‬
‫الاستبدال والاستخلاف‪ :‬وهو معنى مبدأ؛ «ل إن ا له ل يَُيرَمَا َو حَتّى يخي‬
‫‪8‬‬
‫‪-‬‬

‫موِنال ‪4‬‬ ‫ما بأَنْفُسِهِم وَإذَا أَرَادَ الله بِقَوْم سُوءاً قلا مَرَدِ لَهُ وَمَا لهم مّن دُونِهِ‬
‫[الرعد‪.]11‬‬

‫” لا بد من التنبيه إلى أمر مهم‪ :‬فقد يظن البعض أن كلامنا على صفين‬
‫مستخلف ومستبدل قولا بالصراع والمنطق الجدلي‪ .‬وهذا من أوهام من حاول أن يتكلم‬
‫كالم عن التدافع بين‬
‫تم ل‬
‫يكري‬
‫التدافع على أنه من جنس الجدل‪ .‬ذلك أن القرآن ال‬
‫الناس بعضهم ببعض‪ .‬لكن الأهم من ذلك كله هو أن العلاقة ليست‬ ‫علىه‬
‫فل ع‬
‫داس ب‬
‫الن‬
‫بل علاقة كلا الصفين بالسلطان المطلق ‪ #4‬علاجه للمسائل‬ ‫ارعين‬
‫صين‬
‫منتصف‬
‫بي‬
‫الخمس‪ .‬أي الذوق والرزق والسلطان على الذوق والسلطان على الرزق والسلطان المطلق‪.‬‬
‫فلما يزول برهان الرب يسيطر الذوق والرزق فيزول العلم والحلم وينكص الإنسان إلى‬
‫منطق التاريخ الطبيعي متخليا عن منطق التاريخ الخلقي‪ .‬وقد سمى الله ذلك بالرد إلى‬
‫أسفل سافلين أبوالخسر‪ .‬أما تدخل الدفع البإلاهيلفهتوحديد تدخل برهان الرب لغيابه‬
‫المعادلة ويكون يتوسط الأمة المستخلفة التي تحمل رسالة هذا البرهان‪ .‬ليس الصراع‬
‫هو المحرك بل المحرك هو حضور العلاقة بالرب ‏ مستويات المقومات الخمسة أوعدم‬
‫حضورها عند صفين متعاصرين فتكون المسألة بين خمسة حدود‪ :‬الله والصفين والرزق‬
‫والذوق اللذين يفسد سلطانهما بعدم السلطان عليهما لغياب برهان الرب‪.‬‬

‫‪ 5‬كنا‪ .‬القرآن الكريم على بني إسرائيل أفضل الأدلة على أمرين لم تصل‬
‫وى هه ‏‪ ٠‬‏يلقعل‪٠‬ومستوى سموهما الخلقي إلى الآن‪ .1 :‬فمحمد صلى‬ ‫سيةتإلى‬
‫منسان‬
‫الإ‬
‫الله عليه و سلم الذي تلقى '!شرآن لو لم يكن أمينا لحرفه ولشوه تاريخ بني إسرائيل‬
‫‪772‬‬
‫بصورة مطلقة بل لما اعترف بأنبيائهم إلى حد جعل الإيمان بهم جزءا من العقيدة‬
‫نههم بعد خيانتهم للمسلمين ‪ 4‬حرب‬ ‫بةيبين‬
‫وطيع‬
‫الإسلامية خاصة بعد حصول الق‬
‫الأخرى لنفى حرية المعتقد‬ ‫دليان‬
‫احرلفاأمث‬
‫الأحزاب عليهم‪2 .‬و‪.‬القرآن لو كان دينا م‬
‫مثلها لمجرد اعتباره ذاته الحق المطلق‪ .‬لكنه جمع جمعا فريدا بين القول بأنه الحق المطلق‬
‫والتسليم للآخرين بحق عدم التسليم بذلك كما هو بين من الحوار مع نصارى نجران‪.‬‬
‫وهذا لعمري مطلق السمو الخلقي‪ .‬وهو الذكاء السياسي أيضا‪ :‬ذلك أن الله نبه رسوله‬
‫أولا أنه لو أراد وحدة العقاتد لحقق ذلك بذاته ولاستغنى عن الرسل ونبهه كذلك إلى‬
‫ألا يقع‬ ‫بغي‬
‫نذلك‬
‫ي ول‬
‫فاس‬
‫أن المعتقدات هي ‪ #2‬الوقت نفسه أهم أسباب الخلاف بين الن‬
‫فيها الإكراه حتى تستتب السلم ‪ #4‬الجماعة الواحدة وبين الجماعات ‪ #4‬المعمورة فيصبح‬
‫‪ 4‬الخيرات (المائدة ‪.)84‬‬ ‫بق‬
‫ا و‬
‫سناف‬
‫تدر ت‬
‫الخلاف العقدي مص‬

‫*” ولنؤكد مرة أخرى أن هذه المسألة جوهرية‪ .‬فقد حاولت علاجها خ مقال صدر‬
‫لي ‪:#‬مجلة إسلامية «المعرفة» عدد‪ )14(:‬بعنوان‪«:‬فلسفة الترجمة الفلسفية»‪ .‬لكن‬

‫القضية الأهم التي تعنينا هنا ليست قضية شروط التواصل والتبليغ بل قضية أخرى أبعد‬
‫غورا‪ :‬إنها قضية أثارها الشاطبي ‪«:4‬الموافقات» عند كلامه على لغة القرآن وعلاقتها‬
‫بفهم التشريع‪ .‬وموقفه مفهوم لأن هذه العلاقة كانت ولا تزال تحدد بصورة مضمونية‬

‫المضمون‬ ‫ينن‬
‫عر م‬
‫تتحر‬
‫ال‬ ‫أ بلة‬
‫ملوغسإليه‬
‫حتى وإن بلغ الشاطبي أقصى ما يمكن الب‬
‫العلاقة من منظور آخر لفهمنا الآن كيف يمكن‬ ‫ذنا‬
‫أنخلو‬
‫أعني نظرية المقاصد‪ .‬لك‬

‫للقرآن أن يكون مصدر تشريع كوني (لجميع البشر وراء الاختلاف الثقاي والحضاري)‬
‫ولكل العصور (فوق الزمان والمكان)‪ .‬فالثوابت البنيوية التي نكتشفها ‪ 4‬هذه المحاولة‬
‫لا تعنى بالمضمون لا من قريب ولا من بعيد‪ :‬القرآن لا يشرع بمضمون ما ورد فيه من‬
‫أمثله والسنة لا تستمد النموذجية التطبيقية من أعيان التطبيقات بل من المحددات‬

‫البنيوية للنظرية الشرعية ولتطبيقاتها‪ .‬ولما كانت هذه البنى متعالية على أسلوب التعبير‬
‫اللساني بفضل التعبير الروائي (الأمثال) وعلى أسلوب التعين التاريخي بفضل الصوغ‬
‫‪872‬‬
‫العلمي(المثل) باتت العلاقة بالتشريع علاقة بما يجعله تشريعا ذا صلة بالقيم التي‬
‫يحددها القرآن وتطبيق تراه الأمة مماشيا لأخلاق القرآن إذ هي السلطة الوحيدة التي‬
‫لها الإجماع المعصوم‪ :‬وطبعا فهي تفعل ذلك بمن تنتخبهم للتشريع باسمها وتراقبهم‬
‫ليبقى التشريع باسمها وهذه المراقبة هي الوجه السياسي من الأمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ .‬بهذه الصورة عمل الخلفاء الأوائل فَسّمُوا لذلك خلفاء راشدين‪ :‬رشدهم يعني‬
‫أنهم سنوا بما يجمع الأمة فقلدوا فعل السن ولم يكتفوا بتقليد أعيان السنن الحاصلة‪.‬‬

‫يقتضي آلية‬ ‫فكان عمر يحمد الله لأن الأمة فيها من يحول دون الحكام والجور‪ .‬وهذا‬
‫بآلية التنظيم الحزبي بذ إطار‬ ‫حلىكم‬
‫لل ع‬
‫اداو‬
‫الت‬ ‫ظيم‬
‫تضلن من‬
‫لتحقيق ذلك وليس أف‬
‫الاجتهاد المتعدد لتحقيق قيم القرآن ‪ #‬التاريخ الفعلي‪ :‬وكل هذه الأحزاب تكون ممثلة‬
‫للااجتهادات الإسلامية ومن ثم فلا يمكن لأي منها أن يحتكر اسم الحزب الإسلامي‬

‫فضلا عن اسم حزب الله الذي هو صفة لكل المؤمنين ‪ 42‬كل مراحل التاريخ البشري‬
‫وليس خاصا حتى با مسلمين فضلا عن أن يكون خاصا بأحد أحزابهم‪.‬‬

‫ينبغي أن تفهم (إِتَعْقَلونَ© بمعناها القرآني وليس بمعنى ما يقابل النقل‬


‫الخصومة التي تكلمنا فيها‪ .‬فالقصد تفهمون الرهان فتكونون أهلا بقدراتكم العقلية‬
‫والخلقية للقيام بالمهمة التي كلفتم بها من حيث كونكم أهل ذلك اللسان‪ :‬الآمة البذرة‬
‫هي إذن الأمة العربية وكل من تعرب فأصبح يتلقى الرسالة بمستويي التعبير‪ .‬أما كل‬
‫المسلمين الآخرين فيدخلون ‪ #2‬الخطاب الكلي الذي يحتاج للمستوى الثاني من اللسان إلا‬
‫من تعرب منهم فصار الخطاب يصل إليه باللسان العربي أي بالمستوى الأول كذلك‪.‬‬

‫ينبغي أن تفهم الغفلة هنا بمعناها القرآني أي عدم العلم الإستراتيجي بالرهان‬
‫الكوني وليس الغفلة بمعنى السذاجة لأن النبي حاشا أن يوصف بهذا النوع من الغفلة‬
‫حتى قبل نزول القرآن‪ :‬الوحي يعتبر لصيقا بالمستوى الثاني من التعبير أعني بالمستوى‬

‫‪912‬‬
‫الكوني الذي سيتحدد ‪ #‬مضمون القصة التي وصفت بأحسن القصص ثم يصرح به‬
‫عالنلا بخاتمة التي حددت الرهان التاريخي بصفيه وختمت بالآيتين الثوريتين‪ .1 :‬آية‬
‫الحسم الاإللهيم ‪.‬يعذركة الكونية لحَتَى |إِذَا اسْتَيْاسَ الوِسُلُ وَظُوا أَنهُمْ قَدْ كُذْبُوا‬
‫جَاءهُمْ نَصْرْنًا فَنْجْيَ مَن نَشَاءُ وَلآ يُرَدبَُأْسُنَا عن الْقَوْمِ المجروييَ دست ‪]011‬‬
‫الكوني ‪:‬و كن تصٌديق الذي بين‬ ‫رهيخ‬
‫تيثاصلت‬
‫لح‬‫ا من‬
‫برآن‬
‫‪ .2‬وآية طبيعة الق‬
‫مه‬
‫وَتَفصِيل كل شَيْء ‪ 4‬وطبيعته الخلقية ملوَمُدُى وَرَحْمَةَ قوم‬ ‫يديه ومن كونيته‬ ‫‪90‬‬ ‫م‬

‫[يوسف ‪.]111‬‬ ‫يومنون‬

‫‪ ”7‬ليس المقصود بالبقرة اسم الحيوان المعروف فحسب بل ما يرمز إليه أعني أم‬
‫العجل الذهبي أوعبادة الدنيا‪ .‬أعلم أن التأويل قد ينفلت فيصبح مكروها لذلك فلا بد‬

‫فيه من الحذر الشديد‪ .‬لكن الحاجة إليه ضرورية ‪ #4‬مثل هذه الحالات وإلا لصار القرآن‬
‫تاريخا لأحداث فعلية تمر مع مر التاريخ‪ .‬فلا يمكن أن يكون مدلول اسم السورة مقصورا‬
‫على مجرد ورود كلمة البقرة ب حادثة التلكؤ أعني معناها الحريذ البمرة ‪ 76-47‬لإ‬
‫َال مُوسَى لِقَوْمِهِ إن ايللَهأمرْكُمْ أن تَذْبَحُوا بقَة الوأتتَخِذْنا هُرُوا فَالَ أَحُودُ‬
‫لل أن أن من الماجلين" قلوأ اذغ أن َك ف اا خلإ نكل إن‬
‫وان يدك افعو مَا نمَو * قَالوأ اذ لما رَيّكَ‬ ‫َقْ افرش ولا‬
‫و ا‬ ‫نا ما لتم قال ِنُيَهُول إِنَهَا قر صَهْرَكُ هاةقم لَوْتُما ّتَسْرٌ الناظريت*‬
‫* قال إِنَهُ‬ ‫‪0000‬‬ ‫رنَايّكَ يُبَي لَنَا ما هيّ إن البَقْرَ تَشَابََ عَلَيْ‬
‫لض ولا ضقي الْحَزت مُسَلمَة ل شِيَةٌ فيا كالوأ‬ ‫ُولَ نما ردول‬
‫الآنَ ج حِدْتَ بالحقّ فَدَيَحُو َاوَمَاكدُوأ َفَلون' وذ فتَلْتَمْ فسا مَادَارَْمْ يما وَاللّه‬
‫وهْتّى وَيُرِيكُمْ‬
‫طىْالل‬
‫مُخْرجٌ ما كُثمْ تَكُتُمُونَ* لما اضْريُوءٌ ِبَعْضِمَا كدَلِكَ بيُاحُي‬ ‫‪-‬‬
‫أو‬

‫كم عقون" قم قَسَت فُلويكُم من بعد ذَِكَ فَعِيَ كَلْحجَاةِ أو أَشَدُ‬ ‫ناته‬
‫‪5‬‬
‫م‬ ‫وأ‬ ‫مُسْدخ‬
‫َتََجّر مِنْهُ الأدمَارُوَإنّ مِْمَا ما يَشََقُ فْيَخْرْج مِنْهُ‬ ‫مأ‬ ‫فَسْوَةٌ وَإنّ مِنَ الحِجَارة‬

‫‪002‬‬
‫امه وَإِنَّمدْمَا ما يَْبط مِنْ حَشِيَةِ الله وَما الله بغَافِلٍ عَم تَعْمَلونَ)‪ .‬لذلك فإني‬
‫أقترح هذا الفهم ‪-‬واللّه ورسوله أعلم‪ .-‬فلو ربطنا رمز «البقرة» بما تقدم ثم بالحادثة‬
‫نفسها التي ورد فيها ذكرها أعني بحادثة أخرى أهم ج تاريخ الإنسانية الروحي هي عبادة‬
‫ولق جَاءكم ممُوسَى ليت ‪5‬ثانمَخَذْكُمُ العجل من‬ ‫العجل الذهبي [لبثرة ‪25-391‬‬
‫ظاملون* وَإِذْ أَحَدْنَا ميثافكم وَررَفْعْنَا فَوْقفَكمٌُمْ الطوز حدُوأ ما آنَيْتاكُم‬ ‫بَعْدك أن‬
‫قو وَاسْمَحُوأ فَالُواْ سَمِعَْا وَعَصَيْنا شريو في لوط الجخ بكفرمز ل‬
‫ِتُسَمَايَاممُرْكُم به إِيمَانكُمْ إن كُنثّمْ مُؤْمِذِينَ)» لكان القصد بالبقرة أم العجل المعبود‬
‫وهذا المنبع ليس هو شيتا آخر غير الدنيا‪ .‬فإذا عدنا من‬ ‫دهة‪:‬‬
‫ا هذ‬
‫بمنبع‬
‫عا ل‬
‫لرمز‬
‫اون‬
‫فتك‬

‫هذا الفهم إلى الحادثة فسنجد أن القصة تجعل إحياء المقتول يكون بذبح البقرة وضربه‬
‫ببعضها فيدلنا على القاتل ثم تختم القصة بحب بني إسرائيل للحياة وبالحكم الأساسي‬
‫الذي يعنينا من القصة كلها‪ .‬فالحياة الروحية مشروطة بذبح البقرة أمّ العجل الذهبي‬

‫أي الدنيا رمزا لا إلى قتلها بإطلاق بل إلى ما يجعلها محيية للمقتول‪ .‬وذلك هاولمقصود‬
‫بقسوة قلوب المتلكثين حتى بعد الذبح‪ .‬ومن ثم فالقصد ألا تكون الدنيا الهم الأول أي‬
‫مصدر العجل الذهبي المعبود‪ .‬والتلكؤ ذمبحلهاو مَعمَا كَادُوأ يَفْعَلُونَ ‪ 4‬ومع ثم‬
‫فسَتْقُلُويُكُم من بَعْد د ذلك يععةني أنها ظلت الهم الأول لأنهم يفضلون «حياة» أيا‬
‫كانت وهو معنى حب الدنيا‪ .‬فإذا علمنا على من يدور الكلام أصبح التأويل عله واضحا‬
‫كل العصور‪ .‬لكن الأهم من ذلك كله هو الإشارة إلى الفائدة ة الأساسية التي نجدها يخ‬
‫الآ ‪ 23‬من المائدة‪ .‬لمن أَجُلٍ ذَلكِكنََبنا عَلى بي إنسْرَائيل أنه من قَتَلَ نَفْسأ‬
‫بِغَيْر فس َو فَسَادٍ في الأْض فكَأَسّمَا قَتَلَ النَّاسَ جميعاً وَمَنْ أَخيَامًا فَكأَنّمَا‬
‫جَميعاً وَلَقَدْ جَاءتُهُمْ رُسُلْنا بِالَيْنَاتِ كم إنّ كيز مُدْمُم بَعدَ ذَلِكَ‬ ‫َخيَا ادس‬
‫في الأرْض تَلُسْرقُونَ)» إنها تجمع بين الأمرين اللذين يفهماتنا استراتيجية التوحيد‬
‫القرآنية‪ :‬فالمعركة التي تريد الاستراتيجية حسمها هي أولا معركة بين إخوة سواء كانت‬
‫‪ 4‬جماعة واحدة أوبين كل الجماعات البشرية‪ :‬القتال هو بين أبناء آدم والاستراتيجية‬
‫‪102‬‬
‫بليل عند وضع الحكم‪ .‬والحكم‬
‫اابي‬
‫هة ق‬
‫وعرك‬
‫هي لكل أبناء آدم لذلك فقد رمز إليها بم‬

‫هو أن قتل إنسان واحد مثل قتل البشرية كلها وأن إحياء إنسان واحد مثل إحياء البشرية‬
‫كلها‪ .‬فيكون أثر الشر معديا مثله مثل أثر الخير‪ .‬وبذلك يتحدد الصفان‪ :‬فإذا قتل‬
‫المفسدون إنسانا واحدا فقد يكون ذلك بداية الفساد كله لأن القتل هنا هو رمز الفساد‬
‫الناتج عن تغليب قانون التاريخ الطبيعي‪.‬وهذا هو الصف الأول صف المستبدلين‪ .‬ويقابله‬
‫الصف الثاني صف المستخلفين‪ :‬إذا أصلح المصلحون إنسانا واحدا فقد يكون ذلك بداية‬
‫الصلاح كله‪ .‬فيكون ذلك رمز التدافع إن صح التعبير بين الصفين‪ :‬صف عبدة العجل‬
‫البشر من العجل وأمه‪ .‬ولهذا اخترنا‬ ‫ير‬
‫رلى‬
‫حن إ‬
‫تاعي‬
‫وأمه البقرة أو الدنيا وصف الس‬
‫سورة البقرة فضلا عن كونها ملخص القرآن كله‪ .‬ثم إن هذه السورة تتضمن أصل الثورة‬
‫الفلسفية التي جعلت ابن تيمية يتجاوز الميتافيزيقا القديمة كلها‪ :‬يكفي تحليل الجواب‬
‫كمستألاةب‪2‬ي‪«:‬صونا للفلسفة‬
‫عن سؤال«ما هي» حتى نعلم ذلك‪ .‬وقد أطلت ‪ #4‬شرح ال‬
‫والدين» (دار الفرقد دمشق ‪7002‬م) فلينظر فيه من يريد المزيد‪ :‬لم تحدد الأجوبة‬
‫البقرة على لسان موسى بالمقومات المزعومة بل بصفات عرضية وهو ما يعني أن الحد‬
‫جعل لتمييز المحدود بالعلامات وليس لتحديد الماهية بالمقومات ومن ثم فالقول لا يقول‬
‫عرضية تمكن من التعامل مع المحدود‪.‬‬ ‫ات‬
‫فيشير‬‫صبل‬
‫بوهر‬
‫الج‬

‫لقدر من حيث صلتها بصفات الله من أكبر رموز الإسلام‪.‬‬


‫ااء‬
‫وقض‬
‫* معادلة ال‬
‫خصفة الواجد لها أثران ‪ 4‬الوجود المخلوق‪ .‬وكلاهما مضاعف بمقتضى بنية الصفات‬

‫نفسها‪:‬‬
‫الأثر الأول هو القضاء وهو فعل بسيط لكنه يقبل التحليل إلى صفتين ‪:‬‬
‫إحداهما هي مادته وهي صفة الحياة‪ .‬والثانية هي صورته وهي صفة الإرادة‪.‬‬
‫المخلوقات‪ .‬والأثر الثاني هو القدر وهو فعل بسيط كذلك لكنه‬ ‫ولد‬
‫ج أص‬
‫ور هو‬
‫وهذا الأث‬
‫يقبل التحليل إلى صفتين ‪ :‬إحداهما هي مادته وهي صفة القدرة‪ .‬والثانية صورته وهي‬

‫يمرقكنضي‬
‫صفة العلم‪ .‬وهنا الأثر هو مصدر ماهية المخلوقات‪ .‬ومعنى ذلك أانللّه بأ‬
‫‪262‬‬
‫أما من حيث صلتها‬ ‫بالوجود ويقدر كيفه فيكون الموجود إنية معينة ذات ماهية محددة‪.‬‬

‫بصفات الإنسان فإن الوجود لا يعلم عقلا بل يدرك بالوجدان وليس عليه غير الوجدان‬
‫برهان‪ .‬أما الماهية فإنها تعلم عقلا لأنها تحلل بالفرقان إلى ما يقبل التقدير الرياضي‬
‫لأنهاً قدرت رياضيا بنص القرآن ذاته‪ :‬فيكون العلم الإنساني تقديرا رياضيا المحدوس‬
‫دائما‪.‬‬ ‫وجدانى‬

‫”” نوافق ابن تيمية إذ جمع بين ‪#‬إلم يَلِدْ وَلم يُولْدْي» ب «تفسير سورة‬
‫الإخلاص» لأنها تعني أمرا واحدا هونفي التكوين بداية وغاية‪ .‬لكننا ننفصل عنه ‪2‬‬
‫ف‪#‬همإهقل‪ :‬هُوَ الله أَحَد)ه‪ .‬فليس هذا المقطع بالمعبر عن عنصر بسيط بل هو مؤلف‬
‫‪ (2‬و‪#‬إالله أَحَدك‪ .‬ذلك أن «هى ضرورية «للّه أحد»‬ ‫معننصرين هما ‪ )1 :‬ملهو‬

‫وينبغي أن تتكرر بالتقدير © «هو الله الصمد» ومع «هو الله لم يلد ولم يولد» و « هو‬
‫تد»ك لركنارها نصا يثقل العبارة فكان التقدير فيها جميعا‪.‬‬
‫الله لم يكن له كفواً أح‬
‫(هو) لم‬ ‫لمدّه‬
‫لص‬‫ا هو‬
‫ولّه‬
‫له هو أحد وال‬
‫لم ‪:‬‬
‫اكلا‬
‫والقصد هو الترتيب المقلوب‪ .‬فلكأن ال‬
‫يلىة‪-‬‬
‫وت وع‬
‫هلذا‬
‫لى ا‬
‫اة عل‬
‫« دال‬
‫يلد ولم يولد واللّه (هو) لم يكن له كفواً أحد‪ .‬فتكون «هى‬
‫الإنية» المطلقة وبعدها نجد صفاتها الجوهرية التي تتصف بها هوية الذات أعني الوحدة‬
‫والصمدية والقدم والتفرد‪ .‬وعندي أن تقدير الكلام © الإخلاص هو‪ :‬هود الله أحد‬
‫اول‪-‬له الصمد وهوح لم يلد ولم يولد وهو‪-‬لم يكن له كفواً أحد؛ وكل ذلك ‪ -‬هوإله‬
‫وه‬
‫إيللاه إلا هلوأن الكلام كله وكأنه إيحاء للنبي بالجواب عن سؤال «ما الإله‬
‫القرآن الذ‬
‫الذي يتكلم باسمه الإسلام» بوصفه الإله بإطلاق والواحد ‪ #‬كل دين صحيح؟ فتكون‬
‫الإسلام» هو‪ ...‬ثم تليها آيات الإخلاص‪ .‬وهذا المعنى‬ ‫نية‬
‫اله‬
‫د «إ‬
‫حعن‬
‫ووب‬
‫«هى وكأنها تن‬
‫زيادة ‪ #2‬البلاغة لأن القصد ب‪«:‬قل هو»‪( « :‬أجب بأن الإله الواحد الذي يتكلم باسمه‬
‫القرآن‪ -‬هو) الله الذي هو أحد وهو الله الذي هو الصمد وهو الله الذي لم يلد ولم يولد‬

‫وهو الله الذي لم يكن له كفواً أحد»‪ .‬فيكون المعنى واحدا ولكن جاء بمبنى يحقق شروط‬
‫البلاغة القرآنية فكان الإضمار أداة تحقيقها‪.‬‬
‫‪302‬‬
‫الصلة بين مآل الفكر البشري © لحظته الراهنة وطبيعة‬ ‫انن‬
‫يا م‬
‫بدفن‬
‫وه‬
‫تصحيح التحريف هتوحرير المتطفلين على الفكر من المقابلات السطحية بين الديني‬
‫والفلسفي إلى حد نسيان ما تميز به فكر الحداثة من اعتماد على إضلاح ديني قبل أي‬

‫إصلاح آخر فضلا عن تعريفها الأكمل عند هيجل بداية وهيدجر غاية بالمنظور المسيحي‬
‫لاص‬
‫خير‬
‫إ نظ‬
‫ل هي‬
‫التي‬
‫سوت‪. .‬ومن المؤيدات القرآنية آية الكرسي ا‬
‫اته‬
‫اوتل ك‪4‬ن صل‬
‫باه‬
‫لل‬
‫من حيث التعريف بذات اللّه‪ .‬فلوقارنا استهلالها بعبارة القسم الأول من الشهادة لوجدنا‬
‫ون «هو» ضميرا اسما مكتفيا بذاته‬
‫كلله‬
‫يلا ا‬
‫فله إ‬
‫ل لاا إالههو» ‪(« -‬أشهد أن) لا إ‬
‫إلّه‬
‫أن‪« :‬ال‬
‫لبداهة المحال عليه‪.‬‬

‫‪219‬لا‬ ‫ذَببََيياّنَلرشدُ من لحي‬ ‫'لذلك ربط القرآن الكريم بين‪)1 :‬‬


‫‪.‬فتكون الحرية الدينية للرشد والفي للطاغوت‪ :‬إلا إِكرَاة في ألدّين‬ ‫كرَاه في‪0‬‬
‫قد يي لوْشدُ من الْعَيّهمَنْ يَف بالطاُوت وَؤْمِن بالل فد اسْتمْسَكَ‬
‫لحرو الؤْدْقَىَ لآ انفصَامٌ لوهالله سَمِيحٌ[ عاَلِنيمب فقرة ‪.]652‬‬

‫‪ 2‬ولا يعني ذلك أننا نحط من شأن المسجد الأقصى‪ .‬فمنزلته لا تأتيه من كونه‬
‫قد كان قبلة بعد أن رأينا ما يقوله القرآن الكريم بلمن أمرين اثنين‪ )1 :‬الاأوخلتهويار‬
‫رلقاج ‪)2‬والثاني هووظيفة الامتحان التي سيؤديها من حيث هوقبلة‬
‫مونعمنط‬
‫ل ليك‬
‫ا له‬
‫اللّه‬
‫انل تهويد سيدنا إبراهيم‬
‫ليف م‬
‫ختحر‬
‫قتة وظيفتها المضاعفة هي ما رأينا‪ :‬التذكير بال‬
‫بتبديل الحنيفية وجعله إماما لليهود وحدهم بدلا من أن يكون كما طلب هو نفسه إماما‬
‫للناس ومن خلال امتحان المؤمنين بالرسالة المحمدية بعد تغيير القبلة لأن تغييرها كما‬

‫وصفه عز وجل ليس بالأمر الهين‪“ :‬إن كانَتُ لكبييٌ ا عَلَى الْذينَ هَدَى الله وَمَا ‪5:‬‬
‫الله لِيُضيعَ إيمَاتَكُمْ‪ 3‬الله بالدّاس لَرَوُوفلُ تُحيم [البقرة ‪.]341‬‬

‫‪402‬‬
‫‪ 103‬كما تحدد ذلك سورة الععصر‪ :‬لإوَالعَضر [‪ ]1‬إن الإنسَانَن لفي خُسْر[‪]2‬‬
‫ِل الذينَ آَمَنْوا وَحَمِلُوا الصّالحات وَتَوَاصَوًا ا بالحق و تَوَاصَوَا بِالصّبْر[‪.3]4‬‬

‫‪ 40‬النطق بالشهادتين فعل شخصي بإطلاق ‪ .‬ورغم أنه قد يحسب للمرء بذ‬
‫فإنه لا يحسب عند الله إلا عند النطق الصادق دون‬ ‫دق‬
‫صناغير‬
‫يكو‬ ‫ما‬
‫دتى‬
‫نر ح‬
‫عظاه‬
‫ال‬
‫خوف أو نفاق‪ .‬وذلك أمر توقيته مطلق العينية ولا يتم إلا بالتوفيق الإلهي بحسب الوقت‬
‫هسا‪.‬‬
‫ن نف‬
‫يلكل‬
‫عية‬
‫بشخص‬
‫من حيث هو عين مسار الحياة ال‬

‫‪ 5‬تحديد أوقات الصلاة بحسب مواقع المساجد التي يأتي منها الأذان أو‬
‫رض‬
‫لبةأبين‬
‫النس‬
‫بحسب الرزنامة الرسمية التي تحددها العلاقة بين المكان والزمان أو ا‬
‫والشمس‪ .‬والخلاف فيها مطلوب حتى تكون الصلاة نظريا قائمة دائما لواعتبرنا الفروق‬
‫الطفيفة بين مواقع الشمس وحركاتها د كل أصقاع المعمورة عندما تعمها المساجد‪ :‬فلا‬
‫تتوقف أيدا‪.‬‬

‫نهوي‬
‫عبل‬
‫ينية‬
‫العي‬ ‫ؤنيية‬
‫ر يع‬
‫ل لا‬
‫اؤية‬
‫‪ 6‬تحديد أوقات الصيام المبني على الر‬
‫اة‬ ‫ي‪#‬‬‫حما‬‫جعل الرصد هما جماعيا حتى يكون ضبط الزمان بحسب اللمكان أمرا مه‬
‫المسلمين‪ .‬والخلاف فيه مطلوب إذن لأن رؤية الهلال يتدخل فيها علاقة اللاتناهي بين‬
‫الزمان والمكان وضرورة تحديد المنازل التوقيفية للضبط وتمكين المسلمين من توحيد‬
‫الزمان بحسب الوحدات المكانية التي تتكون منها الوحدات العمرانية‪.‬‬

‫الفصول فيه إذ‬ ‫ايثم‬


‫ظن ح‬
‫نان م‬
‫هنا يكون تحديد الزمان بحسب وحدة المك‬
‫بها يتم تحصيل الثروة ومن ثم تحديد النصاب لإخراج الزكاة‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫‪:‬‬ ‫د‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬
‫نميز بين زمان حصوله الموضوعي عند النظر إليه دون نسبة إلى حاج بعينه‪.‬‬
‫لكن لونظرنا إليه من حيث نسبته إلى أعيان الحجاج فزمانه مطلوب فيه التعدد‪ :‬لا ينبغي‬
‫أن يحج الجميع معا بل كل يحج عند توفر شرط الاستطاعة المادية بفرعيها (ولها صلة‬
‫بالمال ومعيارها معيار الزكاة والصحة ومعيارها معيار الصوم ) والاستطاعة الروحية‬
‫بفرعيها (ولها صلة بالعقل ومعيارها معيار الشهادة أوبداية التكليف علامة على الدخول‬
‫الشرعي ‪ #2‬الإسلام والعرض ومعياره معيار الدين علامة على التقوى)‪ .‬والجامع بين‬
‫ذلك كله تحول جذري ‪ #4‬النفس البشرية‪ .‬وبذلك تكتمل العلاقة بين مقاصد الشريعة‬
‫والترابط بين الدنيا والآخرة من خلال العلاقة التي حددنا بين الزمان والمكان من حيث‬

‫هما ظرفان دنيويان يمكن أن ينتظما بما يتعالى على الدنيوي فيصبح المكان والزمان‬
‫علامة دار البقاء بعد أن كانا علامة دار الفناء‪.‬‬

‫‪ 7‬فما تركه الله ورسوله من الأفعال تشريع مقصود وما تركته الأمة من التشريع‬
‫مقصود‪ .‬لكن حتى هذا الترك الثاني فنحن سنحاول فهمه على أنه كان من ‪.‬‬
‫تلضيليع‬
‫القضاء الذي ليس منه بد لأن الأمة لا يمكن أن تصبح نموذ جا فتشهد على العالمين من‬

‫تكون شبه ملخص لكل تاريخ الإنسانية ما صلح منه وما‬ ‫ها‬‫خ ‪#4‬‬
‫يلها‬
‫رتحص‬‫ارة‬
‫ت خب‬
‫دون‬
‫طلح حتى إذا بلغت إلى الوعي بالتطابق بين ما ‪ 4‬الرسالة وماك التاريخ يصبح معتقدها‬
‫مستندا إلى العلم فتكون الإستراتيجية مرجعية لفعلها المقبل‪ :‬وذلك ما نسعى إليه ليكون‬
‫الاستئناف عملا على علم متحررا مما طبع موقف الأمة من الرسالة‪.‬‬

‫المغالي أثنورة الخليفة‬ ‫يع‬


‫شي ‪#‬‬
‫تذهب‬
‫لوالم‬
‫اكري‬
‫‪ 0‬منمفارقات التاريخ الف‬
‫علي‪-‬كرم الله وجهه‪ -‬قد حرفت فصارت على نقيض ما أراده لها‪ :‬فموقفه قد حرف‬
‫من بعده إلى حد الانقلاب إلى عكسه تماما‪ .‬ذلك أن الأمر ل التشيع لم يبق السعي إلى‬
‫جعل السياسة تابعة للقيم الدينية كما أراد الإمام علي بل أصبح الدين مجرد إيديولوجيا‬

‫سياسية كما بيّن حجة الإسلام الغزالي ‪: :‬فضائح الباطنية‪ .+‬وبذلك اتفق الغلوان‬
‫‪652‬‬
‫السني والشيعي فجعلا الدين مجرد تابع للسياسة حتى وإن كان الفرق بين الموقفين‬
‫مبدثيا‪ :‬لأن الغلو الشيعي جعل ذلك واجبا والغلو السني اقتصر على قبول الواقع أعني‬
‫اعتبار ذلك نتيجة للتغلب المخالف للواجب‬

‫‪ !11‬كيف نحرر السياسة النبوية من موقف الخوف الذي جعل المسلمين لا‬
‫يستطيعون استيعاب كل المقتضيات التي تترتب على ثوراتها التطبيقية ‏ مجالات‬
‫الذوق (وأصلها تبرئة الجنس والجمال) والرزق (وأصلها تبرئة المتعة والمال) والسلطان‬
‫الروحاني على الذوق (وأصله تبرئة الاجتهاد والأحوال) والسلطان الزماني على الرزق‬
‫(وأصله تبرئة الجهاد والأفعال) والسلطان المطلق أو برهان الرب أعني عدم نسيان‬
‫الشهادة (وأصلها تبركة السؤال حول المتعال)‪ :‬ورمز ذلك كله سنة محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم فهما وتطبيقا للقرآن الكريم وهو معنى كون أخلاقه أخلاق القرآن؟ فبهذا المعنى‬
‫لا تزال ثورات القرآن أمامنا‪ :‬لم تصل الإنسانية إلى درجة من النضوج تفهم فيها المعاني‬

‫القرآنية فهما سويا يمكن من تطبيق الاستراتيجية التي نصف ‪ #‬هذه المحاولة دون أن‬
‫تقع كذ ما نراه من فوضى روحية ومادية أفسدت محيط الإنسان الطبيعي المادي ومحيطه‬
‫الثقالكِ الرمزي بعضها بالمنع (‪ ©#‬المجتمعات الإسلامية التي تبدت فتردت) وبعضها‬
‫بالتسيب (المجتمعات الغربية التي توحشت فتعدت )‪.‬‬

‫‪ "2‬ويوحد بين التحريفين التحريف المعري الذي يجمع بين التحريفين الوجودي‬
‫القيمة فيكون بوجوده علة الميل الذي تمثله‬ ‫ر‪4‬فة‬
‫عد و‬
‫موجو‬
‫والقيمي لأنه خطأ ‪ 4‬معرفة ال‬
‫النفس الأمارة المشار إليها عند الكلام على توحيد الشخصية وبعدمه علة الميل الذي‬
‫من‬ ‫حرر‬
‫ت هو‬
‫لقي‬
‫احقي‬
‫تمثله النفس اللوامة المشار إليها ب الكلام نفسه‪ .‬والعلم الديني ال‬
‫التحريف المعررك سبيلا إلى فهم طبيعة التحريف الوجودي والتحريف القيمي للتحرر‬
‫منهما‪ .‬وتلك هي السبيل التي ينصح القرآن الكريم باتباعها © إصلاح النفس والزوج‬

‫‪752‬‬
‫والأمة والإنسانية‪ .‬ولعل الآية السابعة من آل عمران تفهمنا القصد بمرض القلوب الذي‬
‫بالرسوخ‬ ‫منه يكون‬ ‫والقيمي والشفاء‬ ‫الوجودي‬ ‫دال على التحريضين‬ ‫هو تحريف معر_ة‬

‫عَلَيِْكَ الْكتَابٌَ‬ ‫نل‬ ‫الناتج عنه ضرورة كما تبين الآية‪ :‬موهُوَ لذي‬ ‫العلم والإيمان‬ ‫‪2‬‬

‫مِنْهُ آيَاتُ مُحْكَمَاتٌ هُنّ أَدٌ الكتَاب وأخَرُ مُتَشَابَِاتٌ فأمًا الذِينَ في فويعم‬
‫نغفَيَدبِحُونَ مَا تَشَابَهمَِنْهُ ابتعاً الفتّئة وَابْتَكَاهَ تَأُويلِهِ وَمَا بعلم نويل إل‬
‫مه‬
‫واه‬ ‫جع‬

‫يَقُولُونَ آمَنَا بِهِ كل مْنْ ند َي وَمَا يدر إلا أؤلوا‬ ‫الله وَلرَاسحُونَ في لجل‬
‫الأليّاب ‪ 6#‬ا عمران‪.]7‬‬

‫‪[ 37‬آن عمران ‪.]401‬‬

‫‪[ 4‬آن عمران ‪.]011‬‬

‫‪ 7‬أكدنا على أهمية الرزق ‪ #‬الإسلام من خلال دوره ب الأركان الأربعة إذ‬
‫إذا كانت تامة الشروط وبالتالي فهو يصبح مشروطا حتى‬ ‫ننه‬
‫وة م‬
‫دتحيل‬
‫بينا أنها مس‬
‫الركن الأول الذي ليس هو من دون الأربعة الباقية وما يترتب عليها ‪ 2‬الخلق والحياة‬
‫لبد‪#‬خول إلى الإسلام‪ .‬ولم نتكلم على أهمية الذوق رغم أنه أهم لأنه‬
‫ابا‬
‫مجرد عتبة ال‬
‫هاولغاية والرزق هاولأداة‪ .‬فالإنسان لا يعيش ليأكل بل يأكل ليعيش لكنه يعيش ليذوق‬
‫ولا يذوق ليعيش‪ .‬ومع ذلك فإني أرهيدذ‪4‬ا الهامش أن أضيف أمرا آخر يخص الرزق‬
‫والمال وما أقوله فيه يصح من باب أولى ‪ 2‬الذوق والحال للعلة نفسها‪.‬لكن الذوق منه‬
‫دهما إلا الرزق والمال‪ :‬فمن غير المال يكون الذوق عاجزا فيفسد انفعالا لا‬
‫يلحفالسلا‬
‫وا‬
‫فعلا بسبب الحاجة‪ .‬لذلك كانت أول تجارة هي «البغاء»‪ :‬الحاجة تؤدي إلى تحويل قمة‬
‫الذوق أعني اللذة الجنسية إلى بغاء عند الفاعل والمنفعل‪ .‬وليس بالصدقفة أن كان البغاء‬
‫والبغي من جذر واحد وكانت نوازع الفتنة ابتغاءً‪ .‬فكل الشرور ‪ #4‬العمران الإنساني سببها‬
‫سلطان الرزق على البشر وخاصة إذا جعل الذوق من أدواته‪ .‬وكل الحروب بين البشر وكل‬
‫‪8602‬‬
‫العداوات مدارها على الرزق وعلى ما يمكن منه من المتع حتى صار مجرد اكتسابه عين‬

‫المتعة عند بعض المرضى‪ .‬لكن أهم ما أريد أن أقوله هو دوره ‪ 4‬الاستعاضة عن الإيمان‬

‫وعدمه هو‬ ‫به‬


‫حند‬
‫اة ع‬
‫صحري‬
‫بالشرك‪.‬فوجود المال هو السبب الرئيس للطمأنينة وال‬
‫السبب الرئيس لعكسهما‪ :‬لذلك فهو يصبح المعبود البديل من الله عند جل البشر‪.‬‬
‫وذلك هو رمز العجل الذهبي والبقرة أمه التي ذبحها (أي الاستعداد ‪ 4‬التفريط‬

‫فيها وعدم عبادتها) يحيي الموتى بالمعنى الديني للكلمة‪ .‬لذلك فينبغي ألا نعجب من‬
‫صرامة الأحكام المتعلقة بصون المال أعني أقصى حدين عرفهما الإسلام هوحد السرقة‬
‫وحد الحرابة حتى وإن كنا نشك ‪ #2‬فاعليتهما العلاجية للمشكل المطروح وخاصة الآن‪:‬‬
‫فكلاهما كما عبر عن ذلك ابن خلدون سببهما فساد الدولة ومن ثم فالحد ينبغي أن‬
‫يطبق على أولي الأمر الذين لم يحسنوا الرعاية فكانت السرقة والحرابة ممكنتين‪ .‬وقد‬

‫تحصل من دون تواطؤ مع بعض المتنفذين‬


‫بين ابن خلدون أن الحرابة خاصة لا يمكن أن‬
‫‪ 4‬الدولة لأن الدولة لكوانت حقا دولة لاستتب الأمن ولما وجدت الحرابة‪ .‬ولست مبالغا‬
‫إذا قلت إن الحرابة الوحيدة الموجودة الآن بنوعيها هي حرابة الطبقات التي استبدت‬
‫بالحكم ‪ #‬الداخل فاستبدت برزق الجماعة وحرابة الطبقات الحاكمة ‪ #‬الدول القوية‬
‫التي استبدت بحكم العالم ‪ #4‬الخارج ومن ثم بالسلطان على رزق الناس‪ .‬ولعل هذا‬
‫وحده كاف لبيان ضرورة الثورة الإسلامية الثانية‪ :‬تحقيق قيم الإسلام ‪ 4‬العالم‬
‫كله بدءا بتحقيقها ‪ 2‬دار الإسلام وهذه الثورة ينبغي أن تتبنى كل ما ه«وإنساني» منْ‬
‫قيم الاشتراكية غاية للتوزيع العادل ومن قيم الرأسمالية أداة للإنتاج الفاعل ودائما‬
‫بمعيار التصديق والهيمنة‪.‬‬

‫وهو ما ستدلل عليه المقدمات التأسيسية لاحقا لأنها بذ المحاولة تتسلم‬ ‫‪6‬‬
‫كفرضيات عمل لنرى ثمراتها ثم بعد ذلك ندلل عليها حتى يتطابق التظر المجرد مع ما‬
‫التجريبي يبدو منطلقا للأسس‬ ‫قق‬
‫ح جنس‬
‫تومن‬
‫لما ه‬
‫اعا ف‬
‫يشبه التحقق التجريبي‪ .‬وطب‬
‫‪ 4‬الحقيقة بعض نتائجها التطبيقية‪.‬‬ ‫نله‬
‫ك عم‬
‫ليات‬
‫النظرية المفروضة فرض‬
‫‪962‬‬
‫!'‪ 7‬كيف استنبطنا ذلك؟ يكفي تعويض الضمير ‪« 4‬أمرهم» وي «بينهم» بالاسم‬
‫الذي ينوبه الضمير أعني الجماعة ثم نقرأ الآية على النحو التالي‪ .‬فهي ستكون‪-1« :‬‬
‫الذين (‪-‬جماعة المؤمنين) استجابوا لربهم (‪-‬المبدأ الأصل) ‪ -2‬وأقاموا الصلاة‬
‫(‪-‬رمز الركن الديني) ‪ -3‬وأمرهم (‪-‬أمر الجماعة) ‪ -4‬شورى بينهم (ش>ورى بين‬
‫أعضاء الجماعة) ‪ -5‬ومما رزقناهم ينفقون (رمز الركن الدنيوي)‪ -1 .‬فالعنصر الأول‬
‫هو رمز المبدأ الأصل‪ -2 .‬والمبدأ الثاني هو رمز الركن الديني‪ -3 .‬والمبداً الثالث هو‬

‫الجماعة» ‪ -‬راس بويليكا‪ -4 .‬والمبدأ الرابع هورمز‬ ‫ر‬


‫مهو‬
‫أأمر‬
‫رمز طبيعة النظام‪« :‬ال‬
‫الكيفية التي يعمل بها النظام‪ :‬شورى بين الجماعة ‪ -‬ديموقراطيا‪ -5 .‬والمبدأ الأخير‬
‫هو رمز الركن الدنيوي أو النظام الاقتصادي خاصة‪ .‬فهل يوجد شيء أوضح من هذا ؟‬
‫هاء‪.-‬‬
‫ومزيد الشرح سياأتيل ‪-‬إلن ش‬
‫‪ 8‬هذه المعادلة على بساطتها هي التي تحدد منطق السياسة المحمدية التي‬
‫علاج مسائلها الجزئية‪.‬‬ ‫دبمة‬
‫ق‪#‬االكت‬
‫لول‬
‫انحا‬
‫أرى أن أغوارها لم تسبر إلى الآن‪ .‬وس‬
‫عنصري الكفة الثانية من المعادلة‪.‬‬ ‫ولكن يمكننا من الآن الإشارة إلى علة الازدواج‬
‫فالاجتهاد مضاعف والجهاد كذلك مضاعف‪ .‬ولولا ذلك لما كان للختم معنى‪ .‬فالنظر‬
‫لما ‪#4‬جتهاد على العقد والعمل‪ #.‬الجهاد مقدم على الشرع‪ .‬وذلك يعني أن القرآن‬
‫ماقد‬

‫الدينية الأخرى يرفض حجة السلطة ولا يعتمد إلا على سلطة الحجة‬ ‫كلتب‬
‫الالف ك‬
‫بخ‬
‫أتيسهرياسررها‪.‬‬
‫ال‬ ‫تها‬
‫افهم‬
‫عبعد‬
‫وإلا‬
‫ضهم‬
‫وا تف‬
‫مية ل‬
‫الثان‬ ‫ونة‬
‫قه م‬
‫لآيات‬‫اعل‬
‫فيج‬
‫عندما نعلم الآفاق والأنفس نفهم ما يقوله عنهما القرآن الكريم‪ .‬فتكون البداية النظر‬
‫والشرع الدينيين‪ .‬فيكون الدين متمما لمكارم الأخلاق‬ ‫قد‬
‫لينعإلى‬
‫اوصل‬
‫والعمل العقليين الم‬
‫والسياسة أداة من أدواته لتلا يُقدم القانون الطبيعي على القانون الخلقي‪.‬‬

‫”'' [الشورى ‪.]83‬‬


‫‪022‬‬
‫الجزء الأول من هذا الكتاب حيث خصصنا هامشا مطولا‬ ‫ذجعلذك‬
‫‪ 0‬را‬
‫للمسألة‪.‬‬

‫‪[ !12‬آن عمران ‪.]46‬‬

‫‪] 2‬آل عمران ‪.]38‬‬

‫‪ 321‬الأمر الشورى‪[ :‬الشورى ‪.]8‬‬

‫‪ 4‬الانتصار‪[ :‬الشورى‪.]93 :‬‬

‫‪...‬إلا الذين آمَدُوا و ‪ | 9‬الصّالحات‪.4 ...‬‬


‫‪5‬‬

‫ه‬ ‫ماه‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ه‬ ‫مّء‬ ‫‪621‬‬


‫‪...‬وَتوَاصُوا بالحق وَتَوَاصوا بالصّبْرِي [العصر‪. ]3‬‬

‫”*ن!ستعيض عن كلمة سلطة بولاية الأمر لسببين‪ .1 :‬أولهما لأن كلمة سلطة‬
‫تتضمن الإكراه بخلاف الأمر الذي هوك معنى أول خطاب موجه للمأمور الذي يمكن‬
‫‪ .2‬والثاني لأن السلطة غير محددة‬ ‫أن يطيع وألا يطيع بحسب طبيعية المأمور به والآمر‪.‬‬

‫ويمكن أن تذهب إلى حد ملكية الخاضع لها ‪ ْ#‬حين أن ولاية الأمر تعني مسؤولية محدودة‬
‫بوظيفة محددة هي رعاية شؤون الإنسان شؤونه التى تقبل الإيكال للغير‪.‬‬

‫ار‬
‫طر ئ‬
‫إخيا‬
‫‪ 8‬التي تجاوزت مرحلة الخلاف السني الشيعي حول الوصية وال‬
‫رمقتين إلى‬
‫الدين إلى خلاف معامد له ‪ #2‬إطار أصبح الدين أحد قسميه إذ هاوقلدفقس‬
‫والخارجين عنه‪ :‬المقابلة بين العلمانية والإسلام‪.‬‬ ‫ا‪2‬ره‬
‫طين‬
‫إباق‬
‫ال‬

‫‪192‬‬
‫‪ 57‬أبويعرب المرزوقي‪«:‬صونا للفلسفة والدين» دار الفرقد‪ .‬دمشق‪7002 .‬م‬
‫‪.)- 6‬‬
‫‪211‬‬
‫‪2:2‬‬
‫(ص‬

‫‪ ِ 031‬وَقَلٍ الحمْدُ لللهَه لذوى لم يَنّحْذْ وَلَدا وَلم يكن أَهُ شريك في امأّكِ‬
‫وَلم يكن لهُ وَلِىّ ممِّنَ اذل وَكب تَكبير [الإسراء‪ ]1!1‬ونسبة الولي إلى‪ :‬ملمّنَ‬
‫الذل» توحي بالعلاقة مع‪#:‬إوَاخفض لهمًا جَنَامَ الذل» |[الإسراء ‪ ]42‬فيكون المقصود‬
‫نفي الحدوث وإثبات القدم بنفي المولودية أي إن اللّه لا ينفي عن نفسه أن يكون قد ولد‬
‫خمال‪#‬اص‪.‬‬
‫إو ك‬
‫للوا‬
‫ام ا‬
‫بض‬ ‫د‬
‫ل قد‬
‫وكون‬
‫أن ي‬ ‫للك‬
‫ذسب ب‬
‫كو فح‬
‫و الوا‬
‫بفتح‬

‫‪ 331‬وهذا يقتضي أنيكون للمسلمين سياسة إزاء هذا السلوك بدل الكلام ب‬
‫الردة‪ :‬الآية تتعلق بجهاد الساعين إلى رد الناس عن دينهم وهذا هو فعل الاستعمار‬
‫والتبشير بعد التفقير والتجويع الموصلين إلى اليأس واتباع كل ناعق كما يفعل المبشرون‬
‫إفريقيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي الإسلامية السابقة التي يريدونها أن ترتد‬
‫بالجملة‪ .‬و الأمر نفسه يمكن أن يقال عن أبناء المهاجرين ‪ #2‬الغرب من الأجيال الموالية‬
‫للجيل الأول‪ .‬فإذا كان المسلمون حقا يريدون تطبيق حكم الردة فعليهم أن يطبقوه ضد‬
‫سياسة رد الناس عن دينهم بالقوة والإغراء أي بأداتي التبشير المسيحي الذي هو وراء‬
‫دبابة الاستعمار دائما وحيثما جوعوا الناس ليعرضوا عليهم بضاعتهم الكاسدة‪ .‬وهذا‬

‫هو الباب الأساسي للجهاد بالمال والكلمة الطيبة وهو يقتضي سياسة لمنع الرد وقاية لا‬
‫قانون ضد الردة علاجا‪.‬‬

‫ينة‬
‫رع ع‬
‫حداف‬
‫‪ 2‬لذلك جمعت الآية الأساسية التي تتعلق بالردة بين الجهاد الم‬
‫المعتقد وحماية المستضعفين الذين يفرض عليه المستقوون الارتداد‪ :‬لإيَسألُوتَكَ عَن‬
‫الشَّمْر الْحَرَام قِثَال فيه قُلَ َال ذيه كبيرُوَصَدٌ عن سَبِيلٍ الله وَكفْر به وَاطَسْجِدٍ‬
‫‪252‬‬
‫الْحرَام وَِخْرَاجٌأله مِنّْهأكبَرَحندَ الله لق أكبَرّمِنَ الْقذلِ ولا يلون يُاتُودكمْ‬
‫حَنَّىَ يدوم حَن دِيذِكُمْ إن اسْنَطاعُوا وممن يَرْتَدِذْ ذ مذكم عَن دين فَيَْت وَهُوَ‬
‫وليك حَبطْتْ أَعْمَالهمْ في الدُّْنا والآخرة وَأَوْللَتيِككَ أَصْحَابُ الثار هُمْ فيمًا‬ ‫كاف‬
‫خَالِدُونَ» [البقرة ‪ ]712‬وقهمه الحالي يلغي عمل هذه الآية القرآنية ذات المعلى الواضح‬
‫الذي لا يحتاج إلى طويل شرح حتى نفهم أن الردة ليس فيها حكم شرعي دنيوي بقتل‬
‫المرتد بل حكم شرعي بمقاتلة الراد وذلك لثلاث علل‪:‬‬
‫فإذا أعدمناه حرمناه من هذه‬ ‫رتا‬
‫فيمو‬
‫اثلا‬
‫كتد ل‬
‫أيمل ‪ #‬عودة المر‬
‫ل‪ :‬ه‬
‫اأولى‬
‫ال‬
‫الفرصة التي أعطاه النص إياها‪ .‬ذلك أن المرتد هأوحد اثنين إما مرتد لشكوك ذاتية‬
‫فارتد من تلقاء نفسه أو اتبع من دعاه إلى الردة أمورتد بالاغتصاب العنيف كما هي‬
‫عمر‬
‫سينتعنف‬
‫مب‬‫لجمع‬
‫اي ي‬
‫الحال التي وصفتها الآية أبوالإغراء كما يفعل التبشير الذ‬
‫وإغراء المستثمر‪' .‬‬
‫والثانية‪ :‬هي عدم ذكر حد للمرتد بل اقتصرت الآية على الوعيد أي العقاب‬
‫لمقرآن‬
‫الأخروي بالنسبة إلى من يبقى على ردته إلى أن يموت دون أن يتوب‪ .‬وفمنا ث‬
‫ترك له أمل التوبة والوعيد مرتبط بموته مرتدا وليس لمجرد الردة العابرة‪ .‬لذلك ضفي‬
‫الحالتين اللتين أشرنا إليهما ‪ #‬العلة الأولى لا بد من أن نبقي للمرتد الفرصة التي أعطاه‬
‫إياها النص ‪#‬إوَمَن يَرْتَّدِدُ‪ ...‬قَيَمْتْ لأنا لوأعدمناه لكنا قد حكمنا عليه بالموت كافرا‬
‫ولم نترك له فرصة الرجوع قبل الموت‪ .‬ولعل ما ورد ‪ 2‬الآيات (‪ )601-901‬من سورة‬
‫النحل يزيد الأمر وضوحا ‪ .‬فالحكم يتعلق بالصادين عن سبيل الله وليس بالمرتد المغلوب‬
‫كَفَرَ بالله من بَعْدِ يمان إلا مَنَنْ أكرة‬ ‫ت به‪ :‬من‬
‫صختار‬
‫االم‬
‫على أمره أوخحتى‬
‫بلإيمان وَْكن من شرع مكف صَذْرا فَعَلَيْعِمْ عَضَبّ مّنَ الله‬ ‫وَقَلَِدٍي مط‬
‫ولص عدا عَظِيمٌ" ذبَلِِأكََنهُمُاسْتَحَبُواالحَيَاةَ الدديا عَلَى الآخرة وَأَنّ الله لآ‬
‫لوط وَسَفْججِ وص‬ ‫َهْدِي القَوْمَ الكافرين* ولك ان طبع لعل‬
‫وأُولَكِكَ هُمْ العافلونَ* لاجَرْمَ نهم في الآخرة هُمُ الخاسرون»‪.‬‬

‫‪53502‬‬
‫والثالثة‪ :‬وهي أكثر وضوحا من الاثنتين الأوليين‪ :‬فلو كان حد الردة هو القتل لكان‬
‫تطبيق حكمها على المرتد ملغيا للحكم الأخروي عليه‪ .‬ذلك أن الحد وظيفته إذا طبق أن‬
‫يمحو الذنب‪ .‬فلا يمكن أن يطبق على المرتد حد القتل ‪ #4‬الدنيا ثم يطبق عليه ‪ #2‬الآخرة‪.‬‬
‫كما صرحت به الآية‪ :‬الخلود ‪ #‬النار‪ .‬وتلك هي العلة ‪ #2‬أن المؤمن الصادق هو الذي‬
‫‪ #2‬النار‪.‬‬ ‫خنلود‬
‫لم‬‫احم‬
‫يطلب تطبيق الحد عليه لعلمه أن الجزاء الدنيوي أر‬
‫* أما ما يظن من أن حكم ردة حصل ‪ #‬صدر الإسلام فهو ليس كذلك بل هو‬
‫قد كان حكما على سلوك قيادات عصت الدولة جماعيا وليس على سلوك فرد‪ .‬والحكم '‬
‫امنوا من‬
‫كه‬‫على سلوك قيادات سعت إلى رد تابعيهم غير الحكم على حرية المعتقد بل‬

‫معارضي الحرية الدينية بموجب سلطانهم على جماعاتهم فتجب محاربتهم كما أمرت‬
‫الآية‪ .‬لذلك احتاجت الدولة إلى جيش وحملة‪ :‬وهو إذن من أحكام السياسة الشرعية‬
‫ضد الخروج على طاعة الدولة ‏ تطبيق حكم شرعي هو الزكاة‪ ,‬واللّه ورسوله أعلم‪.‬‬

‫‪ 3‬فكثرة التدقيقات © الفروض العملية أو الشعائر من البدع التي تؤسس‬


‫لسلطان رجال الدين فتتحول إلى اختصاص يتبارون فيه وهم ‪ 2‬غنى عن ذلك من‬
‫أصله‪ .‬وكان يمكن السكوت عن هذه البدع لولم تتحول إلى مصدر المناكفات العجيبة‬
‫التي صار الناس يكفرون بعضهم البعض بسببها‪ .‬ذلك أن العمل الديني ‪ #2‬كل العبادات‬
‫أصله وزبدته صدق النية والخلوص لوجه الله ولا معنى لأعيان الكيفيات الشكلية‪ .‬وليس‬
‫من شك ‪ #4‬أن بعضها ضروري لأنها توحد سلوك الجماعة الشعائري‪ .‬وهي عندئذ بسيطة‬
‫فلا تحتاج إلى نصح أوفتاوى وعلوم يزعم أهلها الاختصاص الدقيق‪ .‬فالمسلم يربى عليها‬
‫منذ نعومة أظافره ولا يحتاج فيها إلى من يجعلها مادة لعلوم يتبارى فيه المتبادون ‪2‬‬
‫قشور جعلت علوم الدين مادة للتندر عند أعدائه‪ .‬فكما يتعلم الإنسان آداب الأكل وآداب‬
‫آداب العبادة المشتركة بين المؤمنين بالممارسة خاصة ‪ #‬البيت‬ ‫لم‬
‫عفهو‬
‫تية‬
‫يماع‬
‫الحياة الج‬
‫والمسجد والمدرسة‪ .‬وي كل الأحوال فكل من يجعل هذه الشكليات المقوم الأساسي للعبادة‬

‫‪492‬‬
‫خالصة لوجه الله وذلك‬ ‫ؤوها‬
‫اه‬‫دقي‬
‫أحقي‬
‫يخرجها عن جوهرها لأن مقومها الأساسي ال‬
‫أمر شخصي مطلق ولا دخل للتعليم فيه بل هو ثمرة‬ ‫ما‬
‫هقصد‬
‫ا وال‬
‫للنية‬
‫كلا با‬
‫وكون إ‬
‫لا ي‬
‫درةرسة حيث يربى الإنسان‬
‫ملأس‬
‫لن ا‬
‫ان م‬
‫ونسا‬
‫التربية العامة للأمة ‪ 4‬مؤسسات تكوين الإ‬
‫على أخلاق الجماعة‪ .‬فإذا كانت هذه الأخلاق إسلامية حقا فإنها ستجعله يعاف الكذب‬
‫ذي يؤكد عليه حجة‬
‫ل هو‬
‫ابدأ‬
‫والنفاق اللذين تخفيهما الشكليات ‪ #4‬أغلب الأحيان‪ :‬وهذا الم‬
‫الإسلام بل ويجعله شرط إحياء أعمال الدين وعلومه‪.‬‬

‫|‬
‫‪431‬‬
‫ينبغي حسم مسألة رمزية مهمة بتأويل دلالاتها تأاولال لقاصيطةاباقلمسيحية‬
‫ولا الفهم الفقهي التقليدي‪ .‬ففكرة الخطيئة الأصلية الموروثة ‪ 612 60261015518‬تتنافى‬

‫الجنسبة بين‬ ‫اقة‬


‫لرمز‬
‫عا ي‬
‫لة ل‬
‫لشجر‬
‫لأكل من ال‬
‫ه مينن‪ .‬وفمنا ثم‬
‫جام‬
‫وإسل‬
‫مع ال‬
‫الزوجية الذي يعم كل المخلوبات ب‬ ‫دعأ‬
‫بم‬‫مافى‬
‫آدم وحواء‪.‬من وجهين ‪ :‬أولهما أنه يتن‬
‫تو‪.‬العلاقة الجنسية خطيئة ويكون آدم خليفة‬
‫نل‬‫ااه‬
‫كعن‬
‫القرآن فيكون وجود حواء فاقدا لم‬

‫الأرض التي ليس فيها من البشر إلا هو وحواء؛ وثانيهما‪ :‬يكون اعتبار الحياة الجسية‬
‫من أكبر الجزاء ب الآخرة بعد النظر إلى وجه الله فيه شيء من التناقض لذلك يبغي‬
‫أن يؤخذ رمز الأكل من الشجرة بمعنى يبقى ذا صلة بتغير ممكن ‪ #2‬نتائج الأكل بمقتطى‬
‫تغير طبيعة المأكول‪ .‬فلو قبلنا بدلالة الرمز إلى غايتها وقارنا ما يقول القرآن عن الأكل‪2‬‬
‫ربية وليس معناه‬
‫ع‪4‬‬‫للي‬
‫اأص‬
‫معناها ال‬ ‫ورة‬
‫لدعمن‬
‫اقص‬
‫الجنة بعد البعث لفهمنا أن ال‬
‫ما ليس محميا أو ما يعد نقاط الضعف ‪#‬ذ الحماية كما ف الكلام عن‬ ‫نيي‬
‫ع‪ :‬فه‬
‫تقهي‬
‫الف‬
‫التحصين خلال الحرب مع الأحزاب ‪ .‬فيكون القصد أمرا يرمز إلى ضعف وقلة حماية‬
‫ب البدن كشف عنه الأكل من هذه الشجرة المنهي عن الأكل منها‪ .‬وهذا لا يمكن أن يكون‬

‫غير فضلات الأكل التي كان يمكن أن يكون الإنسان مبرأ منها لولم يأكل من الشجرة‬
‫السعي إلى تغطية البدن دالا على أن آدم وحواء كانا‬ ‫ن‬‫وأن‬
‫كمكن‬
‫يلا ي‬
‫المحظورة‪ .‬كما أنه‬

‫قبل ذلك لا يريان جسديهما وأعضاتهما التناسلية قبل الأكل‪ .‬فهذا يعني أنهما لا يريان‬

‫‪52522‬‬
‫نفسيهما إذا كان القصد المعنى الفقهي من العورة لأن كل جسد المرأة وجل جسد الرجل‬
‫من مثير للغريزة الجنسية‪ .‬ثم أي‬ ‫سد‬
‫ج‪#‬‬‫لما‬
‫اصد‬
‫اهلة إذا كان الق‬
‫لحهذ‬
‫اة ‏‬
‫عور‬
‫معنى للعورة بالمعنى الفقهي بين الزوج و زوجه و هما وحيدان ‪ 4‬الجنّة؟ إنما الرمز‬
‫مع‬ ‫ما‬
‫همن‬
‫يخرج‬
‫دت ت‬
‫سضلا‬
‫جنة ف‬
‫جمنرة الملو‬
‫شكل‬
‫ل الأ‬
‫اقبل‬
‫يعني أنهما لم يريا من‬
‫فيكون الاطلاع عما‬ ‫د‪.‬‬
‫و له‬
‫جحقق‬
‫والم‬
‫مضوي‬
‫خطةلق لأن التجهيز الع‬
‫انل خ‬
‫أن ذلك كا‬

‫كمانخفيا هو هذا‪ :‬أي ما كان يمكن أن يظل مخفيا لو لم يحصل الأكل من الشجرة‬
‫المحظورة‪ .‬وكان الأكل من غير الشجرة المحظورة والعلاقة الجنسية يكونان من جنس‬
‫ما وصنهما القرآن به بعد البعث‪ :‬أكل دون فضلات لأن الفضلات مصدرها المأكول ولو‬
‫تصورنا مأكولا ليس فيه إلا ما يحتاج إليه البدن(حتَّى صناعيا) لما وجدت فضلات‪.‬‬
‫وطبعافذلك كله معان رمزية وهي ليست بالضرورة أمورا حصلت بمعناها الحقيقي‪.‬‬
‫وبذلك فقد حقق الإسلام ثورتين‪ .1 :‬إحداهما خلقية وهي الحشمة والستر ‪ .2‬والثانية‬
‫صحبة وهي النظافة‪ .‬فنظافة الجسد لها صلة بفضلات الأكل مدخلا ومخرجا‪ .‬وتلكما‬
‫هاملاثورتان القرآنيتان اللتان أهملتا رغم كونهما من أهم الثورات التاريخية وهما‬
‫اللان تحميان محيطي الإنسان من التلوث‪ :‬فنظافة البدن تقتضي نظافة البيئة الطبيعية‬
‫أورمزها الجنة) ونظافة النفس تقضي نظافة البيئة الثقافية (ورمزها الحياء والهندام‬

‫له على الإنسان بدلا من سلطانه عليهما‪ .‬وهذا من أدلة صحة فهمنا الفلسفة القرآنية‪:‬‬
‫كل الوجوه متناسقة‪ .‬فللبدن والنفس كليهما نصيب ‪ #2‬الرزق والذوق لأن الرزق والذوق‬
‫كليهما ذو وجه مادي ووجه روحي‪ .‬والوجه الروحي من الرزق هو جمال الطبيعة والثقافة‬
‫والوجه المادي من الذوق هو لذة الجنس والوجه المادي من الرزق هو لذة الأكل والوجه‬
‫ليذمنوق هو كل الفنون الجميلة‪.‬‬ ‫ال‬
‫اروح‬

‫‪652‬‬
‫‪ 5‬انظر هيجل‪ «:‬أما ‪ #‬المسيحية (بالمقابل مع اليونان) فإن أصل الحقيقة له‬
‫حوقيقة المضادة للطبيعة والوعي الإنساني‬
‫معنى آخر مختلفا تمام الاختلاف‪ .‬فاليلس ه‬
‫المباشر فحسب وليست الطبيعة ما ليس هو خيرا فحسب بل هي أمسرلبي‪ .‬إن الوعي‬
‫بالذات ب المسيحية يحتوى على موقف سلبي (من الطبيعة والدنيا)»‪.‬‬
‫عنامودماتطط نيعل عاج نل دوه‪ 0‬عتل تعداعن معوصتادء رملا ‪.‬اعوء ‪711.6. 11‬‬
‫‪110‬طتضناط لطنانتء علصدج[ دهم عدا ‪ 7115 5-421.5 71‬أءا[عطء ‪.[.. 1/8‬ن ‪ [10‬مم‬
‫تعض معط‪ 2‬الأعطغعطة‪ 11‬عل ‪1‬ع‪21‬ن‪ 81‬عتل أقط مسبتطمعءأمضطن ‪ 1.2481‬منالمع‪8‬‬
‫‪2‬م‪: 865‬له عذل معوعع غاء طغطه ‪ 781‬عتل تتم غطاعتم تور و تمصت معمع مه‬
‫تتطعط اخطعتم مهل غ‪ 51‬تبطدا‪ 8‬عزنا ‪.‬معطعممع‪ 8‬دعل صتعذأوكئ نم‪ 8‬عمدطا[ءع اسمن‬
‫عطاء العقطقةء صتعداذةممء‪]6‬وط‪1‬ء‪. [500 5‬دوكعلغموع]‪ 2‬بك تتتتط لتتعلده‪ 5‬تناع‬
‫‪.‬تمتاطعامتغطن تدعل تذ وستلاء )‪ 5‬عكتندو‪11‬‬ ‫‪2‬‬

‫“' ‪#‬ذ الهامش العاشر من الجزء الرابع من الكتاب الثاني‪ .‬و هذا الهامش‬
‫نا‬
‫فر‪.‬ي بل‬
‫تلمع‬
‫كي وا‬
‫اجود‬
‫المتن المناظر لم ننظر ‪ #2‬المسألة من حيث أسس حلها الو‬ ‫كما‬
‫بالإشارة إلى ما يترتب عليها © مسألة ولاية الأمر بعد النبي و‪ 4‬مسألة دور السنة‪.‬‬
‫أما هنا فإن العلاج يتصدى لأساسي الخيار الذي فضلناه‪ :‬فبفضل علاقة الجزء بالكل‬
‫(رياضية) وعلاقة الكلي بالجزئي (ميتافيزيقية) أمكن لنا علاج المشكل علاجا حاسما‬
‫نذيل به المسألة السياسية والسنية‪.‬‬

‫القرآني» دار الطليعة بيروت‬ ‫جقاز‬


‫علمطل‬
‫إر ا‬
‫لالشع‬
‫اي‪«:‬‬
‫ورزوق‬
‫‪ 731‬أبو يعرب الم‬
‫‪9‬م م‪.‬‬

‫ذلك أن تخليص الفاعل بالاستراتيجية من كل المثبطات من الشروط‬ ‫‪8‬‬


‫اليأس‬ ‫العمل والمثابرة عليه‪ .‬والسورة تشير إلى أن ما يقارب‬ ‫الضرورية للإقدام على‬

‫‪722‬‬
‫أو التردد خلال المعاجزات التي تعرض لها النبي من الكفار قد خالج فكره إذ يقول جل‬

‫وعلا‪ :‬لَك َبكَحْض ما وى لِك وَضَائِقُ به صَدركَ أن يَُولوا ولا أنزل‬


‫عَلَيْهِ كنز أَوْ جَاء مَعَهُمَلَكَ نما نت َذيرُوَاللهُ عَلَى ‪ 1‬شَيْء كيل اميد ‪.]21‬‬

‫‪ 7‬ولعل مثالا بسيطا من حياتنا المعاصرة يساعد على فهم هذه العلاقة بين‬
‫المعنى ‪ 4‬اللسان المعين ومعنى المعنى الذي يمكن تبليغه بلسان كوني يغني عن الكلام‪.‬‬
‫فالناظر ‪ #2‬الأحداث التي ترويها نشرات الأخبار بعد أن وجد البث التلفزي المباشر لما‬
‫حات القتال اليومية يمكن أن يرى ويفهم كل ما يجري دون حاجة إلى الكلام‪.‬‬
‫ا‪#‬‬‫سري‬
‫يج‬
‫إلا ما تدركه الحواس‪ .‬أما البنى الرياضية التي يمكن رسمها‬ ‫يانا‬
‫ري ل‬
‫يمرئ‬
‫لكن البث ال‬

‫اهمقة‬
‫لد ف‬
‫عمجر‬
‫لا ب‬
‫افسه‬
‫يلقة ن‬
‫رلعقو‬
‫طمه ا‬
‫ل تفه‬
‫ا ما‬
‫فإنها ترينا ما لا تراه الحواسبأعني‬
‫بين المنظومة الرامزة والمنظومة المرموزة‪ :‬وذلك هو دور الكتابة والرسوم الرياضية مثل‬
‫المعادلات والمصفوفات والجداول والتمثيل التشجيري إلخ‪ ...‬من ضروب التمثيل الرياضي‬
‫بل هوك حالات العلاج العلمي المرّيض‬ ‫مسيا‬
‫حاتكلي‬
‫تحال‬
‫للمعاني‪ .‬والتأويل‪ #.‬كل هذه ال‬
‫مناظرة بين المعادلات وكل عين تنطبق عليها المعادلة و حالات القص الممسرح مناظرة‬
‫بين المنظر المرسوم والمنظر الذي يعيشه المخاطب فعلا أو تخيلا‪ .‬وذانك هما أداتا الإفادة‬
‫القرآنية المتحققتان ‏ المثل و الأمثال التي يضربها القرآن والتي لا تفهم إلا بعلم ومن‬
‫ثم فغفهمها مشروط بعلم متقدم عليه‪ :‬ووَتلك الأمَكَالَ نَضرِبهًا للنّاس وما يَعَقلهًا ‪3‬‬
‫العَالمُونَ ‪[ 4‬العنكبوت ‪.]34‬‬

‫والمفروض أنا كللأقصنصبياء عندما يتسلسل فيه أكثر من نبي يكون مفيدا‬
‫بحلقات السلسة بترتيبها وبالأغراض التي ذكرت من الرسالات المعنية‪ .‬ونحن هنا نبين‬
‫الواردة ‪ ْ#‬سورة هود ويمكن أن نبحث السلاسل الأخرى عند طلب‬ ‫لالسلة‬
‫اكل ةكسمث‬
‫ذل‬

‫أمور أخرى غير الإستراتيجية والدور الرمزي كما هي الحال هنا حيث وحدنا مطلوينا‪.‬‬

‫‪8502‬‬
‫‪141‬‬
‫أبو يعرب المرزوقي‪« :‬تجليات الفلسفة العربية» دار الفكر والفكر المعاصر‬
‫دمشق بيروت ‪3002‬م وأيضا أبويعرب المرزوقي‪ « :‬إصلاح العقل ‪ #2‬الفلسفة العربية»‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية بيروت الطبعة الثالثة ‪4002‬م‪.‬‬

‫‪ 7‬وقد يظننا البعض نفرط ‪ #‬التأويل البعيد لذوهبنا إلى حد تحليل الاسمين‬
‫الأعجميين من السلسلة أعني إبراهيم وموسى فاعتبرناهما ‪-‬عكس الواقع‪ -‬قابلين‬
‫للإفادة عربيا إذا نسبناهما إلى اشتقاق عربي‪ .‬فالغريب أننا سنصل إلى نتائج ذات‬
‫دلالة تكاد تكون عين الدلالة التي نجدها ‪ #‬المعنى الأعجمي‪ .‬وهو ما لا يمكن أن يكون‬

‫محض صدفة‪ :‬فموسى يمكن أن يفهم اسم مفعول من آسى ويعني الذي واساه ربه وقد‬
‫فعل حقا لما نجاه من الغرق © الطفولة وك الكهولة ونصره ضد الطاغوت‪ .‬وإبراهيم‬
‫عنى من يبرىّ الهيم (ما هام من النوق) أعني جامعها ومعالجها‪ .‬وهو‬
‫مهم‬
‫يمكن أنبتف‬
‫قد فعل إذ هو رمز التوحيد المطلق ومن ثم هو موحد الشرائع إذا اعتبرنا الناقة رمز‬
‫الشريعة لأنها سفينة الصحراء وسفينة نوح هي الشريعة التي تنقن البشرية من الغرق ‪2‬‬
‫فساد الذوق والرزق وسلطانيهما بفضل الاستجابة للرب‪.‬‬

‫‪952‬‬
‫الجله فه التفسير‬
‫‪000‬‬ ‫ل‬
‫‪200‬‬ ‫اال ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫‪/‬‬ ‫الإسراء‪501-601 :‬‬
‫كل ما تتضمنه هذه المحاولة مبتداه من هاتين الآيتين ومنتهاه إليهما‪ .‬فمطلوبنا ذو صلة مباشرة |‬
‫بالعالاقة التي بين سورة الإسراء ومنزلة الأمة ‪ 4‬التاريخ الكوني منن نشأتها إلى الآن‪ .‬وقد تأكدت هذه المنزلة ‪/ 4‬‬
‫ل‬ ‫‪ 2‬ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫الصاو عر موي مسا|‬ ‫ل‬ ‫هم دولي آلإلى تدخل مباشر ‪ #‬المحددات الأساسية العا لا‬
‫الروحية‪ .‬وسورة الإسراء لكأنها الوصف الدقيق لحا المسلمين اليوم ‪ 4‬لحظة المجاهدة التي تحقق الانتقال من رد ‏‪١‬‬
‫‪7 1‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪2‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫يوفقنا الله ‪ 4‬تحقيقه إن شاء الله‪.‬‬
‫إن استراتيجية القرآن التوحيدية ومنطق السياسة المحمدية وطبيعة الوجه المطلوب‪:‬منهما والعلاقة |‬
‫‪0‬‬ ‫اا م ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪0‬‬‫‪0‬‬ ‫ل ا‬
‫بكرت بالرياء‪ :‬نحو هدف توخيد الإتسانية خول قيم القرآن الكريم‪:‬لآن رسولها أسرى به ريه فاطلعة عل ||‬
‫‏‪١‬‬ ‫‪0‬‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫‪1‬‬
‫‪1‬‬ ‫ل‬
‫ا‬
‫‪1‬‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪00000‬‬
‫ثانيا‪ :‬من حيث منطق السياسة فالرسول هو البشيرٌ (‪-‬بثمرات تطبيق الاستراتيجية) وهو النذير ‏‪٠‬‬
‫‪( ٠‬سيعواقد عدم تكنشقها) مده الله بمنهاء التعليم امأمور نه (القراءة على الناس على مكت ) وبشرعة التطبيق‪| ‎‬‬
‫‪ 0 1‬ا‪‎‬‬ ‫‪ 0‬ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ل‪‎‬‬ ‫ا‬
‫ل‪‎‬‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اعتبره علة الغلو المسيحي الذي آل إلى تأليه عيسى عليه السلام‪. ‎‬‬
‫عت‬

‫‪5952795‬‬

You might also like