ترجمة الحبيب علي بن محمد الحبشي
ترجمة الحبيب علي بن محمد الحبشي
ترمجت عٍ صاحب احلىنيت :سيدَا اإلياو ،انقطب اهلًاو ،انعارف باهلل ،واندال عهيه ،
ذو املقاياث واألحىال ،وصاحب انفيىضاث انعىال ،حايم رايت اندعىة واإلرشاد ،
وَاشر نىاء انتعهيى واإليداد ،خهيفت انعصر ،وخنبت اندهر ،قطب اندوائر ،وإياو
األكابر ،ذو املقاو األسنى ،وانرتبت انعانيت انعظًى ،حبر انعهىو واملعارف ،وينبع
األسرار وانهطائف ،سهطاٌ انعارفني ،وقائد ركب انعاشقني ،اجملًع عهى جالنته
وإيايته وعهى يرتبته ،انقطب املكني َ ،ىر انديٍ ،أبى عبد اهلل احلبيب ( :عهي بٍ
املتىفى :ظهر يىو األحد ،يف انعشريٍ يٍ شهر ربيع اآلخر ،عاو 3111هـ
نسبته الشرٌفة
وأما والدته :فهً السٌدة الصالحة ،العارفة باهلل تعالى والداعٌة إلٌه :
علوٌة بنت حسٌن بن أحمد الهادي الجفري ،كانت رضً هللا عنها ذات علم
وعقل ،وتعلٌم ألهل الجهل ،وحكمة وفضل ،لها الٌد الطولى فً الدعوة
إلى هللا تعالى ،وتعلٌم النساء ما أوجب هللا ،وقد خصها هللا بخصوصٌات ،
وأكرمها بهبات وافرات .
وأما إخوانه فهم :عبد هللا ،وحسٌن ،وأحمد ،وشٌخ ،وعبد القادر ،
وأكبرهم الحبٌب عبد هللا .
( )1وهو الذي ٌنتسب إلٌه السادة (آل الحبشً) ،وإنما لقب الحبشً ؛ ألنه أطال السفر
وال َغٌبة فً الحبشة ،ومن أهم أغراضه الدعوة إلى هللا بها ،زهاء عشرٌن سنة .
و(الحبشً) بفتح الحاء والباء كما هو معلوم ،ولكنهم ٌسكنون الباء ؛ للتخفٌف ،وبعض
اهـ المعجم اللطٌف صـ. 11 أهل الحجاز ٌكسرون الحاء مع سكون الباء .
ٕ
والدته ونشأته
كان مٌالده رضً هللا عنه ٌوم األربعاء ٕٗ ،شوال ،عام ٕٔ٘1هـ ،بقرٌة
َق َسم الشهٌرة ،ذات الخٌرات الكثٌر ،بسبب انتقال والده إلٌها للدعوة إلى هللا
تعالى والتعلٌم بأمر شٌخه الحبٌب العارف باهلل عبد هللا بن حسٌن بن طاهر
رضً هللا عنه .
وقد سماه الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن طاهر (علٌاً) ؛ تبركا ً باسم سٌدنا
لسر ٌعرفه أولٌاؤه العارفون،علً خالع قسم ،ولسرٍّ رآه فٌه ،والعلم عند هللا ٍ
وأمناؤه المخلصون .
ونشأ فً حجر والدته العابدة القانتة الشرٌفة ،وقرأ القرآن على المعلم
الصالح :عبد الحمٌد بن سعٌدان عُـبُّـ ِده ،وعمره إذ ذاك (ثمان سنٌن) .
وقد كان ٌدهش شٌوخه فً (قسم) وغٌرهم من شدة ذكائه وقوة فهمه ،حتى
أن شٌخه العالمة الحبٌب عمر بن حسن الحداد صارح أباه بمكة مستحسنا ً
انتقاله إلى موطنه سٌئون ؛ لٌكون المٌدان العلمً متسعا ً لجوالته الموفقة .
فكتب إلٌه والده الحبٌب محمد بن حسٌن وهو -أي والده -بمكة المحمٌة ،
وأمره بأن ٌتحول إلى سٌئون بعد أن ٌزور الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن
طاهر بـ(المسٌلة) ،وٌطلب منه صالح الدعاء ؛ ألنه شٌخ الحبٌب محمد
المذكور ..ففرح به الحبٌب عبد هللا وحط نظره علٌه ،وبشره ببشاٌر عظٌمة
ظهرت علٌه ثمرتها وعادت بركتها .
وقد قال الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن طاهر له -أي للحبٌب محمد بن حسٌن:-
( ال تهتم بتربٌة أوالدك ،فعلً تربٌتهم ) ؛ ٌعنً من حٌث الباطن .
ٖ
ومن مجموع كالم الحبٌب علً رضً هللا عنه ،قال :
كان والدي محمد بن حسٌن فً مكة ما ٌخلٌنا نخرج عرض الدار إال
للمدرس ونرجع حاالَ ،قال :أنا خائف علٌكم من جلساء السوء ،وأما فً
البٌت ..نلعب نحن وإٌاه مرة .
وقال رضً هللا عنه :نحن والدي عاملنا معاملة إخوان ،ما هً معاملة
أوالد ٌ ،سفط معنا ،إذا الكزمة بٌد واحد مننا ..أخذها منه وأكلها ،وإذا
لحقنا شًء بٌده ..أخذناه منه وأكلناه ،ولك ّنه ما ٌخلًّ الجلٌس ٌخالطنا ،حتى
السوق ما ٌخلٌنا ندخله .
وقال رضً هللا عنه ( :ما ضرنا ٌا العلوٌٌن إال مخالطة األضداد ،كان
والدي رضً هللا عنه لما كنا معه فً مكة ..ال ٌأذن لنا فً الخروج للصالة
فً الحرم ،وٌقول :صلوا معً ،والذي باتحصلونه من صالة الحرم ..
باٌحصل لكم وأنتم عندي .
وإذا قمنا بانلعب كرة أو نستبق فً الحوش ٌ ..حضر عندنا وٌقول :إن
باتنامون أو باتلعبون وال تخرجون من البٌت ؛ ألنكم باتجتمعون بمن ٌضركم
االجتماع به ،فكانت له رعاٌة بنا من مخالطة األضداد ) .
ٗ
من أبرز شٌوخه األعالم
الحبٌب العارف باهلل والدال علٌه :أحمد بن عمر بن سمٌط ،رضً هللا
عنه ،وكان الحبٌب علً كثٌر الثناء علٌه ،وقد ٌستغرق المجلس كله ثنا ًء
علٌه ،وقال :أجمع أهل عصره ،على أنه تولى القطبٌة فً عصره ،بسبب
نشر الدعوة العامة .
ومن شٌوخه الكرام :الحبٌب القطب العارف باهلل :أبو بكر بن عبد هللا
العطاس -رضً هللا عنه ، -أخذ عنه ،وانقطع إلٌه ،وفُتح له على ٌدٌه فتحا ً
مطلقا ً ،وألبسه وأجازه وح ّكمه ،وأورثه سراً ال ٌُذاع ،وانتسب إلٌه نسبة
كاملة ،وهو أكبر مشاٌخه وأجلهم وأعظمهم ،وانتفع به انتفاعا ً كثٌراً فً
الحٌاة وبعد الممات .
وكان أول اجتماع للحبٌب علً بالحبٌب أبً بكر بالشحر ثم المكال ،مع
سفره إلى الحرمٌن الشرٌفٌن للحج ،عام (ٕٔ2ٙهـ) .
وقد اجتمع به مرة أخرى فً سٌئون ،وذلك بعد رجوع الحبٌب علً من
الحرمٌن ،عام (ٕٔ21هـ) .
وكان صاحب الترجمة فانٌا ً فً شٌخه المذكور ،حتى مأل بذكره المسامع
فً كالمه المنظوم والمنثور .
وٌحق للقائل أن ٌقول ( :شٌخ كأبً بكر العطاس ،و ُمرٌد كعلً الحبشً ..
وإال فال ) .
ومن شٌوخه الكرام :والده الحبٌب العالمة مفتً الشافعٌة ببلد هللا الحرام :
محمد بن حسٌن الحبشً -رضً هللا عنه ، -وقد تربى سٌدنا الحبٌب علً
تحت رعاٌته وتوجٌهاته وإرشاداته .
الحبٌب العارف باهلل :محسن بن علوي السقاف رضً هللا عنه .
٘
الحبٌب العارف باهلل :عبد الرحمن بن علً السقاف رضً هللا عنه .
الحبٌب العارف باهلل :أحمد بن محمد المحضار رضً هللا عنه .
الحبٌب العارف باهلل :عٌدروس بن عمر الحبشً رضً هللا عنه .
وقد حضر درس الحبٌب الحسن بن صالح البحر الجفري ،وأخذ عنه ،
ولم ٌزل ٌعوّ ل على مجالسه والتماس بركاته ،وعلى الحبٌب عبد هللا بن
حسٌن بن طاهر ..حتى قرّ ت له العٌن بكمال الحسنٌٌن .
وسُئل الحبٌب علً :هل اجتمعتم بالحبٌب عبد هللا بن عمر بن ٌحٌى ؟
فقال :ال ،وهو عظٌم الحال ،وهو عُمري زمانه .
وقال رضً هللا عنه :أما الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بلفقٌه ..فقد
ُ
اجتمعت به وسنً فً ذلك الوقت خمس سنٌن ،وعرفته غاٌة المعرفة ،فإلى
اآلن إذا تخٌلت ذاته ..الحت لً .
وقد اجتمع بالسٌد محمد بن عبد الباري األهدل رضً هللا عنه ،بالمراوعة
بالٌمن ،وكتب له اإلجازة بٌده .
وقد أدرك دوراً مهما ً من حٌاة الحبٌب صالح بن عبد هللا العطاس رضً
هللا عنه ،وشغف بشمائله ،وتطلع إلى األخذ عنه مباشرة ،فلم تسعفه
الظروف بذلك ،فصار أخذه عنه بواسطة الحبٌب أبً بكر .
ٙ
انطواء الحبٌب علً الحبشً فً الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن طاهر
كان سٌدنا الحبٌب علً منطوٌا ً فً الحبٌب عبد هللا ،وفانٌا ً فٌه ،ومنطرحا ً
لدٌه ،وقد كان والده الحبٌب محمد بن حسٌن طلب من الحبٌب عبد هللا :أن
ٌحط نظره علٌه ،وٌالحظه وٌراعٌه ،حتى كان انتقال الحبٌب علً من قسم
إلى سٌئون بعد استشارته ومروره علٌه بالمسٌلة ،وأخذ من نصائحه
وتوجٌهاته .
ومن كالم الحبٌب علً الحبشً لما ذكر أعلى طبقة من مشاٌخه ،وهما
الحبٌب عبد هللا بن حسٌن ،والحبٌب حسن بن صالح ،قال :
( وهُما إمامان عظٌمان ،كانا غرة فً جبهة الدهر ،ورحمة تفضّل هللا بها
على أهل هذا العصر وال ُقطر ،وقد اطلعت من علومهم وأعمالهم وتقلبهم فً
أحوالهم ما أٌقنت أن لهما الوراثة الكاملة للسٌد األعظم -صلى هللا علٌه وآله
وسلم ، -فاهلل ٌرضى عنهم ،وٌرضى عنا بهم ،وٌرزقنا صدق الوفاء
بحقهم ،وكثٌراً ما تتشوق نفسً إلى تدوٌن نموذج فً س ٌَر هذٌن اإلمامٌن ،
أتسلى به فً زمانً بما ٌذهب عنً الكدر والرٌن ،فلم تسعف األوقات
بفرصة نجتنً بها حالً تلك الثمرات ،وقد أخذ عن هذٌن اإلمامٌن جُ ل أهل
عصرهم ،وأكثر أهل قطرهم ) .
ومن كالمه أٌضا ً :أن الحبٌب عبد هللا ورده فً صغره {سبعون ألف} مرة
من (ال إله إال هللا) ،وقال :إذا تخٌلت صورته ..إلى اآلن صورته ُتذ ّكرك
باهلل ،ما هو من كتاب ،كله علم ،إن صلى وإن قام ،وإن نام ،وإن مشى
وإن أكل ،بذل جهده فً الدعوة إلى هللا تعالى ،وإذا جٌت عنده ..قال لك:
هات ما معك كله وأسرعْ َعلًَ ؛ ألنه مشغول بربه .
ولما ذكر المسٌلة وأٌام الحبٌب عبد هللا ..قال :جنة الدنٌا المسٌلة ،أٌام
الحبٌب عبد هللا ،الوافد علٌه من كل مكان ،العالم والعابد ،والعارف
2
والمجذوب ،والدروٌش ،والفقٌر والغنً ،ولما ٌقعد الحبٌب فً الروحة ..
ٌملً من العلوم ،والذٌن ٌقرؤون عنده من فحول الرجال ،جنة الخلد هاتٌك
المجالس بنفسها ،القارئ ٌقرأ ،والدخون ٌُدار ،والقهوة ُتطبخ ،والعطر
ٌنفح حتى فً المطارٌق ،وإذا صلوا المغرب ..دخل الحبٌب عزلته بوجه
كالقمر .
ومن كالمه -رضً هللا عنه ، -قال :
( رح َم هللا الوالد محمد ،كانت تأتٌه ُحمى شدٌدة ،وأخذت فٌه عشرٌن سنة ،
فإذا ابتدت فٌه الحمى ..جلسنا نكبّس رجلٌه ٌ ،قول لنا :اذكروا لً الحبٌب
عبد هللا بن حسٌن بن طاهر ،فإنً أحس الحمى تذهب بذكره ،فنذكر له
أٌامه مع الحبٌب عبد هللا ..فتزول منه الحمى حاالً ) .
وقد أرسل إلٌه والده عام (ٕٔ2ٙهـ) ،لطلب الوصول إلى مكة المكرمة ؛
ألداء النسكٌن ،وللعكوف على الطلب علٌه وعلى مشاٌخ الحرمٌن .
فامتثل أمره ،وسافر إلى مكة ،وأدى النسكٌن ،وعكف على ال ِجد
واالجتهاد ،مع إخوانه األمجاد ؛ لطلب العلم النفٌس ،فً فقه ابن إدرٌس ،
وعلم النحو واللغة .
وأخذ عن والده اإلمام ،مفتً الشافعٌة بالبلد الحرام ،وعن السٌد الفاضل ،
العالم العالمة :أحمد زٌنً دحالن رضً هللا عنه ،وعن الشٌخ النبٌل
الحفٌل :محمد بن سالم بابصٌل رحمه هللا ،وغٌرهم .
1
عودته إلى سٌئون وإقامته بها
وبعد أن أقام بمكة نحو سنتٌن ..عاد إلى بلد سٌئون عام (ٕٔ21هـ) ،وأقام
بها على طلب العلم ونشره ،تعلما ً وتعلٌما ً ،وإفاد ًة واستفاد ًة ،وأخذ عنه
الكثٌر من الجم الغفٌر من أهل سٌئون وغٌرها ،وسلكوا على ٌدٌه ،
وأوصلهم إلى ما قسم هللا لهم .
وكان رضً هللا عنه ٌتردد إلى البلدة الغناء ترٌم ،وأخذ عن أهلها ومن بها
مقٌم ،من كل َحبر علٌم .
وأخذ فٌها عن الحبٌب عمر بن حسن الحداد رضً هللا عنه ،وغٌره من
األكابر ،وكل معاصر ؛ مثل فقٌه الزمان ،اإلمام العالمة عبد الرحمن بن
محمد المشهور رضً هللا عنه ،ومحًٌ النفوس :علً بن عٌدروس بن
شهاب الدٌن رضً هللا عنه ،واإلمام العارف باهلل تعالى :عمر بن
عبد الرحمن بن شهاب الدٌن رضً هللا عنه .
وأقبل علٌه أهل تلك البلد وغٌرهم ممن تفرسوا فٌه .
وكان ٌذهب دائما ً لزٌارة نبً هللا هود -علٌه وعلى نبٌنا أفضل الصالة
والسالم ، -وٌحرض الناس علٌها ،وقد ذكرها كثٌراً فً أشعاره .
1
تصدره للتدرٌس ونشر العلم ،وجلوسه فً مسجد حنبل
تصدر رضً هللا عنه للتدرٌس ونشر العلم الشرٌف ،والدعوة إلى هللا
تعالى ،وبناؤه الرباط لطلبة العلم ،ومسجد الرٌاض ،وإقامته االحتفال
السنوي الكبٌر ؛ لقراءة قصة المولد النبوي الشرٌف ،واجتماع الناس له من
محالت بعٌدة ،وحضور العلماء والوجهاء من مختلف الجهات ،وإلقاء
المواعظ وتذكٌر الناس ،واإلنفاق علٌهم ،واستقبالهم بصدر رحب وفرح
وبشاشة للجمٌع ،مما ال ٌنكره إال مكابر أو معاند .
وكان أول أمره :بدأ جلوسه ودروسه فً مسجد (حنبل) بمدٌنة سٌئون ،
وأقبل الناس لحضور دروسه ،وسماع مواعظه ومذاكراته .
ودرّ س فً كثٌر من العلوم ،وخاصة فً علم النحو ،الذي انتشر بواسطته
انتشاراً كبٌراً ،ودرّ س الناس فً علم الفقه والحدٌث والتصوف ،وغٌر ذلك
من العلوم الشرعٌة .
وٌذكر الحبٌب علً عن أٌامه األولى فً مسجد حنبل ،فٌقول :أٌام أنا فً
مسجد حنبل الذٌن ٌحضرون مدرسنا نحو {أربع مائة نفر} .
وفً {مجموع كالمه} قال :ولما سمع مؤذن مسجد حنبل للعشاء َ ..ذكر
وقت إقامته بمسجد حنبل ومحلته بجواره ،فقال رضً هللا عنه :مضت لً
(ثالثون) سنة فً هذه البقعة فً مسجد حنبل ٌ ،ظلً وٌبٌت مسجد حنبل حً
بالذكر والتالوة والمذاكرة العلمٌة .
ٓٔ
بناؤه الرباط لطلبة العلم ،ومسجد الرٌاض
قال الحبٌب أحمد بن عبد الرحمن -رضً هللا عنه -فً {األمالً} فً
ترجمة شٌخه الحبٌب علً رضً هللا عنه :ومما أقامه هللا فٌه وأجراه على
ٌده ..االهتمام بكفاٌة طلب العلم الشرٌف ،وبذل الهمة فً عمارة األربطة ،
وإجراء النفقات على من نزل بها ،وانقطع لحفظ القرآن العظٌم وتعلمه ،
وتعلم العلم الشرٌف فقها ً ونحواً وحدٌثا ً وتفسٌراً وآلة .
حتى نفع هللا به الكثٌر ،وانتشر منه الدعاة إلى هللا بالحكمة والموعظة
الحسنة ،والرحمة وقبول الكلمة ،والنصٌحة واإلصالح فً سائر العباد ،
الحاضر منهم والباد ،فً كثٌر من البالد ،من أهل بلده وجهته وغٌرهم .
وقد قٌلت أبٌات وأشعار فً هذا المسجد وفً الرباط ،مثبتة فً ترجمة
الحبٌب علً الحبشً ؛ ككتاب (فٌوضات البحر الملً) .
وفٌه ذكر بعض المرائً والمبشرات فً هذا الرباط ..فانظرها .
ٔٔ
من تالمذته واآلخذٌن عنه
اعلم :أنه قد أخذ عن سٌدنا علً واستمد منه وانتفع به :الجم الغفٌر ،
واألعداد الكثٌرة التً ال ُتعد وال ُتحصى .
فقد جلس للتدرٌس ونشر العلم منذ صغره ،وقد قرأ علٌه وانتفع به أعداد
كثٌرة من الناس ،فمن كبار تالمذته :
الحبٌب عمر بن حامد بن عمر السقاف ،وأخٌه الحبٌب محمد بن حامد
السقاف رضً هللا عنهم .
الحبٌب أحمد بن عبد الرحمن السقاف ،وأخٌه الحبٌب جعفر بن
عبد الرحمن السقاف ،وأخٌه الحبٌب عبد القادر رضً هللا عنم .
الحبٌب شٌخ بن محمد بن حسٌن الحبشً ،وابنه أحمد ،وأوالد سٌدنا
الحبٌب علً :وهم عبد هللا ومحمد وأحمد وعلوي رضً هللا عنهم .
الحبٌب عمر بن محمد بن سقاف مولى خٌلة رضً هللا عنه .
الحبٌب محمد بن هادي السقاف رضً هللا عنه .
الحبٌب عبد هللا بن عمر الشاطري رضً هللا عنه .
الحبٌب محمد بن حسن عٌدٌد رضً هللا عنه .
الحبٌب محمد بن عٌدروس الحبشً رضً هللا عنه ،وقد تعلق به تعلقا ً
كبٌراً ،وتتلمذ له ،وجمع صٌغ صلوات على النبً -صلى هللا علٌه وآله
وسلم -من مكاتبات الحبٌب علً ،وسماها ( :مجمع اللطائف العرشٌة فً
الصلوات الحبشٌة على ٌتٌمة عقد الجواهر القرشٌة سٌدنا محمد صلى هللا
علٌه وآله وسلم ) .
ٕٔ
الحبٌب مصطفى بن أحمد المحضار ،وأخٌه الحبٌب محمد بن أحمد
المحضار رضً هللا عنهم .
الحبٌب علوي بن عبد الرحمن المشهور رضً هللا عنه .
الحبٌب علً بن عبد الرحمن المشهور رضً هللا عنه .
الحبٌب عمر بن عٌدروس العٌدروس ،وأخٌه الحبٌب عبد هللا بن
عٌدروس العٌدروس رضً هللا عنهم .
الحبٌب عبد الباري بن شٌخ العٌدروس رضً هللا عنه .
الشٌخ أحمد بن عبد هللا بن أبً بكر الخطٌب رحمه هللا .
الحبٌب عمر بن عبد هللا الحبشً رضً هللا عنه .
الحبٌب سالم بن حفٌظ ابن الشٌخ أبً بكر بن سالم رضً هللا عنه .
وهذا بعض من مشاهٌر تالمٌذه ،وهو نزر قلٌل بالنسبة للعدد الكبٌر
اآلخذٌن عن سٌدنا علً ،والمستمدٌن منه من أقطار عدٌدة .
ٖٔ
إقامته االحتفال الكبٌر السنوي للمولد النبوي
ومما أكرمه هللا به ،وأقامه فٌه ،وأظهره على ٌدٌده من خوارق العادات
المستمرة :إقامة مولد النبً العظٌم الحبٌب الكرٌم الرؤوف الرحٌم ،سٌدنا
محمد -صلى هللا علٌه وآله وسلم -فً غالب السنة ،وعند األمور المستحسنة،
وأعظمها :عمل المولد فً آخر خمٌس من شهر ربٌع األول ،من كل عام،
ودعوته من أراد هللا له الحظ الوافر ،والمدد الكامل المتواتر ،بلسان الحال
والمقال .
ومن كالم الحبٌب علً بن محمد الحبشً -رضً هللا عنه ، -قال :
( شونا ما سرت مكان أبداً ،والٌوم ما حد فً مقامً حتى الملوك ،من ٌقدر
ٌضٌف بمائة كٌس رز ،ومائتٌن رأس غنم فً ٌوم ) .
وقال رضً هللا عنه ( :فً أٌام المولد ٌجتمع نحو أربعٌن ألف نفر ،وكلهم
ننفق علٌهم ،حتى الحواج األبازٌر والحطب ..نرسله لهم ،ولكن أقمنا الدٌن
الساس قوٌناه ،أوحى هللا تعالى إلى الدنٌا ٌ :ا دنٌا ؛ من خدمنً ..فأخدمٌه ،
ومن خدمك ..استخدمٌه ) .
وكان الحبٌب علً ٌفرح بالناس ،وٌستقبل الجمٌع ببشاشة وفرح ،وصدر
رحب ،وٌكرم الجمٌع .
ٗٔ
مدرس اإلثنٌن
ورتب رضً هللا عنه مدرسا ً ٌوم اإلثنٌن من كل أسبوع ٌ ،عقده بمسجده
الرٌاض ٌ ،قرؤون فٌه ما تٌسر من القرآن العظٌم ،ثم فً كتب الحدٌث ،
ونشائد ومذاكرة ،وبعدها (الفاتحة) .
وأسسه الحبٌب علً فً مسجد الرٌاض ،وبعد وفاة الحبٌب علً ..جعله
ابنه وخلٌفته محمد فً قبة والده .
قال الحبٌب علً الحبشً مخاطبا ً للسٌد عمر بن حامد السقاف :عندنا
وقوف فً كل أسبوع ،مدرس اإلثنٌن ،شفت الجمع العظٌم .
ومن كالمه أٌضا ً :الرٌاض عندنا جنة ،أٌن تلحق مثل الصالة هاتٌك ،وإال
مثل المذاكرة العظٌمة ،والدعوات الجلٌلة .
وقال رضً هللا عنه :الٌوم وقع مدرس عندنا ،مدرس اإلثنٌن ،مدرس
عظٌم ،حضره جمع عظٌم ،وقد قرأنا فٌه {األمهات الست} .
وقال رضً هللا عنه :حضر بعض العارفٌن مدرسنا ٌوم اإلثنٌن بمسجد
الرٌاض ،وسمع المذاكرة ،وحلّت معه ،وخرج من المسجد بقلب خاشع ،
ولما كانت اللٌلة المقبلة ..رأى النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم -وهو جالس
على السرٌر وعلٌه من النور والجاللة والهٌبة ما ال ٌوصف ،ثم بعدما ذكر
الرؤٌا ..قال :هذا من بركة مدرس اإلثنٌن ،ومدرس اإلثنٌن عظٌم جم ،
وال شك أنه صلى هللا علٌه وآله وسلم حاضر .
ومن كالم الحبٌب عبد القادر بن أحمد السقاف -رضً هللا عنه : -إن والدي
ٌذكر :أن الحبٌب علً إذا باٌخرج إلى المدرس ٌ ..لبس له ثوب من الثٌاب
الفاخرة ؛ إكراما ً لحدٌث رسول هللا -صلى هللا علٌه وآله وسلم. -
٘ٔ
قوة رابطته بالحبٌب األعظم صلى هللا علٌه وآله وسلم
كان سٌدنا علً معروفا ً بمحبته العظٌمة لجده األعظم سٌدنا رسول هللا
-صلى هللا علٌه وآله وسلم ، -وتعلقه الكبٌر به ،وارتباطه وصلته العظٌمة به
علٌه الصالة والسالم .
ولسٌدنا علً منه المدد الوافر ،والرعاٌة والعناٌة واألسرار واإلمدادات ،
وله فٌه الفناء العظٌم ،والثناء العاطر الكثٌر .
فال ٌخلو مجلس من مجالسه من ذكره صلى هللا علٌه وآله وسلم ،وذكر
شمائله وأوصافه علٌه الصالة والسالم ،وله فٌه القصائد العظٌمة الطوٌلة
والقصٌرة ٌ ،ذكر فٌها تعلقه الكبٌر ،بالبشٌر النذٌر صلى هللا علٌه وآله
وسلم ،وٌذكر فٌها اتصاله به ،والرعاٌة والعناٌة التً ُخصَّ بها منه علٌه
الصالة والسالم .
وكل مجالسه واجتماعاته ٌخٌم علٌها ذكره علٌه الصالة والسالم ،فٌعطر
المجالس ،وٌزٌدها نوراً على نور ،وتغمرها البهجة والسرور .
وله البشارات الكثٌرة العظٌمة من الحبٌب صلى هللا علٌه وآله وسلم ،
والمرائً الحسنة .
وقال الحبٌب علً :أنا وأصحابً فً رعاٌة النبً -صلى هللا علٌه وآله
وسلم -؛ فقد رأٌته علٌه الصالة والسالم وقال ( :با إبنً علٌك وعلى
أصحابك سور ) .
وحصلت له مرائً كثٌرة مع الحبٌب صلى هللا علٌه وآله وسلم ،وبشره
ببشارات كثٌرة .
وقال له شٌخه الحبٌب أبو بكر العطاس :لقد عرضتك على النبً -صلى
هللا علٌه وآله وسلم -عشرٌن مرة .
ٔٙ
وكثٌر من األولٌاء والصالحٌن لهم مرائً كثٌرة ،وأنهم رأوا الحبٌب
-صلى هللا علٌه وآله وسلم -حاضراً فً مجالس الحبٌب علً ،وفً الموالد
ومدرس اإلثنٌن ،وفً زٌاراته .
من كالم الحبٌب علوي ابن شهاب -رضً هللا عنه ، -قال :
ُ
رأٌت الفقٌه المقدم ،والسقاف ، ( قال بعضهم للحبٌب علً الحبشً :إنً
والمحضار ،فقلت لهم :ترٌدون أٌن ؟ قالوا :نرٌد نحضر مجلس علً بن
ُ
قبضت بالحٌد األكبر محمد الحبشً ،لماذا ٌا حبٌب ؟ قال الحبٌب علً :أنا
محمد سٌد الوجود ،لهذا جاء بالسلف ) .اهـ تحفة األحباب صـ. ٕٗ1
وأما أشعاره ..فهً ملٌئة بذكره علٌه الصالة والسالم ،وأنه ٌحضر موالده
واجتماعاته ومجالسه ،وٌذكر محبته العظٌمة له صلى هللا علٌه وآله وسلم ،
وتعلقه الكبٌر به .
ٔ2
من أوصافه المجٌدة وأخالقه الحمٌدة
وقد جمّله هللا بالشفقة والرحمة لجمٌع خلق هللا ،وإٌصال النفع إلٌهم حسب
إمكانه .
وكان ال ٌنام حتى ٌسامح من له علٌه حق ،فمن كالمه رضً هللا عنه :
ُ
ورأٌت من أهل زمانً من شدة العداوة ما حد رآه قبلً ،ولكن ما قابلتهم (
إال بالرضا ،والحمد هلل إنً أبٌت كل لٌلة ولٌس فً قلبً شًء على أحد من
المسلمٌن ،بل إنً أدعو ألعدائً مثل ما أدعو ألصدقائً .
والحمد هلل منذ نشأت ..ما طاوعت هواي أبداً ،وقد ٌأتً إلً من ٌسمع كالم
أعدائً وٌقول لً :اد ُع علٌهم ،فأقول :ال ،بل أدعو لهم أن هللا ٌهدٌهم
وٌصلحهم .
والحمد هلل مقامً هذا له خمسون سنة ،وهو كل سنة إلى زٌادة .
هذا شًء من هللا تعالى ،ال طلبته بقلبً وال بلسانً ،بل المولى سبحانه
وتعالى تكرم به علً من غٌر طلب منً ،وهذه الجموع وإقبال الناس علً
..أكرهه ،وال أفرح إال بخلوتً مع ربً ) .
وكان رضً هللا عنه عظٌم االحترام لوالدته ،حتى كان ٌقول :لو أخذتنً
أمً إلى السوق وباعتنً ..ما تغٌر قلبً علٌها .
ومما أجراه هللا على ٌدٌه :التسبب فً اإلنفاق فً وقت الحاجات
والضرورات ،وعند وجود الفاقات ،على الفقراء والمساكٌن ،والٌتامى
والمنقطعٌن ،كل ٌوم ولٌلة بتحصٌل ما ٌقع الموقع من حاجتهم ،على عدد
أهل بٌوتهم مدة طوٌلة ؛ حتى ٌحصل الرخاء وٌرتفع البالء .
ٔ1
فهو رضً هللا عنه خلٌفة عن هللا وعن رسول هللا -صلى هللا علٌه وآله
وسلم -فً غذاء األرواح واألشباح ،والدعوة إلى الفالح والصالح ،والحفظ
من مقام االفتضاح .
وكان إذا أراد أن ٌتكلم فً مجلس وعظٍ ..بكى الناس عندما ٌستوي قائما ً
قبل أن ٌتكلم ،وفً {رحلة األشواق القوٌة} ما لفظه ( :إننا ال ندري واعظا ً
مثله ،له سلطان على األفئدة ،وتأثٌره فٌها بمجرد الشروع فً الوعظ ،
فترى القلوب خاشعة ،والصدور واجفة ،والعٌون ذارفة ،حتى من القساة
والظلمة ،متطاٌرة أصواتهم هنا وهناك ) .
وقد برع الحبٌب علً فً علم النحو إلى جانب العلوم األخرى ،ووفد علٌه
الطالب من كل مكان ،واكتسب مظهراً اجتماعٌا ً كبٌراً ،وشهرة واسعة .
وقال صاحب {تارٌخ الشعراء} :إنه لم ٌماثله فً عٌشه وفً الكرم
واستقبال الضٌوف إال السٌد أبو بكر بن عبد هللا العٌدروس (العدنً) ،
والشٌخ أبو بكر بن سالم .
وكان الحبٌب علً وافر االستقامة ،متخلِّقا ً باألخالق النبوٌة ،عادٌا ً فً
عبادته بدون غلو أو إغراق .
وكان ٌخرج كل لٌلة إلى المسجد للتهجد وقراءة القرآن حتى أذان الفجر .
ٔ1
من ثناء العلماء علٌه
ال ٌخفى على الجمٌع عظم مقام سٌدنا الحبٌب علً ،وعلو منزلته ،وذٌوع
شهرته ،ومقامه العظٌم ؛ وذلك لمعرفة الناس بأخالقه الكرٌمة ،وصفاته
الجلٌلة ،ومقابلته للناس الجمٌع ،كبٌرهم وصغٌرهم ،وظاهرهم وخاملهم ،
ومقابلة الجمٌع بصدر رحب ،وبشاشة وجه ،وكرم ال مثٌل له ،وفتح
منازله الستقبال الوافدٌن من مختلف الجهات .
وكان الحبٌب محسن بن علوي السقاف -رضً هللا عنه -كثٌر الثناء على
هو إال عب ٌد
الحبٌب علً بن محمد الحبشً ،فكان إذا رآه ٌ ..قول ( :إنْ َ
أنعم َنا علٌه ) ،وربما قال ( :و ُنرٌ ُد أن َن ُمنَّ على الذٌن اس ُتضعفوا فً
ً
أئمة َو َن ْج َعلَ ُه ُم الوارثٌن ) . األرض و َن ْج َعلَهم
وٌقول ( :جزى هللا علً حبشً خٌراً على حفظه ألوالدنا ؛ بضبط أوقاتهم
فً الرباط ) .
ومن كالم الحبٌب علً بن محمد الحبشً رضً هللا عنه ،قال :لما وصل
الحبٌب أبو بكر إلى سٌئون ،وسرت إلٌه وهو عند عمً محمد بن علً
السقاف ،فدككت الباب ،فشرف عمً محمد ،فقال له الحبٌب أبو بكر :من
ٌدق الباب ؟ فقال له :علً بن محمد الحبشً ،فقال له :خله تحت الدار ،
وال تفتح له ،وأنا أسمعه ٌوم قال له :خله تحت الدار ،فجلست وذكرت
قصة الحبٌب علً بن عبد هللا السقاف مع شٌخه الحبٌب علً بن عبد هللا
العٌدروس ،لما خلّوه تحت الدار ،وطٌّروا الغسل على رأسه ،ولم ٌتغٌر
حاله ،وبقً جالسا ً تحت الدار ..حتى فتحوا له .
قال الحبٌب علً :ثم شرف عمً محمد بن علً ..فوجدنا جالس ،فقال
للحبٌب أبً بكر :نفتح له ،قال :ال ،فصبرت حتى قال الحبٌب أبو بكر :
ٕٓ
أشرف وقل لعلً ٌ :قول عمك أبو بكر :عارضه إلى دار عبد القادر بن
حسٌن بن عمر بن سقاف ،شفه بغا عنده ،قال :سرت ،ووصل الحبٌب
أبو بكر وكشف علً ،وقال لً :شفك كما الحبٌب علً بن عبد هللا وأكبر .
وقد أشار له شٌخه الحبٌب أبو بكر بن عبد هللا العطاس -رضً هللا عنه: -
( أنه سٌكون مغناطٌس القلوب ) .
وفً {شرح الصدور} للحبٌب علً بن عبد الرحمن المشهور -رضً هللا
عنهم ، -قال كان والده الحبٌب عبد الرحمن المشهور-رضً هللا عنهٌ -قول :
( إنَّ الحبٌب علً بن محمد الحبشً صاحب قلب زٌن ونوٌر ،ومحبوب عند
هللا ،وعند النبً صلى هللا علٌه وآله وسلم ،وعند السلف ،وحمل أشٌاء ال
اهـ صـٕ٘ٔ . ُتطاق لغٌره ،وباطنه زٌن جم ) .
ومن كالم الحبٌب أحمد بن حسن العطاس -رضً هللا عنه ، -قال :
( علً الحبشً َسٌْره كله قلبً ،وأموره كلها وهبٌة ،وحركته كلها سرٌة ،
وملطوف به فً جمٌع أحواله ) .
وقال رضً هللا عنه ( :إنه وصل وٌصل إلى ما لم ٌبلغه غٌره من أقرانه
وأهل وقته ،وبلغ إلى أشٌاء لم ٌبلغها أحد ،وكان ذلك إن شاء هللا ،وسألت
عنه الحبٌب أبا بكر العطاس :هل هو فً مقام كذا ؟ فقال :فوق فوق ،بعٌد
بعٌد ) .
ومن كالم الحبٌب عبد الباري بن شٌخ العٌدروس -رضً هللا عنه ،-قال :
( إن الحبٌب علً ٌبدأ فً أوراده :
بابسم هللا موالنا ابتدٌنا ونحمده على نعماه فٌنا
قصٌدة اإلمام أبً العدنً ،وٌقول :إنً أقدمها فً أورادي ؛ ألنها احتوت
على جمٌع التوسالت ،وجمٌع المطالب كلها ) .
وقال رضً هللا عنه ( :إن الحبٌب علً بن محمد الحبشً ٌقول :إنَّ هللا
أعطانً القبول والمحبة فً قلوب جمٌع الموجودات ،حتى الجمادات ،
اهـ بهجة النفوس صـ. 12 باألولى حتى الحٌوانات ) .
ومن كالم الحبٌب أحمد بن عبد الرحمن السقاف -رضً هللا عنه ، -قال :
( إن السٌد حسٌن بن طاهر الحبشً رأى الحبٌب عبد هللا الحداد ..فقال له :
تقصد َمن بقولك :
وج َّنبه ما ٌختشٌه من الردى هدى هللا معشوق الجمال إلى الهدى
فقال :أقصد بها الحبٌب :علً بن محمد الحبشً ،والحبٌب علً بن سالم
ابن الشٌخ أبً بكر بن سالم .
وسأله عن حال بعض األولٌاء ؛ منهم الحبٌب محسن بن علوي ،وسٌدي
الوالد عبد الرحمن بن علً ،والحبٌب محمد بن علً السقاف ..فتكلم على
فضائلهم ومقاماتهم عند هللا وما فازوا به ،فقال له :والحبٌب علً بن محمد
الحبشً ..فقال :أعلى أعلى فوق فوق وفوق جم ) .
اهـ مجموع كالمه صـٗٓٔ .
ٕٕ
ومن كالم الحبٌب علوي بن محمد بن طاهر الحداد -رضً هللا عنه، -
عقب اإلنشاد بقصٌدة للحبٌب علً بن محمد الحبشً ،قال :
( إن الحبٌب علً فً األولٌاء كهارون الرشٌد فً الخلفاء من الملوك وزٌادة؛
فهارون الرشٌد ضحكت له الدنٌا بملء فٌها ،والحبٌب علً ضحكت له الدنٌا
واآلخرة بملء فٌهما ) أو كما قال .اهـ الفوائد الدرٌة صـٕٕٔ .
ومن كالم الحبٌب أبً بكر بن محمد السقاف -رضً هللا عنه -مخاطبا ً
للسٌد الفقٌه هود بن عبد هللا السقاف ( :هل أدركت الحبٌب علً الحبشً ؟ )
فقال له :نعم ،فقال سٌدنا الحبٌب ( :إن الحبٌب علً ما هو كثٌر جد وال
اجتهاد ،ولكن هللا تعالى بلّغه مراتب عالٌة ما بلغوها أهل الجد واالجتهاد ،
وكله بفضل هللا تعالى وكرمه ،وهو ٌحبنً كثٌراً ،ومُعتنً بً جم ،كما
انتهى مجموع كالمه صـ. ٔٓ1 أوالده وأكثر ) .
ومن كالم الحبٌب علوي بن عبد هللا ابن شهاب -رضً هللا عنه ، -قال :
( كان جلساء الحبٌب عبد هللا بن حسٌن بن طاهر ٌقولون :ما عرفنا أ ّنا فً
الدنٌا ..إال لما مات ولد حسٌن ،وكذلك الحبٌب علً الحبشً ؛ فإنه إذا
جلس اإلنسان فً مجلسه ٌ ..نسى أهله وأوالده ،وال ٌمل مجلسه ،قال له
الحبٌب أبو بكر بن عبد هللا العطاس :باتكون مغناطٌس القلوب ) .
اهـ :تحفة األحباب صـٗ. ٔ1
وفً {رحلة األشواق القوٌة} للشٌخ عبد هللا باكثٌر ،قال :
ومن نظر فً هذا السٌد اإلمام الهمام ٌ ..رى كسوة الجالل والبهاء شعاره
ودثاره ،والمحبة من هللا ألقٌت له ،فهو المحبب فً األمة المحمدٌة ،ولقد
أعطً من حسن التعبٌر ،ما ٌعلم أنه مأذون له من اللطٌف الخبٌر ،فهذه
أوصاف الكمال وأخالق الرجال .
هم الرجال وعٌب أن ٌُقال لمن لم ٌتصف بمعانً وصفه رجل ُ
ٖٕ
وقال الشٌخ العالمة ٌوسف النبهانً فً إجازته للحبٌب شٌخ بن محمد
الحبشً ( :وحصلت بٌنً وبٌن الحبٌب علً مكاتبات ،واطلعت من آثاره
وفصٌح أشعاره ،وطٌب أخباره ،ومعارفه اإللهٌة ،ونفحاته النبوٌة ،ما
تحققت من بعضه فضالً عن كله :إنه بركة الزمان ،وفرد أهل العرفان ،
فوقع له فً قلبً من المحبة ما ال ٌمكن شرحه بقلم وال لسان ) .
وقد مدحه الكثٌر من الشعراء وغٌرهم بقصائد كثٌرة ،ومن الغرٌب أن
بعض الشعراء مدحه من غٌر أن ٌقابله أو ٌجتمع به ،بل بالسماع عنه ،
وانتشار صٌته ،وكما جاء فً قول الشاعر :
واألذن تعشق قبل العٌن أحٌانا ٌا قوم أذنً لبعض الحً عاشقة
ولقد أجمع علماء عصره :على أنه تولى اإلمامة الكبرى ،والوالٌة
العظمى ،والمقام العالً الجلٌل ،والرتبة الكبٌرة ،فضالً من هللا سبحانه
وتعالى ،خصه مواله بذلك .
ٕٗ
قوة االرتباط واالمتزاج بٌن الحبٌب أحمد بن حسن العطاس والحبٌب
علً الحبشً
هذا ؛ والمتأمل والمطلع على كالم الحبٌب علً ،وكالم الحبٌب أحمد بن
حسن ٌ ..عرف قوة االرتباط ،وعظٌم الصحبة والمحبة الوثٌقة بٌنهما ،وقوة
االمتزاج التً ال توصف ،حتى أصبحا كأنهما روحا ً واحدة ،وجسداً واحداً،
فأحوالهم ومقاماتهم وأسرارهم أشٌاء وهبٌة غٌبٌة ال توصف .
كٌف وشٌخهما ومربٌهما اإلمام الكبٌر القطب أبو بكر بن عبد هللا العطاس ،
هو الذي رباهم ورعاهم وخصهم وحباهم ومنحهم أسراراً .
وكان الحبٌب أحمد ٌحرص على حضور اجتماعات الحبٌب علً ،
وحضور االجتماع الكبٌر فً شهر ربٌع األول من كل عام ؛ لقراءة قصة
المولد النبوي .
وكان الحبٌب علً ٌقدم الحبٌب أحمد بن حسن للصالة ،وٌذاكر ،وكانت
بٌنهما المكاتبات والمراسالت العظٌمة ،التً كلها جواهر ثمٌنة ،حوت
كثٌراً من األسرار والمواهب .
ٕ٘
منتقٌات من كالمه
قال رضً هللا عنه :كنت متوجها ً مع بعض اإلخوان لزٌارة النبً -صلى
هللا علٌه وآله وسلم ، -فقلت :بانلقً نٌات كثٌرة صالحة ،حتى نثاب على
جمٌع ما ننوٌه ،وصرنا نعدد نٌات كثٌرة ،ثم قلنا :ال ننوي إال نٌة واحدة ،
وهً اتباع سلفنا فً هذه الزٌارة ،خصلة واحدة إذا نواها اإلنسان ..ال
ٌخاف شٌطانا ً وال غٌره ،وهً الموافقة للشارع .
وقال رضً هللا عنه :على قدر االجتهاد ٌكون العطاء ،وعلى قدر الدنو
ٌكون كشف الغطاء .
وقال رضً هللا عنه :ال داء أعظم من داء القلب ،وال مرض أشد من
مرضه ،فاحرص على إزالة ذلك المرض وذلك الداء ما أمكن .
ولو اهتم الخلق بمرض القلب كمرض الجسم ..لوجدوا األطباء بٌن
أظهرهم ،ولكن ق َّل من ٌبحث عن هذا ؛ الستٌالء سلطان النفس على العقل .
وقال رضً هللا عنه :ما شًء أضر على النفوس من مجالسة أهل
للجنان من مجالسة الزٌان .
الفلوس ،وال أنفع َ
وقال رضً هللا عنه :شف ماشً طرٌق باتوصلك ٌا اإلنسان إال
االعتراف واالنكسار .
وقال رضً هللا عنه :رؤٌته صلى هللا علٌه وآله وسلم ما تجً بالش ،ما
تجً إال بكثرة ذكره وكثرة تخٌله ،فأكثروا من ذكره ،وتخٌّل ذاته ،وأكثروا
من الصالة علٌه -صلى هللا علٌه وآله وسلم. -
وقال رضً هللا عنه :شوا ماشً أشد من داء الحسد وال ِكبر ،وأٌش أحرم
قرٌش بركة النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم -وسرّ ه ..إال حسدهم وحقدهم .
ٕٙ
وفرعون أٌش أضله عن طرٌق الهدى وأخرجه عن الملّة ..إال كبره ،
والكبر أضل أهله وأحرمهم خٌراً كبٌراً .
وقال رضً هللا عنه :استمدوا األسرار من بعضكم البعض ،وإذا حسنت
الظن بأخٌك المؤمن ..البد ما ٌظهر سرّ ه وٌم ّدك من مدده ،والمدد شوه فً
حسن الظن .
وقال رضً هللا عنه :بعد اإلنشاد بالمنفرجة :هذه القصٌدة كان سلفنا
ٌستفتحون بها الرحمة .
وقال رضً هللا عنه :شوكم كما رأٌتم تجار الزمان كثروا وكثرت
أموالهم ،شو األولٌاء كماهم ،كثروا ولكنهم استتروا .
وقال رضً هللا عنه :قد ٌقبل اإلنسان على العمل الصالح بهمة ونشاط ،
فٌعارضه كذا كذا صارف ،الشٌطان ٌدخل به فً وادي ،والنفس األمارة
تدخل به فً وادي ،والهوى ٌدخل به فً وادي ،والدنٌا تدخل به فً وادي،
وأخذته السباع هذه وقصرت همّته هاذٌك ،اله ما ٌستعٌن وٌستنصر
برسول هللا صلى هللا علٌه وآله وسلم .
تجم
ومن تكن برسول هللا نصرته إن تلقه األسد فً آجامها ِ
وهو صلى هللا علٌه وآله وسلم ٌنصره ،استنصروا بحبٌبكم محمد صلى هللا
علٌه وآله وسلم على األعداء ،وهو أعز ناصر .
وقال رضً هللا عنه :قال سفٌان الثوري ٌ :ا طالب الدنٌا لِتبرّ بها ..تركك
ً
زٌنة لها) ما قال لكم . له أب ُر وأبر ،وقال تعالى ( :إ ّنا جعلنا ما على األرض
وقال رضً هللا عنه :إذا حضرت مجلس العارف باهلل ،إذا مد ٌده ..مُد
ٌدك ،وإذا طلب اطلب مثله ،باٌصعد دعاك مع دعاه ،وإذا صلى فً محل
..صل فٌه ؛ ألنك باتسجد فً موضع قد صعد منه كم من سجود .
ٕ2
وقال رضً هللا عنه ٌ :ظهر فً كل عصر من ٌمدح الحضرة المحمدٌة
علٌها أفضل الصالة وأزكى التحٌة ،قال البرعً :
صفوه بما شئتم فوهللا ما انطوى على مثله فً الكون أ ٌم وال أب
وقال البوصٌري :
واحتكم
ِ دع ما دعته النصارى فً نب ٌِّهم واحكم بما شئت مدحا ً فٌه
ٌعنً :إنك ال تدعه بإله وال برب ،وأما بقٌة الصفات ..صفه بما أردت ،
وامدح فٌه بما أردت .
كثر اإلنسان من ذكر النبً -صلى هللا علٌه وآله وقال رضً هللا عنه :إذا ّ
وسلم -والتعلق به ..البد ما ٌقف على ما وقف علٌه سلفه ،وسلفنا كثٌر منهم
ممن ٌجتمع بالنبً -صلى هللا علٌه وآله وسلمٌ -قظة ،هللا ٌرزقنا محبته
والقرب منه .
وقال رضً هللا عنه :شكى بعض المرٌدٌن على شٌخه قوة شهوته ،وأنه
ما ٌقدر ٌمسكها ..قال له باوصٌك بثالث خصال ،إذا دعاك خاطر السوء
أذكرهن وبعد أقدم على معصٌتك ،فقال له :وما هن ؟
قال األولى :إذا دعاك خاطر السوء ..أذكر قوة ربك وشدة بطشه .
والثانٌة :اذكر إنك ضعٌف ما تقدر لعذاب ربك وسخطه .
والثالثة :اذكر إنك بمرآى من الحق ،وما تخرج من حضرته ،وال ٌغٌب
عنك .
قال :لما دعاه خاطر السوء ..ذكر قوة ربه وشدة بطشه ،وذكر أنه
ضعٌف ما ٌقدر لعذاب ربه ،وإنه بمرآى من الحق باٌشوفه ربه ..قال
فتقهقرت نفسً عن الذنب ،ولعاد دعانا خاطر السوء من تلك الساعة .
ٕ1
وقال رضً هللا عنه :قالوا :ألن تكون فً قلب العارف مرة خٌر من أن
ٌكون فً قلبك مراراً كثٌرة ؛ ألنه إذا أمطرت أمطار الجود اإللهً على قلبه
باتشاركه فٌها .
وقال رضً هللا عنه :شو سلفنا كانوا كل لٌلة ٌجمعون من َع َشاء كل واحد
حجفا ً وٌتصدقون به ،وأنتم كل واحد ٌخرج شٌئا ً من َع َشاه .
وقال رضً هللا عنه :كتب بعض المرٌدٌن إلى شٌخه ( :من الفقٌر إلى هللا
فالن) ..فعاتبه شٌخه وهجره مدة ،وقال له :كٌف تدعً مرتبة لم تعرفها
فضالً عن بلوغها ،أما علمت أن بداٌة الفقٌر ..نهاٌة الفقٌه .
قلت للحبٌب أبً بكر العطاس :كٌف معنى قولهم (بداٌة الفقٌر الصوفً
نهاٌة الفقٌه) ؟ فقال :نعم ،نهاٌة الفقٌه اإلخالص فً العمل ،وهذا أول قدم
ٌضعه الفقٌر إلى أن ٌرقى إلى العبودٌة ،الفقٌه ٌعمل وٌخلص ،لكنه ٌرى
أنه ٌعمل .
وقال رضً هللا عنه :سألت الحبٌب صالح بن عبد هللا العطاس :كٌف
سٌر أهلنا ،وكٌف الطرٌق الموصلة إلٌها ؟ فقال :سهلة ٌا ولدي ،شف أهلنا
أسسوها على خصلتٌن ،قلت له وما هما ؟ قال :الغنى عن الناس والعبودٌة
الخالصة ،قلت :ومن ال قدر علٌهما ..قال ٌ :طلبهما من هللا .
وقال رضً هللا عنه :المال إذا ما بلّغ صاحبه مقامات الكمّل من الرجال ..
ما هو مال ،هو وبال .
وقال رضً هللا عنه :الجوع ما ٌضعف اإلنسان ،ما ٌضعفه إال الهم ،فلو
أكل ما أكل وهو مهموم ..ما ٌتقوى باألكل ،ال ٌقوى اإلنسان إال إذا
استراحت روحه .
وقال رضً هللا عنه :بعد سماعه صوت الرعد ( :اللهم ارحمنا ،اللهم ال
تؤاخذنا بشؤم ما اكتسبنا ) .
ٕ1
وقال رضً هللا عنه :كان الشٌخ ابن عربً ٌقول فً بعض كتبه بدل قول
المصنف (فصل) ( :وصل) ،ونحن بغٌنا إال الوصل ما بغٌنا الفصل .
وقال رضً هللا عنه :من عند القرآن الكرٌم كٌف ٌهتم ؟ وفٌه الفرح ،
كٌف ٌفتقر ؟ وفً الغنى ،حتى الحاجات الدنٌوٌة إذا نزلت باإلنسان حاجة
وجلس قرأ القرآن بحضور قلب ووجهة خالصة ودخل على هللا من هذا الباب
الذي فتحه هللا من سابق ..باٌقضً هللا حاجته فً تلك الساعة .
وقال رضً هللا عنه :ما ٌحسر اإلنسان بعد موته على شًء من الدنٌا ..
إال عدم شبعه من تالوة القرآن وأذواقه ،ماشً ألذ للروح من تالوة القرآن .
وقال رضً هللا عنه :ما ٌقوي اإلنسان على حمل السر إال تالوة القرآن .
وقال رضً هللا عنه :قاعدة السلف فً مدارسة القرآن :أن ٌقرأ القارئ
المقرأ ،ثم ٌقرأ السامع ذلك المقرأ بعٌنه ،وهكذا ،وٌتدبرون القصة ،
وٌعتبرون بها ،وبال َم َثل واألمر والنهً والدعاء .
وقال رضً هللا عنه :التصوف ُخلُق ،فمن زاد علٌك فً األخالق ..فقد
زاد علٌك فً التصوف .
وقال رضً هللا عنه :إذا ما وافقوك أوالدك على طبعك ..أد ُع لهم فقل :
( اللهم بارك فً أوالدي واحفظهم وال تضرهم وارزقنا برهم ) .
صدق فً
ٍ وقال رضً هللا عنه :أنا إذا قرأت قوله تعالى (واجعل لً لسان
اآلخرٌن) ..نوٌت بها الذرٌة الصالحة .
وقال رضً هللا عنه :ماشً أنفع من القرب من العارفٌن باهلل ،فعلى
قربك من العارفٌن باهلل ..تقرب من هللا ورسوله صلى هللا علٌه وآله وسلم ،
وعلى بعدك منهم ..تبعد من هللا ورسوله صلى هللا علٌه وآله وسلم .
ٖٓ
كٌفٌة صالة الوتر
فائدة :قال الحبٌب علً بن محمد الحبشً -رضً هللا عنه : -إنَّ الحبٌب
أبو بكر العطاس -رضً هللا عنه -أجازنا فً كٌفٌة صالة الوتر ،والحبٌب
أبو بكر أخذها من الحبٌب حسن بن صالح البحر -رضً هللا عنه ، -وهذه
الكٌفٌة :
تقرأ فً الركعتٌن األولٌٌن بعد (الفاتحة) فً األولى ( :سورة إذا زلزلت)
مرتٌن ،وفً الثانٌة ( :ألهاكم التكاثر) ست مرات .
وفً الست الركعات بعدهما :تقرأ فً كل ركعة بعد (الفاتحة) ( :آٌة
الكرسً) مرة ،وثالث مرات من (سورة اإلخالص) .
وفً الثالث الركعات األخٌرة :السور المأثورة ( :األعلى) ( ،الكافرون) ،
اهـ فٌوضات البحر الملً صـ. ٘1 (اإلخالص) ،مع المعوذتٌن .
وعمل الحبٌب عٌدروس بن عمر الحبشً -رضً هللا عنه : -أنه ٌقرأ فً
الثمان األولى :من سورة (البروج) إلى سورة (اللٌل) ،وٌقرأ فً الثالث
الركعات األخٌرة :السور المأثورة .
اهـ مسموعا ً من كالم السٌد العالمة حسن بن عبد هللا الشاطري رحمه هللا .
ٖٔ
دٌوانه وخالداته العلمٌة
وله دٌوان شهٌر ،ووصاٌا كثٌرة ،فٌها علوم غزٌرة ،وحكم شهٌرة ،
ٌعرفها الجل الكثٌر ،من أهل العلم الغزٌر ،وٌنتفع بها من له قلب منٌر ،
اإلحالة علٌها ..أولى من النقل عند ذوي العقل ،لما له من الفضل والقول
الفصل .
وقد حوى دٌوان سٌدنا الحبٌب علً :القرٌضً (الحكمً) ،وكذلك
(الحمٌنً) الشًء الكثٌر من العلوم واألسرار واألنوار .
وهو معروف لدى الكثٌر من الناس ،فً مختلف األقطار ،وعلٌه نور
وطالوة ،وفٌه ما ال ٌأتً علٌه التعبٌر من الفصاحة والبٌان ،واألسلوب
السهل ،والعبارات الفائقة ،والمعانً العظٌمة ،واألسرار واإلشارات ،
والجواهر والدرر ،واألنفاس التً ال ٌعرفها إال أربابها وأهلها .
وقد جُمع شعره القرٌضً {الحكمً} فً (مجلد) ،وشعره الحمٌنً فً
(خمسة مجلدات).
ومن كالم الحبٌب أحمد بن حسن العطاس -رضً هللا عنه ، -قال :
( اثنان من العلوٌٌن ِشعرهما معراج ؛ أي كل بٌت متصل بما قبله وما بعده ،
وكل بٌت ما بعده أعلى منه ؛ وهما :الحبٌب عبد هللا بن علوي الحداد ،
اهـ فٌوضات البحر الملً صـٔ. ٖٙ والحبٌب علً بن محمد الحبشً ) .
ومن كالم الحبٌب علوي بن محمد بن طاهر الحداد -رضً هللا عنه، -
عقب اإلنشاد بقصٌدة للحبٌب علً بن محمد الحبشً ،قال :
( الحبٌب علً غرف من بحر المحبة ؛ أي من محبة المصطفى صلى هللا
علٌه وآله وسلم ،والمحبة تقرب البعٌد ،وتلٌّن الحدٌد ،وتلحق المراد
اهـ الفوائد الدرٌة صـ. ٔ21 بالمرٌد ) .أو كمال .
وللمترجم له :نبذة فً كرامات شٌخ فتحه العالمة السٌد أبً بكر بن
َ
عبد هللا العطاس ،ومجموعات مكاتباته ومجموعات إجازاته ووصاٌاه .
وقد جمع كالمه المنثور فً عدة مجلدات ،قام بكتابته عدد من تالمذته ؛
منهم سبطه السٌد عمر بن محمد بن سقاف مولى خٌلة .
والحبٌب حسٌن بن عبد هللا بن علوي الحبشً صاحب ثبً .
والحبٌب محسن بن عبد هللا السقاف دفٌن الصولو .
والحبٌب أبو بكر عطاس بن عبد هللا الحبشً ،وغٌرهم .
ٖٖ
وكل كالمه غرر و ُدرر ،ولو لم ٌقل صاحب الترجمة مدة حٌاته إال هذه
الجملة التً جمعت بٌن علمً الظاهر والباطن فً قصة المولد ،وهً قوله :
( خلق الخلق لحكمة ،وطوى علٌها علمه ) ..لكانت فوق الكفاٌة وغاٌة
انتهى :تاج األعراس جٕ صـ. ٔ22 الغاٌة ،وإلى ربك النهاٌة .
وقد جُمعت أدعٌته وصٌغ صلواته على النبً -صلى هللا علٌه وآله وسلم، -
بكٌفٌات مختلفة فً كٌفٌة تبوٌبها ،فبعضها جمعها الحبٌب أحمد بن حسٌن
الحبشً ،وبعضها جمعها الحبٌب محمد بن عٌدروس الحبشً ،وسماها :
(اللطائف العرشٌة من الصلوات الحبشٌة) .
ولتلمٌذه العالمة السٌد أحمد بن أبً بكر بن سمٌط (صاحب زنجبار) :
شرح هذه الصالة ( :اللهم ص ِّل وسلِّم باللسان الجامعة . )...
ٖٗ
مولد سمط الدرر
ومما أجراه هللا على ٌدي الحبٌب علً الحبشً :تألٌف المولد العظٌم البلٌغ
البدٌع ،الذي ع َّم به االنتفاع ،وشاع وذاع فً جمٌع البقاع ،وال تزال تتلذذ
به األسماع ( :سمط الدرر فً أخبار مولد خٌر البشر ) .
وقد جاء فً مكاتبة له من سٌئون إلى أخٌه العالمة حسٌن فً مكة تارٌخها
( )ٕ2شعبان (ٖٕٔ2هـ) قال فٌها :
( وقد ألّفنا هذه السنة نبذة فً ذكر مولد المصطفى سمٌناها {سمط الدرر فً
أخبار مولد خٌر البشر} جاءت على أسلوب حسن ،تبعث من المحبٌن كامل
الشجن ،من التعلق بج ّد الحسن .
وقد رتبنا قراءتها لٌلة الجمعة من كل أسبوع على المعتاد ،وانتشرت كثٌراً
فً أطراف البالد ،ولعل مع القادمٌن إلٌكم نسخ منها ،تصفحوها وإن شئتم
أن تنقلوها ..انقلوها ) .
وقد انتشر مولده العظٌم فً سٌئون وفً حضرموت كلها ،وفً أماكن
أخرى بعٌدة وأقبل الناس على قراءته .
ووصل إلى الحرمٌن الشرٌفٌن ،وإلى إندونٌسٌا وإفرٌقٌا وظفار والٌمن .
ومن كالم صاحب المولد :فً ( )ٕ2شعبان ،سنة (ٖٕٔ2هـ) :توجه
السٌد حامد بن علوي البار إلى المدٌنة المنورة ،واستصحب معه نسخة من
المولد {سمط الدرر} وباٌقرؤه عند الحبٌب صلى هللا علٌه وآله وسلم ،باٌفرح
به النبً صلى هللا علٌه وآله وسلم جم .
جمعت رسالة مختصرة ؛ سمٌتها (البٌان المختصر عن مولد سمط ُ وقد
الدرر) ،تتضمن :بٌان مختصر ٌسٌر عن هذا المولد العظٌم ،وفٌها ذكر ما
تٌسر جمعه من كالم العلماء وتعرٌفهم عنه وثناؤهم علٌه ؛ ترغٌبا ً للقارئ
الكرٌم ،والمستمع الفهٌم ..فاطلبها .
ٖ٘
وفاته رحمه هللا ،وذكر أوالده الكرام
وقد ضعف بصره آخر عمره ،وتزاٌده إلى ذهابه بتاتا ً قبل وفاته بعامٌن .
ولم ٌزل رضً هللا عنه ٌترقى فً درج الكمال ،داعٌا ً إلى هللا ذي الكرم
والجالل ،ناشراً راٌة العلم والتعلٌم ،داعٌا ً إلى الصراط المستقٌم ،حتى
دعاه داعً المنون ،واختاره إلٌه من ٌقول للشًء كن فٌكون .
وقصد صعدت روحه الطاهرة فً ظهر ٌوم األحد ،فً العشرٌن من شهر
ربٌع اآلخر ،عام ٖٖٖٔهـ ،ببلد سٌئون ،وكان عمره (ٗ )2سنة .
وفً عصر الٌوم الثانً ،شٌعت جنازته فً جموع ال أول لهم وال آخر إلى
مدفنه ،عقب الصالة علٌه بساحة مسجده الرٌاض ،الممتدة إلى المقابر ،
وإمامة ابنه وخلٌفته محمد .
وضرٌحه بقبته المشهورة غربً مسجد الرٌاض .
وقد صلى علٌه ابنه محمد أوالً فً داره ،ثم صلى علٌه إماما ً أخوه الحبٌب
شٌخ بن محمد فً الساحة مع الجموع الغفٌرة .
وقد انتشر خبر وفاته فً جمٌع نواحً حضرموت ،وقد توافدت الجموع
من جمٌع الجهات ،وشارك فً تشٌٌع جنازته عدد كبٌر من العلماء واألولٌاء
والمناصب والزعماء ،والصلحاء والوجهاء ،ومن مختلف الطبقات .
وقد بنٌت على ضرٌحة قبة ،مقصودة بالزٌارات ،مشهورة بقضاء
الحاجات .
وفً كل عام فً سٌئون ،وكذلك فً الصولو وفً غٌرها ٌ ،قام حول على
الحبٌب علً فً ذكرى وفاته ٌ ،قرؤون باللٌل والنهار ثمانٌة أٌام ،وفً الٌوم
األخٌر تارٌخ (عشرٌن) ربٌع اآلخر ٌ ،كون الختم ،فً احتفال كبٌر ٌ ،أتون
ٖٙ
إلى سٌؤون من جهات بعٌدة ،وٌحضر كثٌر من العلماء والمناصب وخلق
كثٌر ،وال ٌزال إلى اآلن ٌقام سنوٌا ً بحمد هللا .
وفً كالم الحبٌب عبد الباري بن شٌخ العٌدروس -رضً هللا عنه ، -وقد
ذكروا حول سٌدنا علً الذي ٌُقام فً كل عام ،وذكروا كثرة االجتماع ،وأن
أهل ترٌم أجملوا كثٌراً ،وظهروا هناك ..فقال ( :أهل ترٌم ٌظهرون
وٌتباركون ،وعلٌهم طالوة وكسوة لٌست لغٌرهم ) .
وأما أوالد سٌدنا علً ..فهم :عبد هللا ،ومحمد ،وأحمد ،وعلوي ،
وأختهم الحبابة خدٌجة .
وأكبرهم الحبٌب عبد هللا ،وأما الحبٌب محمد ..فكان هو الخلٌفة فً مقام
والده ومنصبه بوصٌة منه ،وجعله وصٌا ً على مخلفاته وعلى الرباط وعلى
مسجد الرٌاض .
رمحه اهلل رمحة األبرار ،ومجعـا وإقاه برمحمه يف دار اؾؼرار ،وؿنَّ
عؾقه باؾعطاء اؾواف ،وأدؽـه ػسقح جـمه ،وأعاد عؾقـا عؿقم برؽمه ،
ٖ2
وـسأل اهلل أن قمغشاه باملغػرة واؾرضوان ،وجيؿعـا به يف أعؾى
ػرادقس اجلِـان ،ؿن غري دابؼة عذاب وال اؿمحان ،بل مبحض اؾػضل
واؾؽرم واالؿمـان ،وجزاه اهلل عن األؿّة واإلدالم خرياً ،وأعؼب اهلل ؿـه
اؾعُؼلى اؾصاحلة ،ؽؿا أعؼبَ علاده اؾصاحلني ،آؿني اؾؾفم آؿني .
ػاهلل قوػؼـا ؾألدب ،وحسن اؾظن بفم ،واحمللة هلم ،وجيؿعـا بفم يف
واؾؾفم إـك تعؾم أـا حنلفم ؾك ،ػأؽرؿـا قا ؿوالـا مبا ؿـحمفم ،
اؾؾفم ؽؿا أجرقتَ ذؽرفم عؾى أؾسـمـا ػأجرِ عؾوؿفم عؾى أػكدتـا ،
اؾؾفم حبؼفم عؾقك ،ومبا هلم ؾدقك ،امجعـا بك عؾقك ،واذغؾـا بك
عن غريك ،وأمتم عؾقـا إػاضة خريك ،ػإـك غؿرت باؾـوال ،وأغـقت
اؾؾفم ؽؿا ؼربمفم إؾقك حبلك ..ػؼربـا إؾقك حبلـا هلم ،اؾؾفم ؽؿا
تػضؾت عؾقفم مبا تػضؾت ،ػمػضل عؾقـا بموػقؼك وتسدقدك ،إـك عؾى
ٖ1
ؽل ذيء ؼدقر ،وـسألُ اهللَ اؾؽرقم أن ميدـا مبددفم ،وأن قػقضَ
وصؾى اهلل ودؾم عؾى عني أفل اؾؽؿال ،وؿـلع اجلود واإلػضال ،
حلقلـا حمؿد ؿـمفى اآلؿال ،وعؾى صحله واآلل ،عؾى ممر األقام
واؾؾقال ،وآخر دعواـا أن احلؿدِ هلل ربّ اؾعاملني ،دلحان ربك رب
اؾعزة عؿا قصػون ،ودالمٌ عؾى املردؾني ،واحلؿد هلل رب اؾعاملني .
ٖ1