0% found this document useful (0 votes)
34 views87 pages

علم الكلام 1

Uploaded by

Abdellatif Abbaz
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
34 views87 pages

علم الكلام 1

Uploaded by

Abdellatif Abbaz
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 87

‫توطئة‬

‫العقيدة من العقد في اللغة وهو الوثوق والربط واالحكام‪ ،‬وأما العقيدة في االصطالح فهي‬
‫التصديق الجازم بقضايا اإليمان‪ ،‬وتعريفات اإليمان ومنها إنه قول واعتقاد أو قول واعتقاد‬
‫وعمل‪..‬‬

‫علم العقائد يبحث في اإللهيات وهي الصفات الواجبة هلل والجائزة في حقه والمستحيلة في‬
‫حقه‪ ،‬ويبحث في النبوات من حيث بيان صفاتهم الواجبة لهم والجائزة والمستحيلة وكذلك‬
‫معجزاتهم‪ ،‬وكذلك يبحث علم العقيدة في السمعيات التي تتلقى من األدلة النقلية كأشراط‬
‫الساعة والحوض والشفاعة والصراط والجنة والنار‪ ،‬وكذلك يبحث علم العقيدة في الطبيعيات‬
‫وهي األدلة المادية التي يثبت الناظر حقائق الغيب واالعتقاد بواسطتها وهو مستحدث ونافع‬
‫في إجابة من ال يرتضي القرآن أو السنة دليال‪. .‬‬

‫هناك تداخل بين الفقيه في أصول الدين وفقيه الفروع وأن الفهم في العقيدة فقه أكبر‪ ،‬والفهم‬
‫في الفروع الفقهية العملية فقه أصغر والعالقة بين الفقيه في أصول الدين وفقيه الفروع أن‬
‫األول يثبت مثال وحدانية هللا تعالى باألدلة وفقيه الفروع يثبت وجوب اعتقادها‪ ،‬وفقه االعتقاد‬
‫عمل القلوب وفقه الفروع عمل الجوارح‪. .‬‬

‫أثنى الحنفية والمالكية والشافعية وفضالء الحنابلة على اإلمام األشعري ودوره العظيم في‬
‫الدفاع عن العقيدة‪ ،‬وأن ظهوره جاء بعد علو منزلة المعتزلة وسيطرة مذهبهم على الساحة‬
‫االعتقادية اإلسالمية‪ ،‬فاظهر االشعري عوار مذهبهم وأبطله‪ ،‬وقد ساعده في ذلك إلمامه‬
‫بمذهب المعتزلة فقد ترأسه زمنا طويال ثم تاب منه كما أشار الى ذلك االمام الذهبي في سير‬
‫أعالم النبالء‪. .‬‬

‫رفض األشاعرة االستدالل بخبر اآلحاد ألنه ال ينهض دليال على ذلك كما أشار الى أن أبا‬
‫الحسن األشعري‪. .‬‬
‫تبرأ اإلمام األشعري من التكفير وإنه استدعى قبل وفاته الى داره االمام السرخسي الحنفي‬
‫واشهده على إنه ال يكفر أحدا من اهل القبلة فالرب المعبود واحد واالختالف بين المسلمين‬
‫انما في العبارات يقصد بذلك ان االختالف صوري وليس حقيقيا‪. .‬‬

‫مسألة التعصب للمذاهب باطلة‪ ،‬فكلها مذاهب صحيحة منبعها االجتهاد مع اإليمان باألصول‬
‫واالتفاق عليها‪ ،‬يقصد األستاذ هنا مذهب أبي منصور الماتريدي ومذهب األشاعرة ومذهب‬
‫الحنابلة أو المحدثين مع التحفظ على الوصف‪ ،‬واستدل على صحة ذلك بأن هذه المذاهب‬
‫االعتقادية كالمذاهب الفقهية فمن الشافعية أشاعرة كثر‪ ،‬وكذلك من المالكية وغيرهم ومن‬
‫الحنابلة واألحناف والماتريدية ومحسوبون على أهل الحديث‪. .‬‬
‫نشأت الفرق في اإلسالم ألسباب دينية والسياسية وأسباب أخرى‬

‫​❖‪ -‬األسباب الدينية‪: :‬‬

‫من أسباب دينية في ظهور فرق إسالمية هي‪: :‬‬

‫أ‪..‬‬

‫للا ‬ ‫‪ -‬التناقض في المعنى المستنبط من آية‪ ،‬مثال‪: :‬‬


‫ين‬ ‫له) ‬ ‫ن ظرة( و‬ ‫ )وجو يومئ ناضر * إل‬
‫ال‬ ‫عال‬ ‫رؤية ال‬ ‫‪ ،‬الزي‬ ‫ة‪ (.‬فالحسن هي‬ ‫نى‬ ‫وا‬
‫ ه عالى ث )للا ركه الأب وهو درك الأب وهو‬ ‫ى هم ها وج م ز‬ ‫ت‬
‫درك الأبصا وهو‬

‫​‪ -‬ظهور فرق المشبهة أو المجسمة بسبب اآليات التي يوهم ظاهرها مشبهة هللا تعالى‬
‫لبعض مخلوقاته في بعض الصفات‪. .‬‬

‫لك‬ ‫اء بك‬ ‫ )الرحم عل العر استو ( وقو تعا‬ ‫مثال‪::‬‬

‫له‬ ‫( ‪،‬‬ ‫لا م ه ي ل ن‬ ‫نإ ا ن‬ ‫ل‬ ‫صفا (‪ ،‬وقول تعال‬

‫ح‬ ‫ة‬ ‫ج‬ ‫يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (‪ ،‬وقول تعال‬

‫مناقشة آية القرآن الباطل من أهم األفكار واآلراء والمذاهب والديانات التي موجودة‬ ‫​‪-‬‬
‫قبل اإلسالم بأدلة برهانية‪ ،‬تعتمد على أقيسة منطقية‪. .‬‬

‫مثل مناقشته ألهل الكتاب في ادعائهم أن ابراهيم عليه السالم كان من اليهود او كان من‬

‫النصارى‪ ،‬أجاب على افترائهم بأن إبراهيم هو األسبق على اليهود والنصارى‪ ،‬فكيف ينسب‬

‫إليهم))‬
‫تعقلون * ها أنتم هؤالء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم وهللا يعلم‬

‫وأنتم ال تعلمون (‬

‫ل ‬ ‫‪ -‬دعوة اإلسالم لإلعمال العقل‪: :‬ل ‬


‫للا ‬
‫"يعقلون " ‬ ‫‪ ":‬يعقلو‬ ‫للا ‬
‫فهقو"ن "‬ ‫ون‬ ‫‪ "،‬‬ ‫ك‬ ‫ون‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ت لون‬ ‫عقلون " قلون‬
‫الع‬ ‫وة الاسل ل‬ ‫ر‬ ‫رون "‪،‬‬ ‫ن‬ ‫‪ "،‬ي‬ ‫يتفك‬
‫في‬ ‫ل‬ ‫ ‪.‬كما‬ ‫د‬ ‫تسير بوض‬

‫وقد ذكر أحد الباحثين أقسام الناس إزاء دعوة اإلسالم إلى إعمال العقل إلى ثالثة طوائف‪: :‬‬

‫​‪ -‬حسن نيتهم‪ ،‬وحسن فعلهم‪ ،‬على قدر الطاقة أعملوا عقولهم‪..‬‬
‫​‪ -‬ساءت نيتهم‪ ،‬وساء فعلهم وهم المنافقون‬
‫​‪ -‬صدقت نيتهم وساء فعلهم أعملوا عقلهم بال حدود وال قيود‪ ،‬فهموا دعوة اإلسالم إلى‬

‫إعمال العقل خطأ‪ ،‬فأطلقوا لعقولهم العنان‪. .‬‬


‫ا‬ ‫​❖‪-‬األسباب‬

‫ط‬ ‫سبب ظهور الفرق اإلسالمية في هو الحروب التي نشأت بين سيدنا "علي‬
‫ت أوا‬ ‫ث‬ ‫هما‪ ،‬فالأ‬ ‫‪ -‬ر لاله‬ ‫أبي‬ ‫وية‬ ‫نا‬ ‫بين‬
‫م" ةب‬ ‫بن عفان و دت‬ ‫" عث‬ ‫ا‬ ‫خل‬ ‫عهد‬
‫" عل ب أبي الب "ب‬ ‫ال يفة الج‬ ‫‪--‬‬ ‫ال ع‬ ‫ان " ‪-‬رض‬ ‫أبي‬
‫بع أت‬ ‫عة‬ ‫ل‬ ‫قعة‬ ‫ع ذل من‬ ‫ن‪،‬‬

‫فريقين‪ ،‬فريق يرى أنه على الحق‪ ،‬وفريق يرى أنه ليس كذلك‪ ،‬وأدى ذلك إلى ظهور فرق‬
‫؛‬ ‫ل‬ ‫را ‬ ‫وارج يا ‬ ‫ته‬ ‫علوم ا‬ ‫و‬ ‫"الخوارج‬
‫ال‬ ‫را ‬ ‫بة شوك يف‬

‫فالخالفة كانت هي المسألة التي اشتد نزاع المسلمين فيها‪ ،‬وكان من أثر هذا النزاع تكوين‬
‫ثالث فرق‪: :‬‬

‫ )عل ب أب طال‬ ‫للا ‬ ‫الشيعة‪: :‬‬ ‫​‪-‬‬


‫عن‬ ‫ ‪-‬رض‬
‫‪-‬‬ ‫​‪ -‬الخوارج‪: :‬‬
‫الم‬ ‫ار ر‬ ‫با‬ ‫ة جب ن‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ يضر لله ع عنه‬
‫لل ‬ ‫​‪ -‬المرجئة‪: :‬‬
‫كما كان من أهم األسباب التي أدت إلى ظهور الفرق‪ ،‬أمر متعلق بالدين اإلسالمي نفسه‪،‬‬
‫فاإلسالم خاتم األديان‪ ،‬فالبد من اشتماله على نظم متكاملة وتشريعات محكمة‪ ،‬غير قاصرة‬
‫بل‬ ‫ساب‬ ‫على بيان األمور األخروية فقط‪ ،‬أو تنظيم بعض أمور الدنيا ‪-‬الديانات‬
‫أمر‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫مسال ال‬ ‫ف لامتجمع لإ‬ ‫ود‬ ‫أكب ال‬ ‫ن‬
‫ح ال‬ ‫ين أ البلاد لمفتوحة ان‬ ‫أحد ال‬ ‫مسال سياس‬ ‫لمس‬
‫م‬

‫​‪ -‬األول‪ :‬فريق أسلم‪ ،‬وصدق فيما عاهد هللا عليه‪ ،‬وقطع ما بينه وبين الدين الذي كان عليه‬
‫سابقا‪ ،‬وأخلص دينه له‪ ،‬فرضي هللا عنهم‪ ،‬وافاء علي اإلسالم منهم الخير الكثير‪ ،‬وكان‬
‫من هؤالء أعظم علماء اإلسالم الذين خدموا العلوم اإلسالمية‪. .‬‬
‫​‪ -‬الثاني‪ :‬فريق بقي على دينه‪ ،‬وأعلن رفضه لإلسالم صراحة‪ ،‬فهؤالء أراحوا المسلمين‬
‫من شرورهم‪ ،‬وقد تركهم المسلمون وما اختاروا ألنفسهم‪. .‬‬
‫​‪ -‬الثالث‪ :‬فريق أظهر اإلسالم وأبطن الكفر‪ ،‬حقدا على اإلسالم وأهله‪ ،‬ألنهم فتحوا بالدهم‪،‬‬
‫واظهروا عوارهم فكانت وسيلتهم للكيد لإلسالم هي إظهاره وإبطان الكفر‪ ،‬وكلما سنحت‬
‫فرصة التقويض اإلسالم اغتنموها وهذا الفريق ظهرت على ايديهم الفتنة‪ ،‬وصدعوا‬
‫أركان األمة‪. .‬‬
‫​‪ -‬الرابع‪ :‬فريق أخلص النية في اعتناق اإلسالم‪ ،‬ولكنه لم يتخلص نهائيا من اعتقاداته‬
‫وثقافته وعاداته القديمة فحاول التوفيق بين ذلك وبين اإلسالم‪ ،‬وكان من نتيجة ذلك‬
‫ظهور آراء ومذاهب وعقائد ليست من اإلسالم‪. .‬‬
‫دخل كثير من أصحاب الديانات األخرى في اإلسالم‪ ،‬فأخذت تظهر أفكار جديدة وذلك عندما‬
‫لاف‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫بصر ‪-‬‬ ‫كانت العراق ‪-‬وخصوصا‬
‫عقائ‬ ‫ي‬

‫ى‬ ‫(‪،‬‬ ‫​‪ -‬تكوين فرقة الجبرية‪ :‬فقد قامت جماعة يقولون) )‬
‫صفو‬ ‫م )ج‬
‫(‪ ،‬ا‬ ‫​‪ -‬تكوين طائفة القدرية‪ :‬فقد قامت جماعة يقولون) )‬
‫شأت ئفة‬ ‫‪،‬‬ ‫م )مع الجهي‬ ‫‪،‬‬ ‫ى‬
‫جماعة من المخلصين يشرحون عقائد المسلمين على طريقة القرآن الكريم‪: :‬‬ ‫​‪-‬‬
‫فر‬ ‫كونت‬ ‫ه لاضطر الفك ال‬ ‫بس‬ ‫وذ‬ ‫ )الحس البصر ( ‬
‫لنفس‬
‫ذه )و‬ ‫(مع‬ ‫​‪ -‬تكوين فرقة المعتزلة‪ :‬فقد كان من أثر اختالف))‬
‫المع‬ ‫ ‪-‬‬ ‫م تب‬ ‫ي ت‬ ‫‪-‬‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ع اء‬
‫ال‬ ‫با‬ ‫اع ال‬ ‫ول ا‬ ‫ي ن‬
‫تكوين فرقة الماتريدية‪ :‬ففي أواخر القرن الثالث‪ ،‬وأوائل القرن الرابع الهجري‪ ،‬ظهر‬ ‫​‪-‬‬
‫د‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫(‪،‬‬ ‫اإلمام العالمة) )‬
‫ة‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ن ه‬ ‫‪،‬‬
‫فص‬ ‫(وأعلن‬ ‫​‪ -‬تكوين فرقة األشاعرة‪ :‬فقد ظهر اإلمام) )‬
‫من‬ ‫سل‬ ‫جديد الت وافق عليه خيرة علماء‬ ‫تزلة وبين بادئه‬ ‫عن‬
‫م ومن تباع رفقة‬ ‫دثين‪ ،‬وتك‬ ‫فقهاء‬
‫​‪ -‬تكوين جماعة أهل السنة‪ :‬فقد تكونت جماعة أهل السنة من فرقة الماتريدية وفرقة‬
‫األشاعرة‬
‫​❖أسباب أخرى‬

‫من أسباب أخرى في ظهور فرتق إسالمية هي‪: :‬‬

‫أ ‪ -‬العناصر األجنبية‪:‬‬

‫إن شبهة ابن سبأ لها تأثيرا كبيرة عند وجود العناصر األجنبية في اإلسالم حتى ظهور فرق‬
‫الشيعة في بيئة اإلسالمية‪..‬‬
‫ ‪.‬بع دخول لاإلسا تنق ف بلدا المسلمين يحاو‬ ‫للا ‬
‫لضالت‬

‫ومن النتيجة شبهته هي‪::‬‬

‫​‪ -‬بالنسبة للقرآن الكريم‬

‫‪ ":‬إ‬ ‫يعتقد بعض فرق الشيعة‪ ،‬تحريف القرآن ونقصه‪ ،‬هذا األصل موجود عند ابن سبأ‪..‬‬
‫وع‬ ‫أجز‬ ‫ت‬ ‫الق‬

‫​‪ -‬بالنسبة لإلمامة‬


‫يعتقد بعض فرق الشيعة الغلو في األئمة‪ ،‬وأنهم معصومون‪ ،‬ويعلمون الغيب‪ ،‬نجد أساس هذه‬
‫ر الرا‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫‪ ":‬عب دبع"‬ ‫الفكرة عند ابن سبأ‪..‬‬
‫با‬ ‫وأص‬ ‫فأ‬ ‫ي العال‬

‫​‪ -‬بالنسبة للوصية‬

‫ي‬ ‫يعتقد كثير من فرق الشيعة أن النبي صلى هللا عليه وسلم قد أوصى باإلمامة "لعلي‬
‫م‬ ‫ك أما ي‬ ‫حسين‪ ،‬وك‬ ‫ثم‬ ‫وق أو علي لابنه لح‬
‫أ "ي‬ ‫ة‪ ،‬جد بن‬ ‫الم‬ ‫يرة في تب‬ ‫لة لى‬ ‫بعده ‪.‬و‬
‫نص‬ ‫ه‬ ‫هذا لمع كما لإشا‬

‫​‪ -‬بالنسبة للرجعة‬

‫يعتقد فرق الشيعة بالرجعة‪ ،‬وأن األئمة سيرجعون بعد موتهم قبل الساعة‪..‬‬
‫مة‪".‬‬ ‫نيا قبل‬ ‫وات‬ ‫وب عة كيثر‬ ‫مية لى‬ ‫ا‬ ‫‪ ":‬واتفق‬
‫لام‪ ،‬كما شار‬ ‫أو م تحدث ن لجرع ة‬ ‫وابن سبأ أيض ك‬

‫​‪ -‬بالنسبة لصحابة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫فإن الكثير من فرق الشيعة ال تتورع عن سب صحابة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بأحط‬
‫السباب والصفات‪ ،‬بل إن بعضهم يرميهم بالكفر والعياذ باهلل‪ ،‬وهذا األمر أيضا أول ما ظهر كان‬
‫عنج عبد هللا بن سبأ‪. .‬‬

‫​‪ -‬بالنسبة للبداء‬


‫"ما بأ بي‬ ‫يذهب معظم فرق الشيعة إلى القول بالبداء‪ ،‬وي فرد الكليني بابا لذلك يقل فيه‪::‬‬
‫والط‬ ‫والعبود‬ ‫والسج‬ ‫والمش‬ ‫ال ‪:‬بالبد‬ ‫مس‬ ‫قط تى ا رق له‬

‫ويقول" "‬
‫ا سبئةي‬ ‫بعد‬ ‫"الم‬ ‫" دبع لل بن سبأ " ذكر" ال‬
‫بد وأن‬ ‫ن‬ ‫ك‬

‫ب‪--‬‬

‫ال شك أن الترجمة لها أثارا بظهور فرق في اإلسالم‪..‬‬

‫من الحضارات التي كانت موجودة في ذلك العصر‪ ،‬خصوصا في العصر العباسي‪. .‬‬

‫​▪ نبذة عن الخوارج‪: :‬‬


‫‪ -‬من هم الخوار ج ؟ وإالم دفعهم التعصب لفكرتهم؟ وبم يحكم على فكرهم؟‬

‫الخوارج هم‪::‬‬
‫ ‪:‬إل استهدا المخاط وقسو القلب والرغب ف المو إلخاص لعقيدتهم‬

‫‪ -‬ما سبب نشأة فرقة الخوار ج ؟ ولم أطلق عليهم هذا االسم؟ ولم سموا أنفسهم بالشراة؟‬

‫نشأت هذه الفرقة بسبب‪::‬‬

‫بينهما في موقعة صفين‪ ،‬سيدنا معاوية وصحبه تحكيم كتاب هللا خوفا من الهزيمة‪ ،‬اختلف أصحاب سيدنا‬
‫علي في إجابة طلب معاوية ثم كانت نهاية الجدال قبول التحكيم‪ ،‬فاختار علي أبا موسى األشعري ليكون‬
‫ممثال له ولقومه‪ ،‬واختار معاوية عمرو بن العاص نائبا عنه ثم قام فريق من جند سيدنا على وقالوا‪::‬‬
‫ل ‬ ‫ل ‬

‫يا ‬ ‫م‬ ‫ا نا ‬ ‫لل (‪،‬‬ ‫قيام كل فريق بالحرب لتيقنه أن الحق في جانبه‪ ،‬وقالوا))ل ‬
‫ة )حرور‬ ‫ى‬ ‫ة‬ ‫ج ن‬ ‫ى‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫‪ ،‬م‬ ‫ه‬ ‫؛‬ ‫ف‬
‫با‬ ‫لك‬ ‫ء( ولذ‬

‫(لأنهم خرج لى لإم م‬ ‫ل(‬ ‫وأطلق عليهم اسم))‬

‫وهم سموا أنفسهم بالشراة أخذا من قوله تعالى‪) :):‬وم النا م يشر نفس ابتغا مرضا‬

‫ما هي أهم مبادئ الخوارج؟‬

‫​‪ o‬مبادئ الخوارج‪::‬‬


‫ته‪ ،‬كان يجب‬ ‫ ‪-‬في ألو‬ ‫ع‬ ‫​‪ -‬صحة خالفة سيدنا أبي بكر وعم ر وعثمان ‪-‬رضي‬
‫الل عنه‬ ‫ر‪ -‬رم‬ ‫زله دما غير يقة دنا أبي بكر‬
‫صحة خالفة سيدنا علي ‪ -‬رضي هللا عن ه ‪ -‬إلى وقت التحكيم‪ ،‬ولما أخطأ في التحكيم كفروه مع‬ ‫​‪-‬‬
‫الحكمين الخالفة يجب أن تكون باختيار حر بين المسلمين‪ ،‬سواء كان المختار قرشيا أو عبدا‬
‫حبشيا‪ ،‬ويجب عليه أن يخضع خضوعا تاما ألوامر الدين‪ ،‬وإال وجب عزله‪. .‬‬
‫​‪ -‬العمل بأوامر الدين جزء من اإليمان‪ ،‬وكل من عصى هللا كافر‪ ،‬والذنوب جميعها كبائر‪. .‬‬
‫وجوب الخروج على اإلمام الجائر‪،‬‬ ‫​‪-‬‬
‫​‪ o‬بعض زعماء الخوارج‬

‫‪-‬‬ ‫للا ‬ ‫من زعمائهم‪::‬‬

‫عبد هللا بن الكواء ‪ -‬نافع بن األزرق ‪ -‬نجدة بن عامر‪. .‬‬

‫انقسمت الخوارج إلى فرق كثيرة منهم المعتدل والغالة‪: :‬‬

‫غالتهم‪::‬‬

‫ا‬ ‫تاب‬ ‫جم‬ ‫عث رسول من‬ ‫وا‬ ‫ين‬ ‫ية‬ ‫‪(1‬اليزيدية‬

‫م‬ ‫ة‬ ‫ا‬ ‫ب أول لاإخوة الأخوات و‬ ‫نة ‪:‬الذ أب‬ ‫‪(2‬الميمونة‪:‬‬
‫ ‪:‬ه فرق لاإباضية ولهذ كت له البقا إل اليو‬ ‫ثانيا‪::‬‬

‫نهايتهم‪::‬‬

‫​▪ فرقة المعتزلة‬

‫‪ - 1‬متى‪ ،‬وأين نشأت فرقة المعتزلة؟ وما أثرها في العصر العباسي؟ وما أساس نشأتها؟ وإلى‬
‫من تنسب؟‬

‫نشأت المعتزلة‪: :‬‬


‫حكم‬ ‫ري( ‬ ‫حسن‬ ‫أست‬ ‫ )واص ب عطا ( م‬ ‫أساس نشأتها‪: :‬‬
‫مرتكب‬

‫تنسب المعتزلة إلى واصل بن عطاء‪. .‬‬

‫يحدثنا الشهرستاني في كتابه الملل والنحل عن الخالف فيقول‪: :‬‬

‫وقال‪: :‬‬
‫ )أ الحك عليه ( ‬
‫ي‬ ‫الدي‬ ‫رك‬ ‫مذهب ل‬ ‫ع‬ ‫الع‬ ‫لإيما‬ ‫ت‬ ‫عند‬ ‫والكبي‬
‫مرج لأ‬ ‫و‬ ‫الك طا‬ ‫تن‬ ‫ك‬ ‫معصي‬ ‫لإيم‬

‫فكيف تحكم لنا في ذلك؟ ففكر الحسن في ذلك‪ ،‬وقبل أن يجيب‪ ،‬قال واصل بن عطاء ‪ -‬وكان من‬
‫ل ‬ ‫رواد مجلس الحسن‪: :‬‬
‫ل ‬

‫ثم اعتزل واصل إلى أسطوانة ‪ -‬عمو د ‪ -‬من المسجد وأخذ يقرر هذا الحكم وهذا المذهب فقا ل‬

‫إن مرتكب الكبيرة‪: :‬‬

‫​‪ -‬فاسق‪ ،‬علته ألنه لم يستجمع خصال الخير حتى يسمى مؤمنا‪. .‬‬
‫​‪ -‬وليس بكافر‪ ،‬علته ألن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه‪. .‬‬
‫​‪ -‬لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو مخلد في النار‪ ،‬ولكن يخفف عنه‬
‫العذاب‪. .‬‬
‫​‪ -‬ويجوز إطالق اسم المسلم عليه‪ ،‬العلة تمييزا له عن غير المسلم‪. .‬‬
‫سميت فرقة المعتزلة بهذا االسم لما قاله الحسن البصري عند قيام واصل عن مجلسه))‬
‫ي‬ ‫ء‬ ‫ض‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫با ‬ ‫ر‬ ‫ )ف العص لاأمو‬
‫ا‬ ‫ة‬

‫تني‬ ‫اد‪ ،‬قام بين‬ ‫رة‪،‬‬ ‫مدرس‬ ‫للمعت‬ ‫وفي العصر العباسي (كان‬
‫يين مثل )الم مون( باع‬ ‫فاء‬ ‫كتف بعض‬ ‫ئل‪ ،‬ولم‬ ‫لاف بي في ثي من‬
‫حم‬ ‫ع‬ ‫‪،‬‬ ‫ب لمع‬ ‫اعتناق‬

‫كانت فتنة شوهت سمعة المعتزلة‪ ،‬وقضت على مكانتهم بين األمة‪::‬‬
‫ ‪:‬بالقضاي العقلية لو يح ثقته‬
‫بالعق لإ احترامه أوام الشرع ولذل حكمو العق ف ك شيء وحاولو الوصو ع‬
‫طريق إل ك شي‬

‫وكان ذلك بسبب نشأتهم في بيئة مليئة بعقائد مختلفة‪ ،‬ونحل متباينة) )‬
‫تكو آرائ‬ ‫ك ك لدراست الفلس أ كب‬

‫كان للمعتزلة فضل عظيم في الدفاع عن اإلسالم‪: :‬‬

‫ل ‪:‬أنه قاومو أصحا‬


‫العقائ الباطل بالحج والبرها‬

‫أسباب معاداة الفقهاء والمحدثين للمعتزلة‪: :‬‬

‫​‪ -‬مخالفة المعتزلة طريق السلف الصالح في فهم العقائد‪ ،‬لتحكيمهم العقل في كل شيء‪. .‬‬
‫​‪ -‬مناصرة بعض الخلفاء العباسيين للمعتزلة‪ ،‬ومحاولة حمل الناس على اعتناق مذهبهم‬
‫بقوة السلطان مما أوقع العلماء في محنة‪ ،‬فسخط الناس والعلماء على من كان سببا في‬
‫هذه المحنة‪. .‬‬
‫​‪ -‬اندس بعض الملحدين بين المعتزلة ممن خرجوا على اإلسالم‪ ،‬وتسلطوا على‬
‫المسلمين‪ ،‬إلفساد عقائدهم‪،‬‬

‫ومع هذا ال يستطيع أحد أن ينكر فضل المعتزلة في الدفاع عن اإلسالم‪ ،‬والرد على خصومه‪،‬‬
‫وصد كل هجوم على عقائد المسلمين‪ ،‬ويرجع ذلك لمهاراتهم في استخدام األدلة العقلية‪. .‬‬

‫​‪ o‬مبادئ المعتزلة‪: :‬‬


‫​‪ -‬قولهم بالحسن والقبح العقليين‪::‬‬
‫بالعق‬ ‫ )تدر معرف‬ ‫ل ‬ ‫​‪ -‬طريق وجوب المعرفة‪::‬‬
‫​‪ -‬اإليمان‪::‬‬
‫​‪ -‬مرتكب الكبيرة الذي مات ولم يتب من ذنبه في منزلة بين المنزلتين‪. .‬‬
‫​‪ -‬صفة القدم خاصة بذات هللا‪ ،‬وكذا صفة الوحدانية‪ ،‬ولهذا أنكروا صفات المعاني حتى ال‬
‫يتعدد القدماء‪. .‬‬
‫​‪ -‬يجب على هللا تعالى تنفيذ وعده ووعيده‪ ،‬وإرسال الرسل لعباده‪ ،‬وتأييدهم بالمعجزات‪،‬‬
‫ورعاية الصالح واألصلح لخلقه‪. .‬‬
‫​‪ -‬العبد يخلق أفعال نفسه االختيارية بقدرة أودعها هللا فيه‪. .‬‬
‫​‪ -‬ال يأمر هللا إال بما أراد‪ ،‬لم ينه إال عما كره‪ ،‬فهو يريد الخير وال يريد الشر‪. .‬‬
‫ )كون محدو‬ ‫​‪ -‬استحالة رؤية هللا تعالى‪ ،‬العلة عندهم‪::‬ل ‬
‫​‪ -‬إنكار الشفاعة لمرتكبي الكبائر الذين ماتوا دون توبة‪. .‬‬
‫​‪ -‬وجوب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪. .‬‬
‫​‪ o‬أشهر زعماء المعتزلة‬
‫​‪ -‬واصل بن عطاء ‪ -‬عمرو بن عبيد ‪ -‬أبو علي الجبائي‪. .‬‬
‫​‪ -‬أبو الهذيل العالف ‪ -‬أبو إسحاق بن يسار‪ ،‬المعروف بالنظام‬
‫​‪ -‬عمرو بن بحر ‪ -‬أبو الحسين البصري – الكعبي ‪ -‬الزمخشري‬

‫ء‬ ‫ل ن‬ ‫د‬ ‫ ‪.‬مولد‬ ‫واصل بن عطاء‪: :‬‬


‫بر‬ ‫ها‬ ‫ى‪،‬‬ ‫ي ة‬ ‫م ة‬ ‫هي‬ ‫حيا بالمدي‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫)‪0 8‬‬ ‫ة‬
‫بة‬ ‫مي له‬ ‫اثإ ‬

‫وقد تأثر واصل بمبدأ نشأته في هذه البيئة الطيبة‪: :‬‬


‫الل‬ ‫ )ك وا إ‬ ‫ ‪:‬فيم رو ع زوجت حي سئل عن فقال‬
‫ج‬ ‫مخال‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫آ في‬ ‫م‬ ‫بجانب فإ‬ ‫ودو‬ ‫ول‬ ‫يصل‬ ‫قدم‬
‫لا‬ ‫ع إ‬ ‫فكتبه‬

‫قد انتقل واصل بن عطاء من المدينة‪::‬‬

‫أستاذه‪::‬‬

‫وكان العراق في ذلك الوقت‪: :‬‬

‫ ‪:‬بأن لي أعل بلكا غالي الشيعة ومارق الخوارج ولكا‬


‫الزنادقة وسائ المخالفين والر عليه م واص ب عطا‬

‫وقد صرح برأيه في مسائل مهمة كانت تشغل األذهان وقت ذاك منها‪: :‬‬

‫المسألة األولى‪::‬‬

‫‪.‬‬ ‫المسألة الثانية‪::‬‬


‫‪.‬‬ ‫المسألة الثالثة‪::‬‬

‫كان واصل بن عطاء رجال عالما زاهدا مشغوال بالوعظ والتعليم نهارا‪ ،‬والصالة وقراءة القرآن‬
‫ليال‪ ،‬كان حريصا على الدفاع عن دينه‪ ،‬يرسل الدعاة إلى األقطار يصححون للناس عقائدهم‪،‬‬

‫يحذر الناس من التعلق بالدنيا وتوفى رحمه هللا سنة ‪ 131‬ه ‪.‬‬
‫​▪ أهل السنة والجماعة‬

‫تتكون جماعة أهل السنة من ‪ 3‬فرق‪: :‬‬

‫ ‪:‬وه أتبا أب منصو الماتريد‬ ‫‪-‬‬ ‫األشاعرة‪: :‬‬


‫طري الس‬ ‫ع‬ ‫مسلك‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ث ‪:‬و المحدث‬ ‫ل‬ ‫‪- .‬‬

‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫وال‬ ‫محنة‬ ‫ )المتوك ( المحن‬ ‫نشأت الجماعة‪: :‬‬


‫كري‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫صومهم‬ ‫)‬ ‫‪ ،‬أدن )أي‬
‫نتيج عدم قة‬

‫وعندما بدأت الشبهات التي كتبها المعتزلة زمنا طويال تظهر في البيئة اإلسالمية‪ ،‬وزاد نشاط‬
‫الملحدين كالقرامطة وغيرهم‪ ،‬فكان البد من التصدي لهذه الفرق والرد على شبهاتها‪ ،‬فجعل‬
‫هللا لهذه المهمة األشاعرة والماتريدية وأهل الحديث‪ ،‬وقاما اإلمامان الجليالن األشعري‬
‫والماتريدي بالرد على هذه الفرق وإثبات العقائد الصحيحة ومن هنا انتسب إليهما من جاء‬
‫بعدهما؛ إلظهارهما عقيدة السلف الصالح ومناظرتهما للخصوم‪. .‬‬

‫ل ‬ ‫قادا هذه الحركة الفكرية‪: :‬‬

‫(‪.‬‬ ‫سلكوا جماعة أهل السنة طريق السلف الصالح))‬

‫​‪ -‬فقد جعلوا القرآن الكريم المصدر الذي يلجئون إليه في تعرف عقائدهم‪. .‬‬
‫​‪ -‬وما اشتبه عليهم منها حاولوا فهمه بما توحيه أساليب اللغة وال تنكره العقول‬
‫وباإلجمال ‪:‬‬

‫وال‬ ‫ال‬ ‫وس‬ ‫طر‬ ‫ال‬ ‫أ (فقد‬

‫رونا اةث‬ ‫حاب‬ ‫الص‬ ‫ال‬ ‫مب‬ ‫مباد‬ ‫تخ‬ ‫ب (ولم‬

‫كان ظهور هذه الجماعة‪::‬‬

‫أثر ظهورها في ذلك الوقت‪: :‬‬

‫كان ظهورها انتصارا للفقهاء والمحدثين‪ ،‬وقد أيدها الخاصة والعامة‪ ،‬وردت على المعتزلة‬
‫حملت لواء الدفاع عن الدين والرد على الملحدين‪. .‬‬

‫كان بين األشاعرة والماتريدية بعض االختالفات في فروع المسائل العقدية وتفصيالتها‪ ،‬ولم‬
‫يكن بينهم ثمة خالف في أصول العقائد التزاما منهم بما كان عليه السلف‪ ،‬ومن هذه‬
‫االختالفات‪: :‬‬

‫​‪ -‬كون المعرفة واجبة بالشرع أو العقل ‪ -‬ومفهوم اإليمان واإلسالم‪. .‬‬

‫‪ -‬ومعنى الكسب ‪ -‬ومدلول القضاء والقدر‪--‬‬

‫​‪ o‬مبادئ أهل السنة‬

‫لم تختلف مبادئهم عن مبادئ السلف الصالح وما أعلنه الفقهاء والمحدثون واألئمة المتبعون‪،‬‬
‫ومبادئهم هي‪: :‬‬

‫​‪ -‬إنكار الحسن والقبح العقلين فيقولون‪::‬‬


‫​‪ -‬الشرع هو طريق وجوب المعرفة))‬
‫​‪ -‬اإليمان هو التصديق‪ ،‬والعمل كمال له‪. .‬‬
‫للا ل ‬ ‫​‪ -‬مرتكب الكبيرة أمره مفوض هلل‪ ،‬إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه) )‬

‫​‪ -‬يثبتون هلل صفات المعاني وزيادتها على الذات‪. .‬‬


‫​‪ -‬ال يجب على هللا تعالى شيء‪ ،‬فيجوز في حقه تعالى‪: :‬‬

‫​‪ -‬هللا تعالى يخلق أفعال العباد االختيارية‪ ،‬وللعبد فيها الكسب‪. .‬‬
‫ل ‬ ‫​‪ -‬هللا يريد الخير ويأمر به‪ ،‬ويريد الشر وال يأمر به‪ ،‬فاإلرادة هنا بمعنى‪::‬‬

‫​‪ -‬جواز رؤية هللا تعالى‪. .‬‬


‫​‪ -‬الشفاعة لرسول هللا بإذن ربه‪ ،‬ومنها الشفاعة لمرتبكي الكبائر‬
‫​‪ -‬وهم يؤمنون بكل ما ورد عن الكتاب والسنة من العقائد‪ ،‬كسؤال القبر ونعيمه وعذابه‪،‬‬
‫والبعث‪ ،‬والصراط‪ ،‬والميزان‪ ،‬والمتشابه يقولون‪::‬‬
‫​‪ -‬وجود الجنة والنار‪ ،‬وخلودهما وخلود أهلهما‪. .‬‬
‫​▪ أبو الحسن األشعري‬

‫اسمه ونسبه‪: :‬‬


‫‪0 6‬‬ ‫ ‪:‬ول بالبصر سن ‪2‬‬

‫ ‪ :‬ب عل‬ ‫نشأ أبو الحسن األشعري‪: :‬‬


‫الجبائي كا يغش مجال الفقها المحدثين لإ أ أغل وقت كا م أستاذ أب عل‬
‫الجبائ ليتلق عن العقائد ولهذ نش عل مذه لااعتزال وتتلم لرئي المعتزل ف‬
‫أ الجبائ كا‬ ‫عصر أب عل الجبائي ولفصاحت كا يتول المناظرا بلد ع شي‬
‫ن‬ ‫يجي التصني لو يجي المناظرا واستم عل مذه لااعتزا‬

‫وال‬ ‫ا‬ ‫ ‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ذه‬ ‫لف أ‬ ‫‪-‬اختلف‬


‫ال‬ ‫يه أ‬ ‫ال‬ ‫ى عض‬ ‫ة‬ ‫ذ ه ال‬ ‫أ‬ ‫ي‬
‫سأل أبو الحسن شيخه الجبائي في درسه وقال‪: :‬‬
‫ ‪:‬لماذ ل تبقن حت‬
‫ف الجنة ماذ يقو ل الرب‬ ‫أنا منزل أ‬

‫لح لك أن‬ ‫ا ن‬ ‫( ‪،‬‬ ‫ل‬ ‫أن ل كبر لكفر‬ ‫ ‪:‬عل‬ ‫فقال الجبائي‪: :‬‬
‫تمت صغ‬ ‫يا‬ ‫لث وق‬ ‫لو‬ ‫لأش‬ ‫أب لاحسن‬ ‫ا‪ .‬ف‬ ‫وت‬
‫فبهت الج‬ ‫يق ال‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫د من‬

‫بعد أن عجز أستاذه عن اإلجابة على بعض ما وجهه األشعري إليه من أسئلة‪: :‬‬

‫بدأ البحث في مسائل االعتزال‪ ،‬ووجد من نفس يميل إلى آراء الفقهاء والمحدثين ‪.‬‬

‫عكف في بيته مدة‪ ،‬قارن بين أدلة الفريقين‪ ،‬حتى اقتنع بمبادئ جماعته‪. .‬‬

‫خرج أبو الحسن األشعري‪: :‬‬


‫ ‪:‬أ‬ ‫أعر بن‬ ‫يعرف فأ‬ ‫و‬ ‫عرفن‬ ‫عرف ف‬ ‫ ‪.‬‬ ‫ ‪:‬أيه النا‬
‫أنا‬ ‫وأ أفع ا‬ ‫أبص‬ ‫رى‬ ‫أق بخلق لقر‬ ‫ان (ك‬ ‫ن‬ ‫لنا‬ ‫اف) ل‬
‫تزلة‪،‬‬ ‫وأن تائ مقل مت للرد‬ ‫ب‬ ‫فعله‬
‫دي لأدلة ولم يتر‬ ‫كفاأت‬ ‫ت‪،‬‬ ‫عاشر الناس إنما تغي عنك ذه المدة لأني‬ ‫حهم‪،‬‬
‫ان‬ ‫الى فهداني إل اعتقا ما وعدت كت هذه و‬ ‫اف ‪ ،‬تهديت الله‬ ‫ش على‬ ‫ع‬
‫ثو كان علي ودف إ ال‬ ‫م ثوبي ذا وا‬ ‫م كن أعتقد كم انخ‬
‫قة الجماعة من‬ ‫كتب على‬

‫ل ‬ ‫لقبه أكثر العلماء‪: :‬‬


‫‪4 2 3‬ه لى‬ ‫فى‬ ‫ه ‪.‬وفا‬ ‫ة‬ ‫ة‬ ‫ ‪.‬ق اشته أتباع باس ا ‬
‫​▪ أبو منصور الماتريدي‬

‫اسمه ونسبه‪: :‬‬


‫ال‬ ‫لاد ا‬ ‫ة )ماتر دب( ل‬ ‫د‬ ‫ ‪.‬مولد‬

‫نشأته العلمية‪: :‬‬

‫)‬
‫(‬

‫بلغ من ذيوع صيته وشهرته‪: :‬‬


‫دعا إلى‪: :‬‬

‫بأنه) )‬
‫(‪.‬‬

‫تأوليا و أويلا‬ ‫ )كتا التوحي‬ ‫مؤلفاته‪::‬‬

‫‪2 33‬‬ ‫وفاته‪::‬‬

‫قد كان مذهب أهل السنة موافقا لما عليه الصحابة والتابعون والفقهاء والمحدثون والنحويون‬
‫(‬ ‫عنه‬ ‫الل‬ ‫ر‪ -‬رم‬ ‫وغيرهم‪ ،‬فناظرا الخوارج والقدرية ‪،‬و)عبد ) دبع لل بن‬
‫ية ‪ ،‬ال‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ن بد لعزيز (ر‬ ‫) وعمر‬ ‫لج‬ ‫معبد‬
‫ةو‬ ‫ (ر د ى‬ ‫مد‬ ‫بن‬ ‫ج‬ ‫ذ القدر‬ ‫ف‬ ‫بصري (له س‬
‫على الب‬ ‫ي (‬ ‫‪،‬‬ ‫ع ال‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫أبو‬ ‫ج غلا الرواف‬
‫وأب إسح‬ ‫الباقل‬ ‫ب‬ ‫أعشري‪،‬‬ ‫حسن‬ ‫ك عيلهم بو‬ ‫الأه‬
‫لإس‬

‫مدخل إلى علم الكالم‬

‫يعتبر علم الكالم من العلوم اإلسالميّة األصيلة على خالف الفلسفة اإلسالميّة الّتي هي من نتائج تأثّر‬
‫المسلمين بالفلسفة اليونانيّة‪ ،‬وإن كان علم الكالم أحد أه ّم مباحثها فإنّه إبداع وضعه المسلمون كما أبدعوا في‬
‫وضع علم الفقّه وأصول الفقّه ومناهج البحث والبالعة وغيرها من العلوم‪.‬‬

‫تميّز علم الكالم بخصوصيّة الموضوع والمنهج والغرض والمرجعيّة كذلك‪ ،‬فهو يختلف عن علوم البرهان‬
‫كالفلسفة ويختلف كذلك عن علوم ال ّشريعة كالفقه وأصوله وعلوم الحديث كذلك ‪ ،‬لكنّه يأخذ من هذه العلوم‬
‫بعض مبادئها وآليّاتها في الحجاج والجدل واالستناد إلى النّصّ ال ّشرع ّي‪.‬‬

‫من هنا يمكن أن نضع تعريفا لعلم الكالم ونشير إلى أسباب تسميته كذلك‪.‬‬
‫‪ /1‬سبب التسمية ‪ :‬يطلق عليه علم العقيدة وكذلك علم التّوحيد والصّفات ‪ ،‬وهذه التّسمية األخيرة‬
‫للجرجان ّي ‪ ،‬يقول ‪ ":‬ويسمى علم أصول الدين أيضا ‪ ،‬والصفات هو علم الكالم ‪ ،‬فهو إذا علم التوحيد‬
‫والصفات "‪.1‬‬

‫يس ّميه كذلك التّهانون ّي يعلم أصول ال ّدين ‪ ،‬يس ّمى كذلك بعلم النّظر واالستدالل ‪ ،‬ويس ّميه أبو حنيفة بالفقه‬
‫األكبر ‪ ،‬وهو عنوان ألحد كتبه ‪ ،‬وذلك في مقابل الفقه األصغر وهو علم األحكام الفرعيّة أو العمليّة‪.‬‬

‫أن التّسمية نابعة من‬


‫أ ّما لماذا س ّم ّي بعلم الكالم فالرّوايات في ذلك متع ّددة منها ما يذكره ابن خلدون في ّ‬
‫كون هذا العلم قائم على الجدل والمناظرة وهذا بدوره يعتمد على الكالم ‪ ،‬فيكون صاحبه على قدرة كبيرة‬
‫من ق ّوة المحاججة والمناظرة ‪ ،‬أو كما يقول ‪ " :‬إ ّما لما فيه من المناظرة على البدع وهي كالم صرف ‪،‬‬
‫وليست براجعة إلى عمل ‪ ،‬وإما ألن سبب وضعه والخوض فيه هو تنازعهم في إثبات الكالم " ‪.2‬‬

‫ويذ ّكر الشهرستان ّي رأيا آخر ‪ ،‬يرجع من خالله سبب التّسمية إلى أن المتكلّمين وضعوا ألنفسهم منّهجا‬
‫للجدل والحجاج والمناظرة في مقابل منهج الفالسفة القائم على المنطق فيقول ‪ " :‬وإ ّما لمقابلتهم الفالسفة‬
‫تسميتهم فنّا من فنون علمهم بالمنطق ‪ ،‬والمنطق والكالم مترادفان "‪.‬‬

‫هذا ‪ ،‬وتوجد روايات أخرى ترى بأنّه س ّمي بعلم الكالم ّ‬


‫ألن أبوابه عنونت بالكالم في كذا ؛ أي في الصّفات‬
‫ألن رأس مسائلة مسألة كالم هللا أو ألنّه كثر فيه الكالم ويجمع أإّل يحيي‬
‫في التّوحيد‪ ، ...‬أو س ّمي بعلم الكالم ّ‬
‫ك ّل هذه اآلراء في كتابة المواقف في قوله ‪ " :‬وإنّما س ّمي الكالم إ ّما ألنّه بإزاء المنطق للفالسفة ‪ ،‬أو ّ‬
‫ألن‬
‫ألن مسألة الكالم أشهر أجزائه حتّى كثر فيه التّناحر والسّفك فغلب عليه ‪،‬‬
‫أبوابه عنونت بالكالم في كذا ‪ ،‬أو ّ‬
‫أو ألنّه يورث قدرة على الكالم في ال ّشرعيّات ومع الخصوم "‪.3‬‬

‫‪ /2‬تعريف علم الكالم ‪:‬‬

‫لعلم الكالم تعريفات عديدة لكنّها كلّها نصب في معنى واحد إذ ال تخرج عن كونه علما من العلوم ال ّشرعيّة‬
‫اإلسالمية موضوعه العقائد ومنهجه الجدل وغايته ال ّدفاع عن العقيدة ودفع ال ّشبه عنها ومرجعيّته النّصّ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الجرجاني علي بن محمد الشريف ‪ ،‬كتاب التعريفات ‪ ،‬تحقيق محمد بن عبد الرحمان المرعشلي ‪ ،‬دار النفائس بيروت الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2003‬ص‪.234‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحمان بن خلدون ‪ ،‬مقدمة ابن خلدون ‪،‬دار ابن الجوزي للطبع والنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪،‬الطبعة األولى ‪2010 ،‬‬
‫ص‪.394‬‬
‫‪ - 3‬عضد الدين اإليجي ‪ ،‬كتاب المواقف بشرحه للمحقق السيد الشريف بن علي الجرجاني ‪ ،‬تصحيح محمد بدر الدين النعساني ‪،‬‬
‫مطبعة السعادة مصر ‪ ،‬الطبعة األولى ‪11325‬هـ ‪ ،‬ص‪.61-60‬‬
‫والمقصود بالعقائد أركان اإليمان وهي أصول ال ّدين موضوعها هللا والمالئكة والكتب والرّسل واليوم‬
‫اآلخر والقضاء والقدر خيره وشرّه ‪ ،‬وهي غير الفروع الّتي ترتبط بالمعامالت وتدخل في ميدان علم الفقه ‪،‬‬
‫وفي ذلك يقول الجرجان ّي ( توفّي " ‪ 716‬هـ ‪ 1413 -‬م " ) ‪ " :‬الكالم علم يُبحث فيه عن ذات هللا تعالى‬
‫وصفاته وأحوال المم ّكنات من المبدأ والمعاد على قانون اإلسالم ‪...‬و الكالم علم باحث عن أمور يعلم منها‬
‫المعاد وما يتعلّق به من الحبّة والنّار والصّراط والميزان والثّواب والعقاب ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الكالم هو العلم بالقواعد‬
‫ال ّشرعيّة االعتقاديّة المكتسبة عن األدلّة "‪. 4‬‬

‫يعرفه ابن خلدون بقوله ‪ " :‬هو علم يتض ّمن الحجّاج عن العقائد اإليمانيّة باألدلّة العقليّة وال ّر ّد على‬
‫المبتدعة المنحرفين في االعتقادات عن مذاهب السّلف وأهل ال ّسنّة "‪. 5‬‬

‫إن هذا القول للذي يذكره "ابن خلدون" يتض ّمن جميع نواح علم الكالم ‪ ،‬أ ّم الحجاج فهو طريق المتكلّمين‬
‫في دفع ال ّشبه عن ال ّدين ودرئها ‪ ،‬ومن ث ّمة هو منهج إلثبات أصول ال ّدين بأدلّة عقلية ‪ ،‬فما ورد في النّصّ‬
‫هو نصّ ال شبهة فيه ومنه يستنبط المتكلّم دليله إلثبات العقائد اإليمانيّة الّتي هو على علم بها ‪ ،‬فهو " العلم‬
‫بالعقائد ال ّدينيّة عن األدلّة اليقينيّة " التّفتزان ّي شرح المقاصد ‪.‬‬

‫أ ّما األدلّة العقليّة فيقصد ّ‬


‫بأن علم الكالم يعتمد على العقل في الحجاج واالستدالل وكذلك في ر ّد ال ّشبه و‬
‫إبطالها ‪ ،‬فهو منهج ‪ ،‬والمنهج يحتاج إلى األداة حتّى يتم ّكن من أداء عمله ‪ ،‬فكانت أداة المتكلّمين العقل كما‬
‫كان المنطق أداة الفالسفة ‪.‬‬

‫وفي ذلك يقول "أبو حيّان التّوحيديّ" ( توفّي " ‪ 400‬هـ ‪ 1009 -‬م " ) في رسالته ثمرات العلوم ‪" :‬‬
‫وأ ّما علم الكالم فإنّه باب من االعتبار في أصول ال ّدين يدور النّظر فيه على محض العقل في التّحسين‬
‫والتّقبيح واإلحالة والتّصحيح والتّجويز واالقتدار والتّعديل والتّجويز والتّوحيد والتّكفير "‪. 6‬‬

‫أ ّما غاية علم الكالم فهي ال ّدفاع عن العقائد اإليمانيّة ودفع ال ّشبه عن الدين ‪ ،‬ردا على أولئك الّذين كانوا‬
‫يش ّككون في نصوصه ويثيرون ال ّشبهات حوله ‪ ،‬وتفصيل هذه المسألة سيكون في خالل الكالم عن أسباب‬
‫نشأة علم الكالم‪.‬‬

‫إن علم الكالم بهذا المعنى يختلف عن علم أصول الفقه وعن علم الفقه كذلك ‪ ،‬أما هذا األخير فيرتبط‬
‫باألحكام العمليّة كالصّيام والصّالة وغيرها من العبادات ‪ ،‬وطريقه في استنباط الحكم ال ّشرع ّي هو الرأي‬

‫‪ - 4‬الجرجاني ‪ ،‬كتاب التعريفات ‪ ،‬ص ‪.266‬‬


‫‪ - 5‬عبد الرحمان بن خلدون ‪ ،‬مقدمة ابن خلدون ‪،‬ص ‪.388‬‬
‫‪ - 6‬أبو حيان التوحيدي ‪ ،‬رسالة ثمرات العلوم ‪ ،‬شرح وتعليق وتحقيق أنور محمد زناتي – محمد غالي علي بركات ‪ ،‬نينوي‬
‫للدراسات والنشر والتوزيع ‪ ،‬دون طبعة وسنة ‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫ي " أ ّما الفقه فإنّه دائر بين الحالل والحرام ‪ ،‬وبين اعتبار العلل‬
‫واالجتهاد ‪ ،‬أو كما يقول أبو حيّان التّوحيد ّ‬
‫في القضايا واألحكام ‪ ،‬وبين الفرض والنّافلة ‪ ،‬وبين الواجب والمستحبّ ‪ ،‬وبين المحثوث عليه والمن ّزه عنه‬
‫‪.7 " ...‬‬

‫في حين يختصّ علم أصول الفقه " بإدراك القواعد الّتي نتوصّل بها إلى استنباط األحكام ال ّشرعيّة الفرعيّة‬
‫من أدلّتها التّفصيليّة ‪ ،‬وبمعنى أد ّ‬
‫ق هو منهج الفقه أو منطقه "‪.‬‬

‫أسباب نشأة عام الكالم ‪:‬‬

‫علم الكالم هو علم " ال ّدفاع عن العقائد اإليمانيّة باألدلّة العقليّة " ودفع ال ّشبه وال ّشكوك عن ال ّدين اإلسالم ّي‬
‫في ناحية عقائده وأصوله ‪ ،‬وذلك عن طريق الحجاج والنّظر العقل ّي ومنهج الجدل ‪.‬‬

‫وهو من العلوم اإلسالميّة األصيلة ‪ ،‬فكما أبدع المسلمون الفقه وأصول الفقه وعلم الحديث والبالعة‬
‫وغيرها وكانت علوما إسالميّة أصيلة كذلك أنتجوا علوم الكالم ‪ .‬وعلم الكالم لم ينشأ منذ القدم بل حديث‬
‫النشأة كغيره من العلوم اإلسالميّة األخرى وكانت له أسباب ساهمت في نشأته تراوحت بين ال ّداخليّة‬
‫والخارجيّة ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬األسباب الخارجية ‪:‬‬

‫أ ّما الخارجيّة فمن خارج البالد اإلسالميّة ؛ أي ما دخل إلى المسلمين من ثقافات وديانات مختلفة غربيّة‬
‫وشرقيّة كانت كدافع استدعى إلى ضرورة ال ّر ّد ‪ ،‬وضرورة الدفاع عن العقيدة اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪ - 7‬أبو حيان التوحيدي ‪ ،‬رسالة ثمرات العلوم ‪ ،‬ص‪.34‬‬


‫لقد كان هذا االختالط بين المسلمين وغيرهم والّذي اشت ّد في عهد الفتوحات اإلسالمية سببا خارجيّا مباشرا‬
‫و أساسيا لنشأة علم الكالم ‪ ،‬فالمسلمين اختلطوا بشعوب كثيرة لها ديانات مختلفة ‪ ،‬فلم يكن اليونان هم‬
‫ال ّشعب الوحيد الّذي اختلط به المسلمون ‪ ،‬بل شعوب أخرى تراوحت دياناتهم بين اليهوديّة والمسيحيّة‬
‫والصّابئة والوثنيّة والمانويّة وغيرها ‪.‬‬

‫أ ّما تعرف العرب بغيرهم واختالطهم بهم كان قديما ‪ ،‬يمكن أن نعود بتاريخ العرب حتّى مرحلة الجاهليّة‬
‫من خالل التّجارة والحمالت التّبشيريّة ‪ ،‬لكنّه اختالط لم يساهم في نشأة علم العقائد ‪ّ ،‬‬
‫ألن العرب في ذلك‬
‫الوقت لم تكن لهم رسالة سماويّة من ّزلة ‪ ،‬ومنه لم يؤثّر ذلك االختالط على العرب ‪.‬‬

‫فإن أصحاب ال ّديانات األخرى ه ّموا إلى تنصير دياناتهم ورفعها‬


‫أ ّما وإن كان للعرب ديانة سماويّة توحّدهم ّ‬
‫وال ّدفاع عنها ‪ ،‬وكان سبيلهم في ذلك بث ال ّشكوك وإثارة الشبيهات حول القرآن الكريم ‪.‬‬

‫وعندما شعر المسلمون بخطورة الوضع ‪ ،‬وخافوا على دينهم من ال ّشبه وال ّشكوك الّتي كانت تثار حوله ‪،‬‬
‫أوجبوا على أنفسهم ضرورة ال ّر ّد وال ّدفاع فنشأ علم الكالم ‪.‬‬

‫إاّل ّ‬
‫أن هذا العلم لم ينشأ منذ البداية دفعة واحدة ‪ ،‬بل م ّر بعدة بمراحل وأدوار حتّى أصبح علما متكامال له‬
‫أبوابه وفصوله ومبادئه ‪ ،‬إذ ال يمكن التّح ّدث عن علم الكالم كعلم إال مع نهاية القرن الثاني للهجرة‬
‫وبالتّحديد مع المعتزلة ‪ ،‬وهي المرحلة الّتي بلغ فيها ذروته وصوال إلى القرن الرابع للهجرة مع األشاعرة ‪،‬‬
‫وهذا ال ّزمن هو زمن تدوين علم الكالم ‪.‬‬

‫فإن اختالط المسلمين بغيرهم ‪ ،‬كما أشرنا هو السّبب الخارج ّي المباشر ‪ ،‬انطالقا من ّ‬
‫أن أولئك‬ ‫ومنه ّ‬
‫المش ّككين في ال ّدين والمثيرين لل ّشبهات كانوا قد تعرّفوا على الفلسفة اليونانيّة وعلى المنطق األرسط ّي ‪،‬‬
‫وبذلك كانوا قد أتقنوا طريقة الجدل والبرهان والحجاج في المسائل الاّل هوتيّة ‪ .‬هذا إضافة إلى أنهم كانت‬
‫لهم ديانات قديمة ‪ ،‬كل هذه اإلمكانيّات وإن ص ّح تسميتها المؤهّالت أعطتهم القدرة على إتقان الجدل في‬
‫الاّل هوتيّات وفي مسائل أصول العقائد ‪،‬كقولهم في التّوحيد والصّفات والقدر والقضاء وغيرها ‪.‬‬

‫ومن هنا وجب كذلك أن نشير إلى تاريخ هذا االختالط الذي كان سببا في نشأة علم الكالم ‪ ،‬وذلك بالرّجوع‬
‫إلى مراحل بناء ال ّدولة اإلسالميّة وبالتّحديد إلى المرحلة الّتي بدأت تظهر فيها الفتن والبدع باعتبار ّ‬
‫أن هذا‬
‫العلم الّذي نتكلّم عنه نشأ ر ّدا على تلك البدع ودفعا لل ّشبه وإطفاء للفتن حتّى ال يض ّل عا ّمة النّاس من‬
‫المسلمين بين مشبّه ومجسّم وموحّد وغيرهم ‪.‬‬
‫وربّما اشت ّد االختالط في زمن الخليفة عمر بن الخطّاب ‪ ،‬هذا األخير الّذي حقّق فتوحات كبيرة نحو ال ّشرق‬
‫والغرب ‪ ،‬ومنه فبوادر الجدل في العقائد كانت في زمن الصّحابة رضوان هللا عليهم ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬األسباب الدّاخليّة لنشأة عم الكالم‪:‬‬

‫وهي أسباب نشأة علم الكالم من داخل البالد اإلسالميّة ‪ ،‬وعلى رأسها اختالف المسلمين فيما بينهم ‪ ،‬وال‬
‫نقصد هنا مسألة الخالفة فقط ‪ّ ،‬‬
‫ألن هذه األخيرة هي واحدة من بين االختالفات األساسيّة ‪ ،‬وهي سبب‬
‫مباشر لنشأة الفرق الكالميّة ‪ ،‬وهي كذلك ذات طابع سياس ّي فال يمكن لما هو سياس ّي أن ينتج علما ذو طابع‬
‫ي ‪ ،‬وإنّما اختلف المسلمون في مسائل عديدة كانت ك ّل واحدة منها دافعا لما بعدها ‪ ،‬ويمكن أن نجمل‬
‫اعتقاد ّ‬
‫تلك االختالفات فيما يلي ‪ :‬اختالف حول الخالفة ‪ ،‬اختالفات فقهيّة ( األحكام العمليّة )‪،‬اختالفات عقائديّة (‬
‫أصول ال ّدين )‪.‬‬

‫أ‪ /1-‬اختالف حول الخالفة ‪:‬‬

‫هو خالف مشهور معروف بين المسلمين بعد وفاة الرّسول عليه الصّالة والسّالم حول من يؤ ّم المسلمين‬
‫بعده ويتولّى أمور ال ّدولة اإلسالميّة وهو خالف سياس ّي خالص ‪.‬‬

‫ي أ ّدى إلى نشأة علم‬ ‫ّ‬


‫إن تط ّور الخالف بين المسلمين من خالف سياس ّي إلى خالف فقه ّي إلى خالف عقائد ّ‬
‫أن االختالف بين المسلمين أسفر عن نشوء فرق كثيرة وهذا مرجعه خالف سياس ّي بال ّدرجة‬
‫الكالم ‪ ،‬وذلك ّ‬
‫األولى ‪.‬‬

‫أ ‪ / 2 -‬اختالف حول األحكام العمليّة ‪:‬‬

‫أن الخالف في الفروع كان سببا في نشأة علم األصول ؟ مع العلم ّ‬


‫بأن الفروع‬ ‫قد يتساءل البعض ‪ :‬كيف ّ‬
‫الّتي تمثّل األحكام العمليّة لها مجالها الخاصّ وعلومها الخاصّة بها وعلى رأسها علم الفقه ‪.‬‬

‫إن الفقه وأصوله أو باألحرى استنباط األحكام العمليّة من أدلّتها التّفصيليّة أ ّدى إلى الرّأي واالجتهاد ‪ ،‬وهذا‬
‫ّ‬
‫المنهج عند المسلمين مسموح به وليس بدعة ‪ ،‬وكان في زمن الصّحابة الّذين كانوا يجيزونه ويعتمدونه فيما‬
‫لم يكن ظاهرا لهم ‪ ،‬أو فيما لم يبيّنه ال ّشرع بشكل صريح ‪ ،‬وفي هذا يقول أبو إسحاق ال ّشيراز ّ‬
‫ي في كتابه‬
‫أن أكثر أصحاب رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم الّذين صحبوه والزموه كانوا فقهاء‬
‫طبقات الفقهاء ‪ " :‬إعلم ّ‬
‫ق الصّحابة خطاب هللا تعالى أو خطاب رسوله صلّى هللا عليه وسلّم وما عقل‬
‫أن طريق الفقه في ح ّ‬
‫‪ ،‬وذلك ّ‬
‫منها ‪ ،‬وأفعال رسول هللا صلّى هللا عليه سلّم وما عقل منها وخطاب هللا ع ّز وج ّل هو القرآن وقد أنزل بلغتهم‬
‫وعلى أسباب عرفوها وقصص كانوا فيها فعرفوا مسطوره ومنصوصه ومعقوله " ‪.8‬‬

‫أ ّما في زمن الرّسول عليه الصّالة والسّالم فقد كان يجيب المسلمين على ك ّل ما صعب عليهم بوحي من هللا‬
‫‪ ،‬لكن بعد موته صلّى هللا عليه وسلّم ‪ ،‬ظهرت بعض األسئلة الفقهيّة الّتي لم يستطع أئ ّمة المسلمين وعلمائهم‬
‫من الصحابة والتابعين اإلجابة عليها ‪ ،‬إما ألنهم لم يجدوا جوبا صريحا محكما عنها في النص ‪ ،‬أو وجدوا‬
‫جواب لها ‪ ،‬ولكنه لم يكن واضح الداللة والمعنى ‪ ،‬فظهرت الحاجة إلى إعمال العقل والنظر من خالل‬
‫االجتهاد والرأي ‪.‬‬

‫إن هذا التوجه الجديد نحو الرأي واالجتهاد فتح باب الجدل بين المسلمين ‪ ،‬فدخلوا في بحوث فقهية استدعت‬
‫منهم مناهج في البحث ‪ ،‬كعلم أصول الفقه ‪.‬‬

‫خالصة القول هو أن باب النظر والرأي واالجتهاد في المسائل الفقهية مهد الطريق نحو الجدل في العقائد ‪،‬‬
‫وإن لم يكن الصحابة وأهل الحديث هم الذين أثاروا الجدل حول مسائل التوحيد والصفات وكالم هللا‬
‫والقضاء والقدر ‪ ،‬فإنهم أخذوا على عاتقهم في البداية مهمة الرد على أصحاب الشبه والمشككين ‪.‬‬

‫أ – ‪ /3‬اختالف في العقائد ‪ :‬وهو اختالف ظهر في عصر الصحابة رضوان هللا عليهم خاصة في نهايته ‪،‬‬
‫ويمكن أن نلمح بوادره مع فرقة السبئية ‪ ،‬في قولهم بالتأليه ‪ ،‬وأيضا مع فتنة الخوارج الذين بالغوا كثيرا في‬
‫قولهم بالتكفير وقولهم كذالك في الكفر واإليمان والوعد والوعيد ‪.‬‬

‫هذا وقد تطور الجدل في العقائد مع فرقة القدرية وقولها بنفي القدر وأن اإلنسان هو خالق أفعاله ‪ ،‬ثم‬
‫ظهرت الجهمية والمرجئة وفرق المشبهة وغيرها ‪ ،‬وهذه الفرق كلها برزت في نهاية القرن األول للهجرة‬
‫مع العهد األموي الذي كثرت فيه الفتن واشتد فيه الجدل والشك وإثارة الشبه ‪.‬‬

‫إن هذا الجدل في العقائد وما سبقه من جدل سياسي حول الخالفة ‪ ،‬ورأي واجتهاد في األحكام العملية كان‬
‫سببا مباشرا في نشأة علم الكالم ‪ ،‬وسنعود إلى هذا الجدل في العقائد بالتفصيل في خالل كالمنا عن مراحل‬
‫وأدوار علم الكالم ‪،‬وذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫ي ال ّشافع ّي ‪ ،‬طبقات الفقهاء ‪،‬تحقّيق وتق ّديم إحسان عبّاس ‪ ،‬دار الرّائد العرب ّي بيروت دون طبعة وسنة ‪ ،‬ص‬
‫‪ 8‬أبي إسحاق ال ّشيراز ّ‬
‫‪.35‬‬
‫ادوار علم الكالم ومراحله من اإلرهاصات إلى الذروة إلى الضعف‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬بوادر الجدل في العقائد ‪:‬‬

‫ال يمكن في هذه المرحلة أن نتكلم عن علم الكالم ‪ ،‬ألنه لم يتكون بعد ‪ ،‬والفترة الزمنية التي تمثل هذه المرحلة هي خالفة الصحابة األربعة إلى ما بعدها بقليل ‪ ،‬وبالضبط‬
‫النصف األول من القرن األول للهجرة ‪.‬‬

‫تمثل هذه المرحلة البوادر األولى التي ساهمت في نشوء علم الكالم تمثلت في بعض الشبهات والشكوك التي كانت تُبث في داخل المسلمين من طرف بعض المندسين ‪،‬‬
‫وهذه المرحلة ال تشمل زمن الرسول عليه الصالة والسالم ‪ ،‬ألن المسلمين في زمنه كان إيمانهم تسليمهما واعتقادا ‪ ،‬فلم يكن هناك جدل في العقائد ألن الرسول عليه‬
‫الصالة والسالم كان يجيب بوحي من هللا‪.‬‬

‫إال أنه وبعد فترة الرسول عليه الصالة والسالم ‪ ،‬جاء دور الصحابة الذين كانوا يجيزون الرأي في األحكام العملية ‪ ،‬ويمنعون النظر في العقائد إذ اعتبروه بدعة وضاللة ‪،‬‬
‫فحرموه وتوعدوا كل من يخوض في العقائد بطالنا‪.‬‬

‫أكبر الفتن في هذه المرحلة فتنة السبئية والخوارج ‪ ،‬أما السبئية بزعامة عبد هللا بن سبأ الذي قال بإلهية علي فيما يروى عنه ‪ ،‬وهذه فكرة من العقائد محضة الرتباطها‬
‫بوحدانية هللا ومنه كان للسبئية دور في إثارة الشبه والشكوك ‪.‬‬

‫أما الخوارج فقد كانوا في أول أمرهم أصحاب قضية سياسية لكن ما لبثوا أن تطورت أفكارهم إلى جدل في العقائد ‪ ،‬وذلك من خالل قولهم في مسألة الكفر واإليمان ‪،‬‬
‫ومرتكب الكبيرة ‪ ،‬فقد كفر الخوارج غيرهم من المسلمين (أنظر محاضرة الخوارج ) ‪ ،‬بل بلغ بهم األمر إلى تكفير بعضهم البعض ‪ ،‬يذكر البغدادي في كتابه الفرق بين‬
‫الفرق أن الخوارج " افترقت عشرين فرقة كانت كل واحدة منها تكفر األخرى " ‪ ،‬هذا وقد ارتبطت مسألة التكفير عندهم بالوعد والوعيد ‪ ،‬فقد اعتبروا أن مرتكب الكبيرة‬
‫كافر مخلد في النار ‪.‬‬

‫كما ظهرت فتنة أخرى في زمن الصحابة وهي فتنة القدرية ‪ ،‬ولعلها كانت موجودة حتى في زمن الرسول عليه الصالة والسالم ‪ ،‬لقوله ‪ ":‬القدرية مجوس األمة" ‪،‬‬
‫والقدريون األوائل عموما يقولون بنفي القدر و بأن اإلنسان هو الذي يخلق أفعاله ‪ ،‬وتعود هذه الفكرة في أغلب الروايات إل معبد الجهني الذي قال ‪ " :‬ال قدر واألمر أنف "‬
‫وهو قول ينفي القدر ويستأنف علم هللا ‪ ،‬فاهلل ال يعلم بالفعل إال بعد وقوعه ‪ ،‬وفي هذا يقول اإلسفرائيني (توفي‪471:‬هـ) ‪":‬وظهر في أيام المتأخرين من الصحابة خالف‬
‫القدرية ‪ ،‬وكانوا يخوضون في القدر واالستطاعة كمعبد الجهني وغيالن الدمشقي وجعد بن درهم ‪ ،‬وكان ينكر عليهم من كان قد بقي من الصحابة "‪.9‬‬

‫إن لهذه األفكار وغيرها التي انتشرت بين المسلمين دور كبير في إثارة الفتن ‪ ،‬األمر الذي دفع المسلمين إلى ضرورة الدفاع عن الدين اإلسالمي ‪ ،‬فأخذ التابعون من علماء‬
‫الحديث على عاتقهم مهمة الدفاع عن العقيدة في بداية األمر ‪ ،‬ومن ثمة اتسعت دائرة الجدل فنشأ علم الكالم و هذه هي المرحلة الثانية من مراحله ‪ ،‬وتفصل ذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬نشأة علم الكالم ‪:‬‬

‫ي ‪ ،‬وهذه المرحلة اشت ّد فيها الجدل حول مرتكب الكبيرة وحول الصفات والوعد والوعيد والقضاء والقدر وغيرها من مسائل العقيدة ‪،‬‬
‫نشأ علم الكالم في العهد األمو ّ‬
‫واتّسعت دائرة فرق الجهميّة والمشبّهة والحشويّة وتطورّت القدريّة ‪،‬كما اشت ّدت فرقة الخوارج وال ّشيعة كذلك ‪.‬‬

‫إن هذا الوضع كان أرضا خصبة لنشوء علم الكالم وذلك عن طريق الجدل والمناظرات بغرض ال ّر ّد على المش ّككين وأصحاب ال ّشبهات ‪.‬‬
‫ّ‬

‫المرحلة الثالثة‪ /‬مرحلة ذروة علم الكالم ‪:‬‬

‫يمكن أن نؤرّخ لهذه الفقرة من القرن" ‪2‬هـ" إلى القرن" ‪4‬هـ " وهي المرحلة الّتي عرفت نشأة فرقتين كبيرتين ومؤسّستين لعلم الكالم وهما ‪ :‬المعتزلة واألشاعرة إلى جانب‬
‫فرقة أخرى كانت قد نشأت قبل هذا ال ّزمان وهي فرقة " ال ّشيعة " وكانت فرق الخوارج والقدريّة والجبريّة وغيرها في تطور في هذه المرحلة المه ّمة من علم الكالم ‪.‬‬

‫أن المتكلّمين عملوا على إنشاء بنية ومنظومة معرفيّة متكاملة في علم‬
‫صيّتين أساسيّتين هما ‪ :‬التأسيس والتّنظير ‪ ،‬أ ّما التّأسيس فمن حيث ّ‬
‫يمكن أن نميّز هذه المرحلة بخا ّ‬
‫الكالم على مبادئ عقليّة ‪ ،‬ومنها ت ّم استنباط التّعريف المشهور لعلم الكالم " ال ّدفاع عن العقائد اإليمانيّة باألدلّة العقليّة " ‪ ،‬وهو ما يجعل ال ّدليل العقل ّي وأسلوب الجدل‬
‫والحجاج والبرهان طريق علم الكالم في ال ّدفاع عن العقائد ‪.‬‬

‫إن ال ّدليل العقل ّي القائم على الحجاج والجدل هو أسلوب ومنهج المتكلّمين ‪ ،‬إذ ّ‬
‫أن بداية االشتغال في هذا العلم تفرض‬ ‫يمكن أن نوضّح هذه الفكرة األخيرة من خالل ما يلي ‪ّ :‬‬
‫ك ‪ ،‬وبذلك يكون ال ّدفاع عن المسلّمة لدرء‬
‫وجود شبهة ‪ ،‬والغرض منه هو نفي تلك ال ّشبهة وإبطالها عبر العودة إلى المرجعيّة ال ّدينيّة الّتي هي بمثابة مسلّمة غير قابلة لل ّش ّ‬
‫ال ّشبهة بالعقل أي االنتقال من القضيّة "أ ‪ :‬ال ّشبهة" إلى القضيّة "ب ‪ :‬المسلّمة" يكون بالعقل ‪ ،‬ويمكن أن يحدث العكس فينتقل العقل من المسلّمة ث ّم يعرض ال ّشبهة ويقوم بعد‬
‫ذلك بنفيها وإبطالها ‪ ،‬وك ّل ذلك يت ّم بالعقل ‪ ،‬فعلم الكالم إذن يعتمد على العقل في ال ّدفاع عن العقائد بدفع ال ّشبه عنها من خالل استنباط ال ّدليل الّذي يستم ّد من ال ّشرع‪.‬‬

‫إال أنه توجد مسألة يجب أن نشير إليها هنا وهي مكانة العقل عند الفرق الكالمية ‪ ،‬فالمعتزلة غير األشاعرة وغير الشيعة كذلك ‪ ،‬ومنه نقول أن العقل كان منهج علماء‬
‫الكالم لكن بدرجات ‪ ،‬فالمعتزلة كان منطلقها العقل بالدرجة األولى وهي بذلك أول من مثل المنظومة العقلية في علم الكالم التي أشرنا إليها أعاله ‪.‬‬

‫أما األشاعرة فال ترفض العقل بل اعتبرته منهجا أساسيا في علم الكالم ‪ ،‬وجعلته في المرتبة الثانية بعد الشرع ‪ ،‬ذلك لقصوره وعجزه في كثير من األحيان ‪ ،‬كعدم قدرته‬
‫على الخوض في المسائل الغيبية ‪ ،‬وإمكانيته في الوقوع في الخطأ فهو قبل كل شيء عقل بشري ‪.‬‬

‫وعليه نستخلص أن تأسيس علم الكالم لم يتم دفعة واحدة بل كان ذلك عبر مراحل ‪ ،‬وتعتبر فترة القرن الثاني إلى القرن الرابع للهجرة المرحلة األساسية لعلم الكالم فيها‬
‫تأسس كعلم ‪ ،‬وإن شأنا الكالم عنه كمنظومة عقلية فإن ذلك كان مع المعتزلة بالدرجة األولى ‪.‬‬

‫أما من حيث التنظير فنقصد أنه في هذه المرحلة تم تدوين أمهات الكتب في علم الكالم ‪ ،‬إذ قامت كل فرقة بصياغة مذهبها الخاص ‪ ،‬ومن أهم الكتب التي نذكرها على سبيل‬
‫المثال وليس الحصر ‪ :‬كتب واصل بن عطاء(‪80/131‬هـ) ‪:‬كتاب المنزلة بين المنزلتين ‪ ،‬طبقات المرجئة ‪ ،‬كتاب التوبة ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫أبو الهذيل العالف من شيوخ المعتزلة عاش بين ‪135/225‬هـ‪ :‬كتاب الحج ‪ ،‬رسالة في العدل والتوحيد والوعيد‪.‬‬

‫عمر بن عبيد من المعتزلة (ت ‪142‬هـ) ‪ :‬كتاب الرد على القدرية ‪.‬‬

‫من الشيعة هشام بن الحكم (ت ‪179‬هـ) ‪ :‬كتب في اإلمامة والرد على المعتزلة ‪.‬‬

‫‪ - 9‬مصطفى عبد الرزاق ‪ ،‬تمهيد لتاريخ الفلسفة ‪،‬ص ‪.182.183‬‬


‫من األشاعرة ‪ :‬أبو الحسن األشعري ‪ :‬كتب في الرد على الفرق ‪ ،‬كتب مقاالت اإلسالميين ‪ ،‬اإلبانة عن أصول الديانة‪...‬إلخ ‪.‬‬

‫مالحظة ‪:‬‬

‫نشير هنا إلى فريق من المسلمين ال ينتمون ألي فرقة من فرق المتكلين ‪ ،‬نقصد بهم أهل السنة والجماعة أو المحدثين ‪ ،‬كان لهؤالء دور مهم في تطور علم الكالم ‪ ،‬لكن‬
‫مرجعيتهم كانت شرعية خالصة ‪ ،‬وإن كانوا يرفضون علم الكالم ويعتبرونه بدعة إال أن الضرورة دعتهم إلى الدفاع عن العقائد عن طريق المناظرات لدفع الشبهات عن‬
‫الدين اإلسالمي والتي كانت كثيرة في زمنهم ‪.‬‬

‫إن علماء الحديث وعلى رأسهم أحمد بن حنبل وأبو حنيفة وكذلك الشافعي كانت مرجعيتهم القرآن والسنة منهجهم الرأي واالجتهاد ‪ ،‬وكانوا يتفادون التأويل خاصة في‬
‫األحاديث التي فها كالم عن العقائد ‪ ،‬هذه األخيرة كانوا يكتفون بتصنيفها وتبويبها دون االجتهاد في تأويلها‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة ‪ :‬ضعف علم الكالم وتراجعه ‪:‬‬

‫نتكلم هنا عن القرن الخامس للهجرة الذي عرف فيه علم الكالم منعرجا حرجا في طريق تطوره ‪ ،‬ألنه في هذه الفترة تم منعه أو باألحرى منع الجدل في العقائد ‪ ،‬في هذه‬
‫الفترة كانت المعتزلة في مرحلة ضعف وزوال لما لقيته من رفض ونفور من الخليفة العباسي المتوكل الذي طلب من أهل الحديث مناظرتها والرد عليها إلضعاف مذهبها ‪،‬‬
‫وقد حدث ذلك فعال ‪ ،‬وكان هذا قبل القرن الخامس للهجرة ‪.‬‬

‫أصبح كل كالم في العقائد ممنوعا وكل من يخوض في ذلك يعاقب عقابا شديدا ‪ ،‬ووضع بيان من طرف الخالفة لذلك ‪،‬سمي بالصحيفة أو الوثيقة القادرية التي وضعها‬
‫الخليفة العباسي القادر باهلل‪ ، *10‬وقد كان مضمونها تبيان عقيدة أهل السنة ‪ ،‬وأوامر ونواه ُألزم بها أهل الكالم ‪ ،‬وتم عرض الصحيفة بجمع القضاة والعلماء في دار الخليفة‬
‫وقراءة كتاب " جمعه القادر باهلل في مواعظ وتفاصيل أهل البصرة وفيه الرد على أهل البدع وتفسيق من قال بخلق القرآن"‪ . 11‬ومنذ ذلك الحين منع علم الكالم وأحرقت‬
‫كتب المتكلمين وعوقب كل من يحوز في مكتبته على كتب المتكلمين ‪ ،‬لذلك يرى بعض المؤرخين لعلم الكالم أن إرثا مهما ضاع في هذه الفترة ‪ ،‬ومنه أصبحت األولوية‬
‫لمذهب أهل السنة والجماعة ‪.‬‬

‫(معلومة)‬ ‫علم الكالم‬

‫وال‬ ‫ال‬ ‫الإ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫الت‬ ‫بباس‬ ‫علم الكالم يعرف‬
‫وال ي إة ‪ .‬ي ذ ع دُّ إل‬ ‫ال‬ ‫با‬ ‫وا‬ ‫و‬ ‫لإس‬ ‫ال‬ ‫لإس‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬
‫لنظ ر است‬ ‫في مس سمي‬ ‫لامي‪ ،‬جل من لياته عقل ‪ .‬و‬ ‫كاساً لمنهج تكفي ر‬ ‫جا عل أصول ا فقه‬
‫عل لامسائل لإي‬ ‫د من متكلمين‪ ،‬واشتغا آليتا لاستدلا ال‬ ‫ال بو الن ا‬ ‫بذ ل‬ ‫‪،‬‬
‫مان ستة يلح‬ ‫ن‬ ‫له ما تحي عليه وما وز و ر ه نم‬ ‫إيمان ه‪ ،‬ومع‬ ‫ة ‪.‬وه علم ب ىن عرفة لل ه‬
‫الصح‬ ‫وا‬ ‫ج م الك‬ ‫ ط ن‬ ‫الم‬ ‫أشرف العلوم وأكرمها على هللا تعالى‪ ،‬ألن شرف العلم يتبع‬
‫وإجماع العدول‪ ،‬وفهم العقول السليمة في حدود القواعد الشرعية‪ ،‬وقواعد اللغة العربية األصيلة‪. .‬‬

‫ويقوم علم الكالم على بحث ودراسة مسائل العقيدة اإلسالمية بإيراد األدلة وعرض الحجج على إثباتها‪ ،‬ومناقشة األقوال واآلراء المخالفة‬
‫لها‪ ،‬وإثبات بطالنها‪ ،‬ودحض ونقد الشبهات التي تثار حولها‪ ،‬ودفعها بالحجة والبرهان‪..‬‬
‫ ‪.‬وذل أ هذ‬ ‫ل ‬
‫ا‬ ‫العل ه الذ يعرفن لاأدل والبراهي والحج العلمي الت باستخدامه نستطي أ نثب أصو الدي لاإلسامي ونؤم به ع يقي‬
‫وصحته‬ ‫نع وج نب الن‬ ‫ة ‪.‬وهك إ أرد‬ ‫ج‬ ‫ة ى‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫ة‬ ‫ل ا‬ ‫ا ةا ‬ ‫ه و ي‬
‫يم‬ ‫ضا ذا نا أن في هة‬ ‫نق برها ع ذ‬ ‫ه المجا وندرسه‬ ‫فإن نع إ أد ه الع ال يست ب‬

‫‪ *10‬ولد سنة ‪336‬هـ توفي ‪422‬هـ ‪ ،‬وُ لي الخالفة سنة ‪381‬هـ ‪ ،‬هو أبو العباس أحمد بن إسحاق بن الخليفة المتوكل بن الخليفة المقتدر بن المعتضد بن أمير طلحة ‪ ،‬له كتاب‬
‫فضائل الصحابة واكفار المعتزلة القائلين بخلق القرآن ‪ ،‬كان على مذهب أهل السنة والجماعة ‪ ،‬درس على يد فقهاء الشافعية ‪.‬‬
‫ابن كثير ‪،‬البداية والنهاية ‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫الذات اإللهية‪ ،‬نرجع إلى هذا العلم‪ ،‬وعن طريقه نستطيع معرفة ما يقال من نقد إلبطالها‪..‬‬
‫ ‪.‬فملث ل أقمن الدلي عل ثبو المعا ( أ ال‬
‫ته أي قين عاد‬ ‫اطع‬ ‫مان‬ ‫قاد از م‬ ‫اب في هذا لي م أن ؤدي إلى بات عاد شكل ونا إىل‬ ‫ال‬
‫وا أو‬ ‫تهم‬ ‫اب‪ ،‬ومن بعد‬ ‫ضهم‬ ‫مة‪،‬‬ ‫رهم يوم‬ ‫ثه من بور‬ ‫ناس‬

‫تعريفه‬
‫هو علم إقامة األدلة على صحة العقائد اإليمانية‪ ،‬فقد عرف علماء الكالم ذلك العلم بأنه‪::‬‬
‫ ‪:‬القرآ والسن الصحيح إقام الحج والبراهي العقلي والنقلي ور الشبها ع لاإلسا‬

‫وهناك عدة تعريفات لعلم الكالم‪ ،‬تختلف في ظاهرها في المفهوم المأخوذ منها‪ ،‬ولكنها في حقيقتها ترجع إلى حقيقة واحدة‪ ،‬منها تعريف‬
‫وت ف ل خا بالأق‬ ‫ال‬ ‫المح‬ ‫ال والأ‬ ‫الإ‬ ‫الفارابي بأنه "ملكة ي‬
‫إثبا العقائ الدين بإي ا ود الشبه والمراد با‬ ‫ر‬ ‫قول " ‬ ‫ا جي ال‬ ‫ه‬ ‫ ‪.‬و‬
‫‪ ".‬إذ‬ ‫ال‬ ‫لعم‬ ‫و‬ ‫ين حمد‬ ‫ة‬ ‫د العمل‪ ،‬بالدينية الم‬ ‫د ا ص د نفس الا‬
‫دون م‬ ‫نا جد‬ ‫الإس‬ ‫يز‬ ‫ية‬ ‫الإ‬ ‫م وم ى ا‬ ‫الفارابي واإليجي قد جعال علم الكالم‬
‫يحصر التعريف في نصرة االعتقادات على مذهب السلف وأهل السنة ويخرج باقي الفرق فيقول في تعريفه لعلم الكالم‪" ::‬هو لم‬
‫ة‪ ،‬سر ذه‬ ‫لف هل‬ ‫هب‬ ‫ات عن‬ ‫ين ف ي‬ ‫عة‬ ‫ية رد لى‬ ‫يةب لة‬ ‫ئ د‬ ‫اج عن‬ ‫من‬
‫بمو‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫تعر‬ ‫ال في نق منا لال ‪.‬و‬ ‫يد‪ ".‬وه في هذا اف ما ذهب ليه‬ ‫ية هو‬ ‫ئ د‬
‫الل‬ ‫ث نع ه‬ ‫الجر ي ب وله " ‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ال الن ةف الإله‬ ‫ال‬ ‫ل‬
‫من التعر ف‬ ‫قناو لإسل لإخرا لافلسف ا‬ ‫م المبدأ وال ع اونن الإ ‪.‬‬ ‫وصفات وأحوال لم‬
‫ر عل‬ ‫و م‬ ‫ال لأرني‬ ‫ال دا ‬ ‫يقو صديق ن لقنو في‬ ‫عل القواع العقلية الفلس‬ ‫ا حث ذ م‬
‫مقص األص من‬ ‫اهت‬ ‫ ‪:‬ذات هل عالى‬ ‫الش ع وموضو ع‬ ‫إثبات لعقائد الدين بإي ا ع‬
‫رو تل البما يف علم كلام لئلا‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫اته ا تاجت باديه إلى‬ ‫ام ته الى‬ ‫م‬
‫حكم بك الب ي ه ى‬ ‫حيث هو موجود ميزو عن‬ ‫ضوع ا‬ ‫ة‬ ‫لوم رعية‬ ‫تاج‬
‫أن‬ ‫قي وتح‬ ‫لا ‬ ‫رون تياجه إىل فة‬ ‫ا ال‬ ‫نون سلا وفي لحكمة لى تضى العقول‬
‫إن لم لك‬ ‫د ني تعلق ق ا‬ ‫حي يتعلق ه‬ ‫ضوع المع‬ ‫طق‬ ‫لوم الشرعي إلى لم‬ ‫تاج‬
‫با‬ ‫ش فيه أنت خذ العقيد أولا ن لكتا والسنة‬

‫رة ‪:‬‬ ‫المسيار‬ ‫نية‪ ".‬ال الكمال بن الهمام‬ ‫دنيية ن‬ ‫"الك العلم بالعقائد‬ ‫وقال سعد الدين التفتازاني‪::‬‬
‫ما عليها من العقائد المنسوبة إلى دين اإلسالم عن األدلة علما وظنا في البعض منها"‪. ".‬وهذ التعري يفتر ع م سبق بنص عل أ بع‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫العقائ تؤخ ع دلي ظني وم هن فإ علما اللكا يدرجو ف تصانيفه بع المسائ الت تنبن ألص عل أدل ظني‬
‫وم عل ‪ .‬ذ‬ ‫ر ةف ي له ‪:‬الفق معرف ا‬ ‫خوذ من ول‬ ‫ا‬ ‫" وه ‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ف ي‬ ‫ن ي‬
‫و إفحام المخالف‬ ‫ف ال‬ ‫م ه ال يف تثبيت ال‬

‫والمالحظ في هذه التعاريف‪ ،‬أن بعضها ناظر إلى المواضيع التي يدور البحث عنها في هذا العلم‪ ،‬وبعضا ً آخر ناظر إلى الغاية المرجوّ ة منه‪..‬‬
‫مس‬ ‫الم‬ ‫ي بحث ن ا‬ ‫م‬ ‫‪ ":‬العل‬
‫تخل أنع ‬ ‫كننا‬ ‫قة‪ ".‬ومن ال‬ ‫با‬ ‫وا ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫صاً ا‬ ‫وال‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫و‬ ‫يح‬ ‫ية‪ ،‬هو لك‬ ‫ا‬ ‫ينية ع ن‬ ‫ام قوم ى‬
‫ية تت في‬ ‫ة‬ ‫لام‬‫م‬ ‫ق تعتر‬ ‫ن ران ‪:‬ن ال ونو القل وتزو الشكوك الوس‬ ‫ة‬
‫قديمة أو‬ ‫‪ ،‬هؤلاء هم‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫رد‬
‫لية‬ ‫ها وذل عن ي ق د‬ ‫اتو ‬ ‫م ويض لة صحاب‬ ‫ة‪ ،‬يقو م م‬ ‫وا‬ ‫سلام‬
‫ام د‬ ‫ميةف ‪.‬ع‬ ‫ا‬ ‫انات‬ ‫ها صحاب‬ ‫ا‪ ،‬يضا الرد لى شبه ي‬ ‫لتي‬
‫صحة العقيدة بالعقل‪ ،‬ودور دفاعي يقوم بالدفاع عن العقيدة ضد الخصوم المنكرين لها‪ ،‬وقد تالزم الدوران عبر مراحل نشأة علم الكالم‬
‫وتطوره‪ ،‬وليس صحيحا ما يذكر بأن مهمة علم الكالم كانت دفاعية فقط ولم يهتم بتوضيح العقيدة وشرحها‪. .‬‬

‫وقد عرف علم الكالم الكثير من العلماء والفالسفة المسلمين‪ ،‬وهذه التعريفات وإن تباينت في ألفاظها إال أنها كلها تكاد تتفق على معنى واحد‪..‬‬
‫ ‪.‬وهذ التعريفا تبي‬
‫أ عل اللكا عل يستطي المر م لخال أ يثب العقائ لاإيماني إثبات ا صحيح ا وأ ير ك الشبها ولاانحرافا ع هذ العقائ‬
‫ ‪.‬وق ذه بع الباحثي إل‬ ‫تتفق هذه التعريفات على أن موضوع علم الكالم هو الذات اإللهية‪::‬‬
‫أ هنا شرطي اب م توافرهم لك يكو البح مندرج ا تح عل اللكا‬

‫الشرط األول أن يبدأ عقيدته من كتاب هللا وسنة رسوله‪. .‬‬ ‫‪.​1‬‬

‫والشرط الثاني أن يكون هدف الباحث والغاية من دارسته هو الدفاع عن هذا اإليمان بالعقل‪ ،‬أي البد له من أن يؤكد الشريعة‬ ‫‪.​2‬‬
‫بالعقل‪. .‬‬

‫ل ‬ ‫فبدون هذين الشرطين لن يكون البحث بحثا ً كالميا ً أو مندرجا ً تحت علم الكالم‪..‬‬
‫ ‪.‬لواب أ تكو غايت الدفا ع هذ الشريع سوا بشر‬ ‫ل ‬ ‫ل ‬
‫نصوصه الديني أ بتفسيره والتعلي عليه أ بإيرا الحج العقلي المؤيد له‬

‫تسميته‬
‫الاعتق‬ ‫بالأ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫با‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫أطلقت عدة تسميات على ذلك العلم الذي يت‬
‫األصلية في مقابل علم الفقه الذي يتعلق باألحكام الفرعية العملية‪..‬‬

‫وهذه التسمية تقوم على شرف ذلك العلم وعلو منزلته‪ ،‬إذ أنه يتناول األصول االعتقادية التي تبنى عليها الفروع وهو بذلك رأس العلوم‬
‫اإلسالمية إذ إليه تنتهي هذه العلوم‪ ،‬وفيه يبين مباديها وموضوعاتها‪..‬‬
‫للا ‬
‫ ‪.‬ولق أطل المتكلمو لاأوائ عل مؤلفاته اللكامي هذ لاأسماء فمؤل أب حنيف سما الفق لاأكبر ومؤل‬
‫الماتريد عنو باس التوحيد ومؤل أب اليس البزدو عنو باس أصو الدين وكذل عب القاه البغداد ل كتا بعنوا أصو‬
‫الدي‬

‫والمشهور هو تسمية ذلك العلم بعلم الكالم‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪ ،‬منها أن مسألة الكالم اإللهي كانت أشهر مباحثه فسمى الكل باسم أشهر‬
‫أجزائه‪ ،‬وأيضا سمي بعلم الكالم ألنه يورث قدرة على الكالم‪ ،‬وأيضا ألن نسبة هذا العلم للعلوم اإلسالمية كنسبة المنطق إلى الفلسفة فسمي‬
‫بالكالم‪ ،‬وذلك حتى تقع المخالفة اللفظية بين االسمين وأيضا ألنه أول ما يجب من العلوم‪ ،‬والكالم سبب لتعليم العلوم وتعلمها فكان سببا لها‬
‫في الجملة‪ ،‬وأيضا ألن مباحث هذا العلم مباحث نظرية فهو يبحث في األمور االعتقادية التي ال يندرج تحتها الفعل‪ ،‬أما الفقه فهو يبحث في‬
‫أحكام عملية يندرج تحتها فعل‪ ،‬وعلى هذا فالكالم مقابل الفعل‪ ،‬والمتكلمون قوم يقولون في أمور ليس تحتها عمل‪ ،‬فكالمهم نظري لفظي ال‬
‫يتعلق به فعل‪ ،‬بخالف الفقهاء الباحثين في األحكام الشرعية العملية‪..‬‬
‫للا ‬

‫ف ذكا وكذا؛‬ ‫و ‪:‬ال‬ ‫عن‬ ‫لاا‬ ‫مب ‬ ‫ويقول سعد الدين التفتازاني في بيان أسباب تسمية علم الكالم‬
‫الكالم كان أشهر مباحثه وأكثرها نزاعًا وجدااًل ‪ ،‬حتى إن بعض المتغلبة قتل كثيرً ا من أهل الحق؛ لعدم قولهم بخلق القرآن"‪. ".‬وذه‬
‫الشهرستان ف المل والنح إل أ سب تسميت بهذ لااس ‪: :‬إ" م لأن أظهر سألة لموا فيها تلوا لي هي سأل ة لام‪ ،‬فسمي‬
‫دفان‪ ".‬ويع عضد ادلين لإيجي تسم‬ ‫منطقو كلام‬ ‫نطق‪،‬‬ ‫لته م اس في يته ف من فنون لمهم‬ ‫لنوع مها‪ ،‬وإما‬
‫أ لأ ن‬ ‫لفا أو لأن واهب عنون ت لا بالك ف ‬ ‫قول إ" نم سم لا إما لأنه زاءا ‬ ‫عمل لكلام أسباب ماثلة‬
‫صم" ‪.‬وا‬ ‫احر السفك فغ عل أ لأنه ورث القردة عل الكلام ي شرعيا وعم‬ ‫كثر يه‬ ‫ألة لكلام شهر أجز‬
‫كلام‬ ‫ها بال ف‬ ‫أ علةت يته الكالم علم لكام‪ ،‬عة‬

‫ويبدو من هذه التسميات أنها اشتقت من أهم مباحث هذا العلم التي يبحثها فسمي تارة بأصول الدين من حيث تناوله ألصول الدين بالبحث‪،‬‬
‫وتارة سمي بالتوحيد من حيث إن األصل األول الذي يقوم عليه الدين هو وجود هللا تعالى ووحدانيته‪ ،‬وتارة يسمى علم الكالم وذلك من أشهر‬
‫الد و‬ ‫لاك‬ ‫لصاح الق‬ ‫إ ت‬ ‫الع‬ ‫فا‬ ‫ت‬ ‫تعا و أ‬ ‫مسميات هذا العلم وهو ك‬
‫لمنهجه العقلي واستخدامه للعقل بجانب النص‪ ،‬وإما لطبيعته النظرية من حيث اتصاله بالنظر المجرد الذي ال يتصل بالعمل‪..‬‬

‫موضوعه‬
‫موضوعات علم الكالم تتعلق باألصول الدينية كالبحث في ذات هللا وصفاته وأفعاله‪..‬‬
‫ا‬
‫ ‪.‬يتناوله بحس م ورد ف الشريع أمرا مقررا مدخ في للشك محالو أ يؤيده بلاأدل العقلي حت‬
‫يكون اإليمان بها أشد وثوقا ً وأكثر توكيداً الجتماع النقل والعقل معاً‪ ،‬فضالً عن أن الدليل العقلي هو السبيل إلى إثبات هذه األصول على‬
‫ل ‬ ‫للا ‬ ‫المخالفين من أصحاب الديانات المخالفة‪..‬‬
‫عل أصو اللفاسفة أ اللفاسف له لكا ف ذل يعر‬ ‫ ‪.‬وه عل قانو لاإلسا‬
‫ا‬
‫وف ح اللمائك وغي ذل اعتماد عل مجر النظ بالعقل ب يتكلمو ف ذل‬ ‫عنده بلاإلهيات وعلما التوحي يتكلمو ف ح‬
‫ا‬
‫م با لااستشها بالعق عل صح م جا ع الرسول فالعق عن علما التوحي شاه للشر لي ألص للدين وأم اللفاسف فجعلو‬
‫ألصا م غي التفا إل م جا ع لاأنبياء لف يتقيدو بالجم بي النظ العقل وبي م جا ع لاأنبياء عل أ النظ العقل السلي‬
‫الم‬ ‫ف‬ ‫" وأ ‪:‬‬ ‫ن ا‬ ‫ء م‬ ‫ي ي‬ ‫ل و د‬ ‫يخر عمّ جا ب الشر لو يتناق مع‬
‫ال ‪:‬يد‬ ‫ي‪ "....‬يل له ما قولف ع ال‬ ‫سا‬ ‫افظ‬ ‫الح لا ير‪ ".‬ال‬ ‫سنة‬ ‫ها‬ ‫ت‬
‫هب‬

‫بع‬ ‫إثبات العقائد الدين تعل‬ ‫م ح‬ ‫"ال‬ ‫وموضوع علم الكالم هو كما يحدده اإليجي في كتابه المواقف‪::‬‬
‫ا أ عقائ دينية إثبات قِدَم لوحدة لصانع‪ ،‬وإثب لحدو‬ ‫م‬ ‫" ‬ ‫في ف ‬ ‫ ‪.‬يق الشريف ال‬
‫صوحة عادة للأجس وا قضا ت علي تلك لقعائد تر الأج من جواهر الفدرة وجواز خلاء انتف الح وعدم‬
‫كا‪،‬م‬ ‫على جملة ن‬ ‫ذا ‪. "..‬وال‬ ‫اع ك صفات تعالى تع و‬ ‫إل‬ ‫دومات لم‬ ‫ايز‬
‫دية أنها لأمور‬ ‫ا‬ ‫و وضح انب‬ ‫عام‬ ‫ت‬ ‫لأمور لعملي ة‬ ‫ها‬ ‫ية ‪،‬‬ ‫ال‬ ‫بال‬ ‫ه ا‬
‫ب‬ ‫عن إينام فقلا ‪:‬‬ ‫ح سئ‬ ‫ار لسنتن وه التي تقر ب‬ ‫ب بنا تق في نفسنا ا‬ ‫ي‬
‫ورسله واليوم اآلخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"‪. ".‬وهذ ه العقائ لاإيماني المقرر في علم الكالم‪.‬‬

‫وهذه األمور االعتقادية ال تتعلق بالعمل‪ ،‬فيذكر جالل الدين الدواني في شرحه على العقائد العضدية طبيعة تلك األمور االعتقادية مفرقا بينها‬
‫مل نه لى اً اً لى ير لك‬ ‫ده من ير لق ية‬ ‫رض فس‬ ‫وبين طبيعة األمور العملية فيقول‪" ::‬ما لق‬
‫اً‬ ‫مى ئع‬ ‫وم‬ ‫حج‬ ‫اة‬ ‫اة‬ ‫وب‬ ‫مل‬ ‫قة ية‬ ‫ام‬ ‫مى ل ك‬ ‫ات‬ ‫ات أو‬ ‫حث‬ ‫من‬
‫بحث‬ ‫ية‪،‬‬ ‫كام‬ ‫وع‪ ،‬علما لام اول صول دي في ابل فقه لذي الو‬ ‫رة‪ ".‬دين ذلك قوم على صول‬ ‫اً‬
‫ت با‬ ‫موض‬ ‫الأ‬ ‫ال‬ ‫خرة ‪.‬‬ ‫له‪ ،‬بعث رسل كما‬ ‫علما لا هو تاذ لله الى اته‬
‫وضو عل م كل ه الله عا إذ يبح ف عن ارضه اتية ال هي‬ ‫ك الع ف‬ ‫وأف‬ ‫ت‬ ‫ث‬
‫وتية لبي وعن عال إ في دنيا حدوث الم‪ ،‬وإ ي آخرة لحش وعن كامه يهما كبعث لرسل وصنب إم في‬ ‫فاته‬
‫ثواب عق ي آخ م حيث نهما جبان عل‬ ‫دن م حيث نهما جبان عليه عا أ لا‪،‬‬

‫ئه‪ ،‬وعن‬ ‫اته‬ ‫ويقول شمس الدين السمرقندي في الصحائف اإللهية‪" ::‬لما كان علما لام فسه بح عن تاذ لله الى‬
‫ا ار له‬ ‫الممكنات واألنبياء واألولياء واألئمة والمطيعين والعاصين‪ ،‬وغيرهم في الدنيا واألخرى‪ ،‬ويمتاز عن العلم اإللهي‬
‫للا ‬ ‫األبحاث بكونه على طريقة هذه الشريعة‪ ،‬فحده‪::‬‬
‫"‬

‫وعلم الكالم يبحث في العالم من حيث داللته على هللا‪ ،‬فيذكر الخوارزمي في بيان أصول الدين التي يتكلم فيها المتكلمون‪ ،‬وأولها القول في‬
‫ا وه له لى رد لى‬ ‫حدوث األجسام والرد على الدهرية الذين يقولون بقدم الدهر‪ ،‬والداللة على أن للعالم محدثا ً (أي خال ق‬
‫مب‬ ‫ج المتكل‬ ‫اتف ا‬ ‫المب لاكلام‬ ‫م الإم ا ذك التها وغ‬ ‫لةو ‪.‬يل‬
‫ت لم ال بل‬ ‫إمامة س‬ ‫ "ريى‬ ‫لم‬ ‫في" المسا‬ ‫اله‬ ‫لاكل ف س الم الك‬
‫ل‬ ‫ة‬ ‫أن مبح ا‬ ‫مات ‪.‬و سيف الدي ا‬ ‫ا‬

‫أهميته‬
‫علم التوحيد أو علم الكالم هو علم يفيد معرفة هللا على ما يليق به ومعرفة رسوله على ما يليق به‪ ،‬وتنزيه هللا عما ال يجوز عليه‪ ،‬وتبرئة‬
‫للا ‬ ‫األنبياء عما ال يليق بهم‪ ،‬أو يقال‪::‬‬
‫علي الروذ تل‬ ‫يخ‬ ‫م الم ‪.‬‬ ‫‪ ":‬التو إفر‬ ‫ ‪.‬قا إما الصوفي الجني البغداد ‪:‬‬
‫ف‬ ‫وال‬ ‫كلم اوحدة ل صورت اوأل‬ ‫وح‬ ‫‪،‬‬ ‫ا بإث مفا التعط وإنكار ال‬ ‫الجني " الت اس‬ ‫يذ‬
‫صح‬ ‫شر‬ ‫سقلاني‬ ‫ا فظ ن ر‬ ‫ير‪).‬‬ ‫الس‬ ‫ه الى ‪ :‬س‬ ‫خلا‬ ‫س‬
‫البخا " أ السنة فسروا‬

‫وشرف هذا العلم على غيره من العلوم لكونه متعلقا ً بأشرف المعلومات التي هي أصول الدين أي معرفة هللا ورسوله‪..‬‬
‫‪ ":‬أن‬
‫تغفر‬ ‫له‬ ‫إ ال إلا‬ ‫" الى‪:‬ف" ‬ ‫ماً قال‬ ‫علومت يلاً حقهات يلاً‬ ‫فكا هذا لعل أهم‬ ‫م‬ ‫وأخ‬ ‫أع‬
‫األمر بمعرفة التوحيد على األمر باالستغفار لتعلّق التوحيد بعلم األصول‪ ،‬وتعلق االستغفار لعلم الفروع‪..‬‬
‫ع‬ ‫ال‬ ‫ه‪ ".‬صح عن دب بن ا دب له نه ال ‪:‬‬ ‫ن ه‬ ‫ ‪:‬أ العم أفضل قا‬
‫إيما ن‬ ‫‪ ،‬لنما يما ق أن القرآن ثم تعلم القر فازدد‬ ‫ا و‬ ‫لاغ‬ ‫زاو َرة (جمع ح َز َ‬
‫وسلم ونحن فتيان َح ِ‬
‫رواه ابن ماجه‪..‬‬
‫" ‬ ‫أي‬ ‫ا‪".‬‬ ‫نفس ما ها‬ ‫فهق ال‬ ‫ن فضل‬ ‫‪ ":‬الفق فقه‬
‫ا ت ا‬ ‫منها لا‬ ‫اد ه‬ ‫حدي ي ال‬

‫"تعل‬ ‫وفي فتاوى قاضيخان على مذهب أبي حنيفة عنه ما يدل على أهمية االعتناء بعلم التوحيد وتعلميه للناس‪ ،‬فقد ورد فيه ما نصه‪::‬‬
‫هم أمور وعلى الذين صدّوا لل أن لقنوا ال‬ ‫صفة لخلاق ول جل جلاله للناس وبيان خصائ مذ أهل السنة جم‬
‫جم‬ ‫يعلّ‬ ‫ا ن‬ ‫ؤمنين)‬ ‫ع‬ ‫عال ( وذكر فإن لذكرى‬ ‫الله‬ ‫في الس على ابره ذل‬
‫الصالة وشرائع اإلسالم وخصائص مذاهب الحق‪ ،‬وإذا علم‍‍وا في جماعتهم مبتدعا ً أرشدوه وإن كان داعيا ً إلى بدعته منعوه وإن لم يقدروا‬
‫رفعوا األمر إلى الحكام حتى يجلوه عن البلدة إن لم يمتنع‪ ،‬وعلى العالم إذا علم من قاض أو من آخر يدعو الناس إلى خالف السنة أو ظن منه‬
‫ذلك أن يعلم الناس بأنه ال يجوز اتباعه وال األخذ عنه فعسى يخلط في أثناء الحق باطالً يعتقده العوام حقا ً ويعسر إزالته!"‪! .‬‬

‫تاذ‬ ‫سلئ‬ ‫ب هواز إج‬ ‫عبد ال‬ ‫عبد الر‬ ‫"أخبرن لاشيخ الإ‬ ‫وقال ابن عساكر‪::‬‬
‫ب‬ ‫ل‪ ،‬وعل أن هذا صلي به‬ ‫ ‪:‬إن فرق بين صل‬ ‫هل تفاو ف‬ ‫ر ير مه له فقيل ه ‪:‬أرباب ال‬
‫ام‬ ‫ه وج ها‪ ،‬ذا يقا لع ‬ ‫به ضر‪ ،‬ففرق بين م ال هذ لو رأت يه مشكلة لم‬ ‫ات‪ ،‬ذاك لي‬
‫ء دين‪،‬‬ ‫ين‪ ،‬هذ جها مع يع‬ ‫كبر‪ ،‬ن لجهاد ي لظاهر مع‬ ‫ام وهذا وا ‬ ‫ويحل كل عض تع في‬
‫‪ ،‬ونلا ‬ ‫ن روف‪ ،‬إذا شكل اج قعة‪ ،‬جع لنا إلى‬ ‫لخراج في لد‬ ‫ا‬ ‫وهو ات بينا في ور ين‬
‫ن عرف‬ ‫ء لأصول هم‬ ‫‪،‬و ‬ ‫ة‬ ‫هاء‬ ‫لقراء‬ ‫ن‬ ‫بار‬ ‫رفين ه ‪،‬‬ ‫لم لله‬
‫اس‬ ‫ل ال وت‬ ‫ا‬ ‫م ذلك ن‬ ‫ون يو ‪ "...‬فظ‬ ‫اعن‪،‬‬ ‫في‬ ‫يل وي‬ ‫ما‬
‫بود‬ ‫بدا لا تصح ا مع‬ ‫م ‬ ‫دم على‬

‫فائدته‬
‫وتتلخص فائدة علم الكالم في التالي‪: :‬‬

‫معرفة أصول الدين معرفة علمية قائمة على أساس من الدليل والبرهان‪. .‬‬ ‫‪.​1‬‬

‫القدرة على إثبات قواعد العقائد بالدليل والحجة‪. .‬‬ ‫‪.​2‬‬

‫القدرة على إبطال الشبهات التي تثار حول قواعد العقائد‪. .‬‬ ‫‪.​3‬‬

‫حفظ قواعد الدين‪ ،‬أي عقائده من أن تزلزلها شبه المبطلين‪. .‬‬ ‫‪.​4‬‬

‫تبنى عليه العلوم الشرعية كلها‪ ،‬إذ هو أساسها‪ ،‬وإليه يؤول أخذها واقتباسها‪ ،‬وإنه بدون معرفة الخالق بصفات الجالل والجمال‪،‬‬ ‫‪.​5‬‬
‫وأنه أرسل الرسل وأنزل الكتب لم يتصور وجود علم التفسير وعلم الحديث وال علم الفقه وال أصوله‪ ،‬ومن ثم تظهر فائدة علم التوحيد وأنه‬
‫مرجع جميع العلوم اإلسالمية‪..‬‬
‫ ‪.‬ووجو النظ ف قواع العقائ ومعرفته وجو عقلي أوجبت الفطر‬
‫السليم الملزم بالتمس بالدي ولاالتزا بأحكام وتعليمات‬

‫منهجه وطريقته‬
‫السمات واألسس العامة للمنهج عند المتكلمين تتمثل في النقاط التالية‪: :‬‬

‫العقل والنقل ووجوب النظر‬


‫يقوم منهج المتكلمين على دعامتين أساسيتين هما العقل والنقل‪ ،‬فلقد ذهبوا إلى عدم تعارضهما‪ ،‬وأدخلوا عنصر العقل في المعرفة الدينية‬
‫وبذلك ال تقتصر على النقل وحده‪ ،‬ودافعوا عن النظر كأحد مصادر المعرفة وأهمها‪ ،‬ضد المنكرين له ومن السمنية المقتصرين على الحس‪،‬‬
‫والسوفسطائية المشككين في المعرفة العقلية‪ ،‬والحشوية المنكرين الستخدام العقل في الدين والواقفين عن ظواهر النصوص‪..‬‬
‫ا‬ ‫صل‬ ‫‪ ":‬النظ‬
‫‪ ،‬لمعت لة تقو " إن لعق‬ ‫ا‬ ‫وا‬ ‫ا‬ ‫قةا‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ف‬
‫درك الواجبات ومن جملتها النظر فيعلم وجوبه عندهم عقالً"‪. ".‬ويستد الجوين عل وجو النظ م جه الشر بإجما لاأم عل وجو‬
‫تعال واستبا بالعق أن يتأت الوصو إل اكتسا المعار لإ بالنظر وم يتوص إل الواج لإ ب فه واج‬ ‫معرف‬
‫ولما كان النظر واجبا ً وأنه ال تعارض بينه وبين النقل فإننا نجد المتكلمين قد أقاموا أدلتهم على أساس العقل والنقل‪ ،‬وأصبح إقامة الدليل ركنا ً‬
‫ ‪.‬والدلي ه م يرا‬ ‫ل ‬ ‫أساسيا ً من منهجهم‪..‬‬
‫ب إثبا أم أ نقض وق يستعم بمعن الحج‬

‫ولقد قسم عضد الدين اإليجي الدليل إلى ثالثة أقسام‪: :‬‬

‫دليل عقلي محض ال يتوقف على السمع ومقدماته عقلية محضة‪ ،‬كالقول‪::‬‬ ‫‪.​1‬‬

‫دليل نقلي محض‪ ،‬وهو ال يثبت إال بالعقل‪ ،‬وهو أن ننظر في المعجزة الدالة على صدقه ولو أريد إثباته بالنقل دار وتسلسل‪،‬‬ ‫‪.​2‬‬
‫يت مري ) عا يستح العق ب لق‬ ‫‪ (:‬أفعصي‬ ‫ومقدماته نقلية وهو كقولنا‪::‬‬
‫ه‬ ‫يعص الل و‬

‫دليل مركب منهما‪ ،‬أي تكون مقدماته مأخوذة من العقل أو بعضها مأخوذة من النقل‪. .‬‬ ‫‪.​3‬‬

‫وأضاف اإليجي أن هناك من المطالب ما ال يمكن إثباته إال بالنقل‪ ،‬ألنه غائب عن العقل والحس معاً‪ ،‬ويستحيل العلم بوجوده ده‬
‫صادق‪ ،‬ومن هذا القبيل تفاصيل أحوال الجنة والنار والثواب والعقاب‪ ،‬فهي تعلم بأخبار األنبياء‪ ،‬ومنه ما ال يعرف بالدليل العقلي كحدوث‬
‫العالم ووجود الصانع قبل ورود السمع‪ ،‬ومنه ما يعرف بكل واحدة من الطريقتين كخلق األفعال ورؤية هللا تعالى‪. .‬‬

‫منزلة العقل في القرآن‬


‫لقد احتل العقل منزلة هامة في القرآن‪ ،‬فهو لم يكن قط ضد التفكير والتأمل والبحث والنظر واالستدالل‪ ،‬الذي هو السبيل إلى معرفة هللا‬
‫تعالى‪ ،‬فهو من الواجبات على المسلم‪ ،‬ومن هنا دعا القرآن دعوة صريحة إلى النظر في العالم المخلوق‪ ،‬أما تعدي هذا المجال إلى البحث في‬
‫ ‪ :‬ق لُ انْظ‬ ‫ذات هللا وما يتعلق بها فهذا ممنوع‪..‬‬
‫َ‬ ‫َ لس ّ‬ ‫لَ مَْ ظُروُا م ل‬ ‫بانه ‪:‬‬ ‫قلوه س ح‬ ‫نَ‬ ‫ق ٍ ي ؤُ ِ‬
‫ْمن‬ ‫ْآ َو لا ُن‬ ‫تُ لا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ال أ‬ ‫م ا لا ّسَم ا‬
‫َلم ي تَ فَ‬ ‫ ل‬ ‫ْدَه ُ يؤُ مْ نِ وُ‬ ‫ب‬ ‫ِي ّ‬ ‫ْم‬ ‫َأ َع َأ ْن ُك نوَ‬ ‫ِت ضْرَأْ ِ وَمَ خ َل قَ ا للَّ ِمن َي و َ‬
‫ونَ ‪.‬و‬ ‫َاء رَبِّ ل‬ ‫سِ‬ ‫مُ وَ ِإ َِكث ري ِمنَ‬ ‫َو ِتا اَ ألْ رَ َضْ َوَما ْ هنَ َمُا ِإَلّ ا اِ ْلحَق ِ أوَ‬ ‫َ هُّ‬ ‫ِ اَم‬ ‫نَ ُْفس ه‬
‫س‬
‫ة ا‬ ‫ن‬ ‫خ‬ ‫َأْ ِاسْمِ َبِّك ال‬ ‫ل‬
‫ةي ل زن تيشر لى ف وه عالى ‪:‬‬ ‫ق‬ ‫ذ ‬ ‫ن ‬ ‫آ‬ ‫لم ال‬ ‫ا‬
‫اَّ ُْل الأَل‬ ‫أ يَْرًا ك ثِريًا مَ يَذَ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫ف ‬ ‫حْ‬ ‫لا‬ ‫َْةَ ن‬ ‫م‬ ‫ ي‬ ‫ة‬ ‫ل‬
‫ا وا كحم‪.‬‬ ‫اذ‬ ‫تاشق‬
‫ َدْ‬ ‫وَب عِن‬ ‫ا دلَّ ا‬ ‫ع ق هول ال ‪:‬ى َ‬
‫إِن‬ ‫ا لآ ي تد و‬ ‫رو اولدت نمو‬ ‫نسا لن صّل اعللم لن علمه إلا بال‬
‫ذِ لَ يَعْقِ نَ فلق جع الل ت ال لا تدخمون عقوله في بة لهبائم و ثر‬ ‫ل‬ ‫مُ‬ ‫للَّه الصُ ّ‬
‫بن ‪.‬دكما ا لإ ى‬ ‫وجب عليه الاجت‬ ‫ه ا‬ ‫با‬ ‫للعل و ا‬ ‫م كم ذم قر التقل الأ ك‬
‫الل تعالى‬ ‫رُو‬ ‫ةَ لْأُول َلَ َ ا‬ ‫َلَقَدْ َلِمْ ال‬ ‫نح قوله‬ ‫خ ماد س ع يلم ع لق ةي و‬
‫ا ا‬ ‫الح‬ ‫ء قاب‬ ‫تد على لبعث وا‬ ‫أة الأخرى على النشأة لأولى في‬ ‫لتاركي ل‬
‫يِ لاْ‬ ‫ف ‬ ‫لا‬ ‫ِل اَهَّن ر اوَ‬ ‫ْي‬ ‫امَ َوات ِ اَ ْلأ و اَ‬ ‫ا‬ ‫نَ ّ‬ ‫هنا هل‬ ‫ا او علامل ء‪ ،‬وأملثة‬ ‫ل‬ ‫ش نم‬ ‫و‬ ‫ما الع او نل يف‬
‫حِ‬ ‫َد ‬ ‫ ْنِ‬ ‫َم ْو و‬ ‫نَ‬ ‫ِمِب َ‬
‫واَلسَ‬ ‫فيِ‬ ‫ف ِ هي م‬ ‫َ‬ ‫ِء م َاء فََأ ْح ا‬
‫يَ ِبهِ‬ ‫أ ا ُ‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫ه‬ ‫ال النسف في‬ ‫ا‬ ‫ْقِلُ‬ ‫ٍتاَ لِقَ‬ ‫ل‬ ‫الْأ‬ ‫َاءِ‬ ‫ُسَخَّ‬ ‫ِ‬
‫ى‬ ‫دولن هذه الأش‬ ‫عتب‬ ‫ن قولهم‬ ‫ون‬ ‫ ‪ :‬يات قوم لون }أ الله شير إ أولئ ا‬ ‫ل ه‬
‫و عيت اهب و ‪.‬ب لا‬ ‫ف هي فت رك‬ ‫ )أي‬ ‫ال‬ ‫في الحد ( ويل من‬ ‫مي ق ا‬ ‫ها حكمة بدع ووحدان من‬
‫و َ لَه اَ اَ م ف ُرُ‬ ‫َه و ا َز َي نّ‬ ‫ك يَْ ب نََ‬ ‫ف‬ ‫ْ إ ال‬ ‫قول اتعلأ‪:  ‬ىَف ل‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن ق‬ ‫عد ةو حية سن نا ا تسخ ع هلق‬
‫ّ‬ ‫ِنْ‬ ‫م‬ ‫نْبَتْ نَ فِ ا‬ ‫سِ وَأ‬ ‫ْنَا يه ر‬ ‫اهَ وَ‬ ‫مَدَ‬ ‫ضَ‬ ‫و‬
‫فإن لقر ك‬ ‫ى انب‬ ‫و كْرَى ِكُ ع‬ ‫َبْصِ رَ وَذِك‬ ‫ت‬ ‫زَوْجٍ هَِيج‬
‫لمي ‪.‬ك‬ ‫و‬ ‫لأو ال‬ ‫ن لق يتذ و{لأو الأ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫و قوم فكرون‬ ‫ما يصن أن آياته‪:‬قل{‪ ‬‬
‫الق ق أدلة دام ‪-‬بوجو‬

‫عوامل نشأة علم الكالم‬


‫شبها ً على ما قرره علماء السلف‬ ‫سبب نشأة علم الكالم هو الرد على المبتدعة‪ ،‬الذين أكثروا من الجدال مع علماء المسلمين‪ ،‬وأوردوا ُ‬
‫األوائل‪ ،‬فاحتاج العلماء من أهل السنة إلى مقاومتهم ومجادلتهم ومناظرتهم حتى ال يلبسوا على الضعفاء أمر دينهم‪ ،‬وحتى ال ي ُْد ِخلُوا في الدين‬
‫ما ليس منه‪ ،‬ولو ترك العلماء هؤالء الزنادقة وما يصنعون؛ الستولوا على كثير من عقول الضعفاء وعوام المسلمين‪ ،‬والقاصرين من فقهائهم‬
‫وغيَّروا ما عندهم من االعتقادات الصحيحة‪..‬‬
‫وعلمائهم‪ ،‬فأضلوهم َ‬

‫قتهم‬ ‫‪،‬‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫لان‬ ‫مه‬ ‫هم‬ ‫مه يه؛‬ ‫هذا العلم ونبوغهم‬
‫هي إثبات العقائد اإلسالمية‪ ،‬واالستدالل عليها بما هو من جنس ح َُجج القرآن‪. .‬‬

‫ً‪،‬‬ ‫مين"" ما نصه ‪":‬كان افع دراسة أصلو دين‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫يقول الدكتور محمد الزحيلي في كتابه "اإلمام‬
‫ب من‬ ‫ام دعو إليه رود ات أعداء نه‪ ،‬وتفنيد ج لط‬ ‫متنوع ه لاحصر لى‬ ‫ة‬ ‫يده‬
‫ني وغير من رق ضال لسد ى‬ ‫ن‪،‬‬ ‫حدين ذين انضو تحت‬ ‫شركين اجر‬
‫ف‬ ‫أم الم‬ ‫ف ا‬ ‫ال وتدر‬ ‫ة ل‬ ‫ر‬ ‫سلمين‪...‬‬ ‫ن‬ ‫‪ ،‬تشكيك يه‪ ،‬ثار الشبه‬
‫الح‬ ‫ني فيه وهو ما‬ ‫ء در وتدر و‬

‫فقد نشأ علم الكالم نشأة إسالمية تلبية لحاجات المجتمع اإلسالمي‪ ،‬ولما كان علم الكالم هو العلم الذي يبحث في األصول أو األحكام‬
‫االعتقادية‪ ،‬مقرراً إياها بالحجج والبراهين النقلية وتوكيدها بالعقل بعد اإليمان بها بالقلب والوجدان‪ ،‬ومدافعا ً عنها ضد شبهات الخصوم‪،‬‬
‫األمر الذي حدا بالمتكلمين إلى دراسة هذه الشبهات واالعتراضات‪ ،‬وذلك حتى يتيسر الرد عليها ودفعها‪..‬‬

‫ ‪.‬ولق أنت المتكلمو دراسا ف مقارن لاأديا تشه بسع الطاعه ومعارفهم كم تشه‬
‫ا ا ي ة د‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫ط م‬ ‫ن ا‬ ‫أيض ا بمنهجه العلم ف الدفا ع لاإلسا ض المخالفي‬
‫قد‬ ‫يك ه الد بوسا الخص ال اعتادو‬ ‫ضرور ي ل أف وسي لد الخص‬ ‫م ‪.‬وك ذ أمر‬ ‫ت‬ ‫ى‬
‫ب لعقو في الر د‬ ‫(ت‪6 22 6‬ه ك ابه" ‬ ‫سف بن مد‬ ‫مي ه و ام‬ ‫ر ب‬ ‫ول في‬ ‫رح حد م ة‬
‫يقد‬ ‫و ‪ .‬ه‬ ‫ا‬
‫ك السل مشر‬ ‫أسلو الخص‬ ‫س الخ ل‬ ‫سأ ى‬ ‫م صول"‬ ‫لاس ي‬
‫سلف ذ ل ه كله كان اية‬ ‫ب لخصوم‪ ،‬و تما على بعض‬ ‫ي توا على عض‬ ‫في أصاةل ل م‬
‫م‬ ‫يد وص ك لا قد أيض في ونه اً ديني من لة‬ ‫ية بيلة‪ ،‬هي الدفا عن ين‬

‫فلم يكن َت َعرُّ ف األمة على هذه األفكار ودراستها من باب الترف الفكري‪ ،‬وال من باب االنصراف عن الكتاب والسنة‪ ،‬بل كان تعلم هذه العلوم‬
‫ضرورة لمواجهة األخطار التي تحدق بالعقيدة اإلسالمية‪ ،‬فكان الخصوم يثيرون الشبهات العقلية حول ذات هللا وأسمائه وصفاته و ُرسُله‬
‫ومالئكته وكتبه وقضايا الموت والبعث والحساب‪ ،‬إلى غير ذلك‪..‬‬
‫ ‪.‬فلج المسلمو إل تعل‬ ‫ل ‬
‫هذ العلو وتدريسه والكتاب فيها ونشأ مدار لكامي مختلف كالمدرس لاأشعري والماتريدية فل يك القو مبتدع ف هذ‬
‫ال‬ ‫ثال رد علي بن ي لب‬ ‫عض ى‬ ‫والت‬ ‫ا‬ ‫م جع‬ ‫بعض العلماء أن جذور علم الكالم‬
‫ورد إياس بن معاوية المزني على القدرية‪. .‬‬

‫ويلخص تقي الدين المقريزي مبدأ علم الكالم في كتابه المواعظ واالعتبار فيقول ما ملخصه‪: :‬‬

‫يقول تقي الدين المقريزي في المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪: :‬‬

‫فهناك محن وأسباب دعت األمة إلى الخوض في هذا الفن حفاظا ً على الشريعة وقوامها وبقائها‪ ،‬ولم يكن االشتغال بهذه العلوم نوع من‬
‫االنصراف عن هللا وال عن رسوله‪..‬‬
‫ال‬ ‫"افلقه ل‬ ‫‪0 15‬‬
‫الإ أبي فة لاحدة الدهر‬ ‫هذا باب ‪.‬ويس نا لتا من‬ ‫سُ‬ ‫لم والمتع و ية"‬ ‫لم‬
‫ا ون ر قيول م ‪:‬إني أي ت‬ ‫ا ورت " قا أب حن‬ ‫أ‬ ‫ي" م‬ ‫قي المكي‬ ‫ر‬ ‫ويذكر‬
‫مست وليس ياه ملاح‬ ‫فة‪ ،‬ه ي‬ ‫‪،‬‬ ‫لجة بحر أم مت‬ ‫‪ ،‬احت‬ ‫ال ممل با‬ ‫نة‬
‫ال لهم أب حنيف‬ ‫له لعقل‪ ،‬ولا يجيزه هولا‬ ‫ذا‬ ‫ذل في ق؟ل فقالو‬ ‫ها ولا عهد هع ه‬ ‫جريها قو و‬
‫أم‬ ‫يا ى‬ ‫تمع فكيف يجوز يام‬ ‫ز‬ ‫ !إذا‬
‫ا‪ ،‬سعة طرافه وتبا أ‬

‫و‬ ‫معار‬ ‫المس‬ ‫ا‬ ‫لاإسل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ولقد نشأ علم الكالم نتيجة لعدة عوامل‪ ،‬منها‪ :‬القرآن الذي‬
‫علومهم األخالقية والتشريعية‪..‬‬

‫أ‬ ‫رد ا‬ ‫ا‬ ‫ة لا‬ ‫وا‬ ‫الب‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫لماء ‪:‬‬ ‫صدي حس القنوج ف أبج العلو ‪ ": :‬قال‬ ‫ ‪.‬ويقو‬
‫صنفه‬ ‫وأقواها لينتفع بها الخاصة والعامة والعدول إلى الدقيق هو للعاجز عن القوي الجلي وهللا أعلم بالصواب"‪. ".‬ويذك بع الكت الت‬
‫ت‬ ‫ ن‬ ‫‪ ،‬ن ل‬ ‫ل‬ ‫ ن ي‬ ‫ح ب ج‬ ‫العلما ف عل معرف جد القرآ كنج الدي الطوف‬
‫ة‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ة ن ً‬

‫ويذكر ابن عساكر في كتابه تبيين كذب المفتري قول أبي القاسم القشيري فيما يرويه عنه‪: :‬‬

‫يقول ابن عساكر في تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى اإلمام أبي الحسن األشعري‪: :‬‬

‫للا ‬ ‫وقد ذكر اإلمام الغزالي في الجزء الثاني من كتابه جواهر القرآن‪::‬‬
‫ميع‬ ‫ومات قلية‬ ‫ ‪.‬ويقو لاإما الزركش ‪ ": :‬و من رهنا لالة قسيم حدي ش من ليات‬
‫لمين‪ ".‬ويقرر دكتو محم يوس م‬ ‫إلا باتك الله عا ق نط به‪ ،‬ولكن ورد على عادة لعر دون قائ طرق حكام‬
‫ازق‬ ‫فى‬ ‫تفكير‪.‬‬ ‫لاحظة‬ ‫أن لقرآن اشت عل أصول فسلفة إلهي وأن يقدم عقائ أدلة تست إىل‬
‫علم الكالم‬ ‫تعرض للجدل برفق‪ ،‬ودعا إلى االقتصار على ما تدعو إليه الحاجة‪..‬‬
‫ ‪.‬وق يستثن‬ ‫للا ‬ ‫للقرآن الكريم‪..‬‬
‫ة ل‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫بع العلما الذي يتحد عنه لاإيج ف كتاب المواق بأنه ينكرو وجو النظ ف معرف‬
‫" ق ه ‪ :‬ا ‪:‬كانو‬ ‫رد هم‬ ‫يعلومن قط ع‬ ‫الع بأن‬ ‫ادللا‬ ‫ع لاستفس‬ ‫ر ‪:‬العوا و لأكثرو‬ ‫را ‬
‫راج وأرض‬ ‫‪ ،‬سماء ات‬ ‫قدا تدل‬ ‫بعر تدل ى عري‬ ‫قال لأعراب‬ ‫يعل أنه عيلمو الألدة جما‬
‫ن أن فرض فاية‪ -‬‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫غايته أن قصروا عن حت‬ ‫ال‬ ‫الل‬ ‫تا أمو ‪ ..‬لا‬ ‫ج‪ ،‬بحار‬ ‫ات‬
‫لالية‪ -‬فإن لوجوب ذي دع‬ ‫ا‬ ‫ني‬

‫منزلة علم الكالم من العلوم الشرعية‬


‫يمكن القول بأن علم الكالم ليس فقط واحداً من العلوم الشرعية بل هو رئيس العلوم الشرعية قاطبة‪ ،‬ذلك ألن سائر العلوم الشرعية مستندة‬
‫إليه استناد الفرع إلى األصل‪ ،‬ألن فيه تثبت موضوعاتها‪ ،‬طالما كان موضوعه متعلقا ً بالعقائد واثباتها‪..‬‬
‫دلا‬ ‫أ الغا وأجد‬ ‫الأ أوعل وغا‬ ‫موض‬ ‫‪ ":‬إ‬
‫‪. .‬وهو‬ ‫أ الع‬ ‫تعد‬ ‫ال‬ ‫ج‬ ‫الوثا و‬ ‫الغ‬ ‫تأ بال‬ ‫ص ال‬ ‫يقي ي‬
‫لا توقف‬ ‫للعم أعلى لي له بادئ تب ف علم آخ بل ادي إما يّنة فس أو يّنة فيه فهي سائ له‪ ،‬بادئ سائ أخ‬
‫لا ست من يره فهو رئيس علو لعىا ‬ ‫لياه لئلا يلزم دور‪ ،‬فمنه ستمد لوم‬

‫تثبت ضوعاتها‬ ‫تن إلي العلوم الشر ك و‬ ‫ه ا‬ ‫"وا‬ ‫ويفضل محمد علي التهانوي هذا القول فيقول‪::‬‬
‫ف‬ ‫فتلك المبادئ الم‬ ‫‪،‬‬ ‫ب مب إم مبيّن ب أ مبي‬ ‫آخ ش‬ ‫ن‬ ‫مب‬ ‫ثياته‬
‫يتو علي اثبات‬ ‫اكلتب لكلام‬ ‫تتو لع ل يلز ال‬ ‫أ ر‬ ‫ئل ه هذه الحيثي ومباد لم‬
‫م العلوم الش‬ ‫م الكل يس‬ ‫في الك‬ ‫م به تكثيراً لل‬ ‫ك خ م‬ ‫د ال ع‬ ‫القعائ صأ‬
‫ا‬ ‫إسلام دق‬ ‫لعى الإطلاق بالجمل ف ‬ ‫رئي العلوم الش‬ ‫ير أص‬ ‫ة‬
‫اً يتو هب لى لاء لمة حق يها‪ ،‬لم يرضوا ن‬ ‫اد‬ ‫عاله ما رع عليها من ث‬ ‫ع‬
‫ئد‪ ،‬واء ن‬ ‫رية تي قف ليها‬ ‫ا ضوع على ه ناول‬ ‫‪،‬‬ ‫اجي في إل عمل ر‬
‫غنيا في نفسه ما دا ليس‬ ‫د طلوبة في مهم ذا‪ ،‬اء‬ ‫‪ ،‬لوا جميع لك‬ ‫ر‬ ‫لتها‪،‬‬ ‫ها يها‬
‫له اد تب ف‬

‫وهكذا تستند العلوم الشرعية إلى علم الكالم‪ ،‬فيستند إليه الفقه مثالً استتناد الفرع على األصل‪ ،‬ذلك ألن علم الفقه يرتبط بالعمل‪ ،‬والعمل فرع‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ل ‬ ‫على النظر واالعتقاد‪..‬‬

‫ختل‬ ‫وعمام‬ ‫وعبا‬ ‫اعتقا‬ ‫وا‬ ‫إلى علمي الكالم والفقه‪ ،‬إذ البد للصوفي على الحقيقة من علم كامل بال‬
‫ما‬ ‫ب‬ ‫تصوف )وا‬ ‫ ‪:‬عل م لام‪ ،‬فقه‪،‬‬ ‫ولهذا يقرر الدكتور أبو الوفا الغنيمي التفتازاني أن انفصال هذه العلوم (يعني‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫وال‬ ‫ءه الا‬ ‫د‪ ،‬الش‬ ‫ج ت‬ ‫كن‬ ‫ ‪ ،‬ك ن ا‬ ‫و اع‬
‫ا‬ ‫ق ط الع ات‬ ‫ن‬ ‫‪ ،‬و ر ه ر ل ام ي م ‪ ،‬ا ل‬ ‫ال‬
‫اول‬ ‫ًع الاعتق‬

‫وهذه المكانة الهامة لعلم الكالم‪ ،‬يمكن أن نلمسها بشكل واضح في تصنيف العلوم عند العرب‪ ،‬والذي قام عندهم على بيان تصورهم للمعرفة‬
‫البشرية‪ ،‬وتوضيح عالقات أجزائها بعضها ببعض‪ ،‬موضحين ترتيب العلوم من حيث الخصوص والعموم‪ ،‬ومبينين حدودها والعالقات القائمة‬
‫ي حدد‬ ‫"إحصاء لعلوم"‬ ‫بينها‪..‬‬
‫م‬ ‫ف عصر ه علماً علماً‪ ،‬وتعيي غرضها بادلقة لازمة وبي‬ ‫ ‪:‬إحصاء العلوم مش‬ ‫ء‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ه رضه م ن‬
‫من أجزاء وبهذا يتسطيع لإ أ يق بين العلو فيع‬ ‫واح منها‪ ،‬وأ ء ل ل أجزا و ل ا‬ ‫يشت‬
‫أيه أفضل وأيه أنفع وأوثق وأقوى وأي أوه‬

‫وخصص الفارابي الفصل الخامس في هذا الكتاب للعلم المدني وأجزائه‪ ،‬علم الفقه وعلم الكالم‪ ،‬وأعتبره الدكتور عثمان أمين من أمتع فصول‬
‫ ‪:‬صناع وه ملك يقتد به لاإنسان عل نصر لاآراء ولاأفعا المحدود الت صر به‬ ‫الكتاب‪..‬‬
‫يد ح لآر‬ ‫نا ‪:‬لأ يد ح لآرا والثا ح لأفع أ‬ ‫ى ن ه‬ ‫واض الملة وتزيي ك م خالفه بلاأقاوي‬
‫و ل‬ ‫ه‪ ،‬أي ما م س‬ ‫د‪ ،‬ا تا له ته‬ ‫ئل‬ ‫هو ما لق‬

‫الفصل األول‬

‫التعريف بعلم الكالم‬

‫وفيه سبعة مباحث ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تعريف علم الكالم‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أسماؤه ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬موضوعه ‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬غايته وأهدافه ‪.‬‬

‫المبحث الخامس ‪ :‬شرفه وحكمه ‪.‬‬

‫المبحث السادس ‪ :‬موقف العلماء من علم الكالم ‪.‬‬

‫المبحث السابع ‪ :‬نشأة علم الكالم وأبرز فرقه ‪.‬‬


‫المبحث األول‬

‫تعريف علم الكالم‬

‫عرف العلماء علم الكالم بعبارات تنم عن اختالف نظرتهم إليه ‪ ,‬فبعضهم يجعل علم الكالم مقتصرا على‬
‫المباحث التي تتفق مع عقائد أهل السنة ‪ ,‬دون الخوض في المسائل الفلسفية ‪ ,‬في حين نجد اآلخرين يجعلون‬
‫دائرته أوسع بحيث يشمل عقائد أهل السنة ‪ ,‬وغيرهم من المخالفين ‪.‬‬

‫إن علم الكالم يحقق العلم بالعقائد الدينية والدفاع عنها ‪ ,‬فهو علم يتحصل بالنظر في األدلة والفكر وفق‬
‫منهج متعارف عليه ‪ ,‬غايته إثبات العقائد وتحقيق أصولها والدفاع عنها ‪ ,‬وقد اختلف العلماء في تعريف‬
‫علم الكالم ومن هذه التعريفات ‪:‬‬

‫عرفه عضد الدين اإليجي بقوله ‪ ( :‬الكالم علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه‬
‫)‬

‫ثم يقول ‪ :‬والمراد ( بالعقائد) ما يقصد به نفس االعتقاد ‪ ,‬دون العمل و (الدينية ) المنسوبة إلى دين محمد (‬
‫صلى هللا عليه وسلم ) فان الخصم – وان خطأناه – ال نخرجه من علماء الكالم (‪.)12‬‬

‫ويفهم من تعريف اإليجي األمور اآلتية (‪-:)13‬‬

‫وشرح أب الحس عل ب محم ب عل الجرجان‬ ‫‪ )( 12‬شرح المواقف ‪ ،‬عضد الدين عبد الرحمن االيجي (ت ‪56 7‬ه‬
‫المعرو بالسي الشري ‪16( 8‬ه )م حاشيتي احداهم لعب الحكي السيالكوت ‪,‬وثانيتهم لمول حسي جلب ب محم‬
‫ب شا مطبع السعاد مص ‪25 13‬ه ‪. 32 / 1 ، 07 19‬‬
‫‪ ) 113‬الباقالني وارآؤه الكالمية ‪ ،‬استاذنا الدكتور محمد رمضان عبد هللا ‪ ،‬مطبعة األمة ‪،‬بغداد ‪ 1986 ،‬م ‪ ،‬ص‪. 19‬‬
‫‪ -​1‬إن علم الكالم يشمل كالم أهل ألسنة ‪ ,‬وكالم المخالفين ‪.‬‬

‫‪ -​2‬العقائد يجب إن تؤخذ من الشرع وأما علم الكالم فثمرته إثبات هذه العقائد على الغير بإيراد الحجج‬
‫ودفع الشبه ‪.‬‬

‫‪ -​3‬إن العقائد لكونها مضبوطة ينبغي اإلحاطة بها وبأدلة إثباتها فال يُكتفى فيها بالتقليد ‪.‬‬

‫إذ عرفــه بقولـه ( هـو علـم‬ ‫وعرفه الغزالي وذهب في تعريفه إلى حصره في مذهب أهل ألسنة‬
‫مقصوده حفظ عقيدة أهـل ألسنة وحراستها عن تشويش أهل البدعة )(‪.)14‬‬

‫وذهب التفتازاني إلى انـه ‪ :‬معرفة العقائد عن أدلتها وسمي بالكالم الن عنوان مباحثه كان قولهم الكالم فــي‬
‫كذا والن مسالة الكالم كانت أشهر مباحثه وأكثرها نزاعا وجداال وألنه يورث قدرة على الكالم في تحقيق‬
‫الشرعيات وإلزام الخصوم ‪....‬وألنه إنما يتحقق بالمباحثة وإدارة الكالم من الجانبين وغيره قد يتحقق‬
‫بالتأمل ومطالعة الكتب ‪ ,‬وألنه لقوة أدلته صار كأنه هو الكالم دون ما عداه من العلوم وألنه إلتيانه باالدله‬
‫القطعية المؤيدة باألدلة السمعية اشد العلوم تأثيرا في القلب وتغلغال فيه ‪ ,‬فسمي بالكالم المشتق من الكلم‬
‫وهو الجرح وهذا هو كالم القدماء (‪.)15‬‬

‫وقيل ايضا ‪ (:‬هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد اإليمانية باألدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين‬
‫(‪)16‬‬
‫‪ ,‬ويعزو ابن خلدون سبب ظهور علـم الكالم في‬ ‫في االعتقادات عـن مذاهب السلف وأهل ألسنة )‬
‫المسلمين إلى (اآليات المتشابهة في القران الكريم وكـان ذلك سبب الخصام والتناظر واالستدالل بالعقل‬
‫(‪)17‬‬
‫ويـؤكد ابـن خلـدون إن التشابهات أدت إلى ظهور التجسيم‬ ‫وزيادة إلى النقل فحدث بذلك علم الكالم )‬
‫والتعطيل ودارت الفرق المنحرفة حول المتشابهات فأقاموا الحجج وبحثوا في األدلة وانتصرت كل فرقة‬
‫لمذهبها وكان ذلك سببا إلنتهاض أهل السنة باألدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع وقام‬
‫بذلك الشيخ أبو الحسن األشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ونفى التشبيه واثبت الصفات المعنوية‬
‫وقصر التنزيه على ما اقتصر علـيه السلف وسمـوا هـــذا الفن علم الكالم أما لما فيه من المناظرة على‬
‫البدع وهي كالم صرف وليست براجعة إلى عمل وأما ّ‬
‫ألن سبب وضعه والخوض فيه هو تنازعهم في‬

‫‪.8 1‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪) 34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.1 1 0 1 ,‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪)5‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ ) (16‬كتاب العبر و ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر المعروف‬
‫‪, 4 198,‬‬ ‫‪- ) 8 80 ( -‬‬ ‫)‪,‬‬ ‫بـ( (‬
‫‪. 8 45‬‬
‫‪ ) (17‬المصدر نفسه ‪ ,‬ص ‪. 413‬‬
‫إثبات الكالم النفسي (‪ .)18‬ولكن ابن خلدون يعود ليؤكد انتفاء الحاجة إلى علم الكالم في عصره الن الملحدة‬
‫المبتدعة قد انقرضوا واألئمة من أهل السنة كفونا شانهم في ما كتبوا ودونوا(‪ , )19‬وهذا وهم من ابن خلدون‬
‫(رحمه هللا تعالى) إذ إن الشيطان وأتباعه لن ينفكوا من حرب اإلسالم وأهله وزرع شبهات جديدة تستدعي‬
‫الرد عليها وتفنيدها بلسان القوم وخطاب العصر واستنادا إلى الوحي وداللة النص التي ال تنقضي بتجدد‬
‫معانيها واستيعابها ألوجه الحياة اإلنسانية ‪.‬‬

‫وذكر كمال الدين بن الهمام الحنفي في كتابه المسايرة تعريفا لعلم الكالم حيث قال ‪ :‬الكالم ‪ :‬معرفة النفس‬
‫ما لها وما عليها في العقائد المنسوبة إلى دين اإلسالم علما ‪ ،‬وظنا في البعض منها (‪. )20‬‬

‫ ‪,‬د الق ‪,‬بير (‬


‫‪. 18‬‬
‫ ) الطب الخام‬ ‫‪088‬‬ ‫( ‬ ‫ن‬ ‫د ن‬ ‫ن ن‬ ‫‪ ,‬د‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫ )‬
‫‪,‬‬ ‫‪4981 , 46‬‬
‫‪7 64‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ر‬ ‫‪) (91 .‬‬
‫‪61‬ه‬ ‫‪ ) (20‬المسايرة في العقائد المنجية في اآلخرة ‪ ,‬كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام (ت ‪8‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ة‬ ‫)‪ ,‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫أسماؤه‬

‫لقد أطلق علماؤنا رحمهم هللا على هـذا العلم أسماء متعددة ‪ ،‬ومن هذه األسماء ما ياتي ‪- :‬‬

‫الفقه االكبر ‪ :‬سماه بهذا االسم أبو حنيفة ( ت ‪ 150‬ھ ) ( رحمه هللا ) وله كتاب بهذا العنوان ذكر‬ ‫‪.​1‬‬
‫"‬
‫الفقه في الدين أفضل من الفقه في العلم ‪ ,‬الن الفقه في الدين أصل ‪ ,‬والفقه في العلم فرع ‪,‬‬ ‫فيه بان‬
‫وفضل األصل على الفرع معلوم " ‪ ،‬ثم قال " أفضل الفقه ‪ :‬أن يتعلم الرجل اإليمان باهلل تعالى‬
‫(‪)21‬‬
‫‪.‬‬ ‫والشرائع والسنن والحدود واختالف األمة واتفاقها "‬

‫علم النظر واالستدالل ‪ :‬سمي بهذا االسم ألنه يعتمد منهج النظر الفكري واالستدالل العقلي‬ ‫‪.​2‬‬
‫وسيلة إلثبات أصول العقائـد التي ثبتت بالنصوص الدينية(‪. )22‬‬

‫‪ .​3‬علم التوحيد والصفات ‪ :‬وسمي به وان كان يبحث في غيره كمبحث النبوة والمعاد ‪ ,‬وذلك تسمية له‬
‫بأهم أجزائه ‪ ,‬وهو إثبات الوحدانية هلل ذاتا ً ‪ ,‬وفعال ً ‪ ,‬وانه سبحانه وحده مرجع كل كون ومنتهى كل‬
‫قصد (‪. )23‬‬

‫(‪21‬‬
‫)‬ ‫‪3 136,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪-‬‬
‫ل ‬ ‫(‪) 8 26‬‬ ‫‪194‬‬
‫‪199‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‬
‫)‪82‬‬

‫‪. 2 1‬‬ ‫‪ ) (22‬اصول الدين ‪ ،‬رشدي عليان ‪ ،‬وقحطان الدوري ‪ ،‬دار الحرية للطباعة ‪ ،‬بغداد ‪1397 ،‬هـ‪-197-‬‬
‫) ( ‪23‬‬
‫‪ .‬رسالة التوحيد ‪ ,‬محمد عبده ‪ ,‬دار الكتاب العربي ‪ ,‬بيروت ‪ 1385 ,‬ھ – ‪ 1966‬م ‪ ,‬ص‪5‬‬
‫علم العقائد ‪ :‬سمي بهذا االسم النه يتكفل ببحث العقائد الدينية وإثباتها باألدلة اليقينية ‪ ،‬والدفاع‬ ‫‪.​4‬‬
‫عنها ضد العقائد واالفكار المخالفة لها(‪. )24‬‬

‫وقد ذكر التهانوي أسماء علم الكالم في كشافه مثل هذه االسماء ‪ ،‬وقال ‪ :‬ويسمى ايضا بعلم الذات والصفات‬
‫‪ ،‬وقد يسمى ايضا بعلم العقائد اإلسالمية ‪ ،‬ويتضح من هذه التسميات إن أصول علم الكالم أصول إسالمية‬
‫صرفة (‪.)25‬‬

‫وهذه التسميات تضع علم الكالم في أولويات العلوم الشرعية وتعـطي أهمية لدراسته والتعمق فيـه وذلك‬
‫( الفروع أمرها قريب فإذا قلد المسلم فيها احد العلماء‬ ‫لخطورة تعلقـه وشمولية داللته ‪ ،‬قال ابن تيمية‬
‫المقلدين جاز له العمل بقوله ما لم يتيقن خطأه وأما األصول فاني رأيت أهل البدع والضالالت واألهواء قد‬
‫تجاذبوا فيها بأزمة الضالل وبان لي إن كثيرا منهم إنما قصدوا إبطال الشريعة المقدسة المحمدية الظاهرة‬
‫على كل دين ‪ ،‬فلما رأيت األمر على ذلك بان لي انه يجب على كل من يقدر على دفع شبهتــهم وأباطيلهم‬
‫وقطع حجتهم وأضاليلهم أن يبذل جهـده ليكشف رذائلهم وزيـف دالئلـهم ذبا عـن الـملة الحنيفـية والسنـة‬
‫النبــوية الصحيـحة الجليــلة ‪.‬‬

‫وقد جعل هللا العقل السليم من الشوائب ميزانا يزن به العبد الواردات فيفرق به ما هو من قبيل الحق وما هو‬
‫من قبيــل الباطل ولــم يبعث هللا تعالى الرســل إال إلى ذوي العقول ولم يقع التكليف إال مع وجوده فكيف‬
‫يقال انه مخالف لبعض ما جاءت به الرسل الكرام عن هللا تعالى هذا باطل قطعا ‪،‬قال شيخ اإلسالم فهذا‬
‫ونحوه هو الذي اوجب إني صرفت جل همي إلى األصول)(‪.)26‬‬

‫فان وجه تسميته بهذه األسماء التي ذكرها التهانوي ‪،‬ظاهر ليس فيه مثار لالختالف ‪،‬ولكن اآلراء تضاربت‬
‫في سبب تسميته بعلم الكالم‪.‬‬

‫‪. 3 1‬‬ ‫‪) (4‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪,‬‬ ‫‪,5 4‬‬ ‫‪199 :‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪) (5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪. 6 1 5 1‬‬ ‫‪, 198,‬‬ ‫‪,‬‬


‫‪:‬‬ ‫االعالم العلية في مناقب شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ,‬الحافظ أبو حفص عمر بن علي البزاز (‪749‬هـ)) ‪,‬‬ ‫‪) ( 26‬‬

‫‪. 5 3 , 6 197,‬‬ ‫‪,‬‬


‫فقد أورد التفتازاني في هذا ثمانية أقوال(‪-: )27‬‬

‫‪ -1‬الن عنوان مباحث المتكلمين في العقائد ‪،‬كان (الكالم في كذا أو كذا) ‪.‬‬

‫‪ -2‬الن مسالة (الكالم) كانت أشهر مباحثه ‪،‬وأكثرها نزاعا وجداال ‪،‬حتى كثر فيه التشاجر وسفك الدماء‪.‬‬

‫‪ -3‬النه يورث قدرة على الكالم ‪،‬في تحقيق الشرعيات‪،‬وإلزام الخصوم قبولها كالمنطق والفلسفة‪.‬‬

‫‪ -4‬النه أول ما يجب من العلوم التي إنما تعلم وتتعلم بالكالم ‪،‬فأطلق عليه هذا االسم لذلك خص به ‪ ،‬ولم‬
‫يطلق على غيره تمييزا له عن بقية العلوم ‪.‬‬

‫‪ -5‬الن هذا العلم ال يتحقق إال بالمباحثة ‪،‬وإدارة الكالم من الجانبين على حين إن غيره من العلوم قد يتحقق‬
‫بالتأمل ومطالعة الكتب ‪.‬‬

‫‪ -6‬النه أكثر العلوم خالفا ونزاعا ‪ ،‬فيشتد افتقاره إلى الكـالم مـع المخالـفين والـرد عليهم ‪.‬‬

‫‪ -7‬النه – لقوة أدلته – صار كأنه هو الكالم دون ما عداه من (العلوم) كما يقال لألقوى من الكالمين هذا هو‬
‫الكالم ‪. .‬‬

‫‪ -8‬ونظرا لقيامه على األدلة القطعية المؤيد أكثرها باألدلة السمعية كان اشد العلوم تأثيرا بالقلب وتغلغال فيه‬
‫فسمي ( بالكالم ) المشتق من الكلم وهو الجرح‪.‬‬

‫وإن هذه التسمية راجعة إلى ما في هذا العلم من المناظرة على البدع ‪ ,‬وهي كالم صرف ‪ ,‬وليست براجعة‬
‫إلى عمل ‪ ,‬وقد تكون الن سبب وضعه والخوض فيه ‪ ,‬كان تنازعهم في إثبات الكالم النفسي (‪.)28‬‬

‫ينظر ‪ :‬شرح العقائد النسفية ‪ ,‬للتفتازاني ‪ ,‬ص ‪. 15‬‬ ‫‪) (27‬‬

‫ينظر ‪ :‬المقدمة ‪ ,‬البن خلدون ‪ ,‬ص ‪. 406‬‬ ‫‪) (28‬‬


‫المبحث الثالث‬

‫موضوعه‬

‫وكما اختلف العلماء في تحديد تعريف لعلم الكالم فقد اختلفوا في تحديد موضوعه على ثالثة آراء ‪-:‬‬

‫‪ .​1‬إلى أن موضوعه هو ذات هللا تعالى وصفاته وذات الممكنات من حيث إسنادها إلى هللا تعالى ‪ ,‬ولهذا‬
‫يعرف بالعلم الباحث عن أحوال الصانع كصفاته الثبوتيه والسلبيه وأفعاله المتعلقه بأمر الدنيا ككيفية‬
‫صدور العالم عنه باالختيار وحدوث العالم ‪ ,‬وخلق األعمال وكالبحث عن النبوات وما يتبعها ‪ ,‬واما‬
‫المتعلقة بأمر اآلخرة ‪ ,‬كبحث المعاد ‪ ,‬وسائر السمعيات ‪ ,‬وقد ذهب إلى هذا القول جمهور العلماء ‪,‬‬
‫منهم القاضي االرموي ( ت‪ 594‬هـ )(‪. )29‬‬

‫فكان علم الكالم ‪ :‬هو العلم الباحث عن أحوال الصانع وأحوال الممكنات ‪ ,‬من حيث احتياجها إليه على‬
‫قانون اإلسالم ‪.‬‬

‫ا‬ ‫‪ :‬د د‬ ‫‪91‬ه )‪ ,‬‬ ‫شرح المقاصد ‪ ,‬مسعود بن عمر بن عبد هللا الشهير بسعد الدين التفتازاني (ت ‪7‬‬ ‫‪) ( 29‬‬

‫‪/ 1‬‬ ‫‪1409 ,‬ه ‪, 989 1‬‬ ‫ ‪,‬‬ ‫ا‬ ‫من‬ ‫ ي‬ ‫ ‪:‬‬ ‫ ‪,‬‬
‫‪ .​2‬قالوا بان موضوعه الموجود من حيث هو ولكنه يتميز عن االلهيه بكون البحث فيه على قانون‬
‫اإلسالم(‪,)30‬وقد ذكر التفتازاني أن القائلين بهذا القول هم قدماء المتكلمين(‪. )31‬‬

‫ويظهر أن الغزالي من هذا الفريق ‪ ,‬حيث يقول ( إن المتكلم ينظر في اعم األشياء ‪ ,‬وهو الموجود فيقسمه‬
‫على قديم ومحدث ‪ ,‬والمحدث إلى جوهر وعرض ‪ ,‬والعرض إلى ما يشترط فيه الحياة ‪ ,‬كالعلم والقدرة ‪,‬‬
‫(‪)32‬‬
‫والى ما ال يشترط كاللون والطعم ‪)...‬‬

‫فيفهم من عبارة الغزالي انه كان يع ّد الموجود موضوعا لعلم الكالم ‪.‬‬

‫‪ .​3‬ذهبوا إلى أن موضوعه المعلوم من حيث انه يتعلق به إثبات العقائد الدينية ‪ ,‬ومن القائلين بهذا القول‬
‫العالمة عضد الدين اإليجي وسعد الدين التفتازاني (‪.)33‬‬

‫وان هذا الرأي األخير هو الذي يميل اليه الباحث لما فيه من شمول للمراد من موضوع هذا العلم لكونه‬
‫يتناول أحوال الممكنات التي يتعلق بها إثبات العقائد الدينية ‪ ,‬وأيضا يتناول الوجود هلل تعالى والمعلوم‬
‫والمعدوم وبما كان على قانون اإلسالم ‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬

‫غايته وأهدافه‬

‫‪87 .‬‬
‫ ‪,‬‬ ‫نية‪ ,‬‬ ‫عارف‬ ‫طبعة ائرة‬ ‫( ت ‪96‬‬ ‫ز د‬ ‫ك‬ ‫السي ة‬ ‫ومص‬ ‫السع‬ ‫‪) ( 30‬مف‬
‫ية ‪1400‬ه ‪، 0981‬‬ ‫‪ , 2 /‬طبعة‬
‫ ‪,‬القا‬ ‫وال‬ ‫ل التأ‬ ‫ـ ) ‪,‬مط‬ ‫( ‪4813‬‬ ‫د‬ ‫س ن‬ ‫ ‪,‬‬ ‫خ‬ ‫ح‬ ‫ى‬ ‫ب‬ ‫‪ ) (1 3 .‬ر‬
‫ ‪9621,‬‬
‫ ) تحقي ‪:‬ان محم عدنا‬ ‫‪(50‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪) (2 3‬‬
‫الشرفاو دا المنها بيرو لبنا ‪29 14‬ه ‪800 - 2‬م ‪9 6 ،‬‬
‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ ) (33‬ينظر ‪ :‬المواقف في علم الكالم ‪ ،‬عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد اإليجي ‪ ،‬تحقيق‪::‬‬
‫‪. 7 16 / 1‬‬ ‫‪,6 2 / 1‬‬ ‫‪199-‬‬ ‫‪141,‬‬ ‫‪,‬‬
‫أوال ‪:‬غايته ‪:‬‬

‫تحلية اإليمان باإليقان ومنفعته الفوز بنظام المعاش ونجاة المعاد وعليه ان غاية هذا الفن هي تحلية اإليمان‬
‫الذي هو االعتقاد شرعا في جانبه تعالى وجانب رسله عليهم وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم باإليقان‬
‫الذي هو ثبوت المعتقد على وجه ال يتزلزل بشبه المبطلين وال يضعف بدعوى الضالين ‪.‬‬

‫وقال اإليجي في غاية علم الكالم إنها أمور(‪-:)34‬‬

‫‪ -​1‬غايته بالنظر إلى الشخص في قوته وتكون بالترقي من حضيض التقليد إلى ذروة اإليقان ‪ ,‬قــال‬
‫(‪)35‬‬
‫‪,‬فقد خص هللا تعالى العلماء‬ ‫تعالى { يرفع هللا الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }‬
‫الموقنين بالذكر في اآلية مع كونهم مندرجين في المؤمنين من باب ذكر الخاص بعد العام رفعا‬
‫لمنزلتهم كأنه يقول هللا عز وجل وخصوصا هؤالء األعالم منكم ‪.‬‬

‫‪ -​2‬غايته بالنظر إلى تكميل الغير ‪ ,‬فيكون بإرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة لهم في عقائد الدين‬
‫وإلزام المعاندين بإقامة الحجة عليهم ‪.‬‬

‫‪ -​3‬وبالنظر إلى أصول اإلسالم ‪ :‬يكون بحفظ قواعد الدين عن ان تزلزلها شبه المبطلين ‪.‬‬

‫‪ -​4‬وبالنظر إلى فروعه ‪ :‬فيه تبنى سائر العلوم الشرعية األخرى عليه ألنه أساسها واليه يؤول أخذها‬
‫واقتباسها فانه ما لم يثبت وجود صانع عالم قادر مرسل للرسل لم يتصور علم تفسير أو حديث أو‬
‫فقه أو غير ذلك من العلوم ‪.‬‬

‫‪ -​5‬وبالنظر إلى الشخص باعتبار قوته العلمية ‪ ,‬وذلك يكون بأنه سبب لصحة نيته باإلخالص باألعمال‬
‫وصحة االعتقاد إذ بهذه النية يرجى قبول العمل وغايته الفوز بسعادة الدار ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اهدافه ‪-:‬‬

‫المواقف في علم الكالم ‪ ,‬لاليجي ‪ ,‬ج‪ / 1‬ص ‪. 33‬‬ ‫‪) (34‬‬

‫سورة المجادلة – اآلية ‪11 /‬‬ ‫‪) (35‬‬


‫أما أهداف هذا العلم فيبينها لنا اإلمام أبو حنيفة (رضي هللا عنه )(ت‪150‬هـ ) من خالل ما يجريه على لسان‬
‫العالم في حديثه مع المتعلم فيبرز لنا أهدافا ً متعددة لعلم الكالم منها(‪-:)36‬‬

‫‪ -​1‬الدفاع عن الدين ‪.‬‬

‫‪ -​2‬الدفاع عن النفس ‪.‬‬

‫‪ -​3‬التحلي بالعلم والمعرفة‬

‫‪ -​4‬الخروج من الشبهة أذا نزلت ‪.‬‬

‫‪ -​5‬صون القلب عن الشبهات ‪ ,‬وهذه الشبهات إذا كان في اإلمكان كف اللسان عنها ‪ ,‬فليس في الطاقة‬
‫كف القلب ‪.‬‬

‫‪ -​6‬معرفة أخطاء الغير ‪ ,‬فان عدم معرفة المخطئ من المصيب ال يضر من جهة واحدة ‪ ,‬وهي إن‬
‫اإلنسان ال يؤخذ بعمل المخطئ ولكن يكفيه ضررا انه ال يستطيع التمييز بين الخطأ والصواب ‪.‬‬

‫‪ -​7‬معرفة من يحبه المرء ومن يبغضه في هللا ‪.‬‬

‫المبحث الخامس‬

‫شرفه وحكمه‬

‫أوال ‪ :‬شرفه‪-:‬‬

‫مما تقدم من أهمية ومنفعة هذا العلم يعلم إن هذا العلم هو العلم األعلى فإليه تنتهي العلوم الشرعية كلها وفيه‬
‫تثبت موضوعاتها وحيثياتها فليس ثمة مبادئ له في علم أخر بل مبادئه إما بينة في نفسه أو مبنية فيه ‪ ,‬فمنه‬
‫تستمد العلوم وهو ال يستمد من غيره ‪ ,‬فشرف العلم بشرف معلومة ‪ ,‬فمعلوم علم العقائد او الكالم هو ذات‬
‫هللا سبحانه وتعالى وأوصافه وهو اشرف شيء في الوجود (‪ , )37‬وعليه فهذا العلم من اشرف العلوم بما كان‬
‫عليه من منهج السلف الصالح (رضي هللا عنهم ) في هذا العلم ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حكمه ‪-:‬‬

‫‪ ) (36‬العالم والمتعلم ‪ ,‬لإلمام أبي حنيفة النعمان ‪ ,‬تحقيق ‪ :‬محمد رواس القلعه جي ‪ ،‬وعبد الوهاب الندوي ‪ ,‬مكتبة الهدى ‪,‬‬
‫حلب ‪ 1392 ,‬هـ ‪ 1972 -‬م ‪ ,‬ص ‪. 35-34‬‬
‫‪ ) (37‬ينظر ‪ :‬المواقف في علم الكالم ‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫حكم الشارع فيه هو الوجوب العيني على كل مكلف ذكرا كان أم أنثى بالمقدار االجمالي الذي يحتاج إليه‬
‫ليصبح إسالم المرء شرعا ‪ ,‬أو الوجوب الكفائي بتفصيل مباحثه على األمة كي تتمكن طائفة من هذه األمة‬
‫من نصر الدين ورد شبه المبتدعين والمبطلين ‪ ,‬يقول العالمة الدواني ( رحمه هللا )( وأنت إذا تأملت‬
‫وأحطت بجوانب الكالم علمت إن االشتغال بعلم الكالم إنما هو من قبيل فرض الكفاية وما هو فرض عين‬
‫هو تحصيل اليقين بما يشرح به صدره ويطمئن به نفسه وان لم يكن دليال تفصيليا )(‪. )38‬‬

‫المبحث السادس‬

‫موقف العلماء من علم الكالم‬

‫تعرض علم الكالم لحمالت من النقد الحاد تحت ذرائع مختلفة والفت الكتب والرسائل في ذم الكالم‬
‫والمشتغلين به وفي المقابل فقد تصدى للدفاع عنه عدد غير قليل من العلماء واألئمة الثقات الجهابذة‬
‫المخلصين ‪ ،‬و من هؤالء العلماء الذين تعرضوا لعلم الكالم ونهوا عن االشتغال به فمنهم ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬اإلمام الشافعي ( رحمه هللا ) ‪-:‬‬

‫فقد نقل عنه قوله ‪ ( :‬الن يلقى هللا عز وجل العبد بكل ذنب ما خال الشرك باهلل ‪ ,‬خير من إن يلقاه بشيء من‬
‫علم الكالم ‪,‬وقد سمعت من حفص كالما ال اقدر أن احكيه )(‪.)39‬‬

‫وقوله ‪ ( :‬لقد اطلعت من أهل الكالم على شيء ما توهمته قط ‪ ,‬وألن يبتلى المرء بجميع ما نهى هللا عنه‬
‫‪,‬سوى الشرك ‪ ,‬خير من ان يبتلى بالكالم )(‪. )40‬‬

‫( (ت‪56 7‬ه‬ ‫قائد ضدي ة لامة‬ ‫ )على‬ ‫( (‪90‬‬ ‫الد‬ ‫ا‬ ‫‪ )8( 3 . 7 4‬‬
‫‪6311‬‬ ‫دار ا‬ ‫( ت‪ 01 1‬المطبعة ع مانية م‬ ‫وال ل‬ ‫ال‬ ‫بوي‬ ‫ال‬

‫مط‬ ‫‪ 05‬ـ ) ‪,‬ش‬ ‫(‬ ‫ي‬ ‫د‬‫د ن‬ ‫د ن‬ ‫م و د‬ ‫‪ ,‬ةا ‬ ‫ء م‬ ‫‪) ( 93 .‬‬


‫ ‪:‬م‬ ‫‪ ،‬تح‬‫ ‪9931,‬م ج‪ 9 / 1‬قو العق د الغز‬ ‫ ‪,‬‬ ‫مص الب الح أوول‬
‫ ‪ ,‬د‬ ‫ا‬ ‫إ‬ ‫‪ 83‬إ ال الم ن‬ ‫‪9851‬م‬ ‫ر الط الثا ة ع ال ب بي‬
‫ ‪/ 2 ,‬‬ ‫ال ‪,‬الق‬ ‫‪ ,‬إ ال‬ ‫بم‬ ‫ال‬ ‫الح الز‬
‫ق‬ ‫‪ (40‬آداب الشافعي ومناقبه ‪ ,‬أبو محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم محمد بن إدريس الرازي (ت‪27 3‬ه )‪ ,‬‬
‫‪539‬‬ ‫ت ‪1‬‬ ‫ة ي‬ ‫ة ى‬ ‫‪ ,‬ي ة‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫‪ ,‬ر‬ ‫ي د‬ ‫خ د‬ ‫‪ :‬‬
‫‪6 6-65‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫‪ ,‬‬
‫وقوله ايضا ‪ ( :‬لو يعلم الناس ما في علم الكالم من األهواء ‪,‬لفروا منه فرارهم من االسد ‪,‬وقوله ايضا‬
‫‪:‬حكمي في اهل الكالم ‪,‬ان يضربوا في الجريد ‪,‬ويطاف بهم في العشائر ‪,‬والقبائل ‪,‬ويقال ‪,‬هذا جزاء من‬
‫(‪)41‬‬
‫ترك السنة واخذ في الكالم )‬

‫ثانيا ‪ :‬مالك بن انس ( رحمه هللا ) ‪-:‬‬

‫نقل عن اإلمام مالك بن انس (ت ‪ 79‬هـ) انه كان يمتنع عن الخوض في الكالم وكـان يرفض ان يبتعد عن‬
‫نص الكتاب ‪,‬ومنطوق الحديث قيد انملة ‪.‬‬

‫فكان يقول ‪ :‬امض الحديث كما ورد ‪ ,‬بال كيف ‪ ,‬وال تحديد (‪.)42‬‬

‫وسئل مرة عن كيفية االستواء على العرش ؟ فقال ‪ " :‬قال االستواء غير مجهول والكيف غير معقول‬

‫واإليمان به واجب والسؤال عنه بدعة " (‪. )43‬‬

‫وكان يعيب ألمراء والجدل في الدين ‪,‬ويقول إياكم والبدع ‪,‬قيل ‪ :‬يا أبا عبد هللا ‪,‬وما البدع ؟ قال ‪:‬أهل البدع‬
‫الذين يتكلمون في أسماء هللا وصفاته وال يسكتون عما سكت عنه الصحابة ‪ ,‬والتابعون لهم بإحسان ‪,‬وكـان‬
‫يقول ‪ :‬مـن طلـب الدين بالكـالم فقد تزندق (‪.)44‬‬

‫ونقل عنه قوله ‪:‬ال تجوز شهادة أهل البدع واألهواء ‪,‬قال بعض أصحابه في تأويله‪:‬انه أراد بأهل األهواء‬
‫أهل الكالم على أي مذهب كانوا (‪. )45‬‬

‫ثالثا ‪:‬احمد بن حنبل (رحمه هللا ) ‪-:‬‬

‫يروى عنه في ذم الكالم انه قال‪:‬ال يفلح صاحب الكالم أبدا ‪ ,‬وال ترى أحدا ينظر في علم الكالم إال وفي قلبه‬
‫مرض ‪ ,‬وبالغ في ذمه حتى هجر الحارث المحاسبي ‪ ,‬مع زهده وورعه ‪ ,‬لتصنيفه كتابا في الرد على‬

‫‪8 41 1‬هـ‪ / , 899 1‬ص‪ )1(4. 1 25‬ت‬ ‫‪,‬‬


‫اب بكر‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ ةيم المع ‪ ,‬و د‬ ‫ق‬ ‫‪2 99 1 ,‬م‪ ,‬ج ‪ / 3‬ص‪) 2( 4. 26 1‬‬
‫ع‬ ‫د‬ ‫‪,‬‬ ‫محمد لدخ الله‪ ,‬لطبعة‬ ‫ب لزرع ‪51‬هـ)حت ‪ ,‬ق‪ :‬د‬
‫ب الحسين لبهيق ‪,‬تحق‬ ‫مذ السل وأصحا الحد ‪,‬‬ ‫سب ا‬ ‫‪2 , 6 919‬ص ‪ )3( 42.‬لاعتقاد اله‬
‫‪1140 ،‬ه ‪ 611 ,‬طبقات لشافعي الك ‪,‬ا ا ت ا‬ ‫ ‪:‬ا عصا الك ‪,‬دا الأفاق لجديد ‪,‬‬
‫ق‪ :‬عبد تا محمد محم الحلو‪ ,‬د‬ ‫كي( ت‪ 77‬ي ‪ 71‬هـ‬ ‫عب الكاف‬ ‫ب‬ ‫عب ا‬
‫ ‪,‬‬ ‫و ا‬ ‫اول والت‬ ‫ة‪ ,‬لل‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ال‬
‫م‬ ‫‪ . :‬ر عب ا‬ ‫‪) (4 4.‬أحادي ف ذ اللكا وأهل أب الفض المقر ( ( ‪ 54‬تحق‬
‫ي‬ ‫أط للنشر ا توزيع‬ ‫ي‬
‫إحياء علوم الدين ‪ ,‬الغزالي ‪ ,‬ج‪/1‬ص ‪ , 59‬قواع العقـائـــــ ‪,‬الغزال ‪88‬‬ ‫‪) (45‬‬
‫المبتدعة ‪,‬وقال له ‪:‬ويحك ! ألست تحكي بدعتهم أوال ‪,‬وترد عليهم ‪,‬ألست تحمل الناس بتصنيفك على‬
‫مطالب كالم أهل البدعة ‪ ,‬والتفكر فيه فيدعوهم كذلك إلى الرأي والبحث (‪.)46‬‬

‫ويروى عنه قوله ‪) :‬علماء الكالم زنادقة ) (‪. )47‬‬

‫ويبدو لمن يسمع هذه األقوال يشعر بمنطقية نسبة هذا الكالم إلى اإلمام احمد بن حنبل لما تعرض له من‬
‫اضطهاد وظلم وتعسف أبان محنة خلق القران ولكن الغريب إن ما نسب لإلمام احمد من نقد وجهه للحارث‬
‫المحاسيبي ‪ ,‬وقع هو فيه عندما كتب ردا ونقضا على أهل البدعة والجهمية (‪. )48‬كما انه ناظر خصومه في‬
‫علم الكالم ‪,‬وقال‪ ( :‬القرآن كالم هللا ‪ ,‬غير مخلوق ) ‪ ,‬وهذه العبارة غير موجودة في القران الكريم ‪ ,‬وال‬
‫نطقت بها السنة المطهرة ‪ ,‬وهي ‪ :‬من علم الكالم ‪.‬‬

‫ويبدو إن لهذا الموقف المتعارض أسبابه لعل من أهمها ‪-:‬‬

‫‪ -​1‬خطورة موضوعه فان موضوعه ( ذات هللا تعالى وصفاته وذات الممكنات من حيث استنادها إلى هللا‬
‫تعالى كحدوث العالم وخلق األعمال وكالبحث عن النبـوات ومـا يتبعها أو المتعلقـة بأمر اآلخرة كبحث‬
‫المعاد وسائر السمعيات )(‪. )49‬‬

‫ولذلك كان العلماء يتحرجون من خوض بحره ويقفون وجلين خائفين عند ساحله ‪,‬الن الخطأ في ميدانه ال‬
‫يغتفر والجهل فيه ال يستتر فكانت مواقف العلماء في تصديهم لمباحثه ال تخلو من طعن أو تشنيع على‬
‫المخالفين ‪,‬ولخطورة موضوعه قال اإلمام أبو حنيفة ( رحمه هللا ) في الفقه األكبر ‪ :‬أذا شكل على اإلنسان‬
‫شيء من دقائق علم التوحيد فينبغي له أن يعتقد ما هو الصواب عند هللا إلى أن يجد عالما فيسأله وال يسعه‬
‫تأخير الطلب وال يعذر بالوقف فيه ويكفّر إن وقف (‪.)50‬‬

‫وهذا يدل على مبلغ اهتمام اإلمام أبي حنيفة النعمان بعلم الكالم ‪.‬‬

‫‪ -2‬ومن األسباب التي شجعت الطاعنين في علم الكالم ‪ :‬انه لم يوجد نص صريح واضح الداللة من كتاب‬
‫أو سنة تعرض إلى مباحث هذا العلم تعرضا مشابها لما كان يسلكه العلماء من استخدام الجدل والقواعد‬

‫‪/2‬‬ ‫ ‪,,‬‬ ‫ز‬ ‫‪) ( 46 .59‬مف السع ة ل ك‬


‫‪1/‬‬ ‫‪) ( 47 . 4 2‬إح ع ال ن الغز ي‬
‫ر‬ ‫ ‪:‬م‬ ‫( ت‪1 124‬هـ )تح‬ ‫د ن ل‬ ‫‪ ,‬و لا د ه‬ ‫ة‬ ‫د ى‬ ‫‪) (8 4‬ينظ‬
‫ ‪ 913,‬ـ‬ ‫د‪ ,‬المط السل ة‪ ,‬القا‬
‫‪. 14 2 / 1‬‬ ‫‪ ) (49‬المقاصد ‪ ،‬للتفتازاني ‪ ،‬ج‪/1‬ص ‪, 01‬ونش الطي عل شر الشي الطي‬
‫) (‪50‬‬
‫الفقه األكبر ‪ ,‬أبو حنيفة النعمان إمام األئمة الفقهاء ‪ ،‬وهبي سليمان غاوجي ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬دمشق ‪1407 ،‬هـ ـ ‪1987‬م ‪,‬‬
‫‪ .‬ص ‪309‬‬
‫المنطقية التي وضعها الفالسفة ورأى العلماء إن استخدام القواعد والمبادئ الفلسفية والمنطقية ال عالقة لها‬
‫بالعلوم الشرعية (فرأوا إن احتياج علـم شرعي إلى علم غير شرعي غير الئق )(‪.)51‬‬

‫وبعد أن عرضنا مواقف العلماء من علم الكالم ‪,‬نقول إن مسائل علم الكالم التي تشمل األمور االعتقادية‬
‫كمباحث ذات هللا تعالى ‪,‬وتوحيده‪,‬وصفاته ‪ ,‬والنبوة ‪,‬والمعاد ‪ ,‬وغيرها تع ّد أصل العلوم الشرعية ورأسها‬
‫‪,‬ومبنى العلوم الدينية وأساسها ‪,‬وان اإليمان بهذه المسائل ومعرفتها على وجه العموم فرض عين على كل‬
‫مسلم ‪,‬وأما معرفتها على وجه الخصوص فهي فرض كفاية ‪,‬او فرض عين على اختالف في ذلك بين‬
‫الحنفية والشافعية ‪ ,‬فأنه فرض كفاية عند الحنفية وفرض عين عند الشافعية (‪.)52‬‬

‫إذن ينبغي ان يصرف ذم هؤالء األئمـة المجتهدين للكـالم ‪ ,‬إلـى أمرين (‪-:)53‬‬

‫‪ -1‬أن يصرف إلى الكالم الذي كان أهل البدعة ينصرونه ‪,‬ويقررونه ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يصرف الذم إلى غير المتأهلين ‪,‬ممن يخشى عليهم من الخوض فيه ‪.‬‬

‫ومن هذا اخلص إلى إن علم الكالم ليس مذموما ‪:‬‬

‫لقد ارشد القران الكريم في آيات كثيرة إلى التفكر في خلق السماوات واألرض وما فيهن ‪,‬لالستدالل بذلك‬
‫النظر على وجود خالقهن ‪:‬هللا سبحانه وتعالى ‪,‬وهذا هو من مبادئ علم الكالم – التوحيد – الذي نقول به‬
‫ونحض الناس على تعلمه وتعليمه ‪.‬‬

‫ْف ُخلِ َق ْ‬
‫ت * َوِإ َلى ال َّس َما ِء‬ ‫ُون ِإ َلى اِإْل ِب ِل َكي َ‬
‫ظر َ‬‫ومن ذلك ‪:‬قول هللا عز وجل في كتابه العزيز ‪  :‬أَ َفاَل َي ْن ُ‬

‫ْف سُطِ َح ْ‬
‫ت ‪ ,)54( ‬وقـال سبحانه مثنيا على‬ ‫ت * َوِإ َلى اَأْلرْ ِ‬
‫ض َكي َ‬ ‫ْف ُنصِ َب ْ‬ ‫ت * َوِإ َلى ْال ِج َب ِ‬
‫ال َكي َ‬ ‫ْف ُرف َِع ْ‬
‫َكي َ‬

‫ت َواَأْلرْ ِ‬
‫ض ‪ ,)55( ‬وقــال سبحانه وتعالى مبينا احدى‬ ‫ُون فِي َخ ْل ِق ال َّس َم َاوا ِ‬
‫عباده المؤمنين ‪َ ‬و َي َت َف َّكر َ‬

‫ِيه َما َآلِ َه ٌة ِإاَّل هَّللا ُ َل َف َسدَ َتا ‪ , )56(‬وقال تعالى مبينا لنا مناظرة سيدنا‬ ‫مسائل علم التوحيد المهمة ‪َ ‬ل ْو َك َ‬
‫ان ف ِ‬

‫ك ِإ ْذ‬
‫ابراهيم للنمرود في علم الكالم وافحامه اياه ‪َ ‬أ َل ْم َت َر ِإ َلى الَّذِي َحا َّج ِإب َْراهِي َم فِي َر ِّب ِه َأنْ َآ َتاهُ هَّللا ُ ْالم ُْل َ‬

‫‪ ) (51‬الباقالني وآراؤه الكالمية ‪ ,‬استاذنا الدكتور محمد رمضان ‪ ,‬ص ‪. 31‬‬


‫‪ ) (52‬مفتاح السعادة ‪ ,‬لطاش كبرى زاده ‪ ,‬ص ‪.27‬‬
‫‪ ) (53‬الباقالني واراؤه الكالمية ‪ ,‬استاذنا الدكتور محمد رمضان ‪ ,‬ص ‪. 48‬‬
‫‪ ) (54‬سورة الغاشية – اآليات ‪. 20 -17‬‬
‫‪ ) (55‬سورة آل عمران – من اآلية ‪.191‬‬
‫‪ ) (56‬سورة األنبياء – من اآلية ‪. 22‬‬
‫ْأ‬ ‫ِيت َقا َل َأ َنا ُأحْ ِيي َوُأم ُ‬
‫ِيت َقا َل ِإب َْراهِي ُم َفِإنَّ هَّللا َ َي تِي ِبال َّش ِ‬
‫مْس م َِن ْال َم ْش ِر ِق‬ ‫َقا َل ِإب َْراهِي ُم َرب َِّي الَّذِي يُحْ ِيي َو ُيم ُ‬

‫وقال تعالى في معرض الثناء على سيدنا ابراهيم (عليه‬ ‫(‪)57‬‬


‫ت الَّذِي َك َفر َ‪‬‬
‫ب َفب ُِه َ‬ ‫َفْأ ِ‬
‫ت ِب َها م َِن ْال َم ْغ ِر ِ‬

‫السالم ) في مجادلته وإفحامه لخصمه ‪َ ‬وت ِْل َ‬


‫ك حُجَّ ُت َنا َآ َت ْي َنا َها ِإب َْراهِي َم َع َلى َق ْو ِم ِه َنرْ َف ُع دَ َر َجا ٍ‬
‫ت َمنْ َن َشا ُء ِإنَّ‬

‫َّك َحكِي ٌم َعلِيم ‪ ,)58(‬وقال سبحانه موضحا لنا حال سيدنا نوح ( عليه السالم) ‪َ ‬قالُوا َيا ُنو ُح َق ْد‬
‫َرب َ‬

‫‪ ,‬وقال تعالى في قصة فرعون‬ ‫(‪)59‬‬


‫ِين ‪‬‬ ‫ت ِجدَ ا َل َنا َفْأ ِت َنا ِب َما َت ِع ُد َنا ِإنْ ُك ْن َ‬
‫ت م َِن الصَّا ِدق َ‬ ‫َجادَ ْل َت َنا َفَأ ْك َثرْ َ‬

‫ومناظرة سيدنا مـوسى ( عليه السالم ) لـه ‪َ  :‬قا َل ِفرْ َع ْونُ َو َما َربُّ ْال َعا َلم َ‬
‫ِين * َقا َل َربُّ ال َّس َم َاوا ِ‬
‫ت‬

‫ِين َقا َل لِ َمنْ َح ْو َل ُه َأال َتسْ َت ِمع َ‬


‫ُون * َقا َل َر ُّب ُك ْم َو َربُّ َآبَاِئ ُك ُم األوَّ ل َ‬ ‫ض َو َما َب ْي َن ُه َما ِإنْ ُك ْن ُت ْم مُو ِقن َ‬
‫*‬
‫ِين * َقا َل‬ ‫َواألرْ ِ‬

‫ون * َقا َل َل ِ‬
‫ِئن‬ ‫ِإنَّ َرسُو َل ُك ُم الَّذِي ُأرْ سِ َل ِإ َل ْي ُك ْم َل َمجْ ُنونٌ * َقا َل َربُّ ْال َم ْش ِر ِق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬
‫ب َو َما َب ْي َن ُه َما ِإنْ ُك ْن ُت ْم َتعْ ِقلُ َ‬

‫ِين * َقا َل َأ َو َل ْو ِجْئ ُت َ‬


‫ك ِب َشيْ ٍء م ُِب ٍ‬
‫ين ‪. )60( ‬‬ ‫ك م َِن ْال َمسْ جُون َ‬ ‫ا َّت َخ ْذ َ‬
‫ت ِإ َلهًا َغي ِْري ألجْ َع َل َّن َ‬

‫وإننا ال نستطيع حصر جميع اآليات ‪ ,‬فالقران الكريم من أوله إلى أخره محاجة مع الكفار ‪.‬‬

‫ِيه َما َآلِ َه ٌة ِإال هَّللا ُ َل َف َسدَ َتا ‪ ,)61( ‬وهذا دليل‬ ‫فأساس أدلة المتكلمين فـــي التوحيد ‪ :‬قوله تعالى ‪َ ‬ل ْو َك َ‬
‫ان ف ِ‬

‫ب ِممَّا َن َّز ْل َنا َع َلى َع ْب ِد َنا َفْأ ُتوا ِبس َ‬


‫ُور ٍة‬ ‫‪َ ‬وِإنْ ُك ْن ُت ْم فِي َر ْي ٍ‬ ‫تمانع (‪ ,)62‬وفي النبوات أساسهم ‪ :‬قوله تعالى ‪:‬‬

‫ِين ‪ ,)63(‬وفي السمعيات والبعث ‪ :‬قوله تعالى ‪ :‬‬ ‫ون هَّللا ِ ِإنْ ُك ْن ُت ْم َ‬
‫صا ِدق َ‬ ‫ِمنْ م ِْثلِ ِه َو ْادعُوا ُ‬
‫ش َهدَ ا َء ُك ْم ِمنْ ُد ِ‬

‫قُ ْل يُحْ ِيي َها الَّذِي َأ ْن َشَأ َها َأوَّ َل َمرَّ ٍة َوه َُو ِب ُك ِّل َخ ْل ٍق َعلِي ٌم ‪ , )64( ‬إلى غير ذلك من اآليات واألدلة ‪.‬‬

‫‪ ) (57‬سورة البقرة – من اآلية ‪. 258‬‬


‫‪ ) (58‬سورة األنعام – اآلية ‪. 83‬‬
‫‪ ) (59‬سورة هود – من اآلية ‪. 32‬‬
‫‪ ) (60‬سورة الشعراء – اآليات ‪. 30 – 23‬‬
‫‪ ) (61‬سورة األنبياء – من اآلية ‪. 22‬‬
‫‪ ) (62‬دليل التمانع ‪ " :‬وهو أنه لو كان للعالم صانعان فعند اختالفهما مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم‪ ،‬وآخر تسكينه‪ ،‬أو‬
‫يريد أحدهما إحياؤه واآلخر إماتته ‪ -:‬فإما أن يحصل مرادهما‪ ،‬أو مراد أحدهما‪ ،‬أو ال يحصل مراد واحد منهما‪ ،‬األول‬
‫ممتنع‪ ،‬ألنه يستلزم الجمع بين نقيضين‪ ،‬والثالث ممتنع‪ ،‬ألنه يلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون‪ ،‬وهو ممتنع‪ ،‬ويستلزم‬
‫أيضا ً عجز كل منهما‪ ،‬والعاجز ال يكون إلهاً‪ ،‬وإذا حصل مراد أحدهما دون اآلخر‪ ،‬كان هذا هو اإلله القادر‪ ،‬واآلخر‬
‫عاجز ال يصلح لآللهية " شرح الطحاوية في العقيدة السلفية ‪ ,‬صدر الدين علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي ‪,‬‬
‫تحقيق ‪ :‬أحمد محمد شاكر ‪ ،‬مؤسسة الدعوة واإلرشاد ‪ ,‬المملكة العربية السعودية ‪1418 ,‬هـ ‪ ،‬ص ‪. 79 ،78‬‬
‫‪ ) (63‬سورة البقرة – من اآلية ‪. 23‬‬
‫‪ ) (64‬سورة يس – من اآلية ‪. 79‬‬
‫ويرى اإلمام عثمان الدارمي انه بعد أن ظهرت البدع من أهلها وجب على العلماء التصدي لهم ‪,‬بالتكذيب‪,‬‬
‫والتكفير‪ ,‬منافحة عن هللا كي ال يسب ‪,‬وال تعطل صفاته ‪,‬وذبا عن ضعفاء الناس‪ ,‬كي ال يضلوا بمحنتهم هذه‬
‫من غير ان يعرفوا ضدها من الحجج التي تبطل دعواهم وتبطل حججهم ‪ ,‬ثم يقول ‪:‬أو طمعتم معشر‬
‫الجهمية والواقفة أن تنصبوا الكفر للناس إماما‪ ,‬ثم تدعونهم إليه ‪,‬وتسكتوا أهل السنة عن اإلنكار عليكم‬
‫‪,‬حتى يروج على الناس ضاللكم ‪....‬؟ لقد أسأتم بأهل السنة الظن ‪,‬ونسبتموهم الى العجز والوهن (‪. )65‬‬

‫أما اإلمام األشعري (رحمه هللا ) فيقول ‪:‬أعلم ( رحمك هللا ) إن علماء اإلسالم ما صنفوا كتب العقائد ليثبتوا‬
‫في أنفسهم العلم باهلل تعالى وإنما وضعوا لك ردا للخصوم الذين جحدوا اإلله ‪,‬أو الصفات ‪,‬أو الرسالة ‪,‬أو‬
‫رسالة محمد ( صلى هللا عليه وسلم ) بالخصوص ‪,‬أو اإلعادة في هذه األجسام بعد الموت ‪ ,‬ونحو ذلك مما‬
‫ال يصدر إال من كافر ‪,‬فطلب علماء اإلسالم إقامة األدلة على هؤالء‪,‬ليرجعوا إلى اعتقاد وجوب اإليمان‬
‫بذلك ال غير ‪,‬وإنما لم يبادروا إلى قتلهم بالسيف رحمة بهم ‪,‬ورجاء رجوعهم إلى طريق الحق ‪ ,‬فكان‬
‫البرهان عندهم كالمعجزة التي ينساقون بها إلى دين اإلسالم ‪,‬ومعلوم أن الراجع بالبرهان أحق إيمانا من‬
‫الراجع بالسيف إذ الخوف قد يحمل صاحبه على النفاق ‪,‬وصاحب البرهان ليس كذلك (‪.)66‬‬

‫ـ ) ‪,‬تح‬ ‫( ‪80 2‬‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ن ن‬ ‫‪ ,‬و د‬ ‫ض ى ر‬ ‫‪ :‬‬ ‫‪) ( 56 .‬‬
‫ ‪,‬م ‪ 3851,‬ه ‪,‬‬ ‫ ‪,‬‬ ‫مد‬ ‫يق‪ :‬م‬
‫‪4 2‬ه )‪ ,‬‬ ‫‪ ) (66‬استحسان الخوض في علم الكالم ‪ ,‬ابو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر األشعري (ت‪3‬‬
‫‪3 9 , 295‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ة‬
‫المبحث السابع‬

‫نشأة علم الكالم وابرز فرقه‬

‫كان العالم يوم بعث هللا الرسول الكريم محمداً( صلى هللا عليه وسلم ) بالهدى ودين الحق يتيه بين الظلم‬
‫والجهل ‪ ,‬والتقليد وفوضى األخالق وانتكاس أسس االجتماع فالعرب وهو قومه (صلى هللا عليه وسلم )‪,‬‬
‫ومنهم أهله وعشيرته األقربون امة عريقة في الجاهلية الجهالء واغلة في الوثنية ‪ ,‬ليس لهم قدم وال سابقة‬
‫في الرقي االجتماعي ‪ ,‬وال لهم عاطفة وال وازع يصرفهم عن المغاورة والتكسب في طريق النهب وشن‬
‫الحروب ‪ ,‬واالعتداء على الحقوق والحرمات ‪ ,‬ووأد البنات ‪ ,‬وما شابه ذلك من دنيء األفعال وال لهم من‬
‫حصافة العقول ورقي اإلدراك ‪ ,‬ونور المعرفة ما يحول بينهم وبين عبادة األصنام ‪ ,‬والتقرب إليها ‪ ,‬وإتيان‬
‫السحرة والكهنة والعرافين والمنحرفين يلتمسون عندهم المعرفة وأخبار الغيب ‪.‬‬

‫في وسط هذا االضطراب االجتماعي والديني بعث هللا سبحانه وتعالى الرسول الكريم محمد ( صلى هللا‬
‫عليه وسلم ) بالهدى ودين الحق ‪ ,‬ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ‪ ,‬فأقام الحجة وأيقظ العقل ‪,‬‬
‫انظر إلى هذا الدعاء الذي يمجد فيـه العقل والعلـم ‪ ,‬ويقيـم الحجة الواضحة في هدوء ورفق ‪ ,‬في قوله‬
‫ب َت َعا َل ْوا ِإ َلى َكلِ َم ٍة َس َوا ٍء َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم َأاَّل َنعْ بُدَ ِإاَّل هَّللا َ َواَل ُن ْش ِر َ‬
‫ك ِب ِه َش ْيًئ ا َواَل‬ ‫تعالــى ‪ :‬قُ ْل َيا َأهْ َل ْال ِك َتا ِ‬

‫ب لِ َم ُت َحاجُّ َ‬
‫ون‬ ‫ون هَّللا ِ َفِإنْ َت َولَّ ْوا َفقُولُوا ا ْش َه ُدوا ِبَأ َّنا مُسْ لِم َ‬
‫ُون * َيا َأهْ َل ْال ِك َتا ِ‬ ‫ض َنا َبعْ ضًا َأرْ َبابًا ِمنْ ُد ِ‬
‫َي َّتخ َِذ َبعْ ُ‬

‫ون * َها َأ ْن ُت ْم َهُؤ اَل ِء َح َ‬


‫اججْ ُت ْم فِي َما َل ُك ْم ِب ِه عِ ْل ٌم‬ ‫فِي ِإب َْراهِي َم َو َما ُأ ْن ِز َل ِ‬
‫ت ال َّت ْو َراةُ َواِإْل ْن ِجي ُل ِإاَّل ِمنْ َبعْ ِد ِه َأ َفاَل َتعْ ِقلُ َ‬

‫ان ِإب َْراهِي ُم َيهُو ِد ًّيا َواَل َنصْ َرا ِن ًّيا َو َل ِكنْ‬ ‫ْس َل ُك ْم ِب ِه عِ ْل ٌم َوهَّللا ُ َيعْ َل ُم َوَأ ْن ُت ْم اَل َتعْ َلم َ‬
‫ُون * َما َك َ‬ ‫َفلِ َم ُت َحاجُّ َ‬
‫ون فِي َما َلي َ‬
‫ِين َآ َم ُنوا‬
‫ِين ا َّت َبعُوهُ َو َه َذا ال َّن ِبيُّ َوالَّذ َ‬ ‫ِين * ِإنَّ َأ ْو َلى ال َّن ِ‬
‫اس بِِإب َْراهِي َم َللَّذ َ‬ ‫ان م َِن ْال ُم ْش ِرك َ‬
‫ان َحنِي ًفا مُسْ لِمًا َو َما َك َ‬
‫َك َ‬

‫َوهَّللا ُ َولِيُّ ْالمُْؤ ِمن َ‬


‫ِين ‪.)67(‬‬

‫فإذا قرأت هذه اآليات الكريمة فتأمل في يسرها وسهولة مدخلها إلى العقل ‪ .‬ثم تدبر هل تجد ابرع من‬
‫عبارتها ‪ ,‬وأقوى منها حجة ؟ وهل تجد للتسلسل المنطقي الذي ينشده أهل البحث مثاال تضربه له خيرا من‬
‫هذه اآليات ؟ إذا أنت اطمأننت إلى هذا كله فاعلم انك واجد في كل ما أوحى هللا به إلى محمد (صلى هللا‬
‫عليه وسلم ) ‪ ,‬وفي كل ما أجراه هللا سبحانه وتعالى على لسانه من سنته ‪ ,‬وكل ما عمل به في حياته كلها‬
‫إلى أن لحق بالباري عز وجل ‪ ,‬اعلم انك قد وجدت في كل أولئك اصدق المثل وأعالها لهذه الدعوة ‪.‬‬

‫ولم يلبث العرب حين رأوا انه قد دفعتهم الحجة وأخذت عليهم سبل االلتواء المعارضة إن اقتربوا لهذه‬
‫الدعوة تباعا ودخلوا في دين هللا أفواجا فرأوا النبي (صلى هللا عليه وسلم ) يصف لهم ربهم سبحانه وتعالى‬
‫‪ ,‬بما وصف به نفسه في كتابه الكريم وبما أجراه على لسانه من سنته ‪ ,‬فلم يسال احد منهم على اختالف‬
‫عقولهم عن شيء من ذلك ‪ ,‬كما كانوا يسألونه عن أمر الصالة والحج والصيام والزكاة وغير ذلك من كل‬
‫ما علموا إن هلل فيه أمرا ونهيا ‪ ,‬كما سألوه عن حال اآلخرة والجنة والنار ‪ ,‬فبدل هذا كله على إنهم فهموا‬
‫ذلك وعقلوه في يسر وهوادة من غير أن يفلسفوه أو شيئا منه (‪.)68‬‬

‫عوامل نشوء علم الكالم‬

‫ظهر هنالك عامالن أساسيان ساعدا على نشأة علم الكالم عند المسلمين وهما عامل داخلي واآلخر خارجي‬
‫‪-:‬‬

‫‪. 86‬‬ ‫‪ ) (76‬سور آ عمرا لاآيا ‪6‬‬


‫‪30‬ه ) ‪,‬تحقي ‪:‬مح الدي عب الحمي ‪ ,‬نش مكتب النهض‬ ‫‪ ) (68‬مقاالت اإلسالميين ‪ ,‬لإلمام أبي الحسن األشعري (ت ‪3‬‬
‫‪.8‬‬ ‫‪ ,‬‬
‫أوال ‪:‬العامل الداخلي ‪:‬‬

‫مرت على المسلمين مشكالت في الصدر األول من اإلسالم كان لها األثر في نشوء وتطوير وبلورة مباحث‬
‫هذا العلم من أبرزها مسألة اإلمامة وما ارتبط بها من صراعات سياسية حيث بدأت بصورة فعلية في‬
‫أواخر عهد سيدنا عثمان بن عفان والتي أدت إلى استشهاده (رضي هللا عنه) ‪ ,‬مما أدى إلى تبعات أدت إلى‬
‫زيادة الفتنة بين المسلمين ‪,‬هذه األحداث أدت إلى تساؤالت عند جمهور المسلمين من هو المخطىء ومن هو‬
‫المصيب ‪ ,‬وهل أخطأ قتلة سيدنا عثمان أو أصابوا وهل كان لسيدنا علي يد في دم سيدنا عثمان ‪ ,‬وهل‬
‫لسيدنا طلحة والزبير وعائشة رضي هللا عنهم حق في قتال سيدنا علي ‪ ,‬وهل أصاب اإلمام علي في امر‬
‫التحكيم ‪,‬وهل يصح الخروج على الحاكم الظالم ‪,‬هذه االسئلة وما شابهها كانت تثار بكثرة في دروس‬
‫المساجد وحلق العلم إلى أن انفجرت براكين هـذه التساؤالت واألفكار وصهـرت في المدارس الكالمية التي‬
‫عرفت فيما بعـد ‪,‬وكـــذا فرضت هــذه األحداث مشكلة أخرى ظهرت عندما دار القتال في حرب الجمل أال‬
‫وهي مشكلة مرتكب الكبيرة فهل هذه الكبيرة توجب الخلود في النار أو ال‪ ,‬وهل يُرجأ الحكم على مرتكب‬
‫الكبيرة أو ال يُرجأ ‪,‬وبعد هذا نقول إن علم أصول الدين أو علم الكالم كانت له نشأة إسالمية بسبب بعض‬
‫المشاكل التي تولدت عند المسلمين حينئذ تلبية لحاجات المجتمع المسلم وما يطرأ عليه (‪.)69‬‬

‫ثانيا ‪:‬العوامل الخارجية ‪:‬‬

‫أما ما يتعلق بالعوامل الخارجية فيمكن أن نقول إن هنالك مؤثرات أجنبية بما تحمله من عقائد وفلسفات‬
‫فاسدة أدت إلى إثارة اضطرابات فكرية عقدية في بعض مباحث أصول الدين ساهمت في بلورة هذا العلم‬
‫بتوسيع مباحثه وتعميقها فأضيفت له مباحث جديدة نتيجة احتكاك وتماس هذه المؤثرات الخارجية ببالد‬
‫اإلسالم فمن هذه المؤثرات والمعتقدات التي واجهت العقيدة اإلسالمية ‪,‬الديانات والفلسفة اليونانية ‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالديانات يمكن تقسيمها إلى ‪-:‬‬

‫‪ )(69‬ينظر ‪ :‬تاريخ الفكر الفلسفي في االسالم ‪ ،‬للدكتور محمد علي أبو ريان ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار النهضة العربية ـ بيروت‬
‫‪ ، 137 ، 136 /‬الباقالني وآراؤه الكالمية ‪. 59 ، 58/‬‬
‫‪ -​1‬ديانات سماوية ‪ :‬كاليهودية ‪ ,‬في الجزيرة العربية والبلدان المفتوحة وما تحمله من العقائد كالقول‬
‫(‪)70‬‬
‫ملئت بالمتشابهات ‪ ,‬ومن فرقهم العنانية‬ ‫بالتشبيه ‪ ,‬وبالقدر والجبر الن التوراة‬
‫‪,‬والعيسوية(‪,)71‬والموشكانية(‪.)73()72‬‬

‫وكالنصرانية ‪ ,‬في مصر والشام وبالد المغرب ‪ ,‬وهذه الملة أثبتت االقانيم الثالثة (األب ‪,‬االبن ‪ ,‬روح‬
‫القدس ) وقالوا إنهم جوهر واحد ‪,‬وقالوا إن كمال الشخص اإلنساني في ثالثة أشياء (نبوة ‪,‬وإمامة ‪,‬وملكة )‬
‫ومن اكبر فرقهم النسطورية(‪ , )74‬واليعقوبية(‪ , )75‬والملكانية(‪.)77( )76‬‬

‫‪ -​2‬ديانات غير سماوية ‪ :‬كالمجوسية ‪ ,‬وهم من عبدة النيران القائلين أن للعالم أصلين هما ( النور‬
‫والظلمة )وهم أقدم الطوائف وقد نبغوا في علم النجوم (‪. )78‬‬

‫وأديان الهند ‪ ,‬من براهمة وبوذية وأصحاب روحانيات ‪,‬فأما البراهمة فقد أنكروا النبوات أصال وقالوا‬
‫باستحالة ذلك على العقول بوجوه منها ‪,‬ان الذي يأتي به الرسول لم يخ ُل من احد أمرين ‪,‬أما أن يكون‬

‫‪. 70‬‬
‫)‬ ‫ن‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬ ‫د ي‬ ‫ن ر‬ ‫ت‬ ‫ا ى ل ل ه ن ن د س‬ ‫) ‬
‫ها وهو من إ‬ ‫ا‬ ‫بتة‬ ‫ا‬ ‫ن‪ :‬إنه‬ ‫‪،‬و‬ ‫وإ‬ ‫( علهي لس‬
‫ ( ‪:‬ا لل‬ ‫بنبو ورس‬ ‫لهي السل إلا م يق‬ ‫لموس‬ ‫المس‬ ‫اة‬ ‫با‬ ‫الم‬
‫ي جمي العط دار ا ‪ ،‬ب‬ ‫‪ 54‬ـ‪ ),‬ديم‬ ‫هر‬ ‫الكريم ل‬ ‫فتح محمد‬ ‫النحل ‪،‬‬
‫ب ن‬ ‫‪142‬‬
‫‪.71‬‬
‫لا د ‪ ,‬ن ي )‬ ‫م ي‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫‪ :‬ن‬ ‫با ‬ ‫ق ن‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ا ى‬ ‫) ‬
‫ا ه‬ ‫د‬ ‫ر ن‬ ‫ه ر‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬ ‫ن ن‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ه ي ن ر‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل‬ ‫( ‬ ‫)‪174‬ت‬
‫) ‪. 72‬‬
‫ )أصحا موشكا كا عل مذه يوذعا غي أن كا يوج الخرو عل مخالفي ونص القتا معه فخر ف‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫)‪ 175‬تسع عش رلج فقت بناحي ق‬

‫‪ ) (73‬فجر اإلسالم ‪ ,‬احمد أمين (ت ‪) 41 19‬الطبع الخامس ‪,‬القاهر ‪53 1 , 56, 19‬‬
‫) )‪74‬‬
‫أصحاب نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون ‪ ،‬وتصرف في األناجيل بحكم رأيه قال ‪ :‬إن هللا تعالى واحد ذو‬
‫‪) .‬أقانيم ثالثة ‪ :‬الوجود والعلم والحياة ( الملل والنحل ‪ ،‬ص‪181‬‬
‫أصحاب يعقوب ‪،‬قالوا باألقانيم الثالثة كما ذكرنا إال أنهم قالوا ‪ :‬ان قلبت الكلمة لحما ودما فصار اإلله هو المسيح وهو‬
‫) )‪75‬‬

‫‪) .‬الظاهر بجسده بل هو هو ( الملل والنحل ‪ ،‬ص‪182‬‬


‫أصحاب ملكا الذي ظهر بأرض الروم واستولى عليها ومعظم الروم ملكانية ‪ ،‬قالوا ‪ :‬إن الكلمة اتحدت بجسد المسيح‬
‫) )‪76‬‬

‫‪) .‬وتدرعت بناسوته ( الملل والنحل ‪ ،‬ص‪179‬‬


‫‪ )(77‬ينظر ‪ :‬الملل والنحل ‪ ,‬الشهرستاني ‪ ،‬ج ‪ /2‬ص ‪. 82 -78‬‬
‫‪ )(78‬تاريخ ابن خلدون ج ‪ / 1‬ص ‪. 215‬‬
‫معقوال ‪,‬وإما أن ال يكون معقوال ‪,‬فان كان معقوال فقد كفانا العقل التام بإدراكه والوصول إليه ‪,‬فأي حاجة لنا‬
‫إلى الرسول ‪,‬وان لم يكن معقوال فال يكون مقبوال ‪ ,‬إذ قبول ما ليس بمعقول خروج عن حد اإلنسانية (‪.)79‬‬

‫ابرز فرق علم الكالم ‪:‬‬

‫ونتكلم فيه أالن عن أبرز وأشهر الفرق الكالمية ‪,‬أما الطوائف المتفرعة من هذه الفرق الرئيسية فسنبتعد‬
‫عن ذكرها مخافة التطويل ‪.‬‬

‫‪ -​1‬الخوارج ‪.‬‬

‫‪ -​2‬الشيعة ‪.‬‬

‫‪ -​3‬المرجئة ‪.‬‬

‫‪ -​4‬المعتزلة ‪.‬‬

‫‪ -​5‬اهل السنة والجماعة ‪.‬‬

‫أهم الفرق السياسية التي ظهرت في القرن األول الهجري ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الخوارج ‪:‬‬

‫فرقة إسالمية ظهرت في تاريخ الفكر العقائدي على أساس سياسي ‪,‬وبأسم السياسة تشكل بنيان فكرها‬
‫العقائدي ‪ ,‬وسموا بالخوارج لخروجهم على اإلمام علــي ‪ -‬رضي هللا عنه – ولمحاربتهم إياه بعد إن كانوا‬
‫في صفوف جنده (‪ ,)80‬ومن أشهر فرق الخوارج الرئيسية هي ‪:‬‬

‫‪ -​1‬المحكمة األولى ‪:‬‬

‫هم أول طائفة خرجت على اإلمام على – رضي هللا عنه – حين جرى أمر المحكمين ‪,‬واجتمعوا بحروراء‬
‫من ناحية الكوفة ‪ ,‬وقالوا ‪ :‬ال حكم إال هلل ‪,‬وهؤالء هم سلف الخوارج (‪,)81‬ويمكن أن نجمل رأي المحكمة في‬
‫أمرين ‪:‬أولهما أنهم خطأوا عليّا ً ( رضي هللا عنه ) في رضائه بالتحكيم بينه وبين معاوية ‪,‬ثم جعلوا هذا‬
‫‪. 8 9‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪)(9 7‬‬
‫‪ ) (80‬الملل والنحل ‪ ,‬للشهرستاني‪5 11 / 1 ,,‬‬
‫‪ ) (81‬الغلو والفرق الغالية في الحضارة اإلسالمية ‪ ،‬عبد هللا سلوم السامرائي ‪ ,‬دار واسط للنشر ‪ ,‬بغداد ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪،‬‬
‫‪1988‬م ‪ ،‬ص ‪. 279‬‬
‫الخطأ كفرا ‪ ,‬فطالبوا عليا ( رضي هللا عنه ) أن يقر على نفسه بالكفر ‪,‬وأن يتوب من كفره ‪,‬ولكنه أبى أن‬
‫يقر على نفسه بالكفر ‪ ,‬وهو الذي لم يسجد لصنم ‪ ,‬وإما األمر الثاني ‪ :‬أنهم جوزوا أن يكون الخليفة من غير‬
‫القرشيين ما دام يحقق العدل في الناس وال مانع في اإلمام المتبع للحق والعدل أن يكون عبدا ‪ ,‬أو حرا ‪,‬‬
‫قرشيا كان أو غير قرشي (‪.)82‬‬

‫‪ -​2‬الشراة ‪:‬‬
‫(‪)83‬‬
‫‪ :‬شرينا أنفسنا هلل عز وجل ‪ ,‬نقاتل في سبيل هللا فنقتل ونقتل وذهبوا في‬ ‫وأصل هذه التسمية أنهم قالوا‬
‫ون فِـي‬ ‫ِين َأ ْنفُ َس ُه ْم َوَأ َ‬
‫مْوا َل ُه ْم ِبـَأنَّ َل ُه ُم ْال َج َّن َة ُي َقا ِتلُ َ‬ ‫ذلك الى قوله سبحانه وتعالى ‪ِ ‬إنَّ هَّللا َ ا ْش َت َرى م َِن ْالمُْؤ ِمن َ‬

‫ون َو ُي ْق َتلُ َ‬
‫ون ‪.)84( ‬‬ ‫يل اللَّـ ِه َف َي ْق ُتلُ َ‬
‫َس ِب ِ‬

‫‪ -​3‬أالزارقة ‪:‬‬

‫وهم أتباع نافع بن األزرق الحنفي(‪ ,)85‬وكان رئيس الخوارج في البصرة واألهواز ومن فقهائهم وفرسانهم‬
‫وشجعانهم وله مع ابن عباس مسائل كثيرة ‪.‬‬

‫وهم يرون ‪ :‬إن من خالفهم مشركون ‪,‬وديارهم ديار كفر ‪,‬يحل قتل نسائهم ‪ ,‬وأطفالهم ‪ ,‬وال يجب رد أمانتهم‬
‫‪ ,‬وال يحل أكل ذبائحهم ‪ ,‬وال مناكحتهم ‪ ,‬وال توارثهم ‪ ,‬وإنهم كانوا يرون إن من كان بدار الكفر منهم وقعـد‬
‫عن القتال فهو كافر (‪. )86‬‬

‫‪ -​4‬النجدات ‪:‬‬

‫بعة حمدص ‬ ‫ي‪ ,‬‬ ‫مين‪ ,‬لي‬


‫م و ة م كلام‬ ‫ا‬ ‫ي خ‬ ‫ص‪) ( 2 8 .80 2‬‬
‫‪5 91 -‬‬ ‫‪8371 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬
‫– ةي عبد ل ه‬ ‫ا ‬ ‫و‬ ‫‪) ( 3 81.11‬‬
‫‪ / 2‬ص‪ ) ( 84 .47 1‬ة‬
‫‪ ) (85‬هو شيخ االزارقة ‪ ,‬وله أسئلة في القران ‪ ,‬كان يوجهها إلى ابن عباس ( رضي هللا عنه ) وكان يسئل ابن عباس حتى‬
‫رد قيق‬ ‫با محم ب يزيد ن‬ ‫ى‬ ‫و دب‪،‬‬ ‫لكامل فيا ‬ ‫ )‪ (،‬ينظ‬ ‫‪5 5(6‬‬ ‫يضجره ‪,‬قتل‬
‫‪3991-‬‬ ‫ة ‪114‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ى‪،‬‬ ‫حمد‬
‫‪ )(86‬الغلو والفرق الغالية – عبد هللا سلوم – ص ‪. 284‬‬
‫أتباع نجدة بن عامر الحنفي (‪ )87‬وكان من حاله أنه لما سمى نافع بن األزرق من كان قد امتنع من نصرته‬
‫مشركا وأباح قتل نساء مخالفيهم وأطفالهم خرج عليه قوم من أتباعه وصاروا إلى اليمامة وبايعوا نجدة‬
‫وقالوا ان من يقول ما قاله نافع فهو كافر (‪.)88‬‬

‫‪ -​5‬الصفرية ‪:‬‬

‫هم اتباع زياد بن أصفر‪,‬ويسمون عند البعض بالزيادية ‪,‬وهؤالء خالفوا الخوارج في عدة أمور منها ‪ :‬أنهم‬
‫لم يقولوا بكفر القعدة عن القتال اذا كانوا موافقين في االعتقاد ‪,‬ولم يحكموا بقتل اطفال المشركين وتكفيرهم‬
‫‪ ,‬وقالوا التقية جائزة في القول دون العمل ‪ ,‬وال يكفرون من أرتكب الكبيرة التي عليها حد كالزنا والسرقة‬
‫‪,‬اما ما ليس فيه حد كترك الصالة والتولي يوم الزحف فانه يعد كافرا (‪. )89‬‬

‫‪ -​6‬االباضية ‪:‬‬

‫هم أصحاب عبد هللا بن أباض التميمي (ت ‪ 86‬هـ) (‪ ,)90‬خرجوا زمن الخليفة األموي مروان بن محمد‬
‫‪,‬يرون أن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ‪,‬يجوز مناكحتهم ‪ ,‬وموارثتهم ‪ ,‬وشهادتهم ‪ ,‬ويعدون‬
‫ان من خالفهم كافراً كفر نعمة وال يستحلون في الحرب اال معسكر السلطان ‪ ,‬واالباضية يعدون من أكثر‬
‫فرق الخوارج اعتداال وأقربهم إلى العقيدة أإلسالمية وأهم أفكارهم ومعتقداتهم (‪:)91‬‬

‫‪ -​1‬ينزه أالباضية الخالق تنزيها مطلقا ‪ ,‬وما جاء في القران الكريم والسنة النبوية مما يوهم‬
‫التشبيه فهم يؤولونه بما يفيد المعنى وال يؤدي إلى التشبه ‪.‬‬

‫‪ -​2‬ال يقـولون برؤية هللا فـي أآلخرة ‪.‬‬


‫(‪)92‬‬
‫ج ‪ -‬القران لديـهم مخلـوق ‪.‬‬

‫له بو يك ية ب ن‬ ‫قة‬ ‫وقب ‬


‫‪ ,‬مع ره يد‬ ‫ضا ان من نه نه رج من‬ ‫‪))87 . 52‬‬
‫دة نه ئ ر‬ ‫ير‬ ‫اف‬ ‫فع من‬
‫وه ما ثه‬ ‫رق‬ ‫فة ين وا فع ب ن‬ ‫في في‬ ‫ود‬
‫ي ‪99 ,‬‬ ‫ح و‬ ‫(‪ ,‬ظر لل‬ ‫وا دة وه ير‬ ‫دع‬ ‫اث‬
‫مح أ المظ لإسفرايين تحق‬ ‫الف الهالكي طا‬ ‫الد وتمي الفر الناج‬ ‫‪ ()88 .7‬التبص‬
‫‪839 1‬‬ ‫‪- 340 1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ب‪ -‬‬ ‫ت‪ ,‬لم‬ ‫سف‬ ‫ال‬
‫‪32‬‬ ‫‪ ,0 36‬الم والن ‪,‬للشهرستا ‪/1 ,‬‬ ‫‪ ()98‬ش الموا ‪,‬الجرجا ي‬ ‫‪.0‬‬

‫‪ ) 9 44‬تحق ‪:‬الش زا الكوث د ع العط‬ ‫(‬ ‫‪ ()09 .‬الف بي الف ل ‪,‬لام ع القا البغدا‬
‫‪31‬‬ ‫‪,‬‬ ‫م‬ ‫الحسي‬
‫‪ )(19.‬ظه لاإلسا ‪ ,‬احم أمي ‪6 32 / /4 ,‬‬
‫‪ )(92‬مقاالت االسالميين ‪ ,‬لالشعري ‪ ،‬ج ‪/1‬ص ‪78 1‬‬
‫د – خلود مرتكب الكبيرة قي النار أذا مات بغير توبة ‪,‬وروي عنهم أنهم قالوا انه كافر نعمة ال كافر ملة‬
‫وهللا يغفر الصغائر ‪ ,‬أما الكبائر فال تمحوها اال التوبة ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬ال يوجبون الخروج على اإلمام الجائر وال يمنعونه وإنما يجيزونه بحسب الظروف ‪.‬‬

‫لذا فان االباضية كما عرفنا كانوا أكثر الخوارج اعتداال وأقربهم إلى الجماعة اإلسالمية تفكيرا ‪ ,‬إذ لم يع ّدوا‬
‫مخالفيهم مشركين وال مؤمنين ‪,‬بل سموهم كفاراً ‪ ,‬وروي عنهم إنهم قالوا ‪:‬إنهم كفار نعمة ‪,‬ولم يبيحوا قتل‬
‫مخالفيهم غيلة واعتبروا دار مخالفيهم دار توحيد إال معسكر السلطان ‪,‬ولم يحلوا من الغنائم إال أدوات‬
‫الحرب ‪.‬‬

‫فمن هذه األصول يتبين أن االباضية فرقة رفضت غل ّو الخوارج واقتربت كثيرا من معتقدات أهل السنة‬
‫ومن أجل اعتدالهم هذا أنقرض الخوارج كلهم إال طائفة االباضية فإنهم بقوا إلى وقتنا الحاضر على شكل‬
‫جماعات يسكنون في عمان والجزائر وليبيا وتونس ويوجد قسم أخر في بزنزبار بأفريقيا الشرقية (‪.)93‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشيعة ‪:‬‬

‫الشيعة لغة‪ :‬يقال شيعة الرجل أي أتباعه وأنصاره ‪,‬وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم‬
‫(شيع)(‪,)94‬ونفهم من ذلك أن كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ‪.‬‬

‫وعند المتكلمين ‪ :‬هم الذين شايعوا اإلمام عليا ً ( رضي هللا عنه ) وقالوا ‪ :‬بإمامته بعد رسول (هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم )وقالوا ‪,‬بإمامته وخالفته ‪,‬نصا ووصية ‪ ,‬أما جليا وإما خفيا واعتقدوا أن اإلمامة ال تخرج عنه‬
‫وال عن أوالده ‪,‬فمن يخرج عليه وعلى أوالده من بعده فهو ظالم لهم ‪ ,‬مغتصب لحقهم وان هم سكتوا عنه‬
‫‪,‬أو رضوا بحكمه فتقية منهم (‪.)95‬‬

‫وليست اإلمامة عندهم من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر األمة بالشورى بل هي ركن من أركان‬
‫الدين وقاعدة اإلسالم ‪,‬لذا كانت مسألة اإلمامة عندهم واجبة على هللا تعالى وال يجوز لنبي وال ولي‬
‫إخفاؤها وال تفويضها إلى األمة ألنها عندهم من أصول الدين ال فروعه وتكون بواسطة النص والتعيين‬
‫(‪.)96‬‬

‫م‬ ‫ر‬ ‫ال امية ا‬ ‫‪()93 .499 ,‬ا لب‬


‫‪ ) 2( 94‬القاموس المحيط ‪ ,‬للعالمة اللغوي ابو الطاهر مجد الين محمد بن يعقوب الفيروزابادي الصديقي الشيرازي (ت‬
‫ي ‪9871,‬‬ ‫ا‬ ‫ ‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ا‬ ‫‪17 8‬ه ‪,‬تحق ق‪ :‬مك‬
‫‪ )3(95‬الملل والنحل ‪ ,‬للشهرستاني ‪ ,‬ص ‪. 96‬‬
‫‪ )(96‬ينظر ‪ :‬دراسات في الفرق االسالمية ‪ ,‬الدكتور عرفان عبد الحميد ‪ ,‬دار ابن حزم ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬لبنان ‪ 1995 ,‬م ‪ ,‬ص‬
‫‪. 10‬‬
‫وقالوا ‪ :‬بعصمة أألنبياء واألئمة وجوبا عن الكبائر والصغائـر ‪ ,‬التبري والتولي قوال وفعال ‪ ,‬وعقدا ‪,‬اال في‬
‫حالة التقية(‪. )97‬‬

‫وقد أختلف المؤرخون في تحديد الوقت الذي ظهر فيه هذا التشيع في االسالم الى عدة أقوال منها ‪-:‬‬

‫‪ -1‬انه ظهر في حياة الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬حيث كان ومن وقت حياته عليه الصالة والسالم‬
‫جماعة تشايع االمام عليا – رضي هللا عنه ‪ -‬لنسبه بالنبي صلى هللا عليه وسلم وعلمه وتقواه ‪ ,‬وممن ذهب‬
‫إلى هـذا القول النوبختي والعاملي (‪.)98‬‬

‫‪ -2‬وفئة ترى التشيع ظهر بعد وفاة النبي صلى هللا عليه وسلم مباشرة بسبب االختالف في اإلمامة والخالفة‬
‫من بعده ‪,‬ومن هؤالء ابن خلدون ‪ ,‬وأحمد أمين(‪. )99‬‬

‫‪ -3‬ويرى آخرون أنه ظهر عند خروج اإلمام علي ( رضي هللا عنه ) لقتال طلحة والزبير ومعاوية (‬
‫‪,‬‬ ‫يساندونه‬ ‫شيعة‬ ‫له‬ ‫فأصبح‬ ‫)‬ ‫عنهم‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬
‫وممن ذهب الى هذا القول أبن النديم (‪.)100‬‬

‫‪ -4‬وذهب البعض إلى أن التشيع بوصفه مذهبا ً فكريا ً وسياسيا ً لم يتكامل بنيانه إال بعد ظهور القول بنظرية‬
‫النص والتعيين على اإلمامة وكان هذا في نهاية القرن األول الهجري وممن ذهب إلى هذا القول أبن‬
‫المرتضى (‪.)101‬‬

‫وأعتقد أن هذا الرأي األخير هو الراجح ألننا لم نجد التشيع باالصطالح المعروف اليوم وبنظرياته العقيدة‬
‫اال بعد نهاية القرن األول دون التشيع اللغوي والذي كانت بوادره من عصر النبوة ‪ ,‬وهذا أمر طبيعي أن‬
‫يكون البعض مائال آلل بيت النبوة لقربهم من بيت النبوة ‪.‬‬

‫أهم فرق الشيعة‬

‫ ‪,‬‬ ‫و عل الشيع الامام‬ ‫(ت‪1 4‬‬ ‫لم‬ ‫ف‬ ‫مقالا ‪ ,‬لمحمد‬ ‫ ‪) 7(9 . 3‬‬
‫ي ‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫الزنجان‬ ‫ش الاسلا‬
‫‪91‬‬ ‫حقـيق‪ :‬هلـمو يتـر س‬ ‫تي ‪70‬‬ ‫الن ب‬ ‫سن‬ ‫ال عـة‬ ‫‪ ) 8( 9 .06 2‬ينظ‬
‫ت ‪096961 ,‬‬ ‫تعارف ‪,‬‬ ‫ا امل ‪،‬‬ ‫شيعـ ‪،‬‬ ‫‪60‬م‪ 5, ,‬وينظـر‪:‬‬
‫‪,‬‬ ‫ ‪:‬جفرا لام‪ ,‬أحمد م‬ ‫ص و‬ ‫خ‬ ‫‪ ()99 . 94 2‬م‬
‫‪, 7181 ,‬‬ ‫ ‪,‬لا‬ ‫(ت‪ 588 3‬هـ ) ‪,‬‬ ‫رج‬ ‫اق بو‬ ‫ت‪ ,‬مد بن‬ ‫‪) 0(01‬‬
‫‪9 , 1‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ة د‬ ‫‪ :‬‬ ‫‪ )( 101‬طبقات المعتزلة ‪ ,‬احمد بن يحيى بن المرتضى المعتزلي (ت ‪0 4 8‬ه‬
‫‪. 51‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ د‬ ‫ن د‬ ‫ر‬ ‫ ة‬ ‫قا ‬ ‫ت ي‬ ‫ر‬ ‫‪, 5 , 16‬‬
‫وللشيعة فرق كثيرة أهمها ‪:‬الشيعة األمامية االثنا عشرية ‪ ,‬والشيعة الزيدية ‪ ,‬والغالة ‪ ,‬وتتفرع من هذه‬
‫الفرق الرئيسة فروع كثيرة ‪:‬‬

‫‪ -1‬الشيعة أألمامية (االثنا عشرية ) ‪ :‬هم األغلبية العظمى من الشيعة اليوم ‪ ,‬واليهم ينصرف الذهن عند‬
‫إطالق لفظ الشيعة ‪ ,‬وهم فرقة من المسلمين تمسكوا بحق علي ( رضي هللا عنه ) فـي وراثة الخالفة دون‬
‫أبـي بكر وعمر وعثمان ( رضي هللا عنهم جميعا ) وقالوا باثني عشر إماما بعد الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ,‬من ساللة علي وفاطمة ابتداء بعلي بن أبي طالب ( رضي هللا عنه ) وانتهاء بمحمد المهدي بن‬
‫الحسن العسكري الملقب بالحجة القائم المنتظر(‪,)102‬ومحمد المهدي كان قد غاب عن العالم منذ عام (‪880‬م)‬
‫‪ ,‬ويسود االعتقاد لدى الشيعة بأنه سيعود ‪ ,‬فالمؤمنون ينتظرون عودة اإلمام الغائب ليعيد الحق والحرية‬
‫إلى العالم ويمأل األرض عدال بعد أن ملئت جورا وظلما ‪,‬وتتواجد الشيعة االمامية بكثرة في بالد العراق‬
‫وإيران والهند وبعض البالد األخرى ‪.‬‬

‫وأهم عقائد الشيعة األمامية هي ‪:‬‬

‫أ – وجوب اإلمامة ووجودها في كل زمان ‪ ,‬فهي ركن من أركان الدين وقاعدة اإلسالم ‪.‬‬

‫ب‪ -‬النص والتعيين ‪,‬حيث يقولون إن الرسول ( صلى هللا عليه وسلم ) نص على خالفة علي ( رضي هللا‬
‫عنه ) إما نصا واضحا أو خفيا باإلشارة له(‪. )103‬‬

‫ج‪ -‬عصمة األئمة ‪:‬حيث دعاهم احترام األئمة وإجاللهم إلى القول بعصمتهم ‪ ,‬فكل األئمة معصومون عن‬
‫الخطأ والنسيان ومنزهون عن اقتراف الكبائر والصغائر لكي يكون مقبول القول وال تسقط عنه هيبته ‪.‬‬

‫د – اتفقوا أن األئمة بعد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أثنا عشر أماما ‪ ,‬أبتداءا بعلي( رضي هللا عنه ) ثم‬
‫الحسن فالحسين ومنهم بعده ولده دون ولد الحسن حتى اإلمام الثاني عشر وهو محمد المهدي المنتظر‬
‫عندهم(‪. )104‬‬

‫هـ‪ -‬يرون التبري والتولي قوال وفعال وعقدا إال في حالة التقية ‪ ,‬ويقصدون بالتولي والتبري هو مواالة علي‬
‫وأوالده والتبري ممن سواهم (‪.)105‬‬

‫‪63‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ ‪:‬دراسا ف الفر لاالسامي ‪,‬الدكتو عرفا عب الحمي‬ ‫‪)(2 10‬‬
‫‪. 0 1 7‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪)(3 10‬‬
‫‪.5 1 / 1 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ )(104‬ينظر‪::‬‬
‫‪ )(105‬أوائل المقاالت ‪ ,‬للشيخ المفيد ‪ ,‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ -​2‬الشيعة الزيدية ‪:‬‬

‫وهم أتباع اإلمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين وهذه الفرقة من أقرب فرق الشيعة إلى مذهب أهل‬
‫السنة وأكثرهم اعتداال ‪ ,‬كان اإلمام زيد قد بويع له في الكوفة في أيام هشام بن عبد الملك وكان من أبرز من‬
‫أخذ عنه واصل بن عطاء واإلمام أبو حنيفة‪ ,‬ومال له اإلمام أبو حنيفة ( رحمه هللا ) ميال شديدا ويقول في‬
‫خروجه على األمويين ضاهى خروجه خروج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يوم بدر واإلمام زيد فقيه‬
‫ومتكلم خرج في خمسة عشر رجال من أهله على والي الكوفة يوسف الثقفي عامل هشام بن عبد الملك ‪,‬‬
‫ودارت بينهما معركة وقال إني خرجت على األمويين الذين قتلوا جدي الحسين وأغاروا على المدينة‬
‫ورموا بيت هللا بالمنجنيق والنار ‪ ,‬وسمع من أتباعه طعنا على ابي بكر وعمر( رضي هللا عنهما ) فأنكر‬
‫ذلك علـى مـن قاله فنفر عنـه هؤالء الذين بايعـوه فقال لهـم ‪:‬‬

‫( رفضتموني ) فسموا رافضة لرفضهم الشيخين ( رضي هللا عنهما ) (‪. )106‬‬

‫وأهم عقائد الزيدية ‪:‬‬

‫هم في األصول يرجعون إلى االعتزال ويرى المتكلمون (‪ :)107‬أن السبب في ذلك هو أن زيدا أراد أن‬
‫يحصل أألصول والفروع حتى يتحلى بالعلم فتتلمذ في أألصول على واصل بن عطاء رأس المعتزلة ‪,‬‬
‫فاقتبس منه االعتزال وأصبح أصحابه كلهم معتزلة ‪.‬‬

‫ومن أهم أراء الزيدية ‪-:‬‬

‫‪ -​1‬يرى الزيدية في صفات الباري رأي المعتزلة ويقولون في صفات الذات أن الباري سبحانه‬
‫وتعالى عالم بعلم هو ذاته وقادر بقدرة هي ذاته سميع بصير بذاته ‪.‬‬

‫‪ -​2‬يرى الزيدية في أفعال اإلنسان رأي المعتزلة وهو أن أفعال العباد غير مخلوقة بل هم يخلقونها‬
‫(‪.)108‬‬

‫ج‪ -‬فيما يتعلق بارتكاب الكبيرة يرى الزيدية بتخليد وتكفير مرتكب الكبيرة في النار ما لم يتب (‪.)109‬‬

‫‪-: -3‬الغالة ‪:‬‬

‫مقاالت اإلسالميين ‪ ,‬للشيخ األشعري ‪ ,‬ج‪ / 1‬ص ‪. 144‬‬ ‫‪)(106‬‬

‫تاريخ الفرق االسالمية ‪ ،‬علي الغرابي ‪ ,‬ص ‪. 290‬‬ ‫‪)(107‬‬

‫مقاالت االسالميين ‪ ,‬لالشعري ‪ ,‬ج‪ /1‬ص ‪. 139‬‬ ‫‪)(108‬‬

‫تاريخ الفرق االسالمية ‪ ,‬علي الغرابي ص ‪. 292‬‬ ‫‪)(109‬‬


‫الغلو ‪ :‬لغة ‪ :‬االرتفاع ومجاوزة القدر في كل شيء ‪ ....‬وغال في الدين واألمر يغلو جاوز حده ‪....‬وقال‬
‫بعضهم غلوت في أألمر غلوا وغالنية وغالنيا ‪,‬أذا جاوزت فيه الحد وأفرطت فيه (‪.)110‬‬
‫(‪)111‬‬
‫‪ ،‬أي التشدد فيه‬ ‫وفي الحديث ‪ ،‬قال النبي ( صلى هللا عليه وسلم ) ‪  :‬إياكم والغلو في الدين ‪‬‬
‫ومجاوزة الحد (‪. )112‬‬

‫والغالة هم الذين غلوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم عن حدود العقل واإليمان في القول بإلوهية األئمة ‪,‬أما‬
‫أنهم بشر اتصفوا بصفات أإللوهية ‪ ,‬أو أن اإلله حل في ذاتهم البشرية وهو قول بالحلول يوافق مذهب‬
‫النصارى في عيسى – عليه السالم ‪.)113( -‬‬

‫وهؤالء الغالة هم أحد عشر صنفا وعلى رأسهم السبائية ‪ :‬نسبة إلى عبد هللا بن سبأ اليهودي األصل من‬
‫صنعاء الذي كان يحمل الحقد على اإلسالم ألذي أزاح دينهم وسيطرتهم على العرب والمدينة وأخذ يطوف‬
‫بالشام ومصر والكوفة والبصرة وكان له دور في مقتل سيدنا عثمان – رضي هللا عنه – ثم اتصل باألمام‬
‫علــي‪ -‬رضي هللا عنه – واظهر له الوالء ثم ناداه بصفات اإللوهية ‪ ,‬وقال له ‪ :‬أنت أنت – أي أنت هللا –‬
‫ولما سمع به األمام علي نفاه إلى المدائن ونقل من أتباعه من قال له أنت هللا (‪.)114‬‬

‫وقال الشيخ المفيد ( والغالة من المتظاهرين باإلسالم هم الذين نسبوا أمير المؤمنين وأالئمة من ذريته (عليه‬
‫السالم ) إلى اإللوهية والنبوة ‪,‬ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزا فيه الحد وخرجوا عن‬
‫القصد ‪,‬وهم ضالل كفار (‪.)115‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المرجئة ‪:‬‬

‫اإلرجاء على معنيين ‪:‬‬

‫أحدهما ‪:‬بمعنى التأخير كما في قوله تعالى ( قالوا أرجه وأخاه )(‪ )116‬أي أمهله وأخره ‪.‬‬

‫والثاني ‪:‬إعطاء الرجل ‪.‬‬

‫ص‬ ‫( ‪1 171‬هـ )‬ ‫ي‬ ‫را ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ل ل‬ ‫‪ ,‬و‬ ‫ن‬ ‫‪) (0 11‬‬
‫‪131 5 1‬‬ ‫ ‪, 8691‬‬ ‫ ‪,‬بي ت‪ ,‬لب ‪,‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪111‬‬
‫‪) ,‬‬ ‫ ‪,‬‬ ‫ ‪ ,‬ر‬ ‫د د د‬ ‫‪ :‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫د ن د و لا د ه‬ ‫‪ ,‬‬ ‫‪ )2‬ن ن‬
‫‪ :‬‬ ‫‪ ,) 920‬لا ‬ ‫‪(3 ,800‬‬ ‫‪1 / .‬‬
‫‪231/‬‬ ‫‪5 1 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪)5( 2 11‬‬
‫‪. 0 70 / 2 ,‬‬ ‫‪)(3 11‬‬
‫‪. 4 17 /1 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ )(114‬ينظر ‪ :‬مقاالت االسالميين ‪ ,‬لالشعـري ‪ ,‬ج ‪ /1‬ص ‪ , 86‬وينظـر‪::‬‬
‫‪ )(115‬ينظر ‪ :‬تصحيح االعتقـاد –‪ ,‬لمحمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد – مكتبة الحقيقة – تبريـز – الطبعة الثانية‬
‫‪ 1371‬هـ ‪ ,‬ص ‪. 63‬‬
‫‪ )(116‬سورة االعراف ‪ ,‬اية ‪. 111‬‬
‫وسموا مرجئة على الرأي أألول فصحيح ‪ ,‬وذلك النهم كانوا يؤخرون العمل عن اإليمان ‪ ,‬على معنى أنهم‬
‫يقولون ‪ :‬ال تضر مع اإليمان معصية كما ال ينفع مع الكفر طاعة(‪. )117‬‬

‫وعلى هذا فاإليمان عند المرجئة هو المعرفة باهلل تعـالى وبرسله وأما ما سوى المعرفة من الطاعة فليس‬
‫من اإليمان ‪ ,‬ولهذا أخروا العمل عن اإليمان ‪ ,‬وقالوا ‪ :‬بأرجاء حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة فال‬
‫يقضى عليه بحكم في هذه الدنيا يجعله من أهل الجنة أو من أهل النار (‪.)118‬‬

‫وأن أصل نشأة المرجئة كان بسبب السياسة والنزاع الحاصل بين أهل اإلسالم أزاء مرتكب الكبيرة وهي‬
‫قضية كان أساسها في أألصل سياسيا ظهرت وليدة التناحر الذي حدث بين الفئات السياسية آنذاك ‪ ,‬ففي‬
‫الوقت الذي حكم الخوارج فيه بتكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار ‪ ,‬وحكمت عليه المعتزلة بالخروج‬
‫من اإليمان وعدم الدخول في الكفر ( القول بالمنزلة بين المنزلتين )ظهرت المرجئة كفرقة أدلت بدلوها في‬
‫هذه القضية التي كانت شاغلة بال المسلمين في تلك الفترة ‪ ,‬فقالوا باإلرجاء أي على معنى أنهم يتركون‬
‫الحكم فيه الى هللا فال يقضى عليه بحكم في دار الدنيا ال بإيمان وال بكفر وال أنه بمنزلة بين المنزلتين ‪,‬‬
‫وبالغوا في أثبات الوعد عكس الخوارج والمعتزلة الذين بالغوا في أثبات الوعيد ‪ ,‬وكانوا يرجون المغفرة‬
‫والثواب ألهل المعاصي ‪ ,‬ويرجئون حكم صاحب الكبائر الى هللا ‪.‬‬

‫وهؤالء المرجئة ثالثة أصناف(‪-: )119‬‬

‫أ‪ -‬صنف قالوا باإلرجاء في اإليمان ‪ ,‬وبالقدر على مذهب المعتزلة‪ :‬كغيالن الدمشقي (‪. )120‬‬

‫ب‪ -‬وصنف قالوا باإلرجاء في اإليمان وبالجبر في األعمال على مذهب جهم بن صفوان ‪.‬‬

‫ج‪ -‬وصنف خارجـون عـن الجبريـة والقدريـة وانفردوا باإلرجاء المحـض وهؤالء هم ‪:‬‬

‫‪ -1‬اليونسية‪:‬‬

‫هم أصحاب يونس بن عون النميري ‪ ,‬ذهبوا إلى أن اإليمان هو المعرفة باهلل والخضوع له ‪ ,‬وترك‬
‫االستكبار عليه والمحبة بالقلب فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن وما سوى ذلك من الطاعة فليس‬
‫من اإليمان وال يضر تركها حقيقة اإليمان وال يعذب على ذلك أذا كان اإليمان خالصا واليقين صادقا ‪ ,‬وقال‬

‫‪ )(117‬الملل والنحل ‪ ,‬للشهرستاني ‪ ,‬ص ‪. 91‬‬


‫‪ )(118‬التبصير في الدين وتمييزالفرقة الناجية عن فرق الهالكين ‪ ,‬االسفراييني ‪ ,‬ص ‪. 97‬‬
‫‪ )(119‬الباقالني واراؤه الكالمية ‪ ,‬الدكتور محمد رمضان ‪ ,‬ص ‪.77‬‬
‫‪ ) (120‬الفرق بين الفرق ‪ ،‬البغدادي ‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ :‬ومن تمكن في قلبه ‪ ,‬الخضوع هلل والمحبة له على خلوص ويقين ‪ ,‬لم يخالفه في معصية ‪ ,‬وأن صدرت‬
‫منه معصية ‪ ,‬فال تضره بيقينه وإخالصه ‪ ,‬والمؤمن إنما يدخل الجنة بإخالصه ومحبته ال بعلمه وطاعته‬
‫(‪.)121‬‬

‫‪ -2‬الغسانية ‪:‬‬

‫هم أتباع غسان الكوفي ‪ ,‬والذي زعم أن االيمان هو المعرفة باهلل تعالى ‪ ,‬وبرسوله واإلقرار بما انزل هللا ‪,‬‬
‫وبما جاء به الرسول ‪,‬وقال إن اإليمان يزيد وال ينقص ‪ ,‬ومن العجيب أن غسان كان يحكي عن أبي حنيفة (‬
‫رحمه هللا ) مثل مذهبه ‪ ,‬ويعده من المرجئة ‪ ,‬وهذا افتراء على أبي حنيفة النعمان ألنه من المعروف إن أبا‬
‫حنيفة كان يذهب إلى أن اإليمان ال يزيد وال ينقص (‪.)122‬‬

‫فقد نال اإلمام األعظم أبو حنيفة ( رحمه هللا تعالى ) النصيب األوفر من هذا االتهام ‪ ,‬وقد أشتهر عن أبي‬
‫حنيفة في تعريف اإليمان أنه ‪ :‬التصديق بما علم مجيء النبي صلى هللا عليه وسلم به ضرورة تفصيال ً فيما‬
‫علم تفصيال ً وأجماال ً فيما علم أجماال ً ‪,‬وأن أإلقرار باللسان ليس جزءا ً من حقيقة أإليمان ‪,‬واألعمال‬
‫الصالحة ليست جزءا ً من حقيقة أإليمان ‪ ,‬وينبى على ذلك أن أإليمان ال يزيد وال ينقص(‪. )123‬‬

‫‪ -​3‬العبيدية ‪:‬‬

‫وهم أصحاب عبيد المكتئب ‪ ,‬ذهبوا بالقول إلى أن ما دون الشرك مغفور ال محال وأن العبـد أذا مات علـى‬
‫التوحيـد ال يضره ما أقـترف مـن أآلثـام واجترح من السيئات(‪. )124‬‬

‫‪ -4‬الثوبانية ‪:‬‬

‫وهم أتباع أبي ثوبان المرجي ‪ ,‬قالوا ‪ :‬أن أإليمان هو المعرفة واإلقرار باهلل وبرسله عليهم السالم وربطوا‬
‫بين أإليمان والعقل قالوا ‪ :‬ما ال يجوز في العقل أن يفعله ‪ ,‬وما جاز في العقل تركه فليس من أإليمان(‪. )125‬‬

‫‪ -5‬التومنية ‪:‬‬

‫‪.1 9 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪)(1 12‬‬


‫‪. 0 6 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪, 3 12 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ )(122‬ينظر‪::‬‬
‫‪ )( 123‬الفقه أالكبر بشرح المال علي القارئ ‪ ( ,‬لإلمام أبي حنيفة النعمان ت ‪150‬هـ ) مطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪1955 ,‬‬
‫م ‪ ,‬ص ‪. 86‬‬
‫‪ )(124‬الملل والنحل ‪ ,‬للشهرستاني – ص ‪. 92‬‬
‫‪ )(125‬المصدر السابق ‪ ,‬ص ‪93‬‬
‫هم أصحاب أبي معاذ التومني ‪ ,‬ذهبوا الى أن أإليمان هو ما عصم من الكفر وأن أإليمان أسم لخصال أذا‬
‫تركها كفر ‪ ,‬وكذلك لو ترك خصلة واحدة منها فقد كفر ‪ ,‬وال يقال للخصلة الواحدة منها أيمان والبعض‬
‫أيمان وتلك ألخصال هي المعرفة ‪,‬والتصديق ‪ ,‬والمحبة ‪ ,‬وأالخالص ‪ ,‬وأإلقرار بما جاء به الرسول(‪. )126‬‬

‫رابعا‪ :‬المعتزلة‬

‫مع بداية القرن الثاني الهجري أخذ علم الكالم ينضج ‪,‬وكان الفضل األكبر في نضوجه للمعتزلة ‪ ,‬فأنهم‬
‫وقفوا أنفسهم في موقف الدفاع عن اإلسالم وكان مركزهم في الغالب العراق في بغداد والبصرة ‪ ,‬وكان‬
‫العراق وقتها محطا ً للثقافات أإلنسانية ومركزا ً للحضارات العالمية ‪ ,‬وأستقطبت بغداد والبصرة أنذاك‬
‫انظار المثقفين وعناية المفكرين ‪,‬حتى أصبح من لم يمر ببغداد وأهلها فكأنه لم ير الدنيا ولم ير أهلها ‪,‬ألن‬
‫الدنيا كانت بادية وبغداد كانت حاضرتها ‪ ,‬فكان الناس يتوجهون أليها ‪ ,‬ويقبلون عليها ‪ ,‬إذ إنها عش العلماء‬
‫ودار السالم ‪.‬‬

‫وفي هذا الوقت أيضا ً كانت تتوافد على العراق مذاهب وملل وأديان صبت آراءها ومعتقداتها على أرض‬
‫هذا العراق ‪ ,‬فكان البد أن تشهد ساحة أرضه مجابهة في آالراء ‪ ,‬وصراعا ً في أالفكار وأمتزاجا ًفي‬
‫أالنظار ‪.‬‬

‫ومن هذه المذاهب الوافدة الى بغداد والتي دعا اليها أصحابها سرا ً أو عالنية مذاهب ألثنوية القادمة من‬
‫فارس والهند القائلين بوجود إلهين ‪ ,‬ومثلهم البراهمة في الهند ‪ ,‬والسمنية واتباعها ‪ ,‬فضال ً عن الديانات‬
‫االخرى كاليهودية ‪ ,‬هذا الى جانب كثير من المذاهب المختلفة االخرى التي صبت بالءها على المسلمين ‪,‬‬
‫وكان أغلب أصحاب هذه المذاهب قد تثقفوا بالفلسفة اليونانية ‪ ,‬ومن ثم أخذوا يدعمون دياناتهم ومذاهبهم بها‬
‫‪ .‬وكان ترك هذه المذاهب من غير مواجهتها معناه ترك ثغرة خطيرة في جبهة عقائد أهل االسالم ‪.‬‬

‫فلما جاء المعتزلة ليردوا على هذه المذاهب وينتصروا لالسالم اضطروا الى أن يتفلسفوا ليتسلحوا بسالح‬
‫خصومهم (‪. )127‬‬

‫‪ )(126‬الملل والنحل ‪ ,‬الشهرستاني ‪ ,‬ص ‪. 94‬‬


‫‪ )(127‬ينظر ظهر اإلسالم – احمد أمين – ج‪ /4‬ص ‪2‬‬
‫وتنقسم المعتزلة الى فرق عديدة واهم هذه الفرق هي ‪:‬‬

‫‪ .​1‬الواصلية ‪:‬‬

‫أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال األلثغ كان تلميذا للحسن البصري يقرأ عليه العلوم واألخبار‬

‫وكانا في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك ‪ ،‬ومن اقوالهم ‪ :‬القول بنفي صفات الباري تعالى‬

‫من العلم والقدرة واإلرادة والحياة ‪ ،‬والقول بالقدر ‪ :‬وإنما سلكوا في ذلك مسلك معبد الجهني وغيالن‬

‫الدمشقي ‪ ،‬والقول بالمنزلة بين المنزلتين ‪ ،‬وقوله في الفريقين من أصحاب الجمل وأصحاب صفين ‪ :‬إن‬

‫أحدهما مخطئ ال بعينه وكذلك قوله في عثمان وقاتليه وخاذليه قال ‪ :‬إن أحد الفريقين فاسق ال محالة كما‬

‫أن أحد المتالعنين فاسـق ال محالة لكن بعينه(‪. )128‬‬

‫‪ .​2‬الهذيلية ‪:‬‬

‫أتباع أبى الهذيل محمد بن الهذيل المعروف بالعالف كان مولى لعبد القيس وقد جرى على منهاج ابناء‬

‫السبايا لظهور اكثر البدع منهم وفضائحه تترى تكفره فيها سائر فرق االمة من أصحابه فى االعتزال ومن‬

‫غيرهم والمعروف بالمرداد من المعتزلة كتاب كبير فيه فضائح أبى الهذيل وفى تكفيره بما انفرد به من‬

‫ضالالته(‪. )129‬‬

‫‪ .​3‬النظامية ‪:‬‬

‫أتباع أبي إسحاق إبراهيم بن سيار الذي كان يلقب بالنظام والمعتزلة يقولون إنما سمى نظاما ألنه كان‬

‫حسن الكالم في النظم والنثر وليس كذلك وإنما سمى به ألنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة (‪. )130‬‬

‫‪63‬‬ ‫‪) )82.‬المل والنح الشهرستان‬ ‫‪1‬‬

‫‪59‬‬ ‫‪) )92‬الفر بي الفر البغداد‬ ‫‪1‬‬

‫) )‪130‬‬
‫‪71 .‬التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية ‪ ,‬اإلسفراييني ‪ ،‬ج‪/1‬ص‬
‫‪ .​4‬الجاحظية ‪:‬‬

‫أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ كان من فضالء المعتزلة ‪ ,‬وقد طالع الكثير من كتب الفالسفة‬

‫وخلط وروج كثيرا من مقاالتهم بعباراته البليغة وحسن براعته اللطيفة ‪ ,‬وكان في أيام المعتصم والمتوكل‬

‫(‪.)131‬‬

‫‪ .​5‬البشرية ‪:‬‬

‫اتباع بشر بن المعتمر وقال اخوانه من القدرية بتكفيره فى امور هو فيها مصيب عند القدرية فما كفرته‬

‫القدرية في قوله بان هللا تعالى قادر على لطف لو فعله بالكافر آلمن طوعا وكفروه ايضا فى قوله بأن هللا‬

‫تعالى لو خلق العقالء ابتداء فى الجنة وتفضل عليهم بذلك لكان ذلك أصلح لهم وكفروه ايضا بقوله ان هللا‬

‫لو علم من عبد انه لو أبقاه آلمن كان إبقاؤه اياه اصلح له من ان يميته كافرا(‪.)132‬‬

‫‪ .​6‬المعمرية ‪:‬‬

‫أتباع معمر بن عباد وكان رأسا من رؤوس الضالل واإللحاد وكان يقول هذا الملحد ان هللا تعالى خلق‬

‫األجسام بفعل االعراض بطبائعها فقوله يوجب ان ال يكون هلل تعالى كالم وال نهي النه ال يقول كالم هللا‬

‫تعالى أزلى كما يقول أهل السنة وال يقول إنه مخلوق هلل تعالى ألن عنده إنه لم يخلق األجسام وأنه لم يخلق‬

‫ما ليس بجسم (‪. )133‬‬

‫‪ .​7‬المردارية ‪:‬‬

‫أصحاب عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار ‪ ،‬وقد تلمذ لبشر بن المعتمر وأخذ العلم‬

‫منه وتزهد ويسمى راهب المعتزلة ‪ ،‬ومن اقواله ‪ :‬إن هللا تعالى يقدر على أن يكذب و يظلم ولو كذب‬

‫‪95‬‬ ‫‪) )13.‬المل والنح الشهرستان‬ ‫‪1‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪) )23.‬الفر بي الفر البغداد‬ ‫‪1‬‬

‫) )‪133‬‬
‫‪3-7‬‬ ‫‪74‬التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية ‪ ,‬اإلسفراييني ‪ ،‬ج‪/1‬ص‬
‫وظلم كان إلها كاذبا ظالما تعالى هللا عن قوله ‪ ،‬وقوله في القرآن ‪ :‬إن الناس قادرون على مثل القرآن‬

‫فصاحة ونظما وبالغة ‪ ،‬وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قديمين‬

‫(‪. )134‬‬

‫‪ .​8‬االسكافية ‪:‬‬

‫أتباع محمد بن عبد هللا االسكافي الذي اقتدى في ضاللة القدرية بجعفر بن حرب وكان استاذه ثم زاد عليه‬

‫فقال ان هللا تعالى قادر على ظلم األطفال والمجانين وليس بقادر على ظلم العقالء البالغين(‪. )135‬‬

‫‪ .​9‬الثمامية ‪:‬‬

‫اتباع ثمامة بن اشرس النميرى من مواليهم وكان زعيم القدرية فى زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل‬

‫انه هو الذى اغوى المأمون بان دعاه الى االعتزال(‪. )136‬‬

‫‪ .​10‬الجبائية والبهشمية ‪:‬‬

‫أصحاب أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي ‪ ,‬وابنه أبي هاشم عبد السالم وهما من معتزلة البصرة ‪,‬‬

‫أنهما حكما بكونه تعالى متكلما بكالم يخلقه في محل وحقيقة الكالم عندهما أصوات مقطعة وحروف‬

‫منظومة والمتكلم من فعل الكالم ال من قام به ‪ ,‬واتفقا على نفي رؤية هللا تعالى باألبصار فـي دار القرار‬

‫(‪.)137‬‬

‫وقد كان للمعتزلة في بعض آرائهم أسالف مثل الجهمية والقدرية وكان تأثر المعتزلة بآراء الجهمية واضحا ً‬
‫بحيث أختلط االمر على بعض االئمة فاطلق لفظ الجهمية على المعتزلة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ جمال الدين القاسمي (‪ :)138‬ان االئمة المتأخرين الذين كتبوا فـي الرد على الجهمية كابن حنبل ‪,‬‬
‫والبخاري ومن جاء بعدهم إنما عنوا بالجهمية المعتزلة ‪ ,‬اما ائمة السنة المتقدمين الذين ردوا على الجهمية‬

‫‪45‬‬ ‫‪) )43 1‬المل والنح الشهرستان‬


‫‪ ) )135‬التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية ‪ ,‬اإلسفراييني ‪ ،‬ج‪/1‬ص ‪. 97‬‬
‫‪ ) )136‬الفرق بين الفرق ‪ ،‬البغدادي ‪ ،‬ص‪. 130‬‬
‫‪ ) )137‬ينظر ‪ :‬الملل والنحل ‪ ،‬الشهرستاني ‪ ،‬ص‪. 64-62‬‬
‫‪ )(138‬ينظر ‪ :‬تاريخ الجهمية والمعتزلة ‪ ,‬القاسمي ‪ ,‬مطبعـة المنار ‪ ,‬مصـر ‪ 1331‬هـ ‪ ,‬ص ‪. 44‬‬
‫فقـد كانوا يقصدون الجهمية االولى النها سابقة على المعتزلة ‪ ,‬ومثلما تأثرت المعتزلة بآراء الجهمية ‪,‬‬
‫كذلك تأثرت ببعض آراء القدرية فنسبوا اليها وسموا بها (‪.)139‬‬

‫ووجه االختالط وعدم التفرقة في التسمية قول المعتزلة بنفي الصفات وخلق القرآن ومن هنا جاء تسمية‬
‫الجهمية عليهم ‪ ,‬وكذلك قولهم بالقدرعلى رأي معبد الجهمي ومن هنا جاء تسمية القدرية عليهم (‪.)140‬‬

‫لذا أرى من الضروري ان أكتب نبذة موجزة عن هاتين الفرقتين ‪:‬‬

‫أوال ‪:‬الجهمية ‪:‬‬

‫هم أصحاب جهم بن صفوان المكنى بابي محرز ‪ ,‬وكان مولى لبني راسب من االزد ‪ ,‬دعا الى مذهبه في‬
‫ترمذ ‪ ,‬ثم اقام ببلخ ‪ ,‬وكان يحصل بينه وبين مقاتل بن سليمان المفسر مناقشات ومجادالت ‪ ,‬وكان مقاتل من‬
‫المثبتين للصفات ‪ ,‬والجهم من النفاة(‪. )141‬‬

‫وكان الجهم جبريا ال يثبت للعبد فعال ‪ ,‬وال قدرة على الفعل أصال ‪ ,‬وكان ينفي الصفات ‪ ,‬ويقول بخلق‬
‫القرآن ‪,‬وفناء الجنة والنار ‪ ,‬وينكر رؤية هللا تعالى(‪. )142‬‬

‫ثانيا ‪:‬القدرية ‪:‬‬

‫هم القائلون بقدرة العبد على خلق افعاله وانكروا القدر ‪ ،‬لذلك سموا قدرية او النهم اتخذوامن القدر‬
‫موضوعا لبحثهم ودراستهم وقالوا ان العباد يفعلون ما ال يريده هللا عز وجل ولم يقدره من افعال الشر مثل‬
‫القتل والزنا وغير ذلك(‪. )143‬‬

‫وكان من كبار هذا المذهب عمر المقصوص (ت ‪ 80‬هـ) وكان رائد القول بالقدر ‪ ,‬ظهر بدمشق ‪ ,‬قتله‬
‫االمويون ‪ ,‬ويأتي بعده معبد الجهني وذهب في البصرة مذهب عمر المقصوص في الشام ‪ ,‬وكان يجالس‬
‫الحسن البصري فاقتدى به جماعة من المسلمين منهم عمرو بن عبيد المعتزلي وقد سلك أهل البصرة مسلكه‬
‫(‪)144‬‬
‫في نفي القدر ‪ ,‬خرج مع ابن االشعث فعاقبه الحجاج بأنواع العذاب ثم صلب بأمرعبد الملك بن مروان‬
‫‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ر‬ ‫‪ ,‬د‬ ‫ق ن‬ ‫‪) (931.‬‬


‫‪122‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ن د‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ق‬ ‫ت ي‬ ‫‪ :‬‬ ‫‪) (041 .‬‬
‫‪7‬‬ ‫ ‪,‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫‪ ,‬ل‬ ‫ة‬ ‫خ‬ ‫‪ )(141.‬‬
‫‪833‬‬ ‫‪ /1 ,‬‬ ‫‪ ,‬ل ‬ ‫تا ‬ ‫‪ :‬‬ ‫‪) (241 .‬‬
‫‪8 6 ,‬‬ ‫ق‬ ‫‪ ()341 .‬و‬
‫‪ ,‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ةا ‬ ‫‪74‬ه )‪ ,‬‬ ‫‪ )(144‬البداية والنهاية ‪ ,‬لإلمام الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت ‪7‬‬
‫‪6 3 9/‬‬ ‫ س‬ ‫د‬
‫ومهما يكن من امر الجهمية والقدرية فإن الذي يعنينا هنا هو ان المعتزلة وان تأثرت ببعض اقوال‬
‫المتقدمين من أسالفهم اال ان المعتزلة كفرقة فكرية لها آراؤها االصولية الخاصة بها وقد ظهرت نتيجة‬
‫ضغط االلتحام الفكري الحاصل بين الفكر االسالمي والفكر االجنبي ‪ ,‬وهي أهم فرقة كالمية عرضت‬
‫موضوعات علم الكالم في نسق مذهبي منكامل ‪ ,‬بل وأصبحت مسائل علم الكالم تناقش في أطار الحدود‬
‫التي وضعها رجال المعتزلة فهم قد حازوا األفضلية على غيرهم من الفرق االسالمية في مجال الدفاع عن‬
‫االسالم ‪ ,‬ويمكننا ألقول بان آراء االشاعرة ما هي أال آراء المعتزلة بعد تهذيبها وتنقيحها خاصة بعد اذ‬
‫علمنا ان االشعري نفسه قد مكث في االعتزال اربعين عاما ‪.‬‬

‫ومن المتأخرين يقول عنهم جمال الدين القاسمي ‪:‬انهم أول من ظهر من الفرق اإلسالمية في صدر حضارة‬
‫اإلسالم بقواعد األصول والعمل على الجمع بين المنقول والمعقول وفتح ألولي العلم باب النظر والتأويالت‬
‫وانتصب للمجادالت والمناظرات وإنهم من أعظم الفرق رجاال ً وأكثرها أتباعا(‪. )145‬‬

‫ويقول األستاذ احمد أمين عنهم (‪:)146‬إن المعتزلة هم الذين خلقوا علم الكالم في اإلسالم وإنهم أول من تسلح‬
‫من المسلمين بسالح خصومهم في الدين ‪ ,‬ذلك انه في أوائل القرن الثاني للهجرة ظهر أثر من دخل في‬
‫اإلسالم من اليهود والنصارى والمجوس والدهرية فكثير من هؤالء أسلموا ورؤوسهم مملوءة بأديانهم‬
‫القديمة لم يزد عليها سوى النطق بالشهادتين فسرعان ما أثاروا في اإلسالم المسائل التي كانت تثار في‬
‫أديانهم ‪ ,‬وكانت هذه األديان قد تسلحت من قبل بالفلسفة اليونانية فهاجموا اإلسالم وهو الدين الذي يمتاز‬
‫ببساطة عقيدته فأثاروا حوله الشكوك مما حدا بالمعتزلة أن يتسلحوا بسالح عدوهم وان يجادلوهم جداال ً‬
‫علميا ً ويردوا ما أثار اليهود والنصارى والمجوس من شكوك ‪.‬‬

‫فأننا نعتقد إن السبب الخارجي المتمثل بالغزو الفكري األجنبي على أهل اإلسالم كان دافعا ً رئيسا ً‬
‫النتهاض رجال المعتزلة ونشوء مدرستهم التي قامت بدور النضال العقائدي المخلص ضد المتوجهين‬
‫بسهامهم الفكرية إلى اإلسالم ‪.‬‬

‫من اجل هذا نرى ان المعتزلة من كبرى الفرق اإلسالمية أهمية ً ومن أعضمها تأثيرا ً في الفكر اإلسالمي ‪,‬‬
‫بل هي المدرسة الكالمية األولى التي جعلت لالستدالل العقلي مكانة محترمة في الفكر اإلسالمي ‪.‬‬

‫ينظر تاريخ الجهمية والمعتزلة ‪ ,‬القاسمي ‪ ,‬ص ‪. 24‬‬ ‫‪)(145‬‬

‫فجر االسالم ‪ ,‬احمد امين ص ‪. 249‬‬ ‫‪)(146‬‬


‫االسباب الداخلية لنشوء المعتزلة ‪:‬‬

‫لقد نشأت هذه الفرقة في العصر األموي ‪ ,‬ونمت وأزدهرت في العصر العباسي وأخذ الفكر المعتزلي‬
‫بالنضوج بوصفها فرقة منظمة لها فلسفتها الخاصة في جميع مفاصل العقيدة مع بداية القرن الثاني‬
‫للهجرة(‪. )147‬‬

‫وكان ابتداء أمرهم في مدينة البصرة من جهة واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد فهما اللذان يرجع إليهما‬
‫تأسيس مذهب أهل االعتزال ‪ ,‬ثم تطور فكر المدرسة االعتزالية وأزدهر وأستقر في العصر العباسي على‬
‫عهد الخليفة المأمون والذي أباح الكالم ‪ ,‬وأجاز المناظرات بين الفرق اإلسالمية إلى أن اعتنق المأمون‬
‫فكرة المعتزلة في القول بخلق القرآن وبدأت المحنة تتصاعد بين أهل السنة وبينهم فيما سمي بعد بمحنة‬
‫خلق القرآن ‪.‬‬

‫وهنالك عدة أسباب تشير إلى سبب ظهور االعتزال على الصعيد الداخلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬فقسم يرجع السبب إلى االنشقاق الفكري الذي أوجده واصل بن عطاء في مسألة مرتكب الكبيرة مخالفا ً‬
‫بذلك شيخه الحسن البصري حين قال بان مرتكب الكبيرة له منزلة بين المنزلتين فهو ال مؤمن وال كافر ‪,‬‬
‫فقال الحسن البصري اعتزلنا واصل فعرف وأتباعه بالمعتزلة(‪. )148‬‬

‫‪ -2‬وذهب آخرون إلى إن سبب ظهور المعتزلة هو موقف سياسي من القتال الدائر بين اإلمام علي ومعاوية‬
‫‪ ,‬وضرورة التزام الحياد إزاء الفريقين ‪ ,‬وأعتزال الفتنة واللجوء إلى هللا بالعبادة (‪.)149‬‬

‫‪ -3‬وهناك قول أخر لظهور المعتزلة يشير إلى إن االعتزال اسم مدح أطلقه المعتزلة على أنفسهم وتباهوا‬
‫به مريدين بذلك اعتزال أهل الباطل (‪.)150‬‬

‫والذي يظهر من هذه اآلراء في شان ظهور المعتزلة هو قولهم باألصل الفكري الذي أوجده واصل بن‬
‫عطاء وهو القول الذي عرف بالمنزلة بين المنزلتين ‪ ,‬موجدا ً بذلك رأيا ً جديدا ً أضيف إلى بقية أآلراء‬
‫إزاء الموقف من مرتكب الكبيرة وهي القضية التي كانت تشغل الرأي العام اإلسالمي نتيجة للفتن‬

‫‪,‬‬ ‫رم‬ ‫م‬ ‫‪) 7(14 .‬الابقل وار لاكلا ‪,‬استا الدك‬ ‫‪32‬‬

‫‪ ()481 .‬ال وال ‪,‬للشهرست ي ‪ ,‬ج‪/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪,‬‬ ‫ ‪391‬‬ ‫ ‪5513,‬‬ ‫ ‪,‬ال‬ ‫الحيد‬ ‫ ‪,‬المط‬ ‫م النوب‬ ‫م ال‬ ‫‪ ()491 .‬ي ‪ :‬الش ‪,‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪ 839 1,‬م ‪,‬‬ ‫‪ )(150‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ‪ ,‬فخر الدين الرازي ‪ ,‬تحقيق ‪ :‬علي سامي النشار ‪,‬مصر‬
‫والتطورات الحاصلة في المجتمع اإلسالمي آنذاك ‪ ,‬وغالبا ً ما تنشق فرقة فكرية أو سياسية عن فرقة‬
‫أخرى لعدم اتحاد وجهات النظر فيما بينها ‪.‬‬

‫وأهم مرتكزات المعتزلة العقدية هي(‪: )151‬‬

‫‪ -1‬أنهم قالوا بنفي وجود الصفات القديمة األزلية ‪.‬‬

‫‪ -2‬إنكارهم رؤية الباري عز وجل يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -3‬قولهم بأن القرآن الكريم مخلوق حادث ‪.‬‬

‫‪ -4‬اتفاقهم على أن الحسن والقبح يجب معرفتهما بالعقل ‪.‬‬

‫‪ -5‬قولهم بالمنزلة بين المنزلتين ‪.‬‬

‫‪ -6‬انه يجب على هللا تعالى فعل األصلح للعبد ‪.‬‬

‫‪ -7‬قولهم إن العبد قادر خالق ألفعاله خيره وشرها ‪.‬‬

‫‪ -8‬إنكارهم شفاعة النبي ألهل الكبائر من ملته ‪.‬‬

‫وان للمعتزلة أصوالً خمسة هي الجامع المشترك الذي يلتقي عليه جميع أهل االعتزال ‪ ,‬بحيث أصبح‬
‫اعتمادها سمة مميزة وعالمة فارقة يعرف بها رجال االعتزال عمن سواهم ‪,‬كما بينه الخياط المعتزلي‬
‫(‪)152‬‬
‫‪ (:‬وليس يستحق احد منهم اسم االعتزال حتى يجمع القول باألصول الخمسة ‪:‬التوحيد ‪,‬‬ ‫حيث يقول‬
‫والعدل ‪ ,‬والوعد والوعيد ‪,‬والمنزلة بين المنزلتين ‪,‬واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ,‬فإذا كملت في‬
‫اإلنسان هذه الخصال فهو معتزلي ‪.‬‬

‫ويوضح القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتاب شرح فيه هذه األصول‪ ,‬وهو يجيب عن سؤال السائل‪ :‬لم‬
‫أقتصرت على هذه األصول الخمسة ‪ ,‬فيجيب ‪( :‬ال خالف إن المخالفين لنا ال يعدو احد هذا األصول أال‬
‫ترى إن خالف الملحدة والمعطلة والدهرية والمشبهة قد دخل في التوحيد ‪,‬وخالف المجبرة جميعهم دخل‬
‫في باب العدل ‪ ,‬وخالف المرجئة دخل في باب الوعد والوعيد ‪ ,‬وخالف الخوارج داخل تحت المنزلة بين‬
‫المنزلتين ‪,‬وخالف األمامية دخل في باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) (‪.)153‬‬

‫واألصول الخمسة عند المعتزلة هي ‪:‬‬


‫‪,‬ل‬ ‫ييني‪ ,38 ,‬ينظ الفر بين‬ ‫الدين‪ ,‬ا س‬ ‫ر‪ :‬التبص‬ ‫‪) 1(15 . 612 , 925‬‬
‫ ‪:‬د ‪.‬‬ ‫‪ ,‬‬ ‫‪,‬المعت‬ ‫م ن د ن ن‬ ‫‪ ,‬د‬ ‫ي‬ ‫د ى ن‬ ‫ر‬ ‫‪()2 51 .‬ا ‬
‫‪1 -‬‬ ‫ة ‪4431‬‬ ‫المصري ‪,‬‬ ‫‪ ,‬دار‬
‫‪ 596‬م‬ ‫‪1 38‬‬ ‫ ة ‪1‬‬ ‫ة‬ ‫ ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫‪ )( 153‬شرح االصول الخمسة – القاضي عبد الجبار تحقيق ‪:‬د‪.‬‬
‫‪4 21‬‬
‫األصل األول ‪ :‬التوحيد ‪:‬‬

‫إن المعتزلة يعنون بالتوحيد التنزيه المطلق هلل تعالى عن كل ما يوهم التشبيه بصفات المخلوقين ‪ ,‬وان‬
‫فلسفة المعتزلة من بدايتها إلى نهايتها قد قامت على مبدأ التنزيه ‪ ,‬ولذا رفضوا – بحسب تصورهم – كل مع‬
‫ما يتنافى مع هذا المبدأ‪ ,‬وسواء عليهم أأصابوا أم أخطأوا في نهجهم فالمهم لديهم هو تنزيه ذات الباري‬
‫وصفاته ‪ ,‬وقد قال اإلمام الغزالي عنهم ‪,‬وهو يتحدث عن الكالم في رؤية هللا سبحانه وتعالى ‪ ,‬وتقرير رأي‬
‫المعتزلة فيها‪ ( :‬وأما المعتزلة ‪ .....‬فهؤالء تغلغلوا في التنزيه ‪ ,‬محترزين من التشبيه ) (‪.)154‬‬

‫واحترازا ً من الوقوع في خطر التشبيه جاء أصل التوحيد عند المعتزلة سالبا ًعن هللا كل تصور بشري وهم‬
‫يعنون بذلك معارضة التصور اليهودي هلل من جهة ومعارضة آراء المجسمة والمشبهة والحشوية من جهة‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫وان فلسفة المعتزلة في هذا األصل قامت على التنزيه المحض والذي بقدر ما كان ايجابيا ً في التصدي‬
‫للضغط الخارجي والتيار المعادي من جهة إال انه كان سلبيا ً أوقع المعتزلة في التعطيل مما جعل خصومهم‬
‫ينالون منهم فيصفونهم ألجل ذلك بالمعطلة ‪.‬‬

‫وألجل التنزيه في أصل التوحيد ذهب المعتزلة إلى نفي الصفات اإللهية على معنى نفي قيام الصفات‬
‫بالذات أو استقاللها عنها لما يلزم على ذلك من تعدد القدماء بزعمهم وكانوا يقولون (‪ :)155‬إن إثبات صفات‬
‫قديمة بجوار الذات هو إثبات إلهين قديمين ومحال وجود إلهين قديمين الن القدم وصف لذات واحدة ‪.‬‬

‫إن حمل الصفات على أنها معاني قائمة بالذات تجعل هللا –حسب رأيهم – جوهرا ً تلحقه األعراض وهذا ما‬
‫ينكره المعتزلة بشدة حفاظا ً منهم على التوحيد الخالص ‪ ,‬على أن نفيهم لصفات هللا ليس بمعنى إنكارهم‬
‫لوجودها كما يتصور فهم أثبتوا عينية الصفات لكنهم نفوا أن تكون هذه الصفات زائدة على الذات فكان أبو‬
‫الهذيل العالف المعتزلي يقول ‪ :‬هللا عالم بعلم وعلمه ذاته ‪ ,‬وقـادر بقـدرة وقدرته ذاتـه ‪ ......‬وهكذا في‬
‫سائر الصفات (‪. )156‬‬

‫وألجل التنزيه في أصل التوحيد ذهب المعتزلة إلى القول بخلق القرآن والقول بخلق القرآن عندهم فرع من‬
‫تصورهم للتوحيد ‪ ,‬وعدم القول به يعني نقصا ً في التوحيد الن عدم القول بخلق القرآن يعني في نظرهم‬
‫إثبات قدمه وكل ما كان قديما فهو إله إذن فالقرآن إله ‪ ,‬ولذلك فان انفراد هللا بالقدم يقتضي القول بحدوث‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫غ ا‬ ‫قت في ع قاد‬ ‫‪) 4( 15 .88 ,‬‬
‫‪041 ,‬‬ ‫ ‪ ,‬لطبعة‬ ‫رقان ‪,‬‬ ‫كرد ‪,‬دار‬ ‫ته‪. ,‬را عبد لحميد‬ ‫افص ‬ ‫‪ )(155‬ينظر ‪:‬عالقة‬
‫‪8‬ـ ‪9981 ,‬‬
‫‪ )(156‬الفرق بين الفرق ‪ ,‬البغدادي ‪ ,‬ص ‪. 108‬‬
‫وقد تعنت المعتزلة كثيرا ً في مسألة خلق القرآن ‪ ,‬وفي أيام المأمون اخذوا الناس بالقوة على القول بقولهم‬
‫هذا ‪ ,‬وغلوا في األمر غلوا ً شديدا ً ‪ ,‬على الرغم من إن القول بخلق القرآن كان سابقا ً على قول المعتزلة‬
‫ويرجع إلى أيام الجعد بن درهم (‪ ,)157‬ولذلك يرى كثير مـن الباحثين ان مشكلة خلق القرآن حددت مصيـر‬
‫المعتزلة أنفسهم ‪.‬‬

‫وألجل التنزيه في أصل التوحيد أيضا ذهب المعتزلة إلى نفي رؤية هللا تعالى في اآلخرة على اعتبار إن‬
‫القول بها يستلزم المقابلة وكون المرئي في جهة وهذا من خصائص األجسام وهللا تعالى منزه عنها ‪ ,‬ولذا‬
‫قالوا‪ :‬إن من قال بان هللا يرى على أي وجه فهو مشبه ‪ ,‬واستدلوا في ذلك إلى آيات عدوها محكمة كقوله‬

‫ار َوه َُو اللَّطِ يفُ ْال َخ ِبي ُر ‪ , )158(‬وحين طلب موسى‬ ‫ك اَأْلب َ‬
‫ْص َ‬ ‫تعالى ‪  :‬اَل ُت ْد ِر ُك ُه اَأْلب َ‬
‫ْصا ُر َوه َُو ي ُْد ِر ُ‬

‫مـن ربـه أن ينظر إليه ‪َ ‬قا َل َلنْ َت َرانِي ‪ , )159( ‬وأولوا اآليات التي توهم إفادة الرؤية كقوله تعالى ‪ :‬‬

‫وُ جُوهٌ َي ْومَِئ ٍذ َناضِ َرةٌ ِإ َلى َر ِّب َها َناظِ َرةٌ ‪ )160( ‬فناظرة بمعنى منتظرة كما تقول ‪ :‬أنا ناظر ما يصنع بي أي‬

‫منتظر(‪. )161‬‬

‫األصل الثاني ‪ :‬العدل ‪:‬‬

‫أجمعت المعتزلة على إن هللا عدل ومعنى العدل عندهم هو إن هللا ال يحب الشر والفساد وال يخلق أفعال‬
‫(‪)162‬‬
‫‪ ,‬واصل العدل هو بيان لصلة هللا‬ ‫العباد وال يصدر منه الفعل إال على وجه الصواب والمصلحة‬
‫باإلنسان والعالم وان هذه الصلة يجب أن تكون قائمة على العدل ألنه أسمى الفضائل وقد اراد المعتزلة به‬
‫تنزيه هللا عن الظلم وكل ما يتنافى مع عدله ‪.‬‬

‫صبح ‪,‬طبعـ‬ ‫محم‬ ‫‪ ,‬احم‪ ,‬احمـ‬ ‫اص الد‬ ‫ر ‪ :‬ع اكلل درا فلسف لار الف لسالام‬ ‫‪) (7 51 .‬‬
‫د ـ ‪7 91‬‬ ‫اجمعـة‬
‫‪3 01‬‬ ‫‪ ) (851 .‬ةا م‬
‫‪3 41‬‬ ‫ ف‬ ‫‪ ) (951 .‬ةا ‬
‫ ‪3 2 22‬‬ ‫ ة‬ ‫‪ ) (061 .‬ة‬
‫د ن ر‬ ‫م لا ر ه‬ ‫‪ ,‬و‬ ‫ل ي ه‬ ‫نا ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ف ن‬ ‫‪ )(16 1‬ينظ‬
‫‪4‬‬ ‫‪ , 729 , 1 923 , 1‬‬ ‫ةا ‬ ‫ر‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ة‬ ‫‪ ,‬‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫‪ :‬‬ ‫‪ ,‬‬
‫‪2 91‬‬ ‫‪ /‬‬
‫الملل والنحل – الشهرستاني – ج‪/ 1‬ص ‪2 5‬‬ ‫‪)(162‬‬
‫وألجل العدل وتنزيه هللا عن الظلم قالت المعتزلة بنفي القدر على معنى إن أفعال العباد صادرة من تصرفهم‬
‫حادثة من جهتهم ‪ ,‬وان هللا عز وجل أقدرهم على ذلك ‪ ,‬فال فاعل لها وال محدث سواهم ومن اسند خلقها‬
‫وإحداثها إلى هللا فقد عظم خطؤه(‪. )163‬‬

‫وتعد حرية إرادة اإلنسان بالمعنى الذي قالت به المعتزلة من أهم أصولهم بعد التوحيد وألجل ذلك جاء تاليا‬
‫له وهم لذلك يسمون أنفسهم بأهل التوحيد ‪.‬‬

‫وقد استدل المعتزلة على تقرير حرية إرادة اإلنسان بأدلة عقلية وأخرى سمعية ‪ ,‬فالعقلية تقوم على ما يلزم‬
‫من إنكار هذه الحرية من تعارض مع العدل اإللهي فلو كان الظلم والفساد من قضاء هللا ألتصف هللا بذلك‪,‬‬
‫وال يصدر الشر أو القبح إال عن سفه أو عن جهل وذلك غير جائز عن هللا ‪ ,‬ولو كان اإلنسان مجبرا على‬
‫أفعاله لكان أمر الكافر باإليمان تكليفا ً له بما ال يطاق(‪. )164‬‬

‫وأما األدلة السمعية فمنها قوله تعالى ‪َ  :‬ف َمنْ َشا َء َف ْليُْؤ ِمنْ َو َمنْ َشا َء َف ْل َي ْكفُرْ ‪ , )165( ‬وقوله تعالى ‪ :‬‬

‫ت ِإ َّنا ال ُنضِ ي ُع َأجْ َر َمنْ َأحْ َس َن َع َمال ‪ , )166( ‬وغيرها من آيات تتضمن‬
‫ِين َآ َم ُنوا َو َع ِملُوا الصَّال َِحا ِ‬
‫ِإنَّ الَّذ َ‬

‫مسؤولية اإلنسان المطلقة عن فعله ‪.‬‬

‫وألجل أصل العدل أيضا قال المعتزلة بالحسن والقبح العقليين ‪ ,‬الن العدل اإللهي يقتضي أن تهدف أفعال‬
‫هللا كلها إلى ما هو حسن ولذلك فالحكم على حسن الفعل أو قبحه إنما يرجع لوجوه عائدة إلى الفعل وليس‬
‫لمجرد أمر هللا به ونهيه وليس العقل بحاجة إلى الرسل وتبليغهم فحسن الفعل أو قبحه عقلي ال شرعي فما‬
‫أدرك العقل حسنه جاء الشارع بطلب فعله وال يمكن أن يطلب تركه ‪ ,‬وما ادرك العقل قبحه جاء الشرع‬
‫بطلب تركه وال يمكن أن يطلب فعله ‪.‬‬

‫وألجل أصل العدل قالت المعتزلة ‪ :‬بان أفعال هللا تهدف إلى غايات محمودة في الحال أو المآل وفسروا كل‬
‫ما يقع من أفعال هللا إنما هي لمصالح العباد ‪,‬وانه ألجل العناية اإللهية والعدل اإللهي الذي تنزه عن كل‬
‫ظالم فواجب على هللا أن يفعل ما فيه مصلحة العباد الن عدم فعل المصلحة ظلم ينزه هللا عنه‪ ,‬لذا قرر‬

‫‪ )(163‬انقاذ البشر من الجبر والقدر – الشريف المرتضى – ضمن رسائل العدل والتوحيد – تحقيق ‪ :‬د‪..‬‬
‫‪. 2 26 / 1‬‬ ‫‪1 197‬‬
‫‪ )(164‬انقاذ البشر من الجبر والقدر – الشريف المرتضى – ج‪ / 1‬ص ‪. 268 – 267‬‬
‫‪ )(165‬سورة الكهف – آية ‪. 29‬‬
‫‪ )(166‬سورة الكهف – اآلية ‪. 30‬‬
‫المعتزلة ان القول ‪:‬بان أفعال هللا ال تقع ضمن حدود الواجب هو خروج بأفعال هللا عن العدل والحكمة‬
‫والنزاهة (‪.)167‬‬

‫‪:‬‬ ‫والوعيد‬ ‫الوعد‬ ‫‪:‬‬ ‫الثالث‬ ‫األصل‬


‫وهـو متفرع عن األصل الثاني أصل العدل اإللهي ويعنون به إن هللا تعالى وعد وأوعد ‪ ,‬وعد المؤمن‬
‫بالثواب والعوض وأوعد الفاسق بالعقاب والخلود في النار ما لم يتب ‪ ,‬وهللا تعالى صادق في وعده ووعيده‬
‫‪ ,‬فالمؤمن المطيع البد من أن يدخل الجنة الن هللا تعالى وعد بذلك ‪ ,‬والعاصي ان مات على غير توبة البد‬
‫مـن أن يدخل النار الن هللا تعالى توعـد بذلك وال تبديل لكلمات هللا (‪.)168‬‬

‫وعليه فالمعتزلة يرون انه ال يجوز العفو عن المعاصي التي لم يتب صاحبها منها الن في جواز ذلك إغراء‬
‫للمكلف بفعل القبيح اتكاال منه على عفو هللا ‪ ,‬فالعقاب ضروري ألنه زاجر عن ارتكاب القبائح كما إن العفو‬
‫تسوية بين المطيع والعاصي وذلك ما ال يتفق مع العدل (‪.)169‬‬

‫األصل الرابع ‪ :‬المنزلة بين المنزلتين ‪:‬‬

‫حيث ذهبوا في مرتكب الكبيرة مذهبا وسطا بين من يكفر مرتكب الكبيرة وبين من يجعله مؤمنا عاصيا ‪,‬‬
‫فقالوا فاسق يخلد في النار ان لم يتب مـن كبيرته ‪ ,‬وهذا األصل هو الذي عده المؤرخون النقطة الفاصلة‬
‫لفكر المعتزلة وهو المنزلة بين المنزلتين ‪ ,‬وقد يكون هذا الرأي موقفا وسطا بين اآلراء خاصة بين المرجئة‬
‫وبين الخوارج ‪ ,‬ولكنهم يرون ان صاحب الكبيرة اذا مات من غير توبة فإنه يستحق الخلود في النار ولكن‬
‫عقابه يكون اخف من عقاب الكفار(‪. )170‬‬

‫األصل الخامس ‪ :‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪:‬‬

‫فالعدالة عند المعتزلة ال تنحصر في تجنب األذى والظلم اللذين يصيبان الفرد بل هو عمل الجماعة جميعها‬
‫في خلق جو من المساواة واالنسجام االجتماعي لذا عليها السعي في رفع الظلم باألمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر ‪.‬‬

‫وهو مبدأ أخالقي عملي أرادوا به تحقيق أصولهم وقد أجمعت المعتزلة على وجوب األمر بالمعرف‬
‫والنـهي عـن المنكـر والقـدرة باللسـان والسيـف واليـد كيف قدروا على ذلك (‪.)171‬‬

‫‪. 5 34‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪)(7‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪.2 5 / 1 ,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪)(8‬‬


‫‪16‬‬

‫‪. 9 12 8 12 ,‬‬ ‫‪ )(169‬ينظر في علم الكالم ‪ ,‬د‪..‬‬


‫‪ )(170‬الملل والنحل ‪ ,‬للشهرستاني ‪ ,‬ج‪ / 1‬ص ‪. 56‬‬
‫‪ )(171‬ينظر ‪ :‬مقاالت اإلسالميين ‪ ,‬لالشعري ‪ ,‬ج‪ /1‬ص ‪. 311‬‬
‫خامسا ‪ :‬أهل السنة والجماعة‬

‫هم سلف هذه األمة من الصحابة ( رضي هللا عنهم ) والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ‪ ,‬الذين‬
‫اجتمعوا على الكتاب والسنة ‪ ,‬وساروا على ما كان عليه رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم ) ظاهرا ً وباطنا‪,‬‬
‫فمن سلك طريقهم في االعتقاد والقول والعمل كان منهم ‪ ,‬وهم باقون ظاهرون منصورون إلـى يوم القيامة ‪,‬‬
‫فإتباعهم هدى وخالفهم ضالل ‪.‬‬

‫التعريف بأهل السنة والجماعة‬

‫السنة لغة ‪:‬‬

‫الطريقة والسيرة (‪. )172‬‬

‫السنة اصطالحا ً ‪:‬‬

‫الهدي الذي كان عليه الرسول ( صلى هللا عليه وسلم ) وأصحابه ‪ ،‬علما ً واعتقاداً وقوالً وعمالً ‪ ،‬وُ تطلق‬

‫السنة على سنن العبادات واالعتقادات ‪ ،‬كما ُتطلق على ما يُقابل البدعة (‪. )173‬‬

‫) )‪172‬‬
‫)‪22- 0 22/ 3 1‬‬ ‫‪(,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪8 .‬انظر‪::‬‬
‫) )‪173‬‬
‫الوجيز في عقيدة السلف الصالح ( أهل السنة والجماعة ) ‪,‬عبد هللا بن عبد الحميد األثري ‪ ,‬مراجعة وتقديم صالح‬
‫‪ .‬بن عبد العزيز آل الشيخ ‪ ,‬الدعوة واإلرشاد ‪ ,‬المملكة العربية السعودية ‪1422 ,‬هـ ‪ ,‬ص ‪23‬‬
‫الجماعة لغة ‪:‬‬

‫من االجتماع ‪ ،‬وهو ضد التفرق ‪ ،‬والجماعة هم القوم الين اجتمعوا على أمر ما (‪. )174‬‬

‫الجماعة في االصطالح ‪:‬‬

‫هم سلف األمة ‪ ،‬من الصحابة والتابعين ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ‪ ،‬الذين اجتمعوا على الكتاب‬

‫والسنة وعلى أئمتهم ‪ ،‬والذين ساروا على ما سار عليه النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وأصحابه والتابعون‬

‫لهم بإحسان (‪.)175‬‬

‫فأهل السنة والجماعة ‪:‬‬

‫هم المستمسكون بسنة رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم) الذين اجتمعوا على ذلك ‪ ،‬وهم الصحابة‬
‫(‪)176‬‬
‫والتابعون ‪ ،‬وأئمة الهدى المتبعون لهم ‪ ،‬ومن سلك سبيلهم في االعتقاد والقول والعمل إلى يوم الدين‬

‫‪ ،‬الذين استقاموا على اإلتباع ‪ ،‬وتجانبوا االبتداع في أي مكان وزمان ‪ ،‬وهم باقون منصورون إلـى يوم‬

‫القيامة‪,‬‬

‫فأهل السنة والجماعة هم المتصفون بإتباع السنة ومجانبة محدثات األمور والبدع في الدين ‪.‬‬

‫إن أهل السنة والجماعة ‪ ,‬تفردوا بأكثر من ألف تصنيف في أصول الدين ‪ ,‬وذلك لنصرة الدين ‪ ,‬والرد على‬
‫الملحدين والكشف عن أسرار بدع المبتدعين ‪ ,‬مثل القاضي أبي بكر الباقالني ‪ ,‬وأبي الحسن األشعري ‪,‬‬
‫وأبي إسحاق االسفراييني ‪ ,‬واألستاذ أبي بكر بن فورك االصفهاني ‪ ,‬وعبد القاهر بن طاهر البغدادي ‪,‬‬
‫(‪. )177‬‬
‫وإمام الحرمين أبي المعالي الجويني ‪ ,‬وغيـر هؤالء من أعالم المذاهب‬

‫) )‪174‬‬
‫‪ .‬انظر ‪ :‬لسان العرب ‪ ,‬ابن منظور ‪ ( ,‬جمع ) ‪60 - 53 / 8‬‬
‫) )‪175‬‬
‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫شرح العقيدة الواسطية لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪, ,‬‬
‫‪991 -‬‬ ‫ ‪3141‬ه‬ ‫‪,2‬‬
‫) )‪176‬‬
‫‪ .‬انظر ‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ ،‬ابن أبي العز ص ‪330‬‬
‫‪ ) 3(177‬ينظر التبصير في الدين ‪ ,‬االسفراييني ‪ ,‬ص ‪.194‬‬
‫وإن أهل السنة والجماعة هم الذين يبينون العقيدة المنجية في توحيد هللا سبحانه وتعالى ‪ ,‬وتفضيل الخلفاء‬
‫األربعة الراشدين ‪ ,‬أبي بكر ‪ ,‬وعمر ‪ ,‬وعثمان ‪ ,‬وعلي ( رضي هللا عنهم ) أجمعين وخيرة القرون األولى ‪,‬‬
‫وعدم منازعة األمر أهله ‪ ,‬والكف عن تكفير المسلم بالمعاصي والذنوب إذ لم يستحلها إال بدليل يدل على‬
‫كفر مرتكبها ‪ ,‬ووحدة الجماعة ‪ ,‬والتزام المنهج الصحيح في فهم الدين (‪. )178‬‬

‫ولقد راج مذهب أهل االعتزال لما فيه من مظاهر البحث العقلي ‪ ،‬واالعتماد على أساليب المنطق والجدل‬
‫ولنصرته للعقائد الدينية وفق منظار عقلي فمالت إليه الطباع وكثر أنصاره وأصبح المذهب السائد من بين‬
‫المذاهب الكالمية ‪ ،‬ولما آل أمر المعتزلة الى ما آل إليه من تعسف في استعمال ملكة العقل ‪ ،‬ظهر مذهب‬
‫أهل السنة والجماعة بالسعي الجميل ‪ ،‬واإلقدام المشهود من جهة أبي الحسن األشعري في أوائل القرن‬
‫الرابع الهجري ‪ ،‬واإلمام األشعري هو أول من عرض لنصرة عقائد أهل السنة بالبراهين العقلية ‪ ،‬واخذ‬
‫مجادلة مخالفيهم خصوصا المعتزلة اعتمادا على النقل والعقل(‪. )179‬‬

‫اإلمام أبو الحسن األشعري ‪:‬‬

‫كان أبو الحسن ربيب المعتزلة فقد تربى على موائدهم الفكرية وأقام على االعتزال أربعين سنة حتى صار‬
‫للمعتزلة إماما(‪. )180‬‬

‫وقد اخذ علم الكالم عن شيخه محمد بن عبد الوهاب الجبائي شيخ المعتزلة ‪ ،‬ثم فارقه لمنام رآه ورجع عن‬
‫االعتزال واظهر ذلك إظهارا فصعد منبر البصرة يوم الجمعة ونادى بأعلى صوته ‪ :‬من عرفني فقد عرفني‬
‫ومن لم يعرفني أنا فالن ابن فالن كنت أقول بخلق القران وان هللا ال يرى في الدار اآلخرة باإلبصار وان‬
‫العباد يخلقون أفعاله ‪ ،‬وها أنا تائب من االعتزال معتقد الرد على المعتزلة ‪ ،‬ثم شرع في الرد عليهم‬
‫والتصنيف على خالفهم (‪. )181‬‬

‫وقال احمد أمين ‪ :‬ومع هذه الحقبة االعتزالية والطويلة في مداها ‪ ،‬فقد بدا األشعري يتحسس ويشعر بما آل‬
‫إليه الفكر االعتزالي من غلو وإسراف ‪ ،‬فقام يوجه األسئلة إلى شيخه في االعتزال – أبي علي الجبائي –‬
‫وبدا يعقد المناظرات معه ويناقشه في أمور أخذت تدور في خلده ‪ ،‬ولكنه في كل مرة كان ال يلقى من شيخه‬
‫جوابا شافيا يهدىء من خواطره الثائرة (‪. )182‬‬

‫‪ ) 1(178‬مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ,‬عبد هللا بن عبد المحسن التركي ‪ ,‬وزارة الشؤون اإلسالمية ‪ ,‬السعودية ‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1417 ,‬ھ ‪ ,‬ص ‪.31‬‬
‫‪ ) (179‬تمهيد لتاريخ الفلسفة االسالمية ‪ ،‬مصطفى عبد الرزاق ‪ ،‬ص‪. 289‬‬
‫‪ ) )180‬ظهر اإلسالم ‪ ،‬احمد أمين ‪ ،‬دار الكتاب العربيّ ‪ ،‬بيروت ‪ ,‬الطبعة الخامسة ‪ ,‬ج‪ ، 4‬ص‪. 65‬‬
‫‪ ) )181‬إتحاف السادة المتقين ‪ ،‬محمد الزبيدي ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪. 3‬‬
‫‪ ) )182‬ظهر اإلسالم ‪ ،‬احمد أمين ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪. 147‬‬
‫يقول ابن عساكر ‪ :‬قام على مذاهب المعتزلة أربعين سنة وكان لهم إماما ثم غاب عن الناس في بيته خمسة‬
‫عشر يوما فبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة‬
‫ألني نظرت فتكافأت عندي األدلة ولم يترجح عندي حق على باطل وال باطل على حق فاستهديت هللا تبارك‬
‫وتعالى فهداني إلى إعتقاد ما أودعته في كتبي هذه وانخلعت من جميع ما كنت إعتقده كما انخلعت من ثوبي‬
‫هذا وأنخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس (‪. )183‬‬

‫ويظهر من هذه النصوص إن األشعري كانت تتردد في صدره فكرة التحول عن االعتزال وانه لم يتحول‬

‫عن االعتزال إال بعد موازنته ألدلة الفريقين ‪ :‬فريق أهل السنة ‪ ,‬وفريق المعتزلة ‪ ,‬وانه استهدى هللا تعالى‬

‫فهداه إلى الصواب وألهمه األدلة التي ترجح له الطريق القويم ‪.‬‬

‫وبهذا يتضح إن عقيدة األشعري تستند على الكتاب والسنة ‪ ,‬فما وافق الشرع اخذ به وما لم يوافقه ال‬

‫يأخذ به وتوقف عنه ‪ ,‬ويمكننا القول ان هذه العقيدة التي أخرجها لنا األشعري بعد خلوته واحتجابه عن‬

‫الناس أياما ‪ ,‬لم تكن وليدة هذه األيام ‪ ,‬وإنما هي وليدة النظر والتتبع والتفحص ومراجعة النفس فيما كانت‬

‫عليه ‪ .‬ولعله قد سبقت تلك األيام فترة طويلة انجلى فيها الحق وبان السبيل فاخترمت تلك العقيدة وذلك‬

‫المنهج بكل تفاصيله في فكره وعقله ‪ ,‬فما هي إال أيام اختلى فيها مع نفسه فدون كل ما توصل إليه وتيقن‬

‫صحته فاخرج للناس كتبا ً مدونة بتلك العقيدة وذلك النهج حيث قال ‪ :‬فاستهديت هللا تعالى فهداني إلى‬

‫اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه وانخلعت مـن جميع مـا كنت اعتقده كمـا انخلعت من ثوبي هـذا وخلع ثوبه‬

‫(‪. )184‬‬

‫) (‪183‬‬
‫تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى اإلمام أبي الحسن األشعري ‪,‬علي بن الحسن بن هبة هللا بن عساكر الدمشقي ‪,‬‬
‫‪ .‬دار الكتاب العربي ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬الطبعة الثالثة ‪ ,140 ،‬ص ‪39‬‬

‫ينظر ‪ :‬طبقات الشافعية ‪ ,‬للسبكي ‪ ,‬ج‪ / 2‬ص ‪. 246‬‬ ‫‪) )184‬‬

You might also like