0% found this document useful (0 votes)
78 views15 pages

الياقوت الفريدة صلاة الفاتح

Uploaded by

Mohamed Borribab
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
0% found this document useful (0 votes)
78 views15 pages

الياقوت الفريدة صلاة الفاتح

Uploaded by

Mohamed Borribab
Copyright
© © All Rights Reserved
We take content rights seriously. If you suspect this is your content, claim it here.
Available Formats
Download as PDF, TXT or read online on Scribd
You are on page 1/ 15

‫‪>--‬‬

‫صالة الفاتح‪ :‬الياقوتة الفريدة‬


‫‪ ‬الحسين امهال ‪ ‬منذ ‪ 6‬سنه تقريبا ‪ ‬الرئيسية > دراسات‬

‫صالة الفاتح‪ :‬الياقوتة الفريدة‬

‫ُأ‬
‫ِر‬ ‫اِص‬ ‫َن‬ ‫َق‬ ‫َب‬ ‫َس‬ ‫ا‬ ‫ِلَم‬ ‫الخاِتِم‬ ‫و‬ ‫َق‬ ‫ِل‬ ‫ْغ‬ ‫الَّلُه َّم َص ِّل َع لى َس ِّي ِد َنا ُم َح َّم ٍد الفاِت ِح ِلَم ا‬
‫الَح ِّق َبالَح َّق و الَه اِد ي إلى ِص َراِط َك الُم ْس َت ِق يِم و َع َلى آِلِه َح َّق َق ْد ِر ِه و‬
‫ِم ْق َد اِر ِه الَع ِظ يِم‬

‫صالة الفاتح لما أغلق أو الياقوتة الفريدة كما سماها بذلك شيخنا‬
‫رضي هللا عنه ‪ ،‬هي مع صالة جوهرة الكمال ‪ ،‬من األسرار التي يتلقاها‬
‫الكّم ل العارفون الكبار في مقاماتهم الخاصة الشهودية سواء من‬
‫الحضرة القدسية أو من الحضرة المحمدية على صاحبها أفضل‬
‫الصالة و السالم ‪ ،‬و الكل من الثابت المعروف عند أربابه ‪ ،‬و من الحق‬
‫المعمول به في بابه ‪.‬‬
‫و من المقرر عند العلماء األعالم أنه يعمل بجميع ما يتلقاه العارفون‬
‫من الرسول صلى هللا عليه و سلم سواء في اليقظة أو في المنام ‪ ،‬ما‬
‫لم يصادم شيئا من النصوص القطعية أو يؤدي إلى انخرام قاعدة‬
‫شرعية ‪ ،‬و القاعدة الشرعية في هذا الباب حسبما ذكره الشيخ جالل‬
‫الدين السيوطي رضي هللا عنه في فتاويه أنه ليس ألحد أن يحكم‬
‫على ذكر أو دعاء لم يرد بمقدار معين من األجر ‪ ،‬ألن ذلك مرجعه إلى‬
‫النبي صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬و قد ُع لم أن اخباراته صلى هللا عليه و‬
‫سلم على قسمين ‪:‬‬
‫ُأ‬
‫قسم عام ‪ :‬وهو ما ِم ر صلى هللا عليه و سلم أن يخاطب به عامة‬
‫الناس ‪ ،‬كتشريع الشرائع و تحديد األحكام وتبيين الفرض من النفل و‬
‫الحالل و الحرام ‪ ،‬و هذا القسم انقطع بوفاته صلى هللا عليه و سلم ‪.‬‬
‫ُأ‬
‫و قسم خاص‪ :‬وهو ما ِم ر صلى هللا عليه و سلم أال يخاطب به إال‬
‫الخواص‪ ،‬و هذا لم ينقطع بوفاته صلى هللا عليه و سلم‪ ،‬فال يزال‬
‫يلقيه إلى آخر الدهر لمن أهله هللا لذلك‪.‬‬
‫قال سيدنا رضي هللا عنه ‪ ":‬ومن توهم أنه صلى هللا عليه و سلم‬
‫انقطع جميع مدده عن أمته كسائر األموات فقد جهل رتبة النبي صلى‬
‫هللا عليه و سلم و أساء األدب معه ‪".‬‬
‫و جميع ما هو مذكور عن شيخنا رضي هللا عنه مما تلقاه من الحضرة‬
‫المحمدية في فضل هاتين الصالتين ليس فيه مصادمة للنصوص‬
‫القطعية ‪ ،‬و ليس فيه ما يؤدي إلى انخرام القواعد الشرعية ‪ ،‬إذ غايته‬
‫أنه إخبار عدل عنه صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬بذكر غير خارج عن معنى‬
‫ما أتى به ‪ ،‬و ال منحرف عن أصول دينه القويم ‪ ،‬و بتضعيف األجر‬
‫الثابت أصله في الكتاب و السنة { و هللا يضاعف لمن يشاء} البقرة‪ .‬و‬
‫في الحديث " بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة "‬

‫يقول صاحب البغية في شرح قول ناظم المنية ‪:‬‬


‫يدعون بالياقوتة الفريدة‬ ‫أما صالة الفاتح الحسنى التي‬
‫و جلها عن الخالق انكتم‬ ‫ففضلها على مراتب انقسم‬

‫وصف ( صالة الفاتح ) بالحسنى لما اشتملت عليه من وجوه الحسنى‬


‫الحسية و المعنوية التي ال تكاد تنحصر ‪.‬‬

‫هللا‬
‫و قوله ( التي يدعون بالياقوتة الفريدة ) فإن الشيخ رضي هللا عنه هو‬
‫الذي سماها بذلك ‪ ،‬ووجه التسمية في غاية الوضوح ‪ ،‬و مراتب‬
‫الفضل المذكور سبع أو ثمان ‪.‬‬
‫و قوله (و جلها عن الخالئق انكتم ) إنما انكتم ألنه ال ينال إال بالذوق و‬
‫التعريف اإللهي ‪ ،‬و ال يفشيه من فتح عليه فيه إال بإذن ال غير‪ ،‬و أشار‬
‫الناظم بهذا إلى ما ذكره سيدنا رضي هللا عنه في فضل هذه الصالة‬
‫وهو أن لها من الفضل سبع أو ثمان مراتب ‪ ،‬و أن الذي ُذ ِكر من فضلها‬
‫هو جزء من المرتبة األولى ‪ ،‬و غير ذلك كله مكتوم‪.‬‬

‫من هذه الصالة عشرا حصال‬ ‫و ِم ن سوى المكتوم أن من تال‬


‫قدرا و عاش ألف ألف عام‬ ‫ما لم يحَّص له ولّي سام‬

‫أشار بهذا على فضل الياقوتة الفريدة ‪ ،‬في مرتبتها الظاهرة ‪ ،‬وهو أن‬
‫سيدنا رضي هللا عنه سئل عن فضلها فقال ‪ ":‬من ذكرها عشر مرات لو‬
‫عاش العارف ألف ألف سنة كان ذاكرها عشرا أكثر منه ثوابا ‪ ،‬يعني‬
‫العارف الذي لم يذكرها ‪ ".‬وهو من باب تضعيف األعمال باألضعاف‬
‫الكثيرة ‪.‬‬
‫واعلم أن المقرر لدى العلماء في التضعيف أنه يكون تارة باعتبار لفظه‬
‫‪ ،‬كاشتماله على جميع األوصاف الذاتية و الفعلية ‪ ،‬و تارة يكون‬
‫باعتبار األشخاص فإن عبادة أهل المراتب ليست كعبادة غيرهم في‬
‫الفضل ‪ ،‬وأهل المراتب هم أيضا متفاوتون بحسب تفاوت مراتبهم ‪،‬‬
‫فمنهم من يومه كليلة القدر ‪ ،‬و منهم من يومه بألف سنة ‪ ،‬و منهم من‬
‫يومه كيوم المعارج بخمسين ألف سنة ‪ ،‬قاله سيدنا رضي هللا عنه و‬
‫أشار إليه أيضا الشيخ زروق و كذا ابن عطاء هللا ‪.‬‬
‫و قد يعَّظ م فضل هللا تعالى على أهل المراتب فَي سري سر التضعيف‬
‫في أتباعهم بسبب إذنهم لهم ‪ ،‬فيحصل للمأذون له قسط مما لآلذن و‬
‫إن لم يجاهد مجاهدته ‪ ،‬قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي هللا عنه‬
‫‪ ":‬أنا تحملت التعب عن أتباعي‪ ، ".‬و مثله قول سيدنا في حق أصحابه‬
‫وهذا لهم من أجلي‪ ،‬وذلك لما خصوا به من فضل ‪ ،‬و تارة يكون‬
‫باعتبار األزمان ‪ ،‬و تارة باعتبار األمكنة كالعمل في الحرمين الشريفين‬
‫على ما ورد‪.‬‬
‫و إذا عرفت هذا فاعلم أن هذه الصالة الشريفة ‪ ،‬صالة الفاتح لما‬
‫أغلق ‪ ،‬قد اشتملت على الوجوه التي تكون سببا للضعف المذكور ‪،‬‬
‫فإنها اشتملت على نداء هللا تعالى باالسم الجامع للذات و الصفات و‬
‫األفعال ‪ ،‬وهو يتضمن الثناء عليه سبحانه و تعالى بما هو أعم وجوه‬
‫الثناء ‪ ،‬واشتملت من الثناء على حبيبه األعظم و رسوله األكرم على‬
‫أبلغ الثناء و أعم المدح ‪ ،‬مع ما اشتمل عليه قوله فيها ‪":‬حق قدره و‬
‫مقداره العظيم " ‪،‬هذا باعتبار اللفظ ‪.‬‬
‫و أما باعتبار األشخاص فيكفي ما صرح به الشيخ رضي هللا عنه من‬
‫الفضائل التي أعطاها هللا تعالى ألهل هذه الطريقة من المحبوبية‬
‫المفاضة عليهم من الحضرة المحمدية عليه الصالة و السالم ‪،‬هذا مع‬
‫حصول اإلذن في صالة الفاتح من أستاذ الطريقة الذي هو الختم‬
‫األكبر المحمدي ‪،‬وهو عن سيد األزمان صلى هللا عليه و سلم بال‬
‫واسطة‪.‬‬
‫وأما باعتبار األزمان فمن حيثية كونهم في آخر األزمان الذي ورد‬
‫الخبر أن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر ‪ ،‬و أن للعامل من‬
‫أهل هذا الزمان أجر الخمسين ‪ ،‬قالوا‪ ":‬منا أو منهم؟" قال صلى هللا‬
‫عليه و سلم‪ " :‬منكم ألنكم تجدون على الخير أعوانا وهم ال يجدون‬
‫عليه أعوانا‪".‬‬
‫والذي نعتقد به أن هللا تعالى تفضل بذلك بمحض جوده و كرمه ‪ ،‬إما‬
‫بال سبب أو بسبب ال يدركه أمثالنا إال بتعريف من هللا تعالى ‪.‬‬

‫ما هو في سواها يحبط العمل‬ ‫و عدم اإلحباط للذي فعل‬

‫أشار بهذا إلى أن من فضائل هذه الصالة الشريفة و خصوصيتها‬


‫السامية المنيفة أنه إذا صدر من المصلي بها بعض ما يحبط األعمال ‪،‬‬
‫فإنها ال ُت حَب ط هي في جملة ما يحبط بفضل هللا تعالى‪.‬‬

‫هذا تكفر الذنوب و تزن‬ ‫و مرة واحدة تقرأ من‬


‫ستة آالف و من كل دعا‬ ‫من كل تسبيح و ذكر وقعا‬

‫أشار بهذا إلى ما ثبت عن سيدنا رضي هللا عنه من أن المرة الواحدة‬
‫من صالة الفاتح لما أغلق تكفر ذنوب العبد ‪.‬‬
‫قال سيدنا رضي هللا عنه في بعض رسائله ووصاياه‪ " :‬واعلموا أن‬
‫الذنوب في هذا الزمان ال قدرة ألحد على االنفصال عنها ‪ ،‬فإنها تنصب‬
‫على الناس كالمطر الغزير ‪ ،‬و لكن أكثروا من مكفرات الذنوب ‪ ،‬و آكد‬
‫ذلك صالة الفاتح لما أغلق ‪ ،‬فإنها ال تترك من الذنوب شاذة و ال فاذة‪".‬‬
‫و قوله (تزن من كل تسبيح) الخ أشار به إلى ما ثبت عنه رضي هللا عنه‬
‫أيضا أن المرة الواحدة من هذه الصالة الشريفة تعدل من كل تسبيح‬
‫وقع في الكون ‪ ،‬و من كل ِذ كر أو دعاء كبير أو صغير ستة آالف مرة ‪.‬‬

‫ألف من الواقع في البرية‬ ‫و مّر ًة منها بست مائة‬


‫وهي تضاعف بهذا القدر‬ ‫من صلواتهم لوقت الذكر‬
‫أشار به إلى ما في الجواهر و الجامع من بيان تضعيف ثواب صالة‬
‫الفاتح لما أغلق ‪ ،‬و أن المرة األولى منها إذا أتى بها المصلي تضاعف‬
‫له بستمائة ألف صالة من صالة كل ملك و إنس و جن من أول خلقهم‬
‫إلى تلفظ الذاكر بها ‪ ،‬و المرة الثانية مثلها و تكتب له األولى بستمائة‬
‫ألف صالة ‪ ،‬و هكذا إلى انقطاع ذكر الذاكر لها بالموت ‪ ،‬و هذا أمر يبهر‬
‫العقول { و هللا ذو الفضل العظيم }‬

‫مداومته‬ ‫في اليوم مرة‬ ‫ضامنتها‬ ‫الدارين‬ ‫سعادة‬


‫منها يموت مسلما من غير لوم‬ ‫و من يالزم مرة في كل يوم‬

‫أشار إلى كالم الشيخ رضي هللا عنه‪ ":‬مالزمة الصالة على النبي صلى‬
‫هللا عليه و سلم تدرك الرجل و أوالده و أوالد أوالده ‪ ".‬ثم قال‪ ":‬و أما‬
‫صالة الفاتح لما أغلق فهي ضامنة لخير الدنيا و اآلخرة لمن التزم‬
‫دوامها‪ ، ".‬ثم بين رضي هللا عنه خير اآلخرة بقوله ‪ ":‬من داوم على‬
‫الفاتح لما أغلق يموت على اإليمان قطعا‪ ، ".‬وقد ذكر الشعراني أذكارا‬
‫من الزمها يموت مسلما برواية عن الخضر عليه السالم‪.‬‬

‫من ذلك إذن الشيخ دون مين‬ ‫و فضلها يحصل مع شرطين‬


‫من حضرة الغيب لمن له سَرت‬ ‫ثم اعتقاد أنها قد برزت‬

‫المراد بالفضل في البيت الفضل الخاص ال العام الذي تلقاه سيدنا‬


‫الشيخ رضي هللا عنه من الحضرة المحمدية‪ ،‬وهو ال يحصل لذاكرها‬
‫إال بشرطين‬
‫األول ‪ :‬اإلذن الصحيح من الشيخ رضي هللا عنه ‪ ،‬إذ هو المأذون له من‬
‫الحضرة المحمدية صلى هللا عليه و سلم في إبرازه‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬إعتقاد المصلي أنها ليست من تأليف البشر ‪ ،‬وذلك أن القطب‬
‫البكري رضي هللا تعالى عنه توجه إلى هللا تعالى مدة يسأله أن يمنحه‬
‫صالة على النبي صلى هللا عليه و سلم فيها سر جميع الصلوات ‪،‬‬
‫فنزلت عليه مكتوبة بقلم القدرة في صحيفة من نور‪ ،‬وهو معنى ( قد‬
‫برزت من حضرة الغيب ) و هو من باب خرق العادة كرامة ألولياء هللا‬
‫تعالى‪.‬‬
‫و قوله (َس َرت ) إشارة إلى أن هذا من األسرار التي ال يطلع عليها‬
‫الناس حتى تظهر حيث أظهرها هللا تعالى‪.‬‬
‫و قوله (دون مين) أراد به صحة اإلذن عن الشيخ رضي هللا عنه و لو‬
‫بواسطة أو وسائط متعددة واعتقاد أنها ليست من تأليف البكري و ال‬
‫غيره ‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬قد عرفت أن الصالة أهديت للقطب البكري كما رأينا لكن‬
‫الفضل الخاص لم يتلقاه القطب المذكور إنما تلقاه سيدنا الشيخ رضي‬
‫هللا عنه بما أنه المخصوص بالتربية بهذه الصالة في زمان وجوده‬
‫الذي هو آخر األزمان بما عليه أهله من ضعف االستعدادات و قلة‬
‫الرغبة بالجد و االجتهاد‪.‬‬

‫بمثلها سمع ذا ذا األوحُد‬ ‫و ما على النبي صلى أحد‬

‫(ذا) الثانية راجعة إلى الشيخ رضي هللا عنه أوحد األولياء علما و حاال‬
‫و مقاما ‪.‬‬
‫و قوله (سمع ) أي من النبي صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬و أشار بهذا إلى ما‬
‫في" جواهر المعاني " من قول سيدنا رضي هللا عنه ‪ ":‬قال لي صلى‬
‫هللا عليه و سلم ‪ ":‬ما صلى علّي أحد بمثل صالة الفاتح لما أغلق ‪".‬‬

‫هللا‬
‫و قد صّر ح سيدنا رضي هللا عنه بأن جميع ما في الصلوات من‬
‫الخواص و غيرها يحصل لذاكر الفاتح لما أغلق‪.‬‬

‫و أما معنى صالة الفاتح ‪:‬‬


‫" اللهم صل على سيدنا محمد "‬
‫(اللهم) بمعنى يا هللا الذي له األسماء الحسنى ‪ ،‬و ذلك بما قيل أن أصل‬
‫" اللهم " يا هللا ‪ ،‬فاالسم األعظم "هللا" هو المستغرق لجميع األسماء‬
‫الحسنى و الصفات العلى ‪ ،‬و الميم مشعرة معينة على كمال استحضار‬
‫ذلك االستغراق ‪ ،‬ومعنى الصالة المطلوبة من هللا تعالى زيادة تكرمة‬
‫منه سبحانه و تعالى لحبيبه صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬إذ أصل التكرمة‬
‫حاصل بال ريب ‪ ،‬و المطلوب زيادة ذلك‪.‬‬
‫و يالحظ الذاكر هنا عجزه الذاتي على أن يصلي عليه صلى هللا عليه و‬
‫سلم لما هو فيه من غاية الشرف و الرفعة التي ال مطمع فيها لغيره من‬
‫جميع المخلوقات ‪ ،‬و العبد عاجز في غاية ما يكون من االنحطاط و‬
‫العيب و النقص ‪ ،‬و من أجل ذلك أمر أن يطلب من هللا تعالى أن يتولى‬
‫الصالة بنفسه عليه صلى هللا عليه و سلم حتى تكون مناسبة لعظيم‬
‫قدر مصطفاه و حبيبه من خلقه ‪ ،‬إذ ال يعلم قدره وحقيقة غيره‬
‫سبحانه و تعالى كما روي عنه عليه الصالة و السالم‪ " :‬ال يعرفني‬
‫حقيقة غير ربي " ‪.‬‬
‫و يالحظ عند تلفظه بالسيادة في قوله على سيدنا أنه صلى هللا عليه‬
‫و سلم سيد المخلوقات كلها و جميع العوالم بأسرها ‪ ،‬و يالحظ في‬
‫االسم الشريف محمد صلى هللا عليه و سلم حمد أهل السماوات و أهل‬
‫األراضين له ‪ ،‬حمدا كثيرا مضاعفا بتضعيف ما خصه به مواله جل و‬
‫عال من المحامد الكثيرة‬
‫و معنى " الفاتح لما أغلق "‬
‫أنه صلى هللا عليه و سلم هو السبب في وجود جميع الكائنات و‬
‫إبرازها من العدم إلى الوجود ‪ ،‬فهو الذي ُف ِتح به ما كان منغلقا من‬
‫الوجود على كل موجود‪ ،‬إذ لواله صلى هللا عليه و سلم ما ُو ِج د‬
‫موجود و ال أخرج من بطون العدم إلى ظهور الوجود ‪ ،‬و كما أنه صلى‬
‫هللا عليه و سلم سبب في وجود الكائنات فهو أيضا سبب في إفاضة‬
‫الرحمة عليها ‪ ،‬فلوال وجوده صلى هللا عليه و سلم ما رحم موجود ‪.‬‬
‫فهذا الذي فتح اإلغالق وجوده إيجادا و إمدادا‪.‬‬
‫وهو صلى هللا عليه و سلم الفاتح لما أغلق من القلوب المغلقة بالشرك‬
‫و الجهل‪.‬‬
‫قال صلى هللا عليه و سلم ‪ " :‬كنت أول الناس في الخلق و آخرهم في‬
‫البعث‪" .‬‬
‫و قال صلى هللا عليه و سلم‪ ":‬أنا أول من تنشق عنه األرض ‪ .‬أنا أول‬
‫شافع و مشفع ‪ .‬أنا أول من يجيز أمته على الصراط‪ .‬أنا أول من يأخذ‬
‫بحلق الجنة‪".‬‬
‫و معنى " الخاتم لما سبق "‬
‫أنه صلى هللا عليه و سلم خاتم النبوة و الرسالة ‪ ،‬فإليه انتهت كماالتها‬
‫و عليها انختمت بال شك‪.‬‬
‫و من معاني خاتميته بلوغ أعلى منزلة في كل وصف من أوصاف‬
‫الكمال ‪ ،‬فهو أعلى العلماء و الحلماء ‪ ،‬و سيد الحكماء ‪ ،‬و أقرب‬
‫المقربين إلى الحضرة العلية ‪ ،‬و أكرم مخلوق على ربه‪.‬‬
‫و معنى "ناصر الحق بالحق"‬
‫أنه صلى هللا عليه و سلم هو القائم بنصر هللا تعالى غير مكترث‬

‫هللا‬
‫بسواه ‪ ،‬وهو الناصر لدين هللا تعالى الملِك العدل ‪ ،‬بالحق و الجد ال‬
‫بالباطل و الهزل ‪ ،‬ناصر الحق بالحق ‪ ،‬ناصر هللا بالله ‪ ،‬فال ينصر باطال ‪،‬‬
‫و ال ينصر الحق بالباطل‪.‬‬
‫و معنى قوله‪ " :‬الهادي إلى صراطك المستقيم "‬
‫أنه صلى هللا عليه و سلم الهادي إلى طريق الفالح و المرشد إلى سبيل‬
‫النجاح‬
‫يقول تعالى‪ { :‬و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم }‬
‫" وعلى آله "‬
‫اآلل ‪ :‬في مقام الدعاء جميع أمته ‪ ،‬لكن البد من لحظ آله صلى هللا‬
‫عليه و سلم بمزيد تعظيم و تشريف ‪ ،‬كما ال يخفى على ذي عقل سليم‬
‫‪ ،‬تعلقا و تشبثا به و بأذياله صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬فالبد بعد التعميم‬
‫بجميع أمته من التخصيص آلله ‪ ،‬رزقنا هللا محبتهم وأعظم في قلوبنا‬
‫حرمتهم بمنه و كرمه‪.‬‬
‫و قيل في آله أيضا ‪ ":‬ورثته الكمل الذين حملوا ظاهر الشريعة و‬
‫باطنها ‪.".‬‬

‫مالحظة مهمة ‪ :‬جاء في "اإلفادة األحمدية"‬


‫و قوله "حق قدره و مقداره العظيم "‬
‫معناه أن المصلي طلب من هللا تعالى أن يصلي على حبيبه األعظم و‬
‫صفيه األكرم الصالة التي يستحقها ما خصه به من عظم القدر و‬
‫المقدار لديه ‪ ،‬إذ ال يعرف ذلك و ال يعلمه حقيقة أحد ممن توجه األمر‬
‫له بالصالة و السالم عليه ‪ ،‬فال يحيط علما بقدر النبي صلى هللا عليه و‬
‫سلم إال المولى الكريم ‪.‬‬
‫مالحظة مهمة ‪ :‬جاء في "اإلفادة األحمدية"‬
‫قد شنع قوم بغير علم على بعض العارفين في نسبتهم بعض األدعية‬
‫أو الصلوات إلى الحق تبارك و تعالى ‪ ،‬و زعموا أنهم زادوا في كتاب‬
‫هللا ‪ ،‬و هم مخطئون أو كاذبون عليهم ‪ ،‬فذلك كان يصح لو أنهم ادعوا‬
‫أن ما ألقي إليهم هو من كتاب هللا عز و جل ‪ ،‬أو أن يكون مما ال يرجع‬
‫إلى شريعته صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬أو غيروا حكما شرعيا فأباحوا ما‬
‫حرمه هللا أو حرموا ما أحله هللا ‪.‬‬
‫بهذا يظهر لك وجه ما قيل في نسبة صالة الفاتح إلى الحضرة اإللهية‬
‫في حين أن لفظ الشيخ سيدي أحمد التجاني في الجواهر ‪ ":‬أنها من‬
‫حضرة الغيب‪".‬‬
‫ومن زعم أن الشيخ رضي هللا عنه قال أنها من كالم هللا القديم أو من‬
‫القرآن أو من األحاديث القدسية أو من أي وجه من وجوه وحي النبوة‬
‫فهو كاذب مفتر على الشيخ رضي هللا عنه‪.‬‬
‫قال رضي هللا عنه في الفرق بين مكالمة العارفين و بين كالمه عز‬
‫وجل لألنبياء‪:‬‬
‫أن الكالم الوارد على الرجال في هذا الميدان ‪ ،‬نسبته نسبة الخلق إلى‬
‫الخالق ‪ ،‬ال نسبة الكالم إلى المتكلم ‪ ،‬و من ظن من الرجال أنه يسمع‬
‫كالم الذات كما سمعه موسى عليه الصالة و السالم فقد ضل و فارق‬
‫الحق وخسر‪.‬‬
‫بل هي كما ذكر من اإللهام الجائز لألولياء ‪ ،‬و ما ذكر أنها من كالم هللا‬
‫فالمقصود به أنها من اإللهام‪ ،‬و يكون المراد أنها من األدعية التي ال‬
‫تنافي أي أصل من أصول الكتاب و السنة بل ترجع إليها ‪.‬‬
‫وقد يتلقاها العارفون عن الحضرة القدسية ‪ ،‬أو عن طريق المصطفى‬

‫هللا‬
‫صلى هللا عليه و سلم ‪،‬أو يسمعون هاتفا يهتف به ‪ ،‬أو يرونه مكتوبا أو‬
‫غير ذلك‪.‬‬

‫تكملة‪:‬‬
‫قال في جواهر المعاني‪ ":‬وسألته رضي هللا عنه عن صالة الفاتح لما‬
‫أغلق ألنها خالية عن السالم ألمر أوجبه‪ .‬فأجاب رضي هللا عنه‬
‫بقوله‪":‬‬
‫وأما سؤالكم عن صالة الفاتح لما أغلق الخ فإنها وردت من الغيب على‬
‫هذه الكيفية وما ورد من الغيب كماله ثابت خارج عن القواعد‬
‫المعلومة‪.‬‬
‫ليست من تأليف مؤلف ووراء هذا أّن كيفيات وردت عنه صلى هللا‬
‫عليه و سلم في الصالة الخالية من السالم وهي كيفيات نبوية متعّب د‬
‫بها فال التفات لما يقوله الفقهاء والسالم‪".‬‬
‫قال رضي هللا عنه‪:‬‬
‫" وخاصية الفاتح لما أغلق أمر إلهي ال مدخل فيه للعقول فلو قّد رت‬
‫مائة ألف أمة كل أمة مائة ألف قبيلة في كل قبيلة مائة ألف رجل‬
‫وعاش كل واحد مائة ألف عام يذكر كل منهم في كل يوم ألف صالة‬
‫على النبي صلي هللا عليه و سلم من غير صالة الفاتح لما أغلق الخ‬
‫وجميع ثواب هذه األمم كلها في مدة هذه السنين كلها في هذه األذكار‬
‫كلها ما لحقوا كلهم ثواب مرة واحدة من صالة الفاتح لما أغلق فال‬
‫تلتفت لتكذيب مكذب وال لقدح قادح فيها فإّن الفضل بيد هللا يؤتيه‬
‫من يشاء فإّن لله سبحانه وتعالى فضًال خارجًا عن دائرة القياس‬
‫ويكفيك قوله سبحانه وتعالى {ويخلق ماال تعلمون} فما توّج ه متوّج ه‬
‫إلى هللا تعالى بعمل يبلغها وإن كان ما كان وال توّج ه متوجه إلى هللا‬

‫ّأ‬
‫هللا‬
‫ّأ‬
‫بعمل َأحّب ِإ ليه منها وال عظم عند هللا جدوة منها إال مرتبة واحدة‬
‫وهي من توجه إلى هللا تعالى باسمه العظيم األعظم ال غير هو غاية‬
‫التوّج هات والدرجة العليا من جميع التعبدات ليس لفضله غاية وال‬
‫فوقه مرتبة نهاية‪.‬‬
‫وهذه صالة الفاتح تليه في المرتبة والتوّج ه والثواب والفوز بمحبة‬
‫هللا لصاحبها وحسن المآب فمن توّج ه إلى هللا تعالى مصدقًا بهذا‬
‫الحال فاز برضى هللا وثوابه في دنياه وأخراه بما ال تبلغه جميع‬
‫األعمال يشهد بهذا الفيض اإللهي الذي ال تبلغه اآلمال‪ ،‬وال يحصل هذا‬
‫الفضل المذكور إال مع التسليم‪ .‬ومن أراد المناقشة في هذا الباب وهذا‬
‫المحل فليترك فإّن ه ال يفيد استقصاء حجج المقال واترك عنك‬
‫محاججة من يطلب منك الحجج فإن الخوض في ذلك ردًا وجوابًا‬

‫كالبحر ال تنقطع منه األبواب والقلوب في يد هللا هو المتصرف فيها‬


‫والمقبل بها والمدبر بها فمن أراد هللا سعادته والفوز بثواب هذه‬
‫الياقوتة الفريدة جذب هللا قلبه إلى التصديق بما سمعه فيها وّع رفه‬
‫التسليم لفضل هللا سبحانه بأنه ال يأخذه الحّد والقياس‪ ،‬فصرف همته‬
‫في التوّج ه إلى هللا تعالى بها واإلقبال عليه بشأنها فال تعلم نفس ما‬
‫أخفي لها من قرة أعين‪ ،‬ومن أراد هللا حرمانه من خيرها صرف هللا‬
‫قلبه بالوسوسة وبقوله‪ ":‬من أين يأتي خبرها؟" ‪ ،‬فاشتغل بما قلناه لك‪،‬‬
‫ومن أطاعك في ذلك وأعرض عن مناقشتك في البحث بتحقيق ذلك‬
‫فِإ ّن ا أخذناه من الوجه الذي تعلمه وكفى‪ ".‬إهـ ‪.‬‬
‫" ‪ :‬وقال في جواهر المعاني أيضًا‬

‫فإن قلت‪ ":‬رّبما يطلع بعض القاصرين ومن ال علم له بسعة الفضل‬
‫والكرم فيقول‪ ":‬إذا كان هذا كما ذكر فينبغي االشتغال به أولى من كل‬
‫ذكر حتى القرآن‪. ".‬‬
‫قلنا له‪ ":‬بل تالوة القرآن أولى ألّن ها مطلوبة شرعًا ألجل الفضل الذي‬
‫ورد فيه ولكونه أساس الشريعة وبساط المعاملة اإللهية‪ ،‬ولما ورد في‬
‫تركه من الوعيد الشديد‪ ،‬فلهذا ال يحّل لقارئه ترك تالوته أّم ا فضل‬
‫الصالة التي نحن بصددها فإنها من باب التخيير ال شيء على من‬
‫تركها‪.‬‬
‫وثانيًا ‪ :‬إّن هذا الباب ليس موضعًا للبحث والجدال بل هو من فضائل‬
‫األعمال وأنت خبير بما قاله العلماء في فضائل األعمال من عدم‬
‫المناقشة فيها‪.".‬‬

‫مقتطفات من كتب الطريقة‬

You might also like