0% found this document useful (0 votes)
7 views30 pages

Muhammed Jouneid M.N. Aldeirshawy

جيد

Uploaded by

nadia kaoukaou
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
7 views30 pages

Muhammed Jouneid M.N. Aldeirshawy

جيد

Uploaded by

nadia kaoukaou
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 30

‫المجلد ‪ ، 12‬العدد ‪2‬‬

‫ربيع األول ‪ 1437‬هـ ‪ /‬ديسمبر ‪ 2015‬م‬


‫الترقيم الدولي المعياري للدوريات ‪1996-2320‬‬
‫مشاركة المرأة العاملة في النفقات المنزلية لبيت الزوجية‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّيرشوي‬
‫كلية اآلداب ‪ -‬جامعة الملك فيصل‬

‫الهفوف ‪ -‬السّعودية‬

‫تاريخ القبول ‪2015-07-09‬‬ ‫تاريخ االستالم ‪2015-02-08‬‬

‫ملخص البحث‬
‫هــذا البحــث دراس ـةٌ فقهيــة‪ ،‬تحــاول اإلجابــة عــن ســؤال يطرحــه المســلمون المقيمــون فــي بــاد‬
‫الغــرب‪ ،‬وكذلــك يطرحــه بعــض النــاس فــي بــاد المســلمين اليــوم‪ ،‬وهــو‪ :‬هــل هنــاك مســتند‬
‫شــرعي يمكــن بنــا ًء عليــه إلــزا ُم المــرأة العاملــة بالمشــاركة فــي النفقــات المنزليّــة لبيــت ال ّزوجيــة؟‪.‬‬

‫ولمــا كان الشــرع قــد أوجــب علــى الــزوج أن يقـ ّدم للزوجــة كفايَتَهــا؛ فقــد كانــت نفقتُهــا مــن ضمــن‬
‫النفقــات المنزليــة‪ ،‬ومــن ثـ ّم أمكــن تقســيم النفقــات المنزليــة إلــى قســمين‪ ،‬نفقــة ال ّزوجــة‪ ،‬والنفقــات‬
‫األخــرى ‪ ..‬لــذا فقــد تألّــف هــذا البحــث مــن مق ّدمــة وتمهيــد ومبحثيــن وخاتمــة فيهــا النتائــج‪.‬‬

‫التمهيــد‪ :‬فيــه بيــان طبيعــة العالقــة بيــن الزوجيــن فــي اإلســام‪ ،‬وأنّهــا تقــوم علــى أســاس‬
‫وأن التقاضــي ال يكــون إالّ فــي حــاالت اســتثنائية ونــادرة‪ ،‬وقــد بيّــن الشــرع مــا يخــصّ‬
‫التراضــي‪ّ ،‬‬
‫كلتــا الحالتيــن مــن األحــكام‪.‬‬

‫المبحــث األول‪ -‬يبحــث فــي مقتضــى عقــد الــزواج مــن جهــة نفقــة ال ّزوجــة‪ ،‬وهــل يجــوز أن‬
‫يشــترط الــ ّزوج ســقوطها؟‪.‬‬

‫المبحــث الثانــي‪ -‬يتنــاول حكــم مشــاركة الزوجــة فــي النفقــات المنزليــة األخــرى‪ ،‬انطالقًــا مــن‬
‫بيــان معنــى القوامــة التــي قرّرهــا اإلســام للرّجــل‪ ،‬والكشــف عــن علّتهــا‪ ،‬وعالقــة ذلــك بفلســفة‬
‫اإلســام فــي تنظيــم األســرة‪.‬‬

‫ثم الخاتمة‪ ،‬وأه ّم نتائج البحث‪.‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪236‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫مقدِّ مة‪:‬‬
‫الحمــد هلل رب العالميــن‪ ،‬والصــاة والســام األت ّمــان األكمــان علــى ســيّدنا محمــد وعلــى آلــه‬
‫وصحبــه أجمعيــن ‪ ..‬وبعــد‪.‬‬

‫ـرعي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫يتســاءل بعــض النــاس اليــوم‪ ،‬ع ّمــا إذا كان مــن الممكــن أن يكــون هنــاك دليـ ٌل أو ُمســتن ٌد شـ‬
‫يُلــزم المــرأةَ العاملــة بالمشــاركة فــي النفقــات المنزليــة لبيــت الزوجيــة‪ ،‬وال يخلــو طــرح هــذا‬
‫صــة ‪ ..‬ولهــذا‬‫الســؤال مــن شــيء مــن اإللحــاح مــن قبــل المســلمين المقيميــن فــي بــاد الغــرب خا ّ‬
‫فــي الواقــع مــا يبـرّره؛ فلــم تَ ُعــد المــرأةُ فــي الغــرب قَعيــدة البيــت و ُمربّيــة األوالد‪ ،‬بــل تجــاوزت‬
‫ُســور بيتهــا إلــى المصنــع والمعمــل واإلدارات والمؤسّســات‪ ،‬بــل حتــى ال ِّســكك واألنفــاق‪ ،‬لتمارس‬
‫أن ظــروف الحيــاة وطبيعتهــا فرضــت علــى الزوجــة هنــاك أن تخــرج مــع‬ ‫مختلــف األعمــال‪ ،‬ذلــك ّ‬
‫زوجهــا إلــى العمــل عــن يميــن النهــار ليرجعــا عــن شــماله‪ ،‬بعــد أن يكونــا قــد بــذال جهــودًا مضنيــة‬
‫مــن أجــل تأميــن متطلَّبــات حيــاة كثيــرة التكاليــف؛ ينــوء كاهلهمــا بأثقالهــا‪ ،‬وهــذه ضريبــة طبيعيــة‬
‫فرضتهــا المدنيــة الحديثــة المتخمــة بالتّــرف ووســائله‪.‬‬

‫إ ًذا‪ .‬فنمــط الحيــاة ال ّزوجيــة هنــاك ال يجــري علــى النســق الــذي ألفــه المســلمون طيلــة عصورهــم‬
‫التــي خلــت‪ ،‬حيــث كان الـ ّزوج وال ّزوجــة يتقاســمان األعمــال على أســاس فطــري‪ ،‬إذ تقــوم الزوجة‬
‫برعايــة البيــت مــن داخلــه‪ ،‬فتكــون ربّــة البيــت والعاملـةَ فيــه؛ إذ تتولــى رعايــة أوالدهــا وتربيتهــم‪،‬‬
‫وتســعى لتوفيــر أســباب الرّاحــة لزوجهــا وأوالدهــا فــي المنــزل‪ ،‬ولــم يكــن عملهــا خــارج منــزل‬
‫ال ّزوجيــة إال علــى ســبيل االســتثناء‪ ،‬بينمــا كان الرّجــل فــي المقابــل يمــارس العمــل خــارج الـ ّدار‪،‬‬
‫فيكـ ّد ويشــقى مــن أجــل القيــام بنفقــة األوالد والزوجــة وشــؤونهم‪.‬‬

‫أن هــذا النّمــط مــن الحيــاة الــذي يعيشــه ال ّزوجــان فــي الغــرب‪ ،‬قــد بــدأ يتســلّل إلينــا‪،‬‬
‫ق ّ‬‫والحــ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويســري فــي بعــض مجتمعاتنــا اإلســامية اليــوم‪ ،‬حتــى إنــه غــدا يشـكل ظاهــرة فــي بعــض بلداننــا‪.‬‬

‫ـول جـ ًّدا أن يطــرح الســؤال المذكــور فــي بالدنــا أي ً‬


‫ضــا‪ ،‬وإن‬ ‫ول ّمــا كان األمــر كذلــك؛ فقــد كان معقـ ً‬
‫كان طرحــه فــي الغــرب أشـ ّد إلحا ًحــا‪.‬‬

‫أهم ّية البحث‪:‬‬


‫تكمــن أهميّــة هــذا البحــث فــي أنّــه محاولــة لإلجابــة عــن نازلــة مــن نــوازل هــذا العصــر‪ ،‬يكثــر‬
‫ـر مــن المجتمعــات اإلســامية ‪ ..‬وكذلــك‬‫التســاؤل عــن حكمهــا فــي بــاد الغــرب‪ ،‬وكذلــك فــي كثيـ ٍ‬
‫ّ‬
‫تبــرز أهميّــة البحــث فــي طريقــة تنــاول المســألة‪ ،‬ومحاولــة التوصــل إلــى حكمهــا الفقهــي؛ فهــو‬
‫ّ‬
‫ال يقتصــر علــى نقــل أقــوال المجتهديــن والتخريــج عليهــا فحســب‪ ،‬بــل يتجــاوز ذلــك إلــى البحــث‬
‫عــن علــل األحــكام المتعلِّقــة بســؤال البحــث‪ ،‬أي ّ‬
‫إن الباحــث حــاول أن يكتــب هــذا البحــث بنَفَـ ٍ‬
‫س‬

‫‪237‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫اجتهــادي‪ ،‬يرجــو أن يكــون قريب ـا ً مــن االجتهــاد األصيــل‪ ،‬الــذي يقــوم علــى التأصيــل‪ ،‬وربــط‬
‫األمــور بعللهــا وبمقاصدهــا ‪ ..‬فــإن كان قــد ُوفِّــق لذلــك؛ فذلــك مــن فضــل هللا تعالــى عليــه‪ّ ،‬‬
‫وإل‬
‫فحســبه أنّــه بــذل ُوســعه‪ ،‬رجــا َء أن ينــال أجــر ال ّســعي؛ إذ فاتــه بلــوغ الغايــة‪.‬‬

‫الدِّ راسات السابقة‪:‬‬


‫والحقيقــة أن هــذه المســألة مــن نــوازل العصــر‪ ،‬فلــم تكــن مطروحــة فيمــا مضــى‪ ،‬ولــذا فإننــي‬
‫لــم أجــد مــن الفقهــاء القدامــى مــن تكلّــم فيهــا‪ ،‬غيــر أن العلمــاء والباحثيــن المعاصريــن اهت ّمــوا‬
‫بهــذه المســألة‪ ،‬وتداولوهــا فــي المؤتمــرات الفقهيــة‪ ،‬فقــد بحــث هــذا الموضــو َع مجمــ ُع الفقــه‬
‫اإلســامي الدولــي فــي دورتــه السادســة عشــرة التــي انعقــدت فــي دبــي عــام ‪1426‬هـــ‪2005 ،‬م‪،‬‬
‫كمــا صــدرت فيــه فتــاوى كثيــرة‪ ،‬نشــرت علــى الشــبكة العنكبوتيــة‪ ،‬ومــن المواقــع الكثيــرة التــي‬
‫عرضــت فتــاوى العلمــاء فــي هــذه النازلــة موقــع (واحــة المــرأة)(((‪ ،‬فقــد نشــر فتــاوى لعــدد مــن‬
‫الباحثيــن فــي الفقــه‪ ،‬منهــم أ‪.‬د‪ .‬ســليمان العيســى‪ ،‬ود‪ .‬عبــد الوهــاب بــن ناصــر الطريــري‪ ،‬ود‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولكــن هــذه الفتــاوى جــاءت‬ ‫خالــد بــن علــي المشــيقح‪ ،‬ود‪ .‬أحمــد بــن عبــد الرحمــن القاضــي‪،‬‬
‫ـت عليــه منهــا كان مقتصـرًا علــى دراســة المســألة‬ ‫مقتضبــة غيــر مؤصّلــة ‪ ..‬أ ّمــا األبحــاث فمــا وقعـ ُ‬
‫دراس ـةً فقهيــة بحتــة‪.‬‬

‫أن البحــث فــي هــذه المســألة ينبغــي أن يمتــزج فيــه البحــث الفقهــي بالبحــث‬ ‫والــذي أراه هــو ّ‬
‫األصولــي‪ ،‬وأن يجعــل مــن أســاس المســألة – وهــو القوامــة‪ -‬منطلقًــا لبحثهــا‪ ،‬وذلــك ببيــان العلّــة‬
‫التــي مــن أجلهــا كانــت القوامــة مقـرّرة للرجــل شــرعًا‪ ،‬ثــم هــل هــذه العلّــة ثابتــة‪ ،‬بحيــث ال تخضــع‬
‫للظــروف وتقلّبــات األوضــاع وتغيّــر األحــوال؛ ومــن ثــم فــا مجــال لتغيّــر الحكــم الشــرعي فيهــا‪،‬‬
‫ـر مــا أو بأوضــاع معيّنــة أو بمصلحــة مــا؛ ومــن ثـ ّم فيمكــن‬ ‫أن العلّــة فيهــا مرتبطــة بعــرف عصـ ٍ‬ ‫أم ّ‬
‫أن يتغيّــر الحكــم فيهــا تب ًعــا لمــا بنيــت عليــه مــن العلّــة؟‪.‬‬

‫هــذا مــا حــدا بــي للكتابــة فــي هــذه المســألة‪ ،‬التــي غــدا بيــان حكــم الشــرع فيهــا شــديد اإللحــاح‪ ،‬إذ‬
‫يكثــر الســؤال عــن حكمهــا يو ًمــا بعــد يــوم‪ ،‬ولــم تعــد الحاجــة إلــى بيــان حكمهــا مقصــورة علــى‬
‫المقيميــن فــي المجتمعــات غيــر اإلســامية‪ ،‬بــل لقــد ســرت َعــد َوى تلــك المجتمعــات إلــى بــاد‬
‫المســلمين‪ ،‬إذ قــد تشــابه نمــط الحيــاة فيهــا مــع نمــط حيــاة النــاس فــي الغــرب؛ فتشــابهت األســئلة‬
‫التــي تطــرح فــي داخــل البــاد اإلســامية مــع تلــك التــي تطــرح فــي خارجهــا‪.‬‬

‫‪(1) www.wahati.com/fatawa‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪238‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫يتمثّل المنهج الذي نتّبعه في هذه ال ّدراسة في اآلتي‪:‬‬

‫سنتّبع المنهج التأصيلي التحليلي النّقدي االستنتاجي‪ ،‬وسيتجلّى ذلك في اآلتي‪:‬‬

‫‪1 .1‬عــرض آراء العلمــاء فــي المســائل المعروضــة‪ ،‬وتحليلهــا ونقدهــا؛ للتوصّــل إلــى بيــان‬
‫الرّاجــح‪.‬‬

‫‪2 .2‬إرجاع الحكم الفقهي إلى أصله األصولي الذي انبنى عليه‪.‬‬

‫وقــد جــاء هــذا البحــث فــي مق ّدمــة‪ ،‬فيهــا بيــان أهميــة هــذا الموضــوع الباعــث علــى الكتابــة فيــه‪،‬‬
‫ثــم تمهيــد‪ ،‬فيــه بيــان طبيعــة العالقــة القائمــة بيــن الزوجيــن‪ ،‬وطبيعــة األســرة مــن المنظــور‬
‫اإلســامي‪.‬‬

‫ثــم المبحــث األول‪ -‬وفيــه بيــان حكــم إنفــاق الــزوج علــى زوجتــه‪ ،‬وكــون ذلــك واجبًــا شــرعًا‪،‬‬
‫وهــل يجيــز الشــرع أن يشــترط الــزوج ســقوط نفقــة ال ّزوجــة عنــه‪.‬‬

‫المبحــث الثانــي‪ -‬تنــاول الحكــم الشــرعي فــي إلــزام المــرأة العاملــة بالمشــاركة فــي النفقــات‬
‫المنزليــة األخــرى‪ ،‬غيــر نفقــة نفســها‪.‬‬

‫وخاتمة فيها النتائج‪.‬‬

‫وهللا ســبحانه وتعالــى وحــده المســؤول أن يكرمنــا بالســداد والقصــد فــي القــول والعمــل‪ ،‬وأن يتـوّج‬
‫ســائر أعمالنــا باإلخــاص لوجهــه الكريــم‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫العالقــة ال ّزوجيــة بيــن التراضــي والتّقاضــي‪ :‬إذا كان مبــدأ التعــاون علــى الب ـ ّر والتقــوى مبــدأً‬
‫ـاس عالقــة مــا بيــن المســلمين‪ ،‬وال ِّشــرعة التــي أحــب هللا تعالــى أن‬ ‫ـا‪ ،‬وكان هــو أسـ َ‬‫إســاميًّا أصيـ ً‬
‫ـإن االلتــزام بهــذا المبــدأ يكــون أش ـ ّد تأكي ـدًا فــي عالقــة مــا بيــن‬
‫تكــون ّســائدة فــي مجتمعاتهــم؛ فـ ّ‬
‫أن األســرة هــي نــواة المجتمــع‪ ،‬وبمقــدار مــا تكــون األســرة صالحــة ناجحــة‪،‬‬ ‫الزوجيــن‪ ،‬ذلــك ّ‬
‫ويكــون أفرادهــا متفاهميــن ومتعاونيــن؛ ينعــم المجتمــع باالســتقرار ويرتقــي‪.‬‬

‫األســرة فــي اإلســام‪ :‬األســرة فــي المنظــور اإلســامي مشــروع يقــوم عليــه طرفــان أو شــريكان‪،‬‬
‫ويربّــي اإلســام ك ّل واحــد منهمــا علــى أن يَعُــ َّد نفســه هــو المســؤو َل األول عــن نجــاح هــذا‬
‫المشــروع‪ ،‬فيبــذل أقصــى مــا يســتطيع مــن جهــد فــي ســبيل ذلــك‪ ،‬ويتغاضــى ع ّمــا قــد يبــدر مــن‬

‫‪239‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫تقصيــر مــن جهــة شــريكه ‪ ..‬هــذا التصـوّر يبــدو جليًّــا حيــن نصغــي إلــى تعاليــم الشــرع الحنيــف‬
‫إذ يتو ّجــه بهــا إلــى ال ّزوجيــن ‪ ..‬أال تــرى أنّــه حيــن يتو ّجــه بتعليماتــه هــذه إلــى الـ ّزوج‪ ،‬يخيّــل إلينــا‬
‫أن مســؤولية نجــاح األســرة هــي مســؤوليّتُه وحــده‪ ،‬وكذلــك حيــن يتو ّجــه بخطابــه إلــى ال ّزوجــة‬
‫يخيّــل إلينــا أنّهــا هــي وحدَهــا المســؤولةُ عــن نجــاح األســرة ؟!‪.‬‬

‫صــاة والســام‪ «:‬خَيرُكــم‬ ‫تأ ّمــل علــى ســبيل المثــال ‪ -‬لتــرى مصــداق ذلــك ‪ -‬فــي قولــه عليــه ال ّ‬
‫ُ‬
‫ـخطَ منهــا ُخلقًــا‬ ‫خَيرُكــم ألهلــه وأنــا خَيرُكــم ألهلــي»((( وقولــه ‪ «:‬ال يَ ْفـ َر ْك ُمؤ ِمـ ٌ‬
‫ـن ُمؤمنـةً‪ْ ،‬‬
‫إن َسـ ِ‬
‫أن أطــول بنــد فــي خطبتــه عليــه الصــاة والســام فــي حجّــة‬ ‫َرضــي منهــا آخَــر»((( وحســبك ّ‬
‫الــوداع هــي الوصيّــة بالنســاء(((‪.‬‬
‫ـت آ ِمـرًا أحـدًا أن يَســجد أل َحــد ألمـ ُ‬
‫ـرت‬ ‫ثــم تأ ّمــل فــي قولــه عليــه الصــاة والســام للمــرأة‪ «:‬لــو كنـ ُ‬
‫المــرأةَ ْ‬
‫أن تَسـجُد لِزوجهــا»(((‪.‬‬

‫وتترجــم هــذه التعاليــم فــي كلمــة واحــدة هــي (حســن العشــرة)‪ ،‬الــذي مــن أجلــى صــوره أن يو ِّســع‬
‫ال ـ ّزوج علــى ال ّزوجــة فــي النفقــة‪ ،‬وأن تكــون ال ّزوجــة متســامحة بحقِّهــا‪ ،‬و ُم ِعين ـةً لزوجهــا علــى‬
‫تح ّمــل ســائر األعبــاء‪ ،‬وال س ـيّما األعبــاء الماليــة‪ ،‬إذا كانــت قــادرة علــى ذلــك ‪ ..‬وهــذا مــا نــدب‬
‫إليــه ال ّشــرع‪ ،‬فقــد ســألت زوجــة ابــن مســعود ‪ ‬عــن الصّدقــة علــى الـ ّزوج‪ ،‬فقــال عليــه الصــاة‬
‫صدَقـةٌ ولِ ْلقَريــب َ‬
‫صدَقـةٌ َو ِ‬
‫صلَــة»(((‪.‬‬ ‫والســام‪ «:‬لِ ْلغَريــب َ‬
‫ولكــن قــد تطــرأ حــاالت ال تســتم ّر فيهــا عالقــة مــا بيــن ال ّزوجيــن علــى هــذا النحــو مــن األريحيــة‬
‫فــي التعامــل‪ ،‬فقــد يتشــا ّح بعــض األزواج أحيانًــا‪ ،‬ويعدلــون عــن مرتبــة اإلحســان فــي التعامــل‪،‬‬
‫إلــى األخــذ بالعــدل‪ ،‬والوقــوف عنــد حــ ّد الواجــب فحســب‪ ،‬بــل قــد يتخاصــم ال ّزوجــان أحيانًــا‬
‫ق ك ّل طــرف‪.‬‬ ‫ويلجــآن إلــى القضــاء ليبيّــن ح ـ ّ‬

‫(((الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي‪ ،‬ت ‪ ،279‬سنن الترمذي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد محمد‬
‫شاكر‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ .‬كتاب المناقب‪ ،‬باب فضل أزواج ‪ ،‬رقم ‪ ،3895‬قال أبو ِعي َسى هذا َح ِد ٌ‬
‫يث‬
‫ص ِحي ٌح من حديث الثَّوْ ِريِّ‪ ،‬سنن الترمذي‪. 5/709:‬‬ ‫َح َس ٌن غ ِ‬
‫َريبٌ َ‬
‫(((مسلم‪ ،‬أبو الحسين بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري‪ ،‬ت ‪ ، 261‬صحيح مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي كتاب‪،‬كتاب الرّضاع‪ ،‬باب الوصية بالنساء‪ ،‬رقم ‪1469‬‬
‫((( المرجع السابق‪2/889-890:‬‬
‫(((الحاكم‪ ،‬محمد بن عبدهللا أبو عبدهللا النيسابوري‪ ،‬ت ‪ 405‬هـ ‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ، ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى‬
‫عبد القادر عطا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م ‪ ،‬ط األولى‪،‬كتاب الب ّر والصّلة‪ ،‬رقم ‪ ،7326‬من‬
‫حديث بريدة‪ ،‬وقال صحيح اإلسناد ولم يخرّجاه‪ ،‬المستدرك‪4/190:‬‬
‫(((الزيلعي‪ ،‬جمال الدين عبد هللا بن يوسف بن محمد الوفاة‪762 :‬هـ ‪ ،‬تخريج األحاديث واآلثار الواقعة في تفسير‬
‫الكشاف للزمخشري‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد هللا بن عبد الرحمن السعد‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار ابن خزيمة ‪1414 -‬هـ ‪ ،‬ط األولى‪،‬‬
‫رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في الزكاة من حديث سلمان بن عامر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪101‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪240‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫أن اإلســام يتميّــز بكونــه يجمــع بيــن المثاليّــة والواقعيــة‪ ،‬فإنّــه لــم يُغفــل مثــل هــذه الحــاالت‬
‫وبمــا ّ‬
‫االســتثنائية‪ ،‬بــل راعاهــا ووضــع لهــا األحــكام المناســبة التــي تضمــن تحقيــق العدالــة‪ ،‬وتقــدِّم‬
‫العــاج الناجــع ‪ ..‬فمــا الحـ ّل الــذي يق ّدمــه اإلســام لمثــل هــذه الحالــة التــي نحــن بصــدد دراســتها؟‬
‫ومــا جوابــه عــن ســؤال البحــث المطــروح؟‪ .‬هــذا مــا ســنحاول بيانــه فــي هــذه ال ّدراســة‪.‬‬

‫ول ّمــا كانــت نفقــة ال ّزوجــة العاملــة مــن ضمــن النفقــات المنزليــة‪ ،‬وقــد وردت نصــوص الشــرع‬
‫ـرد مبحثًــا خا ًّ‬
‫صــا‬ ‫بإلــزام ال ـ ّزوج بهــا‪ ،‬وإن كان فقي ـرًا وكانــت هــي موســرة‪ ،‬فقــد ارتأيــت أن أفـ ِ‬
‫لمســألة إمكانيــة إعفــاء الــ ّزوج مــن نفقــة الزوجــة كليًّــا أو جزئيًــا‪ ،‬بحيــث تســقط نفقتهــا عنــه‬
‫بالكليّــة‪ ،‬أو تُل ـزَم هــي بمشــاركة الــزوج فيهــا‪ ،‬ثــم أن أتنــاول إمكانيــة إلــزام الزوجــة بالمشــاركة‬
‫فــي بقيّــة نفقــات المنــزل فــي مبحــث آخــر‪.‬‬

‫المبحث األ ّول‪ -‬نفقة ال ّزوجة بين مقتضى العقد واشتراط سقوطها‬
‫قبــل البحــث عــن إمكانيــة إلــزام ال ّزوجــة العاملــة بنفقــات المنــزل‪ ،‬يجــدر بنــا أن نبحــث فــي‬
‫إمكانيــة إعفــاء الـ ّزوج مــن نفقتهــا‪ ،‬ذلــك أن نصــوص ال ّشــرع توجــب علــى الـ ّزوج نفقــة زوجــه‪،‬‬
‫أي توجــب أن تكــون الزوجــة ُمنفَقًــا عليهــا‪ ،‬فالبحــث فــي مطالبتهــا بالنفقــة‪ ،‬مرحلـةٌ متأخــرة عــن‬
‫البحــث فــي إمكانيــة ســقوط نفقتهــا‪ ،‬إذ كيــف تُطالــب بالنفقــة وهــي منفَـ ٌ‬
‫ق عليهــا؟!‪ .‬هــذا مــن جهــة‪،‬‬
‫ـإن نفقــة ال ّزوجــة مــن جملــة النفقــات المنزليــة‪ ،‬وســقوطُها عــن الـ ّزوج يعنــي‬
‫ومــن جهــة أخــرى فـ ّ‬
‫أن تكــون المــرأة هــي التــي تنفــق علــى نفســها‪ ،‬وهــو جــزء مــن ســؤال البحــث‪.‬‬
‫إن معرفــة إمــكان ســقوط نفقــة ال ّزوجــة عــن زوجهــا تنبنــي ‪ً -‬‬
‫أول‪ -‬علــى تبيُّــن مــا إذا كانــت النفقــة‬ ‫ّ‬
‫تدخــل فــي مقتضــى عقــد ال ـ ّزواج‪ ،‬ث ـ ّم ‪ -‬إذا كانــت كذلــك ‪ -‬هــل يســمح ال ّشــرع للعاقديــن بتغييــر‬
‫مقتضــى العقــد‪ ،‬باشــتراط مــا يخالفــه؟‪ .‬هــذا مــا سنشــرع فــي بيانــه اآلن‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ -‬مقتضى عقد ال ّزواج من جهة النّفقة‪:‬‬

‫أن مــن مقتضــى عقــد ال ـ ّزواج أن تكــون نفقــة المــرأة علــى زوجهــا‪ ،‬وكتــب‬ ‫اتّفــق العلمــاء علــى ّ‬
‫المذاهــب تفيــض بالعبــارات التــي تقــررِّ هــذا الحكــم وتؤ ِّكــد عليــه‪ ،‬وهــذه طائفــة مــن أقــوال أئ ّمــة‬
‫الفقــه‪ ،‬انتزعناهــا مــن كتــب مذاهبنــا الفقهيــة األربعــة‪.‬‬

‫قــال اإلمــام السّرخســي رحمــه هللا‪ :‬هــذا البــاب لبيــان نفقــة الزوجــات‪ ،‬واألصــل فيــه قولــه تعالــى‪:‬‬
‫( وعلــى المولــود لــه رزقهــن وكســوتهن بالمعــروف ) البقــرة‪ ،٢٣٣ :‬وقــال هللا تعالــى‪( :‬وبمــا‬
‫أنفقــوا مــن أموالهــم) النســاء‪ ، ٣٤ :‬وقــال هللا تعالــى‪( :‬أســكنوهن مــن حيــث ســكنتم مــن وُجْ دكــم)‬
‫نوهن مــن حيــث ســكنتم‪ ،‬وأنفقــوا عليهــن مــن ُوجْ دكــم ‪ ،‬وقــال ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫الطــاق‪ ،6 :‬معناهــا أســ ِك‬
‫ـن بأمانــة هللا‪ ،‬واســتحللتم فُرو َجهُـ َّ‬
‫ـن‬ ‫ـن عندكــم َعــوان ‪ ،‬اتّخذتموهـ ّ‬ ‫«أُوْ ِ‬
‫صي ُكــم بالنِّســاء َخ ْي ـرًا‪ ،‬فإنَّهُـ َّ‬

‫‪241‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫ـن و ِك ْســوتَهن بالمعــروف»((( ‪ ،‬وقــال لهنــد رضــي هللا عنهــا‪:‬‬ ‫ـن عليكــم نفقتَهُـ َّ‬ ‫وإن لهُـ َّ‬
‫بكلمــة هللا ‪َّ ...‬‬
‫َّ‬
‫ق الـزوج‬ ‫ّ‬ ‫َك بالمعــروف» ‪َ ،‬‬
‫وألنهــا محبوســة لِ َحـ ِّ‬ ‫(((‬
‫ـال أبــي ُســفيان مــا يكفيــك و َولَـد ِ‬ ‫« خــذي مــن مـ ِ‬
‫َوجبُ الكفايــة عليــه فــي مالِــه‪ ،‬كالعامــل علــى الصَّدقــات‪ ،‬ل ّمــا ف ـرّغ‬ ‫و ُمفَرِّغ ـةٌ نف َســها لــه؛ فتس ـت ِ‬
‫نفســه لعمــل المســلمين اســتوجبنا كفايتــه فــي مالِهــم‪ ،‬والقاضــي ل ّمــا ف ـرّغ نفســه لعمــل المســلمين‬
‫(((‬
‫اســتوجب ال ِكفايــة فــي مالهــم‬
‫وقــال الفقيــه المالكــي ابــن رشــد رحمــه هللا‪ :‬واتّفقــوا علــى ّ‬
‫أن مــن حقــوق الزوجــة النفقـةَ وال ِكســوة‬
‫لقولــه تعالــى‪ ( :‬وعلــى المولــود لــه رزقهــن وكســوتهن بالمعــروف ) البقــرة‪ ،٢٣٣ :‬ولِمــا ثبــت مــن‬
‫ـن عليكــم ِر ْزقُهُـ َّ‬
‫ـن و ِك ْسـ َوتُه َُّن بالمعــروف» ولقولــه لهند‪ُ «:‬خذي‬ ‫قولــه عليــه الصــاة والســام‪ «:‬ولهُـ َّ‬
‫َك بالمعــروف» ‪. ،‬‬
‫((( (((‬
‫مــا يكفيــك وولـد ِ‬
‫وقــال اإلمــام الشــافعي رضــي هللا عنــه فــي كتابــه األم‪ «:‬وفــي قــول هللا تبــارك وتعالــى فــي النِّســاء‪:‬‬
‫أن علــى ال ـ ّزوج مــا ال ِغنــى بامرأَتِــه عنــه‪ ،‬مــن نفقــة‬ ‫(ذلــك أَ ْد َنــى أال َتعُولُــوا ) النســاء‪ ٣ :‬بيــانُ ّ‬
‫وخ ْد َمـ ٍة فــي الحــال التــي ال تَقـ ِد ُر علــى أن تَ ْن َحـ ِ‬
‫ـرفَ لمــا ال صــاح لِبَدَنهــا‬ ‫و ِك ْســوة و ُســكنى‪ .‬قــال‪ِ :‬‬
‫َّإل بــه‪ ،‬مــن ال َّزمانــة والمــرض‪ ،‬فــكلُّ هــذا الز ٌم للـ َّزوج» ‪.‬‬
‫(((‬

‫وقــال ابــن قدامــة رحمــه هللا‪ «:‬مســألة‪ :‬قــال ابــن القاســم رحمــه هللا تعالــى‪ :‬وعلــى ال ـ ّزوج نفق ـةُ‬
‫أن علــى المــرأة إذا أســلمت نفســها إلــى‬‫زوجتــه‪ ،‬مــا ال غَنــاء بهــا عنــه و ِكســوتُها‪ ،‬وجُملـةُ األمــر ّ‬
‫الـ ّزوج علــى الوجــه؛ فلهــا عليــه جميــع حاجتهــا‪ ،‬مــن مأكــول ومشــروب وملبــوس و َمسـ َكن» ‪.‬‬
‫(((‬

‫وقــد نقــل اإلمــام النــووي والحافــظ ابــن حجــر رحمهمــا هللا اإلجمــاع علــى هــذا‪ ،‬قــال النــووي فــي‬
‫ـن عليكــم ِر ْزقُهُـ َّ‬
‫ـن و ِكس ـ َوتُه َُّن بالمعــروف» فيــه‬ ‫شــرحه علــى صحيــح مســلم‪ «:‬قولــه ‪ «: ‬ولَهـ َّ‬

‫((( مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب حجة النبي ‪ ، ‬رقم ‪1218‬‬
‫(((البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو عبدهللا البخاري الجعفي‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق مصطفى ديب البغا‪( ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار ابن كثير ‪ ،)1987 - 1407 ،‬ط‪،3‬كتاب النفقات‪ ،‬بَاب إذا لم يُ ْنفِ ْق ال َّر ُج ُل فَلِ ْل َمرْ أَ ِة أَ ْن تَأْ ُخ َذ بِ َغي ِْر ِع ْل ِم ِه ما يَ ْكفِيهَا‬
‫َو َولَ َدهَا بِ ْال َم ْعر ِ‬
‫ُوف‪ ،‬رقم‪.5024‬‬
‫(((السرخسي شمس الدين ‪ ،‬ت ‪ ، 483‬المبسوط‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة) ج‪ 5‬ص‪180‬ـ‪ .181‬وينظر الكاساني‪،‬‬
‫عالء الدين ‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪( ،‬بيروت‪،‬دار الكتاب العربي ‪ ، 1982‬ط الثانية) ج‪ 2‬ص‪.332‬‬
‫((( سبق تخريجه‪.‬‬
‫(((ابن رشد‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد القرطبي أبو الوليد‪ ،‬ت ‪ ، 595‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الفكر) ج ‪ 2‬ص‪40‬ـ‪41‬‬
‫(((الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ،204‬األم‪( ،‬بيروت ‪ -‬دار المعرفة ‪ )1393‬ط الثانية‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.87‬‬
‫(((المقدسي‪ ،‬ابن قدامة عبد هللا بن أحمد أبو محمد‪ ،‬ت ‪ ، 620‬المغني في فقه اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني‪( ،‬بيروت‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ ) 1405‬ط األولى المغني‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪.156‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪242‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫وجــوبُ نفقــة الزوجــة وكســوتها‪ ،‬وذلــك ثابــت باإلجمــاع(((‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬علّة وجوب إنفاق ال َّرجل على زوجته‪:‬‬
‫عقــد ال ـ ّزواج مــن العــادات‪ ،‬وليــس مــن العبــادات‪ ،‬ومعلــوم ّ‬
‫أن أحــكام العــادات معقولــة المعنــى‬
‫ومعلَّلــة‪ ،‬فمــا المعنــى الــذي مــن أجلــه وجبــت نفقــة ال ّزوجــة علــى زوجهــا؟‪.‬‬

‫أن علّــة ذلــك هــو التمكيــن‬


‫يــرى جمهــور الفقهــاء مــن المالكيــة والشــافعية فــي الجديــد والحنابلــة ّ‬
‫بعــد العقــد الصّحيــح‪ ،‬أي أن تُم ِّكــن المــرأةُ زو َجهــا مــن نفســها ليتمتّــع بهــا بمــا أذن بــه الشــرع ‪،‬‬
‫(((‬

‫ـن آخريــن لــم يرتضــوا هــذا التعليــل‪ ،‬ورأوا ّ‬


‫أن‬ ‫ومــن مســتلزمات ذلــك أن تكــون فــي بيتــه ‪ ..‬ولكـ ّ‬
‫العلّــة هــي االحتبــاس‪ ،‬أي كــون المــرأة ُمحتَبَســة فــي بيــت الـزوج‪ ،‬ال تغــادره إال بموافقتــه‪ ،‬وفــي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تقريــر هــذا المعنــى يقــول إمــام الحرميــن الجوينــي رحمــه هللا‪ «:‬النّفقـ ُ‬
‫ـات الـ ّدارّة ال تجــري مجــرى‬
‫األعــواض علــى التّحقيــق (((‪ ،‬وإنّمــا هــي كفايــة فــي مقابلــة ارتبــاط المــرأة ِ‬
‫بحبالــة الزوجيــة؛ فـ ّ‬
‫ـإن‬
‫للــزوج ســلطانَ منعهــا عــن التّب ُّســط‪ ،‬فقابــل الشــرع مــا أُثبــت لــه مــن االحتــكام عليهــا‪ ،‬بإيجــاب‬
‫ق النّفقــة لالحتبــاس‪ ،‬وهــذا تعليــل الشــافعي»(((‪.‬‬ ‫كفايــة مؤنهــا عليــه»(((‪ ..‬وقــال‪ «:‬نقــول‪ :‬تســتح ّ‬
‫وقــال اإلمــام المرغينانــي الحنفــي رحمــه هللا‪ :‬النَّفقــة واجبــة للزوجــة علــى زوجهــا‪ ،‬مســلمةً‬
‫ت نف َســها إلــى منزلــه‪ ،‬فعليــه نفقتُهــا وكســوتُها و ُسـ ْكناها‪ ،‬واألصــل فــي‬ ‫كانــت أو كافــرة؛ إذا َسـلَّ َم ْ‬
‫ذلــك قولــه تعالــى‪( :‬لينفــق ذو ســعة مــن ســعته ) الطــاق‪ ، ٧ :‬وقولــه تعالــى‪ (:‬وعلــى المولــود‬
‫لــه رزقهــن وكســوتهن بالمعــروف ) البقــرة‪ ،٢٣٣ :‬وقولــه عليــه الصــاة والســام فــي حديــث‬
‫وأل َّن النفقــة جــزا ُء االحتِبــاس‪،‬‬ ‫ـن عليكــم ِر ْزقُهُـ َّ‬
‫ـن و ِك ْسـ َوتُه َُّن بالمعــروف»((( َ‬ ‫حجــة الــوداع‪ «:‬ولهُـ َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق مقصــو ٍد لغيــره؛ كانــت نفقتُــه عليــه‪ ،‬أصْ لــه القاضــي والعام ـ ُل فــي‬ ‫وكلُّ َمــن كان َمحبو ًســا بح ـ ٍّ‬

‫(((النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي‪ ،‬ت ‪ ، 676‬شرح النووي على صحيح مسلم‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي ‪ ) 1392‬ط الثانية‪ ،‬ج‪.8/184‬‬
‫وينظر العسقالني‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل‪ ،‬ت ‪ ، 852‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫محب الدين الخطيب‪ (،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة) ج‪ 9‬ص ‪.500‬‬
‫(((الخرشي‪ ،‬محمد بن عبد هللا الخرشي المالكي‪ ،‬ت ‪ 1101‬هـ‪ ،‬الخرشي على مختصر خليل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪:‬‬
‫ج ‪ 3‬ص ‪ ، 258‬البكري‪ ،‬أبو بكر بن السيّد شطا ال ّدمياطي‪ ،‬إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة‬
‫العين بمهمات الدين‪ ،‬م ّكة المكرّمة‪ ،‬المكتبة الفيصلية‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪ ،60‬المقدسي‪ ،‬المغني‪ :‬ج ‪ 8‬ص ‪228‬‬
‫((( أي ليس في مقابلة التمتّع بها‪.‬‬
‫(((الجويني‪ ،‬إمام الحرمين عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف‪ ،‬ت ‪478‬هـ‪ ،‬نهاية المطلب في دراية المذهب‪ ،‬تحقيق د‪.‬‬
‫عبد العظيم ال ّديب ( ج ّدة‪ ،‬دار المنهاج‪1428 ،‬هـ ‪2007 -‬م) ط األولى‪ ،‬ج ‪ 15‬ص‪.446‬‬
‫((( نفس المصدر‪ :‬ج ‪ 15‬ص ‪449‬‬
‫((( سبق تخريجه‪.‬‬

‫‪243‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫صدَقــات‪ ،‬وهــذه ال َّدالئــل ال فصــل فيهــا‪ ،‬فتســتوي فيهــا المســلمةُ والكافــرة((( وذهــب الشــافعي فــي‬‫ال َّ‬
‫(((‬ ‫َّ‬
‫أن النفق ـةَ تجــبُ بالعقــد‪ ،‬وتَســتقِرُّ بالتمكيــن ‪.‬‬
‫القديــم إلــى َّ‬

‫ـإن أق ـ ّل مــا يجــب ألجلــه النفقــة علــى ال ـ ّزوج‬


‫وســوا ٌء أخذنــا بــرأي الجمهــور أو رأي الحنفيــة؛ فـ ّ‬
‫ألن التمكيــن احتبــاسٌ وزيــادة‪ ،‬لكونــه تمكينًــا‬ ‫لزوجتــه هــو كــون ال ّزوجــة محتَبَس ـةً لمصلحتــه؛ ّ‬
‫لل ـ ّزوج مــن االســتمتاع بهــا‪ ،‬ومــن الزم ذلــك أن تكــون محتَبَســة‪.‬‬

‫كاف هنــا؛ إذ لســنا اآلن لمناقشــة هــذه األقــوال وبيــان‬


‫ٍ‬ ‫وهــذا القــدر مــن البيــان فــي هــذه المســألة‬
‫الرّاجــح منهــا‬

‫وإذا تق ـرّر أنّــه ال ب ـ ّد مــن كــون ال ّزوجــة محتبَســة لمصلحــة ال ـ ّزوج لوجــوب نفقتهــا عليــه‪ ،‬فهــل‬
‫تبقــى النفقــة مق ـرّرة لهــا إذا غــادرت منزلــه؟‪.‬‬

‫اتّفــق العلمــاء علــى ســقوط نفقــة ال ّزوجــة عــن الـ ّزوج إذا هــي خرجــت مــن داره بغيــر إذنــه‪ ،‬وال‬
‫تعــود النفقــة مــا دامــت خــارج منــزل الزوجيــة‪ ،‬واختلفــوا فيمــا إذا خرجــت بإذنــه إذا كان خروجهــا‬
‫لمصلحــة نفســها‪ ،‬والرّاجــح عنــد الجمهــور أن نفقتهــا تســقط‪ ،‬وذهــب المالكيــة إلــى أنّهــا ال تســقط‬
‫أن الناشــز ال نفقــة لهــا‪ ،‬وف ّســروا النشــوز بأنّــه الخــروج مــن‬‫إذا خرجــت بإذنــه‪ ،‬فقــد قـرّر الحنفيّــة ّ‬
‫أن‬ ‫بيــت الــزوج بغيــر حــق‪ ،‬أي بــأن ال يكــون خروجهــا بســبب مــن قِبَــل ال ـ ّزوج‪ ،‬وهــذا يعنــي ّ‬
‫خروجهــا للعمــل يســقط نفقتهــا‪ ،‬ألنّــه ليــس خرو ًجــا بســبب مــن الـ ّزوج حتــى تســتم ّر معــه النفقــة‪،‬‬
‫اشـ َزةُ هــي الخارجــة‬‫إن نفقتهــا ال تعــود حتــى ترجــع إلــى منزلــه‪ ،‬قــال البابرتــي رحمــه هللا‪ «:‬النَّ ِ‬ ‫ثـ ّم ّ‬
‫مــن منــزل الـ َّزوج‪ ،‬المانعـةُ منــه نف َســها‪ ،‬وهــذه كذلــك‪ ،‬وإنّمــا قيــل للخارجــة مــن منــزل الـ َّزوج؛‬
‫ألَنَّهــا إذا كانــت ســاكنة معــه فالظَّاهـ ُر أَ َّن الـ َّزوج يقـ ِد ُر علــى تحصيــل المقصــود منهــا‪ ،‬طّوْ ًعــا أو‬
‫كَرْ هًــا؛ فــا تَبطُـ ُل النَّفقــة» ثــم قــال ‪ «:‬إذا كانــت ِ‬
‫ناشــزةً فــا نفقــة لهــا حتّــى تعــود إلــى منزلــه؛ َّ‬
‫ألن‬
‫َت جــاء االحتبــاس فتجــب النَّفقــة» ‪.‬‬
‫(((‬ ‫فَــوتَ االحتِبــاس منهــا‪ ،‬وإذا عــاد ْ‬

‫أن النَّفقــة تســقط أيضًــا‬ ‫إذن إلــى آخــره» يريــد ّ‬ ‫ــت بــا ٍ‬ ‫وقــال الحطّــاب رحمــه هللا‪ «:‬أو خر َج ْ‬
‫بخــروج المــرأة مــن بيــت زوجهــا بغيــر إذنــه؛ إذا لــم يقـ ِدر علــى َردِّهــا‪ ،‬أ َّمــا إذا كان قــا ِدرًا علــى‬
‫ـرضُ للنفقــة مــا يُس ـقِطُها عــن‬ ‫َردِّهــا فــا تس ـقُطُ النَّفقــة ‪ ،‬وقــال النفــراوي رحمــه هللا‪ «:‬وقــد يعـ ِ‬
‫(((‬

‫(((المرغياني‪ ،‬أبي الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشداني ‪ ،‬ت ‪593‬هـ ‪ ،‬الهداية شرح بداية المبتدي‪،‬‬
‫(بيروت‪ ،‬المكتبة اإلسالمية) ج ‪ 2‬ص ‪.39‬‬
‫((( البكري‪ ،‬إعانة الطالبين‪ :‬ج‪ 4‬ص‪60‬‬
‫((( البابرتي محمد بن محمد ‪ ،‬ت ‪786‬هـ ‪ ،‬العناية شرح الهداية‪ (،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر) ج ‪ 6‬ص ‪202‬ـ ‪.203‬‬
‫(((الحطاب‪ ،‬محمد بن عبد الرحمن المغربي أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ، 954‬مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ( بيروت‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ )1398‬ط الثانية‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪.188‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪244‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫الـ َّزوج مــع قُ ْدرتــه عليهــا وال ُّدخــول بالمــرأة‪ ،‬وذلــك كنُشــوز المــرأة؛ بـ ْ‬
‫ـأن تمن َعـهُ االســتمتاع بهــا؛‬
‫طء لغيــر ُعـ ْـذ ٍر بهــا‪ ،‬وكخروجهــا مــن َم َحــلِّ زوجهــا وإقامتهــا فــي غيــره بغيــر‬ ‫ولــو غيــر ال ـ َو ْ‬
‫ورضــاه‪ ،‬ولِغَيــر ظلـ ٍـم لِ َحقِّهــا‪ ،‬ولــم يقــدر علــى ردِّهــا بوجـ ٍه مــن الوجــوه وال بالحاكــم‪ ،‬ال إن‬ ‫إذنــه ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫خرجــت بإذنــه أو لِظلـ ِـم َحقهــا‪ ،‬ولــو عجــز عــن ردِّهــا أو خرجــت باختيارهــا وكان قــادرًا علــى‬
‫ردِّهــا ولــو بالحاكــم؛ فتجــبُ وال تســقط فــي تلــك األحــوال»(((‪ ،‬فالمالكيــة ال يســقطون النفقــة إذا‬
‫كان بــإذن الـ ّزوج مطلقـاً‪ ،‬وال يفرِّقــون بيــن مــا إذا كان خروجهــا لمصلحــة المنــزل أو الـ ّزوج‪ ،‬أو‬
‫لمصلحــة نفســها‪.‬‬
‫ـإن ســاف َر ْ‬
‫ت بإذنــه؛ فــإن كان معــه أو َوحدَهــا فــي حاجتــه؛‬ ‫وقــال اإلمــام النــووي رحمــه هللا‪ «:‬فـ ْ‬
‫وجبَـ ْ‬
‫ـت نفقتُهــا‪ ،‬فــإن كانــت وحدَهــا لِحاجتهــا؛ فــا نفقــة لهــا فــي األظهــر» ‪.‬‬
‫(((‬

‫ت نفقتُهــا عنــه؛ ألنّهــا‬ ‫ويقــول ابــن قدامــة رحمــه هللا‪ «:‬إذا ســافرت زوجتــه بغيــر إذنــه؛ ســقطَ ْ‬
‫ت بــإذن فــي حاجتــه فهــي علــى‬ ‫انتقلــت مــن منزلــه بغيــر إذنــه‪ ،‬وإن ســاف َر ْ‬‫ْ‬ ‫ناشــز‪ ،‬وكذلــك إذا‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ت نفقتُهــا؛ ألنَّهــا فَ َّوتَــت‬ ‫ت فــي ُشــغله و ُمــراده‪ ،‬وإن كان حاجــة نفســها ســقطَ ْ‬ ‫َ‬
‫نفقتــه؛ ألنَّهــا ســاف َر ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ظ نفســها وقضــاء حا َجتهــا‪ ،‬فأ ْشـبَهَ مــا لــو اســتنظَ َر ْته قبــل ال ُّدخــول ُمـ َّدةً فأ ْنظَ َرهــا؛ إالّ‬ ‫التَّمكيــن لِ َحـ ِّ‬
‫أن يكــون مســافرًا معهــا‪ ،‬متم ِّكنًــا مــن اســتمتاعها؛ فــا تســقط نفقتُهــا؛ ألَنَّهــا لــم تُفَ ـ ِّوت التّمكيــن؛‬
‫ت غيــر المســافرة‪ ،‬ويحتمــل أن ال تســقط نفقتُهــا وإن لــم يكــن معهــا؛ ألنَّهــا مســافِ َرةٌ بإذنــه‪،‬‬ ‫فأشــبهَ ْ‬
‫ـوع أو زيــارة‪ ،‬ولــو‬ ‫ت فــي حاجتــه‪ ،‬وســوا ٌء كان ســفرُها لِتِجــارة أو لِ َح ـ ّج تطـ ُّ‬ ‫أَ ْش ـبَه مــا لــو ســاف َر ْ‬
‫ـت بإذنــه‪،‬‬ ‫وإن أَحْ َرمـ ْ‬
‫ـوع بغيــر إذنــه ســقطت نفقتُهــا؛ ألَنَّهــا فــي معنــى المســافرة‪ْ ،‬‬ ‫ـت بحـ ّج تَطَـ ُّ‬ ‫أحر َمـ ْ‬
‫فقــال القاضــي‪ :‬لهــا النَّفقــة‪ .‬والصَّحيـ ُح أنّهــا كالمســافرة؛ ألنّهــا بإحرامهــا مانعـةٌ لــه مــن التّمكيــن‪،‬‬
‫فهــي كالمســافرة لحاجــة نفســها علــى مــا ذكرنــاه»(((‪.‬‬

‫أن نفقــة‬ ‫هــذه هــي نصــوص المذاهــب‪ ،‬وقــد اتّفقــت – كمــا رأينــا ‪ -‬علــى معنــى واحــد‪ ،‬هــو ّ‬
‫المــرأة تســقط بخروجهــا مــن بيــت زوجهــا‪ ،‬إذا كان بغيــر إذن الـ ّزوج‪ ،‬وكذلــك تســقط نفقتهــا عنــد‬
‫الجمهــور ولــو كان ذلــك بــإذن الـ ّزوج؛ إذا كان خروجهــا لمصلحــة نفســها ‪ ..‬وبنــاء علــى ذلــك فـ ّ‬
‫ـإن‬
‫نفقــة المــرأة العاملــة التــي تخــرج للعمــل والتّك ّســب‪ ،‬تســقط مــا دامــت خــارج البيــت؛ ألنّهــا إنّمــا‬
‫تخــرج لمصلحــة نفســها‪ ،‬هــذا عنــد الجمهــور‪ ،‬ويكــون األمــر كذلــك عنــد المالكيــة إذا لــم يــأذن لهــا‬

‫(((النفراوي‪ ،‬أحمد بن غنيم بن سالم المالكي‪ ،‬ت ‪ ، 1125‬الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (بيروت‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ )1415‬ج ‪ 2‬ص ‪.24‬‬
‫(((النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي‪ ،‬ت ‪ ،676‬روضة الطالبين وعمدة المفتين‪( ،‬بيروت‪ ،‬المكتب‬
‫اإلسالمي ‪ )1405‬ط الثانية‪ ،‬ج ‪ 9‬ص ‪.60‬‬
‫((( المقدسي‪ ،‬المغني ج ‪ 8‬ص ‪184‬‬

‫‪245‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫الـ ّزوج فــي الخــروج‪ ،‬أو اشــترط لذلــك ســقوط نفقتهــا مـ ّدة بقائهــا خــارج البيــت(((‪.‬‬

‫هــذا هــو حكــم النفقــة مــن حيــث األصــل‪ ،‬ولكــن هــل يجــوز أن يشــترط ال ـ ّزوج أالّ ينفــق علــى‬
‫زوجتــه؟‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬اشتراط عدم اإلنفاق على ال ّزوجة‪:‬‬

‫قــد يحصــل أن يشــترط الـ ّزوج فــي صلــب عقــد النــكاح أو خارجــه أالّ ينفــق علــى ال ّزوجــة‪ ،‬أو قــد‬
‫تســامحه هــي بذلــك‪ ،‬فتتنــازل عــن حقِّهــا فــي النفقــة‪ ،‬فمــا الحكــم؟‪.‬‬

‫أ ّمــا أن تتنــازل ال ّزوجــة عــن حقِّهــا بمحــض إرادتهــا واختيارهــا‪ ،‬ومــن غيــر اشــتراط عليهــا؛ فلهــا‬
‫ق خالــص لل ّزوجــة‪ (:‬فــإن طبــن لكــم عــن شــيء‬ ‫ذلــك‪ ،‬وقــد قــال هللا تعالــى عــن المهــر الــذي هــو حـ ٌّ‬
‫ـن هــذا ال‬‫منــه نفســاً فكلــوه هنيئــاً مريئــاً ) النســاء‪ ، ٤ :‬والنفقــة مثلهــا‪ ،‬فلهــا أن تتنــازل عنهــا‪ ،‬ولكـ ّ‬
‫يُلغــي الحكــم األصلــي‪ ،‬الــذي هــو وجــوب النفقــة علــى الـ ّزوج‪ ،‬فلهــا فــي أيّــة لحظــة أن تتراجــع‪،‬‬
‫وتطالبــه بهــا‪.‬‬

‫أن هــذا الشــرط مخالــف لمقتضــى‬ ‫أ ّمــا إذا اشــترط عليهــا أن ال نفقــة لهــا عليــه‪ ،‬فقــد قـرّر الفقهــاء ّ‬
‫العقــد‪ ،‬ففــي كتــاب الح ّجــة علــى أهــل المدينــة‪ «:‬قــال أبــو حنيفــة ‪ ‬فــي الرّجــل ين ِكــح امــرأة‪،‬‬
‫إن هــذا النِّــكاح جائ ـ ٌز‪ ،‬والشــرطُ باطــل‪ ،‬دخــل بهــا أو لــم‬ ‫ويشــترط عليهــا أن ال نفقــة لهــا عليــه‪ّ :‬‬
‫يدخــل بهــا‪ ،‬ولهــا نفقــة مثلهــا بالمعــروف» ‪ ..‬وهــذه عبــارة ال ّدرديــر مــن المالكيــة‪ « :‬وفُ ِســخ قبــل‬
‫(((‬

‫ال ُّدخــول ُوجوبًــا (مــا) أي نــكا ٌح ( فسـ َد صداقــه) إ ّمــا لكونــه ال يُملــك شــرعًا كخمــر ‪ ( ...‬أو) وقــع‬
‫( علــى شــرط يناقــض) المقصــود مــن العقــد (كأن ال يقســم لهــا) فــي المبيــت مــع زوجــة أخــرى‬
‫ـإن النِّــكاح يُف َس ـ ُخ فــي‬
‫أن نفقتهــا عليهــا وعلــى أبيهــا ‪ ...‬فـ ّ‬ ‫(أو) ‪...‬شــرطَ أن ال ميــراث بينهمــا ‪ّ ...‬‬
‫ْ‬
‫الجميــع قبــل ال ُّدخــول‪ ،‬ويثبــت بمهــر المثــل‪ ،‬ويُلغــى الشــرط كمــا قــال ( وألغــى) الشــرط المناقــض‬
‫بعــد ( وألغــى ) الشــرط المناقــض بعــد ال ُّدخــول فــي جميــع مــا مــر‪ ،‬واحتــرز بال ّشــرط المناقــض‬
‫عــن المكــروه‪ ،‬وهــو مــا ال يقتضيــه العقــد وال ينافيــه ‪ ...‬وعــن الجائــز‪ ،‬وهــو مــا يقتضيــه العقــد‪،‬‬
‫ولــو لــم يذكــره‪ ،‬ك ُح ْســن ال ِع ْشــرة وإجــراء النفقــة‪ ،‬فــإن وجــوده وعدمــه ســواء»(((‪.‬‬

‫مهــر خيــارٌ‪ ،‬أو فــي نــكاح مــا يخالــف‬


‫ٍ‬ ‫ــرطَ فــي‬
‫وفــي حاشــية البجيرمــي مــن الشــافعية‪ «:‬أو ُش ِ‬
‫مقتضــاه‪ ،‬ولــو ي ُِخـ َّل بمقصــوده األصلــي‪ ،‬كأن ال يتــزوّج عليهــا)‪ ،‬أو ال نفقــة لهــا ( صـ ّح النــكاح)؛‬

‫ق خالصٌ لها‪ ،‬ليس ألحد ح ّ‬


‫ق فيه‪ ،‬ال الزوج وال غيره‪.‬‬ ‫(((كما ّ‬
‫أن ما تكتسبه من المال ح ٌّ‬
‫(((الشيباني‪ ،‬محمد بن الحسن أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ،189‬الحجة على أهل المدينة‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مهدي حسن الكيالني‬
‫القادري‪ (،‬بيروت‪ ،‬عالم الكتب ‪ ) 1403‬ط الثالثة‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪. 312‬‬
‫(((الدردير‪ ،‬أحمد أبو البركات‪ ،‬ت ‪ ، 1201‬الشرح الكبير‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد عليش‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر) ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.238‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪246‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫أن هــذه شــروط فاســدةٌ فتُ ْلغــى‪.‬‬ ‫ألنّــه ال يتأثَّــر بفســاد ال ِعـ َوض وال بفســاد َشـ ِ‬
‫ـرط مثــل ذلــك»(((‪ ،‬أي ّ‬

‫وقــال البهوتــي رحمــه هللا‪ «:‬وإن شـ َرط أن ال مهــر لهــا وال نفقــة لهــا ‪ ( ...‬بطــل ال ّشــرط) لمنافاتــه‬
‫ألن هــذه ال ُّشــروط‬
‫ق يجــب بــه قبــل انعقــاده ( وصـ ّح النِّــكاح) ّ‬‫مقتضــى العقــد‪ ،‬وتض ُّمنِــه إســقاط حـ ٍّ‬
‫تعــود إلــى معنــى زائــد فــي العقــد ال يُشــترط ذكــره‪ ،‬وال يضـ ّر الجهــل بــه فيــه» ‪.‬‬
‫(((‬

‫كأن يَشــترط أن ال مهــر لهــا وال نفقــة‪ ،‬أو أن‬ ‫وقــال ابــن ضويــان رحمــه هللا‪ «:‬الثانــي ال يُبطلــه‪ْ ،‬‬
‫ّ‬
‫فيصــحُّ النــكاح دون‬
‫ِ‬ ‫ضرَّتهــا أو أقــل‪ ،‬أو إن فارقهــا رجــع عليهــا بمــا أنفــق‪،‬‬ ‫يقســم لهــا أكث ـ َر مــن َ‬ ‫ِ‬
‫ال ّشــرط‪ ،‬لمنافاتــه مقتضــى العقــد‪ ،‬وتض ُّمنِــه إســقاط حقــوق تجــب بالعقــد قبــل انعقــاده‪ ،‬كإســقاط‬
‫ال ّشــفيع ُشـ ْف َعته قبــل البيــع‪ ،‬والعقـ ُد صحيــح؛ َّ‬
‫ألن هــذه ال ُّشــروط تعــود إلــى معنــى زائــد فــي العقــد‪،‬‬
‫وال يُ ْشــت َرطُ ِذ ْك ـرُه فيــه‪ ،‬وال يَ ُ‬
‫ضــرُّ الجهــل بــه فــا يُبطلــه»(((‪.‬‬

‫وإنّمــا لــم يعتبــر هــذا الشــرط؛ ألن عقــد الـ ّزواج ســببٌ تترتّــب عليــه بعــض اآلثــار‪ ،‬منهــا المهــر‬
‫أن الشــارع جعــل عقــد الـ ّزواج ســببًا لثبــوت هــذه‬ ‫ونفقــة الزوجــة‪ ،‬وهــي آثــار رتّبهــا الشــارع‪ ،‬أي ّ‬
‫الحقــوق‪ ،‬وترتّــبُ المس ـبّبات علــى أســبابها الشــرعية إنّمــا يكــون بحكــم الشــارع‪ ،‬وال دخــل فــي‬
‫ذلــك لرضــا المكلّفيــن أو عــدم رضاهــم‪ ،‬ومــا اشــترطوه م ّمــا يخالــف مــا قـرّره الشــرع يعـ ّد لغـ ًوا‬
‫ال قيمــة لــه(((‪ ،‬وفــي هــذا يقــول الشــاطبي رحمــه هللا‪ُ «:‬متَعاطــي ال ّســبب إذا أتــى بكمــال شــروطه‬
‫ـال‪ ،‬وتكلَّــفَ رفـ َع مــا ليــس لــه َر ْف ُعــه‪،‬‬
‫صــد أن ال يقــع ُم َسـبَّبُه؛ فقــد قصـ َد ُمحـ ً‬
‫وانتفــاء موانعــه‪ ،‬ثــم قَ َ‬
‫ومنـ َع مــا لــم يُجْ َعــلْ لــه َم ْن ُعــه‪ ،‬فمــن عقــد نِكا ًحــا علــى مــا وضــع لــه فــي ال َّشــرْ ع‪ ،‬أو بي ًعــا أو شــيئًا‬
‫صــد أن ال يســتبيح بذلــك العقــد مــا ُعقِــد عليــه؛ فقــد وقــع قص ـدُه َعبَثًــا‪ ،‬ووقــع‬ ‫مــن العقــود‪ ،‬ث ـ ّم ق َ‬
‫ال ُم َسـبَّبُ الــذي أوقــع ســببُه» ‪.‬‬
‫(((‬

‫ـن البــن تيميــة رحمــه هللا فــي هــذه المســألة رأيًــا خا ًّ‬
‫صــا انفــرد بــه‪ ،‬وخالــف فيــه المذاهــب‬ ‫ولكـ ّ‬
‫األربعــة‪ ،‬نثبتــه هنــا‪ ،‬ث ـ ّم نناقشــه فيــه‪.‬‬

‫(((البجيرمي‪ ،‬سليمان بن عمر بن محمد ‪ ،‬ت ‪ ، 1221‬حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب (التجريد لنفع‬
‫العبيد)‪( ،‬تركيا‪ ،‬ديار بكر‪ ،‬المكتبة اإلسالمية) ج ‪ 3‬ص ‪.494‬‬
‫(((البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‪ ،‬ت ‪ ، 1051‬الروض المربع شرح زاد المستقنع‪ (،‬الرياض‪ ،‬مكتبة‬
‫الرياض الحديثة ‪139‬هـ )‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪92‬‬
‫(((ابن ضويان‪ ،‬إبراهيم بن محمد بن سالم ‪ ،‬ت ‪ ،1353‬منار السبيل في شرح الدليل‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عصام القلعجي‪،‬‬
‫(الرياض‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ ، )1405‬ط الثانية‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 160‬‬
‫((( زيدان‪ ،‬د عبد الكريم‪ ،‬الوجيز في أصول الفقه ( بيروت‪ ،‬مؤسّسة الرّسالة‪ ،‬ط(‪1425 )1‬هـ ‪2004 -‬م) ص ‪.57‬‬
‫(((الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي‪ ،‬ت ‪ ،790‬الموافقات في أصول الفقه‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد هللا‬
‫دراز‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة) ج ‪ 1‬ص ‪.214‬‬

‫‪247‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫المطلب ال ّرابع‪ -‬رأي البن تيمية‪:‬‬

‫يــرى ابــن تيميّــة رحمــه هللا أنّــه ليــس مــن المســتبعد جــواز اشــتراط ال ـ ّزوج عــدم اإلنفــاق علــى‬
‫ص َّحـةُ شـ ِ‬
‫ـرط عـدَم النّفقــة‪،‬‬ ‫زوجتــه‪ ،‬قــال المــرداوي‪ «:‬قــال ال ّشــيخ تقــي ال ّديــن رحمــه هللا‪ :‬ويُحْ تَمـ ُل ِ‬
‫ك ال ُمطالبــة بالنَّفقــة بعـدُ» ‪.‬‬
‫(((‬ ‫قــال‪ :‬ال سـيَّما إذا قُلنــا إذا أَعســر الـ ّزوج ورضيَـ ْ‬
‫ـت بــه؛ أنّهــا ال تملـ ُ‬

‫أن العقــود والشــروط‬ ‫وقــد بنــى ابــن تيميــة رحمــه هللا رأيــه هــذا علــى نظرتــه للعقــود‪ ،‬إذ هــو يــرى ّ‬
‫وأن هــذا األصــل‬ ‫مــن العــادات التــي شــرعت لمصالــح النــاس‪ ،‬ولــذا كان األصــل فيهــا اإلباحــة‪ّ ،‬‬
‫ُنشــئوا مــا شــاؤوا مــن العقــود‪ ،‬وأن‬ ‫ـرد دليــل التحريــم‪ ،‬فللنــاس أن ي ِ‬ ‫ينبغــي أن يســتصحب حتــى يـ ِ‬
‫ـرد بهــا ال ّشــرع‪ ،‬بــل يكفــي أن ال يــرد بتحريــم مــا‬‫يشــترطوا مــا شــاؤوا مــن الشــروط‪ ،‬ولــو لــم يَـ ِ‬
‫اشـتُ ِرط نــصٌّ شــرعي خــاصّ أو عــام‪ ،‬وأن ال يخالــف مقصــود الشــارع مــن العقــود‪ ،‬فمتــى تحقّقــت‬
‫(إال أن تكــون تجــارة‬‫هــذه الشــروط‪ ،‬و ُو ِجــد الرِّ ضــا مــن العاقديــن جــاز االشــتراط لقولــه تعالــى‪ّ :‬‬
‫ـراض منكــم) النســاء‪ ،٢٩ :‬ولقولــه جـ ّل وعــا‪( :‬فــإن طبــن لكــم عــن شــيء منــه نفســاً فكلــوه‬ ‫عــن تـ ٍ‬
‫هنيئــاً مريئــا ) النســاء‪ ، ٤ :‬وإذا جــاز االشــتراط وجــب الوفــاء بمــا اشــترط؛ لقولــه تعالــى‪ ( :‬يــا‬
‫ً‬
‫أيّهــا الذيــن آمنــوا أوفــوا بالعقــود ) المائــدة‪ ،١ :‬فــك ّل شــخص يؤاخــذ بمــا التَ ـزَم بــه ((( ‪ ..‬وبنــاء‬
‫علــى هــذا‪ ،‬فــإذا اشــترط الـ ّزوج أال ينفــق علــى زوجتــه وتراضيــا علــى ذلــك ســقطت نفقتهــا‪ ،‬ولــم‬
‫يكــن مــن حقِّهــا أن تطالــب الـ ّزوج بهــا‪.‬‬
‫مناقشــة رأي ابــن تيميــة‪ :‬الحـ َّ‬
‫ق أن مــن الصّعوبــة بمــكان قبــو َل كالم ابــن تيميــة رحمــه هللا علــى‬
‫عمومــه‪ ،‬وإذا كان هنــاك َمــن يوافقــه علــى رأيــه هــذا فــي العقــود الماليــة‪ّ ،‬‬
‫فــإن مــن المســتب َعد‬
‫أن للنــكاح خصوصيّ ـةً ينفــرد بهــا‪ ،‬وتتجلّــى هــذه‬ ‫ج ـ ًّدا أن يُس ـلَّم لــه هــذا فــي عقــد النــكاح؛ ذلــك ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الخصوصيــة فــي نحــو قولــه تعالــى‪( :‬وأخــذن منكــم ميثاقــا غليظــا) األحــزاب‪ ،7 :‬فهــذا وصــف‬
‫اختــصَّ بــه عقــد الــ ّزواج فقــط‪ ،‬دون غيــره مــن ســائر العقــود األخــرى‪ ،‬وكذلــك ّ‬
‫فــإن الشــرع‬
‫صــة ال يشــترطها فــي غيــره مــن العقــود‪.‬‬ ‫لصحَّتــه شــروطًا خا ّ‬ ‫يشــترط ِ‬
‫ـإن األبضــاع‬‫ق بيــن النــكاح والعقــود الماليــة‪ ،‬فـ ّ‬‫يقــول الشــيخ محمــد أبــو زهــرة رحمــه هللا‪ «:‬فَــرْ ٌ‬
‫األص ـ ُل فيهــا الحرمــة‪ ،‬وتحليلُهــا يكــون بتحليــل الشــارع الصّريــح‪ ،‬فــكان ال ب ـ ّد مــن أن يكــون‬
‫الســلطان فــي آثــار النــكاح للشــارع نفســه»(((‪ .‬أي أنّــه ال يجــوز ألحــد أن يَســتح ّل نــكا َح امــرأة‬
‫ـح مــن الشــارع‪ ،‬وفــي حــدود مــا ســمح بــه الشــرع‪ ،‬وبالشــروط التــي نــصّ عليهــا‬ ‫إال بــإذن صريـ ٍ‬

‫(((المرداوي علي بن سليمان أبو الحسن ت ‪ ، 885‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذهب اإلمام أحمد‬
‫بن حنبل‪ ، ،‬تحقيق ‪ :‬محمد حامد الفقي‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي) ج ‪ 8‬ص ‪.165‬‬
‫(((ابن تيمية‪ ،‬أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس‪ ،‬ت ‪ ، 728‬كتب ورسائل وفتاوى شيخ اإلسالم‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي‪( ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة ابن تيمية) ج ‪ 29‬ص ‪150‬ـ‪.156‬‬
‫((( أبو زهرة‪ ،‬محمد‪ ،‬الملكية ونظرية العقد في الشريعة اإلسالمية‪( ، ،‬دار الفكر العربي) ص ‪.258‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪248‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫‪ ..‬وم ّمــا ق ـرَّره الشــارع أن نفقــة الزوجــة علــى الــزوج‪ ،‬أي أنّهــا واجبــة علــى ال ـ ّزوج مــن دون‬
‫اشــتراط‪ ،‬فــا يصــح إســقاط هــذا الشــرط‪ ،‬واالتّفــاق علــى خالفــه‪ ،‬وقــد قــال ابــن تيميــة‪ «:‬فـ ّ‬
‫ـإن‬
‫المشــترط ليــس لــه أن يبيــح مــا حرّمــه هللا‪ ،‬وال يح ـرّم مــا أباحــه هللا‪ .‬فــإن شــرطه حينئ ـ ٍذ يكــون‬
‫مبطــاً لحكــم هللا‪ .‬وكذلــك ليــس لــه أن يســقط مــا أوجبــه هللا؛ وإنّمــا المشــترطُ لــه أن يوجــب‬
‫بالشــرط مــا لــم يكــن واجبًــا بدونــه»(((‪.‬‬

‫وم ّمــا علّــل بــه الشــيخ أبــو زهــرة رحمــه هللا عــدم جــواز اشــتراط مــا يخالــف مقتضــى عقــد النكاح‪،‬‬
‫أن الشــرع يحتــاط فــي الخــروج مــن الحرمــة إلــى اإلباحــة‪ ،‬أكثــر مــن االحتيــاط فــي الخــروج مــن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلباحــة إلــى الحرمــة؛ ألن التحريــم يكــون لمنــع المفاســد‪ ،‬وال ينبغــي للمكلــف أن يقــدم علــى إباحــة‬
‫محـ ّل فيــه احتمــال المفســدة إالّ بســبب قــوي‪ ،‬يقطــع بــزوال تلــك المفســدة أو يعارضهــا(((‪.‬‬

‫وإذا كان األصــل فــي األبضــاع التحريــم(((‪ ،‬والقاعــدة الفقهيــة المجمــع عليهــا تقــول‪« :‬اليقيــن ال‬
‫يــزول بالشــك»(((؛ كان ال بـ ّد لمعرفــة زوال التحريــم مــن ال ّدليــل الــذي يُثبــت ذلــك‪ ،‬وأن يراعــى‬
‫فــي ذلــك ك ّل مــا ورد بــه الشــرع‪ ،‬بحيــث يكــون مالئ ًمــا لحكمتــه وموافقًــا لمقصــود الشــارع منــه ‪..‬‬
‫ك أن اشــتراط كــون النفقــة علــى الـ ّزوج مــن أعظــم الحكــم المقصــودة فــي النــكاح‪ ،‬وذلــك‬ ‫وال شـ ّ‬
‫ل ِعـ َّدة أســباب‪ ،‬منهــا‪:‬‬

‫أن الرّجــل أقــدر مــن المــرأة علــى التك ّســب فــي األعـ ّم األغلــب‪ ،‬وهــذه حقيقــة أثبتهــا التاريــخ‬ ‫‪ّ 1 .1‬‬
‫فــي ك ّل أطــواره‪ ،‬كمــا يشــهد لــه واقــع النــاس اليــوم‪ ،‬ونســبة النســاء القــادرات علــى التك ُّســب‬
‫قليلــة نســبيًّا‪ ،‬لــذا كان الرّجــل هــو الــذي يُعيلهــا غالبًــا‪ ،‬واألحــكام إنّمــا تُقَــرّر بنــاء علــى‬
‫الغالــب وليــس النــادر‪ ،‬إذ النــادر ال حكــم لــه‪.‬‬

‫‪2 .2‬أن إلنفــاق الـ ّزوج علــى زوجــه تحقيقًــا للمــو ّدة بيــن ال ّزوجيــن‪ ،‬إذ هــي ســبب ديمومــة الحيــاة‬
‫ال ّزوجيــة واســتقرار األســرة‪ ،‬وذلــك مــن أعظــم ِح َكــم النــكاح‪ ،‬واشــتراط ال ـ ّزوج أالّ ينفــق‬
‫منــاف لحكمــة النــكاح(((‪ ،‬وفيــه مضــا ّدة لمقصــد‬‫ٍ‬ ‫عليهــا ينافــي اســتجالب المــو ّدة‪ ،‬وذلــك‬
‫الشــارع؛ فيبطــل‪.‬‬

‫((( ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ :‬ج ‪ 29‬ص ‪147‬ـ ‪148‬‬


‫((( المرجع السابق‪ :‬ص ‪241‬‬
‫(((الزركشي‪ ،‬محمد بن بهادر بن عبد هللا الزركشي أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ، 794‬المنثور في القواعد‪ ،،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬تيسير‬
‫فائق أحمد محمود‪( ،‬الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية ‪ ،) 1405‬ط الثانية‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.177‬‬
‫(((حيدر‪ ،‬علي ‪ ،‬درر الحكام شرح مجلة األحكام ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬تعريب‪ :‬المحامي فهمي الحسيني‪ (،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية) ج ‪ 1‬ص ‪.20‬‬
‫((( أبو زهرة‪ ،‬الملكية ونظرية العقد ص‪275‬‬

‫‪249‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫أن حاجــة المــرأة إلــى الشــعور بأنّهــا فــي كنــف رجــل قــويّ‪ ،‬قــادر علــى حمايتهــا حاج ـةٌ‬ ‫‪ّ 3 .3‬‬
‫عظيمــة‪ ،‬وهــي مــن أعظــم أســباب تمسّــكها بزوجهــا‪ ،‬ومــن ثــ ّم المحافظــة علــى األســرة‬
‫وإن قيــام الــ ّزوج بنفقتهــا مــن أهــ ِّم مــا يقــوّي فــي المــرأة هــذا‬
‫وشــيوع االســتقرار فيهــا‪ّ ،‬‬
‫الشــعور‪.‬‬

‫أن فــي تخلّــي الرجــل عــن اإلنفــاق علــى المــرأة‪ ،‬وتكليفهــا بإعالــة نفســها تعريضًــا لهــا‬ ‫‪ّ 4 .4‬‬
‫ي عمــل قــد يــد ّر عليهــا رزقًــا‪ ،‬دون أن تملــك‬ ‫للعنَــت‪ ،‬ألن الضــرورة ســتقحمها آنــذاك فــي أ ّ‬
‫فرصــة اختيــار العمــل األليــق واألنســب‪ ،‬وفــي ذلــك مــا قــد يــودي بأنوثتهــا‪ ،‬ويحيــل نعومتهــا‬
‫ال ّربّانيــة إلــى مــا يشــبه غصنًــا أخضــر لَ ْدنًــا‪ ،‬تحـ َّول تحــت أمــواج ال ِّشــتاء إلــى عصــا يابســة‬
‫جــرداء(((‪.‬‬
‫‪5 .5‬ثــم ال ريــب فــي ّ‬
‫أن هللا تعالــى أودع فــي المــرأة مــن المفاتــن مــا يســتهوي الرِّجــال‪ ،‬ويجذبهــم‬
‫ُط ِمعُهــم فيهــا؛ وربّمــا حــاول بعــض عبيــد الشــهوات أن يجعــل مــن حاجتهــا للعمــل‬ ‫إليهــا وي ْ‬
‫سـ ً‬
‫ـبيل الســتغاللها‪ ،‬وبابًــا إلــى ابتزازهــا وإذاللهــا ‪ ..‬والشــك أن كرامــة الرجــل ومروءتــه ال‬
‫ضــه عُرْ ضـةً لالبتــزاز أو الســقوط‪ ،‬أو حتــى الريبــة‪.‬‬‫تقبــل أن يكــون ِعرْ ُ‬

‫أ ّمــا إذا كانــت المــرأة َمكفيّــةً مــن قبــل الــ ّزوج‪ ،‬ولــم تكــن تحمــل هَــ ّم نفقتهــا؛ فإنّهــا إذا رغبــت‬
‫فــي مزاولــة العمــل‪ ،‬فلــن تمــارس حينئـ ٍذ إالّ مــا يتّفــق مــع رغبتهــا واســتعدادها الفطــري‪ ،‬ويالئــم‬
‫أنوثتهــا‪ ،‬فــإن لــم تجــد مــا يناســبها‪ ،‬انتظــرت إلــى حيــن توفّــر العمــل المناســب‪ ،‬فتبقــى بذلــك‬
‫عزيــزة محصّنــة بعيــدة عــن االســتغالل والريبــة‪.‬‬

‫إن إلعفــاء الـ ّزوج مــن نفقــة زوجتــه آثــارًا ســلبية كثيــرة علــى األســرة ذاتهــا‪،‬‬
‫مــن أجــل هــذا نقــول‪ّ :‬‬
‫ي أن‬ ‫ضــرور ّ‬ ‫قــد تصــل أحيانًــا إلــى ح ـ ِّد هــدم أركانهــا وتقويــض بنيانهــا‪ ،‬ومــن هنــا كان مــن ال ّ‬
‫تكــون المــرأة َم ْكفيــة بنفقــة زوجهــا‪ ،‬لتبقــى ُمصانـةً‪ ،‬ولتســتم ّر الحيــاة ال ّزوجيــة فــي ظـ ّل الســكينة‬
‫واالســتقرار ‪ ..‬ولهــذه المســألة مزيــد تفصيــل وبيــان نرجئــه إلــى المبحــث اآلتــي إن شــاء هللا‪.‬‬
‫المطلب الخامس ‪ -‬إشكال وردّه‪:‬‬

‫قــد يقــول قائــل‪ :‬إ ًذا فمــا معنــى الحديــث الشــريف الــذي يرويــه الشــيخان وغيرهمــا عــن ُع ْقبـةَ بــن‬
‫(((‬ ‫عامــر ‪ ‬قــال ‪ :‬قــال رســول هللا ‪ «: ‬أَ َحـ ُّ‬
‫ق ال ُّشــروط أن تُوفــوا بــه مــا اســتحلَلتُم بــه الفُــروج»‬

‫(((البوطي‪ ،‬د‪ .‬محمد سعيد رمضان‪ ،‬ت ‪1434‬هـ ‪ ،‬المرأة بين طغيان النّظام الغربي ولطائف التشريع ال ّربّاني‪،‬‬
‫(دمشق‪ ،‬دار الفكر عام ‪1996‬م) ط الثامنة‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ُوط‬ ‫اط َع ال ُحقُ ِ‬
‫وق ِع ْن َد ال ُّشر ِ‬ ‫ُوط في ال َمه ِْر ِع ْن َد ُع ْق َد ِة النِّك ِ‬
‫َاح وقال ُع َم ُر إِ َّن َمقَ ِ‬ ‫(((البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬بَاب ال ُّشر ِ‬
‫طتَ ‪ ،‬رقم ‪ ،2572‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب الوفاء بالشروط في النكاح‪ ،‬رقم ‪1418‬‬ ‫ك ما َش َر ْ‬
‫َولَ َ‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪250‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫وقولــه عليــه الصــاة والســام‪ «:‬المســلمون عنــد ُشـ ِ‬
‫ـروط ِهم»((( وقــد قــال عمــر ‪ ‬بنــا ًء علــى‬
‫ـوق عنــد ال ُّشــروط»(((‪.‬‬
‫قاطـ ُع الحُقـ ِ‬
‫هــذا‪َ «:‬م ِ‬
‫والجــواب عــن هــذا أنّــه ال يمكــن أخــذ الحديــث علــى عمومــه‪ ،‬بحيــث يُ َجـ َّو ُز كلُّ شــرط‪ ،‬فقــد اتّفــق‬
‫ألن النبــي ‪ ‬نهــى عــن ذلــك‪ ،‬فــد ّل‬ ‫الفقهــاء علــى عــدم جــواز اشــتراط ال ّزوجــة تطليــق ضرّتهــا‪ّ ،‬‬
‫أن الحديــث ال يؤخــذ علــى عمومــه‪ ،‬وأنّــه ال ب ـ ّد مــن تخصيصــه‪ ،‬فجعلــه ابــن حــزم‬ ‫هــذا علــى ّ‬
‫ُ‬
‫صــا بالمهــر فقــط‪ ،‬فقــال‪ «:‬واشــتراط المــرأة أن ال يتــز ّو َج أو أن ال يَتَســرّى أو أن ال يغيــب‬ ‫خا ًّ‬
‫عنهــا أو أن ال يُ َر ّحلَهــا عــن دارهــا‪ ،‬كلُّ ذلــك تَحريــ ُم حــال‪ ،‬وهــو وتحليــل ِ‬
‫الخنزيــر وال َم ْيتَــة‬
‫ص ـ َّح أنّــه عليــه الصــاة والســام إنّمــا‬ ‫ـاف لِحُكــم هللا ع ـ ّز وجــل‪ ،‬ف َ‬ ‫أن ك َّل ذلــك خـ ٌ‬ ‫ســوا ٌء؛ فــي ّ‬
‫َ‬
‫صــداق الجائــز‪ ،‬الــذي أ َم َرنــا هللاُ تعالــى بــه‪ ،‬وهــو الــذي اســتح ّل بــه الفــرج‪ ،‬ال مــا‬ ‫أراد َشــرْ طَ ال َّ‬
‫ســواه»((( ‪ ،‬وصنيــع البخــاري يــد ّل علــى أنّــه يــرى مثــل رأي ابــن حــزم‪ ،‬فقــد ذكــر هــذا األثــر‬
‫إن مقاطــع الحقــوق‬ ‫فــي صحيحــه فــي (بــاب الشــروط فــي المهــر عنــد ُع ْقــدة النــكاح وقــال عمــر‪ّ :‬‬
‫ُنــاف مقتضــى العقــد‪،‬‬ ‫صــا فيمــا لــم يُ ْنــهَ عنــه‪ ،‬ولــم ي ِ‬ ‫عنــد الشــروط)(((‪ .‬والجمهــور جعلــوه خا ًّ‬
‫أن هــذا الحديــث محمــو ٌل علــى شــروط‬ ‫قــال النــووي رحمــه هللا‪ «:‬الشــافعي وأكثــر العلمــاء إلــى ّ‬
‫ضياتــه ومقاصــده‪ ،‬كاشــتراط ال ِعشــرة بالمعــروف‬ ‫ال تُنافــي مقتضــى النّــكاح‪ ،‬بــل تكــون مــن مقت َ‬
‫صـ ُر فــي شــيء مــن حقوقهــا‪ ،‬ويَ ْق ِشـ ُم‬ ‫واإلنفــاق عليهــا و ِك ْسـ َوتها و ُسـ ْكناها بالمعــروف‪ ،‬وأنّــه ال يُقَ ِّ‬
‫تطو ًعــا بغيــر‬ ‫لهــا كغيرهــا‪ ،‬وأنّهــا ال تَخ ـ ُر ُج مــن بيتــه إالّ بإذنــه‪ ،‬وال تَن ُشــز عليــه‪ ،‬وال تصــوم ُّ‬
‫بإذنــه‪ ،‬وال تــأذن فــي بيتــه إالّ بإذنــه‪ ،‬وال تتصـرَّفُ فــي متاعــه إالّ برضــاه ونحــو ذلــك‪ .‬وأ ّمــا شــرطٌ‬
‫يخالــف ُمقتضــاه‪ ،‬كشــرط أن ال يَ ْق ِســم لهــا وال يَتَ َس ـرّى عليهــا‪ ،‬وال يُنفــق عليهــا وال يُســافر بهــا‪،‬‬
‫ويصــحُّ النّــكاح بمهــر المثــل؛ لقولــه ‪ُ :‬كلُّ‬
‫ِ‬ ‫ونحــو ذلــك؛ فــا يجــب الوفــاء بــه‪ ،‬بــل يلغــو ال ّشــرط‬
‫َشــرْ ٍط ليــس فــي كتــاب هللا فهــو باطــل»(((‪.‬‬

‫ـأن مقتضــى العقــد هــو شــروط الشــارع‪ ،‬وشــرط الشــارع‬ ‫وإلــى هــذا ذهــب الحنفيــة‪ ،‬وعلّلــوا ذلــك بـ ّ‬
‫مقـ ّدم علــى شــرط اآلدمــي‪ ،‬قــال الطحــاوي رحمــه هللا‪ «:‬فــكان عقــد التّزويــج يوجــبُ هــذه األشــياء‬
‫وإن مــن حقِّ ِه َّ‬
‫ــن علي ُكــم‬ ‫المذكــورات – هــي المذكــورة فــي قولــه عليــه الصــاة والســام‪َّ ... «:‬‬
‫َهن بالمعــروف» فيمــا ذكرنــا للزوجــات علــى األزواج بعقــد التَّ ْز ِويجــات الّتــي‬ ‫ِر ْزقَهُـ َّ‬
‫ـن و ِك ْســوت َّ‬
‫يعقدونهــا بينهــم‪ ،‬وكانــت بذلــك مشــترطات مــن هللا ع ـ ّز وجــل لل ّزوجــات علــى األزواج‪ ،‬فكانــت‬

‫ق بِ ِه َوأُجْ َر ِة ْال َح َّم ِ‬


‫ال‪ ،‬رقم ‪2153‬‬ ‫((( البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬بَاب من آ َج َر نَ ْف َسهُ لِيَحْ ِم َل على ظَه ِْر ِه ثُ َّم تَ َ‬
‫ص َّد َ‬
‫((( البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪970‬‬
‫(((الظاهري‪ ،‬علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد‪ ،‬ت‪ ، 456‬المحلى باآلثار‪ ،‬تحقيق ‪ :‬لجنة إحياء التراث‬
‫العربي‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار اآلفاق الجديدة) ج ‪ 9‬ص ‪.518‬‬
‫((( البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪970‬‬
‫((( النووي‪ ،‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ :‬ج ‪ 9‬ص ‪202‬‬

‫‪251‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫ألن مــا يشــترطه اآلدميــون بعضهــم لبعــض‪ ،‬كان واجبًــا علــى َمــن ش ـ َرطَه‬ ‫أَ َح ـ َّ‬
‫ق مــا ُوفِ ـ َي بــه؛ ّ‬
‫منهــم الوفــا ُء بــه لِ َمــن اشــترطه لــه علــى نفســه‪ ،‬وإذا كان ذلــك كذلــك فيمــا اشــترطه بعضهــم‬
‫لبعــض؛ كان مــا اشــترطه هللا عـ ّز وجـ ّل لبعضهــم علــى بعــض أحـ َّ‬
‫ق بالوفــاء بــه م ّمــا ســواه‪ ،‬م ّمــا‬
‫يشــترطه بعضهــم لبعــض‪ ،‬وال سـيَّما مــا قــد جُعــل فــي انتهــاك حرمتــه مــن العقوبــات مــا قــد جعــل‬
‫مــن النَّــكال ومــن الحــدود‪ ،‬التــي فــي بعضهــا فــوات األنفــس(((‪ .‬ويؤيّــد هــذا الــذي قالــه الطحــاوي‬
‫مــا نقلــه الحافــظ فــي الفتــح عــن الترمــذي أنّــه روى عــن علــي ‪ ‬أنّــه قــال‪َ «:‬ســبَق شَــرْ طُ‬
‫هللا شــرطَها» قــال‪ «:‬وهــو قــول الثَّــوري وبعــض أهــل الكوفــة‪ ،‬والمــرا ُد فــي الحديــث الشــروطُ‬
‫ـي عنهــا»(((‪.‬‬
‫الجائــزة‪ ،‬ال المنهـ ُّ‬
‫ـض حمــل الحديــث علــى الشــروط التــي هــي مــن مقتضى‬ ‫ـن ابــن دقيــق العيــد رحمــه هللا لــم يرتـ ِ‬‫ولكـ ّ‬
‫العقــد‪ ،‬بــل ض ّعــف هــذا الحمــل‪ ،‬فقــال‪« :‬وربّمــا حمــل بعضهــم الحديــث علــى شــروط يقتضيهــا‬
‫العقــد‪ ،‬مثــل أن يقســم لهــا‪ ،‬وأن ينفــق عليهــا ويوفّيهــا حقّهــا أو يحســن ِعشــرتها‪ ،‬ومثــل أن ال تخــرج‬
‫ـف؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫مــن بيتــه إال بإذنــه‪ ،‬ونحــو ذلــك م ّمــا هــو مــن مقتضيــات العقــد‪ ،‬وفــي هــذا الحمــل ضعـ ٌ‬
‫هــذه األمــور ال تؤثّــر الشــروط فــي إيجابهــا؛ فــا تشــت ّد الحاجــة إلــى تعليــق الحكــم باالشــتراط‬
‫ق الشــروط» تقتضــي أن يكــون بعــض الشــروط يقتضــي‬ ‫أن لفظــة « أَ َحـ ّ‬
‫فيهــا‪ ،‬ومقتضــى الحديــث ّ‬
‫الوفــاء‪ ،‬وبعضُهــا أش ـ ّد اقتضــا ًء لــه‪ ،‬والشــروط التــي هــي ُمقتضــى العقــود مســتوية فــي وجــوب‬
‫الوفــاء‪ ،‬ويتر ّجــح علــى مــا عــدا النِّــكاح الشــروط المتعلّقــة بالنِّــكاح‪ ،‬مــن جهــة حُرْ مــة األبضــاع‪،‬‬
‫وتأكيــد اســتحاللها‪ .‬وهللا أعلــم»(((‪.‬‬

‫وهــذا يؤيّــد مــا ذهــب إليــه الحنابلــة مــن إجــازة الشــروط التــي فيهــا فائــدة لل ّزوجــة‪ ،‬كأن تشــترط‬
‫عليــه أالّ يســافر بهــا‪ ،‬وأالّ يخرجهــا مــن دارهــا‪ ،‬وأال يســافر بهــا‪ ،‬قــال ابــن قدامــة رحمــه هللا‪«:‬مــا‬
‫يلــز ُم الوفــا ُء بــه‪ ،‬وهــو مــا يعــود إليهــا نف ُعــه وفائدتــه‪ ،‬مثــل أن يشــترط لهــا أن ال يخرجهــا مــن‬
‫دارهــا أو بلدهــا أو ال يُســافر بهــا‪ ،‬وال يتــزوّج عليهــا‪ ،‬وال يَتَسـرّى عليهــا؛ فهــذا يلزمــه الوفــاء لهــا‬
‫بــه‪ ،‬فــإن لــم يفعــل فلهــا فسـ ُخ النِّــكاح»(((‪.‬‬

‫(((الطّحاوي‪ ،‬أبو جعفر أحمد بن محمد بن سالمة الطحاوي‪ ،‬ت ‪321‬هـ ‪ ،‬شرح مشكل اآلثار‪ ،‬تحقيق ‪ :‬شعيب‬
‫األرنؤوط‪( ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪1408‬هـ ‪1987 -‬م) ‪ ،‬ط األولى‪ :‬ج ‪ 12‬ص ‪.353‬‬
‫(((العسقالني‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪ ،‬ت ‪ ، 852‬تحقيق ‪ :‬محب‬
‫الدين الخطيب‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة) ج ‪ 9‬ص ‪.218‬‬
‫(((ابن دقيق العيد‪ ،‬محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري‪ ،‬تقي الدين أبو الفتح‪ ،‬ت ‪ ، 702‬إحكام األحكام شرح‬
‫عمدة األحكام‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية) ج ‪ 4‬ص ‪.33‬‬
‫(((المقدسي‪ ،‬المغني‪7 :‬ج ص ‪ ،71‬كشف المشكل من حديث الصحيحين‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‪،‬‬
‫ت ‪597‬هـ ‪ ،‬كشف المشكل من حديث الصحيحين‪ ،‬تحقيق ‪ :‬علي حسين البواب ‪(،‬الرياض‪،‬دار الوطن ‪141‬هـ‬
‫‪1997 -‬م) ج ‪ 4‬ص ‪.138‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪252‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫وبغــضّ النظــر عــن كــون الرّاجــح مــا ذهــب إليــه الجمهــور أو مــا ذهــب إليــه الحنابلــة؛ فـ ّ‬
‫ـإن أحـدًا‬
‫مــن أهــل العلــم لــم يذهــب إلــى جــواز اشــتراط ســقوط نفقــة الزوجــة عــن ال ـ ّزوج‪ ،‬وحتــى ابــن‬
‫إن ذلــك محتمــل‪.‬‬ ‫تيميــة رحمــه هللا لــم يجــزم بجــواز اشــتراط هــذا الشــرط‪ ،‬بــل قــال ّ‬

‫المبحث الثاني‪ -‬مشاركة المرأة العاملة في النفقات المنزلية‬


‫ـوغات المطالبــة بمشــاركة المــرأة العاملــة فــي النفقــات المنزليــة مــن‬
‫نــدرس فــي هــذا المبحــث مسـ ِّ‬
‫وجهــة نظــر أصحابهــا‪ ،‬ث ـ ّم نناقشــهم فيهــا ونبيّــن قيمتهــا‪ ،‬وذلــك مــن خــال دراســة النصــوص‬
‫الشــرعية وتحليلهــا‪ ،‬وذلــك فــي أربعــة مطالــب‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ -‬دواعي مطالبة ال ّزوجة العاملة بالمشاركة في النفقة‪:‬‬

‫إذا كان الـ ّزوج ملز ًمــا بــأن يقـدِّم لزوجتــه المــأكل والمشــرب والملبــس والمســكن الالئــق‪ ،‬لكونهــا‬
‫ـإن المقــدار الواجــب م ّمــا ُذ ِكــر يق ـ ّل كثي ـرًا‬
‫مــن النفقــة الواجبــة عليــه بمقتضــى عقــد ال ـ ّزواج؛ فـ ّ‬
‫جـ ًّدا ع ّمــا يقـ ّدم للزوجــة فــي الواقــع‪ ،‬ومــا فــي متنــاول يدهــا مــن ذلــك يزيــد علــى نفقتهــا الواجبــة‬
‫أضعافًــا مضاعفــة‪ ،‬فمــن المســكن الفــاره واألثــاث الفاخــر‪ ،‬وزينــة المنــزل واألمتعــة واألدوات‬
‫المتنوعــة‪ ،‬إلــى أصنــاف األطعمــة واألشــربة ووســائل التســلية والترفيــه‪ ،‬والخدمــات‬ ‫ِّ‬ ‫الكثيــرة‬
‫والمرافــق المختلفــة‪ ،‬إلــى مــا يصعــب عـ ّده وحصــره مــن الكماليّــات‪ ،‬كل هــذه األشــياء تســتخدمها‬
‫أن توفيــر هــذه األشــياء يتطلّــب نفقــات كثيــرة‪ ،‬ترهــق ال ـ ّزوج‪،‬‬ ‫ك ّ‬‫المــرأة وتنتفــع بهــا ‪ ..‬وال ش ـ ّ‬
‫فهــل يســمح الشــرع بــأن تُلـزَم المــرأةُ العاملــة بمشــاركة الـ ّزوج فــي تح ّمــل هــذه النفقــات‪ ،‬ســواء‬
‫أكان ذلــك بال ّســويّة أم بنســبة يتّفقــان عليهــا‪ ،‬أو أن يمنعهــا الـ ّزوج مــن اســتخدام األشــياء المذكــورة‬
‫واالرتفــاق بهــا؛ إالّ إذا شــاركت فــي بــذل أثمانهــا؟‪.‬‬

‫أن األصــل فــي العالقــة ال ّزوجيــة هــو‬ ‫ونقــول فــي الجــواب عــن هــذا الســؤال‪ :‬لقــد ســبق أن قرَّرنــا ّ‬
‫التراضــي وحســن العشــرة‪ ،‬ومنــه التوســعة علــى األهــل‪ ،‬وفــي مقدِّمتهــم الزوجــة ‪ ..‬ولكـ ّ‬
‫ـن هــذا‬
‫منــدوب وليــس واجبًــا‪ ،‬فــإذا شــاء الــزوج أن يقتصــر علــى النفقــة الواجبــة‪ ،‬فلــه ذلــك‪.‬‬

‫أن هــذا يُ َعـ ُّد شـ ًّحا مقيتًــا فــي مجتمعاتنــا‪ ،‬وربمــا ال تصلــح الحيــاة ال ّزوجيــة أن تســتمر معــه؛‬
‫ومــع ّ‬
‫ضــرورة أن يكــون األمــر كذلــك فــي ســائر البلــدان‪ ،‬ذلــك أن للعــرف دورًا كبيـرًا فــي‬ ‫فإنّــه ليــس بال ّ‬
‫هــذا األمــر‪ ،‬فــإذا كان عــرف بلداننــا اإلســامية يقضــي بــأن مــن مســتلزمات الرّجولــة أن يو ّســع‬
‫ـوغات معتبــرة عندهــم‬ ‫الرجــل علــى زوجتــه‪ ،‬فــإن العــرف فــي بــاد الغــرب ليــس كذلــك‪ ،‬ولــه مسـ ِّ‬
‫أن كال الزوجيــن فــي تلــك البــاد يعمــل ويتقاضــى مرتّبًــا‪ ،‬وليســت الزوجــة حبيســة بيــت‬ ‫‪ ..‬منهــا ّ‬
‫الزوجيــة لمصلحــة الــزوج‪ ،‬فمــن الطبيعــي جـ ًّدا – فــي مثــل هــذا الوضــع ‪ -‬أن تســاهم فــي النفقــة‪،‬‬
‫إذ شــأن ال ّزوجيــن هنــاك كشــأن الشــريكين فــي مشــروع‪ ،‬يتقاســمان التكاليــف واألعمــال‪ ،‬واألعبــاء‬
‫الماليــة كذلــك‪.‬‬

‫‪253‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫وهــذا الوضــع‪ ،‬هــو الــذي حــدا ببعــض النــاس إلــى طــرح ســؤال بحثنــا األساســي‪ ،‬وجعلــه يتســاءل‬
‫ع ّمــا إذا كانــت قواعــد الشــرع تســمح بإلــزام الزوجــة أن تتح ّمــل قســطًا مــن النفقــات المنزليــة‬
‫إن الســبب فيمــا‬ ‫‪ ..‬وقــد يشــفع هــؤالء تســاؤلَهم هــذا بمــا يبــرِّره فــي نظرهــم‪ ،‬كأن يقــول قائلهــم‪ّ :‬‬
‫ق ـرّره الفقهــاء مــن وجــوب النفقــة علــى الــزوج وح ـدَه‪ ،‬إنّمــا هــو واقعهــم الــذي كانــوا يعيشــونه‪،‬‬
‫والعــرف السّــائد فــي عصورهــم‪ ،‬حيــث كان الــ ّزوج يقــوم باألعمــال خــارج المنــزل ويتولّــى‬
‫اإلنفــاق‪ ،‬وكانــت المــرأة فــي المقابــل حبيســة بيتهــا‪ ،‬قائمــة بمــا يلــزم مــن األعمــال داخلــه‪ ،‬ول ّمــا‬
‫اختلــف العــرف اليــوم وتغيّــرت الظــروف واألوضــاع‪ ،‬فمــا المانــع مــن إعــادة النظــر فــي هــذه‬
‫ضــا بالقاعــدة الفقهيــة المشــتهرة علــى األلســن‪ ،‬والتــي غــدت‬ ‫المســألة؟!‪ .‬وقــد يســتظهر هــؤالء أي ً‬
‫َ‬ ‫بمثابــة المثــل ال ّســائر‪ ،‬وهــي «ال يُ ْن َك ـ ُر تَ َغيُّ ـ ُر األحـ ِ‬
‫ـكام بِتَ َغيُّــر األزمــان» ‪ ،‬فكــم مــن حكــم كان‬
‫(((‬

‫مقـ ّررًا فيمــا مضــى بنــاء علــى علّــة معيّنــة‪ ،‬كان ربــط الحكــم بهــا وبنــاؤه عليهــا محقِّقًــا للمصلحــة‪،‬‬
‫فل ّمــا زالــت تلــك العلّــة‪ ،‬أو لــم يعــد ربــط الحكــم بهــا محقِّقًــا للمصلحــة‪ ،‬واســتج ّدت ظــروف جديــدة‬
‫ظهــرت فيهــا أوصــاف جديــدة تحقِّــق المصلحــة التــي تو ّخاهــا الشــارع؛ ألغيــت العلّــة القديمــة‪،‬‬
‫ك االرتبــاطُ بينهــا وبيــن الحكــم‪ ،‬ونيــط الحكــم بالعلّــة الجديــدة ‪ ..‬أفــا يمكــن أن تكــون مســألة‬ ‫وفُـ َّ‬
‫النفقــة ضمــن بيــت الزوجيــة و َمــن يتح ّملهــا مــن هــذا القبيــل‪ ،‬بحيــث يكــون للظــروف واألوضــاع‬
‫الحديثــة أثــر فــي تغييــر نظامهــا؟‪.‬‬

‫إن ال ّشــرع أقــام العــدل بيــن العبــاد‪ ،‬بــل وضــع العــدل فــي ك ّل شــيء‪،‬‬ ‫فــي الجــواب عــن هــذا نقــول‪ّ :‬‬
‫أن « ال ُغــرْ ُم بِال ُغ ْنــم» ‪ ،‬و«ال ُغ ْن ـ ُم‬
‫(((‬ ‫وعلــى العــدل قامــت الســماوات واألرض‪ ،‬ومــن قواعــد العــدل ّ‬
‫إن‬‫بِال ُغــرْ م»((( لــذا فال ّشــرع ال يقــرِّ ر واجبًــا إال ويضــع فــي مقابلــه حقًّــا ‪ ..‬وبنــاء علــى هــذا نقــول‪ّ :‬‬
‫صــه بال ّزيــادة مقابــل‬ ‫ظ األنثييــن‪ ،‬فإنّــه إنّمــا خ ّ‬ ‫ال ّشــرع حيــن جعــل حــظّ ّ‬
‫الذكــر مــن الميــراث مثــل حـ ِّ‬
‫مــا أوجبــه عليــه مــن القوامــة‪ ،‬التــي تتمثّــل – مــن الناحيــة الماليــة‪ -‬فــي دفــع المهــر واإلنفــاق علــى‬
‫ال ّزوجــة واألوالد وتح ّمــل ســائر نفقــات المنــزل‪ ،‬وإذا نحــن حاولنــا أن نخفِّــف عنــه هــذه األعبــاء‪،‬‬
‫ـط منهــا‪ ،‬فــا بـ ّد أن يكــون لهــذا مقابــل‪ ،‬فأيــن هــو الغنــم‬ ‫وكلَّفنــا ال ّزوجــة بمشــاركته فــي تح ُّمــل قسـ ٍ‬
‫الــذي تنالــه ال ّزوجــة فــي مقابلــة هــذا الغــرم‪ ،‬وهــل مــن ســبيل إليــه؟‪.‬‬

‫ق أن تجويــز مثــل هــذا األمــر يتطلّــب الحصــول علــى إذن مــن الشــارع إلجــراء تغييــرات‬
‫والح ـ ّ‬
‫كبيــرة فــي نظــام األســرة الــذي رســمه‪ ،‬فهــل مــن الممكــن أن نجــد عالمــات هــذا اإلذن فــي‬
‫نصــوص ال ّشــرع؟‪.‬‬

‫(((الزرقا‪ ،‬أحمد بن الشيخ محمد ت ‪1357‬هـ ‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ ، ،‬تحقيق ‪ :‬صححه وعلق عليه مصطفى أحمد‬
‫الزرقا‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم ‪1409 -‬هـ ‪1989 -‬م ‪ ،‬ط الثانية‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ ،149‬حيدر‪ ،‬درر الح ّكام شرح مجلّة األحكام‪:‬‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪43‬‬
‫((( المرجع السابق‪ 2:‬ج ص‪22‬‬
‫((( المرجع السابق‪ 3:‬ج ص ‪454‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪254‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫الجــواب عــن هــذا الســؤال يحتــاج إلــى تفصيــل‪ ،‬ولكنّــه ســواء كان باإليجــاب أم بال ّســلب‪ ،‬يتوقــف‬
‫علــى معرفــة طبيعــة النصــوص التــي تأمــر الــزوج باإلنفــاق علــى زوجتــه وعلــى المنــزل‪ ،‬هــل‬
‫هــي نصــوصٌ آمــرةٌ مطلقــة‪ ،‬أم أنّهــا مبنيــة علــى ُعــرف َمعيَّــن‪ ،‬أو علــى ِعلَــل معيّنــة تســتهدف‬
‫مصلحـةً‪ ،‬لــم تكــن لتتحقّــق إبّــان نــزول النــص إال بجعــل الـ ّزوج هــو المنفــق ‪ ..‬وبعبــارة أخــرى‪،‬‬
‫إن معرفــة الجــواب تتوقّــف علــى معرفــة مــا إذا كان حكــم النفقــة يُ َعــ ّد مــن أحــكام المقاصــد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫التــي ال تتأثــر بعــرف وال ببيئــة‪ ،‬أومــن قبيــل الوســائل‪ ،‬التــي تنظــر إلــى وضــع معيّــن فتعالجــه‪،‬‬
‫وال ّشــرع إنّمــا ق ـرّر هــذا الحكــم ابتغــاء تحقيــق المصلحــة فــي ذلــك الوضــع‪ ،‬فــإذا لــم تعــد تلــك‬
‫الوســيلة صالحــة لتحقيــق تلــك المصلحــة‪ ،‬وتطَلَّــب تحقيقُهــا وســيلة جديــدة؛ زال الحكــم القديــم‪،‬‬
‫وألغيــت وســيلته‪ ،‬واســتبدل بــه حكــم جديــد ووســيلة جديــدة؟‪.‬‬

‫إن مــا يحســم القــول فــي هــذه المســألة إ ًذا‪ ،‬إنّمــا هــو معرفــة طبيعــة نصــوص ال ّشــرع التــي تقــرِّ ر‬
‫ّ‬
‫وأن المــرأة غيــر مطالبــة‬ ‫أن علــى ال ـ ّزوج نفقــة الزوجــة واألوالد‪ ،‬وســائر مســتلزمات األســرة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫َّ‬ ‫بشــيء مــن ذلــك ؛ ّ‬
‫ألن ذلــك هــو الــذي يجعلنــا نقــف علــى ِعلــة هــذا الحكــم‪ ،‬لنتبيّــن مــا إذا كانــت‬ ‫(((‬

‫ثابتة أو متغيّرة‪ ،‬ومن ث ّم لنعلم كون الحكم المبن ّي عليها ثابتًا أو ً‬


‫قابل للتغيير؟‪.‬‬

‫وسنقتصر من تلك النصّوص على آية القوامة َوحدَها؛ إذ هي التي تم ُّدنا بهذه المعرفة‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ -‬القوامة‪:‬‬

‫فضــل هللا بعضهــم علــى‬ ‫أخــذت القوامــة مــن قولــه تعالــى‪( :‬الرّ جــال قوّامــون علــى النســاء بمــا ّ‬
‫بعــض وبمــا أنفــوا مــن أموالهــم ) النســاء‪ ،٣٤ :‬وقوّامــون جمــع‪ ،‬مفــردُه قـوّام‪ ،‬صيغـةُ مبالغـ ٍة مــن‬
‫اســم الفاعــل قائــم‪ ،‬والق ـوّام اســم لمــن يكــون مبال ًغــا فــي القيــام باألمــر‪ ،‬ومالز ًمــا لــه ومحافظًــا‬
‫العالمــة الطاهــر بــن عاشــور رحمــه هللا‪ «:‬القَـ َّوا ُم‪ :‬الــذي‬ ‫ق مــن القيــام‪ ،‬يقــول ّ‬ ‫عليــه((( وهــو مشــت ّ‬
‫يقــوم علــى شــأن شــي ٍء ويليــه ويُصل ُحــه‪ ،‬يُقــال‪ :‬قـ َّوام وقَيَّــام وقَيُّــوم وقَيِّــم‪ ،‬وكلُّهــا مشــتقّة مــن القيــام‬
‫ألن شــأن الــذي يهتـ ُّم باألمــر ويعتنــي‬ ‫ال َمجــازي‪ ،‬الــذي هــو َمجــا ٌز ُمرْ ســل‪ ،‬أو اســتعارة تمثيليّــة؛ ّ‬
‫ُّ‬
‫بــه أن يقِــفَ ليديــر أم ـ َره‪ ،‬فأطلــق علــى االهتمــام القيــا ُم بعالقــة اللــزوم‪ ،‬أو ُش ـبِّه المهتــم بالقائــم‬
‫لألمــر علــى طريقــة التمثيــل»(((‪.‬‬

‫إذن فالقوامــة مق ـرّرة للرّجــل بنــصِّ اآليــة الكريمــة‪ ،‬وهــي قوامــة علــى أفــراد البيــت كلّهــم‪ ،‬ثــم‬

‫(((الشنقيطي‪ ،‬محمد األمين بن محمد بن المختار الجكني‪ ،‬ت ‪1393‬هـ‪ .‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬مكتب البحوث والدراسات (بيروت‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪1415 .‬هـ ‪1995 -‬م) ج ‪ 3‬ص ‪.26‬‬
‫(((لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم اإلفريقي المصري‪ ،‬ت ‪ ، 711‬بيروت‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬ط األولى‪ ،‬مادة‬
‫(قوم)‪ ،‬التفسير الكبير‪ ،‬الفخر الرّازي‪ ،‬محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي‪ ،‬ت ‪ ، 604‬دار الكتب العلمية ‪-‬‬
‫بيروت ‪1421 -‬هـ ‪2000 -‬م ‪ ،‬ط األولى‪ :‬ج ‪ 10‬ص ‪.71‬‬
‫((( ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر ‪ ،‬التحرير والتنوير ‪ ،‬تونس‪ ،‬دار سحنون للنشر والتوزيع ‪1997 -‬م‪ :‬ج ‪ 5‬ص ‪.38‬‬

‫‪255‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫ـإن التعليــل بالبــاء مــن التعليــل الصَّريــح‬ ‫إنّهــا معلَّلــة كذلــك‪ ،‬وقــد جــاء التعليــل فيهــا صري ًحــا‪ ،‬فـ ّ‬
‫كمــا يقـرِّر األصوليّــون((( وال ِعلّــة هــي تفضيــل هللا تعالــى للرجــل‪ ،‬ثــم مــا يقــوم بــه مــن النّفقــة علــى‬
‫زوجتــه وبيتــه ‪ ..‬أي أنّهــا علّــة مر ّكبــة مــن جزئيــن‪ ،‬الجــزء األول هــو تفضيــل هللا تعالــى‪ ،‬والثانــي‬
‫هــو كــون اإلنفــاق مــن الرّجــل‪ ،‬ومعنــى ذلــك أن الرجــل ال يكــون قوّا ًمــا إال بوجــود جزئَــي العلّــة‪،‬‬
‫ومهمــا تخلّفــا أو تخلّــف جــزء واحـ ٌد منهمــا تخلّــف الحكــم ‪ ..‬فهــل يمكــن أن يحــدث هــذا؟‪.‬‬

‫ـإن ذلــك قــد يقــع‪ ،‬وإنّمــا نعنــي اإلمــكان ال ّشــرعي‪ ،‬أي‬


‫وال نقصــد باإلمــكان اإلمــكانَ الواقعــي‪ ،‬فـ ّ‬
‫هــل يقبــل ال ّشــرع بتخلّــف جزئَــي ال ِعلّــة‪ ،‬أو بتخلــف جــز ٍء واحــد منهمــا؟‪.‬‬
‫ّ‬

‫تتوقّف معرفة الجواب عن هذا السؤال على معرفة المقصود بالتّفضيل وباإلنفاق‪ ،‬فلنبيِّنهما‪.‬‬

‫أ ّوالً‪ -‬المــراد بتفضيــل الرجــال‪ :‬فُسِّــر التفضيــل بــأن« هللا تعالــى فضّــ َل ال ِّرجــال علــى النِّســاء‬
‫بأمــور‪ ،‬منهــا زيــادة العقــل والدِّيــن والواليــة وال ّشــهادة والجهــاد وال ُج ُمعــة والجماعــات‪ ،‬وباإلمامــة‬
‫أن الرّجــل يتــزوّج بأربــع نســوة‪ ،‬وال يجــوز للمــرأة‬ ‫ألن منهــم األنبيــاء وال ُخلَفــاء واألئ ّمــة‪ ،‬ومنهــا ّ‬
‫ّ‬
‫زوج واحــد‪ ،‬ومنهــا زيــادة النّصيــب فــي الميــراث والتعصيــب فــي الميــراث‪ ،‬وبيــده الطــاق‬ ‫ٍ‬ ‫غيـ ُر‬
‫والنِّــكاح والرّجعــة وإليــه االنتســاب» ‪ ،‬فــإذا كانــت هــذه األمــور هــي منــاط التفضيــل؛ فـ ّ‬
‫ـإن ذلــك‬ ‫(((‬

‫أن هــذا الجــزء مــن ال ِعلّــة متحقِّــق وثابــت‪ ،‬ذلــك أنّــه عبــارة عــن جملــة أحــكام شــرعيّة‬ ‫يعنــي ّ‬
‫مق ـرّرة‪ ،‬ال يملــك أح ـ ٌد أن يم ّســها بتغييــر‪.‬‬
‫ولكــن إذا علمنــا أن توفُّــر جــزء مــن العلّــة المر ّكبــة ال يعنــي تحقُّــق العلّــة ‪ّ -‬‬
‫ألن الحكــم إنّمــا يُبْنــى‬
‫ـإن هــذا التفضيــل ال يكفــي بمفــرده للوفــاء بشــرط القوامــة‪ ،‬فلننظــر فــي‬ ‫علــى ال ِعلّــة الكاملــة‪ -‬فـ ّ‬
‫الجــزء الثانــي مــن أجــزاء العلّــة‪ ،‬وهــو اإلنفــاق‪ ،‬هــل يمكــن أن يتخلّــف؟‪.‬‬

‫أن ميــزان العدالــة اقتضــى أن تكــون‬ ‫ثانيــاً‪ -‬اإلنفــاق‪ :‬ذكــر اإلمــام الفخــر الــرّازي رحمــه هللا ّ‬
‫أن نظــام األســرة فــي اإلســام متكامــل‪ ،‬ينبغــي‬ ‫القوامــة للرّجــل‪ ،‬بــأن يتح ّمــل نفقــة زوجتــه‪ ،‬ذلــك ّ‬
‫أن ينظــر إليــه كالًّ واح ـدًا‪ ،‬وليــس مج ـ ّزأً‪ ،‬فقــد وجبــت النفقــة علــى الرّجــل فــي مقابلــة نصيبــه‬
‫مــن الميــراث‪ ،‬إذ ل ّمــا كان نصيبــه ضعفــي نصيــب األنثــى‪ُ ،‬كلِّــف بــأن يكــون هــو المنفــق عليهــا‪،‬‬
‫ـض )‬ ‫َ‬ ‫للاُ ب ـ ِه َبع َ ُ‬
‫ـل َّ‬ ‫ال َت َت َمنَّــوْ ْا َمــا َف َّ‬
‫ضـ َ‬ ‫قــال رحمــه هللا‪ «:‬اعلــم أنّــه تعالــى قــال‪َ ( :‬و َ‬
‫ْضك ـ ْم عَ لــى َب ْعـ ٍ‬ ‫ِ‬

‫(((ابن السبكي‪ ،‬تاج الدين أبي النصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي ت ‪646‬هـ ‪ ،‬رفع الحاجب عن مختصر‬
‫ابن الحاجب‪ ،‬تحقيق ‪ :‬علي محمد معوض‪ ،‬عادل أحمد عبد الموجود بيروت‪ (،‬عالم الكتب ‪1999‬م ‪1419 -‬هـ )‬
‫ط األولى‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪ ،315‬العطار ‪ ،‬حسن ‪ ،‬ت ‪ ، 1250‬حاشية العطار على جمع الجوامع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م ‪ ،‬ط األولى‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪.307‬‬
‫(((الخازن‪ ،‬عالء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي‪ ،‬ت ‪725‬هـ ‪ ،‬تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في‬
‫معاني التنزيل‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر ‪1399‬هـ ‪1979/‬م) ج ‪ 1‬ص ‪ ،518‬البيضاوي‪ ،‬عبد هللا بن عمر ‪ ،‬ت ‪،685‬‬
‫تفسير البيضاوي‪( ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر) ج ‪ 2‬ص ‪.184‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪256‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫النســاء‪ .. ٣٢ :‬ســبب نــزول هــذه اآليــة أن النســاء تكلّمــن فــي تفضيــل هللا الرِّجــال عليهـ َّ‬
‫ـن فــي‬
‫ضــل الرّجــال علــى النِّســاء فــي الميــراث؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫الميــراث‪ ،‬فذكــر تعالــى فــي هــذه اآليــة أنّــه إنّمــا ف ّ‬
‫الرّجــال قوّامــون علــى النِّســاء‪ ،‬فإنّهمــا وإن اشــتركا فــي اســتمتاع ك ّل واحــد منهمــا باآلخــر‪ ،‬أمــر‬
‫ـن المهــر‪ ،‬ويـ ِدرُّ وا عليهــن النّفقــة‪ ،‬فصــارت ال ّزيــادة مــن أحــد الجانبيــن‬ ‫هللا الرّجــال أن يدفعــوا إليهـ ّ‬
‫(((‬ ‫ْ‬
‫مقابل ـةً بال ّزيــادة مــن الجانــب اآلخــر‪ ،‬فكأنــه ال فض ـ َل ألبتــة‪ ،‬فهــذا هــو بيــان كيفيــة النظــم» ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬

‫يُفهم من هذا الذي قاله اإلمام الفخر رحمه هللا أمران اثنان‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن ســلطان الرّجــل علــى زوجتــه وعلــى المنــزل إنّمــا هــو فــي مقابلــة مــا يقدِّمــه مــن‬
‫النفقــة‪ ،‬فــإن م ّمــا ال ينبغــي أن يكــون محـ ّل خــاف بيــن العقــاء – بــل ليــس هــو محـ ّل خــاف بيــن‬
‫أن هــذا اإلشــراف داخــل األســرة ليــس إشــراف‬ ‫أن الــذي ينفــق هــو الــذي يشــرف ‪ ..‬علــى ّ‬ ‫العقــاء‪ّ -‬‬
‫ـال‪ ،‬بــل هــو إشــراف مســؤولية‪ ،‬قائـ ٌم علــى الحــبٍّ وال ّشــفقة‪ ،‬فهــو َم ْغــرم وليــس ًمغن ًمــا‪ ،‬كمــا قــد‬
‫تعـ ٍ‬
‫صــراع بيــن األضــداد‪ ،‬الــذي هــو المحــور‬ ‫يتوهّمــه ذو النظــرة ال ّســطحية‪ ،‬أو المتش ـ ِّرب بفكــرة ال ِّ‬
‫المظلــم والعُدوانــي الــذي تــدور عليــه الفلســفة الماديــة الماركســية‪.‬‬

‫ـال بميــزان العدالــة‬ ‫أن فــي إعفــاء الرّجــل مــن القوامــة حيفًــا ينحــطّ علــى المــرأة‪ ،‬وإخـ ً‬ ‫الثانــي‪ّ :‬‬
‫الذكــر مــن الميــراث إنّمــا كان مثلَــي حــظّ األنثــى؛ لكونــه‬
‫ألن حــظّ ّ‬‫الــذي أرســى ال ّشــرع دعائمــه‪ّ ،‬‬
‫مكلَّفًــا بالقيــام بنفقتهــا ونفقــة األوالد وبإعطائهــا المهــر‪ ،‬وإلغــاء القوامــة يعنــي أن يكــون الرّجــل قــد‬
‫أُعطــي زيــادة فــي الميــراث دون أن يكلَّــف مقابــل ذلــك بشــيء‪ ،‬وأن تُح ّمــل المــرأة عبئًــا ماليًــا دون‬
‫أن تُعطــى شــيئًا مقابــل ذلــك‪ ،‬وهــذا مجانــف لميــزان العــدل‪.‬‬

‫وقــد يقــول قائــل‪ :‬أال يمكــن أن تُلغــى قوامــة الرّجــل‪ ،‬بــأن يعفــى مــن نفقــة ال ّزوجــة‪ ،‬وأن تشــاركه‬
‫المــرأة فــي ســائر النفقــات‪ ،‬علــى أن يكــون حظّــه مــن الميــراث مســاويًا لحــظّ المــرأة ؟‪.‬‬

‫أن هــذا م ّمــا ال يقبلــه ال ّشــرع بشــكل مــن األشــكال‪ ،‬فقــد ورد النهــي الصّريــح مــن هللا‬ ‫والجــواب ّ‬
‫ْض ُك ـ ْم عَ لَــى‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ال َت َت َمنَّــوْ ْا َمــا َف َّ‬
‫ضـ َ‬
‫ـل للا ِب ـ ِه َبع َ‬ ‫تعالــى عــن الرّغبــة فــي هــذا‪ ،‬وذلــك قولــه تعالــى‪َ (:‬و َ‬
‫ْــض ) النســاء‪ ،٣٢ :‬وقــد ذكرنــا قبــل قليــل‪ ،‬أن ّهــذه اآليــة نزلــت حيــن تكلّمــت النســاء فــي‬ ‫َبع ٍ‬
‫تفضيــل الرّجــال عليهــن فــي الميــراث‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ -‬فلسفة اإلسالم في تنظيم األسرة‪:‬‬

‫تقــوم أحــكام األســرة فــي اإلســام علــى أســاس فلســفته فــي تكويــن األســرة المســلمة‪ ،‬والنظــام‬
‫الــذي ينبغــي أن تقــوم عليــه‪ ،‬ورؤيتــه للنظــام األمثــل الــذي يضمــن بقــاء األســرة والمحافظــة علــى‬
‫توازنهــا وتماســكها‪ ،‬وذلــك يتحقَّــق بــأن تكــون قيــادة األســرة بيــد الرّجــل‪ ،‬وأن يكــون اإلنفــاق‬

‫((( الفخر الرازي‪ ،‬التفسير الكبير‪ :‬ج‪ 10‬ص ‪71‬‬

‫‪257‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫والقيــام بشــؤونها وحاجــات أفرادهــا عليــه ‪..‬؛ ولــذا فـ ّ‬
‫ـإن العــدول عــن هــذا النظــام خــروج علــى‬
‫النظــام الــذي رســمه هللا تعالــى لألســرة المســلمة‪ ،‬ولذلــك عواقــب وخيمــة علــى األســرة وعلــى‬
‫المــرأة‪ ،‬ذكرنــا طرفًــا منهــا‪ ،‬فــا نعيــد‪.‬‬

‫أن‬ ‫إ ًذا‪ ،‬تبيّــن لنــا م ّمــا ذكرنــا ومــن أقــوال المف ّســرين فــي معنــى القوامــة‪ ،‬أنّهــا أصــل كلّــي‪ ،‬أي ّ‬
‫الحكــم بقوامــة الرجــل علــى المــرأة مــن أحــكام المقاصــد‪ ،‬أثبتــه ال ّشــرع‪ ،‬وال يقبــل التغييــر‪ ،‬يقــول‬
‫العالّمــة ابــن عاشــور رحمــه هللا‪( «:‬الرجــال قوامــون علــى النســاء ) النســاء‪ ،٣٤ :‬أصـ ٌل تشــريع ٌّي‬
‫ُكلّـ ٌّي‪ ،‬تتفـرّع عنــه األحــكام التــي فــي اآليــات التــي فــي اآليــات بعـدَه» (((‪.‬‬

‫ويؤ ِّكــد هــذا المعنــى – زيــادة علــى ك ّل مــا ســبق ‪ -‬أن اآليــة جــاءت فــي صيغــة تقريــر بأســلوب‬
‫الخبــر‪( :‬الرجــال قوامــون علــى النســاء ) اآليــة‪ ،‬والجملــة الخبريــة تقــوم مقــام األمــر(((‪ ،‬بــل قــد‬
‫ـأن األمــر قــد صــدر وتـ ّم امتثالــه‪ ،‬وأنّــه غيــر قابــل لألخــذ‬
‫تكــون أبلــغ فــي تقريــر األمــر؛ إذ تشــي بـ ّ‬
‫والـ ّر ّد ‪ ..‬ول ّمــا كان األمــر كذلــك‪ ،‬فقــد كان لِزا ًمــا علــى الرّجــل أن يقــوم بمقتضيــات هــذه القوامــة‪..‬‬
‫وم ّمــا جعلــه الشــرع مــن مقتضاياتهــا النفقـةُ‪ ،‬فــإذا لــم يقــم بهــا الرّجــل كان عاصيًــا‪.‬‬
‫المطلب ال ّربع ‪ -‬مشاركة المرأة العاملة في النفقات الزائدة على نفقتها الواجبة‪:‬‬

‫مــا زاد عــن حـ ّد الكفايــة‪ ،‬م ّمــا يقدِّمــه الـ ّزوج لزوجــه‪ ،‬أو تنتفــع بــه المــرأة مــن مــال زوجهــا‪ ،‬هــو‬
‫مــن قبيــل التوســعة والترفيــه‪ ،‬فمــا حكــم اســتخدامها لهــذه األشــياء التــي هــي مــن قبيــل الكماليــات‪،‬‬
‫هــل تطالــب المــرأة باالشــتراك مــع ال ـ ّزوج فــي تح ّمــل قســط مــن أثمانهــا‪ ،‬وهــل يســمح ال ّشــرع‬
‫بذلــك إذا طالــب بــه ال ـ ّزوج‪ ،‬أو كان عــرف المجتمــع الــذي يعيــش فيــه ال ّزوجــان ونمــط الحيــاة‬
‫ـول‪ ،‬كمــا يــرى خــروج المــرأة للعمــل‬ ‫فيــه‪ ،‬يتقبّــل هــذا األمــر بأريحيــة‪ ،‬ويعـ ُّده أمـرًا طبيعيًّــا ومعقـ ً‬
‫ً‬
‫ومقبول؟‪.‬‬ ‫والتك ّســب‪ ،‬وعــدم امتــاك الـ ّزوج ســلطان منعهــا مــن الخــروج مــن البيــت أمـرًا معقـ ً‬
‫ـول‬

‫ق فــي منــع زوجتــه مــن اســتخدامه‬ ‫الجــواب‪ :‬ك ّل مــا كان زائ ـدًا عــن ح ـ ّد الكفايــة‪ ،‬فللــزوج الح ـ ّ‬
‫واالنتفــاع بــه‪ ،‬ألنّــه ملكــه‪ ،‬والشــرع إنّمــا ألــزم ال ـ ّزوج بــأن يق ـدِّم لزوجتــه كفايتهــا‪ ،‬ولــم يلزمــه‬
‫بــأن يبــذل لهــا ك ّل مــا يملكــه‪ ،‬فالمــرأة فــي هــذا كاألجنبــي‪ ،‬ليــس لهــا أن تســتعمل ملكــه إالّ بإذنــه أو‬
‫بالثمــن‪ ،‬إذا هــو منعهــا مــن اســتعمالها‪ .‬هــذا هــو الــذي تقتضيــه قواعــد الشــرع‪.‬‬

‫وال ينبغــي أن يكــون هــذا الحكــم محـ ّل اعتــراض‪ ،‬بــل ال ينبغــي أن يكــون محـ ّل استشــكال مــن أي‬
‫ـإن الرّجــل مطالــب‬ ‫أن ميــزان العدالــة يقضــي بهــذا‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـا عــن المســلم؛ ذلــك ّ‬ ‫إنســان عاقــل‪ ،‬فضـ ً‬
‫بتقديــم شــيء محـ َّدد لزوجتــه‪ ،‬مقابــل مــا تقدِّمــه هــي‪ ،‬ومــا يقدِّمــه لهــا بمنزلــة األجــرة التــي تُقـ َّدم‬

‫((( ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪ :‬ج ‪ 5‬ص ‪37‬‬


‫(((الفخر الرازي‪ ،‬محمد بن عمر بن الحسين الرازي‪ ،‬المحصول‪ ،‬تحقيق طه جابر فياض العلواني‪( .‬الرياض‪ :‬جامعة‬
‫اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪1400 ،‬هـ)‪ ،‬ط األولى‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪.52 ،50‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪258‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫ق األجــرة علــى مــا يقدِّمــه مــن العمــل‪ ،‬وليــس عليــه منّــة فيهــا‪،‬‬ ‫للعامــل‪ ،‬فكمــا أن العامــل يســتح ّ‬
‫ق غيرهــا‪ ،‬وليــس لــه المطالبــة بمــا زاد عليهــا‪ ،‬فكذلــك المــرأة تســتح ّ‬
‫ق النفقــة‬ ‫ولكنّــه ال يســتح ّ‬
‫الواجبــة‪ ،‬وال منّــة لل ـ ّزوج عليهــا فــي ذلــك‪ ،‬ولكــن ليــس لهــا أن تطالــب بأكثــر مــن ذلــك‪ ،‬فــإذا‬
‫س وكــرم ُخلــق‪،‬‬ ‫شــاء الـ ّزوج أن يبــذل فــوق المقــدار الواجــب فهــو تبـرّع وإحســان‪ ،‬ودليــل نُ ْبـ ِ‬
‫ـل نفـ ٍ‬
‫يؤجــر عليــه عنــد هللا تعالــى‪ ،‬وينــال بــه ثنــاء النــاس‪.‬‬

‫أن للزوجــة أن تنتفــع بمــا فــي بيــت زوجهــا‪ ،‬وال يتوقّــف جــواز انتفاعهــا بذلــك علــى‬ ‫نعــم األصــل ّ‬
‫اإلذن الصَّريــح منــه؛ ألن عالقــة الزوجيــة بينهمــا تقــوم مقــام اإلذن‪ ،‬كمــا كانــت القرابــة والصّداقــة‬
‫بمنزلــة اإلذن فــي األكل مــن مــال القريــب والصديــق فــي قولــه تعالــى‪( :‬ليــس علــى األعمــى حــرج‬
‫وال علــى األعــرج حــرج وال علــى المريــض حــرج وال علــى أنفســكم أن تأكلــوا مــن بيوتكــم أو‬
‫بيــوت آبائكــم أو بيــوت أمهاتكــم أو بيــوت إخوانكــم أو بيــوت أخواتكــم أو بيــوت أعمامكــم أو بيــوت‬
‫عماتكــم أو بيــوت أخوالكــم أو بيــوت خاالتكــم أو مــا ملكتــم مفاتحــه أو صديقكــم ليــس عليكــم جنــاح‬
‫أن تأكلــوا جميعــاً أو أشــتاتاً ) النــور‪.61 :‬‬

‫ولكــن ينبغــي أن نعلــم أن مــا تســمح بــه اآليــة الكريمــة لهــؤالء إنّمــا هــو األكل‪ ،‬بشــرط أن يكــون‬
‫م ّمــا هــانَ أمـرُه‪ ،‬دون مــا كان لــه خطــر‪ ،‬أ ّمــا المــرأة فبــاب انتفاعهــا بمــال زوجهــا أوســع‪ ،‬لكــون‬
‫العالقــة بينهمــا أوثــق‪ ،‬وقــد ذكــر البغــوي رحمــه هللا تعالــى ّ‬
‫أن ال ّســبب فــي عــدم تصريــح اآليــة‬
‫ـخص واحــد‪ ،‬وقولــه تعالــى «مــن بيوتكــم» يشــير‬
‫ٍ‬ ‫أن ال ّزوجيــن بمنزلــة شـ‬‫بــاألكل مــن بيــت الـ ّزوج ّ‬
‫ضــا ‪.‬‬
‫(((‬
‫ـإن بيــت الـ ّزوج هــو بيــت المــرأة أي ً‬
‫إلــى ذلــك‪ ،‬فـ ّ‬

‫هــذا مــا دام أن الـ ّزوج لــم يمنعهــا مــن ذلــك صراحـةً‪ ،‬فــإذا صـرَّح لهــا الـ َّزوج بأنّــه ال يجيــز لهــا‬
‫أن تتب ّســط فــي مالــه‪ ،‬وأن تمـ َّد يدهــا إلــى أكثــر م ّمــا حـ ّدده ال ّشــرع مــن النفقــة الواجبــة لهــا عليــه‪،‬‬
‫فلــه ذلــك‪ ،‬وال يحـ ّل لهــا االنتفــاع بشــيء مــن مالــه‪ ،‬لقولــه عليــه الصــاة والســام‪ «:‬ال يَ ِحــلُّ مــا ُل‬
‫بطيــب نَ ْفــس»(((‪ ،‬وقــد كان الرضــا وطيــب النفــس مق ـ ّدر الوجــود قبــل المنــع‪،‬‬ ‫ـلم إال ِ‬
‫ـرئ ُمسـ ٍ‬ ‫امـ ِ‬
‫ولكــن ل ّمــا وجــد المنــع الصّريــح د ّل علــى عــدم الرِّ ضــا‪ ،‬ومــن ث ـ ّم ارتفــع منــاط ِحــلِّ االنتفــاع‪،‬‬
‫والقاعــدة الفقهيــة تقــول‪( :‬ال عبــرة لل ّداللــة فــي مقابلــة التصريــح)(((‪.‬‬

‫(((البغوي‪ ،‬الحسين بن مسعود‪ ،‬ت ‪ ، 516‬تفسير البغوي‪ ،‬تحقيق ‪ :‬خالد عبد الرحمن العك بيروت‪ ( ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫المعرفة) ج ‪ 3‬ص ‪.357‬‬
‫(((ابن الملقّن‪ ،‬سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد األنصاري الشافعي‪ ،‬ت ‪ ،804‬البدر المنير في تخريج‬
‫األحاديث واألثار الواقعة في الشرح الكبير‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى أبو الغيط وعبدهللا بن سليمان وياسر بن كمال‬
‫(الرياض ‪1425‬هـ ـ‪2004‬م)‪ ،‬ط األولى‪ :‬ج ‪ 6‬ص ‪ ،693‬وقد ذكر أنّه رواه الدارقطني وابن حبان في صحيحه‪،‬‬
‫والبيهقي في سننه‪.‬‬
‫((( ال ّزرقا‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪141‬‬

‫‪259‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫فــإن للــ ّزوج بنــاء عليــه أن يشــترط علــى زوجتــه – إذا رغبــت فــي االنتفــاع‬
‫وإذا تقــرّر هــذا‪ّ ،‬‬
‫بممتلكاتــه اســتخدا ًما أو اســتهال ًكا‪ -‬أن تدفــع لــه أجــرة مــا تســتخدمه‪ ،‬وأن تشــاركه فــي ثمــن مــا‬
‫تســتهلكه‪ ،‬ويكــون ذلــك بحســب االتّفــاق‪.‬‬

‫أن المرأة إنّما تطالب بالمشاركة في تح ّمل نفقة ما تستعمله أو تستهلكه هي فحسب(((‪،‬‬
‫وينبغي أن نعلم ّ‬
‫وال يجوز بحال أن تلزم أو تطالب بتح ّمل نفقة ما يستهلكه أو يستخدمه غيرها من أفراد األسرة‬
‫مثل‪ ،‬أو غيرهم كأهل ال ّزوج وضيوفه‪ ،‬هذا‪ .‬وهللا تعالى أعلم وأحكم‪.‬‬ ‫كاألوالد ً‬

‫الخاتمة والنتائج‬
‫‪1 .1‬األصــل الــذي يقــرِّره اإلســام فــي العالقــة بيــن ال ّزوجيــن هــو التراضــي‪ ،‬ولكنّــه ال ينفــي‬
‫احتمــال لجوئهمــا إلــى التقاضــي فــي الحــاالت االســتثنائية‪ ،‬وقــد شــرع اإلســام لهــذه الحــاالت‬
‫االســتثنائية أحكا ًمــا تتكفَّــل بحســم النِّــزاع فيهــا‪ ،‬وتحقيــق العدالــة‪.‬‬

‫‪2 .2‬نفقــة ال ّزوجــة – عاملــة أو غيــر عاملــة ‪ -‬واجبــة علــى زوجهــا‪ ،‬وهــو مــن مقتضــى عقــد‬
‫النــكاح‪ ،‬وال يقبــل ال ّشــرع بســقوطها إال إذا كان ذلــك برضــى ال ّزوجــة التــام‪ ،‬واختيارهــا‬
‫الــذي ال شــائبة فيــه‪.‬‬

‫‪3 .3‬ال يجب على ال ّزوج أن يقدِّم لزوجته أكثر من النفقة التي ح َّددها ال ّشرع‪.‬‬

‫‪4 .4‬تجــب نفقــة ال ّزوجــة علــى زوجهــا مقابــل احتباســها لمصلحتــه‪ ،‬فــإذا خرجــت مــن بيــت ال ّزوج‬
‫لمصلحــة نفســها‪ ،‬كمــا لــو خرجــت للعمــل‪ ،‬ســقطت نفقتهــا عنــه ‪ -‬عنــد جمهــور العلمــاء ‪ -‬إلــى‬
‫أن ترجــع إلــى البيــت‪ ،‬ولــو كان خروجهــا بــإذن الـ ّزوج‪.‬‬

‫‪5 .5‬للمــرأة أن تنتفــع بمــا فــي بيــت زوجهــا م ّمــا يزيــد علــى نفقتهــا الواجبــة عليــه‪ ،‬وال تحتــاج إلــى‬
‫ألن عالقــة ال ّزوجيــة تقــوم مقــام اإلذن‪.‬‬
‫إذن لهــا بذلــك؛ ّ‬

‫‪6 .6‬لل ّزوج أن يمنع زوجه من االنتفاع من ماله بما زاد على نفقتها الواجبة‪.‬‬

‫مال مقابل انتفاعها بماله ال ّزائد على نفقتها الواجبة‪.‬‬


‫‪7 .7‬لل ّزوج أن يشترط على زوجه أن تبذل ً‬

‫‪8 .8‬يطالـب الـ ّزوج وحـده بسـائر النفقـات المنزليـة‪ ،‬وإنّمـا يمكـن أن تُلزم المـرأة بثمن مـا تنتفع به‬
‫م ّمـا يزيـد علـى نفقتهـا الواجبة‪ ،‬وال يجوز بحـال أن تلزم الزوجة العاملة بالمشـاركة فيما ينفَق‬

‫(((وهذا ما قرّره مجلس مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورته السادسة عشرة‪ ،‬قرارات وتوصيات الدورة السادسة‬
‫عشرة لمجلس مجمع الفقه اإلسالمي الدولي التي انعقدت في اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬دبي‪1426 ،‬هـ ‪2005 -‬م‪.‬‬
‫ينظر مجلة الشريعة والقانون – العدد الثالث والعشرون‪ -‬ربيع األول ‪ ١٤٢٦‬ھ مايو ‪ ٢٠٠٥‬م‪ :‬ص ‪389‬ـ‪.390‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪260‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫علـى غيرهـا‪ ،‬كنفقـة األوالد وبقيّـة أعضاء األسـرة‪ ،‬وال بما يقدِّمه الـزوج لضيوفه‪.‬‬

‫هــذا‪ .‬وهللا تعالــى أعلــم وأحكــم‪ ،‬والحمــد هلل ربّ العالميــن‪ ،‬وصلــى هللا وســلّم وبــارك علــى سـيّدنا‬
‫محمــد وعلــى آلــه وصحبــه أجمعيــن‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫البابرتي محمد بن محمد ‪ ،‬ت ‪786‬هـ ‪ ،‬العناية شرح الهداية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫البجيرمي‪ ،‬سليمان بن عمر بن محمد ‪ ،‬ت ‪ ، 1221‬حاشية البجيرمي على شرح منهج الطالب (التجريد لنفع العبيد)‪،‬‬
‫تركيا‪ ،‬ديار بكر‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو عبد هللا البخاري الجعفي‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق مصطفى ديب البغا‪( ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار ابن كثير ‪ ،)1987 - 1407 ،‬ط‪.3‬‬
‫البغوي‪ ،‬الحسين بن مسعود‪ ،‬ت ‪ ، 516‬تفسير البغوي‪ ،‬تحقيق ‪ :‬خالد عبد الرحمن العك بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬
‫البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‪ ،‬ت ‪ ، 1051‬الروض المربع شرح زاد المستقنع‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة‬
‫الرياض الحديثة ‪139‬هـ‪ ،‬ط بدون‪0‬‬
‫البوطي‪ ،‬د محمد سعيد رمضان ت ‪1434‬هـ ‪ ،‬المرأة بين طغيان النّظام الغربي ولطائف التشريع ال ّربّاني‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار‬
‫الفكر ‪ ،‬عام ‪1996‬م‪ ،‬ط الثامنة‪.‬‬
‫البيضاوي‪ ،‬عبد هللا بن عمر ‪ ،‬ت ‪ ، 685‬تفسير البيضاوي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫البكري‪ ،‬أبو بكر بن السيّد شطا ال ّدمياطي‪ ،‬إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين‪،‬‬
‫م ّكة المكرّمة‪ ،‬المكتبة الفيصلية‪.‬‬
‫الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي‪ ،‬ت ‪ ،279‬سنن الترمذي‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد محمد شاكر‬
‫وآخرون‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرّاني أبو العبّاس‪ ،‬ت ‪ ،728‬كتُب ورسائل وفتاوى شيخ اإلسالم‪ ،‬تحقيق عبد‬
‫الرحمن بن قاسم العاصمي النّجدي‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج عبد الرحمن‪ ،‬ت ‪597‬هـ ‪ ،‬كشف المشكل من حديث الصحيحين‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي حسين البواب‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬دار الوطن‪1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫الجويني‪ ،‬إمام الحرمين عبد الملك بن عبد هللا بن يوسف‪ ،‬ت ‪478‬هـ‪ ،‬نهاية المطلب في دراية المذهب‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد‬
‫العظيم ال ّديب‪ ،‬ج ّدة‪ ،‬دار المنهاج‪.‬‬
‫الحاكم‪ ،‬محمد بن عبدهللا أبو عبدهللا النيسابوري‪ ،‬ت ‪ 405‬هـ ‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ، ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد‬
‫القادر عطا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م ‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫الحطاب‪ ،‬محمد بن عبد الرحمن المغربي أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ، 954‬مواهب الجليل لشرح مختصر خليل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الفكر ‪ ،1398‬ط الثانية‪.‬‬
‫حيدر‪ ،‬علي ‪ ،‬درر الحكام شرح مجلة األحكام ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬تعريب‪ :‬المحامي فهمي الحسيني‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫الخازن‪ ،‬عالء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي‪ ،‬ت ‪725‬هـ ‪ ،‬تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني‬
‫التنزيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر ‪1399‬هـ ‪1979/‬م‪.‬‬
‫الخرشي‪ ،‬محمد بن عبد هللا الخرشي المالكي أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪1101‬هـ‪ ،‬شرح مختصر خليل‪ ،‬دار الفكر للطباعة ‪-‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫الدردير سيدي أحمد أبو البركات‪ ،‬ت ‪ ، 1201‬الشرح الكبير‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد عليش‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪1428 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪2007‬م‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫ابن دقيق العيد‪ ،‬محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري‪ ،‬تقي ال ّدين أبو الفتح‪ ،‬ت ‪702‬هـ ‪ ،‬إحكام األحكام شرح‬
‫عمدة األحكام‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪261‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية ( ‪) 264-236‬‬
‫الرّازي‪ ،‬محمد بن عمر بن الحسين الرازي‪ ،‬ت ‪ ، 606‬المحصول في علم األصول‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬تحقيق ‪ :‬طه جابر فياض العلواني ‪ -‬الرياض ‪ ، 1400 -‬ط األولى‪.‬‬
‫ابن رشد‪ ،‬محمد بن أحمد بن محمد القرطبي أبو الوليد‪ ،‬ت ‪ ، 595‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫الزرقا‪ ،‬أحمد بن الشيخ محمد ت ‪1357‬هـ ‪ ،‬شرح القواعد الفقهية‪ ، ،‬تحقيق ‪ :‬صححه وعلق عليه مصطفى أحمد‬
‫الزرقا‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم ‪1409 -‬هـ ‪1989 -‬م ‪ ،‬ط الثانية‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬محمد بن بهادر بن عبد هللا الزركشي أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ، 794‬المنثور في القواعد‪ ،،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬تيسير فائق‬
‫أحمد محمود‪ ،‬الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية ‪ ، 1405‬ط الثانية‪.‬‬
‫أبو زهرة محمد‪ ،‬الملكية ونظرية العقد‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫زيدان‪ ،‬د عبد الكريم‪ ،‬الوجيز في أصول الفقه‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسّسة الرّسالة‪ ،‬ط(‪1425 )1‬هـ ‪2004 -‬م‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫الزيلعي‪ ،‬جمال الدين عبد هللا بن يوسف بن محمد الوفاة‪762 :‬هـ ‪ ،‬تخريج األحاديث واآلثار الواقعة في تفسير الكشاف‬
‫للزمخشري‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد هللا بن عبد الرحمن السعد‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار ابن خزيمة ‪1414 -‬هـ ‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫ابن السبكي‪ ،‬تاج الدين أبي النصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي ت ‪646‬هـ ‪ ،‬رفع الحاجب عن مختصر ابن‬
‫الحاجب‪ ،‬تحقيق ‪ :‬علي محمد معوض‪ ،‬عادل أحمد عبد الموجود بيروت‪ ،‬عالم الكتب ‪1999‬م ‪1419 -‬هـ ‪ ،‬ط‬
‫األولى‪.‬‬
‫ال َّس َر ْخسي‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬ت ‪ ،483‬المبسوط‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬
‫الشاطبي‪ ،‬إبراهيم بن موسى اللَّخمي الغرناطي المالكي‪ ،‬ت ‪ ،790‬الموافقات في أصول الفقه‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد هللا دراز‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬
‫الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ،204‬األم‪ ،‬بيروت ‪ -‬دار المعرفة ‪ ، 1393‬ط الثانية‪.‬‬
‫الشنقيطي‪ ،‬محمد األمين بن محمد بن المختار الجكني‪ ،‬ت ‪1393‬هـ‪ .‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬تحقيق‬
‫‪ :‬مكتب البحوث والدراسات بيروت‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪1415 .‬هـ ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫الشيباني‪ ،‬محمد بن الحسن أبو عبد هللا‪ ،‬ت ‪ ،189‬الحجة على أهل المدينة‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مهدي حسن الكيالني القادري‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬عالم الكتب ‪ ، 1403‬ط الثالثة ‪.‬‬
‫ابن ضويان‪ ،‬إبراهيم بن محمد بن سالم ‪ ،‬ت ‪ ،1353‬منار السبيل في شرح الدليل‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عصام القلعجي‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫مكتبة المعارف ‪ ، 1405‬ط الثانية ‪.‬‬
‫ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر ‪ ،‬التحرير والتنوير ‪ ،‬تونس‪ ،‬دار سحنون للنشر والتوزيع ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫الطحاوي‪ ،‬أبو جعفر أحمد بن محمد بن سالمة الطحاوي‪ ،‬ت‪ ،321‬شرح مشكل اآلثار‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1408 ،‬هـ ـ ‪1987‬م‪.‬‬
‫الظاهري‪ ،‬علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد‪ ،‬ت ‪ ،456‬ال ُم َحلّى باآلثار‪ ،‬تحقيق‪ :‬لجنة إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار اآلفاق الجديدة‪.‬‬
‫العسقالني‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل‪ ،‬ت ‪ ،852‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محبّ الدين‬
‫الخطيب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬
‫العطار ‪ ،‬حسن ‪ ،‬ت ‪ ، 1250‬حاشية العطار على جمع الجوامع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م ‪ ،‬ط‬
‫األولى‪.‬‬
‫الفخر الرّازي‪ ،‬محمد بن عمر التميمي الرّازي الشافعي‪ ،‬ت ‪ ،604‬التفسير الكبير‪ ،‬أو مفاتح الغيب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫الفخر الرازي‪ ،‬محمد بن عمر بن الحسين الرازي‪ ،‬المحصول‪ ،‬تحقيق طه جابر فياض العلواني‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة‬
‫اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪1400 ،‬هـ‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫الكاساني‪ ،‬عالء الدين ‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ، 1982‬ط الثانية‪.‬‬
‫مجلّة الشريعة والقانون – العدد الثالث والعشرون – ربيع األول ‪1426‬هـ ‪ ،‬مايو ‪2006‬م‪ ،‬قرارات وتوصيات‬
‫الدورة السادسة عشرة لمجلس مجمع الفقه اإلسالمي الدولي‪ ،‬التي انعقدت في اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬دبي‪،‬‬
‫‪1426‬هـ ‪2005 -‬م‪.‬‬
‫المرداوي علي بن سليمان أبو الحسن ت ‪ ، 885‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذهب اإلمام أحمد بن‬
‫حنبل‪ ، ،‬تحقيق ‪ :‬محمد حامد الفقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬

‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬ ‫‪262‬‬
‫محمد جنيد بن محمد نوري الدّ يرشوي ( ‪) 264-236‬‬
‫المرغياني‪ ،‬أبي الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الرشداني ‪ ،‬ت ‪593‬هـ ‪ ،‬الهداية شرح بداية المبتدي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫المكتبة اإلسالمية‪.‬‬
‫مسلم‪ ،‬أبو الحسين بن الحجّاج بن مسلم القشيري النيسابوري‪ ،‬ت ‪ ،261‬صحيح مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪.‬‬
‫المقدسي‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن قدامة‪ ،‬ت ‪682‬هـ) ‪ ،‬الشرح الكبير‪.‬‬
‫المقدسي‪ ،‬ابن قدامة عبد هللا بن أحمد أبو محمد‪ ،‬ت ‪ ، 620‬المغني في فقه اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الفكر ‪ ، 1405‬ط األولى‪.‬‬
‫ابن الملقّن‪ ،‬سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد األنصاري الشافعي‪ ،‬ت ‪ ،804‬البدر المنير في تخريج‬
‫األحاديث واألثار الواقعة في الشرح الكبير‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى أبو الغيط وعبدهللا بن سليمان وياسر بن كمال‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬الرياض ‪1425‬هـ ـ ‪2004‬م‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم اإلفريقي المصري‪ ،‬ت ‪ ،711‬لسان العرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط األولى‪.‬‬
‫النفراوي‪ ،‬أحمد بن غنيم بن سالم المالكي‪ ،‬ت ‪ ، 1125‬الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫دار الفكر ‪.1415‬‬
‫النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي‪ ،‬ت ‪ ،676‬روضة الطالبين وعُمدة المفتين‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتب‬
‫اإلسالمي ‪1405‬هـ‪ ،‬ط الثانية‪.‬‬
‫النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي‪ ،‬ت ‪ ، 676‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ‪ ، 1392‬ط الثانية‪.‬‬

‫‪263‬‬ ‫املجلد ‪ 12‬العدد ‪2‬‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫ديسمرب ‪2015‬م‬
) 264-236 ( ‫مشاركة املرأة العاملة يف النفقات املنزلية لبيت الزوجية‬

The Participation of the Working Woman in the


Expenses of the Marital Household

Muhammed Jouneid M.N. Aldeirshawy


College of Arts - King Faisal University
Hofuf - KSA

Abstract
This paper, which consists of a preface and two sections, is a study in Islamic
jurisprudence. It attempts to answer a question posed by Muslims living in
Western countries as well as those living in Muslim countries today. The question
is: Is there legal evidence that can be built upon to oblige working women to
participate in marital household expenses?

Islamic law has enjoined the husband to give the wife her adequate expenditures,
and her expenses constitute part of the household expenses, which are divided
into two parts: the wife’s expenses and other expenses.

The preface explains the nature of the relationship between spouses in Islam,
which is based on mutual consent; compromise and agreement is the norm.
Litigation to settle problems is the exception. Islamic law has determined the
provisions of both cases.

The first section of the paper discusses the requirement of the marriage contract
in regard to the wife’s expenses, and if it is permissible that the husband may
eliminate it.

The second section deals with the wife’s participation in other household
expenses, based on the meaning of”‘qiwamah” decreed by Islam on the husband.
The paper investigates its reasons and its relation to the philosophy of Islam in
organizing and planning the family .

Finally, the paper ends with a conclusion and discussion of the results.

2 ‫ العدد‬12 ‫املجلد‬ ‫مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية‬ ‫م‬2015 ‫ديسمرب‬ 264

You might also like