0% found this document useful (0 votes)
184 views30 pages

كاظم أهمية الآثار البيولوجية في كشف الجريمة

تتناول الوثيقة موضوع أهمية اآلثار البيولوجية في كشف الجرائم. حيث تتضمن معلومات عن أنواع الآثار البيولوجية مثل البصمات وإفرازات الجسم وبصمة الحمض النووي، بالإضافة إلى طرق فحص كل نوع وحجيتها في الإثبات.
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
184 views30 pages

كاظم أهمية الآثار البيولوجية في كشف الجريمة

تتناول الوثيقة موضوع أهمية اآلثار البيولوجية في كشف الجرائم. حيث تتضمن معلومات عن أنواع الآثار البيولوجية مثل البصمات وإفرازات الجسم وبصمة الحمض النووي، بالإضافة إلى طرق فحص كل نوع وحجيتها في الإثبات.
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 30

‫جمهورية العراق‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫كلية السالم الجامعة‬
‫قسم تقنيات األدلة الجنائية‬

‫أهمية اآلثار البيولوجية في كشف الجريمة‬

‫بحث مقدم من قبل الطالب‬


‫كاظم مدب محمد‬

‫بأشراف‬
‫م‪.‬د‪ .‬سمير محمد احمد‬

‫‪1445‬ه‬ ‫‪2024‬م‬
‫الر ِحيم‬ ‫س ِم اللَّـ ِه َّ‬
‫الر ْح َم ٰـ ِن َّ‬ ‫ِب ْ‬

‫آن ِمن قَ ْب ِل‬ ‫ق ۗ َو ََل ت َ ْع َج ْل ِبا ْلقُ ْر ِ‬ ‫﴿فَتَعَالَى َّ‬


‫َّللاُ ا ْل َم ِلكُ ا ْل َح ُّ‬
‫ب ِز ْدنِي ِع ْل ًما﴾‬ ‫ض ٰى إِلَ ْي َك َو ْحيُهُ ۖ َوقُل َّر ِ‬ ‫أَن يُ ْق َ‬

‫] طه‪[114:‬‬
‫اإلهداء‬

‫إلى من وضع المولى ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬الجنة تحت قدميها‪ ،‬ووقَّرها في كتابه العزيز‪...‬‬

‫(أمي الحبيبة)‪.‬‬

‫األول في بلوغي التعليم‬


‫إلى صاحب السيرة العطرة‪ ،‬والفكر ال ُمستنير؛ فلقد كان له الفضل َّ‬

‫العالي والذي لم يتهاون يوم في توفير سبيل الخير والسعادة لي‪..‬‬

‫(أبي ال ُموقَّر)‪.‬‬

‫إلى من أعتمد عليه في كل كبيرة وصغيرة‪..‬‬

‫(أخي ال ُمحترم)‪.‬‬

‫إلى أصدقائي ومعارفي الذين أُجلُّهم وأحترمهم‪..‬‬

‫إلى أساتذتي في كلية السالم الجامعة _قسم األدلة الجنائية‬

‫أُهدي لكم بحثي في أهمية اآلثار البيولوجية في كشف الجريمة‬


‫الفهرس‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫المبحث األول األثار البيولوجية وطر ق فحصها‬
‫‪2‬‬ ‫المطلب األول البصمات‬

‫‪2‬‬ ‫الفرع األول بصمات األصابع‬


‫‪8‬‬ ‫الفرع الثاني بصمات الرأس‬
‫‪15‬‬ ‫الفرع الثالث بصمة الصوت‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب الثاني إفرازات الجسم‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع األول األول البقع الحيوية‬
‫‪20‬‬ ‫الفرع الثاني البقع غير الحيوية‬
‫‪21‬‬ ‫المطلب الثالث بصمة الحمض النووي‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع األول تعريف بصمة الحمض النووي‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الثاني البحث عن عينات واستخالص بصمة الحمض النووي‬
‫‪23‬‬ ‫الفرع الثالث حجية بصمة الحمض النووي في اإلثبات‬
‫‪24‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪24‬‬ ‫المصادر‬
‫مقدمة‬
‫لقد اتجهت البحوث الجنائية العلمية الحديثة إلى البحث عن وسائل إلثبات الجريمة و الكشف عن مرتكبيها‬
‫‪ ،‬فاهتمت هذه البحوث بدراسة اآلثار الجنائية التي يتركها الجناة بمسرح الجريمة و البحث عـن طبيعتها ‪،‬‬
‫و فحصها بواسطـة الوسائل و األجهزة العلميـة المتوفـرة في المخابر للوصول إلى الدليل الذي يؤدي إلى‬
‫إثبات الجريمة أو نفيها ‪ ،‬و هو الدليل الذي تقدمـه مخابر الشرطة الجنائية بعد فحصها لآلثار الجنائية ‪.‬كما‬
‫تجدر المالحظة أن الدليل الفني في مجال البحث الجنائي ال يقتصر على تحديد ماهية األثر الجنائي فقط بل‬
‫يتعداه إلى معرفة مدى مسؤولية المتهم عن هذا األثر و نسبته إليه ‪ ،‬و من ثم هل يستحق اإلدانة أم البراءة ‪.‬‬
‫و تعتبر نقطة اإلنطالق في أغلب التحقيقات الجنائية بناء على اآلثار الجنائية ‪ ،‬و التي تصبح‬
‫بعد فحصها أدلة مادية و هي عبارة عن أدلة محسوسة و ملموسة ‪ ،‬و غالبا ما تكون معبرة عن الحقيقة‬
‫ألنها تعتبر بمثابة الشاهـد الصامت‪ ،1‬و من ثم يتزايد دور مخابر الشرطة الجنائية أكثر فأكثـر إلنارة‬
‫الطريق أمام القاضي الجزائي ‪ ،‬ليكون حكمـه في األخير مدعما بأدلـة قويـة و كافيـة ‪.‬‬
‫إن مصدر اآلثار الجنائية هو مسرح الجريمة كما سبق و أن رأينا ‪ ،‬و تختلف هذه اآلثار من حيث‬
‫مصدرها فمنها ما هو بيولوجي مصدره جسم اإلنسان يتركه مرتكب الجريمة كبصمات األصابع ‪ ،‬آثار‬
‫األقدام ‪ ،‬الشعر ‪ ،‬األظافر ‪ ،‬الدماء و غيرها ‪ .‬و منها ما هو غير بيولوجي يخص األدوات المستعملة في‬
‫ارتكاب الجريمة ‪ .‬و كل أثر من هذه اآلثار تهتم مخابر الشرطة الجنائية بفحصه طبقا ألسلوب معين يتالءم‬
‫و طبيعة األثر ‪ ،‬لتتحصل في األخير على نتائج دقيقة تقدم للعدالة ‪ ،‬و قيامها بهذا العمل ال يتم إال بناء على‬
‫تسخيره من وكيـل الجمهورية ‪ ،‬أو مـن قاضي التحقيـق ‪ ،‬أو مـن طرف مصالـح الدرك الوطني أو األمـن‬
‫الحضري أو الوالئي حتى يكون عملها قانونيـا و خاضعـا فـقط للجهات األمنيـة و القضائيـة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ مسعود زبدة ‪ " :‬القرائن القضائية " ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 47‬‬
‫المبحث األول‬

‫اآلثار البيولوجية و طرق فحصها‬

‫تعتبر اآلثار البيولوجية مجموعة من المخلفات الحيوية التي مصدرها جسم اإلنسان و إفرازاته ‪ ،‬كآثار‬
‫البصمات التي يكون الجاني قد تركها على بعض األشياء إثر لمسها بمسرح الجريمة ‪ ،‬أو آثار شعره‬
‫الذي تساقط منه دون أن ينتبه سواء إثر مقاومة الضحية أو تساقط تلقائيا ‪ ،‬أو بقع دموية أو منوية‬
‫أو غيرها ‪ ،‬كلها توجب الفحص للتأكد من نسبتها للمتهم ‪ .‬و سنتطرق لهذه اآلثار بشيء من التفصيل‬
‫من خالل ثالثة مطالب ‪ ،‬حيث ندرس أوال البصمات بمختلف أنواعها و التركيز في كل نوع على‬
‫طريقة فحصها و خاصة حجيتها في اإلثبات ‪ ،‬ثم نتعرض لدراسة إفرازات جسم اإلنسان طرق فحصها‬
‫و حجيتها فـي اإلثبات ‪ ،‬و أخيرا ندرس الحمض النووي أو البصمـة الوراثيـة ‪ ADN‬كأحدث تقنيـة‬
‫في اإلثبات ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬البصمات ‪.‬‬
‫لقد دلت كل التجارب تقريبا على أن أسلوب البصمات يلعب دورا كبيرا في التحقيق الجنائي ‪ ،‬و على‬
‫أنه األسلوب الوحيد الذي ال يخطيء ‪ ،‬لكن هذه الفكرة قد بدأت تحجب ألنها ظهرت عندما تصدرت‬
‫بصمات األصابع علم األدلة الجنائية ‪ ،‬فكانت آنذاك اكتشافا جديدا أحدث ثورة في مجال البحث الجنائي ‪،‬‬
‫لكن األبحاث العلمية أظهرت وجود بصمات أخرى لدى اإلنسان ال تقل أهمية عن بصمات األصابع‬
‫مثل بصمة األذن ‪ ،‬بصمة الشفتين ‪ ،‬بصمة المخ و حتى بصمة الصوت ‪ ،‬و مازال العلم يفاجئنا يوما‬
‫بعد يوم بالمزيد من اإلكتشافات في هذا المجال ‪.‬‬
‫و م ما سبق يمكننا تقسيم دراسة هذا المطلب إلى ثالثة فروع حيث ندرس بصمات األصابع ثم بصمات‬
‫الرأس و أخيرا بصمة الصوت ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬بصمات األصابع ‪.‬‬
‫تتكون البصمة في جسم اإلنسان و هو في رحم أمه من الشهر الرابع و تكتمل خلقا قبل ميالده ‪ ،‬و هذا‬
‫في الشهر السادس و تستمر إلى ما بعد الوفاة ‪ ،‬حيث ثبت علميا أ ن الجلد هو آخر ما يصيبه التحلل من‬
‫أجزاء الجسم ‪.‬‬
‫البصمة هي عبارة عن خطوط حلمية بارزة تجاورها تجاويف غائرة و يوجد على الخطوط الحلمية‬
‫البارزة فتحات المسام العرقية التي تتصل عن طريق قنوات بالغدد العرقية ‪ .‬هذه الخطوط الحلمية البارزة‬
‫هي التي يعلق بها الحبر ‪ ،‬بينما تظل التجاويف الغائرة خالية من الحبر لذلك عند أخذ بصمة اإلصبع‬
‫على الورق يلتصق الحبر العالق بالخطوط الحلمية بالورق و يبقى موضع التجاويف الغائـرة فارغا ال أثـر‬
‫للحبر فيه ‪ .1‬و تغطي هذه البصمات أطراف األصابع و راحة اليد و باطن القدم و أصابعه ‪ ،‬لذلك بصمات‬
‫األصابع في وقتنا الحالي تشكل البصمة المتخلفة عن األصابع أو راحة اليد و حتى األقدام كما أنه في‬
‫غالب األحيان ما يتعذر معرفة مصدر البصمة من هذه المصادر المختلفـة لذلك سوف نتطرق إلى هذه‬
‫األنواع فيما يلي ‪:‬‬
‫أوَل ‪ :‬بصمات أصابع اليد‬
‫ثبت يقينا وباألساليب العلمية أن بصمات األصابع تتميز بميزتين هامتين يبنى عليهما استخدامها‬
‫في تحقيق شخصية األفراد هاتين الميزتين هما ‪:‬الثبات وعدم التغير ’ وعدم وجود شخصين لهما بصمتان‬
‫متماثلتان في الخطوط و الميزات حتى و لو كانا توأمين من بويضة واحدة ‪.2‬‬
‫لقد اتخذ علماء األبحاث الجنائية تصنيفا لبصمات أصابع اليد و جعلوها أربعة أنواع ‪:‬‬
‫• أشكال ليس بها زوايا مطلقا و تسمى بالمقوسات ‪ ،‬و تشكل من نوعين من البصمات ‪ :‬المقوس‬
‫العادي و المقوس الخيمي ‪ ﴿.3‬أنظر الملحق ‪﴾ 3‬‬
‫• أشكال بها زوايا سميت بالمنحدرات ‪ ،‬و هي إما منحدر من اليمين أو منحدر يسار ‪.‬‬
‫• أشكال بها دوائر سميت النوع الحلزوني أو المستديرات و فيه يدور الخط حول نفسه مكونا دوائر‪.‬‬
‫• النوع المركب و يحتوي على أكثر من نوع من األنواع السابقة ‪.4‬‬
‫إن تخلف البصمة في مسرح الجريمة أمر وارد لذا كان واجبا على فريق خبراء مسرح الجريمة‬
‫البحث عن مختلف البصمات بالمكان ‪ .‬إذا كانت البصمة ظاهرة للعين فيجب على الخبير أال يسرع في‬
‫استعمال المساحيق لرفعها ‪ .‬ألن مثل هذه البصمات تكون محتوية على كمية وافرة من المواد الدهنية ‪،‬‬
‫فمن األفضل تصويرها مباشرة لضمان سالمتها مع تسليط اإلضاءة المالئمة ‪ .‬أما إذا كنا بصدد بصمات‬
‫خفية فالبد إلظهارها من استعمال مساحيق معينة ‪ ،‬مثل كلوريد الصوديوم ‪ ،‬المنغنيز ‪ ،‬أو مسحوق‬
‫األنثراسين إذا كانت البصمة على سطح ملون ‪ ،‬أو حتى إظهارها بواسطة تفاعالت كيميائية مثل محلول‬
‫نترات الفضة و بخار اليود ‪ ،‬و بعد إظهارها تأتي عملية الرفع بواسطة شريط شفاف يثبت إلى جانب‬
‫البصمة المظهرة ثم يمدد فوقها بعناية بعدها ينزع لتكون ذرات المسحوق قد التصقت بالسطح اللزج‬
‫للشريط ‪ ،‬بعدها يثبت الشريط على بطاقة ‪.5‬‬

‫‪ 1‬ـ ضياء الدين حسن فرحات ‪" :‬البصمات أهميتها ـ أشكالها ـ إظهارها ـ رفعها ـ المضاهاة الفنية " ‪ ،‬توزيع منشأة المعارف‬
‫باإلسكندرية ‪ ،‬جالل حزي و شركاؤه ‪ ، 2005‬ص ‪. 05‬‬
‫‪ 2‬ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪" :‬أدلة مسرح الجريمة"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 11‬‬
‫‪ 3‬ـ ضياء الدين حسن فرحات ‪" :‬البصمات أهميتها ـ أشكالها ـ إظهارها ـ رفعها ـ المضاهاة الفنية " ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 53‬‬
‫‪ 4‬ـ هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع‬
‫السابق ص ‪. 149‬‬
‫‪ 5‬ـ ضياء الدين حسن فرحات ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 54‬ـ ‪. 55‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 194‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫في حالة وج ود جثة مجهولة الهوية بمسرح الجريمة ‪ ،‬فتؤخذ بصمات أصابعها و لكن تتوقف سهولة‬
‫هذه العملية على حالة الجثة ‪ .‬فإذا لم تصل حالتها إلى درجة التيبس الرمي ‪ ،‬هنا تنظف األصابع بالكحول‬
‫أو بمحلول من الماء و الصابون ثم تجفف جيدا ثم تطلى بحبر البصمة و تؤخذ بذلك بصمات الجثة ‪ .‬أما‬
‫إذا كانت الجثة في حالة تيبس رمي فيقوم الطبيب الشرعي بتسهيل عملية خبير البصمات بكسر التيبس‬
‫الرمي و هذا بفرد األصابع بالتمرين العنيف أو بقطع وتر العضلة أو قطع األصابع نفسها ثم أخذ‬
‫البصمات على الطريقة السابقة ‪ .‬أما إذا كنا بصدد جثة انتشلت من الماء أو أصبحت على درجة متقدمة‬
‫من التحلل الرمي ‪ ،‬هنا يتم نزع الجلد المغطي للكف و األصابع و يوضع في محلول الفورمالين بتركيز‬
‫‪ %20‬لمدة ساعتين على األقل ‪ ،‬بعدها يقوم الخبير بلبس جلد األصابع على شكل قفازات و تؤخذ‬
‫البصمات عاديا بالطريقة السابقة‪ .‬أما إذا كان التعفن تاما فيتم تصوير البصمات بواسطة األشعة السينية ‪.1‬‬
‫يتم حفظ البصمات المأخوذة في ذاكرة الكمبيوتر الذي يتولى تصنيفها و وضع التقسيمات الفنية لها‬
‫و مضاهاتها مع البصمات المخزنة في ذاكرة الكمبيوتر ﴿ نظام ‪ AFIS‬لحفظ و استرجاع بصمات‬
‫األصابع ﴾‪ ،‬و قد تكون المضاهاة مع بصمات المشتبه فيه و هذا بالبحث في المميزات الشخصية لكل‬
‫بصمة ‪ ،‬فقد تمكن من معرفة مهنة الشخص من خالل اآلثار و الخدوش التي تتميز بها بصمته ‪ ،‬و قد‬
‫استقر رأي علماء البصمات في معظم دول العالم على وجوب توافر ‪ 12‬عالمة مميزة على األقل إلثبات‬
‫التطابق بين بصمتين ‪.‬‬
‫إن البصمات و لوقت طويل كانت السالح الذي أشهرته الشرطة الجنائية في وجه المجرمين ‪ ،‬و رغم‬
‫ظهور أدلة جديدة في مجال البحث الجنائي تفوقها أهمية كالبصمة الوراثية ‪ ،‬إال أنها لم تتراجع و الزالت‬
‫تعتبر من أهم األدلة الجنائية في اإلثبات‪ ،‬و إن اكتشاف الجديد من األدلة ال يقلل من قيمتها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬بصمة الكف‬
‫إن أول استخدام لبصمة الكف كان في ‪ 9‬سبتمبر ‪ ، 1931‬و منذ ذلك الوقت بدأت بصمة الكف تأخذ‬
‫وضعها في اإلثبات الجنائي و تصدر أحكام بعد التعرف على الجناة من خالل بصمات أو جزء من‬
‫بصمات الكف أو راحات اليد‪. 2‬‬
‫من الحقائق الثابتة أن بصمة الكف لها جميع الخصائص المميزة الثابتة في بصمات األصابع‬
‫فالخطوط الحلمية في بصمة الكف أو راحة اليد تختلف عن تلك الموجودة باألصابع ‪ ،‬لكنها من حيث‬
‫مضاهاتها تكون أصعب من مضاهاة بصمات أصابع اليد ‪ ،‬ذلك ألن الخبير في مسرح الجريمة يكون قد‬
‫اكتشف جزءا صغيرا من بصمة الكف ‪ ،‬و نادرا ما يمكن وجود آثار لبصمة كف كاملة ‪ ،‬لذلك فإن عملية‬

‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 199‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬المرجع السابق ص ‪. 54‬‬


‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 36‬‬ ‫‪2‬‬
‫مضاهاة جزء صغير من بصمة كف أو راحة يد غير محددة مع بصمة كف كاملة أصعب من مضاهاة‬
‫بصمة إصبع مع أخرى ‪.1‬‬
‫تتم المضاهاة على أساس تحديد موضع الجزء من بصمة الكف المراد مضاهاتها ‪ ،‬ثم تقارن‬
‫على أساس الشكل العام التجاه الخطوط في كلتا البصمتين ‪ ،‬و كذا البحث عن المميزات و األشكال‬
‫الخاصة براحة اليد ‪ ،‬و ذلك ألن الخطوط الحلمية لبصمة الكف ال تسير على خط مستقيم تماما بل تنحني‬
‫و تتقوس ﴿ أنظر الملحق ‪ ، ﴾ 3‬مما قد ينتج عنه ظهور أشكال المقوسات و المنحدرات ‪ .‬و منه يمكن تقسيم‬
‫شكل بصمة الكف إلى أربعة مواقع ‪:‬‬
‫• الجزء الواقع أسفل بصمة الخنصر األيمن أو األيسر ‪ ،‬و الذي يتميز بكون الخطوط مقوسة‬
‫من أسفل و تكاد تنتهي من الناحية اليمنى و تكون خطوطها مفتوحة و تنتهي خطوطها بالتجميع‬
‫من الناحية اليسرى و تبدأ باإللتحام مع خطوط الجزء الثاني و هذا الوصف خاص باليد اليمنى ‪،‬‬
‫أما اليسرى فعلى عكسها ‪.‬‬
‫• الجزء الواقع أسفل بصمة اإلبهام األيمن أو األيسر ‪ ،‬و يتميز هذا الجزء بأن خطوطه تبدأ‬
‫من أسفل و تتجه نحو اليسار أسفل اإلبهام األيمن في شكل خطوط مقوسة أو تكاد ‪ ،‬وتكون في اليد‬
‫اليمنى و عكسها تماما في اليد اليسرى ‪ .‬و يتميز هذا الجزء بوجود خطوط رفيعة بكثرة تتقاطع‬
‫مع خطوطه ‪.‬‬
‫• الجزء الواقع أسفل األصابع األربعة ‪ ،‬هذا الجزء عبارة عن زوايا ‪ ،‬كل زاوية أسفل إصبع‬
‫من األصابع ‪ ،‬و يجاور هذه الزوايا أشكال فنية تتقارب في معظم مساحة راحة اليد ‪.2‬‬
‫• الجزء الخاص بسالميات األصابع ‪ ،‬عادة ال تأخذ هذه السالميات شكل البصمات بل تظهر مجرد‬
‫خطوط لكن هذا ال يمنع من وجود شكل محدد ‪.‬‬
‫و لتحديد هذه المناطق أهمية كبرى عند قيام خبير الشرطة الجنائية بمضاهاة هذه البصمة مع بصمات‬
‫راحات اليد المخزنة لديهم و لدى مختلف مصالح األمن ﴿ درك ‪ ،‬جمارك ‪ ،‬شرطة ﴾ ‪ ،‬و كما هو الحال في‬
‫بصمات األصابع فإنه إذا وجدت إثنتا عشر نقطة مميزة يمكن أن يتم تقرير تطابق البصمتين ‪. 3‬‬
‫و قد استقر الرأي اآلن في معظم دول العالم على األخذ بهذه البصمة في مجال اإلثبات الجنائي ‪ ،‬كما‬
‫جرى العمل ميدانيا في الجزائر عند توقيف مشتبه فيه خاصة من قبل أعوان الجمارك أو الدرك الوطني‬
‫على أخذ بصمات أصابعه العشرة و كذا بصمات كفيه و تصويره بصورة مقابلة و صورة جانبية ‪،‬‬

‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 36‬ـ ‪. 37‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ ضياء الدين حسن فرحات ‪ :‬المرجع السابق ص ‪ 22‬ـ ‪. 23‬‬


‫ـ ضياء الدين حسن فرحات ‪" :‬البصمات أهميتها ـ أشكالها ـ إظهارها ـ رفعها ـ المضاهاة الفنية " المرجع السابق ص ‪. 23‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ ضياء الدين حسن فرحات ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 23‬ـ ‪. 24‬‬ ‫‪3‬‬

‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص من ‪ 36‬إلى ‪. 38‬‬
‫و تحفظ في جهاز الكمبيوتر و يتم إرسالها إلى الكمبيوتر المركزي بالعاصمة الذي يتولى إرسالها إلى‬
‫مختلف أجهزة األمن عبر كامل التراب الوطني و كل ذلك في دقائق معدودة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬بصمة القدم‬
‫إن آثار األقدام هي أكثر اإلنطباعات التي تشاهد في مسرح الجريمة أو بالقرب منه حيث تتكون آثار‬
‫األقدام بالموقع عندما تتلوث القدم العارية أو الحذاء ببعض المواد الغريبة أو الدهون أو األتربة أو عندما‬
‫تضغط القدم العارية أو الحذاء على مادة قابلة للتشكل مثل الطين ‪ ،‬و منه تتركز دراستنا آلثار األقدام من‬
‫الجانب العلمي و بيان طرق اإلستفادة منها في إثبات الفعل اإلجرامي و ذلك من خالل تعريفها ‪ ،‬معرفة‬
‫أماكن وجودها ‪ ،‬كيفية رفعها ‪ ،‬و أخيرا فحصها ‪ ،‬مع المالحظة أن بصمات القدم ال تسمح بالتعرف على‬
‫هوية صاحبها بالدقة التي تعرفها بصمات أصابع اليد و لكنها فقط يمكنها أن تثبت التشابه المحتمل و ربما‬
‫تحديد الجنس ‪.1‬‬
‫‪ /1‬تعريف طبعات األقدام ‪ :‬للقدم خمسة أصابع و كل أصبع يتركب من ثالث سالميات ما عدا األصبع‬
‫األكبر فإنه يتركب من سالميتين ‪ ،‬و تحت كل سالمية أمامية وسادة تلتقي مع األرض عند المشي‬
‫و هي من جلد و نسيج خلوي ‪ .2‬ويسمى الجزء المرتفع عن األرض الوق األخمصي و جزء القوس‬
‫األخمصي من الجانب الخارجي هو الذي يمس األرض و يترك بها آثار البصمات ‪ ﴿ 3‬أنظر الملحق ‪. ﴾ 3‬‬
‫يتضح من أثر القدم و شكله ما إذا كان الجاني ينتعل حذاءا أم كان حافيا ‪ ،‬ففي الحالة األولى يمكن‬
‫الوصول إلى معرفة شكل الحذاء و نوعه و مهنة صاحبه ‪ ،‬حيث أن هناك أحذية تحمل في نعلها رسوما‬
‫و أشكاال معينة تميزها عن غيرها ‪ ،‬كما هو الحال في أحذية الجنود و العساكر إذ يوضع في أسفل الحذاء‬
‫عدة مسامير لوقايتها ؛ و يثبت بعد المضاهاة التي يقوم بها خبراء الشرطة الجنائية أن األثر يعود لهذا‬
‫المتهم أو ذاك بفضل هذه المميزات ‪ .‬في حين أنه في الحالة التي تكون القدم حافية فإن األثر الذي تتركه‬
‫هو أثر البصمة أي أثر الحلمات البارزة ‪.4‬‬
‫‪ /2‬رفع آثار طبعات األقدام ‪ :‬يجب على خبير مسرح الجريمة بعد أن يعرف وقائع الحادثة أن يفكر في‬
‫أي الطرق سلكها الجاني في ذهابه و إيابه و أي األماكن وقف بالقرب منها ‪ ،‬فيبحث فيها عن أثر الجاني‬
‫حيث أن المجرم الذي يخرج قاصدا ارتكاب جريمة نادرا جدا أن يعمل ما يعمله الشخص الحسن النية‬
‫الخالي من سوء القصد ‪ ،‬فهو ال يرتكب جريمته جهارا بل يرتكبها تحت ستار الظالم أو خلسة في النهار‬
‫و يخشى من المسير في الطرق العمومية العادية للوصول إلى المكان المقصود و يفضل عند العودة‬
‫أن يسلك طريقا مغايرا حتى يكون في مأمن من اكتشاف أمره ‪ ،‬لذلك وجب على هذا الخبير عدم إهمال أي‬

‫ـ يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 138‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 164‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪. 164‬‬ ‫‪3‬‬

‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي التطبيقي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 284‬‬ ‫‪4‬‬
‫أثر موجود بمسرح الجريمة و لو اعتبره تافها ‪ .‬و أغلب األماكن التي تتواجد بها هذه اآلثار هي السطوح‬
‫الصلبة و الجافة ‪ ،‬أرضيات الخشب أو البالط أو الصخر‪ ،‬أرضيات األتربة أو الرمل أو الطين ‪.‬‬
‫يختلف أثر القدم العارية عن أثر القدم المنتعلة ‪ ،‬فأثر األولى هي اآلثار الخفية و التي تكون في شكل‬
‫بصمات ‪ ،‬و يتم رفعها بنفس طرق رفع بصمات األصابع و هذا بعد تصويرها ‪ .‬في حين أن أثر الثانية‬
‫و التي هي آثار ظاهرة و هي بدورها قد تكون غائرة أو سطحية بحسب طبيعة السطح الذي انطبعت‬
‫عليه ‪ ،‬فيتم رفعها بتقنيات مختلفة ‪ ،‬حيث تبدأ أول مرحلة هي تصوير األثر مع وضع مسطرة طوليا‬
‫بجانبه ثم أخذ صورة عامة و أخرى مقربة ‪ ،‬ألن الصورة قد تظهر تفاصيل قد ال تراها العين و ال يظهرها‬
‫القالب ‪ ،‬بل إن بعض التفاصيل قد يتلفها صب مادة القالب عليها و خاصة إذا كان األثرعلى تراب أو رمل‬
‫جاف ‪.1‬‬
‫يتعين نظرا ألهمية هذه اآلثار استخدام المواد التي تصلح في عملية الرفع ‪ ،‬و يجب أن تكون المادة‬
‫التي يتم عمل قالب منها لها خاصية التجمد ‪ ،‬و يعتبر الجبس الباريسي من أكثر المواد استعماال و أفضلها‬
‫من طرف خبراء مسرح الجريمة للشرطة العلمية و هذا لنقائه و متانته و مالءمته‪ ،‬لذا كان من الضروري‬
‫أن يكون الجبس محفوظا في وعاء مغلق حتى ال يتأثر بالعوامل الجوية ‪ .2‬و تتمثل الطريقة التي يتبعها‬
‫عمليا خبراء الشرطة الجنائية في رفع آثار األقدام بواسطة هذا الجبس في النقاط التالية ‪:‬‬
‫• إذا كان فوق األثر ماء أو دماء فالبد من تجفيفه أوال بعناية و هذا بواسطة ماصة ‪.‬‬
‫• يحاط األثر بإطار من الصفيح أو أربع قطع خشبية أو معدنية على بعد حوالي ‪ 2‬سنتيمتر من‬
‫جوانب األثر األربعة ‪ ،‬و تكون أطوالها أطول قليال من األثر بحيث تشكل القالب ‪.‬‬
‫• يتم إعداد محلول الجبس الباريسي الذي نستعمله بوضع قدر من الماء يضاف إليه الجبس تدريجيا‬
‫و يقلب جيدا مدة دقيقتين على األقل ‪.‬‬
‫• يسكب المحلول على األثر بحذر و األفضل استعمال ملعقة ‪ ،‬فإذا ما غطي األثر بالمحلول يقوى‬
‫القالب بشرائح من الخشب و يستأنف سكب المحلول ثانية ‪.‬‬
‫• يجف القالب بعد خمس دقائق ليأخذ شكل األثر مباشرة لكن ال يتم رفعه إال بعد مرور نصف ساعة‬
‫لضمان سالمته ‪ ،‬بعد رفعه يجب التخلص من األتربة العالقة به بواسطة فرشاة ناعمة ‪ ،‬و في‬
‫األخير تكتب عليه كافة المعلومات الالزمة من تاريخ رفع األثر ‪ ،‬مكان وجوده ‪ ،‬و اسم رافعه ‪.3‬‬
‫‪ /3‬مقارنة آثار األقدام ‪ :‬تتم المقارنة بين القالب و بين أثر حذاء أو قدم المشتبه فيه من حيث ‪:‬‬

‫ـ خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 88‬ـ ‪. 89‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 166‬ـ ‪. 167‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪. 167‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع‬ ‫‪3‬‬

‫السابق ص ‪ 124‬ـ ‪. 125‬‬


‫ـ عبد الفتاح مراد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 167‬ـ ‪. 168‬‬
‫* نوع القدم ﴿ مقوسة ـ عادية ـ منبسطة ﴾‪.‬‬
‫* المقاسات و العالمات المميزة و الخطوط الحلمية في القدم العارية ﴿ وجود ‪ 12‬عالمة تشابه‬
‫من الخطوط الحلمية في األثرين ﴾ ‪.‬‬
‫* مقارنة أثر الحذاء أي القالب بالحذاء نفسه من خالل مشاهدة شكل الحذاء و رسومات الكعب‬
‫و أي أثر تآكل أو تمزق بالحذاء أو إصالح قد تعرض له الحذاء ‪ ...‬إلخ ‪.1‬‬
‫و فـي األخير يمكن القول بـأن آثـار األقدام سواء كانت حافيـة أو منتعلة قـد تشكل دليال فعليا في مجـال‬
‫البحث الجنائي الفني قد يساعد جهات التحقيق للوصول إلى الجاني أو الجناة و ذلك عن طريق اختالف‬
‫أشكال و أحجام آثار األقدام بمسرح الجريمة ‪ ،‬و كذا معرفة اتجاه صاحب األثر ‪ ،‬الوضعية التي كان عليها‬
‫واقفا ‪ ،‬ماشيا أو راكضا ‪ ، 2‬معرفة إذا كان في حالة سكر أم ال ‪ ،‬أو إذا كان مصابا في قدميه من عدمه‬
‫و كل هذا يفيد على األقل في تضييق دائرة اإلتهام في فئة معينة و لكن رغم ذلك تحتاج إلى أدلة أخر إلى‬
‫جانبها حتى تكون أكثر حجية في اإلثبات ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬بصمات الرأس ‪.‬‬


‫بعدما تصدرت بصمات األصابع علم األدلة الجنائية مدة طويلة ‪ ،‬ظهرت مع التقدم العلمي بصمات‬
‫أخرى كبصمة األذن ‪ ،‬العين ‪ ،‬األسنان و حتى بصمة المخ و غيرها ‪ .‬و قد نسبت ألثر هذه األعضاء‬
‫البشرية عبارة بصمة على اعتبار أنها تصلح كدالئل لتحقيق شخصية الفرد ‪ ،‬و سوف نتعرف على هذه‬
‫البصمات الجديدة التي يحويها الرأس على النحو التالي ‪:‬‬
‫أوَل ‪ :‬بصمة الشعر ‪.‬‬
‫إن الجرائم المصحوبة بعنف غالبا يتخلف عنها آثار مادية بمسرح الجريمة من بينها الشعر‪ ،‬حيث‬
‫يتساقط نتيجة المقاومة ثم يعلق بجسد الجاني أو المجني عليه أو بمالبسهما أو بالفراش أو حتى بأدوات‬
‫ارتكاب الجريمة ‪ ،‬و يعتبر الشعر من األدلة القوية في مجال البحث الجنائي السيما أنه ال يتعرض للتلف‬
‫رغم مرور الوقت ‪ ،‬كما أن تحليله بعد وفاة الشخص قد تصل إلى مرحلة بداية تحليل العظام ‪.3‬‬
‫يتكون جسم الشعرة من بصيلة و هي جذر الشعرة ‪ ،‬و الساق الذي يتكون من ثالث طبقات ‪ :‬البشرة‬
‫الخارجية ‪ ،‬القشرة و التي هي طبقة سميكة تتكون من ألياف طولية و خاليا غنية بجينات األصباغ‬
‫المميزة للون الشعر‪ ،‬و أخيرا النخاع أو اللب الذي يختلف من شخص إلى آخر حيث يكون أحيانا ضيقا‬

‫‪ 1‬ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي التطبيقي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 286‬ـ ‪. 287‬‬
‫‪ 2‬ـ إذا كان الشخص في حالة مشي تظهر مقدمة القدم أو الحذاء أكثر ظهورا أو عمقا بخالف حالة الجري السريع فيكون العقب هو‬
‫األكثر عمقا ألن األصابع في حالة الجري تمس األرض مسا خفيفا ‪ ،‬أما إذا كان الشخص واقفا فيظهر طول القدم أصغر من طولها في‬
‫حالة المشي و عرضها أكبر منه في حالة المشي ‪.‬راجع ‪:‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 114‬ـ ‪. 115‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 217‬‬
‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬المرجـع السابق ص ‪ 132‬ـ ‪. 133‬‬
‫و متقطعا و أحيانا أخـرى منعدما تماما ‪ ،‬غيـر أنـه يكون مستمرا على مستوى شعـر العانة و الشارب ‪.1‬‬
‫و تختلف هذه المناطق من حيث شكلها و سمكها و لونها من شخص إلى آخر ‪ ،‬حيث أثبتت الدراسات‬
‫العلميـة في هذا المجال أن لكـل شعرة ‪ 14‬عنصرا نادرا ‪ ،‬و اثنيـن من بيـن بليـون شخص يتقاسمان تسعـة‬
‫عناصر منها ‪.2‬‬
‫بعد وصول عينات الشعر إلى مخابر الشرطة الجنائية و بالضبط إلى فرع البيولوجيا ‪ ،‬تبدأ عملية‬
‫الفحص أوال من المظهـر الخارجي للشعرة و هذا بالعين المجردة و قبل تنظيفه ‪ ،‬إذ يسمح هذا الفحص‬
‫بتسجيل مواصفات الشعر الظاهرية كاللون ‪ ،‬الطول ‪ ،‬السمك و تصنيفه ضمن صنف من أنواع الشعر‬
‫المختلفة ﴿ ناعم ‪ ،‬متموج ‪ ،‬صوفي ‪ ،‬متهدل ‪ ،‬مجعد ﴾ ‪ .3‬و يتم التفريق بين الشعر و األلياف النسيجية‬
‫األخرى بالرائحة المميزة الحتراق الشعر و التواء الطرف المتحرق للشعرة ‪ ،‬و قبل وصول مرحلة‬
‫الفحص المجهري للشعرة تمر بمعالجة و تحاليل هامة و هذا من أجل إزالة العوالق المرتبطة بالشعر‬
‫و ذلك باستخدام مذيب ثنائي كلور الميثان" ‪ ،" Dechloro Méthane‬و الذي ال يؤثر في محتويات‬
‫الشعرة الداخلية ‪ ،‬و يفضل استخدام هذا المذيب ثالث مرات للتخلص من الملوثات و العوالق تماما‬
‫من السطح الخارجي للشعرة ‪. 4‬‬
‫بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة الفحص المجهري للشعرة بواسطة الميكروسكوب ‪ ،‬حيث يتمكن الخبير‬
‫الفني من خالل هذا الفحص من استنطاق الشعرة لمعرفة ساللة مصدر الشعرة هل إنسان أم حيوان‬
‫من خالل الفروق الواضحة بين الطبقات الثالثة لكال الفصيلتين ‪ ،‬كما يمكنه معرفة جنس و عمر‬
‫صاحبها و كذا تحديد العضو الذي تساقطت منه الشعرة ‪ ،‬و يتم التفريق بين أنواع األشعار بمعرفة‬
‫صفات كل نوع ‪ ،‬فشعر الرأس يظهر بمقطع بيضوي أو مستدير يتراوح من ‪ 2‬إلى ‪ 20‬سنتيمتر و هي‬
‫أطول من ذلك لدى المرأة ‪ ،‬و يكون مثلث المقطع بالنسبة لشعر الذقن و الشارب و الذي يبلغ سمكه أكثر‬
‫من ‪ 100‬ميكرون ‪ ،‬أما شعر الحاجبين فهو قصير و قوسي الشكل و له نهاية مدببة ‪ .‬كما يتم التفرقة بين‬
‫شعر الذكر و شعر األنثى من خالل األصباغ ‪ ،‬طول الشعرة و فحص الكروموزومات الجنسية الموجودة‬
‫في خاليا الشعر ‪ ،‬و يمكن تحديد الجهة التي تساقط منها الشعر هل الشارب ‪ ،‬شعر الرأس ‪ ،‬شعر العانة ‪،‬‬
‫شعر اإلبط ‪ ،...‬كما يمكن معرفة عمر الشعر ضمن حدود ‪ .‬و يمكن التمييز كذلك بين شعر الطفل و شعر‬
‫البالغ ‪ ،‬إذ أن شعر الطفل جذوره تذوب مباشرة في محلول البوتاس الكاوي " ‪" Potasse caustique‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 151‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ " األدلة الجنائية " ‪ :‬مجلة الدركي العدد العاشر‪ ،‬الجزائر ديسمبر ‪ 2006‬ص ‪ 23‬ـ ‪ ، 24‬وردت بدون ذكر المؤلف ‪.‬‬
‫ـ " ‪، "www. ar- wikipédia . org‬أدلة جنائية ويكيبديا الموسوعة الحرة ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 217‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ عمر الشيخ األصم ‪" :‬تحليل بعض المخدرات القاعدية في الشعر "ـ دراسة تطبيقية مقارنة ـ أكادمية نايف العربية للعلوم األمنية ‪،‬‬
‫الرياض ‪ 1999‬ص ‪ 62‬ـ ‪. 63‬‬
‫في حين أن شعر البالغ يقاوم فترة من الزمن ‪ . 1‬و في األخير فإن لفحص الشعرة أهمية بالغة يتم من خالله‬
‫الكشف عن بعض مواصفات صاحبها من حيث سنه ‪ ،‬جنسه ‪ ،‬إثبات الصلة بين شخصين و هذا في حالة‬
‫العثور على الشعرة عالقة بالضحية يكون أمسك بها في يده أو عثر عليها تحت أظافره لتوضح مقاومة‬
‫الضحية للجاني ‪.‬‬
‫و كذلك في الجرائم الجنسية فقد يعثر على شعـر الجاني عند األعضاء التناسليـة أو بالمالبس الداخليـة‬
‫للطرفين ‪ .2‬كما يكشف تعرض الضحية للتسمم بالزرنيخ "‪ "Arsenic‬بعد فحص أشعاره ألن هذه المادة‬
‫تترسب باألنسجة القرنية بالشعر و األظافر ‪ ،‬و يفيد في كشف المخدرات القاعدية و لو مرت على الوفاة‬
‫فترة طويلة ‪ ،‬و هذا باستخدام الصودا الكاوية فهي األنسب ألنها تعمل على تحرير المادة المخدرة ‪ .‬كما‬
‫يمكن استخدام جهاز كروماتوغرافيا السائل ذي الكفاءة العالية ‪ HPLC‬في تحديد نسبة النيكوتين في‬
‫الشعـر ‪ ،‬غير أن كثيرا مـن الخبراء في هـذا المجال يفضل استعمـال جهاز كروماتـوغرافيـا الغاز مطياف‬
‫الكتلة ﴿ ‪ ﴾GC/MS‬و ذلك لحساسية المواد المخدرة لهذا الجهاز و فعاليته ‪. 3‬‬
‫و رغم أن الشعرة يمكنها أن تقدم دليال حيويا ينير التحقيق ‪ ،‬إال أنها ال تملك الداللة القاطعة في اإلثبات‬
‫كالتي تملكها بصمات األصابع ‪ ،‬بل تبقى مجرد قرينة بسيطة ال تقبل بمفردها كدليل إدانة ‪ ،‬إال إذا تساندت‬
‫مع باقي األدلة لتكون اإلقناع لدى القاضي الجزائي ‪ ،‬ومن أجل ذلك يتدخل العلم الحديث مرة أخرى عن‬
‫تحليل النشاط النيتروني فيعالج الشعرة بالمواد المشعة في مفاعل نووي ‪ ،‬ثم يتم حساب نسبة التلف الناتجة‬
‫إلكترونيا مما يزيد من احتمال تحديد هوية الشعر ‪ .4‬و مع اكتشاف تقنية البصمة الوراثية أصبح وجود‬
‫شعرة بمسرح الجريمة يقود إلى الكشف عن هوية صاحبها مباشرة عن طريق هذه التقنية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بصمة المخ ‪.‬‬


‫يعتبر مخ اإلنسان من أهم أعضاء جسم اإلنسان رغم أن منظره ال يوحي بأية مالحظة إذا نظرت إليه‬
‫سوى أنه يتألف من كتلة متشابكة و معقدة من الخاليا العصبية ‪ ،‬و هو يجلس داخل الجمجمة مغمورا‬
‫في سائل ذو وسادات بحيث تقيه من أي صدمات فجائية قد تصيب الرأس ‪.‬‬
‫و يرجع الفضل في اكتشاف بصمة المخ إلى الدكتور لورانس فارويل "‪"Laurence Farwell‬‬
‫من مدينة فير فيلد بوالية أيوا بالواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬و هو رئيس مختبرات طبع بصمة المخ‬

‫‪ 1‬ـ " أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 298‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ " أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 218‬ـ ‪. 219‬‬
‫‪ 3‬ـ يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 153‬‬
‫ـ عمر الشيخ األصم ‪" :‬تحليل بعض المخدرات القاعدية في الشعر "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 63‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع‬
‫السابق ص ‪. 135‬‬
‫ـ " أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع أعاله ص ‪. 305‬‬
‫‪ 4‬ـ " األدلة الجنائية " ‪ :‬المرجع السابق ص ‪. 24‬‬
‫ـ " ‪ ،"www. ar- wikipédia . org‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫و عضو سابق في كلية هارفورد الطبية ‪ ،‬و أبهر هذا الخبير المجتمع األمريكي عندما تمكن من تحويل‬
‫الكلمات و الصور ذات العالقة بجريمة معينة إلى ومضات على شاشة الكمبيوتر مستخدما في ذلك تقنية‬
‫حديثة جدا ليثبت عالقة المجرم بتلك الكلمات أو الصور‪. 1‬‬
‫يتفق العلماء على أن هناك موجة في المخ مرتبطة في الذاكرة تسمى ‪ ، P300‬و عندما يتعلم الشخص‬
‫شيئا هاما و يريد أن يتذكره و يستعيده للحاجة إليه فإن موجة المخ ‪ P300‬ستقوم بهذا اإلسترجاع فهـو من‬
‫واجبها ‪ ،‬دون أن يشعر اإلنسان بذلك ‪ .‬و مثال ذلك أثناء التحقيق تم اإلشتباه في شخص بارتكابه جريمة‬
‫قتل با ستخدام سكين ذو مقبض لونه أخضر ‪ ،‬فإن التحقيق مع هذا الشخص باستخدام بصمة المخ يبدأ‬
‫بجلوسه أمام شاشة كمبيوتر بينما يجلس المحقق أمام جهاز آخر يسجل نتائج التحقيق في صورة خطوط‬
‫متعرجة ‪ ،‬بعدها يعرض على المشتبه فيه على شاشة الكمبيوتر صورا لعدد من السكاكين ليست من بينها‬
‫السكين المستعملة في الجريمة ‪ ،‬هنا يكون تأثير الموجة ‪ P300‬ظاهرا على الشاشة أمام المحقق عبارة‬
‫عن خط بياني قد يرتفع و قد ال يرتفع و لكنه في النهاية يستقر عند حد معين‪ .‬إال أنه بمجرد أن يعرض‬
‫المحقق على المشتبه فيه صورة السكين التي ضبطت في الحادث ذات المقبض األخضر ‪ ،‬فإن الخط‬
‫البياني يرتفع إلى أعلى قمة بفعل تأثير الموجة ‪ P300‬مما يدل على أن ذاكرته استرجعت صورة سالح‬
‫الجريمة و أن له عالقة بها فعال ‪ ، 2‬و يفسر العلماء ذلك بأن مخ اإلنسان يصدر شحنة كهربائية إيجابية‬
‫عند لحظة التعرف على شيء مألوف لديه ‪.‬‬
‫و قد قامت إحدى الشركات األمريكية بتطوير نظام بصمة المخ و استعمل في عدة محاكمات أهمها‬
‫قضية تيري هارينجتون ‪ Terry Harrington‬المتهم بجريمة قتل و المحكوم عليه بالسجن المؤبد‬
‫سنة ‪ 1977‬حيث نقضت محكمة أيوا العليا الحكم سنة ‪ 2003‬بعد أن أمضى ‪ 24‬سنة في السجن و طلبت‬
‫إجراء محاكمة جديدة ‪ ،‬حيث قام الدكتور لورانس فارويل بإخضاع هارينجتون إلى اختبار بصمة المخ ‪،‬‬
‫و قد أظهر اإلختبار عدم تواجده في مكان الجريمة وقت ارتكابها أدى ذلك إلى حصوله على البراءة ‪.‬‬
‫و هكذا قضت المحكمة العليا بوالية أيوا بعد هذه الحادثة و قضايا أخرى قبول بصمة المخ كدليل‬
‫علمي بعد أن لبى هذا اإلبتكار المتطلبات القانونية لإلعتراف به ‪ ،‬و قد كان من نتائج هذا اإلكتشاف‬
‫أن وكالة المخابرات المركزية األمريكية ‪ CIA‬دعمت التجارب التي قام بها الدكتور لورانس فارويل‬
‫و قد منحته مبلغ مليون دوالر لمساعدته في تطوير اختراعه الستخدام هذه البصمة في مجال اإلرهاب ‪،‬‬
‫حيث يمكن بسهولة أن يظهر اإلختبار ما إذا كان الشخص قد تدرب على اإلرهاب من عدمه ‪ ،‬و توجد‬
‫حاليا قائمة إنتظار طويلة بحوالي ‪ 400‬طلب إلجراء اختبار بصمة المخ من مسجونين أمريكيين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 63‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 63‬‬
‫و يبقى هذا اإلكتشاف العظيم في مجال األدلة الجنائية حكرا على الواليات المتحدة األمريكية‬
‫و لم ينتشر بعد في دول أخرى ‪ ،‬و إلى حين ذلك يقول الدكتور لورانس فارويل " أن استخدام‬
‫بصمة المـخ سوف تـوفـر الماليين مـن الدوالرات ‪ ،‬كما ستوفـر الوقت و سوف تحمي الكثيـر من األحيـاء‬
‫و سيتم اإلفراج عن األبرياء من السجن و وضع القانون موضع التنفيذ لمتابعة المجرمين الحقيقيين"‪. 1‬‬
‫ثالثا ‪ :‬بصمة األذن ‪.‬‬
‫إن لكل شخصا أذنان تتسم بخصائص مميزة ال تتكرر مع غيرها‪ ،‬حيث أنه من الثابت علميا أن بصمة‬
‫األذن اليمنى تختلف في شكلها العام و في حجمها عن األذن اليسرى لنفس الشخص و بالتالي تختلف‬
‫من شخص إلى آخر ‪ ،‬لذلك تمثل بصمة األذن أسلوبا فريدا في مجال تحقيق الشخصية للفرد باعتبارها‬
‫وسيلة إثبات تعتمد على أسس علمية تتصل بعلم تشريح األعضاء و قد ثبتت حجيتها علميا بعد بصمات‬
‫األصابع و األقدام ‪.2‬‬
‫يتصور استخدام األذن في تنفيذ الجريمة عن طريق استراق السمع فقط ‪ ،‬و من ثم فإن تواجد بصمة‬
‫األذن بمسرح الجريمة يكون عادة على األبواب الخارجية أو النوافذ ذات السطح الالمع و األملس ‪ ،‬كون‬
‫أن بعض المجرمين و خاصة في جرائم السرقة يعتادون على مثل هذا التصرف كنوع من اإلستكشاف‬
‫للتأكد من عدم وجود أصحاب المنزل ‪ .‬كما يمكن وجود بصمة األذن على الخزائن ذات األرقام السريـة‬
‫التي تعـد من األساليب لدى بعـض المجرمين في فتح الخزنـة ‪.‬‬
‫تتم المضاهاة بتصوير أذن المشتبه فيه و بيان الخطوط المطلوبة و تتم مقارنتها مع النموذج المرفوع‬
‫من مسرح الجريمة على أساس شكل األذن ﴿ شكل الصوان و الحلمة و الثنيات و الحواف ﴾ ‪ ،‬و قد حققت‬
‫بذلك نتائجها في مجال اإلثبات الجنائي ‪.3‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن البوليس البريطاني بدأ في إنشاء أول بنك معلومات خاص ببصمات األذن‬
‫و هو األول من نوعه في العالم و هذا بمركز التحقيقات الجنائية بدورام البريطانية ‪ ،‬حيث دخلت به حوالي‬
‫‪ 1200‬صورة لبصمات أذن ‪ .4‬و رغم ما ذكر فإن استعمال بصمة األذن في مجال اإلثبات الجنائي‬
‫ظل مقصورا على الدول المتطورة ‪ ،‬في حين اكتفت الدول العربية و من بينها الجزائر ببصمات األصابع‬
‫لتحقيق الشخصية ‪ ،‬و حتى تصل إلى درجة تعميمها و إقحامها في مجال البحث الجنائي ‪ ،‬تبقى من أهم‬
‫األدلة المشابهة لنظام بصمات األصابع و التي يمكن أن تحظى مستقبال باهتمام أكبر ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬بصمة العين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 65‬ـ ‪. 66‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 207‬ـ ‪. 208‬‬
‫ـ اللو رابح ‪" :‬أدلة اإلثبات الجزائية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 106‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ عبد الفتاح مراد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 208‬ـ ‪. 209‬‬
‫ـ خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 94‬ـ ‪. 95‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 52‬ـ ‪. 53‬‬
‫لقد اكتشف العلماء مؤخرا أن للعين خاصية بيولوجية متميزة و منفردة ‪ ،‬و هذا من خالل وجود‬
‫األوعية الدموية على شبكـة العين ‪ ،‬حيث أن هـذه األوعية غير قابلة للتغييـر أو التزوير أو حتى التجميل ‪،‬‬
‫و هذه السمة البيولوجية هي التي تسمى ببصمة العين نسبة إلى ثبات البصمة ‪.‬‬
‫تتكون العين أساسا من ثالث طبقات أهمها الشبكية التي تأخذ شكل القرص ‪ ،‬توجد في منتصف فتحة‬
‫يدخل منها الضوء تسمى القزحية التي تعتبر المكون الرئيسي لبصمة العين ؛ و صورة القزحية بمكوناتها‬
‫تختلف من شخص آلخر و ال يمكن تكرارها ‪ ،‬و بالتالي تصبح صالحة ألن تكون بصمة مميزة للشخص ‪،‬‬
‫فضال على أنه يستحيل العبث بها أو تغييرها ألنها مغطاة كما أن هناك مسافة تفصلها عن القرنية التي تعد‬
‫الطبقة الثالثة للعين ‪ ،‬و أي محاولة لتغيير هذا النظام تؤدي فورا إلى تدمير أجزاء كبيرة من العين أو فقدان‬
‫البصر تماما ‪.1‬‬
‫يتم تسجيل بصمة عين الشخص بواسطة جهاز يعمل على تسليط األشعة على األوعية الدموية‬
‫في العين‪ ،‬حيث يجلس الشخص أمام الجهاز و عيناه مفتوحتان فيلتقط الجهاز البصمة‪ ،‬ثم يقارنها ببصمات‬
‫العين األخرى المسجلة على الكمبيوتر الملحق بالجهاز ‪ ،‬و خالل ثانية يحدد الكمبيوتر هوية الشخص ‪.‬‬
‫يرى العلماء حاليا أن البصمة الجديدة للعين سوف تأخذ مكانها و دورها كمحدد لهوية األشخاص‬
‫و كدليل جنائي حاسم ضد المشتبه فيهم أو المتهمين ‪ ،‬و لكن في انتظار ذلك تبقى هذه التقنية نسبية‬
‫في إثبات الجريمة ‪ ،‬و ال يمكن األخذ بها منفردة كدليل رغم فعاليتها و دقتها إذ أنها أحيانا تكون دليل نفي‬
‫أكثر من كونها دليل إثبات كما أنها قد تتعرض إلى تغيير من طرف المتهم الذي يحاول تضليل العدالة‬
‫و هذا بلبسه العدسات الالصقة إلخفاء بصمات عيونه ؛ كل هذه األسباب أدت و الزالت تؤدي إلى عدم‬
‫إمكانية اعتبار بصمة العين دليال ماديا قاطعا يبنى عليه الحكم الجزائي في األخير باإلدانة أو بالبراءة ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬بصمة الشفتين ‪.‬‬


‫تعتبر بصمة الشفاه أسلوبا حديثا من أساليب تحديد الشخصية ‪ ،‬و لقد توصل إلى اكتشافها الباحث‬
‫‪ Moyene Snyder‬سنة ‪ 1950‬الذي أكد أن شفاه اإلنسان تعلوها تشققات و خطوط متشابكة و تجاعيد‬
‫تختلف من شخص إلى آخر ‪.‬‬
‫و من ثم قد نجد على مسرح الجريمة طبعة شفاه على كوب أو فنجان ‪ ،‬أو على خطاب كتوقيع‬
‫من امرأة فتظهر الطبعة بأحمر الشفاه ‪ .‬و ترفع هذه الطبعة بالتصوير و تكبر العينة ‪ ،‬و عند اإلشتباه‬
‫في أحد تؤخذ طبعة شفاهه على سطح مماثل ‪ ،‬و تكبر بذات تكبير العينة المجهولة و تقارن معها ‪.‬‬
‫و ترجع حجية بصمة الشفتين في مجال البحث الجنائي إلى منتصف شهر ديسمبر سنة ‪1968‬‬
‫عندما أرسل خطاب مجهول إلى المدير العام لشرطة طوكيو يتضمن تهديدا بنسف مقر شرطة‬

‫ـ خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 96‬ـ ‪. 97‬‬ ‫‪1‬‬
‫العاصمة ‪ ،‬و لم يكن من آثار هذا الخطاب سوى آثار شفتين على المظروف من الخارج ‪ ،‬و تم إرسال‬
‫هذا األخير إلى مصلحة الطب الشرعي لألسنان بكلية الطب بطوكيو حيث أجري تحقيق مع عدد‬
‫من المشتبه فيهم ‪ ،‬و بمضاهاة البصمة المجهولة على المظروف ببصمات شفتي المشتبه فيهم انطبقت‬
‫تماما على أحدهم و من ثم قدم للمحاكمة و تمت إدانته ‪ .‬و تعد هذه القضية نادرة استخدمت فيها بصمة‬
‫الشفتين كوسيلة لتحديد شخصية الفاعل ‪.1‬‬
‫و بالنسبـة للعالم العربي ‪ ،‬فكانت مصـر من الدول العربيـة األولى التي استخدمت بصمـة الشفـاه كدليـل‬
‫إثبات و ذلك سنة ‪ ، 1979‬في جنح المطرية حيث ترك الجاني بصمة شفاهه و ال تزال هذه البصمة‬
‫محفوظة بأرشيف إدارة البصمات بمصلحة األدلة الجنائية بالقاهرة ‪. 2‬‬
‫و تظل األبحاث العلمية مستمرة من طرف الخبراء و المختصين في اكتشاف هذه البصمة و مالها‬
‫من أهمية لكونها تعد من أحدث الطرق التي أدت إلى معرفة مرتكبي الجرائم ‪ .‬و رغم أهمية هذه البصمة ‪،‬‬
‫إال أنه لم يعتمد عليها بعد كدليل في إثبات الجريمة ‪ ،‬و لم تستعمل في مجال قضاء أغلب الدول حتى اآلن ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬بصمة األسنان ‪.‬‬


‫إن تاريخ التعرف على هوية الشخص عن طريق فحص أسنانه هو قديم جدا ‪ ،‬و له أهمية كبيرة‬
‫في ميدان التحقيق الجنائي الفني ‪.‬‬
‫تشمل آثار األسنان ‪ ،‬األسنان الطبيعية و آثار األسنان اإلصطناعية ‪ ،‬و قد تكون في شكل عضة آدمية‬
‫تتوضح من خاللها بصمة األسنان ‪ ،‬و هذه اآلثار إما تكون في حـد ذاتها هي الوسيلة التي يتـم بهـا التعرف‬
‫على صاحبها مباشرة ‪ ،‬و إما يكون وسيلة غير مباشرة للتعرف على صاحبها من خالل األثر الذي تتركه‬
‫على جسم آخر ‪.‬‬
‫و تظهر آثار األسنان غالبا و بصورة واضحة في جرائم اإلغتصاب أو القتل ‪ ،‬بحيث تترك عالمات‬
‫على جلد الضحايا ‪ ،‬و يبقى جسمهم محتفظا بآثار تلك األسنان إال في حاالت العض الكامل ألن العضة‬
‫إذا كانت بالقوة التي قطعت األنسجة ‪ ،‬فشكل األسنان يتالشى في هذه الحالة لكون النسيج البشري‬
‫رخوا‪ .‬كما قد تظهـر على الجاني حال مقاومة المجني عليه ‪ ،‬و قد تتواجد كذلك على بقايا بعض‬
‫المأكوالت الصلبة المتواجدة بمسرح الحادث ‪. 3‬‬
‫يتم رفع آثار األسنان إذا كانت غير غائرة و كانت عبارة عن عضة آدمية ‪ ،‬بأخذ صورة فوتوغرافية‬
‫لها ثم مقارنتها مع صورة فوتوغرافية مأخوذة ألسنان المشتبه فيه ‪ .‬أما إذا كانت العضة على أشياء أخرى‬

‫‪ 1‬ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 204‬ـ ‪. 205‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 54‬‬
‫‪ 2‬ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 54‬ـ ‪. 55‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 209‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪:‬نفس المرجع ص ‪. 131‬‬
‫كالمأكوالت الصلبة فيتم رفعها بعمل قالب ‪ ،‬ثم يصور هذا القالب و يقارن مع صورة أسنان المشتبه فيه ؛‬
‫و تكون المقارنة من حيث دوران الفك شكله و قياسه ‪ ،‬و كذا حجم األسنان مقاساتها و ترتيبها و الفجوات‬
‫‪1‬‬
‫التي بينها ﴿ الفلجات ﴾‪...‬‬
‫كما أن لألسنان أهمية كبرى في التعرف على ضحايا الكوارث الكبرى كاإلنهيارات و الزالزل‬
‫و الحرائق ‪ ،‬ألن األسنان هي أكثر أعضاء الجسم صالبة و تحمال للحرارة و عصيانا للتدمير ؛ و يتم‬
‫فحصها من قبل طبيب أسنان بواسطة عدة أنواع من األشعة كاألشعة فوق البنفسجية التي تسمح‬
‫بإظهار الكثير من البيانات ‪ ،‬كإظهار الضرس الناقص في الطقم ‪ ،‬و هل كان ذلك النقص نتيجة سقوط‬
‫طبيعي للضرس أو عن طريق الخلع ؛ كما تظهر األسنان اإلصطناعية معتمة بعد تسليط هذه األشعة‬
‫و من ثم تظهر الترميمات التي خضعت إليها األسنان كذلك ‪ .‬وقد يصل هذا الفحص إلى درجة تحديد‬
‫عمر الشخص من خالل تغيير األسنان اللبنية و كذا نمو األسنان األخرى ‪ ،‬كما يمكن معرفة عاداته‬
‫كالتدخين مثال و المشروبات الكحولية التي قد تترك أثرا واضحا على األسنان ؛ كما تسمح بتحديد حرفة‬
‫الشخص حيث نجد أن األشخاص الذين يمارسون حرفة صناعة األحذية و الخياطين تتساقط و تتكسر‬
‫بعض أسنانهم الستعمالهم لها في شد الخيوط و قطع الجلود ‪ ،‬فكل هذا يؤدي إلى تحديد هوية الشخص‬
‫و التعرف عليه ‪. 2‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬بصمة الصوت ‪.‬‬
‫الصوت هـو ظاهرة فيـزيائية تصدر عن اإلنسان في مناسبات شتى عـن طريق جهاز النطـق ‪ ،‬و يعـد‬
‫بذلك من أهم الوظائف لدى اإلنسان ؛ و ذهبت بعض النظريات في علم الصوتيات إلى القول‬
‫أن للصوت البشري بصمات تميز كل إنسان عن اآلخر تماما كما هو الحال بالنسبة لبصمات‬
‫األصابع ؛إذ عكف بعض العلماء على وضع مواصفات معينة لوصف أي صوت منها ‪ ،‬و من هذه‬
‫المواصفات ما يتعلق بوصف إتجاه تدفق الهواء في الرئتين أثناء النطق ‪ ،‬فلو أخذنا من الحرفين "س ‪ .‬ز"‬
‫تجربة فإننا نجد أن الهواء يخرج من الرئتين حيث ال تهتز األوتار الصوتية في الحنجرة عند النطق بحرف‬
‫"س" لكنها تهتز عند النطق بحرف "ز"‪ .‬لذلك درس العلماء جميع خصائص الصوت من حيث نبراته ‪،‬‬
‫نغماته تحليله إلكترونيا و من ثم تحويله إلى خطوط لتتم مقارنته مع أصوات المشتبه فيهم ؛ و أصبحت‬
‫بذلك البصمة الصوتية من األدلة العلمية الحديثة المثبتة الجريمة‪ ، 3‬ذلك لما للصوت من عالقة وثيقـة‬
‫بالجريمـة إذ يمكـن استخدامـه من قبل المجـرمين كوسيلـة الزمـة فـي مراحل اإلعـداد و التحضيـر‬

‫‪ 1‬ـ عبد الفتاح مراد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪. 210‬‬


‫ـ خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 99‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪Charles Diaz :" La police technique et scientifique" op.cit. page 84 .‬‬
‫‪ 3‬ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪" :‬مناط التحريات و اإلستدَلَلت و اإلستخبارات"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية مصر ‪ 1998‬ص ‪.79‬‬
‫ـ اللو رابح ‪" :‬أدلة اإلثبات الجزائية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 108‬‬
‫و حتى التنفيذ و هذا من خالل استخدام األجهزة السلكية و الالسلكية منها الهاتف المحمول كأداة لتسهيل‬
‫اإلتفاق الجنائي و كذا لعقد الصفقات الكبرى حول تجارة األسلحة أو المخدرات ‪ ،‬كما تستخدم الصوت‬
‫عبر الهاتف كوسيلة لإلبتزاز أو التهديد أو لطلب الفدية السيما في جرائم الخطف ‪. 1‬‬
‫جرى العمل الميداني على أنه في حال توفر معلومات لدى الشرطة باحتمال وجد اتفاق بين أفراد‬
‫عصابة على عملية إجرامية ‪ ،‬و هذا من خالل التحريات و اإلستخبارات التي قامت بها مصالح الشرطة ‪،‬‬
‫هنا يمكن لضابط الشرطة القضائية تحرير محضر يتضمن ما انتهت إليه هذه التحريات ثم يعرضه‬
‫على النيابة حيث تختص بتقدير مدى جدية البحث ليأذن بمراقبة و تسجيل المحادثات الهاتفية ؛ و لقد‬
‫اعترف المشرع الجزائري في إطار تعديل قانون اإلجراءات الجزائية في المادة ‪ 65‬مكرر‪ 25‬بمشروعية‬
‫إجراء التسجيالت الصوتية بصدد إنجاز إجراءات التحقيق اإلبتدائي بمعرفة ضابط شرطة قضائية ‪ ،‬لكن‬
‫هذه المادة حصرت اللجوء إلى مثل هذه التسجيالت في بعض الجرائم و هي ‪ :‬جرائم المخدرات ‪ ،‬الجريمة‬
‫المنظمة العابرة للحدود الوطنية ‪ ،‬الجريمة الماسة بأنظمة المعالجة لآلليات و المعطيات ‪ ،‬جرائم تبييض‬
‫األموال ‪ ،‬جرائم اإلرهاب ‪ ،‬الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف و كذا جرائم الفساد ‪ ، 3‬و وكيل‬
‫الجمهوريـة بعد تأكـده من ضرورة اللجوء لهـذه التسجيالت للكشف عـن المجرميـن ‪ ،‬يصدر إذنـا يتضمـن‬
‫السماح بتحضير و وضع الوسائل الالزمة تقنيا لتطويق اإلتصاالت و العمل في سرية تامة ‪.4‬‬
‫و تسجيل الصوت هو نقل الموجات الصوتية من مصادرها بنبراتها و مميزاتها الفردية و خواصها‬
‫الذاتية بما تحمله من عيوب أو لزمات في النطق ‪ ،‬إلى شريط تسجيل "كاسيت" بحيث يمكن إعادة سماع‬
‫الصوت للتعرف على مضمونه و إدراك خواصه التي تشكل عناصر المقارنة عند مضاهاته مع صوت‬
‫الشخص المشتبه فيه ‪ ،‬مما يتيح تقرير إسناده إليه أو نفي ذلك ‪.5‬‬
‫ترسل األشرطة المحتوية على التسجيالت الصوتية إلى مخابر الشرطة الجنائية و بالضبط إلى فرع‬
‫مقارنة األصوات ‪ ،‬حيث تتم المضاهاة بمقارنة الصوت الثابت على الشريط مع أصوات مرجعية مخزنة‬
‫على مستوى هذه المصلحة ألشخاص متهمين أو مشبوهين ‪ ،‬وقد تتم المقارنة مع شريط آخر سجل به‬
‫صوت المشتبه فيه ‪ .‬و تتم المضاهاة باإلستعانة بجهاز التحليل الصوتي ‪ ، Spectrographe‬و هو جهاز‬
‫يعتمد على تحويل اإلنطباع المغناطيسي على شريط التسجيل إلى مخطط مرئي على هيئة خطوط متوازية‬

‫‪ 1‬ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 79‬ـ ‪. 80‬‬


‫ـ خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 131‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بموجب تعديل ‪ 22/06‬لقانون اإلجراءات الجزائية بتاريخ ‪ 2006/12/20‬تم النص في هذه المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 5‬صراحة على‬
‫مشروعية اعتراض المراسالت و تسجيل األصوات و التقاط الصور ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المحافظ‪ /‬فاطمي محمد اليزيد ‪" :‬أساليب البحث و التحري إجراءاتها "‪ ،‬محاضرة ألقيت بمناسبة اليوم الدراسي حول عالقة النيابة‬
‫العامة بالشرطة القضائية ـ مجلس قضاء المسيلة ‪ ، 2007 /12 /11‬ص ‪. 04‬‬
‫‪ 4‬ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪" :‬مناط التحريات و اإلستدَلَلت و اإلستخبارات"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 80‬ـ ‪. 81‬‬
‫ـ المحافظ‪ /‬فاطمي محمد اليزيد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪. 05‬‬
‫‪ 5‬ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 67‬‬
‫ـ مسعود زبدة ‪" :‬القرائن القضائية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 86‬‬
‫متباينة لها تفاصيل خاصة تتغير بتغير الصوت المراد تحليله و يرتكز اإلختالف في األصوات على عدة‬
‫جوانب أهمها ‪ :‬النبرات ‪ ،‬اللهجة المستعملة ‪ ،‬اإلرتفاع و اإلنخفاض في الصوت ‪ ،‬عيوب النطق و كافة‬
‫الخصائص الذاتية للتخاطب ‪ ،‬بحيث بعد ذلك تسهل عملية مقارنة هذه الخطوط مع نظيرها من صوت‬
‫المشتبه فيه التي يقوم بها الحاسب اآللي الذي يعطي نتائج المقارنة مع األصوات المشتبه فيها بصورة‬
‫بالغة الدقة ‪ ،‬فتؤدي في النهاية إلى التعرف على صاحب الصوت ‪.1‬‬
‫و انتشر العمل بهـذه البصمـة فـي عـدة مجـاالت فأصبحـت تعمـل بهـا بعـض بنـوك الواليـات المتحـدة‬
‫األمريكية حيث يتم تخزين بصمة صوت صاحب الرصيد في الكمبيوتر ‪ ،‬و يقتصر بذلك سحب العملة‬
‫من هذه البنوك على هؤالء األشخاص المخزنة أصواتهم وال تفتح الخزائن إال بعد مطابقة بصمة صوت‬
‫الشخص مع البصمة المخزنة ‪.2‬‬
‫و رغم كل ما ذكر فإن تطابق الصوت المسجل مع صوت المشتبه فيه ال يتجاوز في اإلثبات حد‬
‫الترجيح ‪ ،‬لذا البد أن تعززه أدلة أخرى حتى يمكنه الوصول إلى مرتبة الدليل القاطع ‪ ،‬كما أنه ثبت علميا‬
‫و من طرف خبراء الصوت البشري أن الكلمة البشرية تتميز بعدم قابليتها للتقليد فال يمكن أن ينطق‬
‫شخص ما جملة واحدة بطريقة متطابقة مرتين ‪3‬؛ لذا تبقى حجية بصمة الصوت رغم أهميتها و تطورها‬
‫في مجال األدلة الجنائية متوقفة على توفر أدلة أخرى تساهم في إقناع المحكمة الفاصلة باإلدانة أوالبراءة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬إفرازات جسم اإلنسان ‪.‬‬


‫عندما تقدم الخبير الجنائي المتميز أليستر آريداونلي بسكوتالنديارد إلى جمعية العلم الجنائي البريطانية‬
‫قال ما يلي ‪ " :‬عندما قتل قابيل هابيل تولدت شهادة صامتة في جرائم العنف و هي إراقة الدماء ‪ ،‬و ال‬
‫تزال لطخات الدم و سوائل الجسم تلعب دورا أقل ولكنه متزايد في إثبات الجريمة "‪.4‬‬
‫و عليه ف إن من بين أهم اآلثار المادية الجنائية التي يتم رفعها من مسرح الجريمة هي إفرازات جسم‬
‫اإلنسان من بقع دموية ‪ ،‬منوية ‪ ،‬لعابية ‪ ،‬أو حتى فضالت جسمية كالبول ‪ ،‬أو البراز ‪ ،...‬و لهذه‬
‫اإلفرازات دور فعال عند فحصها إلسنادها لصاحبها و من ثم اكتشاف مرتكب الجريمة ‪.‬‬
‫و على أساس ذلك نقسم دراسة هذا المطلب إلى فرعين ‪ ،‬حيث نتطرق أوال إلى دراسة البقع الحيوية‬
‫طرق فحصها و حجيتها في اإلثبات ‪ ،‬و ثانيا ندرس البقع غير الحيوية فحصها و حجيتها في اإلثبات ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ :‬نفس المرجع ص ‪ 67‬ـ ‪. 68‬‬


‫ـ خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 132‬‬
‫‪ 2‬ـ حدث فعال أن مليارديرا قد أودع أمواله الطائلة في بنك بسويسرا و كان يعتمد هذا البنك على بصمة صوته إال أنه أصيب بشلل‬
‫على مستوى أحباله الصوتية فلم يتمكن من إخراجها و ظلت حبيسة بالبنك ‪ .‬أنظر ‪:‬‬
‫ـ اللو رابح ‪" :‬أدلة اإلثبات الجزائية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 110‬‬
‫ـ " ‪ ،"www. ar- wikipédia . org‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫ـ " األدلة الجنائية " ‪ :‬المرجع السابق ص ‪. 25‬‬
‫‪ 3‬ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪" :‬مناط التحريات و اإلستدَلَلت و اإلستخبارات"‪ ،‬المرجع السابق ص‪ 87‬ـ ‪. 88‬‬
‫‪ 4‬ـ " أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 232‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬البقع الحيوية ‪.‬‬
‫تشكل دراسة البقع الحيوية وسيلة أساسية في الكشف عن الجريمة نظرا لما توفره من المعلومات‬
‫و العناصر المميزة التي تساعد في اإلستعراف و تحديد هوية الجاني و مواصفاته كالسن والجنس ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الخصائص و الصفات الوراثية األخرى ؛ و تشمل هذه البقع ما يلي ‪:‬‬
‫أوَل ‪ :‬البقع الدموية‬
‫وسيلـة تحليل الدم مـن الوسائل التي تستخدم لكشف شخصيـة الجاني فـي جرائم العـنف كجـرائـم القتـل‬
‫و اإلغتصاب و السرقات باإلكراه كما قد تستخدم في إثبات البنوة ‪ .‬و رغم أن حجية نتائج تحليل الدم ليست‬
‫قاطعة أو حاسمة إال في حاالت النفي فقط ‪ ،‬إال أن مبدأ تساند األدلة الذي يجعل القرائن المجتمعة‬
‫و المترابطة أدلة مقنعة للقضاء تجعل من الضروري عدم إهمال هذه الوسائل العلمية حتى و لو كانت‬
‫نتائجها مجرد قرينة بسيطة غير كافية بمفردها إلدانة المشتبه فيه ‪.1‬‬
‫يتكون دم اإلنسان باعتباره أهم سائل حيوي في جسم اإلنسان من ‪:‬‬
‫• خاليا الدم و تشمل كرات الدم الحمراء التي تكسب الدم اللون األحمر ﴿ هيموغلوبين الدم ﴾ و يقدر‬
‫عددها بحوالي ‪ 5‬ماليين خلية حمراء لكل مليمتر مكعب في الدم كما تحتوي كل كرية منها على‬
‫مواد مناعية تعرف بمولدات الراصات ‪ Antigène‬التي توجد على الجدار الخلوي لهذه الكريات‬
‫تحدد هذه المواد المناعية الزمر الدموية و التي هي ‪.﴾ A-B-AB-O ﴿ 4‬‬
‫• البالزما التي توجد بها خاليا الدم و تحتوي هذه البالزما على مضادات الفصيلة أو ما يسمى‬
‫باألضداد الطبيعية ‪. Anticorps‬‬
‫إن وجود البقع الدموية بمسرح الجريمة له أهمية كبرى ‪ ،‬حيث تعطي لنا تصورا عن زمن حدوث‬
‫الجريمة ؛ فعندما تكون البقع الدموية رطبة فالجريمة أو الوفاة لم يمض عليها وقت طويل و إذا كانت جافة‬
‫فيشير ذلك إلى مرور وقت أطول ‪ ،‬حيث يبدأ الدم بالجفاف بعد مرور ساعة من حصول الجريمة أو الوفاة‬
‫إذا كان الجو باردا و أقل من ذلك إذا كان الجو حارا ‪ .‬باإلضافة إلى تأثير درجة الحرارة في جفاف البقع‬
‫الدموية ‪ ،‬فإن كمية الدم تؤثر على ذلك أيضا ؛فإذا كانت البقع على هيئة نقاط صغيرة فإنها تجف بسرعة‬
‫في حين إذا كانت البقعة كبيرة فإنها تبدأ بالجفاف من الحواف إلى أن تجف بالكامل في فترة تتراوح‬
‫من ‪ 12‬إلى ‪ 36‬ساعة ‪.‬‬
‫كما يكشف شكل البقعة بمسرح الجريمة بعض خبايا الجريمة فإذا وجدت البقعة دائرية شبه منتظمة‬
‫فيدل هذا على أن البقعة سقطت من ارتفاع قصير ‪ ،‬و في حالة اإلنسكاب العمودي المرتفع بعض الشيء‬
‫فإن شكل البقعة يصبح مسننا ‪ ،‬و إذا زاد اإلرتفاع عن نصف المتر فتتحول البقعة المسننة إلى شكل‬

‫‪1‬‬
‫ـ بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 74‬‬
‫شعاعي‪ ﴿ 1‬أنظر الملحق ‪ . ﴾ 3‬و في حالة السقوط المائل أو تحرك الجسم الذي ينزف فإن القطرات‬
‫الدموية تأخذ أشكاال مختلفة مثل عالمة التعجب أو ثمرة اإلجاص و يدل الطرف المدبب للقطرة على اتجاه‬
‫تحرك الضحية أو الشخص الذي ينزف ﴿ أنظر الملحق ‪. ﴾ 3‬‬
‫يبدأ خبراء الشرطة الجنائية و هم خبراء متخصصون في العلوم الطبي الشرعية بفحص عينات الدم‬
‫المرفوعة من مسرح الجريمة ‪ ،‬كما قد ترد إليهم العينات من مختلف المصالح األمنية من شرطة و درك‬
‫أو من المحاكم عن طريق وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ‪ .‬تبدأ العملية بإجراء بعض اإلختبارات‬
‫و التفاعالت ‪ ،‬و أول ما يقومون به هو تحديد ما إذا كانت البقعة المرفوعة من مسرح الجريمة هو فعال دم‬
‫أم سائل أحمر‪ ،‬و لمعرفة ذلك البد من اإلعتماد على مبدأ التفاعل الكيميائي و الذي يهدف إلى استعادة‬
‫المادة المرجعة للونها األصلي بعد أكسدتها ‪ ،‬و تسمح سلبية النتائج من استبعاد احتمال أن تكون البقعة‬
‫دموية ‪ .2‬و تكمل اإلختبارات للكشف و كمرحلة ثانية من الفحص عن معرفة هل البقعة الدموية تعود‬
‫إلنسان أم لحيوان ‪ ،‬و يكفي لذلك إجراء اختبار الترسيب و هو اختبار يجعل دم الحيوان يتحول بعد إضافة‬
‫مواد كيميائية خاصة إلى مادة بيضاء جيرية عكس دم اإلنسان ‪.3‬‬
‫و أخيرا يتم تحديد الزمرة أو الفصيلة الدموية لصاحب البقعة و بالتالي محاولة معرفته من خالل هذا‬
‫الفحص ‪ ،‬فإذا نتج عن اإلختبار أن فصيلة بقعة الدم مغايرة لفصيلة دم المشتبه فيه ‪ ،‬كان ذلك دليال على أنه‬
‫ليس صاحب البقعة ‪ ،‬أما إذا تطابقتا فهذا معناه أنه من المحتمل أن يكون هو صاحبها ‪.4‬‬
‫و في األخير يظهر جليا أن نتائج تحاليل بقع الدم تعتبر دليل نفي قاطع ﴿ حجة سلبية ﴾ يؤخذ بها أمام‬
‫المحكمة و لكنه ال يفيد في الحصول على دليل إثبات بشكل مؤكد ‪ ،‬و لكن تطور العلم أدى على ظهور‬
‫البصمة الوراثية ـ التي سندرسها بعد حين ـ أمكنت من تحديد هوية الجاني بشكل قاطع من خالل بقعة دم‬
‫واحدة و لو مر عليها زمن طويل ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬البقع المنوية‬
‫المني هو الماء الدافق الهالمي ذو الرائحة القلوية المميزة الذي يخرج من قضيب الرجل البالغ عند‬
‫بلوغ الشهوة الجنسية ذروتها ‪ ،‬و يتكون من سائل منوي الذي تفرزه غدة البروستاتا و جزء خلوي المتمثـل‬
‫في الحيوانات المنوية ‪.5‬‬

‫ـ يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 146‬‬ ‫‪1‬‬

‫ـ أدولف رييولت ـ ترجمة إدريس ملين ‪" :‬الخبرة في ميدان الطب الشرعي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 67‬‬ ‫‪2‬‬

‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع‬
‫السابق ص ‪. 125‬‬
‫ـ يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 148‬‬ ‫‪3‬‬

‫ـ يحيى بن لعلى ‪ :‬نفس المرجع ص ‪. 148‬‬ ‫‪4‬‬

‫ـ أدولف رييولت ـ ترجمة إدريس ملين ‪ :‬المرجع أعاله ص ‪. 68‬‬


‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬نفس المرجـع ص ‪.126‬‬ ‫‪5‬‬
‫و تعتبر البقع المنوية من أهم األدلة التي يتم اإلعتماد عليها في اإلثبات في الجرائم الجنسية‬
‫كاإلغتصاب و الزنا ‪ ،‬إذ يمكن تواجدها على جسم المجني عليها أو مالبسها الداخلية و خاصة حول‬
‫أعضائها التناسلية و أيضا في مكان الجريمة على السرير أو السجاد و غيرها ‪ ،‬و يقع دور البحث عن هذه‬
‫اآلثار على جسم الضحية على الطبيب الشرعي ‪ .‬حيث يقوم بعد معرفة أن الجريمة جنسية ‪،‬بقياس درجة‬
‫حرارة المجني عليها حول المهبل و حول الشرج مع أخذ مسحات من المنطقتين مستخدما في ذلك مسابر‬
‫قطنية مبللة بماء مقطر ثم يتم تجفيفها و تحريزها و إرسالها إلى المختبر ‪.1‬‬
‫تتوقف عملية فحص البقع المنوية على وجود الخاليا الحية بها ‪ ،‬إذ ال يمكن الجزم بأن البقعة منوية‬
‫إال إذا شوهد حيوان منوي كامل ‪ ،‬لكن الحيوانات المنوية ال تبقى مدة طويلة من الزمن في البقعة المنوية‬
‫لذلك إذا وجدت بقعة منوية جافة ‪ ،‬فال يمكن وجود حيوانات منوية بها هنا يلجأ الخبير إلى بعض التحاليل‬
‫الكيميائية للكشف عن مادة البقعة ‪ ،‬و من هذه اإلختبارات تعريض البقعة لألشعة فوق البنفسجية حيث‬
‫تظهر بلون مشع و مضيء إذا كانت البقعة منوية ‪.‬‬
‫و تسمح نتائج فحص البقع المنوية بالتعرف على الجاني من خالل تحديد بصمة الحمض النووي للسائل‬
‫المنوي و هي جازمة بنسبة ‪ %100‬و ال تقبل الشك ومنه توصل إلى حل غموض الجريمة ‪.2‬‬
‫ثالثا ‪ :‬البقع اللعابية‬
‫قد تتواجد في مسرح الجريمة آثار اللعاب على جسم المجني علية في شكل عضة آدمية ‪ ،‬و كذلك على‬
‫بقايا المأكوالت الصلبة ‪ ،‬على أعقاب السجائر ‪ ،‬األكواب الزجاجية ‪ ،‬الرسائل ‪ ،‬طوابع البريد و غيرها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬يتم إرسال العينات إلى المختبر الجنائي ليتم فحصها ‪،‬‬ ‫بعد رفع آثار اللعاب من مسرح الجريمة‬
‫حيث تعتمد عملية الفحص هذه على بعض اإلختبارات الكيميائية الخاصة و كذا على الفحص المجهري ‪.4‬‬
‫تتم أول مرحلة من الفحص لمعرفة هل البقعة لعابية أم ال و ذلك بواسطة اختبار النشاء و اليود للكشف‬
‫عن اإلنزيمات الهاضمة ‪ .‬بعدها يتم البحث عن جنس صاحب البقعة اللعابية هل تعود لذكر أم أنثى ‪ ،‬و هذا‬
‫بفحص الخاليا البشرية الموجودة باللعاب للكشف عن الكروموزومات الجنسية ‪ .‬و آخر مرحلة هي معرفة‬
‫هل تعود هذه البقعة اللعابية إلى المشتبه فيه ‪ ،‬و يتم ذلك بعد أخذ عينة من لعاب هذا األخير و مضاهاتها‬
‫بواسطة تقنية الحمض النووي مع البقعة األولى ‪ ،‬و تعتبر النتائج المحصل عليها جد دقيقة تؤدي إلى التأكد‬
‫من شخصية المتهم ‪. %100‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬البقع غير الحيوية‬

‫‪ 1‬ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 268‬‬
‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬نفس المرجـع السابق ص ‪ 128‬ـ ‪. 129‬‬
‫‪ 2‬ـ هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجع‬
‫السابق ص ‪. 129‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ راجع ص ‪ 48‬من هذه المذكرة ‪.‬‬
‫ـ هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬المرجـع أعاله ص ‪ 130‬ـ ‪. 131‬‬ ‫‪4‬‬
‫يقصد باآلثار غير الحيوية تلك اإلفرازات الجسمية التي ال تحتوي على مكونات حية ‪ ،‬و التي عند‬
‫إيجادها بمسرح الجريمة قد توصلنا إلى التعرف على شخصية المتهم عند استعمال تقنية الحمض النووي ‪.‬‬
‫و عليه نخص الدراسة بإيجاز لهذه البقع مع التركيز على حجيتها في اإلثبات ‪:‬‬
‫‪ .1‬العرق ‪ :‬هو أحد إفرازات الجسم التي يتخلص بواسطتها من بعض المواد غير المرغوب فيها ‪.‬‬
‫و يمكن تواجده في مسرح الجريمة على شكل بصمات األصابع التي تحوي بعض اإلفرازات‬
‫العرقية أو على شكل مناديل اليد ‪ ،‬أو بعض الثياب الداخلية ‪ .‬كما أن لكل إنسان رائحة عرق‬
‫تميزه عن غيره من باقي البشر‪ 1‬و أمكن اإلستفادة من ذلك في تتبع المجرم بواسطة الكالب‬
‫البوليسية ‪ .‬و ظهرت تقنيات جديدة لإلستفادة من آثار العرق أو رائحته في مجال البحث الجنائي‬
‫و لكنها تبقى من وسائل اإلستدالالت و توجيه البحث ال أكثر ‪.2‬‬
‫‪ .2‬البول ‪ :‬يتم رفع البول من مسرح الجريمة بمسحة شاش و ترسل إلى المخابر ‪ ،‬بعدها يتم تجفيفها‬
‫في الهواء و توضع في أنبوبة أو وعاء معقم ‪.‬وتتم عملية الفحص لمعرفة هل هذا البول يخص‬
‫إنسانا أو حيوانا ‪.‬‬
‫‪ .3‬البراز ‪ :‬قد يتغوط الجاني بمحل الجريمة لما يعتريه من خوف وقت ارتكابها ‪ ،‬كما قد يفعل ذلك‬
‫سخرية و استهزاءا بالمحل ‪ ،‬لذلك يجب رفع بقع البراز من مسرح الجريمة و العمل على‬
‫فحصها مجهريا أو كيميائيا للتمكن من التعرف على المتهم و تعزيز األدلة ضده ‪.3‬‬
‫‪ .4‬القيء ‪ :‬إن تواجد القيء بمسرح الجريمة له أهمية كبيرة في محاولة تكييف الجريمة المرتكبة مثل‬
‫جريمة التسميم قد يؤدي مفعول السم إلى تقيؤ الضحية قبل الوفاة ‪ ،‬لذلك يتم رفع القيء من مسرح‬
‫الجريمة ليتم فحصه و معرفة هل يعود للجاني أو إلى المجني عليه ‪.4‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬بصمة الحمض النووي‬
‫من اآليات العظيمة في مجال خلق اإلنسان و أسرار تكوينه ‪ ،‬أسرار الخلية التي كشف عنها‬
‫العلم مؤخرا آية الحمض النووي ‪ ADN‬المسؤول عن حمل و انتقال الملومات الوراثية المبرمجة عليه‬
‫بصورة شفرية عبر األجيال ‪ ،‬و الذي يعتبر حامضا خلويا فريدا في كل شخص و بصمة ال تتكرر‬
‫من شخص إلى آخر ‪ ،‬و ال يمكن أن تتطابق حتى في شخصين ‪ ،‬إال في حالة التوائم المتطابقة التي أصلها‬

‫‪ 1‬ـ ذلك ما أكده القرآن الكريم على لسان يعقوب عليه السالم حين وجد رائحة يوسف عليه السالم على قميصه بعد عهد طويل ‪ ،‬و هذا‬
‫في سورة يوسف ‪ ":‬اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا و أتوني بأهلكم أجمعين * و لما فصلت العير قال أبوهم إني‬
‫ألجد ريح يوسف لوال أن تفندون " اآليتان ‪ 93‬ـ ‪. 94‬‬
‫‪ 2‬ـ هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و الطب الشرعـي"‪،‬المرجع‬
‫السابق ص ‪. 131‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 270‬ـ ‪. 271‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد الفتاح مراد ‪ :‬نفس المرجع ص ‪. 271‬‬
‫بويضة واحدة و حيوان منوي واحد فالبصمة الجينية لكليهما هي ذاتها ‪ .‬فسبحان هللا الباريء المصور‬
‫القائل في كتابه الكريم ‪":‬و في أنفسكم أفال تبصرون" ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف بصمة الحمض النووي‬
‫عندما أوجد العالم اإلنجليزي أليك جيفريز هذه البصمة الوراثية في عام ‪ 1984‬فإنه قد أحدث ثورة‬
‫هائلة في عالم األدلة الجنائية أسفرت في العقدين األخيرين عن حل آالف المعضالت المتعلقة بجرائم‬
‫مختلفة و أدت إلى إدانة أو تبرئة آالف المتهمين ‪.‬‬
‫وكلمة ‪ ADN‬هي اختصار لعبارة ‪ Deoxyribo Nucleic Acid‬و هي الحامض النووي الذي يشكل‬
‫المادة األساسية للكروموزوم حيث تحتوي كل خلية بشرية على ‪ 23‬زوج من هذه الكروموزومات و بعد‬
‫تخصيب البويضة نتيجة التزاوج تصبح هذه األخيرة مكونة من ‪ 46‬كروموزوم و على ذلك فإن ‪ADN‬‬
‫في الخلية يشمل جميع الكروموزومات بداخل نواتها حيث تشكل نظام الجينات الذي يحدد نظام‬
‫و خصائص كل فرد و التي هي السمات الجينية التي يتميز بها عن غيره ‪ ، 1‬و توجد هذه البصمة الجينية‬
‫في جميع خاليا الجسم كاللعاب و السائل المنوي و هي نفسها ال تتغير ‪.‬‬
‫يتكون هذا النظام من تراكيب أربعة يطلق عليها اسم النيوكليوتيدات ‪ Nucleotides‬التي تمثل‬
‫الحروف األربعة التالية ‪ A-G-C-T :‬و يوجد حوالي ‪ 33‬منها في الجينات البشرية ‪ .‬تتشابك هذه‬
‫الحروف و تترابط بنظام ثابت في كل إنسان كالبصمة التي ال تتغير منذ ظهورها و يكون هذا الترابط‬
‫عددا هائال من التبادل و التوافق حيث يرتبط ‪ A‬في خيط مع ‪ T‬في الخيط الثاني ‪ ،‬و يرتبط ‪ C‬في خيط مع‬
‫‪ G‬في الخيط الثاني و هكذا ‪.2‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬البحث عن عينات و استخالص بصمة الحمض النووي‬
‫يبدأ البحث عن البصمة الوراثية من خالل اآلثار التي يتركها الجاني في مسرح الجريمة و تتمثل هذه‬
‫اآلثار في الشعر ‪ ،‬اللعاب ‪ ،‬الدم ‪ ،‬السائل المنوي ‪ ،‬األظافر و غيرها ﴿ أنظر الملحق ‪ .﴾ 3‬و تكثر الخيارات‬
‫أمام الباحث الجنائي عند استخدام مخيلته لجمع األدلة الخاصة بالـ ‪ ، ADN‬علما أن عددا كبيرا من‬
‫القضايا قد تم حلها عبر تحليل اللعاب الموجود في أعقاب السجائر و الطوابع البريدية ‪ ،‬كما أن شعرة رأس‬
‫واحدة تم إيجادها في حلق إحدى الضحايا شكلت دليال كافيا إلدانة المتهم ‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ" ‪ ،"www.6abib.com‬المرجع السابق ‪,‬‬


‫ـ رضا عبد الحكيم اسماعيل رضوان ‪" :‬التحليل البيولوجي للجينات البشرية و حجيته في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬مجلة األمن و الحياة‬
‫أكادمية نايف العربية للعلوم األمنية ‪ ،‬العدد ‪ 198‬مارس ‪ ، 1999‬ص ‪ 80‬ـ ‪. 81‬‬
‫‪ 2‬ـ ﴿ ‪ ﴾A= Adénine‬ـ ﴿ ‪ ﴾G= Guanine‬ـ ﴿ ‪ ﴾ C= Cytosine‬ـ ﴿ ‪. ﴾ T= Thymine‬‬
‫‪ 3‬ـ" ‪" www.lebarmy.gov.lb‬موقع الجيش اللبناني على األنترنيت ‪ ،‬بحث عن البصمة الوراثية في مسرح الجريمة ‪ ،‬إعداد ريما‬
‫سلوم ضومط ‪.‬‬
‫تتم عمليات تحليل العينات البيولوجية للكشف عن البصمة الجينية بمخبر البيولوجيا الشرعية و البصمة‬
‫الوراثية التابع لنيابة مديرية الشرطة الجنائية و التقنية و هذا لتبيان الهوية الجنائية ‪ ،‬البحث عن األبوة ‪،‬‬
‫و كذا البحث عن هوية الجثث المجهولة في الكوارث الكبرى ‪.1‬‬
‫قد ت كون المقارنة بين عينات مأخوذة من مسرح الجريمة و أخرى تعود للمشتبه فيه ‪ ،‬و في حال‬
‫عدم هذه األخيرة فتتم المقارنة مع عينات موجودة ضمن قاعدة بيانات خاصة بال‪ ADN‬محفوظة لدى‬
‫الشرطة الجنائية ‪ ،‬مع اإلشارة أن بريطانيا تعد الدولة التي تملك أكبر قاعدة بيانات خاصة بال‪ ADN‬في‬
‫العالم ‪.2‬‬
‫عند ورود العينات إلى مخبر البيولوجيا و البصمة الوراثية التابع للشرطة العلميـة يتـم تسجيل القضايـا‬
‫و تكوين ملف بها ‪ ،‬بعدها يتم تعقيم األدوات و تحضير المحاليل التي سيتم استعمالها في مختلف أطوار‬
‫الخبرة ‪ ،‬بعدها يتم استخالص عينات ال‪ ADN‬و هذا بفصل البروتين الذي يتكون منه الحمض بعالقة‬
‫تبادلية قصيرة تتكون من ‪4‬إلى ‪ 8‬نكليوتيدات ‪ ،‬ذلك أن الترابط بين خيوط الحروف األربعة ليس قويا فإذا‬
‫تم تسخين ‪ ADN‬إلى ما يقرب درجة غليان الماء ‪ 100‬درجة تنفصل تلك الخيوط و عندما يبرد تعود إلى‬
‫االرتباط مرة أخرى ؛ و تكمن الخطوة الموالية في إزالة الدهون من العينة و استخراج مادة ال‪ADN‬‬
‫و تنقيتها بواسطة اختبار "التفاعل التسلسلي ألنزيم بوليميراز" و هذا لمضاعفة الحمض النووي و خلق‬
‫نسخ متعددة منه إلجراء المقارنة مع حفظ المفاعالت المضاعفة لعينات المقارنة ‪ ،‬بعدها يتم إعداد صفائح‬
‫بالعينات المذكورة ليتم فحصها بواسطة عملية اإللكتروفوريس الشعيري على أجهزة ‪ 310‬و ‪3100‬‬
‫إلثبات صحة النتائج و تحرير تقرير بذلك ‪.3‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬حجية بصمة الحمض النووي في اإلثبات‬
‫لقد حققت تحاليل الحمض النووي نتائج أدت إلى نجاح كبير في القضايا الجنائية المختلفة ‪ ،‬حيث بلغت‬
‫حصيلة القضايا التي تم اكتشاف مرتكبيها بواسطة اختبارات الحمض النووي إلى ‪ %30‬فيما يخص جرائم‬
‫السرقة ‪ %8 ،‬في اإلعتداءات الجنسية ‪ %15 ،‬في اكتشاف الجثث المجهولة الهوية و ‪ %8‬في قضايا إثبات‬
‫و‬ ‫البنوة ‪ .‬و بهذا أصبحت من أقوى تقنيات العصر التي ساعدت العدالة في التعرف على المجرمين‬
‫كشف النقاب عن العديد من الجرائم و التي لم يكن باإلمكان حلها لوال اكتشاف هذه البصمة و التي بنيت‬
‫على أسس علمية ثابتة كونها تحدد و بدقة الشخص صاحب البصمة الجينية ‪ ،‬و أنها رغم العوامل‬

‫‪ 1‬ـ عـثمانـي عبد الكريـم ‪ ،‬بن لطرش طارق و لمحـان فيصل ‪" :‬منهجيـة أخـذ عينـات من مسرح الجريمـة للبحث عـن البصمـة‬
‫الوراثية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 78‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪Charles Diaz :" La police technique et scientifique"-op.cit. page 74-75 .‬‬
‫‪ 3‬ـ حلفاية الزبيرـ بوزيان فارس ‪ -‬بن عطيـة رشيد ‪ -‬بوجهين عبد المالك ‪ -‬بدور رضا ـ فريمش الشريف ـ بودينـة منيـر ‪" :‬البصمة‬
‫الوراثية و مدى حجيتها في اإلثبات ـ دراسة مقارنة "‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء الدفعة الثالثة ‪ 2002‬ـ ‪2005‬‬
‫ص ‪ 24‬ما بعدها ‪.‬‬
‫المناخية الصعبة وعوامل التعفن و التحلل إال أنها تقاوم ذلك و يمكن الحصول عليها حتى من رفات‬
‫العظام ‪ ،‬و عليه أمكن للمحكمة مجابهة المتهم بهذه البصمة التي ال تخطيء أبدا ‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫تعد اآلثار البيولوجية من األشياء الضرورية التي توجد في مسرح الجريمة‪ ،‬وباإلمكان عمل مسح شامل‬
‫لها دون تجاهلها‪ ،‬أو بمعنى آخر يتم الحصول عليها انطالقا من جسم اإلنسان وما يمكن أن يخلفه ويتركه‬
‫(إما جثة القتيل‪ ،‬أو جسم المشتبه به أو الضحية)‪ :‬بصمات األصابع‪ ،‬الدم واللطخات الدموية‪ ،‬اللعاب على‬
‫أعقاب السجائر‪ ،‬ألياف الشعر‪ ،‬كما تؤخذ أشياء أخرى من الجثة‪ ،‬والمسحة الفمية‪ ،‬األظافر‪ ،‬ومالبس‬
‫القتيل‪ ،‬كما توجد أشياء تؤخذ من المتهم كبصمات األصابع‪ ،‬أو عينة من السائل المنوي‪ ،‬كل هذه األشياء‬
‫يتم فحصها علميا وبطرق محددة الستخراج إما بصمات الجلد أو البصمة الوراثية لكشف وتحديد الجثث‬
‫أو األجسام المتواجدة في مسرح الجريمة أو عالقتها به‪ ،‬لتحديدها ونسبتها إما إلى الضحية أو إلى المتهم‪،‬‬
‫أو لتوجيه التهم إلى المشتبه في ارتكابهم للجريمة‪.‬‬

‫المصادر‬
‫مسعود زبدة ‪ " :‬القرائن القضائية " ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪47‬‬
‫ضياء الدين حسن فرحات ‪" :‬البصمات أهميتها ـ أشكالها ـ إظهارها ـ رفعها ـ المضاهاة الفنية " ‪ ،‬توزيع‬
‫منشأة المعارف باإلسكندرية ‪ ،‬جالل حزي و شركاؤه ‪ ، 2005‬ص ‪. 05‬‬
‫قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪" :‬أدلة مسرح الجريمة"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 11‬‬
‫ضياء الدين حسن فرحات ‪" :‬البصمات أهميتها ـ أشكالها ـ إظهارها ـ رفعها ـ المضاهاة الفنية " ‪،‬‬
‫المرجع السابق ص ‪. 53‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و‬
‫الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع‬
‫السابق ص ‪. 149‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 194‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 199‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬المرجع السابق ص ‪. 54‬‬
‫بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 36‬‬
‫ضياء الدين حسن فرحات ‪ :‬المرجع السابق ص ‪ 22‬ـ ‪. 23‬‬
‫ضياء الدين حسن فرحات ‪" :‬البصمات أهميتها ـ أشكالها ـ إظهارها ـ رفعها ـ المضاهاة الفنية " المرجع‬
‫السابق ص ‪. 23‬‬
‫بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص من ‪36‬‬
‫إلى ‪. 38‬‬
‫يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 138‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 164‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي التطبيقي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 284‬‬
‫خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 88‬ـ ‪. 89‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 166‬ـ ‪. 167‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و‬
‫الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع السابق ص ‪ 124‬ـ ‪. 125‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي التطبيقي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 286‬ـ ‪. 287‬‬
‫إذا كان الشخص في حالة مشي تظهر مقدمة القدم أو الحذاء أكثر ظهورا أو عمقا بخالف حالة الجري‬
‫السريع فيكون العقب هو األكثر عمقا ألن األصابع في حالة الجري تمس األرض مسا خفيفا ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫الشخص واقفا فيظهر طول القدم أصغر من طولها في حالة المشي و عرضها أكبر منه في حالة المشي‬
‫‪.‬راجع ‪:‬‬
‫بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 114‬ـ‬
‫‪. 115‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 217‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬المرجـع السابق ص ‪ 132‬ـ ‪. 133‬‬
‫يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 151‬‬
‫" األدلة الجنائية " ‪ :‬مجلة الدركي العدد العاشر‪ ،‬الجزائر ديسمبر ‪ 2006‬ص ‪ 23‬ـ ‪ ، 24‬وردت بدون‬
‫ذكر المؤلف ‪.‬‬
‫" ‪، "www. ar- wikipédia . org‬أدلة جنائية ويكيبديا الموسوعة الحرة ‪.‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 217‬‬
‫عمر الشيخ األصم ‪" :‬تحليل بعض المخدرات القاعدية في الشعر "ـ دراسة تطبيقية مقارنة ـ أكادمية نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية ‪ ،‬الرياض ‪ 1999‬ص ‪ 62‬ـ ‪. 63‬‬
‫" أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 298‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫" أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 218‬ـ ‪. 219‬‬
‫يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 153‬‬
‫عمر الشيخ األصم ‪" :‬تحليل بعض المخدرات القاعدية في الشعر "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 63‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و‬
‫الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع السابق ص ‪. 135‬‬
‫" أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "‪ ،‬المرجع أعاله ص ‪. 305‬‬
‫بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 63‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 207‬ـ ‪. 208‬‬
‫اللو رابح ‪" :‬أدلة اإلثبات الجزائية "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 106‬‬
‫خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 94‬ـ ‪. 95‬‬
‫بوادي حسنين المحمدي ‪ " :‬الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 52‬ـ ‪53‬‬
‫خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 96‬ـ ‪. 97‬‬
‫خربوش فوزية ‪" :‬األدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 99‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪Charles Diaz :" La police technique et scientifique" op.cit. page 84 .‬‬
‫قدري عبد الفتاح الشهاوي ‪" :‬مناط التحريات و اإلستدَلَلت و اإلستخبارات"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‬
‫مصر ‪ 1998‬ص ‪.79‬‬
‫يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 146‬‬
‫أدولف رييولت ـ ترجمة إدريس ملين ‪" :‬الخبرة في ميدان الطب الشرعي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 67‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و‬
‫الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجـع‬
‫السابق ص ‪. 125‬‬
‫يحيى بن لعلى ‪" :‬الخبرة في الطب الشرعي "‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 148‬‬
‫أدولف رييولت ـ ترجمة إدريس ملين ‪ :‬المرجع أعاله ص ‪. 68‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪" :‬التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 268‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪" :‬معاينـة مسرح الجريمـة ألعضاء القضاء و النيابـة و المحاماة و الشرطـة و‬
‫الطب الشرعـي"‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. 129‬‬
‫راجع ص ‪ 48‬من هذه المذكرة ‪.‬‬
‫هشام عبد الحميد فرج ‪ :‬المرجـع أعاله ص ‪ 130‬ـ ‪. 131‬‬

You might also like